٢١‏/٠٩‏/٢٠٠٨

وسط اعتراضات على تعصب رهبان الدير.. اليوم توقيع الصلح النهائي بين العرب ورهبان دير أبوفانا في مطرانية دير مواس

تب أسامة فرج (المصريون):
يعقد الأنبا أغابيوس، أسقف دير مواس، اجتماعاً مساء اليوم لتوقيع الاتفاق الخاص بالمتهمين المحتجزين علي ذمة قضية أبوفانا، يحضره النائب علاء حسانين، ممثل العرب، وكل من زكاري كمال ورامي رفيق محاميي الدير والرهبان.
وقال زكاري كمال إنه أجري اتصالاً هاتفياً بكل من الأنبا أغابيوس، أسقف دير مواس، والنائب علاء حسانين، مساء أمس، لتأكيد موعد الاجتماع الذي كان مقرراً انعقاده الأربعاء الماضي، وتأجل بسبب سفر الأنبا أغابيوس المفاجئ للقاهرة. وأضاف،" إن الطرفين وافقا علي توقيع الاتفاق الذي يتضمن 6 بنود خاصة بعدول والد القتيل المسلم عن اتهامه المقاول القبطي وشقيقه بقتل ابنه، وكذا تنازل الرهبان عن شكواهم ضد الأعراب فيما يخص الاعتداء المسلح علي الدير، واختطاف رهبان وتعهد كلا الطرفين بعدم رفع أي دعاوى قضائية مستقبلاً ضد الطرف الآخر. ونفي كمال تضمن الاتفاق دفع الدية لأسرة القتيل المسلم أو عدول الرهبان عن أقوالهم.
ومن جانبه أعرب علاء حسانين عن أسفه لموقف الرهبان المتعنت، وأكد أنه قرر عدم الاتصال بأي من الرهبان وأن مهمته الأساسية انتهت ببناء السور، وأكد،"أن ما يحدث من محاولة للوصول لحل في أزمة المحبوسين والشق الجنائي هو اجتهاد شخصي منه، و أنه توصل مع العرب- وهم الطرف الأصيل في القضية- علي حد قوله، لحل، يضمن تنازلهم في أي وقت. وإن المشكلة تنحصر في تعنت الرهبان،
وتابع قائلا: قررت نقل المفاوضات من ملوي إلي دير مواس وأن جميع اتصالاتي تتم مع الأنبا أغابيوس أسقف دير مواس بحكم أنه رجل متعاون ومتفهم لوضع القضية

هناك ١١ تعليقًا:

غير معرف يقول...

أولا : زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش

?ذَكَرَ ـ ويذكرون ـ قصة زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ عدّة مرات ، ويسردها على النحوي التالي :
ـ رأى النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ زينب وهي في بيتها فأُعجب بها ، وأخفى حبها في قلبه .
ـ علم زيد بالخبر من زوجته ، فذهب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتريدها يا رسول الله ؟ قال أمسك عليك زوجك .
ـ طلّق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زينب من زيد وتزوجها هو .
?الجواب في نقاط :

? وهذا الكلام لم يتكلم به غير ( بطرس ) وأمثاله من أعداء الملة ، يعتمدون على رواية لا تصح وهي رؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزينب وهي بثياب بيتها .
? السياق العام الذي جاءت فيه القصة هو: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً . وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً{37} مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً . الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً . مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً . [ الأحزاب :36 ـ40 ]
?ـ زيد ليس ابن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من صلبه ، بل ابنه بالتبني ، وقصة تبني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقصة تبني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزيد فريدة من فرائد الأدلة على المروءة وحسن الخلق ، وهي في كل كتب السيرة .
?ـ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يرَ زينبا متفضلة في ثيابها أبدا ، وهذه الرواية لا تصح . من ذكرها ضعفها وشجب عليها .
?ـ والرسول لم يحب زينباً ، ولو كان قد أحبَّها فقد كانت أمامه منذ الصغر ؛ أفيرغبُ فيها بعد أن كبر سنه ، وبعد أن كبر سنها وذاقت غيره من الرجال ؟
?ـ زيد كان يشكو دائما من زينب ، وكانت تشكو منه ، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يوصيه بأن يتقي الله ويمسك عليه زوجه ، وهذا عكس ما يذهب إليه النصارى إذ يقولون أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي طلق زينب من زيد وتزوجها .
?ـ ( طلق زيدٌ زينباً وهو لا يفكر لا هو ولا زينب فيما سيكون بعد الطلاق .. لم يكن أحد يعلم شيء ، لم ينزل خبر على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن زينب تطلق ويتزوجها هو ، وإنما كان وحيا بالإلهام ، ولم يكن أمرا صريحا من الله . وإلا ما تردد فيه ولا أخَّرَه ولا حاول تأجيله ، ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه .ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أمامَ إلهامٍٍٍ يجده في نفسه ، ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته ، ومواجهة الناس به.
?ـ الحرج كان من زواج مطلقة الابن بالتبني ، وليس من تطليق زينب لزواجها ، وليس من محبة زينب التي تربعت في قلبه وهو يخفيها كما يفتري بطرس وغيره .. إذ كان العرف السائد يومها أن زينب مطلقة زوجة الابن بالتبني ، كان العرف أنها لا تحل لمن تبني مطلقها .. كان هذا العرف سائدا حتى بعد إبطال التبني ) .
?ـ وهذا الأمر واضح في الآية نفسها { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } فزيد قضى منها وطره ، وطلقها وهو كاره لعشرتها وهي كارهةٌ لعشرته ثم جاء زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد ذلك .
?ـ كان يعلم ـ بالإلهام ـ أن هذا الأمر حادث ، ولم يكن يحبه ، بل كان يخشاه ، يخشى من كلام الناس ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) وهذه أمارة على سلامة الطبع ، وأمارة على عدم الرغبة في الزواج من زينب .
?ـ بعد انقضاء عدة زينب ، أرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زيدا زوجها السابق إليها ليخطبها عليه ?.في الحديث عن أنس ـ رضي الله عنه قال : ( لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ قَالَ فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا قَالَ فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي فَقُلْتُ يَا زَيْنَبُ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُكِ قَالَتْ مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُوَامِرَ رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ )
.?لم يشتكِ زيد ، ولم تشتكِ زينب ولو كان زيد مكرها على طلاق زينب ، ولو كانت مكرهة على فراقه لتكلم وأسمع ، ولتكلمت وأسمعت ، والذي نجده هو أن الذي خطب زينب هو زيد ، ونجد زيداً لا ينظر إليها إجلالا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كونه فقط ذكرها للزواج ، وزينب تآمر ربها . . إنها نفوس موصولة بالله .
?ـ العلة من هذه القصة مذكورة في ذات السياق الذي يتكلمون به { لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } [ الأحزاب : 37 ] يقول صاحب الظلال : ( وقد شاء الله أن ينتدب لإبطال هذا التقليد من الناحية العملية رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد كانت العرب تحرم مطلقة الابن بالتبني حرمة مطلقة الابن من النسب ؛ وما كانت تطيق أن تحل مطلقات الأدعياء عملا ، إلا أن توجد سابقة تقرر هذه القاعدة الجديدة . فانتدب الله رسوله ليحمل هذا العبء فيما يحمل من أعباء الرسالة . وسنرى من موقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من هذه التجربة أنه ما كان سواه قادرا على احتمال هذا العبء الجسيم ، ومواجهة المجتمع بمثل هذه الخارقة لمألوفه العميق ، وسنرى كذلك أن التعقيب على الحادث كان تعقيبا طويلا لربط النفوس بالله ولبيان علاقة المسلمين بالله وعلاقتهم بنبيهم ، ووظيفة النبي بينهم .. كل ذلك لتيسير الأمر على النفوس وتطبيب القلوب لتقبل أمر الله في هذا التنظيم بالرضا والتسليم ) أ .هـ .
? ـ وفي القصة كلها أمارة على صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ـ (( لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ )) نعم لم يكن يكتم شيئا من الوحي ، وما كان يتصرف بغير وحي { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[ النجم :3 ، 4 ]

? فليس في القصة ولا حواليها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأي زينب وأعجبته ومن ثم طلّقها هو من زيد ليتزوجها . أبدا .. ليس هذا في القصة ولا في صريح النص محل الاستدلال ، ولا يمكن أن يظن ممن يعرف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ وإنما بطرس كذاب .

? ونسأل النصارى لو سلمنا جدلا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ طلق زينب وتزوجها هل يطعن هذا في نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمقاييسكم أنتم ؟ أنت تشهدون على الأنبياء بالزنا .. زنا المحارم ثم تطعنون بما لا يصح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ؟
أمرٌ عجيب . وأعجب منه أن هذه الشبهة ردَّ عليها الأولون ،والآخرون يتكلمون بكلام الأولين دون أن يلتفتوا للردود السابقة والردود الحالية ، مما يعكس أنها فقط نفسية مريضة لا تريد سوى إضلال الناس ولذا تكذب وتفتري .


? ? ?

زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة عائشة رضي الله عنها .
ماذا ينقمون ، بطرس وغير بطرس ؟
يقولون : صغيرة .. كيف تتزوج في هذا السن ؟
ويقولون : صغيرة تزوجت من كبير كهل في عمر أبيها ؟
والإجابة في نقاط :
الأولى : نصارى اليوم ، بطرس ومن معه ، هم أول من احتج على زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، فلم يعترض أحد قبلهم على هذا الزواج . وهذه بداهة تصرح بأن الخلل عندهم وليس في الشريعة .
الثانية : زواج الصغيرة ،وزواج الصغيرة من الكبير لا تنكره النصرانية ، بل تقره .. تعرفه .. حدث فيها . !! .
السيدة مريم ـ عليها السلام ـ أنجبت المسيح وهي في الثانية عشر من عمرها ، وهذا يعني أنها حملت به في الحادية عشر ، وكانت قبل ذلك مخطوبة ليوسف النجار . و يوسف النجار يومها فوق الثمانين !!
كانت صغيرة ، وكانت تستعد للدخول على كبير ، على رجل يكبرها بما يزيد على السبعين عاما .وليس كم وأربعين سنة مثل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعائشة .
وكتاب النصارى يتكلم بأن داود عليه السلام حين هرم وكبر في السن وذهب عقله زوجوه بفتاة صغيره ، وداود ـ عليه السلام ـ عاش مائة عام أو يقاربها ولو قلنا فتاة هذه تكون في العاشرة ( كما مريم عليها السلام ) فإن الفرق في العمر بينه وبينها يكون ضعف ما كان بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ .
وفي كتابهم أن إبراهيم عليه السلام تزوج بهاجر بعد أن تجاوز الثمانين من عمره ، وهي كانت جارية صغيرة ، والفارق الزمني بينهما ضعف ما كان بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أيضا .
بل في كتابهم بأن فارض بن يهوذا بن يعقوب عليه السلام ـ تزوج وأنجب ولدين وهو ابن ثمان سنوات . وهذه من عجائب الكتاب المقدس . ومما يرفضه كلُّ عقلٍ صحيحٍ .والقصة في العهد القديم . سفر التكوين .

الثالثة : زواج المرأة في التاسعة من عمرها لم يكن أمرا منكر في هذا الزمان ... لم يبتدئه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد كان من الطبعي جدا أن تخطب البنت وهي في السادسة من عمرها وتتزوج في التاسعة من عمرها . لم يكن عيبا أن تتزوج المرأة الصغيرة بالرجل الكبير .
عبد المطلب تزوج بعد أن تجاوز المائة من عمرة بأخت السيدة آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم ـ وكان بينهما من العمر ما يزيد عن تسعين عاما .
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهي في نفس السن تقريبا ، وكان عُمَر يومها قد تجاوز الخامسة والخمسين من عمره .
وكذا عمرو بن العاص تزوج وأنجب من امرأة أصغر منه وهو بن اثنا عشر عاما ، فكم كان عمر زوجته حين تزوجت ؟ لا يزيد بحال عن العاشرة .
والشافعي ـ رحمه الله ـ يقول : أدركتُ جدة في الواحدة والعشرين من عمرها . فمتى تزوجت هذه ، ومتى أنجبت ؟ ومتى تزوجت بنتها أو ابنها ومتى أنجب ؟
فزواج الصغيرة لم يكن عيبا ، ولم يكن أمرا شاذا بل كان معمولا به ، في بيئة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي بيئة المسيح عليه السلام ، ومن الإجحاف والظلم أن نحكم بما هو سائد بيننا الآن على ما كان موجودا قبل ألف وأربعمائة عام . حين بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ومما يجمل ذكره هنا أن الجيل الذي قبلنا ـــ أبي وأمي ــ كانت البنت ــ في أيامهم ــ تتزوج في الرابعة عشر والخامسة عشر ، أما اليوم فالبنت لا تتزوج قبل أن تنهي الجامعة ، أي بعد الثانية والعشرين ـ
هل هنا اليوم من يزوج بنته وهي في الصف الثالث الإعدادي ... يقول طفلة مع أن أمها ربما قد تزوجت في ذات السن .
وانتشر اليوم على صفحات الإنترنت وجود بعض البنات قد حَمَلْنَ ووضعن وهنَّ في الثانية عشر من عمرهنَّ ، تناقلت المواقع بالصوت والصورة الخبر عن فتيات في ( مصر ) و ( استراليا ) و ( الجزائر ) . هذا ما اطلعتُ عليه وربما كان هناك ما هو أكثر .
أرأيتم أين الخلل ؟
الخلل أننا نحاكم البيئة التي عاش فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أعرافنا التي تسود بيننا اليوم .
الرابعة : لم يخطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عائشة ـ رضي الله عنها ـ من تلقاء نفسه ، لم يراها ومن ثمَّ أعجبته فراح وخطبها ، وإنما ـ بأبي هو وأمي وأهلي صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن ماتت زوجته بقي بلا زوجه ، فأشارت عليه خولة بنت حكيم أن يتزوج ورشحت له امرأتان ، سودة بنت زمعة وعائشة رضي الله عنها .. واحدة ثيب لتتناسب مع أولاده وواحدة بكر ، وفي ترشيح خولة أمارة على أن عائشة كانت تصلح للزواج ، فهي امرأة وتعرف النساء جيدا ، فلولا أنها تعرفها جيدا وتعرف أنها تصلح للزواج ما رشحتها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وحين ذهبت لخطبتها وجدت أن هنا من تكلم لخطبتها قبل رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ، جبير بن المطعم بن عدي والقصة في بن كثير . وغيره . وعائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت تنقل قِرَب الماء على ظهرها يوم أحد .. تسقى الجرحى ، وهذا يدل على أنها كانت إمرأة ..تحمل القِرْبة على ظهرها ، وتحضر القتال تسقي الجرحى ، فهي إمرأة إذا تصلح للنكاح ، وأنها كانت امرأة تصلح تماما للزواج
الخامسة : لو كان عيبا ما كانت قريش لتسكت عليه وهي التي كانت تفتعل الأكاذيب للنيل منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ وكذا يهود وهم أشد الناس عداوة لمحمد ــ صلى الله عليه وسلم ـــ ولدين محمد ــ صلى الله عليه وسلم ـــ ولأتباع محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ لو كانوا يرون في هذا الأمر عيبا أكانوا يتركونه ؟
لا والله .
نعم لم يكن الأمر عيبٌ وقتها ، بل كان هو الطبيعي .
السادسة : والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . لم يكن هذا العجوز مُحْدَوْدِب الظهر بطيء الخطى ، الذي لا يقوم من مجلسه إلا بغيره ، بل كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يركب الخيل ويقاتل أشد القتال ، ويثبت حين يفر الأبطال . ولم تكن آثار الشيب بادية في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كانت شعيرات يعدونها عدّا ، وكان النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ــ يجامع حتى يكسل ، ومن يجامع حتى يكسل سلوا عنه النساء . و رجل متزوج بهذه المواصفات لامرأة غير متزوجة خير لها من غِرٍّ مثلها ، فللخبرة بالنساء دور ، يعرفه المتزوجون والمتزوجات .
السابعة :معروف أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يحب عائشة رضي الله عنها وأنها كانت تحبه ، وتغار عليه ، وأحاديث غيرة عائشة ـ رضي الله عنهاـ كثيرة ومشهورة ،ولو أنه بغيض لها .. اغتصبها كما يقولون ما أحبته هذا الحب وغارت عليه هكذا ـ صلى الله عليه وسلم .
الثامنة : أن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم تكن هذه الطفلة الغافلة التي لا تفقه شيئا .. وإنما كانت من خيرة النساء وعقلاء الجيل ، وأنقل بعض ما ورد في فضل عائشة رضي الله عنها ـ من ترجمتها في سير أعلام النبلاء ـ على لسان أئمة المسلمين من التابعين ، لتعلموا أي النساء كانت هذه :
عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض .
وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أَفْقَهَ الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة .
وقال هشام بن عروة، عن أبيه: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة .
وقال أبو بردة بن أبي موسى، عن أبيه: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علمًا .وقال الزهري: لو جُمِعَ علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل .
وفي "الصحيح" عن أبي موسى الأشعري -مرفوعا: فضل عائشة على النساء كفضل الثَّرِيدِ على سائر الطعام .
التاسعة : أنه هذه الشبهة مفتعلة من خلال التلبيس والتدليس على الناس ، يقولون لهم بنت صغيرة في التاسعة من عمرها . ورجل عجوز في الخمسين من عمره . وكيف تتزوج هذه الطفلة هذا الرجل العجوز ؟
ومن تكلم بهذه الشبهة لا بد أنه قرأ السيرة النبوية ، وهو يدعي ذلك .. يدعي أنه قرأ السيرة جيدا . ولا بد أنه قرأ عن زواج عبد المطلب من امرأة صغيرة في السن وأن عائشة رضي الله عنه كانت مخطوبة أو تكلم لخطبتها أحدهم قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا بد أنه علم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتزوج عائشة رضي الله عنها من تلقاء نفسه ، بعد أن ماتت خديجة جلس عامين بلا زواج ثم تزوج سودة وهي امرأة عجوز ضخمة ثبطه .. بالكاد تمشي ـ رضي الله عنها ، ومن يفعل هذا ليس شهوانيا أبدا .ولابد أنه علم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم كان يسكن في غرفات من طين ، وأنه لم يكن يجد ما يأكله لثلاث أيام ، ولا ما ينام عليه إلا الحصير ، ولم يكن يوقد في بيته نار لثلاثة أهلة . وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي الليل ساجدا وقائما يناجي ربه ، وكان يقول : جعلت قرّة عيني في الصلاة ، والجميع يعرف أن من يحب النساء ينفق عليهن .. يل يلبسهن ويزينهن ، ويسهر معهن .
ولا بد أنه سمع ردنا هذا ، إذ أننا نرد عليه من سنين ، ومع ذلك يكرر كلامه على الناس .
لماذا ؟
العاشرة : لأنها نفسية مريضة ليس لها هدف إلا صد الناس عن دين الله عن طريق الكذب والتدليس ، وافتعال الشبهات كما في هذه الشبهة .

