١٧‏/٠٩‏/٢٠٠٨

عيني على محبة يسوع : حزب إيطالي مسيحي يسعى لحظر بناء المساجد

يسعى حزب رابطة الشمال الإيطالي المتحالف مع رئيس الوزراء المنتمي ليمين الوسط سلفيو برلسكوني لحظر بناء المساجد من خلال فرض قواعد صارمة جديدة، في محاولة للحد مما يصفونه بنمو الإسلام في قلب عالم المسيحية الكاثوليكية.
وفي حال مرر حزب رابطة الشمال المناهض للمهاجرين مشروع القانون الخاص به في البرلمان حيث يتمتع ائتلاف برلسكوني بأغلبية قوية، فإن ذلك سيمهد لسن قانون جديد يحظر بناء مساجد جديدة في معظم أنحاء البلاد.
ويدافع هذا الحزب عن خططه بالقول إن استطلاعات للرأي أشارت إلى أن الكثير من الإيطاليين لا يثقون بالمسلمين، وأن ثلث من استطلعت آراؤهم لا يريدون بناء مسجد في أحيائهم.
وقد أثار هذا التوجه سخط الجالية الإسلامية هناك والتي اتهمت رابطة الشمال بتعكير حياة المهاجرين المسلمين، وخاصة فيما يتعلق بأماكن العبادة.
مساجد بديلة
"احتجاجات حزب رابطة الشمال المناهض للمسلمين كثيرا ما تتصدر عناوين الصحف مثلما حدث حين اصطحب روبرتو كالديروني الذي أصبح الآن وزيرا خنزيرا وسار به في موقع مفترض لبناء مسجد "وقال رئيس المعهد الثقافي الإسلامي في ميلانو عبد الحميد شعاري إن بعض الأحزاب مثل رابطة الشمال تسعى بكل جهدها لإغلاق معظم المساجد هناك أو أماكن اللقاء الإسلامية فيها، مشيرا إلى أن العمل جار لإيجاد بدائل للأماكن المقفلة بأماكن متسعة تسمح بوجود أكبر عدد ممكن من المسلمين.
ولا يشعر المهاجرون حديثو العهد أو المهاجرون بصورة غير مشروعة فحسب بعدم الترحاب، لكن يشترك معهم بنفس الشعور أيضا المسلمون الذين يعيشون بإيطاليا منذ فترات طويلة مثل الفلسطيني جهاد عمرو الذي قال إنه يدفع الضرائب منذ 17 عاما لكنه ما زال يشعر بأنه غريب وغير مرحب به من الإيطاليين.
وكثيرا ما تصدرت احتجاجات حزب رابطة الشمال المناهض للمسلمين عناوين الصحف مثلما حدث حين اصطحب روبرتو كالديروني الذي أصبح الآن وزيرا خنزيرا وسار به في موقع مفترض لبناء مسجد ليدنس التراب، أو حين ارتدى قميصا قطنيا يحمل رسوما تسخر من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مما أثار أعمال شغب في الجماهيرية الليبية.
وتدير الرابطة الكثير من البلديات في الشمال الذي ينعم بالرخاء موطنها الأصلي، والذي يعيش به أغلبية المهاجرين إلى ايطاليا ومعظم مسلمي ايطاليا الذين يتجاوز عددهم المليون مسلم.وقال النائب بالبرلمان من رابطة الشمال أندريا جيبيللي لرويترز إن التجربة تشير إلى أن المساجد كثيرا ما تكون أماكن للتلقين الثقافي، وترتبط أحيانا بما سماه الإرهاب الدولي وتخلق جوا نمطيا للثقافة الإسلامية، وهذا خلق مجتمعا داخل مجتمع، مقدرا أن تصريحا ببناء مسجد أو زاوية جديدة للصلاة يمنح في مكان ما من البلاد كل أربعة أيام.
منع بناء مساجدومنع حلفاء برلسكوني مسلمين من بناء أماكن عبادة خاصة بهم في ميلانو العاصمة التجارية لإيطاليا، قائلين إن المسلمين يستطيعون أداء الصلاة في أي مكان ولا يحتاجون إلى مسجد.
"مشروع القانون الجديد يحظر بناء مسجد في نطاق كيلومتر من أي كنيسة، ويلزم الأئمة بالتحدث بالإيطالية ويربط بين مساحة المسجد وعدد المصلين، ويمنع المؤذنين من استخدام مكبرات الصوت في رفع الأذان"وتم نقلهم من مكان مؤقت لأداء الصلاة على أحد الأرصفة أمام مرأب جرى تحويله إلى حلبة لسباق الدراجات، مما دفع نوابا بمجلس الشعب المصري إلى المطالبة بفرض عقوبات على إيطاليا.
ويحظر مشروع القانون الجديد الذي تقدمت به الرابطة بناء مسجد في نطاق كيلومتر من أي كنيسة، ويلزم الأئمة بالتحدث بالإيطالية ويربط بين مساحة المسجد وعدد المصلين، ويمنع المؤذنين من استخدام مكبرات الصوت في رفع الأذان.
كما يحظر المآذن ويجعل الكلمة الأخيرة للسكان المحليين من خلال استفتاء، الأمر الذي يعني أنه لن تنشأ أي مساجد جديدة في المناطق التي تهيمن عليها الرابطة في الشمال.
ورفضت طلبات حالية لبناء مساجد في أماكن عديدة من بينها البندقية وبولونيا وترينتو وتريفيزو، وفي ترينتو جمعت رابطة الشمال 15000 توقيع.

المصدر: رويترز

هناك ٨ تعليقات:

غير معرف يقول...

الرد على خلق المسيح من الطين كهيئة الطير
- الشيخ صبري عسكر(الرد على من
الحمد لله الواحد الأحد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً } الجن3
أحمدك اللهم وأنت أهل أن تحمد خلقتنا ولم نك شيئا ورزقتنا بفضلك وجعلتنا من أمة الإسلام وعلمتنا كيف نعبدك ولولاك ما اهتدينا ولا صلينا ولا زكينا فلك الحمد ولك الشكر .
اللهم إنا نشهد لك بما شهدت به لنفسك وشهد لك به ملائكتك وألوا العلم من خلقك{ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ( آل عمران18 ) اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، اللهم إني نستودعك هذه الشهادة ليوم تشخص فيه الأبصار فترحمنا بها وتنقذنا بها من عذابك وتدخلنا بها جنتك يوم نلقاك .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في خلقه ولا شريك له في ملكه ولا شريك له في عبادته هو الله ربنا وسع كل شيء رحمة وعلما ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (غافر:7)
وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين فدعا الناس لتوحيده فمن أطاعه نجا ومن عصاه هلك وكان حريصا عليهم حتى شهد له الله بذلك ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (الأحزاب:6) وقال تعالى ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) ( التوبة: 128)
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد .
أيها الأخوة
أيتها الأخوات
أحييكم بتحية الإسلام
السلام الله عليكم ورحمته وبركاته
لقد تحدثنا في اللقاء السابق حول الإسلام ومنهجه في التعامل مع غير المسلمين وما يتميز به هذا الدين العظيم من التسامح والتراحم واستيعاب المخالفين له في حق الحياة ضمن منهجه القويم وهو أن نترك أهل الأديان وما يدينون به .
وتحدثنا أيضا عن تحالف قوى الشر المتمثلة في الصهيونية العالمية والصليبية الحاقدة والشيوعية السافرة ضد هذا العملاق العظيم وبينا سبب هذا العداء ، ثم تعرضنا لمنهج أعداء الإسلام في إثارة الشبهات حول الإسلام والمسألة كما وصفها الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – [ لا تعدو أن أحمق غرته الأمانيُّ فجاء يناوش القلاع الشم فأصابته قذيفة أودت به ودمرت عليه مكمنه ، وبقيت القمم كما هي ترد الطرف وعاد المغرورون إلى أوكارهم الهشة فإذا بها مسوَّاة بالرغام لقد كنا سكوتا عن طمأنينة مسالمين عن قوة نخدم ديننا وأمتنا في بعد عن الجدل وإيثار للمودة . حتى جاء من يحاول - بغباوته – استفزازنا ؛ وبم ؟ بالهجوم على الإسلام ونبيه وصحابته وتاريخه منذ ظهر إلى اليوم ...) { التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام ص 3 }
وأقول لإخواني الكرام الذين يستمعون لحديثي لا تصدقوا أن في الإسلام شبهات ولا في القرآن ثغرات ولا في السنة خلل وإنما الشبهات والثغرات والخلل في عقول من يثيرها ولا تظنوا أنني أرد بمثل هذه المحاضرات على الذين يثيرونها وإنما أجدها فرصة لأبين لكم أيها المسلمون مافي دينكم من كمال وعظمة ولو علم أعداء الإسلام أنهم السبب في مثل هذه الدراسات التي تظهر جوانب العظمة في هذا الدين ما أثاروا شيئا من ذلك فكل شبهة يثيرونها تظهر عند المنصفين جانبا من جوانب الكمال والعظمة لديننا القويم .
وبالتالي فأنا أقول لمن تسول له نفسه ويزين له شيطانه أن يدخل في غرفهم بحجة أنه يدافع عن دينه قد جانبك الصواب وخالفت ربك وارتكبت إثما مبينا لأمور أوجزها فيما يلي :
1. أن الله تعالى تكفل بحفظ دينه ولم يترك حفظه لبشر فقال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)
2. لقد نهانا الله أن نجلس في مكان يسب في الله ورسوله ويكفر فيه بكلامه ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (النساء:140)
3. أنهم لا يثيرون شبهات حول الإسلام لغرض التعلم أو المعرفة ولو كانوا كذلك لذهبوا إلى أهل العلم وسألوهم ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فمقصدهم خبيث وهو إبعاد المسلمين عن دينهم وتشكيكهم في عقيدتهم فهل نبلغهم هدفهم ؟ .
4. قد يتلمس بعض المسلمين لأنفسهم أعذارا بحجة أنهم يذهبون إلى غرفهم للاستماع إلى مايثيرونه من شبهات لأجل دراستها والرد عليها وأقول لمن يقول بذلك عذرك غير مقبول لأنك نسيت أن المبدأ الإسلامي لا يوافق على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة والمبدأ الإسلامي الغاية والوسيلة لابد أن تتوافق مع شرع الله فلا يحل للمحتسب أن يدخل بيتا دون إذن أهله بحجة أن يراقبهم كي يمسك بهم وهم على معصية وبالتالي فلا يحل لك أن تخالف أمر الله وتدخل في غرفهم بحجة الاستماع لشبههم حول الإسلام .
5. في دخول المسلمين لغرفهم تشجيعا لهم على الاستمرارية وزيادة لأعداد الداخلين عندهم ويعتبرون ذلك دليلا على نجاح عملهم وزيادة لأجورهم من الجهات العليا التي تمولهم وتساندهم ، فيكون دخول مما يدعم استمرارهم ومحاربتهم لله ولرسوله .
6. إننا إذا قاطعناهم نهائيا ولم يجدوا مسلما يشككونه فإنهم سيأتون بواحد منهم ويدعي أنه مسلم ويمثلون حوارا مفتعلا حتى يجدوا مسلما فإن لم يجدوا يأسوا واستمر يأسهم فيتوقفون عن اعتدائهم السافر على الله ورسوله وصحابته الكرام .
والآن : وبعد أن سمعتم بيان الحكم الشرعي بحرمة الدخول عندهم .
هل ندخل عندهم ؟ بالطبع لا وألف لا .
فإذا رأينا من يدخل عندهم من المسلمين بعد كل ذلك فماذا يكون موقفنا منه ؟
أرى أن من يعرف الحكم ويتضح له ونبين له أن يمتنع فإذا دخل بعد ذلك فإنما هو واحد منهم وإن تظاهر أنه مسلم وسمى نفسه باسم المسلمين .
أيها الأخوة : أعزوا أمر الله يعزكم الله ولا ترضوا الذلة والمهانة لدينكم ولا تدخلوا عندهم وتكونوا تحت ولا يتهم وتجعلوا من عباد الصليب أمراءً عليكم فترفعون أيديكم لهم فيأذنون لكم بالكلام أو يؤخرونكم أو يوافقون على بقائكم في غرفهم أو يطردونكم .
واسمحوا لي الآن أن أتناول شبهة من الشبهات التي يثيرونها ضد الإسلام لا لأدفع ثغرة عن ديننا ولكن لأبين جهلهم وأظهر لكم أنهم بغباوتهم أرادوا أن يسيئوا للإسلام فارتدت الإساءة عليهم وبقي الإسلام شامخا مرفوع الرأس عزيزا قويا كما أراد له الله .
كما سأوضح لكم من خلال هذه الدراسة أن كل شبهة يثيرونها ما هي إلا جانبا من جوانب العظمة في هذا الدين العظيم .
وأقول وبالله تعالى التوفيق :
من هذه الشبهات ما كان من أحد النصارى في البالتوك في إحدى الغرف الإسلامية وعلى إثر حوار معين حول جواز سب البابا الهالك أو عدم جواز سبه وكنت ممن يرى عدم سبه وخالفني في ذلك بعض إخواني المسلمين - وكل منا له رأيه - فطمع فيَّ أحد النصارى واسمه الغراب – طمع هذا الذي سمى نفسه بالغراب أن يُنَصرَني - لما رأى من هدوئي في الحوار مع إخواني بضرورة عدم السب والشتم لمن خالفنا من النصارى ، فرأيته يخاطبني على الخاص ويقول لي أن عيسى وهو المسيح وبنص القرآن الكريم إله ولكنكم ترفضون ذلك رغم إيمانكم بالقرآن .
فقلت له القرآن الكريم ينص على أن عيسى – عليه السلام إله ؟
قال نعم .
قلت فأين ذلك في القرآن الكريم ؟
فذكر الآية الكريمة من سورة آل عمران :
{وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران49
وبالطبع رجعت إلى تفسير الآية الكريمة لأكثر من تفسير فلم أجد في نص الآية ولا في تفسيرها ما يشير من قريب ولا من بعيد إلى ألوهية عيسى عليه السلام .
ومعنى الآية :
كما جاء في تفسير القرطبي بتصرف يسير :
قوله تعالى: (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)
قال ابن جريج: الكتاب الكتابة والخط. وقيل: هو كتاب غير التوراة والإنجيل علمه الله عيسى عليه السلام.
( ورسولا ) ي ونجعله رسولا. أو يكلمهم رسولا. وقيل: هو معطوف على قوله (وجيها) وفي حديث أبي ذر الطويل (وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى عليه السلام)
"أني أخلق لكم " أي أصور وأقدر لكم. "من الطين كهيئة الطير "
قرأ الأعرج وأبو جعفر "كهيّة " بالتشديد. الباقون بالهمز.
"فأنفخ فيه " أي في الواحد منه أو منها أو في الطين فيكون طائرا .
قال وهب: كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل الخلق من فعل الله تعالى.
وقيل: لم يخلق غير الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا ليكون أبلغ في القدرة لأن لها ثديا وأسنانا وأذنا، وهي تحيض وتطهر وتلد. ويقال: إنما طلبوا خلق خفاش لأنه أعجب من سائر الخلق؛ ومن عجائبه أنه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور، فيكون له الضرع يخرج منه اللبن، ولا يبصر في ضوء النهار ولا في ظلمة الليل، وإنما يرى في ساعتين: بعد غروب الشمس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة قبل أن يُسفر جدا، ويضحك كما يضحك الإنسان، ويحيض كما تحيض المرأة.
ويقال:
إن سؤالهم كان له على وجه التعنت فقالوا: أخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا إن كنت صادقا في مقالتك؛ فأخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والأرض؛ وكان تسوية الطين والنفخ من عيسى والخلق من الله، كما أن النفخ من جبريل والخلق من الله.
قوله تعالى: "وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله "
الأكمه: الذي يولد أعمى؛ عن ابن عباس. وكذا قال أبو عبيدة قال: هو الذي يولد أعمى؛
والبرص : معروف وهو بياض يعتري الجلد، والأبرص القمر، وسامُّ أبرص معروف، ويجمع على الأبارص. وخُص هذان بالذكر لأنهما عياءان.
وكان الغالب على زمن عيسى عليه السلام الطب فأراهم الله المعجزة من جنس ذلك.
"وأحيي الموتى بإذن الله "
قيل: أحيا أربعة أنفس: العاذر: وكان صديقا له، وابن العجوز وابنة العاشر وسام بن نوح؛ فالله أعلم.
فأما العاذر فإنه كان قد توفى قبل ذلك بأيام فدعا الله فقام بإذن الله وودكه يقطر فعاش وولد له،
وأما ابن العجوز فإنه مر به يُحمل على سريره فدعا الله فقام ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله.
وأما بنت العاشر فكان أتى عليها ليلة فدعا الله فعاشت بعد ذلك وولد لها؛ فلما رأوا ذلك قالوا: إنك تحيي من كان موته قريبا فلعلهم لم يموتوا فأصابتهم سكتة فأحيي لنا سام بن نوح.
فقال لهم: دلوني على قبره، فخرج وخرج القوم معه، حتى انتهى إلى قبره فدعا الله فخرج من قبره وقد شاب رأسه. فقال له عيسى: كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيب؟ فقال: يا روح الله، إنك دعوتني فسمعت صوتا يقول: أجب روح الله، فظننت أن القيامة قد قامت، فمن هول ذلك شاب رأسي. فسأله عن النزع فقال: يا روح الله إن مرارة النزع لم تذهب عن حنجرتي؛ وقد كان من وقت موته أكثر من أربعة آلاف سنة، فقال للقوم: صدقوه فإنه نبي؛ فآمن به بعضهم وكذبه بعضهم وقالوا: هذا سحر.
قوله تعالى: [ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين] أي بالذي تأكلونه وما تدخرون. وذلك أنهم لما أحيا لهم الموتى طلبوا منه آية أخرى وقالوا: أخبرنا بما نأكل في بيوتنا وما ندخر للغد؛ فأخبرهم فقال: يا فلان أنت أكلت كذا وكذا، وأنت أكلت كذا وكذا وادخرت كذا وكذا؛ فذلك قوله [وأنبئكم] الآية. وقرأ مجاهد والزهري والسختياني [وما تذخرون] بالذال المعجمة مخففا. وقال سعيد بن جبير وغيره: كان يخبر الصبيان في الكتاب بما يدخرون حتى منعهم آباؤهم من الجلوس معه.
قال قتادة: أخبرهم بما أكلوه من المائدة وما ادخروه منها خفية.
وبإعادة النظر للآية الكريمة نلحظ الآتي :
أولا : بدأت الآية بقول الله تعالى : ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ ) وهو تصريح بين واضح أنه رسول وليس إله وفيها أيضا تحديد للجهة المرسل إليها وفي ذلك دليل على خصوصية المهمة وكون ديانته ديانة خاصة ببني إسرائيل دون سواهم فإذا جاء بولس بعد ذلك وجعل من رسالة المسيح الخاصة رسالة عامة يكون قد غير وبدل في رسالة الله للمسيح عيسى عليه السلام .
وفي الآية ( أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) أي جئتكم بعلامة من ربكم ولو كان هو ربهم لكانت العلامة منه وليس من غيره .
ولعل قائلهم يقول أنه قال ( بآية من ربكم ) ولم يقل ربي فيستدل بذلك على كونه إله أو ابن إله فأقول :
أن الله العليم الخبير قد سبق علمه بما يدور في نفوس الخبثاء من عباده فرد عليهم بالآية رقم (51) من نفس السورة ( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) (آل عمران:51) فهل يكون الإله مفتقر إلى رب آخر يخلقه ويعبده من كان عنده بقية عقل لا يقول ذلك .
( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ )
فقد يستدلون بأن الذي يخلق إنما هو إله واستلالهم بذلك يدل على جهلهم فقد يستدل بجزء من الآية بما يتنافى مع آخره إنه يقول بإذن الله أي أنني أفعل شيئا ليس بإذني ولا بقدرتي ولكنه بإذن الله الذي أرسلني وعليه فيكون مفهوم الآية أنني أحمل لكم ما يدل على أن الذي أرسلني هو الله الخالق ودليلي على ذلك أنني سأريكم شيئا يدل على أن الله الخالق هو الذي أرسلني .
وكما تعلمون أنه أرسل إلى بني إسرائيل وهم أهل كتاب ويعرفون أن الله هو الخالق وأن أمر الخلق محسوم لله ولا يقدر عليه إلا هو سبحانه وتعالى وبالتالي فهو يخبرهم بأن الخالق الذي أرسله إليهم والذي يعرفونه ويؤمنون به أرسله وجعل دليل نبوته وصحة رسالته شيئا من خصائص الله ولكن لم يفته أن ينسب ذلك لله فلم يعترف اليهود به رسولا من عند الله وأنكروه وقرروا صلبه وقتله وبالغ النصارى فرفعوه فوق قدره وجعلوه إلها يعبد من دون الله .
فكان أمر الناس فيه بين منكر له وكافر به وبين مبالغ فيه ورفعه إلى مقام الألوهية حتى جاء الإسلام فأنصفه المسلمون وأعطوه حقه اللائق به من النبوة والرسالة فشهدوا له بالحق الذي أرسله الله من أجله وجاء القرآن ليشهد له أنه قد بلغ ما أمر بتبليغه دون تقصير أو تفريط قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (المائدة:116) ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المائدة:117) ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118)
فالقرآن الكريم يشهد لعيسى بن مريم بأنه بلغ ما أمره الله بتبليغه ويشهد له بأدبه الرفيع وأخلاقه الحسنة وحبه لعباد الله وتفويض أمرهم إليه سبحانه وتعالى ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118) لك الله يا نبي الله ما أحسن قولك وما أشد أدبك وما أجمل حديثك مع ربك ولما لا وأنت قد أرسلك ربك وأعدك وجهزك لتحمل رسالته إلى بني إسرائيل وهم قوم عرفوا بالجدل والمراوغة .
( وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ )
وآية أخرى ومعجزة كبرى وهي أنني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله فانتم يابني إسرائيل تعلمون أنني لم أتعلم الطب وقد عشت بينكم لم يعلمني منكم أحد وقد عجزتم عن إبراء الأكمه والأبرص وأما أنا فبإذن الله أبرئ الأكمه والأبرص بل وأحيى الموتى بإذن الله فهل تؤمنوا بي وتتبعوني وتصدقونني فيما أرسلت به ؟
( وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:49) كل هذه الآيات البينات لأبرهن لكم على صدق رسالتي وأن الله أرسلني إليكم فهل تؤمنون بي وتتبعونني فيما جئت إليكم به من ربكم .
( وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) (آل عمران:50) إنني يا معشر بني إسرائيل ما جئت لكم بدين جديد ولا جئت بما تكرهونه بل جئت مصدقا لما بين أيديكم من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ، أي جئت لأخفف عنكم فهل تقبلون مني رسالة ربكم ؟
يا بني إسرائيل ها هي الآيات البينات الواضحات وها هي رسالة ربكم فاقبلوها .
ولكن هل قبل بنو إسرائيل رسالة ربهم بالطبع لا بل رفضوها وقرروا قتل عيسى ابن مريم فنجاه الله من أيديهم ولم يمكن عباد العجل وإخوان القردة والخنازير ومن قالوا على ربهم يد الله مغلولة ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) (المائدة:64) ومن قالوا على ربهم إن الله فقير ونحن أغنياء ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (آل عمران:181)
لقد أعدوا له محاكمة وقرروا قتله فلم يمكنه الله من عبده ورسوله عيسى عليه السلام ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (النساء:157) ()بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء:158) يا لحقارة اليهود يرفضون رسالة ربهم ويقررون قتل رسوله فيجعل الله كيدهم في نحورهم ويلقي شبهه على أحدهم فيقتلونه جزاء وفاقا ويا لغباوة النصارى حينما يرفضون القرآن الذي يبرأ أم المسيح وينجي المسيح من كيد اليهود ويصدقون اليهود ويبنون عقيدتهم على أن اليهود قتلوا نبيهم وصلبوه وضربوه بالنعال على وجهه ورأسه وبصقوا في وجهه .
ثم أردف هذا الغراب الذي يحاورني ويطمع في تنصيري قائلا :
بما أن عيسى خلق فهو إله لأن الخالق حتما ولابد أن يكون إلها ثم عقب بقول الله تعالى :
{ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } ( النحل17 )
وكلام هذا النصراني مردود عليه لأن عيسى لم يخلق خلقا سويا باقيا متناسلا من تلقاء نفسه بل كان خلقا مؤقتا ليبرهن لهم على صدق نبوته مع ذكر من أذن له بذلك وهو الله ولنقرأ الآية الكريمة ليتأكد لنا نسبة الفعل إلى الله وليس إلى عيسى عليه السلام :
{وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران49
وإذا كان عيسى قد صنع من الطين كهيئة الطير فصار طيرا بإذن الله فمن قبله موسى رمى عصاه فصارت حية تسعى أيضا بإذن الله ولم يقل أحد أنه إله والحية مخلوق له روح كالطائر الذي ذكر في شان عيسى بل أن الحية كانت اكبر من الطائر وابتلعت حبال وعصي السحرة التي أوهموا الناس أنها تتحرك .
وكما تعلمون أيها الأخوة أن الله يؤيد أنبياءه بمعجزات ولكي تكون معجزة لابد أن تكون أمرا خارقا للعادة وأن تكون من جنس ما نبغ فيه القوم المرسل إليهم هذا النبي ومن ذلك موسى عليه السلام أرسل على قوم انتشر فيهم السحر فكانت معجزته أن أيده الله بشيء عجز عنه السحرة بل لم يقفوا عند حد العجز ولكنه تيقنوا أن ما جاء به موسى عليه السلام من العصا التي انقلبت إلى حية والتهمت ما قدموه من سحر وكان متمثلا في حبال وعصي أعلنوا إيمانهم بالله رب العالمين وقالوا كما جاء ذكر القرآن الكريم ونكتفي بذكر مشهد واحد فقط من مشاهد القرآن الكريم في قضية موسى عليه السلام مع فرعون وهذا هو ماورد في سورة الشعراء :
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ{29} قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ{30} قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{31} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ{32} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ{33}
وثمة معجزة أخرى لموسى بن عمران عليه السلام فقد حدث أن رجلا قتل من بني إسرائيل ولم يعرفوا من قتله فأحياه الله على يد موسى وأخبر عن قاتله وفي ذلك أشار القرآن الكريم

( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{73}
ومع أنها إحياءٌ للموتى مثل إحياء الموتى عند عيسى عليه السلام فقد وقفت عند كونها معجزة أيد الله بها نبوته فقط
و لم يقل أحد أن موسى إله أو ابن الله .
وفي زمن عيسى عليه السلام كان الناس قد اشتغلوا بالطب ولكنهم عجزوا عن أمور منها إبراء الأكمه وهو الذي ولد أعمى والأبرص وهو المرض الجلدي المعروف وكذلك أن يتكلم ميت بعد موته فأيده الله بما عجز عنه قومه وهم يعلمون أنه لم يدرس الطب ولا غيره ليعلموا أن هذا الإعجاز من عند الله فيكون أدعى لإيمانهم .
وحجة النصارى تكمن في كون معجزة عيسى لا يقدر عليها بشر فإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى مما يعجز عنه بشر وطالما أن عيسى فعله فهو إله .
والجواب :
أقول لهم إن كانت عندهم بقية عقل كل المعجزات التي أتى بها الأنبياء يعجز عنها البشر ولا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها .
فهل كل الأنبياء آلهة ؟
فمعجزة صالح عليه السلام الناقة
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }الأعراف73
ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحًا لـمَّا عبدوا الأوثان من دون الله تعالى. فقال صالح لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده; ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة, قد جئتكم بالبرهان على صدق ما أدعوكم إليه, إذ دعوتُ الله أمامكم, فأخرج لكم من الصخرة ناقة عظيمة كما سألتم, فاتركوها تأكل في أرض الله من المراعي, ولا تتعرضوا لها بأي أذى, فيصيبكم بسبب ذلك عذاب موجع.
{وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ }هود64
ويا قوم هذه ناقة الله جعلها لكم حجة وعلامة تدلُّ على صدقي فيما أدعوكم إليه, فاتركوها تأكل في أرض الله فليس عليكم رزقها, ولا تمسُّوها بعَقْر, فإنكم إن فعلتم ذلك يأخذكم من الله عذاب قريب من عَقْرها.
{فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }الأعراف77
فنحروا الناقة استخفافا منهم بوعيد صالح, واستكبروا عن امتثال أمر ربهم, وقالوا على سبيل الاستهزاء واستبعاد العذاب: يا صالح ائتنا بما تتوعَّدنا به من العذاب, إن كنت مِن رسل الله.
فهل يقدر بشر أن يأتي بناقة من الجبل أو من الصخر كناقة صالح ؟
بالطبع لا وألف لا ؟
ومع ذلك لم يدعي أحد أن صالحا إله أو ابن الله
ومعجزة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – القرآن الكريم وتحدى الله به أرباب الفصاحة والبلاغة وهم أهل اللغة والشعر والأدب ومع ذلك عجزوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }هود13
بل أيقول هؤلاء المشركون من أهل "مكة": إن محمدًا قد افترى هذا القرآن؟ قل لهم: إن كان الأمر كما تزعمون فأتوا بعشر سور مثله مفتريات, وادعوا من استطعتم من جميع خلق الله ليساعدوكم على الإتيان بهذه السور العشر, إن كنتم صادقين في دعواكم.
{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }البقرة23
وإن كنتم -أيها الكافرون المعاندون- في شَكٍّ من القرآن الذي نَزَّلناه على عبدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – , وتزعمون أنه ليس من عند الله, فهاتوا سورة تماثل سورة من القرآن, واستعينوا بمن تقدرون عليه مِن أعوانكم, إن كنتم صادقين في دعواكم
وعجز القوم كما عجز غيرهم وما زال العجز فيهم وسيظل إلى أن تقوم الساعة ومع ذلك لم يقل أحد ان محمدا إله بل نهى النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أمته أن يبالغوا في مدحه فقال ) لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم )
ولولا أن القرآن أخبرنا عن معجزات الأنبياء السابقين ما صدقنا ولا كذبنا لأننا لم نرى شيئا وهي تكون لمن كان موجودا في زمن الرسول الذي أيده الله بهذه المعجزة أو بغيرها ، ولكن بقيت معجزة نبينا الخالدة ألا وهي القرآن الكريم بين أيدينا حتى الآن وستظل رغم أنف الحاقدين والمارقين إلى أن تقوم الساعة فهل كسبوا التحدي وأتوا بقرآن مثله أم عجزوا هم وأسلافهم وسيظل العجز لازم لهم إلى أن تقوم الساعة فهل من معتبر ؟ فهل من متبع للحق ؟ فهل من عاقل يقبل الحق ويتخلى عن باطله ؟ صدق الله العظيم ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56)
أيها الأخوة والأخوات
إلى هنا نأتي إلى نهاية هذا اللقاء داعيا المولى عز وجل أن يحفظكم ويرعاكم وأن يهدي الضالين من عباده إلى الحق الذي هو الإسلام وأن يزيدكم إيمانا مع إيمانكم ويقينا مع يقينكم وأن يوفقكم للسير على الصراط المستقيم { صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ }الشورى53
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات

غير معرف يقول...

حول إنجيل يوحنا

كانت إنجيل يوحنا هو يوحنا أحد الحواريين الاثنى عشر، حسب اعتقاد بعضهم. ولكن الأرجح لدى البعض أن كاتب إنجيل يوحنا ليس يوحنا، بل أحد تلاميذه. كتبه ونسبه إلى معلِّمه يوحنا ليكسب ثقة الناس في إنجيله. ولماذا هذا التزوير ؟ السبب هو أن إنجيل يوحنا كتب بطلب خاص من أساقفة آسيا الذين أرادوا التأكيد على ألوهية عيسى. وليكسبوا ثقة القارئ في ذلك الإنجيل جعلوه باسم يوحنا أحد الحواريين.

ومما يعزز الاعتقاد بأن الكاتب ليس يوحنا الحواري أن الإنجيل كتب سنة 98م، أي بعد رفع عيسى بنحو خمس وستين سنة. فإذا افترضنا أن عمر يوحنا في حياة المسيح كان عشرين سنة فقط على الأقل، فإن عمره سنة 98م سيكون خمساً وسبعين سنة. ولماذا تأخر يوحنا خمساً وخمسين سنة حتى كتب ؟ ولماذا انتظر حتى صار عمره خمساً وسبعين سنة وهو سن لا يكتب الناس فيه عادة وليس هو أفضل سن للكتابة ؟

كما أن النسخة الأصلية (أي المخطوطة) مفقودة. والإصحاح رقم 21 أضيف إلى الإنجيل فيما بعد.

في البدء كان:

يبدأ إنجيل يوحنا بقوله "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" (يوحنا 1/1).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- حسب النص، الكلمة هي الله. بالتعويض، يصبح النص هكذا: "في البدء كان الله والله كان عند الله". ما معنى هذا ؟! وكيف يكون الله عند الله ؟! كلام يصعب فهمه، بل يصعب إيجاد معنى له.

2- وعندما يقول النص بعد التعويض "في البدء كان الله"، فهل لله بداية ؟! البداية والنهاية للمخلوقات، أما الله فليس له بداية ولا نهاية لأنه إزلي سرمدي.

كون العالم به:

"كان في العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله". (يوحنا 1/10-11).

الكلام هنا عن عيسى. كيف كان عيسى في العالم قبل أن يولد ؟! كيف يكون أحد قبل أن يكون ؟! عيسى ولد حين ولد فكيف تكوَّن العالم به والعالم مخلوق قبل عيسى بملايين السنين ؟!! وما علاقة عيسى بتكوين العالم ؟!! إن هذا يناقض التوراة التي تقول: "في البدء خلق الله السماوات والأرض" (تكوين 1/1). هذا يعني أن الله خلق السماوات والأرض (أي العالم) أول ما خلق، أي أن الله خلق العالم قبل خلق عيسى. ولم يكن لعيسى دخل في خلق العالم. ثم ما معنى "كوِّن العالم به" (يوحنا 1/10) ؟ هل عيسى هو خالق العالم ؟! وأين الله إذاً ؟!

ثم إن النص يقول إن عيسى جاء إلى خاصته، أي إلى قومه فقط وهم بنو إسرائيل فقط. وهذا يدحض النصوص الإنجيلية التي تزعم أنه جاء إلى الناس أجمعين.

معنى أولاد الله:

يشرح يوحنا أولاد الله فيقول "أولاد الله أي المؤمنين باسمه". (يوحنا 1/12).

وهذا ما قلته من قبل عن الاستعمال المجازي لعبارة (أولاد الله) أو (أبناء الله). هم المؤمنون أو عباد الله أو أحباء الله. ولكن الزاعمون جعلوا (ابن الله) تعني المعنى الحرفي، خلافاً للمعقول والمقبول، فدخلوا في متاهات الشرك، لأن الابن من جنس أبيه، فابن الأسد أسد وابن النمر نمر. فإذا فهموا (ابن الله) بالمعنى الحرفي فإن ابن الله هو إله أيضاً. ولذا جرتهم مسألة بنوة عيسى لله إلى جعل عيسى إلهاً. وهذا هو الشرك بعينه!!!






