أحضر سلة ..... ضع فيها أربع تسعات ..... ضع صحفاً منحلة ..... ضع بوقاً ، ضع طبلة ..... ضع قفلاً وتذكر قفله ..... ضع شمعاً أحمر ..... ضع حبلاً ..... ضع سكيناً ، ضع كلباً يعقر بالجملة ، يسبق ظله .. يلمح حتى اللا أشياء ، يسمع حتى ضحك النملة ، وتأكد من غلق السلة ........أحضر كرسياً واقعد .....
فلقد صارت عندك دولة !!!!
بهذه الكلمات البسيطة المهذبة الرائعة عبر الشاعر الموهوب أحمد مطر عن فكرة كانت تراوده أراد أن يوصلها للناس ووصلت من خلال تعبيراته البسيطة .
ولكن لفترة غير وجيزة بلغ مني التفكير مبلغه ، وكنت أقول بيني وبين نفسي هل من الممكن أن تصل الخيالات ببعض الأفراد لهذه الدرجة ، وهل تصور لهم أوهامهم حقاً أنهم أصحاب دولة تملكها آبائهم كما تتملك زوجاتهم عقود اللؤلؤ والمرجان ، فضاعت منهم وعليهم استردادها ، حينما يسبحون في أوهام وضلالات ، ويحلمون بتاريخ مضى وفات ، وبأمجاد ما صنعتها أيديهم ، وبأقدار ما نسجتها أفعالهم ، حينما ترتاح ظهورهم على أريكة من حرير ... مسندين أيديهم خلف رؤؤسهم ، ومغمضين أعينهم ... مطلقين آذانهم لسماع ألوان شتى من الموسيقى ووقتها تراودهم أفكاراَ شيطانية ... أنها حتماً ستكون لهم دولة .
ليست كدولة مطر ولكنها دولة كبيرة مترامية الأطراف ، اسمها الحقيقي
(الأرض القبطية المحتلة ) المعروفة مجازاً بعد سرقتها باسم ( مصر ) ....
حينما يكونوا على تمام اليقين من أنهم أصحاب أرض أصلية ونحن المسلمين العرب المغتصبين الغزاة ، حينما تنجلي في باطن أعماقهم فكرة طرد كل مسلم إلى موطنه الأصلي أرض الجزيرة العربية .
يبدوا أن الأمر أصبح أكثر تعقيداً ، فلقد رسموا حدوداً للدولة ، ورسموا على القماش علماً للدولة ، واختاروا نشيداً وطنياً للدولة سرقوا ألحانه من عبد الوهاب ، ووضعوا نصب العين طمس هوية الغازي المعتدي الأثيم ، إنهم المسلمين الإرهابيين الذين جاءوا من أرض العرب وسرقوا الأرض القبطية فصارت محتلة .
يا سادة لقد صنعوا حقاً في الحلم دولة . ويشدوا مراسلهم قائلاً :
أحييكم من الأرض القبطية المحتلة .
وعلى ذلك يكون الأمر ليس كما صوره مطر أحضر سلة وضع فيها صحفاً منحلة . بل لابد وأن تكون :
احضر مكتب
ضع فيه حاسوباً عالي الرامات
ضع فيه وصلة نت هائلة السرعات
أحضر لاقط
أحضر سماعة
كي تتكلم يسمعك الباعة
ثم احضر كرسياً وتمطع
واصنع في الشبكة موقع
اشتم فيه وتنطع ، ثم اشتم .. برطع
ثم اشرب واسكر
لكن ..
احذر !!!
احذر أن تشتم غير الإسلام
أو أن تظلم غير الأعلام
احذر أن تصغ لغير الأقزام
لا تهفو لغير الشيطان
أسيادك لا تنس جد لئام
لا تنس يا هذا تقبيل الأقدام
اصرخ ... ازعق
فلينبح صوتك بالبهتان
ولتنطق جوراً.. أنت جبان
أشعل في الأرض النيران
أرسل للناس الأحزان
لا تنس تسميم الأبدان
وارسم في صفحة وورد ... خريطة أرض الأحلام
قلها عاليةً لا تخشى
هي أرض قبطية محتلة
قل واخرج ما في قلبك غله
أكثر للطين البله
حسبك !!! ...
لا تنس أن تجمع حولك شلة
اخترهم بعناية ودقة
واجمعهم عندك في الغرفة
وأغلق باب الغرفة
واحكم غلقه
أدر الدفة
وزع أدواراً وهمية
وارسم خطاً أفقياً
لقيام الدولة القبطية
لا تخش هجوم الدورية
تفحص في وجه الشلة
واخترهم أعواناً في الدولة
من يشتم أكثر
من ينهق أكثر
من ينبح أكثر
انظر ...
هذا شتام سباب
لا يدخل أبداً من باب
مهووس بالزيف الكذاب
ديدنه الغش ... لا يعرف غيره
وهذا سكير عربيد
مهووس بالجنس .. لا تأمن شره
وذاك نصاب محتال ..
لا يعرف عماً ولا خال
يتفنن في جمع المال
لا يخش القيل والقال
لا تنس !!!
لا تنس طيران العال
اشتم أكثر .
أصرخ أكثر .
فأرضك محتلة
لا تهفوا لنصح الناس المختلة
لا تنس توزيع الغلة
لا تنس أن تحضر قلة
لالا لا تشرب منها
اكسرها خلف الشلة
وعطر جو الغرفة
نم واهنأ ... طب بالاً
يا زعيم الأمة المحتلة
فلقد صارت عندك دولة !!!!
بهذه الكلمات البسيطة المهذبة الرائعة عبر الشاعر الموهوب أحمد مطر عن فكرة كانت تراوده أراد أن يوصلها للناس ووصلت من خلال تعبيراته البسيطة .
ولكن لفترة غير وجيزة بلغ مني التفكير مبلغه ، وكنت أقول بيني وبين نفسي هل من الممكن أن تصل الخيالات ببعض الأفراد لهذه الدرجة ، وهل تصور لهم أوهامهم حقاً أنهم أصحاب دولة تملكها آبائهم كما تتملك زوجاتهم عقود اللؤلؤ والمرجان ، فضاعت منهم وعليهم استردادها ، حينما يسبحون في أوهام وضلالات ، ويحلمون بتاريخ مضى وفات ، وبأمجاد ما صنعتها أيديهم ، وبأقدار ما نسجتها أفعالهم ، حينما ترتاح ظهورهم على أريكة من حرير ... مسندين أيديهم خلف رؤؤسهم ، ومغمضين أعينهم ... مطلقين آذانهم لسماع ألوان شتى من الموسيقى ووقتها تراودهم أفكاراَ شيطانية ... أنها حتماً ستكون لهم دولة .
ليست كدولة مطر ولكنها دولة كبيرة مترامية الأطراف ، اسمها الحقيقي
(الأرض القبطية المحتلة ) المعروفة مجازاً بعد سرقتها باسم ( مصر ) ....
حينما يكونوا على تمام اليقين من أنهم أصحاب أرض أصلية ونحن المسلمين العرب المغتصبين الغزاة ، حينما تنجلي في باطن أعماقهم فكرة طرد كل مسلم إلى موطنه الأصلي أرض الجزيرة العربية .
يبدوا أن الأمر أصبح أكثر تعقيداً ، فلقد رسموا حدوداً للدولة ، ورسموا على القماش علماً للدولة ، واختاروا نشيداً وطنياً للدولة سرقوا ألحانه من عبد الوهاب ، ووضعوا نصب العين طمس هوية الغازي المعتدي الأثيم ، إنهم المسلمين الإرهابيين الذين جاءوا من أرض العرب وسرقوا الأرض القبطية فصارت محتلة .
يا سادة لقد صنعوا حقاً في الحلم دولة . ويشدوا مراسلهم قائلاً :
أحييكم من الأرض القبطية المحتلة .
وعلى ذلك يكون الأمر ليس كما صوره مطر أحضر سلة وضع فيها صحفاً منحلة . بل لابد وأن تكون :
احضر مكتب
ضع فيه حاسوباً عالي الرامات
ضع فيه وصلة نت هائلة السرعات
أحضر لاقط
أحضر سماعة
كي تتكلم يسمعك الباعة
ثم احضر كرسياً وتمطع
واصنع في الشبكة موقع
اشتم فيه وتنطع ، ثم اشتم .. برطع
ثم اشرب واسكر
لكن ..
احذر !!!
احذر أن تشتم غير الإسلام
أو أن تظلم غير الأعلام
احذر أن تصغ لغير الأقزام
لا تهفو لغير الشيطان
أسيادك لا تنس جد لئام
لا تنس يا هذا تقبيل الأقدام
اصرخ ... ازعق
فلينبح صوتك بالبهتان
ولتنطق جوراً.. أنت جبان
أشعل في الأرض النيران
أرسل للناس الأحزان
لا تنس تسميم الأبدان
وارسم في صفحة وورد ... خريطة أرض الأحلام
قلها عاليةً لا تخشى
هي أرض قبطية محتلة
قل واخرج ما في قلبك غله
أكثر للطين البله
حسبك !!! ...
لا تنس أن تجمع حولك شلة
اخترهم بعناية ودقة
واجمعهم عندك في الغرفة
وأغلق باب الغرفة
واحكم غلقه
أدر الدفة
وزع أدواراً وهمية
وارسم خطاً أفقياً
لقيام الدولة القبطية
لا تخش هجوم الدورية
تفحص في وجه الشلة
واخترهم أعواناً في الدولة
من يشتم أكثر
من ينهق أكثر
من ينبح أكثر
انظر ...
هذا شتام سباب
لا يدخل أبداً من باب
مهووس بالزيف الكذاب
ديدنه الغش ... لا يعرف غيره
وهذا سكير عربيد
مهووس بالجنس .. لا تأمن شره
وذاك نصاب محتال ..
لا يعرف عماً ولا خال
يتفنن في جمع المال
لا يخش القيل والقال
لا تنس !!!
لا تنس طيران العال
اشتم أكثر .
أصرخ أكثر .
فأرضك محتلة
لا تهفوا لنصح الناس المختلة
لا تنس توزيع الغلة
لا تنس أن تحضر قلة
لالا لا تشرب منها
اكسرها خلف الشلة
وعطر جو الغرفة
نم واهنأ ... طب بالاً
يا زعيم الأمة المحتلة
هناك ٨ تعليقات:
(((((((((((((((((((((((((((خواطر كاذبة للنصاري))))))))))))==== ==نصارى المهجر فى الأسبوع الماضى برسالة مشباكية (مكتوبة بلغة إنجليزية لا بأس بها، وإن لم تخل من الأخطاء) يعقّب فيها على مقالى: "إعلان سيد القمنى الاعتزال: خواطر وتساؤلات"، الذى نُشِر بجريدة "الشعب" الضوئية يوم الجمعة الموافق 20/ 8/ 2005م، لكنه ترك تقريبا كل ما قلته فى مقالى المشار إليه فلم يردّ على شىء منه، اللهم إلا ما كتبته عن المعجزات وأن غيابها عن النسق العقيدى عندنا لا يضر الإسلام فى شىء، ورغم هذا جاء تناوله للموضوع على نحو لم أجد معه داعيا إلى الخوض فيه كَرّةً أخرى، وبخاصة أنه لم يحقِّق جيدا ما كتبته فى هذه النقطة. ثم ثنَّى فتحدَّى المسلمين أن يستطيعوا الرد على ما يوجَّه للقرآن من انتقادات علمية منها ما يتعلق مثلا بما جاء فى الآية 86 من سورة "الكهف" عن ذى القرنين ومشاهدته الشمس وهى تغرب فى عين ماء، مما يخالف حقائق علوم الفلك كما قال. وفى نهاية الرسالة لم ينس أن يرجو لنا أن نفيق من الغاشية التى تطمس على أبصارنا منذ أربعة عشر قرنا من الظلام وأن نعود إلى المسيح بعد أن بيَّن لنا هو وأمثاله مقدار الجهل الكبير الذى يتصف به الله ومحمد حسبما قال. يا شيخ، فأل الله ولا فألك! أتريدنا أن نرتد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ونعود إلى العصر الحجرى فى مسائل العقيدة والعبادة، ونترك التوحيد إلى التثليث، وندع الاحترام والتقدير العظيم الذى نكنّه فى أعماق قلوبنا للسيد المسيح عليه السلام بوصفه رسولا وجيهًا فى الدنيا والآخرة ومن المقرَّبين ونتخذه وثنا نشركه مع الله سبحانه وتعالى كما يفعل الكافرون؟ ألم تقرأ قول الحق تبارك وتعالى: "وقالت اليهود: عُزَيْرٌ ابنُ الله، وقالت النصارى: المسيحُ ابنُ الله! ذلك قولهم بأفواههم، يضاهئون قول الذين كفروا من قبل. قاتلهم الله! أَنَّى يُؤْفَكون؟" (التوبة/ 30)؟ لا يا عم، يفتح الله! خّلِّك فيما أنت فيه، ولْنَبْقَ نحن أيضا فى النور والهدى الذى أكرمنا الله به على يد سيد النبيين والمرسلين، صلَّى الله وسلَّم عليه وعليهم أجمعين. وقد كتبتُ هذه الكلمة على الطائر وأنا على جناح سفر، ولم يرنِّق النوم فى عينى طوال الليل إلا لساعة أو أقلّ دون سببٍ واضح، فلم يتسنّ لى تدقيق مراجعتها، ولعلى لم أخطئ فيها أخطاء فاحشة، وإلا فإنى أعتذر مقدما من الآن.
والآية التى يشير إليها صاحب الرسالة هى قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ (أى ذو القرنين) مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا...". وأَدْخُل فى الموضوع على الفور فأقول: من المعروف فى كتب اللغة أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، بمعنى أن هناك توسعا فى استعمالها، بل إن فى اللغة توسعات كثيرة فى غير حروف الجر أيضا، وإن لم تكن هذه التوسعات دون ضوابط حتى لو لم نستطع فى بعض الأحيان أن نتنبه لها، أو على الأقل حتى لو لم نتفق عليها. وقد تُسَمَّى هذه التوسعات بــ"المجاز"، وهو ما يعنى أن الكلام لا ينبغى أن يؤخذ على ظاهره أو حرفيته. وهذا، كما سبق القول، معروف عند دارسى اللغات. ولْنأخذ حرف الجرّ "فى" (الموجود فى الآية) لنرى ماذا يقول النحاة فى استعمالاته: فهم يقولون إنه يُسْتَخْدَم في عشرة معانٍ: الأول: الظرفية، زمانًا أو مكانًا، حقيقةً أو مجازًا، ومن الزمانية: "حضرتُ إلى الاجتماع فى العاشرة مساء"، ومن المكانية: "سكنتُ فى هذا البيت أعواما طوالا". الثاني: المصاحبة، نحو قوله تعالى: "ادخلوا فى أُمَمٍ"، أى بمصاحبتها (الأعراف/ 38). الثالث: التعليل، نحو: "فذلكم الذى لمتُنَّنى فيه"، أى بسببه (يوسف/ 32). الرابع: الاستعلاء، نحو قوله تعالى: "ولأُصَلِّبَنَّكم فى جذوع النخل"، أى عليها (طه/ 71). الخامس: مرادفة الباء، نحو: "فلان بصير فى الموضوع الفلانى"، أى بصير به. السادس: مرادفة "إلى" نحو قوله تعالى: "فرَدّوا أيديهم فى أفواههم"، أى مَدَّ الكفار أيديهم إلى أفواه الرسل ليمنعوهم من الدعوة إلى الهدى والنور (إبراهيم/ 9). السابع: مرادفة "مِنْ". الثامن :المقايسة، وهي الداخلة بين مفضولٍ سابقٍ وفاضلٍ لاحقٍ، كما فى قوله سبحانه: "فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل"، أى أن متاع الحياة الدنيا بالقياس إلى الآخرة قليل (التوبة/ 38). التاسع: التعويض، كما فى قولنا: "دفعتُ فى هذا الكتاب عشرين جنيها". العاشر: التوكيد، وأجازه بعضهم في قوله تعالى: "وقال: اركبوا فيها"، أى أن الركوب لا يكون إلا فى السفينة، ولذلك لا ضرورة للنص على ذلك إلا من باب التوكيد (انظر فى ذلك مثلا "مغنى اللبيب" لابن هشام).