غير معرف يقول...

.
أكثر من الكلام حول ما يسميها ( الفتاة الفزارية ) يقول أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى فتاة فزارية مع الصحابي سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ كان قد أخذها من الأسر ، جميلة فأخذها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منه لنفسه ، يدلل بهذا على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان يترك جميلة إلا وأخذها . حتى وإن كانت متزوجة من غيره .

وهذا من الكذب الفاحش ، الفتاة الفزارية لم تكن متزوجة من سلمة رضي الله عنه ، ولم يراها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يفتري بطرس ، ولم يأخذها له ، وإنما أخذها وفدى بها أسرى للمسلمين في مكة



? رابعاً : زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة صفية بنت حيي بن أخطب ، و السيدة جويرية بنت الحارث .

? يقول صفية بنت حيي من بني المصطلق وكانوا يهود وأنهم بعد أن أسروها خرجت في نصيب دحية الكلبي ، قالوا له جميلة تليق بك فأخذها من دحية ، ودخل بها في ذات اليوم الذي قتل فيه زوجها وأبوها وأخوها ، ونفس الشئ تكرر مع جويرة بنت الحارث ـ هذا كلامه هو ـ قال لها راح افكك وأخدك .
يتكلم صراحة بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يسطو على الجميلات وإن كانت متزوجات .
وهنا عدة كذبات :
الأولى : أن صفية من بني المصطلق . وأن بني المصطلق كانوا يهودا . هذا الكلام غير صحيح ، بنو المصطلق من خزاعة ، وهي قبيلة عربية من أصول يمنية ( قحطانية ) كانت تسكن ساحل البحر الأحمر عن جدة اليوم . ولم تكن من يهود ، ولم يكن فيها يهود . وصفية رضي الله عنها ليست منهم . هي من بني النضير ، وأسرت في خيبر .
الثانية : النصارى يرددون بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على صفية وهي لم تنته عدتها بعد . وهذا الكلام غير صحيح ، يقول ابن القيم ، وهو فقيه حافظ متفق على إمامته بين المسلمين : ( كانوا يطئونهن بعد الاستبراء وأباح الله لهم ذلك ولم يشترط الإسلام بل قال تعالى : {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [ النساء 24 ] فأباح وطء ملك اليمين وإن كانت محصنة إذا انقضت عدتها بالاستبراء ) أ .هـ
والحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ ينص على هذا صراحة ، يقول في ترجمة أم المؤمنين صفية ـ رضي الله عنها : (ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما طهرت , تزوجها , وجعل عتقها صداقها )، وحين تركت بعض الكتب ذكر أن الزواج تم بعد استبراء الرحم لأنه أمر بديهي عندنا في الإسلام ، ظنَّ بعضهم أن الزواج تم دون أن تعتد المرأة .
وقد ورد هذا صريحا في السنة النبوية ، وأقرَّ به بطرس ، في الحديث عن حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ : غَزَوْنَا الْمَغْرِبَ وَعَلَيْنَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ فَافْتَتَحْنَا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا جَرْبَةُ فَقَامَ فِينَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ خَطِيبًا فَقَالَ إِنِّي لَا أَقُومُ فِيكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحْنَاهَا فَقَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْتِيَنَّ شَيْئًا مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا)
لا حظ هذا في فتح خيبر ، وباقي الروايات بعضها في حنين وبعضها في مواضع أخرى ، وكأنه كان تنبيه يقال في كل حين ، يعكس حرص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على استبراء الرحم .
الثالثة : لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يغزو من أجل النساء ، ولا كان يمرّ بين النساء حين تضع الحرب أوزاها ويختار من جميلة من الجميلات ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم ـ يتزوج ليُسْلِم الناس ويدخلون في دين الله أفواجا ، كما حدث مع بني المصطلق حين تزوج منهم أسلموا ، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يتزوج إلا من تسلم فقط وجاء في أمر صفية بنت حيي ـ أم المؤمنين رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لها : إن أقمتِ على دينك لم أكرهك ، ، وإن اخترت الله ورسوله فهو خير لك . قالت أختار الله ورسوله والإسلام . فأعتقني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتزوجني وجعل عتقي مهري ) هل سمعت بأفضل من هذا ؟1
وسأفرد فصلا بحول الله وقوته لبيان معنى الجهاد ، والسياق العام الذي جاء في قتل المخالفين واسترقاق الذرية .
الرابعة : جويريرة بن الحارث ـ رضي الله عنها ـ لم تكن زوجه لثابت بن قيس ، بل كانت في قسمه من الغنائم ، واستكتبته ، بمعنى أنها كتبت معه كتابا أن تحضر له مالا ويعتقها مقابل هذا المال ، وذهبت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تستعين به على قضاء دينها ، فطلب منها أن تسلم ويسد عنها ويتزوجها . هذا ما تقوله كتب السيرة ، وما يقوله الحافظ الذهبي في ترجمة أم المؤمنين جويرية بنت الحارث . فلم تكن زوجة لثابت بن قيس ، ورآها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأعجبته فأخذها من ثابت بالقوة أو بالحيلة كما يدعي الكذّاب اللئيم بطرس .
الخامسة : في قصة جويرية وفي قصة صفية أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن ينتقي من الأسرى الجميلات ، وإلا لخرجت كلتاهما ـ رضي الله عنهما ـ في سهمه من البداية ، وإنما كان يقسم الغنائم على أصحابه . وهم كانوا يزوجوه الشريفة في القوم ـ كما في حالة صفية ـ أو يتزوج هو شريفة القوم ـ كما في حالة جويرية ـ طلبا لإسلام قومها ، فالناس كانوا على دين رؤسائهم ، والعربُ تحب أصهارهم ، وهذا ما حدث بالفعل أسلم أبوها ـ أبو جويرة ـ وأعتق قومها ودخلوا في دين الله أفواجا . وهذا هو الحديث كما يرويه الإمام أحمد في مسنده ، وهي ذات الرواية التي يتكلم بها بطرس الكذاب مع إدخال بعض التحريفات عليها ؛ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ وَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَاحَةً لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَكَرِهْتُهَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي قَالَ فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ قَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَتْ وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ فَقَالَ النَّاسُ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ قَالَتْ فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا ) .
وجاء عند البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على السيدة جويرية بنت الحارث وهي صائمة ..تصوم في يوم عرسها .. نفوسٌ مستكينة هذه أم نفوس هائجة ؟
أرأيت ؟!
لم تكن زوجة لثابت بن قيس أبدا كما يدعي الكذّاب اللئيم زكريا بطرس .
وتقول له (وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ) ، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلم خبرها إذا .ومع ذلك لم يذهب إليها ابتداءً ، ونظر إليها نظر الخاطب لمن يريد خطبتها ، أو أنها كانت أمة ولا يكره النظر للإماء في الشرع.
ـ الصحابة حين علموا بزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من جويرة أعتقوا كل الأسرى من قبيلتها ، وهذا يعكس أثر النسب ( المصاهرة ) في حس العرب .
ـ دخل عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي صائمة في يوم جمعة .. تصوم في يوم عرسها . وصيامها يدل على طول المسافة بين اليوم الذي التقاها فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ واليوم الذي دخل عليها فيه ، إذ أنها تعلمت الإسلام وأستقر في قلبها ثم آمنت بعد ذلك بربها .
ـ لم يكن السياق العملي للأحداث غزو وأسر وسبيٌّ وانتقاء الحسناوات وإكراههن على الزواج . أبدا .. كانت دعوة .. وحرص على الإسلام ، وكانت نفوس هادئة .. تصوم في يوم عُرسها .

غير معرف يقول...

بطرس يكذب .

بقلم / محمد جلال القصاص
mgelkassas@hotmail.com


أظن أن من يقرأ هذا العنوان سيرد علي قائلا .. هذه قديمة .. لم تعد جديدة على أحد ، فقد مرت شواهد كثيرة ( في الجزء الأول ) الذي طرحناه في هذا الموقع تبين هذا الأمر تبين هذا الأمر ، ولكني أتكلم الآن عن كذب بطرس في هذا الأمر خصوصا . وسأعرض الآن بعض أكاذيبه ولن أكرر شيئا مما ذكرته من قبل في الكتاب الأول إن شاء الله تعالى ، مع أن كثيرا من الكذبات التي رصدتها هناك ذات صلة بالموضوع هنا ، فكثرة كذبته أغنت عن التكرار .

  

?يقول بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ تصريحا بأن يتزوج من يشاء ، من تقع عليها عينه تحرم على زوجها في الحال .

وهذه من عنده ، لم يتكلم بها أحد من المسلمين ، والذي في كتاب ربنا أن الله حرم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ النساء كلَّهم عدا من معه من نسائه التسع ، قال تعالى : { لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً }[ الأحزاب: 52 ] ، وهذا تضيق على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمر النساء ، فقد قُيِّد بالمعدود لا بالعدد ، له تسعة من النساء بأعيانهن ، وغيره قُيِّد بالعدد لا بالمعدود ، بمعنى أنه يستطيع أن يتزوج أكثر من مائة من النساء ولكن أربعة بأربعة ، أما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فليس له إلا هذه .والكذبة القادمة تزيد الأمر بيانا .



  

?يقول على لسان أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ ما مات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا وقد أحل له جميع النساء . يستدل بهذا على أن جميع النساء كانوا حلال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويشرح هذا قائلا : من شاء أن يأخذها منهن أخذها حتى لو كانت متزوجة ... حتى ولو كانت مملوكة لغيره ، كما تقدم في مقدمة هذا الفصل .
وهذا الكلام غير صحيح .
الحديث له روايتان . الأولى :: ( عن عائشة رضي الله عنها قالت ما مات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أحل له النساء ) .
والثانية ( ما تُوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء ) .
وليس في الروايتان كلمة جميع هذه التي يستدل بها .
وضع كلمة ( جميع ) من عنده ثم راح يستدل بها . وغيَّر المعنى كلية بشرحه الذي أضافه للحديث ، علما بأنه مشهور جدا في السيرة والأحاديث النبوية أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن ينظر للنساء أبدا ، ولم يكن يصافح النساء أبدا ، ولم يكن النساء يدخلن عليه ، ولو كانوا حلالا له ما كان هذا شأنه ، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله .
وقصة الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعيش في غرفاتٍ من طين سقفها من الجريد يطاله الرجل بيده ، ويَمُرُّ عليه الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين ولا يوقد في بيته نار ، ويمر عليه الثلاثة أيام ولا يجد ما يأكل ، وحين فتح الله عليه خيبر طالب نسائه بتوسعة في المسكن والمأكل ، فأبى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخيرهم بين أن يبقوا معه على هذه الحالة وبين أن يطلقهن ويسرحهن سراحا جميلا ، فاخترن جميعا ـ رضوان الله عليهن ـ البقاء معه على هذه الحالة من الضيق وقلة ذات اليد ، فأكرمهن الله وحرّم على نبيه صلى الله عليه وسلم ـ الزواج من غيرهن كرامةً لهن ـ رضوان الله عليهن ـ وذلك قول الله تعالى : { لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً } [ الأحزاب: 52 ] . وهذا فضل من الله ونعمة على نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جزاءً لهن بإيثارهن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على متاع الدنيا ، وفيه أمارة على حبهن له ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم إن الله أحلَّ لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ النساء بعد ذلك ، وهذا قول أم المؤمنين عائشة في الحديث الذي معنا ( ما تُوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء ) أو ـ الرواية الأخرى ـ ( ما مات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أحل له النساء ) . وليس في سياق الحديث العملي ، ولا في لفظه الثابت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجميع الروايات ، ولا في حياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دليل على ما يذهب إليه بطرس الكذاب ، وإنما يضع كلاما من عند نفسه ثم يستدل به ، ويحسب أن أحدا لن يفتش ورائه !!