التجسيد:

"الكلمة صار جسداً وحل بيننا" (يوحنا 1/14).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- الكلمة هنا معناها (الله) عندهم حسب يوحنا 1/1 "وكان الكلمة الله".

2- معنى الجملة يصبح "الله صار جسداً وحل بيننا"، أي أن الله تجَسَّد في عيسى أو على شكل عيسى. وهذا يعني أن عيسى هو الله (بزعمهم)!!!

3- هذا المعنى يناقض يوحنا "الله لم يره أحد قط". (يوحنا 1/18). إذا كان الله صار جسداً، فهذا يعني أن الناس رأوه وهذا يناقض يوحنا 1/18 الذي يقول إن الله لا يُرى. وهذا يعني أن يوحنا 1/14 يناقض يوحنا 1/18 .

4- نص يوحنا 1/14 لم يرد في الأناجيل الأخرى!!

الابن الوحيـد:

يقول يوحنا إن عيسى هو الابن الوحيد لله (يوحنا 1/18). ولكن هذا يناقض لوقا الذي جعل آدم أيضاً ابناً لله (لوقا 3/38). يوحنا يناقض لوقا.

من هو يحيى ؟

سأل الكهنة يوحنا المعمدان (أي يحيى): هل أنت المسيح ؟ قال لا. سألوه: هل أنت إيليا ؟ قال لا. سألوه: هل أنت النبي ؟ قال: لا (يوحنا 1/19-21).

لقد أنكر يحيى أنه المسيح، كما أنكر أنه إيليا، كما أنكر أنه النبي المنتظر. ويجب أن نلاحظ هنا السؤال الثالث (عن النبي) ولم يكتفوا بسؤاله إذا كان المسيح. وهذا يدل على أن النبي الذي سألوه عنه يختلف عن المسيح. إذاً هناك المسيح وهناك نبي ينتظرونه سيأتي بعد المسيح. هناك نبي بشرت به التوراة وأسفار الأنبياء، وهو محمد (e) حيث لم يظهر بعد المسيح نبي مرسل من الله سواه.

الحَمَلُ:

عندما رأى يحيى عيسى، قال: "هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم". (يوحنا 1/29).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- لا مثيل لهذا النص في الأناجيل الأخرى!!

2- لم يرد في الأناجيل الأخرى أن عيسى "حمل الله". هذه أول مرة!!

3- كيف عرف يحيى أن هذا هو حمل الله وهو يقول "أنا لم أكن أعرفه". (يوحنا 1/31)؟!

4- كيف يرفع عيسى خطية العالم ؟! وما ذنبه ؟! ولماذا لم يرفعها الله ذاته ؟! وما هي خطية العالَم ؟!! ألغاز في ألغاز !!

تفسير اللغز:

قال رجلان لعيسى: "ربي الذي تفسيره يا معلم أين تمكث". (يوحنا 1/38).

وهكذا فإن يوحنا يفسر كلمة (ربي) بأن معناها (معلم). وإذا كانت ربي معناها (معلم)، فلماذا يقولون لعيسى (ربي)!! إذا كانت كلمة (ربي) تقال لله، فلماذا يدعون عيسى بما يدعون به الله؟!! لماذا هذه الألغاز والكلمات المتقاطعة؟! لماذا لا يكون وضوح في استخدام الكلمات. الأناجيل تجد متعة خاصة في الخلط بين عيسى والله والمعلم والرب: عيسى عندهم الكلمة، والكلمة هي الرب، والرب هو الله، والله هو الرب، والرب هو عيسى، وعيسى هو المعلم، والمعلم هو الرب، وعيسى هو الرب، والرب هو الله. تحول الدين إلى ألغاز، خلط في الكلمات، الكلمات لم تعد الكلمات، والمعاني لم تعد المعاني.

إذا كانت (ربي) معناها (معلم)، فلماذا لا تكون الأناجيل واضحة ؟! لماذا لا يدعون عيسى عيسى أو المعلم أو النبي أو المسيح ويخصصون كلمة (الرب) لله وحده ؟! ألا يستحق الله عندهم كلمة خاصة به ؟!!!

يا امرأة:

عيسى يدعو أمه بكل جفاء: "يا امرأة". (يوحنا 2/4).

هل من المعقول أن ينادي عيسى أمه بهذا الجفاء وهذا العقوق ؟ ثم إن يوحنا انفرد بهذه الواقعة ولم تذكرها الأناجيل الأخرى !!

الماء والخمر:

يروي يوحنا أن عيسى حوّل الماء إلى خمر في عرس من الأعراس دعى إليه عيسى وتلاميذه وأمه (يوحنا 4/1-10).

وهنا نلاحظ ما يلي:

1- لم يرو هذه الواقعة سوى يوحنا. لم توردها الأناجيل الأخرى رغم أنها أول معجزة يقوم بها عيسى حسب قول يوحنا !!!

2- جميع الأنبياء السابقين حذَّروا من الخمر واعتبروها نجسة. فما بال عيسى يحوِّل الماء إلى خمر وكان الأجدر به أن يحول الخمر إلى ماء ؟!!

3- عندما بشر الملاك زكريا بابنه يحيى مدحه وقال "خمراً ومسكراً لا يشرب". (لوقا 1/15). فما بال عيسى يحول الماء الطاهر إلى خمر نجسة؟!!

4- منذ أن تحول ذلك الماء إلى خمر وأتباع عيسى يعبون الخمر عَبَّاً وكأنهم يعتبرونها أفضل من الماء !!!

5- الأرجح أن هذه الواقعة لم تحدث أساساً وأنها مختلفة لتبرير شرب الخمر لديهم.

السَّوْاط:

"صنع (عيسى) سوطاً من حبال وطرد الجميع من الهيكل". (يوحنا 2/15).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- هذا السوط لم يرد في الأناجيل الأخرى. لماذا ؟!

2- استعمال السوط والطرد نوع من الإدانة. وهذا يناقض قول عيسى "لا تدينوا لكي تدانوا". (متى 7/1). ويناقض قوله "لا تقاوموا الشر". (متى 5/39).

معلم:

رئيس اليهود يقول لعيسى: "يا معلم نعلم أنك قد أتيتَ من الله معلماً". (يوحنا 3/2) ولم يعترض عيسى على ذلك.

إذاً هذا يؤكد أن عيسى مرسل من الله معلماً. وهذا يدحض الزعم بألوهية عيسى وبالثالثوث ؟!!

الولادة من فوق:

قال عيسى : "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله". (يوحنا 3/3).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- هذا النص انفرد به يوحنا ولم تورده الأناجيل الأخرى!!!

2- كيف تكون الولادة من فوق والولادة من تحت ؟!!

3- قال عيسى "ينبغي أن تولدوا من فوق". (يوحنا 3/7). هذا يعني الاتجاه إلى الله بالقلب، لأنه لا يمكن أن يولد الإنسان من فوق حرفياً بعد أن ولد فعلاً (من تحت) واقعياً.

شروط الصعود:

عن عيسى قال: "ليس أحد صعد إلى السماء إلاّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء". (يوحنا 3/13).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- النص غير موجود في الأناجيل الأخرى!!

2- النص يناقض تكوين 5/24 حيث رفع أخنوخ إلى السماء ولم يكن قد نزل منها.

3- النص يناقض الملوك (2) 2/1 حيث إيليا صعد إلى السماء ولم يكن قد نزل منها.

4- النص يناقض نفسه: كيف يكون عيسى نزل من السماء والنص ذاته يدعون (ابن الإنسان) ؟!

الإدانـة:

"الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد". (يوحنا 3/18).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- عبارة (الابن الوحيد لله) لم ترد في الأناجيل الأخرى. (الابن الوحيد) انفرد بها يوحنا!!

2- ليس عيسى الابن الوحيد، لأن لوقا ذكر أن آدم هو أيضاً ابن الله (لوقا 3/38)، ولأن يوحنا قال إن المؤمنين هم أولاد الله (يوحنا 1/12). إذاً عيسى ليس الابن الوحيد!!!

3- النص يجعل الإيمان بعيسى طريق الخلاص. وهذا يناقض نصوصاً أخرى تشترط المحبة ونصوصاً تشترط العمل مع الإيمان!!

بذل ابنه:

"أحب الله العالم حتى بذل (الله) ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به". (يوحنا 3/16).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- لماذا بذل الله ابنه الوحيد ؟ لأنه يحب العالم. وهل الذي يحب العالم لا يحب ابنه الوحيد ؟!! كيف يحب الله العالم ولا يحب ابنه ؟؟!!! وهل الذي يحب العالم يهلك ابنه الوحيد ؟؟!!!

2- وهل ينقذ الله الناس ويهلك ابنه ؟!

3- ألا توجد طريقة أخرى عند الله أفضل من إهلاك ابنه لانقاذ غيره ؟!!

4- وما علاقة إهلاك س بإنقاذ ص ؟!!

أرسله الله:

قال يوحنا المعمدان عن عيسى: "لأن الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله". (يوحنا 3/34).

يوحنا يؤكد أن عيسى رسول أرسله الله. ويروي عن عيسى قوله: "لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئاً إن لم يكن قد أعطى من السماء". (يوحنا 3/27)، إشارة إلى أن معجزات عيسى ليست من عنده، بل من عند الله. وهذا يؤكد بشرية عيسى ورسوليته.

غير معرف يقول...

المرأة السامرية:

يروي يوحنا قصة سامرية حاورت عيسى، وقالت: "يا سيد أرى أنك نبي". (يوحنا 4/19). فقال لها: "أما نحن فنسجد لما نعلم لأن الخلاص هو من اليهود". (يوحنا 4/22).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- هذه القصة لم توردها الأناجيل الأخرى، علماً بأن يوحنا كتب إنجيله بعد خمس وستين سنة من اختفاء المسيح!!

2- نادته (يا سيد) ووصفته بالنبوة. ولم يعترض عليها.

3- قال عيسى إنه يسجد. ولو كان إلهاً لما سجد.

4- النص يدل على أنه مرسل لليهود فقط.

الذي أرسلني:

عن عيسى قال: "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني". (يوحنا 4/34).

النص يؤكد أن عيسى كان يقول للناس إنه فقط رسول الله، ولم يقل لهم هو إله أو ابن الله، كما يزعمون. ويدل النص أن عمل عيسى هو تنفيذ مشيئة الله والخضوع لتلك المشيئة. إذاً هو رسول عليه البلاغ وتنفيذ إرادة الله. هو عبدالله، وليس شريكاً لله أو ابناً له أو غافراً للذنوب أو مُجازياً يوم القيامة. هو فقط رسول الله وعبده ومنقذ لمشيئة الله خالقه وخالق الناس أجمعين. هذا النص يدحض مزاعم النصرانية حول طبيعة عيسى.

مخلِّص العالم:

قال السامريون: "هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم". (يوحنا 4/42).

هذا يناقض قول عيسى نفسه: "لأن الخلاص هو من اليهود". (يوحنا 3/22).

ويناقض قوله: "لم أرسل إلاّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة". (متى 15/24). فكيف يكون عيسى مخلصاً للعالم وهو رسول إلى نبي إسرائيل فقط حسب تصريحه هو ؟!!

الملاك وبركة الماء:

روى يوحنا أن ملاكاً كان ينزل ويحرك بركة الماء ومن رمى نفسه فيها أولاً شفي من مرضه (يوحنا 5/1-7).

هذه البركة لم ترد في الأناجيل الأخرى!!! لماذا ؟!

إحياء الموتى:

عن عيسى قوله: "كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضاً يحيي من يشاء". (يوحنا 5/21).

النص يعطي عيسى قدره مساوية لقدرة الله في إحياء الموتى. وهذا يناقض عدة نصوص في الإنجيل ذاته.

1- قال عيسى "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني". (يوحنا 4/24) هذا النص يبين أن عيسى مجرد منفذ لمشيئة الله.

2- "يا سيدي أرى أنك نبي". (يوحنا 4/19). والنبي لا يعادل الله، بل هو عبد من عبيد الله !

3- "أنت ملك إسرائيل". (يوحنا 1/46). والملك لا يعادل الله !!

4- "يسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً". (لوقا 24/19). والنبي لا يعادل الله، ولا الإنسان يعادله!!

5- "بإصبع الله أخرج الشياطين". (لوقا 11/20). عيسى يقر بأنه يشفي بقوة الله، فمن باب أولى أن يحيي بقدرة الله لا بقدرته هو.

6- "الرب إلهنا واحد". (مرقس 12/29). إذا كان الرب واحد فإن لا أحد يشاركه في إحياء الموتى.

7- قول عيسى: "وأنا علمتُ أنك في كل حين تسمع لي". (يوحنا 11/42). قالها عيسى بعد إحياء الميت لعازر، مما يدل على أن الأحياء يتم بدعاء عيسى إلى الله، وليس بقدرة ذاتية لعيسى.

8- قول عيسى: "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً". (يوحنا 5/30). هذا يدل على أن معجزات عيسى ليست من عند ذاته، باعترافه هو.

لمن الدينونة ؟

عن عيسى قوله: "لأن الرب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن". (يوحنا 5/22).

هذا النص ينزع الدينونة من الله ويحصرها في الابن. وهذا النص يتناقض مع نصوص أخرى:

1- الأجر من الله وليس من عيسى لقول عيسى: "وإلاّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات". (متى 6/1).

2- الله هو الذي يجازي ويدين وليس عيسى لقول عيسى: "أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية". (متى 6/4).

3- الله هو الذي يدين ويغفر وليس عيسى لقول عيسى: "يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي". (متى 6/14).

هذه النصوص تدل على أن الأجر من الله والمجازاة من الله والغفران من الله، وليس من عيسى. الإنجيل يناقض الإنجيل!!! متى يناقض يوحنا!!

حق أم لا ؟

عن عيسى قوله: "إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً". (يوحنا 5/31). هنا شهادته لنفسه ليست حقاً.

هذا يناقض قول عيسى: "وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق". (يوحنا 8/13). هنا شهادته لنفسه حق. تناقض في الإنجيل الواحد: يوحنا يناقض يوحنا!!!

الذي أرسلنـي:

عن عيسى قوله: "والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي". (يوحنا 5/27).

النص يدل على أن عيسى مُرْسل من الله، أي أنه رسول مثل سائر الرسل من قبله وبعده، مثل إبراهيم وموسى ويحيى ومحمد (e). هذا النص يؤكد بشرية عيسى ورسوليته ويدحض ما يزعمون له من ألوهية.

الإله الواحد:

عن عيسى قوله: "والمجد الذي من الإله الواحد لستم تقبلونه". (يوحنا 5/44).

النص يؤكد وحدانية الله ويدحض زعم النصارى بالتثليث.

النبـي:

لما رأى الناس معجزة الأرغفة الخمسة التي أشبعت خمسة آلاف شخص قالوا: "هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم". (يوحنا 6/14).

لم يقولوا عنه إلهاً ولا ابن الله. حتى بعد أن رأوا معجزته قالوا هو نبي. هو نبي مثل عشرات الأنبياء من قبله. وهذا يؤكد بشرية عيسى.

وقال لهم: "أن تؤمنوا بالذي هو أرسله". (يوحنا 6/29). فها هو عيسى يطلب من الناس أن يؤمنوا بالذي أرسل عيسى، أي أن يؤمنوا بالله. وقال "هو أرسله" وهو ضمير يدل على المفرد. فالله واحد حسب النص، والله هو الذي أرسل عيسى، والمطلوب الإيمان بالله. هذا النص يؤكد مرة أخرى أن عيسى رسول وأن الله أرسله وأن الله واحد. وهذا يدحض معظم مزاعم الكنيسة بشأن الله وشأن عيسى.

وقال لهم: "لأني قد نزلتُ من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني". (يوحنا 6/39). النص يدل على ما يلي:

1- أن عيسى مُرْسل من الله، وهذا معنى منزل من السماء لأنه مادياً نزل من بطن أمه وليس من السماء.

2- أن عيسى يعمل مشيئة الله، وهكذا فإن معجزات عيسى ليست من عند ذاته، بل من عند الله وبقدرة الله. وهذا يدحض مساواة عيسى بالله (كما يزعم الزاعمون).

كلوا جسدي واشربوا بروحي:

1- عن عيسى قوله: "الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم". (يوحنا 6/51).

2- وقوله: "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبديه وأنا أقيمه في اليوم الأخير. لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه". (يوحنا 6/54-56). فقال تلاميذه: "إن هذا الكلام صعب". (يوحنا 6/60).

نلاحظ هنا ما يلي:

أ- هذه النصوص الغريبة في معناها غير موجودة في الأناجيل الأخرى.

ب- كيف يكون الخبر الذي يعطيه شخص ما جسده ؟!! كلام غير مفهوم إطلاقاً.

ج- لم نسمع أن أحداً من الأنبياء أو المصلحين أو سواهم قال للناس كلوا جسدي واشربوا دمي !!! دعوة غريبة لأكل لحوم البشر وشرب دمائهم!!!

د- كيف بذل المسيح جسده من أجل حياة العالم ؟ وما علاقة صلبه (حتى لو صلب جدلاً) بحياة سواه ؟!! كل فرد مسؤول عن أفعاله.

هـ- كيف يمكن أن يأكل الناس لحم المسيح ويشربوا دمه ؟! لم نسمع أن أحداً فعل ذلك !!!