وفى القرآن الكريم نقرأ قوله عز وجل: "يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت" (البقرة/ 19)، والمقصود أن كلا منهم يضع طرف إصبع واحدة من أصابعه عند فتحة الأذن، لا فى داخلها. ونقرأ: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة" (البقرة/ 30)، وطبعا لم يجعل المولى الإنسان خليفة فى الأرض، أى فى باطنها، بل على سطحها. ونقرأ: "وأُشْرِبوا في قلوبهم العِجْل بكفرهم" (البقرة/ 93)، وليس المقصود العجل نفسه بل عبادته، وهى لا تُشْرَب ولا تدخل فى القلب بالمعنى الذى نعرفه. ونقرأ: "قل: أتحاجّوننا في الله، وهو ربنا وربكم" (البقرة/ 139)، أى أتحاجّوننا بشأن الله؟ ونقرأ: "قد نرى تقلُّب وجهك في السماء، فلنولينَّك قِبْلَةً ترضاها" (البقرة/ 144)، أى صوب نواحى السماء، وليس فى السماء فعلا. ونقرأ: "ليس البِرَّ أن تُوَلُّوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب، ولكن البِرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حُبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب" (البقرة/ 177)، والإنسان لا ينفق ماله فى الرقاب، بل يعتق به الرقاب. ونقرأ: "يا أيها الذين آمنوا، كُتِب عليكم القِصَاص في القتلى" (البقرة/ 178)، أى مقابل جريمة القتل وتعويضا لأهل القتيل. ونقرأ: "وإذا تولَّى سَعَى في الأرض ليُفْسِد فيها" (البقرة/ 205)، أى فوقها. ونقرأ: "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُلَلٍ من الغمام والملائكةُ وقُضِيَ الامر؟" (البقرة/ 217)، أى يقع بهم عقاب الله فى هيئة ظلل من الغمام. ونقرأ: "والذين يُتَوَفَّوْن منكم ويَذَرُون أزواجا وصيةً لأزواجهم متاعًا إلى الَحْول غيرَ إخراج. فإن خرجن فلا جُناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف" (البقرة/ 234)، أى فعلن بأنفسهن. ونقرأ: "وكتبنا له في الألواح من كل شيءٍ موعظةً وتفصيلاً لكل شيء" (الأعراف/ 145)، أى على الألواح. ونقرأ: "وإذ يُريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقلِّلكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا" (الأنفال/ 44)، أى أمام أعينكم وأعينهم. ونقرأ: "يا أيها النبي، قل لمن في أيديكم من الاسرى: ..." (الأنفال/ 70)، ولا يمكن إنسانا أن يكون فى يد إنسان آخر بالمعنى الحرفى كما هو واضح. ونقرأ: "الذين كانت أعينهم في غطاءٍ عن ذِكْرِي" (الكهف/ 101)، والعيون لا تكون فى الغطاء، بل تحت الغطاء. ونقرأ: "وأَذِّنْ في الناس بالحج يأتوك رجالا" (الحج/ 27)، أى أذِّن بحيث يسمعك الناس. ونقرأ: "... وتقلُّبك في الساجدين" (الشعراء/ 219)، أى معهم. ونقرأ: "فإذا أُوذِيَ في الله جَعَل فتنة الناس كعذاب الله" (العنكبوت/ 10)، أى أُوذِىَ بسبب إيمانه بالله. ونقرأ: "لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ: جنتان عن يمينٍ وشِمال" (سبأ/ 15)، والجنتان لم تكونا فى مساكن سبإ، بل حولها أو قريبا منها. "أَوَمَنْ يُنَشَّا في الحِلْيَة وهو في الخصام غير مُبِين؟" (الزخرف/ 18)، والنساء لا ينشأن فى الحلية بل مرتديات لها ومستمتعات بها. ونقرأ: "إن المتقين في جنّات ونَهَر" (القمر/ 94)، والمتقون فى الآخرة سيكونون فعلا فى الجِنَان، لكنهم بكل تأكيد لن يكونوا فى الأنهار، بل ستجرى الأنهار فى الجِنَان. ونقرأ: "في سِدْرٍ مخضود" (الواقعة/ 28)، وهم لن يكونوا فى الجنة فى شجر السِّدْر، بل سيأكلون منه. ونقرأ: "أولئك كَتَب في قلوبهم الإيمان" (المجادلة/ 22)، ولا كتابة فى القلوب بالمعنى الظاهرى بطبيعة الحال ولا حتى فوقها. ونقرأ: "ثم في سلسلةٍ ذَرْعُها سبعون ذراعا فاسلكوه" (الحاقة/ 32)، أى اربطوه بها. ونقرأ: "في جِيدها حبلٌ من مَسَد" (المسد/ 5)، أى حَوْل جيدها... وهكذا.
وفى الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى أمثلة كثيرة على ما نقول، وهو أمر طبيعى، فهذه هى طبيعة اللغة، سواء فى كتاب الله أو فى كلام أهل الكتاب أو فى أى كلام آخر. وهذه بعض الأمثلة من الكتاب المذكور: " كل شجر البرية لم يكن بعد في الارض" (تكوين/ 2/ 5)، " وكان قايين
عاملا في الارض" (تكوين/ 4/ 2)، "واما نوح فوجد نعمة في عيني الرب" (تكوين/ 6/ 8)، " كان نوح رجلا بارا كاملا في اجياله" (تكوين/ 6/ 9)، "تنجح طريقي الذي انا سالك فيه" (تكوين/ 24/ 42)، "فوضعت الخزامة في انفها" (تكوين/ 24/ 47)، "فاحب اسحق عيسو لان في فمه صيدا" (تكوين/ 25/ 28)، "فتعاظم الرجل وكان يتزايد في التعاظم" (تكوين/ 26/ 13)، "فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما انا آمرك به" (تكوين/ 27/ 8)، "ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الارض" (تكوين/ 28/ 14)، "وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف والبسه ثياب بوص ووضع طوق ذهب في عنقه" (تكوين/ 41/ 42)، "فتقدموا الى الرجل الذي على بيت يوسف وكلموه في باب البيت" (تكوين/ 43/ 19)، "أليس هذا هو الذي يشرب سيدي فيه؟" (تكوين/ 44/ 5)، "وحمل بنو اسرائيل يعقوب اباهم واولادهم ونساءهم في العجلات التي ارسل فرعون لحمله" (تكوين/ 46/ 5)، "ومرّروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل" (خروج/ 1/ 14)، "خرج الى اخوته لينظر في اثقالهم" (خروج/ 2/ 11)، "ما بالكنّ اسرعتنّ في المجيء اليوم" (خروج/ 2/ 18)، "وقال الرب لموسى: عندما تذهب لترجع الى مصر انظر جميع العجائب التي جعلتها في يدك واصنعها قدام فرعون" (خروج/ 4/ 21)، "فذهب والتقاه في جبل الله وقبّله" (خروج/ 4/ 27)، "هما اللذان كَلّما فرعون ملك مصر في اخراج بني اسرائيل من مصر" (خروج/ 6/ 27)، " الدمامل كانت في العرّافين وفي كل المصريين" (خروج/ 9/ 11)، "تخبر في مسامع ابنك وابن ابنك بما فعلتُه في مصر وبآياتي التي صنعتها بينهم" (خروج/ 10/ 2)...إلخ، وهى بالمئات، إن لم تكن بالألوف. ومن هنا كان من السهل أن ندرك معنى قول القرطبى مثلا فى الآية المذكورة: "وَيَجُوز أَنْ تَكُون الشَّمْس تَغِيب وَرَاءَهَا (أى وراء العَيْن الحَمِئَة) أَوْ مَعَهَا أَوْ عِنْدهَا، فَيُقَام حَرْف الصِّفَة مَقَام صَاحِبه". يقصد أن حروف الجر قد ينوب بعضها عن بعض، بمعنى أن يُسْتَعْمَل بعضها فى مكان بعضها الآخر. وفى نفس المجرى يجرى ما نجده عند البغوى وأبى حيان، إذ نقرأ فى تفسير الأول نقلا عن القتيبى أنه بجوز أن يكون المعنى هو أنه كان "عند الشمس" أو "فى رأى العين" عين حمئة، أما الثانى فقد ذكر أن بعض البغداديين يفسر قوله تعالى: "فى عين حمئة" بمعنى "عند عين حمئة".
بل إن فى الكتاب المقدس عبارات كثيرة من نوع الآية القرآنية التى بين أيدينا بل أَوْغَل فى مضمار الاستخدامات المجازية، ويقرؤها هؤلاء الذين يرددون تخطئة القرآن كما تفعل الببغاوات الغبية، لكن دون فهم أو تمييز، ومن ثم لا يخطر فى بالهم أن يقفوا ويتدبروا ويفكروا فى أمر هذا التشابه فى الاستعمالات الأسلوبية وأنه مسألة عادية جدا لأنه هكذا كانت اللغة وهكذا ستظل إلى يوم يبعثون. وهم فى هذا كالكلب الذى ربّاه صاحبه على نباح المارة وعضِّهم، فكلما رأى شخصا مارًّا من أمام البيت نبحه وعضه دون تفكير. لنأخذ مثلا الشواهد التالية: "اما هما في عبر الاردن وراء طريق غروب الشمس في ارض الكنعانيين..." (تثنية/ 11/ 30)، "هكذا يبيد جميع اعدائك يا رب. واحباؤه كخروج الشمس في جبروتها" (قضاة/ 5/ 31)، "هكذا قال الرب: هانذا اقيم عليك الشر من بيتك وآخذ نساءك امام عينيك واعطيهنّ لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس" (صموئيل 2/ 12/ 11)، "وقلت لهما: لا تفتح ابواب اورشليم حتى تَحْمَى الشمس" (نحميا/ 7/ 3)، "قدام الشمس يمتد اسمه" (مزامير/ 72/ 17)، "ثم رجعت ورأيت كل المظالم التي تجرى تحت الشمس" (الجامعة/ 4/ 1)، "ويخجل القمر وتَخْزَى الشمس" (إشعيا/ 24/ 23)، "واظلمت الشمس وانشقّ حجاب الهيكل من وسطه" (لوقا/ 23/ 44)، "انك قد طردتني اليوم عن وجه الارض ومن وجهك اختفِي واكون تائها وهاربا في الارض. فيكون كل من وجدني يقتلني" (تكوين/ 4/ 14)، "وفسدت الارض امام الله وامتلأت الارض ظلما" (تكوين/ 6/ 11)، "الآن قم اخرج من هذه الارض" (تكوين/ 31/ 13)، "وادخِلكم الى الارض التي رفعت يدي ان اعطيها لابراهيم" (خروج/ 6/ 8)، "واستراحت الارض من الحرب" (يشوع/ 14/ 15)، "دور يمضي ودور يجيء والارض قائمة الى الابد" (جامعة/ 1/ 4)، "فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية. على العين التي في طريق شور" (تكوين/ 16/ 7). ومن الواضح أن هذا كله على خلاف الواقع وينبغى ألا يأخذه القارئ مأخذا حرفيا، وإلا لم يكن للكلام معنى: فمثلا ليس هناك للشمس تحتٌ ولا فوقٌ، وإنما هو تعبير بشرى، فنحن أينما كنا على الأرض نتصور أن الشمس فوقنا، ومن ثم فنحن تحتها، على حين أنه لو كان الأمر كذلك لكان ينبغى إذن أن نكون "فوق" الشمس بعد ستة أشهر من ذلك حين تدور الأرض نصف دورتها السنوية، وهذا لا يصير. كذلك فليس للشمس عين (ولا أذن ولا أنف) أصلا حتى نكون أوْ لا نكون فى عينها، كما أنها ليس لها طريق تسير فيه على الأرض، ودَعْك من أننا يمكن أن نسير نحن فيه أيضا. وبالنسبة لقول قابيل إنه هرب فى الأرض، فهو مجرد تعبير بشرىّ، وإلا فقولنا: "فى الأرض" إنما يعنى حرفيا: "داخل الأرض"، وهو ما لا يقصده قابيل ولا أى إنسان آخر فى مثل وضعه... وهكذا.
وقبل كل ذلك فإن الكلام هنا ليس كلاما فى علم الطبيعة أو الجغرافيا أو الجيولوجيا، بل هو كلام أدبى يقوم فى جانب منه على التعبيرات المجازية والتجسيدية والتشخيصية وما إلى ذلك. باختصار: هذه هى طبيعة اللغة، أما الكلاب التى تنبح المارة وتعضهم لا لشىء سوى أنه قد قيل لها: انبحى أىّ مارٍّ من هنا وعضّيه، فإنها لا تفهم هذا ولا تفقهه ولا تدركه ولا تتذوقه، إذ متى كانت الكلاب تستطيع أن تتذوق شيئا غير العظم المعروق الذى أُكِل ما عليه من لحم، ثم أُلْقِىَ به لها تعضعضه وتمصمصه تحت الأقدام؟ وعلى هذا فليس هناك أى متعلَّق لأى إنسان كائنا من كان كى ينتقد الآية القرآنية إلا إذا كان يريد النباح والعضّ والسلام، ولا يبغى فهما أو معرفة. فالحرف "فى" فى الآية الكريمة لا يعنى "داخل العين الحمئة" لأن الآيات القرآنية التى تذكر الشمس (كما سنوضح لاحقا) تتحدث عنها على أنها جِرْمٌ موجودٌ فى الفضاء لا يغادره أبدا، بل يعنى أنه قد تصادف وقوع غروب الشمس حين كان ذو القرنين فى ذلك المكان عند العين الحمئة، وإن كان ما شاهده بعينه يوحى أنها قد غربت فى تلك العين. وحتى لو قيل إنها لم تغرب فى العين بل وراء العين أو عند العين أو ما إلى ذلك، فإن هذا كله لا يصح من الناحية العلمية، فالشمس لا تبتعد ولا تختفى، بل الأرض هى التى تتحرك حولها، فتبدو الشمس وكأنها هى التى تغيب. لكنى قد عثرت أثناء تقليبى فى المشباك بمن يقول معترضا على الآية إن مثل هذا التوجيه كان يمكن أن يكون مقبولا لو أن الآية فالت إن ذا القرنين "رأى" أو "شاهد" الشمس تغرب فى العين، أمّا والآية تقول إنه "وجدها" تغرب فى عينٍ حمئةٍ فمعنى هذا أن المقصود هو أنها كانت تغرب فى العين فعلا. وقد جعلنى هذا أفكر فى استعمال هذا الفعل فى مثل ذلك السياق فى العربية لأرى أهو حقا لا يعنى إلا أن الأمر هو كذلك فى الواقع لا فى حسبان الشخص وإدراكه بغضّ النظر عما إذا كان هذا هو الواقع فعلا أو لا. وقد تبين لى أن الأمر ليس كما ذهب إليه ذلك المعترض الذى سمى نفسه: "جوتاما بوذا" أو شيئا كهذا، فنحن مثلا عندما يُسْأَل الواحد منا السؤال التالى عن صحته: "كيف تجدك اليوم؟" (أى "كيف حالك؟") يجيب قائلا: "أجدنى بخير وعافية"، وقد يكون هذا القائل مريضا لكنه لا يدرى لأن أعراض المرض ليست من الوضوح أو لأنه من الاندماج فى حياته اليومية بحيث لا يتنبه لحالته الصحية الحقيقية. وبالمثل يمكن أن يقول الواحد منا (صادقا فيما يظن) إنه وجد فلانا يضرب ابنه عند البيت، بينما الحقيقة أنه كان يداعبه أو كان يضرب ابن الجيران مثلا، لكن المتكلم توهم الأمر على ما قال. كذلك فالمصاب بعمى الألوان قد يقول إنه وجد البطيخة التى اشتراها خضراء على عكس ما أكد له البائع، ثم يكون العيب فى الشارى لا فى البائع ولا فى البطيخة. أما المتنبى فى قوله:
ومن َيكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ ** يجدْ مُرًّا به الماءَ الزُّلالا
فقد كفانا مؤنة التوضيح بأنّ وجْداننا الشىء على وضعٍ ما لا يعنى بالضرورة أنه على هذا الوضع فى الحقيقة والواقع. وفى القرآن مثلا: "فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه" (الكهف/ 77)، وليس هناك فى أى مكان فى الدنيا جدار عنده إرادة: لا للانقضاض ولا للبقاء على وضعه الذى هو عليه، لأن الجدران من الجمادات لا من الكائنات الحية ذوات الإرادة. كذلك فعندنا أيضا قوله عز شأنه: "والذين كفروا أعمالُهم كسرابٍ بقِيعَةٍ يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه" (النور/ 39)، ولا يمكن القول أبدا بأن الآية على معناها الحرفى، فالله سبحانه لا ينحصر وجوده فى مكان من الأمكنة، بل الكون كله مكانا وزمانا وكائنات فى قبضته عز وجل، ومن ثم لا يمكن أن ينحصر وجوده عند السراب، وهذا من البداهة بمكان لأنه سبحانه وتعالى هو المطلق الذى لا يحده حد. والطريف أن بعض المفسرين الذين رجعت إليهم بعد ذلك قد وجدتهم يقولون إنه لو كانت الآية قالت إن الشمس "كانت تغرب" فى العين فعلا لكان ثم سبيل لانتقادها، أما قولها إن ذا القرنين "وجدها تغرب" فى العين فمعناه أن ذلك هو إدراكه للأمر لا حقيقته الخارجية. ومن هؤلاء البيضاوى، وهذه عبارته: "ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء، ولذلك قال: وجدها تغرب، ولم يقل: كانت تغرب"، وهذا الذى قاله أولئك المفسرون هو الصواب. وفى الكتاب المقدس لدى اليهود والنصارى شىء مثل ذلك، ومنه هذا الشاهدان: "واما نوح فوجد نعمة في عيني الرب" (تكوين/ 6/ 8)، "فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية. على العين التي في طريق شور" (تكوين/ 16/ 7). فالنعمة لا توجد فى عين الرب على سبيل الحقيقة، فضلا عن أن الله لا يمكن أن يُرَى ولا أن تُرَى عينه (إن قلنا إن له سبحانه عينا لكنها ليست كأعيننا). كما أن المرأة التى وجدها ملاك الرب لم تكن "على" العين، بل "عند" العين. أى أن الحقيقة الخارجية فى كلا الشاهدين لم تكن على حَرْفِيّة ما جاء فى العبارتين.
وعلى هذا النحو يمكننا أن نقرأ الشواهد الشعرية التالية: قال الأسعر الجعفى:
إِنّي وَجَدتُ الخَيلَ عِزّاً ظاهِراً ** تَنجي مِنَ الغُمّى وَيَكشِفنَ الدُجى
وقال الحارث بن عباد:
وَاِمتَرَتهُ الجَنوبُ حَتّى إِذا ما ** وَجَدَت فَودَهُ عَلَيها ثَقيلا
وقال امرؤ القيس:
أَلَم تَرَياني كُلَّما جِئتُ طارِقاً ** وَجَدتُ بِها طيباً وَإِن لَم تطَيَّب؟ِ
وقال الدحداحة الفقيمية:
* مِنْ معشرٍ وجدتهم لئاما *
وقال حاتم الطائى:
إِذا أَوطَنَ القَومُ البُيوتَ وَجَدتَهُم ** عُماةً عَنِ الأَخبارِ خُرقَ المَكاسِبِ
وقال سلامة بن جندل:
فَإِن يَكُ مَحمودٌ أَباكَ فَإِنَّنا ** وَجَدناكَ مَنسوباً إِلى الخَيرِ أَروَعا
وقال النابغة الذبيانى:
مَتى تَأتِهِ تَعشو إِلى ضَوءِ نارِهِ ** تَجِد خَيرَ نارٍ عِندَها خَيرُ مَوقِدِ
وقال مالك بن عمرو:
متى تفخَرْ بزَرْعَةَ أو بحِجْرٍ ** تجدْ فخرا يطيرُ به السناءُ
وقال الحصين بن الحمام الفزارى:
تَأَخَّرتُ أَستَبقي الحَياةَ فَلَم أَجِد ** لِنَفسي حَياةً مِثلَ أَن أَتَقَدَّما
ذلك أن وِجْدانك الشىء على وضع من الأوضاع إنما يعنى إدراكك له على هذا الوضع رؤيةً أو سماعًا أو شمًّا أو لمسًا أو شعورًا باطنيًّا أو استدلالا عقليًّا كما فى العبارات التالية: "نظرتُ فوجدتُه قائما"، أو "حينما اقتربتُ من الحجرة وجدتُه يغنى"، أو "قرّبت الزهرة من أنفى فوجدتها مسكيّة العبير"، أو "احتكت يدى بالحائط فوجدته خشن الملمس"، أو "وجدتُ وقع إهانته لى عنيفا"، أو "أعاد العلماء النظر فى هيئة الأرض فوجدوها أقرب إلى شكل الكرة"، ثم سواء عليك بعد هذا أكان هو فعلا فى الواقع والحقيقة كذلك أم لا. وفى ضوء ما قلناه نقرأ قول الزبيدى صاحب "تاج العروس": "وقال المُصَنّف في البصائرِ نقلاً عن أَبي القاسم الأَصبهانيّ: الوُجُودُ أَضْرُبٌ، وُجُودٌ بِإِحْدى الحَوَاسِّ الخَمْسِ، نحو: وَجَدْتُ زَيْداً وَوَجَدْتُ طَعْمَه ورائحتَه وصَوتَه وخُشُونَتَه، ووجُودٌ بِقُوَّةِ الشَّهْوَةِ نحو: وَجَدْتُ الشبع ووجوده أيده الغضب كوجود الحَرْبِ والسَّخَطِ، ووُجُودٌ بالعَقْل أَو بِوسَاطَة العَقْلِ، كمَعْرِفَة الله تعالى، ومَعْرِفَة النُّبُوَّةِ. وما نُسِب إِلى الله تعالى مِن الوُجُود فبمَعْنَى العِلْمِ المُجَرَّدِ، إِذ كان اللهُ تعالَى مُنَزَّهاً عن الوَصْفِ بالجَوَارِحِ، والآلاتِ، نحو قولِه تَعالى: "وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ"، وكذا المعدوم يقال على ضِدّ هذه الأَوْجُهِ. ويُعَبَّر عن التَمَكُّنِ من الشيءِ بالوُجُودِ نحو: "فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" أَي حَيْثُ رَأَيْتُمُوهُم، وقوله تعالى: "إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ"، وقوله: "وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ للشَّمْسِ" وقوله: "وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ"، ووجود بالبصيرة، وكذا قوله: "وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا" وقوله: "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا"، أَي إِن لم تَقْدِروا على الماءِ".
ولقد كفانا مؤنة المضىّ أبعد من ذلك (على كفايته فى حد ذاته) كاتبان ألّفا بحثا عثرت عليه فى المشباك بعنوان: "Islam and the Setting of the Sun: Examining the traditional Muslim View of the Sun’s Orbit" يهاجمان فيه القرآن ويزعمان أن الرسول حين قال ما قال فى الآية التى نحن بإزائها هنا إنما كان يقصد فعلا أن الشمس تغرب فى عينٍ حمئةٍ على حرفية معناها، ومع هذا فقد بدءا كلامهما بالقول بما معناه أن تعبيرا مثل التعبير الذى فى الآية الكريمة لا يدل بالضرورة على أن صاحبه قد اجترح خطأ علميا أو أنه يعتقد أن الشمس تغرب فعلا فى العين. ثم أضافا أننا، حتى فى عصرنا هذا حيث يعرف الجميع تمامًا أن الشمس فى الواقع لا تشرق ولا تغرب، ما زلنا نقول إنها تشرق وتغرب. والكاتبان هما: Sam Shamounn و Jochen Katz، وهذا نَصّ ما قالاه:
we do need to make it clear that statements about the sun rising or setting do not, in and of themselves, prove that a person or author held to erroneous scientific views, or made a scientific error. One can legitimately argue that the person or author in question is using everyday speech, ordinary language, or what is called phenomenological language. From the vantage point of the person who is viewing the sun from the earth, the sun does indeed appear to be rising and setting. In fact, even today with all our advanced scientific knowledge we still refer to sunrise and sunset .Hence, an ancient book or writer may have not intended to convey actual scientific phenomena when describing the sun as rising or setting any more than today’s meteorologists, or newscasters, are speaking scientifically when referring to the rising and setting of the sun.
وقد أخذتُ أنقّر فى النصوص الإنجليزية والفرنسية الموجودة فى المشباك حتى عثرتُ على طائفة من الشواهد النثرية والشعرية يتحدث فيها أصحابها لا على أن الشمس تشرق وتغرب فحسب، بل عن سقوطها أو غوصها أو غروبها فى البحر أو فى السهل أو ما إلى هذا. وإلى القارئ عينةً مما وجدته من تلك النصوص: "Alone stood I atop a little hill, And beheld the light-blue sea lying still, And saw the sun go down into the sea " (من قصيدة بعنوان: "AN EPISTLE" لـ Numaldasan)، "The sun sinks down into the sea" (من رواية "The Water-Babies" لــCharles Kingsley)، " The Sun came up upon the left, out of the sea came he! And he shone bright, and on the right Went down into the sea " (من قصيدة "The Rime of the Ancient Mariner" لكوليردج)، "The red sun going down into the sea at Scheveningen" (من "Letter from Theo van Gogh to Vincent Gogh van Auvers-sur-Oise, 30 June 1890")، "The sun sank slowly into the sea" (من مقال "The Light Of The Setting Sun" لـRocky)، " Just then the sun plunged into the sea it popped out from behind the gray cloud screen that had obscured the fiery disk" (من مقال بعنوان "Taps for three war buddies" فى موقع "sun-herald.com")، "le soleil descendre dans l'ocean…" (من " L'ILE DES PINGOUINS" لأناتول فرانس)، " Le soleil, disparu dans la mer, avait laissé le ciel tout rouge, et cette lueur saignait aussi sur les grandes pierres, nos voisines" (من " En Bretagne" لجى دى موباسان)، "Spectacle saisissant, que le soleil couchant dans ces dunes impressionnantes" (من مقال "RAID EN LIBYE " لـRoger Vacheresse)، "On comprend aussi que la blessure de Réginald a quelque chose du Soleil plongeant dans la mer" (من "LES CHANTS DE MALDOROR " لــle comte de Lautréamont ).
هذا، ومن معانى "العين" فى العربية (فيما يهمنا هنا) حسبما جاء فى "لسان العرب": "عين الماء. والعين: التي يخرج منه الماء. والعين: ينبوع الماء الذي ينبع من الأرض ويجري... ويقال: غارت عين الماء. وعين الركية: مَفْجَر مائها ومنبعها. وفي الحديث: "خير المال عينٌ ساهرةٌ لعينٍ نائمة"، أراد عين الماء التي تجري ولا تنقطع ليلا ونهارا، وعين صاحبها نائمة، فجعل السهر مثلا لجريها... وعين القناة: مصب مائها... والعين من السحاب: ما أقبل من ناحية القبلة وعن يمينها، يعني قبلة العراق... وفي الحديث: إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عينٌ غديقة... والعين: مطر أيام لا يُقْلِع، وقيل: هو المطر يدوم خمسة أيام أو ستة أو أكثر لا يُقْلِع، قال الراعي:
وأنآء حيٍّ تحت عينٍ مطيرةٍ ** عظام البيوت ينزلون الروابيا
... والعين: الناحية". وعلى هذا فعندما يقول عبد الفادى (اقرأ: "عبد الفاضى") مؤلف كتاب "هل القرآن معصوم؟" (وهو جاهل كذاب من أولئك الجهلاء الكَذَبة الذين يَشْغَبون على كتاب الله المجيد) إن القرآن، بناء على ما جاء فى تفسير البيضاوى، يذكر أن الشمس تغرب فى بئرٍ، فإننا نعرف فى الحال أنه يتكلم بلسان الكذب والجهل: فأما الجهل فلأن المسألة، حسبما رأينا فى "لسان العرب"، أوسع من ذلك كثيرا بحيث تَصْدُق كلمة "العين" على البحر والسحاب والمطر أيضا. ولذلك وجدنا من المترجمين من يترجمها بمعنى "بحر" أو "بحيرة"، فضلا عن أنه من غير المستبعد أن يكون المعنى فى الآية هو ذلك النوع المذكور من السحاب أو المطر. وأما الكذب فلأن البيضاوى لم يقل هذا، بل قال: "حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ: "ذات حمأ"، من "حَمِئَتِ البئر" إذا صارت ذات حمأة. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: "حامية"، أي حارة، ولا تنافي بينهما لجواز أن تكون العين جامعة للوصفين، أو "حَمِيَة" على أن ياءها مقلوبة عن الهمزة لكسر ما قبلها. ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء. ولذلك قال: "وجدها تغرب"، ولم يقل: "كانت تغرب"...". فكما ترى ليس فى البيضاوى أنها غربت فى بئر، بل كل ما فعله المفسر الكبير أنه اتخذ من "البئر" مثالا لشرح كلمة "حمئة"، لكنه لم يقل قط إن معنى "العين" هو "البئر"، بل قال ما نصه: لعل ذا القرنين قد بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك. وحتى لو قال ذلك فإن كلامه يبقى مجرد اجتهاد منه قد يصح أو لا يصح، ولا يجوز حمله على القرآن أبدا، وبخاصة أن كثيرا من المفسرين كذلك لم يفسروا العين بهذا المعنى. بيد أننا هنا بصدد جماعة من الطَّغَام البُلَداء الرُّقَعاء الذين كل همهم هو الشَّغْب بجهل ورعونة، إذ هم فى واقع الأمر وحقيقته لا يعرفون فى الموضوع الذى يتناولونه شيئا ذا بال، ومع هذا نراهم يتطاولون على القرآن الكريم! فيا للعجب! إن الواحد من هؤلاء الطَّغَام يتصور، وهو يتناول الكلام فى كتاب الله، أنه بصدد كراسة تعبير لطفل فى المرحلة الابتدائية، بل إن معلوماته هو نفسه لا تزيد بحال عن معلومات طفل فى تلك المرحلة كما تبين لى وبينته للقراء الكرام فى كتابى: "عصمة القرآن الكريم وجهالات المبشرين"، الذى فَنَّدْتُ فيه كلام هذا الرقيع، ومسحت به وبكرامته وكرامة من يقفون وراءه الأرض!