  

? يقول أن واقع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من كلامه هو حب النساء يستدل على ذلك بحديث حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ـ هكذا ينقله ثم يعلق قائلا الشيء ولزوم الشيء ، الطيب من أجل الإثارة ..دا كان فنان ، قبّح الله بطرس بكذبه وقلة أدبه على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
التعليق :
هنا عدّة كذبات .
الأولى : بَتَرَ النص من سياقه العام مما أدى إلى تغير المعنى ، والحديث بتمامه ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ) فحذَفَ جملة (وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ) فتغيَّر المعنى . فصار في ذهن المستمع ( أحبُّ شيء إلي في الدنيا النساء والطيب ) وذاد الأمر تأكيدا بإضافاته التي يشرح بها الحديث من عند نفسه .
فكذَبَ حين بَتَرَ النص ، وكذب حين فسره بما يصرفه عن معناه ، وكذب حين لم يذكر لمن يسمعه حال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسكنه ، ومأكله ، ومشربه ، وعبادته لربه وطول صلاته بالليل .
واسمع ماذا يقول الشرّاح في معنى الحديث ، يقول السندي في شرح الحديث عند النسائي : (إنما حُبِبَ إليه النساء لينقلن عنه ما لا يطلع عليه الرجال من أحواله ويَستحي من ذكره ، وقيل حبب إليه النساء زيادة في الابتلاء في حقه حتى لا يلهو بما حُبب إليه من النساء عما كلف به من أداء الرسالة فيكون ذلك أكثر لمشاقه وأعظم لأجره ، وأما الطيب فكان يحبه لكونه يناجي الملائكة وهم يحبون الطيب وأيضا هذه المحبة تنشأ من اعتدال المزاج وكمال الخلقة ... وقوله ( قرة عيني في الصلاة ) إِشَارَة إِلَى أَنَّ تِلْكَ الْمَحَبَّةَ غَيْر مَا نَعْقِلُهُ [ ما نعرفه ] عَنْ كَمَالِ الْمُنَاجَاةِ مَعَ الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَلْ هُوَ مَعَ تِلْكَ الْمَحَبَّة مُنْقَطِعٌ إِلَيْهِ تَعَالَى حَتَّى أَنَّهُ بِمُنَاجَاتِهِ تَقَرُّ عَيْنَاهُ وَلَيْسَ لَهُ قَرِيرَةُ الْعَيْن فِيمَا سِوَاهُ فَمَحَبَّتُهُ الْحَقِيقِيَّة لَيْسَتْ إِلَّا لِخَالِقِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَمَا قَالَ لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا أَحَدًا خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْر وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيل الرَّحْمَن أَوْ كَمَا قَالَ ) انتهى كلام السندي رحمه الله .
قلت : هذا هو المعنى الذي يُفسر حال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الحقيقة ؛ حُبِبَ إليه النساء ولم يكن قبل البعثة يبحهم ، كان هادئا وقورا ، قضى شبابه مقيما على عجوزٍ قاربت السبعين من عمرها حين توفت ، وحُبِبَ إليه النساء بلاء فوق البلاء ، وأشد الناس بلاء الأنبياء ، فلم ينشغل بهنَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وحُبِبَ إليه النساء ليكون قدوة لنا في بيوتنا مع نسائنا ، فماذا كان سيفعل صاحب الثنتين والثلاث والأربع ؟ . بأبي هو وأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وقُرَّة عينه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت في الصلاة .. كان يترك نسائه ويقوم يصلي ، يقضي ليله كله في الصلاة وليس في أحضان النساء كما يوهم بطرس الكذاب .


  

يقول الرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يعجب من الدنيا بثلاثة أشياء الطيب والنساء والطعام ، ويعلق قائلا : ( يعني هيجيب طاقة من فين للنساء إلا لمّا يملاها تمام ) ، وأن ذلك
في صحيح البخاري .
وهنا عدة كذبات :
الأولى : الحديث ليس في البخاري وإنما انفرد به أحمد ونصّه ( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ مِنْ الدُّنْيَا ثَلَاثَةٌ الطَّعَامُ وَالنِّسَاءُ وَالطِّيبُ فَأَصَابَ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً أَصَابَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَلَمْ يُصِبْ الطَّعَامَ ) .
والثانية : كما ترى حَذَفَ الجزء الأخير من النص ( ولم يصب الطعام ) علما بأنه محل الشاهد في كلامه .
والكذبة الثالثة هي الإضافة التي أضافها من عند نفسه بعد أن حذف جزءا من الحديث . إذ يقول (يعني هيجيب طاقة من فين للنساء إلا لمّا يملاها تمام ) ، يحاول أن يصور الرسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ للقارئ على أنه بطين .. يأكل كثيرا ثم يقوم للنساء ، ونص الحديث عكس ذلك .
أرأيت أخي القارئ كيف يتعامل مع النص الشرعي . يحذف ثم يفسر بما يحلو له ، فيغير المعنى .

? ? ?
يقول بطرس الكذاب يمكن استخراج كتاب جنسي بعنوان ( من أقوال الرسول ) وراح يكتسح السوق .

ونقول هاتوا لنا نصا واحدا يتكلم فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكلام فاحش .. جنسيٍ أو غير جنسي .
كان أعف الناس ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحسنهم خلقا ، في صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا وَلَا فَحَّاشًا وَلَا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ )

? ? ?

?يقول بطرس الكذّاب أن إحداهن ( من نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعني ) كانت إذا حاضت أمرها أن تأتزر ويباشرها ، ويتأفف عند ذلك ، ويتعجب كيف يقرأ المسلمون هذا الكلام وكيف يتبعون هذا النبي الذي هذا حاله .
والعجب من حاله هو ، كيف لا يستحي وهو يكذب كذبا مكشوفا هكذا .
الحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَأْتَزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا قَالَتْ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ ) وفي بعض روايات الحديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر فوق الإزار وهن حيض )
والكذب هنا في تفسير الكلام بغير معناه ، فيوهم المستمع أن المباشرة هي الجماع ، فيفهم المشاهد له أو المستمع لكلامه بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يجامع زوجاته في الحيض ، وهذا أمر مقذذ للجميع ، لا يفعله ذو خلق سليم .
اللإتزار هو ستر السُّرة وما تحتها بثياب يلف على الجسد ، والإزار معروف مشهور .. كالذي يلبسه المُحْرِمُ الذكر في الحج أو العمرة ،والروايات تقول ( أمرها أن تشد إزارها ) ولفظة ( تشدّ ) لها ظلال واضحة ، لم يأمرها أن تأتزر ولا أن ترتدي إزارها وإنما أن تشدَّ إزارها ،وشدُّ الإزار دلالة على إحْكامه ، والمباشرة ليست الجماع وإنما ما دون الجماعي ، وجاء هذا صريحا على لسان أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ في رواية أخرى ، وجاء في بعض الروايات عن زيد بن أسلم قال : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا ) ، وفي الحديث أن النبي كان أملك الناس لإرْبِهِ ، والإرب هو العضو الذي يستمتع به الرجل ـ كما يقول النووي في شرح حديث مسلم ـ وهذا يعني صراحة أنه لم يكن يجامع ، وأن من لا يملك إِرْبِه لا يباشر في وقت المحيض مخافة أن يقع في الجماع .
ثم بعد ذلك يقول كان يجامع وقت المحيض ويتأفف ؟؟!!.
إنه يكذب .. بل كذّاب .
ولهذه العملية ـ المباشرة وقت المحيض ـ بُعد إنساني ، إذ أن المرأة عندنا ليست نجسة حين تحيض ، تجنس ما لمسته وما لمسها ، ويبعد عنها زوجها وكل عزيز عليها مخافة أن تنجسه كما في الكتاب ( المقدس ) . واسمع :
يقول كاتب سفر اللاويين [ 15 : 19 ] (( وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20كُلُّ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أَوْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً، 21وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَكُلُّ مَنْ يَلَمِسُ شَيْئاً كَانَ مَوْجُوداً عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 24وَإِنْ عَاشَرَهَا رَجُلٌ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ طَمْثِهَا، يَكُونُ نَجِساً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَنَامُ عَلَيْهِ يُصْبِحُ نَجِساً.
25إِذَا نَزَفَ دَمُ امْرَأَةٍ فَتْرَةً طَوِيلَةً فِي غَيْرِ أَوَانِ طَمْثِهَا، أَوِ اسْتَمَرَّ الْحَيْضُ بَعْدَ مَوْعِدِهِ، تَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ نَزْفِهَا نَجِسَةً كَمَا فِي أَثْنَاءِ طَمْثِهَا. 26كُلُّ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ نَزْفِهَا يَكُونُ نَجِساً كَفِرَاشِ طَمْثِهَا، وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ مِنْ مَتَاعٍ يَكُونُ نَجِساً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27وَأَيُّ شَخْصٍ يَلْمِسُهُنَّ يَكُونُ نَجِساً، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ ))[ ترجمة كتاب الحياة ]
وحتى تتطهر من نجاستها هذه ، عليها انتذهب الى الكاهن بفرخي حمام !!
يقول كاتب سفراللاويين ( 15 : 29 ) :
((وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى الْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 30فَيَعْمَلُ الْكَاهِنُ الْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَالْآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا.))[ ترجمة الفاندايك ]
والمدهش أن هذا الحيض الذى يأتيها من عند الله ، (وهذا تكوين وخَلق الأنثى) تكون خاطئة بسببه وعليها أن تتطهر من ذنبها !!!!
علماً بأن المسيح قد صرح في إنجيل متى [ 5 : 17 ] قائلاً : ((لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ.))
فلك أن تتخيل المرأة يأتيها الطمث لمدة سبعة أيام تكون فيها نجسة ومنبوذة من الآخرين ثم تستمر فترة نجاستها أسبوعا آخر: أى نصف الشهر وهذا يعنى نصف السنة ونصف عمرها تكون نجسة منبوذة !
وعندنا طاهرة عزيزة لا نفارقها ، وإنما لا ننفر عن شيء منها إلا موطن الدم فقط ، هذا هو صريح القرآن الكريم ، قال تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }[ البقرة : 222] ، وهو صريح فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع نسائه ، وما أوصى به أصحابه ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ .
والمقصود هو بيان كذب بطرس . قبحه الله .
? ? ?

?يستحي من نطق كلمة نكاح في الآية ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )
الكذب هنا هو أنه يفسر النكاح بمعنى الجماع ، ثم يقول أن القرآن والسنة فيه كلام بذيء ، وهذا من كذبه ، النكاح هو الزواج في هذه الآية وفي الحديث ( النكاح من سنتي ) .
وفي هذا أمارة على فشله في أن يجد كلمة رديئة في القرآن الكريم أو السنة النبوية ، ولذا لجأ للكذب والتلبيس على الناس .

? ? ?

?يقول بطرس الكذاب : بعد موت خديجة تزوج صبية عمرها ست سنوات ودخل بها وهي بنت تسع سنوات ، وبين السادسة والتاسعة كان يمارس معها حاجات استحي ـ هو يعني ـ من ذكرها ولكنها موجودة في كل كتب السيرة . بل وفي صحيح البخاري على لسان عائشة

هكذا يتكلم ، وهذا الكلام فضلا عن أنه كذب يتكلم به من رأسه ، فهو أشبه ما يكون بـ ( تحديف الطوب ) .. فعل الصبية ، وأمارة على خسته ، وحقده على شخص الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وشيء من هذا لم يحصل ، ودونكم كتب السيرة ، فليذكر لنا صفحة أو شيء مما كان يفعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعائشة على حد زعمه .

ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتزوج عائشة بعد خديجة ـ رضي الله عنها ـ بل تزوج السيدة سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنها ـ . كذب على كذب .

? ? ?

? يقول دخل في وقت واحد بتسعة ، وكان فيه ساريات زي مارية القبطية وفوقهم نساء وهبهن أنفسهن للرسول وبلغ العدد 66 إمرأة .

هذه من عند بطرس .
لم يدخل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وقت واحد بامرأتين ، فضلا عن تسعة ، ولم يكن عنده سرايا كما يتكلم ، كانت واحدة ، جاءته هديه فعرض عليها الإسلام وأن يتزوجها إن هي أسلمت ، فأسلمت وتزوجها . صلى الله عليه وسلم . ، ونساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسعة ، وجملة من دخل عليهن إحدى عشر ، كلهم ..كل اللواتي شرفن بالمبيت مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إحدى عشر . هذا ما تقوله كتبنا . مَنْ شرفن بالمبيت مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاثة عشر ليس إلا . ولم يكن من نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هن على حسب ترتيب الزواج منهن 1 ـ خديجة بنت خويلد ،2ـ سودة بنت زمعه ، 3 ـ عائشة ، 4 ـ حفصه بنت عمر ، 5 ـ زينب بنت خزيمة الهلالية 6ـ أم سلمة 7 ـ زينب بنت جحش 8 ـ جويرة بنت الحارث 9 ـ أم حبيبه بنت أبي سفيان 10 ـ صفية بنت حيي ، 11ـ ميمونة بنت الحارث الهلالية . وكان له أربع من السراري ، ولم يدخل بواحدة وهبت نفسها له .
ولاحظ أخي القارئ أنه يعرض هذا الكلام على أنه استنباط منه خرج به من قراءته لأثنى عشر مرجعا من مراجع السيرة النبوية ، ولك أن تراجع كل ما كتبه المسلمون عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كتب السيرة والتفسير والحديث ، لن تجد فيها غير ما ذكرت لك .

? ? ?

? يقول زواج المتعة موجود في القرآن العظيم والأحاديث في صحيح البخاري ، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استمتع بالنساء هو والصحابة في الحج حتى قال أحدهم استمتع رسول الله واستمتعنا معه .وظل هكذا حتى حرمه عمر
وهذا كله من عنده ، فلم يستمتع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا في الحج ولا في غيره ، ومتعة الحج هي فصل العمرة عن الحج ، وليس معاشرة النساء . وليس في القرآن العظيم آية تدل على إباحة جواز المتعة ، وتحريم المتعة كان في غزوة خيبر .. خَبَرُه في ذكر غزوة خيبر في كتب السير وكتب التفسير وكتب الحديث . وبطرس يكذب .

? ? ?


?يسأله أحدهم أليس تعدد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للزوجات كتعدد سليمان وداود وغيرهم من أنبياء العهد القديم ؟
فيجيب ، لا . محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتى بعد عهد النعمة ـ أي العهد الجديد ـ الذي حُرِّمَ فيه التعدد ، ولذا كان عليه أن يتبع عهد النعمة ولا يتبع عهد الناموس .. العهد القديم .
أين الكذب هنا ؟
يكذب على دينه هو . فالنصرانية لا تتنكر للعهد القديم ، وإنما تقره ، والمسيح عليه السلام جاء متمما ولم يأتي ناقضا ، والذي تعدى على الناموس هو بولس وليس المسيح عليه السلام ، ويكذب على دينه حين يقول أن التعدد محرم عندهم .



? ? ?

? يقول ميمونة ـ هكذا بدون أن يسمى أو يذكر مصدرا ـ رمت نفسها على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو منصرف من الحج ، وقالت له لك الجمل بما حمل يا رسول الله فأخذها ودخل بها
وهذه أيضا من عنده . فالثابت أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يدخل بامرأةٍ واحدةٍ ممن وهبن أنفسهن له
? ? ?

? يقول أن أي امرأة مؤمنة يمكن أن تهب نفسها للنبي حتى لو كانت متزوجة
وهذه من عنده أيضا ، والذي نعرفه أن المتزوجة تحرم على كل الرجال حتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

? ? ?

?يقول أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يعدل بين نسائه
والسيدة عائشة تقول : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا )
? ? ?

