كتب حسين البربري (المصريون):
تشهد قرية الكشح بمحافظة سوهاج، حالة من التوتر الشديد بين قمامصة الكنيسة وأقباط القرية الذين أرسلوا خطابا إلى البابا شنودة حيث يتواجد في الولايات المتحدة يستنجدون به من القمامصة الذين يعتدون عليهم بالضرب وفرض تبرعات إجبارية عليهم.
ولجأ بعض الأقباط إلى تحرير محاضر رسمية في أقسام الشرطة ضد القمامصة، حيث تم تحرير محضر رقم 7266 إداري دار السلام، يتهم فيه مقدم البلاغ كاهنا داخل الكنيسة بالاعتداء عليه بالضرب.
كما اتهم فايز عزيز حليب، القمص (م. ع) بضربه في كنيسة الأنبا شنودة بالكشح، وحرر ضده المحضر رقم 9111 جنح دار السلام، بسبب ما وصفه بالمغالاة في جمع التبرعات وإجبار غير القادرين على التبرع.
كما تم تحرير المحضر رقم 5189 إداري دار السلام ضد الأنبا (و) بأبراشية البلينا، لاعتدائه بالضرب على عدلي محارب 82 عاما ووصفه بالمرأة. وقد تم رفع الواقعة إلى البابا شنودة الذي أمر بتشكيل لجنة تحقيق من الكنيسة للوقوف عليها.
وقد بلغ الأمر إلى حد استغلال قساوسة في الكشح نفوذهم الديني في منع توصيل المياه والكهرباء للمواطنين المسيحيين، كما اتهم البعض الأنبا (و) بوضع شرط جديد للزواج، حيث طلب ألا يتجاوز الفارق بين العريس وعروسه عشرة سنوات كحد أقصى.
على صعيد آخر، قام الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح بالتبرع بمبلغ خمسة آلاف جنيه للمساهمة في الوجبات الغذائية التي تقدمها محافظة البحيرة للأسر المحتاجة خلال شهر رمضان
تشهد قرية الكشح بمحافظة سوهاج، حالة من التوتر الشديد بين قمامصة الكنيسة وأقباط القرية الذين أرسلوا خطابا إلى البابا شنودة حيث يتواجد في الولايات المتحدة يستنجدون به من القمامصة الذين يعتدون عليهم بالضرب وفرض تبرعات إجبارية عليهم.
ولجأ بعض الأقباط إلى تحرير محاضر رسمية في أقسام الشرطة ضد القمامصة، حيث تم تحرير محضر رقم 7266 إداري دار السلام، يتهم فيه مقدم البلاغ كاهنا داخل الكنيسة بالاعتداء عليه بالضرب.
كما اتهم فايز عزيز حليب، القمص (م. ع) بضربه في كنيسة الأنبا شنودة بالكشح، وحرر ضده المحضر رقم 9111 جنح دار السلام، بسبب ما وصفه بالمغالاة في جمع التبرعات وإجبار غير القادرين على التبرع.
كما تم تحرير المحضر رقم 5189 إداري دار السلام ضد الأنبا (و) بأبراشية البلينا، لاعتدائه بالضرب على عدلي محارب 82 عاما ووصفه بالمرأة. وقد تم رفع الواقعة إلى البابا شنودة الذي أمر بتشكيل لجنة تحقيق من الكنيسة للوقوف عليها.
وقد بلغ الأمر إلى حد استغلال قساوسة في الكشح نفوذهم الديني في منع توصيل المياه والكهرباء للمواطنين المسيحيين، كما اتهم البعض الأنبا (و) بوضع شرط جديد للزواج، حيث طلب ألا يتجاوز الفارق بين العريس وعروسه عشرة سنوات كحد أقصى.
على صعيد آخر، قام الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح بالتبرع بمبلغ خمسة آلاف جنيه للمساهمة في الوجبات الغذائية التي تقدمها محافظة البحيرة للأسر المحتاجة خلال شهر رمضان
هناك ٤ تعليقات:
اشراك المسيحيين غير الله به: جاء في يوحنا 20-23ان المسيح حينما قابل تلاميذه بعد قيامته من الموت قال لهم"من غفرتم خطاياه اغفر له ومن امسكتم خطاياه امسكت" ولم يات في اشارته في عبارته هذه بقيد او شرط ؟؟؟السؤال :1)هل اذا غفروا لمذنب لم يتب تغفر ذنوبه ام لا فان غفرت فاين العدل الالهي وقد ساووا بين الطالح والصالح بكلمة واحدة منهم واي فائدة للتوبة ما دام الامر كذلك؟2)اذا لم يغفروا لمذنب ورجع الي الله وحده فهل يغفر له ام لا ؟فان غفر الله له فما حاجة الناس اذا لطلب المغفرة منهم وان لم يغفر الله له فكيف وعد التائبين(حز18-21-24) ولذلك هم اولي بالعبادة من دون الله فالالهة ليسوا ثلاثة بل صاروا ملايين في معني توحيدهم ؟واي ذل واستغباء للناس واستعباد اكثر من ذلك؟ وما حصل في اوروبا من مظالم رجال الكهنوت واكلهم اموال الناس بالباطل ؟؟؟كيف يعقل ان عبارة المسيح السابقة من عند الله؟اليست من اختلاق شياطينهم ونسبوه كذبا لعيسي علي السلام وهو منها ومن امثالها بريئ؟وكيف تتفق مع قوله لمن سالته ان يجلس ابنيها واحد عن يمينه وواحد عن اليسار في مجده قوله لها""واما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي ان اعطيه الا للذين اعد لهم من ابي ""متي20-23 ومر10-37-40)"""العشاء الرباني"""يو20-23""يعتقد المسيحيون ان يسوع وضع لهم فريضة العشاء الرباني التي قال في اثنائها لهم""خذوا كلوا هذا هو جسدي (مشيرا الي الخبز ) واخذ الكاس واعطاهم اياه قائلا :اشربوا منها كلكم لان هذا هو دمي"مت26-26-28)والخبز والخمر يستحلان فعلا الي جسد المسيح ودمه وانهم انما ياكلون حقيقة الههم (يسوع) ويشربون دمه في هذا القربان كما يفعل الوثنيون ببعض الهتهم ؟ولذلك قست قلوب هم علي بني البشر مادام دينهم يامرهم باكل الههم وشرب دمه ؟؟لماذا غضب النصاري من اليهود وعدوا عملهم به(يسوع) اساءة له مع انه كان يطلب منهم ان ياكلوا جسمه ويشربوا دمه وكان ما فعلوه اقل مما طلب ولماذا لا يغضب علي اتباعه الذين يفعلون به ذلك كل يوم؟؟؟النصاري يعتقدون قدرة التلاميذ علي التصرف في الكون (مت16-18) وغفران الذنوب ودينونة الخلائق والملائكة يوم القيامة (1كو7-2-3) وان كلمة احدهم تنقل الجبال ولا يستحيل عليها شيئ(مت17-20)فأي شيء ابقوه لل تعالي بعد ذلك سوي عمله بمشيئتهم وانقياده لاوامرهم ونواهيهم ؟وهل في هذا التوحيد؟الذي جاء به عيسي وجميع الانبياء قبله؟ وهل الي هذا الشرك والوثنية يدعون المسلمين الموحدين ولا يخجلون ؟؟فأي عقل اسف من هذا ؟ومن المجنون الذي يدخل في دينهم؟؟؟
الرد على من يحاول أن يثبت عدم صحة القرآن الكريم
السؤال :
قرأت مؤخرا بحثاً كتبه باحثون ألمان عن صحة القرآن . بعض ما قالوه نوقش في مقال في مجلة أتلانتك الشهرية بعنوان "ما هو القرآن ؟ " كتبه توبي ليستر نُشر في عدد يناير 1999 من تلك المجلة. لب القضية كان عن وجود نسخة قديمة جدا من القرآن في مسجد في اليمن يرى تحريفاً في القرآن الموجود . في بعض المواضع الكتابة التي كانت توجد في هذه النسخة قد مُسحت وكُتب فوقها .
المقال يحاول أن يلقي
الشبهة للمسلمين في نظرتهم للقرآن بأنه موثوق به تماماً ، وحاول أن يثبت أن القرآن عبارة عن كلام يتعرض للتغيير مثل أي كلام آخر.
أنا غير مسلمة ولكنني أعلم بأن القرآن له مكانة في الإسلام كمكانة المسيح في النصرانية .
بالنظر لهذا ، كيف تجيب على محاولة الذي يريد أن يفند صحة القرآن ؟ وهل يوجد لديك رد آخر على هذا الهجوم على صدق القرآن ؟.
الجواب :
الحمد لله
1. إن ثبوت صحة ما في أيدينا من نسخ القرآن الكريم لم يثبت عندنا بدليل أو بدليلين ، بل ثبت بأدلة كثيرة متوافرة لا يقع عليها عاقل منصف إلا ويقطع أنه هو كما أنزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم .
2. وقد تعاقبت الأجيال جيلاً بعد جيل تتلو كتاب الله وتتدارسه بينهم ، فيحفظونه ويكتبونه ، لا يغيب عنهم حرف ، ولا يستطيع أحد تغيير حركة حرف منه ، ولم تكن الكتابة إلا وسيلة من وسائل حفظه وإلا فإن الأصل أن القرآن في صدورهم .
3. ولم يُنقل القرآن لنا وحده حتى يمكن تطرق التحريف المدَّعى إليه ، بل نقل تفسير آياته ، ومعاني كلماته ، وأسباب نزوله ، وإعراب كلماته ، وشرح أحكامه ، فأنَّى لمثل هذه الرعاية لهذا الكتاب أن تتطرق إليه أيدي آثمة تحرِّف فيه حرفاً ، أو تزيد كلمة ، أو تسقط آية ؟
4. وإن تحدَّث القرآن عن أشياء غيبية مستقبلية ، أنزلها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ليبيِّن أنه من عند الله ، وأن البشر لو أرادوا كتابة كتاب فإنهم قد يبدعون في تصوير حادث ، أو نقل موقف ، لكن أن يتحدث أحدهم عن أمر غيبي فليس له في هذا المجال إلا الخرص والكذب ، وأما القرآن فإنه أخبر عن هزيمة الروم من قبل الفرس ، وليس هناك وسائل اتصال تنقل لهم هذا الحدث ، وأخبر في الآيات نفسها أنهم سيَغلبون فيما بعد في مدة معينة ، ولو أن ذلك لم يكن لكان للكفار أعظم مجال للطعن في القرآن .