و- تلاميذه أنفسهم علقوا على هذا تعليقاً فريداً لم يقولوه في أية مناسبة أخرى. قالوا: "هذا الكلام صعب" أي غير مفهوم.

ز- إذا كان المقصود بأكل جسده وشرب دمه "الإيمان" فإن استخدام عبارات من مثل شرب دمه وأكل لحمه لا تناسب معنى (الإيمان)، وهناك لا شك تشبيهات لغوية أفضل من تقطيع اللحم وسفك الدم!!!

ح- هل وضع المسيح دمه في قوارير ودعا الناس ليشربوا منها ؟!! أم هل قطع من جسمه قطعاً من اللحم ودعا الناس لأكلها ؟!!!

ط- ما علاقة أكل جسده وشرب دمه بالحياة الأبدية ؟! من المعروف أن شرب الدم محرم في التوراة والإنجيل فكيف يدعو عيسى إلى شربه ؟!!

إن هذه النصوص عجيبة غريبة لم يوردها سوى يوحنا !!

هارب خائف:

هرب عيسى إلى الجليل، "لأنه لم يرد أن يتردد في اليهودية (منطقة أورشليم) لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه". (يوحنا 7/1).

إذاً عيسى هرب من أورشليم إلى الجليل. لماذا ؟ كان خائفاً من اليهود الذين يريدون قتله. إذاً هو يخاف مثل سائر البشر ويهرب!! هذا يثبت أنه بشر وليس إلهاً، لأن الإله يخاف ولا يهرب. وهذا يثبت أيضاً أنه لا يريد تسليم نفسه للصلب (كما يزعمون).

وعندما حضر إلى العيد، "لا ظاهراً بل كأنه في الخفاء" (يوحنا 7/10). لماذا ليس ظاهراً ؟! لماذا في الخفاء ؟! وهل يتخفى الإله ؟!! هذا يثبت أنه بشر يخاف كسائر الناس.

تعليمي ليس لي:

عيسى رجل لم يتعلم. وقد قال عنه قومه: "كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلم. أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني" (يوحنا 7/15-16). ثم قال: "من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه. وأما من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم". (يوحنا 7/18).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- وعظه وعلمه ليس له وليس من عنده، بل من عند الله.

2- ما عيسى إلاّ رسول أرسله الله.

3- لا يتكلم عيسى من عند ذاته، بل يوحي إليه من الله.

4- لا يطلب لنفسه شيئاً، بل هو يبلغ رسالة الله الذي أرسله.

هذا النص يدل بوضوح (وباعتراف عيسى نفسه) أنه إن هو إلاّ رسول الله وناقل لكلمته، وأنه لا يقول شيئاً من عند نفسه ولا يفعل شيئاً من المعجزات من عند نفسه. هو عبدالله ورسوله فقط لا غير.

وقد قال عيسى في نفس المعنى: "من نفسي لم آت، بل الذي أرسلني هو حق". (يوحنا 7/28). وهذا دليل آخر يقدمه عيسى نفسه على أنه رسول أرسله الله، ليس إلاّ.

نجاته من الصلب:

قال عيسى لقوم من اليهود: "أنا معكم زماناً يسيراً بعد ثم أمضي إلى الذي أرسلني. ستطلبونني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا". (يوحنا 7/33-34).

النص يدل على ما يلي:

1- مدة بعثة عيسى ستكون قصيرة. وهكذا كان فإن عيسى لم يَدْعُ بعد نزول الوحي عليه إلاّ لمدة ثلاث سنوات فقط. ولعله أقصر الرسل عمراً ورسالته أقصر الرسالات زمناً، إذ رفع وعمره ثلاث وثلاثون سنة فقط.

2- سيمضي بعد انتهاء رسالته إلى الله الذي أرسله، وهكذا كان فعلاً.

3- عندما يحاول اليهود إلقاء القبض عليه ليلة المداهمة الشهيرة يرفعه الله ولا يجدونه ولا يقدرون على ملاحقته. وهكذا كان فعلاً، فنجا المسيح منهم وأمسكوا بالخائن يهوذا بدلاً منه.

4- النص ينسجم تماماً مع نجاة المسيح من القبض والصلب. والغريب أن النص الذي لا يعجبهم إما أن يحذفوه وإما أن يتجاهلوه وإمّا أن يحرفوه وإما أن يؤولوا تفسيره!! وهذا النص مما يتجاهلونه. يعتبرونه كأنه غير موجود.

حادثة الزانية:

جاء اليهود لعيسى بزانية متلبسة بالفعل. فسألوه ما عقابها. فقال عيسى: "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر". (يوحنا 8/7). "ثم سألها: أَمَا أدانك أحد. فقالت: لا أحد يا سيد. فقال لها: ولا أنا أدينك". (يوحنا 8/10-11).

نلاحظ على هذه النصوص ما يلي:

1- هذه الحادثة غير موجودة في الأناجيل الثلاثة الأخرى! لماذا وبالأخص إذا علمنا أنها حادثة هامة فيها موقف هام ؟!

2- لقد رفض عيسى الحكم برجمها أو السماح برجمها. وهذا تشجيع للزنى.

3- موقف عيسى مناقض لقوله "لا تزن". (لوقا 18/20).

4- موقف عيسى مناقض لشريعة موسى التي تحكم بالرجم (يوحنا 8/5).

5- بهذا الموقف ألغى عيسى عقوبة الزنى وهو الذي قال: "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه". (متى 5/28). يحُرِّم النظرة ثم يسامح الزانية!!!

6- رفض عيسى إدانتها دون السماع إلى شهود الإثبات أو النفي. بَرَّأها دون دليل!!! تعاطفه معها بدا وكأنه ترخيص بالزنى وتشجيع عليه!!!!

7- هذه القصة تعتبر كارثة تشريعية قضائية. زانية يتطوع عيسى بتبرئتها دون أن تنفي هي التهمة عن نفسها ودون أن يطلب عيسى شهوداً لها أو عليها!!!!

8- ماذا الموقف ؟! وما هذا التشريع ؟! وما هذا القضاء ؟! وما هذا الحكم ؟! وأين العزم والحزم في تنفيذ شرع الله ؟!!

9- من المحتمل أن الحادثة مختلفة بقصد الاستناد إليها في إلغاء عقوبة الزنى. وهكذا كان: إدانة الزنى لفظياً والسماح به عملياً !!!

لا يديـن:

قال عيسى: "أما أنا فلست أدين أحداً". (يوحنا 8/15).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- في النص المذكور عيسى ينفي أنه يدين أحداً. وهذا يناقض قوله: "الآب لا يدين أحداً، بل أعطى كل الدينونة للابن". (يوحنا 5/22). نص يقول عيسى لا يدين أحداً ونص يقول يدين. يوحنا يناقض يوحنا.

2- النص يناقض أيضاً نصاً بعده مباشرة "إن كنت أنا أدين فدينونتي حق لأني لست وحدي بل أنا والأب الذي أرسلني". (يوحنا 8/16)، أي أنه يدين هو والله معاً.

3- صار هناك ثلاثة نصوص متناقضة. نص يقصر الإدانة على عيسى، ونص يقصرها على الله، ونص يجعل الإدانة مشتركة بينهما!!!

4- ثلاثة نصوص في إنجيل واحد كل نص يناقض الآخر !!!

غير معرف يقول...

الإنجيل مليء بالنصوص التي تدل بوضوح على أن عيسى نفسه يقول بكل صراحة إنه رسول من الله. ومنها ما يلي:

1- "لكن الذي أرسلني هو حق". (يوحنا 8/26).

2- "وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم". (يوحنا 8/26).

3- "لست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علمني أبي". (يوحنا 8/28).

4- "والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي". (يوحنا 8/29).

5- "أنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه من الله". (يوحنا 8/40).

6- "لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلني". (يوحنا 8/42).

هذه النصوص تؤكد أن عيسى مرسَل من الله، وأنه يبلغ رسالة الله إلى الناس، وأن المعجزات التي يؤديها هي من عند الله، وليست من عند نفسه، وأنه إنسان ناقل لوحي الله، وأنه لم يأت من تلقاء نفسه بل هو رسول الله. فماذا بعد هذا الوضوح من وضوح؟!! أين الذين يريدون أن يسمعوا ؟ أين الذين يريدون أن يقرأوا ؟ أين الذين يريدون أن يفهموا ؟ أين الذين يريدون أن يهتدوا ؟

الأب المجازي:

قال اليهود لعيسى: "إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد هو الله". (يوحنا 8/41). فقال لهم عيسى: "أنتم من أب هو إبليس". (يوحنا 8/24).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- إشارتهم إلى الزنى غمز من اليهود في ميلاد عيسى، إذ كانوا يزعمون أن مرمي ولدته من زنى (حاشا لله)!!

2- قولهم إن أباهم هو الله مجاز طبعاً، المقصود به "سيد واحد".

3- قوله "أبوهم إبليس" مجاز أيضاً بمعنى "سيدهم" أو "محركهم".

4- إن سوء استخدام كلمة (أب) في الإنجيل مصدر بلبلة كبيرة. فقد جعلوا إبليس أباً، والله أباً لعيسى، وأباً للناس. ومرة قبولها مجازاً ومرة أصروا على المعنى الحرفي!! جعلوها مجازية حيث راق لهم ذلك وجعلوها حرفية حيث راق لهم ذلك!!!

5- حوار عيسى مع اليهود والاتهامات المتبادلة بينه وبينهم على النحو المذكور انفرد به يوحنا ولم تذكرها سائر الأناجيل.

قبل إبراهيـم:

قال عيسى لليهود في الهيكل في موقف جدال معهم: "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن. فرفعوا حجارة ليرجموا. أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا". (يوحنا 8/58-59).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- كيف كان عيسى قبل إبراهيم في حين أن عيسى جاء بعد إبراهيم بما يزيد عن ألف وسبع ومئة سنة ؟!!!

2- أراد اليهود رجم عيسى، كعادتهم المفضلة مع الأنبياء: تكذيب، تهديد، رجم، قتل!! هذا هو الشعب المختار بزعمه!!!

3- اختفى عيسى من بينهم دون أن يستطيعوا الإمساك به. وهذه ميزة لديه أو معجزة زوده بها الله: الاختفاء حين يحتاج إلى الاختفاء. ولقد تكرر هذا الاختفاء مرات عديدة. ولذلك يجب ألا نستغرب اختفاءه من بين الجنود ليلة المداهمة ونجاته من الإمساك والصلب. بل بالعكس يجب أن نستغرب إن أمسكوا به، لأنه في كل مرة يريدون إيذاءَه كان يهرب من وسطهم ويختفي بسرعة وينجو. فكيف لا يفعل ذلك حين جاءه الجنود مدججين بالسلاح ؟ وكانت تلك أول مرة يطلبه العسكر. كان في السابق يواجه خطر عامة الناس وكان يختفي بسرعة وينجو من وسطهم. فالأولى أن يفعل الشيء نفسه حين يتعرض لخطر حقيقي من عسكر جاؤوه قاصدين إلقاء القبض عليه وسوقه إلى الوالي. إن كل الدلائل والقرائن تدل على أن من كان يختفي من العامة يطلبونه في فورة غضب وبلا سلاح معهم حري به أن يختفي من العسكر جاؤوا باحثين عنه قاصدين سوقه إلى المحاكمة والسجن والصلب.

شفاء الأعمى:

شفى عيسى أعمى فلم يصدق اليهود. سألوا الأعمى نفسه فأقر بالشفاء. ولكنهم لم يصدقوا. فسألوا والديه فأقرا بعمى ابنهما وشفائه. فلم يصدقوا. فتشاجروا مع الأعمى نفسه الذي قال: "لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئاً" (يوحنا 9/33).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- القصة لم ترد في الأناجيل الأخرى على هذا النحو!!

2- اليهود كعادتهم لا يريدون تصديق الرسل رغم معجزاتهم الأكيدة الواضحة. يشفي عيسى المرض أمامهم ويحيي الموتى أمامهم ويشفي العمي والبكم والصم أمامهم، فبدلاً من أن يؤمنوا ويخضعوا لله يكذبون عيسى ويهمون برجمه ويتهمونه بأنه "سامري فيه شيطان"!!!

3- الأعمى يرجع معجزة شفائه إلى الله. وهو على حق طبعاً.

هو الآب:

عن عيسى قوله: "أنا والآب واحد". (يوحنا 10/30).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- إذا كان المعنى أن ما يقوله عيسى هو من عند الله فلا اعتراض على النص، أي كأنه يقول لا فرق بين ما أقول وما أوحى الله به إليّ.

2- أما إذا كان المعنى أنه مع الله يشكل ذاتاً واحدة وأنه هو الله والله هو، فهذا بالطبع قول مرفوض. ولنا أن نسأل وأين الروح القدس إذا كانوا ثلاثة في واحد ؟! هنا لا نرى سوى اثنين فأين الثالث ؟!!

أنا فيـه:

عن عيسى قوله: وتؤمنوا أن الآب وأنا فيه". (يوحنا 10/38). تكثر في إنجيل يوحنا عبارات من هذا النوع: أنا فيه وأنتم فيه فينا وهم فيه والكل في الكل وهو فيهم وهم فيه وأنا فيكم.. إلخ. ما معنى هذه الجمل ؟! وكيف يكون س في ص وص في س، إذا كان معنى (في) هو (داخل) ؟! كيف يكون س داخل ص وص داخل س في الوقت ذاته ؟!! غير ممكن. إن استعمال كلمة (في) هنا يثير البلبلة والاضطراب. وقد فهمها البعض على أنها تدل على أن الله في عيسى وعيسى في الله (أي التجسيد). ولكن لو صح ذلك فكيف نفسر (الكل في الكل) ؟ وكيف نفسر هم فيه وأنا فيكم وأنتم فيّ ؟! هل تجَسَّد الناس في المسيح ؟! وهل تجسد المسيح في الناس ؟!

إن التفسير المأمون والمعقول لهذه العبارات لابد أن يعطي (في) معنى غير معنى (داخل). إنها تعني المحبة. (هو في الله) لا يمكن أن تعني سوى (خضوعه وطاعته لله).

إن الدخول والحلول والتجسيد معانٍ غير مقبولة ولا معقولة. والأولى واقعياً ومنطقياً أن يكون المعنى (المحبة والخضوع والطاعة). إضافة إلى هذا، إن النص المذكور لم يرد إلاّ في إنجيل يوحنا. كما أن اتحاد الاثنين يثير سؤالاً عن الأقنوم الثالث (الروح القدس)، إذ إن الكنيسة تقول الثلاثة في واحد، وهنا عيسى يقول إنه في الآب والآب فيه، فأين الثالث ؟!! لماذا لم يدخل الثالث فيهما ويدخلا فيه حتى يصير الثلاثة واحداً ؟!! هذا يدحض التثليث، لأنه لو كان التثليث صحيحاً لذكر عيسى الروح القدس كلما ذكر الله أو ذكر نفسه!!

إحياء لعازر:

يروي يوحنا قصة إحياء عيسى أخا مريم ومرثا واسمه لعازر. وقالت له مرثا ترجوه: "أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه". (يوحنا 11/22). وتدلنا القصة على ما يلي:

1- القصة انفرد بذكرها يوحنا ولم توردها الأناجيل الثلاثة الأخرى.

2- قول مرثا لعيسى يؤكد أن المعجزات التي يؤديها عيسى ليست من عنده ولا بقدرته هو، بل بقدرة الله. وهذا يدحض أنه إله أو ابن الله.

3- قالت عنه مرثا "المعلم" (يوحنا 11/38) وناداه الحاضرون "يا سيد" (11/34). ولم ينادوه "الله" أو "ابن الله". رغم أنهم يرجونه أن يحيي لعازر الميت. رغم حاجتهم إليه لإحياء أخيهم الميت، نادته مرثا أخت الميت "يا معلم" وناداه الناس "يا سيد".

4- بكى عيسى لما رأى لعازر ميتاً لأنه كان يحبه (يوحنا 11/35). وهل يبكي الإله ؟!!

5- قال عيسى لمرثا: "إن آمنتِ ترين مجد الله". (يوحنا 11/40). قال ذلك لها بعد أن قالت له لقد مات منذ أربعة أيام. لم يقل لها "مجْدِي" بل قال "مجد الله". وهذا توكيد لخضوع عيسى لله سبحانه.

6- قبل إحياء لعازر، نظر عيسى إلى السماء ودعا الله وشكره على مسمع من الناس بقصد أن يؤكد للناس أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً وحده، فقال: "لأجل هذا الجمع الواقف قلتُ. ليؤمنوا أنك أرسلتني". (يوحنا 11/42). أي أنه دعا الله علانية حتى يسمع الناس ويوقنوا بأن معجزاته ليست من عنده، بل هي من عند الله. لو كان عيسى إلهاً لما دعا الله ولما سأله ولما شكره!!

قيافـا:

نصح قيافا رئيسُ الكهنة اليهود قومه بأن أفضل سبيل للتخلص من عيسى هو قتله (يوحنا 11/50). وعندما علم عيسى بذلك "لم يكن يمشي بين اليهود علانية". (يوحنا 11/54). إذاً خاف عيسى على نفسه من القتل. وهل يخاف لو كان إلهاً كما يزعمون ؟!



يطلب النجـاة:

"أيها الآب نجني من هذه الساعة". (يوحنا 12/27). عيسى بكل وضوح يطلب النجاة من القتل الذي دبره له اليهود. لو كان إلهاً لما طلب العون من الله!! كما أن دعاءَه بالنجاة يدحض أنه بذل نفسه للصلب من أجل الناس، فالباذل نفسه لا يطلب النجاة لها.