انتقم من ثلاثة عشر معارض له اغتيالا بالسيف ، ويعد منهم أبو سفيان بن الحارث ، وكعب بن زهير وهند بنت عتبه بن ربيعة وأن هذا في صحيح مسلم والسيرة النبوية ، ثم يسأل أين الرحمة ؟

وهو كذاب ، فأبو سفيان بن الحارث أسلم ، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ـ وأخوه في الرضاعه ، وأحد أربعة كانوا يشبهون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الشكل ، وقصة إسلامه يوم الفتح مشهورة ، وخبره يوم حنين معروف مشهور ، وله ترجمة في كتب السيرة .
وكعب بن زهير أسلم وحسن إسلامه وهو صاحب القصيدة المشهورة التي مطلعها ( بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول ) ، وهند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه وعنها وعن زوجها أبي سفيان . أسلمت وحسن إسلامها .
فانظر كيف يكذب ، وانظر كيف يدلس ويقول في ( صحيح مسلم ) و ( السيرة النبوية )

غير معرف يقول...

? يقول أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أباد قبائل اليهود بالكامل
وهذا من إفكه وكذبه ، فيهود مع أنها غدرت عدة مرات ، وبسطت أيديها بالسوء ، وشاركت في تجميع العرب يوم الأحزاب ، وتجمعت هي بنفسها في خيبر ، في الحصون وتترَّست بالعدد والعتاد والحصون على الجبال إلا أنها مع كل هذا لم تباد . لم يحدث لقبيلة منهم إبادة أبدا ، بنو قينقاع أخرجوا من المدينة بدوابهم يحملون أمتعتهم بعد أن غدورا وتعرضوا للأعراض ، وبنو النضير حاولوا اغتيال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يقتلهم بل أخرجهم بأمتعتهم ودوابهم ، وكذا بنو قريظة مع أنهم غدروا بعهدهم في وقت الشدة واتجهوا ـ حين غدروا ـ للنساء والصبيان ليبدؤوا بهم ثم بالرجال يقتلوهم من خلفهم مع هذا لم يقتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحدا منهم سوى المقاتلة فقط وترك النساء والذرية . لم يعاملهم بالمثل ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقل هموا بقتل نسائنا وأطفالنا نقتل نسائهم وأطفالهم .. لم يقل هذا ، وإنما قتل من شاروكوا في الغدر فقط ، وأهل خيبر شيَّدوا الحصون في رؤوس الجبال ، ودربوا الرجال ، واشتروا كل ما يعرف من سلاح ، وهموا بالمسير للمدينة لقتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم يعرفون أنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع ذلك حين انهزموا صالحهم وتركهم في أرضهم يثيرون الأرض ويسقون الزرع .ويهود وادي القرى وفَدَك صالحهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أبدوا رغبة في الصلح ، صالحهم وتركهم في ديارهم وأموالهم ونسائهم ، صالحهم والجيش معه ، صالحهم وهو منتصر قد تملك خيبر بحصونها وعتادها ، صالحهم ولو شاء قتلهم جميعا .
وحال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع يهود مشهور في الكتب التي ينقل منها بطرس ، ويعرفه كل من عرف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وليس الأمر كما يقول بطرس . إنه كذّاب .

? ? ?

?يقول عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تقوى بالغنائم التي استولى عليها من قوافل قريش وبدأ يعد جيشا ويدرب أفرادا ويقاتل الناس كلهم
قلت : الرجل سينمائي .. ويستغل سيطرة الثقافة السينمائية على عامة مستمعيه ؛ يحاول أن يرسم للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ صورة أبطال الأفلام والجبابرة الذين يبنون الدول بأسباب دنيوية بحته .
وهذا الكلام من عنده أيضا ، فما غنم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا من قوافل قريش أبدا ، يوم بدر جاءه الجيش وفلتَت منه العير ، ويوم أحد كان القتل في أصحابه ، ويوم الأحزاب تجمعت عليه مضر كلها وما غنم منهم شاة ولا بعيرا ، وفي فتح مكة عفا عنهم وأطلقهم .وكان عدد المسلمين أقل من عدد عدوهم في كل حين ، ولم يتكلم أحد من رواة السير بأنه كان هناك حركة تجنيد وتدريب وإعداد لجيش عظيم يقاتل به الأعداء ... كانت دعوة تركن ظهرها لربها وترفع إليه يدها فيمدها بمدده . وللشريعة الإسلامية خصوصية في معنى النصر والهزيمة لا تعطي للعدد والعتاد أهمية ، وإنما تطالب أصاحبها ببذل الجهد والتوكل على الله ، ومن يتتبع حال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قتاله العرب كلهم وخروجه للروم ومراسلته للفرس يأمرهم بالإسلام ويتوعدهم يعلمه أنه نبي مؤيد من عند الله ، إذ من يفعل مثل هذا من البشر ، ومن يثق كل هذه الثقة من البشر ؟ .والمقصود أن ما يقوله بطرس من عنده .. كذبٌ يفتريه .

? ? ?

?لأول مرة ينقلب الوضع ضد أهل الكتاب في سورة التوبة آية 29 وقبل ذلك كان مسالما لأهل الكتاب لا يجادلهم ( ولا تجادلوا أهل الكتاب ) .

كلامه هذا في سياق أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان متقلبا ، تتلون أفكاره حسب البيئة التي يعيش فيها ، في مكة مستضعفا فيأخذ بالمسالمة ، وتحاربه قبائل العرب الوثنية فيسالم أهل الكتاب ويتودد لهم . وهذا يشي لمن يسمع بشيء غير حميد ، إذ كيف يمدح الرجل قوما ثم ينقلب عليهم ؟
وكلام بطرس هذا لا يصدقه إلا من لا يعلم شيئا عن سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ واضح من أول يوم ، وخط الدعوة واضح من أول شبر .. موقفه واضح من أهل الكتاب ، وواضح من عباد الأصنام ، ولم تداهن الدعوة أحدا من الوثنيين ولا من النصارى ولا من يهود ، ومعلوم أن نفرا من نصارى نجران أتوا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو بمكة وأسلموا بين يديه ، ونزلت فيهم الآيات من سورة القصص َلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } [ القصص : 51 ـ 52]، وراسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هرقل والمقوقس وملك الحبشة يأمرهم بالإسلام . فلم تكن مداهنة ثم انقلاب .. لم يكن هذا .. بل كانت بيّنة .. محجة بيضاء ليلها كنهارها لم يزغ عنها إلا هالك . وتم التحرك للأعداء الأولى فالأولى ، وهذه ليست مداهنة وإنما حنكه

? ? ?

? يقول أن مشكلة المسلمين التعتيم ، لا يحل لمسلم أن يسأل ، وإن سأل أحدهم يتلون عليه الآية ( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسأكم
ونقول : رمتني بدائها وانسلت ، القرآن تنزل بناء على الحدث ، يوجه الناس في كل شؤونهم ، والقرآن العظيم رصد كثيرا من سؤال الصحابة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجابته إليهم ، من ذلك ، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }[البقرة:186] ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا }[ النازعات:42] ، { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ }[ الذاريات :12] ، {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ }[ الأحزاب : من الآية 63] ، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً }[ طه : 105] ،{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }[ الإسراء:85] ، {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً }[الكهف:83] ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }[ الأنفال :1]، {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ }[ المائدة :4] ، {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ }[ النساء :من الآية 153] ، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }[ البقرة :222ـ] ، { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[ البقرة :من الآية 220 ] ، { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ }[ البقرة : من الآية 219] ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ }[ البقرة : 217] ، {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ }[ البقرة: من الآية 215] ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ }[ البقرة : 189] . وكتب السنة النبوية رصدت كثيرا من المواقف التي يسأل فيها الصحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل أعرابي يسأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : دُلني على عملِ إذا عملته دخلت الجنة ، وآخر يسأل : دلني على عمل يعدل الجهاد ، ما الإيمان ؟ ما الإسلام ، ما الإحسان ؟ يسألون عن الدعاء ، ويسألون عن الإيمان ويسألون عن المحيض ، وعن القبلة حين الصيام ، ويوم الحساب ، وعن الجنة والنار .. عن كل شيء يسألون .
وفي ديننا نناقش كل متكلم باسم الدين ، لا نعرف كبيرا على النقاش والمراجعة ، وقد ساد بيننا ( كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ) .
أما النصرانية فعندها أسرار لا يتكلم فيها أحد ، وأسرارٌ في صلب العقيدة !
ولك أن تسأل : ما التثليث ؟ ولم يعبد المسيح ؟ وهل قال للناس أعبدوني ؟ وأين قال أنه هو الله أو ابن الله في الإنجيل ؟ أين الدليل على الفداء ؟ وغير ذلك من الأسرار التي احتفظت بها الكنيسة ومما لم نجد له جوابا إلى يومنا هذا .
إن قراءة عابرة في حال النصارى تبين بوضوح أن جلَّهم لا يعرفون شيئا عن أصولهم ، ولا يحق لهم السؤال ، وكل هذه الجعجعة تنتهي حين تتجه للكتاب ( المقدس ) لأنها تتصادم بعقليات لا تفهم هي ، أو لاتمتلك إجابة حول كثيرٍ من القضايا الأصولية ، وتنتهي هذه الجعجعة حين تصل الكتاب ( المقدس ) لأنها تصطدم بقول ( بولس ) : في رسالته إلى فيليبي [2 : 14 ] 14" اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ "
وهذا هو واقعهم بالفعل .. لا نقاش ، ولا دمدمة ولا مجادلة . وحقا رمتني بدائها وانسلت .!!

غير معرف يقول...

يقول الإسلام لا يغير من الداخل ،وإنما فقط أوامر ونواهي ..أما النصرانية فهي التي تغير من الداخل ، ويضرب مثالا ببولس الذي كان لصا ثم تغير .

ولا أريد الرد باستحضار ما قاله جعفر بن أبي طالب بين يدي النجاشي وهو يتكلم عن حالهم قبل الإسلام وحالهم بعد الإسلام : ( أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ ) .
ولا أريد الرد باستحضار حال عمر بن الخطاب وخالد وغيرهم كشاهد على كذبه . ولا أريد الرد بأن العقل ينافي أن تكون هناك أوامر بلا أخبار ، وأن تكون هناك طاعة وعبادة بلا محبة .
وإنما أريد الوقوف على ما ضربه مثلا ، وهو بولس .
بولس لم يتغير بتعاليم المسيح وإنما غير تعاليم المسيح ، بولس لم يجلس يتعلم قبل أن يتكلم ، وإنما من أول يوم أصبح رسولا للمسيح .
أين تعلم ؟ كيف تكلم وهو لم يتعلم ؟! وكيف غيَّر ؟ وأعجب من ذلك كيف صدقوه واتبعوه ؟!
بولس عندهم كابن السوداء عندنا تماما ، لتوه تكلم بالشهادتين وراح يعدل على كبار الصحابة .. راح يفتي من أم رأسه ، ولكن ابن السوداء اصطدم بصخرة الإسلام القوية فهشمته وإن لطخها بدمه القذر .
والمقصود هنا هو بيان كذبه في ضربه بولس مثلا للتغير بالنصرانية . ولو قال لتغير النصرانية لما علقنا عليه وقلنا صدق ، ولكن حتى في هذه كذب .
? ? ?

?يقول عن أم قرفة كانت امرأة حكيمة من حكماء العرب قد تجاوز عمرها المائة والعشرين عاما وعبّرت عن رأيها بحرية فقتلها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بربْطها في جملين كل جمل في قدم من أقدامها بعد قلبها على رأسها ثم شقها نصفين يقول : أين الرحمة هنا ؟

وشيء من هذا لم يحدث بطرس كالعادة كذاب ، ولكن ماذا حدث ، ولماذا قتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أمر بقتل عدد من مخالفيه ، وفيهم بعض النساء ؟
سنقعد لبيان هذا فصلا كاملا بعنوان ( لهذا قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ) . إن شاء الله وقدر .، والآن نكتفي بهذه الأكاذيب لننتقل إلى المبحث الثاني وهو :

ما يخفيه بطرس على مسمعيه .

غير معرف يقول...

أولا : زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش

?ذَكَرَ ـ ويذكرون ـ قصة زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ عدّة مرات ، ويسردها على النحوي التالي :
ـ رأى النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ زينب وهي في بيتها فأُعجب بها ، وأخفى حبها في قلبه .
ـ علم زيد بالخبر من زوجته ، فذهب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتريدها يا رسول الله ؟ قال أمسك عليك زوجك .
ـ طلّق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زينب من زيد وتزوجها هو .
?الجواب في نقاط :

? وهذا الكلام لم يتكلم به غير ( بطرس ) وأمثاله من أعداء الملة ، يعتمدون على رواية لا تصح وهي رؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزينب وهي بثياب بيتها .
? السياق العام الذي جاءت فيه القصة هو: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً . وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً{37} مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً . الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً . مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً . [ الأحزاب :36 ـ40 ]
?ـ زيد ليس ابن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من صلبه ، بل ابنه بالتبني ، وقصة تبني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقصة تبني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزيد فريدة من فرائد الأدلة على المروءة وحسن الخلق ، وهي في كل كتب السيرة .
?ـ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يرَ زينبا متفضلة في ثيابها أبدا ، وهذه الرواية لا تصح . من ذكرها ضعفها وشجب عليها .
?ـ والرسول لم يحب زينباً ، ولو كان قد أحبَّها فقد كانت أمامه منذ الصغر ؛ أفيرغبُ فيها بعد أن كبر سنه ، وبعد أن كبر سنها وذاقت غيره من الرجال ؟
?ـ زيد كان يشكو دائما من زينب ، وكانت تشكو منه ، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يوصيه بأن يتقي الله ويمسك عليه زوجه ، وهذا عكس ما يذهب إليه النصارى إذ يقولون أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي طلق زينب من زيد وتزوجها .
?ـ ( طلق زيدٌ زينباً وهو لا يفكر لا هو ولا زينب فيما سيكون بعد الطلاق .. لم يكن أحد يعلم شيء ، لم ينزل خبر على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن زينب تطلق ويتزوجها هو ، وإنما كان وحيا بالإلهام ، ولم يكن أمرا صريحا من الله . وإلا ما تردد فيه ولا أخَّرَه ولا حاول تأجيله ، ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه .ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أمامَ إلهامٍٍٍ يجده في نفسه ، ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته ، ومواجهة الناس به.
?ـ الحرج كان من زواج مطلقة الابن بالتبني ، وليس من تطليق زينب لزواجها ، وليس من محبة زينب التي تربعت في قلبه وهو يخفيها كما يفتري بطرس وغيره .. إذ كان العرف السائد يومها أن زينب مطلقة زوجة الابن بالتبني ، كان العرف أنها لا تحل لمن تبني مطلقها .. كان هذا العرف سائدا حتى بعد إبطال التبني ) .
?ـ وهذا الأمر واضح في الآية نفسها { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } فزيد قضى منها وطره ، وطلقها وهو كاره لعشرتها وهي كارهةٌ لعشرته ثم جاء زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد ذلك .
?ـ كان يعلم ـ بالإلهام ـ أن هذا الأمر حادث ، ولم يكن يحبه ، بل كان يخشاه ، يخشى من كلام الناس ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) وهذه أمارة على سلامة الطبع ، وأمارة على عدم الرغبة في الزواج من زينب .
?ـ بعد انقضاء عدة زينب ، أرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زيدا زوجها السابق إليها ليخطبها عليه ?.في الحديث عن أنس ـ رضي الله عنه قال : ( لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ قَالَ فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا قَالَ فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي فَقُلْتُ يَا زَيْنَبُ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُكِ قَالَتْ مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُوَامِرَ رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ )
.?لم يشتكِ زيد ، ولم تشتكِ زينب ولو كان زيد مكرها على طلاق زينب ، ولو كانت مكرهة على فراقه لتكلم وأسمع ، ولتكلمت وأسمعت ، والذي نجده هو أن الذي خطب زينب هو زيد ، ونجد زيداً لا ينظر إليها إجلالا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كونه فقط ذكرها للزواج ، وزينب تآمر ربها . . إنها نفوس موصولة بالله .
?ـ العلة من هذه القصة مذكورة في ذات السياق الذي يتكلمون به { لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } [ الأحزاب : 37 ] يقول صاحب الظلال : ( وقد شاء الله أن ينتدب لإبطال هذا التقليد من الناحية العملية رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد كانت العرب تحرم مطلقة الابن بالتبني حرمة مطلقة الابن من النسب ؛ وما كانت تطيق أن تحل مطلقات الأدعياء عملا ، إلا أن توجد سابقة تقرر هذه القاعدة الجديدة . فانتدب الله رسوله ليحمل هذا العبء فيما يحمل من أعباء الرسالة . وسنرى من موقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من هذه التجربة أنه ما كان سواه قادرا على احتمال هذا العبء الجسيم ، ومواجهة المجتمع بمثل هذه الخارقة لمألوفه العميق ، وسنرى كذلك أن التعقيب على الحادث كان تعقيبا طويلا لربط النفوس بالله ولبيان علاقة المسلمين بالله وعلاقتهم بنبيهم ، ووظيفة النبي بينهم .. كل ذلك لتيسير الأمر على النفوس وتطبيب القلوب لتقبل أمر الله في هذا التنظيم بالرضا والتسليم ) أ .هـ .
? ـ وفي القصة كلها أمارة على صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ـ (( لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ )) نعم لم يكن يكتم شيئا من الوحي ، وما كان يتصرف بغير وحي { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[ النجم :3 ، 4 ]

? فليس في القصة ولا حواليها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأي زينب وأعجبته ومن ثم طلّقها هو من زيد ليتزوجها . أبدا .. ليس هذا في القصة ولا في صريح النص محل الاستدلال ، ولا يمكن أن يظن ممن يعرف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ وإنما بطرس كذاب .

