٢٨‏/٠٩‏/٢٠٠٨

بعد الحكم بضم الطفلين ماريو وأندرو لحضانة أبيهما المسلم.. جبرائيل يهدد بوقفة احتجاجية والكنيسة تأسف للاستناد للشريعة الإسلامية

كتب هشام سلطان (المصريون):
سدل الستار على مشكلة الطفلين ماريو وأندرو، وقضت حكمت محكمة الأحوال الشخصية الدائرة 24 أحوال استئناف عال الإسكندرية بضمهما إلى حضانة والدهما الذي انفصل عن والدتهما السيدة كاميليا، بسبب إشهار إسلامه، في الوقت الذي كانت تؤكد فيه والدتهما أحقيتها بضمهما إلى حضانتها.وانتقد المستشار نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، الحكم القضائي، متسائلا: كيف لطفلين مسيحيين أن يجبرا على العيش مع أبيهما الذي أسلم وتركهما؟، واعتبر هذا الحكم سلاحا لإجبارهما على الإقامة مع والدهما الذي رفضاه.وأوضح جبرائيل أنه سوف يتم عقد مؤتمر الثلاثاء 7 أكتوبر لمناقشة تداعيات هذا الحكم، وسوف نناقش أيضا إقامة واقفة احتجاجية للتعبير عن رفضنا.في حين، عبر الأنبا مرقص أسقف شبرا الخيمة والمسئول الإعلامي بالمجمع المقدس عن أسفه، للاحتكام في النزاع إلى الشريعة الإسلامية وليس القانون المدني، وإن قال إنه لا تعليق على مثل هذه الأحكام، آملا في نقضه في الاستئناف.

هناك ٢١ تعليقًا:

غير معرف يقول...

مغامرات يسوع في الجبل ؟قصة للاطفال من سن 3-7 ؟؟؟وبَعدَ سِتَّةِ أيّامِ أخَذَ يَسوعُ بُطرُسَ ويَعقوبَ وأخاهُ يوحنّا، واَنفَرَدَ بِهِم على جبَلٍ مُرتَفِـعِ، 2وتَجلَّى بمَشهَدٍ مِنهُم، فأشرقَ وجْهُهُ كالشَّمسِ وصارَتْ ثيابُهُ بَيضاءَ كالنٌّورِ. 3وظهَرَ لهُم موسى وإيليّا يُكلَّمانِ يَسوعَ. 4فقالَ بُطرُسُ ليَسوعَ: "يا سيَّدُ، ما أجمَلَ أن نكونَ هُنا: فإن شِئتَ، نَصَبتُ هُنا ثلاثَ مظالَ: واحِدةً لكَ وواحِدةً لموسى وواحِدةً لإيليّا". 5وبَينَما هوَ يتكلَّمُ، ظلَّلتْهُم سَحابَةٌ مُضيئَةٌ، وقالَ صوتٌ مِنَ السَّحابةِ: "هذا هوَ اَبني الحبـيبُ الذي بِه رَضِيتُ، فلَهُ اَسمَعوا!" 6فلمّا سَمِعَ التّلاميذُ هذا الصوتَ وقَعوا على وجوهِهِم وهُمْ في خوفٍ

شديدٍ. 7فدَنا يَسوعُ ولَمَسَهُم وقالَ لهُم: "قوموا، لا تخافوا". 8فرَفَعوا عُيونَهُم، فما رأوا إلاّ يَسوعَ وحدَهُ.

9وبَينَما هُمْ نازلونَ مِنَ الجبَلِ، أوصاهُم يَسوعُ قالَ: "لا تُخبِروا أحدًا بِما رأيتُم إلى أنْ يقومَ اَبنُ الإنسانِ مِنْ بَينِ الأمواتِ". 10فسألَهُ التَّلاميذُ: "لِماذا يقولُ مُعَلَّمو الشَّريعَةِ: يجبُ أنْ يَجيءَ إيليّا أوَّلاً؟" 11فأجابَهُم: "نَعم، يَجيءُ إيليّا ويُصلِحُ كُلَ شَيءٍ. 12ولكنَّي أقولُ لكُم: جاءَ إيليّا فما عَرَفوهُ، بَلْ فَعلوا بِه على هَواهُم. وكذلِكَ اَبنُ الإنسانِ سيتألَّمُ على أيديهِم". 13ففَهِمَ التَّلاميذُ أنَّهُ كانَ يُكلَّمُهُم عَنْ يوحنّا المَعمدانِ.

يسوع يشفي صبـيُا فيه شيطان.

14ولمّا رَجَعُوا إلى الجُموعِ، أقبلَ إلَيهِ رَجُلٌ وسَجَدَ 15وقالَ لَه: "إرحمِ اَبني يا سيَّدي، لأنَّهُ يُصابُ بالصَّرَعِ ويتَألَّمُ ألمًا شديدًا. وكثيرًا ما يَقَعُ في النَّارِ وفي الماءِ. 16وجِئْتُ بِه إلى تلاميذِكَ، فما قَدِروا أنْ يَشفُوهُ". 17فأجابَ يَسوعُ: "أيٌّها الجِيلُ غَيرُ المُؤمِنِ الفاسِدُ! إلى متى أبْقى معكُم؟ وإلى متى أحتَمِلُكُم؟ قَدَّموا الصَّبـيَّ إليَّ هُنا!" 18واَنتهَرَهُ يَسوعُ، فَخرَجَ الشَّيطانُ مِنَ الصَّبـيَّ، فشُفِـيَ في الحالِ.

19فاَنفَرَدَ التَّلاميذُ بـيَسوعَ وسألُوهُ: "لِماذا عَجِزْنا نَحنُ عَنْ أنْ نَطرُدَهُ؟" 20فأجابَهُم: "لِقِلَّةِ إيمانِكُم! الحقَّ أقولُ لكُم: لو كانَ لكُم إيمانٌ بِمقدارِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، لَقُلتُم لِهذا الجبَلِ: اَنتَقِلْ مِنْ هُنا إلى هُناكَ فَينتَقِلُ، ولَمَا عَجِزتُم عَنْ شَيءٍ. 21[وهذا الجِنْسُ مِنَ الشَّياطينِ لا يُطرَدُ إلاَّ بالصَّلاةِ والصَّومِ]".

يسوع ينبـئ مرّة ثانية بموته وقيامته.

22وكانَ التَّلاميذُ مُجتَمِعينَ في الجليلِ، فقالَ لهُم يَسوعُ: "سيُسلَّمُ اَبنُ الإنسانِ إلى أيدي النّاسِ، 23فيَقتُلونَهُ، وفي اليومِ الثّالِثِ يَقومُ مِنْ بَينِ الأمواتِ". فحَزِنَ التَّلاميذُ كثيرًا.

يسوع يدفع ضريبة الهيكل.

24وعِندَما رجَعَ يَسوعُ وتلاميذُهُ إلى كَفْرَناحومَ، جاءَ جُباةُ ضَريبةِ الهَيكَلِ إلى بُطرُسَ وسألوهُ: "أما يُوفي مُعَلَّمُكُم ضَريبةَ الهَيكَلِ؟" 25فأجابَ: "نعم". فلمّا دخَلَ بُطرُسُ إلى البَيتِ، عاجَلَهُ يَسوعُ بِقولِهِ: "ما رأيُكَ، يا سِمْعانُ؟ مِمَّنْ يأخُذُ مُلوكُ الأرضِ الجِبايَةَ أو الجِزيَةَ؟ أمِنْ أَبناءِ البِلادِ أم مِنَ الغُرَباءِ؟" 26فأجابَ بُطرُسُ: "مِنَ الغُرَباءِ". فقالَ لَه يَسوعُ: "إذًا، فالأبناءُ أحرارٌ في أمرِ إيفائِها. 27لكنَّنا لا نُريدُ أنْ نُحرِجَ أحدًا، فاَذهبْ إلى البحرِ وألقِ الصِنّارَةَ، وأَمسِكْ أوَّلَ سَمكَةٍ تَخرُجُ واَفتَحْ فمَها تَجِدْ فيهِ قِطعةً بأربعةِ دَراهمَ، فخُذْها واَدفَعْها إلَيهِم عنّي وعَنْكَ".

والآن ماذا نقول؟ ها هنا المسيح يختار ثلاثة فقط من حوارييه ويترك الباقين. على أى أساس؟ لا ندرى! وكان على رأس من اختارهم لصحبته فى هذا اللقاء بطرس، الذى لم يجفّ الحبر الذى كتبنا به وصف السيد المسيح له بأنه "شيطان" بعد! كذلك من المسائل المحيرة أن يُغْشَى على الحواريين الثلاثة ويسقطوا على وجوههم من الرعب لمجرد سماعهم صوتا من السماء المفروض أنه حين يعلن أن المسيح هو ابن الله فإنه لا يأتى بشىء جديد بعدما تنبه بطرس لتلك البنوة وأثنى عليه السيد المسيح بسببها، وهو ما يدفعنا إلى الاستغراب من رد فعلهم العنيف هذا، مع أن هؤلاء الثلاثة لم يجدوا فى سطوع النور من وجه عيسى وملابسه ولا من ظهور موسى وإيليا بعد موتهما بمئات السنين وكلامهما مع سيدهم ما يخيفهم ويسقطهم على الأرض مغشيًّا عليهم، بَلْهَ أن يقتلهم من الرعب؟ والغريب أيضا أنهم بعد ذلك لما "دَنا يَسوعُ ولَمَسَهُم وقالَ لهُم: "قوموا، لا تخافوا". 8فرَفَعوا عُيونَهُم، فما رأوا إلاّ يَسوعَ وحدَهُ" لم يعلقوا بشىء على اختفاء موسى وإيليا ثم عودة الأمور كلها إلى وضعها الطبيعى، وكأن شيئا لم يكن (أكاد أضيف: "وبراءةُ الأطفال فى عينيهم" كى يكمل بيت نزار من قصيدة "أيظن؟")!

ومرة أخرى لماذا تحرص السماء على أن يكون إعلانها لبنوة المسيح لله سبحانه (تعالى الله عن ذلك) محصورا فى نطاق شخص واحد (فى المرة الأولى، وهو يحيى عليه السلام) أو ثلاثة فقط (الآن، وهم بطرس ويعقوب وأخوه يوحنا)؟ كيف ذلك يا ترى، وهذا هو لباب النصرانية كما يقولون؟ ثم من يا ترى الذين كانوا ينبغى أن يسمعوا هذا الإعلان؟ أهم التلاميذ الذين كانوا قد عرفوا ذلك كما رأينا وانتهى الأمر أم هم الجموع الذين لم يكونوا ينادونه إلا بــ"ابن داود" أو "ابن يوسف ومريم"؟ مسألة محيرة أخرى! وأشد منها تحييرا أن يقول لهم عيسى عليه السلام: "لا تُخبِروا أحدًا بِما رأيتُم إلى أنْ يقومَ اَبنُ الإنسانِ مِنْ بَينِ الأمواتِ". أليس فى ذلك ظلم للبشر، الذين يجب عليهم أن يؤمنوا ببنوة المسيح لله الآب، ومع هذا يحرص هذا الإله الآب أن يخفى عنهم تلك الحقيقة ولا يذيعها (آسف، بل الأحرى أن أقول: لا يُسِرّها) إلا لــ"مِنْ شخص واحد إلى ثلاثة على أكثر تقدير"، علاوة على أنهم آخر من يحتاجون إلى سماع هذه الحقيقة، التى ليست بحقيقة عندنا على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون، مع إيماننا بأن لكل إنسان الحق فى أن يعتقد ما يشاء. أما قلة الأدب وشغل الصياعة فلا يسكت عليها حر! وعندنا أيضا قول المسيح إن إيليا قد جاء ومهّد له الطريق، وفَهْم الحواريين أن إيليا هو يحيى. كيف يا ترى؟ لا جواب! وقد تناولنا هذه النقطة من قبل وتساءلنا عن حل لهذه الأُحْجِيّة، ولكن عبثًا! ومن الواضح أن الخيوط قد دخل بعضها فى بعض ولم يعد أحد قادرا على تسليكها! ثم إن المسيح يؤكد أن إيليا (أى يحيى) يجىء ليصلح كل شىء. فما الذى أصلحه يحيى، وقد قتلوه (أو بتعبير المسيح: "فعلوا به على هواهم") قبل أن يكون عنده وقت لإصلاح أى شىء؟

فإذ ما مضينا إلى الأمام قليلا راعنا شَتْم المسيحُ نبىُّ الصبر والرحمة والرقة والوداعة والتواضع للمرأة التى أتته تستنجد بعطفه وقدرته على شفاء ابنها، بل شَتْمه الجيل كله متهما إياه بالفساد وعدم الإيمان دون أدنى سبب، إذ إن مجيئها إليه لا معنى له إلا أنها مؤمنة به، وإلا فلماذا جاءت؟ إنها لم تأت إليه على سبيل التحدى كما كان اليهود الخبثاء يفعلون، بل أتت من أجل شفاء ابنها. ثم إنه هو الذى بدأ عملية المعجزات هذه ولم يضربه أحد على يده كى يصنعها. كما أنه لا يليق به، وهو الله أو ابن الله، أن يشكو من طول تحمله للناس! وإلا فلأىّ رب آخر يمكن الناس أن يلجأوا إذا ما حزبهم أمر من الأمور؟ وإذا كان الرب يضيق صدره بهذه السرعة، فكيف نفسر أنه لم يضق صدره بتدبير شؤون العالم كله بما فيه من ملائكة وجن وبشر وحيوان وطير وحشرات ونباتات وجمادات وهواء منذ أول الخليقة حتى تلك اللحظة، لا بالاستجابة لبعض المرضى وأهليهم فقط؟

هذا عن المرأة وشَتْم المسيح لها هى والجيل كله دون سبب، أما عجز الحواريين عن شفاء الصبى فهذه "حكاية" تحتاج لكتب. كيف؟ لا أظنكم قد نسيتم ما قاله متّى فى الفصل العاشر من هذا الإنجيل مما قرأناه معا من قبل عن السلطة التى أعطاها المسيح تلاميذه كى يشفوا به كل مرض... إلخ. على كل حال هأنذا أعيد نقل الكلام لتقرأوه بأنفسكم مرة أخرى لأهميته: "ودَعا يَسوعُ تلاميذَهُ الاثنيَ عشَرَ وأعْطاهُم سُلطانًا يَطرُدونَ بِه الأرواحَ النَّجسَةَ ويَشْفونَ النّاسَ مِنْ كُلٌ داءٍ ومرَضٍ. 2وهذِهِ أسماءُ الرٌّسُلِ الاثني عشَرَ: أوَّلُهُم سِمْعانُ المُلَقَّبُ بِبُطرُسَ وأخوهُ أندَراوُسُ، ويَعقوبُ بنُ زَبدي وأخوهُ يوحنّا، 3وفيلُبٌّسُ وبَرْتولماوُسُ، وتوما ومتَّى جابـي الضَّرائبِ، ويَعقوبُ بنُ حَلْفَى وتَدّاوسُ، 4وسِمْعانُ الوطنيٌّ الغَيورُ، ويَهوذا الإسخَرْيوطيٌّ الذي أسلَمَ يَسوعَ. 5وأرسَلَ يَسوعُ هؤُلاءِ التلاميذَ الاثنَي عشَرَ وأوْصاهُم قالَ: "لا تَقصِدوا أرضًا وثَنِـيَّةً ولا تَدْخُلوا مدينةً سامِريَّةً، 6بَلِ اَذْهَبوا إلى الخِرافِ الضّالةِ مِنْ بَني إِسرائيلَ، 7وبَشَّروا في الطَّريقِ بأنَّ مَلكوتَ السَّماواتِ اَقتَرَبَ. 8واَشفوا المَرضى، وأقيموا الموتَى، وطَهَّروا البُرْصَ، واَطرُدوا الشَّياطينَ. مجّانًا أخَذتُمْ، فمَجّانًا أعْطُوا. 9لا تَحمِلوا نُقودًا مِنْ ذَهَبٍ ولا مِنْ فِضَّةٍ ولا مِنْ نُحاسٍ في جُيوبِكُم، 10ولا كِيسًا لِلطَّريقِ ولا ثوبًا آخَرَ ولا حِذاءً ولا عصًا، لأنَّ العامِلَ يَسْتَحِقٌّ طعامَهُ. 11وأيَّةَ مدينةٍ أو قريةٍ دَخَلْتُم، فاَستَخبِروا عَنِ المُستحِقَّ فيها، وأقيموا عِندَهُ إلى أنْ تَرحَلوا".

وبعد، فما الذى تفهمونه ويفهمه كل إنسان من هذا النص؟ أليس معناه الذى لا يستطيع أحد أن يمارى فيه هو أنه، عليه الصلاة والسلام، قد وهبهم المقدرة على شفاء كل مرض وطرد أى شيطان يدخل جسم أى إنسان وإعادة كل من مات للحياة كرّة ثانية؟ هل هناك أى استثناء فى الكلام؟ ومع ذلك فها هم أولاء يفشلون سريعا فى المهمة التى انتدبهم لها وزودهم بأسباب النجاح اللازمة لها رغم كل ما قاله عن السلطان الذى أفاضه عليهم لشفاء جميع الأمراض وإخراج كل الشياطين من الأجساد الممسوسة. عجيبة! هل هو كلام عيال؟ إنه الرب، فكيف يتخلف وعد الرب، والرب ليس لأحد ولا لشىء سلطان عليه يعوق مشيئته؟ ثم إنه قد أعطاهم ذلك السلطان بملء إرادته، ولم يأخذوه منه بسيف الحياء ولا حتى بسيف من سيوف الموالد الخشبية. لقد تحجج المسيح لهم بأن هذا الصنف من العفاريت يحتاج إلى صوم وصلاة، وهذه أول مرة نعرف فيها أن العفاريت التى تسكن الأجساد أصناف وألوان، وكأننا بصدد إصلاح سيارة مرسيدس، فلا يستطيع إصلاحها ميكانيكى الفيات! طيب، فهل صلى هو وصام ساعتها؟ لقد كانوا جميعا معا، وما يجرى على واحد منهم يجرى على الباقين. كما أن كاتب الإنجيل إذا صام المسيح أو صلى فإنه ينص على ذلك، وهذه المرة لم ينص على شىء، وليس فى السياق ما يمكن أن يشير إلى أنه، صلى الله عليه وسلم، كان قد صلى أو صام. ثم أليس هو الذى منعهم من الصيام عندما سأله تلاميذ يحيى عليه السلام عن عدم صيامهم كما يفعلون هم واليهود فكان جوابه أنهم الآن مع العريس (يقصد أنهم معه)، ولا يليق أن يصوم أهل العريس ما دام موجودا بينهم؟ ألم يكن وقتها يعلم أنهم سوف يحتاجون إلى الصوم فى طرد هذا النوع من الشياطين؟ فلماذا لم ينبههم إلى ذلك منعا للإحراج؟: "14وجاءَ تلاميذُ يوحنّا المَعمَدانِ إلى يَسوعَ. وقالوالَه:"لِماذا نَصومُ نَحنُ والفرَّيسيّونَ كثيرًا، وتلاميذُكَ لا يَصومونَ؟ 15فأجابَهُم يَسوعُ: "أتَنتَظِرونَ مِنْ أهلِ العَريسِ أنْ يَحزَنوا، والعَريسُ بَينَهُم؟ لكنْ يَجيءُ وقتٌ يُرفَعُ فيهِ العَريسُ مِنْ بَينِهِم فيَصومونَ".

ولزيادة الطين بِلَّةً يأبى متّى إلا أن يسبّهم المسيح ويتهمهم فى إيمانهم، وهى الشتيمة الجاهزة دوما على لسانه طبقا لما نقرؤه فى الإنجيل: "سألُوهُ: "لِماذا عَجِزْنا نَحنُ عَنْ أنْ نَطرُدَهُ؟" 20فأجابَهُم: "لِقِلَّةِ إيمانِكُم! الحقَّ أقولُ لكُم: لو كانَ لكُم إيمانٌ بِمقدارِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، لَقُلتُم لِهذا الجبَلِ: اَنتَقِلْ مِنْ هُنا إلى هُناكَ فَينتَقِلُ، ولَمَا عَجِزتُم عَنْ شَيءٍ". وأخيرا فإنا نتساءل: إذا كان الحواريون، وهم خلاصة الخلاصة، لا يتمتعون ولا بمقدار حبة من خردل من الإيمان، فمن الذين آمنوا إذن بالسيد المسيح؟ لا ليس هذا هو السيد المسيح الذى وصفه القرآن فقال على لسانه عليه السلام فى سورة "مريم": "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)". ثم إذا قلنا إن كتابهم قد حُرِّف شتموا نبينا وقالوا عنا إننا أولاد زوانٍ ومنافقون وكفرة وشهوانيون وقتلة وخوّفونا من "ماما أمريكا أم رجل مسلوخة"، مع أن الذى أعرفه أن أمهاتنا أحسن من أمهاتهم ومن جداتهم أيضا!

ويتبقى من هذا الفصل مما نريد أن نتناوله: الحكايةُ الطريفةُ التالية: "24وعِندَما رجَعَ يَسوعُ وتلاميذُهُ إلى كَفْرَناحومَ، جاءَ جُباةُ ضَريبةِ الهَيكَلِ إلى بُطرُسَ وسألوهُ: "أما يُوفي مُعَلَّمُكُم ضَريبةَ الهَيكَلِ؟" 25فأجابَ: "نعم". فلمّا دخَلَ بُطرُسُ إلى البَيتِ، عاجَلَهُ يَسوعُ بِقولِهِ: "ما رأيُكَ، يا سِمْعانُ؟ مِمَّنْ يأخُذُ مُلوكُ الأرضِ الجِبايَةَ أو الجِزيَةَ؟ أمِنْ أَبناءِ البِلادِ أم مِنَ الغُرَباءِ؟" 26فأجابَ بُطرُسُ: "مِنَ الغُرَباءِ". فقالَ لَه يَسوعُ: "إذًا، فالأبناءُ أحرارٌ في أمرِ إيفائِها. 27لكنَّنا لا نُريدُ أنْ نُحرِجَ أحدًا، فاَذهبْ إلى البحرِ وألقِ الصِنّارَةَ، وأَمسِكْ أوَّلَ سَمكَةٍ تَخرُجُ واَفتَحْ فمَها تَجِدْ فيهِ قِطعةً بأربعةِ دَراهمَ، فخُذْها واَدفَعْها إلَيهِم عنّي وعَنْكَ". ألم يخالف المسيح اليهود فى كل شىء: الشريعة وغسل الأيدى والقَسَم والصوم... إلخ؟ ألم يعالنهم بهذا دون مواربة؟ ألم يمطر عليهم من اللعنات أكواما تطول السماء؟ ألم يقل لهم: "يا أولاد الأفاعى! يا مراؤون!"؟ ألم يهجم عليهم فى الهيكل وطردهم منه بعد أن قلب موائدهم وسبَّهم أشنع سَبّ؟ فما الذى جعله يعمل لهم كل هذا الخاطر إذن بعد أن أصبح موقفه منهم واضحا لا لبس فيه؟ ثم إذا كان لا بد من الدفع (أو الحبس!) فلماذا هذه اللفة الطويلة من أخذ بطرس الصنارة وذهابه للبحر وإلقائه إياها فى الماء وإخراجه سمكة وفتحه فمها ليعثر فى نهاية المطاف على أربعة دراهم هى ضريبة الهيكل؟ ألم يكن من الأفضل والأسرع والأوجز والأنجز أن يمد يده فى الهواء ويكبش ويعطى الجابى ما يريد ما دامت المسألة ترضية خواطر؟ كما أن كاتب الإنجيل قد اقتصر فى كلامه على الضريبة الخاصة بعيسى وبطرس، ولم يقل لنا كيف دبَّر باقى التلاميذ المبلغ المستحق عليهم. أم نقول: البركة فى البحر والسمك، والسمك، والحمد لله، فى البحر بلا عدد؟ كذلك لم يقل لنا كاتب الإنجيل لماذا لم يتذكر جابى الضرائب المسيحَ وتلاميذَه فى مسألة الدفع إلا الآن! والله حاجة تطير العقل من الدماغ! وأخيرا دعونا من هذا كله وتعالَوْا نتساءل: أليس المسيح هو الله أو ابن الله؟ فلماذا يتعين عليه أن يخضع لسدنة الهيكل وقوانينهم؟ منذ متى يخضع الرب للعبد؟ ودعونا من هذه أيضا: ألم تأت النصرانية تحديا لسلطة الهيكل ورجال الهيكل المنافقين؟ فلماذا عندما جَدَّ الجِدّ ينسحب السيد المسيح بحجة المجاملة والرغبة فى عدم الإحراج؟ هل يصح فى الأديان تخلى أصحابها عن مبادئها من أجل هذا الاعتبار؟ وأخيرا هل يصح أن يكون الرد بــ"نعم" فى جواب الإثبات عن سؤال منفى كما حدث فى سؤال جباة الضرائب لبطرس وجوابه لهم؟ الصواب هو استخدام "بلى" فى هذه الحالة بدلا من "نع

غير معرف يقول...

أمر الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ بالختان ، هو وذريته ، أمراً أبدياً ، كما يقول كاتب سفر التكوين [ 17 : 13] : " يختتن ختاناً وليد بيتك والمبتاع بفضّتك فيكون عهدي في لحمكم عهداً أبدياً".

وبقي هذا الأمر كما هو حتى رفع الله المسيح ـ عليه السلام ـ ثم جاء بولس ونسخ حكم الله الأبدي بالاختتان .. حَرَّمَ عليهم الختان ، في رسالته إلى غلاطية [ 5 : 2،6 ]:
2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ خُتِنْتُمْ، لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً. ....
6فَفِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ ، لاَ نَفْعَ لِلْخِتَانِ وَلاَ لِعَدَمِ الْخِتَانِ ، بَلْ لِلإِيمَانِ الْعَامِلِ بِالْمَحَبَّةِ."

? تدرج بولس في تحريم الختان :

أحد العقلاء من العلماء ـ هو الشيخ رفاعي سرور حفظه الله ـ تتبع كلام بولس في الختان محللا ومعلقا ، فخرج بنتيجة مفادها أن العقلية اليهودية تؤمن بأن الذين يرثون الأرض من بعد أهلها هم الذين يختـتـنون ، لذا تسللوا للنصرانية وما زالوا بها حتى حرموا فيها الختان ، وها هم اليوم يحاولون مع الأمة الإسلامية كي لا تختتن وبالتالي يتخلف عنها وعد الله بالتمكين في الأرض ، هذا هو الطريق العام الذي سار فيه ( بولس ) بالأمس وهو يحرّف في النصرانية ويحرم فيها حكم الله الأبدي بالختان ، وهو ذات الطريق الذي يسير فيه الثائرون على الختان من المُعَمَمِين الغافلين ، والمغرضين الشهوانيين الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، ولاحَظَ الشيخ رفاعي سرور ـ حفظه الله ـ أن بولس تدرج في تحريم الختان ، ولم يحرمه مرة واحدة . ودعني استرسل هنا قليلا ، وأعرض عليك ـ بتصرف بسيط ـ ملاحظات هذا الذكي التقي ـ أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً من خلقه ـ فأنا أحتاج إليها في بحثي هذا فليس ثم خروج عن الموضوع : يقول الشيخ رفاعي سرور ـ حفظه الله ـ :

1ـ في البداية فسر بولس الختان بأنه العهد الذي أعطاه الله لإبراهيم :
ففي رسالته لرومية الإصحاح الرابع ما نصه :
11وَأَخَذَ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْمًا لِبِرِّ الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ فِي الْغُرْلَةِ، لِيَكُونَ أَبًا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْغُرْلَةِ، كَيْ يُحْسَبَ لَهُمْ أَيْضًا الْبِرُّ.
12وَأَبًا لِلْخِتَانِ لِلَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ الْخِتَانِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا يَسْلُكُونَ فِي خُطُوَاتِ إِيمَانِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ وَهُوَ فِي الْغُرْلَةِ.

2ـ ثم غيّر هذا التفسير فقال :
13فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلْعَالَمِ، بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ.
14لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِينَ مِنَ النَّامُوسِ هُمْ وَرَثَةً، فَقَدْ تَعَطَّلَ الإِيمَانُ وَبَطَلَ الْوَعْدُ

3 ـ ثم راح بولس يبرر ختان إبراهيم و المسيح ـ عليهما السلام ـ فقال :
1فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟
2لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ، وَلكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ) [رومية : 4 : 1 ـ 2 ]
ويفسر ختان المسيح نفسه فيقول في رسالته إلى أهل رومية [ رومية: 8 : 15 ]
15 وَأَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ ، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ.

4 ـ ثم كانت الخطوة التي بدأها بولس بعد ذلك للقضاء على الختان هي التسوية بين الختان والغرلة ، يحاول ذلك مستغلا تأخر إبراهيم في الختان ومدعيا أنه كان بارا بغير الختان كما كان بارا بالختان ، يقول في رسالته لأهل رومية الإصحاح الرابع : العدد 9 ، 10 .
9أَفَهذَا التَّطْوِيبُ هُوَ عَلَى الْخِتَانِ فَقَطْ أَمْ عَلَى الْغُرْلَةِ أَيْضًا؟ لأَنَّنَا نَقُولُ: إِنَّهُ حُسِبَ لإِبْرَاهِيمَ الإِيمَانُ بِرًّا
10 فَكَيْفَ حُسِبَ؟ أَوَ هُوَ فِي الْخِتَانِ أَمْ فِي الْغُرْلَةِ ؟ لَيْسَ فِي الْخِتَانِ، بَلْ فِي الْغُرْلَةِ!

5 ـ ثم يغلب حفظ وصايا الناموس على الختان في رسالته إلى كروننيوس الإصحاح السابع ما نصه: 19 : (( لَيْسَ الْخِتَانُ شَيْئًا، وَلَيْسَتِ الْغُرْلَةُ شَيْئًا، بَلْ حِفْظُ وَصَايَا اللهِ ))
ـ ويقول في رسالته إلى أهل رومية الإصحاح الثاني العدد 25 ، وما بعده ما نصه (
25فَإِنَّ الْخِتَانَ يَنْفَعُ إِنْ عَمِلْتَ بِالنَّامُوسِ. وَلكِنْ إِنْ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ، فَقَدْ صَارَ خِتَانُكَ غُرْلَةً! 26إِذًا إِنْ كَانَ الأَغْرَلُ يَحْفَظُ أَحْكَامَ النَّامُوسِ، أَفَمَا تُحْسَبُ غُرْلَتُهُ خِتَانًا؟
27وَتَكُونُ الْغُرْلَةُ الَّتِي مِنَ الطَّبِيعَةِ، وَهِيَ تُكَمِّلُ النَّامُوسَ، تَدِينُكَ أَنْتَ الَّذِي فِي الْكِتَابِ وَالْخِتَانِ تَتَعَدَّى النَّامُوسَ؟
28لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا،
29بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ)

6 ـ ثم في مرحلة متطورة إعتبر الختان مجرد صورة جسدية :
[رومية : 28 ـ 29 ] :
28لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا
29بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ)

ويقول في رسالته إلى أهل أغلاطية [ أغلاطية :6 :12ــ 15 ] :
12 جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَرًا حَسَنًا فِي الْجَسَدِ، هؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ.
13لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ.
14وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.
15 لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.)


7 ـ ثم في مرحلة أخرى تكلم بولس عن ( الختان القلبي)

( يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ! ) [ أعمال الرسل :52 :7]

8 ـ ثم كان الهجوم على بطرس وبرنابا من أجل الختان الجسدي يقول في رسالته إلى أهل أغلاطية الإصحاح الثاني العدد الثامن وما بعده يقول :
8فَإِنَّ الَّذِي عَمِلَ فِي بُطْرُسَ لِرِسَالَةِ الْخِتَانِ عَمِلَ فِيَّ أَيْضًا لِلأُمَمِ.
9 فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ.
10غَيْرَ أَنْ نَذْكُرَ الْفُقَرَاءَ. وَهذَا عَيْنُهُ كُنْتُ اعْتَنَيْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ.
11وَلكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُومًا.
12لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفًا مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ.
13 وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضًا انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ!
14 لكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ:«إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيًّا لاَ يَهُودِيًّا، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟»
15نَحْنُ بِالطَّبِيعَةِ يَهُودٌ وَلَسْنَا مِنَ الأُمَمِ خُطَاةً، ))

9 ـ ثم كانت الخطوة الأخيرة وهي الهجوم على الختان الجسدي وتحريمه.يقول :

في رسالته إلى أهل أغلاطية الإصحاح الخامس العدد 2 (2 هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! ) انتهى كلام الشيخ حفظه الله .

? لماذا هذا الاسترسال .. لماذا ذكر تدرج بولس هذا في تحريم الختان ؟
أمر الختان عظيم ، فهو حكم أبدي صريح في العهد القديم ، وقد اختتم الأنبياء كلهم ومنهم المسيح ـ عليه السلام ـ وتحريمه يمثل نقلة قوية للمخاطبين من معتنقي النصرانية ، لن يقبلوها بسهولة ، وربما ثاروا على من تكلم بها ، ولذا كان لابد من التدرج ، حتى يقبل الناس الأمر . وهنا يمكن القول أن كلام بولس المتأخر ناسخ لكلامه المتقدم . أليس كذلك ؟
هو كذلك .
هذه واحدة .
والثانية : أن التدرج في التشريع موجود عندهم .. يعرفوه .. ولا أدري لماذا يعترضون عليه عندنا ؟!
بولس وهو يغير الشريعة ، راع حال الناس ، فتدرج معهم ، وهدفه النهائي ( تحريم الختان ) كان معلوما عند نفسه من البداية ، ومثل هذا في الشريعة عندنا ، كثير من التشريعات جاءت بالتدريج ، مراعاة لحال الناس ، وليس جهلا من المشرِّع سبحانه وعز وجل .
فلا أدري لم قبلوا تدرج بولس في باطله ، وكرهوا تدرج الشريعة عندنا ؟!



المثال الثاني : إباحة الخمر


الخمر : اللاويين [ 10 :9 ]
9 «خَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضًا دَهْرِيًّا فِي أَجْيَالِكُمْ
وبولس يقول في رسالته الأولى إلى تيموثوس [ 5 : 23]
23 لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.

إباحة أكل الخنزير

بولس هو الذي أباح لحم الخنزير ، وقبله لم يكن لحم الخنزير مباحا . فنصوص الكتاب ( المقدس ) بالعهد القديم تنص بوضوح على تحريم أكل لحم الخنزير يقول كاتب سفر اللاويين [11 : 7 – 8] : " والخنزير . لأنه يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر . فهو نجس لكم . من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا . إنها نجسة لكم ").

ثم جاء بولس ورفع نجاسة الخنزير ومن ثم أبيح أكله ، يقول في رسالته إلى تيطس [ 1 : 15] " عِنْدَ الطَّاهِرِينَ، كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ. أَمَّا عِنْدَ النَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ طَاهِرٍ، بَلْ إِنَّ عُقُولَهُمْ وَضَمَائِرَهُمْ أَيْضاً قَدْ صَارَتْ نَجِسَةً . "
وفي رسالته الأولى إلى أهل كرونثوس [ 6 : 12 ]، و [ 10 : 23 ] نجد هذه الجملة : «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»،
وفي رسالته إلى أهل كولوسي [ 2 :16 ] 16 فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ"

فهذا بولس يحل ويحرم من عند نفسه . وينسخ الأحكام برأيه .

قد يقول قائل أن بولس لا يتكلم من عند نفسه كما تدعي عليه ، وإنما من عند المسيح ، فهو عالم من المسيح كما يصرح في النصَّ أعلاه .
أقول هذا هو ، بولس رفع المسيح إله ونصبَّ نفسه رسولا إليكم ، فهو رسولكم الحقيقي ، وما أنتم عليه هو دين بولس لا دين المسيح عليه السلام ، وقد دخل مع بولس رسل أخرى جاءوا بعد ذلك ، أحلوا وحرموا باسم ( الرب ) . تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .

أحكام من عند أنفسهم لا دليل عليها :

ـ ميراث المرأة ليس له وجود في الكتاب المقدس. اللهم التي مرت بنا ونحن نتكلم عن بنات صلفاد ، وليست هي التي يعملون بها اليوم .

ـ والمسيحة اليوم لا تعترف بالتعدد ، وهذه من رأسها ، لا نعرف لها أصلا في الكلام المنسوب للمسيح ـ عليه السلام ـ أو حتى في العهد القديم .
ـ والصيام الذي يصوموه أين دليلهم عليه من الكتاب ( المقدس ) ؟ لا يوجد .
ـ تحريم الزواج على الرهبان .
ـ التثليث ، تحديداً ألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ ، والروح القدس ، ظهر أول ما ظهر على يد ترتليان ، في القرن الثالث الهجري ، وأصبح عقيدة رسمية في عام 381 م ، وليس له ذكر حتى في قرارات مجمع نيقية 325 م .
النسخ في الأحكام

النسخ في الأحكام موجود عند أهل الكتاب في العهد القديم والعهد الجديد ، وهذه بعض الأمثلة.

المثال الأول : إباحة زواج الأخت في أبناء آدم الأُول ثم تحريمه بعد ذلك .
وهو موجود عندنا كما هو موجود عند النصارى أيضا ، ولم يحرم زواج الأخ من الأخت عندهم إلا في عهد موسى عليه السلام ـ بزعمهم ـ فقد تزوج إبراهيم ـ عليه السلام ـ من أخته سارة ـ ، كما في سفر [ التكوين 20 : 12] يقول كاتب السفر على لسان موسى عليه السلام : " وَهِيَ بِالْحَقِيقَةِ أُخْتِي، ابْنَةُ أَبِي، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ أُمِّي فَاتَّخَذْتُهَا زَوْجَةً لِي ) .
وتم تحريم نكاح الأخت في شريعة موسى عليه السلام فجاء في ( اللاويين 18 : 9 " لاَ تَتَزَوَّجْ أُخْتَكَ بِنْتَ أَبِيكَ، أَوْ بِنْتَ أُمِّكَ، سَوَاءٌ وُلِدَتْ فِي الْبَيْتِ أَمْ بَعِيداً عَنْه)
وجاء في نفس السفر في مكان آخر [ 20 : 17 ] يقول كاتب السفر : " إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ أُخْتَهُ، ابْنَةَ أَبِيهِ أَوِ ابْنَةَ أُمِّهِ، فَذَلِكَ عَارٌ، وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَأْصَلاَ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ شَعْبِهِ،)


المثال الثاني : الجمع بين الأختين كان مباحا عندهم ، وقد تزوج يعقوب عليه السلام ـ وهو إسرائيل ـ من أختين ، جاء ذلك في سفر التكوين [29 : 15- 35] وحرّم بعد ذلك ، كما في سفر اللاويين[ 18 :18 ] ، يقول كاتب السفر : " لاَ تَتَزَوَّجِ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِتَكُونَ ضَرَّةً مَعَهَا فِي أَثْنَاءِ حَيَاةِ زَوْجَتِكَ.").


المثال الثالث : أباح الله الطلاق في شريعة موسى ـ عليه السلام ـ ، وأباح للمطلقة أن تتزوج . في سفر [ التثنية 24 : 1-3 ] يقول كاتب السفر : " إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ فَتَاةٍ وَلَمْ تَرُقْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَنَّهُ اكْتَشَفَ فِيهَا عَيْباً مَا، وَأَعْطَاهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، 2فَتَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ طَلِيقَةً، 3ثُمَّ كَرِهَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَسَلَّمَهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ"


وقد نسخ السيد المسيح ـ بزعمهم ـ الطلاق إلا بعلّة الزنا ، وأعلن أن من يتزوج مطلقة فقد زنى !! ، هذا وهم يقولون أن المسيح ـ عليه السلام ـ جاء متمم للعهد القديم ، ولم يأت ناقض له .
والشاهد أن هذه حالة من النسخ لشرائع وأحكام العهد القديم .

في [ متى 5 : 31ـ 32 ] يقول الكاتب : " وَقِيلَ أَيْضاً: مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَلْيُعْطِهَا وَثِيقَةَ طَلاَقٍ. 32أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، فَهُوَ يَجْعَلُهَا تَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَةٍ، فَهُوَ يَرْتَكِبُ الزِّنَى."
وفي [ متى : 19] يقول الكاتب : " 7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى بِأَنْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ وَثِيقَةَ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» ,8 أَجَابَ: «بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ، سَمَحَ لَكُمْ مُوسَى بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِكُمْ. وَلَكِنَّ الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا مُنْذُ الْبَدْءِ. 9وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، وَيَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ، يَرْتَكِبُ الزِّنَى». )


ومن النص السابق يتضح أن الطلاق لم يكن موجودا"في البداية , ثم تم إقراره أيام موسى عليه السلام , ثم تم إلغاؤه بأقوال السيد المسيح !!. نسخ على نسخ .

المثال الرابع : لم يدعُ المسيح ـ عليه السلام ـ إلا اليهود فقط ، وكان يقول « لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» ([ متى 15 : 24] ، وأمر المسيح ـ عليه السلام ـ من أرسلهم من الحواريين أن لا يدعوا إلا بني إسرائيل فقال :
" هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6 بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّة " [متى 10 : 5 ـ 6 ]
والذين جاءوا من بعده نسبوا إليه القول بأن النصرانية ديانة لجميع الأمم ،وذلك قولهم على لسان متى [ 28 : 19 ] " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأمم "

وما يعنينا هنا هو أن الأحكام تنسخ .. تتغير . وهذا واحد منها .

المثال الخامس : عقوبة من تمسه الشياطين

[ اللاويين : 20 : 27 ] : «وَإِذَا كَانَ فِي رَجُل أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ»."
ما ذنبه ؟ لا أدري ، ولا إخالهم يدرون .
ونجد في العهد الجديد أن يسوع ( المسيح ) نسخ هذا الحكم وكان يخرج الشياطين .


المثال السادس رجم الزاني : في العهد القديم ( شريعة موسى ) أن العهد الزاني المحصن يرجم ، وهم يقولون أن المسيح جاءوا له بامرأة وقالوا له إنها زانية فعفى عنها ولم يقم عليها حد الرجم :
[ يوحنا 8 :4، وما بعدها ]
4 قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ
5 وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» .......َقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» ...... فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».
فهنا نسخ لحكم الله في الزاني المحصن .
وشيء آخر : قد مرّ بنا أن الزاني المحصن يحرق ، وهنا يقولون يرجم ، ولا ندري أنسخ أم لخبطة من الكَتَبَةِ . وكلامهما يشهد بصحة ما نقول وزيادة .هذا ما يعنينا هنا في هذا المقام .

وأختم بهذا المثال ، وبداية أعتذر نيابة عن الكتاب المقدس لما ورد فيه من ( قرف )

المثال السابع : أمر ( الرب ) شعب إسرائيل ومعهم حزقيال النبي ـ عليه السلام ـ بأن يأكلوا خراء الإنسان ثم بعد أن توسل واعتذر حزقيال ـ عليه السلام ـ نسخ ( الرب ) الحكم وأمره بأن يأكل هو ـ دون بني إسرائيل ـ خراء البقر ، وهذا الكلام صريح في سفر حزقيال الإصحاح الرابع ، يقول كاتب السفر :
12 وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ».
15فَقَالَ لِي: اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».)
وهذا نسخ في الأحكام .
?وهذه جملة أحكام أخرى كانت ثم نسخت :
?ـ أُبيحَ لنوح عليه السلام بعد خروجه من السَّفينة أكل جميع الحيوانات ثم نُسِخ حِلُّ بعضها .
?ـ أُمِرَ إبراهيم بذبح ولده إسماعيل ثم نسخ قبل الفعل .
?ـ كان السبت معظما ، ثم ترك تعظيمه المسيح ـ عليه السلام ـ وعظم النصارى الأحد .
? الأعياد التي في النصرانية ، ومنها عيد ميلاد المسيح لا دليل عليها ، ولا إشارة لها في كتابهم
?قبول شهادة الرجل لنفسه ، وهذا ضد الناموس ، وضد ما تكلم به المسيح ، ومعلوم مشهور أن بولس لم يشهد له أحد ، وإنما تكلم من عند نفسه

غير معرف يقول...

يّة المقدّسة، فقد كانت أمواج التثّليث والكفارة والخطيئة وألوهيّة المسيح وبنوّته وصلب الله وغيرها تقذف بعقلي مدًّا وجزرًا هنا وهناك دون الوصول إلى الشّاطئ.
كنت كلّما عثرت على رجل دين نصرانيّ (من جميع الطّوائف والرّتب العالية من الأكليريوس) أطلب منه تفسيرًا أو إيضاحًا أو بيانًا لما لا أفهمه أو أدركه امتنع عن مخاطبة عقلي وهرع إلى إثارة عاطفتي، كان كلّ واحد منهم يقول ويكرّر حين يواجه بسؤال عن تلك العقائد: »لكن الله مات من أجلك، الله نزل بنفسه ليصلب عن خطاياك، الله محبّة، الله بذل ابنه الوحيد لتعيش أنت، الله سفك دم ابنه لتدخل الملكوت...« وغير ذلك من الكلام العاطفي الذي يلفظه العقل ( ).
وثمّة وصفة سحريّة تقدّمها الكنيسة لكلّ من يريد الالتحاق بالنّصرانيّة أو التمسّك بأهدابها أو البقاء عليها، وتتضمّن تلك الوصفة خطوات بسيطة لا تكلّف المريد أكثر من تنفيذها بحرفيّة ليدخل ملكوت الله وينال الخلاص وتتلخّص في البنود التّالية:
ألغ عقلك وانس أنّك تملك أداة للفهم والإدراك.
آمن بكلّ ما يأمرك به القسّ في الكنيسة.
لا تناقش، لا تجادل، لا تعترض، لا تبحث.
لا تسأل غير القسّ ولا تأخذ الجواب من سواه.
كلّ ما لا تفهمه أو تدركه أو يستسيغه عقلك فهو سرّ إلهيّ
ولغز كنسيّ مقدّس.
وإذا ما طبّقت هذه البنود الخمسة، فقد انضممت إلى سلك النصارى، وأصبحت في شركة المسيح، وخروفًا من خرفانه التي ترعاها الكنيسة وتسوقها إلى الحياة الأبديّة، وكلّ من يخلّ بأحد هذه البنود فهو زنديق، مهرطق، ملعون، ابن الشّيطان، تحت سلطة الخطيّة، لن ينال الكفّارة من الذّبيحة الإلهيّة التي سفكت على الصّليب من أجله !
بل أكثر من ذلك فإنّ الذي يخلص لتلك "الوصايا الخمس" سوف ينال الجهالة التي تقوده إلى القداسة، ألم يكن القدّيس أوغسطين يقول »إنّ الجهلاء هم الذين يحظون بملكوت السّماء « !
يقول محمّد قطب في كتابه ( مذاهب فكريّة معاصرة ) منتقدًا هذا الأسلوب الذي تمارسه الكنيسة: »إنّ ادّعاء الكنيسة أنّ العقل لا ينبغي له أن يسأل وأن يناقش في أمر العقيدة، وإنّما عليه أن يسلم تسليمًا أعمى، ويترك الأمر للوجدان، هو ادّعاء ليس من طبيعة الدّين كما أنزله الله، إنّما كان هذا من مستلزمات الأديان الوثنيّة التي تحوي أوهامًا لا يمكن أن يستسيغها العقل لو فكّر فيها، فتُسكت صوت العقل وتمنعه من التّفكير بالسّحر تارة وبالتّهديد بغضب الآلهة المدعاة تارات !
وإذا كان هذا الأمر، وهو إسكات صوت العقل ومنعه من التّفكير، غير مستساغ حتّى في بداوة الإنسان أو ضلالة البشريّة، فهو من باب أولى غير مستساغ في دين تزعم الكنيسة أنّه الدّين المنزّل من عند الله، وأنّه يمثّل مرحلة راشدة في تاريخ البشريّة، ولو كانت هذه الأسرار من الدّين حقًّا، ومن أمور العقيدة التي يلزم الإيمان بها، ما منع الله النّاس أن يناقشوها بعقولهم ليتبيّنوا ما فيها من الحقّ ويؤمنوا به !فإنّ الله لا يقول للنّاس – في وحيه المنزّل – آمنوا بي دون أن تفكّروا وتعقلوا، ولا يقول لهم: إنّي سأضع لكم الألغاز التي لا تستسيغها عقولكم ثمّ أطالبكم أن تخرّوا عليها صمًّا وعميانًا لا تتفكّروا وإلاّ طردتكم من رحمتي «.
ولا يتحرّج النّصارى وقساوستهم أبدًا من عدم فهم هذه الأفكار والعقائد فهم يعتقدون ببساطة – فرارًا من تفسيرها– أنّها أسرار إلهيّة مقدّسة !!
نعم، يجب على كلّ نصرانيّ أن يؤمن بكلّ شيء تقرّره الكنيسة، وإذا لم يفهم شيئًا وطلب توضيحًا أو بيانًا قيل له: ألغ عقلك فهذا سرّ من الأسرار الإلهيّة التي لا يليق ولا يجوز السّؤال عنها أو البحث فيها !
ولمّا كانت كلّ تلك العقائد مناقضة للمنطق ومصادمة له، كانت كلّ تلك العقائد والأفكار أسرارا مقدّسة، فهناك قائمة طويلة منها سرّ المعموديّة، سرّ التّثبيت، سرّ القربان المقدّس، سرّ التّوبة والاعتراف للكاهن، سرّ المسحة، سرّ الزّواج، سرّ الكهنوت، سرّ حقائق الإيمان، سرّ الصلب، سرّ التّثليث، سرّ العشاء الربّاني، سرّ القيامة، سرّ الكفارة، سرّ الخطيئة، سرّ اللاّهوت، سرّ الناسوت، سرّ التجسّد، والحبل على الجرار !
وإذا كانت كلّ هذه أسرارًا - وغيرها كثير - فليت شعري ماذا بقي للنصراني ليعرفه ويطّلع على حقيقته وهو ليس بسرّ، وهكذا فكلّ سؤال لا يجد له رجال الكنيسة جوابًا يُحال إلى قائمة الأسرار السماويّة، ويعترف القساوسة بعجزهم عن فهم هذه الأسرار وحلّ إشكالاتها، ويدعون المتديّن السّاذج إلى التّسليم بتلك المستحيلات العقليّة والإيمان بها، دون اعتراض وإلاّ ناله العقاب والطرد من ملكوت الله تماشيًا مع قاعدة الصّوفيّة: » من اعترض انطرد « .
يقول زكيّ شنودة صاحب كتاب (تاريخ الأقباط) عن هذه الأسرار: »وهذه حقيقة تفوق الإدراك البشريّ « .
ويقول القسّ توفيق جِيد في كتابه (سرّ الأزل) عن سرّ الثّالوث: »إنّ الثّالوث سرّ يصعب فهمه وإدراكه، وإن من يحاول إدراك سرّ الثّالوث تمام الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلّها في كفّه« .
ولئن كان ما قاله القسّ توفيق خاصًّا بسرّ الثّالوث لكنّه ينطبق على الأسرار الأخرى كافّة، إلاّ أنّ سرّ الثّالوث هو أكثر الأسرار غرابة وإثارة للعجب، يقول بازيليوس إسحاق في كتابه (الحقّ):» إنّ هذا التّعليم عن التّثليث فوق إدراكنا ولكن عدم إدراكه لا يبطله«، فيا له من فهم غريب!
ولم يتوقّف الأمر – كما قلنا سابقًا – عند اعتبار الأمر سرًّا، بل تجاوزه إلى حجر العقول عن التّفكير فيها ومحاولة تبسيطها، وإلاّ فكيف نفهم قول القسّ توفيق حين يقول في كتابه (سرّ الأزل):» إنّ تسمية الثّالوث باسم الأب والابن وروح القدس تعتبر أعماقًا إلهيّة وأسرارًا سماويّة لا يجوز لنا أن نتفلسف في تفكيكها وتحليلها ونلصق بها أفكارًا من عنديّاتنا«، وهـذا ما يدعى في الأدب المعاصر: بـ" الإرهاب الفكريّ "، ثمّ إنّ الذين ضربوا بكلام هذا القسّ عرض الحائط، وحاولوا التفلسف في فهم تلك العقائد أخفقوا ولم تغنهم فلسفتهم شيئًا.
ويقرّر ذلك الأستاذ النّصرانيّ عوض سمعان في كتابه (الله ذاته ونوع وحدانيّته): » إنّنا لا ننكر أنّ التّثليث فوق العقل والإدراك، ولقد حاول كثيرون من رجال الفلسفة توضيح إعلانات الكتاب المقدّس عن ذات الله، أو بالأحرى عن ثالوثه ووحدانيّته فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً « ، ويعلّق الأستاذ محمّد مجدي مرجان – وهو رجل دين نصرانيّ أسلم – وقد نقل بعض هذه الاعترافات في كتابه البديع (الله واحد أم ثالوث) فيقول: » تُرى إذا كان الفلاسفة والعلماء قد عجزوا عن فهم الثّالوث، فمن يا ترى يستطيع فهمه؟ وما موقف البسطاء والعامّة إذا ما حاولوا الفهم، وإذا لم نستطع إدراك عقائدنا الدّينيّة بعقولنا وأفهامنا فبماذا يمكن إدراكها؟ وإذا كنّا نحن وهم لا ندرك هذا الثّالوث فكيف يمكن لكلٍّ منّا أن يتّبعه أو يسير عليه !؟ «( ).
ويقول أحد القسس لرعاياه عندما يكثرون من الأسئلة حول ما لا يستطيع الإجابة عنه، وذلك في إذاعة مونت كارلو: » علينا ألاّ نناقش، ولكن علينا أن نؤمن فقط بكلّ ما في الكتاب المقدّس وإلاّ فإيماننا باطل«.
أمّا القدّيس سانت أغسطين، أكبر منظّر عرفته النّصرانيّة، فقد كان يعلن قائلاً بصراحة متناهيّة عندما يريد قطع مناقشة المشكّكين في النّصرانيّة: » أنا مؤمن لأنّ ذلك لا يتّفق مع العقل !«.
وفي مناظرة بين باحثة يابانيّة ورجل دين من الكنيسة الإنجليزيّة يُدعى الأب جيمس، سألت الباحثة القسّ أن يفسّر لها بعض العقائد التي لم تتمكّن من الإحاطة بها، أو حتّى فهم ظاهرها، فردّ الأب جيمس:» إنّ هذا سرّ لاهوتي فوق عقول البشر، وليس من الممكن تفسيره حسب تفسير وتصوّر هؤلاء البشر! «
فردّت الباحثة اليابانيّة: » كيف تدعون النّاس إلى عقيدة لا يفهمها هؤلاء البشر؟ وما مهمّة الرّسل والأنبياء.. إن لم يبيّنوا ما أمروا بتبليغه من قبل الخالق إلى هؤلاء البش

غير معرف يقول...

أسئلة عن ألوهية المسيح تنتظر الإجابة

يوسف عبد الرحمن

هذه مجموعة من الاسئلة أوجهها لزملائي المسيحيين المؤمنين بأن المسيح - عليه السلام - هو إله :

السؤال الأول : لو تخيل أحدكم انه كان يساعد مريم عليها السلام أثناء الوضع قبل 2000 عام في مذود للبقر ، كما في إنجيل لوقا 2 : 7 ، أكان يتخيل للحظة ان ذلك المولود الصغير النازل من فرجها هو رب العالمين؟!

السؤال الثاني : تدعون ان الله نزل وعاش على الارض بينما كتابكم يقول : " لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟ ". ملوك الأول 8 : 27 ويقول أيضاً : " فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ وَاغْفِرْ .. " ملوك الأول 8 : 39 ( ترجمة فاندايك )

السؤال الثالث : تقولون ان الله غير محدود .. فكيف احتواه بطن العذراء مريم؟ وكيف خرج من فرجها متجسداً على هذه الأرض التي نسبتها إلى سائر ملكه أقل من نسبة الذرة إليها؟ ( تعالى عما يصفون ) ثم إذا كانت مريم عليها السلام حاملة للخطية الأصلية ( الجدية ) بحسب عقيدة الأرثوذكس، وخاضعة للموت كما يخضع سائر البشر، فكيف يمكن لله كلي القداسة أن يحل بطبيعة إنسانية خاطئة محكوم عليها بالموت؟!

السؤال الرابع : تحكي اناجيلكم أنه تمت محاكمة يسوع أمام رئيس الكهنة وأمام الوالى بيلاطس وأمام هيرودس بينما نفاجىء بأن الرب يقول في سفر إرميا : " لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟ " إرمياء 49 : 19 ( ترجمة فاندايك ) فمن نصدق ؟

السؤال الخامس : كيف يكون المسيح إله والانجيل بحسب لوقا 22 : 43 يخبرنا أن ملاكاً ظهر له من السماء ليقويه؟ " وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ ، وَتَبِعَهُ أَيْضاً تَلاَمِيذُهُ.وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى قَائِلاً: يَا أَبَتَاهُ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ ". ( ترجمة فاندايك )

والآن أليس يسوع المسيح كما تقولون هو ابن الله المتجسد على الأرض فما حاجته لملاك مخلوق من السماء ليقويه؟! أم ان هذا الملاك لا يعلم شيئاً عن لاهوت المسيح ؟

السؤال السادس : في سفر الخروج 33 : 20 الرب يقول لموسى : " لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ ". فإذا كان الانسان لا يستطيع أن يرى الله ويعيش فكيف الحال إذا ادعى مدع ان الله حل بإنسان اسمه يسوع ؟

السؤال السابع : كتابكم المقدس يقول أن الله لا يتغير كما في سفر ملاخي 3 : 6 ، ويعقوب 1 : 17 ، فإذا كان الرب لا يتغير فكيف آمنتم بأنه صار انساناً وأخلى نفسه كما يقول بولس ؟!

السؤال الثامن : كتابكم المقدس أوضح بأن الاعتراف بأن إنسانا هو الله يعتبر تجديفا وكفراً [ تثنية 13 : 6_10 ] وهذا الإيضاح كان قبل مجيء المسيح.

السؤال التاسع : من المعلوم ان الله جل جلاله كامل منزه عن النقائص ومن المعلوم ان اللوازم الباطلة محالة في حق الله الكامل ، فالله مثلاً لا يكذب ولا يظلم ولا ينام ولا ينسى ولا يندم ولا يموت .. الخ والمسيحيون يقرون بأن قداسة الله مطلقة وغير محدوده و ان أي خطية لا يمكن أن تظهر في محضره باعتبار مقامه الالهي السامي وقداسته وجلاله . فكيف إذن آمنتم بتجسده وتعليقه على الصليب وتحمله الآم الصليب . فأي خطايا أعظم من هذه في حق مقام الاله السامي وقداسته وجلاله ؟

السؤال العاشر : يذكر كاتب إنجيل متى في الإصحاح الرابع من إنجيله ابتداء من الفقرة الأولى حكاية تجربة إبليس للمسيح والتي جاء فيها : " ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَكْتُوبٌ أَيْضاً: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضاً إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً ، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا ".

لاحظ أخي القارئ عبارة : " ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ ". ثم لاحظ كلمة " أَوْقَفَهُ " ، ثم لاحظ عبارة : " ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضاً إِبْلِيسُ ". ثم لاحظ كلمة : " وَأَرَاهُ ".

بلا شك أن إبليس كان متسلطاً على يسوع حيث كان يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له!

ونحن نسأل : كيف يقبل عاقل سلمت فطرته على اعتقاد أن رب السموات والأرض كان في جسد المسيح وكان هذا الجسد بهذه الحالة مع إبليس؟! أليس معنى هذا أن الإله الخالق الحال في الجسد قد سحبه الشيطان ، وردده وجرت عليه أحكامه بالتبعية!

وقد كتب متى في [ 4 : 8 ] : ان إبليس أخذ المسيح إلي قمة جبل عال جداً ، وأراه جميع ممالك العالم ، وقال له : " أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي ". ( ترجمة فاندايك )

فكيف يطمع إبليس في أن يسجد له وأن يخضع له من فيه روح اللاهوت . . . ؟! ومن العجب أن الشيطان لا يبقى ويثبت مع وجود الملائكة والقديسين ، فكيف يطمع ويثبت فيمن يعتقد ربوبيته وأنه صورة الله ؟

السؤال الحادي عشر : هل قال المسيح لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل ؟ نطالب المسيحيين بالأدلة النقلية من الكتاب المقدس على لسان المسيح التي تثبت ذلك .

وإذا كان المسيح إنسان كامل فهل يعني هذا انه يشتهي النساء كأي إنسان كامل وان قضيبه الذكري ينتصب كأي إنسان كامل ؟! ثم اذا كان الناسوت واللاهوت هو ركيزة أساسية في المسيحية وسبب من أسباب الانقسام والحروب والاضطهاد والكراهية بين النصارى. فماذا قال المسيح عنها؟ كيف شرحها لهم؟
وإذا كان هذا من البدع التي ابتدعوها بعد السيد المسيح عليه السلام فكيف يكون أساس الدين وأكثر الأمور جدالا حولها لم يشرعه الله ولم يتكلم عنها المسيح؟

ثم اذا كان كلامكم صحيح بأن المسيح ناسوت ولاهوت فلماذا تعبدون إذن الصورة البشريه للمسيح ( الناسوت ) وتسجدون لها في كنائسكم ؟ الم يكن من الأولى أن تعبدوا اللاهوت الذي لا تعرفون شكله ؟! لأن المسيح برأسه ويديه وشعره ورجليه هو ناسوت كما تقولون وأنتم تسجدون لهذا الناسوت.

وأخيرا فإن مبدأ اللاهوت والناسوت يمكن تطبيقه على معظم أنبياء الكتاب المقدس ، فنستطيع أن نقول مثلا أن النبي ( اليشع ) في سفر الملوك الثاني [ 4 : 1 ، 7 ] صنع معجزة تكثير الزيت بلاهوته ، بينما كان ينام ويأكل بناسوته و الذي يقرأ هذه المعجزة سيجد أن النبي ( أليشع ) لم يرد في خبرها أنه رفع نظره نحو السماء ، ولا أنه بارك وشكر الله كما فعل المسيح في متى 14 : 19. وعندما شق إيليا البحر بحسب ملوك الثاني [ 2 : 7 ، 8 ] كان ذلك بلاهوته وبقية افعاله كانت بناسوته !!

السؤال الثاني عشر : في يوحنا [ 11 : 41 ] المسيح قام بأفعال تنافي الالوهية منها : قيامه برفع عينيه إلى السماء ودعائه لله سبحانه وتعالى لكي يستجيب له في تحقيق معجزة إحياء العازر …. " وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ". ( ترجمة الحياة )

فلمن كان يتوجه ببصره إلي السماء إذا كان الأب حال فيه ؟

ثم تأمل في قوله : " لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ". فالهدف من عمل هذه المعجزة هي أن يعلم الجميع أن المسيح رسول الله وقد كانت الجموع حوله تنتظر هذه المعجزة وأن كل ما طلبه المسيح هو أن يشهدوا له بالرسالة فقط .

نفس الفعل تكرر منه بحسب متى [ 14 : 19 ] إذ يقول : " فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ . ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ .. فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا ". ( ترجمة فاندايك )

لماذا رفع المسيح نظره إلى السماء ؟ ولمن يتجه ويطلب إذا كان الآب متحداً به ؟! أم أن المسألة واضحة وهي أنه كان يدعو خالق السموات والأرض ليمنحه القوة على تحقيق المعجزة ؟

السؤال الثالث عشر : كتب لوقا عن المسيح في [ 6 : 12 ] ما نصه : " وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ ".

الامر هنا واضح إذ ان الرب لا يمكنه ان يصلي لنفسه طوال الليل كله منفردأ . وحتى الان ، ما زال المسيح يصلي لله من أجل المؤمنين . الرسالة الى اهل رومية [ 8 : 26 ، 27 ] .

السؤال الرابع عشر : كتب لوقا في [ 3 : 23 ] ما نصه : " وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً ".

إن المسيح كما يذكر النص لما بدأ دعوته كان عمره ثلاثين سنة والسؤال الذي يطرح نفسه هو أنه إذا كان المسيح هو رب العالمين المتجسد فماذا كان يفعل الإله رب العالمين قبل تلك الفترة وطوال الثلاثين سنة ؟! هل كان يتمشى في شوارع القدس ؟!

السؤال الخامس عشر : كتب متى في [ 3 : 13 ] ما نصه :

" حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ! فَأَجابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: اسْمَحِ الآنَ ، لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ. حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ ، فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ ". ( ترجمة فاندايك )

من البديهي أنه لو كان المسيح هو الله نفسه الذي تجسد و نزل لعـالم الدنيا ـ كما يدعون ـ لكـانت رسالته مبتدئة منذ ولادتـه، و لكان روح القدس ملازما له باعتباره جزء اللاهوت الذي لا يتجزأ ـ كما يدعون ـ، و لما احتاج إلى من ينزل عليه بالوحي أو الرسالة، ولم يكن هناك أي معنى أصلا لابتداء بعثته بهبوط روح القدس عليه و ابتداء هبوط الملائكة صاعدين نازلين بالوحي و الرسائل عندما بلغ الثلاثين من العمر واعتمد على يد يوحنا النبي! فهذا النص و النصوص الأخرى التي تبين كيفية بدء البعثة النبوية للمسيح، لأكبر و أوضح دليل ـ عند ذوي التجرد و الإنصاف ـ على بشرية المسيح المحضة و عدم ألوهيته و أنه ليس الله المتجسد بل عبدٌ رسولٌ و نبيٌّ مبعوثٌ برسالة من الله كسائر الأنبياء و الرسل و حسب.

ولنقرأ ما كتبه لوقا في [ 3 : 21 ] عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه :

" وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ ، بِكَ سُرِرْتُ " .

و نحن نسأل أصحاب التثليث : أليس هذا النص أوضح دليل على نفي ألوهية المسيح ونفي التثليث ؟

فأولاً : لو كان المسيح إلـها متجسدا لما احتاج لروح القدس ليهبط عليه !

ثانياً : لو كان التثليث حقا لكان المسيح متحدا دائما و أزلا مع روح القدس، لأن الثلاثة واحد فما احتاج أن يهبط عليه كحمامة!

وكيف ينادي الله عند اعتماد المسيح و ابتداء بعثته قائلاً : ( هذا ابني الحبيب )، مع انه من المفروض أن اللاهوت متحد به من البداية و لأن الله لا يمكن أن تنفصل عنه إحدى صفاته .

ثالثاً : أليس ما كتبه متى ولوقا يبطل زعمكم أن الثلاثة واحـد فالروح القدس منفصل عن الذات وهو نازل بين السماء والارض والابن صاعد من الماء !

السؤال السادس عشر : جاء في إنجيل متى [ 4 : 6 ] أن الشيطان بعدما أخذ المسيح إلي المدينة المقدسة وأوقفه على حافة سطح الهيكل قال له : " إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَكْتُوبٌ أَيْضاً: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ ". ( ترجمة فاندايك )

في هذا النص اقرار من المسيح للشيطان بأنه قد كتب عنه في العهد القديم أن الله يوصي ملائكته به ليحملونه ويحفظونه ونجد ان هذا ثابت بالمزمور الواحد والتسعين .

والآن إذا كان المسيح هو رب العالمين وأن الأب متحد معه وحال فيه فكيف يوصي الله ملائكته به لكي يحفظونه؟

هل رب العالمين الذي ظهر في الجسد بحاجة إلي ملائكة تكون حفظاً وحماية له ؟!!

أليس هذا دليل من الأدلة الدالة على فساد معتقد المسيحيين في ألوهية المسيح ابن مريم عليه السلام ؟

ثم ان ما حكته الأناجيل من أن اليهود عذبوا المسيح فبصقوا في وجهه وضربوه ولكموه وجلدوه هو أمر يناقض وصية الله لملائكته بأن يحفظوا المسيح. فتأمل !!

السؤال السابع عشر : جاء في انجيل مرقس [ 1 : 12 ، 13 ] : أن المسيح تم اربعين يوماً يجرب من الشيطان يقول النص : " وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُه " . ( ترجمة فاندايك )

إذا كان المسيح هو رب العالمين حسبما يعتقد المسيحيون فهل يعقل أو يتصور أن الشيطان الرجيم تسلط على رب العالمين طوال أربعين يوماً ؟‍‍‍!!

قد يقول المسيحيون حسبما يعتقدون في لاهوت وناسوت المسيح بإن الشيطان جربه كإنسان ولم يجربه كإله ، فنقول ان النص الوارد في متى [ 4 : 3 ] يثبت حسب اعتقادكم أن الشيطان جربه كإله ، يقول النص : " فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً ". ولم يقل له ان كنت ابن الإنسان !

السؤال الثامن عشر : جاء في إنجيل متى 7 : 11 قول المسيح : " أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ ". ويقول أيضاً في 12 : 50 من إنجيل متى : " لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي ". وجاء أيضاً في إنجيل متى 16 : 17 قول المسيح لبطرس : " طُوبَى لَكَ يَاسِمْعَانَ فَمَا أَعْلَنَ لَكَ هَذَا لَحْمٌ وَدَمٌ، بَلْ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ".

تأمل عزيزي القارى في كلام المسيح لسمعان فإنه لم يقل له طوبى لك فإنني أنا الذي أعلنت لك هذا أو الآب المتجسد هو أعلن لك هذا وإنما قال له : " أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ " هو أعلن لك هذا !

وقد صرح المسيح مراراً وتكراراً من خلال النصوص السابقة بأن الأب موجود في السموات ، والسؤال الذي نوجهه للمسيحين هـو :

كيف يصرح المسيح بأن الأب موجود في السماء مع أنكم تدعون أن الأب متجسد فيه ومتحد معه ؟

فلو كان الأب متحد معه وهو صورة هذا الآب لأمتنع أن يشير إليه في السماء !

وبمعنى آخر لو كان المسيح هو الإله ، لامتنع أن يشير إلى إله آخر في السموات .

وإذا قلتم أن اقنوم الابن يشير إلى اقنوم الأب ، نقول لكم ان هذا يمنع الوحدة ما بين الاقانيم المزعومة ويؤكد انفصالها واستقلالها . .

السؤال التاسع عشر : يقول كاتب سفر التثنية 13 : 1 - 3 " : إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلماً وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً وَلوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ التِي كَلمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الحَالِمِ ذَلِكَ الحُلمَ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلمَ هَل تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ " . ( ترجمة فاندايك )

ما يهمني في النص انه يدعو إلي عدم الذهاب وراء آلهه لم اعرفها واعبدها ، وهذا التحذير قيل لبني اسرائيل قبل مجيىء المسيح - عليه السلام - بمئات السنين ، فكيف يمكن دعوة بني اسرائيل لعبادة المسيح - والعياذ بالله - ولديهم نص ينهاهم عن الذهاب وراء آلهه لم يعرفوها ويعبدوها ؟

ستقول الكنيسة ان المسيح في العهد الجديد هو نفسه إله اليهود فسأقول : وهل عرف اليهود المسيح وعبدوه قبل ان يأتي ؟ أم ان دعوة عبادة المسيح هي جديدة عليهم ؟ هل عرف اليهود عبادة الثالوث أم انها دعوة جديدة عليهم ؟

لا شك ان الشعب اليهودي لم يعتقد أبداً بالتثليث ولم يعرف شيئاً عن عبادة المسيح ... فالكنيسة إذن تدعو الى عبادة إله لم يعرفه اليهود ولا أي مؤمن بالله في ذلك الوقت ...

ان الكنيسة تدعو إلى أمر يصطدم بشدة مع وصية الرب لليهود بأن لا يذهبوا وراء آلهة أخرى لم يعرفوها ويعبدوها ... وبالتالي يجب على كل مسيحي ألا يسمع لكلام الكنيسة مرددا قول الرب : وَلوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ التِي كَلمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ..

السؤال العشرون : جاء في مرقس [ 13 : 32 ] أن المسيح بعدما سئل عن موعد الساعة قال : " وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، لاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ، إِلاَّ الآبُ ".

ونحن نسأل :

إذا كان الإبن هو الاقنوم الثاني من الثالوث حسبما يعتقد المسيحيون فكيف ينفي الابن عن نفسه العلم بموعد الساعة ويثبته للأب فقط ؟! ولا يصح أن يقال ان هذا من جهة ناسوته لأن النفي جاء عن الابن مطلقاً واثبت العلم بالموعد للأب فقط . وان تخصيص العلم بموعد الساعة للأب فقط هو دليل على بطلان ألوهية الروح القدس . وأن لا مساواة بين الاقانيم المزعومة .

يقول القمص تادرس يعقوب ملطي :

قبل أن يختم حديثه بالدعوة للسهر أراد أن يوجه أنظار تلاميذه إلى عدم الانشغال بمعرفة الأزمنة والأوقات، إنما بالاستعداد بالسهر المستمر وترقب مجيئه، لهذا قال : "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب ".

وللرد عليه نقول :

لا يحق لك أيها القمص الفاضل ان تتهم المسيح بالكذب .. من أجل ماذا ؟؟ حتى لا يشتغل تلاميذه بالأوقات ؟؟

هل عندما أوجهك إلى عدم الاشتغال بشيء أكذب عليك وأقول لا أعرفه ؟ أم أن الأصح أقول لك لا تشتغل به لأنك لن تعرفه !

عندما سأل أحدهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : متى الساعة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم - : وماذا أعددت لها ؟ دون أن يلجأ إلى الكذب لصرف الرجل إلى الأهم وهو الإعداد لها .

يقول الأب ثيؤفلاكتيوس : [ لو قال لهم أنني أعرف الساعة لكنني لا أعلنها لكم لأحزنهم إلى وقت ليس بقليل لكنه بحكمة منعهم من التساؤل في هذا الأمر.]

لقد أبرز هذا التفسير أن الابن منفصل عن الآب ... إذ أن المسيح كما يقول الأب ثيؤفلاكتيوس لم يعلن أنه يعرف الساعة حتى لا يحزن من معه ، ولكن يجب ان ننتبه ، لو كان المسيح هو الله ولو كان هو والآب واحد فعلاً ، لكانت فكرة أنه لن يقول لهم لكي لا يحزنوا فكرة ساقطة لأنه قال لهم بعدها أن الآب يعلمها وسيستنتجون أنه هو يعلمها وسيحزنون قطعاً ، لكن هذا لم يحدث ، إذ لو كان التلاميذ يصدقون أنه والآب واحد أي أنه يعلمها لحزنوا بأي حال من الأحوال ولأصبحت محاولة المسيح - وحاشاه - فاشلة ، لكنهم لم يحزنوا ، لأنهم قد فهموا معنى قوله أنا والآب واحد فهماً صحيحاً ولقد قبلوا الحقيقة الوحيدة أنه لا يعلم لأنه ليس الأب...

السؤال الحادي والعشرون : هل الابن مساوي للآب ؟

كتب يوحنا في [ 3 : 35 ] : " اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ ".

كيف يمكن أن يكون الابن إله أزلي مساوي للآب في كل شيء والآب هو الذي دفع بيد الابن كل شيء؟

وجاء في يوحنا 5 : 19 : " فَأًَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ : الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ .. ". ( ترجمة فاندايك )

وهنا نجد ان الابن لا يقدر ان يعمل من نفسه شيئاً بل ان الآب هو الذي أعطاه ويريه الاعمال العجيبة...

وفي يوحنا 5 : 26 : " لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ ".

أي معنى في إعطاء الابن والمفترض هو الله مالك كل شىء ؟

وفي رسالة بطرس الثانية 1 : 17 : " لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهَذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ ". ( ترجمة فاندايك )

هنا نجد بأن مجد الابن وكرامته من عند الآب وليس من ذاته!

وفي رسالة فيلبي 2 : 9 : " لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ ". ( ترجمة فاندايك )

وهنا نجد الله هو الذى رفع شأن الابن وأعطاه الكرامة لكي تجثو باسمه كل ركبه .. إذن الله هو صاحب الفضل الحقيقي .

وكتب بولس في الرسالة الأولى لكورنثوس 15 : 28 : " وَعِنْدَمَا يَتِمُّ إِخْضَاعُ كُلُّ شَيْءٍ لِلابْنِ، فَإِنَّ الابْنَ نَفْسَهُ سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ اللهُ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ! ".

لقد بين بولس أن المسيح سيخضع في النهاية لله، و هذا بحد ذاته من أوضح الأدلة على عدم ألوهية المسيح لأن الإلـه لا يخضع لأحد، كما أن في قوله: " فَإِنَّ الابْنَ نَفْسَهُ سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ " ، دلالة أخرى على عدم ألوهية المسيح لأن مفاد هذه الجملة أن الله تعالى هو الذي كان قد أخضع للمسيح كل شيء، مما يعني أن المسيح لم يكن يستطع، بذاته و مستقلا عن الله، أن يسخر و يخضع الأشياء. فهل مثل هذا يكون إلـها ؟!!

السؤال الثاني والعشرون : قال بولس عن يسوع المسيح في رسالته إلى العبرانيين [ 1 : 4 ] : " بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، صَائِراً أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْماً أَفْضَلَ مِنْهُمْ ".

أليس في قول بولس أن المسيح صار أعظم من الملائكة دليل على أن المسيح لم يكن أعظم منهم ثم صار أعظم منهم ؟ فلو كان يسوع المسيح هو الله ، فكيف يصير أعظم من الملائكة ؟

السؤال الثالث والعشرون : كتب لوقا في [4 : 16 - 19 ] : ما نصه :" وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوباً فِيهِ: رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ. . ." ( ترجمة فاندايك )

فإذا كانت هذه النبوءة التي جاءت على لسان النبي إشعياء هي نبوءة عن المسيح فإنها تقول (( رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ )) أي وحي الله وأنه لم يقل روح الرب هي ذاتي أو أقنومي أو جزئي أو نفسي ... فما تفسيركم لهذا ؟

وقد ورد في الكتاب المقدس أن روح الرب حلت على ألداد وميداد كما في سفر العدد [ 11 : 26 ] وعلى صموئيل كما في الاصحاح العاشر الفقره السادسة من سفر صموئيل . وقد قالها النبي حزقيال عن نفسه في سفره كما في الاصحاح الحادي عشر الفقرة الخامسة يقول حزقيال : " وحل عَلَيَّ رُوحُ الرَّبِّ " .

ثم ان قوله : " أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ . . . " هو دليل على انه نبي مرسل وليس هو الرب النازل إلي البشر تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

السؤال الرابع والعشرون : هل احياء المسيح للموتى دليل على لاهوته ؟

جاء في إنجيل لوقا [ 7 : 16 ] ان المسيح بعدما أحيا الميت الذي هو ابن وحيد لإمرأة أرملة حدث ان جميع الناس الحاضرين مجدوا الله قائلين : " قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ ، وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ وَخَرَجَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ ".

فالمسيح هنا بعد أن أحيا الميت استطاع جميع الحاضرين أن يفرقوا بين الله وبين المسيح فمجدوا الله وشهدوا للمسيح بالنبوة وشكروا الله إذ أرسل في بني اسرائيل نبياً ، ويسمون انفسهم شعب الله إذ أن الله ( تفقده ) أي اهتم به ، وتأمل - أخي القارىء - كيف أن المسيح أقرهم على هذا القول ولم ينكره عليهم وتأمل كيف ذاع ذلك في كل مكان .

وفي حادثة أخرى وهي عندما أراد المسيح أن يقيم العازر من الموت وكانت الجموع واقفة حوله ، كما في يوحنا 11 : 41 ، نجد الآتي :

" وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ". ( ترجمة الحياة )

ان غاية ما كان يريده المسيح من هذه الجموع بعد أن يقيم ألعازر من الموت هو أن يشهدوا له بالرسالة فقط أي أنه رسول من عند الله كباقي الرسل : " لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي " .

فهل بعد هذا يمكن لعاقل أن يتخذ من قيام المسيح بإحياء الموتى دليلاً على ألوهيته ؟

السؤال الخامس والعشرون : يقول بولس عن الله سبحانه : " الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ. " ( تيموثاوس الاولى 6 : 16 )

يقول النص عن الله : ( لاَ يُدْنَى مِنْهُ ) إذن فمن الذي كان يمشي بين الناس في شوارع القدس ؟

ويقول النص عن الله : ( الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ ) فأين كانت كرامته عندما بصقوا فى وجهه، وعندما سخروا منه، وعندما لكموه؟ بل أين كان قدسيته عندما غلبه يعقوب فى المصارعة التى تمت بينهما، وقبض يعقوب على رجليه ولم يتركه حتى باركه كما في سفر التكوين ؟ هكذا تُمارس البلطجة على الإله؟ الذي له الكرامة والقدرة الأبدية ؟ " فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: ((تَنَبَّأْ)). وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ ". مرقس 14 : 65 " و " وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. " مرقس 15: 19-20

السؤال السادس والعشرون : نسب كاتب انجيل يوحنا 20 : 18 للمسيح قوله : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

هل تعلم ما معنى هذا صديقى المسيحى الباحث عن الحق؟
معناه ان كل تعاليم المسيح كانت واضحة وفي العلن و ليس هناك أسرار ... والآن وبناء على كلام المسيح السابق فإنني أسال الآتي :

1 . أين قال يسوع أنا الله ؟؟ أين قالها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

2 . أين طلب يسوع العبادة ؟؟ أين طلبها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

3 . أين قال يسوع أنا الله الظاهر فى الجسد ؟؟ أين قالها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

4 . أين قال يسوع أنا جئت من أجل الخطية الأصليه ؟؟ والتى هى أساس عقيدة التجسد و الفداء : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ ". ( ترجمة فاندايك )

5 . أين قال يسوع أنا الله الأقنوم الثانى ؟؟ أين قالها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

غير معرف يقول...

جميع الأديان السّماويّة بَلْ حتى الإيديولوجيّات الأرضيّة، اعتنت بالأسرة من حيث إنّها النّواة التي تحتضن الفرد، ومن ثمّ فهي التي تعدّ الأفراد لبناء مجتمع، لذلك فمن المهمّ بمكان أن تكون الأسرة مستقرّة آمنة ذات علاقات إيجابيّة وسليمة بين أفرادها حتّى تؤدّي واجبها كمؤسّسة اجتماعيّة، إلاّ أنّ النّصرانيّة وبلسان حال الإنجيل المحرف تُورّط المسيح في متاهة خطيرةٍ جدًّا، وهي متاهة تفكيك الأسرة، وقطع الصّلات بين أطرافها ووضع مفاهيم هادمة لكيان الأسرة، وإليك ذلك في عجالة.
يقول المسيح (إنّ كلّ أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمّه وامرأته وأولاده وأخوته وأخواته لا يقدر أن يكون لي تلميذًا)( ).
إذن إنّ الحصول على تأشيرة الدّخول في مدرسة المسيح والتّتلمذ على يديه لا يتمّ إلاّ بدفع ضريبة البغض للأهل والولد، هل هذا هو المسيح الذي يزعم الإنجيل أنّه جاء ليخلّص العالم!؟
لقد جاء المسيح ليشعل العداوات بين الأولاد وآبائهم، ويؤجّج نار الفتن بين الأخوة والأخوات، ويفرق المتحابّين داخل الأسرة.
ويوضّح النصّ التّالي خطورة هذا الإنجيل المحرف، وخبث الذين كتبوه، لأنّه ليس كلامًا موحى به، إنّه كلام المزوّرين.
يقول المسيح (جئت لألقي نارًا على الأرض، وكم أتمنّى أن تكون اشتعلت! وعليّ أن أقبل معموديّة الآلام، وما أضيق صدري حتّى تتمّ، أتظنّون أنّي جئت لألقي السّلام على الأرض؟ أقول لكم: لا، بل الخلاف، فمن اليوم يكون في بيت واحد خمسة، فيخالف ثلاثة منهم اثنين، واثنان ثلاثة، يخالف الأب ابنه، والابن أباه، والأمّ ابنتها، والبنت أمّها، والحماة كنّتها، والكنّة حماتها)( ).
وفي رواية متّى (لا تظنّوا أنّي جئت لألقي سلامًا على الأرض ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا، فإنّي جئت لأفرّق الإنسان ضدّ أبيه والابنة ضدّ أمّها، والكنّة ضدّ حماتها، أعداء الإنسان أهل بيته)( ).
إنّ هذه الآيات تكشف أنّ المسيح عكس ما يصوّره القساوسة ورجال الكهنوت وغيرهم، فهو لم يأت بالسّلام، وليس إله السّلام ولا ابن السّلام، كما يحبّ أن يذكره رجال الدّين النّصارى، عندما يريدون لمز الإسلام بأنّه دين الحرب والسّيف والعنف، فهذا هو الإنجيل يفصح ولا يداري بأنّه دين الخلاف والحرب والسّيف، دين هدفه الأوّل على الأرض إلقاء النّار المشتعلة بين أفراد الأسرة الواحدة والمجتمع.
وهذا الفهم طبّقه القساوسة وعملت به الكنيسة عبر القرون الطّويلة ولا تزال، فمنذ الأيّام الأولى لهذا الدّين بدأت تفترق الجماعات النّصرانيّة وتتبادل التّهم واللّعن والتّكفير ثمّ العدوان على بعضها، ويحدّثنا التّاريخ الطّويل للكنيسة عن ملايين من البشر الذين هرستهم آلات الحرب بقطع الرّؤوس والحرق بالنّار، وغير ذلك من فنون القتل والتّشريد بين الطوائف النصرانية، التي أبيدت بعضها عن بكرة أبيها ثم انتقلت فيما بعد إلى الكاثوليك والأرتدوكس والبروتستانت.
كما لا ننسى الحروب الصّليبيّة التي شرعتها وخاضتها جيوش الصّليب في البحر المتوسّط وغيره، وفي الأراضي المسالمة المسلمة، وكم من ملايين من البشر ماتوا تحت أقدام الخيول من نساء وأطفال فضلاً عن الرّجال! وذلك كلّه باسم الدّين، وكم من ملايين من البشر قُتلوا في غزوات الصّليبيّين في الأدغال والغابات النّائية، في حملات التّنصير والتّبشير بسلام الإنجيل وحبّ المسيح!
وأمّا في العصور المتأخّرة، زمن الإمبرياليّة الغربيّة المتحالفة مع الكنيسة، وبمباركة الباباوات، اسْتعُمر العالم بأسره ودانت الدّول لفرنسا وبريطانيا وإسبانيا والبرتغال وايطاليا وغيرها من الدّول الصّليبيّة الإمبرياليّة، وكم عانت البشريّة وعانت جرّاء ذلك! ولو ذهبنا نذكر تفاصيل جرائم النّصرانيّة في دنيا النّاس لاقشعرّت جلود القرّاء وذرفت عيونهم دمًا، وحسبي أن أذكر قصّة قصيرة عن ذلك.
ففي زمن اكتشاف أمريكا الجنوبيّة، دخلت جيوش إسبانيا أمريكا اللاّتينيّة فعاثوا في الأرض الفساد، وأبادوا قبائل الهنود بأكملها، وأذاقوا السكّان الأصليّين من صنوف العذاب ما لا يخطر على بال، فقُبض ذات يوم على رئيس قبيلة من الهنود، ووضعت السّلاسل في يديه ورجليه، فجاءه القسّيس الإسبانيّ المصاحب للجيش، فعرض الصّليب والإنجيل على الرّئيس القبليّ ودعاه لاعتناق النّصرانيّة، فقال له ذلك الرّئيس وماذا أربح باعتناقي هذا الدّين؟ فقال القسّ ستدخل الجنّة، فقال له الرّئيس وهل يوجد في الجنّة إسبانيّون؟ فردّ القسّ نعم.
فقال الرّئيس القبليّ: لا أريد أن أدخل جنّة فيها أسبان وفضّل الموت على أن يعتنق دين النّصرانيّة !!
وشتّان بين هذا والإسلام، فلا يزال التّاريخ يشهد على تسامحه في فتوحاته، ففي فتح مصر عدَل الإسلام، وقال عمر بن الخطّاب كلمته الخالدة «متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارًا».
وفي فتح الأندلس، أضحت مدنها منارات حضاريّة في ظلام أوروبا الدّامس، ولقد قال أحد المؤرّخين الغربيّين: "إنّ أكبر مصيبة وقعت للإنسانيّة وللغرب، هو انهزام المسلمين في معركة بواتيي (Poitier) بفرنسا، لأنّ حينها توقّف المدّ الإسلاميّ في العالم، ممّا جعل العالم يخسر كلّ شيء".
وحتّى لا نسترسل في الحديث عن التّاريخ، نعود إلى الإنجيل والمسيح، فالمسيح الذي ذكر تلك الآيات التي تضرب الأسرة والمجتمع في مقتلٍ طبّق نظرّياته في أرض الواقع وبجدارة.
جاء في الإنجيل (وقال يسوع لرجل: اتبعني، فأجابه الرّجل، يا سيّد دعني أذهب أوّلاً وأدفن أبي، فقال له يسوع اترك الموتى يدفنون موتاهم، وأمّا أنت فاذهب وبشّر بملكوت الله)( ).
هذا هو المسيح، وهذا هو الإنجيل، فالمسيح ينهى أحد تلاميذه عن التفرّغ لدفن أبيه، ويأمره بالذّهاب للتّبشير بالملكوت، كأنّ الملكوت لا يدخله النّاس إلاّ بإهانة الوالدين بتركهم في العراء إذا ما ماتوا، وإكرام الميّت دفنه!
(وقال له آخر أتبعك يا سيّد، لكن دعني أوّلاً أودّع أهلي، فقال يسوع ما من أحد يضع يده على المحراث ويلتفت إلى الوراء يصلُح لملكوت الله)( ).
هل يعقل هذا!؟، قبل قليل ينهى المسيح أحد تلاميذه عن مواراة أبيه الميّت تحت التّراب، ثمّ بعد ذلك ينهى تلميذًا آخر عن توديع أهله، بحجّة أنّه لا يصلح أن يدعو إلى الملكوت من يهتمّ بأهله وولده، مع أنّه لا يوجد تضارب ولا تناقض بين إكرام الأهل والإحسان إليهم والدّعوة إلى الملكوت، لكن الإنجيل متطرّف في أحكامه وأهدافه، فهو يهدم الأسرة ويحطّم أواصر العائلة كلّها بحجّة الدّعوة إلى الملكوت.
وحتّى إذا طبّق تلاميذه تلك النّصائح بل الأوامر الغريبة المريضة، وذهبوا يدعون إلى ملكوت في أصقاع الدّنيا، فهو يأمرهم كذلك أن يقاطعوا النّاس، ويجعلوا بينهم وبين البشر حائط الجفاء وقلّة الأدب، واسمعوا لنصيحة المسيح.
(وبعد ذلك اختار الربُّ يسوعُ سبعين آخرين "من التّلاميذ" وأرسلهم … وقال لهم ... لا تسلّموا على أحد في الطّريق)( ).
وماذا يضرّ التّلاميذ لو ألقوا السّلام على النّاس في الطّريق!؟، أليس هذا أفضل من حيث الإحسان إلى النّاس وجلبهم إلى الدّين الجديد الذي يبشّرون به، أليس التّسليم على النّاس من السّلام والمحبّة التي يدّعيها الإنجيل والكنيسة!؟ رسولنا محمّد  يرشدنا إلى التّسليم على النّاس في الطّريق، وعلى أن نسلّم على من عرفنا ومن لم نعرف، فإلقاء السّلام على النّاس دين، وخلق وأدب وإنسانيّة، فهل من معتبر أيّها القساوسة!؟.
ويستمرّ الإنجيل في مثل هذه التّوجيهات والأوامر المكبوتة والمجنونة، بل أكثر من ذلك يجعل أحد أبطال هذه الأخلاق الرّذيلة المسيح نفسه، فاستمع واقرأ عزيزي القارئ بعض أخلاق المسيح مع أمّه الصدّيقة مريم --، في رواية مزوّرة عن حدث وقع في زمن صباه، وقد كان عمره اثنى عشر عامًا، ترك سرًّا والديه (مريم ويوسف النجّار)، وذهب إلى أورشليم ليتعلّم في الهيكل دون علم وإذن والديه، وبعد أن اكتشفت مريم غياب ولدها المسيح، أصابها الخوف والقلق على فلذة كبدها، ففتّشت عنه في كلّ مكان وبعد ثلاثة أيّام من اختفائه وجدوه في الهيكل يتناقش مع معلّمي الشّريعة.
يقول الإنجيل (وقالت له أمّه: يا بنيّ، لماذا فعلت بنا هكذا؟ فأنا وأبوك تعذّبنا كثيرًا ونحن نبحث عنك، فأجابهما: ولماذا بحثتما عنّي؟ أما تعرفان أنّه يجب أن أكون لأبي؟ فما فهما معنى لكلامه)( ).
فمريم أمّ المسيح تخبر ابنها بقلقها وعذابها بسبب غيابه فجأة ثلاثة أيام بلياليها، وهو دون أيّ إحساس بالمسؤوليّة يجيبها، ولماذا تفتّشين وتبحثين عنّي! ؟
إن كان هذا الموقف الغريب والجواب اليسوعيّ المستهجّن، قد صدر منه لمّا كان عمره اثني عشر عامًا، ممّا يدفعنا إلى إيجاد عذر له، فهو في سنّ الصّبا ومرحلة المراهقة، وتلك بعض مظاهرها لكن ماذا نقول في مواقف أخرى لمّا كبر المسيح ونزلت عليه الرّسالة.
يقول الإنجيل (وفي اليوم الثّالث كان في قانا الجليل عرس، وكانت أم يسوع هناك فدعي يسوع وتلاميذه إلى العرس، ونفذت الخمر، فقالت له أمّه ما بقي عندهم خمر، فأجابها ما لي ولك يا امرأة، ما جاءت ساعتي بعد)( ).
ما لي ولك يا امرأة!!؟
هكذا يخاطب الرّسول، الإله أمّه، هكذا يسيء المسيح أدبه مع أمّه، التي طالما حمته، ودافعت عنه، وحفظته من كلّ شرّ، وبكت عليه عند كلّ مكروه أصابه، فبماذا يكافئها؟
بهذه الإجابة:
ما لي ولك يا امرأة!!؟
تصبح أمّه مريم بجرّة قلم إنجيليّة امرأة نكرة في سياق التضجّر، والتأفّف، هذا هو الأدب الإنجيليّ مع الأمّهات.
والقصّة هذه واضحة أنّها مزوّرة، فمريم الصدّيقة لا يمكنها أن تطلب من المسيح أن يجد حلاّ لمشكلة نفاذ الخمر في العرس المزعوم، فالخمر عند اليهود كانت محرّمة، ومريم والمسيح كانا يهوديّين تقيين ملتزمين بشريعة موسى، لا يشربان الخمر، ولا يتعاطيانها، ولا شك أن النص من وضع هواة السكر والعربدة والتزوير.
وفي قصّة أخرى، وما أكثر قصص الإنجيل!، ذُكر ما يلي (وبينما يسوع يكلّم الجموع، جاءت أمّه وإخوته ووقفوا في خارج الدّار يطلبون أن يكلّموه، فقال له أحد الحاضرين: أمّك وإخوتك واقفون في خارج الدّار يريدون أن يكلّموك، فأجابه يسوع، من هي أمّي ومن هم إخوتي؟ ثمّ مدّ يده نحو تلاميذه، وقال ها هي أمّي وإخوتي)( ).
وفدت أسرة المسيح، أمّه وأخوته، إلى المسيح لقضاء حاجة، يريدون الحديث معه، لكنه يرفض الخروج إليهم، ولا يقبل الحديث معهم، ويتبجّح بقوله: إنّ أمّي وإخوتي هم تلاميذي، تزكية واعتزازًا بالتّلاميذ، فالمسيح يفضّل تلاميذه على أمّه مريم تلك الصدّيقة، والأغرب أنّ الكاثوليك يعبدونها، ويدعونها "أمّ الرب"، "المطوّبة"، "الممتلئة نعمة"، ولا ندري من نصدّق الكنيسة التي تعبد مريم، أم المسيح الذي يهينها مرّة تلو أخرى ؟
وفي هذه الآيات التي يبدو فيها المسيح عاقًّا لوالدته، تخالف تلك الآية الشّهيرة التي يكرّرها المسيح في العهد القديم ومن الوصايا العشر (أكرم أمّك وأباك)( ).
فهذه الوصيّة، من أعظم وصايا الكتاب المقدّس، لكنّ المسيح لا يأبه بها ولا يطبّقها، لأنّ الإنجيل المزوّر يريده مسيحًا عاقًّا لأمّه، قليل الأدب معها، لا يبرّها، وهي عانت وتكبّدت المشاق أثناء حملها، لمّا حام حولها قومها واتّهمها النّاس بالزّنا لأنّها لم تكن متزوّجة، وقد قاست السيّدة مريم الويلات من اليهود والفسّاق وأعداء المسيح، لكنّ المسيح يمسح ذلك كلّه بجرّة قلم مسموم.
ولقد دافع القرآن الكريم عن المسيح وأمّه، وأظهر الصّورة الحقيقيّة لهذا النبيّ العظيم، قال الله تعالى في سورة مريم: فأتت به قومها تحمله، قالوا يا مريم لقد جئت شيئًا فريّا ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء و ما كانت أمّك بغيّا،فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيّا،قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّا، وجعلني مباركًا أينما كنت وأوصاني بالصّلاة والزّكاة ما دمت حيّا،وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارًا شقيّا  مريم 26 – 31.
هذه أخلاق المسيح، يعترف المسيح بالأمر الإلهي بطاعة والدته، فالله سبحانه وتعالى اطّلع بعلمه على الأناجيل المزوّرة المهينة للمسيح، التي تصوّره بقلّة الأدب والعقوق لأمّه، فجاء القرآن في سورة كاملة باسم مريم يعلن برّ المسيح بوالدته.
وإنّ ما أستغربه من المسيح كيف يقدّم تلاميذه على أمّه، ويفخر بأولئك التّلاميذ، ويرفع قيمتهم لدرجة أنّه يقول هؤلاء هم أمّي وأخوتي ؟
ووجه الغرابة أنّ أولئك التّلاميذ -كما سنرى بعد صفحات- كان يصفهم بالرّياء، وقلّة الإيمان، وغيرها من الأوصاف المشينة.
فيهوذا الإسخريوطيّ كفر وسلّم المسيح للصّلب، مقابل ثلاثين درهما من الفضة !.
وبطرس أكبر التّلاميذ وأعظمهم دعاه المسيح بالشّيطان، وأنكر المسيحَ ثلاث مرّات قبل صلبه !.
وتوما دُعي بتوما الشّكّاك، إذ شكّ في المسيح !.
وقُبض على أحد التّلاميذ من ثوبه ليلة الإمساك بالمسيح، ففرّ عاريًا، تاركا ثوبه ومسيحه بيد الروم!

غير معرف يقول...

هل ورد ذكر الثّالوث والأقانيم الثّلاثة في العهد القديم، أو على لسان الأنبياء و الرّسل الذين سبقوا المسيح؟
لم يحدث ذلك إطلاقًا ! فأسفار العهد القديم خالية من أيّ تثليث ولم تشر إلى أنّ الله مكوّن من ثلاثة أقانيم أو أجزاء، ولم يُعلم أو يُسمع أنّ الله أخبر نوحًا أو إبراهيم أو موسى أو داود أنّه إله واحد في ثلاثة آلهة؛ وإذا تصفّحت بإمعان أسفار العهد القديم فلا يمكن أبدًا أن تقع عينك على كلمة ثالوث أو على صيغة الأب والابن والرّوح القدس، كما يعتقد بها النّصارى اليوم، أليس غريبًا حقًّا ! أنّ عقيدة مثل هذه، وبهذه الأهمّيّة والخطورة، يتوقّف عليها هلاك النّاس أو نجاتهم لا نرى لها أيّ إشارة في التّوراة وكتب الأنبياء لا تصريحًا ولا تلميحًا، فلماذا؟
ألم يكن الله قد قرّرّ بعد إخبار البشر بها، أم أنّ البشر لم يكونوا في ذلك الوقت قادرين على استيعابها وإدراكها مثلما لم يستوعبها أحد حتّى الآن !؟
وإنّ الإنسان ليزداد حيرة وتعجّبًا إذا وقعت عيناه في أسفار العهد القديم المقدّسة على تفاصيل زنى داود بزوجة قائد جيشه، وتفاصيل زنى لوط بابنتيه، وتفاصيل جسد المرأة في نشيد الإنشاد لسليمان، وزنى يهوذا بكنته، وإنّ الإنسان ليملّ من تفاصيل الأعداد والأرقام والأحجام والأوزان والمسافات التي تقدّمها أسفار العهد القديم عن قبائل اليهود وأنسابهم وأملاكهم وأحصنتهم وحميرهم، ثمّ تفاصيل أبعاد هيكل سليمان.. حتّى إنّك إذا اطّلعت على بعض الأسفار وجدتها أقرب إلى دفتر الحسابات منها إلى كتاب هداية، كلّ هذه التّفاصيل ذكرت حسب النّسخة الموجودة عندي الآن في 1358 صفحة، وضاق العهد القديم فلم يفسح مجالاً لجملة واحدة عن الثّالوث يقول فيها الله مثلاً: 'أنا ثالوث مكوّن من ثلاثة أقانيم: أب وابن و روح قدس'، أليس هذا غريبًا حقًّا !؟
وفي مقابل ذلك نعثر على مئات الآيات في العهد القديم التي تصف الله بالوحدانيّة وتقرّر تفرّده بالألوهيّة والرّبوبيّة.
(اسمع يا إسرائيل الربّ إلهنا ربّ واحد)( ).
(فاعلم اليوم وردّد في قلبك أنّ الربّ هو الإله في السّماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه)( ).
(انظروا الآن أنا أنا هو وليس إله معي)( ).
(أنا الربّ وليس آخر، لا إله سواي)( ).
(أليس أنا الربّ ولا إله آخر غيري، إله بارّ ومخلص ليس سواي التفتوا إلي وأخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأنّي أنا الله وليس آخر)( ).
والآيات كثيرة وكلّها تتّفق على وحدانيّة الله، بلا ثالوثيّة أو أقنوميّة، أمّا ما يذهب إليه بعض رجال الدّين بأنّ العهد القديم لمّح إلى التّثليث في بعض الآيات فهو غير صحيح، وما يفعلونه هو لَيُّ أعناق الآيات لتطابق هواهم، لكن هيهات هيهات، وأكبر دليل على غياب التّثليث في العهد القديم هو موقف اليهود – أصحاب العهد القديم- من المسيح إذ اعتبروا أقوال المسيح الغامضة حول البنوّة والألوهيّة تجديفًا وكفرا ولذلك عارضوه أشدّ المعارضة فصلبوه في زعم الإنجيل.
أمّا في العهد الجديد فالآيات التي ذكرت عن الثّالوث قليلة جدًّا جدًّا خاصّة في الأناجيل الأربعة، ولعلّ أكثر الآيات المصرّحة بالتّثليث، والتي يعتمدها القساوسة كأساس لذلك الاعتقاد هو ما جاء في رسالة يوحنّا الأولى (فإنّ الذين يشهدون في السّماء هم ثلاثة الأب والكلمة والرّوح القدس، وهؤلاء الثّلاثة هم واحد، والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الرّوح والماء والدم والثّلاثة هم في الواحد)( ).
إنّ هذه الآية لغز غامض! هل تعلم أيّها القارئ النّصرانيّ أنّ هذه الآية مزيّفة 'مفبركة' ملحقة بالنصّ الإنجيليّ، الأصلي وليست منه، فقد حكم كبار علماء النّصارى على هذه الآية بأنّها إلحاقيّة منهم هورن وجامعو تفسير هنري وسكات وآدم كلارك في تفسيره وغيرهم، والأسباب هي:
- أنّها لا توجد في نسخة من النّسخ اليونانيّة التي كُتبت قبل القرن
السّادس عشر للميلاد.
- أنّها لا توجد في أيّ ترجمة من التّراجم القديمة غير اللاّتينيّة.
- أنّها لا توجد في معظم النّسخ القديمة اللاّتينيّة.
- لم يتمسّك بها أحد من القدماء ومؤرّخي الكنيسة.
- إنّ البروتستانت أسقطوا الآية من كتبهم ووضعوا عليها علامة
الشكّ.
- إنّ الكاثوليك والأرثودكس بدأوا ينزعونها من الإنجيل شيئًا فشيئًا.
ولذلك اختلفت طبعات الكتاب المقدّس حول إثبات أو حذف هذه الآية فبعضها يثبتها والبعض الآخر يحذفها، نجد الآية مثلاً في الكتاب المقدّس، طبعة دار الكتاب المقدّس بالقاهرة سنة 1970: (فإنّ الذين يشهدون في السّماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والرّوح القدس وهؤلاء الثّلاثة هم واحد)، وجاء في الكتاب المقدّس، طبعة دار الكتاب المقدّس في الشّرق الأوسط سنة 1988، (فإنّ الذين يشهدون في السّماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والرّوح القدس وهؤلاء الثّلاثة هم واحد).
والآية ذكرت في طبعة العهد الجديد الثّانية 1980 والثّالثة 1984، وعلى طاولتي الآن ثلاث طبعات أخرى للعهد الجديد حُذفت منها الآية المذكورة منها الطّبعة الرّابعة للعهد الجديد إصدار اتّحاد جمعيّات الكتاب المقدّس سنة 1993، وكذلك طبعة 1994، للنّاشر نفسه حيث جاء في الآية: (والذين يشهدون هم ثلاثة الرّوح والماء والدم وهؤلاء الثّلاثة هم في واحد)، ونلاحظ هنا – أخي القارئ – أنّ اتّحاد جمعيّات الكتاب المقدّس الذي أشرف على طباعة العهد الجديد، وحذف الآية الدّالّة على التّثليث هو نفسه الذي أشرف على الطّبعات السّابقة التي وردت فيها الآية !.
جاء في الكتاب المقدّس العهد الجديد، منشورات دار المشرق، بيروت، الطّبعة الحادية عشرة: وهي نسخة كاثوليكيّة (والذين يشهدون ثلاثة: الرّوح والماء والدم وهؤلاء متّفقون)، وورد تعليقً على ذلك في هامش الصّفحة في بعض الأصول ما يلي: "الأب والكلمة والرّوح القدس، وهؤلاء الثّلاثة هم واحد، لم يرد ذلك في الأصول اليونانيّة المعوّل عليها، والأرجح أنّه شرح أُدخل إلى المتن في بعض النّسخ، والرّوح: الرّوح القدس، والماء: المعموديّة، الدم: دم المسيح ".
وجاء في طبعة الإنجيل كتاب الحياة ترجمة تفسيريّة للعهد الجديد، صدرت سنة 1973، (فإنّ هنالك ثلاثة شهود: الرّوح والماء والدم وهؤلاء الثّلاثة هم في الواحد)، وهناك طبعات عديدة للبروتستانت تضع الآية المذكورة بين هلالين موضّحة أنّ ما داخل الهلالين غير موجود في الأصل.
وبين يديّ الآن نسخة للكتاب المقدّس باللّغة الفرنسيّة من منشورات الاتّحاد العالميّ للكتاب المقدّس، 1982 ورد في الصّفحة الأولى لهذه الطّبعة ما يلي: Traduction oecumenique de la bible.
وفي مقدّمة هذه النّسخة جاء فيها شرح كلمة oecumenique بأنّها تعني نسخة متّفق عليها من قبل الكاثوليك والأرثودكس والبروتستانت، وقد اطّلع على النّسخة قبل طبعها عشرات المتخصّصين من الطّوائف الثّلاثة وأقرّوا جميع ما فيها، وعند بحثنا عن الآية التي نحن بصددها في رسالة يوحنّا الأولى 5: 7 نجدها قد حُذفت، وباتّفاق الطّوائف الثّلاثة وحُذفت كذلك في النّسخة الأخيرة باللّغة الإنجليزيّة!
وإن تعجب فعجبك من طبعة جديدة للإنجيل باللّغتين العربيّة والفرنسيّة، نُشرت سنة 1995، وطُبعت بحيث تكون كلّ آية باللّغة العربيّة تقابل أختها بالفرنسيّة، إلاّ أنّني ذهلت عندما وجدت الآية "المشكلة" أُثبتت بالعربيّة بين هلالين [ ] في حين لم أجد ما يقابلها بالفرنسيّة، أي حُذفت بالمرّة، فلو كان القارئ لا يفهم اللّغتين المذكورتين لما تنبّه لذلك، ولتتأكّد بنفسك أضع لك صورة عن تلك الآية المحيّرة!



وضعت الآية بين هلالين دلالة على عدم وجودها في الأصول، و الغريب أنّها في التّرجمة المقابلة بالفرنسيّة محذوفة نهائيا.




هكذا بعد قرون طويلة، بعدما كانت هذه الآية تُقرأ كجزء مُوحي به من الله يتّفق رجال الكنيسة على حذفها من الكتاب المقدّس!، إنّها أهمّ آية في التّثليث، ومع ذلك فقد توصّل الجميع إلى الاتّفاق على حذفها، ألم يقل بولس في رسالته إلى تيموثاوس (كلّ الكتاب موحى به من الله)( )، لقد تبين لكل ذي عقل أنه ليس كل الكتاب موحى به من الله، والآن بعد حذفها، هل الله هو الذي أمر بذلك! ؟.
هل الله هو الذي أمر بوضعها بين قوسين أو هلالين !؟.
هل الله هو الذي أمر بوضع الحواشي والهوامش التي تشير إلى إلحاقيّتها و"فبركتها " !؟.
ويتساءل أستاذنا أحمد عبد الوهّاب البهيدي عن المسؤول عن مصائر الملايين من النّصارى الذين هلكوا، وهم يعتقدون أنّ عقيدة التّثليث التي تعلموها تقوم على نصّ صريح في كتابهم المقدّس، بينما هو نصّ زائف دخيل؟!.

غير معرف يقول...

محمد رسول الله في التوراة والإنجيل- 1 -
خاتم الرسالات ..الإسلام هو خاتم الرسالات ؛ فهو الجامع لما قبله، الناسخ لما سبقه ، الذي لا دين بعده.. فيه من الأخلاق ما يضمن صلاح العباد، ومن التشريعات ما يضمن صلاح الدنيا والآخرة ..(شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) . [آل عمران: 18،19].
والدين الذي يملك صفات الكمال - لا تنقصه شهادة تأتيه من خارجه، لكي تثبت صحة رسالته، وسلامة عقيدته ، وصدق حامله للعالمين الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - ، فمحمد الذي أخرج الناس من الكفر والضلال إلى الإيمان بالله وحده ، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد - لا يعوزه شهادة تأتيه من خارج دينه ، لكي تثبت أنه خاتم الأنبياء ، أو أن رسالته هي آخر الرسالات.

محمد الذي علم رجلا بدويا يئد البنات كعمر بن الخطاب – رضي الله عنه –؛ فصار بعد الإسلام قائدا للبشرية، وحاكما للعالم، ومن أعظم قادة التاريخ – لا يحتاج لمن يشهد له؛ كيف والله تعالى يقول:

(لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا). النساء:166

ويقول أيضا: (ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين). النحل:89

فمحمد الذي فتح الله به عيونا عمياً، وأسمع به أذانا صماً، وشرح به قلوباً غلفاً، - لا يحتاج لمن يشهد له من خارج رسالته، أو من خارج الكتاب الذي أنزل معه.

ونحن إذ نتحدث عن بعض البشارات التي وردت في التوراة والإنجيل تبشر بالنبي الكريم، فإنما يدفعنا إلى ذلك أمران:

أما الأمر الأول:فإنه ينبع من حبنا الجم، وشوقنا الكبير لصاحب الرسالة العظمى – صلى الله عليه وسلم -.

كيف لا وهو أستاذنا ومعلمنا وزعيمنا وقائدنا ؟!

وهل أعطانا بشر مثلما أعطانا محمد – صلى الله عليه وسلم – ؟!

وهل لمخلوق على مخلوق من فضل مثل فضل محمد – صلى الله عليه وسلم – علينا ؟!

فما لنا إذن لا نتلمس خطاه، ونقتفى أثره، وننقب عنه في كتب الأولين وفى كتب الآخرين؛ فتسعد بذكره قلوبنا، وتنشرح به صدورنا، وتقر به عيوننا.

وأما الأمر الثاني:فهو ما نصبو إليه من هداية الضالين، وتثبيت المتشككين، وإرشاد التائهين، من داخل هذا الدين ومن خارجه.

وأسأل الله العلي العظيم أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وما كان فيه من صواب فهو من الله وحده، وما كان فيه من خطأ فهو من نفسي.

(ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا)…



مازال الكتاب المقدس يتلألأ بنور محمد

أنا اللبنة وأنا خاتم النبيين

يقول الرسول-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون بالبيت ويعجبون له ويقولون:هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال:فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ).

والحديث السابق يجعل النبي في ختامه للرسالات ومكانته بين الأنبياء مثل حجر الزاوية أو اللبنة الأساسية التي لا يكتمل البناء ولا يتم حسنه وجماله إلا بها..

ولكن ما الذي يقوله الكتاب المقدس عن هذه اللبنة أو حجر الزاوية ؟

ورد في إنجيل متى الإصحاح 21 الفقرة 42،43 (قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه ).

وهذه الكلمات قالها المسيح عليه السلام لجماعة من اليهود بعدما وبخهم على قتل الأنبياء، وإنكار الرسالات..

والنص يوضح إخبار المسيح عليه السلام لليهود باستبدال الله لهم بأمة أخرى تحل محلهم في القيام بأمر الدين وأداء رسالته( لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منتكم ويعطى لأمه تعمل أثماره).. ويخبرهم المسيح عليه السلام أيضا عن ذلك الحجر الذي سيصير رأس الزاوية ( الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية )..

ويواصل المسيح عليه السلام كلامه عن ذلك الحجر الذي سيصير رأس الزاوية فيقول: (ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه)، واستخدام لفظي (يترضض) و(يسحقه) يؤكد أن الكلام يشير إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي أيده الله بالقوة المادية وخاض العديد من الحروب حتى أظهر الله به الدين وسحق به كل أعدائه..

ولا يمكن حمل هذا الكلام على المسيح وأمته؛ لأن المسيح نفسه من أمة بني إسرائيل، كما أن المسيح- عليه السلام- يقول: (وهو عجيب في أعيننا)، مما يدل على أنه يتكلم عن شخص آخر غيره.

فمن هو المقصود إذن بحجر الزاوية غير محمد-صلى الله عليه وسلم-، الذي قال عن نفسه: (أنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)؟!

وما هي الأمة الأخرى التي أعطاها الله ملكوته بعد أن نزعه من بني إسرائيل سوى أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- ؟!!

للذي ببكة مباركا

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران:96

الآية تتحدث عن بيت الله، وتتحدث عن بكة كمكان لبيت الله، الذي أمر الله الناس أن تحج إليه.

ولكن هل ورد في الكتاب المقدس نص يتحدث عن بيت لله ببكة، يحج الناس إليه؟

دعونا نقرأ ما ورد في المزمور84:

84: 4 طوبى للساكنين في بيتك أبداً يسبحونك، سلاه (سلاه كلمة تتكرر كثيرا في الكتاب المقدس ويقول قاموس الكتاب المقدس أنها تعني صمت أو فترة توقف أو فاصل..)

5:84 طوبى لأناس عزهم بك طرق بيتك في قلوبهم.

84: 6 عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعاً أيضا ببركات يغطون مورة.

84: 7 يذهبون من قوة إلى قوة يرون قدام الله في صهيون

ولكن ما علاقة وادي البكاء الذي ورد في النص ببكة؟!

وإذا كان الله يقول يرون قدام الله في صهيون، فما علاقة صهيون بالبيت الحرام الموجود في بكة ؟!

أما وادي البكاء وعلاقته ببكة: فيسأل عنها القساوسة العرب، لأن وادي البكاء في النسخة الإنجليزية لنفس النص مكتوبة (وادي بكة) وليس وادي البكاء كما هو في النص العربي، ونلاحظ أنها تبدأ بحرف (بي كابتال)، مما يدل على أنه اسم لعلم لا يمكن ترجمته.

وأما كلمة صهيون: فمعناها الأصلي المكان المقدس أو المجتمع الديني الخالص، كما ورد في القاموس الإنجليزي للكتاب المقدس..

والنص كما ورد في النسخة الإنجليزية هو هكذا:

(Blessed are they that dwell in thy house. they will be still praising thee, blessed is the man whose strength is in thee, in whose heart are ways of them who passing through the valley of Bacamake it awell, The rain also filleth the pools, they go from strength to strength, every one of them in Zion appeareth before God)

وبذلك فإن الترجمة الصحيحة للنص الإنجليزي هي كما يأتي:

(طوبى للساكنين في بيتك أبدا يسبحونك، طوبى لأناس عزهم بك طرق بيتك في قلوبهم عابرين في وادبكة يصيرونه ينبوعا المطر أيضا يغطيه بالبركات يذهبون من قوة إلي قوة يرون قدام الله في الأرض المقدسة ).

وبالمناسبة فإن قاموس الكتاب المقدس لم يستطع تحديد أين توجد بكة!! ، وكل ما قاله عن موقعها: (ربما)! يكون هذا مكان يمر به الحجاج !!

فهل هناك بكة غير التي يحج إليها المسلمون ؟!

ولو كان هناك بكة غيرها ، فهل ادعى أحد أن بها بيت الله الذي يحج إليه الناس ؟!

هذه أسئلة تحتاج إلى أجوبة.. فهل من مجيب ؟!

محمد الإسماعيلي !

محمد الإسماعيلي: هذه الكلمة قالها أحد الرهبان، وكان يتحدث عن الرسول – صلى الله عليه وسلم-ويقول إنه من ولد إسماعيل، وأنه ليس نبياً لأن النبوة اختص بها الله أبناء إسرائيل ( يعقوب عليه السلام).

ونحن نؤيده في أن محمد – صلى الله عليه وسلم- هو من ولد إسماعيل عليه السلام، ولكننا سنثبت بنصوص من الكتاب المقدس أن النبوة سوف تبعث في أبناء إسماعيل:

ورد في سفر التكوين الإصحاح 21 الفقرة 17، 18:

(فسمع الله صوت الغلام ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها مالك يا هاجر لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو، قومي احملي الغلام وشدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة).

وورد في سفر التكوين الإصحاح 21 الفقرة 13حيث يخاطب الله عز وجل سيدنا إبراهيم قائلا:(وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك).

وابن الجارية هو إسماعيل ابن السيدة هاجر، وقد جعله الله أمة كبيرة عظيمة هي أمة الإسلام التي يزيد عددها الآن عن مليار مسلم.

ويواصل الكتاب المقدس حديثه عن إسماعيل عليه السلام فيقول في سفر التكوين الإصحاح 21 الفقرة 19، 20، 21:

(وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام، وكان الله مع الغلام فكبر وسكن في البرية و كان ينمو رامى قوس، وسكن في برية فاران).

وفاران:كلمة عبرانية معربة، وهي من أسماء مكة المكرمة(1)

والنص السابق كما ترون يتحدث عن بئر زمزم الذي سقت منه هاجر الغلام، ويتحدث أيضا عن برية فاران التي سكنها إسماعيل عليه السلام.

(ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات ). إبراهيم:37

ويتحدث النص أيضا عن أن إسماعيل كان ينمو رامي قوس، وهذا يتطابق مع الحديث الذي رواه البخاري (مر النبي علي نفر من قبيلة أسلم يرمون بالسهام فقال لهم: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ).

ولكن كيف يثبت الكتاب المقدس أن النبوة ستكون في أبناء إسماعيل عليه السلام ؟

ورد في سفر التثنية الإصحاح 18 الفقرة 17، 18،19 على لسان موسى عليه السلام:

(قال لي الرب قد أحسنوا فيما تكلموا، أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك و أجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه).

والنص يصف كما ترون تبشير الله لموسى بنبي سوف يبعثه من وسط أخوة بني إسرائيل، وأن هذا النبي سيكون مثل موسى عليه السلام، ويخبر النص أيضاً أن الذي لا يتبع هذا النبي ولا يسمع لكلامه - فإن الله سوف يعاقبه..

ولكن ماذا قال أهل الكتاب من اليهود والنصارى عن ذلك النبي ؟

قالت اليهود أن النبي المقصود هو يوشع بن نون فتى موسى، بينما حمل النصارى البشارة على المسيح عيسى عليه السلام.

واليهود ينكرون أن البشارة تدل على محمد – صلى الله عليه وسلم- أو عن المسيح عليه السلام.

والنصارى ينكرون أن تكون البشارة عن النبي –صلي الله عليه وسلم-.

والحق إن ما ذهب إليه كلا الفريقين باطل، والدليل من الكتاب المقدس نفسه.

إن البشارة تشترط شرطين:الأول أن ذلك النبي من وسط إخوة بني إسرائيل، والثاني أنه مثل موسى عليه السلام.

والشرطان السابقان لا ينطبقان إلا على رسول الإسلام- صلى الله عليه وسلم-؛ فهو من أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وأبناء إسرائيل (يعقوب) هم أبناء إسحاق بن إبراهيم.. ، لذلك فالنبي-صلى الله عليه وسلم- من وسط أخوة بني إسرائيل..

وكذلك فإن موسى عليه السلام ومحمد- صلى الله عليه وسلم-، كليهما كان صاحب شريعة جديدة، ورسالة مستقلة، وبذلك فإن شرط المثلية وقرب المكانة بين ذاك النبي وموسى عليه السلام متحقق في النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولأن كليهما كان صاحب رسالة جديدة وشريعة مستقلة؛ فقد ورد في سورة الأحقاف: ( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم )..

ويؤكد قرب المكانة أيضا بين النبي-صلى الله عليه وسلم- وبين موسى عليه السلام الحديث الذي رواه البخاري عن الرسول-صلى الله عليه وسلم-:( لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله )..

وأما انتفاء الشرطين عن يوشع بن نون وعن المسيح عليهما السلام- فلأنهما كانا من بني إسرائيل وليسا من وسط إخوة بني إسرائيل، ولو كان المراد واحدا منهما لقال الله(أقيم لهم نبيا منهم).. ، بل لم يكن هناك داع لتحديد من أين يخرج ذلك النبي لأن خروجه من بني إسرائيل هو أمر مألوف لا يحتاج لتوضيح أو تحديد..

وينتفي الشرط الثاني أيضا لأن لا يوشع ولا عيسى كانوا مثل موسى:

فيوشع كان فتى موسى، ولم يحمل شريعة جديدة، ولم يوح إليه بكتاب، وعيسى أيضا لم يحمل شريعة جديدة، وإنما كان على نهج شريعة موسى؛ وإذا كان النصارى يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله، وأنه شريك معه في الألوهية، فكيف يقولون بعد ذلك أن عيسى مثل موسى ؟!!

والكتاب المقدس نفسه ينفي أن بني إسرائيل قد قام فيها نبي مثل موسى بعده؛ فقد جاء في سفر التثنية الإصحاح 34 الفقرات من 5 إلى 11: ((فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مواب حسب قول الرب. و دفنه في الجواء في ارض موات مقابل بيت فغور و لم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم. وكان موسى ابن مائة و عشرين سنة حين مات ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته. فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات مواب ثلاثين يوما فكملت أيام بكاء مناحة موسى. ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة إذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو إسرائيل وعملوا كماأوصى الرب موسى. ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه. في جميع الآيات و العجائب التي أرسله الرب ليعملها في ارض مصر بفرعون و بجميع عبيده وكل أرضه)).

فإذا كان الكتاب المقدس يخبر كما ترون أن بني إسرائيل بعد موسى لم يخرج منهم نبي مثله، فكيف يدعى بعد ذلك أهل الكتاب أن النبي الذي وصفه الله بأنه مثل موسى قد خرج من بني إسرائيل؟!!

كما أن عقيدة النصارى في أن المسيح قد أتى ليخلص العالم ويحمل خطايا البشرية – لا يمكن أن تتوافق مع تلخيص النص لعلاقة هذا النبي بالناس؛ وهي معاقبة من لا يتبعه ويسمع لكلامه (ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه)..

ويبدو أن أنا،د كانوا في انتظار ذلك النبي كما كانوا ينتظرون المسيح عليه السلام؛ فقد ورد في إنجيل يوحنا 1: 19 – 25 (وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت فاعترف ولم ينكر وقال أني لست المسيح فسألوه إذن ماذا ؟ إيليا أنت ؟ فقال لست أنا، النبي أنت ؟ فأجاب لا …فسألوه وقالوا فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي ؟! )

وإيليا ( إلياس في القرآن ) هو نبي ورد ذكره في الكتاب المقدس..والكتاب المقدس يخبر أن الله قد رفعه إلى السماء، ويبدو أن اليهود كانوا ينتظرون عودته مرة أخرى.. فمن يكون إذن ذلك النبي الذي ورد في النص، وكانت تنتظره اليهود، إذا لم يكن إيليا ولا يوحنا ولا المسيح ؟!!

من يكون ذلك النبي الذي أتى بعد يوحنا والمسيح غير رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ؟!!

ويبدو أن بعض أهل الكتاب قد وجد صعوبة في إثبات المثلية بين موسى والمسيح عليهما السلام (على الأقل حسب عقيدتهم)؛ فوجهوا جهودهم نحو إثبات عدم المثلية بين موسى عليه السلام ومحمد-صلى الله عليه وسلم- ، فماذا قالوا ؟

قالوا أن موسى مات وعمره 120 سنة ومحمد مات وعمره 63 !!، وقالوا أن موسى تربى في قصر فرعون، أما محمد فلم يدخله!!، وقالوا أن موسى قد عبر البحر هو وبني إسرائيل، أما محمد فلم يعبره!! …

ومن البديهي أننا لو استخدمنا تلك المقاييس لإثبات التشابه بين أي شخصين لما استطعنا ذلك، حتى لو كان هذين الشخصين زوج من التوائم المتماثلة!!

غير أن صحيح النظر سليم العقل - لو نظر في النص؛ سوف يدرك أن المقصود بكلمة (مثلك) هو المثلية في المنزلة والقرب في المكانة، -وإلا فلم يكن هناك داع لقول مثلك لأن كل الأنبياء لابد أن يكونوا متشابهين في أشياء ومختلفين في أشياء أخرى-، وكذلك نفي المثلية في قوله ( ولم يقم بعد نبي في بني إسرائيل مثل موسى) المقصود منه هو نفي المثلية في المنزلة والمكانة أيضا..وأحسب أن هذا أمر واضح جلي لكل بصير ذي فطنة، صحيح ذي لب، حريص على نفسه من سخط الله في الدنيا، ومن سوء العاقبة والعذاب الأليم في الآخرة!!!

( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها!! ) محمد: 2

فلنولينك قبلة ترضاها

يقول تعالى في كتابه العزيز(قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ). [البقرة :144].

كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يقلب وجهه في السماء، ويستحي أن يسأل ربه أن يغير القبلة التي يسجد هو والمسلمون إليها وهي المسجد الأقصى لكي تصبح إلى المسجد الحرام، فأنعم الله عليه وعلى أمته بأن جعل لهم قبلة مستقلة عن باقي الأمم؛ فقبلة اليهود والنصارى هي المسجد الأقصى، وكان المسلمون في البداية يتبعونهم في ذلك، إلى أن أمر الله رسوله الكريم –صلى الله عليه وسلم-بتغيير القبلة إلى المسجد الحرام..

ولكن هل أخبر الكتاب المقدس بأن القبلة سوف تتغير من القدس(أورشليم ) إلي مكان آخر ؟

ورد في إنجيل يوحنا الإصحاح 4 الفقرة 19، 20، 21:

4: 19 قالت له المرأة يا سيد أرى انك نبي.

4: 20 آباؤنا سجدوا في هذا الجبل و انتم تقولون أن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه.

4: 21 قال لها يسوع يا امرأة صدقيني انه تأتي ساعة لا في هذا الجبل و لا في أورشليم تسجدون للأب

وكلمة الأب التي وردت في النص تعني الله، ولقد ورد ذكرها كثيرا في الكتاب المقدس بمعنى الله، وكذلك لفظ أبناء الله ورد بمعنى الصالحين والمؤمنين..

ومن أمثلة ذلك ما جاء في الكتاب المقدس: (أذهب إلى أبي وأبيكم).

(ولا تسبوا أباكم الذي على الأرض فإن أباكم الذي في السماء وحده).

( وقال الرب لموسى عندما تذهب لترجع إلى مصر … فتقول لفرعون هكذا يقول الرب إسرائيل ابني البكر )

(أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه).

( طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون )…

والتين والزيتون وطور سينين

يقسم الله تعالى في بداية سورة التين قائلا: (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ).

وهذا القسم له دلالته؛ فالتين والزيتون تشير إلى أرض فلسطين أو بيت المقدس، وهو المكان الذي تلقى فيه المسيح عليه السلام الرسالة من ربه، وطور سينين هو جبل الطور بسيناء الذي كلم الله موسى عليه، والبلد الأمين هي مكة المكرمة مهبط الوحي على رسول الله صلي الله عليه وسلم.

فهذه الآيات الكريمة تشير إلى أماكن الرسالات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، ولكن هل هناك ما يشير إلى تلك الأماكن الثلاثة في الكتاب المقدس ؟

لقد ورد في سفر التثنية الإصحاح 33 الفقرة 2 على لسان موسى عليه السلام وهو يخاطب قومه قبل موته:

33: 2 فقال جاء الرب من سيناء و أشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران و أتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم..فأحب الشعب جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك .

وجاء الرب من سيناء، المقصود بها رسالة موسى عليه السلام، وأشرق من ساعير، تشير إلى رسالة عيسى عليه السلام وساعير هي منطقة جبلية بأرض فلسطين، وهي الأرض التي عاش فيها المسيح عليه السلام.

وتلألأ من جبال فاران المقصود بها إنزال الرسالة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم-، وفاران هي مكة المكرمة، وهى نفس الأرض التي عاش عليها إسماعيل عليه السلام:

(وكان ينمو رامي قوس وسكن في برية فاران) سفر التكوين الإصحاح 21 الفقرة 21.

(ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم) إبراهيم: 37

ويدعى بعض أهل الكتاب أن فاران ليس لها علاقة بمكة، وأن فاران لا تطلق إلا على مكان قريب من سيناء مر به موسى وبنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر ، وبذلك فهم يحملون البشارة كلها على موسى وبني إسرائيل مدعين أن النص يوضح تذكرة موسى لقومه بالأماكن التي مروا بها بعد خروجهم من مصر، وأنه لا يشير أبدا إلى رسالات سماوية .. ولو كان كلامهم هذا صحيحا فلماذا يقول موسى: جاء الله، وأشرق الله، وتلألأ الله، وهل فاران هذه القريبة من سيناء من الأهمية بحيث يخبر موسى أن الله قد تلألأ منها؟! ، وتلألأ كما تعلمون أقوى من جاء وأشرق..

وإذا كانت فاران ليست إلا برية قريبة من سيناء كما يقولون، ومر بها بنو إسرائيل قبل مرورهم بساعير القريبة من فلسطين.. فكيف جاء الله إذن من سيناء ثم أشرق من ساعير قبل أن يتلألأ من جبال فاران؟!!! .. هل يعقل أن موسى وبنو إسرائيل قد مروا بساعير في فلسطين قبل أن يمروا بمكان قرب سيناء أثناء خروجهم من مصر إلى فلسطين؟!!(2)

وهذا الترتيب لا يمكن تحريفه أو تأويله؛ لأن تلألأ إنما تأتي بعد جاء وأشرق، وهذا ما سوف يؤكده أيضا النص الإنجليزي الذي يقول: (وتلألأ فصاعدا)..

ولماذا يذكر موسى قومه قبل موته بأمور يعلمونها وبأماكن قد مروا بها ؟! ، ولماذا يخاطبهم بصيغة الغائب قائلا (وأشرق لهم ) ولم يقل وأشرق لنا أو وأشرق لكم؟!!

والكتاب المقدس يشرح لنا في سفر الخروج ما حدث لبني إسرائيل بعد خروجهم من مصر، ويحكي لنا أن الله قد تجلى لبني إسرائيل من برية سين ثم تجلى لهم من جبل سيناء وأوصاهم بالوصايا الشهيرة، وكل ما يحكيه الكتاب المقدس بعد ذلك عن تجلي الله لبني إسرائيل هو تذكرة موسى لقومه بتجلي الله لهم من سيناء والوصايا التي فرضها عليهم؛ فمن أين جاء أهل الكتاب إذن أن الله قد تجلى لبني إسرائيل في برية فاران شمال سيناء والكتاب المقدس نفسه بعهديه القديم والجديد لا يخبر بذلك ؟!!

ولنفرض أن ما يقولونه من أن فاران هو مكان بالقرب من سيناء صواب، فإن هذا لا يمنع أن يكون اسم فاران يطلق أيضا على مكة، لأن إسماعيل عليه السلام إنما سكن في مكة ولم يسكن في سيناء.(3)

ولو ادعى أهل الكتاب أن إسماعيل لم يسكن في مكة للزمهم أيضا إنكار أن إبراهيم وإسماعيل قد رفعا قواعد البيت الحرام بمكة، وللزمهم أيضا إنكار قدسية البيت الحرام بمكة ونسبته إلى الله، فهل يجرءون على ذلك؟!!(4)

(وأتي من ربوات القدس عن يمينه نار شريعة لهم):المقصود بربوات القدس هو أعداد كثيرة من القديسين ، ولقد استخدمت كلمة ربوات في الكتاب المقدس لتدل على العدد الكثير، ويؤكد هذا القول نفس النص ولكن في النسخة الإنجليزية (جاء الله من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلألأ فصاعدا من جبل فاران وأتى مع عشرات الآلاف من القديسين من يده اليمنى فرض لهم قانونا ناريا، فأحب الشعب جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك ).

وعشرات الآلاف من القديسين هم عدد الصحابة الذين أيد الله بهم رسوله - صلى الله عليه وسلم- والذين بلغ عددهم في فتح مكة عشرة آلاف، وفي غزوة تبوك بلغوا ثلاثين ألف مقاتل ، ووصل عددهم قبل وفاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى نحو مائة وأربعون ألفا من رجال الإسلام..

ويضيف النص الإنجليزي أيضا كلمة (فصاعدا)، وكلمة فصاعدا توضح الترتيب الزمني وتؤكد أيضا الاستمرار؛ فهو قد تلألأ فصاعدا، وهذا ما ينطبق على رسالة النبي-صلى الله عليه وسلم-، فهي كانت خاتم الرسالات، وهي التي ستستمر فصاعدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..

كما أن إيضاح النص أن فاران هي أرض الطاعة والإخلاص لله وأنها صاحبة النهاية السعيدة وذلك بقوله (فأحب الشعب جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك) – ينفي أن يكون المقصود بفاران في هذا النص هو برية شمال سيناء؛ وذلك لأن الكتاب المقدس والقرآن الكريم أيضا يقرران أن الله قد سخط على بني إسرائيل في هذه الرحلة وحكم عليهم بالتيه في الأرض أربعين سنة.. (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين) المائدة: 26

ولكن هل وردت نصوص أخرى في الكتاب المقدس تخبر أن نبيا سيأتي من فاران؟

لقد جاء في سفر حبوق( أحد أنبياء بنى إسرائيل) الإصحاح3:

3: 2 يا رب قد سمعت خبرك فجزعت يا رب عملك فى وسط السنين احييه.. في وسط السنين عرف.. في الغضب أذكر الرحمة.

3:3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران، سلاه، جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه.

3: 4 وكان لمعان كالنور له من يده شعاع وهناك استتار قدرته.

3: 5 قدامه ذهب الوبا وعند رجليه خرجت الحمى.

3: 6 وقف وقاس الأرض نظر فرجف الأمم ودكت الجبال الدهرية وخسفت آكام القدم مسالك الأزل له.

3: 7 رأيت خيام كوشان تحت بلية، رجفت شقق أرض مديان ( يقول قاموس الكتاب المقدس أن خيام كوشان هو إشارة لقبائل كوش العربية، ومن المعلوم أنها قبائل كانت تستوطن أثيوبيا وبلاد النوبة وامتدت لتشمل أجزاء واسعة من الجزيرة العربية، وأرض مديان كانت تقع في شمال الجزيرة العربية، والفقرة كلها إشارة صريحة لجنوب وشمال الجزيرة ).

3: 8 هل على الأنهار حمى يا رب، هل على الأنهار غضبك أو على البحر سخطك، حتى أنك ركبت خيلك، مركباتك مركبات الخلاص.

3 : 9 عريت قوسك تعرية ، سباعيات سهام كلمتك ، شققت الأرض أنهارا

3: 10 أبصرتك ففزعت الجبال، سيل المياه طما، أعطت اللجة صوتها، رفعت يديها إلى العلاء

3: 11 الشمس والقمر وقفا في بروجهما، لنور سهامك الطائرة، للمعان برق مجدك ( للمعان برق رماحك في النسخة الإنجليزية ).

3: 12 بغضب خطرت في الأرض، بسخط دست الأمم ( بسخط دست الوثنيين في النسخة الإنجليزية ) …

عندما يقرأ النص السابق أي شخص لن يتبادر إلى ذهنه سوى أن هذا النص يتحدث عن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – الذي أتى من فاران وهي مكة المكرمة.. وأن تيمان التي وردت في النص هي الاسم القديم لليمن، وهي إشارة واضحة إلى جنوب الجزيرة العربية.. وهذا ما قاله العلماء المسلمين الذين تعرضوا قبل ذلك لهذه البنوءة، ورجحوا أن اليمن هي نفسها تيمان، وذلك نظرا للتشابه اللفظي بينهما، ولأن معنى كل منهما هو الجنوب، وأيضا بسبب اقتران تيمان في النص بفاران الثابت تاريخيا أنها هي مكة المكرمة والتي تقع شمال اليمن..

وبرغم أن النص يشتمل على صفات الرسول صلى الله عليه وسلم والتي جمعت بين القوة الروحية التي يشير إليها النص بقوله (جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه)، وبين القوة المادية التي يشير إليها باقي النص مثل الحديث عن سحق أعداء الله والإشارة إلى السهام الطائرة والرماح المتألقة، والخيول، وسحق الوثنيين …، ومن المعلوم أن هذه الصفات لم تكن إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم الذي كان رحمة للعالمين وسيفا على رقاب المشركين.. برغم كل هذه الصفات أنكر أهل الكتاب أن هذا النص يشير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم!! ..ومع ذلك لم يستطيعوا أن يخبرونا من هو النبي الذي يتحدث عنه النص السابق !! .. ومع انكارهم لأن هذا النص يشير للرسول صلى الله عليه وسلم، فبالطبع أنكروا أيضا أن تيمان هي اليمن، وأصروا على أن فاران ليست إلا برية بين سيناء وفلسطين وليس لها علاقة بمكة المكرمة.. وبذلك فهم يحاولون إقناعنا بأن التقارب اللفظي بين اليمن وتيمان ليس إلا(تشابه أسماء)!!!

ولنترك الآن ما يدعيه علماؤنا من المسلمين، وما يقوله علماء أهل الكتاب من النصارى، ونتعرف بطريقة حيادية تماما على تيمان المذكورة في النص السابق..

يقول قاموس الكتاب المقدس في تعليقه على تيمان : (هي مكان يقع جنوب إدوم)..

ولكن ما هي إدوم ؟

يقول معجم الطرق القديمة (إنشنت تراد روتس)تحت عنوان إمبراطوريات(إمبيرز):

(إدوم بدأت من النهاية الجنوبية للبحر الميت إلى مساحات من الصحراء العربية إلى الشرق، ومن هذا الخط امتدت إدوم لتشمل كل الأراضى جنوب البحر الأحمر والأراضي على طول الساحل الشرقى للبحر الأحمر..والجزء الجنوبي من إدوم كان عبارة عن أرض صحراوية ممتدة واشتملت إدوم على جزء من طريق البخور يمتد جنوبا إلى شيبا والتي تمثل منطقة اليمن حاليا).

وتيمان التي يقول قاموس الكتاب المقدس أنها تقع جنوب إدوم معناها في جميع المعاجم الخاصة بأصول ومعاني الكلمات هو: الجنوب.

وإذا كانت تيمان تقع جنوب إدوم كما يقول قاموس الكتاب المقدس، واليمن تقع جنوب إدوم كما يقول معجم الطرق القديمة، والمعنى العبرى لتيمان واليمن هو الجنوب؛ فإن ما سنستنتجه بداهة هو أن تيمان هي نفسها اليمن.

هذا ما قاله معجم الطرق القديمة وقاموس الكتاب المقدس، واستنتجنا منه أن تيمان هي نفسها اليمن.. عموما فإن كل المصادر التي عثرنا عليها تتحدث مباشرة عن تيمان قد أراحتنا من عناء هذا الاستنتاج !!..فماذا قالت؟!

تحكي الموسوعة اليهودية ( جويش إنسيكلوبيديا ) عن رحالة يهودي شهير فتقول: (كارازو ديفيد صمويل رحالة يهودي ولد في سالونيكا بتركيا، وقام برحلة إلى اليمن بالجزيرة العربية سنة 1874، ودرس حالة اليهود في تلك المنطقة ودونها في مؤلف أسماه ذيكرون تيمان،رحلتي إلى اليمن )

ويقول موقع يهودي يسمى موقع الموسوعة اليهودية ويكيبديا: (اليهود اليمنيون يسمون بالعبرية التيمانيون وهم اليهود الذين يعيشون الآن في اليمن والتي تسمى في العبرية تيمان وهي أمة تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية ، وهم ينتمون إلى طائفة اليهود المزراحية).

ويقول موقع يهودي آخر يسمى مؤسسة مانفريد ليهمان عن يهود اليمن : (أي شخص يتاح له مقابلة أحد يهود اليمن سوف يندهش من التواضع والنقاء والتقوى التي تصبغه(!) وجذور يهود اليمن – تيمان بالعبرية – تبدأ من بداية تاريخنا. فبجانب الذي ذكر في التوراة العبرانية:(أليفاز صديق يعقوب كان من تيمان وكثير من الأنبياء قد تحدثوا عن تيمان) ، فلقد قيل أيضا أن ملكة شيبا(سبأ) قد سمعت عن الملك سولومون(سليمان) من خلال اليهود في اليمن والتي تقع بجوار مملكة شيبا).

ويحكي لنا موقع يهودي آخر يسمى أيريديس إنسيكلوبديا عن تاريخ يهود اليمن: (واحد من أفضل علماء اليهود في اليمن وهو يعقوب الفيومي قد كتب خطابا يستشير فيه رابي موشي ابن ميمون والمعروف بميمونيديس فقام بالرد عليه في خطاب عنوانه إيجريت تيمان-مكتوب اليمن-وهذا الخطاب كان له تأثير هائل على يهود اليمن).

فإذا كانت اليمن هي نفسها تيمان (كما أثبتنا بما لا يدع بعد ذلك مجالا للشك).. فإن ذلك يجزم بأن فاران تطلق أيضا على مكة.. وأعتقد أنه من السخف أن يقال أن المقصود بفاران في نص حبوق هو برية بين سيناء وفلسطين!!

فهل خرج نبي من ذلك المكان امتلأت من تسبيحه الأرض ونظر فرجفت الأمم؟!!

وهل خرج من هذا المكان نبي أصلا ؟!!

إذن فليخبرنا أهل الكتاب من هو ذلك النبي العظيم الذي يخبرنا النص أنه جاء من فاران حتى أنه يصفه بالقدوس ؟!!

ولكن هل يقول أهل الكتاب أن لفظ القدوس هنا يقصد به نبي ؟!!

إنهم يلجأون إلى حيلة عجيبة حتى لا تحمل النبوءة على النبي-صلى الله عليه وسلم-، ويخبروننا أن المقصود بالقدوس هنا هو الله نفسه!! ، وأن هذا اللفظ لا يمكن إطلاقه على نبي!!.

فلنضع إذن لفظ الجلالة مكان كلمة القدوس..

إن الجملة ستصير هكذا:

(الله جاء من تيمان والله من جبل فاران)!!!!

هل هذا يصدق ؟!! ، هل يرضى بهذا عاقل ؟!!

ومع ذلك فالكتاب المقدس يحفل باستخدام ألفاظ تخص الله عز وجل وفى نفس الوقت يوصف بها أنبياؤه:

(الرب كالجبار يخرج كرجل حروب)أشعياء42: 13

(فقال الرب لموسى انظر أنا جعلتك إلها لفرعون وهرون أخوك

يكون نبيك)سفر الخروج 7:1

(وحسدوا موسى في المحلة وهرون قدوس الرب)المزامير106: 16

وإذا كانت تيمان تشير إلى مكان جنوب إدوم كما يقول قاموس

الكتاب المقدس نفسه، ومعناها في جميع المعاجم العربية والأجنبية والعبرية هو الجنوب، ولا يختلف يهودي وآخر في العالم كله على أنها الاسم القديم لليمن؛ فما علاقتها إذن بفاران التي تقع بين سيناء وفلسطين؟!!!

وليخبرنا الذين يدعون بأن القدوس هنا تشير إلى الله، وتيمان ليست هي اليمن، وفاران لا تشير إلا لأرض بين سيناء وفلسطين؛ لماذا يأت الله من تلك الفاران بالذات؛ وهي مكان لم يقم فيه رسالة، ولم يبعث منه نبيا؛ لكي يتلألأ منه فصاعدا، ثم يخرج من نفس المكان أيضا لتمتليء السماء من بهائه، والأرض من تسبيحه، ويقف فيقيس الأرض، وينظر فترجف الأمم، وتدك الجبال الدهرية ؟!!

لابد أن تكون تلك الفاران إذن ذات أمر عظيم !!

وهى حتما لن تكون كذلك إلا إذا كانت مهبط الوحي الأخير، ومولد النبي الخاتم، ومركز الدعوة الكاملة!!

فمن هو إذن ذلك القدوس أو النبي العظيم الذي أتى من فاران، وغطى بهاؤه السماوات، وامتلأت الأرض من تسبيحه ؟،وقطعا هو ليس موسى الكليم ، ولا عيسى المسيح ، ولا أي واحد من أنبياء بني إسرائيل ؛ فلم يدع أحد أن فاران قد بعث فيها نبي من بني إسرائيل ، وربما كان تغيير مكان الوحي من الشام إلى بلاد العرب وخروج النبوة من بيت إسرائيل هو السبب في جزع حبوق أحد أنبياء بني إسرائيل عندما سمع الخبر ( يا رب قد سمعت خبرك فجزعت ... الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران).

من يكون إذن ذلك القدوس الذي جاء من فاران، ووقف فقاس الأرض فامتلأت الأرض من أتباعه، ونظر فرجفت الأمم فسقطت تحت رسالته الشعوب والممالك – غير إمام الأنبياء وخاتم المرسلين، مهجة القلب وقرة العين، صاحب اللواء المعقود والحوض المورود والمقام المحمود -محمد- صلى الله عليه وسلم، (عبد الله)

غير معرف يقول...

الخطيــئـة الأصـليّـــة

يمكننا اعتبار مفهوم الخطيئة المفهوم الرّئيس والأساس في الإيمان النّصرانيّ كلّه، إذ إنّ هذا المفهوم يرتبط بجميع العقائد الأخرى: كالكفارة والصّلب والتّثليث والقيامة … وبدون الخطيئة لن يعود للنّصرانيّة مسوغ وجود أصلاً، ويُجمِع الباحثون الموضوعيّون قديمًا وحديثًا، النّصارى والمسلمون واللاّدينيّون، على أنّ مفهوم الخطيئة الأصليّة من الأمور التي لا يقبلها العقل، ولا يُسلّم بها المنطق، وذلك لأسباب عدّة يأتي بيانها بعد حين.
في البداية نتساءل ما هي الخطيئة التي يتحدّث كلّ نصرانيّ وتُروِّج لها كلّ كنيسة؟ إنّ الخطيئة الأصليّة التي لُعن من أجلها جنس البشريّة هي تلك " الغلطة " التي اقترفها آدم، أبو البشريّة قبل آلاف السّنين، عندما كان في الجنّة ومدّ يده إلى شجرة، فقطف ثمرة وأكلها هو و زوجته حوّاء، وكان من المطلوب ألاّ يفعل ذلك، لأنّ الله أباح له الأكل من جميع ثمار الجنّة إلاّ من تلك الشّجرة بعينها، لكن آدم خالف أمر الله فوقع في المحظور وجلب على نفسه وأبنائه اللّعنة والخسارة الأبديّة - على حدّ تعبيرهم - ! !
جاء في العهد القديم: ( وأوصى الربّ الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنّة تأكل أكلاً، وأمّا شجرة معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها، لأنّك يوم تأكل منها موتًا تموت )( )، هذه هي البداية؛ فالله تعالى خلق آدم، ولم يعطه الحقّ في الأكل من شجرة المعرفة، فكأنما يريد أن يبقيه جاهلاً، وماذا يضرّ الله لو عرف آدم الخير والشرّ ! !؟ والرّواية القرآنيّة لهذه الأحداث لم تذكر نوع الشّجرة وسبب المنع، الذي هو امتحان وليس حسدًا من الله لجنس البشر، كما يُفهم من الرّواية التّوراتيّة !
ورد في الكتاب المقدَّس قصة التهام التفاحة ونيل اللعنة كما يلي (وكانت الحيّة أحْيلَ جميع حيوانات البرّيّة التي عملها الربّ الإله، فقالت للمرأة أحقًّا قال الله لا تأكل من كلّ شجر الجنّة؟، فقالت المرأة للحيّة من ثمر الجنّة نأكل، وأمّا ثمر الشّجرة التي في وسط الجنّة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمسّاه لئلاّ تموتا، فقالت الحيّة للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنّه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشرّ، فرأت المرأة أنّ الشّجرة جيّدة للأكل، وأنّها بهجة للعيون، وأنّ الشّجرة شهيّة للنّظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنّهما عريانان، فخاطا أوراق تين ووضعا لأنفسهما مآزر، وسمعا صوت الربّ الإله ماشيًا في الجنّة عند هبوب ريح النّهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الربّ الإله في وسط شجر الجنّة، فنادى الإله آدم، وقال له أين أنت! ؟ فقال سمعت صوتك في الجنّة، فخشيت لأنّي عريان فاختبأت، فقال من أعلمك أنّك عريان، هل أكلت من الشّجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها! ؟)( ).
إنّ كاتب هذا السّفر يصوّر الله كأنّه رجل يتجوّل في حديقته، ويحدّث صوتًا بأقدامه التي تدوس التّراب والحشيش، ثمّ ينادي الربّ آدم (آدم .. آدم .. أين أنت ! ؟) و هو سؤال الجاهل بمكان مخلوقه .. ثمّ يسأله مَن أعلمك أنّك عريان، هل أكلت من الشّجرة …؟ أسئلة وأسئلة تدلّ على أنّ الكاتب لهذه الرّواية لا يستطيع أن يتصوّر الله إلاّ بتصوّر البشر الذي يعتريه الجهل والغفلة والحيرة والعي، فلذلك حاك هذه المسرحيّة بأبطالها، لكنّها مسرحيّة فاشلة بجميع مقاييس البشر فضلاً عن مقاييس الإله، ثمّ يستمرّ سفر التّكوين في هذه المشاهد المسرحيّة ! ( فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشّجرة فأكلت، فقال الربّ للمرأة: ما هذا الذي فعلت، فقالت المرأة: الحيّة غرّتني فأكلت)( )، والحمد للّه أنّ القصّة كما جاءت في القرآن لم تذكر البادئ بالأكل أهو المرأة أم الرّجل بعكس الرّوايتين التّوراتيّة والإنجيليّة، فقد ذهبتا إلى حدّ الحطّ من المرأة وجعلها منشأ شقاء البشريّة وسبب غواية آدم.
جاء في الإنجيل في رسالة بولس الأولى لتيموثاوس ( وعلى المرأة أن تتعلّم بصمت وخضوع تامّ، ولا أجيز للمرأة أن تُعلِّم ولا أن تتسلّط على الرّجل، بل عليها أن تلزم الهدوء، لأنّ آدم خلقه الله أوّلاً ثمّ حوّاء وما أغوى الشّريرُ آدمَ، بل أغوى المرأة فوقعت في المعصية …)( )، والذي يقرأ عن مكانة المرأة في الكتاب المقدّس، وفي كتابات قساوسة النّصارى يرى مدى الاحتقار والحيف الذي تعرّضت له المرأة بسبب تلك التّهمة؛ فقد وصف العهد القديم المرأة [ بأنّها أمَرُّ من الموت ]، ويقول قدّيس النّصارى ترتوليان: » إنّ المرأة مدخل الشّيطان إلى نفس الإنسان، ناقِضة لنواميس الله، مشوّهة لصورة الله«، وقال القدّيس سوستام: » إنّها شرّ لا بدّ منه، آفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتّاكة، ومصيبة مطلية مسموم«، وأعلن البابا أينوسنتوس الثّامن » إنّ الكائن البشريّ والمرأة يبدوان نقيضين عـنيدين «.
وأكبر دليل على تخبّط النّصارى في تقييم المرأة هو عقد مؤتمر ماكون في القرن الخامس الميلادي، الذي بحث موضوع "هل المرأة مجرّد جسم لا روح فيه أم لها روح ! ؟ "، ومؤتمر فرنسا في القرن السّادس الذي بحث موضوع " هل المرأة إنسان أم غير إنسان !؟ "، وقد سبق جميع القدّيسين في احتقار المرأة القدّيس بولس صاحب الرّسائل التي أُدخلت في الإنجيل، والذي أزرى بالمرأة أيّما زراية، فجعلها بسبب الخطيئة مخلوقًا من الدّرجة الثّانية أو الثّالثة!
ونعود إلى الخطيئة، فإذا كان النبيّ محمّد  يقول: » إنّ العلماء ورثة الأنبياء وإنّ الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنّما ورٌثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر « وإذا كان النّاس يرون أنّهم يرثون عن آبائهم وأجدادهم الأموال والثّروات والعقارات … فإنّ النّصارى ترى أنّ آدم أورث أبناءه وأحفاده ذنوبه وآثامه التي اقترفها في الجنّة، ولا سيّما الخطيئة العظيمة، عندما أكل من الشّجرة الممنوعة ! !.
إنّ منطق الكنيسة يقول: إنّ البشريّة كلّها تلوّثت بدنس الخطيئة، وبفعل ناموس العدل استحقّت الهلاك الأبديّ والطّرد من الرّحمة الإلهيّة، وانتُزعت منها إرادة فعل الخير ! فقد جاء في العهد الجديد (بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموتُ إلى جميع النّاس إذ أخطأ الجميع)( ).
أيّها القارئ لو كان أبي سارقًا فهل من العدل أن تحكم عليّ محكمة أرضيّة بأنّي مذنب لمجرّد كوني ابنا لأب سارق!؟ ويبدو أنّ المحكمة الإلهيّة عند النّصارى لها معايير قضائيّة أخرى، فهي تجعل بلايين البشر مذنبين بسبب ذنب لم يقترفوه ولم يعلموا عنه شيئًا، فهل المحاكم الأرضيّة أرحم و ألطف من المحاكم السّماويّة !؟
ويصرّ رجال الكنيسة على هذا المنطق المقلوب، ويستميتون دفاعًا عنه، وفي هذا الصّدد يقول جان كالفين، زعيم البروتستانتيّة: » حينما يقال إنّنا استحققنا العقاب الإلهيّ من أجل خطيئة آدم، فليس يعني ذلك أنّنا بدورنا كنّا معصومين أبرياء، وقد حملنا – ظلمًا – ذنب آدم .. الحقيقة أنّنا لم نتوارث من آدم " العقاب " فقط، بل الحقّ أنّ وباء الخطيئة مستقرّ في أعماقنا، تلك الخطيئة التي تعدت إلينا من آدم، والتي من أجلها قد استحققنا العقاب على سبيل الإنصاف الكامل، وكذلك الطّفل الرّضيع تضعه أمّه مستحقًّا للعقاب، وهذا العقاب يرجع إلى ذنبه هو، وليس من ذنب أحدٍ غيره«.
ويقول سانت أغسطين: » وكان الواقع أنّ جميع أفراد الإنسان الذين تلوّثوا بالخطيئة الأصليّة، إنّما وُلدوا من آدم و تلك المرأة التي أوقعت آدم في الخطيئة والتي شاركت آدم نيْل العقاب«، ويصرّح الإنجيل في عدّة آيات (بالخطيئة حَملت بنا أمّهاتنا)، وتنتقل الخطيئة عبر الرّوح من الأجداد إلى الأحفاد، كما يقرّر ذلك القدّيس توماس الإكويني حين يقول: » ومثل ذلك أنّ الذنب في الواقع تقترفه الرّوح، ولكنّه بالتّالي ينتقل إلى أعضاء وجوارح في الجسم «.
وكأنّ كاتب الآيات التي تحمِّل الإنسانيّة ذنب أبيها آدم نسي الفصول التي كتبها من مسرحيّته، والتي تناقض تمامًا العقاب الجماعيّ للمذنبين وغير المذنبين، وكذلك يتناسى قساوسة النّصرانيّة تلك الآيات العديدة في العهدين القديم والجديد، التي تحكم على عقيدة وراثة الخطيئة بالبطلان والفساد .. وتعالوا ننظر سويًّا في بعض تلك الآيات التي وردت في أسفار العهد القديم ومنها: ( لا يُقتل الأباء عن الأولاد، ولا يُقتل الأولاد عن الآباء، كلّ إنسان بخطيئته يُقتل )( )، فهل هذه الآية من سفر التّثنية منسوخة أم ملغاة!؟ وماذا يقول رجال الكنيسة في قول العهد القديم (.. وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب، أمّا الابن فقد فعل حقًّا وعدلاً وحفظ جميع فرائضي وعمل بها فحياة يحيا، النّفس التي تخطئ هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحـمل من إثم الابن، بـرُّ البار عليه يكون وشرُّ الشرّير عليه يـكون )( ).
وهذه الآية من سفر حزقيال هل هي من الأسفار غير القانونيّة "الأبوكريفا " أم من الأناجيل التي لا تعترف بها المجاميع المسكونيّة!؟ فلماذا تتجاهلونها !؟ ثمّ هل من العدل أن يعاقب البريء بجريرة المذنب، كيف يعاقب من لم يرتكب ذنبًا؟ إنّ قوانين العقل والمنطق وجميع الأديان السّماويّة والوضعيّة تأخذ بمبدأ [ كلّ فرد بريء حتّى تثبت إدانته ]، فلماذا خالفت النّصرانيّة هذا المبدأ وضربت به عرض الحائط، وجعلت البشريّة كلّها مذنبة حتّى تُثبِت براءتها !!؟ وأين قول الكتاب المقدّس (فتقدّم إبراهيم وقال: أفتُهلك البارّ مع الأثيم؟، عسى أن يكون خمسون بارًّا في المدينة، أفتُهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارًّا الذين فيه؟، حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البارّ مع الأثيم فيكون البارّ كالأثيم، حاشا لك، أديّان كلّ الأرض لا يصنع عدلاً !؟ فقال الربّ: إن وجدتُ في سدوم خمسين بارًّا في المدينة فإنّي أصفح عن المكان كلّه من أجلهم)( )، وأين قوله (في تلك الأيّام لا يقولون بعدُ الآباء أكلوا حصرمًا وأسنان الأبناء ضرست، بل كلّ واحد يموت بذنبه، كلّ إنسان يأكل الحصرم تضرّس أسنانه)( )، وقوله (سيجازي كلّ واحد حسب أعماله)( ).
وبعد صفحات سنرى أنّ الله نفسه – في زعم النّصارى – أضاف إلى هذه المحاكمة الجائرة ظلمًا آخر حين أراد التخلّص من الخطيئة بصلب إنسان بريء، وتعذيبه أشدّ العذاب على يد اليهود والرّومان، إنّ منهج القرآن الكريم يختلف جذريًّا عن هذا الظّلم الشّديد الذي وقع على الإنسان واقرأوا إن شئتم آيات الله تعالى في القرآن:  لا يجزي والدٌ عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئًا  لقمان 33.
من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد  فصّلت 46.
 ألاّ تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى  النّجم 38.
فأيّ هذه الآيات هي أقرب إلى العقل، والمنطق، أهذه التي تحمِّل الفرد وحده مسؤوليّة أفعاله الخيّرة والشرّيرة، أم تلك الآيات الإنجيليّة المقدّسة، التي تجعل الجنين والرّضيع مجرمين ملعونين هالكين مطرودين من ملكوت السّموات … !
وثمّة مسألة أخرى هامّة تعصف بمفهوم الخطيئة، وهي أنّ الله عاقب البشريّة عقوبات عديدة شديدة لم يكن من العدل بعدها لعن الجنس البشريّ، ونزع إرادته على فعل الخير، ولم تكن هناك حاجة للتّكفير عن الخطيئة الأصليّة بصلب المسيح..
جاء في سفر التّكوين (وقال الربُّ الإله للحيّة لأنّك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرّيّة، على بطنك تسعين وترابًا تأكلين كلّ أيّام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه، وقال للمرأة تكثيرًا أُكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادًا( ) وإلى رجُلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك، وقال لآدم لأنّك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشّجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك، بالتّعب تأكل منها كلّ أيّام حياتك، وشوكًا وحَسَكًا تُنبت لك وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزًا حتّى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنّك من تراب وإلى تراب تعود)( ).
فسبحان الله من هذا الإله !كيف يعاقب بكلّ هذه العقوبات القاسية المتتالية؛ عقوبات خاصّة بالحيّة وبالمرأة وبالرّجل، ثمّ لم يكتف بذلك فلعن الأرض كذلك، ولا أدري ما ذنبها! ثمّ واصل سلسلة العقوبات بطرد الإنسان من الجنّة خوفًا من أن يأكل من شجرة الخلد فيبقى هنالك في ملكوته ! يقول سفر التّكوين: (وقال الربّ الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحدٍ منّا عارفًا الخير والشرّ، والآن لعلّه يمدّ يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضًا، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الربّ الإله من جنّة عدن ليعمل الأرض التي أُخذ منها، فطرد الإنسان وأقام شرقي جنّة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلّب لحراسة طريق شجرة الحياة)( ).
أليست كلّ هذه العقوبات كافية لتحقيق ناموس العدل!؟ فهل من العدل أن يُضيف إلى تلك القائمة الطّويلة عقوبة الخطيئة المميتة !؟
إنّ هذا المنطق الغريب الذي يصوّر الله بهذا الحقد والجبروت هو الذي دفع أحد الغربيّين إلى السّخريّة بقوله: » إنّ الله أنانيّ وقاس جدًّا، فلقد لعن البشريّة كلّها وطردها من رحمته، وحكم عليها بالشّقاء المؤبّد لمجرّد أنّ فردًا واحدًا منها تجرّأ على أكل تُفّاحة من حديقته ! «.
وثمّة ملاحظات أخرى وأخرى فقوله: ( لعلّه يمدّ يده ..) دليل على عدم تأكّد الله من أنّ آدم سيفعل ذلك أصلاً، لكنّه هذه المرّة لم يشأ أن يراهن كما فعل مع شجرة المعرفة؛ لذلك أخذ التّدابير والاحتياطات اللاّزمة لقطع الطّريق على آدم حتّى لا يصل إلى شجرة الخلد !، إنّ الله تعلّم درسًا في السّابق فلا يريد أن يُلدغ من جحر مرّتين، فطرد آدم من الجنّة حماية لمكتسباته لئلاّ يتطلّع إلى الأكل من شجرة الخلد في غفلة من الله – ! جلّ شأنه وتعالى عمّا يقولون – فيصبح آدم كالله تمامًا !
إنّ هذه الاستنتاجات نوردها إلزامًا فقط، وليس اعتقادًا منّا بها، والقارئ العاديّ لهذه الأسفار يشمّ رائحة كاتب يهوديّ عاجز عن تصوّر الذّات الإلهيّة بصفاتها العليا المنزّهة عن مشابهة الخلق، فتراه يصف ويصوّر الله كأنّه إنسان يحسد آدم، ويتحرّك بموجب غريزة التملّك والبقاء والسّيطرة ليحيك المؤامرات خشية على ذهاب عرشه ومصالحه الشّخصيّة المهدّدة بظهور منافس محتمل، وأتساءل: ما هي الحكمة من خلق شجرة الحياة هذه! هل لمجرّد استمتاع الله برؤيتها عند تجوّله في حديقته!؟
إنّ أهمّ أساس في الإيمان النّصرانيّ هو الخطيئة الأصليّة، وإنّ اعتقادًا كهذا يجرّنا إلى سلسلة طويلة من التّساؤلات، يقول سفر التّكوين: إنّ الحيّة هي التي أغوت المرأة والرّجل، فلماذا لم يكتف الله بمعاقبة الحيّة وقد كانت الرّأس المدبّر للجريمة والسّبب في جميع ذنوب بني آدم !؟
لماذا لم يتكلّم الأنبياء والرّسل الذين ذُكروا في التّوراة والعهد القديم عن هذه العقيدة "الخطيئة " !؟ لماذا لم يُشر إليها نوح، إبراهيم، إسحاق، يعقوب، داود .. بل حتّى موسى أعظم نبيّ في بني إسرائيل لم يُلمِّح إلى الخطيئة من قريب ولا من بعيد، كيف يمكن لأنبياء عظماء مثل هؤلاء أن يتجاهلوا هذه العقيدة؟ هل كانوا جاهلين بها؟ وهي أخطر عقيدة في الملكوت، هل كتموا خبرها عن النّاس وأبقوها سرًّا بينهم؟ لماذا لم يرفعوا أيديهم إلى السّماء ليدعوا ويتوسّلوا إلى الله ليرفعها عن الإنسانيّة؟ أتعرف لماذا لم يفعلوا ذلك؟ لأنّهم ببساطة لم يكونوا يؤمنون بوجود خطيئة ما، بل كانوا يؤمنون بقول الكتاب المقدّس (برُّ البارّ عليه يكون وشرّ الشرّير عليه يكون)( ).
ثمّ هل كان هؤلاء الأنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان .. أجداد المسيح خطاة ومدنّسين بالخطيئة الأصليّة التي ارتكبها أبوهم آدم؟ فإذا كانوا كذلك لماذا اختارهم الله لهداية البشر، وهم لا يختلفون عن غيرهم لكونهم منغمسين في الخطيئة كباقي أفراد جنسهم؟، لماذا كان "يهو" jeovah وهو الله في العهد القديم – راضيًا عن أنبيائه؛ فكان يدعو بعضهم بالرّجل البارّ، ورجل الله، والصّالح، يقول الكتاب المقدّس (كان نوح رجلاً بارًّا كاملاً في أجياله وسار نوح مع الله)( )، (وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأنّ الله أخذه)( )، بل إنّ العهد الجديد يجزم بأنّ أولئك الأنبياء الذين سبقوا المسيح كانوا كاملين في إيمانهم، ولم يكونوا خطاة، ولم تكن تنقصهم عقائد التّثليث والفداء والكفّارة، جاء في رسالة يعقوب في العهد الجديد (أنظر إلى أبينا إبراهيم أما برره الله بالأعمال، حين قدّم ابنه إسحاق على المذبح، فأنت ترى أنّ إيمانه وافق أعماله فصار إيمانه كاملاً بالأعمال، فتمّ قول الكتاب آمن إبراهيم بالله فبرّره الله لإيمانه ودُعي خليل الله)( ).
كيف وُفّق الأنبياء إلى فعل الخير وجميع الطّوائف النّصرانيّة ترى بموجب الخطيئة أنّ الله نزع من بني الإنسان إرادة فعل الخير، وإنّ ما يعمله الإنسان هو شرّ، وذلك رغم اعتراف المسيح بوجود أبرار على الأرض، فعندما لام أناس المسيح على دعوته الأشرار والخطاة، ردّ المسيح عليهم قائلاً: (لأنّي لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التّوبة)( ).
وأخيرًا لماذا كتم الله سرّ الخطيئة فلم يبده لعباده إلاّ بعد قصّة صلب المسيح، إنّ المدّة الزّمنيّة التي تفصل بين آدم والمسيح ليست بالقصيرة، فأين كان مفهوم الخطيئة خلال تلك القرون الطّويلة؟.
يقول عبد الأحد داود – رأس الكنيسة الكلدانية وقد أسلم – في كتابه (الإنجيل والصّليب): » إنّ من العجب أن يعتقد المسيحيّون أنّ هذا السرّ اللاّهوتيّ، وهو خطيئة آدم وغضب الله على الجنس البشريّ بسببها ظلّ مكتومًا عن كلّ الأنبياء السّابقين، ولم تكتشفه إلاّ الكنيسة بعد حادثة الصّلب« ويقرّر الكاتب أنّ هذه المسألة هي من المسائل التي حملته على ترك النّصرانيّة واعتناق الإسلام لأنّها أمرته بما لا يستسيغه عقله.
ومن أغرب العجائب أنّ أسفار العهد القديم لم تدع جزئيّة من الجزئيّات التّافهة كأعداد قبائل بني إسرائيل وأسمائهم، وطول وعرض ووزن الأشياء في أسفار اللاوين والتثنية والعدد، وأكاذيب زنا داود بحليلة جاره، وزواج سليمان بـ 1000 امرأة، وزنا لوط بابنتيه !.. كلّ هذه التّفاصيل سُردت في أكثر من 1200 صفحة بتفصيل مملّ، ومقزز يدعو للغثيان؛ في حين أنّ الخطيئة التي هي أهمّ عقائد النّصرانيّة على الإطلاق لا تجد لها مكانًا بين ذلك الرّكام لا تلميحًا ولا تصريحًا!
أليس هذا الأمر محيّرًا ؟ بلى.
أليس هذا الأمر غير معقول ؟، بلى.
إنّ أكثر التّحليلات العلميّة للدّيانة النّصرانيّة تُرجع منبت هذه العقائد المنحرفة عن العقل والدّين "كالخطيئة " إلى الجهود المشبوهة التي قام بها أعداء التّوحيد في تدمير الدّين وتحريفه، وعلى رأس أولئك جميعًا بولس "شاؤول " الذي يعتقد النّصارى أنّه رسول المسيح، لقد لعب بولس دورًا خطيرًا في الهدم من الدّاخل، كان يصعب – إنّ لم يكن من المستحيل – فعله من الخارج، ولقد كان ذكيًّا – بل خبيثًا – عندما لم يخترع ديانة جديدة من عنده، إنّما عمد إلى عقائد فاسدة كانت موجودة في أديان الوثنيّين " البوذيّة، البراهميّة، المتراسيّة، المصريّة القديمة، وفلسفة الإغريق والرّومان ..الخ " فأخذ من هنا وهناك أشياء كانت شائعة في ذلك الزّمان، ثمّ ألصقها بالدّيانة النّصرانيّة الجديدة في غفلة من أهل العلم، وقد تزامن ذلك مع حملة اليهود والرّومان الشّرسة على الحواريّين وتلاميذ المسيح، فضاع الحقّ وأخذ مكانه الباطل المزخرف، الذي دعّمته فيما بعد سلطة الدّولة الرّومانيّة لما تنصرت.
وبخصوص الخطيئة يذكر علماء تاريخ الأديان وجود فكرة الخطيئة في أكثر الأديان الوثنيّة التي سبقت النّصرانيّة، يقول م. ويليام في كتابه (الهندوسيّة): »يعتقد الهنود الوثنيّون بالخطيئة الأصليّة، وممّا يدلّ على ذلك ما جاء في تضرّعاتهم التي يتوسّلون بها بعد "الكياتري" وهي: إنّي مذنب، ومرتكب للخطيئة، وطبيعتي شرّيرة، وحملتني أمّي بالإثم، فخلّصني يا ذا العين الحندقوقيّة، يا مخلّص الخاطئين يا مزيل الآثام والذّنوب«، ويقول هوك في كتابه (رحلة هوك): »يعتقد الهنود الوثنيّون بتجسّد أحد الآلهة وتقديم نفسه ذبيحة فداء عن النّاس والخطيئة« ويقول »ومن الألقاب التي يُدعى بها كرشنا: الغافر من الخطايا، والمخلص من أفعى الموت«.
وختامًا فإنّ الإيمان بالخطيئة ولّد عند الإنسانيّة كثيرًا من الآلام، والعقد النّفسيّة، يحدّثنا عن بعضها، كاتب نصرانيّ ما يزال على نصرانيّته ألّف كتابًا بعنوان (محمّد الرّسالة والرّسول) أنصف فيه الإسلام ونبيّه  وانتقد بشدّة فكرة الخطيئة والعقائد النّصرانيّة.
يقول الدّكتور نظمي لوقا: » وإنّ أنسى لا أنسى ما ركبني صغيرًا من الفزع والهول من جرّاء تلك الخطيئة الأولى، وما سيقت فيه من سياق مروّع، يقترن بوصف جهنّم، ذلك الوصف المثير لمخيّلة الأطفال، وكيف تتجدّد فيها الجلود كلّما أكلتها النّيران، جزاء وفاقًا على خطيئة آدم بإيعاز من حوّاء، وأنّه لولا النّجاة على يد المسيح الذي فدى البشر بدمه الطّهور، لكان مصير البشريّة كلّها الهلاك المبين، وإن أنسى لا أنسى القلق الذي ساورني وشغل خاطري عن ملايين البشر قبل المسيح أين هم؟ وما ذنبهم حتّى يهلكوا بغير فرصة للنّجاة ؟ فكان لا بدّ من عقيدة ترفع عن كاهل البشر هذه اللّعنة، وتطمئنهم إلى العدالة التي لا تأخذ البريء بالمجرم، أو تزر الولد بوزر الوالد، وتجعل للبشريّة كرامة مصونة، ويحسم القرآن( ) هذا الأمر، حيث يتعرّض لقصّة آدم، وما يُروى فيها من أكل الثّمرة؛ فيقول  وعصى آدم ربَّه فغوى، ثمّ اجتباه ربُّه فتاب عليه وهدى  طه 121 – 122… والحقُّ أنّه لا يمكن أن يقدِّر قيمة عقيدة خالية من الخطيئة الأولى الموروثة إلاّ من نشأ في ظلّ تلك الفكرة القاتمة التي تصبغ بصبغة الخجل والتأثّم كلّ أفعال المرء، فيمضي في حياته مضيّ المريب المتردّد، ولا يُقبِل عليها إقبال الواثق بسبب ما أنقض ظهره من الوزر الموروث.
إنّ تلك الفكرة القاسية – الخطيئة الأولى وفداءها – تُسمّم ينابيع الحياة كلّها، ورفعُها عن كاهل الإنسان منّة عظمى، بمثابة نفخ نسمة حياة جديدة فيه، بل هو ولادة جديدة حقًّا، وردٌّ اعتبار لا شكّ فيه، إنّه تمزيق صحيفة السّوابق، ووضع زمام كلّ إنسان بيد نفسه«.
قطعت جهيزة قول كلّ خطيب، يعجبني الإنصاف من أمثال الدّكتور نظمي لوقا، وهو المتبحّر في دراسة الإنجيل والكتب السّماويّة، وأين هو ممّن ادّعوا اعتناق النّصرانيّة في بعض البلاد الإسلاميّة – كبعض البربر مثلاً عندنا في الجزائر – الذين ناقشت بعضهم فوجدتهم لم يقرأوا شيئًا عن الإنجيل ولا يعرفون نصوص الكتاب المقدّس، وعند التّحقيق اكتشفت أنّ اعتناق النّصرانيّة عند أكثرهم – إن لم أقل كلّهم – كان مطيّة للحصول على تأشيرات سفر إلى أوروبا وأموال وامتيازات أخرى من جمعيّات وهيئات وسفارات غربيّة مشبوهة !

غير معرف يقول...

يقول العهد القديم من الكتاب المقدس """طبعا هذا الكتاب ليس مقدسا بل محرف وستعرف ذلك بنفسك من قراءة هذه الفقرة البسيطة منه والحمد لله الذي أنقذ "ماريو "و"اندرو" من قلة الادب والمسخرة من هذا النوع التي تحض علي الفاحشة في كتاب يفترض فيه القداسة والطهر"""، إنَّه بعد أن دمر الله قرية لوط وقضى عليها، فر لوط مع ابنتيه خارجها وأقاموا في مغارة جبلية، ولنترك الكتاب المقدس يكمل القصة بتفاصيلها... (وصعد لوط من صوغر وسكن الجبل وابنتاه معه، لأنه خاف أن يسكن في صوغر، فسكن المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلم نسق أبانا خمرا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا، فسقتا آباهما خمرا في تلك الليلة، فدخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة: إني قد اضطجعت البارحة مع أبي هلم نسقيه خمرا الليلة أيضا فادخلي فاضطجعي معه فنحيي من أبينا نسلا، فسقتا آباهما خمرا في تلك الليلة أيضا، وقامت الصغرى فاضطجعت معه، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب، وهو أبو المؤابيين إلى اليوم، والصغيرة أيضا ولدت ابنا دعت اسمه بن عمي، وهو أبو العمونيين إلى اليوم)
لا يفوتني أن أُعلق على هذه القصة التي تشبه "النكتة البورنوغرافية"، فهذا النبي الصالح، الشيخ الكبير، الذي حارب اللواط في قومه، واستبسل في دعوته للعفة والأخلاق الفاضلة، تستدرجه ابنتاه بهذه السذاجة ليقع في زنا المحارم، يشرب الخمر لحد الثمالة في ليلتين متتابعتين، فيفقد كل ذرات عقله، حتى إنَّه لا يعرف ما يقترفه من موبقات "جماع ابنتيه" كما تذكر القصة، كيف هذا؟
كيف يستطيع شيخ هرم وطاعن في السن، شارب للخمر لحد فقدان العقل والشعور والحركة، أن يجامع شابتين ناضجتين في ليلتين متتاليتين، وكيف -وهو في تلك الحال- أن يقدر عضوه التناسلي على الانتصاب، ثم يمارس الجنس ممارسة الفحول وينجب طفلين؟
لا شك أن هذه العملية بنتائجها، في هذه الظروف لا يتمكن منها إلا أشخاص خارقون على غرار "السوبرمان"!!
لكن هذا هو الكتاب المقدس الذي لا تنقضي غرائبه، فهو يفاجئنا دائما بقصصه التي تنم عنْ أمراض خطيرة في نفسية كتبة هذه الأسفار، مما يُعجز الجميع حتى فرويد بتحليله النفسي/الجنسي عن تفسير هذا النوع من الشذوذ.
والمهم أن كل العمونيين والمؤابيين من عرق أصله عملية جنسية آثمة، انحدرت من هذا الأصل غير الشريف امرأتان هما راعوث المؤابية ونعمة العمونية، جدات "المسيح الرب"، وقد أنجبتا لنا جدين من أجداد المسيح، وهما عوبيد ورحبعام، اللذين نجد اسميهما في سلسلة نسب المسيح.
ولنتأمل هذه الآية في سفر التثنية من الكتاب المقدس (لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منه أحد في جماعة الرب، لا يدخل عموني ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد) .
لقد حكم الله بالطرد من جماعة الرب على كل زان، ويلقى من بعده العقوبة ذاتها عشرة أجيال من الأحفاد، بل إن خاتمة النص المقدس تشير إلى طردهم من جماعة الرب إلى الأبد، ويخص بالذكر العمونيين والمؤابيين، الذين انحدر منهم المسيح، فكيف دخل نسل المسيح في جماعة الرب؟، وكيف أضحى المسيح عضوا في جماعة الرب؟، وكيف أمسى ثالث ثلاثة في الثالوث المقدس، بل الرب نفسه!!؟
من النساء اللائى ذكرهن الإنجيل أيضا راحاب أم بوعز، أحد أجداد المسيح، وراحاب هذه ورد ذكرها عدة مرات في سفر يشوع، وقد كانت تدير بيت دعارة في أريحا، وعُرفت براحاب الزانية، وهذا أحد تلك النصوص المقدسة (فأرسل يشوع بن نون من شطيم رجلين جاسوسين سرا قائلا، اذهبا انظرا الأرض وأريحا، فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك) .
وورد كذلك (راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت..) .
فراحاب هي "الزانية البطلة" في العهد القديم، لأنها أخفت جاسوسين يهوديين من أعدائهما في أريحا، مما رفع أسهمها لدى اليهود، فكافؤُوها بأن أنقذوها من الإبادة الجماعية، التي تعرض لها رجال ونساء وأطفال ودواب أريحا.
يقول الكتاب المقدس في سفر المجازر الوحشية (وحرموا -أبادوا- كل من في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف...واستحيا يشوع راحاب الزانية وبيت أبيها وكل ما لها، وسكنت في وسط إسرائيل إلى هذا اليوم) .
وبعد الإبادة الإجرامية كان لراحاب الزانية الشرف أن تتزوج سلمون، أحد أجداد المسيح وتلد بوعز جدا آخر للمسيح المسكين!!
وفي السياق ذاته يستمر الكتاب المقدس في رحلة القذف وهتك الأعراض والإهانة فيسرد لنا مغامرة امرأة أخرى من جدات المسيح وهي ثامار، جاءت قصتها مفصلة في إصحاح كامل وهو الإصحاح الثامن والثلاثون من سفر التكوين، مفادها أن يهوذا ابن يعقوب، أحد الأسباط الاثني عشر كان له كنة (زوجة ابنه ويسمى عير) تُدعى ثامار، ولما مات عير هذا، أي زوج ثامار وماتت كذلك حماتها زوجة يهوذا..خرج هذا الأخير يمشي ليجز غنمه.
يقول الكتاب المقدس (...فأُخبرت ثامار وقيل لها هو ذا حموك صاعد إلى تمنه ليجز غنمه، فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت، وجلست في مداخل عينايم التي على طريق تمنه...فنظرها يهوذا وحسبها زانية، لأنها كانت قد غطت وجهها فمال إليها على الطريق، وقال هاتي ادخل عليك، لأنه لم يعلم أنها كنته...ولما كان نحو ثلاثة أشهر أُخبر يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كنتك، وها هي حبلى أيضا من الزنا...وفي وقت ولادتها إذا في بطنها توأمان..دُعي الأول فارص والثاني زارح) .
وفارص هذا هو أحد أجداد المسيح، فمن القصة نعلم أن يهوذا زنا زنى المحارم، معتقدا أن الزانية عاهرة شوارع، فأنجب فارص، الذي رأينا اسمه في سلسلة نسب المسيح التي ذكرها كل من متى ولوقا!!
تقدم الكتب المقدسة اليهودية والنصرانية صورة مقززة لأحد الأسباط الاثني عشر، الذي لم تكد تمت زوجته، وهو الشيخ الكبير، إذ كان له ثلاثة من الأولاد البالغين سن الزواج، حتى استبدت به شهوته البهيمية واستولت على عقله غريزته الجنسية، فذهب يتسكع بحثا عن الداعرات في الشوارع، وتذكر لنا القصة التي اختصرتها، أنَّه دخل في مفاوضات مطولة مع الداعرة، إذ إنَّه لم يكن حينها يملك نقودا، فوافق على إعطاء ثامار خاتمه وعصاه وثوبه، رهنا إلى أجل مسمى، لقد كان حريصا على أن لا تفوته تلك الفرصة السانحة، لهذا فهو يتجرد من كل شيء ليقدمه رهنا ليشبع فقط نزوته الخسيسة...
إنها مأساة حقيقية أن ينتمي إنسان يحترم النبوة والرسالة والأخلاق إلى هذا الدين، الذي يجعل من الأنبياء والرسل أشد فسقا من عتاة الزناة في شوارع أمستردام وروما وباريس.
وهل تنتهي هذه الحلقات المخزية بهذا الحد؟ لا!، ويأبى الكتاب المقدس إلا أن يفرغ المزيد مما في جعبته القذرة.
يحكي لنا إنجيل متى كما لاحظنا في سلسلته المسلسلة بالزناة والزانيات وأبناء الزنا، عن بطلة أخرى لأقدم مهنة في هذا العالم، كما يشير الغربيون إلى مهنة إمتاع المرأة للرجل جنسيا.
يقول متى في السلسلة (وداود ولد سليمان من التي لاوريا) .
من هي التي لاوريا؟
ذِكر متى لها هو تعريض بداود، إذ هذه التي لاوريا، هي بتشبع زوجة اوريا الحثي، أحد قادة جيش داود الأشاوس، وتقول القصة أن اوريا الحثي كان يقود إحدى المعارك الطاحنة المقدسة في ميدان الحرب، أما داود فقد كان مشغولا بزوجة القائد على فراش الخيانة، مع أنه كان له زوجات عديدات.
يقول الكتاب المقدس (وأما داود فأقام في أورشليم، وكان في وقت المساء أن داود قام على سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة عارية تستحم، وكانت المرأة جميلة المنظر جدا، فأرسل داود وسأل عن المرأة، فقال واحد من أهل البيت هذه بتشبع بنت اليعام امرأة اوريا الحثي، فأرسل داود رسلا وأخذها، فدخلت إليه واضطجع معها، وهي مطهرة من طمثها!، ثم رجعت إلى بيتها، وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت إني حبلى...)1.
وفي بقية القصة أن داود لما علم بأن بتشبع زوجة اوريا قد حبلت منه بالزنا، حاول أن يغطي على جريمته، فاستدعى قائده اوريا زوج المرأة الزانية من المعارك البعيدة، ومنحه عطلة ليذهب فيضاجع زوجته بتشبع، حتى يقال إنَّه سبب في الحمل الذي في بطنها، لكن اوريا كان أشرف من داود، حيث قال لداود كيف يمكن أن ادخل على زوجتي أضاجعها بينما جنودي في المعارك يقاتلون!؟
فالقائد المخلص لقضيته، يتعالى ويترفع عن ممارسة الجنس مع زوجته في زمن قتال الأعداء، مفكرا في جنوده في ساحات الوغى، أما داود النبي، القائد العام للقوات المسلحة، فهو يستغل فرصة انشغال الزوج في الحرب ليسطو على فراشه وينتهك عرضه ويستحل فرج أهله.
أفشل زوج اوريا بشهامته خطة داود، فما كان منه إلا أن كتب لأحد القادة، يطلب منه دفع اوريا الحثي إلى الخطوط الأمامية للمعركة، ليُلقى عليه حجر من أحد حصون العدو فيُقتل، فنُفذ المخطط وقُتل ارويا، فاستفرد داود القاتل والزاني بالأرملة بتشبع وضمها إلى نسائه، وأصبحت فيما بعد أم سليمان النبي المعروف .
هذا هو إذن داود، أعظم رسل وملوك العهد القديم، أشبه بأحد أبطال المافيا الإيطالية، وهذا هو ابنه سليمان الذي طارت الأخبار بمناقبه في دنيا الإنس والجن، تجعل منه الكتب المقدسة "اليهودية النصرانية" ابن زانية كانت تسبح عارية في منتصف الليالي أمام أعين " الجاي والرايح"!!
ويورد لنا النص الذي سبق معلومة في غاية الأهمية، وهي أن داود زنى ببتشبع وهي طاهرة من طمثها، نعم لم تكن حائضا، فالحائض كانت منبوذة في العهد القديم ويحرم وطْؤُها، وهذا يدل على أن داود يحترم تعاليم الديانة اليهودية فيما يخص وطأ الحائض، وهذا غاية الورع أن تزني بحليلة جارك، شرط أن تكون طاهرة من حيضها!، فهي فرصة أن تحبل المرأة ثم تغتال زوجها بدم بارد!
في كل صفحة من صفحات العهد الجديد نقرأ هذه اللازمة "المسيح ابن داود"، فالكتاب المقدس يفتخر بهذا النسب، متناسيا أن الأوْلىَ كان إقامة حد الزنا والقتل على داود وبقية الزناة من سلسلة نسب المسيح، حسب تعاليم الشريعة الموسوية، يقول الكتاب المقدس (إذا وُجد رجل مضطجعا مع امرأة بعل يُقتل الاثنان، الرجل المضطجع مع المرأة، فتنزع الشر من إسرائيل) .
وفي السفر نفسه جاء قوله (لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب) .
إن نسب المسيح المخزي الذي يذكره الكتاب المقدس، وعلى رأسه الإنجيل المحرف هو إهانة كبيرة وقلة أدب متعمدة للنيل منه، ووراء تلك الاتهامات أعداء الرسل والرسالات، وكان الأولى بالإنجيل أن يبتعد كل البعد عن مثل هذا النسب، ليس فقط لأنه مطرز بالزناة وأبناء الزنا، وإنما أيضا لأن أمه هي مريم التي أحصنت فرجها، أما من ناحية الأب، فليس ابنا لأحد وإنما هو كلمة الله، ولا علاقة له البتة بيوسف النجار ولا الحداد ولا الخياط، فما أقبح التزوير والتحريف، خصوصا إذا ركب هذا الجنون من اتهام أشرف الناس بأخس الأشياء في الناس.
إن اتهام الأنبياء بالفجور والفسق ديدن اليهود والنصارى حتى الآن، وانهم لا يتورعون أبدا عن إلصاق هذه القذارات بأشرف الناس، وفي رأي الأب الماروني اللبناني بطرس الفغالي مَثَلا، كما صرح في أحد تلفزيونات التزوير التبشيري، فإن تعدد الزوجات الإسلامي هو زنا، ولا يستثني الأنبياء من ذلك.
وإذا علمنا أن الجد الأكبر إبراهيم-عليه السلام- ومن بعده الأبناء والأحفاد، كإسحاق ويعقوب والأسباط وداود وسليمان...مارسوا تعدد الزوجات، حتى إن سليمان - كما ورد في الكتاب المقدس- كان يملك ألف (1000) زوجة، فهذا يعني أن العشرات من آباء المسيح وأجداده هم من الزناة بهذا المفهوم، ومن ثم يصبح المسيح المنحدر من تلك السلسلة حفيدا من الزنا على أقل تقدر في جانبه الناسوتي، حسب هذا القسيس الجاهل!!
وأعتقد أن القس بطرس الفغالي كان منفعلا ومحموما في نقد تعدد الزوجات عند المسلمين، مما دفعه إلى اعتباره زنا، الأمر الذي جعله يرمي نسل ربه المسيح بفرية أخرى دون أن يشعر.
لقد جاء القرآن ليعيد الاعتبار لمريم ويبرأها من كل كلام قبيح في شرفها، كما أنه أثبت الولادة الإعجازية للمسيح -عليه السلام- ليبقى بذلك المسيح وسائر الرسل، الذين اصطفاهم الله أرفع من أن تدنس أعراضهم من الحاقدين والمغرضين، فهل يتنبه النصارى لما فعلوه بالمسيح - عليه السلام-؟
أما نبينا محمد -- فلقد تواترت الأخبار عن صفاء وطهر آبائه وأجداده، وليس المقام مقام ذكر تلك النصوص، ونكتفي بما رُوي في بعض الآثار عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنهما- قال قال النبي –-: "لم يلتق أبواي قط على سفاح، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة، مُصفى مهذبا، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما".
وما رُوي عن علي ابن أبى طالب -رضي الله عنه- قال قال النبي --: "خرجتُ من نكاح لا من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، ولم يصبني شيء من سفاح أهل الجاهلية".
وأنشد المحدث شمس بن ناصر الدين الدمشقي فقال:
حفظ الإله كــــرامة لمحمد آباءه الأمـجاد صونا لاسمه
تركوا السفاح فلم يصبهم عاره مـن آدم والى أبيـه وأمـه

غير معرف يقول...

بولس والمرضى :

رجل عاجز الرجلين مقعد منذ ولادته ولم يمش قط (أعمال 14/8) " قال له بولس : قم على رجليك منتصباً . فوثب وصار يمشي " (أعمال 14/10).

بولس ليس من الحواريين ولا حتى من تلاميذ عيسى ولا سمعه ولا رآه . ومع ذلك صار إذا صاح بالمشلول مشى !!! هل حدث هذا فعلاً ؟! من أين جاءت معجزة الشفاء إلى بوليس ؟! المعجزات للرسل الذين يرسلهم الله . وبولس ليس واحداً منهم . بولس يقول أرسله عيسى (بعد موت عيسى) !! كيف بعد موته ؟! كما أن الرسول لا يبعث رسولاً مثله . مرسل الرسل والأنبياء هو الله . الرسول (الذي أقصده) هو من يختاره الله لتبليغ كلمات الله وينزل الله عليه وحياً . ولا أقصد بالرسول أي داعية أو مفوض أو سفير. هلاء رسل بالمعنى اللغوي . ولكن بالمعنى الاصطلاحي أقصد بالرسول كما ذكرت: إنسان يختاره الله لتبليغ كلمات الله إلى الناس وينزل عليه وحياً؟! قد يستطيع شخص عادي ذو شخصية قوية أن يحقق تأثيراً نفسياً ما على مريض ما وينجح في شفائه إذا كان مرضه ذا أصول نفسية مرتبطاً بالخوف أو الوهم أو ما شابه. وما حققه بولس (إن كان قد حدث فعلاً ) يقع في هذا النطاق ليس إلا .

إلغاء الختــان :

اختلف تلاميذ عيسى وتلاميذ في مسألة الختان ، فاجتمعوا . وقال بطرس : " أنا أرى أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم . بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن الأصنام والزنى والمخنوق والدم " (أعمال 15/19 – 20) .

نلاحظ هنا ما يلي :

1- يقول بطرس : " أنا أرى " إذاً هذا رأيه الشخصي ، وليس وحياً من الله ، كما يزعمون من أن " العهد الجديد " وحي من الله !!

2- بطرس كبير الحواريين يلغي الختان وقد أقره عيسى ضمن شريعة موسى. وعيسى نفسه قد ختن . فكيف يعارض بطرس إقرار عيسى وهو كبير حوارييه؟! إن آخر شخص كان يتوقع منه أن يعارض عيسى هو بطرس. ولكنه فعلها!!!

3- لقد أقر عيسى كل ما شرع في شريعة موسى. والمحرمات هناك كثيرة . فكيف سمح بطرس لنفسه أن يلغي شريعة موسى ، وهو الأمر الذي لم يفعله عيسى نفسه ؟! عيسى قال " ما جئت لأنقض بل لأكمل " (متى 5/17). فكيف نقض بطرس ما أثبته عيسى !!! لقد قصر بطرس المحرمات على ما ذبح للأصنام ولحم المخنوق والدم، في حين أن المحرمات في التوراة عديدة جداً : الجمل والأرنب والوبر والخنزير وما له زعانف وما له حرشف وما له ظلف مشقوق وما يجتر وله ظلف منقسم، والنسر والعقاب والشاهين والنعامة والباز والبوم والقلق والببغاء والهدهد والخفاش ودبيب الطير، والجثة.. إلخ (تثنية 14/ 3-23). كيف ألغي بطرس كل هذه المحرمات الواردة في التوراة والتي أقرها عيسى ؟!

4- هل من صلاحيات بطرس أن يلغي ديانة عيسى ؟! هل فوض عيسى بطرس بإلغاء تعاليم عيسى نفسه ؟ !!!

والغريب في الأمر أن مجمع التلاميذ والشيوخ الذين اجتمعوا لبحث مسألة الختان والذين سمعوا بطرس لم يعترضوا عليه . بل وافقوه وتبنوا رأيه وكتبوا بيديهم رسالة إلى التلاميذ في الأمم جاء فيها : " قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة . ان تمنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنى " (أعمال 15/28-29) .

ونلاحظ على هذه الرسالة ما يلي :

1- لم يقولوا " رأى روح القدس " فقط ، بل قالوا " ونحن " وكأنهم اجتمعوا مع الروح القدس وتداولوا في الأمر وتوصلوا إلى قرار بناء على مداولاتهم مع الروح القدس !! ولا ندري كيف عرف المجتمعون رأي الروح القدس !!!

2- القرار ليس من الروح القدس ، لأنهم قالوا "ونحن" . ولو كان من الروح القدس فقط لما قالوا " ونحن " والصحيح أن الروح القدس لم يشترك معهم (في التصويت !!) بل حشروا اسمه في الجملة كالعادة .

3- كان القرار بناء على اقتراح من بطرس حيث قال " لذلك أنا أرى " (أعمال 15/19) ، ولم يكن للروح القدس أية علاقة بما رأوا وما قرروا .

4- لقد كان قراراهم خاصاً بالأمم ، أي أنه يجوز لغير اليهود ألا يختنوا. والسؤال: هل هناك تشريعان واحد لليهود وواحد لسواهم ؟!! تفرقة عنصرية حتى في الختان !!!!

ونلاحظ فيما بعد أن الكنيسة الغربية أباحت أكل الدم ولحم المخنوق . ولذلك نراهم في أوروبا يقتلون المواشي بالرعشة الكهربائية فلا ينزل دمها منها ويأكلون الدم مع اللحم . وبقيت الكنيسة الشرقية تحرم الدم والمخنوق .

وماذا بقي ؟ حسب رأي بطرس والمجمع ، والمحرمات أربع فقط : الزنى والدم والمخنوق وما ذبح للأصنام . النزير أباحه بطرس في أحلامه ووافقت الكنيسة على أحلامه . والدم المخنوق أباحته الكنيسة الغربية (صحتين وعافية !!) والزنى سهلوا له كل عناصر الازدهار (خمر واختلط وتعرية ) فماذا بقي من المحرمات ؟!! وما ذبح للأصنام . امتنعوا عن الذبح كله ليبقى الدم مع اللحم فيأكلونها معاً . واكتفوا بذبح البشر في مجازر متفرقة في لبنان ( صبر وشاتيلا ) وفي فلسطين وفي فيتنام وفي جنوب إفريقيا وفي هيروشيما وناجازاكي . وماذا بقي ؟! اشرب كل شيء وكل أي شيء (لأن كل شيء طاهر للطاهرين حتى الحشيش والأفيون طاهر للطاهرين !!) نعم اشرب ما تشاء ( حتى الخمرة وسمومها ) وكل ما تشاء وافعل ما تشاء (بشرط ألا يراك رجال الشرطة ) حتى المحرمات الأربعة التي أبقاها بطرس أباحوها واقعياً أو تشريعياً . فالزنى تبيحه جميع الدول الغربية النصرانية . وليست تبيحه فقط ، بل تشجعه وتسر بانتشاره . وإذا قام رئيس ما في مكان ما ( في بلد إسلامي مثلاً ) وأراد قص أجنحة الزنى نظر إليه الغرب بعين الشك والريبة . يخافون من الصلاح ويسرون بالفساد !! أليست هذه هي الحقيقة ؟ أعطوني تصريحاً واحداً لزعيم أوروبي واحداً . المهم عندهم الميزان التجاري وسعر الدولار وسعر النفط والتوازن العسكري . أما الأخلاق ، حماية الأسرة ، نظافة المجتمع ، مخافة الله ، هذه كلها ليست في قاموسهم !!!

وما بقي من المحرمات لدى بطرس والمجمع ؟! وماذا بقي بعد بطرس والمجمع؟! المحرمات كثيرة في التوراة التي جاء عيسى ليقرها . فلم تعجب التوراة تلاميذ عيسى . فجاء بطرس وحلم وأباح جميع المأكولات وجميع اللحوم . ثم جاء بطرس والمجمع وشرعوا عدم الختان . ثم أباحوا الطلاق الذي حرمه عيسى وكان قد أباحه موسى . وجاء عيسى وألغى عقوبة الزنى (حسب أناجيلهم ) !! وجاء عيسى وشجع على شرب الخمر (بزعمهم) حين حول الماء إلى خمر !! ثم جاءت الكنيسة الغربية وأباحت أكل الدم ولحم المخنوق . ثم جاءت حكومات الغرب وشجعت الزنى وسهلت له كل الطرق . والنتيجة هي : كل ماتشاء اشرب ما تشاء افعل ما تشاء . وسموا هذا ديناً . ما هو دينك ؟ النصرانية . ما هي الأشربة المحرمة ؟ لا شيء ما هي الأطعمة المحرمة ؟ لا شيء ما الأفعال المحرمة ؟ لا شيء ما هو واجباتك نحو الله ؟ لا شيء هذا هو دينهم كما صنعته الكنيسة ، لا كما أرداه الله !!!

اسمان لكل منهم :

يكثر الانجيل ذكر اسمين لكل شخص بدءاً من عيسى. فالمسيح له اسماء عديدة عندهم: المسيح ، عيسى ، يسوع ، ابن الله ، ابن الإنسان ، الابن ، حمل الله ، الراعي الصالح، ابن داود، ابن يوسف النجار، الرب ، المعلم ، السيد ، ملك اليهود، الابن الوحيد ، الابن الحبيب ، ربوني ، رئيس الرعاة ، الخروف . كل هذه الاسماء وردت في أناجيلهم . فعيسى عندهم هو ابن الله ، وابن الإنسان ، وابن يوسف وابن داود في آن واحد !! وهو الرب وابن الله في آن واحد !! وهو الله وابن الله في آن واحد !! وهو ابن الله وابن الإنسان في آن واحد !!

وأما سمعان فهو بطرس . ولباوس (من الحواريين) هو تداوس . وسمعان القانوني هو يهوذا الإسخريوطي (الذي خان عيسى) ، وهو من الحواريين . وأما شاول فهو بولس . وأما يوحنا فهو مرقس . وهناك يهوذا آخر هو برسابا .

الإنقاذ من السجن :

الانتقاد الذي نعرفه هو أن الصالحين الصادقين يرون شخصاً مظلوماً في السجن فيهبوا للدفاع عنه بل قد يضحون بحياتهم لإنقاذه . ولكن الإنقاذ هناك يختلف :

1- ملاك يدخل سجن بطرس ويحطم سلاسله وهو نائم ويقول له قم وارخج !! (أعمال 12/7).

2- زلزال يزعزع أساسات السجن وتنفتح الأبواب وتتحطم القيود ويخرج بولس وصاحبه سيلاً من السجن !! (أعمال 16/26).

إذا كان الملاك قد هب لإنقاذ بطرس وضرب بالزلزال السجن لإنقاذ بولس وسيلا، فلماذا يستغربون أن ينقذ الله عيسى من العسكر ؟! لماذا يجوز إنقاذ بطرس وبولس ولا يجوز إنقاذ عيسى ؟! أيهما أولى إنقاذ التلميذ وتلميذ التلميذ ؟! يصدقون أن يتدخل الله لإنقاذ التلميذ بطرس وإنقاذ تلميذ التلاميذ بولس ، ولكنهم لا يصدقون أن ينقذ الله المعلم عيسى !!! لماذا ؟!! يقال لهم إن الله قدير وقادر ومقتدر . لا يصدقون . يقال لهم إن الله رحم عيسى وأنقذه من الإهانات والبصق والجلد ، فلا يصدقون . يقال لهم عيسى أرفع من أن يضرب ويهان ويبصق عليه ويلكم ويلطم، فلا يصدقون . يصدقون كل شيء إلا أن الله أنقذ عيسى من العسكر والصلب !!! لماذا يريدونه على الصليب وكفى !!!

الرب والإله:

1- قال بولس لأهل اثينا : " الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه إذ هو رب السماء والأرض " (أعمال 17 / 24) .

2- بعدما سمعوا كلام بولس "اعتمدوا باسم الرب يسوع " (أعمال 19/5) .

في النص الأول الخالق هو رب السماء والأرض. وفي النص الثاني، عيسى هو الرب: نصان: نص يقول الإله هو الرب ونص يقول عيسى هو الرب. تناقض واضح. الإله هو الذي خلق العالم فماذا خلق عيسى؟! الإله هو رب السماوات والأرض ، وعيسى رب ماذا إذاً ؟!

الويل لمن افترى على الله والويل لمن افترى على عيسى رسول الله !!! الويل للمفترين من الله !!

الذي بعده:

" قال بولس إن يوحنا (أي يحيى) عمد بمعمودية التوبة قائلاً للشعبان يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي بالمسيح يسوع " (أعمال 19/4) .

نلاحظ هنا بطلان تفسير بولس بأن الذي يأتي بعد يحيى هو المسيح يسوع، ذلك لأن عيسى لم يأت بعد يحيى ، بل كان معاصراً له . ومن المعروف أن يحيى ولد قبل عيسى بخمسة شهور فقط . كما أن كليهما كانا نبيين في وقت واحد . والدليل في الإنجيل ، حيث يروي ( متى 3/13 – 15) أن عيسى جاء من الجليل إلى الأردن ليعتمد من يحى (يوحنا المعمدان ) هذا يدل على أن يحيى كان نبياً يعمد الناس " ولكن يحيى منعه قائلاً أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي . فأجاب يسوع وقال له اسمح الآن" (متى 3/14 – 15) لماذا رفض يحيى أن يعمد عيسى ؟ لماذا قال يحيى لعيسة أنا بحاجة إليك لتعمدني ؟ لأن عيسى نفسه كان نبياً رسولاً في ذلك الوقت ايضاً ، وإنما جاء ليعمده يحيى تواضعاً منه ليحيى واعترافاً منه بنبوته . إنه وتوضاع الأنبياء وتصديق كل منهم للآخر .

يحيى يريد أن يعمده عيسى ، وعيسى يريد أن يعمده يحيى . كلاهما تواضع للآخر وكلاهما صدق الآخر. هذه أخلاق الأنبياء وتواضعهم . إذا كان عيسى نبياً رسولاً وكان يحيى نبياً رسولاً في الوقت ذاته . والذي قال عنه يحيى " آمنوا بالذي يأتي بعدي " (أعمال 19/4) وقال عنه " يأتي بعدي من هو أقوى مني لذي لست أهلاً أن أنحني وأحل سيور حذائه " هو الذي يأتي بعد يحيى هو الرسل محمد (e). لماذا هو محمد ؟ لأنه هو الذي جاء بعد يحيى ولم يأت بعد يحيى رسول سوى محمد (e)، أما عيسى فقد كان معاصراً مزامناً ولم يأت بعده .

لمسة بولس :

وعظ بولس قوماً ثم اعتمدوا " باسم الرب يسوع " ( أعمال 19/5) ولو اعتمدوا باسم الله لكان خيراً لهم . ولكنهم نسوا الله وتذكروا يسوع فقط !!! نسوا الله وتذكروا المخلوق !! وماذا ينفعهم ذلك ؟!

ثم " لما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بغات ويتنبأون " ( أعمال 19/6) لمسة من بولس ويحل الروح القدس !! إذا لماذا يدعو بولس الناس ويتعب نفسه ؟! فقط عليه أن يضع يده على كل شخص وبذلك يحدث المطلوب الأكيد !! لماذا التعب والعناء ؟ لمسة واحدة يحصل المراد !! لوماذا لم يلمي بولس اليهود الذين رجموه وجروح خارج المدينة (أعمال 14/19) ؟! لقد جروه ورجموه وضربوه ، فلماذا لم يلمسهم ليحل عليهم الروح القدس ؟!! ولماذا لم يلمس اليهود الذين جروه خارج الهيكل (أعمال 21/30) ؟!!

لقد وضع بولس في السجن مراراً ، فلماذا لم يلمس السجان ليحل الروح القدس عليه ويخرجه من السجن ؟! وأخيراً جاء نيرون وقتل بولس ، فلماذا لم يلمسه بولس تلك المسة التي يحل معها الروح القدس على الملموس فيصبح الملموس مملوءاً إيماناً وبراً ؟!!! أين كانت تلك اللمسة عندما رجموه أو سجنوه أو قتلوه ؟!!

ولمسة بولس لم تؤد إلى حلول الروح القدس على الملموسين فقط !! بل صار الملموسين يتكلمون لغات . ما معنى هذا ؟ ما أفهمه أن الوحد منهم صار يعرف لغات فجأة . وهذه طريقة فريدة في تعليم اللغات ! لمسة من بولس فيصير الملموس متعدد اللغات !! هذه معجزة لم تؤت حتى لموسى ولا لعيسى ولا لأحد قبل بولس ولا بعده !! لمسة واحدة وتعرف عدة لغات !! بولس الذي قتل الناصرى واضطهدهم وكان أعدى أعداء المسيح صارت تجري على يديه المعجزات !! هذا غير معقول لأن أحداً لم يقل إن بولس رسول الله أو نبيه ، حتى بولس نفسه لم يدع ذلك ، بل كل ما تجاسر أن يدعيه هو انه رسول المسيح ، علماً بأنه ادعى ذلك بعد فوات الأوان ، إذ كان عيسى قد رفعه الله إليه وانتهى دوره .

بولس يقص:

ثار اليهود على بولس في الهيكل في أورشليم . ومما أجج ثورتهم أنهم اتهموه بإدخال يوناني إلى الهيكل فقالوا "حتى أدخل يونانيين إلى الهيكل ودنس هذا الموضع " (أعمال 21/28) لاحظ عنصرية اليهود، إذ اعتبروا دخول يوناني إلى الهيكل تدنيساً له !!

فهاجموا بولس في الهيكل وجروه خارجه وأرادوا قتله (أعمال 21/31) فحضر العسكر لحمايته وقال بولس لهم : " أنا رجل يهودي طرسوسي " (أعمال 21/39) لاحظ أنه يهودي . ثم قص بولس على الجموع قصة سقوطه على الأرض خوفاً من البرق وسماعه صوت عيسى (بعد نهاية عيسى) قائلاً له : "شاول شاول لماذا تضطهدني . فأجبت من يا سيد . فقال لي أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده " (أعمال 22/7-8).

الرواية هنا في (أعمال 22/7-8) تختلف عنها في أعمال (8/4-6) هنا يقول " أنا يسوع الناصري" وهناك "أنا يسوع" دون (الناصري) هناك زاد المسيح بعد أن عرف على نفسه وقال: "صعب عليك أن ترفس مناخس " (أعمال 9/5) هنا لم يرو هذه الجملة. لماذا اختلفت رواية بولس في المرة الثانية عن المرة الأولى ؟!!! والسؤال الأهم لماذا فقد بولس بصره لمدة ثلاثة أيام بعد تلك الواقعة ؟!!! تفسيري هو أن بولس حدث له تأنيب ضمير وهو يطارد أتباع المسيح ويقبض عليهم ويجلدهم ويسجنهم. وكان خائفاً في قرار نفسه من عقاب الله ومن عدم تصديقه لعيسى. وكان مسافراً في مهمة لمطاردة أتباع المسيح في دمشق . وفي الطريق وطول السفر أصابه التعب والإعياء والقلق مما يفعل. وجار البرق الخاطف. فزاد خوفه من الله : سفر وتعب وقلق وبرق خاطف وتأنسي ضمير . في تلك اللحظة وقع شاول (الذي هو بولس فيما بعد) على الأرض خائفاً وتوهم أنه سمع عيسى يعاتبه ويأمره. إن المسألة لا تزيد عن وهم أصاب شاول نتيجة لحالة نفسية وضغط نفسي تعرض له. كما أنه لا شعور أراد أن يكفر عن أفعاله ضد أتباع المسيح في دمشق.

قد يكون كل رواه بولس (شاول) قد حدث حسب إحساسه هو . رأى برقاً . نعم ممكن. وقع على الأرض ، محتمل . توهم أنه سمع صوت عيسى . محتمل أنه توهم ذلك. ولكن كما ذكرت ، بعد أن رفع الله عيسى ، لا يعقل أن يعود عيسى ليخاطب بولس ، وبولس فقط . إن المسألة لا تعدو كونها حالة نفسية أصابت بولس يغذيها اللاشعور الراغب في التكفير عن جرائم بولس في اضطهاد أتباع المسيح . تحت وطأة السفر والبرد والبرق الخاطف والتعب والقلق وتأنيب الضمير والخوف من اله (لتكذيبه عيسى واضطهاده أتباعه) سقط بولس على الأرض خوفاً من البرق وأصابه العمى النفسي لمدة ثلاثة أيام وامتنع عن الأكل والشرب . وتوهم عند سقوطه أن عيسى كلمه وعاتبه وكلفه بنشر الدعوة . اقول هذا إذا صحت روايته أسساً . ولكن التناقضات في روايات بولس نفسه عن الأمر تجعل احتمال وقوعه ضعيفاً جداً .

رواية بولس الأولى كانت في (أعمال 9/1-10) وروايته الثانية في (أعمال 22/6-12) وله رواية ثالثة (عن عتاب عيسى له) في (أعمال 26/12-19) وهناك الملاحظات الآتية على هذه الروايات الثلاث :

1- ما رواه بولس عن كلام عيسى يختلف في كل رواية عن الراوية الأخرى !!

2- في الرواية الأولى والثانية سقط بولس وحده على الأرض . وفي الثالثة سقط بولس ومن معه من المسافرين (أعمال 26/14) .

3- في الرواية الأولى والثانية لم يذكر اللغة التي تكلم بها عيسى معه . وفي الثالثة قال هي اللغة العبرية (أعمال 26/14) .

4- في الرواية الأولى والثانية ، عندما سأل بولس عيسى (حسب زعمه) عما يجب عليه أن يفعل ، أجاب عيسى أذهب إلى دمشق وهناك خبرونك (أعمال 9/6، أعمال 22/10) ولكن في الرواية الثالثة لم يطلب منه عيسى أن يذهب إلى دمشق، بل قال له قم وأرسله إلى الأمم (أعمال 26/16-17) .

5- وفي الرواية الأولى والثانية ، فقد بولس البصر بسبب البرق الخاطف . في الرواية الثالثة ، لم يذكر فقد بصره ! .

6- في الرواية الأولى ، ذكر أن بولس فقد بصره لمدة ثلاثة أيام وشفاه التلميذ حنانياً في دمشق. وفي الرواية الثانية لم يذكر مدة فقده للبصر ولم يذكر أو حنانيا شفاه . وفي الرواية الثالثة لم يذكر فقد بصره أساساً !

7- وفي الرواية الأولى ، ورد أن بولس لم يأكل ولم يشرب لمدة ثلاثة أيام . في الرواية الثانية والثالثة لم يرد ذلك !

8- في الرواية الأولى والثانية ورد ذكر التليمذ حنانيا على أنه استقبل بولس في دمشق . وفي الرواية الثالثة لم يرد ذكر حنانيا على الإطلاق !

9- في الرواية الأولى ، وردت عبارة " صعب عليك أن ترفس مناخس" مع تعريف عيسى لنفسه . وفي الرواية الثانية ، لم ترد هذه العبارة . وفي الرواية الثالثة ، وردت مع نداء عيسى لشاول وعتابه له مباشرة !

10- في الرواية الأولى والثانية ، لم يطلب عيسى من شاول (أي بولس) أن يدعو الأمم (أي غير اليهود) . ولكن في الثالثة ، طلب منه ذلك " أنا الآن أرسلك إليهم (أي إلى الأمم ) (أعمال 26/17) .

11- في الرواية الثانية، قال حنانيا لبولس " قم واعتمد واغسل خطاياك" (أعمال 22/16) ولم ترد هذه في الرواية الأولى ولا في الثالثة !

12- في الرواية الأولى والثانية ، ذكر رد فعل المسافرين معه . في الرواية الثالثة لم يرد ذكر على الإطلاق !

13- في الرواية الأولى والثانية ، قال بولس "ماذا أفعل يا رب" وفي الثالثة لم يرد ذلك السؤال !!

وهكذا نرى مدى الاختلافات بين روايات بولس عن الحادثة التي وقعت له . كلما رواها وصفها بطريقة مختلفة . على ماذا يدل هذا التناقض في روايات المتكلم عن حادثه وقعت له وخاصة إذا كانت الحادثة من نوع كلام بولس مع عيسى الذي كلمه من اسماء (حسب زعمه) ؟! حادثه مبهرة من ذلك النوع لا ينساها صاحبها !! فلماذا تناقضت رواياته عنها ؟!!!