رسول الله:

1- عن عيسى قوله: "الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني". (يوحنا 12/44).

2- وقال: "لم أتكلم من نفسي. لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم… فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب هكذا أتكلم". (يوحنا 12/49-50).

3- وقال: "والذي يقبلني يقبل الذي أرسلني". (يوحنا 13/20).

هذه النصوص تدل بوضوح قاطع أن عيسى قال للناس إنه رسول من الله إلى قومه وأن المهم ليس الإيمان بعيسى بل المهم هو الإيمان بالله، وأن كلام عيسى ليس من عند عيسى بل هو وحي من الله. النصوص تؤكد رسولية عيسى وبشريته لمن أراد الحق والحقيقة.

الإدانــة:

عن عيسى قوله: "لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم". (يوحنا 12/47).

هذا يناقض قول عيسى "لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن". (يوحنا 5/22).

النص الأول ينفي إدانة عيسى للعالم والنص الثاني يؤكدها. تناقض بين النصين في إنجيل واحد!!

أَرْجُل التلاميذ:

يروي يوحنا أن عيسى في ليلة المداهمة قام وغسل أرجل تلاميذه. ونلاحظ في رواية يوحنا لتلك الليلة ما يلي:

1- غسل عيسى لأرجل تلاميذه واقعة انفرد بذكرها يوحنا فقط. ولم توردها الأناجيل الثلاثة الأخرى!! لماذا ؟! رغم أنها حادثة هامة شهدها جميع الحواريين حسب قول يوحنا!!

2- واقعة العشاء الرباني لم يذكرها يوحنا رغم أنها من ركائز المسيحية ورغم أن يوحنا كان مع عيسى تلك الليلة !!!

3- قال عيسى لتلاميذه: "أنتم تدعونني معلماً وسيداً وحسناً تقولان لأني أنا كذلك". (يوحنا 13/13). لم يدعوه "إلهاً" أو "ابن الله"!! واستحسن عيسى ما ينادونه به.

نجاته من العسكر:

يعتقد النصارى أن عيسى أمسك به الجنود ثم قادوه إلى الصلب. ولكن في الإنجيل عدة نصوص تشير إلى نجاته من القبض عليه أساساً. ومنها:

1- قال عيسى لتلاميذه قبل حضور العسكر بقليل: "أنا معكم زماناً قليلاً… ستطلبونني… حيث أذهب أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا". (يوحنا 13/33).

2- "من عند الله خرج وإلى الله يمضي". (يوحنا 13/3).

3- وقال لبطرس: "حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيراً". (يوحنا 13/36).

4- وقال: "أما الآن فأنا ماضٍ إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني أين تمضي". (يوحنا 16/5).

5- وقال: "أترك العالم وأذهبُ إلى الآب". (يوحنا 16/28).

غير معرف يقول...

الحلول والتجسيد:

يروي يوحنا عن عيسى عدة نصوص غلب على النصارى فهمها على أنها تشير إلى تجسيد الله في عيسى وحلوله فيه واتحاده معه، مثل:

1- قال عيسى: "ألستَ تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ". (يوحنا 14/10).

2- وقال: "الآب الحالّ فيّ". (يوحنا 14/10).

نلاحظ هنا ما يلي:

أ- نصوص الحلول والاتحاد لم تذكر في الأناجيل الثلاثة الأخرى!!! فقط يوحنا هو الذي انفرد بذكرها، علماً بأن يوحنا كتب إنجيله عام 98م، أي بعد عيسى بخمس وستين سنة.

ب‌- إذا كان الحلول هاماً وقاله عيسى، فلماذا لم تذكره الأناجيل الأخرى ؟!

ج- إذا كان الله قد حَلَّ في عيسى، فلماذا كان عيسى ينظر إلى السماء حين يدعو الله أو يشكره أو يصلي ؟! إذا كان الله فيه كان عليه أن ينظر إلى صدره أو بطنه أو جسمه هو !!!

د- كيف يكون الله في السماء كما تذكر الأناجيل ويكون في الوقت ذات في جسم المسيح على الأرض ؟!!

هـ- كيف يكون الله في عيسى وفي الوقت ذاته عيسى يأكل ويشرب وينام ويبكي ويهرب ويخاف وينمو ويعمل نجاراً كسائر الناس ؟!!

و- إذا كانت (في) تعني الحلول والتجسيد، فكيف نفسر قول عيسى "اثبتوا فيّ وأنا فيكم". (يوحنا 15/4) ؟! هل هو سيحل في تلاميذه وهم يحلون فيه وهو يحل في الله والله يحل فيه ؟! هل هذا معقول ؟!

ز- إذا كانت (في) تعني الحلول، فكيف تفسر قوله: "أني أنا في أبي وأنتم فيّ وأنا فيكم". (يوحنا 14/20) ؟! سيكون المعنى أن الله وعيسى والتلاميذ صاروا وحدة جسدية واحدة !!! وهذا غير معقول ولم يقل به أحد.

ح- إذاً تلك العبارات يجب ألا تفسر على أساس الحلول المادي، بل على أساس أنها إشارات إلى (الإيمان والاتباع والمحبة والخضوع).

ط- إذا كان الآب حلّ في الابن، فقد صارا وحدة واحدة. إذاً فكيف يقول عيسى: "لأن أ[ي أعظم مني". (يوحنا 14/28) ؟! وأين الروح القدس ؟! لماذا لم يحل معهما أيضاً حتى يكمل ثالوثهم وتثليثهم ؟!!!

البشارة بالرسول محمد (e) :

في ليلة المداهمة، قال عيسى:

1- "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعَزِّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد". (يوحنا 14/16). هذه إشارة إلى الرسول محمد (e) ذي الرسالة السماوية الختامية (أي إلى الأبد). ومن يكون سواه ؟!

2- "وأما المُغَزِّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم". (يوحنا 14/25). وهي إشارة إلى محمد (e) الذي تكون رسالته شاملة كاملة مصدقة بالأنبياء السابقين. وأما عبارة (الروح القدس) الواردة بعد كلمة المعزي فهي إلحاقية من المفسرين والمترجمين ولم يقلها عيسى ولم تظهر في النص الأول السابق ولا في النص الثالث التالي.

3- "إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله لكم". (يوحنا 16/7). المعزي هنا ترجمة من اليونانية لكلمة البارقليط التي تعني "الشخص المحمود الخصال" أي "محمودة خصاله" أي "مُحَمَّد". ولكن المترجمين لغاية في أنفسهم ترجموها إلى "المعزي" ولتكن المعزي. فأين المعزي الذي جاءَ البشرية بعد عيسى ؟ هل جاء رسول من الله بعد عيسى سوى محمد (e)؟! طبعاً لا. إذاً هو الذي بشر به عيسى.

4- "إنّ لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لن تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متّى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم". (يوحنا 16/12-14). وهذا إشارة إلى رسالة محمد (e) الجامعة الشاملة. ونلاحظ هنا أن المبشَّر به هو رسول يرشد الناس ويخبرهم، فكيف يكون هذا الرسول الروح القدس الذي ورد في النص الثاني.

نلاحظ فيما سبق ما يلي:

1- الآتي الذي بشر به عيسى سيكون "إلى الأبد"، أي رسالته إلى الأبد، لا رسالة بعدها. وهكذا كان، فرسالة محمد (الإسلام) هي خاتمة الرسالات السماوية. ومحمد خاتم المرسلين. والقرآن خاتم الكتب السماوية.

2- الآتي يعلِّم كل شيء (حسب النص). وهكذا كان. فإن رسالة الإسلام التي جاء بها محمد عالجت جميع الجوانب الرئيسية في حياة الإنسان.

3- الآتي سيكون رسولاً يخاطب الناس. ولا يمكن أن يكون الآتي هو الروح القدس، لأن الروح القدس لم ولا يخاطب عامة الناس، إذ هو يخاطب الرسل الذين هم بدورهم يبلغون الناس.

4- الآتي سيمجد عيسى. وهكذا كان. فلم يمجد أحد أحداً كما مجد محمدٌ عيسى. ولم يمجد كتابٌ عيسى مثلما مجده القرآن الكريم.

5- هذه البشارات قُصد بها محمد (e) ولا أحد سواه. بل إن ترجمة كلمة البارقليط اليونانية هي "محمد" بمعنى "شخص تحمد صفاته". وإن لم يكن المقصود محمداً (e) فمن هو إذاً ؟! والحقيقة أن عيسى قد ذكر اسم "محمد" بالتحديد ولكن المترجمين أخطأوا حين ترجموا الاسم العلم الذي لا تجوز ترجمته. وسواء أكان الخطأ مقصوداً أم غير مقصود، فإن العَلَم لا يترجم.

المشاعل والمصابيح:

يروي يوحنا أن يهوذا والجنود جاءوا بمشاعل ومصابيح ليلة المداهمة لإلقاء القبض على عيسى (يوحنا 18/3). ونلاحظ في رواية يوحنا لحادثة المداهمة ما يلي:

1- المشاعل والمصابيح تشير إلى أن الوقت كان ظلاماً. وهذا ينسجم مع اختفاء عيسى وعدم إدراكهم لما حدث بالضبط مما سَهَّل وقوع يهوذا الواشي في قبضتهم بدلاً من عيسى (يوحنا 18/3).

2- هذه المشاعل والمصابيح لم يوردها سوى يوحنا. لم توردها الأناجيل الثلاثة الأخرى!!

3- حسب يوحنا، لم يقبِّل يهوذا عيسى لتعريف الجنود به. بل سألهم عيسى عمن يطلبون. "فقالوا يسوع الناصري. قال لهم يسوع: أنا هو". (يوحنا 18/5). الأناجيل الأخرى تقول إن يهوذا اتفق مع الجنود على أن يُقبِّل عيسى لتعريفهم به وإنه فعلاً قَبَّله. يوحنا يقول إن عيسى هو الذي عَرَّفهم بنفسه. تناقض بين الأناجيل !!

4- عندما عَرَّفَهم عيسى نفسه، "رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض". (يوحنا 18/6). لماذا رجعوا لدى سماع اسمه ؟!! جنود عديدون بسلاحهم رجعوا إلى الوراء، لماذا ؟! ولم يرجعوا فقط، بل سقطوا على الأرض. لماذا سقطوا على الأرض ؟!! جاءوا ليقبضوا على عيسى؛ لما عَرَّفهم بنفسه، رجعوا وسقطوا على الأرض!! أليس هذا غريباً ؟!! كما أن رواية الرجوع والسقوط انفرد بها يوحنا دون سائر الأناجيل الثلاثة. التفسير لرجوعهم وسقوطهم هو أن الله شاء ذلك ودبَّره من أجل إخفاء عيسى وإنقاذه منهم ليحول بينهم وبين صلبه أو قتله أو إيذائه.

5- يروي يوحنا، خلافاً لسائر الأناجيل، أن عيسى هو الذي طلب من الجنود أن يخلُّوا سبيل تلاميذه بقوله: "دعوا هؤلاء يذهبون". (يوحنا 18/8). في حين أن مرقس 14/50 يقول إن جميع تلاميذه هربوا. ولوقا يقول تبعه بطرس فقط ومن بعيد (22/54). ومتّى يقول تركوه وهربوا (26/56).

يتبين لنا هنا ما يتبين في مواقف عديدة، وهو مدى الاختلافات بل والتناقضات بين الأناجيل الأربعة، مما يجعل المرء يحار في أي من رواياتها يصدق وأي لا يصدق!!!

هو أم باراباس ؟

عندما ألح الوالي بيلاطس على اليهود أن يطلق لهم عيسى، "صرخوا أيضاً جميعهم قائلين ليس هذا بل باراباس. وكان باراباس لصاً". (يوحنا 18/40).

لقد فضل اليهود أن يُطلْقَ سراح باراباس اللص بدلاً من إطلاق سراح عيسى!! ما أغرب هؤلاء القوم!! عيسى الذي أثبت لهم بمعجزاته أنه رسول من الله، وأراهم من المعجزات ما لا يدع مجالاً لشك فيه، عيسى ذاك أصروا على صلبه وفضلوا لصاً عليه!!! عيسى الذي أحيى الموتى أمامهم وشفى المرضى أمامهم ولم يؤذ أحداً منهم لم يصدقوه. ولم يكتفوا بتكذيبه، بل أرادوا قتله! ما أجحدهم وما أعندهم وما أقسى قلوبهم! والأغرب من هذا وذاك أنهم لم يتغيروا ولم يتبدلوا: ما زالوا جاحدين للمعروف عنيدين في مواقفهم. يطعنون صديقهم كما يطعنون عدوهم. يصرون على الباطل كأنه حق. تقسو قلوبهم كأنها لا تحتوي قطرة رحمة واحدة. إنهم باختصار جحود وعناد وقسوة وأنانية وطمع. لم يتغيروا هم هكذا كانوا ويكونون، منذ زمن يعقوب وحتى قيام الساعة!!!

الطعنة بالحربـة:

يروي يوحنا أن واحداً من الجنود قد طعن جنب عيسى بحربة بعد إنزاله عن الصليب فخرج منه دم وماء، وأن الجنود لم يكسروا ساقي عيسى لأنهم رأوه قد مات (يوحنا 19/33-34).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- قصة الطعنة في جنب عيسى لم يوردها سوى يوحنا!! لماذا ؟!

2- قصة تكسير السيقان لم يوردها سوى يوحنا!! لماذا ؟!

3- لقد اختلفت الأناجيل في أهم مسألة في النصرانية وهي "الصلب" إذ إن النصرانية تقوم على قصة "صلب المسيح". فلو جردناها من هذا الصلب لما بقيت لها باقية. هذا الصلب الذي هو محورها لم تتفق الأناجيل على شيء واحد مما حدث قبله وأثناءَه وبعده. لماذا ؟! إن الاختلاف بين الروايات مبعث قوي للشك فيها، بل ورفضها!!

تلميذ بلا اسم:

تتكرر في الإنجيل عبارة "بطرس والتلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه". (يوحنا 20/2). تُذْكر أسماء التلاميذ والحواريين، وأما ذاك التلميذ فيشار إليه "بالتلميذ الآخر الذي كان عيسى يحبه". من هو ذاك التلميذ ؟! ولماذا لا اسم له ؟! وهل هناك أحد من الناس بلا اسم؟! ما السر في أمره ؟! كان الأولى أن يكون اسمه معروفاً وخاصة أن عيسى كان يحبه حباً خاصاً!! لا أحد يدري لماذا ذاك بلا اسم!!! ولماذا تنكيره؟!!

رَبُّونـي:

قالت مريم المجدلية عندما رأت عيسى قريباً من القبر بعد ظهوره: "رَبُّوني الذي تفسيره يا معلم" (يوحنا 20/16).

مرة أخرى، تفسير ربوني هو "يا معلم". ليس هذا قولي، بل قول يوحنا نفسه كاتب الإنجيل. وفي مرة سابقة، يقول يوحنا "فقالا ربي الذي تفسيره يا معلم". (يوحنا 1/38). ونلاحظ هنا أيضاً اختلاط التفسير مع النص الأصلي.

إذا عندما ينادي أحد عيسى "يا ربي" فلم يكونوا يقصدون "إلهي"، بل "يا معلم" أو "يا سيد". ونحن ما زلنا نقول "رب البيت أي سيده، ورب العمل أي سيده أو صاحبه". ولو قصدوا "إلهي" بقولهم "ربي" لمنعهم عيسى، إذ كما نعلم إن عيسى من شدة تواضعه رفض أن يدعوه أحدهم (بالصالح). رفض أن يدعى (صالحاً)، فهل يقبل أن يدعى (إلهاً) ؟! مستحيل.

أين أمـه ؟

يروي يوحنا أن مريم المجدلية (التي كان عيسى قد شفاها) هي التي جاءت وحدها لتزور قبر عيسى فجر الأحد (يوحنا 20/18). والسؤال: هل هذا معقول ؟! رجل مثل عيسى لا يأتي لزيارة قبره سوى امرأة واحدة! والغريب أن أم عيسى لم تأت، والأم أكثر الناس حرقة على ابنها ولهفة عليه!! لماذا لم تحضر أم عيسى؟! التفسير الوحيد هو أن الله أوحى إليها أن المصلوب ليس ابنها عيسى.

إضافة إلى هذا فإن متى 28/1 قد ذكر زيارة مريم المجدلية وأضاف "ومريم أخرى". وهذا أغرب الغريب، إذ كيف يشار إلى أم عيسى بمريم الأخرى ؟!! لماذا تحاول الأناجيل إغفال ذكر أمه أو تنكيرها ؟! إن الأناجيل تعطي الأولوية لمريم المجدلية وتغفل ذكر أمه مريم!! السبب أنهم يحاولون طمس حقيقة أنَّه ولد من امرأة لينسبوا إليه الألوهية المزعومة.

غير معرف يقول...

تومــا:

توما أحد الحواريين لم يُصَدِّق أن عيسى ظهر بعد دفنه وأصر على أن يضع إصبعه على أثر المسامير في جسم عيسى (يوحنا 20/25). وعندما وضع إصبعه على آثارها، "قال له (أي لعيسى): ربي وإلهي" (يوحنا 20/28).

نلاحظ هنا ما يلي:

1- قصة توما وآثار المسامير لم توردها الأناجيل الأخرى، رغم أن توما من الحواريين وكانوا هم حاضرين عندما وضع شرطة أن يلمس جسم عيسى ليصدق. وهذه حادثة هامة عن حواريّ: لماذا لم يذكرها متّى وهو حواري كان حاضراً ؟!!