? ونسأل النصارى لو سلمنا جدلا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ طلق زينب وتزوجها هل يطعن هذا في نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمقاييسكم أنتم ؟ أنت تشهدون على الأنبياء بالزنا .. زنا المحارم ثم تطعنون بما لا يصح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ؟
أمرٌ عجيب . وأعجب منه أن هذه الشبهة ردَّ عليها الأولون ،والآخرون يتكلمون بكلام الأولين دون أن يلتفتوا للردود السابقة والردود الحالية ، مما يعكس أنها فقط نفسية مريضة لا تريد سوى إضلال الناس ولذا تكذب وتفتري .

غير معرف يقول...

زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة عائشة رضي الله عنها .
ماذا ينقمون ، بطرس وغير بطرس ؟
يقولون : صغيرة .. كيف تتزوج في هذا السن ؟
ويقولون : صغيرة تزوجت من كبير كهل في عمر أبيها ؟
والإجابة في نقاط :
الأولى : نصارى اليوم ، بطرس ومن معه ، هم أول من احتج على زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، فلم يعترض أحد قبلهم على هذا الزواج . وهذه بداهة تصرح بأن الخلل عندهم وليس في الشريعة .
الثانية : زواج الصغيرة ،وزواج الصغيرة من الكبير لا تنكره النصرانية ، بل تقره .. تعرفه .. حدث فيها . !! .
السيدة مريم ـ عليها السلام ـ أنجبت المسيح وهي في الثانية عشر من عمرها ، وهذا يعني أنها حملت به في الحادية عشر ، وكانت قبل ذلك مخطوبة ليوسف النجار . و يوسف النجار يومها فوق الثمانين !!
كانت صغيرة ، وكانت تستعد للدخول على كبير ، على رجل يكبرها بما يزيد على السبعين عاما .وليس كم وأربعين سنة مثل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعائشة .
وكتاب النصارى يتكلم بأن داود عليه السلام حين هرم وكبر في السن وذهب عقله زوجوه بفتاة صغيره ، وداود ـ عليه السلام ـ عاش مائة عام أو يقاربها ولو قلنا فتاة هذه تكون في العاشرة ( كما مريم عليها السلام ) فإن الفرق في العمر بينه وبينها يكون ضعف ما كان بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ .
وفي كتابهم أن إبراهيم عليه السلام تزوج بهاجر بعد أن تجاوز الثمانين من عمره ، وهي كانت جارية صغيرة ، والفارق الزمني بينهما ضعف ما كان بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أيضا .
بل في كتابهم بأن فارض بن يهوذا بن يعقوب عليه السلام ـ تزوج وأنجب ولدين وهو ابن ثمان سنوات . وهذه من عجائب الكتاب المقدس . ومما يرفضه كلُّ عقلٍ صحيحٍ .والقصة في العهد القديم . سفر التكوين .

الثالثة : زواج المرأة في التاسعة من عمرها لم يكن أمرا منكر في هذا الزمان ... لم يبتدئه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد كان من الطبعي جدا أن تخطب البنت وهي في السادسة من عمرها وتتزوج في التاسعة من عمرها . لم يكن عيبا أن تتزوج المرأة الصغيرة بالرجل الكبير .
عبد المطلب تزوج بعد أن تجاوز المائة من عمرة بأخت السيدة آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم ـ وكان بينهما من العمر ما يزيد عن تسعين عاما .
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهي في نفس السن تقريبا ، وكان عُمَر يومها قد تجاوز الخامسة والخمسين من عمره .
وكذا عمرو بن العاص تزوج وأنجب من امرأة أصغر منه وهو بن اثنا عشر عاما ، فكم كان عمر زوجته حين تزوجت ؟ لا يزيد بحال عن العاشرة .
والشافعي ـ رحمه الله ـ يقول : أدركتُ جدة في الواحدة والعشرين من عمرها . فمتى تزوجت هذه ، ومتى أنجبت ؟ ومتى تزوجت بنتها أو ابنها ومتى أنجب ؟
فزواج الصغيرة لم يكن عيبا ، ولم يكن أمرا شاذا بل كان معمولا به ، في بيئة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي بيئة المسيح عليه السلام ، ومن الإجحاف والظلم أن نحكم بما هو سائد بيننا الآن على ما كان موجودا قبل ألف وأربعمائة عام . حين بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ومما يجمل ذكره هنا أن الجيل الذي قبلنا ـــ أبي وأمي ــ كانت البنت ــ في أيامهم ــ تتزوج في الرابعة عشر والخامسة عشر ، أما اليوم فالبنت لا تتزوج قبل أن تنهي الجامعة ، أي بعد الثانية والعشرين ـ
هل هنا اليوم من يزوج بنته وهي في الصف الثالث الإعدادي ... يقول طفلة مع أن أمها ربما قد تزوجت في ذات السن .
وانتشر اليوم على صفحات الإنترنت وجود بعض البنات قد حَمَلْنَ ووضعن وهنَّ في الثانية عشر من عمرهنَّ ، تناقلت المواقع بالصوت والصورة الخبر عن فتيات في ( مصر ) و ( استراليا ) و ( الجزائر ) . هذا ما اطلعتُ عليه وربما كان هناك ما هو أكثر .
أرأيتم أين الخلل ؟
الخلل أننا نحاكم البيئة التي عاش فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أعرافنا التي تسود بيننا اليوم .
الرابعة : لم يخطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عائشة ـ رضي الله عنها ـ من تلقاء نفسه ، لم يراها ومن ثمَّ أعجبته فراح وخطبها ، وإنما ـ بأبي هو وأمي وأهلي صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن ماتت زوجته بقي بلا زوجه ، فأشارت عليه خولة بنت حكيم أن يتزوج ورشحت له امرأتان ، سودة بنت زمعة وعائشة رضي الله عنها .. واحدة ثيب لتتناسب مع أولاده وواحدة بكر ، وفي ترشيح خولة أمارة على أن عائشة كانت تصلح للزواج ، فهي امرأة وتعرف النساء جيدا ، فلولا أنها تعرفها جيدا وتعرف أنها تصلح للزواج ما رشحتها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وحين ذهبت لخطبتها وجدت أن هنا من تكلم لخطبتها قبل رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ، جبير بن المطعم بن عدي والقصة في بن كثير . وغيره . وعائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت تنقل قِرَب الماء على ظهرها يوم أحد .. تسقى الجرحى ، وهذا يدل على أنها كانت إمرأة ..تحمل القِرْبة على ظهرها ، وتحضر القتال تسقي الجرحى ، فهي إمرأة إذا تصلح للنكاح ، وأنها كانت امرأة تصلح تماما للزواج
الخامسة : لو كان عيبا ما كانت قريش لتسكت عليه وهي التي كانت تفتعل الأكاذيب للنيل منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ وكذا يهود وهم أشد الناس عداوة لمحمد ــ صلى الله عليه وسلم ـــ ولدين محمد ــ صلى الله عليه وسلم ـــ ولأتباع محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ لو كانوا يرون في هذا الأمر عيبا أكانوا يتركونه ؟
لا والله .
نعم لم يكن الأمر عيبٌ وقتها ، بل كان هو الطبيعي .
السادسة : والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . لم يكن هذا العجوز مُحْدَوْدِب الظهر بطيء الخطى ، الذي لا يقوم من مجلسه إلا بغيره ، بل كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يركب الخيل ويقاتل أشد القتال ، ويثبت حين يفر الأبطال . ولم تكن آثار الشيب بادية في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كانت شعيرات يعدونها عدّا ، وكان النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ــ يجامع حتى يكسل ، ومن يجامع حتى يكسل سلوا عنه النساء . و رجل متزوج بهذه المواصفات لامرأة غير متزوجة خير لها من غِرٍّ مثلها ، فللخبرة بالنساء دور ، يعرفه المتزوجون والمتزوجات .
السابعة :معروف أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يحب عائشة رضي الله عنها وأنها كانت تحبه ، وتغار عليه ، وأحاديث غيرة عائشة ـ رضي الله عنهاـ كثيرة ومشهورة ،ولو أنه بغيض لها .. اغتصبها كما يقولون ما أحبته هذا الحب وغارت عليه هكذا ـ صلى الله عليه وسلم .
الثامنة : أن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم تكن هذه الطفلة الغافلة التي لا تفقه شيئا .. وإنما كانت من خيرة النساء وعقلاء الجيل ، وأنقل بعض ما ورد في فضل عائشة رضي الله عنها ـ من ترجمتها في سير أعلام النبلاء ـ على لسان أئمة المسلمين من التابعين ، لتعلموا أي النساء كانت هذه :
عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض .
وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أَفْقَهَ الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة .
وقال هشام بن عروة، عن أبيه: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة .
وقال أبو بردة بن أبي موسى، عن أبيه: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علمًا .وقال الزهري: لو جُمِعَ علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل .
وفي "الصحيح" عن أبي موسى الأشعري -مرفوعا: فضل عائشة على النساء كفضل الثَّرِيدِ على سائر الطعام .
التاسعة : أنه هذه الشبهة مفتعلة من خلال التلبيس والتدليس على الناس ، يقولون لهم بنت صغيرة في التاسعة من عمرها . ورجل عجوز في الخمسين من عمره . وكيف تتزوج هذه الطفلة هذا الرجل العجوز ؟
ومن تكلم بهذه الشبهة لا بد أنه قرأ السيرة النبوية ، وهو يدعي ذلك .. يدعي أنه قرأ السيرة جيدا . ولا بد أنه قرأ عن زواج عبد المطلب من امرأة صغيرة في السن وأن عائشة رضي الله عنه كانت مخطوبة أو تكلم لخطبتها أحدهم قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا بد أنه علم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتزوج عائشة رضي الله عنها من تلقاء نفسه ، بعد أن ماتت خديجة جلس عامين بلا زواج ثم تزوج سودة وهي امرأة عجوز ضخمة ثبطه .. بالكاد تمشي ـ رضي الله عنها ، ومن يفعل هذا ليس شهوانيا أبدا .ولابد أنه علم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم كان يسكن في غرفات من طين ، وأنه لم يكن يجد ما يأكله لثلاث أيام ، ولا ما ينام عليه إلا الحصير ، ولم يكن يوقد في بيته نار لثلاثة أهلة . وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي الليل ساجدا وقائما يناجي ربه ، وكان يقول : جعلت قرّة عيني في الصلاة ، والجميع يعرف أن من يحب النساء ينفق عليهن .. يل يلبسهن ويزينهن ، ويسهر معهن .
ولا بد أنه سمع ردنا هذا ، إذ أننا نرد عليه من سنين ، ومع ذلك يكرر كلامه على الناس .
لماذا ؟
العاشرة : لأنها نفسية مريضة ليس لها هدف إلا صد الناس عن دين الله عن طريق الكذب والتدليس ، وافتعال الشبهات كما في هذه الشبهة .
? ? ?

? ثالثاً : الفتاة الفزارية .
أكثر من الكلام حول ما يسميها ( الفتاة الفزارية ) يقول أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى فتاة فزارية مع الصحابي سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ كان قد أخذها من الأسر ، جميلة فأخذها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منه لنفسه ، يدلل بهذا على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان يترك جميلة إلا وأخذها . حتى وإن كانت متزوجة من غيره .

وهذا من الكذب الفاحش ، الفتاة الفزارية لم تكن متزوجة من سلمة رضي الله عنه ، ولم يراها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يفتري بطرس ، ولم يأخذها له ، وإنما أخذها وفدى بها أسرى للمسلمين في مكة



? رابعاً : زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السيدة صفية بنت حيي بن أخطب ، و السيدة جويرية بنت الحارث .

