٢٩‏/٠٨‏/٢٠٠٨

خلاً ممزوجاً بمرارة ، أم خمراً ممزوجة بمر ؟‏؟؟؟

عندما كان المسيح على الصليب طلب أن يشرب فماذا شرب ؟
أعطوه خل
يدعي متى 27 عدد 34 أنهم أعطوا المصلوب :
"أعطوه خلا ممزوجا بمرارة ليشرب. ولما ذاق لم يرد أن يشرب. "
ويقول القمص تادرس يعقوب ملطى صفحة رقم 5 . فى تفسير لإنجيل متي
" كانت هذه هي عادة الرومان في الصلب، يُعطي الخل الممزوج مرارة كنوعٍ من التخدير، فلا يشعر المصلوب بكل ثقل الآلام. لكن السيِّد ذاق المرارة عنّا ورفض أن يشرب الخل حتى يحمل الألم بكماله بإرادته الحرَّة. "
أعطوه خمر
وجعلها مرقص فى 15 عدد 23
" وأعطوه خمرا ممزوجة بمر ليشرب، فلم يقبل. "
ويقول أيضاً القمص تادرس يعقوب ملطى " أيضاً فى الصفحة رقم 5 فى تفسير مرقس
"وأعطوه خمرًا بمر ليشرب، فلم يقبل" [23]. كانت هذه عادة الرومان كنوعٍ من التخدير حتى لا يشعر المصلوب بكل ثقل الآلام، لكن الرب جاء ليحمل الآلام عنا بإرادته، ينحني نيابة عنا لهذا الثقل."
فأنا أجد أن كثيراً من المفسرين لم يردوا على هذه الشبهة نهائياً ولم يتكلموا عليها فى تفسيرها نهائياً .
ولم تتغير كلمة * الخل * عند متى في النسخة العربية، ولا في النسخة الألمانية القديمة، أنظر ترجمات مارتن لوثر 1864 ، 1914 ، 1932 ، 1933 ولكنها تغيرت في النسخ الحديثة إلى * خمر * لتتطابق مع قول مرقص .

هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

هل هناك فرق بين المر والمرارة ياعاقلين ؟المر كما نعرفه ثمرة تعطيها الام المرضع لمولودها ليفطم(لفطام المولود) بعد تخفيفه في لبن الرضاع او تدهن بي الثدي ؟؟المرارة هي العضو المسئول عن افراز مادة الصفراء في الحيوانات الثديية ؟ هل الرب والروح القدس لم يدخلوا المدرسة ويحصلوا علي شهادة التعليم الاساسي؟؟؟

غير معرف يقول...

الحقيقة ان الخمر من الكحوليات ALCHOHOLSوبه الكحول الايثيلي Ethyl alchohol وعندما يتأكسد في الهواء يتحول الي خلACETIC ACIDوالكتبة مرات يكتبون وهم سكاري او مرهقون او يختارون تكملة من عقولهم وكله ماشي وما حدش واخد باله من حاجة وكله مقدس ومن ينكر قدسية الكتاب يقتل مثل جاليليو وكوبرنيكوس وغيرهم؟؟؟

غير معرف يقول...

المسيح بلا أدب ولا أخلاق!!

من المفترض أو من المنطقيّ أن يكون الأنبياء ذوي أخلاق سامية، وأن يكون الرّسل أصحاب شيم عالية وصفات معنويّة تميّزهم عن خير النّاس فضلاً عن أراذلهم، هذا إذا قلنا إنّهم مجرّد أنبياء ورسل من البشر، فما بالك لو كانوا آلهة، كما يزعم النّصارى والإنجيل في حقّ المسيح!
فالخلق الحسن والأدب الجميل إذن من خصائص النّبلاء والأفاضل والحكماء، ولعلّ هاتين الصّفتين لازمتان وواجبتان في حقّ من يدعون إلى دين سماويّ ويزعمون أنّهم حملة رسائل إلهيّة إلى البشر، فهذه المكانة ترفعهم بحيث تحميهم من السّقوط في وهدة الخطأ والغلط والشّطط، فالرّسل والأنبياء ليس لهم وليس من حقّهم الوقوع في الخطأ كغيرهم من أبناء البشر، خصوصًا الخطأ المهين لشخصيّتهم، أو ذلك الغلط الذي يقدح في رسالتهم أو في المصدر الذي أوكل إليهم الرّسالة التي يحملونها، فهم يحملون دعوة الهداية، نور الوحي ويوقّعون بممارستهم وتصرّفاتهم عن ربّ العالمين، لا سيّما إذا كانت تلك الممارسات والتصرّفات جزءًا من الرّسالة أو أسلوبًا في الدّعوة أو منهجًا في تعبيد النّاس لربّهم.
هذا هو المفروض
وهذا هو الطّبيعيّ
وهذا هو المنطقيّ.