2- إن عبارة "ربي وإلهي" التي قالها توما ليس المقصود بها عيسى، لأن توما قالها عندما تيقن أن الذي يراه هو عيسى، أي قالها متعجباً. وهذا مثلما يقول أحدنا في حالة التعجب: "يا إلهي".

3- عندما أرى عيسى يديه إلى توما، لم يقل له عيسى انظر آثار المسامير، مما يؤكد أن عيسى أرى يديه لتوما ليريه أنه إنسان حقيقي، وليس شبحاً أو روحاً أو وهماً بل هو حقيقة مادية محسوسة ملموسة.

الشبكـة:

يروي يوحنا أن عيسى قال لتلاميذه بعد ظهوره لهم عند بحيرة طبريا وهم لا يعرفونه: ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن (يوحنا 21/6). فألقوها وصاروا سمكاً وفيراً فعرفوه.

هذه القصة وظهور عيسى عند طبريا (بعد دفنه حسب زعمهم) لم توردها الأناجيل الأخرى. وهي حادثة مشهورة لو حدثت فعلاً، وخاصة أنه ظهر لتلاميذه حسب (يوحنا 21/1). فكيف لم يروها متّى وقد كان هناك ؟!

والحدث الغريب حقاً أن بطرس عندما سمع أن عيسى قد حضر اتزر بطرس بثوبه "لأنه كان عرياناً وألقى نفسه في البحر". (يوحنا 21/7). كيف يكون بطرس كبير الحواريين عرياناً على شاطئ البحر أو البحيرة ؟! ولماذا يخجل من التعري عندما يسمع بحضور عيسى فقط ؟! هل التعري جائز في غياب عيسى وغير جائز في حضوره ؟! هل هناك نظامان للسلوك: واحد في حضور عيسى وواحد في غيابه ؟! كيف كان بطرس كبير الحواريين عارياً على الشاطئ أمام الناس وأمام الحواريين ؟! وماذا تعلم بطرس من عيسى إذاً ؟! إذا كان بطرس لم يتعلم أن على المرء أن يستر عورته فماذا تعلم بطرس إذاً ؟!!

غير معرف يقول...

الاخوة المسيحيين ..لقد أحترنا في يسوعكم وليس المسيح الحقيقي الذي نحبه ونصلي علي مع نبينا صلي الله عليهم جميعا( الصلاة من الله رحمة وزيادة درجة لئلا يحسب ساذج ان الله يصلي مثلنا ويركع ويسجد مثل المسيح البشر الذي كان يسجد لله في كتبكم فكيف يكون اله ولمن كان يسجد ؟؟تعالي الله عما يصفون؟؟؟؟؟موعظة يسوع المزور علي الجبل؟؟قصة خيالية لا تحكي للاطفال حتي لا يتعلموا الكذب ويقولون ما لا يفعلون؟؟؟؟؟؟فلمّا رأى يَسوعُ الجُموعَ صَعِدَ إلى الجبَلِ وجلَسَ. فَدنا إلَيهِ تلاميذُهُ، 2فأخَذَ يُعلَّمُهُم قالَ: "3هنيئًا للمساكينِ في الرٌّوحِ، لأنَّ لهُم مَلكوتَ السَّماواتِ. 4هنيئًا للمَحزونينَ، لأنَّهُم يُعزَّونَ. 5هنيئًا للوُدَعاءِ، لأنَّهُم يَرِثونَ الأرضَ. 6هنيئًا للجِياعِ والعِطاشِ إلى الحقَّ، لأنَّهُم يُشبَعونَ. 7هنيئًا للرُحَماءِ، لأنَّهُم يُرحمونَ. 8هنيئًا لأنقياءِ القُلوبِ، لأنَّهُم يُشاهِدونَ الله. 9هنيئًا لِصانِعي السَّلامِ، لأنَّهُم أبناءَ الله يُدْعَونَ. 10هنيئًا للمُضطَهَدينَ مِنْ أجلِ الحقَّ، لأنَّ لهُم مَلكوتَ السَّماواتِ. 11هنيئًا لكُم إذا عَيَّروكُم

واَضطَهَدوكُم وقالوا علَيكُمْ كَذِبًا كُلَ كَلِمةِ سوءٍ مِنْ أجلي. 12اَفرَحوا واَبتَهِجوا، لأنَّ أَجرَكُم في السَّماواتِ عظيمٌ. هكذا اَضطَهَدوا الأنبياءَ قبلَكُم.

الملح والنور.

13"أنتُم مِلحُ الأرضِ، فإذا فسَدَ المِلحُ، فَماذا يُمَلَّحُهُ؟ لا يَصلُحُ إلاَّ لأَنْ يُرمَى في الخارِجِ فيدوسَهُ النَّاسُ.

14أنتُم نورُ العالَمِ. لا تَخفَى مدينةٌ على جبَلٍ، 15ولا يُوقَدُ سِراجٌ ويوضَعُ تَحتَ المِكيالِ، ولكِنْ على مكانٍ مُرتَفِـعِ حتَّى يُضيءَ لِجميعِ الَّذينَ هُمْ في البَيتِ. 16فلْيُضِىءْ نورُكُم هكذا قُدّامَ النّاسِ ليُشاهِدوا أعمالَكُمُ الصّالِحةَ ويُمَجَّدوا أباكُمُ الذي في السَّماواتِ.

الشريعة.

17"لا تَظُنّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ الشَّريعَةَ وتَعاليمَ الأنبياءِ: ما جِئتُ لأُبطِلَ، بل لأُكمَّلَ. 18الحقَّ أقولُ لكُم: إلى أنْ تَزولَ السَّماءُ والأرضُ لا يَزولُ حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ مِنَ الشَّريعةِ حتى يتِمَّ كُلُّ شيءٍ. 19فمَنْ خالفَ وَصيَّةً مِنْ أصغَرِ هذِهِ الوصايا وعلَّمَ النَّاسَ أنْ يَعمَلوا مِثلَهُ، عُدَّ صغيرًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. وأمَّا مَنْ عَمِلَ بِها وعَلَّمَها، فهوَ يُعَدٌّ عظيمًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. 20أقولُ لكُم: إنْ كانَت تَقواكُم لا تَفوقُ تَقْوى مُعَلَّمي الشريعةِ والفَرَّيسيَّينَ، لن تَدخُلوا مَلكوتَ السَّماواتِ.

الغضب.

21"سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ لآبائِكُم: لا تَقتُلْ، فمَنْ يَقتُلْ يَسْتَوْجِبْ حُكْمَ القاضي. 22أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ غَضِبَ على أخيهِ اَستَوجَبَ حُكمَ القاضي، ومَنْ قالَ لأخيهِ: يا جاهلُ اَستوجبَ حُكمَ المجلِسِ، ومَنْ قالَ لَه: يا أحمقُ اَستوجَبَ نارَ جَهَنَّمَ.

23وإذا كُنتَ تُقَدَّمُ قُربانَكَ إلى المَذبَحِ وتذكَّرتَ هُناكَ أنَّ لأخيكَ شيئًا عليكَ، 24فاَترُكْ قُربانَكَ عِندَ المَذبَحِ هُناكَ، واَذهَبْ أوَّلاً وصالِـحْ أخاكَ، ثُمَّ تَعالَ وقَدَّم قُربانَكَ.25وإذا خاصَمَكَ أحَدٌ، فسارِعْ إلى إرْضائِهِ ما دُمْتَ معَهُ في الطَّريقِ، لِئلاّ يُسَلَّمَك الخَصمُ إلى القاضي، والقاضي إلى الشٌّرطي، فَتُلقى في السَّجنِ. 26الحقَّ أقولُ لكَ: لن تخرُجَ مِنْ هُناكَ حتَّى تُوفيَ آخِرَ دِرهَمِ.

الزنى.

27"وسمِعتُمْ أنَّـهُ قيلَ: لا تَزنِ. 28أمَّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ نظَرَ إلى اَمرأةٍ لِيَشتَهيَها، زَنى بِها في قلبِهِ. 29فإذا جَعَلَتْكَ عَينُك اليُمنَى تَخْطَأ، فاَقلَعْها وألْقِها عَنكَ، لأنَّهُ خَيرٌ لكَ أنْ تَفقِدَ عُضوًا مِنْ أعضائِكَ ولا يُلقَى جَسدُكَ كُلٌّهُ في جَهَنَّمَ. 30وإذا جَعَلَتْكَ يدُكَ اليُمنَى تَخطأُ، فاَقطَعْها وألْقِها عنكَ، لأنَّهُ خَيرٌ لكَ أنْ تَفقِدَ عُضوًا مِنْ أعضائِكَ ولا يذهَبُ جسَدُكَ كُلٌّه إلى جَهَنَّمَ.

الطلاق.

31"وقِيلَ أيضًا: مَنْ طَلَّقَ اَمرأتَهُ، فلْيُعطِها كِتابَ طَلاقٍ. 32أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاَّ في حالَةِ الزَّنَى يجعلُها تَزْني، ومَنْ تَزوَّجَ مُطلَّقةً زنَى.

حلف اليمين.

33"وسَمِعْتُمْ أنَّهُ قيلَ لآبائِكُم: لا تحلِفْ، بل أَوفِ للرَّبَّ نُذورَكَ. 34أمَّا أنا فأقولُ لكُم: لا تَحلِفوا مُطلَقًا، لا بالسَّماءِ لأنَّها عرشُ الله، 35ولا بالأرضِ لأنَّها مَوطِـىءُ قدَمَيْهِ، ولا بأُورُشليمَ لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيمِ. 36ولا تحلِفْ برَأْسِكَ، لأنَّكَ لا تَقدِرُ أنْ تَجعلَ شَعْرةً واحدةً مِنهُ بيضاءَ أو سوداءَ. 37فليكُنْ كلامُكُم: "نَعَمْ" أو "لا"، وما زادَ على ذلِكَ فهوَ مِنَ الشَّرَّيرِ.

الانتقام.

38"سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ: عَينٌ بِعَينٍ وسِنٌّ بسِنٍّ. 39أمّا أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوِموا مَنْ يُسيءُ إلَيكُم. مَنْ لطَمَكَ على خَدَّكَ الأيْمنِ، فحَوِّلْ لَه الآخَرَ. 40ومَنْ أرادَ أنْ يُخاصِمَكَ ليأخُذَ ثَوبَكَ، فاَتْرُكْ لَه رِداءَكَ أيضًا. 41ومَنْ سَخَّرَكَ أنْ تَمشيَ معَهُ مِيلا واحدًا، فاَمشِ معَهُ مِيلَيْن. 42مَنْ طَلَبَ مِنكَ شيئًا فأَعطهِ، ومَنْ أرادَ أَنْ يَستعيرَ مِنكَ شيئًا فلا ترُدَّهُ خائِبًا.

محبة الأعداء.

43"سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ: أحِبَّ قريبَكَ وأبغِضْ عَدُوَّكَ. 44أمّا أنا فأقولُ لكُم: أحِبّوا أَعداءَكُم، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يضْطَهِدونكُم، 45فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ. فهوَ يُطلِـعُ شَمْسَهُ على الأشرارِ والصّالحينَ، ويُمطِرُ على الأبرارِ والظّالمينَ. 46فإنْ كُنتُم تُحِبّونَ الَّذينَ يُحبّونكُم، فأيٌّ أجرٍ لكم؟ أما يعمَلُ جُباةُ الضّرائِب هذا؟ 47وإنْ كنتُم لا تُسلَّمونَ إلاّ على إخوَتِكُم، فماذا عمِلتُم أكثرَ مِنْ غَيرِكُم؟ أما يعمَلُ الوَثَنيّونَ هذا؟ 48فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ".

لا شك على الإطلاق فى حلاوة الكلام تحت العنوان الأول والثانى وعظمته، وهو جدير فعلا بأن يكون صادرا عن السيد المسيح، إن لم يكن بالفعل فبالقوة والشَّبَه. كما أرجو أن يتنبه القارئ لتكرار الإشارة فى كلام السيد المسيح عليه السلام إلى الأنبياء، بما يدل على أننا هنا بإزاء واحد منهم: نبى من أنبياء الله لا ابن من أبنائه! تعالى الله عن ذلك الشرك! لكن الوضع يختلف مع بدء الكلام عن الشريعة. لماذا؟ لأن كاتب السِّفْر (منه لله!) ينسب للسيد المسيح عليه السلام كلاما، ليجعله عقب ذلك أول ناقض له. خذ مثلا قوله: "لا تَظُنّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ الشَّريعَةَ وتَعاليمَ الأنبياءِ: ما جِئتُ لأُبطِلَ، بل لأُكمَّلَ. 18الحقَّ أقولُ لكُم: إلى أنْ تَزولَ السَّماءُ والأرضُ لا يَزولُ حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ مِنَ الشَّريعةِ حتى يتِمَّ كُلُّ شيءٍ. 19فمَنْ خالفَ وَصيَّةً مِنْ أصغَرِ هذِهِ الوصايا وعلَّمَ النَّاسَ أنْ يَعمَلوا مِثلَهُ، عُدَّ صغيرًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. وأمَّا مَنْ عَمِلَ بِها وعَلَّمَها، فهوَ يُعَدٌّ عظيمًا في مَلكوتِ السَّماواتِ". فمن يقرأ هذا الكلام سوف يتوهم أنه عليه السلام لم يغير شيئا أى شىء فى الشريعة التى جاء بها موسى، لكنه ما إن يمضى فى القراءة بضع كلمات حتى تتبين له الحقيقة المرة: "سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ لآبائِكُم: لا تَقتُلْ، فمَنْ يَقتُلْ يَسْتَوْجِبْ حُكْمَ القاضي. 22أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ غَضِبَ على أخيهِ اَستَوجَبَ حُكمَ القاضي، ومَنْ قالَ لأخيهِ: يا جاهلُ اَستوجبَ حُكمَ المجلِسِ، ومَنْ قالَ لَه: يا أحمقُ اَستوجَبَ نارَ جَهَنَّمَ... وسمِعتُمْ أنَّـهُ قيلَ: لا تَزنِ. 28أمَّ? أنا فأقولُ لكُم: مَنْ نظَرَ إلى اَمرأةٍ لِيَشتَهيَها، زَنى بِها في قلبِهِ. 29فإذا جَعَلَتْكَ عَينُك اليُمنَى تَخْطَأ، فاَقلَعْها وألْقِها عَنكَ، لأنَّهُ خَيرٌ لكَ أنْ تَفقِدَ عُضوًا مِنْ أعضائِكَ ولا يُلقَى جَسدُكَ كُلٌّهُ في جَهَنَّمَ. وقِيلَ أيضًا: مَنْ طَلَّقَ اَمرأتَهُ، فلْيُعطِها كِتابَ طَلاقٍ. 32أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاَّ في حالَةِ الزَّنَى يجعلُها تَزْني، ومَنْ تَزوَّجَ مُطلَّقةً زنَى. وسَمِعْتُمْ أنَّهُ قيلَ لآبائِكُم: لا تحلِفْ، بل أَوفِ للرَّبَّ نُذورَكَ. 34أمَّا أنا فأقولُ لكُم: لا تَحلِفوا مُطلَقًا، لا بالسَّماءِ لأنَّها عرشُ الله، 35ولا بالأرضِ لأنَّها مَوطِـىءُ قدَمَيْهِ، ولا بأُورُشليمَ لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيمِ. 36ولا تحلِفْ برَأْسِكَ، لأنَّكَ لا تَقدِرُ أنْ تَجعلَ شَعْرةً واحدةً مِنهُ بيضاءَ أو سوداءَ. 37فليكُنْ كلامُكُم: "نَعَمْ" أو "لا"، وما زادَ على ذلِكَ فهوَ مِنَ الشَّرَّيرِ. سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ: عَينٌ بِعَينٍ وسِنٌّ بسِنٍّ. 39أمّا أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوِموا مَنْ يُسيءُ إلَيكُم. مَنْ لطَمَكَ على خَدَّكَ الأيْمنِ، فحَوِّلْ لَه الآخَرَ".

والآن أليس هذا هو نقض الشريعة بقضه وقضيضه؟ أليس قد قال عليه السلام شيئا ثم عمل عكسه تماما؟ أما نحن المسلمين فنبرئ المسيح من مثل هذا السلوك، إذ لا يعقل أن يقول نبى من أنبياء الله الكرام شيئا ويكون هو أول من ينقضه! وهذا هو النسخ، الذى يأخذه أوغاد المهجر على الإسلام، لكن نسخ الإسلام هو نسخ التدرج، أما هنا فالنسخ يتخذ صورة الهدم والمحو الفجائى دون تمهيد ولا تنبيه، كما أنه يتسم بالكذب والخداع، أو بالهوائية على الأقل! ثم جاء بولس فأجهز على القليل الباقى فلم يعد للشريعة بعدها من أثر، ومع ذلك يظلون يرددون فى سماجة لا نظير لها أن الإسلام هو وحده الدين الذى يقوم على الناسخ والمنسوخ، وأنه عيب لا يليق بدين من الأديان السماوية. اللهم إلا إذا كان قصدهم أن دينهم، لكونه ليس من لدن رب العالمين، فإنه لا يعيبه أن يكون فيه ناسخ ومنسوخ، ولا أن يكون الناسخ والمنسوخ فيه قائما على الكذب والهوائية! أما إذا كان الأمر هو ذاك فليس لدىّ حينئذ أدنى اعتراض، لأن هذا هو رأيى فعلا!