? يقول صفية بنت حيي من بني المصطلق وكانوا يهود وأنهم بعد أن أسروها خرجت في نصيب دحية الكلبي ، قالوا له جميلة تليق بك فأخذها من دحية ، ودخل بها في ذات اليوم الذي قتل فيه زوجها وأبوها وأخوها ، ونفس الشئ تكرر مع جويرة بنت الحارث ـ هذا كلامه هو ـ قال لها راح افكك وأخدك .
يتكلم صراحة بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يسطو على الجميلات وإن كانت متزوجات .
وهنا عدة كذبات :
الأولى : أن صفية من بني المصطلق . وأن بني المصطلق كانوا يهودا . هذا الكلام غير صحيح ، بنو المصطلق من خزاعة ، وهي قبيلة عربية من أصول يمنية ( قحطانية ) كانت تسكن ساحل البحر الأحمر عن جدة اليوم . ولم تكن من يهود ، ولم يكن فيها يهود . وصفية رضي الله عنها ليست منهم . هي من بني النضير ، وأسرت في خيبر .
الثانية : النصارى يرددون بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على صفية وهي لم تنته عدتها بعد . وهذا الكلام غير صحيح ، يقول ابن القيم ، وهو فقيه حافظ متفق على إمامته بين المسلمين : ( كانوا يطئونهن بعد الاستبراء وأباح الله لهم ذلك ولم يشترط الإسلام بل قال تعالى : {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [ النساء 24 ] فأباح وطء ملك اليمين وإن كانت محصنة إذا انقضت عدتها بالاستبراء ) أ .هـ
والحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ ينص على هذا صراحة ، يقول في ترجمة أم المؤمنين صفية ـ رضي الله عنها : (ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما طهرت , تزوجها , وجعل عتقها صداقها )، وحين تركت بعض الكتب ذكر أن الزواج تم بعد استبراء الرحم لأنه أمر بديهي عندنا في الإسلام ، ظنَّ بعضهم أن الزواج تم دون أن تعتد المرأة .
وقد ورد هذا صريحا في السنة النبوية ، وأقرَّ به بطرس ، في الحديث عن حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ : غَزَوْنَا الْمَغْرِبَ وَعَلَيْنَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ فَافْتَتَحْنَا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا جَرْبَةُ فَقَامَ فِينَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ خَطِيبًا فَقَالَ إِنِّي لَا أَقُومُ فِيكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحْنَاهَا فَقَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْتِيَنَّ شَيْئًا مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا)
لا حظ هذا في فتح خيبر ، وباقي الروايات بعضها في حنين وبعضها في مواضع أخرى ، وكأنه كان تنبيه يقال في كل حين ، يعكس حرص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على استبراء الرحم .
الثالثة : لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يغزو من أجل النساء ، ولا كان يمرّ بين النساء حين تضع الحرب أوزاها ويختار من جميلة من الجميلات ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم ـ يتزوج ليُسْلِم الناس ويدخلون في دين الله أفواجا ، كما حدث مع بني المصطلق حين تزوج منهم أسلموا ، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يتزوج إلا من تسلم فقط وجاء في أمر صفية بنت حيي ـ أم المؤمنين رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لها : إن أقمتِ على دينك لم أكرهك ، ، وإن اخترت الله ورسوله فهو خير لك . قالت أختار الله ورسوله والإسلام . فأعتقني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتزوجني وجعل عتقي مهري ) هل سمعت بأفضل من هذا ؟1
وسأفرد فصلا بحول الله وقوته لبيان معنى الجهاد ، والسياق العام الذي جاء في قتل المخالفين واسترقاق الذرية .
الرابعة : جويريرة بن الحارث ـ رضي الله عنها ـ لم تكن زوجه لثابت بن قيس ، بل كانت في قسمه من الغنائم ، واستكتبته ، بمعنى أنها كتبت معه كتابا أن تحضر له مالا ويعتقها مقابل هذا المال ، وذهبت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تستعين به على قضاء دينها ، فطلب منها أن تسلم ويسد عنها ويتزوجها . هذا ما تقوله كتب السيرة ، وما يقوله الحافظ الذهبي في ترجمة أم المؤمنين جويرية بنت الحارث . فلم تكن زوجة لثابت بن قيس ، ورآها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأعجبته فأخذها من ثابت بالقوة أو بالحيلة كما يدعي الكذّاب اللئيم بطرس .
الخامسة : في قصة جويرية وفي قصة صفية أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن ينتقي من الأسرى الجميلات ، وإلا لخرجت كلتاهما ـ رضي الله عنهما ـ في سهمه من البداية ، وإنما كان يقسم الغنائم على أصحابه . وهم كانوا يزوجوه الشريفة في القوم ـ كما في حالة صفية ـ أو يتزوج هو شريفة القوم ـ كما في حالة جويرية ـ طلبا لإسلام قومها ، فالناس كانوا على دين رؤسائهم ، والعربُ تحب أصهارهم ، وهذا ما حدث بالفعل أسلم أبوها ـ أبو جويرة ـ وأعتق قومها ودخلوا في دين الله أفواجا . وهذا هو الحديث كما يرويه الإمام أحمد في مسنده ، وهي ذات الرواية التي يتكلم بها بطرس الكذاب مع إدخال بعض التحريفات عليها ؛ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ وَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَاحَةً لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَكَرِهْتُهَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي قَالَ فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ قَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَتْ وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ فَقَالَ النَّاسُ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ قَالَتْ فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا ) .
وجاء عند البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على السيدة جويرية بنت الحارث وهي صائمة ..تصوم في يوم عرسها .. نفوسٌ مستكينة هذه أم نفوس هائجة ؟
أرأيت ؟!
لم تكن زوجة لثابت بن قيس أبدا كما يدعي الكذّاب اللئيم زكريا بطرس .
وتقول له (وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ) ، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلم خبرها إذا .ومع ذلك لم يذهب إليها ابتداءً ، ونظر إليها نظر الخاطب لمن يريد خطبتها ، أو أنها كانت أمة ولا يكره النظر للإماء في الشرع.
ـ الصحابة حين علموا بزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من جويرة أعتقوا كل الأسرى من قبيلتها ، وهذا يعكس أثر النسب ( المصاهرة ) في حس العرب .
ـ دخل عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي صائمة في يوم جمعة .. تصوم في يوم عرسها . وصيامها يدل على طول المسافة بين اليوم الذي التقاها فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ واليوم الذي دخل عليها فيه ، إذ أنها تعلمت الإسلام وأستقر في قلبها ثم آمنت بعد ذلك بربها .
ـ لم يكن السياق العملي للأحداث غزو وأسر وسبيٌّ وانتقاء الحسناوات وإكراههن على الزواج . أبدا .. كانت دعوة .. وحرص على الإسلام ، وكانت نفوس هادئة .. تصوم في يوم عُرسها .

غير معرف يقول...

أولا : علاقة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجنِّ .

يتكلم بطرس ، ويتكلم غيره ، بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت له علاقة خاصة بالشياطين ، وأن مَلك الوحي ، جبريل عليه السلام ، الذي ظهر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الغار ولازمه بعد ذلك يتنزل عليه بالقرآن كان شيطاناً .!
يدلل على ذلك الكذابُ اللئيم زكريا بطرس بأن للجنِّ سورةً كاملة في القرآن ، وأن الجنَّ ذكروا أكثر من مائة مرة في القرآن العظيم ، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قضى ليلة مع الجنِّ يعرفها علماء المسلمين بـ ( ليلة الجنِّ ) ، وكان له قرين من الجنِّ . وأن شيطانا أبيضاً كان يتصدى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويتكلم له على أنه جبريل .
وكلُّه كذب . وقلبٌّ للحقائق . وتدليسٌ على الناس .
أين الخلل ؟
الخلل عند بطرس ومن قال بقوله .فهم الذين قلبوا الحقائق ، وذلك بالكذب المباشر تارة ، وبِبَتر النص من سياقه العام ثم تفسيره بما يحلو لهم تارة أخرى ، وباعتماد الضعيف والشاذ وما لا يصح من الأحاديث تارة ثالثة . وهاأنذا أفند لك آرائهم وأكشف لك قولهم لتعلم أنهم ما صدقوا فلا تتبعهم .
ـ يروي اختبار السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ للوحي فيقول : جاء في كتاب (السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص 230): قال ابن إسحاق : "عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله: أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال نعم ، فجاءه جبريل عليه السلام، فقال رسول الله لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني ، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى ; فقام رسول الله فجلس عليها، قالت هل تراه؟ قال نعم قالت: فتحول واجلس على فخذي اليمنى; فتحول رسول الله فجلس على فخذها اليمنى. فقالت هل تراه؟ قال نعم. قالت: فتحول واجلس في حجري، فتحول رسول الله فجلس في حجرها. قالت هل تراه؟ قال نعم. [وفي رواية أخرى] أدخلت رسول الله بينها وبين درعها، ثم ألقت خمارها عن وجهها، ورسول الله جالس في حجرها، ثم قالت له هل تراه؟ قال لا، فذهب عند ذلك جبريل. فقالت يا ابن عم: اثبت وأبشر فو الله إنه لملك وما هذا بشيطان )
هكذا يروي القصة ، ثم يعلق قائلا : ( كان هدف خديجة أن هذا الذي ظهر لمحمد لو كان ملاكا لخجل من فخذيها ودرعها ... إلخ ) ، ويتساءل :( كيف أن ملاكا لا يخجل من أعضاء المرأة: لا فخذها ولا حجرها ولا درعها، ولكنه يخجل من وجهها؟ ، وكيف تُعَلِّمُ إمرأةٌ نبيَّ الله الذي تجلى له الوحي. فَتَعْلَم هي ما لم يعلمه هو؟ ، ثم كيف يؤخذ بشهادة امرأة، والمرأة في الإسلام ناقصة عقل وناقصة دين ؟ ، وكيف اعتبرت شهادة امرأة واحدةٍ شهادةً شرعية ، والشهادة المقبولة في الإسلام امرأتين ورجل؟ ثم كيف تأكدت أنه ملاك وليس بشيطان ، والشيطان يستطيع أن يغير شكله إلى شبه ملاك نور. ويؤكد هذا الرأي ما جاء في ( تفسير الرازي لسورة الحج 52 وسورة التكوير 20 ) " إن الشيطان المُسمَّى الأبيض تصدّى لمحمد وجاءه في صورة جبريل ليوسوس إليه على وجه الوحي) .
هذا نص كلامه .
التعليق :
كذب على مستمعيه حين ادعى أن هذا حديث صحيح ، وهو لا يثبت .
وكذب على مَن يسمعه حين ادعى أن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ كشفت عن فخذيها وحجرها ولم ينصرف الملك إلا حين كشفت عن وجهها ، ليس هذا في النص الذي أورده هو ـ لاحظ ـ ولا في النص الأصلي الذي حذف بعضه ، وإنما قالت له اجلس على فخذي .فقد حذف من النص الذي ينقل عنه هذه الجملة ( فتحسرت وألقت خمارها ) ، والخمار هو غطاء الرأس ، من خمَّرتُ الشيء إذا غطيته ، وهو غير الحجاب ، و ( تَحَسَّرَتْ ) تعني كشفت عن شيء ، وهو ما يغطيه غطاء الرأس ( الخِمَارُ ) ، وكانت بثيابها ترتدي درعا بدليل الرواية الثانية التي أدخلها بطرس في السياق ( فأدخلته في درعها ) ، عندها ذهب الملك ، ذهب من ماذا ؟
من كشف الرأس والرقبة وأعلى الصدر ، وليس كما يقول الكذاب اللئيم بطرس ، أن الملك بقي حين كشفت فخذها ، وحجرها وانصرف حين كشفت وجهها . ليس في النصِّ كشفُ فخذٍ ولا حجرٍ ، وإنما فقط تحسر بإزالة ما تضعه على رأسها رضي الله عنها وأرضاها .
إذا بمقاييسه هو ، هو ملكٌ ، استحى من كشف القليل وانصرف ، وهي ـ رضي الله عنها ـ كانت تظنه ملكا وبالفعل رأته ( علمته ) ملكاً .إذ لو كان شيطانا ما استحى حتى من ما هو أبعد من الرقبة وأعلى الصدر .
وكذب على مَنْ يسمعه حين ادعى أن ليس عند المسلمين دليل على الوحي إلا هذه القصة ، أو إلا شهادة السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ في هذه القصة ، فهي قصة في بطون بعض كتب السيرة وليس كل كتب السيرة ، وكتب السيرة عندنا وإن تواطئت على روايةٍ ما فإنا لا نأخذ بها إلا استئناسا حتى يصححها أهلُ الحديث ، وأهلُ الحديث . . . وأهلُ الفقه . . وأهلُ الاعتقاد ..ومن يحاور النصارى اليوم في البالتوك والمنتديات وغيرهما ..بل وكلُّ المسلمين لم يتكلم أحد منهم بأن ما فعلته السيدة خديجة في هذه القصة هو دليل الوحي ، أو هو دليل الوحي الوحيد عندنا ، فعندنا مصنفات في دلائل نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بشارات السابقين وأخبارِ المعاصرين له ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مسلمين وكافرين ، حتى مقاييس الكذّاب اللئيم زكريا بطرس التي وضعها هو كدليل على النبوة تنطبق تماما على رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ناقشت هذا في الجزء الأول .
ـ وكذب في القول بأن الشيطان قد يتحول إلى شبه ملاك من نور . فمادة الملكِ غير مادة الشيطان ، الملكُ من نور ، والشيطان من نار ، الملك للخير والشيطان للشر .الملك رسول من رب العالمين لعبادة المتقين .. الأنبياء وبعضِ الصاحين ، والشيطان عدو للمتقين والصالحين المصلحين ، وعونٌ للأفَّاكين الكذابين .

وكذب وهو ينقل عن الفخر الرازي جاء في ( تفسير الرازي لسورة الحج 52 ، وتفسيره للتكوير20) . يَذكر ( بطرس ) أن الفخر الرازي تكلم عن شيطان أبيض كان يأتي للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هيئة جبريل ويوحي إليه ، ولا أدري كيف يتجرأ على الكذب هكذا ؟! وكأن تفسير الفخر الرازي في كوكب تاني لن يستطيع أحد أن يذهب إليه ويستوثق منه ؟ وكأن كل من يسمع سيثق بقوله ولن يراجعه فيه ؟
الفخر الرازي في سورة الحج وفي سياقه نفيه الشديد لقصة الغرانيق العلى والرد على كل من قال بها ، في هذا السياق ذكر رواية تقول ( بأن شيطانا يقال له الأبيض أتاه على صورة جبريل عليه السلام وألقى عليه هذه الكلمات فقرأها ) ثم يعلق الفخر الرازي على هذه الرواية قائلا : ( وهذا القول لا يرغب فيه مسلم البته لأنه يقتضي أنه عليه السلام ما كان يميز بين الملك المعصوم والشيطان الخبيث ) .
وفي سورة ( التكوير ) ، جاء ذكر الشيطان الأبيض في سياق مختلف ، وهو يتكلم عن قوة جبريل ـ عليه السلام ـ يقول : ذكر مقاتل أن شيطانا يقال له الأبيض صاحب الأنبياء قصد أن يفتن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدفعه جبريل دفعة رقيقة وقع بها من مكة إلى أقصى الهند )
ـ ويقول ( ورسول الله جالس في حجرها .. أبو أربعين سنة قاعد في حجرها ) ويشير بيديه ويحرِّك جسده مستخفا ومستهزءاً . ويقول حَراء والمذيع يسأله بتنقيط أم بدون تنقيط ؟! ( خراء ) . ويستحضر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يتكلم عن حديث ( ما منكم من أحد إلا وله قرين ) فيفي عبد ومسرحية ( حزّمني يا ) ، ويختم الحلقة ( 142) من برنامج أسئلة عن الإيمان بجملة من السخرية والاستهزاء بـ ( الراكعين والراكعات ) ، وهو حال الأراذل الأوساخ .
أقول ولهذا الفعل وهذا الكلام صارخ في القلب لن يهدأ حتى يشفي صدره من بطرس ومن عاونه ، ولن يُنقِص هذا من قدر نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنبينا صلى الله عليه وسلم ـ جبلٌ أشم ، له الكمال في الخِلْقة والخُلٌق . طولا ، وجمالا ، وهيبة .صلى الله عليه وسلم .لم يستهزأ به أحد ممن حضره أو عاصره ، وما واجهه أحد بشيء يكرهه هيبة وإجلالا، وكان تحته تسعة من النساء غير ما قام به من أعظم أثر في حياة الناس ، وغيره لا يستطيع أن يسوس بيته . . فقط بيته بل قد تغلبه امرأته .
ـ وفي إطار تدليله على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت له علاقة خاصة بالجنِّ ، وأن أحدهم هو الذي ظهر له في الغار وكان يتنزل عليه بالقرآن بعد ذلك ، وبالتالي فإن القرآن قول الشياطين ، في هذا الإطار يستحضر ( ليلةَ الجنّ ) مدللا بها على ما يفتريه على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم ـ قضى ليلة كاملة مع الجن عند غار حراء هذا نص كلامه : ( جاء في (سنن ابن داود كتاب الطهارة حديث 85) "عن علقمة قال: قلت لابن مسعود: هل صحب أحد منكم النبي ليلة الجن ؟ قال: ما صحبه منا أحد ، ولكن افتقدناه ذات ليلة وهو بمكة ، ولم نجده، فقلنا: اغتيل، أو استطير، ماذا فُعِلَ به ؟ حتى إذا أصبحنا إذا نحن به آتيا من جهة حراء. فقال لنا: أتاني داعي الجن، فأتيتهم، فقرأت عليهم القرآن. ثم انطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم )
ثم يعلق متسائلا متعجبا ومستدلا : ( ما هو مدلول هذه الحادثة؟ أليس أن محمدا كانت له علاقة بالجن؟
وليس في سنن أبي داود شيء مما ذكر ، تحت هذا الرقم ، ولا في هذا الباب ، ولا في غيره ، والذي عند أبي داود هو : عن علقمة قال قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ فقال : ما كان معه منا أحد " وليس عند أبي داود شيء مما ذكر ، فهو يكذب أو ينقل عن كذّاب آخر . وكله سواء . بل زيادة في القبح إن كان . فهو ناقل وليس باحث كما يدعي .
هذه الأولى .
والثانية ...
دعني أبدأ من الخلف قليلا كي تتضح لك الأمور ، وترى الصورة على حقيقتها ، وسأختصر مقالي وأدلل على قولي ، فلا تعجلني .ولا تستثقلني .
ـ ( كان فاشياً بين العرب في الجاهلية أن للجن سلطانا في الأرض ، فكان الواحد منهم إذا أمسى بواد أو قفر ، لجأ إلى الاستعاذة بعظيم الجن الحاكم لما نزل فيه من الأرض ، فقال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه .. ثم بات آمنا ! . كذلك كانوا يعتقدون أن الجن تعلم الغيب وتخبر به الكهان فيتنبئون بما يتنبئون . وفيهم من عبد الجن وجعل بينهم وبين الله نسبا ، وزعم له سبحانه وتعالى زوجة منهم تلد له الملائكة !.ولا تزال الأوهام والأساطير من هذا النوع تسود بيئات كثيرة إلى يومنا هذا !!)
وفي الجاهلية .. قبل البعثة النبوية ، كانت الشياطينُ تصعد قريبا من السماء فتسترق السمع وتوحي به إلى أوليائها من الإنس ، وهم الكهنة والمشعوذون ، وكانوا ( الكهنة والمشعوذون ) منتشرين في الجزيرة العربية معروفين بأعيانهم يقصدهم الناس في بعض شأنهم ، وحين بعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وابنُ هشام في السيرة النبوية .. في المجلد الأول . . . في ذات المكان الذي ينقل منه ( بطرس ) عقد بابا أسماه ( قذف الجن بالشهب وآية ذلك على مبعثه صلى الله عليه وسلم ) ونص على ذلك البخاري في صحيحه .
وحين حيل بين الجن وخبر السماء احتاروا في أمرهم ، وعلموا أن شيئاً ما حدث على الأرض حال بينهم وبين الصعود في السماء ، فطافوا الأرض يلتمسون الخبر ، فوجدوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرأ القرآن في الصلاة ، فاجتمعوا يسمعون ،وعادوا إلى قومهم يتحدثون ، والقصة في البخاري ومسلم وفي كتب التفسير ، في تفسير سورة الجنِّ .وهذه هي الرواية من صحيح البخاري ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ ) .
الجنُّ رأت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلى فكادت تكون عليه لبدا { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً }[ الجن : 19] والجنُّ سمعت القرآن فتعجبت ووعَتْ الخطاب ومن ثمَّ آمنت وأسلمت ، وراحت تتكلم عن ما فيه كانت ، عن غفلتها ، وعن ضعفها ، وجهلها بما كان وبما سيكون ، وعن الضالين وقد خافوا منها فستعاذوا بها فزادتهم رهقا ، والسياق آخَّاذ لا يقدر علي صياغته جنٌّ ولا بشر ، واقرأ وتدبر : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً . وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً . وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً . وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً . وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً . وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً . وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً . وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً . وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً . وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً . وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً . وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً . وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً . وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً . وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً . لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً . وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً . وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً . قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً . قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً . قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً . إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً .حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً . قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً . عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً . إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً . لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً][ الجنّ :1ـ 28] .
يقول الكذاب اللئيم زكريا بطرس جعل للجن سورة كاملة من ثمان وعشرين آية ، وأن هذا يعكس اهتمام محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجن .!
وأقول : هذه هي سورة الجنّ ليس فيها تمجيد للجن كما يدعي الكذاب اللئيم زكريا بطرس ، بل إخبار عن حالهم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ، وحالِهم بعد أن سمعوا به وبما يتلوه من كتاب ربه ، وهذا خبرٌ لا يعلم به إلا ربهم الذي أرسل إلينا وإليهم محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو من جملة أخبار الغيب الدالة على نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ من كان يعلم هذا عن الجنّ ويخبر به إلا من علَّمه ربه ؟!.
وفي موضع آخر الجن تسمع القرآن وتعود إلى قومها ، وتدبر قولها : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ . قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ . يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } [ الأحقاف : 29 ـ 32 ]
يقولون الجن توحي إليه ، وها هي الجنُّ تتكلم بلسانها بأنها لم تكن تعلم شيئا عن القرآن حتى سمعته وحين سمعته رحلت مدهوشةً تتحدث بإعجابٍ وتفصيلٍ عن هذا النبأ العظيم ، تدعوا قومها للإيمان به .

و ( ليلة الجنّ ) التي يتكلم عنها ( بطرس ) نعرفها وخبرها صحيح ، ونصُّه ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ فَقَالَ عَلْقَمَةُ أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوْ اغْتِيلَ قَالَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَقَالَ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ قَالَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ ) .
ومن كذبه ـ قبَّحه الله ـ أنه يذكر ليلة الجن ، ولم يذكر ما دار فيها بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والجنّ ، سوى أنه أراهم أثار نارهم .ويحيل لرواية أبي داود ، والتي لم تذكر تفصيل ما حدث ، فقط يريد من المستمع أو القارئ أن يعرف أن كانت هناك ليلة للجن ، ثم بعد ذلك يفسر ما حدث هو في تلك الليلة من أمِّ رأسه .
والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الجن في ( ليلة الجن ) يقرأ عليهم القرآن ، ويُعلمهم ما لهم وما عليهم ، ما أُحلَّ لهم وما حُرِّم عليهم ، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ ) .
والجن تسأله عن ما أحل لهم من الطعام فيخبرهم بأنه العظم إذا ذكر اسم الله عليه وكلُّ بعرةِ علفٍ ، وهؤلاء هم المؤمنون من الجن ، الذي يأتمرون بأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وإلا فالعصاة يأكلون مما لم يذكر اسم الله عليه ، ولا يأتون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسألون .وقد عقد شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فصلا بعنوان (بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الإنس والجن ) .

ويحاول أن يربط بين غارِ حراء وحراء ، غارُ حراء الذي كان يتحنث فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وظهر له فيه جبريل ـ عليه السلام ـ ، وحراء التي التقى فيها الجن في ( ليلة الجن ) ، ليقول أن حراء والجن قرينان ، فكل ما في حراء جنٌّ ، وليس في حراء سوى الجنِّ . وهو كلام بعيد لا تبصره عين في كتاب ولا في واقع ، فالجن لم يكونوا في مكان واحد أبدا ، وجبريل ـ عليه السلام ـ ظهر في حِراء وفي غير ( حراء ) ، فلو كان جنّا ولو كانت حراء للجن والجن لحراء ما أتاه جبريل ثانية في غير حراء .
ونعم لكل واحد منا قرين من الجن ، يأمره بالسوء ، حتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ له قرين إلا أن الله أعانه عليه فأسلم . في الحديث ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ )
ولك أن تتعجب من هذا ـ أُكلِّمُ من يقرأ من النصارى ـ وليس لك أن تقول بقول ( بطرس الكذَّاب ) .. ليس لك أن تقول بأن قرين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، كان يوحي إليه ويعلمه ، فهذا لا دليل عليه ، ولا نجده في شريعتنا . بل نجد أن القرين يأمر بالسوء ، وقرينَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسلمَ فلم يعد يأمره بسوء ، وها هو نص الحديث بين يديك .

وقد كان الكفرة من الجن ( وهم الشياطين ) يكرهون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويعادونه كما يعاديه الكفرة من الإنس ، وكانوا في صفّ الكافرين ضد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين . .في كل المواقف كانت الشياطين في صفِّ الكافرين .
صفُّ المخالفين لله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التصور الإسلامي يتكون من الإنس والجن معا ، وهم يجادلون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه ومن تبعه ، وهم يقاتلون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه ومن تبعه ، هذا المعنى صريحٌ في القرآن العظيم ، قال تعالى : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام :من121] ، قال تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }[ الأنعام :112] ، وأخبر الله تعالى أن الكافرين اتخذوا الشياطين أولياء { إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }[ الأعراف : من 30 ] ، وأن الشياطين تؤزُّ الكافرين { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً }[ مريم : 83] .
وفي كل الأحداث الكبرى حضرت الشياطين مع الكافرين ضد المؤمنين ، في يوم ( بيعة العقبة الثانية ) حاول الشيطان إفشال البيعة ونادى قريشاً فتأخرت ولو أنها تعجلت لأفسدت ، و كبيرهم إبليس هو الذي حرَّض قريش وشجعها وما زال بها حتى خرجت يوم بدر تقاتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال الله تعالى : { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [ الأنفال : 48] ، وحضر الشيطان يوم أحد يؤز الكافرين ويخدع المؤمنين وخبره مشهور معروف ، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }[ آل عمران :155] .
بل تجرأ أحدهم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يصلي فحاول أن يفسد عليه صلاته ، في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إِنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ) .
والشيطان إذا سمع الآذان ولى هاربا وكذا عند الإقامة ، والشيطان يكره صلاتنا ، يغتاظ منها ويبذل كلَّ جهده كي يصرفنا عنها ويليهنا فيها ، في الحديث ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى ) ، ويبذل الشيطان كلَّ جهده ليفسد علينا الصلاة التي هي عماد الدين عندنا ، فيأتي أحدنا ويخيل له وكأن شيئا خرج من دبره حتى ينصرف عن الصلاة ، ونحن نستعيذ بالله من الشيطان حين نقرأ القرآن قال تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }[ النحل : 98]، ونسمي الله على كل شيء كي لا يشاركنا فيه الشيطان حين ندخل البيت لنطرد الشيطان ، ونسمي الله حين نأكل الطعام كي لا يأكل معنا الشيطان ، ونسمي الله حين يخلو أحدنا بزوجته كي لا ينظر إليها ويجامعها معه الشيطان وطلبا للذرية الصالحة ، والتسمية عندنا على كل شيء .
وأخبر سبحانه وتعالى أن الكافرين والشياطين لهم نفس المصير بعد الموت ، ولهم نفس الجزاء ، فهي جبهة مشتركة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً }[ مريم:68] ، وقال تعالى مخاطبا إبليس كبير الشياطين :{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص :85 ] ، { قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ }[الأعراف: 18] ، وقال تعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }[ السجدة : 13] وقال تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : من الآية119] .
فمن الشياطين الكافر ، ومن الشياطين المؤمن ، وكافرُ الشياطين عدو مبين ، نستعيذ بالله منه ، ونلعنه صباحا ومساءً وفي كل حين ، ومؤمنُ الشياطين متبع لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا أنه هو الذي أوحى لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. هذا ما نعرفه ، وهذا ما تتكلم به كتبنا ، وغير ذلك هو من تدليس المدلسين وكذب الكذّابين .
ـ والاستدلال بحال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين نزول الوحي عليه ، بأن الذي يأتيه جني أساسه كذبهم في الرواية ، فزكريا بطرس ـ أو من ينقل عنه وجل ما يتكلم به كلامه هو ـ أضاف لهيئة النبي صلى الله عليه وسلم ـ حين نزول الوحي أنه يكون سكرانا .. يرغي ويزبد ويرمى في الأرض حين يتنزل عليه الوحي ، وهذا كلامه هو ، وقد بينت ذلك في الجزء الأول من هذا البحث ، فلم يكن شيء من هذا يحدث لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين نزول الوحي عليه .

ويدل على ما سبق من قولي أشياء حدثت في الإسلام وحدثت في النصرانية ، منها :ـ
سحر النبي صلى الله عليه وسلم .
قصة الغرانيق العلى ، وآيات سورة الحج .
اختبار الشيطان للمسيح عليه السلام .
تسلط الشياطين على أنبياء العهد القديم

غير معرف يقول...

أولا : سحر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

في سحر الشياطين للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمارة على ما قدمت لك ، إذ أنه لو كان رسول الشيطان .. لو كان يتكلم بما تملي عليه الشياطين .. لما سحروه وآذوه . أليس كذلك ؟
ألا ترى أنه عجب أن يقال أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسول الشيطان ثم يقال سُحِرَ ؟
ليس عجبا فقط ، وإنما أمارة على التخبط والكذب .
يقولون نبي مسحور ، ويقولون تسلطت الشياطين عليه فتملكت منه وسحرته ، وكله مبالغات وكذبات كسيحات لا تبرح مكانها فتُفرح حبيبها أو تغيظ عدوها .

نعم سُحرَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحديث في البخاري ـ وهذا نصّه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ( سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلْتُ اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ )
وكانت مدة سحره أياما وليست شهورا ولا سنين ولا طيلة حياته كما يقولون ، الثابت أنها كانت أياما قليلة ، وأنها لم تَطَلْ جانب الرسالة في شخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما غاية ما حدث أنه كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله .. يخيل أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، أي يُخيل إليه أنه يستطيع أن يأتي النساء وحين يأتيهن لا يجد قوة على ذلك ، وهذا حال المسحور المعقود عليه ، لا يجد انتشارا حين يقرب النساء .
ولم يطل السحر شيئا من الوحي ، لم يؤثر السحر على الوحي ، فلم يُروَ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم هذي ـ ( من الهذيان ) أو قال شيئا من الوحي ثم اعتذر عنه بعد أن رُفع عنه السحر . فلم يؤثر السحر إلا على بدنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يدرِ أحد بسحره إلا أهل بيته ، بمعنى لم يتوقف تلق الصحابة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعاليمهم ، أو توقف هو عن الصلاة بالناس ، لم يحدث هذا ، كان نوع من المرض ، شعر به أهل بيته ، كما هو حال المربوط اليوم ، لا يدري به إلا أهل بيته .أو كما هو حال المسحور سحرا ما ، فليس كل من سحر يعرف الناس بسحره ، أو يؤثر سحره على سلوكه ؟ يكون السحر لشيء ما .. لمنعه من إتيان أهله ، أو لمنعة من مذاكرة درسه ، أو لمنعه من محبة فلان وجبره على محبة فلان . ولا يعلم به أحد إلا قريب معاشر ، فالسحر لا يعني ذهاب العقل .. نوع من المرض ، وهو ما حدث مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

 وفي سحر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمارات على النبوة :ـ
ـ منها طريقة الشفاء نفسها . خرَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لربّه ساجدا ،يناجي ربه ويسأله الشفاء فشفاه بملكين جاءاه وأخبراه عن مَنْ سَحره وأين دفن سحره وكيف يحل السحر . وهذه أمارة أخرى على نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يلجأ إلى ربه ويشفيه ربه ، إذ أنه شُفي من أثر الشيطان بدعاء ربه وليس بشيطانٍ آخر .
ـ ومنها علمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمرٍٍٍٍٍ مغيبٍ عنه ، وهو مَن سحره وأين وضع السحر .
ـ وظهر حسن خلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين دفن البئر ولم ينتقم من ساحره .
وهي مشيئة الله أن يبتلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشتى أنواع البلاء من مغالبة الشياطين .. السحر ومن مغالبة الإنس في الحروب والخروج من بلده مهاجرا إلى ربه ، ومن الأمراض التي تصيب الأبدان ، ومن مجانبة الصواب في بعض الأمور أحيانا مثل ـ كما في أسرى بدر ـ ليعلم الناس أنه بشر ، وليزداد ثوابه ، وتعظم منزلته عند الله بما يتحمل في سبيل تبليغ رسالات الله . إلا أن اجتهادات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما يحدث له من العوارض الدالة على بشريته لا تطال الوحي ، فالوحي معصوم . فلا يكبر في صدر أحد من المسلمين أن يصاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء من هذا ، فهو بشر ، وليس إلهاً ، والعصمة للوحي ، لما يبلغ عن ربه .

 وفي قرآن أن موسى عليه السلام خُيِّل إليه من سحر السحر أن عصيهم تسعى قال تعالى : { قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى }[طه:66] فها هو موسى أصابه سحر السحرة ـ سحر التخيل ـ فهل قيل أنه مسحور؟ هل يقدح هذا في نبوته ـ عليه السلام ـ ، وأيوب عليه السلام : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }[ص:41]

 والعجب كل العجب من أهل الكتاب وهم يستمسكون بما يفهمونه خطئا من مرض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سحره ، ويحاولون أن ينفون النبوة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه ؛ أيقدح عندهم في نبوة النبي أن يزني النبي بحليلة جاره وقائد جيشه كما يتكلمون عن داود ـ عليه السلام ـ ؟
أوَ يقدح عندهم في نبوة النبي أن يزني ببناته كما يتكلمون عن نوح ولوط ـ عليهما السلام ؟
أو يقدح عندهم في نبوة النبي أن تتسلط عليه الشياطين ؟! لا يقدح وقد تسلط الشيطان على عدد من الانبياء منهم المسيح وأيوب وغيرهما ـ عليهم السلام ـ ، وسيأتي في نهاية هذا الفصل مزيد بيان .
إن ما يتكلمون به ـ على فرض حدوثه جدلا وهو لم يحدث لا نسلم بحدوثه أبدا ولكن من باب التنزل في الخصومة ـ لا ينافي النبوة عندهم في دينهم ، فأمرُّ منه ـ وهو الزنى والعري وغير ذلك ـ لا يذهب بنبوة النبي عندهم . فلا ندري لم يقفون هنا ؟ ولا ندري لم يحاكموننا إلى ما لا يصح في ديننا ؟ ولا ندري لم يتغافلون عن أن مقاييس النبوة التي وضعوها هم تنطبق على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ! ألا ترى أنها نفوس مريضة تبحث عن شيء تصد به الناس عن دين الله ؟

قصة الغرانيق العلى ؟

يدعي ( بطرس ) أن هذه القصة وضعت القرآن في محنة كبيرة ، وأنها دلت على تحريف القرآن ، بل وكذبه ، ذلك أن القرآن تحدى الإنس والجن على أن يأتوا بمثله { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }[ الإسراء : 88] ،يقول وقد أتى الشيطان بمثله في قصة الغرانيق العلى .!!
ويستدل بالقصة على مداهنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبدة الأوثان من مشركي مكة ، ويستدل بالقصة على تسلط الشياطين على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أنها تتكلم بلسانه ، ويستدل بالقصة على أن القرآن وحي الشيطان وليس وحي الله .!!

ويستدل على القصة بأنها وردت في كل كتب المسلمين ويحكي إجماع الأمة على قصة الغرانيق وأن علماء الإسلام شهدوا بأن الشيطان قد أتى بسورة من القرآن ، يذكر صراحة النسفي والألباني في كتابه ( نصب المجانيق ) ، ووالله لا أدري كيف يتجرأ على الكذب هكذا ؟
كتاب الألباني الذي يشير إليه ( نصب المجانيق ) صنفه الشيخ من أجل إثبات عدم صحة قصة الغرانيق ، والشيخ الألباني محدث العصر ، واسم الكتاب كاملا ( نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق ) . وعلماء الإسلام الذين نعرفهم والذين يسميهم هو اشتد نكيرهم على القصة متنا وسندا .
أرأيت أكذب من بطرس ؟!
لا يعنيني هنا إثبات كذبه فقد فرغت منه في الجز الأول ، ولكن استوقفتني هذه الجرأة العجيبة على الكذب ، فلم أستطع غض الطرف عنها ، والمرور من جانبها دون الوقوف عليها .
القصة لا تصح لا متنا ولا سندا وقد أكثر علماء المسلمين في التكلم عن عدم صحة هذه القصة أنكروها سندا ، وأنكروها متنا .ولم يقل أحد أبدا أن الشياطين تكلمت على لسان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، غير المرتدين والكافرين .
الإشكال يأتي من ضم آية الحج {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ الحج :52] إلى قصة الغرانيق المفتراة هذه .
هم يقولون أن قصة الغرانيق سبب لنزول هذه الآية ، وابن كثير والقرطبي والطبري والشوكاني والشنقيطي وابن حزم والفخر الرازي كلهم ينكرون ، ويشتدون في النكير على من قال بقصة الغرانيق العلى أو قال بأنها سبب لنزول هذه الآية .
وإن سلمنا جدلا أن قصة الغرانيق ثابتة ، وأنها سبب في نزول هذه الآية ، و أن الشيطان ألقى في أمنية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماذا في هذا ؟!
أفي هذا شيء؟ ، أفي هذا دليل على أي شيء مما يستنتجونه ؟!
أبدا .
الإشكال في الفهم الخاطئ لكلمة (أُمْنِيَّتِه ) الواردة في آية الحج ، (أُمْنِيَّتِه ) تعني قراءته ، ولذا تجد من أورد الرواية أورد فيها أن المشركين هم الذين سمعوا هذه الكلمات ( تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي ) ، أما المسلمون فلم يسمعوها ، فالشيطان يلقي في أسماع أوليائه من المشركين حين يتكلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .وفي هذا دليل بيَّن على عداوة الشيطان للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحرصه الشديد على النكاية بالدعوة الإسلامية . وفي نسخ ( محو ) ما تكلم به الشيطان في أسماع الكافرين أمارة على أن الدين محفوظ ، وأن شيئا من الخطأ لم يقر . وأن شريعة نقية ؛ وأمارة أخرى على صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يبلغ عن ربه ( فإذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن نفسه إن الثاني هو الذي من عند الله وهو الناسخ وإن ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك كان أدل على اعتماده للصدق وقوله الحق ، وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها : لو كان محمد كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) ألا ترى أن الذي يُعظم نفسه بالباطل يريد أن ينصر كلَّ ما قاله ولو كان خطأَ فبيان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الله أحكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان هو أدلُّ على تحريه للصدق وبراءته من الكذب ، وهذا هو المقصود بالرسالة فإنه الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولهذا كان تكذيبه كفرا محضا بلا ريب )

غير معرف يقول...

ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله .

نصوص الشريعة بعضها مُحكم ، يعرف معناه دون الرجوع لغيره ، وهو الكثير الغالب في القرآن الكريم ، قال الله تعالى : { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ }[ آل عمران : من الآية 7 ] وبعضها متشابه إضافي ( ويقال له أيضا محكم إضافي ) لا يعرف معناه إلا بغيره مثل المطلق مع مقيدة والمجمل مع مفصله والعام مع مخصصه والمنسوخ مع ناسخة ، وبعضها متشابه حقيقي لا سبيل للوصول إلى معناه وهو قليل نادر ، لا يتعلق به حكم شرعي ، وليست فيه أخبار عن السابقين ولا اللاحقين ، مثل الحروف المقطعة في فواتح بعض السور .
وقريب من هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :( الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ) .
فهناك أمور حدثت وأمور شرعت وأخبار تُلِيَتْ متشابه تحتاج لبيان أو لا تتضح مع البيان ، ومنها إلقاء الشيطان في قراءة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والعلة في ذلك مذكورة في ذات السياق { لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ . وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } [ الحج 53 ـ 54 ] .
أي أن هذا يحدث ليُظهر الله للناس الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم .. الظالمين .. الذين هم في شقاق بعيد .ويحدث هذا ليظهر الله للناس إيمان المؤمنين المخبتين الذين هداهم الله إلى صراطه المستقيم .
وتجد هذه العلة دائرة مع ذكر المتشابه في القرآن الكريم ، في سورة البقرة بعد أن نص على أن من القرآن المحكم ، وأنه أم الكتاب ، وأن منه المتشابه ، أخبر أن الذين في قلوبهم زيغ هم الذين يتبعون المتشابه ، قال تعالى : { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }[ آل عمران : 7 ] وتلا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الآية ثم قال ( فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فإولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم ) . فلاحظ أن الذين يتبعون المتشابه هم الذين في قلوبهم مرض ، وسبب ذلك ـ كما تنص الآية ـ ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله
وسألت يهود رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن خزنة النار ، يريدون حديثا عن غيب ، كي يعرفوا أنه نبي يوحى إليه ، فأجابهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما يوافق ما في أيديهم من الكتاب . ونزل القرآن يهدد الوليد بن المغيرة ـ الذي فكر وقدر وقال إن هذا إلا سحر يؤثر واغتر بالبنين الشهود والمال الممدود ـ ويجيب اليهود: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَر . لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ . لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ . عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) { المدثر : من الآية 26 ـ 30}
سمع أبو جهل الآيات فعَمِي عن أنها (لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ ) ، وعَمِي عن أن العدد بلا تميز ، وهو أسلوب ترهيب وتهويل ، وأخذته الجهالة فظن أنهم بشر مثله ، ونادي في قومه : يا معشر قريش ما يستطيع كل عشرة منكم أن يغلبوا واحدا من خزنة النار وأنتم الدَّهْم ؟ فصاحبكم يحدثكم أن عليها تسعة عشر . ؟
وتَحَمَّسَ كِلْدَة الْجُمَحِيّ (أبو الْأَشَدّ ) ، وقال : يا معشر قريش اكفوني منهم اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر .!!
وجاءت الآيات تبين أن ذكر العدد ـ بلا تميز هكذا ـ جاء ليفضح الله به أصحاب القلوب المريضة ، وليستيقن اليهود من أن هذا نبي يوحى إليه ، ويزداد الذين آمنوا إيمانا . قال الله : {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ } [المدثر: 31]
ولم يَرُقْ لمجموعة من المنافقين ذكرُ الذباب والعنكبوت في القرآن الكريم فقالوا متعجبين : ما بال الله يتكلم بهذا الكلام لو كان القرآن من عند الله لما ذكر فيه مثل هذه الأشياء ــ الذباب والعنكبوت ــ فأنزل الله {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ }[ البقرة : 26] .
فذكر الذباب والعنكبوت يضل الله به كثيرا ويهدي به كثيرا . ولكن من يُضل ؟ إنهم الفاسقون .
ومثله : {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }[ الإسراء:60]

وفي القرآن شواهد كثيرة تبين أن الله سبحانه وتعالى ينزل من الآيات ويشرع من الأحكام ما يُظهر به فساد القلوب الفاسدة أصلا التي لا تظهر إلا بهذه الآيات و تلك الأحكام .
وشيء آخر ، هو أن الذين في قلوبهم مرض ليس فقط يتبعون المتشابه بل يفتعلونه إن لم يجدونه ، فمذهبهم ( الاعتقاد ثم الاستدلال ) ، ويفتعلون المتشابه ، عن طريق بتر النص ، أو بعدم الجمع بين أطراف الأدلة ، أو إهمال الدليل المضاد ، أو استخدام مقدمات عقلية أو عرفيه لفهم النصوص مستغلين في ذلك جهالة المستمع . وهذا بيِّن جدا في الكذاب اللئيم زكريا بطرس ، ومن لفَّ لفه .
لماذا هذا الاسترسال ؟
يضيق صدر بعضهم ببعض الأمور التي لم يأت فيها الشرع ببيان شافٍ ، مثل قصة الغرانيق العلى ، ومثل ( سحر النبي ) ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعض الأحكام في الشريعة ، وود أنها لم تكن ... أن نزل فيها بيانا شافيا ، ونقول لهؤلاء أرح قلبك وعقلك ، ولا عليك سوى بيان الحق للناس ، فالأمر مرده للقلوب لا للنصوص .. الخلل في النفوس وليس في النصوص ، وقد كانت نفس الآيات تتلى على الجمع الواحد فيهتدي بها قوم ويضل بها قوم ، ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) [ التوبة : 124ـ 125 ) .
وإذا كان الأمر مرده للقلوب ، وإذا كانت هناك نفوس مريضة لا تزداد على سماع الحق إلا ضلالا وعمى فعلينا أن نبين الحق ، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . قال الله "كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [ الأعراف : 2] ، وعلينا أن نشير لكل من جادل في المتشابه أو افتعله ، من الكافرين أو الفاسقين ، بأن الله قد نبأنا من أخبارهم وأنهم هم الذين في قلوبهم زيغ . الذين يجادلون ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله

غير معرف يقول...

: أنبياء الله والشيطان في الكتاب المقدس .

هكذا حال الأنبياء مع الشيطان من يوم كان ، فهو عدو مبين لكل المصلحين ، ونجد في الكتاب المقدس ( لوقا : 4 ) أن المسيح ـ عليه السلام ـ لم يَسْلَمْ هو الآخر من كيد الشيطان ، ففي الكتاب ( المقدس ) أن الشيطان تملك من المسيح وصار به أربعين يوما في البرية يصعد به جبالا وينزل به أودية ، ويدخل به ( أورشليم ) ويخرج به للبرية ، ويأمره بالسجود له ( للشيطان ) ويُمَنْيه بممالك العالم ، أربعين يوما ، ولم نجد مثل هذا مع النبي ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ فحين تفلت عليه وأراد أن يقطع عليه الصلاة .. فقط أراد أن يقطع عليه الصلاة أخذه وربطه ، ثم تركه تكرما منه وتفضلا ، وتجملا مع نبي الله سليمان عليه السلام .
فهذا المسيح يتعرض له الشيطان ، ليس فقط للحظات بل يقتادته ويسرح به حيث شاء أربعين يوما أو يزيد ، أسر كامل من الشيطان للمسيح ـ عليه السلام ـ ، ويقولون إله !!.
ونسأل كيف يأمر الشيطان الرب بأن يسجد له ؟

وليس فقط المسيح ـ عليه السلام ـ بل ونفر كثير من أنبياء الله في الكتاب المقدس ، تعرض لهم الشيطان ولم ينتصروا عليه بل أغواهم . على سبيل المثال لا الحصر:
دواد عليه السلام : جاء في سفر أخبار الأيام الأولى [ 21 : 1 ] :( وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ )
وجاء في سفر أيوب الإصحاح الأول والثاني أمر في منتهى العجب ، الشيطان يفد بين يدي الرب مع عباده ، والرب يسلم أيوب للشيطان ، والنص يقول في العدد 12 من سفر أيوب الإصحاح الأول : ( فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ». ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ ) ، وفي الإصحاح الثاني من ذات السفر ـ سفر أيوب ـ العدد الثالث نجد أن الشيطان يهيج الرب على أيوب 3 فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ، وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ».
.وفي الفقرة السابعة نجد أن الشيطان يصيب أيوب بمرض من قدمه إلى رأسه اسمع : (7 فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ الرَّبِّ، وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ ) كما يقول كاتب السفر.

وفي سفر زكريا الإصحاح الثالث نقرأ أن الشيطان كان بجوار نبي الله ( يهوشع ) وهو يخاطب الملاك ويقاومه ، يقول كاتب السفر : (1 وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِمًا قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ، وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ) .

وهذا بخلاف ما فعله الأنبياء من معاصي ـ بزعم الكتاب ( المقدس ) ـ بإغواء الشيطان لهم من زنى وتطاولٍ على رب العالمين . وغير ذلك مما ذكرتُ في الفصل الأخير من الجزء الأول من هذا البحث .

وفي لوقا 22: 3 ، دخل الشيطان في يهوذا الاسخريوطي ، وهو من جملة التلاميذ الإثنى عشر ، وكيف يكون هذا ، وهو ممتلئ بروح القدس ( اقنوم الله الثاني ) هل يستطيع الشيطان ان يطرد الروح القدس ؟