ولكن الإنجيل المحرف كعادته دائمًا لا يعترف بما هو مفروض أو منطقيّ أو طبيعيّ، وككلّ مرّة يشذّ عن قواعد العقل وينأى جانبَا عن النّقل، فهو بدل أن يبرز المسيح في صورة الرّسول -أو حتّى ابن الله أو الله جدلاً- الملتزم بسلوك دعويّ قويم وتصرّفات حكيمة مستقيمة ومنهج متّزن رصين، مؤدّب، ذي أخلاق عالية، يفعل العكس تمامًا، فالإنجيل المحرف يهين المسيح كعادته حينما يصوّر المسيح بأنه -من حيث يدري أو لا يدري- سيئ الخلق قليل الأدب، سليط اللّسان، عديم الرّفق، قليل الحلم، متهوّرا، متفلّت اليد، ومنفلت اللّسان، يطلق الشّتائم، ويتفّوه بالسّباب اللاّذع، ويلعن مخالفيه، ويطعن في أعدائه، ويهزأ بمن ليس معه، فمن ليس معه فهو بالضّرورة ضدّه كما يزعم( )، ويدعو على غيره بالثّبور وعظائم الأمور.
ولم يسلم من لسانه السّليط أصحابه وأتباعه بل أمّه وإخوته، فما بالك بالأعداء من الرّوم واليهود وغيرهم؟!
إنّ الإنجيل يرسم لنا صورة إنجيليّة مهينة طاعنة في أخلاق المسيح وشخصه وأسلوبه الدّعويّ بشعور أو بدون شعور.
ما هي أخلاق المسيح مع اليهود، الذين بُعث لهدايتهم؟
هذا بعض ما نطق به في حقهم، جاء في إحدى الآيات قوله لهم (أنتم أولاد أبيكم إبليس)( )
وفي أخرى (الويل لكم يا معلّمي الشّريعة والفَرّيسيّون المراؤون)( ).
وأخرى (الويل لكم أيّها القادة العميان!)( )
وأخرى (أيّها الجهّال العميان)( )
وأخرى (أيّها الفرّيسي الأعمى)( )
وفي آيات عدّة كان يصف المسيح اليهود من الكتبة وعلماء الشّريعة الموسويّة بأولاد الأفاعي، منها قوله:
(أيّها الحيّات أولاد الأفاعي كيف ستهربون من عقاب جهنّم)( ) وفي أخرى (يا أولاد الأفاعي، كيف يمكنكم أن تقولوا كلامًا صالحًا وأنتم أشرار)( ).
ويتوالى السّباب فلا يترك أحدًا إلاّ ووصفه بكلمات شديدة لا توحي بالرّحمة أو الشّفقة أو الأدب مع المخاصم، يقول الإنجيل إنّ المسيح وبّخ جموعًا من النّاس عندما جاءته تطلب منه آية على صدق دعوته فردّ عليهم (جيل شرّير فاسق يلتمس آية)( ).
ويقول المسيح في أحد أمثاله لأعدائه (ابتعدوا عنّي يا ملاعين إلى النّار الأبديّة المهيّأة لإبليس وأعوانه)( )
وجاءت طائفة الصّدوقيّين، وهم يهود يسألون ويستفتون المسيح في امرأة تزوّجت سبعة رجال واحدًا تلو الآخر، فلمن تكون يوم القيامة فردّ عليهم (أنتم في ضلال … فما أعظم ضلالكم)( ).
ومع أنّ الرّياء مسألة قلبيّة فقد كان المسيح -ولا ندري لعلّه جانبه اللاّهوتيّ- يعرف المرائين، وهم كثر، فيفضحهم في الشّوارع والمجامع فيخاطبهم: (يا مراؤون)( ).
في أحد الأيّام دعاه أحد الفرّيسيّين من اليهود إلى بيته ليكرمه بطعام وشراب احترامًا وتقديرًا له، لكن المسيح كما يصوّره الإنجيل المحرف لا يعرف آداب الضّيافة ولا يعترف بجميل صنعه من استضافه، فراح يتّهم ويلعن ويقبّح ويوبّخ مضيفه (أنتم أيّها الفرّيسيّون تظهرون ظاهر الكأس والصّحن وباطنكم كلّه طمع وخبث، يا أغبياء…الويل لكم يا معلّمي الشّريعة، والفرّيسيّون المراءون أنتم مثل القبور المجهولة، تمشي النّاس عليها وهم لا يعرفون فقال له أحد علماء الشّريعة: يا معلّم بقولك هذا تشتمنا نحن أيضًا، فقال الويل لكم أيضًا أنتم يا علماء الشّريعة)( ).
وماذا كان سبب هذا الخطاب العدائيّ العنيف؟
إنّه سبب غريب حقًّا فقد رأى الفرّيسيّ الذي دعا المسيح إلى الغداء أنّ المسيح يأكل دون أن يغسل يديه، وهذا في مجرّد قلبه، لكن المسيح علاّم الغيوب والمطّلع على القلوب، لم يفوّت تلك الفرصة السّانحة لسبّ خصومه، والحطّ من قدر غيره حتّى ولو كان ضيفًا على موائدهم.
ويخاطب المسيح بعض المجهولين في طريق أورشليم ويخبرهم بأنّه سينكرهم يوم القيامة ويقول (ابتعدوا عنّي كلّكم يا أشرار)( ) (أنتم الأشرار)( ).
فكان المسيح يدعو جيله بالجيل الشرّير كما في إنجيل متّى( ).
لم يترك إهانة إلاّ وألصقها بأعدائه اليهود، فالعلماء عنده (عميان قادة عميان، وإذا كان الأعمى يقود أعمى كلاهما يسقط في حفرة)( ) ، وهم فسّاق وفاسدون، لأنّهم يطلبون منه آيات محكمات على صدق نبوّته وصحّة ما ينسبه لنفسه، (جيل فاسد فاسق يطلب آية)( )
والتّأكيد هنا على هذه الآيات، التي ذكرنا مثلها في ما مضى، بسبب أنّ المسيح كان إلهًا لا تعجزه الآيات، فلماذا يرفض إبراز الآيات البيّنات التي تقيم الحجّة على الخصم دون سبّه وإهانته ووصفه بالفاسق الفاسد؟، فالمسيح في موضع بيان ودعوة، وليس موضع خصام وصراع.