كذلك لست أظن إلا أن القارئ قد لاحظ باستغرابٍ الوصايا المثالية المتشنجة التى تضمنتها تلك الموعظة والتى لا تناسب الحياة البشرية على الإطلاق، إذ إننا لا نعيش فى مجتمع من مجتمعات الملائكة رغم تطلعنا إلى الكمال والسكينة والعدل والتراحم والتسامح، بل فى مجتمع بشرى تحركه الغرائز والشهوات، وتتحكم فى تصرفات أفراده ألوان من الضعف والعجز والخوف والشك والقلق والتطلع والطمع... إلخ، وهو ما لا يناسبه بحالٍ تلك النبرة المتشنجة التى لا يمكن أحدا الوفاء بها ولا المسيح نفسه: فهو مثلا قد نهى عن شتم الآخرين ولو بكلمة "يا أحمق" وجعل عقابها عند الله كبيرا، ومع ذلك فما أكثر المرات التى كال فيها عليه السلام السباب لليهود من فريسيين وصدوقيين وكهنة، وكذلك لتلاميذه الحواريين، وأَسْمَعَ المدنَ التى لم تُصِخْ له قارص القول: "20وأخَذَ يَسوعُ يُؤَنَّبُ المُدُنَ التي أجرى فيها أكثرَ مُعجزاتِهِ وما تابَ أهلُها، 21فقالَ: "الويلُ لكِ يا كورَزينَ! الويلُ لكِ يا بـيتَ صيدا! فلو كانتِ المُعجزاتُ التي جرَتْ فيكما جرَتْ في صورَ وصيدا، لتابَ أهلُها من زمنٍ بعيدٍ ولبِسوا المسوحَ وقعَدوا على الرمادِ. 22لكنّي أقولُ لكم: سيكونُ مصيرُ صورَ وصيدا يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتمالاً من مصيرِكُما. 23وأنتِ يا كَفْرَ ناحومُ! أتَرتَفعينَ إلى السَّماءِ؟ لا، إلى الجَحيمِ سَتهبُطينَ. فَلو جرَى في سَدومَ ما جرَى فيكِ مِنَ المُعجِزاتِ، لبَقِـيَتْ إلى اليومِ. 24لكنّي أقولُ لكُم: سيكونُ مصيرُ سدومَ يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتِمالاً مِنْ مَصيرِكِ" (متى/ 11). وإن الإنسان ليتساءل: أهذا هو عيسى الذى تُضْرَب به الأمثال فى الوداعة والطيبة وحب السلام؟ فما بالنا لو عرفنا بم رد على أحدهم حين أخبره أن أمه وإخوته يريدون أن يَرَوْه بالخارج؟ وما الذى قاله فى تلك الأم وأولئك الإخوة؟ أو لو عرفنا ما الذى قاله عندما ظن الناس أنه قد أتى بدعوة السلم والسكينة فأكد لهم أنه لم يأت ليلقى سلاما على الأرض بل نارا وسيفا، وأنه إنما جاء ليفرّق بين أفراد الأسرة الواحدة ويبث بينهم العداوة والبغضاء؟ لا ليس هذا هو عيسى الذى عمل القوم على تسويقه رغم أن الصورة التى ترسمها له أناجيلهم المؤلفة تختلف عن ذلك اختلافا بعيدا لا يمكن معه التوفيق بين الأصل والصور

غير معرف يقول...

حضرة المحترم / أسقف روما ، ومندوب يسوع المسيح ، وخليفة أمير الرسل ، و الحبر الأعظم للكنيسة العالمية ، وكبير أساقفة إيطاليا ، والمطران الأسقفي للمقاطعة الرومية ، ورئيس دولة مدينة الفاتيكان ، وخادم خدّام الله ، ـ ولم أذكر" باتريارك الغرب" لأنكم تنازلتم عنه .. كما لا يجوز لي إغفال لقب : رئيس مكتب عقيدة الإيمان ( محاكم التفتيش سابقا ) ، و الأستاذ المتفرغ بالجامعات الألمانية ، البابا بندكتوس السادس عشر .....



أبدأ بهمسة عتاب كزميلة في اللقب الجامعي ـ وهو المستوى الذي يدور في نطاقه هذا الخطاب ـ وكإنسانة مسلمة ، نالها من الإهانة والمرارة والألم ما نال المسلمين في العالم أجمع مما ورد في المحاضرة التي ألقيتموها ، في جامعة راتيسبون بألمانيا ، تحت عنوان :
" العقل والإيمان.. العنف يتعارض مع طبيعة الله ومع طبيعة الروح".

فمن يحمل على كاهله أمانة و مسؤولية كل هذه الألقاب ، عار عليه أن يتدنى إلى مستوى السب العلني لدين يتمسك به و يتّبعه أكثر من خمس سكان العالم .. وعار عليه أن يختار موقف التحدي الاستفزازي للنيل من الإسلام و المسلمين.. وهو موقف يندرج بلا شك ضمن مسلسل الإساءة و المحاصرة الذي بدأ منذ بداية انتشار الإسلام و يتواصل حتى يومنا هذا . إنه موقف وضعكم على أرض احتقار الآخر ، و الكذب ، و الجهل ، باختياركم ، وكلها تشبيهات لا تليق بمن في مثل منصبكم . فهو موقف يكشف عن مدى جهلكم بدينكم وبدين الآخرين من جهة ، و من جهة أخرى، هو موقف أشبه ما يكون بإطلاق العنان لحملات صليبية جديدة ما أغنانا جميعا عنها ..

وتؤكد جريدة "لاكروا " المسيحية الصادرة في 17 / 9 / 2006 ، أن المحاضرة قد تم الإعداد لها طويلا ، وقرأها العديد من المحيطين بكم ، مثلما يحدث مع كافة النصوص العامة على الأقل. كما تؤكد الجريدة أنه منذ يوم الاثنين 11 / 9 و " بينما لم يكن البابا قد نطق محاضرته بعد ، صدرت الصحف الإيطالية بعناوين حول بنديكت السادس عشر و الإسلام " ! الأمر الذي يؤكد ربط هذه المحاضرة في هذا التوقيت بمسرحية الحادي عشر من سبتمبر !.. فما أصبح معروف يقينا رغم التمويه الشديد ، أن الأيادي المدبرة أمريكية رفيعة المستوى . وكان هدف المحاضرة واضحا في ربطه بين الإسلام والإرهاب والشر .. أي أنه موقف متعمّد.

ولقد جاء ردكم وتعبيركم عن " الحزن " الذي انتابكم من ردود الأفعال التي أثارتها محاضرتكم كعذر أقبح من ذنب ، فالباحث الأكاديمي حينما يستشهد في بحثه ، يكون ذلك لأحد أمرين : إما لتأييد موقفه ، وإما لنقد ذلك الاستشهاد ـ ولا يوجد هناك ما يسمى باستشهاد لا يعبر عن رأيي كاتبه بالمعنى الذي حاولتم التبرير به : فالكاتب هو الذي يستشهد . وقولكم أن هذه العبارات لا تعبر عن رأيكم الشخصي، في الوقت الذي يؤكد صلب المحاضرة وسابق كتاباتكم وخاصة خطابكم الرسولي كلها كتابات تؤكد أنكم تعنونه ، وذلك يضعكم في مصاف أولئك الباحثين الذين يضعون أفكارهم على لسان غيرهم حتى لا تحسب عليهم خشية عواقبها .. وهو موقف علمي يوصف بالجبن ولا يليق بمن في مكانتكم.

وحتى التصريح الصادر عن المكتب الإعلامي للفاتيكان يوم السبت 16/ 9/ 2006 والذي استشهد فيه المتحدث الرسمي بقرار وثيقة " في زماننا هذا " الصادرة عن مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965 ، فهو أيضا بمثابة عذر أقبح من ذنب ، ويكشف عن الموقف غير الكريم والملتوي ـ لكي لا أقول ذو الوجهين ـ للفاتيكان. فمن يطّلع على محاضر صياغة هذا النص تحديدا يصاب بالغثيان من كثرة ما جاهد كاتبوه لاستبعاد أن العرب من سلالة إسماعيل ، الابن البكر لسيدنا إبراهيم، ولا ينتمون إليه ، وإنما يتخذونه مثلا !. واستبعاد حتى أن الله قد خاطب المسلمين عن طريق الوحي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والمرجع صادر عن الفاتيكان بعنوان " الكنيسة والديانات غير المسيحية" ، وبه محاضر الجلسات المخجلة . الأمر الذي يوضح مدى تمسككم باستمرار ذلك الموقف غير الأمين تجاه الإسلام و المسلمين ، لعدم الاعتراف به كديانة توحيدية. وسواء اعترفتم أو لا تعترفون به فالإسلام موجود ومعترف به من الجميع على أنه الرسالة التوحيدية الثالثة المرسلة للبشر، ورفضه أو إنكاره لا يدين إلا شخصكم.

ولا يسع المجال هنا لتناول مختلف النقاط التي طرحتموها في تلك المحاضرة والتي تزيد عن العشرين موضوعا ، وسأكتفي بالرد على ما يخص الإسلام ، وهما نقطتان أساسيتان : ما وصفتم به الله عز وجل في " المذهب الإسلامي " من أن التصعيد المطلق لله عبارة عن مفهوم لا يتفق ولا يتمشى مع العقل والمنطق ، ولا يمكن فهمه ، وأن إرادته لا ترتبط بأي واحدة من فئاتكم المنطقية ، ولا حتى فئة المعقول ؛ وأن سيدنا محمد عليه صلوات الله ، لم يأت إلا بكل ما هو شر ولا إنساني ، مثل أمره بنشر العقيدة التي يبشر بها بالسيف ! .

وأول ما يجب توضيحه هنا هو أن الإسلام ليس بمذهب ، كما وصفتمونه ، وإنما دين توحيدي متكامل ، شامل الأركان ، ثابت وراسخ ، وخاصة شديد المنطق والوضوح وهو ما يجذب الناس إليه. و مجرد إغفال مثل هذه الحقيقة يوصم موقفكم ويكشف عن مدى عدم الأمانة العلمية والموضوعية التي تتمسكون بها !

ولن أحدثكم هنا عن الإسلام الذي يمكنكم دراسته إن شئتم ، لكنني سأسألكم عن الكتاب المقدس بعهديه ، والذي ترون أنه بقسميه يتفق مع العقل والمنطق دونا عن القرآن ، مشيرين في موضع آخر " أن العنف يتعارض مع طبيعة الله وطبيعة الروح ، وان الله لا يحب الدم و التصرف بمنافاة العقل يعد ضد طبيعة الله ". وهنا لا يسعني إلا أن أسألكم عن كل ما هو وارد بالعهد القديم من أمر الإله يهوه لأتباعه بإبادة كل القرى وحرقها وذبح الرجال والنساء والأطفال بحد السيف و أخذ الذهب والفضة ... وفى مكان آخر يطلب تعذيبهم و تقطيعهم وحرقهم في أفران الطوب ... هل تتمشى مثل هذه الآيات مع العقل والمنطق في نظركم ؟ وخاصة هل ترونها تخلو من الشر واللا إنسانية ؟! أم هذا هو التسامح الذي تقرونه !

وما هو وارد في سفر حذقيال حين يأمره الرب أن يأكل خبزا وعليه "خراء الإنسان " وحينما اشتكى النبي حزقيال أمره أن يضيف عليه روث البقر! هل يتمشى هذا مع العقل والمنطق في نظركم ؟! وأخجل حقا من ذكر بعض الإباحيات الواردة بهذا النص وغيره رغم محاولة درئها بتغييرها أو تعديلها من طبعة لأخرى .. والنصوص والطبعات موجودة.

أما في المسيحية التي تترأسون أعلى المناصب فيها ، فأبدأ بسؤالكم عن تأليه السيد المسيح في مجمع نيقية الأول سنة 325 ، رغم وجود العديد من الآيات التي يقول فيها السيد المسيح إن "الرب إلهنا واحد " (مرقس 12:29) ، "ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله" (متى 16:19 ) ، "إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي و إلهكم " (يوحنا 20:17) ، " للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 4:10) ، وما أكثر الآيات التي يوضح فيها أنه إنسان :" أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " (يوحنا 8:40) ، كما أن هناك آيات تقول :" هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل " (21:11) ، و"قد قام فينا نبي عظيم " (لوقا 7:16) .. ورغم كل هذه التأكيدات التي لا تزال موجودة ولم تمحى بعد ، قامت المؤسسة الكنسية بإعلان أن يسوع "إله حقيقي من إله حقيقي ، مولود وليس مخلوق ، ومشارك للآب في الجوهر" ..وبعد ذلك جعلته الله شخصيا ، فهل تتمشى كل هذه المغالطات مع العقل والمنطق ـ رغم أنها أدت إلى تقسيم المسيحية وإلى مذابح بين أتباعها ؟!

وفى مجمع القسطنطينية الأول تمت إضافة أن " الروح القدس مشارك للآب في الجوهر" ، مما أدى إلى انفصال آخر للكنائس. وفى مجمع أفسوس سنة 431 أقر المجمع بدعة " أن مريم أم الله " ، مما أدى إلى معارك وانفصالات أخرى .. وفى مجمع خلقيدونيا سنة 451 أقر "الطبيعة الثنائية ليسوع " .. وكلها عقائد وقرارات لا يذكر ولا يعرف عنها يسوع أي شيء ، فهل هذا يتمشى مع العقل والمنطق ؟!

والمعروف من إصداراتكم أنه لم يتم تقبل عقيدة التثليث لقرون طويلة بين الكنائس ، بحيث نطالع في قرار مجمع فلورنسا المنعقد سنة 1439 ، الذي راح يحدد لليعاقبة معنى الثالوث لفرضه بلا رجعة ، وينص القرار على ما يلي : " إن العلاقة وحدها هي التي تفرق بين الأشخاص ، لكن الأشخاص الثلاثة يكوّنون إله واحد وليس ثلاثة آلهة ، لأنهم من جوهر واحد ، و طبيعة واحدة ، وألوهية واحدة ، وضخامة واحدة ، وخلود واحد ، وأن ثلاثتهم واحد حيث لا تمثل العلاقة أي تعارض " ، وعلى الذين لا يروقهم هذا الوضوح تجيب الكنيسة : أنه سرّ ! فهل مثل هذا المنطق هو الذي ترونه يتمشى مع العقل السليم ؟!..

تعتبرون سيادتكم أن نصوص الكتاب المقدس بعهده القديم ، القائم على الترجمة السبعينية، وأناجيله الأربعة وباقي الكتب المرفقة ، هو الكتاب الذي يعتد به فهو يحتوي على الإيمان الإنجيلي وتستعينون بفكره طوال محاضرتكم بعد استبعاد القرآن. والمعروف تاريخيا أن القديس جيروم هو الذي صاغه بأمر من البابا داماز، بعد توليفه من أكثر من خمسين إنجيلا كانت منتشرة ومستخدمة حتى القرن الرابع. وعند الفراغ من مهمته كتب مقدمة للعهد الجديد موجها إياها للبابا داماز يقول فيها :
" إلى قداسة البابا داماز ، من جيروم
تحثني على أن أقوم بتحويل عمل قديم لأخرج منه بعمل جديد ، وتريد منى أن أكون حكماً على نُسخ كل تلك النصوص الإنجيلية المتناثرة في العالم ، وأن أختار منها وأقرر ما هي تلك التي حادت أو تلك التي هي أقرب حقا من النص اليوناني . إنها مهمة ورعة ، لكنها مغامرة خطرة إذ سيتعيّن علىّ تغيير أسلوب العالم القديم و أعيده إلى الطفولة. و أن أقوم بالحكم على الآخرين يعنى في نفس الوقت أنهم سيحكمون فيه على عملي. فمن من العلماء أو حتى من الجهلاء ، حينما سيمسك بكتابي بين يديه ويلحظ التغيير الذي وقع فيه ، بالنسبة للنص الذي اعتاد قراءته ، ولن يصيح بالشتائم ضدي ويتهمني بأنني مزوّر و مدنس للمقدسات ، لأنني تجرأت وأضفت ، وغيّرت ، و صححت في هذه الكتب القديمة ؟

" وحيال هذه الفضيحة ، هناك شيئان يخففان من روعي ، الأمر الأول : أنك أنت الذي أمرتني بذلك ؛ و الأمر الثاني : أن ما هو ضلال لا يمكن أن يكون حقا . وهو ما تقره أقذع الألسنة شراسة . وإذا كان علينا أن نضفي بعض المصداقية على مخطوطات الترجمة اللاتينية ، ليقل لنا أعداؤنا أيها أصوب ، لأن هناك من الأناجيل بعدد الاختلاف بين نصوصها. ولماذا لا يروقهم أن أقوم بالتصويب اعتمادا على المصادر اليونانية لتصويب الأجزاء التي أساء فهمها المترجمون الجهلاء ، أو بدّلوها بسوء نيّة ، أو حتى قام بعض الأدعياء بتعديلها.

"وإذا كان علينا دمج المخطوطات ، فما يمنع أن نرجع ببساطة إلى الأصول اليونانية ونبعد بذلك عن أخطاء الترجمات السيئة أو التعديلات غير الموفقة من جانب الذين تصوروا أنهم علماء ، أو الإضافات التي أدخلها الكتبة النعسانين ؟ إنني لا أتحدث هنا عن العهد القديم والترجمة السبعينية باللغة اليونانية التي لم تصلنا إلا بعد ثلاث ترجمات متتالية من العبرية إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية . ولا أود أن أبحث هنا ما الذي سيقوله أكويلا أو سيماّك ، أو لماذا آثر تيودوسيان الوسط بين المترجمين القدامى و الحداث . لذلك سأعتمد على الترجمة التي يمكن أن يكون قد عرفها الحواريون .