5. ولو جئت إلى آية من كتاب الله تعالى فذهبت إلى أمريكا أو آسيا أو أدغال أفريقيا أو جئت إلى صحراء العرب أو إلى أي مكان يوجد فيه مسلمون لوجدت هذه الآية نفسها في صدورهم جميعاً أو في كتبهم لم يتغير منها حرف .
فما قيمة نسخة مجهولة في ( اليمن ) لم نرها يمكن أن يحرِّف فيها أحد العابثين في هذا العصر آية أو كلمة ؟
وهل يقوم مثل هذا الكلام في سوق البحث والنظر ؟ وخاصة أن القوم يدَّعون البحث والإنصاف والعدل في القول .
فماذا يكون رد هؤلاء لو جئنا إلى كتاب من كتبهم الموثوقة لمؤلِّفين معروفين ، ولهذا الكتاب نسخ كثيرة في العالم ، كلها على نسقٍ واحدٍ ، ثم ادَّعى مدَّعٍ وجود نسخة من هذا الكتاب في بلدٍ ما ، وفيها زيادات وتحريفات عما في نسخهم ، فهل يعتدون بها ؟
جوابهم هو جوابنا .
6. والنسخ المخطوطة عند المسلمين لا تثبت بهذا الشكل الساذج ، فعندنا خبراء يعرفون تاريخ الخط ، وعندنا قواعد يضبط فيها إثبات صحة هذه المخطوطة كوجود السماعات والقراءات عليها ، واسم وتوقيع من سمعها وقرأها .
ولا نظن أن هذا قد وجد في هذه النسخة المزعومة من اليمن أو من غيرها .
7. ويسرنا أن نختم ردنا بهذه القصة الحقيقية والتي حدثت في بغداد في العصر العباسي ، حيث أراد يهودي أن يعرف صدق الكتب المنسوبة لله من أهلها وهي التوراة عند اليهود ، والإنجيل عند النصارى ، والقرآن عند المسلمين .
فراح إلى التوراة فزاد فيها ونقص أشياء غير ظاهرة جداً ، ثم دفعه إلى ورَّاقٍ – كاتب – منهم وطلب نسخ هذه النسخة ، قال : فما هو إلا زمن يسير حتى صارت نسختى في معابد اليهود وبين كبار علمائهم .
ثم راح إلى الإنجيل فزاد فيه ونقص كما فعل في التوراة ، ودفعه إلى ورَّاقهم وطلب نسخه فنسخه ، قال : فما هو إلا زمن يسير حتى صار يقرأ في كنائسهم وتتناوله أيدي علمائهم .
ثم راح إلى القرآن فزاد فيه ونقص كما فعل في التوراة والإنجيل ، ودفعه إلى ورَّاق المسلمين لينسخه له .
فلما رجع إليه لاستلام نسخته ألقاه في وجهه وأعلمه أن هذا ليس قرآن المسلمين !
فعلم هذا الرجل من هذه التجربة أن القرآن هو كتاب الله بحق وأن ماعداه لا يعدو أن يكون من صنع البشر .
وإذا كان ورَّاق المسلمين قد علم تحريف هذه النسخة فهل يمكن أن تمشي هذه على علماء المسلمين ؟
وإذا أرادت السائلة تحويل هذه التجربة القديمة إلى واقع حالي فما عليها إلا أن تفعل فعل ذلك اليهودي الذي أسلم وتزيد وتنقص من هذه الكتب الثلاثة ولتر نتيجة تجربتها .
ولن نقول لها اعرضي نسختك من القرآن على ورَّاق ، بل سنقول اعرضيها على صبيان وأطفال المسلمين ليكشفوا لك خطأ نسختك !
وقد طبعت بعض الدول الإسلامية مصاحف فيها أخطاء كان مكتشفها من الأطفال الصغار قبل الكبار .
والله الهادي .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com
===============
الرد على دعوى تحريف القرآن
السؤال :
أرجو أن تجيب على هذا السؤال فهو مهم بالنسبة لي ، فقد كنت أقرأ في صفحة معادية للإسلام على الإنترنت حيث قال أحد النصارى بأن الشيخ السجستاني قال في كتابه " المصاحف " بأن الحجاج قد غيَّر في حروف المصحف وغيَّر على الأقل عشر كلمات ، يدَّعي بأن السجستاني قد ألَّف كتاب اسمه " ما غيَّره الحجاج في مصحف عثمان " وقد ادَّعى هذا النصراني بأنَّه جمع الكلمات العشر التي تم تغييرها باللغة العربية .
حاولتُ الحصول على نسخةٍ من هذا الكتاب دون جدوى فأرجو التوضيح ، فأنا لا أتخيَّل أنَّ جميع العلماء والحفَّاظ يسمحون لشخصٍ بأن يغيِّر القرآن ولا يقولوا شيئاً ، حتى ولو أن السجستاني روى هذا .
هذا الأمر لا يُعقل أبداً لأننا لسنا كاليهود والنصارى لا نحفظ كتابنا ونتركه لرجال الدين ، فالمسلمون يحفظ كثير منهم القرآن وكلهم يتلوه فلا يعقل أن لا يلاحظ أحد الفروق والاختلافات .
الجواب:
الحمد لله ،
ما جاء في السؤال نقلاً عن كتاب " المصاحف " لابن أبي داود : فإليك الرواية فيه والحكم عليها :
عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً ، قال : كانت في البقرة : 259 { لم يتسن وانظر } بغير هاء ، فغيرها " لَم يَتَسَنه " .
وكانت في المائدة : 48 { شريعة ومنهاجاً } ، فغيّرها " شِرعَةً وَمِنهاجَاً ".
وكانت في يونس : 22 { هو الذي ينشركم } ، فغيَّرها " يُسَيّرُكُم " .
وكانت في يوسف : 45 { أنا آتيكم بتأويله } ، فغيَّرها " أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ " .
وكانت في الزخرف : 32 { نحن قسمنا بينهم معايشهم } ، فغيّرها " مَعِيشَتَهُم " .
وكانت في التكوير : 24 { وما هو على الغيب بظنين } ، فغيّرها { بِضَنينٍ }… الخ ..
كتاب " المصاحف " للسجستاني ( ص 49 ) .
وهذه الرواية ضعيفة جدّاً أو موضوعة ؛ إذ فيها " عبَّاد بن صهيب " وهو متروك الحديث .
قال علي بن المديني : ذهب حديثه ، وقال البخاري والنسائي وغيرهما : متروك ، وقال ابن حبان : كان قدريّاً داعيةً ، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع ، وقال الذهبي : أحد المتروكين .
انظر " ميزان الاعتدال " للذهبي ( 4 / 28 ) .
ومتن الرواية منكر باطل ، إذ لا يعقل أن يغيِّر شيئاً من القرآن فيمشي هذا التغيير على نسخ العالم كله ، بل إن بعض من يرى أن القرآن ناقص غير كامل من غير المسلمين كالرافضة - الشيعة – أنكرها ونقد متنها :
قال الخوئي – وهو من الرافضة - : هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات المجانين والأطفال ، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية ، وهو أقصر باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً من الفروع الإسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة ؟! ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الإسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها ؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع ما فيه من الأهمية ، وكثرة الدواعي إلى نقله ؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته ؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج وانتهاء سلطته ؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذّ عن قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين المتباعدة ، فهل تمكّن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله . " البيان في تفسير القرآن " ( ص 219 )
وما نقله السائل عن الإمام السجستاني من أنه ألَّف كتاباً اسمه " ما غيَّره الحجاج في مصحف عثمان " : غير صحيح بل كذب ظاهر ، وكل ما هنالك أن الإمام السجستاني ترجم للرواية سالفة الذكر عن الحجاج بقوله : ( باب ما كتب الحجَّاج بن يوسف في المصحف )
وعلى هذا فإنه لا يمكن أن يعتمد على هذا الرواية بحال من الأحوال ، ويكفي في تكذيبها أنه لم يثبت حتى الآن أن أحداً نجح في محاولة لتغيير حرف واحد ، فلو كان ما روي صحيحاً لأمكن تكراره خاصة في عصور ضعف المسلمين وشدة الكيد من أعدائهم ، بل مثل هذه الشبهات التي تثار هي أحد الأدلة على بطلان هذه الدعاوى ، وأن الأعداء قد عجزوا عن مقارعة حجج القرآن وبيانه فلجؤوا للطعن فيه
=============
شبهة حول صفة مكر الله سبحانه وتعالى
يثير البعض من جهلة النصارى هذه الشبهة حول صفة المكر لله سبحانه وتعالى ويقولون كيف يمكن ان تكون هذه الصفة المذمومة لله سبحانه وتعالى ؟
وللرد عليهم وتبيان جهلهم ننقل لكم ما جاء في مفردات الراغب الأصفهانى أن المكر هو صرف الغير عما يقصده بحيلة ، وذلك ضربان :
مكر محمود ، وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل ، وعلى ذلك قال سبحانه وتعالى:{ والله خير الماكرين } فلا يكون مكره الا خيرا
ومكر مذموم ، وهو أن يتحرى به فعل قبيح ، قال تعالى {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} فاطر: 43 ،
فالمكر يكون في موضع مدحاً ويكون في موضع ذماً : فإن كان في مقابلة من يمكر ، فهو مدح ، لأنه يقتضي أنك أنت أقوى منه . وإن كان في غير ذلك ، فهو ذم ويسمى خيانة .
ولهذا لم يصف الله نفسه بصفة المكر على سبيل الاطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها أي على سبيل المقابلة والتقييد فيقال : يمكر بأعدائه، أو يمكر بمن يمكر برسله والمؤمنين ، وما أشبه هذا كما قال الله تعالى :{ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون } وقال تعالى { ومكرواً ومكر الله والله خير الماكرين } آل عمران : 45 وقوله تعالى :{وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} الأنفال : 30 ، وقوله تعالى :{فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين} النمل : 51
وكذلك قوله سبحانه وتعالى : (( وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ )) وقوله : (( وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )) أي برسلهم ، وبالحق الذي جاءت به الرسل ، فلم يغن عنهم مكرهم ولم يصنعوا شيئاً ، وقوله (( فلله المكر جميعاً )) أي : لا يقدر أحد أن يمكر مكراً إلا بإذنه ، وتحت قضائه وقدره ومشيئته سبحانه وتعالى . فلا عبرة بمكرهم ولا قيمة له ولا يلتفت إليه ، فَلِلَّهِ أَسْبَاب الْمَكْر جَمِيعًا , وَبِيَدِهِ وَإِلَيْهِ , لا يَضُرّ مَكْر مَنْ مَكَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا إلا مَنْ أَرَادَ ضُرّه بِهِ , فلا يَضُرّ الْمَاكِرُونَ بِمَكْرِهِمْ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه أَنْ يَضُرّهُ ذَلِكَ .
ومن هنا نعرف أن المكر هو التدبير، فإن كان فى شر فهو مذموم ، وإن كان فى خير فهو محمود .
والآن لنرى بعض الصفات المثبته لله في كتاب النصارى المقدس :
الجبار :
ونجدها في مزمور [ 24: 8 ] : (( من هو هذا ملك المجد. الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال ))
القهار : ونجدها في سفر أيوب [ 30: 11] : (( لانه اطلق العنان وقهرني فنزعوا الزمام قدامي. ))
المذل :
ونجدها في سفر دانيال [ 4: 37 ] : (( فالآن انا نبوخذناصّر اسبح واعظم واحمد ملك السماء الذي كل اعماله حق وطرقه عدل ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على ان يذلّه )) ويقول بولس لأهل كورنثوس : (( وأخشى أن يجعلني إلهي ذليلاً بينكم عند مجيئي إليكم مرة أخرى )) 2 كو 12 : 21. انظر أيضا مزمور 88 : 7 .
المنتقم :
ونجدها في مزمور [ 18: 47 ] : (( الاله المنتقم لي والذي يخضع الشعوب تحتي )) وفي حزقيال (( واجعل نقمتي في ادوم بيد شعبي اسرائيل فيفعلون بادوم كغضبي وكسخطي فيعرفون نقمتي يقول السيد الرب )) حزقيال 25 : 14
الضار :
ونجدها في سفر الأمثال [ 8 : 36 ] : (( ومن يخطئ عني يضر نفسه. كل مبغضي يحبون الموت ))
خالق الشر :
ونجدها في سفر اشعيا [ 45 : 7 ] : (( مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر. انا الرب صانع كل هذه ))
مضل :
ونجدها في الرسالة الثانية إلى تسالونكي [ 2 : 11 ] : (( ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب )) وفي سفر حزقيال [ 14 : 9 ] : (( فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي ))
الوارث :
ونجدها في عبرانيين [ 1 :1 ، 3 ]
فعلى النصارى أن يقرأوا و يفهموا كتابهم قبل أن يفتروا على الإسلام واهله . . والله المستعان ،،،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،
وعادَ يَسوعُ إلى مُخاطَبَةِ الجُموعِ بالأمثالِ، فقالَ: 2"يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ مَلِكًا أقامَ وليمَةً في عُرسِ اَبنِه. 3فأرسَلَ خدَمَهُ يَستَدْعي المَدعُوَّينَ إلى الوَليمَةِ، فرَفَضوا أنْ يَجيئوا. 4فأرسَلَ خدَمًا آخرينَ ليقولوا للمَدعُوّينَ: أعدَدْتُ وليمَتي وذَبَحتُ أبقاري وعُجولي المُسمَّنةَ وهيَّأتُ كُلَ شيءٍ، فتعالَوْا إلى العُرسِ! 5ولكنَّهُم تهاوَنُوا، فمِنهُم مَنْ خرَجَ إلى حقلِهِ، ومِنهُم مَنْ ذهَبَ إلى تِجارَتِهِ، 6والآخرونَ أمسكوا خَدَمَهُ وشَتَموهُم وقَتَلوهُم. 7فغَضِبَ الملِكُ وأرسَلَ جُنودَهُ، فأهلَكَ هؤلاءِ القَتَلةَ وأحرَقَ مَدينَتَهُم. 8ثمَّ قالَ لخَدَمِهِ: الوَليمةُ مُهيَّأةٌ ولكنَّ
المَدعُوّينَ غَيرُ مُستحقّينَ، 9فاَخرُجوا إلى مَفارقِ الطٌّرُقِ واَدعُوا إلى الوَليمَةِ كُلَ مَنْ تَجِدونَهُ. 10فخرَجَ الخَدَمُ إلى الشَّوارعِ وجَمَعوا مَنْ وجَدوا مِنْ أشرار وصالِحينَ، فاَمتلأتْ قاعَةُ العُرسِ بالمدعُوَّينَ.
11فلمّا دخَلَ المَلِكُ ليَرى المدعوّينَ، وجَدَ رجُلاً لا يَلبَسُ ثِـيابَ العُرسِ. فقالَ لَه: 12كيفَ دَخَلتَ إلى هُنا، يا صَديقي، وأنتَ لا تلبَسُ ثِـيابَ العُرسِ? فسكَتَ الرَّجُلُ. 13فقالَ المَلِكُ للخَدَمِ: اَربُطوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ واَطرَحوهُ خارِجًا في الظَّلامِ فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ. 14لأنَّ المدَعُوّينَ كَثيرونَ، وأمّا المُختارونَ فَقليلونَ".
دفع الجزية إلى القيصر.
15وذهَبَ الفَرّيسيّونَ وتَشاوَروا كيفَ يُمسِكونَ يَسوعَ بِكلِمَةٍ. 16فأرسلوا إلَيهِ بَعضَ تلاميذِهِم وبَعضَ الهيرودُسيـّينَ يَقولونَ لَه: "يا مُعَلَّمُ، نَعرِفُ أنَّكَ صادقٌ، تُعلَّمُ بِالحَقَّ طَريقَ الله، ولا تُبالي بأحدٍ، لأنَّكَ لا تُراعي مَقامَ النّاسِ. 17فقُلْ لنا: ما رأيُكَ؟ أيَحِلُّ لنا أنْ نَدفَعَ الجِزْيَةَ إلى القَيصَرِ أم لا؟"
18فعرَفَ يَسوعُ مَكرَهُم، فقالَ لهُم: "يا مُراؤونَ! لِماذا تُحاوِلونَ أنْ تُحْرِجوني؟ 19أرُوني نَقدَ الجِزْيةِ!" فناولوهُ دينارًا. 20فقالَ لهُم: "لِمَن هذِهِ الصّورَةُ وهذا الاسمُ؟" 21قالوا: "لِلقَيصَرِ!" فقالَ لهُم: "اَدفَعوا، إذًا، إلى القَيصَرِ ما لِلقَيصَرِ، وإلى الله ما لله!" 22فتَعَجَّبوا مِمّا سَمِعوهُ، وتَركوهُ ومَضَوْا.
قيامة الأموات.
23وفي ذلِكَ اليومِ جاءَ إلى يَسوعَ بَعضُ الصدّوقيـّينَ، وهُمُ الَّذينَ يُنكِرونَ القِـيامَةَ، وسألوهُ: 24"يا مُعلَّمُ، قالَ موسى: إنْ ماتَ رجُلٌ لا ولَدَ لَه، فَلْيَتَزوَّجْ أخوهُ اَمرأتَهُ ليُقيمَ نَسلاً لأخيهِ. 25وكانَ عِندَنا سبعةُ إخوةٍ، فتَزوَّجَ الأوَّلُ وماتَ مِنْ غَيرِ نَسلٍ، فتَرَكَ اَمرأتَهُ لأخيهِ. 26ومِثلُهُ الثّاني والثّالِثُ حتَّ? السّابِــــــعُ. 27ثُمَّ ماتَتِ المرأةُ مِنْ بَعدِهِم جميعًا. 28فلأيَّ واحدٍ مِنهُم تكونُ زوجةً في القيامةِ؟ لأنَّها كانَت لَهُم جميعًا".
29فأجابَهُم يَسوعُ: "أنتُم في ضَلالٍ، لأَّنكُم تَجهَلونَ. الكُتُبَ المُقَدَّسةَ وقُدرَةَ الله. 30ففي القِـيامَةِ لا يَتَزاوَجونَ، بلْ يكونونَ مِثلَ مَلائِكَةٍ في السَّماءِ. 31وأمّا قيامَةُ الأمواتِ، أفَما قَرَأتُم ما قالَ الله لكُم: 32أنا إلــهُ إبراهيمَ، وإلــهُ إسحقَ، وإلــهُ يعقوبَ؟ وما كانَ الله إلــهَ أمواتٍ، بل إلــهُ أحياءٍ".
33وسَمِعَ الجُموعُ هذا الكلامَ، فتَعَجَّبوا مِنْ تَعليمِهِ.
الوصية العظمى.
34وعَلِمَ الفَرّيسيّونَ أنَّ يَسوعَ أسكَتَ الصَدّوقيـّينَ، فاَجتمعوا معًا. 35فسألَهُ واحِدٌ مِنهُم، وهوَ مِنْ عُلماءِ الشَّريعةِ، ليُحرِجَهُ: 36"يا مُعَلَّمُ، ما هي أعظمُ وصِيَّةٍ في الشَّريعةِ؟"
37فأجابَهُ يَسوعُ: "أحِبَّ الرَّبَّ إلهَكَ بِكُلٌ قَلبِكَ، وبِكُلٌ نفسِكَ، وبكُلٌ عَقلِكَ. 38هذِهِ هيَ الوصِيَّةُ الأولى والعُظمى. 39والوصِيَّةُ الثّانِـيةُ مِثْلُها: أحِبَّ قَريبَكَ مِثلَما تُحبٌّ نفسَكَ. 40على هاتينِ الوصِيَّـتَينِ تَقومُ الشَّريعةُ كُلٌّها وتَعاليمُ الأنبـياءِ".
المسيح وداود.
41وبَينَما الفَرّيسيّونَ مُجتمِعونَ سألَهُم يَسوعُ: 42"ما قولُكُم في المَسيحِ؟ اَبنُ مَنْ هوَ؟" قالوا لَه: "اَبنُ داودَ!" 43قالَ لهُم: "إذًا، كيفَ يَدعوهُ داودُ رَبُا، وهوَ يَقولُ بِوَحْيٍ مِنَ الرٌّوحِ: 44قالَ الرَّبٌّ لِرَبّـي: اَجلِسْ عَنْ يَميني حتَّى أجعَلَ أعداءَكَ تَحتَ قَدَمَيْكَ. 45فإذا كانَ داودُ يَدعو المَسيحَ رَبُا، فكَيفَ يكونُ المَسيحُ اَبنَهُ؟"
46فما قدِرَ أحدٌ أن يُجيبَهُ بكَلِمَةٍ، ولا تجرَّأَ أحدٌ مِنْ ذلِكَ اليومِ أنْ يَسألَهُ عَنْ شَيءٍ".
أحسب أن القارئ الآن يدرك أفضل من ذى قبل كيف أن رسالة السيد المسيح محصورة فى ضرب الأمثال عن ملكوت السماوات وإلقاء بعض المواعظ المغرقة فى المثالية والتى تبدو للعيون عن بعد شيئا رائعا، لكننا إذا اقتربنا منها وحللناها هالنا عدم واقعيتها وتأبيها على التطبيق مهما فعلنا، ببساطة لأنها تدابر الفطرة البشرية، وإلا فكم واحدا من البشر، وبالذات من المنافقين الذين يرددون كالثعالب هذا الكلام، ينفّذ شيئا من هذا فى الواقع؟ والعجيب أن فريقا كبيرا من أولئك الذين يسببون لنا خَوْتة الدماغ بسبب تصايحهم الساذج بهذه الشعارات الخاوية هم أول الناس تمردا عليها ونفورا من التمسك بها على أرض الواقع، فتراهم قليلى الأدب سفلة هجامين معتدين كذابين مزورين متباذئين يتطاولون على أشرف المرسلين رغم كل كلامهم عن التسامح و"من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر" حتى مللنا وأحسسنا بالغثيان والرغبة فى القىء! هذه هى رسالة السيد المسيح، ولست أقلل منها ولا منه عليه السلام، لكنى أقول إننا إذا وضعناها تجاه رسالة المصطفى لبدا لنا للوهلة الأولى كيف أن نبوة ابن مريم لا تشكل أكثر من ركن صغير لطيف من الدار الوسيعة الفسيحة التى بناها ابن عبد الله، أو هى بمثابة "دكّانة صغيرة مُحَنْدَقة" بالنسبة لما يسمونه فى الإنجليزية: "هايبر ماركت". هذا بالضبط هو الوضع الحقيقى لتَيْنِك الرسالتين ورسوليهما، مع احترامنا للاثنين لأنهما كليهما من عند الله.
وقد وصلتنى الليلة رسالة مضحكة ينصحنى فيها السذج الثلاثة الذين نقلوها من أحد المواقع المهجرية وبعثوا بها لى أن أُسْلِم نفسى للسيد المسيح وأترك الإسلام، ذلك الدين النرجسى السادى الذى أتى به رسول شيطان. يقولون هذا بكل أدب ظاهرى، لكن فيه قلة الأدب التى تخطر والتى لا تخطر على البال، وفيه كذلك الكفر كله، والسفالة التى فى الدنيا جمعاء. وهؤلاء المآبين الزِّيكُووِيّون السادرون فى سذاجتهم وهمجيتهم وبدائية تفكيرهم وتدنى مستوى فهومهم وعامية منطقهم يتصورون أن هذا الأسلوب يمكن أن يؤثر فى أحدٍ ممن لديه ذرة من العقل والثقافة، ولا يريدون أن يفهموا أن ما يطلبونه إنما هو التخلف بعينه، وأن أتباع محمد (لا الذين يعبدون عيسى من دون الله) هم فى الحقيقة محبّو عيسى الذين يفهمون رسالته حق الفهم ويخلصون لها من كل قلوبهم. إننا مع التوحيد الذى جاء به المسيح وكل الأنبياء صلى الله عليهم أجمعين، ولا يعقل أن يشذ المسيح عليه السلام عن جميع النبيين والمرسلين فيأتى وحده دونهم بالتثليث. هذه وثنية وتخلف عقيدى ذهب وذهبت أيامه، لا أرجعها الله، أما إذا أرادت طائفة من البشر أن يتمسكوا بهذا التخلف وتلك البدائية التى إنما تناسب الناس فى جاهليتهم الأولى فهم وشأنهم، لكن ينبغى أن يتمتعوا بما يسمَّى فى لغة المتحضرين: "الذوق"! فليس من المعقول أن يأتى رجلٌ كلُّ حظه من الثقافة أنه يفك الخط فيطلب من أستاذ جامعى مثلا أن يترك أستاذيته وينصت لما عنده من علم عظيم لم يأت به عالم من قبل ولن يأتى به من بعد! بالله ما الذى يمكن أن تقوله لمثل هذا الجاهل المتخلف الذى يتصور بجهله وتخلفه أن الله يتجسد ويتبول ويخرأ ويقتله عباده ويهينونه ويبصقون عليه؟ أى إلهٍ هُزُؤٍ هذا الإله؟ أَوَعَدِمَتِ الآلهةُ ولم يعد هناك آلهة بحق وحقيق؟ بئست هذه ألوهية!
ثم عاد المسيح إلى تهديده لبنى إسرائيل بأن النبوة ستتحول عنهم جراء صلابة رقابهم واستمرار كفرهم وإيذائهم الأنبياء أو قتلهم إياهم، وهذا هو المغزى الذى يومئ إليه المثل الأول فى هذا الفصل. لقد فضل الله سبحانه وتعالى بنى إسرائيل يوما على العالمين، لكنهم لقصور عقولهم وغرورهم حسبوا أنه جل وعلا إنما فضلهم لما فيهم من فضل ذاتى لا لنزول رسالات السماء فيهم وتمثيلهم العقيدة التوحيدية ردحا من الزمن فى المحيط الوثنى العالمى من حولهم، وأنهم مهما فعلوا وعاندوا وكفروا لا يمكن أن يحاسَبوا ويعاقَبوا كسائر الأمم، أما إن كانت هناك مؤاخذة وحساب فلن تمسهم النار إلا أياما معدودات، "وغَرَّهم فى دينهم ما كانوا يَفْتَرُون" كما جاء فى القرآن الكريم، فنبههم السيد المسيح أنْ "صَحّ النوم"، فقد أصبحنا فى "الضُّحَى العالى" و"راحت عليكم نومة" بل راح عليكم كل شىء، واقتضى الوضع الجديد أن تتحول عنكم النبوة إلى أمة أخرى هى أمة العرب، التى اقتضت مشيئة الله أن يظهر من بينها رسول يحمل رسالة السماء إلى الدنيا كلها لا إلى قومه وحدهم، وهو ما كان، لكن بنى إسرائيل ظلوا بعقولهم الزَّنِخة على جحودهم وعنادهم ماضين لا يريدون أن يفهموا أن الدنيا قد تغيرت، ثم جاء أتباع السيد المسيح فغَلَوْا فيه وبدلا من أن يصلحوا الأمر أفسدوه إفسادا شنيعا. ولنقرأ:
وعادَ يَسوعُ إلى مُخاطَبَةِ الجُموعِ بالأمثالِ، فقالَ: 2"يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ مَلِكًا أقامَ وليمَةً في عُرسِ اَبنِه. 3فأرسَلَ خدَمَهُ يَستَدْعي المَدعُوَّينَ إلى الوَليمَةِ، فرَفَضوا أنْ يَجيئوا. 4فأرسَلَ خدَمًا آخرينَ ليقولوا للمَدعُوّينَ: أعدَدْتُ وليمَتي وذَبَحتُ أبقاري وعُجولي المُسمَّنةَ وهيَّأتُ كُلَ شيءٍ، فتعالَوْا إلى العُرسِ! 5ولكنَّهُم تهاوَنُوا، فمِنهُم مَنْ خرَجَ إلى حقلِهِ، ومِنهُم مَنْ ذهَبَ إلى تِجارَتِهِ، 6والآخرونَ أمسكوا خَدَمَهُ وشَتَموهُم وقَتَلوهُم. 7فغَضِبَ الملِكُ وأرسَلَ جُنودَهُ، فأهلَكَ هؤلاءِ القَتَلةَ وأحرَقَ مَدينَتَهُم. 8ثمَّ قالَ لخَدَمِهِ: الوَليمةُ مُهيَّأةٌ ولكنَّ المَدعُوّينَ غَيرُ مُستحقّينَ، 9فاَخرُجوا إلى مَفارقِ الطٌّرُقِ واَدعُوا إلى الوَليمَةِ كُلَ مَنْ تَجِدونَهُ. 10فخرَجَ الخَدَمُ إلى الشَّوارعِ وجَمَعوا مَنْ وجَدوا مِنْ أشرار وصالِحينَ، فاَمتلأتْ قاعَةُ العُرسِ بالمدعُوَّينَ. 11فلمّا دخَلَ المَلِكُ ليَرى المدعوّينَ، وجَدَ رجُلاً لا يَلبَسُ ثِـيابَ العُرسِ. فقالَ لَه: 12كيفَ دَخَلتَ إلى هُنا، يا صَديقي، وأنتَ لا تلبَسُ ثِـيابَ العُرسِ? فسكَتَ الرَّجُلُ. 13فقالَ المَلِكُ للخَدَمِ: اَربُطوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ واَطرَحوهُ خارِجًا في الظَّلامِ فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ. 14لأنَّ المدَعُوّينَ كَثيرونَ، وأمّا المُختارونَ فَقليلونَ". صلى الله وسلم على عيسى بن مريم، الذى جاء بالحق وصدّق المرسلين، لكن القوم ألهوه وأعادونا إلى المربع رقم واحد، وكأنك يا أبا زيد ما غزوت! ومع ذلك فمذهبنا أن كل إنسان حر فيما يختار لنفسه، لكن قلة الأدب والسفالة لا يمكن أن يسكت عليها أىّ حرّ كريم!
ثم ينتقل متّى فى حكايته المسماة خطأً بــ"الإنجيل" إلى موضوع آخر مهم هو موضو ع الجزية. وأرجو أن يقرأ الجميع (مسلمون ونصارى وعفاريت زرق) الكلام الذى قاله السيد المسيح فى هذا الموضوع طبقا لما حدثنا به متّى: "15وذهَبَ الفَرّيسيّونَ وتَشاوَروا كيفَ يُمسِكونَ يَسوعَ بِكلِمَةٍ. 16فأرسلوا إلَيهِ بَعضَ تلاميذِهِم وبَعضَ الهيرودُسيـّينَ يَقولونَ لَه: "يا مُعَلَّمُ، نَعرِفُ أنَّكَ صادقٌ، تُعلَّمُ بِالحَقَّ طَريقَ الله، ولا تُبالي بأحدٍ، لأنَّكَ لا تُراعي مَقامَ النّاسِ. 17فقُلْ لنا: ما رأيُكَ؟ أيَحِلُّ لنا أنْ نَدفَعَ الجِزْيَةَ إلى القَيصَرِ أم لا؟"18فعرَفَ يَسوعُ مَكرَهُم، فقالَ لهُم: "يا مُراؤونَ! لِماذا تُحاوِلونَ أنْ تُحْرِجوني؟ 19أرُوني نَقدَ الجِزْيةِ!" فناولوهُ دينارًا. 20فقالَ لهُم: "لِمَن هذِهِ الصّورَةُ وهذا الاسمُ؟" 21قالوا: "لِلقَيصَرِ!" فقالَ لهُم: "اَدفَعوا، إذًا، إلى القَيصَرِ ما لِلقَيصَرِ، وإلى الله ما لله!" 22فتَعَجَّبوا مِمّا سَمِعوهُ، وتَركوهُ ومَضَوْا". فعيسى بن مريم يوجب على أتباعه أن يدفعوا الجزية لحكامهم أيا كان هؤلاء الحكام وألا يثيروا بشأنها شَغْبًا تحت أى دعوى. فهل يتصرف من يزعمون أنهم أتباع عيسى عليه السلام بناء على هذه الفتوى الصريحة الواضحة التى لا تحتمل لبسا، ورغم ذلك نراهم يختلقون المشاكل فى البلاد الإسلامية التى يعيشون فيها على أحسن ما يرام ودون أن يدوس أحد لهم على طرف، فيزعمون أن دفعهم الجزية أمر غير مقبول، مع أن أحدا من المسلمين لم يقل لهم: ادفعوا الجزية. وهل هناك دولة إسلامية تمشى الآن على شريعة محمد كاملة؟
هذه واحدة، والثانية أن المسيح يقول فى معرض رده على سؤال المنافقين اليهود الغَدَرة إنهم يريدون أن يحرجوه، ومن الواضح أنه كان ضائق الصدر بهذا الإحراج، فهل هناك إله يقول هذا لعباده، اللهم إلا أن يكون إلها فالصو وارد العالم الثالث من الآلهة التى تصنع تحت السلم، وليس إلها أصليا من الذين تصنعهم اليابان؟ لقد كنت أظن أنه سيمحقهم بكلمة واحدة من فمه أو بإشارة من إصبعه أو بمكالمة من هاتفه الخلوى لمَلَكٍ من الملائكة الذين وضعهم الله فى ملكوت السماوات تحت أمره وفى خدمته! أم تراه لما وجد نفسه وحيدا دون ملائكة حوله شعر بالارتباك والحيرة وأخذه الخجل وكان ما كان من خوفه من الإحراج، ناسيا أنه إله أو ابن إله، وأنه من العيب أن يشعر إله بالحرج، وممن؟ من بعض مخلوقاته! ونقول لهم إن هذا الكلام لا يمكن أن يكون وحيا سماويا ولا أن يكون وراءه الروح القدس، فيتركون الجواب عن هذا الاعتراض ويستديرون يشتمون الرسول الكريم صلى لله عليه وسلم! يا سفلة، هل عليكم عفريت اسمه "محمد"؟ فأين الوداعة والسماحة والرقة والمحبة والتواضع والسلام والسكينة (كفاية يا عمنا! قطّعتَ قلبى! حرام عليك!)؟ ودعونا من حكاية الصفع على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر! ثم لماذا الإحراج، وهو إنما جاء ليُقْتَل على الصليب؟ فمم يخاف إذن؟ إنه مقتول مقتول، فلم الخوف؟ أم تراه كان يريد أن يفطّ من أداء المهمة التى كلفه أبوه بها؟ ولنلاحظ أنه لم يعترض على مناداة اليهود له بــ"يا معلم"، أى أنه لا هو ابن الله ولا الله ذاته، أستغفر الله.
ثم السؤال الخاص بالعلاقة بين الرجال والنساء فى ملكوت السماوات: كيف ستكون؟ وقد طرح اليهود السؤال وكأنه سيكون هناك زواج وتزويج وعقدٌ وتسجيل وشهود وتحريمٌ وتحليلٌ كالذى هنا. وبطبيعة الحال لا يوجد شىء كهذا هناك، بل سعادة دائمة ولذائذ لا حصر لها ولا تَنْفَد أبدا ولا يعتريها قلق ولا ألم ولا خوف، ولا يصاحبها شىء مما يصاحبها فى الدنيا من مَغْص أو طَمْث أو بول أو بَراز أو صُنَان...إلخ. لذلك كان جواب المسيح، إن صح أنه جوابه فعلا، أن هؤلاء المنافقين الغَدَرَة لا يعرفون شيئا عن الكتب المقدسة وقدرة الله. وهذا صحيح، فقدرة الله لا حد لها، وقياس الجنة أو ملكوت الله على الدنيا خطأ منهجى وإيمانى معا، فللعالم الآخر قوانينه التى تختلف عن قوانين الدنيا: "يومَ تُبَدَّل الأرضُ غَيْرَ الأرض والسماواتُ". وما المانع إذن أن يخلق الله من كل شخص أكثر من نسخة إن أراد أكثرُ من واحد من أهل الجنة أن يستمتعوا بصحبته أو صداقته أو مسامرته... إلخ. وعلى هذا فلا نستبعد أن تكون هناك أكثر من نسخة لتلك المرأة التى ضربها اليهود مثلا يحرجون به المسيح عليه السلام، بحيث تكون لكل واحد من السبعة التى يريدونها جميعا: نسخته الخاصة به. وهذا طبعا إن راح أولئك الغجر الأوغاد رائحتها من على بُعْد مليون سنة ضوئية، ولا إخال!
أما سؤال عيسى عليه السلام: من يكون المسيح؟ وابن من هو؟ فهو خِزْىٌ ما بعده خزى لكل الأطراف، وإلى القراء بيان ذلك: إن عيسى يعترض على من قال إنه "ابن داود" بقوله: لو أنه كان حقا ابن داود فلماذا قال عنه داود: "رَبِّى"؟ ومعنى هذا أنه ليس ابن داود، مع أنه قد سبق (كما رأينا أكثر من مرة) أن ناداه بعضهم أو وصفه بــ"ابن داود"، فلم يعترض عليه ولا قدم له البديل الصحيح، بل كان يجيبه ويقضى له ما يريد! ليس ذلك فقط، بل إن كاتب الإنجيل الذى بين يدينا، وهو السيد متّى، يقول بعظمة لسانه إنه من سلالة داود كما شاهدنا فى سلسلة النسب الكريم التى تضم بين حلقاتها "داود وبتشبع"، ولا داعى لأن نقلب الصفحات القديمة الفاضحة الخاصة بهذين العاشقين الفاجرين ولا بنسبة السيد المسيح إلى يوسف النجار حسبما يَرْوُون هم لا نحن، لأن كلامنا "كخّة"!
ثم كيف يمكننا أن نعتمد على كلام داود، ذلك الزانى المجرم قتَّال القَتَلة كما صوروه؟ هذه أولا. وثانيا كيف يمكن من يدعى أن المسيح هو الرب أن يثبت أن كلام داود هنا هو عن السيد المسيح؟ هل يصدقنى أحد إذا قلت له إننى أنا المقصود بكلمة "ربى" هذه؟ طبعا ستقولون: وما دليلك على هذا؟ وهذه فى الواقع إجابة سديدة وحصيفة، ولذلك سوف أتكئ عليها فى ردى على هذا التخبيص، فأقول: وأين الدليل على أن المقصود بــ"ربى" فى كلام داود هو المسيح؟ لا دليل والله العظيم، إنما هو العبث والتعسف والاستبلاه! هل جاء ذكر المسيح فى هذا المزمور على نحو ينصرف الكلام معه حتما إلى عيسى بن مريم؟ ورابعا (أو خامسا، لا أدرى بالضبط): أليس داود هذا هو ابن الله كما جاء فى العهد القديم ذاته الذى تريدون منا أن نصدق الآن بما قاله عن "رَبِّى" هذه كى تَبْنُوا عليها أن المسيح هو ابن الله؟ فارْسُوا لكم أوّلاً على بَرّ: من هو ابن الله؟ داود أم المسيح أم آدم أم لا أدرى من أيضا؟ فإذا أردتم أن تعتمدوا على العهد القديم فى إثبات بنوة المسيح لله رب العالمين، فقولوا أولا إن آدم ابن الله، وإن داود ابن الله، وإن أولئك الشبان الذين كانوا فى مبتدإ التاريخ البشرى والذين رَأَوْا أن بنات الناس حَسَنات واتخذوهن زوجات لهم حسبما ذكر لنا ملفقو سفر "التكوين" هم أبناء الله أيضا، كما لا بد لكم أولا من الإقرار بأن كل النصارى هم أبناء الله بنصّ الصلاة التى علمهم إياها المسيح: "أبانا الذى فى السماوات..."...إلخ، وأن موسى كان إله هارون، وهارون نبيّه طبقا لما قاله ملفّق سِفْر "الخروج". كما أنكم لصوصٌ غُشْم، وهذا النوع من التزوير والبكش يحتاج لموهبة لصٍّ أذكى منكم كثيرا، لصٍّ يستطيع أن يسرق الكحل من العين، وهو ما لم وما لن تصلوا إليه! وسادسا أن كلمة "ربى" (كما جاء فى "تفسير الكتاب المقدس" للدكتور فرانسيس دافدسون وغيره/ ط2/ دار منشورات التفسير/ بيروت/ 3/ 110) هى ترجمة لكلمة "أدوناى" بالعبرية التى تعنى أيضا مجرد لقب يدل على الاحترام مثلما ورد فى سفر "التكوين" (23/ 6)، ولذلك تُرْجِمت فى نسخة الكتاب المقدس اللبنانية التى أعتمد عليها هنا بــ"سيدى الملك": "قالَ الرّبُّ لسيِّدي الملِك: إجلسْ عَنْ يَميني حتى أجعَلَ أعداءَكَ مَوطِئًا لِقدَمَيكَ"، بالإضافة إلى ما جاء فى ذلك التفسير من أن هذا الكلام ينطبق، على نحو ما، على داود وسليمان، اللذين كانا يمارسان الحكم باسم الرب. ولماذا نضيع وقتنا إذا كان بمكنتنا أن نضع نص المزمور كله بين أيدى القراء الكرام ليَرَوْا بأنفسهم ماذا يقصد كاتبه؟ وها هو ذا النص من النسخة اللبنانية التى أعتمد عليها فى هذه الدراسة:
"مزمورٌ لِداوُدَ: قالَ الرّبُّ لسيِّدي الملِك: "إجلسْ عَنْ يَميني حتى أجعَلَ أعداءَكَ مَوطِئًا لِقدَمَيكَ». 2صَولجانُ عِزِّكَ يُرسِلُهُ الرّبُّ مِنْ صِهيَونَ، ويقولُ: «تسَلَّطْ في وسَطِ أعدائِكَ». 3شعبُكَ يَلتَفُّ حَولَكَ طَوعًا يومَ تقودُ جنودَكَ على الجبالِ المُقدَّسةِ، فَمِنْ رَحِمِ الفَجرِ حَلَ كالنَّدى شبابُكَ. 4أقسَمَ الرّبُّ ولن يندَمَ: «أنتَ كاهنٌ إلى الأبدِ على رُتبَةِ مَلكيصادَقَ". 5الرّبُّ يقِفُ عَنْ يَمينِكَ ويُهَشِّمُ المُلوكَ يومَ غضَبِهِ. 6يَدينُ في الأمَمِ، وبالجثَثِ يملأُ الأوديةَ. تحْمَرُّ تِلالُ الأرضِ الشَّاهِقَة ُ 7وتُسقَى الأوديةُ دِماءً، فيرتَفِعُ رَأسُكَ أيُّها المَلِكُ". وكما ترى فمتّى قد اقتطع كعادته المهبَّبة ما يريد وما يظن أنه ينفعه وتَرَك ما لا يريد لأنه سيفضحه. كيف؟ لقد أخذ الجلوسَ على يمين الرب ظنا منه أنه يدل على أن المسيح هو ابن الله، مع أنه رغم ذلك لا يدل على هذا المعنى. وفوق هذا فإن الله لم يجعل أعداء المسيح موطئا لقدميه، بل مكّنهم من قتله وصلبه وإهانته وشتمه وتكسير ركبتيه وطعْنه فى جنبه بالرمح كما أخبرنا كتاب الأناجيل. ثم إن المسيح لم يكن له جنود يقودها لا على الجبال المقدسة ولا على الجبال المدنسة لأنه لم يكن قائدا أصلا: لا عسكريا ولا سياسيا، بل عندما سئل عن الجزية قال لهم: أَدُّوها لقيصر، وعدّ ذلك إحراجا له، وهرب بتلك الطريقة بعيدا عن الموضوع، وليس هذا تصرف القادة. ثم متى كان المسيح كاهنا على رتبة ملكيصادق أو حتى على رتبة الفريق صادق؟ لقد كان حملة شرسة على الكهانة والكهان كما رأينا. وفى النهاية ففى أول النص أن الله سيُجْلِسه على يمينه، على حين نفاجأ فى آخر النص بأنه سوف يُجْلِسه على شماله (ما دام سبحانه سوف يجلس عن يمينه). وحين يجدون لهذه وحدها حلا يستطيعون أن يقابلونى! ثم عندما نقول لهم: إن كتابكم مخرِّف ومحرَّف، يشتمون سيد البشر والأنبياء. خيبة الله على أصحاب العقول المظلمة التى يخيّم عليها العنكبوت ويَعِيث فيها الدود مثل أدبارهم المنتنة
"فمَلكوتُ السَّماواتِ كمَثَلِ صاحِبِ كَرْمِ خرَجَ معَ الفَجْرِ ليَسْتأجِرَ عُمّالاً لِكرمِهِ. 2فاَتفَقَ معَ العُمّالِ على دينارٍ في اليومِ وأرْسلَهُم إلى كرمِهِ. 3ثُمَّ خرَجَ نحوَ السّاعةِ التّاسِعةِ، فرأى عُمّالاً آخرينَ واقِفين في السّاحَةِ بطّالينَ. 4فقالَ لهُم: اَذهبوا أنتُمْ أيضًا إلى كَرمي، وسأُعطيكُم ما يَحقٌّ لكُم، 5فذَهبوا. وخرَجَ أيضًا نحوَ الظٌّهرِ، ثُمَّ نحوَ السّاعةِ الثّالِثةِ، وعمِلَ الشّيءَ نفسَهُ. 6وخرَجَ نحوَ الخامِسَةِ مساءً، فلَقيَ عُمّالاً آخرينَ واقفينَ هُناكَ، فقالَ لهُم: ما لكُم واقفينَ هُنا كُلَ النَّهارِ بطّالينَ؟ 7قالوا لَه: ما اَستأجَرَنا أحدٌ. قالَ لهُم: اَذهبوا أنتُم أيضًا إلى كرمي.
8ولمّا جاءَ المساءُ، قالَ صاحِبُ الكرمِ لوكيلِهِ: أُدْعُ العُمّالَ كُلَّهُم واَدفَعْ لهُم أجورَهُم، مُبتدِئًا بالآخِرينَ حتَّ? تَصِلَ إلى الأوَّلينَ. 9فجاءَ الَّذينَ اَستَأْجَرَهُم في الخامِسةِ مساءً وأخَذَ كُلُّ واحدٍ منهُم دينارًا. 10فلمّا جاءَ الأوَّلونَ، ظَنّوا أنَّهُم سيأخُذونَ زِيادةً، فأخَذوا هُمْ أيضًا دينارًا لِكُلٌ واحدٍ مِنهُم. 11وكانوا يَأْخُذونَهُ وهُمْ يَتذمَّرونَ على صاحِبِ الكرمِ، 12فيقولونَ: هَؤُلاءِ الآخِرونَ عَمِلوا ساعةً واحدةً، فساوَيْتَهُم بِنا نَحنُ الَّذينَ اَحتمَلْنا ثِقَلَ النَّهارِ وحَرَّهُ. 13فأجابَ صاحِبُ الكرمِ واحدًا مِنهُم: يا صديقي، أنا ما ظَلَمتُكَ. أما اَتَّفَقْتُ معَكَ على دينارٍ؟ 14خُذْ حَقَّكَ واَنصرِفْ. فهذا الَّذي جاءَ في الآخِرِ أُريدُ أنْ أُعطيَهُ مِثلَكَ، 15أما يَجوزُ لي أنْ أتصرَّفَ بِمالي كيفَما أُريدُ؟ أم أنتَ حسودٌ لأنَّي أنا كَريمٌ؟"
16وقالَ يَسوعُ: "هكذا يَصيرُ الآخِرونَ أوَّلينَ، والأوَّلونَ آخِرينَ".
يسوع ينبـئ مرّة ثالثة بموته وقيامته.
17 وكانَ يَسوعُ صاعدًا إلى أُورُشليمَ، فأخذَ التَّلاميذَ الاثني عشَرَ على اَنفِرادٍ، وقالَ لهُم في الطَّريقِ: 18"ها نَحنُ صاعِدونَ إلى أُورُشليمَ، وسَيُسلَّمُ اَبنُ الإنسانِ إلى رُؤساءِ الكَهنَةِ ومُعلَّمي الشَّريعةِ، فيَحكمونَ علَيهِ بالموتِ 19ويُسلَّمونَهُ إلى أيدي الغُرباءِ، فيَستهزِئونَ بِه ويجلِدونَهُ ويَصلِبونَهُ، وفي اليومِ الثّالثِ يقومُ".
طلب أم يعقوب ويوحنا.
20وجاءَت إلَيهِ أمٌّ يَعقوبَ ويوحنّا اَبنَي زَبدي ومَعَها اَبناها، وسَجَدَت لَه تَطلُبُ مِنهُ حاجةً. 21فقالَ لها: "ماذا تُريدينَ؟" قالَت: "مُرْ أنْ يَجلِسَ اَبنايَ هذانِ، واحدٌ عَنْ يمينِكَ وواحدٌ عَنْ شَمالِكَ في مَمْلكتِكَ".
22فأجابَ يَسوعُ: "أنتُما لا تعرفانِ ما تَطلُبانِ. أتقْدِرانِ أنْ تَشرَبا الكأسَ التي سأشرَبُها؟" قالا لَه: "نَقدِرُ!" 23فقالَ لهُما: "نعم، ستَشرَبانِ كَأسي، وأمّا الجُلوسُ عَنْ يَميني وعَنْ شَمالي فَلا يَحِقٌّ لي أنْ أُعطيَهُ، لأنَّهُ للَّذينَ هيَّأَهُ لهُم أبـي".
24ولمّا سمِعَ التَّلاميذُ العَشَرَةُ، غَضِبوا على الأخوَينِ. 25فدعاهُمْ يَسوعُ إلَيهِ وقالَ لهُم: "تَعلَمونَ أنَّ رُؤساءَ الأُممِ يَسودونَها، وأنَّ عُظماءَها يتَسلَّطونَ علَيها، 26فلا يكُنْ هذا فيكُم. بلْ مَنْ أرادَ أنْ يكونَ عَظيمًا فيكُم، فلْيكُنْ لكُم خادِمًا. 27ومَنْ أرادَ أنْ يكونَ الأوَّلَ فيكُم، فلَيكُنْ لكُم عَبدًا: 28هكذا اَبنُ الإنسانِ جاءَ لا ليَخدِمَهُ النّاسُ، بلْ ليخدِمَهُم ويَفدي بحياتِهِ كثيرًا منهُم".
يسوع يشفي أعميـين.
29وبَينَما هُم خارِجونَ مِنْ أريحا، تَبِعَت يَسوعَ جُموعٌ كبـيرةٌ. 30وسَمِعَ أعمَيانِ جالسانِ على جانِبِ الطَّريقِ أنَّ يَسوعَ يمُرٌّ مِنْ هُناكَ، فأخذا يَصيحان: "اَرحمنا يا سيَّدُ، يا اَبنَ داودَ!"
31فاَنتَهَرَتْهُما الجُموعُ ليَسكُتا. لكنَّهُما صاحا بصوتٍ أعلى: "اَرحَمْنا، يا سيَّدُ، يا اَبنَ داودَ!" 32فوقفَ يَسوعُ وناداهُما وقالَ لهُما: "ماذا تُريدانِ أنْ أعمَلَ لكُما؟" 33أجابا: "أنْ تَفتَحَ أعيُنَنا، يا سيَّدُ!" 34فأشفقَ يَسوعُ علَيهِما ولَمَسَ أعيُنَهُما، فأبصرا في الحالِ وتَبِعاهُ".
المسألة الأولى التى بدأ بها هذا الفصل تبدو وكأنها تريد أن تقول إن الجزاء الإلهى لا يقوم عى أساس مفهوم أو عادل، بل على نزوة أو استبداد على اعتبار أنه سبحانه وتعالى "لا يُسْأَل عما يفعل". ولا أحب، قبل أن أمضى لمناقشة هذه الفكرة، أن يفهم أحد أنى أعترض على أنه سبحانه وتعالى "لا يُسْأَل عما يفعل" فعلا، فمن أنا أو أى مخلوق حتى نعترض أو لا نعترض؟ إنه فعلا وحقا وصدقا "لا يُسْأَل عما يفعل"، وإلا فأَرُونى من استطاع أن يعقِّب على ما يقول وبلغ شيئا سوى ما يريده الله فى ملكه. على أن هذا لا يعنى أنه لا توجد فى الدنيا أشياء غير مفهومة، فما أكثر الأشياء التى لا نستطيع لها فهما ولا تعليلا ولا نصل فيها إلى وجه الحكمة! ومن يَقُلْ بغير ذلك يكن من المدلسين. إلا أنه لا بد أيضا من إضافة القول بأن هناك عناصر كثيرة فى الصورة غائبة عن أعيننا وعقولنا بل خارج نطاق قدرتنا تماما على الإدراك والتصور، مما من شأنه أن يجعل الحكم فى هذه المسألة صعبا بل مستحيلا. ومن ثم فإذا أردنا أن نكون منصفين وعاقلين فلْنُقِرّ أننا لا نقدر على إصدار حكم فى تلك القضية، فذاك أدعى إلى أن نريح ونستريح، وإن كان لا بد من القول كذلك إن هذا لن يمنع الشعور بالقلق والحيرة إزاء كثير من أمور الحياة.
أترانى أريد أن أقول إن على الإنسان أن يسكت فلا يفتح فمه ولا يفكر ولا يحاول البحث عن باب أو نافذة أو حتى كُوّة أو ثَقْب حتى لو كان هذا الثقب ثقب إبرة؟ أبدا والله لم أقل هذا ولا خطر لى ببال، وإنما أردت أن أقول إن علينا أن نعرف قدراتنا وحدودنا، فإذا أردنا أن نتناول مثل هذه المسائل فلنتناولها بروح التواضع ولنعرف أننا نخوض محيطا عميق القرار مهلكا فنبقى بقدر الإمكان بجوار الشط إلى أن نطمئن إلى مقدرتنا على السباحة فى هذه المنطقة قبل أن ننطلق إلى منطقة أبعد قليلا، وإن كنت شخصيا لا أعتقد أن أحدا سوف يصل فى الأسئلة الكبرى إلى شىء نافع، فقد تتالت الأجيال وكَتَبَ الكاتبون وفَكَّر الفلاسفة والمفكرون، والحيرة هى الحيرة، ولا شىء أنجع من الإيمان بأن هناك ربًّا وأن قدراتنا محدودة جدا جدا جدا...، وأن ثمة عالما آخر سوف يعوضنا فيه الله عما نشعر أننا لم ننل فيه ما كان يمكننا أن نناله هنا على الأرض. وقد جرب العبد لله مرات ومرات ووصلت إلى ما ظننته حلولا حاسمة، لكننى كنت أكتشف بعد قليل أن هناك فيما أقمته من أبنية فكرية ثغرات كثيرة لم تظهر لى للوهلة الأولى، لكنها بدت عند المراجعة والمقارنة والصدق مع النفس رغم أنها تبدو لى مع هذا أفضل من كثير من المطروح فى الساحة. لكننى أرجع فأقول لنفسى: ومن أدراك يا فلان أن غيرك لا يرى مخلصا أن ما بلغه هو أيضا أفضل من كثير من المطروح فى الساحة؟ وهكذا أستمر فى الحوار مع نفسى إلى أن أنهى الكلام بالقول بأنى مسؤول فقط عما أعتقد مخلصا أنه هو الصواب أو الأقرب للصواب، وأن الله سوف يحاسبنى على مدى جهدى وإخلاصى، ومن ثم يتعين علىّ فى كل فرصة تسنح لى أن أراجع ما فى يدى كى أطمئن أننى لم أَجُرْ عن الطريق! فهذا ما أتصور أن المسيح يقصده، وإلا فليسامحنى الذى بعثه! يقصد، عليه السلام، بعبارة أخرى أن يقول إن لك ألا تُظْلَم فيما ستأخذ من أجر، أما ما يأخذه الآخرون فلا شأن لك به لأن هناك عوامل ومعايير كثيرة غائبة عن عقلك وميزانك، لا أن الله لن يراعى أية معايير أو قواعد، إلا أن هذه القواعد هو الذى وضعها ولم يفرضها أحد، وهو وحده الذى يعرف كيف يزن وكيف يحاسب وكيف يعطى وكيف يحرم، وهذا كل ما هنالك، ولعلى لم أخطئ الفهم أو التعبير، وإلا فإنى مُبْدٍ ندمى واعتذارى من الآن!
مثلا هل يمكن أن يكون الحساب واحدا لشخصين أحدهما تربى فى بيت علم وفضل وأخلاق، والثانى فى بيت رقص وبغاء؟ أو أن يكون الحساب واحدا للذكى والغبى على السواء؟ أو أن يؤاخَذ العصبى الشديد الانفعال بما يؤاخَذ به الوقور الهادئ الذى تربى منذ صغره على التحكم فى مشاعره وعواطفه ووزن كل شىء بهدوء قبل اتخاذ أى قرار؟ أو أن يُنْظَر بنفس العين للغنى الشبعان وللفقير المحروم الجوعان العريان؟ أو أن يعامَل المريض بنفس المعاملة التى يعامَلها القوى الصحيح؟...إلخ. لكن من الذى يبت فى ذلك كله؟ إنه الله لا محمّد ولا المسيح ولا الصحابة ولا الحواريون، فهؤلاء كلهم إنما هم عباد الله لا شركاؤه، وهم أول من يعرف هذا، ولا يمكن أن يكون قد دار فى خاطر أى منهم شىء آخر غير الذى نقول. قال تعالى عن عبده ورسوله محمد: "لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران/ 129)، وقال عن عبده ورسوله عيسى بن مريم: "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ* إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (المائدة/ 116- 118). نفس الكلام هنا وهناك: كلاهما عبد ورسول لله لا يحق له أن يتخطى الحدود، وليس فى الأمر هزل ، بل هو الجِدّ كل الجِدّ، ولا مكان فيه للوثنيات والتطاول على مقام الألوهية تحت أى مسمًّى أو ستار!
جاء فى الفصل الذى بين يدينا الكلام الآتى المنسوب لعيسى عليه السلام: "فمَلكوتُ السَّماواتِ كمَثَلِ صاحِبِ كَرْمِ خرَجَ معَ الفَجْرِ ليَسْتأجِرَ عُمّالاً لِكرمِهِ. 2فاَتفَقَ معَ العُمّالِ على دينارٍ في اليومِ وأرْسلَهُم إلى كرمِهِ. 3ثُمَّ خرَجَ نحوَ السّاعةِ التّاسِعةِ، فرأى عُمّالاً آخرينَ واقِفين في السّاحَةِ بطّالينَ. 4فقالَ لهُم: اَذهبوا أنتُمْ أيضًا إلى كَرمي، وسأُعطيكُم ما يَحقٌّ لكُم، 5فذَهبوا. وخرَجَ أيضًا نحوَ الظٌّهرِ، ثُمَّ نحوَ السّاعةِ الثّالِثةِ، وعمِلَ الشّيءَ نفسَهُ. 6وخرَجَ نحوَ الخامِسَةِ مساءً، فلَقيَ عُمّالاً آخرينَ واقفينَ هُناكَ، فقالَ لهُم: ما لكُم واقفينَ هُنا كُلَ النَّهارِ بطّالينَ؟ 7قالوا لَه: ما اَستأجَرَنا أحدٌ. قالَ لهُم: اَذهبوا أنتُم أيضًا إلى كرمي. 8ولمّا جاءَ المساءُ، قالَ صاحِبُ الكرمِ لوكيلِهِ: أُدْعُ العُمّالَ كُلَّهُم واَدفَعْ لهُم أجورَهُم، مُبتدِئًا بالآخِرينَ حتَّى تَصِلَ إلى الأوَّلينَ. 9فجاءَ الَّذينَ اَستَأْجَرَهُم في الخامِسةِ مساءً وأخَذَ كُلُّ واحدٍ منهُم دينارًا. 10فلمّا جاءَ الأوَّلونَ، ظَنّوا أنَّهُم سيأخُذونَ زِيادةً، فأخَذوا هُمْ أيضًا دينارًا لِكُلٌ واحدٍ مِنهُم. 11وكانوا يَأْخُذونَهُ وهُمْ يَتذمَّرونَ على صاحِبِ الكرمِ، 12فيقولونَ: هَؤُلاءِ الآخِرونَ عَمِلوا ساعةً واحدةً، فساوَيْتَهُم بِنا نَحنُ الَّذينَ اَحتمَلْنا ثِقَلَ النَّهارِ وحَرَّهُ. 13فأجابَ صاحِبُ الكرمِ واحدًا مِنهُم: يا صديقي، أنا ما ظَلَمتُكَ. أما اَتَّفَقْتُ معَكَ على دينارٍ؟ 14خُذْ حَقَّكَ واَنصرِفْ. فهذا الَّذي جاءَ في الآخِرِ أُريدُ أنْ أُعطيَهُ مِثلَكَ، 15أما يَجوزُ لي أنْ أتصرَّفَ بِمالي كيفَما أُريدُ؟ أم أنتَ حسودٌ لأنَّي أنا كَريمٌ؟"16وقالَ يَسوعُ: "هكذا يَصيرُ الآخِرونَ أوَّلينَ، والأوَّلونَ آخِرينَ". صحيح، هل ظلمك صاحب الكَرْم يا صديقه؟ أم تراك تحسد زميلك لأن صاحب الكَرْم قد أكرمه؟ ومن أنت حتى تنصّب من نفسك ربا إلها، أو على الأقل معقّبا ومستدركا على الرب الإله؟ لا إله إلا الله! والله إنك إن لمن الغبيّين! وعن جندب
أن "رسول الله صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتأَلَّى عليّ ألاّ أغفر لفلان؟ فإني قد غفرتُ لفلان، وأحبطتُ عملك. أو كما قال".
ثم نأتى للصلب والقتل، والمسلمون لا يؤمنون بشىء من هذا: فلا خطيئة بشرية قد بقيت طوال تلك الأحقاب دون بَتٍّ فيها، ولا عيسى قد أتى لتكفيرها ولا هو صُلِب وقُتِل، بل رفعه الله إليه، وكان الله عزيزا حكيما. أما الكلام الذى يلى ذلك فهو يبعث على الابتسام من أحوال الطبيعة البشرية، إذ يبدو الأمر وكأننا فى مجلس توزيع تركة من التركات: فهذا الحوارى يطالب بزيادة نصيبه من الميراث لأنه كذا وكذا، وهؤلاء الحواريون الآخرون يغضبون لأنهم يَرَوْن أنهم بهذه الطريقة سيفقدون ما يعتقدون أنه حق من حقوقهم! وهناك شىء عندنا مشابه، ولكن من بعيد، لذلك الموقف: عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "تحدثنا ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكرينا الحديث، ثم رجعنا إلى أهلنا، فلما أصبحنا غدونا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عُرِضَتْ عليَّ الأنبياء بأممها وأتباعها من أممها، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة من أمته، والنبي معه العصابة من أمته، والنبي معه النفر من أمته، والنبي معه الرجل من أمت، والنبي ما معه أحد، حتى مر عليَّ موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم في كبكبة من بني إسرائيل. فلما رأيتهم أعجبوني قلت: يا رب، من هؤلاء؟ فقال: هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل. قلت: يا رب، فأين أمتي؟ قال: انظر عن يمينك. فإذا الظِّرَابُ، ظرابُ مكة، قد سُدّ بوجوه الرجال. قلت: من هؤلاء يا رب؟ قال: أمتك. قلت: رضيت ربِّ. قال: أرضيت؟ قلت: نعم. قال: انظر عن يسارك. قال: فنظرت، فإذا الأفق قد سُدّ بوجوه الرجال. فقال: رضيت؟ قلت: رضيت. قيل: فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة لا حساب لهم. فأنشأ عكاشة بن محصن أحد بني أسد بن خزيمة فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: اللهم اجعله منهم. ثم أنشأ رجل آخر فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. قال: سبقك بها عكاشة".
فأما وجه الشبه بين القصتين فواضح، وأما وجه البُعْد ففى أن الرسول لم يقل إن الرجل الأول سوف يدخل الجنة. ليس ذلك فقط، بل إن ذلك الصحابى لم يطلبها بل لم يدر فى خاطره أن يفعل. ذلك أن محمدا قد غرس فى نفوسهم المعنى الصحيح للعبودية والربوبية، فكان كل شىء واضحا فى نفوسهم وعقولهم ولم تختلط عليهم المفاهيم. كذلك فأقصى ما قاله الرسول الكريم أن عكاشة قد سبق زميله بها. ولنلاحظ أن المقصود ليس أن عكاشة قد سبقه بالجنة، بل بالدعوة فحسب. ولعل هذا التوضيح يكون قد جلَّى الفرق بين الموقفين، وكذلك بين الصحابة والحواريين، وهذا إن كان لنا أن نعتمد على ما قاله مَتَّى، وهذا هو السبب فى أن الصحابيين لم يختلفا حول الأمر، بل تقبل كل منهما ما قال الرسول رغم حرص كل منهما على الفوز بالجنة. ومن هنا لم نشاهد ولم نسمع شيئا مثل الذى دار فى مجلس المسيح بين التلاميذ والأخوين: يعقوب ويوحنا ابن زبدى: "24ولمّا سمِعَ التَّلاميذُ العَشَرَةُ، غَضِبوا على الأخوَينِ. 25فدعاهُمْ يَسوعُ إلَيهِ وقالَ لهُم: "تَعلَمونَ أنَّ رُؤساءَ الأُممِ يَسودونَها، وأنَّ عُظماءَها يتَسلَّطونَ علَيها، 26فلا يكُنْ هذا فيكُم. بلْ مَنْ أرادَ أنْ يكونَ عَظيمًا فيكُم، فلْيكُنْ لكُم خادِمًا. 27ومَنْ أرادَ أنْ يكونَ الأوَّلَ فيكُم، فلَيكُنْ لكُم عَبدًا: 28هكذا اَبنُ الإنسانِ جاءَ لا ليَخدِمَهُ النّاسُ، بلْ ليخدِمَهُم ويَفدي بحياتِهِ كثيرًا منهُم"، وهو ما يذكّرنى بما يفعله بعض المسلمين عند الكعبة إذ تراهم يزاحمون الآخرين بمناكبهم فى منتهى الخشونة ويدفعونهم بعيدا عن الحجر الأسود كى يفوزوا بلمسه وتقبيله، وكأن المسألة هى مجرد اللمس والتقبيل وليس الإخبات والتقوى والتعامل الرقيق مع الآخرين، مع أن الرسول قد نهى الأقوياء عن مثل هذه المزاحمة وآثر لهم الاكتفاء بالإيماء للحجر من بعيد. والطريف أن الحواريين قد وقعوا فيما كان قد حذر منه السيد المسيح لتوه، إذ نهانا عن حسد من يعطيه الله من فضله حتى لو قام فى وهمنا أنه يسوّيه بنا فيما نرى أنه لا يصلح فيه التسوية. فالحمد لله أنهم لم يجلسوا على عرش الملكوت ويحاسبونا كما تقول الأسطورة النصرانية، وإلا "رُحْنا فى أبى نِكْلَة" من زمان على يد أولئك العصبيين الذين لا صبر ولا تفاهم لديهم، وليس عندهم شىء من رحمة الله وسَعَة إمهاله، والذين كانوا كفيلين بــ"طربقة" الدنيا على دماغنا من أول غلطة!
ومرة أخرى نرى البشر يكرهون أن تنال الرحمة سواهم، فها هى ذى الجموع تضيق باستغاثة الأعميين ورغبتهما فى استعادة النظر وتنهرهما آمرة إياهما بالسكوت، وكأنها حريصة على عدم إزعاج السيد المسيح، مع أنه سبق لكثير منهم أن نال الشفاء على يد المسيح عليه السلام وأزعجوه كما يزعجه هذان، وكان أحرى بهم أن يأخذوا بناصر ذَيْنِكَ المسكينين. لكن لا، فقد حصلوا على ما يريدون وانتهى الأمر بالنسبة لهم، وليذهب الباقون إلى الجحيم! إنها الطبيعة البشرية فى عُرْيها دون تجمل. والعجيب أن الذى فعل هذا هم الضعفاء الأشقياء الذين يشبهون الأعميين العاجزين: "29وبَينَما هُم خارِجونَ مِنْ أريحا، تَبِعَت يَسوعَ جُموعٌ كبـيرةٌ. 30وسَمِعَ أعمَيانِ جالسانِ على جانِبِ الطَّريقِ أنَّ يَسوعَ يمُرٌّ مِنْ هُناكَ، فأخذا يَصيحان: "اَرحمنا يا سيَّدُ، يا اَبنَ داودَ!" 31فاَنتَهَرَتْهُما الجُموعُ ليَسكُتا. لكنَّهُما صاحا بصوتٍ أعلى: "اَرحَمْنا، يا سيَّدُ، يا اَبنَ داودَ!" 32فوقفَ يَسوعُ وناداهُما وقالَ لهُما: "ماذا تُريدانِ أنْ أعمَلَ لكُما؟" 33أجابا: "أنْ تَفتَحَ أعيُنَنا، يا سيَّدُ!" 34فأشفقَ يَسوعُ علَيهِما ولَمَسَ أعيُنَهُما، فأبصرا في الحالِ وتَبِعاهُ". آه لو عاش المسيح إلى الأبد يشفى المساكين ويبرئ كل الكُمْه والبُرْص ويحيى الموتى بقدرة الله سبحانه وتعالى فلا يكون هناك مرض ولا شقاء ولا موت! لكن عيسى نفسه قد عانى وقَلِقَ وخاف وترك الدنيا كلها ومضى لربه، فكيف إذن يتصور واحد مثلى (المفروض أنه عاقل) أن ذلك ممكن؟ يا أخى أنا أقول: مثلا! أتراك خسرت شيئا؟ دعنا إذن نحلم، الله لا يسوؤك! وقبل أن نمضى للفصل التالى ينبغى ألا يفوتنا ما نادى الأعميان به عيسى بن مريم، وهو: "يا ابن داود"! وقد سلف منا القول إن اسم "عيسى بن مريم" أفضل من ذلك لأنه أكثر مباشر
إرسال تعليق