وهذه أمثلة قليلة من الكثير بين دفتّي الإنجيل المحرف نتجاوزها إلى أخرى، فالمسيح يستمرّ في أسلوب الوعيد والسبّ، ولا يترك بسلام حتّى المدن والقرى يقول (ويل لكوزين وبيت صيدا وأنت يا كَفْر ناحوم! أترتفعين إلى السّماء؟ لا، إلى الجحيم ستهبطين)( ).
هذا هو حال اليهود من علماء وكتاب وعامّة مع المسيح، فما حال غيرهم؟
يفصح المسيح عن يهوديّته فلا يكتمها فيقول لامرأة سامريّة (أنتم السّامرّيّين تعبدون من تجهلونه، ونحن اليهود نعبد من نعرف لأنّ الخلاص يجيء من اليهود)( ).
فالسّامريّون عند المسيح جَهَلة، يعبدون إلهًا يجهلونه، وأمّا اليهود فهم سبيل الخلاص، مع أنّ اليهود قبل قليل كانوا أشرارًا، وحيّات ملعونة!!
ورغم أنّ المسيح كان يزعم بأنّ ما لقيصر لقيصر وما لله لله، حتّى لا يصطدم مع السّلطة الرّومانيّة الحاكمة في فلسطين، إلاّ أنّه ينسى في بعض الأحيان ذلك ويطلق العنان للسانه في سبّ الرّوم ورموزهم ويتوعّدهم بالويل والثّبور وعظائم الأمور.
يقول المسيح (لابدّ من حدوث ما يعرّض النّاس للخطيئة، ولكن الويل لمن يكون حدوثه على يده، فخير له أن يعلّق في عنقه حجر طحن ويرمى في البحر)( ).
ويتحدّث المسيح بلسان ملك من الملوك ضاربًا بذلك مثلاً لأصحابه، والأمثال تدلّ على نزعة لاشعوريّة تخرج من الأعماق (أمّا أعدائي الذين لا يريدون أن أملك عليهم فجيئوا بهم إلى هنا، وأقتلهم أمامي)( ).
ويقول (اجلس عن يميني حتّى أجعل أعداءك موطئًا لقدميك)( ).
كان الإنجيل ينظر إلى المسيح على أنّه ملك اليهود، لذلك نرى تصرّفات ملك جبّار لا ملك وديع كما يزعم الإنجيل في قوله (وكان هذا ليتمّ ما قاله النبيّ قولوا لابنة صهيون ها هو ملكك قادم إليك وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان)( ).
وهذا المشهد كان يوم دخوله أورشليم القدس.
ولمّا كان الإنجيل المحرف مسرحيّة يهوديّة صهيونيّة فلم يكن المسيح إلاّ يهوديًّا وذلك منذ البداية (فستحبلين "مريم" وتلدين ابنًا تسمّينه يسوع فيكون عظيمًا وابن الله يُدعى ويعطيه الربّ الإله عرش أبيه داود، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية)( ).
جاء في دائرة المعارف البريطانيّة "إنّ أسبق حواريّ المسيح ظلّوا يوجّهون اهتمامهم إلى جعل النّصرانيّة دينًا لليهود، وجعل المسيح أحد أنبياء بني إسرائيل إلى إسرائيل".
لم يرض اليهود أن يكون المسيح نبيًّا ورسولاً إليهم فحسب، بل يجلس ملكًا على عرش أبيه وجدّه داود، ليحرّرهم من الاضطهاد الرّومانيّ، لذلك نراهم يحرّفون الإنجيل من أجل ذلك ويفصلون الآيات لأجل ذلك، مهما كانت تلك الآيات مهينة أو غير مهينة، فالمسيح الملك اليهوديّ كما رأيناه في السّابق ونراه لا يتّفق مع تـلك النّصوص التي تقول أنّه إله العالم، وإنّه جاء بالسّلام إلى البـشر وأنّه محبّة، وأنّه مسالم لأبعد الحدود وأنّه وأنّه ....
ولا بأس من ذكر بعض تلك الآيات المسالمة، لكن سنرى أنّ الإنجيل ينسفها بعد ذكرها نسفا، فما أكثر الخلاف والتّناقض في الإنجيل!!
(طوبى لصانعي السّلام، لأنّهم أبناء الله يُدْعَون)( ).
(سمعتم أنّه قيل: عين بعين وسنّ بسنّ، أمّا أنا فأقول لكم: لا تنتقموا ممّن يسيء إليكم، من لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر، ومن أراد أن يخاصمك ليأخذ ثوبك فاترك له رداءك أيضًا، ومن سخّرك أن تمشي معه ميلاً واحدًا فامش معه ميلين)( ).
وهناك آية أخرى كثيرًا ما خالفها المسيح وتركها في الهامش وهي (أحبّوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدوكم)( ).
وجاء في الإنجيل (فإن كنتم تغفرون للنّاس زلاّتهم يغفر لكم أبوكم السّماويّ، وإن كنتم لا تغفرون للنّاس زلاّتهم لا يغفر لكم أبوكم السّماوي زلاّتكم)( ).
(... دنا بطرس وقال ليسوع يا سيّد كم مرّة يخطئ إليّ أخي وأغفر له؟ سبع مرّات؟
فأجابه يسوع: لا سبع مرّات بل سبعين مرّة سبع مرّات)( )
كـان المسيح يدعو حسب الكنيسة إلى الرّحمة بالأعداء والتّجاوز عن الأخطاء، وفي حقّ الرّوم كان يقول أدّوا ما لقيصر لقيصر، لكنّنا نراه في موقف غريب يقول عن هيرودوس الرّومانيّ (اذهبوا قولوا لهذا الثّعلب)( ).
فهيرودوس الرّومانيّ لم ينل غفرانًا من المسيح ولا مباركة من المسيح ولا إحسانًا من المسيح، بل وصفه بالثّعلب، والوصف غنيّ عن كلّ تعليق، هذه أخلاق المسيح السبّاب، الشتّام، اللّعاّن، الذي يعطي دروسًا في التّسامح والإحسان والحلم والأدب مع المخالف، ومباركة الأعداء!
إنّ المسيح الذي يتظاهر في مواقف باحترام السّلطة الرّومانيّة ثمّ يصف هيرودوس في موقف بأنّه ثعلب لدليل على نفاق، خصوصًا أنّ المسيح كما وصفه إنجيل متّى عندما حوكم أمام هيرودوس، سكت كالنّعجة التي تساق إلى الذّبح، فلماذا لم يقل المسيح له يا ثعلب، ولماذا لم يواجهه. أكان المسيح جبانًا لينافق خوفًا على نفسه، والإنجيل المحرف يزعم كله أنّ المسيح جاء ليموت على الصّليب ليخلّص البشريّة من الخطيئة الأصليّة!؟
هذا مسلك المسيح الدّعويّ مع أعدائه من اليهود والرّوم وغيرهم فهل اختلف مسلكه مع الذين آمنوا به، ومع أقرب النّاس إليه؟
يفاجئنا المسيح الإنجيليّ بأنّه انتهج المسلك نفسه وخطا الخطوات الدّعويّة ذاتها المريضة مع تلاميذه وأسرته وأتباعه، وهي إهانة أخرى أشدّ من الأولى، لأنّه قد يكون مقبولاً نوعًا ما أن يسبّ ويلعن ويقبّح المرء أعداءه، لكن هل من المنطقيّ أن يستعمل الغلظة والفظاظة والشدّة وقلّة الأدب مع من آمن به، واتّبعه في الشدّة وأيّام المحنة؟
قال الله تعالى في القرآن فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر آل عمران الآية 159
ويقول المسيح في هذا الصّدد (لا تدينوا فلا تدانوا، لا تحكموا على أحد فلا يحكم عليكم، اغفروا يغفر لكم )( ).
فحال الإنجيل مع تلاميذ المسيح لا يحسد عليه، فالمسيح في مواضع عدّة سنختصر بعضها، يسبّ تلاميذه، ويوبّخهم توبيخا شديدا، بل ينعتهم بنعوت الكفر والفسق و الضّلال … الخ وهاك بعض الأمثلة.
أعطى المسيح سلطانًا عظيمًا لتلاميذه الاثني عشر بأن يُخرجوا الشّياطين، ويحيوا الموتى ويشفوا المرضى ويحلّلوا ما يريدون ويحرّموا ما يريدون، إنّهم مثله تمامًا في القدرة، لكن الإنجيل ينسى كلّ هذا في لحظات فيقول: (ولمّا رجعوا إلى الجموع، أقبل إليه رجل وسجد، وقال له ارحم ابني يا سيّدي، لأنّه يصاب بالصّرع ويتألّم ألمًا شديدًا، وكثيرًا ما يقع في النّار والماء، وجئت به إلى تلاميذك فما قدروا أن يشفوه فأجاب يسوع -مخاطبًا تلاميذه-: أيّها الجيل الكافر الفاسد إلى متى أبقى معكم؟ وإلى متى أحتملكم؟ قدّموا الصّبيّ إلى هنا!)( ).
كانت ثمرة دعوة المسيح خلال سنين كاملة هؤلاء التّلاميذ الاثنى عشر، الذين أعطوا كلّ التّعاليم ورأوا كلّ معجزاته، ومنحهم قدرات إلهيّة هائلة، في لحظة واحدة عجزوا عن شفاء مريض، فقابلهم المسيح ليس بالنّصيحة، ولا بالكلمة الطيّبة، ولا بالتّشجيع، ولا بتطييب قلوبهم الجريحة، أمام الجموع وأمام النّاس، يصف وبكلّ وقاحة تلاميذه بالكفر والفساد، ويقول لهم بأنّه نفذ صبره فإلى متى يبقى يحتملهم، فكأنّما كانوا حملاً ثقيلاً على ظهره فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
وفي آية أخرى يقول لتلاميذه (يا قليلي الإيمان)( ).
ويوبّخ أحـد تلاميذه (يا مرائي أخـرج الخشبة مـن عينـك أوّلاً )( ).
ومرّة أخرى يصف المسيح تلميذين من تلاميذه بقلّة الإيمان والغـباء، (فقال لهما يسوع ما أغباكما وأبطأكما عن الإيمان بكلّ ما قاله الأنبياء )( ).
ويلمز أحـد تلاميـذه وهو يهوذا الإسخَريوطيّ بأنه شيطان، (فقال لهم يسوع: أما اخترتكم، أنتم الاثني عشر؟ لكن واحـد منكم شيطان )( ).
قد نفهم أنّ المسيح الرّؤوف الرّحيم المحبّ لأعدائه المبارك لمبغضيه يرفض التّسامح مع يهوذا الإسخَرْيوطيّ الذي سيسلمه للروم واليهود فيما بعد، لكن كيف نفهم ما يقوله لبطرس، وهو أكبر وأعظم تلاميذه على الإطلاق والبابا الأوّل للكنيسة الكاثوليكيّة، يروي الإنجيل وما أكثر رواياته، (قال المسيح لبطرس أنت الصّخرة وعليك تُبنى كنيستي … فالتفت المسيح وقال لبطرس: ابتعد عنّي يا شيطان! أنت عقبة في طريقي)( ).
هذا هو الإنجيل، وهؤلاء هم كُتّابوه النّجباء الأدباء الفطاحلة الذين يجعلون من بطرس بابا الفاتيكان الأوّل الصّخرة تبنى عليها الكنيسة والنّصرانيّة، ثمّ بعد أسطر قليلة تصير الصّخرة عقبة في طريق المسيح وشيطانًا مريدًا، وتجعل من المسيح، في كلّ هذا التراث الديني الأسود، لعّانًا شتّامًا، يوزّع ألقاب الشّياطين من هنا وهناك، ولا يسلم من ذلك حتّى البابا الأوّل.
وقد يحار النقّاد والأدباء في أيّ مذهب أدبي يمكن أن يصنّفوا فيه هذا النّوع من الأدب، هل في المدرسة الرّومانسيّة أو الكلاسيكيّة أو السرياليّة أو السكيزوفرينيّة ...!!!
لكنني أقول: إنّها ليست كلّ ذلك، إنّها مدرسة الأدب الإنجيليّة.

غير معرف يقول...

المسيح عدو الطبيعة!!

جاء في إنجيل مرقس.
(ولمّا خرجوا -المسيح وتلاميذه- في الغد من بيت عِنيا أحسّ بالجوع ورأى عن بُعْد شجرة تين مُورقة، فقصدها راجيًا أن يجد عليها بعض الثّمر، فلمّا وصل إليها، ما وجد عليها غير الورق، لأنّ وقت التّين ما حان بعد، فقال لها: لا يأكل أحد ثمرًا منك إلى الأبد.
وسمع تلاميذه ما قال، وجاءوا إلى أورشليم...وبينما هم راجعون في الصّباح رأوا شجرة التّين يابسة من أصولها، وتذكر بطرس كلام يسوع فقال له: أنظر يا معلّم! التّينة التي لعنتها يبست.
فقال لهم يسوع: آمنوا بالله، الحقّ أقول لكم: من قال لهذا الجبل: قم وانطرح في البحر، وهو لا يشكّ في قلبه، بل يؤمن بأنّ ما تقولونه سيكون)( ).
يمشي المسيح كعادته متنقّلاً من مدينة إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى، وذات مرّة، في بيت عِنيا وهي قرية قرب أورشليم أحسّ بالجوع، ومع أنّ المسيح هو الله إلاّ أنّه جاع، بعد أن فرغت معدته من الطّعام، فيا عجب من إله يجوع ويعطش ويأكل ويشرب ويأتي بلازم ذاك !
وقد يقول قائل من القساوسة لكن الذي جاع هو الجانب النّاسوتي من المسيح، إنّه الإله المتجسّد، وهذا مخرج ذكيّ، فالمسيح له طبيعتان لاهوتيّة وناسوتيّة، فتذكّروا هذا الكلام إلى حين.
ورأى عن بُعْد شجرة تين مورقة، فقصدها لعلّه يجد فيها من التّين ما يسدّ جوعته، لكن فوجئ المسيح أنّ الشّجرة ليس فيها تينة واحدة، فاشتط غضبه فتحوّل إلى إله، وتسربل باللاّهوتيّة فلعن الشّجرة، فيبست في الحال كما جاء في رواية متّى.
المسيح هنا يصبح ربًّا يلعن، ويدعو على شجرة فيستجاب أمره ويتحقّق مراده، فهو القادر على كلّ شيء، المسيح هكذا دائمًا عبر صفحات الإنجيل المحرف يحمل قبّعتين، يرتدي قبّعة اللاّهوت فيصبح إلهًا قديرًا عزيزًا، ثمّ يضع قبّعة النّاسوت فيصير في الحال عبدًا ضعيفًا ذليلاً.
والمهمّ في هذه الآية الغريبة، أنّ المسيح لعن شجرة التّين وحوّلها إلى خشبة يابسة هامدة في بضع ثوان.
وليت شعري، ما ذنب الشّجرة؟
وما اقترفته من إثم حتّى تبوء بهذا المصير القاسي؟
وما فعلته حتّى تنال لعنة الإله الأبديّة؟
هل هي التي حرمته ثمارها، أم هو اللّه الذي لم يخلق تلك الثّمار فيها، فهو بذلك يلعن نفسه بنفسه؟
الإنجيل المحرف يصوّر الشّجرة كأنّها مستقلّة بذاتها تعطي وتمنع ثمرها كيفما تشاء، والمسيح يلعن شجرة لا حول لها ولا قوّة، فما ذنبها؟
والغريب أنّ الإنجيل يستمرّ في غرائبه فيقول (لأنّ وقت التّين ما حان بعد)، أليس عجيبًا أن يجوع المسيح ويطلب ثمر التّين في غير وقته وزمانه.
ألا يعرف الإله أنّ للأشجار أوقاتا مخصّصة تثمر فيها، وتتكاثر؟ كلّنا تعلمنا في دروس العلوم وعلى مقاعد الدراسة أن للأشجار فصولا تثمر فيها، لكن الإنجيل المحرف لا يعترف بالعلوم!!
كان المسيح نجّارًا حسب الإنجيل، وهو يعرف الخشب والأشجار، والنّاس كلّهم يعرفون الفصل السّنويّ الذي يثمر فيه التّين، وأبسط فلاّح في قرية قد يعطينا محاضرات في ذلك.
ويذكر لنا الإنجيل أنّ المسيح يعرف التّين وشجرها، فقد ضرب مثلاً في إنجيله بشجرة التّينة في متّى ولوقا ومرقس.
يقول (خذوا من شجرة التّين عبرة: إذا لانت أغصانها وأورقت عرفتم أنّ الصّيف قريب)( ).
كيف خفي على المسيح -وهو الذي يعظ النّاس بعبرة التّينة- أمر هذه الشّجرة الملعونة؟ وكيف يدعو عليها بلعنة أبديّة وقد وصف الإنجيل المسيح بالرّحيم المحبّ، الواسع القلب.
جاء في بعض الأناجيل تصوير المسيح بأنّه (قصبة مرضوضة لا يكسر، وشعلة ذابلة لا يطفئ)1، ولم يمنعه ذلك من لعنه شجرة التين فتيبس في الحال وتصبح خشبة هامدة.
أراد الإنجيليّون أن يُضيفوا معجزة أخرى إلى قائمة معجزات المسيح، فهل هذه معجزة!؟ إنّها عجز بمعنى الكلمة، فالمعجزة كانت أعظم وأبلغ لو دعا أمام الشّجرة في غير وقت التّين فأثمرت الكثير الكثير وأكل هو وتلاميذه وبقيت تلك التّينة مباركة إلى يومنا هذا، بل إلى الأبد، كما فعل في معجزة إطعام آلاف النّاس ببضعة أسماك وقليل من الخبز، هذا هو الإعجاز، أمّا أن يحرق الشّجرة بدعائه ولعناته فهذا يأس وخور.
ويذكر بعض المفسّرين، عندما كانت مريم حبلى بالمسيح -- أنّها كانت تأكل ثمر الصّيف في موسم الشّتاء، وتأكل ثمر الشّتاء في موسم الصّيف، وذلك في قول الله تعالى في القرآن الكريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا، قالت هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، هذا هو الإعجاز الإلهي في القرآن، أمّا الإنجيل فيصرّ في إهانة المسيح بتجهيله وتسفيهه.
والإنجيل المحرف يجعل كذلك المسيح متعدّيًا على حقّ غيره، فالتّينة لا شكّ أنّها ملك لأناس فأفسدها عليهم، أمّا إن كانت ملكًا مشاعًا على الطّريق ولم تكن ملكًا لأحدٍ بعينه، فقد حرم من يمرّ من هناك إلى الأبد من الاستفادة من ثمرها، وهذا غير لائق بالرّحماء والودعاء.
المسيح يفسد الشّجرة، والشّجرة هي الطّبيعة، فالمسيح يلعن ويدعو على الطّبيعة فيهلك جزءًا منها، كما فعل بالخنازير فيما مضى، إنّ المسيح كما يبدو لنا كائن خطير على الطّبيعة، ولا أدري إذا كانت جماعات الحفاظ على البيئة والطّبيعة قد سمعوا بهذه القصّة، خصوصًا جماعة السّلام الأخضر Green peace، فربما وضعوا المسيح في قائمة أعداء البيئة، ولرفعوا عليه قضيّة في المحاكم... هذا هو الإنجيل المحرف، وهذه هي حكايات الإنجيليّين العبثيّة الفوضويّة التي تتلذّذ في إيذاء المسيح ووصمه بشتّى النّقائص باسم الإعجاز.
أمّا في الإسلام فلعن الطّبيعة حرام، فلم يُبعث الرّسول لعّانًا، كما قال، وقد نهى  عن سبّ الرّيح ونهى عن سبّ الدّهر، ونهى عن سبّ الدّيك، كما حرّم لعن الحيوان، ونهى عن قطع الشجر والنخل في الحرب إلا لضرورة .
وأكّد رسولنا  على حماية الطّبيعة، فقال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، ونهى جنده من الصّحابة في مواقع الحرب والجهاد عن قطع الأشجار وإفساد النّخيل، فالإسلام دين الحياة، وهو دين الطّبيعة لأنّ الطّبيعة من أعظم آيات الله.
ودفاعًا عن المسيح، لأنّه حبيب إلى قلوبنا، فهو رسول الله  وصفيّه، فحبّه دين وعقيدة، وإهانته كفر ونفاق، فإننا نقول: إنّ القصّة التي أوردها مرقس عن لعن شجرة التّين، لا بدّ أن يكون قد اختلقها محرّفو الأناجيل، إذ إنّ المسيح منزّه عن فعل ذلك القبح، والذي يثبت ذلك أنّ رواية متّى للقصّة، تقول إنّ الشّجرة يبست في الحال أمام أعين التّلاميذ (وبينما هو راجع إلى المدينة في الصّباح، أحسّ بالجوع فجاء إلى شجرة تين رآها على جانب الطّريق، فما وجد عليها غير الورق، فقال لها لن تثمر إلى الأبد!، فيبست التّينة في الحال، ورأى التّلاميذ ما جرى فتعجّبوا وقالوا كيف: يبست التّينة في الحال؟)( ).
أمّا رواية مرقس فتذكر أنّ الشّجرة يبست بعدما رجع التّلاميذ من هناك في الغد، فهذا الاختلاف دليل على الاختلاق، فالرّواية مكذوبة مفبركة بجميع فصولها.


المسيح لا يحترم حقوق الحيوان!!

قَبْل البدء في هذه الجزئية لابد من الإشارة إلى أنني في هذا الكتاب لا أتحدث بمنطق الشريعة الإسلامية، وبما يجب أن يتفق مع مبادئ الإسلام، وإنما في كل مرة أؤكد على إهانة المسيح في الإنجيل المحرف بمنطق الإنجيل نفسه، وبالعقل الذي يؤمن به القسس والغربيون عموما من العالم النصراني.
جاء في إنجيل مرقس الإصحاح الخامس (ووصلوا -المسيح وتلاميذه- إلى الشّاطئ الآخر من بحر الجليل في ناحية الجرّاسيّين، ولمّا نزل من القارب استقبله رجل خرج من المقابر، وفيه روح نجس -شيطان- وكان يقيم هناك، ولا يقدر أحدٌ أن يربطه حتّى بسلسلة، فكثيرًا ما ربطوه بالقيود والسّلاسل، فكان يقطع السّلاسل ويكسّر القيود، ولا يقوى أحدٌ على ضبطه، وكان طوال اللّيل والنّهار في المقابر والجبال يصرخ ويجرح جسده بالحجارة.
فلمّا شاهد يسوعَ عن بعد، أسرع إليه وسجد له وصاح بأعلى صوته: ما لي ولك، يا يسوع ابن الله العليّ؟ أستحلفك بالله، لا تعذّبني، لأنّ يسوع قال له: أيّها الرّوح النّجس أخرج من هذا الرّجل! فسأله يسوع: ما اسمك، فأجاب: اسمي جيش لأنّنا كثيرون، وتوسّل كثيرًا إلى يسوع أن لا يطرد الأرواح النّجسة من تلك المنطقة، وكان هناك قطيع كبير من الخنازير يرعى قرب الجبل، فتوسّلت الأرواح النّجسة إلى يسوع بقولها: أرسلنا إلى تلك الخنازير لندخل فيها، فأذن لها، فخرجت الأرواح النّجسة ودخلت في الخنازير فاندفع القطيع من المنحدر إلى البحر، وعدده نحو ألفين، فغرق فيه وهرب الرّعاة ونشروا الخبر في المدينة والقرى، فخرج النّاس … فطلبوا إلى يسوع أن يرحل عن ديارهم) ( ).
يا لها من معجزة إجراميّة!!
المسيح يخرج الشّياطين ويدخلها في الخنازير ويلقيها في البحر فتغرق آلاف الخنازير!
المسيح هنا يقتل ألفي خنزير حيّ، ويميتها غرقًا، إنّها المحبّة الإلهيّة والخلاص الربّانيّ!
المسيح يستمع وينصت للشّياطين ويطيعها ويأذن لها باحتلال أجساد الخنازير، ويتفرّج عليها وهي تنزل من المنحدر واحدًا تلو الآخر لتنتهي غرقًا في البحر، ولماذا هذا كلّه لإنقاذ رجل واحد!
وإذا لم يكن ألفا خنزير بقيمة رجل واحد، وكان لزامًا إنقاذ الإنسان قبل الخنازير، وإن بلغ عددها الملايين، ألم تكن هناك طريقة أخرى ووسيلة غير هاته!؟، ألم يكن المسيح، الربّ، ابن الله العليّ، كما وصفته الشّياطين قادرًا على إخراج الشّياطين وإطلاقها في الهواء أو القضاء عليها بقوله كن فيكون، أو بإغراقها دون أن تجرّ معها الخنازير البريئة!؟
إنّ القتل أو المشاركة في قتل حيوان بريء يرعى في الحقل ويأكل الحشيش، دون سبب هو إزهاق لروح الحيوان ومن ثمّ إزهاق لحقّه الطّبيعيّ.
أين المسيح من حقوق الحيوان؟
أين الإنجيل من حقوق الحيوان؟
ولا مجال لاعتراض مسلم على هذا المنطق، من حيث إن الخنزير حيوان مفسد، وأن الرويات تواترت عن قتل المسيح للخنزير في آخر الزمان، وذلك أن ما نؤمن به نحن المسلمين لا يمكن الاحتجاج به على النصارى من جهة، ومن جهة ثانية فإن الخنزير عند النصارى والكنيسة والغرب عموما يُعد ثروة حيوانية لا يستهان بها، ولا يختلف الخنزير عندهم عن الغنم والبقر، كما أن لحم الخنزير من اللحوم المفضلة لديهم حتى أنهم يتناولونها على موائد أفراحهم وأعيادهم الدينية، وبهذا المنطق، وهو منطقهم يهينون المسيح لأنه يخرب ثروتهم الحيوانية ويفسد أشهى مأكل لديهم.
وإذا عدنا إلى القصة مرة أخرى، نُصدم بألف شيطان وروح نجس يسكنون بدن رجل واحد!!!، ولا أدري كيف كانت تتحرّك تلك الشّياطين داخل هذا الجسد المزدحم بالسكّان غير العاديّين، لا علينا، فأزمة السّكن لا تزال تزعجنا إلى اليوم، لكن قتل آلاف الخنازير بسبب الشّياطين جعل من تلك الخنازير ضحيّة خاسرة في مؤامرة سمّيت معجزة، وليتها كانت كذلك لأنّها «عجز لا إعجاز».
فهذا كلّه إذا صدّقنا القصّة التي تبدو خرافيّة، وغير معقولة والدّليل على ذلك أنّ الرّواية ذَكرت في إنجيل متّى تفصيلاً آخر، وهو وجود رجلين وليس رجل واحد، يقول متّى (ولمّا وصل يسوع إلى الشّاطئ المقابل في ناحية الجرّاسيّين استقبله رجلان خرجا من المقابر وفيهما شياطين ...) ( )، إلى آخر القصّة بنفس التّفاصيل، ممّا يثبت التّناقض والغلط، وأنّ القصّة مزوّرة ومختلقة، ويثبت تزوير وتحريف الأناجيل التي بين أيدينا اليوم.
هذا من جانب ومن جانب آخر، فالمسيح الحقيقيّ، الرّحيم، العطوف، الرّؤوف، المسالم، المحبّ، رقيق القلب..لا يمكن أن يتسبّب في إهلاك آلاف الخنازير بهذه الفذلكة الإعجازيّة التي لا معنى لها، إلاّ معنى التّخريب والإفساد في الأرض -بمنطقهم- والاعتداء على الرّعاة وقتل حيواناتهم والإضرار بثروتهم الحيوانية، وهذا بدوره سبب في رفض أولئك الرّعاة لدعوته، وعدم قبول رسالته، لأنّه مفسدٌ في الأرض وليس مصلحًا ولا مخلصًا، لذلك لا نرى غرابة عندما يطرد الرّعاة وسكّان تلك المنطقة المسيح من أرضهم، كما جاء في الرّواية "فخرج النّاس...فطلبوا إلى يسوع أن يرحل عن ديارهم".
وفي زماننا هذا تأتي جمعيّات حقوق الحيوان لتعطي الإسلام دروسًا في الحفاظ على حقّ الحيوان واحترامه والرّأفة به، وإذا كانت هذه الجمعيّات تلمز كثيرا من المسلمين في تخلّفهم في هذا الجانب فهم صادقون محقّون، فكثير من المسلمين اليوم آفة الإسلام، وعلى هذا نحمل ما قاله محمّد عبده "الإسلام محجوب بالمسلمين"، وكذلك ما قاله الأفغانيّ حين يعلن "إنّ أهمّ ما يمكن أن نقنع به الغرب بتبنّي الإسلام هو أن نقنعهم أنّنا نحن المسلمين لسنا مسلمين".
العديد من المسلمين اليوم لا يحترمون حقوق الحيوان، ولا يملكون ثقافة حبّ الحيوان، لكن هل هم موافقون أم مخالفون للإسلام في ذلك؟
هل الإسلام هو الذي دعاهم إلى مثل هذا السّلوك البغيض المريض؟
إن الإسلام في هذا المجال في واد وأولئك المسلمون في واد آخر، كما هو دائمًا، إن احترام الحيوان في الإسلام شريعة ودين، والحفاظ على حقّ الحيوان وعدم الاعتداء عليه خلق إسلاميّ وعبادة يتُقرّب بها إلى الله.
يقول الرّسول الكريم  معبّرًا عن الوحي الإلهي "دخلت امرأة النّار في هرّة حبستها فما أطعمتها وما تركتها تأكل من خشاش الأرض".
هذا خبر عقائديّ غيبيّ أطلع الله عليه رسوله، يخبره بأنّ دخول النّار لا يقتصر على المشركين والكفّار وكبار الفسّاق والمجرمين، بل قد لا يستثني من يضرّ قطّة صغيرة بمنع الطعام عنها ولا يتركها تأكل من خشاش الأرض، فما بالك بمن يهلك الحيوان، كما فعل المسيح!؟
وأخبرنا الرّسول الكريم  أنه "دخلت بغيّ الجنّة في كلب أصابها عطش فنزلت بئرًا لتشرب، فلمّا خرجت وجدت كلبًا يلهث ويأكل الثّرى من العطش...فنزلت وأخذت ماء في حذائها فسقت الكلب فشكر الله لها وأدخلها الجنّة...".
هذه المرأة ليست امرأة قدّيسة، إنّها بغيّ تحترف أقدم مهنة في العالم وهي الزّنى، مع ذلك غفر الله لها وتجاوز عنها فجورها لأنّها سقت كلبًا شربة ماء.
والنصوص الشرعية التي تأمر بالحفاظ على الحيوان في الأحاديث متوافرة ومتواترة، وكلها تقرر أنّ عبادًا سيدخلون الجنّة وآخرين سيدخلون النّار بسبب إحسانهم أو إساءتهم إلى الحيوان، فما أعظم هذا الدّين وما أسعد مستقبل الحيوان لو طُبّق الإسلام في دنيا النّاس، فما بالك لو طُبق في كل الأمور.