" وأتحدث الآن عن العهد الجديد ، المكتوب بلا شك باللغة اليونانية فيما عدا إنجيل متّى الذي كان قد استعان أولا بالعبرية لنشره في منطقة اليهودية. إن هذا الإنجيل يختلف يقينا عن الذي بلغتنا نظرا لتعدد المصادر التي استعانوا بها لتكوينه . وقد آثرت أن أرجع إلى نص أساسي، فلا أود الاستعانة بترجمات المدعوان لوشيانوس أو هزيكيوس التي يدافع عنها البعض بضراوة عن غير وجه حق ، واللذان لم يكن من حقهما مراجعة لا العهد القديم بعد ترجمة السبعينية ، ولا أن يقوما بمراجعة النصوص الجديدة . فالنصوص الإنجيلية التي وصلتنا بلغات شعوب مختلفة توضح مدى الأخطاء و الإضافات التي بها . وإذا كنت قد قمت بذلك بالنسبة للنسخ المكتوبة بلغتنا فلا بد وأن أعترف بأنني لم استفد منها شيئا ".

ذلك هو حال الكتاب الذي تعتبرونه مقدسا ! وأكتفي بهذا القدر من الاستشهاد لأن باقي النص متعلق بترتيب الأناجيل و تبويبها . وكان ذلك في القرن الرابع الميلادي . أي أنه حتى ذلك التاريخ لم تكن الأناجيل المعروفة حاليا قد استتب أمرها . واندلعت الخلافات بين الكنائس لمدة قرون طويلة ، حتى قامت المؤسسة الكنسية الكبرى بفرض هذا الكتاب المقدس على الأتباع على أنه نص منزل و " أن مؤلفه هو الله " ، وذلك في المجمع التريدنتي سنة 1547 . ثم قام مجمع الفاتيكان الأول المنعقد في عامى1869 و1870 بإعلان أن الكتاب المقدس بعهديه " كتب بإلهام من الروح القدس ، وأن مؤلفه هو الله ، وأنها قد أُعطيت هكذا للكنيسة " .. أما مجمع الفاتيكان الثاني المنعقد بعد ذلك بحوالي تسعين عاما ، ظهرت خلالها من الدراسات والأبحاث التي أطاحت بمصداقية الكتاب المقدس ، ما جعله يعلن عن إصحاحات هذا الكتاب المقدس قائلا : " إن هذه الكتب وإن كانت تتضمن الناقص و الباطل ، فهي مع ذلك شهادات لعلم تربية إلهي حقيقي" !.. ترى يا سيادة البابا هل هذا هو المنطق الذي ترونه حقا ومفهوما ؟!..

ولا تفوتنا هنا الإشارة إلى " ندوة عيسى " التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1992 ، وأن أهم ما خرج به فريق العلماء المساهمين فيها وهم حوالي 200 باحثا لاهوتيا وأكاديميا ، أن 82 % من الأقوال المنسوبة إلى يسوع لم يتفوه بها وإنما صاغها كتبة الأناجيل، وأن موت يسوع وبعثه حدث في المكان و بالكيفية التي أرادها كتبة الأناجيل .. (صفحة 24 من مقدمة الكتاب الصادر عن الندوة) .. وما يأسف له هؤلاء العلماء هو الجهل الشديد لدى عامة المسيحيين بكتابهم المقدس وخاصة بالعهد الجديد ، وهو مستوى يرون أنه يصل إلى درجة الأمية ! واللهم لا تعليق على ما تعتبرونه مصدرا للعقل و المنطق والإلهام!!

تقولون في خطبتكم الموقرة أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لم يأت إلا بأشياء شريرة ولا إنسانية ، من قبيل أمره أن يتم نشر ما يبشر به بالسيف ... لعلكم لا تجهلون أن البابا أوربان الثاني هو الذي أعلن قيام الحروب الصليبية باسم الرب في مجمع كليرمونت ، قائلا : " إن الله يريدها " ، و أنه أطلق على المساهمين فيها لقب "جند يسوع " وأمرهم بوضع علامة الصليب على ثيابهم وعتادهم ، و وعد بغفران ذنوبهم وإعفائهم من الضرائب و أغدق عليهم العطايا .. ويصف المؤرخ المرافق للحملة و المعروف باسم " لانونيم " قائلا : " تم طرد المدافعين عن المدينة (القدس) بقتلهم وبترهم بالسيوف أحياء ، حتى معبد سليمان . وقد وقعت مجزرة لا مثيل لها بحيث أن جنودنا كانوا يغوصون بأقدامهم في الدماء حتى عراقيبهم " ، ثم يضيف بعد ذلك قائلا : " لعل ما أدى إلى نجاح ذلك الهجوم وغيره الانقسام الذي كان سائدا آنذاك بين المسلمين " . وعندما سادت المجاعة أيام حصار عكا كان الصليبيون يسلقون أطفال المسلمين ويأكلونهم .. أذلك هو ما يندرج تحت مسمى العقل والأعمال الإنسانية وعدم الانتشار بالسيف؟!

كما تم إنشاء محاكم التفتيش لتواكب أعمالها ولتواصل ما أُطلق عليه عصر الظلمات الذي امتد حوالي ألف عام ، بمنع الأتباع من قراءة إنجيلهم ومنع التعليم إلا على رجال الدين .. و المعروف أن الحروب الصليبية لم توجه ضد المسلمين وحدهم في الأراضي المقدسة ، وإنما امتدت إلى إسبانيا لتعاون في اقتلاع الإسلام ، كما امتدت إلى أوروبا وجنوب شرق فرنسا لاقتلاع شعوب الكاتار والبوجوميل والفودوَا لأنهم حتى ذلك الوقت كانوا رافضين لبدعة تأليه السيد المسيح .. وما تذكره المراجع التاريخية والعلمية عن عمليات التعذيب التي تفننت فيها محاكم التفتيش من حرقها الناس أحياء أو خزء عيونهم أو انتزاع لسانهم وهم أحياء أو دهن أرجلهم بالزيت ووضعها فوق النار بعد ربطهم حتى لا يتحركون من أماكنهم ليصيب القارئ بالغثيان .. وما كتبه القس بارتولوميه دي لاس كازاس عن وحشية أعمال المبشرين ورجال الكنيسة وجنودها عند غزوهم شعوب أمريكا الجنوبية يفوق الخيال في بشاعته .. ولم يُسمح بنشر مذكراته إلا في أواخر القرن العشرين . ولا يسع المجال هنا للتحدث عن الحروب الدينية بين المسيحيين كحرب الخمسين عاما، والمائة عاما ، والمجازر المميزة كمجزرة البروتستانت المعروفة باسم سانت بارتليمى .. ولا عن سرد كيفية تم فرض المسيحية بالسيف على أوروبا وضواحيها أو على باقي بعض شعوب العالم .

وإذا ما تم حصر أعداد كل الذين تم قتلهم بأمر من الكنيسة الكاثوليكية الرومية الرسولية لوصل إلى مئات الملايين من الأبرياء ، وهو ما تذخر به المراجع .. فمثل هذه الأعمال تندرج تحت أي منطق في نظر سيادتكم ، أم لعلكم تباركونها لبراءتها و تسامحها المسيحي!

سيادة الأستاذ والباحث المبجل ، إن كل ما تقدم وأكثر منه بكثير هو ثابت علميا وتاريخيا ووثائقيا ، بل أكثر منه جد كثير ولا يسع المجال هنا لذكره .. إنها مجرد شذرات.

تقولون في الفقرة الثالثة من محاضرتكم أن الله لا يحب الدم ، ومع ذلك تصرّون على استمرار العقيدة التي تفرض على الأتباع شرب دمه وأكل لحمه عند تناول الإفخارستيا . ومن لا يؤمن بذلك إيمانا قاطعا بأنه يشرب دمه فعلا ويأكل لحمه فعلا يكون كافرا وملعونا .. ومن الواضح أن هناك العديد من الأتباع الذين ينفرون من مجرد هذه الفكرة ، وتفاوتت حدة الصراعات الرافضة للإفخارستيا بالمعنى الكنسي ، وكان من أشهر هؤلاء جان فيكليف الذي أدانه مجمع كونستانس 1418 لأنه نادى بأن الخبز والنبيذ لا يتبدلان في القربان ولا يتحولان ، وأن المسيح لا يتواجد فعلا بلحمه ودمه في القربان. فأدان المجمع كل مؤلفاته واتهمه بالهرطقة ، وبعد موته أمر المجمع بنبش قبره لإلقاء عظامه بعيدا عن المدافن الكنسية ( المجمع المسكونية ، ج2 صفحة 859 ) . ثم قام مجمع لاتران بإدخال هذا الطقس الدموي ضمن عقيدة الإيمان !

وكانت آخر محاولة مبذولة لدراسة كيفية فرض فكرة أكل لحم المسيح و شرب دمه فعليا و حقيقيا ، ذلك العام الذي كرسه البابا يوحنا بولس الثاني في أكتوبر 2004 والذي انتهى بانعقاد السينودس الذي أقيم من 2 إلى 23 أكتوبر 2005 ، وحضره 256 أسقفا من 118 بلدا حول موضوع : " الإفخارستيا في الحياة و الرسالة الحالية للكنيسة " ، وقد قمتم بترؤسه لوفاة البابا السابق. و تم اختيار هذا التاريخ ، 23 أكتوبر لإنهاء أعمال المؤتمر ، ليتفق مع " اليوم العالمي للتبشير " ... وهو ما يكشف عن أن عقيدة الإفخارستيا تقف عقبة في عمليات التبشير التي تخوضونها وتجاهدون لتدارس كيفية فرضها !

ومن الواضح أن الإصرار على فرض هذه العقيدة بمثل هذا التشبث ، هي عملية تبرير لاستمرار ضرورة وجود طبقة القساوسة التي هي وحدها تمتلك سر تحويل الخبز و النبيذ " بقدرتهم السرّية " إلى لحم ودم المسيح الذي يتعيّن على الأتباع أكله شربه و إلا لا يحصلون على الخلاص!.. ولا نملك إلا أن نتعجّب لما تعتبرونه معقولا ومنطقيا و يتفهمه العقل والمنطق.. ولعل ذلك هو ما دفع الكاتب الفرنسي إميل زولا أن يقول في إحدى رواياته : "إن الحضارة الإنسانية لن تتقدم إلا أذا سقط آخر حجر من آخر كنيسة على رأس آخر قسيس"!
أنتقل بعد ذلك إلى مجمع الفاتيكان الثاني وقراراته سنة 1965 التي تمثل خروجا سافرا على نصوص و تعاليم العهد الجديد ، والتي تمثل جزء كبيرا من المشكلات التي تواجه العالم حاليا . فعلى الرغم من اتهامكم اليهود في قداس كل يوم أحد بأنهم قتلة الرب ، وعلى الرغم من وجود أكثر من مائة آية صريحة الوضوح في اتهامها بالعهد الجديد ، نص ذلك المجمع من ضمن ما نص عليه في نصوصه المتعددة ، على :
* تبرئة اليهود من دم المسيح.
* اقتلاع اليسار في عقد الثمانينات ( من القرن العشرين ).
* اقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة و قد تم تنصير العالم ، وإن كانت هذه التوصية بدأت بعبارة مضخمة هي "توصيل الإنجيل لكل البشر"..
* إعادة تنصير العالم.
* توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما.
* فرض المساهمة في عملية التبشير على كافة المسيحيين الكنسيين منهم و المدنيين ، وهى أول سابقة من نوعها وتوصم أمانة الأقليات المسيحية في كل مكان.
* استخدام الكنائس المحلية في عمليات التبشير ، الأمر الذي يضع الأقليات المسيحية في البلدان التي يعيشون فيها في موقف عدم الأمانة أو الخيانة الوطنية لصالح التعصب الكنسي.
* فرض بدعة الحوار ، كوسيلة لكسب الوقت حتى تتم عملية التنصير بلا مقاومة تذكر.
* إنشاء لجنة الحوار.
* إنشاء لجنة خاصة بتنصير العالم.

ولن أطلب من سيادتكم تقييم قرارات هذا المجمع من حيث العقل والمنطق ، أو من حيث الشرور واللا إنسانية التي تمخض عنها ، فهي ليست بحاجة إلى تقييم ، إنها تجأر بنفسها ، لكنني سأضيف أن البابا يوحنا بولس الثاني كان قد وعد بتبديل و تغيير سبعين آية من آيات الأناجيل لتتمشى مع مسلسل التنازلات التي تقدمونها للصهاينة . وللحق لا أعرف إن كان قد تمكن من إتمام ذلك قبل وفاته أم سيقع عليكم الوفاء بهذا الوعد .

ومن بين كل القرارات السابقة لن أعلق إلا على نقطة بدعة الحوار بين الأديان ، لأستشهد ببعض النماذج الكاشفة من الوثائق الفاتيكانية :
* أخطر ما يمكن أن يوقف الحوار : أن يكتشف من نحاوره نيتنا في تنصيره.
* من أهم عقبات الحوار ما قمنا به في الماضي ضد الإسلام والمسلمين ، وهذه المرارات عادت للصحوة حاليا ، فقد أضيفت الآن قضية إسرائيل و موقف الغرب منها ، و نحن كمسيحيين نعرف ما هي مسؤوليتنا حيال هذه القضية..
* ضرورة القيام بفصل المسيحية في حد ذاتها عن العالم الغربي ومواقفه المعادية والاستعمارية فالمسلم لم ينس ذلك بعد.
* إن الحوار الصحيح يرمى إلى تجديد كل فرد بالارتداد الباطني والتوبة ، اعتمادا على الصبر والتأني والتقدم خطوة خطوة وفقا لما تقتضيه أحوال الناس في عصرنا.
* يتعيّن على المسيحيين أن يساعدوا مؤمني العقائد الأخرى على التطهر من تراثهم الديني لتقبل عملية الارتداد.
* إن أعضاء الديانات الأخرى مأمورون بالدخول في الكنيسة من أجل الخلاص.
* الحوار يعنى فرض الارتداد والدخول في سر المسيح..
* إن الكرسي الرسولي يسعى إلى التدخل لدى حكام الشعوب و المسؤولين عن مختلف المحافل الدولية ، أو الانضمام إليهم بإجراء الحوار أو حضهم على الحوار لمصلحة المصالحة وسط صراعات عديدة ..

وأكتفي بهذا القدر القليل من غثاء جد كثير لأسأل سيادتكم : هل مثل هذا التعامل غير الأمين واللا إنساني هو ما تعتبرونه مقبولا من العقل والمنطق ؟!

وهنا تجدر الإشارة إلى خطابكم الرسولي الأول " الله محبة " ، ولا يسع المجال لتناوله بالتفصيل ، فقد أفردت له مقالا آنذاك بعنوان " تنازلات على نغمة المحبة " ! ومن أهم ما يجب الإشارة إليه اعتباركم أن اليهود و المسيحيين وحدهم هم الذين يعبدون الله الحقيقي ، ثم قيامكم بالربط بين الإسلام و الانتقام و الكراهية و العنف باسم الله ، وأن الكنيسة الكاثوليكية وحدها هي التي عليها أن تسود العالم ، وكمٌ من التنازلات الممجوجة التي قدمتموها للصهاينة. وهو ما يؤكد أن استشهادكم في المحاضرة لم يكن من قبيل المصادفة وإنما تقصدونه لأنه يمثل رأيكم الدائم.

ولا يسعني عند نهاية خطابي المفتوح هذا إلا أن أسألكم : يصر الفاتيكان على أن رسالته هي تنصير العالم ، وهو يبذل قصارى جهده وبكافة الوسائل الصريحة والملتوية لتحقيق ذلك ، بل لا يكف عن حث الكنائس الأخرى و توحيدها لاستخدامها في عملية التبشير و التنصير ، و لقد تم فرض هذا الموقف على الأتباع و على الكنائس المحلية في كل مكان بزعم أنها الوسيلة الوحيدة للتصدي للمد الإسلامي ، كما تم استصدار القوانين الأمريكية الترويعية لتنفيذ ذلك .. غير آخذين في الاعتبار أن ذلك تحديدا هو ما يشعل الفتن و يولد العنف دفاعا عن الذات و عن الدين وعن الهوية، فما عساكم فاعلين بتلك الدويلة الدينية العنصرية التي ساعد الفاتيكان على تثبيتها ظلما وعدوانا وانتزاع الأرض من أصحابها لقوم لا حق لهم فيها وفقا للنصوص ؟ بل ما عساه فاعلا بهذه الدويلة العنصرية التي يعد إنشاؤها خروجا سافرا على دينه وتعاليمه ـ وهناك من الأبحاث اللاهوتية ما تؤكد انه لا حق لهم شرعا في هذه الأرض ، وذلك من قبيل رسالة الأب لاندوزي ؟ ـ

ولا نسخر حين نتساءل بكل مرارة و ألم : ترى ، هل سيقوم سيادة البابا بتنصير اليهود ، أم إن الفاتيكان هو الذي سيتهوّد ؟! أليست دعوتكم الظالمة هي تنصير العالم ؟!

إن من يحمل على كاهله مثل هذا التاريخ المدرج بالدماء ، ومثل هذا التراث القائم على التزوير والتحريف ، ويقوم بمثل هذه السقطة الاستفزازية وسب الإسلام والمسلمين عن عمد ، فلا يجب عليه الاعتذار الواضح فحسب وإنما يجب عليه التنحي عن مثل هذا المنصب . وهو أقل ما يجب عليه أن يفعله إن كانت هناك ثمة أمانة علمية أو دينية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته