المصريون – خاص :
2008 يبدو ان هوس النسوان هو الذي سيسطر تاريخ مصر خلال الفترة القادمة..و لو صح ما نشرته جريدة الطرق الاسبوعية في عدد الاسبوع الماضي فإن هذا الهوس يكون قد انتقل لرجال الدين وليس فقط لرجال الاعمال ذو الشبق السرمدي من امثال هشام طلعت مصطفى..فالطريق ذكرت ان حالة من الغضب سيطرت على الكنيسة الارثوذكسية بعدما اشيع بشأن زواج الانبا مرقص اسقف شبرا الخيمة من سكرتيرته الحسناء التى ترتدي المينيي جيب (تخيل ..سكرتيرة رجل دين ترتدي الميني جيب!!) ،وبالمناسبة الطريق اكدت ان الانبا مرقص لا كتفي بسكرتيرة واحدة بميني جيب بل ان لديه ثلاث سكرتيرات جرارات الجمال كلهن ترتدين الميني جيب !!مرقص احد اقرب المقربن من الانبا شنودة الثالث وهو المتحدث باسمه ..وفيما يخص الشأن الكنسي أيضا ذكرت الطريق أن الاكاديميين الصهاينة الذن تمت دعوتهم لمؤتمر كنسي مؤخرا دعوا بامر رسمي من الانبا بيشوى الذراع اليمنى لشنودة وسكرتير المجمع المقدس ونقلت الطريق عن رئيس مؤسسة ماري مرقص التى استضافت المؤتمر تبريره لدعوة صهاينة بقوله:ما اليهود موجودين في مصر!!
حلاوتك يا مرقص وانت شغال مع الحريم
الواحد على فكره كان فاكرك راجل طيب طلعت بتاع سكرتيرات
اخ منك انت فقري من يومك
هناك ٧ تعليقات:
علي الآقل أصبح له زوجة علي الورق ولكنه يغتصب ألاف غيرها بحكم منصبه الكهنوتي المقدس لكي يباركه بنعمة يسوع؟الم يقرأ وجهة نظر الكذاب واللص"بولس"صاحب الفضل علي الكهنة حيث صنع لهم نظاما كهنوتيا يبيح الزنا من نساء النصاري وبمجرد ان واحدة منهم تزني ويشك زوجها في عفتها يأتون الي اقرب كاهن ومعهم زوج الحمام واليمام المغذي للعملية الجنسية ويضع يده المباركة علي رأسها والتيس ينظر اليه بسرور ويقول الكاهن ان كنتي زنيتي تسقط ركبتيك وينزل عليك ماء اللعنة ولم نري ركب تسقط رغم الزنا المتفشي بين النصاري بسبب عدم الطلاق التعسفي ولا ندري اين ماء اللعنة ومن يعرفه نرجوه ان يخبرنا وله الثواب ؟؟نرجو من زيكو علقة شرح للمسيحيين اين يحصلون علي ماء اللعنة؟الم ينصح بولس مغتصب النصرانية الحقة وأبدالها بالوثنية المسيحية بعدم الزواج للمسيحيين أو الخصي لهم افضل ؟ لماذا يخالف الكهنة ورثة التكية البوليسية تعاليم صاحب التكية؟ ؟؟وقد سمعت من تسجيل فيديو من أخ كريم ان أمرأة مسيحية زوجة رجل من بلدة في الصعيد كانت تنتابها حالة تشنج بعد التناول في الكنيسة فذهب بها زوجها الي الكاهن الذي كان عمره اكبر من الستين سنة فقال لهم ان شيطان يلبس المراة ويجب اخراجه منها في منزلها أيضا فاتفق معهم ان يجهزوا غرفة في المنزل ويحضروا البخور ليطرد السياطين منها وطلب عدم دخول احد معه الغرفة اثناء طرد الشيطان من المرأة مهما صرخت المرأة وبعد أول جلسة أصيبت المرأة بالذهول وطلبن من زوجها وأهلها عدم تكرار الجلسات فأصروا علي ذلك وفي الجلسة الثانية اثناء الجلسة صرخت المرأة "الكاهن يغتصبني ياناس" وطبعا الغرفة كانت مغلقة وقتها وظلت تصرخ ففتح زوجها وأهلها الباب ليتأكدوا وهم يظنون الخير في كاهنهن فوجدوه يعتلي المراة في وضع جماع فاندفعوا اليه يضربونة باحذية واللطم بالايدي وطردوه من المنزل وطبعا لا يستطيعون شكايته الي الكنيسة التي تتستر علي مثل هذه العمليات التي تتكرر يوميا؟ ثمم ذهب الزوج الي شيخ البلدة وطلب منه ان يرقي المرأة في المنزل علي اساس ان مسلم فقال له الشيخ "حرام ان يختلي الرجل بالمرأة ولكن يجب حضور محرم لها اثناء الرقية وفعلا بعد قراءة الرقية امام افراد من عائلتها شفيت المرأة بأذن الله وأسلم الزوج وزوجته وأفراد عائلتة بعد ذلك بفترة بعد تشاور ومن المؤكد ان هناك أخوة صعايدة يعرفون هذه القصة منذ سنين ؟؟الاخوة المسيحيين ارجوكم تفكروا علي مهل في عقيدتكم بدون حرج واتبعوا الدين الحق الذي لا كهانة فيه بل الاتصال المباشر بين العبد وربه بلا واسطة ولا يتحمل الاب ذنب ابنه او الابن ذنب ابيه ؟؟هداكم الله؟؟؟
هل يمكن أن يكون لله ولد((من كتاب للجاحظ رحمه الله)):
إذا كان الله تعالى قد اتخذ عبداً من عباده خليلاً فهل يجوز أن يتخذ عبداً من عباده ولداً يريد بذلك إظهار رحمته له ومحبته إياه وحسن تربيته وتأديبه له ولطف منزلته منه كما سمى عبداً من عباده خليلاً وهو يريد تشريفه وتعظيمه والدلالة على خاص حاله عنده.
وقد رأيت من المتكلمين من يجيز ذلك ولا ينكره إذا كان ذلك على التبني والتربية والإبانة له بلطف المنزلة والاختصاص له بالمرحمة والمحبة لا على جهة الولادة واتخاذ الصاحبة.
ويقول: ليس في القياس فرق بين اتخاذ الولد على التبني والتربية وبين اتخاذ الخليل على الولاية والمحبة.
وزعم أن الله تعالى يحكم في الأسماء بما أحب كما أن له أن يحكم في المعاني بما أحب.
وكان يجوز دعوى أهل الكتاب على التوراة والإنجيل والزبور وكتب الأنبياء صلوات الله عليهم في قولهم: إن الله قال: " إسرائيل بكري " أي هو أول من تبنيت من خلقي.
وأنه قال: " إسرائيل بكري وبنوه أولادي ".
وأنه قال لداود: " سيولد لك غلام ويسمى لي ابناً وأسمى له أباً ".
وأن المسيح قال في الإنجيل: " أنا أذهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم " وأن المسيح أمر الحواريين أن يقولوا في صلواتهم: " يا أبانا في السماء تقدس اسمك ".
في أمور عجيبة ومذاهب شنيعة يدل على سوء عبادة اليهود وسوء تأويل أصحاب الكتب وجهلهم مجازات الكلام وتصاريف اللغات ونقل لغة إلى لغة وما يجوز على الله وما لا يجوز.
وسبب هذا التأويل كله الغي والتقليد واعتقاد التشبيه.
وكان يقول: إنما وضعت الأسماء على أقدار المصلحة وعلى قدر ما يقابل من طبائع الأمم.
فربما كان أصلح الأمور وأمتنها أن يتبناه الله أو يتخذه خليلاً أو يخاطبه بلا ترجمان أو يخلقه من غير ذكر أو يخرجه من بين عاقر وعقيم.
وربما كانت المصلحة غير ذلك كله.
وكما تعبدنا أن نسميه جواداً ونهانا أن نسميه سخياً أو سرياً وأمرنا أن نسميه مؤمناً ونهانا أن نسميه مسلماً وأمرنا أن نسميه رحيماً ونهانا أن نسميه رفيقاً.
وقياس هذا كله واحد وإنما يتسع ويسهل على قدر العادة وكثرتها.
ولعل ذلك كله قد كان شائعاً في دين هود وصالح وشعيب وإسماعيل إذ كان شائعاً في كلام العرب في إثبات ذلك وإنكاره.
وأما نحن - رحمك الله - فإنا لا نجيز أن يكون لله ولد لا من جهة الولادة ولا من جهة التبني ونرى أن تجويز ذلك جهل عظيم وإثم كبير لأنه لو جاز أن يكون أباً ليعقوب لجاز أن يكون جداً ليوسف ولو جاز أن يكون جداً وأباً وكان ذلك لا يوجب نسبا ولا يوهم مشاكلة في بعض الوجوه ولا ينقص من عظم ولا يحط من بهاء لجاز أيضاً أن يكون عماً وخالاً لأنه إن جاز أن يسميه من أجل المرحمة والمحبة والتأديب أباً جاز أن يسميه آخر من جهة التعظيم والتفضيل والتسويد أخاً ولجاز أن يجد له صاحباً وصديقاً وهذا ما لا يجوزه إلا من لا يعرف عظمة الله وصغر قدر الإنسان.
وليس بحكيم من ابتذل نفسه في توقير عبده ووضع من قدره في التوفر على غيره.
وليس من الحكمة أن تحسن إلى عبدك بأن تسيء إلى نفسك وتأتي من الفضل ما لا يجب بتضييع ما يجب.
وكثير الحمد لا يقوم بقليل الذم ولم يحمد الله ولم يعرف إلهيته من جوز عليه صفات البشر ومناسبة الخلق ومقاربة العباد.
وبعد فلا يخلو المولى في رفع عبده وإكرامه من أحد أمرين: إما أن يكون لا يقدر على كرامته إلا بهوان نفسه ويكون على ذلك قادراً مع وفارة العظمة وتمام البهاء.
وإن كان لا يقدر على رفع قدر غيره إلا بأن ينقص من قدر نفسه فهذا هو العجز وضيق الذرع.
وإن كان على ذلك قادراً فآثر ابتذال نفسه والحط من شرفه فهذا هو الجهل الذي لا يحتمل.
والوجهان عن الله جل جلاله منفيان.
ووجه آخر يعرفون به صحة قولي وصواب مذهبي وذلك أن الله تبارك وتعالى لو علم أنه فد كان فيما أنزل من كتبه على بني إسرائيل: إن أباكم كان بكري وابني وإنكم أبناء بكري لما كان تغضب عليهم إذ قالوا: نحن أبناء الله فكيف لا يكون ابن ابن الله ابنه وهذا من تمام الإكرام وكمال المحبة ولا سيما إن كان قال في التوراة: بنو إسرائيل أبناء بكري.
وأنت تعلم أن العرب حين زعمت أن الملائكة بنات الله كيف استعظم الله تعالى ذلك وأكبره وغضب على أهله وإن كان يعلم أن العرب لم تجعل الملائكة بناته على الولادة واتخاذ الصاحبة فكيف يجوز مع ذلك أن يكون الله قد كان يخبر عباده قبل ذلك بأن يعقوب ابنه وأن سليمان ابنه وأن عزيراً ابنه وأن عيسى ابنه.
فالله تعالى أعظم من أن يكون له أبوة من صفاته والإنسان أحقر من أن يكون بنوة الله من أنسابه.
والقول بأن الله يكون أباً وجداً وأخاً وعماً للنصارى ألزم وإن كان للآخرين لازماً لأن النصارى تزعم أن الله هو المسيح بن مريم وأن المسيح قال للحواريين: " إخوتي ".
فلو كان للحواريين أولاد لجاز أن يكون الله عمهم! بل قد يزعمون أن مرقش هو ابن شمعون الصفا وأن زوزري ابنته وأن النصارى تقر أن في إنجيل مرقش: " ما زاذ أمك وإخوتك على الباب " وتفسيرها: ما زاذ: معلم.
فهم لا يمتنعون من أن يكون الله تبارك وتعالى أباً وجداً وعماً.
ولولا أن الله قد حكى عن اليهود أنهم قالوا: إن " عزيراً ابن الله " " ويد الله مغلولة " و " إن الله فقير ونحن أغنياء " وحكى عن النصارى أنهم قالوا: " المسيح ابن الله " وقال: " قالت النصارى المسيح ابن الله ".
وقال: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " لكنت لأن أخر من السماء أحب إلي من أن ألفظ بحرف مما يقولون.
ولكني لا أصل إلى إظهار جميع مخازيهم وما يسرون فإن قالوا: خبرونا عن الله وعن التوراة أليست حقاً قلنا: نعم.
قالوا: فإن فيها " إسرائيل بكري " وجميع ما ذكرتم عنا معروف في الكتب.
قلنا: إن القوم إنما أتوا من قلة المعرفة بوجوه الكلام ومن سوء الترجمة مع الحكم بما يسبق إلى القلوب.
ولعمري أن لو كانت لهم عقول المسلمين ومعرفتهم بما يجوز في كلام العرب وما يجوز على الله مع فصاحتهم بالعبرانية لوجدوا لذلك الكلام تأويلاً حسناً ومخرجاً سهلاً ووجهاً قريباً.
ولو كانوا أيضاً لم يعطلوا في سائر ما ترجموا لكان لقائل مقال ولطاعن مدخل ولكنهم يخبرون أن الله تبارك وتعالى قال في العشر الآيات التي كتبتها أصابع الله: " إني أنا الله الشديد وإني أنا الله الثقف وأنا النار التي تأكل النيران آخذ الأبناء بحوب الآباء القرن الأول والثاني والثالث إلى السابع ".
وأن داود قال في الزبور: " وافتح عينك يا رب " و قم يا رب " و " أصغ إلي سمعك يا رب ".
وأن داود خبر أيضاً في مكان آخر عن الله تعالى: " وانتبه الله كما ينتبه السكران الذي قد شرب الخمر ".
وأن موسى قال في التوراة: " خلق الله الأشياء بكلمته وبروح نفسه ".
وأن الله قال في التوراة لبني إسرائيل: " بذراعي الشديدة أخرجتكم من أهل مصر ".
وأنه قال في كتاب إشعياء: " احمد الله حمداً جديداً احمده في أقاصي الأرض يملأ الجزائر وسكانها والبحور والقفار وما فيها ويكون بنو قيدار في القصور وسكان الجبال - يعني قيدار بن وأنه قال على إثر ذلك: " ويخرج الرب كالجبار وكالرجل الشجاع المجرب ويزجر ويصرخ ويهيج الحرب والحمية ويقتل أعداءه يفرح السماء والأرض ".