والأعجب من ذلك أن بولس تراجع عما قال إنه سمعه ورآه فوصف كل ما حدث على أنه "رؤيا" (أعمال 26/19) أي حلم . رأى عيسى في الحلم !!! كا أكثر أحلامهم . بطرس حلم أن الله أباح لحوم جميع الحيوانات !!! وها هو بولس يحلم أنه سمع عيسى يخاطبه ويأمره بنشر الدعوة بين الأمم . بولس (النائم) يحلم أن عيسى (الميت) يخاطبه . الميت يخاطب النائم !!! لا الميت يتكلم ولا النائم يسمع !!! ومع ذلك صدقوا بولس . ولكن بولس كسف نفسه بتناقض رواياته الثلاث ثم بوصفه ما سمعه أنه "رؤيا" أي حلم من الأحلام !!!

إذا روى شخص قصة هامة وقعت له وكرر روايتها مرتين ووجدت فيها عشرات الاختلافات والتناقضات الرئيسية ، فماذا تقول عن قصته ؟!! وماذا تقول إذا قال لك قصتي وقعت لي في الأحلام ؟

غير معرف يقول...

مقدمة :
إن بناء الأسرة يستغرق جهوداً عظيمة ابتداء بالبناء العقدي والأخلاقي ، ومن المعروف أن موقف الإسلام من المرأة يعد رائداً متميزاً مقارنة بالأمم الأخرى قديماً وحديثاً ، ومن الواضح أن الأسرة المسلمة يتربى أفرادها أولاً تربية عقدية أخلاقية ، ثم لا يكون تأسيسها لأسرة جديدة عشوائياً بل يخض لاختبارات من قبل أهل الفتاة ، وكذلك عند أهل الزوج حتى إذا تكونت الأسرة واكبها الإسلام بالتوجيهات والنصح وأحاطها بالأهداف السامية العظيمة .
لهذا كله لما جاء الإسلام ووجد أن التعدد موجد ولكن لاينتظمه نظام ولا حدود ولا قيود ما كان منه إلا أن وضع له نظاماً تشريعياً . ونود أن نشير هنا إلى أن الكتابة عن التعدد لم تكن تحتل مستحة كبيرة في تراثنا الإسلامي أيام عظمة المسلمين وحضاراتهم ، فما كان الأمر يتعدى كتاب النكاح والعدل بين الزوجات دون إطالة زائدة أو حديث حول الأصل في الزواج هل هو التعدد أو الزوج الواحدة ، وما أجمل ما قاله سيد قطب رحمه الله : (أن الإسلام لم ينشئ التعدد بل حدده ، ولم يامر بالتعدد بل رخص فيه وقيده وأنه رخص فيه لمواجهة واقعيات الحياة البشرية ، وضرورات الفطر الإنسانية … فالحكمة والمصلحة مفترضتان وواقعتنا في ك لتشريع إلهي سواء أدركها البشر أم لم يدركوها في فترة من فترات التاريخ الإنساني القصير عن طريق الإدراك البشري المحدود) ( ).
وفي هذا الفصل نتناول الزواج بأكثر من زوجة بالحديث أولاً عن التعدد عند اليهود وعند النصارى وفي الواقع الأليم ثم نتناول حكمة الزواج بأكثر من زوجة في الإسلام ونحاول بعد ذلك التعرف على حكم هذا الزواج ، هل هو للضرورة أو للحاجة أو هل هو مباح وغير ذلك من المصطلحات الفقهية ، ويكون خاتمة البحث الحديث عن ضوابط الزواج بأكثر من زوجة .
1) : التعدد عند اليهود :
هل تعدد الزوجات نظام جديد على البشرية ؟! الحقيقة أنه نظام قديم جداً لكنه لم يعرف التنظيم والضوابط إلا في التشريع الإسلامي ؛ فاليهود عرفوا تعدد الزوجات وكان لهم أمراً طبيعياً فقد كثر ذكر زوجات الأنبياء من بني إسرائيل كما وردت عبارات في كتابهم (المحرف) حول مسائل التعدد من مثل "إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة الخ"( ).
ومن الدواعي للتعدد عند اليهود دعوة كتابهم (المقدس) لهم أن يكثروا من التناسل ليملؤا الأرض "خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى وخلقهم وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملؤا الأرض واخضعوها" ( )، وقد دعا هذا علماء اليهود أن يسنوا القوانين الداعية للزواج كما جاء في كتاب الأحكام العبرية :
"النكاح بنية التناسل ودوام حفظ النوع الإنساني فرض على كل يهودي ، ومن تأخر عن أداء هذا الفرض وعاش عزباً بدون زواج كان سبباً في غضب الله على بني إسرائيل" ( ).
ولما كان دأب اليهود والنصارى أن يخضعوا لأحبارهم ورهبانهم فيما يشرعون من دون الله فقد رأى هؤلاء الزعماء الدينيين أن يحدثوا تغييرات في شرع تعدد الزوجات ، فقد ذكر عبدالناصر العطار بعد استقرائه لتشريعات اليهود أن "أحبارهم كرهوا تعدد الزوجات فحاولوا التضييق منه وذلك لتحديد عدد الزوجات بأربع واشتراط وجود مبرر شرعي عند الزواج بأخرى واشتراط قدرة الرجل على الإنفاق على زوجاته واستطاعته العدل بينهن" ( ).
2) التعدد عند النصارى :
من المعلوم أن عيسى عليه السلام صرح لأتباعه وفقاً لما جاء في الإنجيل أنه لم يأت بتشريع جديد "لا تظنوا أني جئت لأنقص الناموس أو الأنبياء ، ما جئت لأنقص بل لأكمل" ( ).
ومن أبرز النصوص التي زعم النصارى أنها تمنع تعدد الزوجات ما جاء على لسان المسيح عند سؤاله عن الطلاق قوله : "من بدأ الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما الله ، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق (ويلزم) بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً إذ ليسا بعد اثنين بل جسد واحد ، فالذي جمعه الله لايفرقه الإنسان" ( ).
وقد وردت تفسيرات عديدة لهذه العبارة أبرزها أنه لمنع الطلاق منعاً باتاً وليس لمنع التعدد ، ذلك أ، التعدد كان شائعاً عند اليهود ولم يأت المسيح عليه السلام إلا مكملاً وليس ناقضاً ، وفي ذلك يقول أحمد عبدالوهاب : (إن الحديث عن الرجل والمرأة كجسد واحد ليس إذن حديثاً عن نظام الزوجة الوحدة لكنه حديث عن استمرارية العلاقة بينهما ومن ثم فهو حديث يتعلق بالطلاق وليس بتعدد الزوجات) ( ).
لكن هذا الموقف لم يتبناه جميع النصارى فقد ظهر منهم رجال دين يبيحون الزواج مرة ثانية وثالثة ورابعة ، بل ويبيحون الجمع بين أكثر من زوجة ، ومن هؤلاء فرقة الان نابتست Ananabaptistes، والمورمون Mormons ، وهؤلاء الأخيرون ظلوا يمارسون التعدد حتى أوائل القرن التاسع عشر ( )، بل ظهرت دعوات من مفكرين وعلمائهم تدعو إلى إباحة التعدد الزوجات وبخاصة بعد أن عانت أوروبا من نقص شديد في عدد الرجال نتيجة للحربين العالميتين التي قتل فيهما أكثر من ثمانية وأربعين مليون رجل ( )، وكذلك لانتشار الفواحش والزنا وزيادة عدد اللقطاء ومن هؤلاء بول بيرو Boul Bureou ، وفردينا ند دريفوس Ferdinand Dryfus ، و بن لندسي Ben Lindsey ، وغيرهم .
3) التعدد الأثيم في الواقع الأليم :
ظن اليهود والنصارى أنهم بإصرارهم على منع التعدد وإجبار الرجل على الزواج بزوجة واحدة قد بلغوا قمة العقل والرشد في التشريع . مع أن حقيقة دينهم وكتبهم ـ مهما دخلها من تحريف ـ لا تمنع التعدد مطلقاً وإلا كيف ينظرون إلى أنبيائهم الذين تزوجوا العديد من النساء وكان لبعضهم السراري الكثر ؟ أليس النبي قدوة لمن آمن به ، لكنهم قوم يجهلون .
ظل الطلاق محرماً في ظل الكنيسة زمناً طويلاً حتى حدث الانفصام بين الكنيسة والدولة فأباحت التشريعات الوضعية الطلاق ثم تبعتها بعض الطوائف المسيحية ، أما تعدد النساء فإنه مازال محرماً وإن نظرت إليه طائفة أو طائفتان على أنه مباح وما زالوا يمارسونه بشكل سري في بعض الولايات الإمريكية .
هل انتهى التعدد بمجرد وجود هذه التشريعات الجاهلة ؟ الحق أنه موجود لكنه تعدد إباحي فاسق فاجر ، وإليك صورة موجزة عن أحوال المرأة في المجتمعات الغربية وغيرها من المجتمعات التي أخذت بقانون منع الزواج بأكثر من زوجة .
قد تبدو الأرقام التي سنوردها عن الخيانة الزوجية مبالغاً فيها ، ولكن المصدر الذي أورد هذه الإحصائية وهي جريدة عربية يومية تصدر في لندن وليس بقصد انتقاد الغرب أو إظهار محاسن الإسلام بل لكونها مجرد خبر صحفي ، فقد جاء في هذه الإحصائية (29/5/1980) أن 75% من الأزواج يخونون زوجاتهم في أوروبا ، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشئ ذاته ( ).
وينقل المودودي رحمه الله تعالى عن بول بيورد عن انتشار الزنى بين المتزوجين والمتزوجات قوله: "وإن زنا المحصنين والمحصنات لا يعد من العيب أو اللوم في فرنسا ، فإذا كان أحد من المحصنين متخذاً خليلة دون زوجته فلا يرى لإخفاء الأمر لزوم ويعد المجتمع فعله ذلك شيئاً عادياً طبيعياً في الرجال" ( ).
أما عن نتائج هذه الإباحية ومنع التعدد فمنها ازدياد الأطفال غير الشرعيين زيادة كبيرة جداً ، ففي إحدى الإحصائيات أن عدد هؤلاء الأطفال يفوق المليون سنوياً في أمريكا وحدها وقد كان هذا عام 1979م ، أما الآن فقد يكون الرقم أكثر من هذا ( ).
ولن تكون هذه النتائج السيئة قاصرة على المجتمعات الغربية ، فإن البلاد الإسلامية التي تأثرت بالغرب ابتداء من إخراج المرأة وسفورها ، واختلاطها بالرجال بالإضافة إلى دفعها للعمل تحت شتى المبررات ومن التشريعات المختلفة للحد من الزواج بأكثر من زوجة أو تحريمه مطلقاً ، فلا بد أن تكون قد جنت الثمار الخبيثة لذلك كله .

4) الزواج مثنى وثلاث ورباع :
لا شك أن الذين كتبوا عن المرأة وأفردوا فصولاً للحديث عن تعدد الزوجات قد تناولوا أسباب الزواج بأكثر من واحدة ، ولكن هل يحتاج الأمر حقاً إلى إجهاد الفكر للبحث عن أسباب التعدد وحكمته؟ هل التعدد قضية ينبغي أن تنفرد بالكتابة حولها ؟ يبدو أن احتكاك العالم الإسلامي بالغرب الأوروبي النصراني واليهودي والملحد زمناً طويلاً وتحول المسلمون من وضع الأمة الغالبة إلى وضع المغلوب (المولع دائماً بتقليد الغالب) قد فرض على الكتاب الإسلاميين والكتاب المتغربين أن يتناولوا هذه المسألة كل من وجهة النظر التي يعتنقها .
فالإسلاميون يرون أن الإسلام وحده هو الذي أعطى المرأة حريتها وكرامتها واعترف بها إنساناً كامل الإنسانية ونظر إلى طبيعتها وطبيعة الرجل فحدد نظاماً اجتماعياً يكفل مشاركة الجميع مشاركة فعالة، بينما يرى المتغربون ـ المغلوبون حقاً ـ أن الإسلام لم يعترف للمرأة بكيان مستقل وأنها في وضع أدنى من الرجل وحرمها من المساواة التي يتطلع إليها هؤلاء .
ومن اللافت للانتباه أن الدراسات الغربية (باللغات الأوروبية المختلفة) حول المرأة في العالم الإسلامي تفوق بوضوح حجم الكتابات التي كتبها الإسلاميون ، كما تفوقها في الانتشار ، ولعل من أبرز الدلائل على هذا العدد الكبير من المجلات الأسوعية النسائية وغير النسائية المنتشرة بلغات المسلمين وهي تحمل الفكر المتغرب بصراحة ( ).
وما زالت الكتب الداعية إلى خروج المرأة وسفورها تصدر تباعاً منذ كتاب قاسم أمين "تحرير المرأة" وكتاب الطاهر الحداد "امرأتنا في المجتمع والشريعة" حيث دعا كلاهما إلى خروج المرأة وسفورها وحارب الزواج بأكثر من زوجة . وبين يدي كتاب تولت اليونسكو نشره باللغة الإنجليزية أولاً ثم مولت ترجمته ونشره إلى اللغة العربية بعنوان "الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي" وفي هذا الكتاب تكرار لدعوة قاسم أمين ولكن بأسلوب أكثر تطوراً باستخدام معطيات عن الاجتماع ومصطلحاته .
لهذا يبدوا أن لابد من الاستمرار في الكتابة في هذا الموضوع وإجراء البحوث والدراسات الاجتماعية حول قضايا الأمة المختلفة وبخاصة موضوع المرأة ، ولابد من أخذ زمام المبادرة من دعاة التغريب ، ولقد أصبح القارئ من كثرة ما يجد من هذه الدراسات التي تزعم لنفسها العلمية والمنهجية أن يقع فريسة لطروحاتها .
أما الحكمة من إباحة الإسلام لتعدد الزوجات فيمكن أن نجدها في معرفة البناء العقدي والأخلاقي للإسلام ، فهل يرضى أحد من المسلمين لأمه أو أخته أو ابنته أو عمته أو خالته أن تكون زانية ؟ هل يرضى مسلم أن تصبح مهنة الخنا والفجورمهنة رسمية تصرح بها الحكومات وتفرض عليها الضرائب؟ هل يرضى مسلم لابنه أن يكون من رواد مثل هذه الأماكن القذرة؟ هل ترضى مسلمة أن تعيش هانئة سعيدة وترى حولها نساء لا يجدن فرصة لدخول أبواب الحياة الزوجية؟ ألا يخالف موقف المرأة الرافضة لمشاركة أخرى لها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)( )
لا شك أن التربية العقدية والأخلاقية للمسلم تجعله ينفر من الزنا والخنا والفجور لأنه يسأل ربه دائماً أن يرزقه العفاف والغنى، كما أن التربية العقدية في الإسلام لا تركز على الجانب الفردي على حساب الجماعة بل المسلم بطبيعته صاحب نظرة شاملة يهمه دائماً أمر الإسلام والمسلمين. بالرغم من هذا الوضوح في تشريعات الإسلام العقدية والأخلاقية إلاّ أنه ظهر من المسلمين وغير المسلمين من أثار الشبهات حول إباحة التعدد ، وفيما يأتي بعض هذه ان تلك الأحكام التي أمر بعض البشر أن تكون كلمتهم هي النافذة فيها ، وهي مسألة إن لم تكن أخطر المسائل فإنها من أخطرها. وليس الزواج بأكثر من واحدة مسألة جديدة فقد حاربته أوروبا في عصر "النهضة الحديثة" حينما اتفق رجال الدين عندهم مع رجال القانون المدني الوضعي على إلغاء حق الرجل في الزواج بأكثر من واحدة مهما كانت الأسباب والدوافع خرجت أوروبا من نطاق حدودها الجغرافية لتهيمن رجاء العالم الإسلامي مبتدئة بالسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية ، حيث سلبت الشعوب الإسلامية قدرتها على حكم نفسها واستغلال ثرواتها . وتحول الاستعمار فيما بعد إلى سيطرة على شؤون الحياة حينما استسلم العالم الإسلامي لحالة التبعية المطلقة ورضي أن يكون في وضع ((المغلوب المغرم دائماً بتقليد الغالب)) . وهذه هي المرحلة التي تكون فيها الأمة مغزوة في عقيدتها وفكرها .وكان مما تأثرنا به أن أصبحنا نستهجن تعدد الزوجات كم يستهجنونه ، وأن نأكل الربا كما يأكلونه ، وأن نستخف بالزنى والخنا كما يفعلون إلا من رحم الله . اعلم أن موضوع تعدد الزوجات ليس جديداً في تناوله من وجهة النظر الإسلامية ، فثمة عشرات الكتب التي تناولته ، لمنها اختلفت مس بالإنفاق على العديد من أولاده وزوجاته في الوقت الذي ازدادت فيه مطالب كل فرد وقلت الموارد المالية ( ).
الرد على هذه الشبهات :
إن معرفة الإسلام صحيحة كفيلة بالرد على هذه الشبهات فالزعم بأن التعدد كان في بداية الإسلام منتشر في العالم حيث كان ينظر إلى المرأة نظرة دونية . فإذا كان الإسلام قد جاء في القرن السادس الميلادي فلماذا استمر نظام التعدد معمولاً به في جميع أنحاء العالم حتى القرن السادس عشر ؟ فأي مغالطة هذه ؟ أما المغالطة الثانية فهي ربط التعدد باحتقار المرأة ، ألا يكفيه أن يعرف حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال) ( )، وحديث (إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثاً …) ( )، أو حديث (من كان عنده ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة) ( )، بالإضافة إلى التشريعات الإسلامية كلها التي تساوي بين المرأة والرجل في التكاليف والأجر والثواب إلا ما كان من اختلاف في الخلقة والتكوين بين المرأة والرجل لا شك أن إباحة الزواج بأكثر من زوجة سيعطي الفرصة للكثير من النساء للنجاة من براثن العنوسة بل ولعله يعطيهن الفرصة ليصبحن أمهات ويجدن من يبرهن حين نعلم توجيه رسولنا صلى الله عليه وسلم لمن سأله : أي الناس أحق بحسن صحابتي ؟ فقال له : (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ..) ( ).
أما الإدعاء بالمحافظة على شعور المرأة من أن تشاركها زوجة أخرى في زوجها فأمر نرد عليه بأن نسأل هؤلاء : هل الأولى أن تشاركها امرأة أخرى شريفة عفيفة ذات خلق إسلامي أو ترضى لنفسها أن تستقبل زوجاً يعاشر الساقطات ؟ إن المرأة تقبل راضية أو كارهة أن ينشغل عنها زوجها بأعماله الكثيرة وسفره المتواصل والتقائه مع النساء سواء في محيط عمله أو خارجه ولا ترضى أن يكون لها ضرة . ويبدو لي أن كثيراً من النساء يفضلن زوجة أخرى على مثل هذا العمل الذي يساوي أكثر من عشرات النساء ! .
وحين يزعمون بوجود الخصومة والشقاق بين أبناء الرجل من زوجات مختلفات ، فنذكر هؤلاء بأن الإسلام حريص جداً على تماسك المجتمع الإسلامي الأباعد منهم والأقارب ، وفيما ياتي بعض التوجيهات القرآنية التي تؤكد ذلك ]إنما المؤمنون اخوة[ ( ) ، وقوله تعالى ]واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا[ ( )، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه[ ( )وقوله صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ( )، هذا بين من تجمعهم كذلك أخوة النسب بانتمائهم إلى أب واحد . إن المغالاة في تصوير النزاعات المتوهمة بين أبناء العلات قد سيقت للتشكيك في إباحة تعدد الزوجات ، بل جعلهم ذلك يركبون الصعب للعبث بالشريعة الإسلامية . فماذا عليهم لو حكموا عقولهم ونظروا في أحوال البلاد التي قيدت الزواج وقيدت الطلاق كيف أصبح حال شبابها ونسائها ، إن الدعاة قد أصبحت في هذه البلاد مؤسسة ضخمة تدر مئات الملايين من الدولارات شهرياً أو سنوياً ، وأصبح عدد اللقطاء قريباً من عدد الأبناء الشرعيين ، بل إن الأبناء الشرعيين توشك شرعيتهم أن تضيع لما أصاب النساء والرجال من الانحراف والفساد .
ويمكن أن نضيف التساؤل حول الأرامل والمطلقات ولا سيما ذوات الأبناء هل يحرمون من الزواج من رجل متزوج من أجل هذه النزاعات والشقاقات المتوهمة أو المتوقعة ؟ أما التاريخ فيقول عن أبناء الرجال الذين تزوجوا زوجتين وأكثر هؤلاء هم الذين فتحوا الدنيا وأناروها بالإسلام فلو كانوا حقاً في شقاق ونزاع لما خرجوا من جزيرة العرب بل هم لم يخرجوا من الجزيرة حينما كانوا يعددون الزوجات بلا حدود ولا قيود وكانوا لايقيمون للمرأة وزنا .
وللرد على مسألة الاحتياجات الاقتصادية فنقول بأن الأرض لم تضق يوماً برزق من عليها والله عز وجل يقول : ]وفي السماء رزقكم وما توعدون[ ( ) ويقول سبحانه ]وما من دابة إلا على الله رزقها[( ) وقد قسمت الكرة الأرضية بعد سيطرة الغرب وهيمنته إلى قسمين ؛ مجتمعات الوفرة والفائض التي تحارب التعدد ، ومجتمعات الجوع والفقر ، وليس سبب هذا التقسيم أن الفقراء لا يملكون بل هم يملكون ولا يعرفون كيف يستغلون ما عندهم فيقعون ضحية لقوة الغرب الذي يأخذ ما عندهم، ألا ترى الدول الصناعية تأخذ الخامات من الدول الفقيرة لتصنيعها فإذا ما صنعتها أعدتها منتجات (أوهموا العالم بأنها ضرورية) وبيعت بأسعار تفوق قيمتها الحقيقة عشرات المرات بل بلغ من جشع هذه الدول أنها تلقي بفائض إنتاجها في البحر أو تحرقه أو تتلفه بأي وسيلة حتى لايتدنى سعره في الأسواق فأي حضارة هذه تموت فيها الملايين من أجل ترف المترفين . ولابد أن نذكر أن المرأة حين تتزوج بصفتها ثانية أو ثالثة فهي تأتي برزقها ذلك أن كل مولود يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد قبل أن يولد . فهي من مخلوقات الله التي تكفل برزقها كما أن هذه المرأة قد تكون صاحبة فكر وتدبير أو صنعة أو مهن قد تعين الرجل في عمله فينتقل من حالة الفقر والعوز إلى الغنى .
ويزعمون أيضاً أن التعدد برهان على تمكن الغريزة البهيمية من الرجل ، فهل يقولون هذا من علم وبينة ؟ ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ ( )، هل الدين الذي يأمر بالعفة وغض البصر وحفظ الفرج ويعاقب على الزنا ـ متى توفرت شروط العقوبة ـ بالجلد أو الرجم هل مثل هذا الدين يسمح بالبهيمية ؟ أم أن البهيمية تتمثل في الاختلاط والتبرج والسفور ووسائل الفن الداعية إلى الرذيلة بما تعرضه من مفاتن المرأة ؟ .
ولكن لنرد بأسلوب آخر فالمسلم يتحمل أضخم مسؤولية عرفها الإنسان لأن أمته هي الأمة الوسط وهو المسؤول عن دعوة البشرية جمعا إلى الدين الحق وإقامة شرع الله فيها فالرسل قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يبعثون إلى أقوامهم خاصة وهم يتحملون مسؤولية الدعوة جميعها ، أما أتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمروا أن يبلغوا فيشاركوا الرسول في مهمته ]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني[ ( )، وجاء عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما وعاها فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) ( )، فكيف لمن حمل هذه الدعوة والمسؤولية أن يكون بهيمياً ؟ كيف لمن حثه الإسلام على قيام الليل والغزو في سبيل الله ، ولمن دعاه الإسلام إلى التقلل من متع الدنيا (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)( ) أن يكون بهيميناً ؟ كيف لمن يؤمن بالإسلام الذي جاء من عند الله عز وجل القائل في كتابه ]زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب[ ( ) كيف لهذا أن يكون بهيميناً ؟ المسلم الحق لا تسيطر عليه الشهوانية والبهيمية إن سيطرت على غيره ، فهذه الصفة لو لم تكن حقاً مسيطرة على المجتمعات الغربية لما امتهنت المرأة هناك امتهاناً مزرياً بها وأصبحت تمتهن البغاء أو تمارسه دون أن تمتهن غيره من عشرات المجالات . ثم متى كانت المرأة محترمة إذا أوقفت في شباك زجاجي لتتلوى كالثعبان تعرض الأزياء ؟ أو تظهر في شتى الصور المثيرة التي تعرض فيها منتجات هذه الحضارة من الأحذية إلى الإطارات إلى الخطوط الجوية إلى أغلفة المجلات والكتب وغيرها .
وثمة جانب آخر فالإسلام حين أباح التعدد راعى أن للمرأة غريزة مثل الرجل ، وفي ذلك يقول محمد قطب : "ولكن حاجتها الطبيعية كيف تقضيها ؟ ومالم تكن معصومة فهل أمامها سبيل إلا الارتماء في أحضان الرجال لحظات خاطفة في ليل أو نهار ؟ ثم حاجتها إلى الأولاد … كيف تشبعها ؟ والنسل رغبة لا ينجو منها أحد" ( )، ولكنها لدى المرأة أعمق بكثير من الرجل ، إلى أن يقول : "فهل من سبيل إلى قضاء تلك الحاجات بالنسبة للمرأة بصرف النظر عن حاجة المجتمع إلى أخلاق نظيفة تحفظه من التحلل الذي أصاب دولاً كثيرة فأزالها من قائمة الدول التي كان لها دور في التاريخ ـ هل من سبيل إلى ذلك غير اشتراك أكثر من امرأة في رجل واحد علانية وبتصريح من الشرع) ( ).
إن شرع الله لا يسأل فيه البشر أيرضونه أ/ لا ؟ أيحبونه أم لا ؟ ولكن متى كان دعاة ما يسمى بتحرير المرأة والنساء القاصرات النظر اللاتي تطغى عليهن غريزة حب التملك أو المتغربون الذين باعوا عقولهم للغرب يسألون عن شرع الله ؟ إن الغرب نفسه كما ذكرنا يشكو من مشكلة اللقطاء والبغا وبيع الأطفال وقتل الأطفال المتسكعين بلا مأوى ، هذا الغرب لا يمكن أن ينظر إلى رأيه ، ثم هل درسنا التاريخ الإسلامي دراسة اجتماعية ؟ هل سألنا النساء اللاتي شاركن غيرهن في رجل يلتزم بقيم الإسلام وأخلاق ؟ لا شك أننا لو استقرأنا التاريخ استقراء صادقا ولو التزم المسلمون بالاسلام لما ظهرت مشكلة يطلق عليها تعدد الزوجات .
7) الأسباب الداعية إلى الزواج مثنى وثلاث ورباع :
وإتماماً للحديث عن هذه القضية نورد فيما يأتي الأسباب الداعية للزواج بأكثر من زوجة كما أوردها بعض من سبق إلى درساة هذا الموضوع ، هناك أسباب عامة وأخرى خاصة ، ولنبدأ بالأسباب العامة .
أولاً : زيادة عدد العوانس والمطلقات ( ):
يزداد عدد العوانس في أي مجتمع يعزف الشباب فيه عن الزواج لأسباب عديدة قد يكون منها توفر الفرص للالتقاء بالنساء خارج إطار الزواج ومسؤولياته ، أو قد تكون مسؤوليات الزواج وتكاليفه مما تنوء به ظهور الشباب عندما لايجد المسكن المناسب ، وإن وجده لاي جد ما يدفع مهراً ، إلى غير ذلك من تكاليف تجعله يعزف عن الزواج . وقد يزداد عدد العوانس لأسباب اجتماعية كأن لا يقبل الأب زوجاً لابنته إلا من طبقة اجتماعية أو انتماء قبلي معين .
أما زيادة الأرامل والمطلقات فيمكن أن تحدث لأسباب منها : أن مؤسسة الزواج أو الأسرة لم تعد لها احترامها ومكانتها فيكثر الطلاق ، أما الترمل فهو نتيجة الأحداث والحوادث من حروب وغيرها ، ويتعجب المرء حين يقرأ في تاريخنا الإسلامي أن امرأة مات زوجها فتزوجها آخر بسرعة ، أ إن طلقها أحدهم تزوجها الآخر . هل كانت النساء قلة أو أن المرأة كانت شخصيتها في ذلك الزمن أكثر جاذبية وأوقى مما وصلنا إليه في هذا الزمن . لا شك أن في هذا الأمر بعض الصحة . ومن أسباب الترمل أيضاً أن النساء يعشن في المتوسط أكثر من الرجل لما يتعرض له الرجل من مخاطر في حياته .
ثانياً : نقص عدد الرجال نقصاً كبيراً نتيجة الحروب :
من الأمثلة الحديثة على هذا الأمر ما وقع في أوروبا من حربين عالميتين قضت على الملايين من الرجال مما دعا بعض المفكرين الغربيين أن ينصحوا بإقرار تعدد الزوجات ، ولكن أوروبا أصمت سمعها عن النصيحة مضحية بالقيم والأخلاق .
الأسباب الخاصة للتعدد( ) .. :
1) العقم :
من أبرز أهداف الزواج الذرية ، فلو ثبت أن المرأة لا تجنب وعاش الرجل معها أعواماً أينكر العشرة والمودة بينهما فيطلقها ويتزوج أخرى أم يبقيها معززة مكرمة ؟ إن الأطفال الذين قد تنجبهم المرأة الأخرى سيصبحون كأنهم أطفالها لصلتها بوالدهم ، والواقع يصدق ذلك كثيراً ، كذلك سيكون بيت المرأة التي ليس عندها أطفال مكانا لراحته وهدوئه فتكسبه مرتين . أما إذا كان الرجل عقيماً فمن حق المرأة أن تطلب الطلاق .
2) العجز عن القيام بالواجبات الزوجية لمرض أو سواه
وهذا إكرام آخر للمرأة فإن قعد بها المرض عن أداء واجباتها الزوجية فمن الوفاء لها إبقاؤها على ذمة الزوج والزواج بامرأة أخرى .
3)(رغبة الرجل في الاقتران بامرأة أحبها
ثمة مناسبات تجعل الرجل يتعرف إلى امرأة ما وبخاصة المجتمعات التي فيها قدر من الاختلاط أو سمع بمزاياها وقد لا تكون لزوجته مثل هذه المزايا فيرغب في الزواج منها . فحرصاً على عفافه والتزامه الطريق السليم يتقدم للأخرى . فهل يكون من الإنصاف للأولى أن يطلقها أو أن يحاول الوصول إلى المرأة الأخرى خارج نطاق الزواج .
4) كره الرجل لزوجته
(القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) ( )، فمن كان حبيب اليوم لقد تغير نحوه غداً وقد تشتد الكراهية وتكثر الخصومات فبدلاً من التفريق بين الزوجين ، وبخاصة إذا كان عندهما أطفال فلا بأس أن يتزوج بأخرى ، الأمر الذي قد يؤدي إلى هدوء العش الزوجي بل وربما عودة الحب من جديد ، وكم من رجل كره زوجته وتزوج بأخرى فعاد إلى الأولى أشد حباً وتقديراً فتكون قد كسبت مرتين ، انتهاء الكراهية بينهما وازدياد حبه لها من جهة أخرى .
5) كثرة أسفار الزوج وإقامته في بلد آخر
قد تطول فهل يتخذ زوجة يعيش معها بطريقة مشروعة أو يترك الرجل ليقع في الخطأ ؟ إن بعض الرجال ينتقل عمله من بلد إلى آخر فتأبى زوجته الانتقال معه وهو لا يريد مفارقتها فهل يتركها وأطفالها بالطلاق أو تبقى على ذمته يزورها ويؤدي واجبه نحوها.
6) الدافع الجنسي
سبق أن أوردنا الآية ]زين للناس حب الشهوات[ ( ) وبعض الرجال أصحاب طاقة تفوق المعدل بل إن طاقة الرجل حتى في الأحوال العادية تستطيع أن توفي بحق أكثر من زوجة والدليل على ذلك أن المجتمعات الغربية (أو الشرقية) المنفتحة جداً قليلاً ما تجد رجلاً يكتفي بزوجته الوحيدة ، ويمكن أن نضيف أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست دائماً على نموذج قيس وليلى أو روميو وجوليت أي رومانس (غرام) لامرأة واحدة .
7) نظرة المرأة إلى الرجل
قد يكون الرجل من أهل الصلاح والورع أو صاحب شخصية جذابة وذا مكانة اجتماعية مرموقة فترى كثير من النساء أنه مما يشرفهن الارتباط بمثل هذا الرجل والمثل الأعلى للمسلمين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وهبت بعض النساء أنفسهن له وقد كان معروفاً عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه خير من تزوج وخير من طلق .
8) زوجة واحدة أم تعدد ؟
يقول مصطفى السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ : (فما من شك أن وحدة الزوجة أولى وأقرب للفطرة وأحق للأسرة وأدعى لتماسكها وتحاب أفرادها ، ومن أجل ذلك كان هذا النظام الطبيعي الذي لا يفكر الإنسان المتزوج العاقل في العدول عنه إلا عند الضرورات وهي التي تسبغ عليه وصف الحسن وتضفي عليه الحسنات) ( ).
ويقول محمد قطب : "أما تعدد الزوجات فتشريع للطوارئ وليس هو الأصل في الإسلام" ( ).
والحقيقة أ، تشريع التعدد يستجيب للفطرة ويحقق العفة للرجل والمرأة على السواء ، لذا بدأ القرآن بالتعدد وجعل الإفراد هو الاستثناء [ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة[ ( )، والقول بأن الخوف من عدم العدل متحقق دائماً يتعارض مع شرع التعدد مما لايتصور فيه أن الشارع الحكيم قصد إليه ومن ثم فالأولى هو القول بأن الخوف من عدم العدل هو الاستثناء وهو ما نتبينه من صياغة الآية الكريمة ، أما الاحتجاج بالآية الأخرى ]ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم[ ( )، فمردود بأن العدل المقصود هنا هو العدل القلبي وهو غير مطلوب في القسمة بين النساء لأنه غير مقدور عليه ، أما العدل المقصود فهو العدل الظاهر في القسمة بين النساء وهو عدل ممكن إذا تمسك الرجال بمبادئ الإسلام وأخلاقه ( ).
الضوابط :
ونأتي هنا للضوابط التي وضعها الإسلام للزواج مثنى وثلاث ورباع ولعل أبرز هذه الضوابط أن لايتجاوز عدد النساء أربعة والعدل بينهن ، ويضيف بعض الكتاب مسألة القدرة على الإنفاق ، ولكن الحقيقة أنه لا يمكن للإنسان أن يضمن ذلك ولو كان عنده زوجة واحدة فقط ، وفي الغالب أن الرجل لا يقدم على الزواج إلا وهو يأنس من نفسه القدرة على الإنفاق ، أما اشتراط امتلاك الرجل للمال الوفير للزوج فلم يجعله الإسلام شرطاً ، وإلا كيف تفسر تزويج الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل بأن قال له : (التمس ولو خاتماً من حديد) ( )، وزوج الرجل نفسه بما معه من القرآن الكريم أن يحفظ تلك السور زوجته ( )، والزوجة الأولى أو غيرها هي من عباد الله الذين تكفل الله لهم برزقهم كما جاء في الآية الكريمة ]وفي السماء رزقكم وما توعدون[ ( ) وورد في الحديث الشريف أيضاً أن كل نفس يكتب رزقها وأجلها قبل أن تولد .
أما ضابط العدد فقد وردت الأحاديث الشريفة أو السنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم كما يأتي :
1)
روى البخاري أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشرة نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (اختر منهن أربعاً) ( ).
ومسألة العدل مسألة جوهرية في تربية المسلم وقد جاءت الآيات القرآنية الكثيرة التي تأمر بالعدل ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[ ( )، ومن أروع الآيات التي تأمر بالعدل وإن كان معناها جاء حول البيع ]ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون[ ( )، وجاءت التوجيهات النبوية الكريمة تأمر بالعدل كما في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط) ( )، ومن صور العدل "المساواة بين الزوجات في المعاملة" وذلك في نفقتها الخاصة بمأكلها وملبسها بحيث لا تزيد واحدة عن أخرى ، وكذلك العدل في المسكن حيث يكون لكل زوجة مسكن مستقل ، ومنذ لك أيضاً المساواة في المبيت ، أما الجانب الذي يصعب العدل فيه فيكفينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روته عائشة وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) ( ).
وكان قدوتنا صلى الله عليه وسلم يضرب المثل في العدل حتى لما كان في مرضه الذي مات فيه كان يسأل أين أنا غداً ؟ يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه أن يكون حيث يشاء فكان في بيت عائشة حتى مات عندها ( ).
ومن عدله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ( ) وكيف لا يكون المسلم عادلاً ؟ وإن لم يكون المسلم عادلاً فمن يكون ؟ وفي هذا يقول مصطفى السباعي (رحمه الله تعالى): (وكان من إصلاح الإسلام في هذا الأمر أن ربى ضمير الزوج على خوف الله ومراقبته ورغبته إن نفذ أوامره وخشيته من عذابه إن خالفها)( )
وثمة قيد آخر هو تحريم الجمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها أو ابنتها والعلة واضحة في ذلك وهي الحفاظ على المجتمع الإسلامي من التمزق بسبب الغيرة التي يمكن أن تحدث بين الضرائر.
الخاتمة
الزواج بأكثر من زوجة واحدة حتى أربع رخصة أو أمر أباحه الإسلام للرجل الذي تربى عقدياً وأخلاقياً على مائدة القرآن ، يعيش بضمير حي يراقب الله عز وجل فيما يفعل أو يترك . هذا المسلم يعتقد أن "النساء شقائق الرجال" وأنهن كيان مستقل يتحملن التكليف ويترقين في درجات التقوى حتى كانت منهن مثلين للذين آمنوا كما جاء عن امرأة فرعون ومريم عليها السلام والمرأة المسلمة تعتقد بقوامة الرجل عليها لأنه مكلف بالإنفاق عليها زوجاً أو أماً أو أختاً ، ومن تكاليف الرجل أن أوصي بإكرام المرأة أماً و زوجة (أمك ثم أمك ثم أمك تم أبوك)و(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)وبنتاً وأختاً (من كان عنده أختان أو ابنتان …..)
من هذه المنطلقات تبنى الأسرة المسلمة : اختيار للمرأة ذات الدين، وللرجل المرضى في دينه وخلقه وبعد ذلك حدد الشرع الكريم حقوق كل طرف.
وتناول البحث بإيجاز تعدد الزوجات تجنبنا فيه الخوض في القضايا الفقهية التي لها أهلها ولكنت أوضحنا أن المجتمع المسلم حين لم تكن قضية الزواج بأكثر من واحدة سوى مسألة فرعية كان مشتغلاً بالدعوة إلى الله وكان همه إنقاذ البشرية مما وصلت إليه من انحراف وفساد وزيغ وضلال، كانت قضية المسلمين الأولى أن يحكم شرع الله وهنا ساد أبناء الرجال الذين تزوجوا بأكثر من واحدة ، وساروا على نهج آبائهم .
ويهدف هذا الكتاب إلى وضع مسألة التعدد في وضعها الصحيح بأن نخرج من دائرة النفوذ التغريبي الذي يستهجن الزواج بأكثر من واحدة ، وليؤكد على أ، القضية الأكبر هي طهارة المجتمع المسلم أولاً ثم المجتمع الإنساني ثانياً من العقائد الفاسدة والأخلاق المنحرفة وأن مسؤولية المسلمين في هذا الزمن أكبر وأشد إلحاحاً لتقدم وسائل المواصلات والاتصالات فلم يعد ما يحدث في أي بلد بعيد عنا مهما كانت المسافات .
وقد أوضح هذا البحث كيف عانى الغرب ويعاني من منع التعدد ومن غير ذلك من مثل التحلل من المثل والقيم ، وتجدر الإشارة إلى أ، هؤلاء سرعان ما ينتقدون التعدد في الإسلام رغم ماتعج به مجتمعاتهم من مشكلات ونحن في هذا نلتزم بالمنهج القرآني في دعوة الكفار حيث يوضح القرآن الكريم عيوب مجتمعاتهم وعيوب نظمهم بدلاً من الوقوف موقف الدفاع .
والحقيقة أن تكون المرأة زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة خير بألف مرة من أن تكون زوجة وحيدة عند أوروبي أو غيره بنى بها نتيجة قصة غرام فما هو إلا عنصر لوقت وتنطفئ شعلة الحب ثم لا تجد منه المعروف والإحسان وأنى له ذلك وهو لا يرجو الله ولا اليوم الآخر . نرجوا الله أن يبصرنا بطريق الحق وأن يردنا إلى الإسلام رداً جميلاً ، ونسأله سبحانه أن يغفر زلاتنا إنه سميع مجيب

غير معرف يقول...

القُمُّص المصري عزت إسحاق معوَّض الذي صار داعية مسلماً

كان أحد الدعاة للالتزام بالنصرانية ، لا يهدأ و لا يسكن عن مهمته التي يستعين بكل الوسائل من كتب و شرائط و غيرها في الدعوة إليها ، و تدرج في المناصب الكنسية حتى أصبح "قُمُّصاً" .. و لكن بعد أن تعمق في دراسة النصرانية بدأت مشاعر الشك تراوده في العقيدة التي يدعو إليها في الوقت الذي كان يشعر بارتياح عند سماعه للقرآن الكريم ... و من ثم كانت رحلة إيمانه التي يتحدث عنها قائلاً :

" نشأت في أسرة مسيحية مترابطة و التحقت بقداس الأحد و عمري أربع سنوات ... و في سن الثامنة كنت أحد شمامسة الكنيسة ، و تميزت على أقراني بإلمامي بالقبطية و قدرتي على القراءة من الكتاب المقدس على النصارى .

ثم تمت إجراءات إعدادي للالتحاق بالكلية الأكليريكية لأصبح بعدها كاهناً ثم قُمُّصاً ، و لكنني عندما بلغت سن الشباب بدأت أرى ما يحدث من مهازل بين الشباب و الشابات داخل الكنيسة و بعلم القساوسة ، و بدأت أشعر بسخط داخلي على الكنيسة ، و تلفت حولي فوجدت النساء يدخلن الكنيسة متبرجات و يجاورن الرجال ، و الجميع يصلي بلا طهارة و يرددون ما يقوله القس بدون أن يفهموا شيئاً على الإطلاق ، و إنما هو مجرد تعود على سماع هذا الكلام .

و عندما بدأت أقرأ أكثر في النصرانية وجدت أن ما يسمى " القداس الإلهي" الذي يتردد في الصلوات ليس به دليل من الكتاب المقدس ، و الخلافات كثيرة بين الطوائف المختلفة بل و داخل كل طائفة على حدة ، و ذلك حول تفسير "الثالوث" ... و كنت أيضاً أشعر بنفور شديد من مسألة تناول النبيذ و قطعة القربان من يد القسيس و التي ترمز إلى دم المسيح و جسده !!! "

و يستمر القُمُّص عزت إسحاق معوض ـ الذي تبرأ من صفته و اسمه ليتحول إلى الداعية المسلم محمد أحمد الرفاعي ـ يستمر في حديثه قائلاً :

" بينما كان الشك يراودني في النصرانية كان يجذبني شكل المسلمين في الصلاة و الخشوع و السكينة التي تحيط بالمكان برغم أنني كنت لا أفهم ما يرددون ... و كنت عندما يُقرأ القرآن كان يلفت انتباهي لسماعه و أحس بشئ غريب داخلي برغم أنني نشأت على كراهية المسلمين ... و كنت معجباً بصيام شهر رمضان و أجده أفضل من صيام الزيت الذي لم يرد ذكره في الكتاب المقدس ، و بالفعل صمت أياماً من شهر رمضان قبل إسلامي " .

و يمضي الداعية محمد أحمد الرفاعي في كلامه مستطرداً :

"بدأت أشعر بأن النصرانية دين غير كامل و مشوه ، غير أنني ظللت متأرجحاً بين النصرانية و الإسلام ثلاث سنوات انقطعت خلالها عن الكنيسة تماماً ، و بدأت أقرأ كثيراً و أقارن بين الأديان ، و كانت لي حوارات مع إخوة مسلمين كان لها الدور الكبير في إحداث حركة فكرية لديّ ... و كنت أرى أن المسلم غير المتبحر في دينه يحمل من العلم و الثقة بصدق دينه ما يفوق مل لدى أي نصراني ، حيث إن زاد الإسلام من القرآن و السنة النبوية في متناول الجميع رجالاً و نساءً و أطفالاً ...

ثم يصمت محمد رفاعي برهةً ليستكمل حديثه بقوله :

" كانت نقطة التحول في حياتي في أول شهر سبتمبر عام 1988 عندما جلست إلى شيخي و أستاذي " رفاعي سرو " لأول مرة و ناقشني و حاورني لأكثر من ساعة ، و طلبت منه في آخر الجلسة أن يقرئني الشهادتين و يعلمني الصلاة ، فطلب مني الاغتسال فاغتسلت و نطقت بالشهادتين و أشهرت إسلامي و تسميت باسم "محمد أحمد الرفاعي" بعد أن تبرأت من اسمي القديم "عزت إسحاق معوض" و ألغيته من جميع الوثائق الرسمية . كما أزلت الصليب المرسوم على يدي بعملية جراحية .. و كان أول بلاء لي في الإسلام هو مقاطعة أهلي و رفض أبي أن أحصل على حقوقي المادية عن نصيبي في شركة كانت بيننا ، و لكنني لم أكترث ، و دخلت الإسلام صفر اليدين ، و لكن الله عوضني عن ذلك بأخوة الإسلام ، و بعمل يدر عليّ دخلاً طيباً " .

و يلتقط أنفاسه و هو يختتم كلامه قائلاً :

" كل ما آمله الآن ألا أكون مسلماً إسلاماً يعود بالنفع عليّ وحدي فقط ، و لكن أن أكون نافعاً لغيري و أساهم بما لديّ من علم بالنصرانية و الإسلام في الدعوة لدين الله تعال

غير معرف يقول...

)

فى هذا المفتاح سنجد نقطتين رئيسيتين احدهما ( يدعون أسمه او تدعو أسمه ) و بالطبع هناك فرق بين ما قاله كاتب متى و ما قاله أشعياء خيث ان متى يقرر انهم سيدعون أسمه مما يشير الى انه سوف يكون معروف بين الناس بهذا الاسم اما اشعياء فيقرر أن أم الطقل سوف تدعوه و قد اوضحنا الفرق بين النص المازورى و نص قمران فى اول البحث و ليس هناك داعى لإعادته مره اخرى .
و الآن دعونا نسئل سؤال مهم :

هل دعى يسوع عمانوئيل ؟ او دعته أمه عمانوئيل ؟
افضل الاجابات نحصل عليها بالطبع من كتاب اهل الكتاب :

متى 1: 16 ( ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح )

متى 1: 21 (فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لانه يخلّص شعبه من خطاياهم )

متى 1: 25 (ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع )

لوقا 1: 31 (وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع )

G2424
Ἰησοῦς
Iēsous
ee-ay-sooce'
Of Hebrew origin [H3091]; Jesus (that is, Jehoshua), the name of our Lord and two (three) other Israelites: - Jesus.

H3091
יהושׁע יהושׁוּע
yehôshûa‛ yehôshûa‛
yeh-ho-shoo'-ah, yeh-ho-shoo'-ah
From H3068 and H3467; Jehovah-saved; Jehoshua (that is, Joshua), the Jewish leader: - Jehoshua, Jehoshuah, Joshua. Compare H1954, H3442.

اذا الاجابة هى أن يسوع لم يطلق عليه عمانوئيل و لم تسمه أمه عمانوئيل .
و اسم عمانوئيل ذكر ثلاث مرات فقط فى الكتاب فى متى 1: 23 و هو النص موضع البحث و فى النبؤه المزعومه فى اشعياء 7: 14 اما الثالثه فهى :
اشعياء 8: 8 ( ويندفق الى يهوذا. يفيض ويعبر . يبلغ العنق ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل )
و هذة سوف تناقش باستفاضه فى ادلة الالوهيه من العهد القديم . اذا يسوع لم يدعى عمانوئيل ابدا فى الكتاب بعهديه و لكن دعى يسوع و دعى المسيح كما سبق.

اما النقطة الثانية فى هذا المفتاح هى:

أن اهل الكتاب يعتقدون انه بما ان النبؤه قالت عمانوئيل اى الله معنا اذا المولود هو الله
و نحن نرد عليهم بأنه سيترتب على ذلك أن يكون :
اشعياء و هو صاحب النبؤه الذى معنى اسمه ( الله يخلص ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و صاموئيل و الذى معنى اسمه ( اسم الله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و غمالائيل هو رجل فريسى و معنى اسمه ( مكافاءة الله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و شالتئيل و هو فى نسب المسيح الذى معنى اسمه ( سالته من الله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و مهللئيل و قد ذكر فى نسب المسيح و معنى اسمه ( حمد لله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يوئيل و هو ابن فنؤئل النبى الذى معنى اسمه ( الرب هو الله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و ايليا النبى الذى معنى اسمه ( الرب هو الله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و اليشع النبى بعد ايليا الذى معنى اسمه ( الله خلاصى ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و الياقيم الملك الذى معنى اسمه ( الله يقيم ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و اليعاذر الذى اقامه المسيح من الاموات الذى معنى اسمه ( الله اعان ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و اليود الذى اتى فى نسب المسيح و الذى معناه ( الله جلال ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يورام الذى هو فى سلسلة نسب المسيح و معنى اسمه ( الرب مرتفع ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يوريم ابو اليعازر و هو فى سلسلة نسب المسيح و معنى اسمه ( يهوه عالى ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و بارباس القاتل الذى اطلق بدل يسوع الذى معنى اسمه ( ابن الاب او ابن المعلم ) يكون اسمه دليل على انه الله .
وثوداس و هو اسم يونانى اصله العبرى ثيودروس و هو الذى قاد حركة تمرد فاشله ضد الحكم الرومانى و الذى معنى اسمه ( عطية الله ) يكون اسمه دليل على انه الله
و حنان حما قيافا رئيس الكهنه الذى معنى اسمه ( الله تحنن ) و كذلك حنانيا يكون اسمائهم دليل على انهم الله .
و زبدى ابو يعقوب الذى معنى اسمه ( الله اعطى ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و سمعان تلميذ المسيح و هو سمعان بطرس و الذى معنى اسمه ( الله سمع ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و شمعى ايضا الذى فى نسب المسيح و اسمه يعنى ( الرب يسمع ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يكينيا الذى ذكر فى نسب يسوع و معنى اسمه ( الله يثبت ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يوشيا الذى ذكر فى نسب المسيح و معنى اسمه ( الرب يشفى ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يهوشافاط ملك يهوذا الذى معنى اسمه ( الله يقضى ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و عزيا وهو احد ملوك يهوذا و مذكور فى نسب المسيح و اصل اسمه فى العبريه عزى و معناه ( الله قوه ) هو الله .
و يوثام الذى هو فى نسب المسيح و معنى اسمه ( الرب كامل) يكون اسمه دليل على انه الله .
و ماتثيا و هو ابن عموص والد يوسف ذكر فى نسب المسيح و معنى اسمه ( عطية يهوا ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و متى الذى يفترض انه كاتب انجيل متى و الذى يعنى ايضا ( عطية يهوا ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يوحنا الذى يفترض انه كاتب انجيل يوحنا و التلميذ المفضل الذى يتكاء على صدر المسيح و معنى اسمه ( الله حنان ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و شاول ايضا الذى هو بولس الذى معنى اسمه ( الذى سئل من الله ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يوسف ابن يعقوب الذى معنى اسمه ( الرب يزيد ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و ملكى و هو فى نسب المسيح و معنى اسمه ( يهوا ملك ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و ملكى صادق الذى ليس له بداية ايام و لا نهاية ايام و لا يعرف له ام و لا اب و معنى اسمه ( يهوا ملك البر ) و هذا اسمه يصلح دليل اقوى من عمانوئيل .
و اوريا الحثى الذى زنى داود بزوجته بثشبع كما يقول الكتاب و الذى معنى اسمه ( لهيب يهوا او يهوا نورى ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و زكريا ابو يوحنا المعمدان الذى معنى اسمه ( الرب يذكر ) يكون اسمه دليل على انه الله .
و يونا زوجة خوزى التى كانت تخدم يسوع و اصل الاسم العبرى هو يوحانان و معناه ( الله حنون ) يكون اسمها ايضا دليل على انها الله .
و حتى اليصابات زوجة زكريا و ام يوحنا المعمدان و هذة صيغة اسمها اليونانى الذى اصله العبرى ( اليشابع ) الذى معناه( الله يقسم) يكون اسمها دليل على انها الله
و إذا لم ترتضوا ذلك فأعتقد ان الامر اصبح جليا و واضح وضوح الشمس لكل ذى عقل يفكر و لا يتبع الهوى فى البحث عن الحقيقيه و البحث عن الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذى لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد فهذا هو المفتاح الثالث فى النبؤه قد انهار تماما فلا يسوع دعى عمانوئيل و لا أمه دعته كذلك و حتى لو دعى كذلك فكل هؤلاء تكون اسماؤهم دليل الوهيتهم .
و هكذا انهارات المفاتيح الثلاثه للنبؤه فالعذراء لم تكن عذراء بل فتاة شابة و السيد لم يعطى نفسه ايه و لكنه اعطى بنفسه اية و الآيه ما كانت إلا علامه
و عمانوئيل اسم إسرائيلى ككل الاسماء السابق ذكرها و التى تتكون من مقطعين احدهم المقطع إيل اى إله .

و لم يبقى الا ان نعرف سياق النبؤه كامله لنعرف من هو عمانوئيل و بمن يتنبأ اشعياء و اقراء معى :

اشعياء 7: 1- 16 ( وحدث في ايام آحاز بن يوثام بن عزيا ملك يهوذا ان رصين ملك ارام صعد مع فقح بن رمليا ملك اسرائيل الى اورشليم لمحاربتها فلم يقدر ان يحاربها.2 وأخبر بيت داود وقيل له قد حلت ارام في افرايم . فرجف قلبه وقلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدام الريح .3 فقال الرب لاشعياء اخرج لملاقاة آحاز انت وشآرياشوب ابنك الى طرف قناة البركة العليا الى سكة حقل القصّار4 وقل له.احترز واهدأ.لا تخف ولا يضعف قلبك من اجل ذنبي هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصين وارام وابن رمليا.5 لان ارام تآمرت عليك بشر مع افرايم وابن رمليا قائلة6 نصعد على يهوذا ونقوّضها ونستفتحها لانفسنا ونملّك في وسطها ملكا ابن طبئيل .7 هكذا يقول السيد الرب لا تقوم لا تكون .8 لان راس ارام دمشق وراس دمشق رصين وفي مدة خمس وستين سنة ينكسر افرايم حتى لا يكون شعبا.9 وراس افرايم السامرة وراس السامرة ابن رمليا . ان لم تؤمنوا فلا تأمنوا10 ثم عاد الرب فكلم آحاز قائلا11 اطلب لنفسك آية من الرب الهك . عمق طلبك او رفّعه الى فوق .12 فقال آحاز لا اطلب ولا اجرب الرب.13 فقال اسمعوا يا بيت داود هل هو قليل عليكم ان تضجروا الناس حتى تضجروا الهي ايضا.14 ولكن يعطيكم السيد نفسه آية.ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل.15زبدا عسلا ياكل متى عرف ان يرفض الشر ويختار الخير .16 لانه قبل ان يعرف الصبي ان يرفض الشر ويختار الخير تخلى الارض التي انت خاش من ملكيها )

ها هى النبؤه فى سياقها ببساطه و بدون اهواء :

احاز ملك يهوذا كان يحارب ملكين هما راصين ملك ارام و فقح بن رمليا ملك اسرائيل و كان خائفا فبعث الرب له اشعياء و قال له ان لا يخاف من هذين الملكين و انه فى مدة خمس و ستين سنه ينكسر افرايم اى فقح بن رمليا ثم بعد ذلك عاد و كلم احاز و لاحظ كلمة عاد اى انه نفس فحوى الكلام الذى كلمه اشعياء اعاده الرب بصوره اخرى فقال له الإله اطلب لنفسك علامه او ايه و احاز رفض ان يطلب و لكن الهه اعطاه علامه للنصر و هى ان امرأه شابه سوف تنجب إبنا و سوف تدعوا اسمه عمانوئيل و هنا لاحظ انها هى من تدعوه عمانوئيل على عكس متى الذى يقول ( و يدعى او يدعون ) و لانها علامة نجاه للملك احاز فقد كان الاسم متميزا و يعنى الله معنا كما قال متى و تلاحظ ان تفسير الاسم غير موجود فى اشعياء لاننا كما ذكرنا هذة الاسماء معتاده
و لكن تميز الاسم فى انه علامة نصر فكان يجب ان يكون الله معنا و هذا الطفل يأكل زبدا و عسلا فهل اكل يسوع زبدا و عسلا ؟ و الاكثر من ذلك قبل ان يعرف ان يختار الشر و يختار الخير فهل يسوع كان مخيرا فى فعل الشر ام كان بدون خطيئه كما يقولون ؟ أم كان إله ظاهر فى الجسد غير قابل للخطأ ؟
و هنا يبشر الرب الاله الملك احاز انه قبل ان يعرف هذا الولد الذى دعته امه عمانوئيل ان يختار الشر و يختار الخير بانه سوف يدخل ارض الملكين الذين يحاربهم .

(" اى ان خلاصة النبوءة أن ملك مملكة أرام تحالف مع ملك مملكة إسرائيل لمحاربة ملك مملكة يهوذا فأراد الله أن يطمئن ملك يهوذا بأنه سوف يهلك هاتين المملكتين فى غضون خمسة وستين سنة ، وأعطاه علامة بأن طفلا يدعى عمانوئيل سوف يولد وقد حدثت النبوءة وتحققت النبوءة وجاء عمانوئيل (إشعياء 8:8) و هكذا تفسرالنبوءة فى سياقها التاريخى حتى تكون ذات معنى ")

فبالله عليك اين يسوع و اين النبؤه به و هل انتظر الملك احاز ان يولد يسوع الذى لم يدعى عمانوئيل اصلا فى يوم من الايام حتى يتغلب على الملكين ام ان يسوع جاء بعده بخمس و ستين سنه التى ينكسر فيها فقح بن رمليا كما اخبر اشعياء فى النبؤة ؟

و هذا هو التفسير التطبيقى للكتاب يؤكد أن النبؤة تحققت على أحاز و لكنه يقترح تحقق النبؤة مرتين :

التفسير التطبيقى :

Isa 7:14 -

ملاحظات:

إش 7 : 4 - 8 : 15
تنبأ إشعياء عن فك التحالف بين إسرائيل وأرام (7: 4-9). وبسبب هذا التحالف ستدمر، وستكون أشور الأداة التي يستخدمها الله لتدميرهم (7: 8-25) ولعقاب يهوذا، ولكن الله لن يسمح لأشور بتدمير يهوذا (8: 1-15) بل ستنجو يهوذا لأن خطط الله الرحيمة لا يمكن أن تحبط.

إش 7 : 14-16
جاءت كلمة " عذراء" ترجمة لكلمة عبرية تستخدم للدلالة على امرأة غير متزوجة، لكنها بلغت سن الزواج، أي أنها ناضجة جنسيا (ارجع إلى تك 24: 43 ؛ خر 2: 8 ؛ مز 68: 25 ؛ أم 30: 19 ؛ نش 1: 3 ؛ 6: 8). ويجمع البعض بين هذه العذراء وامرأة إشعياء وابنها الحديث الولادة (8: 1-4). ولكن هذا غير محتمل إذ كان لها ابن اسمه شآريشوب، كما لم يكن اسم ابنها الثاني "عمانوئيل". ويظن البعض أن زوجة إشعياء الأولى كانت قد ماتت، وأن هذه هي زوجته الثانية. ولكن الأرجح أن هذه النبوة تمت مرتين : (1) أن فتاة من بيت آحاز لم تكن قد تزوجت بعد، ولكنها كانت ستتزوج وتلد ابنا، وقبل مضي ثلاث سنوات (سنة للحمل، وسنتين ليكبر الطفل ويستطيع الكلام) يكون الملكان الغازيان قد قضي عليهما. (2) يقتبس البشير متى في (1: 23) قول إشعياء (7: 14) ليبين إتماما آخر للنبوة في أن عذراء اسمها مريم حبلت وولدت ابنا : عمانوئيل المسيح.

و إن كنا نعتذر عن الاطالة فى سرد التحليل اللغوى للأعداد إلا اننا ندرك جيدا اننا ايضا اختصرنا فى سردها قدر الإمكان لأنها كثيرة جدا و لا يمكن ارفاقها لأهمية رؤيتها فى موضع إستدلالها و الآن الأسئلة التى تطرح نفسها بعد هذة الحجج هى هل تنطبق نبؤة أشعياء على يسوع ؟ و هل كاتب متى اقتبس نبؤة أشعياء بصورة صحيحة ؟ و ما الذى كتبه أشعياء على وجه التحديد هل هو مطابق للنص المازورى ام نص قمران ؟ و أخيرا هل نبؤة متى نبؤة حقيقة أم مزعومة؟
نترك الإجابة على هذة الاسئلة لكل انسان باحث عن الحق بتجرد و موضوعية مدركأ انه سيقابل الله فردا يسئل هل بلغت ؟ فنشهد الله انا قد بلغنا كما بلغنا و أقمنا حجة جلية نقابل بها الله يوم تكثر الحجج و يقل منها ما يشفع و ما ينجى فنسئل الله الكريم رب العرش العظيم ان يكون هذا البلاغ حجة لكل من بلغ و أن يجمعنا و كل الدعاة الى الله فى الفردوس الاعلى فى مستقر رحمته مع حبيبه و مصطفاه صلى الله عليه و سلم و تحيتنا فيها سلام و قلوبنا فيها منزوعة من الغل و الحسد الى ابد الابدين اللهم امين .

فتعالو الى كلمة سواء الا نعبد الا الله كما قال عز و جل :{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

و اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
هذا البحث ملك لكل انسان مسلم و غير مسلم و يستطيع نقل جزء او كل البحث بدون الاشاره لمنتدى او شخص و كل ما نطلبه منكم الدعاء بظهر الغيب

غير معرف يقول...

معني الحب عند النصاري: ارقي انواع الحب عند النصاري فهي التي تؤدي الي الانتحار لخلاص الناس"انظر كتاب ""صدق المسيحية" ل"ترتون"ص383 ولكن مثل هذا الحب هو من شان الضعفاء العاجزين المختلين الذين لا يقدرون علي خلاص محبوبهم فلذلك ينتحرون ومن اسباب كثرة انتحار الغربيين المسيحيين من مقتدي هذه العقيدة ان الانتحار ليس بعار او عيب ما دام ربهم نفسه قد ارتكبه وألههم اباح لهم شرب الخمر وشربها معهم وناولهم اياها بيده(مت26-2-29)فلما فشا فيهم الانتحار وشرب ا لخمور وهما من اكثر الموبقات فالله سبحانه وتعالي باعترافهم لم ينتحر هو نفسه لخلاصهم بل ضحي (بالانسان يسوع)الذي اكرهه علي ذلك اكراها وظلم وهو بريئ ولم يشفق عليه ولم يرحمه كما قال بولس (رومية8-32)فاذا لم يحمل الناس علي حب الله خلقه لهم وتفضله عليهم بجميع النعم وهدايته لهم بدون مقابل ورحمته بهم وعفوه عنهم بلا انتقام فهل يحملهم علي حبه صلبه لبريء(يسوع)لاجل خطيئة أدم وخطيئتهم وهم لم يقترفواعصيانا الا بعلمه وارادته وقد كان يمكن ان يمنع وقوع الانسان( أدم) في هذه الخطيئة او يمنع نسله من التأثر بخطأ ابيهم الذي ادخل بزعمهم الخطيئة في العالم كما قال بولس(رومية12)؟؟جهل" يهوه " وظلمه:الغريب ان اليهود هم المقصودون اولا بالذات من بعثة عيسي حتي ما كان يجوز له ولرسله دعوة غيرهم من الامم (مت15-24) فكان جميع الامم كلاب وقد سماهم المسيح نفسه بذلك(مت15-26)ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ) واذا قارنا اليهود بمن في السموات والارض من ملائكة وأناس ودواب وجن ومنهم الصالح والطالح علمنا ان الله لم يهتم بغير اليهود حتي تجسد في هذا الجسدالانساني الي الابد من اجلهم اولا فرفضوه وأهانوه وقتلوه ادركنا كيف ان الههم قد وضع الشيء في غير محله واخطأ المرمي ومرارا وظلم غيرهم بعدم اعتنائه بهم اعتنائه باليهود مع احتياج جميع المخلوقات الي هدايته مثلهم ولكنه اهملهم وبعد ذلك لم يعرف كيف يخلص اليهود انفسهم بل اوقعهم في الهلاك الابدي بصلبهم له وحكم عليهم بالنار الدائمة فهو اذا اله جاهل ظالم عاجز حتي لم يعمل هو نفسه بما الزم به الناس من وجوب دريء السيئة بالحسنة والبغض بالمحبة(مت5-39-48)فصار منتقما حقودا حتي علي مختاريه من اليهود فكيف يوجب علي الناس بعد ذلك ما لم يقدر عليه نفسه؟؟؟وكيف جهل كل هذه النتائج السيئة ولم يعدل بين مخلوقاته بالعدل الممكن؟؟مع انه لولا خلقه لادم بطبيعته ميالا للشر والعصيان لما عصاه وخالف امره ولو اراد ان ينجيهم من العذاب تفضلا منه ورحمة لما عارضه احد ولما نافي ذلك عدله كما يزعمون والا فهل صلب البريء بدون ارادته فداء للمذنبين هو الذي لا ينافي ذلك العدل الذي ما فهموه وهل ايقاعهم ادم في المعصية بخلق ادم ميالا للشر ومؤاخذتهم بذنبه وذنوبهم وعدم العفو عنهم مطلقا الا بسفك دمه الذي يحملهم علي حبه؟ واذا كان يسوع باعتبار ناسوته من نسل ادم لانه مولود من مريم وتكون في رحمها من دمها فهو كباقي اولاد ادم واقع في المعصية فهو ايضا يحتاج الي كفارة مثلهم واذا يكون غير طاهر ولا معصوما من الذنوب كما يزعمون لآنه ابن الانسان الخاطيء وناسوته مخلوق من مريم بمقتضي التولد الجثماني ؟وان كان لم يتلوث بذنب ادم فلماذا تلوث غيره وكلنا من نسل أدم وطبيعتنا من طبيعته وان كان الله طهره من الخطيئة بحلوله فيه فاذا يجوز التطهير من الذنوب بدون سفك دم وهو خلاف ما تدعون ؟؟وان كان حلول الروح القدس فيكم وكلكم من هيكل الله الحي كما يقول لكم بولس(1كو3-16)فاذا كان حلول الله او احد اقانيمه في الانسان مطهرا له من الذنوب ؟فأية حاجة اذا الي صلب المسيح ؟ولماذا لم يجعل الله موت شهدائكم الكثيرين بزعمهم كفارة عن باقي النوع الانساني وكلكم ممتلؤون بالروح القدس (رومية55)؟وان قيل انه باعتبار ناسوته واقع مثلنا في خطيئة ادم ولكن صلبه وهو ابن الله كاف بتكفير الخطيئة عن باقي بني ادم وهو من ضمنهم قلنا :ان كان صلبه باعتباره اله جاز علي الله الموت والالم والجزع و..خصوصا بعد قول المصلوب""الهي الهي لم تركتني"؟ وان كان صلبه باعتباره انه انسان خاطيء مثلنا بمقتضي طبيعته البشرية فكيف لا يكون موته مكفرا عنه وحده ويكون ما ينال من المشاق والاحزان والموت والقتل كفارة له عن ذنوبه وقد كان اصل العقاب علي ذنب ادم (التكوين2-19) وكل هذه الاشياء واقعة بنا وباقية علينا الي الان؟؟؟اذا كانت هذه صفات الههم فهو مجرد من كل رحمة وشفقة وعدو للانسان والحيوان حتي انه ندم علي خلقه للانسان (تك6-6) لشدة غيظه منه وبغضه له وخوفه منه (تك3-22)فكيف يمكن للانسان ان يحبه بعد ذلك ..هل هذه عقيدة وتدعون انها الطرقة الوحيدة لاظهار محبة الله للانسان ؟وهل هذا اله محبة ياعاقلييين؟؟ارجو الاجاب واظن لا اجابة؟؟؟ها ها ها بالثلاثة علشان ما تزعلووووشعقيدة النصاري في البعث:من غرائب عقول النصاري انهم مع تسليمهم بقيامة الاموات والبعث الجسماني ((1كو15-12) وبالعذاب الجسماني ايضا الدائم الي ابد الاين (مت(5:29) يعودون فينكرون النعيم الجسماني ويسخرون من المسلمين لانهم يقولون به فلا ندري لماذا يقبلون تعذيب الجسد بالنيران وغيرها ولا يقبلون تنعيمه بما يليق به من اكل وشرب وجماع وغير ذلك مع الادب والكمال ؟ واذا كان الله قضي بحصول هذه الاشياء في الدنيا للانسان فاي استبعاد اذا لحصولها ايضا في الاخرة علي نحو اكبر وابهي ؟؟نعم ان الجماع شهوة بهيمية ولكنه هو كالاكل والشرب الذي قالت به كتبهم بحصوله في الاخرة(لو22-30) ولذلك سميت دار النعيم عندهم وايضا الفردوس(لو23-43)اي البستان بالفارسية لما فيها من اشجار وثمار ونحوها واذا استعمل النكاح في محله مع الحشمة فلا عيب ما دام الانسان في الاخرة لم يخرج باعترافهم عن كونه حيوانا جسديا وأي فرق بين بين اللذة الروحية واللذة الجسدية وكلتاهما لا تصل الي الانسان ولا تكون عادة الا بطريق الجسد؟وان كانت الاولي خيرا وابقي من الاخرة ولكن في الاخرة ستكون الاثنتان باقيتان هذا ولم يقل احد من المسلمين ان لذة الاخرة كلذة النيا ولا ان الاخرة خالية من النعيم الروحاني والقران يقول""ورضوان من الله اكبر""""وجوه يومئذ ناضرة الي ربها ناظرة" صدق الله لعظيم؟؟ ولماذا لا ينتقدون كتابهم لذكرها شرب الخمر في الاخرة ونصها انها ستكون من نتاج الكرمة كخمر الدنيا سواء بسواء(مر14-25)؟؟؟كره يسوع لامه واخوته:مت(12-46-49)ان امه واخوته (يسوع)جاءوا اليه مرة ووقفوا خارجا طالبين ان يكلموه فاخبه احد التلاميذ بذلك فقال " من هي امي ومن هم اخوتي ثم مد يده نحو تلاميذه وقال هاهي امي واخوتي لانه من يصنع "مشيئة ابي"الذي في السموات هو اخي واختي وامي""؟الظاهر من هذه العبارة وغيرها في الاناجيل ان مريم((المزورة طبعا وليست العذراء الطاهرة))واخوته لم يكونوا مؤمنين به (يو705..مر3-21 ) ولا عن اعماله راضية فلذا حقد عليهم وكرههم حتي ان "أمه" وقد بلغ من قسوة قلبها عليه وجموده انها ذهبت ووقفت عند الصليب لتنظر ابنها وفلذة كبدها وهو مصلوب ولم تبك ابدا(يو19-25)فلما رأها يسوع خاطبها مرة اخي بقوله """يامراة"" يانصاري هل رايتم الهك يعوق امه ويقول لها مثل الزانية يامراة؟؟اين ادب الانبياء ؟اين هو الفادي بلا خكيئة؟؟هالولويا؟؟فهذه اخلاق المرأة التي عبدها النصاري منذ القدم وهذه هي قيمتها عندهم وهي مدسوسة من اليهود والنصاري الاغبياء صدقوها مثل تصديق الالوهية ليسوع والثالوث الذي لا يفهمه احد؟؟؟

غير معرف يقول...

مصائب يسوع وذنوبه في كتبهم: 1) مسألة تردده وهو شاب عازب جميل علي بيت مريم واختها وهما عاهرتان (لو(7:36-39) وحبه لهما (يو5:11) والاكل في بيتهما وامبيت عندهما وتدليك مريم قدميه ومسحهما بشعرها ودهن راسه بالطيب (لو10:38-42) وكثرة اختلاط غيرهما من النساء به وبتلاميذه ومصاحبتهن لهم في كل مكان وخدمتهن له من اموالهن (لو8:1-3)الي غير ذلك ؟؟؟2)وجود يسوع في عرس يشرب الناس فيه الخمر بحضرته ويسكرون (يو2-10) وهو لا ينكر عليهم ذلك بل ساعدهم علي المنكر وحول لهم الماء خمرا((يادي المصيبة يادهوتييي)فزاد الطين بلة (يو2:1-11) حتي رماه المعاصرون له من اليهود بانه شريب خمر محب للخطاة والعشارين(لو7:33-34)ومن كلامه في لوقا >طبعا لوقا استاذ في صناعة الخمر لانه كما يدعي ممرض علي المعاش ومؤلف اناجيل علي كيفك ؟من يريد يتصل بالرقم المجاني 000000)يفهم انه علي دراية كبيرة بالخمر واحوالها وقد اوجب علي اتباعه شربها في فريضة العشاء الرباني ؟اليس الخمر ام الكبائر ومحرمة عند اليهود؟؟؟3)اختصاصه احد تلاميذه (يوحنا او يقال انه مريم المجدلية)بحبه واتكاء هذا في حضنه والتدلل علي وكان يوحنا فتي صغير وعدم تجاسر التلاميذ الاخرين علي سؤاله الا بواسطة هذا التلميذ المحبوب وحده جدا(يو(13:32- وتجرد يسوع من ثيابه اماتابع اخطاء بسوع:4)قولهم انه كذب مرة علي اخوته وغشهم(يو7:8-10) عندما طلبوا منه الذهاب معهم للعيد فانكلا الذهاب ثم ذهب وحد خلسة؟؟5)امره تلاميذه بشراء السيوف وحملها للدفاع عنه فضرب احدهم بالسيف عبد رئيس الكهنة ليقتله فأفلتت الضربة وأصابت أذنه فقطعتها (لو22:36-38)مع انه كان في اول الامر يحض الناس علي محبة الاعداء (مت5-44) وهو مغاير للطبيعة البشرية حتي لم يقدر هو نفسه علي فخالف بذلك وصية وكان اول من يخالفها؟؟6) عدم احترامه لامه مريم واهانها مرارا امام الناس(يو2:4و19-26) ومخالفته بذلك قوله او قول الروح القدس (اخر لخبطة)"اكرم اباك وأمك" ثم دعواه انه ما جاء لينقض الناموس (مت5-17) مع انه نقضه في اعظم اركانه واكبر دعائمه وهي الوصايا العشر)7) ايجاده التقاطع والتفريق بين الناس وحضهم علي بغض اهلهم واقاربهم حتي ابائهم وامهاتهم واولادهم واخوتهم (لو14-26)و(مت10-34) وهو الداعي في اول امره الي السلم ومحبة الاعداء؟؟؟قساوة يسوع علي من لم يؤمن به:""لا تظنوا اني جئت لالقي سلاما علي الارض ما جئت لالقي سلاما بل سيفا فاني جئت لافرق بين الانسان ضد ابيه والابنة ضد امها والكنة ضد حماتها واعداء الانسان اهل بيته؟؟شوفو الحب والمحبة للمسيحية الجميلة؟؟لو(12-49)جئت لالقي نارا علي الارض ليتها قد اضطرمت اتظنون اني جئت لاعطي سلاما علي الارض كلا اقول لكم بل انقساما" كل ذلك يوضح ان القاء الحرب في الارض وايجاد التفريق والانقسام وعداوة الاهل والابناء والاهل سيكون صادرا من جانبه وجانب اتباعه لا من جانب خصومهم كم هو صريح في هذه العبارات؟؟ما رأي من يدعون ان الاسلام دين ارهابي ؟؟هل رأيتم من الارهابي ودين الارهاب يانصاري؟؟ومع ذلك سنجدكم مثل الببغاء تقولون في اي مناسبة ""الاسلام دين ارهاب والمسيحية دين محبة ...كفاكم كذب؟؟؟متي(5:22-28)ان امراة كنعانية صرخت اليه ليشفي ابنتها المجنونة وكانت تقول ارحمن ياسيد يابن داود" فلم يجبها فصاحت وراءه حتي طلب التلاميذ(الانذال"منه صرفها "بدل اغاثتها شوفوا النتانة"فقال لهم لم ارسل الا خراف بيت اسرائيل الضالة( يانصاري يامصريين انتم لم يقصدكم يسوع بالبشارة ؟اذن كرازتكم باطلة؟؟؟فجاءت وسجدت له وقالت ياسيد اعني فقال ليس من الحكمة ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب( شوفوا العنصرية من الفادي بلا خطية""فكيف يكون شفيعا للمذنبين وكيف يكون موته مكفرا عن خطايا البشر ؟؟بلاش تهريج يانصاري؟؟؟ وكلمة "لم ارسل"معناه انه ليس باله لانه مقيد بارادة من ارسله ولذلك تركها "يوحنا" كعادته واتي بقصة المرأة السامرية مع ان اليهود لا يجوز لهم معاملة السامريين؟؟؟ يانصاري ارجوكم اقرأوا كتبكم واحكموا بالحق؟؟؟مهم بعد العشاء بدون مناسبة مما يوهم انه سكر بكاس العشاء التي شربها معهم(يو13:4--255)؟؟؟) عقيدة النصاري في البعث:من غرائب عقول النصاري انهم مع تسليمهم بقيامة الاموات والبعث الجسماني ((1كو15-12) وبالعذاب الجسماني ايضا الدائم الي ابد الاين (مت(5:29) يعودون فينكرون النعيم الجسماني ويسخرون من المسلمين لانهم يقولون به فلا ندري لماذا يقبلون تعذيب الجسد بالنيران وغيرها ولا يقبلون تنعيمه بما يليق به من اكل وشرب وجماع وغير ذلك مع الادب والكمال ؟ واذا كان الله قضي بحصول هذه الاشياء في الدنيا للانسان فاي استبعاد اذا لحصولها ايضا في الاخرة علي نحو اكبر وابهي ؟؟نعم ان الجماع شهوة بهيمية ولكنه هو كالاكل والشرب الذي قالت به كتبهم بحصوله في الاخرة(لو22-30) ولذلك سميت دار النعيم عندهم وايضا الفردوس(لو23-43)اي البستان بالفارسية لما فيها من اشجار وثمار ونحوها واذا استعمل النكاح في محله مع الحشمة فلا عيب ما دام الانسان في الاخرة لم يخرج باعترافهم عن كونه حيوانا جسديا وأي فرق بين بين اللذة الروحية واللذة الجسدية وكلتاهما لا تصل الي الانسان ولا تكون عادة الا بطريق الجسد؟وان كانت الاولي خيرا وابقي من الاخرة ولكن في الاخرة ستكون الاثنتان باقيتان هذا ولم يقل احد من المسلمين ان لذة الاخرة كلذة النيا ولا ان الاخرة خالية من النعيم الروحاني والقران يقول""ورضوان من الله اكبر""""وجوه يومئذ ناضرة الي ربها ناظرة" صدق الله لعظيم؟؟ ولماذا لا ينتقدون كتابهم لذكرها شرب الخمر في الاخرة ونصها انها ستكون من نتاج الكرمة كخمر الدنيا سواء بسواء(مر14-25)؟؟؟كره يسوع لامه واخوته:مت(12-46-49)ان امه واخوته (يسوع)جاءوا اليه مرة ووقفوا خارجا طالبين ان يكلموه فاخبه احد التلاميذ بذلك فقال " من هي امي ومن هم اخوتي ثم مد يده نحو تلاميذه وقال هاهي امي واخوتي لانه من يصنع "مشيئة ابي"الذي في السموات هو اخي واختي وامي""؟الظاهر من هذه العبارة وغيرها في الاناجيل ان مريم((المزورة طبعا وليست العذراء الطاهرة))واخوته لم يكونوا مؤمنين به (يو705..مر3-21 ) ولا عن اعماله راضية فلذا حقد عليهم وكرههم حتي ان "أمه" وقد بلغ من قسوة قلبها عليه وجموده انها ذهبت ووقفت عند الصليب لتنظر ابنها وفلذة كبدها وهو مصلوب ولم تبك ابدا(يو19-25)فلما رأها يسوع خاطبها مرة اخي بقوله """يامراة"" يانصاري هل رايتم الهك يعوق امه ويقول لها مثل الزانية يامراة؟؟اين ادب الانبياء ؟اين هو الفادي بلا خكيئة؟؟هالولويا؟؟فهذه اخلاق المرأة التي عبدها النصاري منذ القدم وهذه هي قيمتها عندهم وهي مدسوسة من اليهود والنصاري الاغبياء صدقوها مثل تصديق الالوهية ليسوع والثالوث الذي لا يفهمه احد؟؟

غير معرف يقول...

بكة في كتبهم وهم يخفونها ولكن الله يظهرها رغما عنهم ربّ كل شئٍّ ومليكه ، العليم بخلقه، المحيط بأسرار كل شئٍّ وخفاياه ، أمّا بعد؛ فان المتأمل للقرآن الكريم وسورة آل عمران خصوصاً في مسالة الخطاب الإلهي لاهل الكتاب وكشف زيفهم وخداعهم ومحاولتهم للبس الحقائق على الناس يعلم مدى حرصهم على إبعاد الناس عن الحقيقة الصارخة والصراط المستقيم .
عندما قرأت البحث الذي كتبه الدكتور " محمد عبد الخالق شريبة " الذي بعنوان "محمد رسول الله في التوراة



والإنجيل " الموجود على هذا الموقع انتابني شعور خفي إزاء محاولة تحريف أهل الكتاب لكلمة " بكه " الموجودة في الكتاب المقدس – النسخة الإنجليزية – Holy Bible : the new king James version ))

إلى كلمة " البكاء " في النسخة العربية للكتاب المقدس،"طوبى لأناس عزهم بك طرق بيتك (الأصل كلمة الحج ) في قلوبهم

84: 6عابرين في وادي البكاءيصيرونه ينبوعاً أيضا ببركات يغطون مورة"

(Blessed are they that dwell in thy house. they will be still praising you, blessed is the man whose strength is in you, whose heart is set on piligrimage as they pass through the valley of Baca make it awel)

PSLAMS (4-6)

ولو لم تكن هذه الكلمة ذات اثر كبير في صدق الرسالة الإسلامية لما لجاءوا إلى هذه المحاولة الفاشلة التي زادتنا تمسكاً بالحق .

كما إن في هذه النسخة الإنجليزية تأكيد على قدسية المكان وارتباطه الوثيق بالحج ، والكلمة الدالّة على ذلك وهي Pilgrimage قد حذفت تماما من النسخة العربية ، وكأن الهدف من تغيير كلمة بكة إلى بكاء وكذلك حذف ما يدل على الحج هو عبارة عن محاولة تضليل خصوصاً لاهل الكتاب من النصارى العرب الذين يسمعون القرآن الكريم يومياً بما في ذلك سورة آل عمران التي تذكر فيها " بكه " صراحة (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران:96

أمّا النصراني الغربي الذي لا يسمع القرآن ولا يفقه لغته أيضا فلا بأس إذا كانت كلمة " بكه " بين يديه ولكن مع ذلك حاولوا إسقاطها من بعض النسخ المنقّحة الأخرى !!!


http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/Baca.JPG
صورة مأخوذة من الكتاب المقدس النسخة الإنكليزية ويظهر فيها كلمة بكة(Baca) وكلمة الحج (pilgrimage)

ولكن هل نجد إشارات عن هذا التحريف بالذات مذكورة في القرآن الكريم ؟

الجواب سيكون من سورة آل عمران نفسها إذ أننا نعلم أنها ومن خلال اسمها فإنها تتكلم عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولكن مكان هذه الآية في وسط الخطاب الإلهي لبني إسرائيل وطلبه جل جلاله منهم آن يأتوا بالتوراة فيتلوها آن كانوا صادقين ثم يأتي الله جل جلاله بوعيد منه لكل من يحاول آن يفتري على الله الكذب ويصفهم بالظالمين ؛ ليدل بذلك على محاولاتهم الدائمة لمثل هذه الأعمال المشينة .

ثم بعد ذلك يذكر الله عزّ وجلّ الآية المحورية رقم 96 أعلاه والتي يذكر فيها كلمة " بكه " لتتضح بذلك ملامح الموقع المذهل لهذه الآية التي لم تأتى غريبة عن النص القرآني وانما أظهرت إبداعا ربانيا وإعجازا غيبيا لمعرفة الله الأزلية لمحاولة تحريف هؤلاء لهذه الكلمة التي ذكرها الله جل جلاله بالدقة المتناهية في القران الكريم بحرف الباء وليس الميم مكة ليدل بذلك على آن الله جل جلاله علمه محيط ، لا تخفى عنه الحروف ولا اصغر من ذلك ولا أكبر فهو الذي انزل القران الكريم والتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون ، ونفهم بذلك بداية سورة آل عمران :

" آلم (1) الله لا اله إلا هو الحي القيوم (2) نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والإنجيل (3) من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان آن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام (4) "

صدق الله العظي

غير معرف يقول...

القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم [دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة

[

لماذا كتب موريس بوكاي كتابه:La bible, le Coran et al., la Science (1978)? حاولت إقامة حوار من أجل دراسة مقارنة حول عدد من الأخبار المذكورة في القرآن والتوراة معاً في موضوع واحد.ولاحظت أن هناك رفضاً باتاً للنظر بعين الاعتبار، ولو لمجرد التأمل، فيما يحتويه القرآن مما يتعلق بموضوع الدراسة المزمعة،

كأن الرجوع في ذلك إلى القرآن يعني الاعتماد على الشيطان. ومع ذلك: يبدو لنا أن هناك تغيراً جذرياً
يتحقق اليوم على أعلى مستوى في العالم المسيحي.



فالوثيقة التي طبعتها سكرتارية الفاتيكان لشؤون غير المسيحيين إثر مجمع الفاتيكان الثاني، بعنوان: ( توجيهات لإقامة حوار بين المسيحيين والمسلمين orientations pour un dialogue entre Chretiens et Musaulmans). والتي طبعت للمرة الثانية في عام 1970م، تشهد بعمق التحول في المواقف الرسمية.

فقد دعت وثيقة الفاتيكان إلى استبعاد الصورة التي يصور المسيحيون المسلمين عليها، ( تلك الصورة البالية التي ورثنا الماضي إياها أو شوهتها الافتراءات والأحكام المسبقة ).

ثم اهتمت الوثيقة ( بالاعتراف بمظالم الماضي التي ارتكبها الغرب ذو التربية المسيحية في حق المسلمين.

والوثيقة تنتقد أيضاً مفاهيم المسيحيين الخاطئة عن الحتمية الإسلامية وحرفية الإسلام وتعصبه، وغير ذلك.

إن الوثيقة تؤكد على وحدة الإيمان بالله عند الجماعتين وتذكر كيف أثار الكاردينال كونيج (koenig) إعجاب مستمعيه بالجامع الأكبر حين أعلن ذلك في محاضرته الرسمية التي ألقاها بجامعة الأزهر في القاهرة عام 1969م. والوثيقة تذكر أيضاً بأن سكرتارية الفاتيكان قد دعت المسيحيين منذ عام 1967 إلى تقديم تهانيهم إلى المسلمين بمناسبة عيد الفطر ( انتهاء شهر الصوم ) فهو يمثل: ( قيمة دينية أصيلة ).

وقد لحقت تلك البوادر المواتية للتقارب بين الهيئة البابوية والإسلام لقاءات واجتماعات جعلت تلك البوادر للتقارب أمراً واقعاً.

ومع ذلك فقله قليلة هي التي عرفت هذه الأحداث الهامة التي حدثت بالعلم الغربي على الرغم من كثرة وسائل النشر والإعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون.

وأيّاً كان الأمر يبدو لنا أنه من الحق علينا، عند دراسة جانب من جوانب التنزيل في دين توحيدي، أن نعالجه بالمقارنة مع ما يقدمه الدينان الآخران من وجهة النظر في الموضوع نفسه.

وإن دراسة شاملة لمشكلة ما هي بالتأكيد أكثر أهمية من دراسة جانب واحد منفصل.

إن المواجهة بين حقائق العلم في القرن العشرين وبين بعض الموضوعات التي تعالجها الكتب المقدسة تهم بالتالي الأديان الثلاثة معاً وليس ديناً واحداً على حدة ولكني لن أعالج هنا إلا جانباً واحداً من الموضوع وهو:

دراسة الكتب المقدسة نفسها في ضوء المعارف العلمية الحديثة:

غير أن قصد هذه الدراسة يفرض سؤالاً أولياً لكنه أساسي: ما القيمة الصحية لهذه النصوص التي في حوزتنا اليوم....؟ وذلك يعني بالضرورة أن ندرس الظروف التي سادت تحرير تلك النصوص وانتقالها إلينا.

إن معالجة الكتب المقدسة من خلال علم الدراسة النقدية للنصوص شيء قريب العهد في بلادنا.

ففيما يخص العهد القديم والعهد الجديد، ظل الناس يقبلونهما على ما هي عليه طيلة قرون عديدة.

ولم تكن قراءة الكتب المقدسة تؤدي إلا إلى اعتبارات مدحية، وكان مجرد التعبير عن أي روح نقدية إزاء الكتاب المقدسة خطيئة لا تغتفر.

وكان القساوسة هم الصفوة التي تستطيع بغير عناء أن تكون لديها معرفة إجمالية عن التوراة والأناجيل أما عامة العلمانيين فلم تكن تتلقى إلا نصوصاً محتارة خلال الطقوس الدينية أو عبر المواعظ.

وبعد أن أصبح نقد النصوص علماً، فقد كان له الفضل في أن جعلنا نكتشف مشاكل مطروحة وخطيرة في أحيان كثيرة.

غير أنه لا بد من أن نصاب بخيبة الأمل عندما نقرأ كتباً كثيرة تدعى أنها نقدية ولكنها لا تقدم في مواجهة الكثير من مشكلات التأويل الحقيقية إلا تفسيرات مديحية تهدف إلى ستر حرج المؤلف وحيرته.

في ظل تلك الظروف فإن المتناقضات والأمور البعيدة عن التصديق تظل باقية بلا حل في نظر كل من يريد أن يحتفظ بسلامة مقدرته على التفكير وحسه الموضوعي.

وإننا لنأسف حقاً لذلك الموقف الذي يهدف إلى تبرير الاحتفاظ في نصوص التوراة والإنجيل ببعض المقاطع الباطلة خلافاً لكل منطق، إن ذلك موقف يسيء كثيراً إلى الإيمان بالله لدى بعض العقول المثقفة.

ومع ذلك: فقد أثبتت التجربة أنه إذا كان بعضهم قادراً على فضح بعض مواطن الضعف من هذا النوع، فإن الغالبية من المسيحيين لم تدرك حتى الآن وجود هذا الضعف، وظلت في جهالة تامة من أمر ذلك التناقض مع المعارف الدنيوية المشهورة التي تعتبر غالباً من المعارف الأساسية جداً.

إن الكنيسة قد حسمت منذ قرونها الأولى وبشكل نهائي بين الأناجيل المتعددة وأعلنت رسمية أربعة منها فقط، برغم التناقضات العديدة فيما بين هذه الأناجيل في كثير من النقاط، وأصدرت الأمر بإخفاء الأناجيل الأخرى. ومن هناء جاء اسم ( الأناجيل المزورة ).

وهناك فرق آخر بين المسيحية والإسلام فيما يتعلق بالكتب المقدسة، ونعني بذلك: فقدان نصوص الوحي الثابت لدى المسيحية، في حين أن الإسلام لديه القرآن الذي هو وحي منزل وثابت معاً.

فالقرآن هو الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق جبريل، وقد كتب فور نزوله، ويحفظه ويستظهره المؤمنون عند الصلاة وخاصة في شهر رمضان، وقد رتب في سور بأمر من محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، وجمعت هذه السور فور موت النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة عثمان ـ ( من السنة الثانية عشرة إلى السنة الرابعة والعشرين التالية لوفاة محمد صلى الله عليه وسلم ) ـ ذلك لتصبح النص الذي نعرفه اليوم.

أما الكتاب المسيحي المقدس، فإنه يختلف بشكل بين عما حدث بالنسبة للإسلام فالإنجيل يعتمد على شهادات بشرية متعددة وغير مباشرة، وإننا لا نملك مثلاً أي: شهادة لشاهد عيان لحياة عيسى، وهذا خلافاً لما يتصوره الكثير من المسيحيين، وهكذا إذن طرحت مشكلة صحة نصوص الكتب المقدسة المسيحية ـ ونصوص الوحي الإسلامي.

ولقد كانت مقابلة نصوص الكتب المقدسة بحقائق العلوم موضوع تفكير الإنسان في كل العصور.

ففي البدء قبل إن اتفاق العلم والكتب المقدسة أمر لازم لصحة النص المقدس.

وإن القديس أوغسطين، في خطابه الثاني والثمانين، الذي سنذكره فيما بعد قد حدد هذا المبدأ بشكل حاسم.

ولكن تطور العلم كشف للمفكرين عن وجود نقاط خلاف بين الاثنين.

وبهذه الطريقة خلف ذلك الوضع الخطير الذي جعل اليوم مفسري التوراة والأناجيل يناصبون العلماء العداء.

إذ لا يمكن في الحقيقة أن نقبل بأن رسالة إلهية منزلة تنص على واقع غير صحيح بالمرة.

وبناء على ذلك فليس هناك سوى إمكانية واحدة للتوفيق المعقول بين الأمرين، وهي عدم قبول صحة المقطع الذي يقول في التوراة بأمر غير مقبول علمياً.

ولم يكن هذا الحل طواعية بل بالعكس فقد تعصب بعضهم بشدة للاحتفاظ بتمام النص، وقد كان نتيجة هذا أن اضطر المفسرون إزاء صحة الكتب المقدسة إلى اتخاذ مواقف لا يمكن قبولها من قبل رجل العلم.

وإن الإسلام قد اعتبر دائماً، كما فعل القديس أوغسطين بالنسبة للتوراة، أن هناك اتفاقاً بين معطيات الكتاب المقدس والواقع العلمي.

وأن دراسة نص القرآن في العصر الحديث لم تكشف عن الحاجة إلى إعادة النظر في هذا. وسوف نرى فيما بعد: أن القرآن يثير وقائع ذات صفة علمية، وهي وقائع كثيرة جداً لما أثارته التوراة من الأمور ذات الصفة العلمية، وبين تعدد وكثرة الموضوعات ذات السمة العلمية في القرآن، وأنه لا يتناقض موضوع ما من مواضيع القرآن العلمية مع وجهة النظر العلمية. وتلك هي النتيجة الأساسية التي تخرج بها دراستنا.

هذه التأملات حول الصفة المقبولة أو غير المقبولة علمياً لمقولة في كتاب مقدس تتطلب منا إيضاحاً دقيقاً.

إذ علينا أن نؤكد أننا عندما نتحدث هنا عن حقائق العلم فإننا نعني بها كل ما قد ثبت منها بشكل نهائي.

وأن هذا الاعتبار يقضي باستبعاد كل نظريات الشرح والتبرير التي قد تفيد في عصر ما لشرح ظاهرة، ولكنها قد تلغي بعد ذلك تاركة المكان لنظريات أخرى أكثر ملاءمة للتطور العلمي.

وإن ما أعنيه هنا هو تلك الأمور التي لا يمكن الرجوع عنها. والتي ثبتت بشكل كاف بحيث يمكن استخدامها دون خوف الوقوع في مخاطرة الخطأ، حتى وإن يكن العلم قد أتى فيها بمعطيات غير كاملة تماماً.

وعلى سبيل المثال، فإننا نجعل التاريخ التقريبي لظهور الإنسان على الأرض، غير أنه قد اكتشفت آثاره لأعمال بشرية تستطيع وضع تاريخها فيما قبل الألف العاشرة من التاريخ المسيحي دون أن يكون هناك أي مكان للشك. وعليه: فإننا لا نستطيع علمياً قبول صحة نص سفر التكوين الذي يعطي أنساباً وتواريخ تحدد أصل الإنسان ( خلق آدم ) بحوالي 37 قرناً قبل المسيح. وربما استطاع العلم في المستقبل أن يحدد لذلك تواريخ فوق تقديراتنا الحالية.

غير أننا نستطيع أن نطمئن إلى أنه لن يمكن أبداً إثبات أن الإنسان قد ظهر على الأرض منذ 5736 سنة كما يقول التاريخ العبري في 1975.

وبناء على ذلك: فإن معطيات التوراة الخاصة بقدم الإنسان غير صحيحة.

هذه المواجهة مع العلم لا تتناول أية قضية دينية بالمعنى الحقيقي للكلمة. فليس للعلم مثلاً أن يقدم أي شرح لكيفية ظهور الله لموسى ـ أو أن يحل اللغز الذي يحيط بمجيء المسيح على الأرض دون أن يكون له أب جسدي ( بيولوجي ).

ولذلك: فإن الكتب المقدسة لا تقدم أي تعليل مادي لأمور من هذا النوع.

وإن الدراسة التي نقدمها الآن تختص بما تنبئنا به الكتب المقدسة فيما يتعلق بالظاهرات الطبيعية المتنوعة الكثيرة، والتي تحيطها تلك الكتب بقليل أو بكثير من التعليقات والشروح.

ولا بد من الملاحظة أن الوحي القرآني غني جداً في تعدد هذه المواضع وذلك على خلاف ندرتها في العهدين القديم والجديد.

لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم وذلك دون أي فكر مسبق وموضوعية تامة باحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث. وكنت أعرف، قبل هذه الدراسة، وعن طريق الترجمات، أن القرآن يذكر أنواعاً كثيرة من الظاهرات الطبيعية، ولكن معرفتي كانت وجيزة. وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها: أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث.

وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل.

أما بالنسبة للعهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتاب الأول، أي: سفر التكوين، فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخاً في عصرنا.

وأما بالنسبة للأناجيل فما نكاد نفتح الصفحة الأولى منها حتى نجد أنفسنا دفعة واحدة في مواجهة مشكلة خطيرة ونعني بها شجرة أنساب المسيح. وذلك: أن نص إنجيل متى يناقض بشكل جلي إنجيل لوقا (Luc). وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الأرض.

إن ما يصدمنا حقاً في أيامنا هذه: أن نرى المتخصصين في دراسة النصوص يتجاهلون ذلك التناقض والتعارض مع الحقائق العلمية الثابتة، أو يكشفون عن بعض نقاط الضعف ليحاولوا بعد ذلك التستر عليها مستعينين في ذلك ببهلوانيات جدلية. فسيجد فيه القارىء أمثلة توضيحية لتطبيق العلم على دراسة أحد الكتب المقدسة، وهو تطبيق لم يكن ليتوقعه الإنسان، كما يسجد القارىء في ذلك بياناً لما قد جاء به العلم الحديث الذي هو في متناول كل يد من أجل فهم أكمل لبعض الآيات القرآنية التي ظلت حتى الآن مستغلقة أو غير مفهومة.

ولا عجب في هذا إذا عرفنا أن الإسلام قد اعتبر دائماً أن الدين والعلم توأمان متلازمان.

فمنذ البدء كانت العناية بالعلم جزءاً لا يتجزأ من الواجبات التي أمر بها الإسلام.

وأن تطبيق هذا الأمر هو الذي أدى إلى ذلك الازدهار العظيم للعلم في عصر الحضارة الإسلامية، تلك التي اقتات منها الغرب نفسه قبل عصر النهضة في أوروبا.

وإن التقدم الذي تم اليوم بفضل المعارف العلمية في شرح بعض ما لم يكن مفهوماً، أو في شرح بعض ما قد أسيء تفسيره حتى الآن من آيات القرآن ليشكل قمة المواجهة بين العلم والكتب المقدسة.

قرار الكنيسة الكاثوليكية بخصوص الأسفار المقدسة:

إن هذا الضيق الذي يسود الأوساط المسيحية والذي يسمى التنزيل قد ظهرت ترجمة له في المجمع المسكوني للفاتيكان الثاني ( 1962 ـ 1965) (1)حيث لم يلزم أقل من خمس صيغ حتى يتفق الجميع على النص النهائي بعد ثلاث سنوات من المناقشات وحتى ينتهي هذا الوضع الأليم الذي هدد بتوريط المجمع على حد تعبير الأسقف فيبر (weber) في مقدمته للوثيفة المسكونية الرابعة عن التنزيل.

وهناك جملتان من هذه الوثيقة الخاصة بالعهد القديم ( الفصل الرابع، ص 53 ) تشير أن إلى شوائب وبطلان بعض النصوص وبشكل لا يسمح بأية معارضة، تقول: ( بالنظر إلى الوضع الإنساني السابق على الخلاص الذي وضعه المسيح، تسمح أسفار العهد القديم للكل بمعرفة من هو الله ومن هو الإنسان بما لا يقل عن معرفة الطريقة التي يتصرف بها الله في عدله ورحمته مع الإنسان غير أن هذه الكتب تحتوي على شوائب وشيء من البطلان، مع ذلك ففيها شهادة عن تعليم إلهي ). [ نقائص وأباطيل ].

ليس هناك إذن أحسن من كلمتي ( الشوائب ) و( البطلان ) اللتين تنطبقان على بعض النصوص التي تسمح بالنقد بل بأن تهجر، ومبدأ كهذا مقبول بشكل واضح.

إن هذا النص جزء من تصريح شامل صوت عليه نهائياً بأغلبية 2344 صوتاً ضد 6 أصوات.

Ces livers (les liver de Testament ), bine

contenineent de et al., du caduc, sont pourtant les temoins

veritable pedagogie (1) .

( هذه الكتب تحتوي على نقائص وأباطيل ).

بشارة خاتم النبيين:

( أحاديث المسيح الأخيرة: الـ (Paraclet) في إنجيل يوحنا ).

يوحنا هو المبشر الوحيد الذي سرد ما حدث في نهاية العشاء الأخير للمسيح. إي آخر أحاديثه مع الحواريين، وينتهي هذا الحدث بخطبة طويلة. فإنجيل يوحنا يفرد أربع إصحاحات ( من 14 إلى 17 ) لتلك الرواية التي لا نجد لها أثراً في الأناجيل الأخرى.

ومع ذلك: فهذه الإصحاحات من إنجيل يوحنا تعالج مسائل أساسية وآفاق مستقبل ذات أهمية بالغة وهي معروضة بكامل العظمة والجلال اللذين يميزان هذا المشهد لوداع السيد لتلامذته.

كيف يمكن أن نشرح الغياب التام في أناجيل متى ومرقص ولوقا لرواية الوداع المؤثر الذي يحتوي على الوصية الروحية للمسيح؟ يمكن أن نطرح السؤال التالي: هل كان النصف موجوداً أولاً عند المبشرين الثلاثة الأولين؟ ألم يحذف فيما بعد؟ ولماذا؟ ونقل فوراً إنه لا يمكن الإتيان بأية إجابة، فاللغز مستغلق تماماً بالنسبة لهذه الثغرة الكبيرة في رواية المبشرين الثلاثة الأولين.

إن ما يسود الرواية ـ وهذا مفهوم في حديث أخير ـ هو مستقبل البشر الذي يتحدث عنه المسيح واهتمام السيد بالتوجه إلى تلامذته وإلى الإنسانية برمتها بعدهم، معطياً إرشاداته وأوامره ومحدداً بشكل نهائي المرشد الذي على الإنسانية أن تتبعه بعد اختفائه.

إن نص إنجيل يوحنا ـ وهذا النص وحده ـ يسمى بشكل صريح هذا المرشد باسم يوناني هو (Parakletos) الذي أصبح في الفرنسية (paraclet). وها هي ذي الفقرات الجوهرية من هذه الخطبة حسب الترجمة المسكونية للعهد الجديد.

( إذا كنتم تحبونني فستعملون على أتباع أوامري، وسأصلي للأب الذي سيعطيكم (Paraclet) آخر. ( 14 ، 15 ـ 16 ).

ما معنى هذه الكلمة (paraclet).

إن النص الذي نملكه حالياً لإنجيل يوحنا يشرح معناها بالألفاظ التالية: الروح.

( الـ paracletالروح القدس، الذي سيرسله الأب باسمي سيبلغكم كل شيء وسيجعلكم تتذكرون كل ما قلت لكم ) ( 14 ، 26 ).

( هو نفسه سيشهد بي ) ( 15 ، 16 ).

( رحيلي فائدة لكم، لأنني إذا لم أرحل فالـ (paraclet) لن يأتي إليكم، وعلى العكس فإذا رحلت فسأبعث به إليكم. وهو بمجيئه سيذهل العالم فيما يخص الخطيئة والعدل والحكم.... ) (16، 7 ـ 8 ) [... وبر ودينونة ].

( عندما سيأتي روح الحقيقة، فسيجعلكم ترقون إلى الحقيقة بكاملها، لأنه لن يتكلم بإرادته وإنما سيقول ما يسمع وسيعرفكم بكل ما سيأتي، وسيمجدني....).

إن أي نقد جاد للنصوص يبدأ بالبحث عن الاختلافات النصبة، ويظهر هنا أن ليس في مجموع المخطوطات المعروفة لإنجيل يوحنا نص آخر مختلف من شأنه أن يحرف المعنى سوى تلك الفقرة ( 14 ، 62 ) من المخطوطة السريانية الشهير المسماة (Palimpseste).ن (2)

(2)

الفقرة لا تشير إلى الروح فقط وإنما إلى الروح القدس.

وعندما يقول المسيح، حسب إنجيل يوحنا ( 16 ، 14 ): ( سأصلي لله وسيرسل لكم paracletآخر"

فهو يريد بالفعل أني يقول إنه سيرسل إلى البشر وسيطاً " آخر" كما كان هو وسيطاً لدى الله وفي صالح البشر في أثناء حياته على الأرض.

ذلك يقودنا بمنتهى المنطق إلى أن نرى في التي Paracletعند يوحنا. كائناً بشرياً على هذا الأرض ليؤدي الدور الذي عرفه يوحنا ولنقل باختصار إنه دور نبي يسمع صوت الله ويكرر على مسامع البشري رسالته.

ذلك هو التفسير المنطقي لنص يوحنا إذا أعطينا الكلمات معناها الفعلي.

إن وجود كلمتي ( الروح القدس ) في النص الذي نملك اليوم قد يكون نابعاً من إضافة لاحقة إرادية تماماً تهدف إلى تعديل المعنى الأول لفقرة تتناقض بإعلانها بمجيء نبي بعد المسيح، مع تعاليم الكنائس المسيحية الوليدة التي أرادت أن يكون المسيح هو خاتم الأنبياء.

(Icim on ne mentionne pas Saint, mais toot court ; (p. 108 )

هنا، لا يذكر الروح القدس، إنما الروح فقط.

الخلاصة:

المعارف العلمية الحديثة تسمح بفهم بعض الآيات القرآنية التي كانت بلا تفسير صحيح حتى الآن.

إن مقارنة عديدة من روايات التوراة مع روايات نفس الموضوعات في القرآن تبرز الفروق الأساسية بين دعاوى التوراة غير المقبولة علمياً وبين مقولات القرآن التي تتوافق تماماً مع المعطيات الحديثة: ولقد رأينا دليلاً على هذا من خلال روايتي الخالق والطوفان.

وعلى حيث نجد في نص القرآن، بالنسبة لتاريخ خروج موسى.

معلومة ثمينة تضاف إلى رواية التوراة وتجل مجموع الروايتين يتفق تماماً مع معطيات على الآثار بما يسمح بتحديد عصر موسى، نجد، فيما يتعلق بموضوعات أخرى، فروقاً شديدة الأهمية تدحض كل ما قيل ادعاء ـ ودون أدنى دليل ـ عن نقل محمد صلى الله عليه وسلم للتوراة حتى يعد نص القرآن.

وفي نهاية الأمر فإن الدراسة المقارنة من ناحية بين الدعاوى الخاصة بالعلم، تلك التي يجدها القارىء في مجموعات الأحاديث التي نسبت إلى محمد صلى الله عليه وسلم والتي يشك في صحتها غالباً ـ وإن عكست مع ذلك معتقدات العصر.

وبين المعطيات القرآنية ذات نفس الطابع من ناحية أخرى، توضع بجلاء اختلافاً يسمح باستبعاد فكرة شيوع الأصل بين القرآن والأحاديث.

ولا يستطيع الإنسان تصور أن كثيراً من المقولات ذات السمة العلمية كانت من تأليف بشر وهذا بسبب حالة المعارف في عصر محمد صلى الله عليه وسلم.

لذا فمن المشروع تماماً أن ينظر على القرآن على أنه تعبير الوحي من الله وأن تعطي له مكانة خاصة جداً.

حيث إن صحته أمر لا يمكن الشك فيه وحيث إن احتواءه على المعطيات العلمية المدروسة في عصرها تبدو وكأنها تتحدى أي تفسير وضعي.

عقيمة حقاً المحاولات التي تسعى لإيجاد تفسير للقرآن بالاعتماد فقط على الاعتبارات المادية.

محتويات الكتاب:

lالعهد القديم:

ـ تاريخ العهد القديم ـ المؤلفون ـ المحتويات.

lالعهد القديم والعلم الحديث:

ـ خلود العالم ـ عمر البشرية ـ أنساب إبراهيم.

ـ مواقف الكتاب المسيحيين تجاه الأخطاء العلمية في العهد القديم.

lالأناجيل:

ـ تاريخ الأناجيل.

lمشاكل الأناجيل:

ـ شجرة أنساب المسيح.

ـ تناقضات روايات الصلب والقيامة وصعود المسيح.

lالقرآن والعلم الحديث:

ـ تعريف بالقرآن وكتابته وجمعه.

ـ القرآن يختلف عن الأناجيل ومصداقية نصه لا تقبل الشك.

lموضوعات علمية:

ـ خلق السماوات والأرض ـ علم الفلك في القرآن ـ توسع الكون.

ـ غزو الفضاء: )لا تنفذون إلا بسلطان (:ليس من شك في أن هذه الآية تشير إلى إمكانية البشر ذات يوم بأن يحققوا ما نسميه في عصرنا، ربما بشكل غير مخصص بغزو الفضاء ـ ص194.

ـ الأرض ـ الكهرباء الجوية ـ عالم النبات والحيوان.

ـ التناسل الإنسانية وتطور الجنين.

lموازنة بين القرآن والأناجيل والمعارف الحديثة.

lموازنة بين القرآن والعهد القديم والمعارف الحديثة.

lالخلاصة: [ ص286 ].

معطيات الأسفار من خلق الكون:

1ـ السماء فوقها مياه وتحتها مياه:

وقال الله: ليكن جلد في وسط المياه. وليكن فاصلاً بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد. وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد، ودعا الله الجلد سماء ـ تكوين 1 : 6 ـ 8.

ولما كان نوح بن ست مئة سنة صار طوفان على الأرض.. انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء ـ تكوين 7 : 6 ، 11.

2ـ الأرض محمولة فوق أعمدة تغوص في المياه:

لأن للرب أعمدة الأرض وقد وضعه عليها المسكونة ـ صموئيل الأول 8 : 2.

للرب الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها لأنه على البحار أسسها وعلى الأنهار ثبتها ـ مزمور 24 : 1 ـ 2.

3ـ الله جالس فوق دائرة الأرض:

الجالس على ( كره ) ( الأرض ـ اشعياء 40 : 22 ).

هذه الترجمة محرفة وصحتها: دائرة الأرض، كما يتبين من مقارنة.

الترجمات الأخرى الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

· It is he who sits above the circle of the ear (r.s.v).

· Il tr ne ou- dessus du cercle de la terre (Bib. De jr).

· Er thrount be r dem kreis der Erde (martin luthers).

وهناك أمثلة أخرى لتحريف الترجمة العربية، كما جاء في بشارة اشعياء بنبي الإسلام.

يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول: لا أعرف الكتابة ـ إشعيا 9.

· And when they give the book to one who (annot) says I coannot.

· On le donne alors a celui qui nt sait pas lire en disant Lis done ceci Il repond: je ne sais.

· Eder das man einem gibt der nicht lesen kann und spricht lies doch das und er spricht Ich kann nicht leaen Luthers.

ـ وصحة الترجمة هي: يدفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة، ويقال له أقرأ هذا فيقول: لا أعرف القراءة وقد كان أول الوحي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن قال لسيدنا جبريل: ما أنا بقارىء.

خلق الكون والإنسان حسب التوراة:

في البداية خلق الله السماوات والأرض وكانت الأرض خربة وخاوية...

وقال الله: ليكن نور فكان نور... ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً.

وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً.

وقال الله: ليكن جلد في وسط المياه وفصل الله بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد ... ودعا الله الجلد سماء.

وكان مساء وكان صباح يوماً ثانياً.

وقال الله: لتجتمع المياه التي تحت المساء إلى مكان واحد لتظهر اليابسة....

وقال الله: لتنبت الأرض عشباً... وشجراً ذا ثمر وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً.

وقال الله: لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل... وفعمل الله النورين العظيمين لحكم النهار ولحكم الليل والنجوم وكان مساء وكان صباح يوماً رابعاً.

وقال الله: لتضمن المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض... وباركها الله قائلاً أثمري وأكثري... وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً.

وقال الله: لتخرج الأرض ذوات أنفس حية بهائم ودواب ووحوش..

وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا.. ذكراً وأنثى خلقهم. وباركهم الله قائلاً: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض... وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً.

وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمله. فاستراح في اليوم السابع ( تكوين 1 : 31 ، 2 : 2 ).

اليوم
ما تم خلقه
ملاحظات

1
ـ النور

ـ الليل والنهار
ـ تخلق الشمس والنجوم مصدر الضوء إلا في اليوم الرابع.

ـ يتعاقب الليل والنهار نتيجة لدوران الأرض حول محورها أمام الشمس.

2
ـ السماء ( الجلد )

ـ مياه فوق السماء
سوف تستخدم المياه التي فوق السماء في الطوفان انفتحت طاقات السماء ( 7: 11 )

3
ـ ظهور اليابسة والبحار

ـ ظهور النبات ( عشب ـ شجر )
ـ تم استكمال خلق الأرض ( يابسة وبحاراً ) وظهور النبات في اليوم الثالث قبل خلق الشمس ( أم المجموعة الشمسية ) في اليوم الرابع.

ـ ضوء الشمس ضروري للإنبات.

4
ـ الشمس والقمر والنجوم
كان لا بد من خلقها قبل ذلك حتى يوجد الضوء ويتعاقب الليل والنهار وحدث الإنبات.

5
ـ الحيوانات البحرية والطير
خلق الطير هنا جاء سابقاً لأوانه.

6
ـ الدواب والوحوش والبهائم

ـ الإنسان


7
يوم الراحة
)ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ([ق: 38

غير معرف يقول...

"إيَّاكُمْ أنْ تعمَلوا الخَيرَ أمامَ النَّاسِ ليُشاهِدوكُم، وإلاَّ فلا أجرَ لكُم عِندَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ.

2فإذا أحسَنْتَ إلى أحدٍ، فلا تُطَبَّلْ ولا تُزمَّرْ مِثلَما يَعمَلُ المُراؤونَ في المجامعِ والشوارعِ حتى يَمدَحَهُمُ النَّاسُ. الحقَّ أقولُ لكُم: هؤلاءِ أخَذوا أجرَهُم. 3أمَّا أنتَ، فإذا أحسنتَ إلى أحدٍ فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ تَعرِفُ ما تعمَلُ يمينُكَ، 4حتى يكونَ إحسانُكَ في الخِفْيَةِ، وأبوكَ الذي يرى في الخِفيَةِ هوَ يُكافِئُكَ.



الصلاة والصوم.

5"وإذا صَلَّيتُمْ، فلا تكونوا مِثلَ المُرائينَ، يُحِبٌّونَ الصَّلاةَ قائِمينَ في المَجامِـعِ ومَفارِقِ الطٌّرُقِ ليُشاهِدَهُمُ النَّاسُ. الحقَّ أقولُ لكُم: هؤُلاءِ أخذوا أجرَهُم. 6أمَّا أنتَ، فإذا صَلَّيتَ فاَدخُلْ غُرفَتَكَ وأغلِقْ بابَها وصَلٌ لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ.

7ولا تُرَدَّدوا الكلامَ تَردادًا في صَلواتِكُم مِثْلَ الوَثنيّينَ، يَظُنٌّونَ أنَّ الله يَستَجيبُ لهُم لِكَثرةِ كلامِهِم. 8لا تكونوا مِثلَهُم، لأنَّ الله أباكُم يَعرِفُ ما تَحتاجونَ إلَيهِ قَبلَ أنْ تسألوهُ. 9فصلّوا أنتُم هذِهِ الصَّلاةَ: أبانا الَّذي في السَّماواتِ، ليتَقدَّسِ اَسمُكَ 10ليأتِ مَلكوتُكَ لتكُنْ مشيئتُكَ في الأرضِ كما في السَّماءِ. 11أعطِنا خُبزَنا اليَوميَّ، 12واَغفِرْ لنا ذُنوبَنا كما غَفَرنا نَحنُ لِلمُذنِبينَ إلَينا، 13ولا تُدخِلْنا في التَّجرِبَةِ، لكنْ نجَّنا مِنَ الشَّرَّيرِ. 14فإنْ كُنتُم تَغفِرونَ لِلنّاسِ زَلاّتِهِم، يَغفِرْ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم. 15وإنْ كُنتُم لا تَغفِرونَ لِلنّاسِ زلاّتِهِم، لا يَغفِرُ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم.

16وإذا صُمْتمُ، فلا تكونوا عابِسينَ مِثلَ المُرائينَ، يَجعلونَ وجوهَهُم كالِحَةً ليُظهِروا لِلنّاسِ أنَّهُم صائِمونَ. الحقَ أقولُ لكُم: هؤُلاءِ أخذوا أجرَهُم. 17أمّا أنتَ، فإذا صُمتَ فاَغسِلْ وجهَكَ واَدهَنْ شَعرَكَ، 18حتَّى لا يَظهَرَ لِلنّاسِ أنَّكَ صائِمٌ، بل لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ.

الغنى.

19"لا تَجمَعوا لكُمْ كُنوزًا على الأرضِ، حَيثُ يُفسِدُ السٌّوسُ والصَّدَأُ كُلَ شيءٍ، وينقُبُ اللٌّصوصُ ويَسرِقونَ. 20بلِ اَجمَعوا لكُم كُنوزًا في السَّماءِ، حَيثُ لا يُفْسِدُ السٌّوسُ والصَّدأُ أيَّ شيءٍ، ولا ينقُبُ اللٌّصوصُ ولا يَسرِقونَ. 21فحَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قَلبُكَ.

نور الجسد.

22"سِراجُ الجسدِ هوَ العَينُ. فإنْ كانَت عَينُكَ سَليمَةً، كانَ جسَدُكَ كُلٌّهُ مُنيرًا. 23وإنْ كانَت عَينُكَ مَريضَةً، كانَ جسَدُكَ كُلٌّهُ مُظلِمًا. فإذا كانَ النٌّورُ الَّذي فيكَ ظَلامًا، فيا لَه مِنْ ظلامِ!

الله والمال.

24"لا يَقدِرُ أحَدٌ أنْ يَخدُمَ سَيَّدَينِ، لأنَّهُ إمّا أنْ يُبغِضَ أحدَهُما ويُحبَّ الآخَرَ، وإمّا أنْ يَتبعَ أحدَهُما ويَنبُذَ الآخَرَ. فأنتُم لا تَقدِرونَ أنْ تخدُموا الله والمالَ.

25لذلِكَ أقولُ لكُم: لا يَهُمَّكُم لحياتِكُم ما تأكُلونَ وما تشرَبونَ، ولا لِلجسدِ ما تَلبَسونَ. أما الحَياةُ خَيرٌ مِنَ الطَّعامِ، والجسدُ خَيرٌ مِنَ اللَّباسِ? 26أنظُروا طُيورَ السَّماءِ كيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحْصُدُ ولا تَخزُنُ، وأبوكُمُ السَّماويٌّ يَرزُقُها. أما أنتُم أفضلُ مِنها كثيرًا؟ 27ومَنْ مِنكُمْ إذا اَهتَمَّ يَقدِرُ أنْ يَزيدَ على قامَتِهِ ذِراعًا واحدةً؟

28ولِماذا يَهمٌّكُمُ اللَّباسُ؟ تأمَّلوا زَنابقَ الحَقلِ كيفَ تَنمو: لا تَغزِلُ ولا تَتعَبُ. 29أقولُ لكُم: ولا سُليمانُ في كُلٌ مَجدهِ لبِسَ مِثلَ واحدَةٍ مِنها. 30فإذا كانَ الله هكذا يُلبِسُ عُشبَ الحَقلِ، وهوَ يوجَدُ اليومَ ويُرمى غَدًا في التَّــنّورِ، فكَمْ أنتُم أولى مِنهُ بأنْ يُلبِسَكُم، يا قليلي الإيمانِ؟ 31لذلِكَ لا تَهتمّوا فتقولوا: ماذا نأكُلُ؟ وماذا نشرَبُ؟ وماذا نَلبَسُ؟ 32فهذا يطلُبُه الوَثنيّونَ. وأبوكُمُ السَّماويٌّ يعرِفُ أنَّكُم تَحتاجونَ إلى هذا كُلَّهِ. 33فاَطلبوا أوَّلاً مَلكوتَ الله ومشيئَتَهُ، فيزيدَكُمُ الله هذا كُلَّه. 34لا يَهُمَّكُم أمرُ الغدِ، فالغدُ يَهتمٌّ بنفسِهِ. ولِكُلٌ يومِ مِنَ المتاعِبِ ما يكْفيهِ".

فأما الكلام عن الصدقة وأفضلية إخراجها خفيةً فكلام رائع لا يصدر إلا عن نفس نبيلة، وإن لم يمنع هذا من إخراج المال علانية إذا اقتضى المقام ذلك: كأن يريد المتصدق أن يَجُبّ الغِيبة عن نفسه حتى لا يظن الظانون أنه لا يخرج صدقة ماله، أو أن يريد تشجيع البخلاء والمترددين فيخرج الصدقة أمامهم فيقلدوه ويتشجعوا على عمل الخير... وهلم جرا. والعبرة فى كل حال بالنية والضمير، ومن هنا سمعنا المسيح عليه السلام يقول: "إيَّاكُمْ أنْ تعمَلوا الخَيرَ أمامَ النَّاسِ ليُشاهِدوكُم"، أما إذا لم تكن الرغبة فى لفت أنظار الناس فى الخاطر ولا النية فلا بأس بإظهار الصدقات، وإن كان الإخفاء أفضل بوجه عام. وما يصدق على الصدقة يصدق على الصلاة والصوم إذا كانت النية وراء تَيْنِك العبادتين هى المراءاة والسمعة، وإلا فهما عبادتان جماعيتان لا فضل لأحد على غيره فى أدائهما، اللهم إلا إذا تحولتا إلى تجارة وخداع. ولنلاحظ كيف أن المسيح، إذا كان هو قائل هذا الكلام فعلا، قد سمى الله فى كلامه لمن يخاطبهم بكلمة "أبوك/ أبوكم الذى فى السماوات"، وهو ما من شأنه أن يؤكد ما قلناه فيما مرّ من أن هذا التعبير وأمثاله إنما هو تعبير رمزى أو مجازى، ولا يمكن ولا يصح أن يؤخذ على حرفيته!

وأما قوله عن الغِنَى: "19لا تَجمَعوا لكُمْ كُنوزًا على الأرضِ، حَيثُ يُفسِدُ السٌّوسُ والصَّدَأُ كُلَ شيءٍ، وينقُبُ اللٌّصوصُ ويَسرِقونَ. 20بلِ اَجمَعوا لكُم كُنوزًا في السَّماءِ، حَيثُ لا يُفْسِدُ السٌّوسُ والصَّدأُ أيَّ شيءٍ، ولا ينقُبُ اللٌّصوصُ ولا يَسرِقونَ. 21فحَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قَلبُكَ" فبحاجة إلى تعديل، إذ ليس المال ولا الغنى سيئا فى ذاته، بل فى الحالات التى يتحول فيها إلى سُعَارٍ وجَمْعٍ للثروات لا لشىء سوى الكنز لمجرد الكنز بحيث تفقد النفس إنسانيتها ونقاءها ولا تعود تشعر بالفقراء وذوى الحاجة الضعفاء ولا تعمل لهم حسابا، وإلا فالمال عصب مهم من أعصاب الحياة، ولولا هو ما استطاع الناس العيش ولا الحصول على حاجاتهم، إذ هو ترجمة لجهدهم وعملهم وكدّهم وتحويل لها إلى دراهم ودنانير. إن الحياة ومتعها هى نعمة من نعم الله سبحانه، ولا يعقل أن يدير العاقل ظهره لنعم الله، على الأقل لأن ذلك باب من أبواب الجلافة، ولا أظننى أغالى إذا قلت إنه قد يكون دليلا على قلة الإيمان. لقد خلق الله لنا أجسادا ونفوسا تتطلع وتتشهى، ولا عيب فى التطلع والتشهى فى نفسه، إنما العيب كل العيب فى الأنانية والتمركز حول الذات، وكذلك فى اللهفة والجزع والسخط إذا فات الشخصَ حظُّه من تلك المتع! ترى ما الإثم فى الطعام الطيب أو الشراب اللذيذ أو العطر الزكىّ أو الملبس الأنيق أو البيت الرحيب النظيف الجميل؟ أمن المعقول أن يكون حرص الإنسان على المأكل والمشرب الردىء والرائحة المنتنة والمسكن الضيق القبيح المنفّر والملبس الزَّرِىّ هو الدليل على صدق الإيمان والرغبة فى شكر الله؟ ترى ما يفعل الله بعذابنا إن شَكَرْنَا وآمنّا؟ ولمن خلق الله الدنيا وأطايبها ولذاتها إذا عملنا نحن على حرمان أنفسنا منها؟ المهم ألا تشغلنا هذه الدنيا عن كنوز السماء التى تبقى بعد فناء هذه اللذائذ والأطايب الدنيوية، وإلا فما الذى يعود على الإنسان إذا ربح العالم كله وخسر نفسه؟

الواقع أنه لا تعارض بالضرورة بين الأمرين، وإلا فكنز السماء مقدم على كل كنوز الأرض فى حالة التعارض ما لم تكن هناك ضرورة قاهرة، فعندئذ فالرجاء أن يغفر الله بفضله وكرمه ذنوبنا ويَجْبُر نقصنا ويعفو عن كثير، فهو الكريم الودود اللطيف الرحيم غافر الذَّنْب وقابل التَّوْب! أما ما جاء فى هذه الموعظة من أنه "لا يَقدِرُ أحَدٌ أنْ يَخدُمَ سَيَّدَينِ، لأنَّهُ إمّا أنْ يُبغِضَ أحدَهُما ويُحبَّ الآخَرَ، وإمّا أنْ يَتبعَ أحدَهُما ويَنبُذَ الآخَرَ. فأنتُم لا تَقدِرونَ أنْ تخدُموا الله والمالَ" فليس على إطلاقه، إذ الواحد يستطيع أن يكسب المال ويستعمله فى إنجاز حاجاته وإشباع تطلعاته، وفى ذات الوقت يؤدى واجب الشكر لله ويعطى الفقراء حقوقهم فيه، فينال الخيرين جميعا: خير الدنيا، وخير الآخرة، فهو يعبد الله من خلال شكره سبحانه على ما أغدق عليه من مال. وصدق الله العظيم إذ يقول:"ومن الناس من يقول: ربَّنا، آتنا فى الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقِنَا عَذَاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا، والله سريع الحساب"، وصدق رسوله الكريم حين يعلمنا قائلا: "نِعْمَ المالُ الصالحُ للعبد الصالح"، اللهم إلا إذا كان المسيح عليه السلام قد قصد قصدًا الحَدَّ من جشع اليهود الإجرامى وعبادتهم المتوحشة للدرهم والدينار، واليورو والدولار.

على أن من الأقوال المنسوبة للسيد المسيح ما لا يمكن الموافقة عليه البتة لأنه يقود إلى العدم، ومنه قوله: "25لذلِكَ أقولُ لكُم: لا يَهُمَّكُم لحياتِكُم ما تأكُلونَ وما تشرَبونَ، ولا لِلجسدِ ما تَلبَسونَ. أما الحَياةُ خَيرٌ مِنَ الطَّعامِ، والجسدُ خَيرٌ مِنَ اللَّباسِ? 26أنظُروا طُيورَ السَّماءِ كيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحْصُدُ ولا تَخزُنُ، وأبوكُمُ السَّماويٌّ يَرزُقُها. أما أنتُم أفضلُ مِنها كثيرًا؟ 27ومَنْ مِنكُمْ إذا اَهتَمَّ يَقدِرُ أنْ يَزيدَ على قامَتِهِ ذِراعًا واحدةً؟". إن الجسد يشكل جانبا من وجودنا، ولا يمكن من ثم تجاهله وإهمال مطالبه. ترى كيف يستطيع الإنسان ألا يهتم بما يأكل أو يشرب أو يلبس؟ كما أن القياس على حياة الطيور هو قياس خاطئ تماما: فالطيور إنما تعيش بغرائزها ولا تفكر فى بناء حضارة، وليس لها ثقافة، ولا يعترى حياتها أى تطوير، أما نحن فلا نستطيع أن نعيش حياة الفطرة التى تحياها الطيور، وإلا فكيف نأكل ونشرب ونلبس ونسكن؟ إن الديدان والحَبّ مثلا متوفران فى الطبيعة بكميات تفوق حاجة الطيور، ومن ثم فلا مشكلة فى الحصول عليها، كما أنه لا مانع يمنعها من الحصول من ذلك على ما تريد، أما نحن فليس هناك وفرة فى الطبيعة فيما نحتاجه، بل لا بد من العمل والإنتاج والإبداع والتنظيم والإدارة والتخطيط... إلخ. ولو تركنا أنفسنا مثلا دون ملابس ولم نهتم بنظافتنا أو زينتنا كما تفعل الطيور لمتنا من البرد والحر، فضلا عن أن هذا لا يليق: لا أخلاقيا ولا اجتماعيا ولا صحيا، ولا جماليا أيضا، إذ على الأقل سوف تتراكم الأوساخ على أجسادنا وتطول شعورنا وأظافرنا وتنتن رائحتنا ونصبح أقرب للوحوش منا للبشر! وأذكر أنى قرأت فى شبابى الأول فى بداية سبعينات القرن الفائت رواية لبريخت فى سلسلة "روايات الهلال" اسمها "ثلاثة بنسات" تناول فيها ذلك الكاتب، ضمن ما تناول، مثلا ضربه السيد المسيح فأخذ يسخر منه ومن تداعياته المتوقعة لو أخذنا به وسرنا على ضوئه. وأذكر كذلك أنى لم تعجبنى الطريقة التى فهم بها الروائى الألمانى المثل المنسوب لعيسى عليه السلام والتهكم الذى استقبله به، إلا أن الكلمات التى نحن بصددها الآن لا تترك لنا فرصة للقول بأن هناك معنى آخر لها يمكن توجيهها نحوه، فهى دعوة صريحة لا تحتمل لَبْسًا إلى الانصراف عن الاهتمام بالدنيا والاستنان بسنة الطيور، وهو ما لا يمكن أن يكون نظرًا لاختلاف طبيعة الحياة البشرية عن حياة الطير.

نعم هناك حديث للرسول الكريم يقول صلى الله عليه وسلم فيه: "لو توكلتم على الله حَقَّ توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خِمَاصًا، وتروح بِطَانًا"، بَيْدَ أن ثمة فرقا كبيرا وحاسما بين الكلامين: فالرسول يتحدث عن التوكل الحق، وهذا التوكل معناه أن يبذل الإنسان كل جهده فى سبيل الحصول على ما يريد مثلما تفعل الطيور، إذ لا تبقى فى أعشاشها كتنابلة السلطان تنتظر الحَبّ أن يسقط فى مناقيرها وهى راقدة، بل تفارق كل صباح فى البُكْرة النديّة أعشاشها بحثًا عن الحبة والدودة، فتعود آخر النهار وقد امتلأت بطونها بالطعام بعد أن غادرت بيوتها فى أوله على الطَّوَى! الحديث إذن لا يقيس على الطير فى عدم اهتمامها بتدبير أمور معاشها، بل يقيس عليها فى سعيها على قدر وسعها وراء هذا المعاش. وقد صرح الرسول الأعظم بهذا المعنى فى أحاديث كثيرة متنوعة، وهذا هو الفرق الكبير والخطير بين الكلامين! وليس من المعقول أن نطلب من الإنسان أن يقوم كل يوم من النوم وهو لا يدرى ماذا يأكل فى يومه الأغبر ولا كيف يدبر أمر ملابسه وسكنه: فمرة ينام على الرصيف، وأخرى فى لوكاندة، وثالثة فى الكراكون، ورابعة فى ملجإ للعجزة أو للأيتام، وخامسة فى حقل من حقول الذرة مع اللصوص والقتلة وقُطّاع الطريق وما إلى ذلك. وهذا على مستوى الأفراد، فما بالنا بالدول؟ ومن التخطيط والاستعداد المسبَّق العمل على إقامة المدارس ومؤسسات الضمان الاجتماعى ووضع البرامج للارتقاء بالذوق والحس الجمالى... إلى آخر تلك الأهداف النبيلة التى لا يمكن الغض منها تحت أية حجة.

ومما قاله المسيح أيضا: "28ولِماذا يَهمٌّكُمُ اللَّباسُ؟ تأمَّلوا زَنابقَ الحَقلِ كيفَ تَنمو: لا تَغزِلُ ولا تَتعَبُ. 29أقولُ لكُم: ولا سُليمانُ في كُلٌ مَجدهِ لبِسَ مِثلَ واحدَةٍ مِنها. 30فإذا كانَ الله هكذا يُلبِسُ عُشبَ الحَقلِ، وهوَ يوجَدُ اليومَ ويُرمى غَدًا في التَّــنّورِ، فكَمْ أنتُم أولى مِنهُ بأنْ يُلبِسَكُم، يا قليلي الإيمانِ؟ 31لذلِكَ لا تَهتمّوا فتقولوا: ماذا نأكُلُ؟ وماذا نشرَبُ؟ وماذا نَلبَسُ؟ 32فهذا يطلُبُه الوَثنيّونَ. وأبوكُمُ السَّماويٌّ يعرِفُ أنَّكُم تَحتاجونَ إلى هذا كُلَّهِ. 33فاَطلبوا أوَّلاً مَلكوتَ الله ومشيئَتَهُ، فيزيدَكُمُ الله هذا كُلَّه. 34لا يَهُمَّكُم أمرُ الغدِ، فالغدُ يَهتمٌّ بنفسِهِ. ولِكُلٌ يومِ مِنَ المتاعِبِ ما يكْفيهِ". وهنا لا يهمل المسيح، إن كان هو قائل هذا الكلام، أمور الدنيا تماما كما أهملها فى النص الذى فرغنا منه لتونا، لكنه يضعها تالية لمطالب الملكوت السماوى. ولا ريب فى أن من يؤمن بالحياة الآخرة يضع، مثل عيسى، الآخرة على الأولى، إلا أن تأكيد المسيح بأننا إذا اهتممنا بملكوت السماوات فلسوف تدبر الحياة أمورها بنفسها دون تدخل من جانبنا، هو تأكيد لا ينهض على أساس، إذ السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة كما قال عبقرى الإسلام عمر بن الخطاب، كما أننا قد سبق أن نبهنا إلى الدرة المحمدية الثمينة فى هذا الشأن، وهى قوله صلى الله عليه وسلم: "لو توكلتم على الله حق توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خِمَاصًا، وتروح بِطَانًا". أى أنه لا بد من العمل وبذل الجهد والجرى وراء الرزق. أما صرف الوقت كله فى العبادة فهو فى الإسلام غير مُسْتَحَبّ، لا بل هو خطأ فادح وجريمة لا يستهان بها عند الله. لكنْ فى كل الأحوال ينبغى ألا يتحول الإنسان، بسبب هذا الجرى خلف المعاش، إلى آلة عديمة المشاعر والضمير لا تبالى بحق ولا باطل، ولا تأخذ فى حسبانها أن هناك أمورا شديدة الأهمية تتخطى حدود الحياة الدنيا، وحقوقا للآخرين يجب أداؤه

غير معرف يقول...

(الحرف يقتل و الكلمة تضل !!!)

كثيرا ما نسمع جملة ( الحرف يقتل ) و نحن نزيد عليها جملة و ( الكلمة تضل ) و لكن هل هذا يعنى انه كلما استدللنا بنص جاء احدهم و قال الحرف يقتل و يعنى بذلك لا تعتمد على الحرف و الكلمة ؟ بالطبع هذا غير صحيح و لا يعنى تعبير الحرف يقتل هذا تماما و لكن التى تعنيه هذة الجملة هو ان الفهم الخاطىء للحرف او الكلمة قد يؤدى الى الهلاك و هذا صحيح جدا حيث ان كل العقائد تفهم من خلال حروف و كلمات و موضوع الاعتماد على علم يأتى من الله مباشرة الى القلب ( العلم اللدنى ) عن طريق الروح القدس او غيره هو نوع من التواكل الفكرى و نقول لأصحابه لماذا لا تعتمد هذة الطريقة فى رزقك و تجلس فى بيتك تنتظر . هذا إذا كان بيتك اساسا لم تسعى لكى تبنيه او تستأجره !
الدنيا هى دار اختبار و الاختبار يرتيط بالقدرة على الاختيار بين الصالح و الطالح و قد خلقنا الله بنعمة العقل التى هى اساس التخيير وعدم استخدام هذا العقل فى الاختيار هو عدم احترام لسنة الله فى كونه و تمرد على حكمة الله البالغة و اهم مجالات الاختيار هو مجال العقيدة اى ما يجب اعتقاده عن الله و مخلوقاته و خصوصا المخلوقات التى لا يستطيع العلم اختبارها و ان كان العلم قائما على العقل فما هو الحل و هل يعتبر هذا تناقض ان نؤمن بما هو غير قابل للتجريب و نحن ندعوا لأستخدام العقل و احترام سنة الله فى خلقه ؟
هناك حل بسيط لذلك ( بعيدا عن اللغو و التنطع العلمى احيانا او ما يدعوه البعض كذلك و احيانا التنطع بالجهل و هو اسوأ انواع التنطع ) و هو ان تبحث عن الرسالة الصحيحة التى ارسلت لك من رب العالمين و هو العالم بكونه الذى خلق المستحق للعبادة بما يرتضى من طرق و ما يحب من سبيل و لكن ايضا كيف اعرف إذا كانت هذة الرسالة التى هى عبارة عن نصوص بالطبع ( و هى الوسيلة التى يفهمها الانسان ) إذا كانت صحيحة اى من عند الله ام انها من عند غير الله ام انها من عند الله ثم تناولها البشر بالتبديل و التغيير ؟
الامر بسيط تدبر النص اى تعلم الادوات التى تستطيع تناول النص بها مثل لغة النص و قواعدها و تفسيرات اهل العقيدة و تفسيرات غيرهم ثم بعد ان تتناول النص سيكون هناك ثلاث احتمالات ستجد منها واحدا هو نتيجة تدبر هذا النص :

1- لن تجد تناقض فى النص تماما ( و هذا صعب جدا فى اى نص على وجه الارض حيث ان النص مرتبط بالتناول البشرى الذى يشوبه نقص )

2- ستجد تناقض قليل فى النص ( يجب ملاحظة ان كلمة تناقض هنا تعنى تناقض ظاهرى و لكننا لا نسبق بالحكم قبل التوضيح و هذا مقبول و ليس عيبا فى النص و لكن عيبا فى متناوله حيث ان الانسان فى طبيعته النقص و من السهل ان يتشابه عليه نص و خصوصا إذا كان من العمق الذى قد لا يستوعبه الانسان احيانا و يتجنب ذلك بتحصيل العلم )

3- سوف تجد تناقض كثير فى النص ( و اذا وجدت ذلك فإعلم ان هذا النص لا يمكن ان يكون هو رسالة الله الصحيحة و المقدسة و التى يجب ان تتبعها و لا تحيد عنها ما حييت .

و دعونا نستكمل رحلتنا مع الحرف الذى يقتل و الكلمة التى تضل إذا كانت منسوجة و إذا كانت النية مبيته لحياكة العقائد من خلال النصوص المنسوجة و المعدة سلفا و سوف نكمل موضوعنا الذى يتناول مخطوطات الكتاب و هل هى نسخ ام اقانيم و سوف تناول فى بحوث اخرى ان شاء الله النص البيزنطى الذى يفضله حائكى العقائد حيث انه يوفر عليهم نسج النصوص و لكن دعونا نبدأ و نتعرف على مفهوم كلمة اقانيم حتى نسترسل فى بحثنا الذى نسئل الله ان يجعله خالصا لوجهه الكريم .

كلمة اقنوم و اقانيم رغم انها تمثل اشكالية و فحوى عقيدة التثليث و رغم اننا افردنا لها بحثا سوف يتم نشره قريبا ان شاء الله و لكننا هنا لا نحتاج إلا لفهم ان كلمة اقنوم و بغض النظر عن الاصل السريانى هى باليونانية ὑπόστασις ( hupostasis ) و هى مكونة من شقين ὑπό (hupo ) اى تحت و στασις (stasis ) التى تعنى وجود او كينونة او كيان و بالتالى فإجمالا الاقنوم تعنى تحت الكيان او القائم تحت و رغم ان هذا التعريف فى عجالة و بدون تفصيل إلا انه ما نحتاجه هنا حيث اننا لا نعالج العقائد و الخلاصة المبسطة هى ان الاقانيم هى كيانات تمثل كيان اكبر فى مجموعها .
و هذا يعنى ان ثلاث اقانيم هى ثلاث اشياء تمثل كيان واحد و بالطبع هذا تستطيح عندما نتناول التثليث و لكنه يكون كافى فى حالة تناول المخطوطات و بعد هذا التعريف يكون من السهل فهم السؤال التالى :
هل المخطوطات تمثل نسخ من الاصل الذى كتبه كتبة الكتاب ام تمثل اقانيم بمعنى انها تكمل بعضها البعض ؟
بالطبع و من المنطقى و العقلى انها تمثل نسخ و ليس اقانيم حيث ان لوقا الطبيب مثلا عندما كتب انجيله فقد ترك مخطوطة فيها ما يسمى انجيل لوقا و الذى يمثل ما ساقه الروح لكتابته و عندما جاء احدهم لينسخ هذا الانجيل من المفترض انه تحلى بالامانة فى النسخ و ايضا من المفترض انه اذا حدث اخطاء كثيرة فى النسخ فيجب ان تتلف هذة المخطوطات حتى يحافظ على الكتاب من التغيير و التبديل و التحريف و حتى إذا تم دفنها نتيجة وجود خطأ ما فليس من المنطق ان تدفن مخطوطة تحوى العهد الجديد كاملا تقريبا لانه ايضا ليس من المنطقى ان يستمر الناسخ فى نسخ الكتاب كله ثم يكتشف خطأ او اكثر يجعله يدفن كامل المخطوطة ثم ان المخطوطة لم تكن فى صورة كتاب و انما فى صورة رقوق او حتى درج و فى كل الحالات لا يمكن ان يحوى الكتاب كاملا فى صفحة ( كلمة تقريبية للذهن ) واحدة و إذا وزعت على المدارس فليس من المنطقى لا ان توزع مخطوطة للكتاب كاملا و لا من المنطقى ان تحفظ بعد ان توزع على المدارس حتى تصل إالينا فى حالة جيدة .
و بعيدا عن النقد الكتابى و انواع النصوص و التى سوف نتعرض لها فى بحوث اخرى من تلك السلسلة دعونا نستعرض تلك المخطوطات ( الاقانيم ) الثلاثة لنستكشف كيفية تجميع الكتاب و مصداقية قدسية النصوص المجمعة من خلال مقارنة بسيطة يفهمها الانسان الباحث عن الحقيقة سواء كان دارسا للنقد الكتابى ام غير دارس له بين ثلاث مخطوطات يتفق معنا محاورينا على مصداقية الحوار حولها و دعونا نذكر المتحفزين و المتفيهقين من طلبة الماجستير فى النقد الكتابى ( عن قريب ) ان هذا البحث هو هو الجزء الثانى من بحث المخطوطات نسخ ام اقانيم و هو البحث الذى لا يعنيهم لا من قريب و لا من بعيد ( على الاقل فى هذة المرحلة لأنهم ليسوا اريوسين ) حيث انه يعنى الاريوسين امثالنا و امثال من يتفق معنا على مصداقية الحوار حول موضوع البحث .
و ان شاء الله فى البحوث القادمة من هذة السلسلة سوف نتوسع فى تناول ليس انواع النصوص التى يفضلها البعض فقط ( الغير اريوسية على حد تعبيرهم ) بل المخطوطات التى تحوى هذة النصوص بعجرها و بجرها مفككين ما نسجة اهل الحرفة فتبقى العقائد التى احيكت من النصوص المنسوجة كأنها اعجاز نخل خاوية .

غير معرف يقول...

)

اولا و بالنسبة للعنوان ( نقد النصوص الاريوسية وفقا لمحاكم التفتيش الطلابية ) لن نفسر فيه كثيرا و سوف يفهم من يعنيه الامر من خلال السياق ماذا نعنى و ما خطورة هذا العنوان و يكفى ان نذكر اننا سوف نتناول خلال بحثنا نصوص يتهمها البعض بأنها اريوسية و يتهم من يتبناها بأنهم كذلك و لأننا نناقش كل طوائف و اتجاهات اهل الكتاب فنحن سوف نناقش و نفند هذة النصوص و سوف نفند ايضا النصوص فى المرات القادمة النصوص التى يتبناها البعض على اساس انها ليست اريوسية و ليست سكندرية .

عندما نتكلم او يتكلم اهل الكتاب عن كتابهم فهم يقولون ( الكتاب المقدس ) و نحن نعرف معنى الكتاب و هو عبارة عن صفحات تحوى جمل و الجمل تحوى تعبيرات و التعبيرات مكونة من كلمات و الكلمات من حروف و كل هذا ما يسميه الانسان اللغة و هى اساسا وسيط لنقل الافكار الى الانسان حيث انه كائن مميز عن باقى المخلوقات بالعقل و بالطبع لا نقصد المخ بل العقل الذى يميز الانسان بإستيعاب اللغة و المعانى و الافكار و من ثم تكوين قناعات و عقائد .
و كما نرى فالاصل هنا هو اللغة او وسيط التواصل و هنا يتضح اهمية النص الذى يمثل هذة اللغة إذا كان من رب العالمين ليهدى به البشر الى عقائد يرتضيها رب العالمين و هنا يسمى هذا النص مقدسا و يسمى الكتاب الذى يحوى هذا النص بين دفتيه ( كتابا مقدسا ) و القدسية تتنافى مع الخطأ و مع التناقض نظرا لتناقض ذلك مع صفات الاله الحق الذى من المفترض ان يكون كاملا و منزه عن النقص حتى يستحق هذة الالوهية التى هى من التفرد بمكان حتى انها لا ينبغى ان تكون إلا لواحد فقط هو الاله الحق و ما دونه الهة باطلة لا تحمل من معنى الالوهية إلا اسما لا تستحقه إلا انه ينسب اليهم زورا و بهتانا فى حالة الاعتقاد او فرضا جدليا فى حالة نقاش من يعتقد فى ذلك .
اما اذا تناول البشر هذا الكتاب الذى كان مقدسا و تناولوا نصه بالتبديل و التغيير و الحذف و الاضافة هنا يفقد تعبير ( الكتاب المقدس ) معناه تماما و اقصى ما يسمى به هو ( الكتاب ) و يسمى اهله بأهل الكتاب و هنا نكون امام تسميتين لهما نفس التعبير بمفهومين مختلفين فتعبير ( اهل الكتاب ) يمكن ان يطلق على الذين يتبنون قدسية الكتاب المنزل من رب العالمين
( المقدس ) او يمكن ان يطلق على الذين يعتقدون بقدسية الكتاب الذى نزل مقدسا ثم غير و بدل على اساس انهم غير مقتنعين بحدوث تبديل او تغيير فيه .
و بالطبع سيكون الحد الفاصل هو الدليل على هذا التغيير و التبديل و تبعا للقاعدة التى تقول ( البينة على من ادعى ) يكون علينا نحن اظهار و توضيح هذة البينة و نحن ان شاء الله فاعلون .
و لكن يبقى تسائل أخر هو اى كتاب هو الذى يجب ان نبين الحجة على تبديله و تغييره فهناك الكثير من الكتب فى الواقع و ان كان يكتب عليها جميعا نفس الاسم ( الكتاب المقدس ) فمثلا هناك الترجمات مثل الفانديك او الحياة او الاخبار السارة او الاباء اليسوعين او الترجمة المشتركة هذا باللغة العربية و يكتب على الكتاب من الخارج الكتاب المقدس ماعدا ترجمة الحياة التى تكتب ترجمة تفسيرية و مع ذلك فالبابا شنودة يقول عنها انه لا يمضى عليها دلالة على عدم موافقته على صحتها و بغض النظر عن رأيه فيها فنحن نعرف اننا لو بدئنا فى إقامة حجة على احد الترجمات و أثبتنا تناقضها فسيكون الرد هو ( هذة مجرد ترجمات ) و هو الرد الذى تعودنا عليه و لكننا قد نستوعبه تماما و لكن مع الضغط على من يستخدم هذا التعبير ان يغيره الى التعبير الذى نعتقد انه صحيح و هو تعبير ( ترجمات مغيرة او مبدلة او خاطئة او محرفة ) بدلا من ( مجرد ترجمات ) .
و لكن إذا كانت هذة ترجمات فمعنى ذلك انها مترجمة عن نص اخر فلا يمكن ان تكون ترجمة إلا اذا كانت كذلك و السؤال هو عن اى نص ترجمت ؟
قد يكون من نص الفولجات للقديس جيروم او عن نص الوستكوت و هورت للعالمين المشهورين و عمودى النص السكندرى او عن السبعينية ثقة فى شيوخ السبعينية المفترضين او عن النص العبرى ( المازورى ) او عن النص القبطى او عن النص الارامى فماذا لو اقمنا الحجة على احد هذة النصوص موضحين تغييره و تبديله بالدليل العقلى الذى يفهمه و يستوعبه كل عاقل موضوعى و منهجى فى الاستيعاب بعيدا عن التعصب الذى يعمى البصر و البصيرة احيانا ؟
سيكون الرد اما ( هذة مجرد ترجمات كالنص القبطى و الارامى و السبعينى ) او هذا نص توافقى ناتج عن البحث و التجميع على مسئولية اصحابه ( مثل نص وستكوت و هورت ) او النص البيزنطى على مسؤلية محسنيه على كثرة عددهم و عدد مخطوطاتهم التى هى فى حد ذاتها دليل بعضهم على الصحة .
و عندها نسئل اهل الكتاب هل تملكون ما كتبه متى و لوقا مرقس و يوحنا و بولس و غيرهم بيديه او ما شابه ؟ فستكون إجابة العالم منهم و النصف عالم ان الاصل ضائع و هذا هو الاعتراف بذلك لغير العالمين :
http://www.baytallah.com/insp/insp5.html



و سوف تلاحظ انه تم إضافة فقرات زرقاء لها بعد استدلال الكثير من المستدلين على عدم وجود النسخ الاصلية بهذا النص من موقع بيت الله فحتى كلام يوسف رياض لزم الاضافة له للتوضيح او للاخفاء و رغم ان تغيير المواقع ليس هو موضوعنا إلا انه من المفيد وضع الرابط القديم و النص قبل تغييره :

http://www.baytallah.com/insp/insp5.html??C




و الملاحظ ان من اضاف النص الازرق مثل مشكلة الكتاب فى صورة مصغره من حيث لا يدرى حيث انه أضاف جملة ( التى كتبت قبل حوالى 2000 سنة ) الى جملة ضياع النسخ الاصلية و لم يلاحظ ان يوسف رياض كتاب فى نهاية الاقتباس جملة ( فقد كتبت اسفاره الاولى قبل نحو 3500 سنة ) و هذا يجعل 1500 سنة فارق زمنى بين كتابة الاسفار و تاريخ النسخ الضائعة و هو ما يمثل مشكلة اكبر من تلك التى حاولوا علاجها بالاضافة الزرقاء و هذا هو حال التغيير و التبديل دائما لا يصلح و لا يخفى بل يفسد و يفضح ما هو فى حالة مزرية اساسا .

و اليك رابط اخر يوضح ما يحاول اخفاؤه البعض قد لا يستطيع هذا البعض اصلاحه لا باللون الازرق و لا الاحمر :

http://www.newadvent.org/cathen/14530a.htm



هذة هى الموسوعة الكاثوليكية توضح بما لا يدع مجال للشك قائلة ( لم نتسلم كتاب من تلك الكتب القديمة تماما كما كتبه كاتبه . كل الكتب غيرت بطريقة ما )

و هذا مقطع من محاضرة للدكتور Walter Veith يوضح ايضا ضياع النسخ الاصلية :

http://www.4shared.com/account/file/46770204/1dac456a/___Walter_Veith.html

اما هذا الرابط ففيه يجيب موقع Gramps على احد الاسئلة المتعلقة بالكتاب قائلا :

http://www.askgramps.org/when-was-the-bible-as-we-know-it-first-compiled-and-put/



و كان السؤال خاصا بمتى كان اول جمع للكتاب ؟ فاجاب موضحا انه لا يوجد نص اصلى موجود الان و اضاف ان من اهم مخطوطات هى المخطوطات الثلاث السينائية و السكندرية و الفاتيكانية و هذا ما يدخلنا مباشرة فى موضوع بحثنا و الذى وصلنا فيه الى ان الترجمات و النصوص المترجمة هى ليست حجة على الكتاب و ان النص الاصلى ضائع و لا يبقى لنا إلا اقدم المخطوطات التى تمثل ما يسمى ( الكتاب المقدس ) و التى تعتبر حجة على هذا الكتاب .
و مع ان البعض سوف يبادرنا متسائلا و هل يجب ان يتعلم الجميع اللغة اليونانية و العبرية حتى يعرف إذا كان الكتاب مغيرا و مبدلا ام لا ؟ و يأتيك الاجابة من القمص عبد المسيح بسيط عندما نقد احدهم سؤال عن قواعد اللغة اليونانية فى نص يوحنا 1: 1 فأجاب القمص عبد المسيح بسيط بهذا المقطع الذى يوضح اهمية معرفة اللغة اليونانية لفهم العقائد الكنيسة و الكتابية و موضحا ان من لا يعرف يجب ان يستمع ليعرف :

http://www.upload10.com/up/download.php?file=ad11f422059055cd416495b4793d1ca8

و هو من المقاطع الرائعة التى تجعل اهمية للبحوث المتخصصة فى هذا المجال و تثرى الحوار و تجعله اكثر عمقا و تأثيرا و ايضاحا للحق ان شاء الله
و هكذا نبدأ هذة السلسلة و هى تحت عنوان عام هو سلسلة المخطوطات تثبت تحريف الكتاب و البحث الاول من هذة السلسلة سوف يشمل ثلاث نقاط :

1- اقدم المخطوطات ام اقدم القصاصات؟! الهوة بين الدلالة و التعبير !!
2- ثلاث نسخ و لكن !!
3- ثلاث اقانيم و لكن !!

و قبل ان نبدأ اول نقاط هذا البحث نحب ان نذكر بالعدد متى 5: 18 ( فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. )

و الذى يعلق عليه الأنبا بيشوى مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية قائلا :

http://www.upload10.com/up/download.php?file=d4d9bc435a9b15f7989d8bccfbf9abe6

و هكذا يكون إذا اثبتنا ان حرف او نقطة من المخطوطات العبرية زالت ( ناهيك عن زوال اعداد و كلمات و اصحاحات و اسفار من المخطوطات اليونانية ) فيكون إما ان السماء و الارض زالت و نحن لم نعرف و هذا مستحيل فها هى السماء تظلنا و الارض ندوسها بأقدامنا الصغيرة او يكون الكتاب محرفا من جهتين الاولى اننا اثبتنا فعلا التغيير و التبديل و الثانية ان إثبات هذا التغيير و التبديل حتى لو كان لحرف او نقطه هو إثبات لعدم صحة العدد متى 5: 18 على الاقل حيث ان معناه غير صحيح فلا السماء زالت و لا الارض .

اشعياء 40: 8 ( يبس العشب ذبل الزهر واما كلمة الهنا فتثبت الى الابد )

ارميا 1: 12 ( فقال الرب لي احسنت الرؤية لاني انا ساهر على كلمتي لاجريها )

تثنيه 4: 2 ( لا تزيدوا على الكلام الذي انا اوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها )

رسالة بطرس الثانيه 1: 21 ( لانه لم تأت نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس )

رسالة تيموثاوس الثانيه 3: 16 ( كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر )

رؤيا 22: 18 – 19 ( لاني اشهد لكل من يسمع اقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. 19 وان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب )

و يكون السبب دائما هو قلم الكتبة الكاذب على مر العصور و ليس كتبة اليهود فقط فالكتبة دائما حاضرون بأدواتهم للتغير و التبديل فيما هو مقدس و حتى ما هو محرف سلفا فهم لا يتورعون عن استخدام ادوات التحريف القديمة و الحديثة فى تناول النصوص من التحريف اللفظى الى التحريف التأويلى :

ارميا 8: 8 ( كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا. حقا انه الى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب )

و دعونا نبدأ بتعريف المخطوطة و مقالة صغيرة عن مخطوطات الكتاب نقلا عن كنيسة الانبا تكلا الحبشى :

http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/24_M/M_079.html

غير معرف يقول...

أريد إعراب كلمة "الصابئون" في سورة المائدة ، ولماذا جاءت بالواو ، مع أنها في آية أخرى جاءت بالياء ، وتشابه الكلام في الآيتين كبير . وقد كان ذلك سببا في خلاف كبير بيني وبين شخص نصراني يقول : إن القرآن فيه أخطاء نحوية ، فقلت له : سأترك الإسلام إن كان هناك خطأ نحوي واحد في القرآن . وقولي هذا عن قوه إيمان ، وعن ثقة بأن القرآن ، كلام الله سبحانه وتعالى ، منزه عن قول المفترين .
الحمد لله

وردت كلمة " الصابئين " بياء النصب في سورتي البقرة والحج ؛ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/62 ، وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17

ووردت نفس الكلمة بواو الرفع في سورة المائدة ؛ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 أما الآيتان الأوليان فلا إشكال في إعرابهما ؛ لأن الكلمة فيهما وقعت معطوفة بالواو على كلمة محلها النصب ، وهي " الذين " ؛ اسم إن ، فنصبت ، وعلامة نصبها الياء ، لأنها جمع مذكر سالم .

وإنما محل الإشكال هو الآية الثالثة ، آية سورة المائدة ؛ فقد وقعت في نفس موقعها في الآيتين الأوليين ، ومع ذلك جاءت مرفوعة .

وقد ذكر النحاة والمفسرون في توضيح ذلك الإشكال عدة وجوه ، وذكروا نظائرها المعروفة في لغة العرب ، ونكتفي هنا بثلاثة منها ، هي من أشهر ما قيل في ذلك :

الأول : أن الآية فيها تقديم وتأخير ، وعلى ذلك يكون سياق المعنى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ، من آمن بالله ...فلا خوف عليهم ، ولاهم يحزنون ، والصابئون كذلك ، فتعرب مبتدأً مرفوعا ،وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر سالم . ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وَقَيَّار ٌبها لغريب

وموطن الشاهد قوله "قيار" ، وهو اسم لفرسه ، أو جمله ؛ فقد جاءت هذه الكلمة مرفوعة على أنها مبتدأ ، ولم تجئ منصوبة على أنها معطوفة على اسم إن المنصوب وهو ياء المتكلم في قوله ( فإني )

الثاني : أن " الصابئون " مبتدأ ، والنصارى معطوف عليه ، وجملة من آمن بالله ... خبر "الصابئون" ، وأما خبر "إن" فهو محذوف دل عليه خبر المبتدأ "الصابئون" ، ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

نحن بما عندنا ، وأنت بما عندك راضٍ ، والأمر مختلف

والشاهد فيه أن المبتدأ "نحن" لم يذكر خبره ، اكتفاء بخبر المعطوف "أنت" ؛ فخبره "راض" يدل على خبر المبتدأ الأول ، وتقدير الكلام : نحن بما عندنا راضون ، وأنت بما عندك راض .

الثالث : أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن " ؛ فالحروف الناسخة ، إن وأخواتها ، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر ، واسم إن محله الأصلي ، قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ ، ومن هنا رفعت "الصابئون" باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن . [ انظر : أوضح المسالك ، لابن هشام ، مع شرح محيي الدين ، 1/352-366 , تفسير الشوكاني والألوسي ، عند هذه الآية] .

وما ذكرته ، من قوة يقينك , وثقتك بكلام الله سبحانه ، هو الواجب على كل مسلم ، قال الله تعالى : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 قال الشيخ ابن عاشور ، رحمه الله في تفسيره :

( وبعد فمما يجب أن يوقَن به أن هذا اللفظ كذلك نزل ، وكذلك نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تلقاه المسلمون منه وقرؤوه ، وكتب في المصاحف ، وهم عرب خُلَّص ، فكان لنا أصلا نتعرف منه أسلوبا من أساليب استعمال العرب في العطف ، وإن كان استعمالا غير شائع ، لكنه من الفصاحة والإيجاز بمكان ... ) اهـ

وتلمس ابن عاشور الفائدة البلاغية من الإتيان بلفظ " الصابئون " موفوعاً ، فقال ما معناه :

إن الرفع في هذا السياق غريب ، فيستوقف القارئ عنده : لماذا رفع هذا الاسم بالذات ، مع أن المألوف في مثل هذا أن ينصب ؟

فيقال : إن هذه الغرابة في رفع الصابئون تناسب غرابة دخول الصابئين في الوعد بالمغفرة ، لأنهم يعبدون الكواكب ، فهم أبعد عن الهدى من اليهود والنصارى ، حتى إنهم يكادون ييأسون من الوعد بالمغفرة والنجاة فنبه بذلك على أن عفو الله عظيم . يشمل كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وإن كان من الصابئين . [انظر تفسير آية المائدة من تفسير ابن عاشور ]

ولمعرفة من هم الصابئة ؟ انظر الإجابة على السؤال رقم ( 49048 )

لكن يبقى لنا عِبَرٌ لا ينبغي تفويتها في هذا السياق :

أولا : ينبغي علينا الاهتمام بالعلم الشرعي ؛ فلا يكفي فقط أن يعتصم الإنسان بما عنده من يقين سابق ، وإن كان ذلك أعظم ملجأ ومعاذ ، بل إذا ضم إلى ذلك العلم الشرعي كان ، إن شاء الله ، في مأمن من أن تهز إيمانه هذه الشبهات وأمثالها ، مما يثيره أعداء دينه .

ثانيا : ينبهنا مثل هذا الموقف إلى قدر من التفريط في واجب من أعظم واجباتنا نحو كتاب الله تعالى ، ألا وهو واجب التدبر والمدارسة ، وليس مجرد التلاوة ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29 ، قال الشيخ ابن سعدي ، رحمه الله : " أي هذه الحكمة من إنزاله ، ليتدبر الناس آياته ، فيستخرجوا علمها ، ويتأملوا أسرارها وحكمها ، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه ، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة ، تدرك بركته وخيره ، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن ، وأنه من أفضل الأعمال ، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود " ؛ والدليل من هذا الموقف على ما ذكر هو أننا لو كنا نقوم بهذا الواجب حينا بعد حين لأوشكت مثل هذه الآيات أن تستوقفنا ، لنسأل عنها ، أو نبحثها ، قبل أن نواجه بالإشكال من أعدائنا .

ثالثا : إذا قمنا بالواجبين السابقين كنا مؤهلين لأخذ زمام المبادرة ، لندعو نحن غيرنا ، ونخبرهم بالحق الذي عندنا ، ونكشف لهم ، بالتي هي أحسن ، الباطل الذي عندهم ، بدلا من أن نقف موقف الدفاع ، شأن الضعفة والمنهزمين .

والله الموفق
كتبة الأخ رحيم :بعد المقدمة، سيتم بيان المطالب التالية...
المطلب الأول: سبب وجود الألفاظ المعربة في القرآن الكريم
المطلب الثاني: المعرب في القرآن الكريم، دليل بشرية مصدره
المطلب الثالث: كلمات أعجمية في القرآن الكريم، لا يعرفها اللسان العربي المبين


ولن يتم بيان مصدر الشبهات؛ تنزيهاً لمنتدانا المبارك عنها !


مقدمة:
أول الطعون في أصالة لغة القرآن الكريم، تصدى للذود عنها حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، بما اشتهر باسم مسائل ابن الأزرق [1] حين قال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر [2]: قُم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به. فقاما إليه فقالا: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله، فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب؛ فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين. فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما.. ". فكان ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يجيبهم على كل شبهة، ببيان أصالة الألفاظ المسؤول عنها، مستدلاً بأبيات من كلام العرب. [3]
وليت كتاب مواقع الإنترنت غير الإسلامية يفهمون شعر العرب ويتذوقون جمال آداب نثرهم، ولا يتحاملون على القرآن الكريم، فيجترئون على القول فيه بغير علم.. كما سيتبين في المطالب التالية:



المطلب الأول: سبب وجود الألفاظ المعربة في القرآن الكريم:


كل المعرب في القرآن الكريم هو من فعل محمد صلى الله عليه وسلم، هذا ما زعمه موقع تنصيري فقال:

" ومما يستحق الذكر أن لفظة تابوت أساساً ليست عربية، بل إن محمداً عرَّبها مع غيرها من الألفاظ العبرية، والفارسية، والآشورية، واليونانية، والفينيقية، والبهلوية، والآرامية، والسريانية، والحبشية ومعناها الأصلي " فُلْكٌ " ". [4]


ولكن، لماذا قام بذلك ؟ تكفل موقع تنصيري آخر بالإجابة عن هذا السؤال:

" مائة كلمة أعجمية دخلت القران
عد السيوطي أكثر من مائة كلمة أعجمية دخلت القران. [5] منها ما هو معرب لآنه لا بديل به في العربية مثل دينار، استبرقن [6]، سجيل [7]، الخ. ولكن منها ما هو دخيل [8]، تستغني العربيه بأفصح منه كقوله ابلعي ماءك: اشربي [9]....
والنتائج من هذا الواقع القراني أنه أدخل تعابير أعجمية كان بغنى عنها في العربية. وهذا الكلم الدخيل ليس من الفصاحه العربية في شيء. والسؤال المتبادر الى الذهن: ما دخل العربية قبل القران فاستعرب، أو ما أدخله القران فأستعرب، وكان كلاهما فصيحا في العربية، فلا بأس به. أما الكلم الدخيل، فمن أين مصدره ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ له مصدران لا ثالث لهما: إما دخل الدخيل القران قبل تدوينه، لما امتد الفتح الإسلامي إلى الأقطار وهذا شبهه على سلامة النص القرآني وأعجازه اللغوي. وإما استورده (النبي الامي) من أسفاره وأقحمه، على حرفه الأعجمي ليبهر الناس بعلمه الواسع في لغات الأعاجم، وإقحام هذا الدخيل شبه قائمة على فصاحة القران ".

إذاً: يزعمون أن محمداً (الأمي) صلى الله عليه وسلم قام بهذا الجهد الجبار ـ إدخال كلمات أعجمية إلى القرآن الكريم ـ لهدف واحد هو: إبهار الناس بعلمه الواسع !

فأحد المواقع جعل لتعريب كلمة (صراط) وإدخالها إلى سورة الفاتحة التي يتلوها المسلم في كل ركعة، سبباً هو:

" بعدما رفض صراط اليهود الأصلي. يصلي المسلمون في خاتمة الفاتحة أن لا يهديهم الله صراط اليهود، لأن غضب الله حال عليهم سورة الفاتحة 1: 7. وأراد محمد أيضاً أن يجعل صراطه الخاص متميزاً عن صراط النصارى، الذين اعتبرهم ضالّين..
ربما كان محمد قد رأى الطرق الرومانية المُعبَّدة فأراد أن يستعملها في صورة بيانية لوصف الإسلام. إن كلمة صراط كلمة معرّبة من اللغة الرومانية وتعني الشوارع العريضة المبلطة المؤدية للهدف حتماً. وعندما قارن محمد هذه الطرق المعبَّدة بالوعر الرملي في بلده أبصر في الصراط الرمز الذي يعبّر مثالياً عن دينه ".


من عجيب أمرهم أنهم قالوا بنسبة هذا الأمر إلى الإمام السيوطي رحمه الله تعالى، دون أن ينقلوا ما جاء في مقدمة كلامه في توجيه المعرب في القرآن الكريم، ثم نقدِه. بل غضوا الطرف عنه، ولو وجدوا في كلامه ما يعدُّونه خطأً، أويوافق هواهم، لما قصرت همتهم عن عرضه ونقده. [10]
ومما جاء فيه: " من خصائص القرآن على سائر كتب الله تعالى المنزلة أنها نزلت بلغة القوم الذين أنزلت عليهم لم ينزل فيها شيء بلغة غيرهم والقرآن احتوى على جميع لغات العرب وأنزل فيه بلغات غيرهم من الروم والفرس والحبشة شيء كثير.. وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم مرسل إلى كل أمة، وقد قال تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ" [إبراهيم: 4]، فلا بد وأن يكون في الكتاب المبعوث به من لسان كل قوم، وإن كان أصله بلغة قومه.‏. ".
وضرب مثالاً بديعاً على ذلك وهو كلمة (إستبرق)، حيث بيَّن أنه لا توجد كلمة تسد مكانها ثم قال: " وقال أبو عبيد القاسم بن سلام [11] ـ بعد أن حكى القول بجواز وجود المعرب عن الفقهاء، والمنع عن أهل العربية‏ ـ:‏ والصواب عندي، فيه تصديق القولين جميعاً؛ وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية ـ كما قال الفقهاء ـ لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحوَّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال‏:‏ إنها عربية، فهو صادق. ومن قال: أعجمية، فصادق‏ ".‏

هذا الكلام فيصَل في تلك الشبهة، ونقضٌ لها من أساسها.. وبهذا يتبين سبب عدم ذكر أي موقع من مواقع الإنترنت التنصيرية التي انتقدت ما زعمت أنه معرب في القرآن الكريم، لِما قاله السيوطي ـ رحمه الله ـ في مقدمة موضوع المعرب في القرآن الكريم. وهو يفيد بشكل قاطع التأكيد على أنَّ كل كلمة مزعومٌ إدخالها من قِبَل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، في حقيقتها دخلت العربية واستعملتها العرب قبل نزول القرآن الكريم بعقود، كما سيتبين لاحقاً بإذن الله تعالى.




هوامش
===================================

1) هو نافع بن الأزرق الحروري: من رؤوس الخوارج.. وإليه تنسب طائفة الأزارقة، وكان قد خرج في أواخر دولة يزيد بن معاوية.. وله أسئلة ومناظرات مع ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ. قتل سنة 65 هـ. انظر: لسان الميزان، ابن حجر6/144 (506).
2) هو نجدة بن عامر الحروري، من رؤوس الخوارج، زائغ عن الحق.. خرج باليمامة عقب موت يزيد بن معاوية، وقدم مكة. وله مقالات معروفة، وأتباع انقرضوا.. كاتبَ ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن سهم ذي القربى، وعن قتل الأطفال الذين يخالفونه وغير ذلك، واعتذر ابن عباس عن مكاتبته. انظر: لسان الميزان، ابن حجر 6/148 (520).
3) انظر: الإتقان، السيوطي، ص301-327 (الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله بالشعر).
4) الصواب: معناه بالعبرية: صندوق خشبي. انظر: المعرب والدخيل في المعاجم العربية، جهينة نصر علي، ص 171.
5) انظر: له الإتقان، ص333 (النوع الثامن والثلاثون: فيما وقع فيه بغير لغة العرب). وهو لم يقل: إنها دخلت القرآن من خارج ما عهده العرب وألفوه.
6) الصواب: استبرقٍ.. وحتى الرسم العثماني لها كذلك. إن هذا الخطأ يدل على الأصل الأجنبي لذلك الموقع التنصيري، وجهل المترجم بما يترجم. فقد صحّف المترجم (استبرقٍ) فكتبها: (استبرقن) حرفياً كما تكتب بالإنجليزية: (Estabraqen) !!
7) سِجِّيل: كلمة عربية أصيلة، تدل على: كتاب يتضمن عدة كتبٍ ومعانٍ. قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة 3/107 (سجل) : " السين والجيم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انصبابِ شيءٍ بعد امتلائِهِ. من ذلك السَّجْل، وهو الدَّلو العظيمة. ويقال سَجَلت الماءَ فانسجَلَ، وذلك إذا صَبْبَته. ويقال للضَّرْع الممتلئ سَجْل.. فأما السِّجِلّ فمن السَّجْل والمساجلة، وذلك أنَّه كتَابٌ يجمَع كتباً ومعانيَ.. ". وانظر: لسان العرب، ابن منظور 11/325 (سجل).
8) المعرَّب والدخيل مترادفان.. وهناك من فرق بينهما فجعل المعرب ما حوَّرته العرب بلغتها وجرت عليه قواعدها كاليم.. أما الدخيل فهو ما بقي على صورته الأعجمية كالسندس.. انظر تفصيل ذلك بالأمثلة في مقدمة كتاب: معجم لغة الفقهاء، ا.د. محمد رواس قلعة جي، ص13 وما بعدها. ولشهاب الدين الخفاجي (ت 1069 هـ) كتاب اسمه: شفاء الغليل لما في كلام العرب من الدخيل. وقبله كتاب: المعرب من الكلام الأعجمي، لأبي منصور الجواليقي (ت 540 هـ) وللسيوطي (ت911 هـ) : المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، والمتوكلي فيما وافق من العربية اللغات الأعجمية.
9) البلعُ لغة عربية فصيحة. قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة 1/285 (بلع): " الباء واللام والعين أصلٌ واحد، وهو ازدراد الشيء. تقول: بلِعْتُ الشيءَ أبْلَعُه ".
أما عن بلاغة التعبير بـ " ابْلَعِيْ " بدلاً من " اشربي "، فقد بيَّنه الطاهر بن عاشور في تفسير التحرير والتنوير 9/2111 : " والبلع حقيقته اجتياز الطعام والشراب إلى الحلق، بدون استقرار في الفم. وهو هنا استعارة لإدخال الشيء في باطن شيء بسرعة، ومعنى: " بلع الأرض ماءها ": دخوله في باطنها بسرعة، كسرعة ازدراد البالع. بحيث لم يكن جفاف الأرض بحرارة شمس أو رياح، بل كان بعملٍ أرضي عاجل... وفي مقابلة " ابْلَعِيْ " بـ " أَقْلِعِي " محسن الجناس ".
إذاً، فالأليق بلاغةً ـ لبيان تمام الِمنة على سيدنا نوح عليه السلام وأهله ـ أن يُسرِّع من ازدراد الأرض للماء، وذلك بالبلع لا بالشرب.
10) انظر: الإتقان، السيوطي، ص331.
11) هو القاسم بن سلام بن عبد الله الهروي (ت224هـ) صنف التصانيف التي سارت بها الركبان، من كل فن. وهو من أئمة الاجتهاد، كان مؤدباً صاحب نحو وعربية وطلب للحديث والفقه ولي قضاء طرسوس أيام الأمير ثابت الخزاعي. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 10/490-507.
المطلب الثاني: دعوى أن المعرب في القرآن، دليل بشرية مصدره:

قال أحدهم:

" هنا كانت شهادة العرب المعاصرين أن تلك القصص كان محمد يسمعها وتملى عليه ويدرسها، لكن ترى هل كان ذلك صحيحا؟ المتأمل بفهم وتعقل يرى أن محمدا قبل إعلانه للنبوة كان يذهب إلى غار حراء للتعبد، ترى على طريقة من التعبد في المغارات ؟ فالعباد هناك كثيرون والدراسة مستفيضة في تلك الخلوة وهذا ما قاله العرب ولم ينكره القرآن: كذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون (الانعام 105) ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (النحل 103) [1]
من الواضح هنا أن هناك قوم كانوا يقصون على محمد القصص التي جاء بها القرآن وكان بينهم رجل غير عربي وذلك واضح من قولهم درست، أعانهم عليه قوم آخرون، ورد القرآن عليهم لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا قرآن عربي مبين والمتأمل في القرآن يجد أكثر من مأتي كلمة غير عربية مثل: أباريق إناء للماء بالفارسي، الأرائك السرر بالحبشية، أسباط قبائل بالعبرية،أسفار كتب بالسريانية،اليم بحر بالزنجية أو العبرية، أواب المسبح بالحبشية،الجبت الشيطان بالحبشية،جهنم النار بالعبرية، راعنا كلمة سب بلغة اليهود [2]، سريا نهر بالسريانية، سندس رقيق الديابج [3] بالفارسية، الصراط طريق بلغة الروم، القسطاس الميزان بلغة الروم،غساق البارد المنتن بلغة الترك، منسأة العصا بلغة الحبشة، والذي يريد المزيد عليه بكتاب الإتقان في علوم القران للسيوطي وغيرها كثير
لكن السؤال المهم هل صدق القرآن عندما رد عليهم بأن القرآن عربي مبين أم صدق العرب عندما قالوا أنه يتعلم من بشر حتى وإن كان بينهم بعض العجم ؟ ".


لكن أولئك العرب قالوا أيضاً: " الملائكة بنات الله " [انظر الزخرف: 19]. وقالوا: " إن الله حرّم عليهم الإبل في حالات.. " [المائدة: 103]. وقَتلوا أبناءهم افتراءً على الله  [انظر الأنعام: 140]. فهل يُصَدَّقون ؟
والأعجب منه، زعمُ فريق من أهل الكتاب أن المشركين خير ـ عند الله ـ من المسلمين ! " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " [النساء: 51].. هل كل قَوْلٍ مصدَّق بمجرد أنه دعوى ؟! هل هذا هو المنهج العلمي ؟
وقد سبق بيان أن منهج القرآن الكريم في الرد على الشبهات هو الكلام العام، دون الخوض في دقائق تفاصيل الرد.. تاركاً للمسلمين ذلك. فالقرآن المجيد أكبر من الخوض في تفاصيل التفاصيل؛ فيكون عرضة للدخول في جدل عقيم ـ قلتَ وقلتُ، قصدتُ وقصدتَ... إلخ ـ.
وصدق الله جل جلاله في وصفهم: " انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " [الأنعام: 24].
والسؤال هنا: بما أن المعرب دليل بشرية مصدر القرآن الكريم، فلماذا لم يدَّعِ أحدٌ من العرب القدرة على معارضة القرآن الكريم ؟ ولماذا عجزت أمهات العرب أن يلدن مثل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ؟
رغم أن ظروف الاستزادة من التعلم الكَسبي، وكافة الأسباب الدنيوية لأثرياء العرب وتجَّارهم كانت مهيأة لهم أكثر من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
هل من المعقول أن يكون سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم متقناً لـ " الألفاظ العبرية، والفارسية، والآشورية، واليونانية، والفينيقية، والبهلوية، والآرامية، والسريانية، والحبشية.. "، وجميع لهجات العرب ؟! [4]
إن ظروف اليتم والفقر وعدم الخروج من مكة قبل البعثة (إلا مرتين، وكلا المرتين لا يمكن أن يكون تعلم من خلال السفر فيهما تلك اللغات، كما سبق بيانه في الفصل الأول من الباب الأول)، والحصار في شعب أبي طالب، ومراقبة مختلف الأعداء لكل حركاته.. ثم كثرة أعباء الدعوة، وإنشاء وإدارة الدولة الإسلامية.. تمنعه من طلب علم كَسبِيٍّ يسير، يمكنه من تعلم أساسيات القراءة والكتابة، فكيف بتعلم لغاتٍ شتى (ناهيك عن لهجاتها) في زمن قياسي، بلا قواميس مكتوبة، أو معلمين معروفين، أو أبسط أدوات التعليم كاللوح والدفاتر.. رغم كل ذلك، تعلَّمَ ما تعجز عن تعليمه أكبر جامعات العالم المعاصر، في الظروف ذاتها !



المطلب الثالث: كلمات أعجمية في القرآن الكريم، لا يعرفها اللسان العربي المبين:

قال أحدهم:


" في القرآن كلمات عبرية وكلدية وسريانية عجز مفسرو المسلمين عن تفسيرها لجهلهم بتلك اللغات. [5] ومن هذه الكلمات: توراة – تابوت - جنة عدن - جهنم - حَبر - سكينة - طاغوت - فرقان - ماعون - ملكوت وغيره. فمن أراد معرفة حقيقة معنى هذه الكلمات القرآنية عليه أن يراجع قواميس اللغات العبرية والكلدية والسريانية. ومن له إلمام بعلم صرف اللغة العربية واشتقاقها لا يسعه إلا الاعتراف بأن كثيراً من هذه الكلمات ليست من أصل عربي، ولم تُصَغْ من أصولها حسب قواعد اللغة العربية. مع أن هذه الأصول نفسها موجودة في العربية، كما هي موجودة في اللغات الأخرى المذكورة ".
وقال غيره:

" وفي سورة عبس ألآية 28 " فأنبتنا فيها حباً، وعنباً وقضبا ". ولا أحد من المفسرين يعرف معنى " قضبا ".. [6] وفي نفس السورة، ألآية 31 نجد: " وحدائقا [الصواب: وَحَدَائِقَ] غُلبا، وفاكهةً وأبّا ".... والكلمة قد تكون سريالية واصلها Ebba أو قد تكون مشتقة من الكلمة العبرية Ebh، ولكنها قطعاً ليست عربية، ولا يعرف العرب معناها ". [7]

وأختم عرض الشبهات، بتساؤل مَن كتبَ تحت عنوان " الكلام الأعجمي ":


" جاء في سورة الشعراء 193-195 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. وجاء في سورة الزمر 28 قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ. وجاء في سورة الدخان 58 فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وجاء في سورة النحل 103 وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ.
ونحن نسأل: كيف يكون القرآن عربياً مبيناً وبه كلمات أعجمية كثيرة من فارسية وأشورية وسريانية وعبرية ويونانية ومصرية وحبشية وغيرها؟ نذكر منها: آدم البقرة 34 عبرية // أباريق الواقعة 18 فارسية // ابراهيم النساء 4 أشورية // أرائك الكهف 31 عربية أو فارسية // استبرق الكهف 31 فارسية معرب اسطبر // إنجيل آل عمران 48 يونانية // تابوت البقرة 247 مصرية // توراة آل عمران 50 عبرية // جهنم الأنفال 36 عبرية // حبر التوبة 31 فينيقية // حور الرحمان 72 بهلوية // زكاة البقرة 110 عبرية // زنجبيل الإنسان 17 بهلوية // سبت النمل 124 عبرية // سجّيل الفيل 4 بهلوية // سرادق الكهف 29 فارسية // سكينة البقرة 248 آرامية // سورة التوبة 124 سريانية // صراط الفاتحة 4 لاتينية // طاغوت البقرة 257 حبشية // عدن التوبة 72 سريانية // فرعون المزمل 15 سريانية // فردوس الكهف 107 بهلوية // ماعون الماعون 7 عبرية // مشكاة النور 35 حبشية // مقاليد الزمر 63 بهلوية // ماروت البقرة 102 آرامية أو بهلوية أو عبرية // هاروت البقرة 102 آرامية أو بهلوية أو عبرية // الله الفاتحة 1 عبرية عن الوه وسريانية عن إلاهه ".


الجواب:
1. تعود اللغة العربية وأكثر تلك اللغات المزعوم وجودها في القرآن الكريم إلى أصل واحد، فقد أكدت أحدث الدراسات الأثرية والتاريخية واللسانية، ظهور لغة ساميَّة مشتركة بين شعوب ممالك الهلال الخصيب ومصر، منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد. اللغة العربية الفصحى ـ التي أصبحت اللغة الأدبية للجزيرة العربية ـ منبثقة عن تلك اللغة.. والخلاف بين لهجاتها، كان خلافاً في لفظ الكلمات المكتوبة فقط. [8]
ومن ذلك ما جاء في كتاب تاريخ اللغات السامية (لإسرائيل ولفنسون): " والواقع أنه ليس أمامنا كتلة من الأمم ترتبط لغاتها بعضها ببعض، كالارتباط الذى كان بين اللغات السامية ". [9] وهذا يدلنا على كثرة الجذور اللغوية المشتركة بين عائلة اللغات السامية.. فإذا علمت أن العربية والعبرية من أشدهم تشابهاً ـ إن لم يكونا أشدهم ـ على الإطلاق، علمت كثرة الجذور اللغوية التى تشتركان فيها.
والتشابه يتعدى الجذور المجردة إلى التشابه فى الكلمات بعينها، يقول (ولفنسون) : " على أن هناك كلمات مشتركة فى جميع اللغات السامية، يرجَّح أنها كانت مادة من اللغة السامية الأصلية ". [10]
هكذا يفعل (ولفنسون) عند وجود كلماتٍ عربية لها ذات الصوت العبري، فإنه ينسبها إلى السامية الأم، ولا ينسبها ـ كما يفعل مثيروا الشبهات ـ إلى العبرية. بل يقول أكثر من ذلك: " ولكن يجب ألا يبالغ الباحث فى مسألة تأثير الآرامية والعبرية في العربية الشمالية، إذ ينبغى أن يحترس من الخطأ فى نسبة بعض الكلمات العربية إلى إحدى أخواتها السامية، ظناً منه أنها منقولة منها، فقد يوجد عدد كبير من الألفاظ له رنة آرامية أو عبرية، وهو في الواقع كان يُستعمل عند العرب قبل أن يحدث الاتصال بين هذه اللغات..
وقد أشرنا فى هذا الكتاب غير مرة، إلى أن وجود تشابه فى ألفاظ وأساليب لا يدل فى كل الأحوال على اقتباس، بل إثبات الاقتباس يحتاج إلى أدلة أخرى غير التشابه. وقد غفل بعض كبار المستشرقين عن هذه النظرية، فوقعوا فى أغلاط كثيرة، أخذها عنهم صغار الباحثين بدون روية، وقلدوهم فيها تقليداً مطلقاً ". [11]
2. تبادل التأثر والتأثير بين اللغات، قانون اجتماعي إنساني، واقتراض اللغات بعضها من بعض، ظاهرة إنسانية. واللغة العربية ليست بدعاً من اللغات الإنسانية، بل إنها تميزت عنها بالبراعة في تمثل الكلام الأجنبي، ومن ثم صياغته على أوزانها، وإنزاله على أحكامها، وجعله جزءاً لا يتجزأ من أجزائها.
مثلاً كلمة (لجام): معرب لفظ (لكام أو لغام) عن الفارسية. وقد جُمِعت على: (لُجُم)، على وزن: (كُتُب). وصُغِّرت على (لجُيم)، وأتِيَ بالمصدر منها (الإلجام). [12]
ولم يزعم أحد أن الألفاظ التي تدخل لغة ما، ثم تحورها على كيفية النطق عندها، وتجري عليها قوانين لغتها، ويستعملها أبناؤها استعمال غيرها من المفردات.. لم يزعم أحد أن البليغ إذا أوردها في كلامه، تكون محل انتقاد من الآخرين، أو تحط من فصاحة اللسان وتنزل بالكلام عن مرتبة البيان.
هذه الألفاظ تنصهر داخل اللغة مع مرور الزمن، ثم تندرج في ثقافة اللغة التي استقبلتها دون أن يعلم أكثرهم أنها دخيلة قبل مئات (أو آلاف) السنين، وحتى المتخصص باللغة يجد صعوبة بالغة في استخراجها.
والألفاظ المعربة الموجودة في القرآن الكريم، كانت قد دخلت العربية قبل نزوله بمئات السنين، فأصبحت فصيحة من صميم اللسان العربي، تكلم بها بلغاء العرب وفصحاؤهم.
وما دامت فصيحة، فنزول القرآن الكريم بلسان العرب، يقتضي شمولها في ثناياه. [13]
3. أخذ تقعيد أسس المنهج النقدي العلمي لعلم اللغات عقوداً طويلة.. حتى استقر؛ ولهذا يعد هذا العلم من العلوم المعاصرة. وكثير من الكلمات التي عدها العلماء السابقون معربة، أظهرت الدراسات الحديثة أصلها العربي الساميّ الأصيل. فالحبشية والعربية لها أصل واحد (اليمنية القديمة). كما أن بين العربية والعبرية [14] أصل واحد، فالشعوب السامية ـ ذات الأصل اللغوي الواحد ـ كلها قدِمَت من شبه جزيرة العرب.. ومثلها اللهجة النبطية، فالنبط أصولهم عربية على الأرجح. ولا يجوز نسيان الأثر اللغوي لحضارة العرب البائدة، التي كانت حضارة كبرى قبل اندثارها ـ كما تدل الاكتشافات الأثرية ـ فمن غير المستبعَد أن تكون أدخلت بعض الألفاظ إلى الحضارات المجاورة ـ كالفارسية ـ وبعد اندثارها بقيت تلك الألفاظ، فظن الناس أنها ذات أصل غير عربي.. [15]
مثلاً: كلمة (غساقاً) بمعنى: البارد المنتن. ذكر أكثر العلماء أن أصلها تركي.. وبعد التحقيق وفق أسس البحث العلمي، تبين بالأدلة القطعية أنها عربية أصيلة. [16]
ومثلها كلمة: " منسأة " بمعنى عصى، فهي عربية أصيلة. جاء في معجم مقاييس اللغة: " نَسأْتُ ناقتي.. رفَقت بها في السَّير. ونَسأْتها: ضربتها بالمِنسأة: العَصَا. وهذا أَقْيَسُ؛ لأنَّ العصا كأنَّه يُبعَد بها الشَّيءُ ويُدفَع ". [17]
4. بالنظر إلى الكلمات المذكورة تجد أن عدداً منها كان أسماء شخصيات وأماكن ـ وما يتعلق بها ـ.. لا يمكن إلا أن تُسمَّى باسمها، ولا يوجد عاقل يطلب تسميتها بغير اسمها، بل لو فعل القرآن الكريم ذلك، لعدَّه خصومه مثلبة !
ولو قمنا بجمع الكلمات المزعوم أنها دخيلة معرَّبة، وهي مائة كلمة معربة في القرآن الكريم ـ كما ذكرت تلك الصفحات التنصيرية ـ، وبعمل نسبة مع عدد كلمات القرآن الكريم من غير المكرر، وهي: (17458) كلمة، [18] يكون الناتج: " 99.427 % ".
كل هذا دون حذف أسماء الأماكن والأشخاص، وما هو عربي أصيل، دلت الدراسات على أصالته..
إنه لإعجاز ـ وأي إعجاز ـ أن يوجَد نصٌّ محكم طويل مكتوب باللغة العربية، تحدث عن شتى العلوم الدينية، والدنيوية، وآيات الله في الأنفس والآفاق، وتنظيم علاقة الحاكم برعيته، وأحكام الأسرة.. عددُ كلماته غير المكررة (17458) كلمة، ولا يوجد فيه سوى " 0.573% " من كافة ما زُعِمَ أنه معرب !
كيف إن حُذف ما لا يجوز عده من المعرب ؟
5.عرَف العرب قبل الإسلام الكلمات المُدَّعاة أنها مُدخَلة بهدف إبهار الناس، ولم يرد أن أحداً من سكان مكة قال بأنها غريبة عنه لا يعرفها.
فكيف يتهمون محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه قد أدخل كلمات، عرَفها الناس وتداولوها قبل أن يولد بعقود ؟! [19]
6. وجود عدد ـ وإن كان نادراً جداً ـ من الألفاظ ذات الأصل غير العربي، ومن مختلف اللغات القديمة، يحمل إشارة إلى عالمية الدعوة الإسلامية.
7. يخلو القرآن الكريم من تراكيب، أو جُمل، أو أشباه جُمل، غير عربية. فكل ما ذكروه من المعرب، مجرد لفظٍ لأدواتٍ الحسية، ليست معنوية.
وحتى تلك الألفاظ النادرة، لم يتنزل القرآن الكريم بها، إلا بعد أن استعملتها العرب ردحاً من الزمان، وبعد أن قاموا بتشذيبها وتهذيبها وصبغها بالصبغة العربية الخالصة. [20]
صارت عربية لأن الكلمات التي في أصولها أعجمية، أخذتها العرب واستعملتها، فعرَّبتها بألسنتها.. ثم نزَلَ بها القرآن بعد أن اختلطت بكلام العرب في أشعارها ومحاوراتها، وجَرَت مجرى العربي الصحيح.. ومن ثم، وقَعَ بها البيان، ونَزَل بها القرآن. [21]
ختاماً، هذه دراسة قام بها الدكتور علي حلمي موسى ـ الحاصل على دكتوراه الفيزياء الذرية النظرية من جامعة لندن ـ بتجربة حسابية رقمية على جذور الأرقام القرآنية مستخدماً الحاسوب.
قارنَ منها الجذور للكلمات الواردة في آيات القرآن الكريم، مع الجذور للكلمات في أبرز معاجم اللغة العربية، وفيما يلي بعض الأرقام والإحصاءات التي خرج بها:
1. ألفاظ القرآن الكريم التي لها جذور هي الأسماء والأفعال: (51899).
2. ألفاظ القرآن الكريم التي أخذت من جذر غير ثلاثي ـ بعضٌ منها مُعرّب مثل: برزخ وخردل وسلسبيل ـ عددها: (167) لفظاً.
أي أن نسبة ألفاظ القرآن الكريم التي لها جذر ثلاثي: ( 98 % ).
فهو بحق " لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ " [النحل: 103].
3. أكثر ألفاظ القرآن عدداً هي المبدوءة بحرف الهمزة وعددها: (8170)، ثم حرف القاف وعددها: (4079).
4. عدد الجذور الثلاثية للكلمات القرآنية المبدوءة بالهمزة هو: (76) جذراً، وعددها في الصحاح للجوهري [22]: (187). أي أن القرآن الكريم استخدم: (40% ) من جذور الكلمات المبدوءة بالهمزة.
5. مجموع الجذور الثلاثية للكلمات القرآنية هو: (1640)، ومجموع الجذور الثلاثية في الصحاح للجوهري هو: (4814)، أي أن القرآن الكريم استخدم ما نسبته ( 34% ).
وعلى هذا يكون القرآن الكريم قد استخدم أكثر من ثلث الجذور الثلاثية للألفاظ العربية، في ( 600 ) صفحة فقط من القطع المتوسط.
إنَّ أي أديبٍ ـ جاهلي أو معاصر ـ مهما بلغت قدرته الأدبية، ومهارته البيانية، وموهبته اللغوية، لم يستخدم أكثر من (5 %) من أصول كلمات اللغة، فما معنى أن يستخدم القرآن الكريم أكثر من ثلث الكلمات العربية ؟
هذه دلالة واضحة على ظاهرة التناسق العددي في الجذور الأصلية للكلمات القرآنية، ودلالة واضحة على غزارة المادة اللغوية فيه..
وهذا كله يدل على أنَّ: القرآن الكريم ليس كلام بشر، بل هو كلام الله سبحانه وتعالى.
كما حفِظَ كتاب الله جل جلاله اللغةَ من الضياع، فلولاه: لتشعبت اللغة إلى لهجات، وضاعت الفصحى في خضمِّ العامِّيَّات. [23]
وسبحان من كلامه القرآن !



==========================================

1) بل أنكره: فآية الأنعام جاء بعدها قوله تعالى: " اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ(106) ". أما آية النحل فقد جاء قبلها: " قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(102) ". وبعدها: " إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) ".
2) اليهود المعاصرون يطلقون ذلك اللفظ أيضاً على معنيين، الأول: " اعتنى بـ، حافظ على.. ". والثاني: " سوء، بؤس ". انظر: المعرب في القرآن الكريم، د. محمد بلاسي، ص218. نقلاً عن المعجم العبري الإنجليزي، ص949.
3) الصواب: الديباج. وهو القماش المصنوع من الحرير. انظر: معجم اللغة العربية، أديب اللجمي وآخرون 2/572 (الديباج).
4) ذكر السيوطي في الإتقان، ص335. نقلاً عن أبي بكر الواسطي قوله: " القرآن من اللغات خمسون لغة‏:‏ لغة قريش وهذيل وكنانة وخثعم والخزرج وأشعر ونمير وقيس وجرهم واليمن وأزدشنوءة وكندة وتميم وحمير ومدين ولخم وسعد العشيرة وحضرموت وسدوس والعمالقة وأنمار وغسان ومذحج وخزاعة وعطفان وسبأ وعُمان وبنو حنيفة وثعلب وطي وعامر بن صعصعة وأوس ومزينة وثيقف وجذام وبلى وعذرة وهوازن والنمر واليمامة‏‏ ". وذكر شواهداً عليه ـ في الموضع ذاته، تحت عنوان: " النوع السابع والثلاثون فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز ". وهنا يجب التذكير بقول الإمام الشافعي في الرسالة، ص42 : " ولسان العربِ أوسع الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً. ولانعلمه يُحيطُ بجميع علمها إنسان غير نبي ".
5) لم يذكر مثالاً واحداً على زعمه، كما لم يجد الباحث أي كلمة منها عجِزَ واحدٌ من المفسرين عن بيان معناها.
6) القضب: كلمة عربية أصيلة. جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس 5/82: " (قضب) القاف والضاد والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قطْعِ الشَّيء. يقال: قَضَبْتُ الشيءَ قَضْبا.. والقضيب: الغُصْن. والقَضْب: الرَّطْبة، سمِّيت لأنَّها تُقْضَب. والمَقَاضب: الأرَضُون تنبت القَضْب. وقَضَبت الكرم: قطعتُ أغصانَه أيّامَ الرَّبيع. وسيفٌ قاضِبٌ وقضيب: قطّاع. ورجلٌ قَضّابةٌ: قطَّاعٌ للأمور مقتدِرٌ عليها. وقُضَابة الكرم: ما يتساقط من أطرافه إذا قُضِب ". ومن التعريف يتبين أن العرب تقصد بالقضب: ما يُقطَع من الشجر. وغالباً ما يكون الأعصان الزائدة لتأكل منها الدواب، وما تأكله الدواب هو العلف..
وجاء التعبير بـ (قضباً) عند الحديث عن النبات الذي يُقطع فينبت أصله؛ ليكون أدل على القدرة، وعموم النفع للدواب، ومن ثم للناس. انظر: في تفسير القرآن وأسلوبه المعجز، د. نور الدين عتر، ص262.
7) بل عربية ويعرف العرب معناها قبل الإسلام ـ كما سبق بيانه ـ ويرى روفائيل نخلة اليسوعي أنها من (ebo) وتلفظ (أبا) في الآرامية، وهي بمعنى: " ثمرة ". انظر: المعرب في القرآن الكريم، د. محمد بلاسي، ص147.
8) انظر: في الشعر الجاهلي واللغة العربية، أحمد عثمان، ص74. والكتاب كله في الرد بالأدلة العلمية على ما أثاره المستشرق (مرجليوث) وتلميذه طه حسين، ومن بعدهما لويس عوض، من شبهات حول أصالة مفردات اللغة العربية.. يريدون منها إثبات أن: " اللغة العربية ليست عربية !! ". وخلص بعد تلك الأدلة إلى النتيجة التالية، ص93: " العبرانية والسريانية والكلدانية ولهجات الآراميين كلها عربية.. ويمكننا القول ـ نتيجة للاكتشافات الأثرية الحديثة ـ بأن كلمة (سامِيَّة) هنا تعني: (عربية) ".
9) ص 10. ثم ذكر ص 13 : " العالِم أولسهوزن (Olshausen) يقول فى مقدمة كتابه عن اللغة العبرية: إن العربية هي أقرب لغات الساميين إلى اللغة السامية القديمة، وأيد رأيه هذا بجملة أدلة، ارتاح لها كثير من علماء الإفرنج ".
10) ص 14.
11) ص 86.
12) انظر: المعرب في القرآن الكريم، د. محمد بلاسي، ص113. ولكن هذا الاستشهاد بكلمة (لجام) لم يقبله أحمد فارس الشدياق حين تحدث عن وجوب التحفظ قبل الحكم بتعريب أي كلمة، دون الرجوع إلى الأصول الاشتقاقية والعلاقات الدلالية والحياة الاجتماعية، قبل إصدار الحكم. حيث قال: " إني لا أنكر أن يكون قد دخل في لغة العرب ألفاظ من لغة العجم وهي أسماء لأشياء لم تكن معروفة عندهم، كلفظة: " إستبرق " مثلاً. إلا أنه ما كان بخلاف ذلك لا يصح أن يُحمَل عليه، فلا يصح أن يقال: إن اللجام معرَّب؛ لأن العرب عرفت الخيل وما يلزم لها، قبل جميع الأمم ". انظر: لغة القرآن، د. أحمد مختار، ص122. نقلاً عن كتاب: منتخبات الجوائب لأحمد فارس الشدياق.
13) انظر تفصيل الأدلة على ذلك: المعرب في القرآن الكريم، د. محمد بلاسي، ص125-134.
14) حين كان علماء الآثار الإسرائيليون يمسحون صحراء سيناء ـ بعد احتلالها نتيجة حرب 1967م ـ بحثاً عن آثار مرحلة تيه بني إسرائيل فيها، زمن سيدنا موسى عليه السلام. كانوا يوصون المنقبين عن الآثار بالبحث عن كتابات ونقوش أثرية عربية؛ لأن العبرية نشأت في القرن 10ق.م. بينما كان التيه في المنتصف الثاني للقرن 14ق.م، على الراجح تاريخياً. انظر: في الشعر الجاهلي واللغة العربية، أحمد عثمان، ص137-139. وهذه شهادة من الخصوم على سبق العربية للعبرية.
15) انظر تفصيل ذلك والأدلة عليه في كتاب: المعرب في القرآن الكريم، د. محمد بلاسي، ص67-100.
16) انظر تفاصيل البحث فيها: المرجع السابق، ص263-267.
17) لابن فارس 5/324 (نسأ).
18) بحسب إحصائيات الحاسوب، انظر ملتقى أهل التفسير (كم عدد كلمات القرآن الكريم من غير المكرر ؟) على الرابط التالي:
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=15991&postcount=2
19) ومن هذه الكلمات، ما ورد في أبيات الشعر الجاهلي التالية:
ـ للنابغة: عَفا ذو حُساً مِن فَرتَنى فَالفَوارِعُ .. .. فَجَنبا أَريكٍ فَالتِلاعُ الدَوافِعُ (الأريك: مفرد أرائك)
وله: لِأَنَّكَ مَوضِعُ القُسطاسِ مِنها .. .. فَتَمنَعُ جانِبَيها أَن تَميلا (القسطاس)
وله: لا وارِدٌ مِنها يَحورُ لِمَصدَرٍ .. .. عَنها وَلا صَدِرٌ يَحورُ لِمَورِدِ (يحور)
ـ للأعشى: صَرَمتُ وَلَم أَصرِمكُمُ وَكَصارِمٍ .. .. أَخٌ قَد طَوى كَشحاً وَأَبَّ لِيَذهَبا (أبّ)
وله: كَأَنَّ جَنِيّاً مِنَ الزَنجَبيـ .. .. ـلِ خالَطَ فاها وَأَرياً مَشورا (زنجبيل)
ـ لتأبط شراً: وَبَقايا الأَسباطِ أَسباطِ يَعقو .. .. بَ دارِسِ التَوراةِ وَالتابوتُ (الأسباط، التابوت)
وله: خَفَضتُ بِساحَةٍ تَجري عَلَينا .. .. أَباريقُ الكَرامَةِ يَومِ لَهوِ (أباريق)
وله: عاري الظَنابيبِ مُمتَدٍّ نَواشِرُهُ .. .. مِدلاجِ أَدهَمَ واهي الماءِ غَسّاقِ (غساق)
ـ للمتلمس: لَهُ جُدَدٌ سودٌ كَأَنَّ أَرَندَجاً .. .. بِأَكرُعِهِ وَبِالذِراعَينِ سُندُسُ (سندس)
ـ لابن عمرو السكوني: وَنَهنَهتُ رَيعانَ العَديِّ كَأَنَّهُ .. .. غَوارِبُ تَيّارٍ من اليَمِّ يُجنَبُ (اليم)
ـ لامرئ القيس: وَيَمنَعُها بَنو شَمجى بنِ جَرمٍ .. .. مَعيزَهُم حَنانَكَ ذا الحَنانِ (حنان)
ـ لأبي طالب: أَمِن أَجلِ حَبلٍ ذي رِمامٍ عَلَوتَهُ .. .. بِمِنسَأَةٍ قَد جاءَ حَبلٌ وَأَحبُلُ (منسأة)
وقد تم الاستفادة من برنامج: " الموسوعة الشعرية " الإصدار الثالث للمجمع الثقافي، إشراف: محمد السويدي، أبو ظبي.
20) انظر: قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية، أ.د. فضل حسن عباس، ص94.
21) انظر: إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر، د. علي النملة 2/642.
22) هو إسماعيل بن حماد الجوهري (ت393هـ) إمام في اللغة والأدب، يُضرب بجودة خطه المثل.رحل إلى بلاد العرب، وأخذَ اللغة عنهم مشافهة، ثم رجع إلى نيسابور مدرساً وناسخاً للمصاحف. انظر: معجم الأدباء، ياقوت الحموي 6/163.
23) انظر: إعجاز القرآن البياني، د. صلاح الخالدي، ص 332
أتى باسم جمع بدل المثنى

س 130: جاء في سورة التحريم 66: 4 (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا). والخطاب (كما يقول البيضاوي). موجّه لحفصة وعائشة. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما إذ أنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟

الجواب : القلب متغير فهو لا يثبت على حال واحدة ، فلذلك
جمعه فصار قلب الإنسان قلوب ، فالحواس كلها تُفرَد ما عدا القلب: ومثل ذلك (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) [النحل 78] ، ولعل المراد به هو جمع بناء على القلة تنبيهاً على هناك الكثير من يسمع الحق بل ويراه ، لكن هناك قلة من القلوب التى تستجيب وتخشع لله.

أن الله قد أتى بالجمع في قوله (قلوبكما) وساغ ذلك لإضافته إلى مثنى وهو ضميراهما. والجمع في مثل هذا أكثر استعمالا من المثنى. فإن العرب كرهوا اجتماع تَثْنيَيْن فعدلوا إلى الجمع لأن التثنية جمع في المعنى والإفراد.

ولا يجوز عند البصريين إلا في الشعر كقوله: حمامة بطن الواديين ترنمي سقاك من العز الفوادي مطير


س 129: جاء في سورة التوبة 9: 62 (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ). فلماذا لم يثنّ الضمير العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول أن يرضوهما؟

الجواب : 1- لا يُثنَّى مع الله أحدٌ ، ولا يُذكر الله تعالى مع غيره بالذكر المُجْمَل ، بل يجب أن يفرد بالذكر تعظيماً له.
2- ثم إن المقصود بجميع الطاعات والعبادات هو الله ، فاقتصر على ذكره.
3- ويجوز أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ والرأى مختلفُ أى نحن بما عندنا راضون.
4- أن العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى ، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله ، فلهذا السبب خصَّ الله تعالى نفسه بالذكر.
5- كما أن رضا الرسول من رضا الله وحصول المخالفة بينهما ممتنع فهو تابع لرضاء ربه ، لذلك اكتفى بذكر أحدهما كما يقال: إحسان زيد وإجماله نعشنى وجبرنى. وقد قال أهل العلم: إن إفراد الضمير لتلازم الرضاءين.
6- أو على تقدير: والله أحق أن يرضُوه ورسوله كذلك، كما قال سيبويه: فهما جملتان حذف خبر إحداهما لدلالة الثاني عليه والتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك.
الالتفات من المخاطب إلى الغائب قبل إتمام المعنى

س 128: جاء في سورة يونس 10: 22 (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ). فلماذا التفت عن المخاطب إلى الغائب قبل تمام المعنى؟ والأصحّ أن يستمر على خطاب المخاطب.

الجواب :
1- المقصود هو المبالغة كأنه تعالى يذكر حالهم
لغيرهم لتعجيبهم منها ، ويستدعى منهم مزيد الإنكار والتقبيح. فالغرض هنا بلاغى لإثارة الذهن والإلتفات لما سيفعله هؤلاء المُبعدين من نكران لصنيع الله بهم.
2- إن مخاطبته تعالى لعباده، هى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، فهى بمنزلة الخبر عن الغائب ، وكل من أقام الغائب مقام المخاطب ، حسن منه أن يرده مرة أخرى إلى الغائب.
3- إن الإنتقال فى الكلام من لفظ الغيبة إلى الحضور هو من باب التقرب والإكرام كقوله تعالى: (الحمد لله ربَّ العالمين * الرحمن الرحيم) [الفاتحة 2-3] وكله مقام الغيب ، ثم انتقل منها إلى قوله تعالى: (إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين) [الفاتحة 5] ، وهذا يدل على أن العبد كأنه انتقلَ من مقام الغيبة إلى مقام الحضور ، وهو يوجب علو الدرجة ، وكمال القرب من خدمة رب العالمين.

أما إذا انتقل الخطاب من الحضور إلى الغيب وهو من أعظم أنواع البلاغة كقوله: (هو الذى يُسَيَّركم) ينطوي على الامتنان وإظهار نعمة المخاطبين، (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ) (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) ولما كان المسيرون في البر والبحر مؤمنين وكفارا والخطاب شامل لهم جميعا حسن الخطاب بذلك ليستديم الصالح الشكر، ولعل الطالح يتذكر هذه النعمة فيتهيأ قلبه لتذكر وشكر مسديها.

ولما كان في آخر الآية ما يقتضي أنهم إذا نجوا بغوا في الأرض، عدل عن خطابهم بذلك إلى الغيبة، لئلا يخاطب المؤمنين بما لا يليق صدوره منهم وهو البغي بغير الحق.، فهذا يدل على المقت والتبعيد والطرد ، وهو اللائق بحال هؤلاء ، لأن من كان صفته أنه يقابل إحسان الله تعالى إليه بالكفران، كان اللائق به ماذُكِرَ. ففيها فائدتان: المبالغة والمقت أوالتبعيد.
تى بضمير فاعل مع وجود فاعل

س 127: جاء في سورة الأنبياء 21: 3 (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الذِينَ ظَلَمُوا) مع حذف ضمير الفاعل في أسرّوا لوجود الفاعل ظاهراً وهو الذين .

الجواب : وفي هذه النقطة يقال : إن التركيب مطابق لقواعد اللغة العربية باتفاق علماء اللغة وإن اختلفوا في الفاعل الذي
أسنِدَ إليه الفعل، والجمهور على أنه مسند للضمير، والاسم الظاهر بدل منه.

ووجود علامة التثنية والجمع فى الفعل قبل الفاعل لغة طىء وأزد شنوءة، وقلنا من قبل إن القرآن نزل بلغات غير لغة قريش ، وهذا أمر كان لا بد منه ، ومع هذا جاء هذا التعبير فى لغة قريش ، ومنه قول عبد الله بن قيس بن الرقيات يرثى مصعب بن الزبير:

تولى قتال المارقين بنفسه *** وقد أسلماه مبعد وحميم

وقول محمد بن عبد الله العتبى من ولد عتبة بن أبى سفيان الأموى القرشى:

رأين الغوانى الشيب لاح بعارضى *** فأعرضن عنى بالخدود النواضر

[الذين ظلموا ليست هنا فاعلاً مكرراً ، فكلمة أسر هى الفعل ، والواو فاعله، والنجوى مفعول به، والذين نعت صفاتهم بأنهم ظلموا


س 126: جاء في سورة البقرة 2: 196 (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَاِملَةٌ) . فلماذا لم يقل تلك عشرة مع حذف كلمة كاملة تلافيا لإيضاح الواضح، لأنه من يظن العشرة تسعة؟

الجواب : إن التوكيد طريقة مشهورة فى كلام العرب ، كقوله
تعالى: (ولكن تَعْمَى القلوب التى فى الصدور) [الحج 46] ، وقوله تعالى: (ولا طائرٌ يطير بجناحيه) [الأنعام 38] ، أو يقول قائل سمعته بأذني ورأيته بعيني ، والفائدة فيه أن الكلام الذى يعبر عنه بالعبارات الكثيرة ويعرف بالصفات الكثيرة، أبعد عن السهو والنسيان من الكلام الذى يعبَّر عنه بالعبارة الواحدة ، وإذا كان التوكيد مشتملاً على هذه الحكمة كان ذكره فى هذا الموضع دلالة على أن رعاية العدد فى هذا الصوم من المهمات التى لا يجوز إهمالها ألبتة.

وقيل أيضاً إن الله أتى بكلمة (كاملة) لبيان الكمال من ثلاثة أوجه: أنها كلمة فى البدل عن الهَدىْ قائمة مقامه ، وثانيهما أنها كاملة فى أن ثواب صاحبه كامل مثل ثواب من يأتى بالهَدىْ من القادرين عليه ، وثالثهما أنها كاملة فى أن حج المتمتع إذا أتى بهذا الصيام يكون كاملاً ، مثل حج من لم يأت بهذا التمتع.

وذهب الإمام الطبري إلى أن المعنى « تلك عشرة فرضنا إكمالها عليكم، إكمال صومها لمتعتكم بالعمرة إلى الحج، فأخرج ذلك مخرج الخبر.
ذكير خبر الاسم المؤنث

س 125: جاء في سورة الشورى 42: 17 (اللهُ الذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ). فلماذا لم يتبع خبر لعل اسمها في التأنيث فيقول قريبة؟

الجواب : خبر لعل هنا محذوف لظهوره البيَّن تقديره لعل حدوث الساعة قريب.

وفيه أيضا فائدة وهي أن الرحمة والرحم عند العرب واحد فحملوا الخبر على المعنى. ومثله قول القائل: إمرأة قتيل. ويؤيده قوله تعالى: (هذا رحمة من ربي) فأتى اسم الإشارة مذكرا. ومثله قوله تعالى: (والملائكة بعد ذلك ظهير).

وقد جهل المعترض بأنه المذكر والمؤنث يستويان في أوزان خمسة :
1 – (فعول): كرجل صبور وامرأة صبور.
2 – (فعيل): كرجل جريح وامرأة جريح.
3 – (مفعال): كرجل منحار وامرأة منحار أي كثير النحر.
4 – (فعيل): بكسر الميم مثل مسكين، فنقول رجل مسكين، وامرأة مسكين.
5 – (مِفعَل): بكسر الميم وفتح العين. كمغشم وهو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه من شجاعته. ومدعس من الدعس وهو الطعن