وأن الله قال أيضاً في كتاب إشعياء: " سكت.
قال: هو متى أسكت مثل المرأة التي قد أخذها الطلق للولادة أتلهف وإن تراني أريد أحرث الجبال والشعب وآخذ بالعرب في طريق لا يعرفونه ".
وكلهم على هذا اللفظ العربي مجمع.
ومعنى هذا لا يجوزه أحد من أهل العلم ومثل هذا كثير تركته لمعرفتكم به.
وأنت تعلم أن اليهود لو أخذوا القرآن فترجموه بالعبرانية لأخرجوه من معانيه ولحولوه عن وجوهه وما ظنك بهم إذا ترجموا: " فلما آسفونا انتقمنا منهم " و " لتصنع على عيني " و " السموات مطوية بيمينه " و " على العرش استوى " و " ناضرة.
إلى ربها ناظرة " وقوله: " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً " و " كلم الله موسى تكليماً " و " جاء ربك والملك صفاً صفاً ".
وقد يعلم أن مفسري كتابنا وأصحاب التأويل منا أحسن معرفة وأعلم بوجوه الكلام من اليهود ومتأولي الكتاب ونحن قد نجد في تفسيرهم ما لا يجوز على الله في صفته ولا عند المتكلمين في مقاييسهم ولا عند النحويين في عربيتهم.
فما ظنك باليهود مع غباوتهم وغيهم وقلة وهذا باب قد غلطت فيه العرب أنفسها وفصحاء أهل اللغة إذا غلطت قلوبها وأخطأت عقولها فكيف بغيرهم ممن لا يعلم كعلمها سمع بعض العرب قول جميع العرب: " القلوب بيد الله " وقولهم في الدعاء: " نواصينا بيد الله " وقوله جل ذكره: " بل يداه مبسوطتان " وقولهم: " هذا من أيادي الله ونعمه عندنا " وقد كان من لغتهم أن الكف أيضاً يد كما أن النعمة يد والقدرة يد فغلط الشاعر فقال: هون عليك فإن الأمور بكف الإله مقاديرها وقد كان إبراهيم بن سيار النظام يجيب بجواب وأنا ذكره إن شاء الله.
وعليه كانت علماء المعتزلة ولا أراه مقنعاً ولا شافياً.
وذلك أنه كان يجعل الخليل مثل الحبيب مثل الولي وكان يقول: خليل الرحمن مثل حبيبه ووليه وناصره.
وكانت الخلة والولاية والمحبة سواء.
قالوا: ولما كانت كلها عنده سواء جاز أن يسمي عبداً له ولداً لمكان التربية التي ليست بحضانة ولمكان الرحمة التي لا تشتق من الرحم لأن إنساناً لو رحم جرو كلب فرباه لم يجز أن يسميه ولداً ويسمي نفسه أباً.
ولو التقط صبياً فرباه جاز أن يسميه ولداً ويسمي نفسه له أباً لأنه شبيه ولده وقد يولد لمثله مثله.
وليس بين الكلاب والبشر أرحام فإذا كان شبه الإنسان قلنا لإبراهيم النظام عند جوابه هذا وقياسه الذي قاس عليه في المعارضة والموازنة بين قياسنا وقياسه: أرأيت كلباً ألف كلابه وجامى وأحمى دونه هل يجوز أن يتخذه بذلك كله خليلاً مع بعد التشابه والتناسب فإذا قال: لا.
قلنا: فالعبد الصالح أبعد شبهاً من الله من ذلك الكلب المحسن إلى كلابه فكيف جاز في قياسك أن يكون الله خليل من لا يشاكله لمكان إحسانه ولا يجوز للكلاب أن يسمي كلبه خليلاً أو ولداً لمكان حسن تربيته له وتأديبه إياه ولمكان حسن الكلب وكسبه عليه وقيامه مقام الولد الكاسب والأخ والبار.
والعبد الصالح لا يشبه الله في وجه من الوجوه والكلب قد يشبه كلابه لوجوه كثيرة بل ما أشبهه به مما خالفه فيه وإن كانت العلة التي منعت من تسمية الكلب خليلاً وولداً بعد شبهه من الإنسان.
فلو قلتم: فما الجواب الذي أجبت فيه والوجه الذي ارتضيته قلنا: إن إبراهيم صلوات الله عليه وإن كان خليلاً فلم يكن خليله بخلة كانت بينه وبين الله تعالى لأن الخلة والإخاء والصداقة والتصافي والخلطة وأشباه ذلك منفية عن الله تعالى عز ذكره فيما بينه وبين عباده على أن الإخاء والصداقة داخلتان في الخلة والخلة أعم الاسمين وأخص الحالين.
ويجوز أن يكون إبراهيم خليلاً بالخلة التي أدخلها الله على نفسه وماله وبين أن يكون خليلاً بالخلة وأن يكون خليلاً بخلة بينه وبين ربه فرق ظاهر وبون واضح.
وذلك أن إبراهيم عليه السلام اختل في الله تعالى اختلالاً لم يختلله أحد قبله.
لقذفهم إياه في النار وذبحه ابنه وحمله على ماله في الضيافة والمواساة والأثرة وبعداوة قومه والبراءة من أبويه في حياتهما وبعد موتهما وترك وطنه والهجرة إلى غير داره ومسقط رأسه.
فصار لهذه الشدائد مختلاً في الله وخليلاً في الله.
والخليل والمختل سواء في كلام العرب.
والدليل على أن يكون الخليل من الخلة كما يكون من الخلة قول زهير بن أبي سلمى وهو يمدح هرماً: وإن أتاه خليل يوم مسبغة يقول لا عاجز مالي ولا حرم وقال آخر: وإني إلى أن تسعفاني بحاجة إلى آل ليلى مرة لخليل وهو لا يمدحه بأن خليله وصديقه يكون فقيراً سائلاً يأتي يوم المسألة ويبسط يده للصدقة والعطية وإنما الخليل في هذا الموضع من الخلة والاختلال لا من الخلة والخلال.
وكأن إبراهيم عليه السلام حين صار في الله مختلاً أضافه الله إلى نفسه وأبانه بذلك عن سائر أوليائه فسماه خليل الله من بين الأنبياء كما سمى الكعبة: بيت الله من بين جميع البيوت وأهل مكة: أهل الله من بين جميع البلدان.
وسمى ناقة صالح عليه السلام: ناقة الله من بين جميع النوق.
وهكذا كل شيء عظمه الله تعالى من خير وشر وثواب وعقاب.
كما قالوا: دعه في لعنة الله وفي نار الله وفي حرقه.
وكما قال للقرآن: كتاب الله وللمحرم: شهر الله.
وعلى هذا المثال قيل لحمزة رحمة الله ورضوانه عز ذكره عليه: أسد الله ولخالد رحمة الله عليه: سيف الله تعالى.
وفي قياسنا هذا لا يجوز: أن الله خليل إبراهيم كما يقال: إن إبراهيم خليل الله.
فإن قال قائل: فكيف لم يقدموه على جميع الأنبياء إذ كان الله قدمه بهذا الاسم الذي ليس لأحد مثله قلنا: إن هذا الاسم اشتق له من عمله وحاله وصفته وقد قيل لموسى عليه السلام: كليم الله وقيل لعيسى: روح الله ولم يقل ذلك لإبراهيم ولا لمحمد صلوات الله عليهما وإن كان محمد صلى الله عليه وسلم أرفع درجة منهم لأن الله تعالى كلم الأنبياء عليهم السلام على ألسنة الملائكة وكلم موسى كما كلم الملائكة فلهذه العلة قيل: كليم الله.
وخلق في نطف الرجال أن قذفها في أرحام النساء على ما أجرى عليه تركيب العالم وطباع الدنيا وخلق في رحم مريم روحاً وجسداً على غير مجرى العادة وما عليه المناكحة.
فلهذه الخاصة قيل له: روح الله.
وقد يجوز أن يكون في نبي من الأنبياء خصلة شريفة ولا تكون تلك الخصلة بعينها في نبي أرفع درجة منه ويكون في ذلك النبي خصال شريفة ليست في الآخر.
وكذلك جميع الناس كالرجل يكون له أبوان فيحسن برهما وتعاهدهما والصبر عليهما وهو أعرج لا يقدر على الجهاد وفقير لا يقدر على الإنفاق.
ويكون آخر لا أب له ولا أم له وهو ذو مال كثير وخلق سوي وجلد طاهر فأطاع هذا بالجهاد والإنفاق وأطاع ذلك ببر والديه والصبر عليهما.
والكلام إذا حرك تشعب وإذا ثبت أصله كثرت فنونه واتسعت طرقه.
ولولا ملالة القارىء ومداراة المستمع لكان بسط القول في جميع ما يعرض أتم للدليل وأجمع للكتاب ولكنا إنما ابتدأنا الكتاب لنقتصر به على كسر النصرانية فقط.
الاخوة المسيحيين الاعزاء بمناسبة زواج ابوكم صاحب النجاسة القمص الانبا صاحب الغبطة اللواء المحافظ : نذكركم بالافراح والسرور وعقبال البكاري والعاقبة عندكم في المسرات وياتري شنودة متزوج في السر ام لا ؟هذا ما تظهره الايام بعد هلاكه القريب باذن الله؟؟؟"ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ عَشرَ عَذارى حمَلْنَ مَصابـيحَهُنَّ وخرَجْنَ لِلقاءِ العَريسِ. 2وكانَ خَمسٌ مِنهُنَّ جاهِلاتٍ وخَمسٌ عاقِلاتٍ. 3فحَمَلتِ الجاهِلاتُ مَصابـيحَهُنَّ، وما أخَذنَ معَهنَّ زَيتًا. 4وأمّا العاقِلاتُ، فأخَذْنَ معَ مَصابـيحِهِنَّ زَيتًا في وِعاءٍ. 5وأبطأَ العَريسُ، فنَعِسنَ جميعًا ونِمنَ.
6وعِندَ نِصفِ اللَّيلِ عَلا الصَّياحُ: جاءَ العَريسُ، فاَخْرُجْنَ لِلقائِهِ! 7فقامَتِ العَذارى العَشْرُ وهيَّأْنَ مَصابـيحَهُنَّ.
8فقالَتِ الجاهِلاتُ لِلعاقِلاتِ: أعطينَنا من زَيْتِكُنَّ، لأنَّ مَصابـيحَنا تَنطفِـئْ. 9فأجابَتِ العاقِلاتُ: رُبَّما لا يكفي لنا وَلكُنَّ، فاَذهَبْنَ إلى البَــيّاعينَ واَشترِينَ حاجَتَكُنَّ.
10وبَينَما هُنَّ ذاهباتٌ ليَشترينَ، وصَلَ العَريسُ. فدَخلَتْ معَهُ المُستعِدّاتُ إلى مكانِ العُرسِ وأُغلقَ البابُ.
11وبَعدَ حينٍ رجَعَتِ العَذارى الأُخَرُ فقُلنَ: يا سيَّدُ، يا سيَّدُ، اَفتَحْ لنا! 12فأجابَهُنَّ العريسُ: الحقَّ أقولُ لكُنَّ: أنا لا أعرِفُكُنَّ.
13فاَسهَروا، إذًا، لأنََّـكُم لا تَعرِفونَ اليومَ ولا السّاعَةَ.
مثل الوزنات.
14"ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ رجُلاً أرادَ السَّفَرَ، فدَعا خدَمَهُ وسَلَّمَ إلَيهِم أموالَهُ، 15كُلُّ واحدٍ مِنهُم على قَدْرِ طاقَتِهِ. فأعطى الأوّلَ خمسَ وزَناتٍ مِنَ الفِضَّةِ، والثّاني وزْنَــتَينِ، والثّالثَ وزنَةً واحدةً وسافرَ. 16فأسرَعَ الَّذي أخذَ الوَزَناتِ الخَمسَ إلى المتُاجَرةِ بِها، فربِـحَ خَمسَ وزَناتٍ. 17وكذلِكَ الَّذي أخذَ الوَزْنَتينِ، فرَبِـحَ وزْنَتينِ. 18وأمّا الَّذي أخذَ الوَزْنَة الواحدَةَ، فذهَبَ وحفَرَ حُفْرةً في الأرضِ ودفَنَ مالَ سيَّدِهِ.
19وبَعدَ مُدّةٍ طويلةٍ، رجَعَ سيَّدُ هؤُلاءِ الخَدَمِ وحاسَبَهُم. 20فجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزَناتِ الخَمسَ، فدَفَعَ خَمسَ وزَناتٍ مَعَها وقالَ: يا سيَّدي، أعطيتَني خَمسَ وَزَناتٍ، فخُذْ خَمسَ وزَناتٍ رَبِحتُها. 21فقالَ لَه سيَّدُهُ: أحسَنتَ، أيٌّها الخادمُ الصالِـحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا على القليلِ، فسَأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيَّدِكَ.
22وجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزْنتَينِ، فقالَ: يا سيَّدي، أعطَيتَني وزْنَــتَينِ، فخُذْ معَهُما وزْنتَينِ رَبِحتُهُما. 23فَقالَ لَه سيَّدُهُ: أحسنتَ، أيٌّها الخادِمُ الصّالِـحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا على القَليلِ، فسأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيَّدك
َ24وجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزْنةَ الواحِدَةَ، فقالَ: يا سيَّدُ، عَرَفْتُكَ رجُلاً قاسِيًا، تحصِدُ حيثُ لا تَزرَعُ، وتَجمَعُ حيث لا تَبذُرُ، 25فخِفتُ. فذَهبتُ ودفَنْتُ مالَكَ في الأرضِ، وها هوَ مالُكَ. 26فأجابَهُ سيَّدُهُ: يا لَكَ من خادِمِ شِرّيرٍ كَسلانَ! عَرَفتَني أحصِدُ حَيثُ لا أزرَعُ وأجمَعُ حيثُ لا أبذُرُ، 27فكانَ علَيكَ أنْ تضَعَ مالي عِندَ الصَّيارِفَةِ، وكُنتُ في عَودتي أستَرِدٌّهُ معَ الفائِدَةِ. 28وقالَ لخَدَمِه: خُذوا مِنهُ الوَزْنَةَ واَدْفَعوها إلى صاحِبِ الوَزَناتِ العَشْرِ، 29لأنَّ مَنْ كانَ لَه شيءٌ، يُزادُ فيَفيضُ. ومَنْ لا شيءَ لَه، يُؤخذُ مِنهُ حتى الَّذي لَه. 30وهذا الخادِمُ الَّذي لا نَفْعَ مِنهُ، اَطرَحوهُ خارِجًا في الظّلامِ. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ.
يوم الدينونة.
31"ومَتى جاءَ اَبنُ الإنسانِ في مَجدِهِ، ومعَهُ جميعُ ملائِكَتِهِ يَجلِسُ على عرشِهِ المَجيدِ، 32وتَحتَشِدُ أمامَهُ جميعُ الشٌّعوبِ، فيُفرِزُ بَعضَهُم عَنْ بَعضٍ، مِثلَما يُفرِزُ الرّاعي الخِرافَ عَنِ الجداءِ، 33فيَجعَلُ الخِرافَ عَنْ يَمينِهِ والجِداءَ عن شِمالِه. 34ويقولُ المَلِكُ للَّذينَ عن يَمينِهِ: تَعالَوا، يا مَنْ باركهُم أبـي، رِثُوا المَلكوتَ الذي هَيَّـأهُ لكُم مُنذُ إنشاءِ العالَمِ، 35لأنَّي جُعتُ فأطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيْتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآوَيْتُموني، 36وعُريانًا فكَسَوْتُموني، ومَريضًا فَزُرتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إليَّ. 37فيُجيبُهُ الصّالِحونَ: يا ربٌّ، متى رأيناكَ جوعانًا فأطْعَمناكَ؟ أو عَطشانًا فَسَقيْناكَ؟ 38ومتى رَأيناكَ غَريبًا فآويناكَ؟ أو عُريانًا فكَسوناكَ؟ 39ومتى رَأيناكَ مَريضًا أو سَجينًا فزُرناكَ؟ 40فيُجيبُهُمُ المَلِكُ: الحقَّ أقولُ لكُم: كُلَ مَرَّةٍ عَمِلْتُم هذا لواحدٍ من إخوتي هَؤلاءِ الصَّغارِ، فلي عَمِلتُموهُ!
41ثُمَّ يَقولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمالِهِ: اَبتَعِدوا عنَّي، يا ملاعينُ، إلى النّارِ الأبدِيَّةِ المُهيّـأةِ لإبليسَ وأعوانِهِ: 42لأنَّي جُعتُ فما أطعَمْتُموني، وعَطِشتُ فما سَقَيْتُموني، 43وكُنتُ غَريبًا فما آوَيْتموني، وعُريانًا فما كَسَوْتُموني، ومريضًا وسَجينًا فما زُرْتُموني. 44فيُجيبُهُ هؤُلاءِ: يا ربٌّ، متى رأيناكَ جوعانًا أو عَطشانًا، غريبًا أو عُريانًا، مريضًا أو سَجينًا، وما أسْعَفْناكَ؟ 45فيُجيبُهُم المَلِكُ: الحقَّ أقولُ لكُم: كُلَ مرَّةٍ ما عَمِلتُم هذا لِواحدٍ مِنْ إخوتي هؤلاءِ الصَّغارِ، فلي ما عمِلتُموهُ. 46فيذهَبُ هؤُلاءِ إلى العَذابِ الأبديَّ، والصّالِحونَ إلى الحياةِ الأبدِيَّةِ".
قد يستغرب قارئ الأناجيل حين يجد هذا الإلحاح على ملكوت السماوات وكأنه لا يوجد تقريبا شىء آخر من بضاعة الروح عند السيد المسيح. وقد وقفت طويلا أمام تلك الظاهرة فبدا لى أنها ربما ترجع إلى أن طوائف من اليهود لم تكن تعتقد فى القيامة والبعث والحساب والثواب والعقاب، وأنه حتى لو كان هناك بعث وحساب فإن الله محابيهم ولن يعذّبهم (إن عذّبهم) إلا أياما معدودات كما ورد فى القرآن تصويرا لعقائد أولئك البشر: "وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إلاّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة/ 80-82)، "قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ " (البقرة/ 94- 96)، "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاّ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ* فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ" (آل عمران/ 23- 25)، "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (الجمعة/ 5- 8). ولا ننس أن القرآن يمتلئ هو أيضا بالحديث المتكرر كثيرا عن البعث والجنة والنار، لكن فى القرآن، إلى جانب هذا، كلاما كثيرا كذلك عن أمور الدنيا المختلفة من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمل واجتهاد وإتقان وتفكير وعلم وعلاقات اجتماعية وأوضاع اقتصادية وشؤون عسكرية وسياسية ومعاملات يومية وزواج وطلاق وميراث وتركات... إلخ مما لا نظير له فى الأقوال المنسوبة للمسيح إلا فى بعض الأمور الضيقة، وليس بهذا الاتساع والتفصيل كما بينت مرارا.
شىء آخر يلفت النظر فى الأمثال التى يضربها السيد المسيح حسبما هو موجود فى الأناجيل، ألا وهو حديثه أحيانا عن العُرْس والزواج والأطفال رغم ما هو معروف فى النصرانية الحاليّة من ميل طائفة من رجال دينها إلى الترهب مما دانه القرآن لما اعتراه من غلوّ لا تستحبّه السماء ورغم ما هو معروف عنه، صلى الله عليه وسلم، من أنه لم يتزوج، ومن ثم لم ينجب أطفالا. ومعروف كذلك ما نطالعه فى إعلانات وَفَيَات القوم فى الصحف من أن الآنسة الفلانية المتوفاة ستكون عروسا للمسيح فى السماوات، مع أن المسيح، حسبما قلنا، لم يخطب ولم يتزوج، وإن لم يمنع هذا بعض الملاحدة الغربيين من غمزه ولمزه واتهامه، كما سبقت الإشارة، بأنه كانت له علاقة بهذه المرأة أو ذلك الشاب من أتباعه، لعن الله كل من يسىء إلى أى نبى من المُصْطَفَيْن الأخيار، وعلى رأسهم سيد الرسل والأنبياء. وفى ضوء هذا نقرأ المثل التالى الذى ذكره كاتب الإنجيل فى الفصل الذى نحن فيه الآن: "يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ عَشرَ عَذارى حمَلْنَ مَصابـيحَهُنَّ وخرَجْنَ لِلقاءِ العَريسِ. 2وكانَ خَمسٌ مِنهُنَّ جاهِلاتٍ وخَمسٌ عاقِلاتٍ. 3فحَمَلتِ الجاهِلاتُ مَصابـيحَهُنَّ، وما أخَذنَ معَهنَّ زَيتًا. 4وأمّا العاقِلاتُ، فأخَذْنَ معَ مَصابـيحِهِنَّ زَيتًا في وِعاءٍ. 5وأبطأَ العَريسُ، فنَعِسنَ جميعًا ونِمنَ. 6وعِندَ نِصفِ اللَّيلِ عَلا الصَّياحُ: جاءَ العَريسُ، فاَخْرُجْنَ لِلقائِهِ! 7فقامَتِ العَذارى العَشْرُ وهيَّأْنَ مَصابـيحَهُنَّ. 8فقالَتِ الجاهِلاتُ لِلعاقِلاتِ: أعطينَنا من زَيْتِكُنَّ، لأنَّ مَصابـيحَنا تَنطفِـئْ. 9فأجابَتِ العاقِلاتُ: رُبَّما لا يكفي لنا وَلكُنَّ، فاَذهَبْنَ إلى البَــيّاعينَ واَشترِينَ حاجَتَكُنَّ. 10وبَينَما هُنَّ ذاهباتٌ ليَشترينَ، وصَلَ العَريسُ. فدَخلَتْ معَهُ المُستعِدّاتُ إلى مكانِ العُرسِ وأُغلقَ البابُ. 11وبَعدَ حينٍ رجَعَتِ العَذارى الأُخَرُ فقُلنَ: يا سيَّدُ، يا سيَّدُ، اَفتَحْ لنا! 12فأجابَهُنَّ العريسُ: الحقَّ أقولُ لكُنَّ: أنا لا أعرِفُكُنَّ. 13فاَسهَروا، إذًا، لأنََّـكُم لا تَعرِفونَ اليومَ ولا السّاعَةَ". ومما هو جدير بالذكر ولم يلتفت إليه على خطورته أحد فى حدود علمى أن المسيح قد جعل للعريس الواحد عدة عرائس بلغ عددهن عشرا، وإن كان بعضهن لم يتم زواجهن لكسلهن وتهاونهن لا لشىء آخر. ترى أولو كان تعدد الزوجات أمرا محرما فى ديانة عيسى، أكان عليه السلام يضرب مِثْل هذا المَثَل؟ الواقع والحق والحقيقة أنه لا يوجد فى الأناجيل نص واحد فى تحريم تعدد الزوجات، فلماذا إذن التطاول والتسافه والتباذؤ والسفالة وشغل الصياعة والإجرام مع سيد الخلق ودينه العظيم؟
كذلك يلفت النظر فى أمثال الأناجيل تكرر الكلام فيها عن المال والتجارة والزراعة والصَّيْرَفة... إلخ مما يبدو متناقضا مع مناداة المسيح، حسبما رأينا من قبل، بنبذ الدنيا وما فيها من مال ومناصب، وهو ما من شأنه أن يؤدى إلى العدمية أو فى أقل القليل: إلى التخلف والرضا بالدونية فى كل شؤون الحياة. ومن هنا قلنا ونقول إن النصرانية بوضعها الحالى لا تصلح لتنظيم أمور الدنيا، بل هى ديانة هروبية لا تواجه الواقع وتكتفى بالمثاليات المتشنجة التى لا تؤكّل عَيْشًا ولا جُبْنًا لأنها لا تخاطب الطبيعة البشرية، بل تهوّم فى الفراغ ولا حديث لها تقريبا إلا عن الملكوت، وكأنه لا يوجد قبل ذلك الملكوت حاجة اسمها: "الدنيا"! وفى هذا المثل لا يتحرج ضاربه (أستغفر الله) من تشبيهه سبحانه وتعالى بالمرابى الشحيح المتحجر القلب الذى يعبد الدينار والدرهم ولا هَمّ له سوى زيادة رأس ماله، والسلام، ولا يطيق أحدا أن يضيّع عليه أية صفقة من صفقات الربا، فلذلك يكون تعذيبه لمثل هذا الشخص رهيبا لا رحمة فيه: "24وجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزْنةَ الواحِدَةَ، فقالَ: يا سيَّدُ، عَرَفْتُكَ رجُلاً قاسِيًا، تحصِدُ حيثُ لا تَزرَعُ، وتَجمَعُ حيث لا تَبذُرُ، 25فخِفتُ. فذَهبتُ ودفَنْتُ مالَكَ في الأرضِ، وها هوَ مالُكَ. 26فأجابَهُ سيَّدُهُ: يا لَكَ من خادِمِ شِرّيرٍ كَسلانَ! عَرَفتَني أحصِدُ حَيثُ لا أزرَعُ وأجمَعُ حيثُ لا أبذُرُ، 27فكانَ علَيكَ أنْ تضَعَ مالي عِندَ الصَّيارِفَةِ، وكُنتُ في عَودتي أستَرِدٌّهُ معَ الفائِدَةِ. 28وقالَ لخَدَمِه: خُذوا مِنهُ الوَزْنَةَ واَدْفَعوها إلى صاحِبِ الوَزَناتِ العَشْرِ، 29لأنَّ مَنْ كانَ لَه شيءٌ، يُزادُ فيَفيضُ. ومَنْ لا شيءَ لَه، يُؤخذُ مِنهُ حتى الَّذي لَه. 30وهذا الخادِمُ الَّذي لا نَفْعَ مِنهُ، اَطرَحوهُ خارِجًا في الظّلامِ. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ".
أما فيا يلى فإنى لعلى يقين أن كتبة هذه السير العيسوية التى يسمونها: "الأناجيل" قد استبدلوا "ابن الإنسان" باسم الله كما حدث من قبل فى بعض الحالات التى نبهنا إليها فى حينها: "ومَتى جاءَ اَبنُ الإنسانِ في مَجدِهِ، ومعَهُ جميعُ ملائِكَتِهِ يَجلِسُ على عرشِهِ المَجيدِ، 32وتَحتَشِدُ أمامَهُ جميعُ الشٌّعوبِ، فيُفرِزُ بَعضَهُم عَنْ بَعضٍ، مِثلَما يُفرِزُ الرّاعي الخِرافَ عَنِ الجداءِ، 33فيَجعَلُ الخِرافَ عَنْ يَمينِهِ والجِداءَ عن شِمالِه. 34ويقولُ المَلِكُ للَّذينَ عن يَمينِهِ: تَعالَوا، يا مَنْ باركهُم أبـي، رِثُوا المَلكوتَ الذي هَيَّـأهُ لكُم مُنذُ إنشاءِ العالَمِ، 35لأنَّي جُعتُ فأطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيْتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآوَيْتُموني، 36وعُريانًا فكَسَوْتُموني، ومَريضًا فَزُرتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إليَّ. 37فيُجيبُهُ الصّالِحونَ: يا ربٌّ، متى رأيناكَ جوعانًا فأطْعَمناكَ؟ أو عَطشانًا فَسَقيْناكَ؟ 38ومتى رَأيناكَ غَريبًا فآويناكَ؟ أو عُريانًا فكَسوناكَ؟ 39ومتى رَأيناكَ مَريضًا أو سَجينًا فزُرناكَ؟ 40فيُجيبُهُمُ المَلِكُ: الحقَّ أقولُ لكُم: كُلَ مَرَّةٍ عَمِلْتُم هذا لواحدٍ من إخوتي هَؤلاءِ الصَّغارِ، فلي عَمِلتُموهُ! 41ثُمَّ يَقولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمالِهِ: اَبتَعِدوا عنَّي، يا ملاعينُ، إلى النّارِ الأبدِيَّةِ المُهيّـأةِ لإبليسَ وأعوانِهِ: 42لأنَّي جُعتُ فما أطعَمْتُموني، وعَطِشتُ فما سَقَيْتُموني، 43وكُنتُ غَريبًا فما آوَيْتموني، وعُريانًا فما كَسَوْتُموني، ومريضًا وسَجينًا فما زُرْتُموني. 44فيُجيبُهُ هؤُلاءِ: يا ربٌّ، متى رأيناكَ جوعانًا أو عَطشانًا، غريبًا أو عُريانًا، مريضًا أو سَجينًا، وما أسْعَفْناكَ؟ 45فيُجيبُهُم المَلِكُ: الحقَّ أقولُ لكُم: كُلَ مرَّةٍ ما عَمِلتُم هذا لِواحدٍ مِنْ إخوتي هؤلاءِ الصَّغارِ، فلي ما عمِلتُموهُ. 46فيذهَبُ هؤُلاءِ إلى العَذابِ الأبديَّ، والصّالِحونَ إلى الحياةِ الأبدِيَّةِ".
إن الذى ستحمله الملائكة على العرش يوم القيامة ويحاسب البشر إنما هو الله لا ابن الإنسان. ونستطيع فى ضوء هذا أن نقرأ النصوص التالية من سورة "مريم" و"يس" و"فُصِّلَتْ" و"الحاقّة" و"المطفِّفين" و"الانشقاق" على التوالى: "يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)"، "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (67)"، "فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ (29)"، "فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ويحمل عرشَ ربك فوقهم يومئذٍ ثمانية* يومئذ تُعْرَضون لا تَخْفَى منكم خافية، "أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)"، "إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)".
أما المسيح بن مريم عليه السلام فيقول عنه القرآن المجيد، ولنكتف بما جاء فى سورة "المائدة" وحدها: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة/ 17)، "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)"، "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)".
وامتدادا لهذه العقيد فى السيد المسيح هناك حديث عن رب العزة يقول فيه سبحانه ما نُسِب فى الفصل الحالىّ للسيد المسيح عليه السلام، وهو ما يرجع إلى أن كتبة الأناجيل قد استبدلوا فى بعض المواضع اسم المسيح باسم الله: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضتُ فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم، استطعمتُك فلم تطعمني. قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي". فهأنت ترى، أيها القارئ العزيز، أننا قريبون من الله لدرجة انهدام الحواجز تماما بيننا وبينه جل وعلا، فنحن إذن فى معيته على الدوام، وأن ما نفعله لإخواننا فى البشرية إنما يقع فى يد الله قبل أن يقع فى أيديهم ويرضيه سبحانه كما لو كان هو المنتفع به، تعالى الله عن الحاجة إلى أى شىء أو الانتفاع بأى شىء، لكنه أسلوب المجاز الأقوى على التأثير وتحريك النفوس، والأفعل فى إجاشة القلوب وبعثها على فعل الخير، وإلا فالله سبحانه أكبر من الكون ومن الزمن والتاريخ لأنه هو خالق الزمن والكون والتاريخ، ويستحيل من ثم أن يتجسد فيحتويه ما صنعته يداه من كون وزمن وتاريخ، فضلا عن أن يُعْطَى ثدى أمه ويُرْضَع ويعضه الجوع فيبكى (خُذِ البِزَّة ونَمْ!)، ويبول ويخرأ ويُضْرَب ويهان وتُكْسَر ركبته ويُطْعَن بالرمح فى جنبه ويتألم ويصرخ ويُصْلَب ويُقْتَل (أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله! وأعوذ بالله من غضب الله!)، وإلا كانت الألوهية مَلْعَبَةً ومَعْيَلَةً، تعالى الله عن ذلك! ولنلاحظ كيف استبدل كاتب الإنجيل أيضا عبارة "واحد من إخوتى هؤلاء الصغار" بكلمة "عبدى فلان" تمشيا مع اتجاهه فى تأليه المسيح وزعمه أنه عليه السلام هو الذى سوف يجلس على العرش يوم القيامة ويحاسب البشر. بيد أن هاهنا موضعا لملاحظة سريعة هى أن المسيح عليه السلام قد وَجَدَ فى الدنيا، من بين محبّيه على الأقل، من يطعمه ويسقيه ويقف معه فى أوقات التعب والقلق، فبأى حق ينكر هذا كله؟ الواقع أنْ ليس ذلك إلا ثمرة من ثمرات العبث والتبديل الذى تعرضت له النصرانية والأناجيل.
هذا ما نؤمن به بشأنه صلى الله عليه وسلم، وطبعا هذا لا يُرْضِى القوم فى المهجر مثلما لا يرضينا قولهم إنه هو الله أو ابن الله، وهم يَرَوْن أن عقيدتنا هذه فى المسيح تسىء إليهم، ويريدون منا أن نكف عن الإيمان بما نؤمن به فيما يخصه عليه السلام حسبما قرأت فى أحد مواقعهم السافلة المنحطة التى تسب القرآن والرسول عليه السلام والمسلمين وتشمت بهم لأنهم أخيرا، كما جاء فى ذات الموقع المأبون كالقائمين عليه، أخذوا يذوقون من نفس الكأس ويستمعون لأول مرة فى حياتهم نقدًا وسَبًّا لدينهم وكتابهم ونبيهم. وإنى لأسأل ولا أتوقع بل لا أريد منهم جوابا، فهم أهون عندى من هذا: أَوَتعدَّى المسلمون يوما على المسيح بن مريم بالسب والتحقير والكذب واختلاق الروايات كما يفعلون هم مع سيد النبيين والمرسلين؟ بطبيعة الحال نحن المسلمين قلنا ونقول وسنظل نقول إن عيسى ليس إلا عبدا رسولا، وليس فيه من الألوهية بعض شىء على الإطلاق. فإن أغضبهم هذا، ولسوف يغضبهم بكل يقين، فهو ما لا نملك لهم ولا لنا فيه شيئا، لأننا إذا لم نقل ذلك كنا كافرين بما نزل على نبينا ولم نكن مسلمين، وليس من المعقول ألا يؤمن أحد بما يقتنع به إلا بعد أن يلف "كعب داير" وفى يديه "الكَلَبْشَات" على سائر الملل والديانات والفلسفات والمذاهب يطلب منهم السماح بأن يتركوه يؤمن بما يؤمن به. نحن لم ولن نطلب من القوم أو من غيرهم أن يراعوا مشاعرنا فى ما يؤمنون به، لكننا نقول إن قلة الأدب مع سيد الأنبياء والرسل ليست داخلة فى الإيمان بالسيد المسيح، وإلا فهل هناك نص واحد فى الأناجيل أو فى العهد القديم يسب محمدا عليه الصلاة والسلام أو يقول فيه ما لا نقوله نحن المسلمين، وبالتالى فهم يتعبدون به ولا يملكون تجاهه شيئا؟ أبدا لا وجود لمثل هذا النص، ومن ثم فإننا لا نكلفهم من أمرهم عسرا إذا قلنا إن قلة أدبهم وسفالتهم لا معنى لها على الإطلاق. ومع هذا فليمضوا إذا شاء لهم شيطانهم فى هذه السفالة والسفاهة كما يحبون، ونحن نشعر أن ديننا أقوى من كل هذا السخف الذى يشنّعون به بالباطل على نبينا، والمهم ألا يصرخوا تحت وقع مطارق الحق التى لا تعرف إلا قول الحق، ولاشىء إلا الحق، ولا تتوسل إلى ما تريد بما يتوسلون هم به من البكش والكذب واللف والدوران واختراع القصص والبهلوانيات الفكرية والعقيدية مما لم ولن يوصلهم إلى شىء! خذوا راحتكم على الآخر واشتموا واصرخوا كما تَبْغُون (وكل أموركم بَغْىٌ وعدوانٌ وإجرامٌ)، فوَحَقِّ جلالِ الله لن يزيد بَغْيُكم وجَئِيرُكم وصراخُكم جلالَ رسولِ الله إلا عظمة وتألقا وسطوعا، ولا دينَه (رغم ضعف أتباعه لتكاسلهم ورضاهم بالدنيّة والتخلف والهوان) إلا عِزًّا وانتشارًا، ولا أمريكا فى بلاد المسلمين (رغم كل التفوق الحربى والعلمى والاقتصادى الذى تحظى به، ومعه الخيانة التى يتبرع بها بعض المسلمين لمساعدتهم ضد أمتهم) إلا انهزامًا فى نهاية المطاف واندحارًا! أتظنون أن نجاستكم المنتنة يا أنجاس يمكنها، من مجارى البلاعات والبكابورتات التى تسكنها الصراصير والديدان والخنافس والفيران، أن تطول أو تنال الطاهر ابن الطاهرين ؟ تفُوّ على وجوهكم الكريهة الكالحة أجمعين، وهذه "التفُوّ" بالمناسبة ليست من عندى حتى لا أُتَّهم بالسرقة وتكتبنى "عرب تايمز" عندها فى باب "اللصوص الظرفاء"، بل أخذته من عنوان رسالة إلى د. أسامة فوزى محرر تلك الجريدة كان المرسل يشتمه فيها! وفى النهاية نعلنها واضحة صريحة من أعماق قلوبنا رغم ذلك كله فنقول إننا لا يمكننا أن نفكر ولو فى مس شعرة فى قدم عيسى بن مريم، بل نحن مستمرون فى تبجيله واحترامه وحبه والإيمان به، صلى الله عليه وعلى آله وعلى كل من آمن بما دعا إليه من التوحيد النقى الصافى ولم يشركه مع الله فى شىء، وصدّق بما بشر به من رسالة أحمد المصطفى وسَلَّمَ تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين
هذه العبقرية اليسوعية في الطلاق واحكامه "ياتري لو العريس ولمّا أتَمَّ يَسوعُ هذا الكلامَ، تَرَكَ الجَليلَ وجاءَ إلى بِلادِ اليَهودِيَّةِ مِنْ عَبرِ الأُردُنِ. 2فتبِعَتْهُ جُموعٌ كبـيرةٌ، فشَفاهُم هُناكَ.
3ودَنا إلَيهِ بَعضُ الفَرّيسيّينَ وسألوهُ لِـيُحرِجوهُ: "أيَحِلُّ لِلرَّجُلِ أنْ يُطلَّقَ اَمرأتَهُ لأيَّ سَبَبٍ كانَ؟" 4فأجابَهُم: "أما قَرأْتُم أنَّ الخالِقَ مِنَ البَدءِ جعَلَهُما ذكَرًا وأُنثى 5وقالَ: لذلِكَ يَترُكُ الرّجُلُ أباهُ وأُمَّهُ ويَتَّحِدُ باَمرأتَهِ، فيَصيرُ الاثنانِ جسَدًا واحدًا؟ 6فلا يكونانِ اثنينِ، بل جسَدٌ واحدٌ. وما جمَعَهُ الله لا يُفرَّقُهُ الإنسانُ".
7وسألَه الفَرّيسيّونَ: "فلِماذا أوصى موسى بأنْ يُعطيَ الرَّجُلُ اَمرأتَهُ كِتابَ طَلاقٍ فتُطلَّقُ؟" 8فأجابَهُم يَسوعُ: "لِقساوَةِ قُلوبِكُم أجازَ لكُم موسى أنْ تُطلَّقوا نِساءَكُم. وما كانَ الأمرُ مِنَ البَدءِ هكذا. 9أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاّ في حالَةِ الزَّنى وتزَوَّجَ غَيرَها زنى".
10فقالَ لَه تلاميذُهُ: "إذا كانَت هذِهِ حالُ الرَّجُلِ معَ المرأةِ، فخَيرٌ لَه أنْ لا يتَزوَّجَ". 11فأجابَهُم يَسوعُ: "لا يَقبلُ هذا الكلامَ إلاّ الَّذينَ أُعطِـيَ لهُم أن يَقبَلوهُ. 12ففي النّاسِ مَنْ ولَدَتْهُم أُمَّهاتُهُم عاجِزينَ عَنِ الزَّواجِ، وفيهِم مَنْ جَعلَهُمُ النّاسُ هكذا، وفيهِم مَنْ لا يَتزَوَّجونَ مِنْ أجلِ مَلكوتِ السَّماواتِ. فمَنْ قدِرَ أنْ يَقبَل فليَقبَلْ".
يسوع يبارك الأطفال.
13وجاءَهُ بَعضُ النّاسِ بأطفالٍ ليَضَعَ يَدَيْهِ علَيهِم ويُصلّيَ، فاَنتهَرَهُمُ التَّلاميذ. 14فقالَ يَسوعُ: "دَعُوا الأطفالَ يأْتُونَ إليَّ ولا تَمنَعوهُم، لأنَّ لأمثالِ هؤلاءِ مَلكوتَ السَّماواتِ". 15ووضَعَ يَدَيْهِ علَيْهِم ومَضى مِنْ هُناكَ.
الشاب الغني.
16 وأقبَلَ إليهِ شابٌ وقالَ لَه: "أيٌّها المُعَلَّمُ، ماذا أعمَلُ مِنَ الصَّلاحِ لأنالَ الحَياةَ الأبدِيَّةَ؟" فأجابَهُ يَسوعُ: "17 لِماذا تَسألُني عمّا هوَ صالِـحٌ؟ لا صالِـحَ إلاّ واحدٌ. إذا أَرَدْتَ أنْ تَدخُلَ الحياةَ فاَعمَلْ بالوصايا". 18فقالَ لَه: "أيَّ وصايا؟" فقالَ يَسوعُ: "لا تَقتُلْ، لا تَزْنِ، لا تَسرِقْ، لا تَشهَدْ بالزٌّورِ، 19أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، أحِبَّ قريبَكَ مِثلما تُحبٌّ نَفسَكَ".
20فقالَ لَه الشّابُ: "عَمِلتُ بِهذِهِ الوصايا كُلَّها، فما يَعوزُني؟" 21أجابَهُ يَسوعُ: "إذا أردتَ أنْ تكونَ كامِلاً، فاَذهَبْ وبِـــــعْ ما تملِكُهُ ووَزَّعْ ثمَنَهُ على الفُقراءِ، فيكونَ لكَ كنزٌ في السَّماواتِ، وتعالَ اَتْبَعْني!"
22فلمّا سَمِعَ الشابُ هذا الكلامَ. مَضى حَزينًا لأنَّهُ كانَ يملِكُ أموالاً كثيرةً.
23وقالَ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: "الحقَّ أقولُ لكُم: يَصعُبُ على الغنيَّ أنْ يَدخُلَ مَلكوتَ السَّماواتِ. 24بل أقولُ لكُم: مُرورُ الجمَلِ في ثَقبِ الإبرةِ أسهَلُ مِنْ دُخولِ الغنيَّ مَلكوتَ الله".
25فتعجَّبَ التَّلاميذُ كثيرًا مِنْ هذا الكلامِ وقالوا: "مَنْ يُمكِنُهُ أنْ يَخلُصَ، إذًا؟" 26فنَظَرَ إلَيهِم يَسوعُ وقالَ لهُم: "هذا شيءٌ غيرُ مُمكنٍ عِندَ النّاسِ، أمّا عِندَ الله فكُلُّ شيءٍ مُمكِنٌ".
27وقالَ لَه بُطرُسُ: "ها نَحنُ تَركْنا كُلَ شيءٍ وتَبِعْناكَ، فماذا يكونُ نَصيبُنا؟"
28فأجابَ يَسوعُ: "الحقَّ أقولُ لكُم: متى جلَسَ اَبنُ الإنسانِ على عَرشِ مَجدِهِ عِندَ تَجديدِ كُلٌ شيءٍ، تَجلِسونَ أنتُم الَّذينَ تَبِعوني على اَثني عشَرَ عَرشاً لتَدينوا عَشائرَ إِسرائيلَ الاثني عشَرَ. 29وكُلُّ مَنْ ترَكَ بـيوتًا، أو إخوَةً أو أخواتٍ، أو أبًا، أو أُمُا، أو أبناءً، أو حُقولاً مِنْ أجلِ اَسمي، يَنالُ مِئةَ ضِعفٍ ويَرِثُ الحياةَ الأبديَّةَ. 30وكثيرٌ مِنَ الأوَّلينَ يَصيرونَ آخِرينَ، ومِنَ الآخِرينَ يَصيرونَ أوَّلينَ".
الحق أننى لا ينقضى عجبى كلما قرأت أن الله أو ابنه (أى عيسى علي السلام حسبما يردد القوم) أكل أو شرب أو تعب أو أُحْرِج أو دخل أو خرج أو صلى وصام، ودعونا من جوعه وظمئه ونومه وتبوّله وتبرّزه وقيئه وخوفه وقلقه وتردده ودفعه ضريبة الهيكل خوفا من اليهود... إلى آخر ما يصنع البشر، وأتساءل: يا إلهى، ما الذى دفع بالقوم إلى هذه المضايق والمآزق، وعندهم سَعَةٌ وسيعةٌ فى التوحيد الذى أتى به سيد الأنبياء والمرسلين؟ كيف يا إلهى يأكل الله ويشرب وينام ويقلق ويدخل ويخرج ويعمل حسابا لهذا ولذاك ويشعر بالحرج...؟ ما الفرق بين من يؤمن بهذا إذن وبين الوثنيين؟
وبالنسبة لما نسب إليه من قوله عن الزواج والطلاق، وهو الجواب الذى أجاب به على الفريسيين فى النص التالى: "3ودَنا إلَيهِ بَعضُ الفَرّيسيّينَ وسألوهُ لِـيُحرِجوهُ: "أيَحِلُّ لِلرَّجُلِ أنْ يُطلَّقَ اَمرأتَهُ لأيَّ سَبَبٍ كانَ؟" 4فأجابَهُم: "أما قَرأْتُم أنَّ الخالِقَ مِنَ البَدءِ جعَلَهُما ذكَرًا وأُنثى 5وقالَ: لذلِكَ يَترُكُ الرّجُلُ أباهُ وأُمَّهُ ويَتَّحِدُ باَمرأتَهِ، فيَصيرُ الاثنانِ جسَدًا واحدًا؟ 6فلا يكونانِ اثنينِ، بل جسَدٌ واحدٌ. وما جمَعَهُ الله لا يُفرَّقُهُ الإنسانُ"، فعند التحليل لا يثبت على المحك رغم ما قد يبدو عليه من مثالية. إن الكلام عما جمعه الله فلا يفرقه إنسان هو فى الواقع كلام لا معنى له، إذ إن الذى يجمع هو الذى يفرق فى الحالين، وهو الله بمعنى، والناس بمعنى آخر: فالواقع أنه ما من شىء إلا ووراءه مشيئة الله، صغيرا كان ذلك الشىء أو كبيرا، جليلا أو تافها، ومنه الزواج والطلاق. ثم إنه ما من شىء يحدث فى دنيا العلاقات الاجتماعية إلا كان الناس هم فاعليه، ومنه الزواج والطلاق أيضا. فالخاطب يذهب لخطبة امرأة وبعد الاتفاق على كل شىء يأتى بالمأذون والطعام والفرقة التى تحيى الليلة...، وكل هذا عمل بشرى، وإن كانت وراءه مشيئة الله فى ذات الوقت، ولولا هذه المشيئة ما تم شىء فى العالم. لكن ليس معنى المشيئة الإلهية أن الرجل والمرأة ينامان ثم يقومان من النوم فيجدان نفسيهما ملتصقين بغراء إلهى كما يوحى النص. وبالمثل عندما يقع طلاق فإنه، وإن كان البشر من زوج ومأذون... إلخ هم مُوقِعيه أيضا، فإن وراء ذلك مشيئة الله، ولولا هذه المشيئة ما وقع طلاق.
إذن فمشيئة الله موجودة فى كل الأحوال زواجا وطلاقا. ثم ما الفرق بين الطلاق المرفوض فى النصرانية والطلاق المقبول؟ هل نقول إن الله موجود فى الثانى وغير موجود فى الأول؟ وهل مثل هذا الكلام مما يجوز قوله أصلا؟ إن الله لم يجمع الرجل والمرأة بالمعنى الذى يوحى به كلام النص، بل خلقهم ذكرا وأنثى، وقد يجتمعان فيكون الاجتماع بالزنا أو بالزواج، وربما لا يجتمعان كما هو الحال لو ماتا صغيرين لم يبلغا سن الزواج مثلا، أو كانا لا مأرب لهما فى الزواج لعلة من العلل النفسية أو البيولوجية أو آثرا ملكوت السماء حسبما قال متّى. الزواج والطلاق إذن عمل اجتماعى تنظمه الشريعة أو القانون. ولا شك أن هناك ظروفا كثيرة جدا قد تجعل من الزواج عبئا على طرفيه أو على طرف واحد، فلا بد حينئذ من مخرج للمتضرر حتى لا تتحول الحياة إلى جحيم. إن الإسلام ينادى بالصبر والتسامح والتحمل والتجمل حتى لا تغرق السفينة الزوجية، لكن ما العمل إذا كان كل من الطرفين أو أحدهما "رأسه وألف برطوشة قديمة" أنهما لا بد أن ينفصلا؟ أنعاند نحن ونقول: ما جمعه الله لا يفرقه إنسان؟ لكن الواقع أنه ما من شىء مجموع إلا والله هو الذى جمعه، أو شىء مفرّق إلا والله هو الذى فرّقه، والمهم ألا يكون هناك ظلم، أو على الأقل تنبغى مراعاة الخروج من الموضوع بأدنى درجة من الخسائر وأعلى قدر من المكاسب! والطلاق فى الإسلام قد رُوعِىَ فيه كل ما قلته هنا، وهو أفضل الحلول عند تعذر كل الحلول الأخرى، أما أن نقسر الطرفين على أن يستمرا فى وضع يرفضانه ولا يجدان فيه سوى الشقاء والعنت بحجة أن ما جمعه الله... إلخ، فهو استبداد وتعنت ومكابرة تؤدى إلى مزيد من الشقاء بل إلى الكوارث والتعرض لسخط الله، على الأقل من خلال الزنا، الذى لن يجد الزوجان الكارهان سبيلا سواه لإشباع غرائزهما. وأمامنا العبرة فى الرهبان والراهبات، ومعروف مدى العفن الذى يرتكسون فيه رغم التعتيم المقصود على ذلك العفن، ولا داعى للتفصيل، فالله أمر بالستر، وما ستره الله لايصح أن يهتكه إنسان، يا زيكو يا عابد الخرفان! والطلاق إذن ليس دائما سببه قساوة القلب، بل كثيرا، وكثيرا جدا، ما يكون هو الوسيلة الوحيدة للخروج من جحيم الخلاف والتنافر والتعاسة الذى يقاسى ناره الزوجان ويستحيل معه الاستمرار. ومن هنا فالقاعدة التى تقول: "مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاّ في حالَةِ الزَّنى وتزَوَّجَ غَيرَها زنى" هى تضييق وإعنات وخلط للأمور وهدم لشريعة موسى دون تقديم بديل أفضل أو حتى مساوٍ لما هو موجود فيها. ثم هى قبل ذلك كله خروج على ما قاله المسيح نفسه فيما نسبه إليه كتاب الأناجيل حين أكد أنه ما جاء لينقض الناموس، ثم استدار فى التو واللحظة فنقض الناموس، يا زيكو يا فلحوس، يا من يعيث فى دبرك السُّوس!
وكالعادة نجد أن ما قاله المسيح (أو بالأحرى: ما هو منسوب إليه) فى شأن المال يتسم بما يتسم به كلامه ووصاياه غالبا، فقد اشترط على الشاب الغنى أن يتخلص من جميع ما يملك كى يُكْتَب له ملكوت السماوات، وهو ما استصعبه الحواريون أنفسهم. والواقع أنه ليس مستصعَبا فحسب، بل مستحيلا فى الواقع، لأنه يصادر غريزة قوية جدا وضاربة بجذورها الحديدية فى أعماق نفوسنا، ومن غير المعقول أن يطالبنا الله بالمستحيل، إذ "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، وإلا لم يكن هذا عدلا، حاشاه تعالى عن ذلك، فهو ليس أهل العدل وحسب، بل الرحمة والكرم أيضا. وفى الإسلام يستطيع الإنسان أن يتصرف، بعيدا عما سيتركه لذريته، فى نطاق الثلث، والثلث كثير كما قال سيد الرسل والأنبياء رغم أن من الصحابة من كان ينفق فى سبيل الله ووجوه الخير ما يتعدى ذلك كثيرا. إلا أن هؤلاء يمثلون الخروج على القاعدة الذى لا يقاس عليه، على الأقل فى الظروف العادية. والقول بغير ذلك من شأنه أن يدعو الناس لليأس ويصرفهم عن الإيمان، بل عن عمل الخير جملة، وهو ما حدث للشاب فى القصة التالية: 16 وأقبَلَ إليهِ شابٌ وقالَ لَه: "أيٌّها المُعَلَّمُ، ماذا أعمَلُ مِنَ الصَّلاحِ لأنالَ الحَياةَ الأبدِيَّةَ؟" فأجابَهُ يَسوعُ: "17 لِماذا تَسألُني عمّا هوَ صالِـحٌ؟ لا صالِـحَ إلاّ واحدٌ. إذا أَرَدْتَ أنْ تَدخُلَ الحياةَ فاَعمَلْ بالوصايا". 18فقالَ لَه: "أيَّ وصايا؟" فقالَ يَسوعُ: "لا تَقتُلْ، لا تَزْنِ، لا تَسرِقْ، لا تَشهَدْ بالزٌّورِ، 19أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، أحِبَّ قريبَكَ مِثلما تُحبٌّ نَفسَكَ". 20فقالَ لَه الشّابُ: "عَمِلتُ بِهذِهِ الوصايا كُلَّها، فما يَعوزُني؟" 21أجابَهُ يَسوعُ: "إذا أردتَ أنْ تكونَ كامِلاً، فاَذهَبْ وبِـــــعْ ما تملِكُهُ ووَزَّعْ ثمَنَهُ على الفُقراءِ، فيكونَ لكَ كنزٌ في السَّماواتِ، وتعالَ اَتْبَعْني!" 22فلمّا سَمِعَ الشابُ هذا الكلامَ. مَضى حَزينًا لأنَّهُ كانَ يملِكُ أموالاً كثيرةً. 23وقالَ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: "الحقَّ أقولُ لكُم: يَصعُبُ على الغنيَّ أنْ يَدخُلَ مَلكوتَ السَّماواتِ. 24بل أقولُ لكُم: مُرورُ الجمَلِ في ثَقبِ الإبرةِ أسهَلُ مِنْ دُخولِ الغنيَّ مَلكوتَ الله".25فتعجَّبَ التَّلاميذُ كثيرًا مِنْ هذا الكلامِ وقالوا: "مَنْ يُمكِنُهُ أنْ يَخلُصَ، إذًا؟" 26فنَظَرَ إلَيهِم يَسوعُ وقالَ لهُم: "هذا شيءٌ غيرُ مُمكنٍ عِندَ النّاسِ، أمّا عِندَ الله فكُلُّ شيءٍ مُمكِنٌ"". أما فى الإسلام فــ"نِعْمَ المالُ الصالحُ للعبد الصالح"، و"إنك إن تَذَرْ ورثتك أغنياء خير من أن تَذَرَهم عالةً يتكفّفون الناس (أى يسألونهم ويشحذون منهم). كل ما هو مطلوب منك أن تكسبه من حلال، وتنفقه فى حلال، وتُخْرِج حق الآخرين فيه، ولا يستعبدك المال ويطغى على اهتمامك فيفسد روحك، وقد يدمر إنسانيتك. إن بعض الناس يعشقون الكلام الكبير الذى لا يُؤَكّل عيشا، وهؤلاء عبيد شقشقة اللسان، فدعهم بشقشقتهم يتصايحون! إن المال نعمة من نعم الله، فكيف يراد لنا النظر إليه على أنه رجس من عمل الشيطان؟
وكالعادة أيضا نرى السيد المسيح (طبقا لما يروى لنا كتّاب الأناجيل) يغالى أشد مغالاة فى حديثه عن مصير التلاميذ. لقد أعطاهم سلطانا على الأمراض والشياطين التى تسكن الأجساد، وقال لهم إن ما يَحُلّونه هنا على الأرض سيكون محلولا فى السماء، وما يربطونه سيكون مربوطا فى السماء، لكنه انقلب عليهم أكثر من مرة فنعتهم بقلة الإيمان بل بانعدامه تماما، ووصف بطرس بأنه شيطان ومعوِّق عن المهمة التى نزل من السماء لأدائها تبعا لما يزعمه القوم. ثم ها نحن نسمعه هنا يَعِدُهم بالجلوس على العروش فى الملكوت ليحاكموا بنى إسرائيل، مسندا إليهم خصيصة من خصائص الألوهية التى لا يمكن عيسى ولا مليون واحد كعيسى عليه السلام أن يدّعيها، فضلا عن أن يستولى عليها: "وقالَ لَه بُطرُسُ: "27ها نَحنُ تَركْنا كُلَ شيءٍ وتَبِعْناكَ، فماذا يكونُ نَصيبُنا؟"28فأجابَ يَسوعُ: "الحقَّ أقولُ لكُم: متى جلَسَ اَبنُ الإنسانِ على عَرشِ مَجدِهِ عِندَ تَجديدِ كُلٌ شيءٍ، تَجلِسونَ أنتُم الَّذينَ تَبِعوني على اَثني عشَرَ عَرشاً لتَدينوا عَشائرَ إِسرائيلَ الاثني عشَرَ. 29وكُلُّ مَنْ ترَكَ بـيوتًا، أو إخوَةً أو أخواتٍ، أو أبًا، أو أُمُا، أو أبناءً، أو حُقولاً مِنْ أجلِ اَسمي، يَنالُ مِئةَ ضِعفٍ ويَرِثُ الحياةَ الأبديَّةَ. 30وكثيرٌ مِنَ الأوَّلينَ يَصيرونَ آخِرينَ، ومِنَ الآخِرينَ يَصيرونَ أوَّلينَ". إن عيسى وموسى ومحمدا وسائر الأنبياء والرسل ما هم إلا عباد له جل وعلا، لا يملكون يوم القيامة لأنفسهم، فضلا عن غيرهم، شيئا، إلا إذا شاء الله لأحد منهم أن يشفع لبعض المؤمنين الذى ربما تكون أعمالهم الصالحة قد قصّرت بهم: "ما مِنْ شفيعٍ إلا مِنْ بعد إذنه" (يونس/ 3)، "يَوْمَئِذٍ َلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً" (طه/ 109). أما الجلوس على العرش فتلك مرتبة لا يبلغها بشر أو مَلَك، إذ العرش إنما هو لله فقط: "الرحمن على العرش استوى" (طه/ 5)، وكل كلام غير هذا لا معنى له، وإن كنا لا نصادر من يريد ترديده رغم مخالفته لمقتضيات الألوهية.
وبالمناسبة فإن الميزة التى أسبغها المسيح على التلاميذ تدل من ناحية أخرى على أن دعوته مقصورة على بنى إسرائيل، إذ إن التلاميذ سوف يدينون العشائر الإسرائيلية الاثنى عشر فقط. ولقد سمعناها صريحة من فمه قبل ذلك حينما رد على المرأة الكنعانية التى ابتهلت إليه أن يشفى ابنها بأنه إنما بُعِث لخراف بنى إسرائيل الضالة. وصدق الله العظيم إذ يقول: "إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)" (آل عمران)، "وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ" (الصف/ 6)q
القس الغبي يفضح اتباعه:من قريب كانت المواجهة مع النصرانية وخاصة الفكرية مع الكاثوليك منهم ، وباقي ملل النصارى لا يراهم إلا من يدقق النظر وفي أماكن محدودة جداً ، وكانت المواجهة مع النصرانية تأخذ ثلاث محاور .
المحور الأول : ( التبشير ) بالنصرانية في أطراف العالم الإسلامي ، عن طريق إرساليات ( التنصير ) المنتشرة كالجراد في أفريقيا وشرق أسيا ، وكان لهذه الإرساليات وجوداً محدوداً في داخل العالم الإسلامي ، مقارنة بوجودها في أطراف العالم الإسلامي.
المحور الثاني : الحوار مع المسلمين من أجل الوصول إلى ثوابت مشتركة ، يتم فيها الاعتراف بالنصرانية ويتم فيها تعديل الكثير من الثوابت الإسلامية ، وعلى رأسها ( الجهاد ) و ( اعتقاد كفر النصارى ) كي لا يكون الإسلام عدواً للنصرانية .
المحور الثالث : القتال ، أو بالأحرى هو تكسير عظام المسلمين المتسمسكين بدينهم ، وإجهاض أي محاولة لقيام دولة ذات صبغة إسلامية حتى ولو كانت في أقصى الشرق .
وهو حال الذين كفروا في كل زمانٍ ومكان ، يقاتلون وفي ذات الوقت يجادلون . يحاربون الموحدين على محورين ، محورٌ فكري ومحورٌ عملي ( حركي ) ، قال الله تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }[ غافر : 5] ، ولاحظ أن الآية تتكلم عن كل الأمم (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ ) .
ـ كانت المحاور الثلاث مُخْتَبئة ... تتلفع بثيابٍ من ( الشرعية ) ، فكان الحوار يتم مع ( علماء ) المسلمين من الصحويين والرسميين ، وحملات التنصير لا يعرف أخبارها إلا المختصين ، والحرب ترفع شعارات لا دينية ، وإن كانت ضد كل مَن اصطبغ بصبغة إسلامية .
حتى جاء بطرس ومن معه ، أو بالأحرى الأرثوذكس .. الأقباط منهم خاصة ، علماً بأن الأرثوذكس اليوم أذلة ، ولولا أن أذن الله بأن يُمدَّ إليهم حبلاً من الناس .. الأمريكان تحديداً ، ما سمعنا صوتاً واحداً منهم لا في مصر ولا في غيرها . ويقينا ستنتهي كل هذه الجعجعة حال انقطاع هذا الحبل ، وربما قبله بأن يطمع الأمريكان ( البروتوستانت ) في شعب الأقباط ويحدث ( تبشير ) داخل القبط أنفسهم أو مساندة للمنشقين كما حدث مع ماكسيموس الأول ، ووقتها لن يجد القبط إلا المسلمين ينقذوهم من بني ملتهم البروتوستانت أو الكاثوليك تماماً كما فعل أسلافهم من قبل .
والمقصود أنه في ظلِّ ظروف سياسية ظهر زكريا بطرس ومن معه من أقباط مصر الأرثوذكس بهذا الكم من الحقد والغل على الإسلام والمسلمين ، فهدموا كل ما فعله الكاثوليك في مائة عام فبعد أن كاد الكاثوليك أن يصلوا إلى ثوابت مشتركة بين ( المسلمين ) و النصارى ، وبعد أن أخذوا اعترافاً من ( علماء ) المسلمين بأن دينهم دين من عند رب العالمين ـ وكذب من قال بهذا ـ وبعد أن تلاقت جهود العلمانيين مع المُنصرين والمنهزمين من ( علماء ) المسلمين في القول بأن الكل ( مؤمن ) والله يفصل بيننا يوم القيامة . خرج على الناس الكذاب اللئيم زكريا بطرس فهدم كلَّ هذا .
ماذا فعل بطرس ؟
1 ـ أعاد المواجهة بين الإسلام والنصرانية إلى مواجهة صريحة ، إما إسلام وإما نصرانية ، فهو يتكلم بأن الإسلام ليس بالدين ، ويتكلم بأن محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس برسولٍ من عند رب العالمين ، ويتكلم بأن من لم يقبل المسيح ـ عليه السلام ـ إلى الجحيم ، يصرح بهذا ، ولا مناصفة عنده ، ولا يقبل حتى العلمانيين من أمثال ( هالة سرحان ) ، أو مَن دونها . لا بد عنده من قبول التعميد .
2 ـ استحضر العامة للصراع ، وهي مصيبة ، فالملاحظ أن الكذاب اللئيم زكريا بطرس يتكلم للعامة ، فهو لا يتبنى خطاباً علمياً ، وإنما تسطيحاً فكرياً ، ويتوجه بالأساس ـ هو ومن على قوله ـ إلى عامة المسلمين وعامة النصارى . واستحضار العامة للصراع مصيبة قد تأتي على أقباط مصر كلهم ، وخاصة أن زكريا بطرس كذَّاب . وأضرب الأمثال ليتضح المقال.
لو جئت في قرية مثلا من قرى مصر وبها عدد قليل من الأقباط كما هو الحال في أغلب القرى ، وناديت في عامة الناس أو أشعتُ بينهم أنهم ـ أي النصارى ـ يقولون أن موسم الحج يُعقد من أجل الإخصاب والسفاح ، وأن ( مِنَى ) من مَنِيِّ الرجال ، وأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس ابن أبيه ، وأن القرآن ليس كلام الله ... ماذا سيكون رد العامة ؟
هل سيطلبون الدليل ؟!
وإن أضاف محدثهم بأن هذا الكلام محض كذب ، وبيّن قليلاً من كذب من يتكلم . وأننا رددنا عليهم ووضحنا لهم ولم يرجعوا عن قولهم .. فهي حربٌ إذا على الإسلام . تُرى ماذا ستفعل العامة ؟
كما فعلت ( يوم الإسكندرية ـ 21 رمضان /1427 هـ ) تهيج ولن تسكن حتى تقضي على من تكلم بهذا الكلام .
ظنَّ بطرس أن سيسبقنا للناس ، وأننا غافلون عن بيان كذبه ، وغرّه أن استجاب نفرٌ لقوله ، وفرح بمن التف حوله ممن هم مثله ، واتخذ سكوت المسلمين عنه دليلاً على صحة قوله . وهي سطحية في التحليل ، فالناس سكتوا لأن الخطاب لم يصل للجميع ، إذ ليست كل البيوت تحمل على رأسها ( دش ) ، وأهل العلم ـ من المسلمين ـ لا يصدقون ما يحدث .. يقولون سفيه .. يتكلم بكلام من لا عقل له .. ولن يجد من يسمعه . . فهم ينظرون لأثر الفعل وإن ثم أثر فلن يسكت له أحد ، ولن يرجع الناس عنهم أحد ، فلسنا ممن يقبل التعدي على دينه ،ولسنا ممن يُؤتى من قِبَل دينه ، والتاريخ شاهد على أننا ننتفض حين يمس ديننا ، وحين يرفع الصليب على رأسنا .
والمقصود أن استحضار العامة من الكذاب اللئيم بطرس ومن الكنيسة القبطية في غاية الحماقة .
ـ يَرد سؤال على الخاطر : هل يغفل زكريا بطرس عن ذلك ؟ هل يغفل من سكتوا عن الكذاب اللئيم زكريا بطرس وشجعوه في مصر وخارج مصر عن ذلك ؟
يقيناً لا يغفلون عن ذلك ، وهناك تسجيلات بصوت أحد أعضاء المجلس المِلِّي عندهم يتكلم على لسان جميعهم بأنهم خائفون وَجِلُون من ثورة العامة عليهم في مصر وفي الخليج العربي ، ولكن ـ كما يقول هذا المتحدث ـ قد سلكوا طريقا ً يحسبون أنهم سيخدعون الجميع به .
فهم قد أصدروا بياناً بشلح ( عزل ) زكريا بطرس ، واحتفظوا بهذا البيان ،أو وزعوه على نطاقٍ ضيق جداً ، وقرروا الآن أن يقفوا موقفاً محايداً من زكريا بطرس ومن معه من أقباط المهجر وجماعات التنصير بالداخل ، ويبقى دعمهم لهم خفي ، فإن غلب بطرس ومن على شاكلته المسلمين ـ ولن يكون بحول الله وقوته ـ فهم معهم ، وإن غلبهم المسلمون يقولون قد تبرأنا منهم من قبل ، ولا نعرفهم . ويبرزون لنا تلك الورقة التي لم يكد يقرأها أحد سواهم .!!
ويضحكون على أنفسهم .
فلسنا أغبياء ، وكل ناطق صغر أو كبر عقله يعلم أن الساكت المقر كالفاعل ، وهم سكتوا عنه وقد طالبناهم بالوقوف في وجهه ووجه من يقول بقوله ، ونطالبهم الآن بذلك ، أو ببيان موقفهم منه ، وهم أعانوه ، فقد أرسل شنودة الثالث مندوباً على البالتوك يدافع . وبطرس رفض دعوى شلحه علناً في أحد برامجه وصرح بأنه استقال ولم يُشلح . ولم نسمع منهم تكذيباً لهذا الكلام وهو ما يشبه الإقرار .
فما يحدث الآن يسئل عنه الجميع ، وليس بطرس وحده ، ولا أقباط المهجر وحدهم .
3 ـ وجنى بطرس على النصرانية حين دعى الناس إليها ، وطالبهم بالدخول فيها . . . جنى على النصرانية حين عرضها على الناس .
نعم تلك جناية وأي جناية . النصرانية لا تصلح للعرض على الناس ، والنصرانية لم تأخذ مرّة الأتباع عن طريق الدعوة منذ جاء الإسلام ، وإنما بعصى السلطان . أو بالمال .. تغري من ابتلاهم الله بالفقر مع الجهل وانقطعت عنهم أسباب الدعوة إلى الله .. وهو بلاء لهم ولمن استطاع أن يصل إليهم وما حاول .
أما النصرانية فلم تقف يوماً جريئة تعرض ما عندها على الناس وتقول هلمّو إليّ هذا هو الدين الصحيح .[1] إلا هذه المرة على يد بطرس الكذاب ، راح يدعو للنصرانية .. يدَّعي أنها هي الدين الصحيح ، وهذه توريطة أخرى للنصرانية .
كيف ؟
أبيّنُ كيف ؟
لا يمكن أبداً عرض النصرانية كدين إلا عن طريق الكذب ، كما فعل بطرس ، أو عن طريق البتر ( القص ) بإبداء القليل وإخفاء الكثير . كما فعل بطرس أيضاً ، فهو خصوصاً وهم عموماً ـ أعني من يواجهوننا اليوم مواجهة مباشرة ـ حين يتكلمون عن دينهم يكذبون ، ويبدون كثيراً ويخفون قليلا .
والجناية على النصرانية هنا تتمثل في أننا سنأتي خلفهم ونبين للناس كذبهم في قولهم ، ونظهر للناس حقيقة النصرانية التي يخفونها عنهم . وهاأنذا فعلت متخذاً الكذاب اللئيم زكريا بطرس نموذجاً في العرض . وفعل غيري ، وهي أثار هذه الأفعال بدأت تؤتي أكلها ، فكبير من كبرائهم يقول نفقد كل يوم ما بين الثمانين إلى المائة والعشرين فرداً في مصر وحدها . هذا ولم يصل الخطاب لكل الناس .
إن أمة القبط ظلمت نفسها حين تطاولت على رسول ربها ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإن الله الذي دافع عن نبيه في قصة ( المغافير ) ووعد نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بان يكفيه المستهزئين لن يترك عرض نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهؤلاء يتطاولون عليه ليلاً ونهاراً . وأرى القبط قد عصوا ربهم فأذن في عقابهم ، وما هي إلا أسباب ظاهرة تجري ليأتي وعيد ربك ، وما كان ربك نسيا
الاخوة النصاري ارجوكم بدون احراج قراءة كتابكم بأنفسكم ولا تكتفوا بما يقوله لكم الكهنة الكاذبون "يسوع يحبك ,يسوع افتدانا..يسوع ابن الله ..يسوع هو الله ...الخ من التهريج؟؟؟نحن الان في القرن21 عصر المعلومات وليس لكم عذر في التمادي في العناد والكفر بالله واتباع الوثنية؟اخوتي الاعزاء : القرار صعب ولكن لابد منه ؟؟؟هداكم الله؟؟؟عادة ما يغضب إخواننا المسيحيون من الإشارة إلى المتناقضات في الأناجيل أو في الكتاب المقدس ، التي باتت تُعد بالآلاف ، ويتهمون قائلها بأنه يعتدي على "قدسية" نصوص منزّلة !.. بل لقد أضيف إلى عبارة الغضب هذه رد صادر عن المؤسسة الفاتيكانية ، للتمويه على الحقائق العلمية ، بأن هذه المتناقضات ليست
بمتناقضات ، وإنما هي آيات تكمّل بعضها بعضا ! وذلك هو ما قاله أيضا الأب رفيق جريش ، في المداخلة التي قام بها، ردا على ما أشرت إليه بهذا الصدد ، في برنامج "90 دقيقة" على قناة المحور ، يوم 14 يناير الماضي..
وفى واقع الأمر أن هذه "القدسية" المزعومة قد اعتدى عليها الفاتيكان فعلا ثلاث مرات : المرة الأولى فى مجمع ترانت ، سنة 1546 ، حينما فرضها على الأتباع قهرا فى الدورة الرابعة ، يوم 8 أبريل ، قائلا إن "الله هو المؤلف الوحيد للكتاب المقدس" ، وهى العبارة الواردة في وثائق ذلك المجمع ، مع فرض "اللعنة على كل من يتجرأ ويسأل عن مصداقية أي شيء" ! (المجامع المسكونية ، الجزء الثالث صفحة 1351 ، طبعة لوسير 1994).
والمرة الثانية مع تقدم العلوم والدراسات التاريخية واللغوية ، حينما تراجع الفاتيكان عن عبارة أن "الله هو المؤلف"، ليقول في مجمع الفاتيكان الأول سنة 1869 : "أن الله قد ألهم الحواريين عن طريق الروح القدس" !..
أما المرة الثالثة ففي مجمع الفاتيكان الثاني المنتهي سنة 1965 ، فمن أهم ما ناقشه : الدراسات النقدية التي أطاحت بمصداقية الكتاب المقدس بعامة ، وبالعهد الجديد بصفة خاصة.. فبعد مداولات متعددة لدراسة كيفية صياغة الإعلان عن هذا التراجع المطلوب ، المناقض لكل ما تم فرضه قهرا لمدة قرون ، على أنها نصوص منزّلة ، تم التوصل إلى محاولة للتخفيف من وقعه على الأتباع ، عبر خمس صياغات مختلفة ، واقترعوا على الصيغة النهائية ، بأغلبية 2344 صوتا مؤيدا ضد 6 أصوات معارضة..
ويقول النص الصادر عن الفاتيكان : "إن هذه الكتب وإن كانت تتضمن الناقص والباطل ، فهي مع ذلك تُعد شهادات لعلم تربية إلهي حقيقي" .. ويعنى النص بالفرنسية :
"Ces livres, bien qu'ils contiennent de l'imparfait et du caduc, sont pourtant les témoins d'une pédagogie divine" !..
وفى العدد رقم 137 من مجلة "عالم الكتاب المقدس" سبتمبر- أكتوبر 2001 ، والذي يتصدر غلافها موضوع رئيسي بعنوان : "من كتب الكتاب المقدس ؟ " ، نطالع في المقال الذي بقلم جوزيف موان J. Moingt)) ، الأستاذ المتفرغ بكليات الجزويت بباريس ، والذي يشير فيه إلى صعوبتين فيما يتعلق بالكتاب المقدس قائلا :
" أولا إن الكتاب المقدس ليس كتابا بالمعنى المفهوم وإنما مكتبة بأسرها ، مجموعة متعددة من الكتب والأنواع الأدبية المختلفة ، بلغات مختلفة ، ويمتد تأليفه على عشرات القرون، وأنه قد تم تجميع كتبه فى شكل كتاب بالتدريج ، ابتداء من مراكز صياغة ونشر متنوعة. ثانيا كل كتاب من هذه الكتب لم يتم تأليفه دفعة واحدة ، بقلم نفس الكاتب ، وإنما صيغ كل كتاب منها اعتمادا على العديد من التراث الشفهية المتناثرة وكتابات جزئية متفرقة ناجمة عن مصادر شتى بعد أن تمت إعادة كتابتها وصياغتها وتبديلها على فترات طويلة قبل أن تصل إلى ما هي عليه".. ويوضح هذا الاستشهاد كيف أن مثل هذه المعلومات في الغرب باتت من المعلومات الدارجة التي يتم تناولها على صفحات الجرائد والمجلات ..
وإذا أضفنا إلى ما تقدم كل ما توصلت إليه "ندوة عيسى" ، بمعنى أن 82% من الأقوال المنسوبة ليسوع لم يتفوّه بها ، وأن 86 % من الأعمال المسندة إليه لم يقم بها، لأدركنا فداحة الموقف ، من حيث الهاوية التي تفصل الحقائق التي توصل إليها العلم والعلماء ، وكثير منهم من رجال اللاهوت ، والإصرار الأصم على تنصير العالم ، بأي وسيلة وبأي ثمن - رغم كل الشعارات الطنانة والمتكررة التي يعلنونها باحترامهم أصحاب الأديان الأخرى !
ولا أتناول هذا الموضوع من باب التجريح أو الانتقاص من أحد - فما من إنسان في هذا الزمن مسئول عما تم في هذه النصوص من تغيير وتبديل ، عبر المجامع على مر التاريخ ، لكنني أطرحه كقضية عامة تهم كل المسلمين ، أينما كانوا ، والذين باتت تُفرض عليهم عملية تنصير لحوحة وغير إنسانية ، مدعومة بالضغوط السياسية وبما يتبعها من تنازلات .. لذلك أناشد كافة الجهات المعنية التصدي لهذه المهزلة المأساوية الكاسحة !..
كما أنها تهم كل القائمين على عمليات التبشير والتنصير ، التي تدور رحاها بذلك الإصرار الغريب ، حتى يدركوا فداحة ما يتسببون فيه حقيقة، على الصعيد العالمي ، من ضغوط وانفجارات .. ضغوط وانفجارات ناجمة عن إصرارهم على اقتلاع دين الآخر ، و نحن جميعا في غنى عنها ـ خاصة وأنها تدور قهرا ، بجيوش مجيشة من العاملين في هذا المجال ، من أجل فرض نصوص وعقائد أقرت قياداتها العليا ، منذ أجيال عدة ، بأنها تتضمن "الناقص والباطل" كما رأينا ..
وقد قامت نفس هذه القيادات بالتمويه على ما بها من متناقضات ، جلية لكل عين لا تتعمد فقدان البصر والبصيرة ، باختلاق بدعة أنها تعبّر عن تعددية الرؤية والتعبير، أو أنها تكمل بعضها بعضا !.. لذلك أصبحوا يقولون : "الإنجيل وفقاً لفلان" ، وليس "إنجيل فلان" .. وهو ما يحمل ضمناً الاعتراف بوجود مساحة من الشك والريبة غير المعلنة..
وإذا ألقينا بنظرة على بعض هذه المتناقضات ، التي قالت عنها الموسوعة البريطانية في مداخلة "الكتاب المقدس" أنها تصل إلى 150,000 تناقضا ، وقد رفعها العلماء مؤخرا إلى الضعف تقريبا ، لأمكن لكل قارئ ـ أيا كان انتماؤه ـ أن يرى بنفسه ويقارن مدى مصداقية مثل هذه النصوص ، أو مدى إمكانية اعتبارها نصوصا منزّلة ! ونورد ما يلي على سبيل المثال لا الحصر:
* التكوين 1 : 3-5 في اليوم الأول الله خلق النور ثم فصل النور عن الظلمة.
* التكوين 1 : 14-19 تم ذلك في اليوم الرابع.
* التكوين 1 : 24-27 خلق الحيوانات قبل الإنسان.
* التكوين 2 : 7 و 19 خلق الإنسان قبل الحيوانات.
* التكوين 1 : 31 أُعجب الله بما خلق.
* التكوين 6 : 5-6 لم يعجب الله بما خلق وحزن وتأسف ..
* التكوين 2 : 17 كتب على آدم أن يموت يوم يأكل من شجرة المعرفة ، وقد أكل.
* التكوين 5 : 5 آدم عاش 930 سنة !
* التكوين 10 : 5 و 20 و 31 كل قبيلة لها لغتها ولسانها.
* التكوين 11 : 1 كانت الأرض كلها لسانا واحداً ولغة واحدة.
* التكوين 16 : 15 و 21 : 1-3 إبراهيم له ولدان إسماعيل وإسحاق.
* العبرانيين 11 : 17 إبراهيم له ولد واحد وحيده إسحاق (وتم استبعاد إسماعيل).
* التكوين 17 : 1—11 الرب يقول عهد الختان عهداً أبدياً.
* غلاطية 6 : 15 بولس يقول ليس الختان ينفع شيئا (وبذلك تعلو كلمة بولس على كلمة
الرب) !..
* خروج 20 : 1-17 الرب أعطى الوصايا العشر لموسى مباشرة بلا وسيط.
* غلاطية 3 : 19 أعطاها الرب مرتبة بملائكة فى يد وسيط.
* الملوك الثاني 2 : 11 صعد إيليا فى العاصفة إلى السماء.
* يوحنا 3 : 13 لم يصعد أحد إلى السماء إلا ابن الإنسان (يسوع).
* متى 1 : 6 – 7 نسب يسوع عن طريق سليمان بن داوود.
* لوقا 3 : 23 -31 نسب يسوع عن طريق ناثان بن داوود.
* متى 1 : 16 يعقوب والد يوسف.
* لوقا 3 : 23 هالي والد يوسف.
* متى 1 : 17 جميع الأجيال من داوود إلى المسيح ثمانية وعشرون.
* لوقا 3 : 23 -28 عدد الأجيال من داوود إلى المسيح أربع وثلاثون.
* متى 2 : 13 – 16 يوسف أخذ الصبي (يسوع) وأمه وهربوا إلى مصر.
* لوقا 2 : 22 – 40 عقب ميلاد يسوع يوسف ومريم ظلا فى أورشليم ثم عادوا إلى
الناصرة ! أي أنهم لم يذهبوا إلى مصر بالمرة ، بل ولا يرد ذكر ذبح الأطفال بأمر هيرود.
* متى 5 : 17 – 19 يسوع لم يأت لينقض الناموس.
* أفسوس 2 : 13 – 15 يسوع قد أبطل الناموس بجسده !
* متى 10 : 2 ، ومرقس 3 : 16 – 19 ، ولوقا 6 : 13 – 16 ، وأعمال الرسل 1 : 13
تختلف بينها أسماء وأعداد الحوايرين ..
* متى 10 : 34 جاء يسوع ليلقي سيفا وليس سلاما.
* لوقا 12 : 49 – 53 جاء يسوع ليلقي ناراً وانقساما.
* يوحنا 16 : 33 جاء يسوع ليلقي سلاما ! بينما يقول يسوع :
* لوقا 19 : 27 أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فاْتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي !!
* متى 16 : 18ـ19 يسوع يقول : أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابنِ كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات ..
* متى 16 : 23 فالتفت يسوع وقال لبطرس : اذهب عني يا شيطان أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس !.. وكررها مرقس كاتبا : " فانتهر بطرس قائلا : اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس" (8 : 33) ! فكيف يمكن لكنيسة أن تقوم على شخص يعتبره السيد المسيح شيطانا ومعثرة ولا يهتم بما لله ؟!.
* مرقس 14 : 44-46 علامة خيانة يهوذا ليسوع أن يقبله.
* لوقا 22 : 47-48 يهوذا دنا من يسوع ليقبله.
* يوحنا 18 : 2-9 يسوع خرج وسلم نفسه ولا ذكر لقبلة يهوذا الشهيرة.
* متى 27 : 5 يهوذا طرح الفضة (النقود) أرضا ثم انصرف.
* أعمال الرسل 1 : 18 يهوذا يقتني حقلا بأجرة خيانته.
* متى 27 : 5 يهوذا خنق نفسه.
* أعمال الرسل 1 : 18 يهوذا يسقط على وجهه وانشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها.
* متى 27 : 28 ألبسوا يسوع رداءً قرمزيا (علامة على الإهانة) ! ..
* مرقس 15 : 17 البسوه رداءً أرجوانيا (علامة على المَلَكية) !..
* متى 27 : 32 سمعان القيرواني سخّر لحمل صليب يسوع.
* يوحنا 19 : 17 خرج يسوع حاملا صليبه.
* متى 27 : 46 – 50 كانت آخر كلمات يسوع "إيلي إيلي لم سبقتني ، أي إلهي إلهي لماذا
تركتني " ..
* لوقا 23 : 46 كانت آخر كلمات يسوع " يا أبتاه في يدك أستودع روحي" ..
* يوحنا 19 : 30 كانت آخر كلماته " قد أكمل " ونكس رأسه وأسلم الروح ..
* لوقا 23 : 43 قال يسوع للص المصلوب بجواره : الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس !..
* أعمال الرسل 2 : 31 تقول الآية أنه ظل فى الجحيم حتى بُعث (في طبعة 1831) ، وفي طبعة 1966 تم تغيير عبارة "الجحيم" وكتابة "الهاوية" !..
وتغيير الكلمات أو العبارات من علامات التلاعب بالنص المتكررة ، وليست فقط فى الآية السابقة وتعد بالمئات ، فعلى سبيل المثال نطالع فى طبعة 1671 ، فى سفر إشعيا 40 : 22 عبارة "الذي يجلس على دايرة الأرض وسكانها هم مثل جراد : الذي يمد السموات كلا شيء ويبسطهن كمخبأ للمسكون " ، نجدها قد تحولت فى طبعة 1966 إلى : " الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب الذى ينشر السموات كسرادق ويبسطها كخيمة للسكن " ! وأهم فارق يشار إليه في هذا التغيير هو حذف عبارة " دايرة الأرض" التى تشير إلى أن الأرض مسطحة حتى وإن كانت مستديرة الشكل ، وكتابة " كرة الأرض" لتتمشى مع التقدم العلمي الذي أثبت أن الأرض كروية وتدور حول الشمس ، وهى القضية التي تمت محاكمة جليليو بناء عليها ، ومن الواضح أن التغيير قد تم بعد ثبوت كلام جاليليو !
وهناك آيات جد محرجة في معناها ، إذ تكشف عن حقيقة موقف أهل يسوع وأقرباؤه ، كأن نطالع : " ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا إنه مختل . وأما الكتبة الذين نزلوا من أورشليم فقالوا إن معه بعلزبول وأنه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين. " (مرقس 3 :21-22).. وهو ما يؤكده يوحنا ، إذ يقول : " فقال له اليهود الآن علمنا أن بك شيطانا" (8: 52 ) بل يضيف يوحنا : " لأن إخوته أيضا لم يكونوا يؤمنوا به" ( 7 : 5 ) !. فهل يجوز لمثل هذا الإنسان الذى يصفه أقرباؤه بالمختل ، ويرى فيه اليهود أن به شيطانا ، وان إخوته لم يكونوا يؤمنوا به أن يكون إلهاً ويصبح "ربنا يسوع المسيح" الذى يجاهد التعصب الكنسي لفرض عبادته على العالم ؟!
أما مسألة يسوع وإخوته فما هو مكتوب عنها يؤكدها تماما ، إذ يقول لوقا : " فولدت ابنها البكر و قمّطته وأضجعته فى المزود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل " (2 : 7) .. وعبارة "الابن البكر" يقينا أن له إخوة وأخوات كما هو وارد فى متى (13 : 55 – 56 ) ، وأن يسوع ، عليه الصلاة والسلام، هو أكبرهم ، أي الابن البكر ..
وهو ما يؤكده متى حينما يورد الحلم الذي رآه يوسف النجار :"فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره الرب وأخذ امرأته. ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع" (1 : 24 -25 ).. وعبارة "لم يعرفها حتى ولدت" تعني أنه لم يعاشرها جسدا حتى وضعت ابنها البكر. وهذا تأكيد على صحة عبارة الإخوة والأخوات المذكورين بأسمائهم فى مرقس (6 : 3). خاصة وأن النص اليونانى للإنجيل يحمل عبارة "أدلفوس" adelfos)) أي أخ شقيق ، وليس "أنبسوي" anepsoi)) ، أي أولاد عمومة كما يزعمون كلما أُثيرت هذه المشكلة التى تمس بألوهية يسوع ..
وهناك العديد من الوقائع التي لم يشهدها أحد فكيف وصلت لكتبة الأناجيل ، ومنها السامرية التي قابلها يسوع ، رغم العداء الشائع بين اليهود والسامريين ، إضافة إلى أن هذه السامرية بها من المحرمات الدينية والشرعية ما يجعله يبتعد عنها ، فهى متزوجة خمس مرات وتحيا فى الزنا مع آخر ، ورغمها نرى يسوع عليه السلام يبوح لها في إنجيل يوحنا بما لم يقله لمخلوق ( 4 : 26 ) ، بأنه هو المسيح المنتظر !! فأي عقل أو منطق يقبل مثل هذا القول؟
وهناك تناقضات تشير إلى عدم صلب يسوع ، عليه السلام ، بالشكل المعترف عليه الآن، فالنص يقول : إنه عُلق على خشبة ! وهو ما يتمشى مع الواقع ، فالصليب بشكله الحالي لم يكن معروفا فى فلسطين آنذاك .. وتقول الآيات :
"إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة" ( اع 5 : 30 ) ؛ " ..الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة" ( اع 10 : 39 ) ؛ " ولما تمموا كل ما كتب عنه أنزلوه عن الخشبة ووضعوه فى قبر" ( اع 13 : 29 ) ؛ " المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من عُلق على خشبة" (رسالة بولس إلى أهل غلاطية 3: 13) ؛ وهو ما يؤكده بطرس فى رسالته الأولى إذ يقول : " الذى حمل هو نفسه خطايانا فى جسده على الخشبة" (2 : 24 ) .. فأية آيات نصدق فى مثل هذه الأناجيل ؟!. ولا تعليق لنا على اعتبار السيد المسيح عليه الصلاة والسلام " لعنة " و " ملعونا " والعياذ بالله !
وليس كل ما تقدم إلا مجرد شذرات ، مقارنة بعددها الفعلي ، فلا يسع المجال هنا لتناول تلك الآلاف من المتناقضات الثابت وجودها فى النصوص الدينية ، لكنا نشير إلى حقيقة أن هذه النصوص ، بالشكل التي هي عليه ، ليست منزّلة – باعتراف قادة المؤسسة الكنسية الفاتيكانية ، والعديد من الباحثين ، وإنما هي قد صيغت وفقا للأغراض والأهواء السياسية والدينية ، وبالتالي فإنه لا يحق لأي "إنسان" أن يحاول فرضها على المسلمين أو غير المسلمين !
ليؤمن بها من شاء من أتباعها وليكفر بها من شاء من أتباعها ، لكن فرضها على العالم أجمع ، وخاصة على العالم الإسلامى الموحد بالله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ، فهو أمر مرفوض بكل المقاييس ، فالآيات التي يتذرعون بها لتنصير الشعوب والتى تقول : "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 38 : 19) قد تمت صياغتها فى مجمع القسطنطينية ، سنة 381 ، باختلاق بدعة الثالوث وإقحامها فى الأناجيل التي بدأت صياغتها فى أواخر القرن الأول .. فبأي عقل يمكن للدارس أو حتى للقارىء العادي أن يضفي أية مصداقية على ذلك الكم من المتناقضات ؟!..
كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يضع رأسه في حجر زوجته ويقرأ القرآن ثم يغلبه النوم فينام ورأسه في حجرها ، تدبروا .هذا حال المُجهد الذي ما أن يستكينُ على الأرض حتى يغلبه النعاس وينام . وفي حجر زوجته يقرأ القرآن .
وكان حسن العشرة مع زوجاته يقول ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) . لا يفضل واحدة منهن على الأخرى في القسم ، ويطوف كل يوم عليهن يسأل عن أخبارهن ، ثم يبيت عند التي هو في نوبتها .
متواضعا حليما ، يرقع ثوبه ويخصف نعله ، بساما ضحاكا ، كما تصفه زوجته ، يقول صاحب الرحيق المختوم ، كان أشد الناس حياء وإغضاء ، وإذا كره شيئا عرف في وجهة . وكان لا يُثْبِتْ نظرُه في وجه أحد ، خافض الطرف . نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلُّ نظره الملاحظة، لا يشافه أحدا بما يكره حياء وكرم نفس، وكان لا يسمي رجلا بلغ عنه شيء يكرهه، بل يقول . ( ما بال أقوام يصنعون كذا ) . ، ولَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصفحُ .لا يضرب ولا يسب ، ولا يغضب إلا إن انتهكت حرمة من حرمات الله . ولا يعيب الطعام ... إن اشتهاه أكله وإلا تركه . يستيقظ من نومه جائعا فيسأل عن طعام فلا يجد فينوي الصيام إلى الليل .
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه فيما رواه أحمد : " خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ . لَا وَاللَّهِ مَا سَبَّنِي سَبَّةً قَطُّ وَلَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ لِمَ فَعَلْتَهُ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَلَّا فَعَلْتَهُ .
يقول هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت ) انتهى كلامه رضي الله عنه .
أقول : ليس هذا حال من يحب النساء ، فالأنوثة لا تظهر مع التقشف ، والعيش على التمر والماء بين جدران الطين . فمَن لا همَّ له إلا النساء لا يقضي شبابَه كلَّه مع إمرأة واحدة عجوز تكبره بخمسة عشرة سنة ، وقد تزوجت برجلين قبله وأنجبت أكثر من مرة . ليس هذا حال من يعشق النساء . من لا همَّ له إلا النساء لا يتزوج بإمرأة عجوز ثبطة ... ثبطة تعني ثقلية متينة . . بدينة .. تمشي كأنها مقيدة ، أم أولاد يبكون ويصيحون ليل نهار عند رأسه ...ذلكم سودة رضي الله عنها ، ثاني من تزوج الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ماتت خديجة رضي الله عنها وهي قد تجاوزت الستين من عمرها .. بل قاربت السبعين من عمرها ، ثم مكث رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بعدها لا يفكر في الزواج حتى أشارت عليه إحداهن بأن يتزوج فهو أبٌ عنده بنين وبنات ، وتزوج من ؟
تزوج سودة رضي الله عنها ... إمرأة كبيرة .. بدينة .. بطيئة الحركة تمشي الهوين كأنها مقيدة .. أم أولاد ، وظلت معه وحدها ثلاث سنوات . أي حتى بلغ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سن الثلاثة والخمسين من عمره .
من لا همَّ له إلا النساء لا ينخلع من فراش أحب الناس إليه ويطيل السجود لله . يدعو ربه خوفا وطمعا . من لا همَّ له إلا النساء لا ينخلع من فراش أحب الناس إليه ويذهب للمقابر يزور الموتى ويدعوا لهم . من لا هم له إلا النساء .. لا يقوم من الليل حتى ترم قدماه أو ساقاه ، وقد آذنه ربه بالمغفرة على ما تقدم من ذنبه وما تأخر . ولا ذنب له وإنما هو الشعور بعظمة المعبود وتقصير العبد .
من الصعب جدا أن يقتنع عاقل بأن هذا حال شهوانيٍ يحب النساء ، أو ملكٍ ظلوم سفاك لا همَّ له إلا القتل .
إنها حالة من الوقار ، والسكينة ، والاتصال بالله عز وجل .
إنه قلب معلق بما عند ربه ، وجسم قد أنهكته علو الهمة وسمو الطلب .
كلمني أحدهم ـ من المسلمين ـ بكلام بطرس اللعين ، يقول كان النبي ـ شهوانيا ، وكان وكان ، فأجبته : أنت متزوج ؟ قال نعم ، فقلت كيف بالبيت حين يكون غرفة واحدة ويكون أبنائك كثيرون ومستيقظون ، بل كيف بالبيت إن كان به غير أبنائك .. يضج بالأبناء والضيوف ، وجداره بجدار المسجد ، هل تستطيع أن تأخذ فيه راحتك ؟ قال : أبدا . . أبدا .
قلت هذا حال النبي ، كان بيته كل واحدة من نسائه غرفة ضيقة .. من الطين ... سقفها بالجريد ، ملاصقة للمسجد .. إن أراد أن يسجد وكز زوجته لتوسع له مكانا للسجود ، وإن رفع يديه رفع سقف الغرفة ، وإن خرج من باب الغرفة وجد عددا من الأطفال من أبنائه وأحفاده .
بالله عليك : أهذا بيتٌ يستمتع فيه بالنساء ؟!
أهذا حال من يريد المتعة بالنساء ؟ !
أفي مثل هذا البيت تظهر الأنوثة وتنتعش ؟!
وتابعت : بطرس يكذب ، سله عن بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن ليل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كيف كان يقضيه ، وعن مطعم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وملبسه ؟
إنه كذّاب لئيم .
فأجاب : حقا إنه كذّاب لئيم .
يبقى يجيش بصدر كثيرين ، ويتكلم به النصارى وكأنه كان شغل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
هذا الشيء هو ما ورد من أخبار صحيحة عن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يواقع من تتزين له من زوجاته حتى ولو على فراش غيرها ، وهي قصة حدثت مرة ، كما جاء في سبب نزول الآيات الأول من سورة التحريم . وأنه صلى الله عليه وسلم ربما طاف على زوجاته في ليلة واحدة .
وكل هذا صحيح .
ولكنه أبدا لم يكن هذا هو السياق العام الذي كان يعيش فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمعنى لم يكن حاله أنه يطوف كل ليله على نسائه ، ولم يكن حاله أن يذهب يبحث عن المتجملة منهن ويواقعها . لم يكن هذا أبدا حاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ بل كان حاله كما قدمنا ، زاهدا في الدنيا ، متقشفا في عيشه ، يدعو ربه : اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا . اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين .كان حاله أنه لم يتزوج إلا امرأة واحدة عجوز في الأربعين من عمرها وقضى معها ربع قرن من الزمن لم يتزوج عليها ، وبدأ التعدد بعد البعثة بثلاثة عشر عاما أو يزيد ، وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تجاوز الخمسين من عمره. وكل زواج كان بسبب . فكيف هذا ؟
حبُّ النساء فطرة خلقها الله في الرجال ، كل الرجال إلا المريض نفسيا أو بدنيا ، وهو شاذ لا يقاس عليه . ومعاشرة النساء لها ارتباط قوي برباطة الجأش . . . الشجاعة ، فالضعيف الذي يهتم لأي مشكلة لا يستطيع أن يذهب لأهله ، كلما جاءته مصيبة أو لاحت في الأفق ذهبت بعقله وبات ليلتَه يفكر فيما كان وفيما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، ويذهل عن أهله وإن كانت متجملة متزينة ، أما صاحب الشجاعة والبأس ، فلا تأخذه المشاكل ، وحين يرى امرأتَه متزينة تذهب كل الهموم ، فهي صغيرة في حسه مهما كبرت ، ويجتمع عليه شمله ، ومن ثمَّ ينتفع به أهله .وهذه النوعية من الرجال ورسولنا سيدهم تكون حسنة العشرة في الغالب . لماذا ؟
لأن من هذا حاله يستعلي على مشاكل البيت الصغيرة التي تثيرها المرأة . يستعلي على عدد من النقود تنفق هنا أو هناك . ولا يتقصى صغار الأمور . وكما قيل : ما استقصى كريمٌ قط .
وقد رأينا خالدا مثلا يتزوج حيث ينتصر ، وقد قال له أبو بكر مرة حين تزوج من بني حنيفة بعد أن هزمهم وقتل رجالهم : أنت امرؤ فارغ القلب . يتزوج ممن هزمهم ، ولا بد أن عروسه هذه قُتل أبوها أو أخوها . يتزوج ولا يلتفت لهذا كله . يتزوج وهو في دار عدوه لم يرحل بعد . وهذا حال أرباب الحزم والعزم والشجاعة من يوم كانوا ، وسل تعلم .
أما مريض القلب ... الضعيف ، فهو كالطفل تأخذه النظرة كل مأخذ ، وإن ضحكت له امرأة أجلسته عن كل شيء وأخذت بخواطره . وأقامت عنده الخاطرات ولم ترحل .
حال الضعيف أنه لا يذهب لأهله إلا في أوقات محددة ويستعين على ذلك بالدواء ، ويجلس يخطط لذلك أياما . وغالبُ من هذا حاله يكون أمره بيد أهله . فإن غضبت عليه أركبت الهمومَ على ظهره وساقته حيث شاءت . وإن رضيت عنه وتدللت سحبته حيث شاءت ، وأولئك ليسوا من خيار الرجال .ومن هذا حاله ، مع حبه للنساء وأنه لو استطاع لتزوج كل يوم ، تجده مع هذا يتعجب ويتساءل : كيف يجمع الرجل بين امرأتين فضلا عن ثلاث أو أربع أو تسع . كيف يجمع بينهم مع هموم الوظيفة والحياة ؛ يقول لك ، واحدة وتفعل بي كذا وكذا ، فما بال ذي التسعة ؟!
يتعجب . والعجب من حاله هو .
نقول له : لأصحاب العزائم حديث آخر .
إرسال تعليق