وهأنذا أسوق أمام القارئ الكريم بعض ما جاء فى كتب التفسير القديمة: ففى القرطبى مثلا: "وَقَالَ الْقَفَّال: قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الشَّمْس مَغْرِبًا وَمَشْرِقًا ووَصَلَ إِلَى جُرْمهَا وَمَسّهَا، لأَنَّهَا تَدُور مَعَ السَّمَاء حَوْل الأَرْض مِنْ غَيْر أَنْ تَلْتَصِق بِالأَرْضِ، وَهِيَ أَعْظَم مِنْ أَنْ تَدْخُل فِي عَيْن مِنْ عُيُون الأَرْض، بَلْ هِيَ أَكْبَر مِنْ الأَرْض أَضْعَافًا مُضَاعَفَة، بَلْ الْمُرَاد أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى آخِر الْعِمَارَة مِنْ جِهَة الْمَغْرِب وَمِنْ جِهَة الْمَشْرِق، فَوَجَدَهَا فِي رَأْي الْعَيْن تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة، كَمَا أَنَّا نُشَاهِدهَا فِي الأَرْض الْمَلْسَاء كَأَنَّهَا تَدْخُل فِي الأَرْض. وَلِهَذَا قَالَ: "وَجَدَهَا تَطْلُع عَلَى قَوْم لَمْ نَجْعَل لَهُمْ مِنْ دُونهَا سِتْرًا"، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تَطْلُع عَلَيْهِمْ بِأَنْ تُمَاسّهُمْ وَتُلاصِقهُمْ، بَلْ أَرَادَ أَنَّهُمْ أَوَّل مَنْ تَطْلُع عَلَيْهِمْ. وَقَالَ الْقُتَبِيّ: وَيَجُوز أَنْ تَكُون هَذِهِ الْعَيْن مِنْ الْبَحْر، وَيَجُوز أَنْ تَكُون الشَّمْس تَغِيب وَرَاءَهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ عِنْدهَا، فَيُقَام حَرْف الصِّفَة مَقَام صَاحِبه. وَاَللَّه أَعْلَم". وفى ابن كثير: "وَقَوْله: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِب الشَّمْس"، أَيْ فَسَلَكَ طَرِيقًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَقْصَى مَا يُسْلَك فِيهِ مِنْ الأَرْض مِنْ نَاحِيَة الْمَغْرِب، وَهُوَ مَغْرِب الأَرْض. وَأَمَّا الْوُصُول إِلَى مَغْرِب الشَّمْس مِنْ السَّمَاء فَمُتَعَذِّر، وَمَا يَذْكُرهُ أَصْحَاب الْقَصَص وَالأَخْبَار مِنْ أَنَّهُ سَارَ فِي الأَرْض مُدَّة، وَالشَّمْس تَغْرُب مِنْ وَرَائِه،ِ فَشَيء لا حَقِيقَة لَهُ. وَأَكْثَر ذَلِكَ مِنْ خُرَافَات أَهْل الْكِتَاب وَاخْتِلاق زَنَادِقَتهمْ وَكَذِبهمْ. وَقَوْله: "وَجَدَهَا تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة"، أَيْ رَأَى الشَّمْس فِي مَنْظَره تَغْرُب فِي الْبَحْر الْمُحِيط. وَهَذَا شَأْن كُلّ مَنْ اِنْتَهَى إِلَى سَاحِله يَرَاهَا كَأَنَّهَا تَغْرُب فِيه،ِ وَهِيَ لا تُفَارِق الْفَلَك الرَّابِع الَّذِي هِيَ مُثْبَتَة فِيهِ لا تُفَارِقهُ". وفى الجلالين: "..."حَتَّى إذَا بَلَغَ مَغْرِب الشَّمْس": مَوْضِع غُرُوبهَا "وَجَدَهَا تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة": ذَات حَمْأَة، وَهِيَ الطِّين الأَسْوَد. وَغُرُوبهَا فِي الْعَيْن: فِي رَأْي الْعَيْن، وَإِلاّ فَهِيَ أَعْظَم مِنْ الدُّنْيَا". وأرجو ألا يغيب عن ناظر القارئ الحصيف كيف أن ابن كثير يلقى باللوم فى أمر التفسيرات الخرافية فى الآية على زنادقة أهل الكتاب وكذابيهم، مما يدل على أن القوم هم هكذا من قديم لم تتغير شِنْشِنَتهم، وأن فريقا من علمائنا كانوا واعين بالدور الشرير الذى كانوا يضطلعون به لتضليل المسلمين بإسرائيلياتهم، وكانوا يعملون على فضح سخفهم ومؤامراتهم.
أما الرازى فإنى أود أن نقف معه قليلا لنرى كم يبلغ جهل عبد الفاضى وبلادته وتدليسه هو وأشباهه، إذ إن مفسرنا العظيم قد أشبع القول فى هذا الموضوع بما يكفى لقطع لسان كل زنديق كذاب. قال العلامة المسلم عليه رضوان الله: "{حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا: يا ذا القرنين، إما أن تعذِّب وإما أن تتخذ فيهم حُسْنا* قال: أما من ظَلَم فسوف نعذبه ثم يُرَدّ إلى ربه فيعذبه عذابا نُكْرا* وأما من آمن وعمل صـالحا فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يُسْرا* ثم أَتْبَعَ سببا}: اعلم أن المعنى أنه أراد بلوغ المغرب فأتبع سببا يوصله إليه حتى بلغه، أما قوله: {وجدها تغرب فى عينٍ حَمِئَة} ففيه مباحث: الأول: قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم "في عين حامية" بالألف من غير همزة، أي حارة... وهي قراءة ابن مسعود وطلحة وابن عامر، والباقون: "حمئة"، وهي قراءة ابن عباس ... واعلم أنه لا تنافي بين "الحمئة" و"الحامية"، فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعا. البحث الثاني: أنه ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها، ولا شك أن الشمس في الفلك، وأيضا قال: {ووجد عندها قوما}، ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود، وأيضا الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض؟ إذا ثبت هذا فنقول: تأويل قوله: {تغرب فى عين حمئة} من وجوه. الأول: أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عينِ وهدةٍ مظلمةٍ، وإن لم تكن كذلك في الحقيقة، كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط، وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر. هذا هو التأويل الذي ذكره أبو علي الجبائي في تفسيره. الثاني: أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها، فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية، وهي أيضا حمئة لكثرة ما فيها من الحمأة السوداء والماء، فقوله: {تغرب فى عين حمئة} إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به البحر، وهو موضع شديد السخونة. الثالث: قال أهل الأخبار: إن الشمس تغيب في عين كثيرة الماء والحمأة، وهذا في غاية البعد، وذلك لأنا إذا رصدنا كسوفا قمريا فإذا اعتبرناه ورأينا أن المغربيين قالوا: "حصل هذا الكسوف في أول الليل"، ورأينا المشرقيين قالوا: "حصل في أول النهار"، فعلمنا أن أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحوة في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس. وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلاما على خلاف اليقين. وكلام الله تعالى مبرَّأ عن هذه التهمة، فلم يبق إلا أن يُصَار إلى التأويل الذي ذكرناه. ثم قال تعالى: {ووجد عندها قوما}. الضمير في قوله: "عندها" إلى ماذا يعود؟ فيه قولان: الأول: أنه عائد إلى الشمس، ويكون التأنيث للشمس لأن الإنسان لما تخيل أن الشمس تغرب هناك كان سكان هذا الموضع كأنهم سكنوا بالقرب من الشمس. والقول الثاني: أن يكون الضمير عائدا إلى العين الحامية، وعلى هذا القول فالتأويل ما ذكرناه ".
ومع هذا كله يريد الكاتبان المذكوران آنفا ( Sam Shamounو Jochen Katz) أن يعيدانا مرة أخرى إلى المربع رقم واحد، إذ يقولان إن مؤلف القرآن (يقصدان بالطبع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. نعم عليه الصلاة والسلام رغم أنفهما وأنف رشاد خليفة وتابِعه قُفّة) قد ذكر أن ذا القرنين وجد الشمس تغرب فى عين حمئة، ولم يقل إنها كانت تبدو له كذلك. وهذا رغم قولهما إننا لا نزال حتى الآن، ورغم كل التقدم العلمى والفلكى والجغرافى، نقول إن الشمس تشرق وتغرب، ولم يقولا إن على الواحد منا أن يوضح أن الأمر إنما يبدو فقط كذلك. فلماذا الكيل بمكيالين هنا؟ ترى أى خبث هذا الذى أتياه حين أرادا فى البداية أن يتظاهرا بالموضوعية والحياد والبراءة كى يخدّرا القارئ ويوهماه أنهما لا يريدان بالقرآن شرا ولا تدليسا، ثم سرعان ما يستديران بعد ذلك ويلحسان ما قالاه؟
ثم يمضى العالمان النحريران فيقولان إن القرآن يؤكد أن ذا القرنين قد بلغ فعلا المكان الذى تغرب فيه الشمس، وهو ما لا وجود له على الأرض، مما لا معنى له البتة إلا أن مؤلف القرآن قد ارتكب خطأ علميا فاحشا بظنِّه أن القصة الخرافية التى وصلت إلى سمعه هى حقيقة تاريخية: "However, the Quran goes beyond what is possible in phenomenological language when it states that Zul-Qarnain reached the place where the sun sets, i.e. the Quran is speaking of a human being who traveled to the place of the setting of the sun. Such a statement is wrong in any kind of language, since such a place does not exist on this earth. This is a serious error that was introduced into the Quran because the author mistook a legend to be literal and historical truth". أى أن سيادتهما يريان أن كلمة "مغرب الشمس" لا تعنى إلا مكان غروب الشمس، وأن معنى الكلام لا يمكن أن يكون إلا ما رأياه بسلامتهما. فلننظر إذن فى هذا الكلام لنرى نحن أيضا مبلغه من العلم أو الجهل: فأما أن "غروب الشمس" لا تعنى هنا إلا المكان الذى تغرب فيه الشمس فهو كلامٌ غبىٌّ كصاحبيه، إذ إن صيغة "مَفْعل" (التى جاءت عليها كلمة "مغرب") قد تعنى المكان، أو قد تعنى الزمان، بل قد تعنى المصدرية فقط، وهو ما يجده القارئ فى كتب الصرف والنحو فى بابَىِ "اسم الزمان والمكان" و"المصدر الميمى". أى أن الآية قد يكون معناها أن ذا القرنين قد بلغ مكان غروب الشمس أو أن يكون قد بلغ زمان غروبها، إذ البلوغ كما يقع على المكان فإنه يقع على الزمان أيضا (فضلاً عن الأشياء والأشخاص). جاء فى مادة "بلغ" من "تاج العروس": "بَلَغَ المَكَانَ، بُلُوغاً، بالضَّمِّ: وَصَلَ إليْهِ وانْتَهَى، ومنْهُ قوْلُه تعالى: لَمْ تَكُونُوا بالغِيهِ إلا بشِقِّ الأنْفُسِ. أو بَلَغَه: شارَفَ عليْهِ، ومنه قولُه تعالى: فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ. أي قارَبْنَهُ. وقالَ أبو القاسِمِ في "المُفْرَداتِ": البُلُوغُ والإبْلاغُ: الانْتِهَاءُ إلى أقْصَى المَقْصِدِ والمُنْتَهَى، مَكَاناً كان، أو زَماناً، أو أمْرَاً منَ الأمُورِ المُقَدَّرَةِ. ورُبَّمَا يُعَبَّرُ بهِ عن المُشارَفَةِ عليهِ، وإن لم يُنْتَهَ إليْهِ، فمنَ الانْتِهَاءِ: "حتى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغ أرْبَعِينَ سنَةً"، و"ما هُمْ ببالغِيه"ِ، "فلما بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ"، و"لَعلِّي أبْلُغُ الأسْبَاب"َ، و"أيْمانٌ عَلَيْنَا بالِغَةٌ"، أي مُنْتَهِيَةٌ في التَّوْكيدِ، وأمّا قَوْلُه: "فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فأمْسِكُوهُنَّ بمَعْرُوفٍ"، فللمُشارَفَةِ، فإنّهَا إذا انْتَهَتْ إلى أقْصَى الأجَلِ لا يَصِحُّ للزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا وإمْسَاكُها. وبَلَغَ الغُلامُ: أدْرَكَ، وبَلَغَ في الجَوْدَةِ مَبْلَغَاً، كما في "العُبَاب"ِ، وفي "المُحْكَمِ": أي احْتَلَمَ، كأنَّهُ بَلَغَ وَقْتَ الكِتابِ عليْهِ والتَّكْليفِ، وكذلكَ: بَلَغَتِ الجارِيَةُ...".
فإذا كان بلوغ الزمان (أو حتى بلوغ الحدث، أى المصدر) هو المقصود فى الآية الكريمة فلا مشكلة، إذ سيقال حينئذ إن ذا القرنين حين أتى عليه وقت المغرب قد وجد كذا وكذا. لكن ماذا لو كان مكان غروب الشمس هو المراد؟ والجواب هو أن الكاتبين الألمعيين أنفسهما قد ذكرا ما معناه أنه لا غضاضة فى أن يقول المتكلم حتى فى عصرنا هذا إن الشمس قد غربت فى البحر أو فى السهل أو فيما وراء الجبل...إلخ. أليس كذلك؟ فهذا إذن هو مغرب الشمس طبقا لما تجيزه اللغة الظاهراتية (phenomenological language) حسب تعبيرهما، وعليه فإنه يجوز أيضا أن يقال إن فلانا أو علانا أو ترتانا قد بلغ مغرب الشمس، أى وصل إلى البحر أو الجبل أو السهل الذى رآها تغرب عنده. وعلى هذا أيضا فلا مشكلة! وأنا أحيلهما إلى ما سقتُه فى هذا المقال من تعبيرات مشابهة فى الكتاب المقدس، ومنها ما هو أبعد من الآية القرآنية فى انتجاع هذه الاستعمالات المجازية! فما قول سيادتهما إذن؟ ألا يرى القارئ معى أن الأسداد قد ضُرِبت عليهما تماما فلا يستطيعان أن يتقدما خطوة ولا أن يتأخرا؟ وبالمناسبة فقد تكرر الفعل "بلغ" فى صيغتى الماضى والمضارع هنا سبع مرات، وهو ما لم يتحقق لأية سورة أخرى غيرها. كما تعددت صيغة "مفعل" فيها: "مسجد، موعد (مرتين)، موبق، مصرف، موئل".
والعجيب أنهما يُورِدان بعد ذلك عددا من النصوص القرآنية المجيدة التى تتحدث عن لزوم الشمس والقمر مسارا سماويا دائما لا يخرجان عنه، وهو ما يعضد ما قلناه من أن الأمر فى قصة ذى القرنين إنما هو استعمالٌ مجازىٌّ أو وَصْفٌ لما كان يظنه ذلك الرجل فى نفسه بخصوص غروب الشمس لا لما وقع فعلا خارج ذاته لأن القرآن يؤكد وجود مسارات سماوية دائمة لهذين الجِرْمَيْن، بَيْدَ أنهما كعادتهما يحاولان عبثا لىّ الآيات الكريمة عن معناها كى تدل على ما يريدان هما على سبيل القسر والتعنت! وعلى هذا فقول المؤلفين إنه إذا كان المفسرون المسلمون يشرحون الآية القرآنية بما يصرفها عن معناها الحرفى فذلك لأنهم يعرفون أن الشمس أكبر من الأرض، ومن ثم يستحيل أن تسعها أى عين فيها، ولأنهم أيضا يؤمنون بعصمة القرآن مما يدفعهم من البداية إلى تأويل الآية بحيث لا تدل على أن ثمة خطأ علميا قد ارتُكِب هنا، أكرر أن قول المؤلفين هذا هو قول متهافت بناء على ما أورداه هما أنفسهما من آيات قرآنية تنص على أن لكل من الشمس والقمر مسارا فلكيا دائما لا يفارقه، ومن ثم فمن المضحك أن نتمسك بحرفية المعنى فى الآية المذكورة بعد كل الذى قلناه وقالاه هما أيضا. والعجيب أيضا أن المؤلفين يَعْمَيَان، أو بالحرى: يتعاميان عن أنه كان أولى بهما، بدلا من تضييع وقتهما فى محاولتهما الفاشلة لتخطئة القرآن الكريم، أن يحاولا إنقاذ الإنجيل مما أوقعه فيه النص التالى مثلا من ورطة مخزية ليس لها من مخرج. قال متى: "ولما وُلِد يسوع في بيت لحم في أيام هيردوس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين. أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له… وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي، فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جدا" (متى/ 2/ 1- 10)، فها نحن أولاء إزاء نجمٍ حجْمه ضِعْف حجم الأرض مراتٍ ومراتٍ ومراتٍ...يتحرك من مكانه فى الفضاء ويهبط مقتربا منها إلى حيث البيت الذى كان فيه الطفل الرضيع مع أمه وخطيبها السابق يوسف النجار، وهذا هو المستحيل بعينه، ولا يمكن توجيهه على أى نحوٍ يخرج كاتبه من الورطة الغبية التى أوقعه سوء حظه العاثر فيها. إن النص لا يقول بأى حال إن النجم قد صدر منه مثلا شعاع اتجه إلى المكان المذكور، بل قال إن النجم نفسه هو الذى اقترب من البيت، كما أنه لم يقل إن جماعة المجوس وجدوا النجم يقترب أو بدا لهم أنه يقترب، بما قد يمكن أن نقول معه إنهم كانوا يُهَلْوِسُون، ومن ثم ننقذ كاتب الإنجيل من ورطته ولو على حساب جماعة المجوس المساكين، وأمْرنا إلى الله، بل كان الكلام واضحا قاطعا فى أن النجم هو الذى تحرك هابطًا حتى بات فوق المكان تماما!
وإلى القارئ شيئا من النصوص القرآنية التى تبين أن هناك مسارا سماويا دائما للشمس والقمر: "فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا" (أى بنظام وحساب دقيق: الأنعام/ 96)، "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ (يونس/ 5)، "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَار" (إبراهيم/ 33)، "وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى" (لقمان/ 29)، "لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَار" (يس/ 40)، "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا" (أى فى السماوات السبع)، "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ" (أى خُلِعَتْ من مسارها يوم القيامة، بما يعنى أنها لا تفارق هذا المسار قبل ذلك الحين: التكوير/1). وقد صادفتُ بحثا فى المشباك بعنوان " Orbits of Earth, Moon, & Sun: 18 RELEVANT VERSES REGARDING THE SUN’S & MOON’S: ORBIT, ROTATION AND LIFE " لكاتب وقَّع باسم "Frank" يستشهد بهذه الآيات وأمثالها على ما قلناه هنا، ويردّ من خلالها على من يتهمون القرآن بأن ثمة أخطاء علمية فى حديثه عن الشمس والقمر والأجرام السماوية. ثم إنه يؤكد أيضا أننا ما زلنا نقول حتى الآن إن "الشمس غربت فى البحر" كما جاء فى الآية التى يدور حولها هذا المقال: "we still use expressions such as the sun set into the sea, as is used in verse 18:86". وفى النهاية أحب أن أقول للقارئ إن هناك وجها آخر فى تفسير الآية الكريمة يجنِّبها كل هذا اللغط رأيت ابن حزم فى كتابه العبقرى العظيم: "الفِصَل فى الملل والنِّحَل" يقول به ويرفض كل ما سواه، وهو أن الذى كان فى "عينٍ حمئةٍ" ليس هو الشمس، بل ذو القرنين نفسه. والمعنى حينئذ هو أن الرجل قد أدركه المغرب (أو أدرك هو المغرب) وهو فى العين الحمئة. وتركيب الجملة يسمح بهذا بشىء غير قليل من الوجاهة، وإن لم يكن هو المعنى الذى يتبادر للذهن للوهلة الأولى. وشِبْه جملة "فى عين حمئة" فى هذه الحالة سيكون ظرفًا متعلقًا بفاعل "وجدها" وليس بالمفعول، أى أنه يصور حال ذى القرنين لا الشمس، وإن كان من المفسرين من يرفض هذا التوجيه كأبى حيان فى "البحر المحيط"، إذ يرى فيه لونا من التعسف. وسأضرب لهذا التركيب مثلا أَبْسَط يوضح ما أقول، فمثلا لو قلنا: "ضرب سعيدٌ رشادًا واقفا" لجاز أن يكون المعنى هو أن سعيدا ضرب رشادا، وسعيد واقف، أو أن يكون المعنى هو أن سعيدا ضرب رشادا، ورشاد واقف. والسياق هو الذى يوضح ما يراد.
وأخيرًا أختم المقال بإيراد نص الرسالة التى بعث بها الأخ النصرانى المهجرى إلى العبد لله، والتى يصلنا منها الكثير منه ومن أمثاله لكننا نُغْضِى عنها عادة ولا نحب أن نشير إليها حتى لا يتحول الأمر إلى مسألة شخصية. وهذا هو النص المذكور:
Mr. Ibrahim Awad
Articles Writer
Online El Shaab Newspaper August 24,2005
Cairo, Egypt.
In your article titled, 'Sayed Qumni retires', in the 8/20/05 issue of the Online El Shaab Newspaper. Even though the article subject was a critical review of Mr. Qumni's response to a threat on his life, you could not help but inject your venomous hate to Christianity, Christians and the West at large. What concerns me here is that you made two, equally absurd, Claims.
First claim : Christianity needs Islam ,because it is the only religion that witness to the legitimacy of the lord Jesus Christ.
Second claim : Denying miracle occurrence, matters not to Islam, Muhammad or the Quran because of its absence in their make up. Unlike Christianity with it's theology that relies heavily on belief in miraclesهاهاها)))؟؟؟؟
وثائق إبادة هنود القارة الأمريكية على أيدي المسيحيين الأسبان
34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاَماً، بَلْ سَيْفاً. 35 فَإِنِّي جِئْتُ لأَجْعَلَ الإِنْسَانَ عَلَى خِلاَفٍ مَعَ أَبِيهِ، وَالْبِنْتَ مَعَ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ مَعَ حَمَاتِهَا. 36 وَ هَكَذَا يَصِيرُ أَعْدَاءَ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ! (إنجيل متى :10)
هذا الكتاب من تأليف المطران برتولومي دي لاس كازاس. ترجمة سميرة عزمي الزين. من منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية. لمن أراد أن يستزيد فالكتاب ملئ بالفضائع التي تقشعر لها الأبدان واسمحوا لي هنا أقوم بعرض موجز لبعض ما جاء في هذا الكتاب
من مقدمة الكتاب:
((يقول المؤرخ الفرنسي الشهير (( مارسيل باتييون )) أن مؤلف كتابنا ((برتولومي دي لاس كازاس )) أهم شخصية في تاريخ القارة الأمريكية بعد مكتشفها (( كر يستوف كولومبوس )) وأنه ربما كان الشخصية التاريخية التي تستأهل الاهتمام في عصر اجتياح المسيحيين الأسبان لهذه البلاد. ولولا هذا المطران الكاهن الثائر على مسيحية عصره وما ارتكبه من فظائع ومذابح في القارة الأمريكية لضاع جزء كبير من تاريخ البشرية. فإذا كان كولومبوس قد اكتشف لنا القارة , فان برتولومي هو الشاهد الوحيد الباقي على أنه كانت في هذه القارة عشرات الملايين من البشر الذين أفناهم الغزاة بوحشية لا يستطيع أن يقف أمامها لا مستنكرا لها , شاكا في إنسانية البشر الذين ارتكبوها ))
ولد (( برتولومي دي لاس كازاس )) عام 1474 م في قشتالة الأسبانية , من أسرة اشتهرت بالتجارة البحرية. وكان والده قد رافق كولومبوس في رحلته الثانية إلى العالم الجديد عام 1493 م أي في السنة التالية لسقوط غر ناطة وسقوط الأقنعة عن وجوه الملوك الأسبان والكنيسة الغربية. كذلك فقد عاد أبوه مع كولومبوس بصحبة عبد هندي فتعرف برتولومي على هذا العبد القادم من بلاد الهند الجديدة. بذلك بدأت قصته مع بلاد الهند وأهلها وهو ما يزال صبيا في قشتاله يشاهد ما يرتكبه الأسبان من فضائع بالمسلمين وما يريقونه من دمهم وإنسانيتهم في العالم الجديد. لقد جرى الدميان بالخبر اليقين أمام عيني هذا الراهب الثائر على أخلاق أمته ورجال كنيستها , وبعثات تبشيرها : دم المسلمين ودم الهنود , سكان القارة الأمريكية.
كانوا يسمون المجازر عقابا وتأديبا لبسط الهيبة وترويع الناس, كانت سياسة الاجتياح المسيحي : أول ما يفعلونه عندما يدخلون قرية أو مدينة هو ارتكاب مجزرة مخيفة فيها.. مجزرة ترتجف منها أوصال هذه النعاج المرهفة)).
وانه كثيرا ما كان يصف لك القاتل والمبشر في مشهد واحد فلا تعرف من تحزن : أمن مشهد القاتل وهو يذبح ضحيته أو يحرقها أو يطعمها للكلاب , أم من مشهد المبشر الذي تراه خائفا من أن تلفظ الضحية أنفاسها قبل أن يتكرم عليها بالعماد , فيركض إليها لاهثا يجرجر أذيال جبته وغلاظته وثقل دمه لينصرها بعد أن نضج جسدها بالنار أو اغتسلت بدمها , أو التهمت الكلاب نصف أحشائها.
إن العقل الجسور والخيال الجموح ليعجزان عن الفهم والإحاطة , فإبادة عشرات الملايين من البشر في فترة لا تتجاوز الخمسين سنة هول لم تأت به كوارث الطبيعة. ثم إن كوارث الطبيعة تقتل بطريقة واحدة . أما المسيحيون الأسبان فكانوا يتفننون ويبتدعون ويتسلون بعذاب البشر وقتلهم . كانوا يجرون الرضيع من بين يدي أمه ويلوحون به في الهواء, ثم يخبطون رأسه بالصخر أو بجذوع الشجر , أو يقذفون به إلى أبعد ما يستطيعون. وإذا جاعت كلابهم قطعوا لها أطراف أول طفل هندي يلقونه , ورموه إلى أشداقها ثم أتبعوها بباقي الجسد. وكانوا يقتلون الطفل ويشوونه من أجل أن يأكلوا لحم كفيه وقدميه قائلين : أنها أشهى لحم الإنسان.
رأى لاس كازاس كل ذلك بعينيه , وأرسل الرسائل المتعددة إلى ملك أسبانيا يستعطفه ويسترحمه ويطالبه بوقف عذاب هؤلاء البشر. وكانت آذان الملك الأسباني لا تسمع إلا رنين الذهب. ولماذا يشفق الملك على بشر تفصله عنهم آلاف الأميال من بحر الظلمات ما دامت جرائم عسكره ورهبانه في داخل أسبانيا لا تقل فظاعة عن جرائم عسكره ورهبانه في العالم الجديد؟ كان الأسبان باسم الدين المسيحي الذي يبرأ منه المسيح عليه السلام , يسفكون دم الأندلسيين المسلمين الذين ألقوا سلاحهم وتجردوا من وسائل الدفاع عن حياتهم وحرماتهم. وكان تنكيلهم بهم لا يقل وحشية عن تنكيلهم بهنود العالم الجديد. لقد ظلوا يسومون المسلمين أنواع العذاب والتنكيل والقهر والفتك طوال مائة سنة فلم يبق من الملايين الثلاثة الثلاثين (حسبما ذكر الكتاب) مسلم واحد , كما ساموا الهنود تعذيبا وفتكا واستأصلوهم من الوجود. كانت محاكم التفتيش التي تطارد المسلمين وتفتك بهم , ورجال التبشير الذين يطاردون الهنود ويفتكون بهم من طينة واحدة
إن أحدا لا يعلم كم عدد الهنود الذين أبادهم الأسبان المسيحيين , ثمة من يقول انه مائتا مليون, ومنهم من يقول انهم أكثر . أما لاس كازاس فيعتقد أنهم مليار من البشر , ومهما كان الرقم فقد كانت تنبض بحياتهم قارة أكبر من أوروبا بسبعة عشر مرة , وها قد صاروا الآن أثرا بعد عين.
أما المسيحيون فعاقبوهم بمذابح لم تعرف في تاريخ الشعوب. كانوا يدخلون على القرى فلا يتركون طفلا أو حاملا أو امرأة تلد إلا ويبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف في الحظيرة. وكانوا يراهنون على من يشق رجلا بطعنة سكين , أو يقطع رأسه أو يدلق أحشاءه بضربة سيف.
كانوا ينتزعون الرضع من أمهاتهم ويمسكونهم من أقدامهم ويرطمون رؤوسهم بالصخور . أو يلقون بهم في الأنهار ضاحكين ساخرين. وحين يسقط في الماء يقولون: ((عجبا انه يختلج)). كانوا يسفدون الطفل وأمه بالسيف وينصبون مشانق طويلة , ينظمونها مجموعة مجموعة , كل مجموعة ثلاث عشر مشنوقا , ثم يشعلون النار ويحرقونهم أحياء . وهناك من كان يربط الأجساد بالقش اليابس ويشعل فيها النار.
كانت فنون التعذيب لديهم أنواعا منوعة. بعضهم كان يلتقط الأحياء فيقطع أيديهم قطعا ناقصا لتبدو كأنها معلقة بأجسادهم, ثم يقول لهم : (( هيا احملوا الرسائل)) أي : هيا أذيعوا الخبر بين أولئك الذين هربوا إلى الغابات. أما أسياد الهنود ونبلاؤهم فكانوا يقتلون بأن تصنع لهم مشواة من القضبان يضعون فوقها المذراة, ثم يربط هؤلاء المساكين بها, وتوقد تحتهم نار هادئة من أجل أن يحتضروا ببطء وسط العذاب والألم والأنين.
ولقد شاهدت مرة أربعة من هؤلاء الأسياد فوق المشواة. وبما انهم يصرخون صراخا شديدا أزعج مفوض الشرطة الأسبانية الذي كان نائما ( أعرف اسمه , بل أعرف أسرته في قشتاله) فقد وضعوا في حلوقهم قطعا من الخشب أخرستهم , مث أضرموا النار الهادئة تحتهم.
رأيت ذلك بنفسي , ورأيت فظائع ارتكبها المسيحيون أبشع منها. أما الذين هربوا إلى الغابات وذرى الجبال بعيدا عن هذه الوحوش الضارية فقد روض لهم المسيحيون كلابا سلوقية شرسة لحقت بهم, وكانت كلما رأت واحدا منهم انقضت عليه ومزقته وافترسته كما تفترس الخنزير. وحين كان الهنود يقتلون مسيحيا دفاعا عن أنفسهم كان المسيحيون يبيدون مائة منهم لأنهم يعتقدون أن حياة المسيحي بحياة مائة هندي أحمر.
وشهد شاهد من أهلها …كما يقولون ..
ألم تذكرنا هذه الفضاعات والوحشية بما حصل في البوسنة و الشيشان؟ من وراء ذلك كله أليسوا هم دعاة المسيحية الذين يتشدقون بالحرية والإنسانية والمساواة والعدالة؟ ويتهمون الإسلام بالإرهاب؟
يقول المثل إذا كان بيتك من زجاج لا ترمي الناس بحجر .
لا تنـــه عن خلق وتأتي مثلـــه * عـــار عليك إذا فعلت عظيـــم؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل زار عيسى عليه السلام مصر مع أمه ويوسف النجار؟)))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))
يقول متى: (13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدّاً فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُون بِحَسَبِ الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودين فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 13-23».
لقد لفق متى هذه الرواية (لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».) ، ولم يعلم أن كذبه لا يُروَّج إلا على سخيفى العقول، لأن المراد بالنبى القائل هو هوشع عليه السلام، ونصه: (1«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَماً أَحْبَبْتُهُ وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.) هوشع 11: 1، ولا علاقة لعيسى عليه السلام بهذه الفقرة مطلقاً ، فهى تبين إحسان الله على بنى إسرائيل فى عهد موسى عليه السلام. مع الأخذ فى الاعتبار أن كلمة ابنى كانت فى طبعة 1811 (أولاده).
أما النبوءة الثانية التى لفقها متى فهى: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) وهى لا توجد فى أى كتاب من كتب العهد القديم. ومثل هذه الفقرة احتج عليها اليهود احتجاجاً كبيراً ، فيتعجبون كيف يسكن يهودى فى منطقة السامرة ويدرس فى معبدهم؟ ومن المعروف أن بين اليهود والسامرة عداء شديد ، حتى إن المرأة السامرية فى إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع لم تعطه ليشرب لمجرد أنه يهودى وهى سامرية.
وعند متى فقد أخذ يوسف مريمَ وعيسى عليه السلام إلى مصر بعد ولادة عيسى مباشرة، فى الوقت الذى كانت أمه ما تزال تعانى آلام الولادة. فكيف يتسنى لإمرأة أن تسافر زمناً طويلاً ومسافة شاقة وكبيرة فى صحراء مصر الشرقية وهى فى هذا الضعف؟ بينما كانت عند لوقا فى بيت لحم إلى أن تمت أيام تطهيرها ثم انتقلت إلى أورشليم ، وكانوا يذهبون كل سنة إلى أورشليم فى عيد الفصح إلى أن تمَّ 12 سنة. فكيف كان فى مصر وهو فى نفس الوقت فى أورشليم؟
وتواجهنا مشكلة أخرى ، وهى إن هيرودس هذا لم يمت إلا بعد موت يسوع: (6فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ ذِكْرَ الْجَلِيلِ سَأَلَ: «هَلِ الرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ؟» 7وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيم8 وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدّاً لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَنْ يَرَاهُ لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَتَرَجَّى أَنْ يَرَاهُ يَصْنَعُ آيَةً. 9وَسَأَلَهُ بِكَلاَم كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. 10وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ 11فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ وَأَلْبَسَهُ لِبَاساً لاَمِعاً وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.) لوقا 23: 6-11
مع الأخذ فى الإعتبار أن: هيرودس الكبير حكم كل فلسطين من 37 - 4 قبل الميلاد. وفى عصره ولد عيسى عليه السلام ، وقام بقتل أطفال بيت لحم والتخوم المجاورة. (قاموس الكتاب المقدس 589) وكان يطلق عليه فى الكتاب المقدس لقب - الملك
حكم Archelaus من 4 قبل الميلاد إلى 6 ميلادية منطقة السامرة واليهودية، وأقيل عام 6 ميلادية ، وضُمَّت مناطق حكمه إلى الإمبراطورية الرومانية حتى عام 41 م.
فإن كان عيسى عليه السلام قد وُلِدَ سنة واحد ميلادية ، فهو لم يولد إذن فى عصر ملك يُدعى هيرودس الكبير كما يقول الكتاب المقدس. وفى عام 33 ميلادية (موعد الصلب) لم يكن يحكم الجليل حاكم يدعى هيرودس.
حكم هيرودس أجريبا الأول من 37 بعد الميلاد إلى عام 41 بالتدريج كل فلسطين وحصل على لقب (الملك) ومات عام 44م.
ولم يحكم فلسطين من عام 4 قبل الميلاد إلى عام 36 ميلادية ملك أو حاكم يُدعَى هيرودس.
هذا وقد حكم هيرودس أنتيباس الجليل و Per?a وأقيل عام 39 ميلادية.
هيرودس أجريبا الثانى وُلِدَ عام 27 ميلادية، وتولى الحكم فى عام 48 ميلادية، وحصل أيضاً على لقب (الملك)، وحكم الأجزاء الشرقية من فلسطين ، كما تولى الإشراف على أورشليم ، وكان له الحق تعيين رئيس الكهنة أو عزله، وقد وسع الإمبراطور نيرو مناطق حكمه لتشمل عدة مدن فى الجليل و Per?a بينما ظلت منطقة السامرة والجليل واليهودية إقليمان يتبعان الإمبراطورية الرومانية مباشرة.
فى الحقيقة فهو وأمه لم يبرحا بيت لحم ، وذلك نستخلصه من كذب متى فى مجىء المجوس والتى ترتب عليها قتل هيرودس لكل أطفال اليهود ، ونبوءاته الكاذبة ، التى لفقها لتنطبق على عيسى عليه السلام
وقد عرضنا هذا فى السؤالين السابقين وكذلك مصداقا لقول لوقا: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ ... 39وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. 40وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئاً حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. 41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 44وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. 45وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. 46وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ جَالِساً فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ.) لوقا 2:
(((((((((((((((((معالم اساسية في الديانة المسيحية))))))))))))) فاتحــة هذا الكتاب
===========
الحمد لله الأوَّل بلا ابتداء ، الآخر بلا انتهاء . المنفرد بقدرته والمتعالى فى سلطانه . الذى لا تدركه العيون ولا تبلغه الظنون . البادىء بالإحسان العائد بالامتنان . الحمد لله الذى جعل عبادته اختيارا ، ومعرفته اضطرارا . الذى قرن بالفضل رحمته وبالعدل عذابه . فالناس مدينون بين فضله وعدله ، آذنون بالزوال آخذون فى الانتقال من دار بلاء إلى دار جزاء . أحمده على حلمه بعد علمه وعلى عفوه بعد قدرته . فإنه رضى الحمد ثمنا لجزيل نعمائه وجليل آلائه وجعل مفتاح رحمته وآخر دعوى أهل جنته أن الحمد لله رب العالمين . وصلى الله على نبينا المُكرَّم ، الشافع المُقرَّب . الذى بُعِث آخرا واصْطُفِىَ أولا . جعلنا الله من أهل طاعته وعتقاء شفاعته .
رَبِّ أنعمتَ فزِدْ
أمَّا بعد :
عندما ينقلب البصر إلى بصيرة . حينئذ تكون لحظة الإيمان وبرد اليقين . وليس الموضوع إدراك فهم أو حلّ إِشكال طال زمانه . إنه نور الحق وومضة الصدق وسلامة الفكر . تراه البصيرة من فوق السطور ، فتطلب الغوص فى أعماق المسطور لتستجلى الأمور ، وتكشف عن المستور حتى تفوز ببرد اليقين ألا وهو الإيمان الصحيح . فالحقيقة لا تتجلى بذاتها لكل قارىء ، ولكنها تخصّ مريديها الباحثين عنها بعيدا عن الأهواء ومتابعة الناس . ومهما تعامت البصائر فإنَّ لها فى حلم الله تعالى أملا فى اكتشاف النور . نور الحق والحقيقة .
وأنا لا أطلب من قارىء كتابى هذا ـ مسلم أو مسيحى ـ إلاَّ أن يكون على قدر متوسط من اليقظة التى ينبغى أن يحافظ عليها أثناء التعامل مع ما يقرؤه بعقله وهو فى حالة صحو تام . ليس مخدرا أو متخيلا لأشياء غير مكتوبة بين يديه ، فكم من رُؤَى مقلوبة اُبتلى بها الذهن من فرط ما ضُخّ فيه من تعاليم مغلوطة عبر القرون الماضية .
وقضايا هذا الكتاب تدور حول معالم عقدية بديهية اختفت دلالاتها فى ترجمات الأناجيل المتداولة حاليا ، وبالتالى غابت عن الأذهان الفطنة حقائقها . استخدَمْتُ اللغة فى تبيان وتأصيل وتفهيم تلك المعالم العقدية الخطيرة بطريقة جديدة . من خلال اِلقاء الضوء الساطع على بضع مِن كلماتها القرآنية والإنجيلية بغية التحليل والتفنيد والتأصيل . متجولا بين لغة الأصل ولغات الفرع ، بهدف العودة إلى الأصل بفكر العصر .
إنها بضعة أبحاث عقدية ومعالم أساسية تناولها هذا الكتاب ، من خلال الوقوف طويلا أمام كلمات مشهورة معروفة ، توَرَّمَت منها بطون أمهات الكتب الدينية بدون فهم أو دراية أو حتى عروج إلى أصولها اللغوية المعروفة .
بضع كلمات غيرت مجرى التاريخ الدينى المسيحى بتغير معناها ومغزاها ، فأضحى معناها الغير صحيح بمثابة ركائز إيمان فى العقيدة المسيحية ، بنيت عليها صروح الدين وعقائده القديمة والجديدة ..!!
إنها بضع كلمات لم يتوقف عندها الدارسون والباحثون فى الأصول . فمنها الذى ضاع وفقِد فى الترجمات المتعددة للأناجيل الحالية ، ومنها الدارس معناه المفقود مغزاه . ومنها المُشوَّهُ فى ترجمته المختل معناه ومبناه . وهذه الكلمات التى يتناولها هذا الكتاب بالبحث والدراسة هى على التوالى :
الله ؛ المسيح عيسى ابن مريم ؛ الإنجيل ؛ اسم الدين الذى جاء به المسيح ؛ ثم أصول رسالة المسيح وما جاء فيها مِن بشارات دارت عليها رسالته كـ الملكوت ؛ وانتقال الرسالة مِن بنى إسرائيل إلى أمَّة العرب .
إنها معالم أساسية وركائز دينية إيمانية إسلامية ومسيحية . حام حولها الحائمون ولم يتعرَّف على أصولها العارفون . وقال جمهور علماء المسلمين بأعجمية أكثر كلماتها . ولم يهتد المسيحيون إلى معناها فى لسانها الأصلى ..!!
فدارت أبحاث هذا الكتاب حول المعالم : الله ؛ الرسول ؛ الكتاب ؛ اسم الدين . كأربع معالم أساسية للمتدينين من كل دين . الإله المعبود ، ثم المبلغ عن الإله ، ثم الكتاب المسجل فيه ذلك البلاغ ، واسم الدين الذى يتعبدون به .
ثم كان البحث والتأصيل بعد ذلك حول تبيان أصول رسالة المسيح التى جاء مِن أجلها . ثم الكلام حول أهم البشارات التى بَشَّرَ بها ، والتى كانت رسالته مِن أجلها . إنها بشارة الملكوت التى من أجلها أرسله الله .. وأيضا الإنذار بانتقال الرسالة مِن بنى إسرائيل إلى الأمَّة العربية .
ولقد كتبت هذا الكتاب أولا لنفسى باحثا فيه عن الحق المجرد والحقيقة الناصعة . وسهرت عليه الليالى والشهور ، وقرأت لأجله الكثير مِن الكتب والمراجع المتعددة اللغات . وها أنا أقدمه لإخوتى وأخواتى فى وطننا العربى الكبير ، مسلمهم ومسيحيهم . أقدِّمَه لمن يريد أن يُحَكِّمَ عقله وقلبه وضميره على ضوء المعلومات الواردة فيه ، لعلنا جميعا نفهم ونعقل أمور ديننا ومعالمه . وكلى أمل فى أن يتسع صدر القارىء المثقف المسيحى لما يكتبه الكاتب المسلم هنا عن المسيحية .
فدارت أبحاث هذا الكتاب على قسمين :
ففى القسم الأول : كانت الأبحاث حول اسم الإله الأسمى المعبود عند المسيحيين ( الآب ) فى لغة المسيح ولسان قومه إبَّان فترة بعثته . واسم المبلغ عنه ( المسيح ابن مريم ) فى لغته الأصل . وماهية ( الإنجيل ) هل هو كتاب أم مجرد بشارة ..!!؟ ثم اسم الدين الذى جاء به المسيح ما هو اسمه كما جاء على لسان المسيح وأقواله المُسجَّلة فى الأناجيل الحالية ..!!؟
إنها أربع بديهيات أصيلة لن تجد مسيحى حسن اعتقاده يجيبك عنها صراحة أو حتى تساءل عنها وسأل قساوسته عنها من قبل ..!!
أولا : اسم الإله المعبود . ما هو اسمه المذكور فى الأناجيل المتداولة بين الناس حاليا والمشار إليه بالكلمة آب ..!؟ مع العلم بأنَّ المسيح قد أظهر ذلك الاسم وعَرَّفه لقومه من بعد أن طمسَ معالمه علماءُ بنى إسرائيل ومنعوا الناس مِن نطقه والتلفظ به . وإن وقعت عينى القارىء اليهودى على الحروف الدالة عليه قالوا له قل : أدوناى أى سيدى بدلا من نطق الاسم المقدّس ..!!
وعندما قال المسيح عيسى ابن مريم مناجيا لربِّه كما فى إنجيل يوحنا ( 17 : 6 ، 26 ) على التوالى : " أظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لى من العالم " و " قد عَرَّفتهم اسمك وسأعرِّفهم أيضا " . فأى اسم هذا الذى أظهره المسيح لقومه ..!؟ وأى اسم هذا الذى عَرَّفهم إيَّاه ..!؟
لقد خلت الأناجيل تماما من ذكر ذلك الاسم المقدَّس الشريف . فمن يا ترى الذى حذف الاسم المقدَّس من الأناجيل الحالية ..!؟ أم أنَّ كتبتها لا يعرفون اسم إلههم فلم يكتبوه ..!!؟
والمسيحيُّون فى جميع أرجاء العالم يرتلون فى صلاتهم الربَّانية التى علَّمَهُم إيَّاها المسيح " أبانا الذى فى السموات ، ليتقدَّس اسمك .." . فما هُوَ ذلك الاسم الذى يريدون تقديسه ..!؟
إنه سؤال صعب لا أحد يعرف له جواباً . فالأصول اليونانية للأناجيل الحالية لا يوجد فيها اسم إله السموات والأرض ..!!
ذلك الاسم الآرامى الذى أظهره المسيح من بعد إخفاء اليهود له وحذفهم له من أسفارهم الدينية وإن رمزوا إليه ببعض الأحرف الهجائية الأربعة ( ى هـ و هـ ) . تلك الأحرف الأربعة التى لا ينطقها اليهودى إذا ما وقعت عيناه عليها ، وإنما يقول بدلا منها أدوناى أى سيدى .. !!
ثانيا : الاسم العلم للمسيح الذى كان قومه وتلامذته وسائر أتباعه ينادونه به فى فلسطين إبَّان فترة بعثته . ذلك الاسم الآرامى المحبب إلى قلوبنا جميعا . أين هو فى الأناجيل العربية أو حتى الأجنبية المتداولة بين الناس ..!؟
ذلك الاسم المبارك الذى قال عنه يوحنا فى إنجيله ( 2 : 32 ) : أنَّ " كثيرون قد آمنوا باسمه المبارك .. " . وأنَّ الذى لا يؤمن باسم المسيح فقد صدر عليه حكم الدينونة ( يوحنا 3 : 18 ) . وأنَّ مِن وصايا المسيح " الإيمان باسمه " ( رسالة يوحنا الأولى 3 : 23 ) . وأخيرا نجد يوحنا الإنجيلى يخاطب المَسِيحيِّين قائلا لهم : " يا مَن آمنتم باسم المسيح " ( رسالته الأولى 5 : 13 ) .
فأى اسم هذا الذى آمن به الأتباع من بعده ..!؟
هل هو يسوع المذكور فى الأناجيل العربية والذى ظهر إلى الوجود بعد ظهور الإسلام بعدة قرون ..!؟ أم هو جيسس المذكور فى الأناجيل الإنجليزية والذى ظهر فى الإنجليزية من بعد القرن السابع عشر ..!؟ أم هو هيسُّوس المذكور فى الأناجيل الأسبانية ..!؟ أم هو جايزو المذكور فى الأناجيل الإيطالية ..!؟ أم هو ياسوس أو ييسوس المذكور فى الأناجيل الألمانية ..!؟ لا أحد يعرف النطق الصحيح للاسم المبارك . ومن يعرف منهم لا ينطقه ولا يتلفظ به خوفا من رجال كنيسته ..!!
ومعلوم بالضرورة من تراثنا العربى القديم من قبل ظهور الإسلام أنَّ نصارى العرب كانوا ينطقون الاسم المبارك الصحيح ألا وهو عيسى كما هو ثابت فى أشعارهم بشهادة الآثار وكتب الأشعار ومقارنة الأديان وحتى القرن العاشر الميلادى من قبل أن يختفى من الأناجيل العربية ..!!
وقد تناولت البحث هنا عن الفقرات الثلاث المُكوِّنَة لاسم المسيح الكامل " المسيح ؛ عيسى ؛ ابن مريم " فى ثلاثة أبحاث بطريقة جديدة لم تخطر على بال القدماء ولم يقترب منها إلا عدد يسير مِن المعاصرين .
ثالثا : أمَّا عن الموضوع الثالث فقد ضاعت معالمه واختفى اسمه ورسمه من أحدث طبعات العهد الجديد ، إلا من بقايا يسيرة فى الترجمات العربية الأقدم عهدا . إنه كتاب الله الذى كان المسيح يدعو قومه ويحثهم للإيمان به حسب قول كاتب إنجيل مرقس ( 1 : 14 ) : " قد اكتمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل " . قطعا إنه ليس إنجيل متى أو مرقس أو لوقا أو يوحنا أو غيرهم ممن كشفت عنهم آثار نجع حمادى المصرية فكل ذلك كان من بعد بعثة المسيح .
فأى إنجيل هذا الذى كان يتكلم عنه المسيح .. !؟ وهل هو كتاب أم مُجَرَّد بشارة سارة كما يقول المسيحيون أجمعون ..!؟
الكل يؤمن بأنَّ المسيح لم يترك لهم كتابا أو رسالة مكتوبة أو محفوظة شفويا تعرف باسم إنجيل . فهل هذا الإيمان صحيح على التحقيق ..!!؟
إنَّ هناك نصوصا منسوبة إلى المسيح يُبينُ فيها أنَّ الله قد أعطاه كلاما ليبلغه لقومه من بنى إسرائيل ، فبلغ ذلك الكلام . فقال مناجيا ربه : " الكلام الذى أعطيتنى قد أعطيتهم " و " أنا قد أعطيتهم كلامك " ( إنجيل يوحنا 17 : 8 ، 14 ) .
وهذا الكلام .. هو كلام الله الذى أعطاه الله للمسيح ليبلغه لقومه .
وهذا الكلام .. هو الإنجيل الذى أعطاه الله للمسيح .
وهذا الكلام .. قد أعطاه المسيح لقومه " قد أعطيتهم " .
فأين كلام الله هذا المبلغ بواسطة المسيح إلى بنى إسرائيل ..!؟ هل قام الأتباع بجمعه فى كتاب نسبوه إلى المسيح ..!؟ لا لم يفعلوا شيئا من ذلك . وإنما فعل اليونان والرومان شيئا آخرا . حيث قاموا بتسجيل بعض حوادث سيرة المسيح ، ومزجوها بأقوالهم وعقائدهم اليونانية وأطلقوا عليها اسم أناجيل ، ثم نشروها بين الأمم وشعوب العالم المختلفة .
لقد كتبت من قبل عن اسم المسيح وحقيقة الإنجيل حسب قواعد علم تتبع أصول الكلمات ( الإيتومولوجى ) . وتلك موضوعات تحتاج إلى أبحاث تلو أبحاث حيث ضلَّت الحقيقة طريقها إلى عقول المسيحيين ، ولم يعترفوا بعد بما بين أيديهم من حقائق بَيِّنة ونصوص واضحة . ما هذا الذهول الشديد عن معرفة النصّ القريب الواضح ، إلى فطنتهم العجيبة للأمور البعيدة التى لا تخضع للنصّ الإنجيلى ..!؟ إنها حقا مأساة ، أن يبصر العقل الشىء البعيد الغامض ويَعْيا عن القريب الواضح .
رابعا : ثم يأتى البحث الرابع عن اسم الدين الذى جاء به المسيح . إنها فعلا مأساة أن لا تجد لذلك الدين المسيحى ذكرا لا فى الأناجيل ولا فى كل رسائل العهد الجديد ..!! وسيتم الكشف عن اسم ذلك الدين بإذن الله تعالى .
ثم دارت أبحاث القسم الثانى مِن هذا الكتاب حول : أصول رسالة المسيح ومبدأ عالمية دعوته من عدمها ، والإنذار بانتقال الرسالة من بنى إسرائيل إلى الأمَّة العربية . وحيث أنَّ البشارة كانت من أصول رسالة المسيح ؛ ذكرت أهم البشارات التى كانت رسالة المسيح إلى قومه مِن أجلها .
فبدأتُ بشرح جديد للعبارة التى دارت عليها رسالة المسيح والتى عَبَّرَ عن أهميتها المسيح فى إنجيل لوقا ( 4 : 43 ) وأنه من أجل التبشير بها كانت رسالته . فبشر بقرب زمان حلولها على الناس . إنها العبارة القرآنية الإنجيلية ملكوت الله . تلك العبارة التى لا يعرفون معناها الصحيح مع أنها عربية اللسان ..!! هذه العبارة التى لم يعطها أصحاب المعاجم العربية حقها فى الشرح والتفسير . وقالوا عنها مثل ما قاله المسيحيون أو قريبا منه وإن اختلف التطبيق ومفهوم الإيمان بها .
فمِن أقوال المسيح كما جاء فى إنجيل لوقا ( 4 : 43 ) : " إنه ينبغى لى أن أبشر المدن الأخرى أيضا بـ ملكوت الله لأنى لهذا قد أرسِلتُ " . وقوله كما جاء فى إنجيل مرقس ( 1 : 14 ) : " قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله " . كما نجده عليه السلام يُرسل تلاميذه ليبشروا بملكوت الله ( لوقا 6 : 20 ) .
فما هو ذلك الملكوت الذى اقترب زمانه وأوشك على الظهور للناس ..!؟
وما هو ذلك الملكوت الذى من أجله كانت رسالة المسيح ..!؟
سوف تجدون الإجابة الصحيحة الصريحة بإذن الله ، المدعمة بالبرهان من لغة المسيح الآرامية ذات اللسان العربى فى كتابى هذا .
ثم يأتى البحث حول خصوصية رسالة المسيح إلى قومه مِن بنى إسرائيل ، وعمومية رسالة خاتم النبيين مُحَمَّد إلى العالم أجمع .
وتنتهى أبحاث ذلك الكتاب بخاتمته وفهارسه .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنى مفتاحا للخير بهذه الدراسات ، مُقرِّباً بين أواصر أخوَّة المواطنة بين المسلمين والمسيحيين ، تحت راية الحق والحقيقة والبحث والتمحيص النزيه بعيدا عن التعصّب البغيض .
اللهم يَسِّر وزد يا كريم .. آمين .
ع . م / جمال الدين شرقاوى
))
الإخوة المسلمون جميعا .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-بإذن الله في هذا الكتيب الصغير نبدأ سلسلة تعليمية نشرح فيها عقيدة "المسيحيين" عُباد المسيح.. وذلك لتعليم الإخوة المسلمين المبتدئين كيف يفكر هؤلاء وماذا يعتقدون .. وكيف نرد عليهم ردا يمحق باطلهم .. ثم ندعوهم بعد ذلك إلى الحق.
اعتقاد "المسيحيين" عُباد المسيح الأرثوذكس في الله
- يؤمن "المسيحيون" عُباد المسيح الأرثوذكس أن المسيح بن مريم هو الله .. نعم هو الله نفسه الذي تأنس و تجسد وأخذ صورة إنسان عبد .. فلقد خطط الرب الإله في نفسه و قرر .. ووضع خطة ليخلص الإنسان من اللعنة التي ورثها من ابيه آدم نتيجة خطيئة آدم وأكله من الشجرة التي نهاه الرب عن الأكل منها. وكانت الخطة أن يكون الإله إنسانا يدخل في رحم إمرأة هي السيدة مريم .. لقد اختار الرب الإله مريم ابنة الكاهن ليدخل في رحمها .. الصبية ذات الاثني عشر ربيعا .. ولكن هناك مشكلة لأن الشريعة تقول إذا تدنست ابنة الكاهن بالزنا تحرق بالنار .. الحل موجود حتى لاتُقتل مريم .. فلتكن مريم مخطوبة لرجل يدعى يوسف النجار الذي تعطيه الأناجيل أنساب مختلفة تماما عن بعضها البعض فإنجيل لوقا يقول أن أباه كان اسمه هالي" يوسف بن هالي"بينما إنجيل متى يقول أن أبوه اسمه يعقوب" يعقوب ولد يوسف رجل مريم" و ليكون الرب الإله جنينا و ليتلوث بالدم استعدادا لأن يُصفع ويُبصق في وجهه .. و يُصلب ويقتله حفنة من اليهود والرومان حتى يشعر بما يشعر به الإنسان من الألم والعذاب حتى يستطيع أن يغفر خطيئة آدم"اللعنة الأزلية" بأكله من الشجرة التي نهاه عن الأكل منها .. تلك اللعنة التي اخترعها بولس وقال لقد ورثها كل بنو آدم من أبيهم آدم مع أن الكتاب يقول "كل واحد يموت بذنبه "
- أي أن إله عُباد المسيح في معتقدهم لم يكن ليغفر للإنسان إلا إذا تجسد الاقنوم الابن و سُمرت يداه ورجلاه وقُتل وتعذب .. وحينئذ فقط يستطيع أن يغفر الذنوب بعد أن عانى من العذاب وتحمل الخزي .. مع أن المسيح عليه السلام لم يذكر حتى اسم آدم مرة واحدة على لسانه وطوال مدة رسالته التي استمرت ثلاث سنوات فقط في الكتاب المقدس بل والكتاب المقدس يقول عن آدم "آدم ابن الله" وكلمة ابن الله لايعطيها كتبة الكتاب المقدس إلا للبار المؤمن بالله .. فكيف يعطونها لمن هو اساس اللعنة؟ .. و ليحمل إله عباد المسيح الابن المتجسد حسب معتقدهم تلك اللعنة الأزلية بدلا من بني آدم من عُباد المسيح وليكفر ايضا عنهم خطيئتهم .. وليصبح إله عباد المسيح ملعونا بعد أن كان مباركا كما قال لهم بولس ذلك .. المهم .. عندما يجد يوسف مريم حاملا بالجنين الإله القديم الأزلي .. يفكر في أن يترك مريم ويفارقها فهو لا يعرف من أين أتت بهذا الإله الجنين؟ .. إلا أن ملاك الرب يأتي ليوسف في المنام ليخبره أن مريم قد حبلت من الله الروح القدس"الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس" وبالفعل يترك يوسف أفكاره ويسير مع مريم لمدة خمسة عشرة سنة .. ينام معها ويصاحبها في منامها ويقظتها ويشرب معها ويأكل معها .. دون زواج .. حتى إننا نجد في الكثير من الترجمات الانجليزية لإنجيل متى الإصحاح الأول العدد 25 أن يوسف النجار كان يُجامع مريم ويُضاجعها مُضاجعة الأزواج لمدة 21 سنة بلا زواج .. ولذلك انتشرت فكرة الخلائل والخليلات والأصدقاء والصديقات الممارسين للزنا والفواحش بين عباد يسوع في كل أنحاء الأرض ولم تعد تلك الممارسات تمثل لهم أدنى حرج.
- و أخيرا يخرج الطفل الإله من بطن أمه في زريبة بقر طفلا في المزود الذي تأكل فيه الماشية .. لتُقمطه أمه و ليمسك ثدييها بيديه التي صنعت السماوات والأرض ليرضع من لبنها .. ومن المعروف أن من يرضع يحتاج إلى طعام و لابد أن يُخرج ماأكله وشربه في دورات المياه .. و في اليوم الثامن من ميلاده وحسب شريعة موسى يُختن الطفل الإله لتلقى قطعة من جسده ليأكلها الدود .. وبعد أربعين يوما من الولادة وبعد أن تطهرت أمه من النجاسة التي يصف بها الكتاب المقدس الوالدة التي تضع طفلا .. تأخذه مريم مع يوسف رجلها للهيكل حسب شريعة موسى لتقدمه للرب بعد أن قدمت فرخي يمام وليمة قربانا للرب .. و خوفا من أن يقتل هيرودس الرب الإله يهرب به يوسف النجار و مريم على حمار إلى مصر .. ويعود الاثنان بالرب بعد أن يموت هيرودس .. وكان الرب الإله مع أمه مريم وأبيه يوسف يزورون الهيكل كل عام .. وفي إحدى المرات وهو صبي يتوه الرب الإله لمدة ثلاثة أيام من أمه وأبيه يوسف ثم يجدانه في الهيكل فتعاتب أم الرب الإله ابنها وتقول له يا بني لقد كنا نبحث عنك متعبين أنا وأبيك يوسف .. وكان الصبي الرب الإله ينمو ويتقوى في الجسم والعلم وكانت نعمة الله عليه "كانت نعمة الله على الله؟" ثم تختفي عنا في الأناجيل قصة حياة الصبي الرب الإله حتى يبلغ الثلاثين عاما وتختفي معه حكايات يوسف النجار أبوه و رجل أمه للأبد ولم تعد تخبرنا الأناجيل عنه شيئا .. و قبل الثلاثين لم يكن الرب الإله الإنسان قد أعُطي الروح القدس بعد بالرغم من أن أمه حبلت به من الروح القدس .. فالروح القدس هو أبوه"الروح القدس هو ابو الصبي الرب الإله" ولا أدري كيف يتركه ثلاثين عاما هكذا ..ثم كيف يكون الرب الإله على الأرض بدون روح وأنتم ياعباد المسيح تقولون أن الإله لا يمكن أن يوجد بدون روح وهو سبب حياته؟ .. وحينما أعُطي الروح للرب الإله الإنسان بدأ في صُنع المعجزات .. وكانت أول معجزة يصنعها الرب الإله الإنسان تحويل الماء إلى خمر معتقة ذي لذة .. للمدعوين في عرس قانا حيث كان الخمر قد نفذ .. فدعته أمه ليحول الماء إلى خمر .. ثم بعد ذلك يتعرف الرب الإنسان على إمرأة خاطئة تسمى مريم المجدلية .. كان الرب الإله الانسان الذي على الأرض قد دعا الله الذي في السماوات أن يساعده على إحياء أخيها الميت منذ أربعة أيام .. فرفع الرب الإله الإنسان عينيه إلى السماء وقال لله الذي في السماوات "أعلم أنك تسمع لي في كل حين ولكن قلت ليؤمنوا انك أرسلتني" وتحدث المعجزة ويقوم الميت العازر أخو مريم ومارثا .. لتصاحب مريم يسوع بعد ذلك في حله وترحاله .. ولتضرب لنا مثلا لم نعهده من قبل في كيفية التوبة .. فقد أخذت قارورة عطر ثمنها يزيد على الثلاثمائة دينار .. كانت قد جمعت ثمنها من فعل الخطيئة لتعطر بها رأس و جسد يسوع وتدلك قدميه بشعرها .. مع أن الله قد حرم أن تدخل بيته أجرة زانية أو ثمن كلب في الكتاب المقدس .. ليقول لها يسوع بعد ذلك مغفورة لك خطاياك حينما رأى باقي تلاميذه مغتاظين من تلكم الأفعال الجديدة التي لم يروها من قبل في كيفية التوبة .. ويُجري الله على يدي يسوع بعض المعجزات كما يقول سمعان بطرس في أعمال الرسل"يسوع الناصري رجل أقامه الله بينكم بمعجزات أقامها الله بيديه" و كان أنبياء بني اسرائيل قد سبقوا المسيح بن مريم عليه السلام إليها بل وأجروا معجزات أعظم منها بمراحل كثيرة .. فهذا موسى عليه السلام يحول العصا إلى حية عظيمة يهزم بها فرعون وسحرته .. ويضرب بها البحر فيصبح طريقا ممهدا يمر فيه بنو إسرائيل وليغرق فرعون وقومه في اليم .. ولقد أحيا موسى سبعين رجلا من قومه بعد موتهم لما أخذتهم الصاعقة .. بل ويُنزل الله له ولبني إسرائيل من السماء خبزا وعسلا ولحما مشويا لمدة أربعين سنة كاملة .. وهذا إليشع "اليسع" يحيي موتى ويشفي مرضى بل وعظامه بعد موته تحيي ميتا بإذن الله .. وهذا ايليا "الياس" يحيي موتى ويضرب بردائه البحر فيشق طريقا يمشي فيه هو وتلميذه اليشع على البحر .. ويرفعه الله حيا بعد أن أراد القوم قتله لما قتل عبدة بعل .. وهذا اخنوخ "إدريس" يرفعه الله حيا .. وهذا حزقيال يحيي ثلاثين ألفا من الموتى .. وحينما يرى الناس معجزات يسوع وكلامه الصادق يؤمنوا أنه نبي الله "قالت الجموع هذا يسوع النبي" .. إلا أن عباد المسيح قالوا بل هو الرب الإله الإنسان ابن الإنسان.
ب - يعتقد عباد المسيح أن المسيح بن مريم نبي مثل موسى ومع ذلك فهو الرب الإله الانسان النبي الذي مثل موسى! فإن يسوع الناصري نفسه تكلم مع بني إسرائيل بأن موسى كتب عنه أنه هو النبي الذي مثل موسى وقد أرسله الله .. نعم لقد قال موسى في سفر التثنية 18 : 18 – 22 إن الله سيقيم لبني اسرائيل نبيا مثل موسى ويقول لهم الله إنهم إذا أرادوا أن يفرقوا بين النبي الصادق الذي يتكلم من عند الله وبين النبي الكاذب الذي يتكلم من عند نفسه .. فإن النبي الذي يتجبر ويتكلم من عند نفسه بما لم يأمره به الله أو من عن نفسه فإن ذلك النبي سيُقتل لامحالة .. ولذلك فنحن المسلمون نقول أن المسيح بن مريم عليه السلام لم يقُتل لأنه نبي ورسول صادق من عند الله .. بينما عباد المسيح يقولون بأنه قُتل وأنه الإله المصلوب المقتول على أيدي حفنة من اليهود والرومان .. حتى يغفر لهم خطاياهم بدمه المسفوح كالخروف المذبوح .. وبذلك فعباد يسوع يصدقوا على قول اليهود بأن المسيح بن مريم نبي كاذب من حيث لايشعرون .. لأنه من علامات النبي الكاذب أنه يُقتل تبعا لنبوءات الكتاب المقدس .. كما حدث مع حنانيا ومسيلمة الكذاب والأسود العنسي الأنبياء الكذبة.
ج- وللهروب من الكثير من الأسئلة الكثيرة التي تكشف خطأ معتقد عباد يسوع .. فقد اخترعوا أن يسوع إنسان كامل "ناسوت" بداخله الله الكامل "اللاهوت" و لذلك فهو هو الرب الإله المتجسد المتأنس الإنسان ابن الإنسان .. ويعتقدون بأن اللاهوت لم يفارق الناسوت طرفة عين .. فإذا قلت لهم يسوع قبل أن يرفعه الله يقول إني صاعد إلى إلهي .. فكيف لم يفارق اللاهوت الناسوت طرفة عين وهو يقول أن الله في السماء وهو على الأرض .. كذبوا ودلسوا .. وإذا قلت لهم هذا يسوع ينادي الله ويقول "إلهي إلهي لماذا تركتني" .. يقولون هذا هو الناسوت ينادي اللاهوت وهو بداخله .. وإذا قلت لماذا لايعرف يسوع ميعاد اثمار التين وهو الله المتجسد يقولون هذا هو الناسوت ذو العلم المحدود .. وإذ قلت هذا المسيح قد بُصق في وجهه وصُفع وضُرب بالقصبة على رأسه و قُتل والله لايموت قالوا بل هو الناسوت الذي مات .. وإذا قلت لهم فما هو دور اللاهوت؟ يقولون دوره ظاهر حينما أحيا المسيح ثلاثة من الموتى فهذا هو اللاهوت .. فهو الله .. فإذا قلت لهم ها هم كثير من الأنبياء قد أحيوا موتى من قبله و أكثر منه فلماذا لا تقولون أنهم آلهة؟ .. يسكتوا! .. وإذا قلت لهم يسوع يقول الآب أعظم من الكل .. وأبي أعظم مني .. يقولوا إنه يتكلم بلسان الناسوت! .. وإذا قلت لهم الكتاب المقدس يقول إن مريم وُجدت حبلى من الروح القدس فلماذا لم يدعو يسوع الروح القدس بقوله أنت أبي الروح القدس؟ .. صمتوا.
د- وللهروب اكثر من الحق فقد اخترعوا الثالوث الأقدس .. فقالوا إن الله يتكون من ثلاثة أقانيم .. الأقنوم الأول آب في السماء لم يره أحد ولايستطيع أن يراه أحد الذي وحده له عدم الموت .. والأقنوم الثاني الإبن المتجسد يسوع الذي كان يتعمد عاريا في نهر الأردن من يوحنا المعمدان يحيى بن زكريا والذي اختتن وهو الله المتجسد الذي صُلب وقٌتل وأقامه الله الآب من الأموات في اليوم الثالث .. مع أن بولس قال لهم"ليس إلا إله واحد هو الآب "وقال لهم " الذي وُضع قليلا عن الملائكة يسوع "وقال عنه يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا 1:6 "جعل منا مملكة من الكهنة لإلهه" الترجمة العالمية الجديدة والترجمة الكاثوليكية .. والأقنوم الثالث الروح القدس الحمامة الناطق في الأنبياء التي يعطيها الله الآب لمن يشاء .. مع أن الكتاب يقول عن يسوع وعن الروح القدس "يسوع الناصري كيف مسحه الله بالروح القدس".. أي أن الله هو الذي مسح يسوع وجعله مسيحا "رسولا" بالروح القدس .. وهم يعتقدون أن هذه الثلاثة أقانيم ليست واحد فهم مختلفون كل منهم عن الآخر ولكنهم أزليون متساوون في المجد .. الآب إله والإبن إله والروح القدس إله .. ومع أن الأقانيم الثلاثة مختلفين فإن الله واحد .. لأن هؤلاء الثلاثة متحدون في جوهر اللاهوت الواحد .. ولكنهم يظهروا كأقانيم منفصلة وبأشكال مختلفة .. فواحد في السماوات لايراه أحد ولايموت والثاني عاري في نهر الأردن ويموت والثالث حمامة كان فوق النهر إلا انهم الثلاثة واحد.
ذ- يؤمن عباد المسيح أن ربهم خروف وذلك كما أخبرهم يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا" والخروف يغلبهم لانه رب الارباب وملك الملوك" سفر الرؤيا 17: 14 .. و" الخروف الذي في وسط العرش" سفر الرؤيا 7: 17
ر- يؤمن عباد المسيح أن ربهم قد نزل ليصارع يعقوب ليلا ولم يستطع ربهم أن يصرع يعقوب فأمسكه يعقوب وحبسه حتى طلوع الفجر .. وقال له الرب اطلقني فقال له لن أطلقك حتى تباركني .. فباركه فأطلقه يعقوب "ولما رأى انه لا يقدر عليه ضرب حقّ فخذه.فانخلع حقّ فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال اطلقني لانه قد طلع الفجر.فقال لا اطلقك ان لم تباركني"
ز- يؤمن عباد المسيح أن ربهم في الكتاب المقدس كالسوسة وكالعتة "فانا لافرايم كالعث ولبيت يهوذا كالسوس" وأنه زوج الزانية اسرائيل وأنه طلقها" فرأيت انه لاجل كل الاسباب اذ زنت العاصية اسرائيل فطلقتها واعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا اختها بل مضت وزنت هي ايضا وكان من هوان زناها انها نجست الارض وزنت مع الحجر ومع الشجر" وأنه كاللبوة" وآكلهم هناك كلبوة" وأنه يتكلم بأفحش الألفاظ حين يغضب" حاكموا امكم حاكموا لانها ليست امرأتي وانا لست رجلها لكي تعزل زناها عن وجهها وفسقها من بين ثدييها" .. "وكشفت زناها وكشفت عورتها فجفتها نفسي" وأنه كالسكير المعيط من شرب الخمر" فاستيقظ الرب كنائم كجبار معّيط من الخمر " وأنه يولول وينوح ويمشي عريانا "من اجل ذلك انوح واولول.امشي حافيا وعريانا"
اعتقاد عُباد يسوع في الأنبياء
- يعتقد عباد يسوع أن الأنبياء غير معصومين في أي شيئ إلا في كتابة الوحي .. بل حتى الوحي يعتقد عباد يسوع أن الله الروح القدس قد أوحى إلى الأنبياء بالوحي ثم تركهم ليكتبوه هم بأيديهم وبإسلوبهم الذي يرونه .. وقد يكون النبي عابدا للأصنام كآحاز وسليمان زانيا كيهوذا ابن يعقوب وداود ولوط وشمشون متزوجا من ألف امرأة كسليمان سارقا كيعقوب وموسى خائنا كهارون وموسى كاذبا كبولس ديوثا كإبراهيم سابا للرب مجدفا عليه كأيوب وداود قاتلا سفاكا للدماء كشمشون وهوشع وداود يلطمه الشيطان كبولس و يجربه الشيطان كيسوع شتاما كشاول ويسوع و من نسل زنى كسليمان و يسوع يعصى الرب ويجادله كموسى و يعاقبه الرب بأن يعطي نساءه لإبنه يزني بهن في عين الشمس كداود وابنه .. سكيرا متعريا كنوح.. شيطان كبطرس .. ومع ذلك فهم أنبياء يوحى إليهم.
وهذه بعض الأمثلة من الكتاب المقدس
- نبي الله هارون يصنع العجل ويشجع قومه على عبادة العجل؟" فنزع كل الشعب اقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها الى هرون. فاخذ ذلك من ايديهم وصوّره بالازميل وصنعه عجلا مسبوكا"
- نبي الله سليمان يخالف وصايا الرب و يكفر في أواخر حياته ويعبد الأوثان ومنهم صنم عشتروت؟" وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. فذهب سليمان وراء عشتورث الاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين"
- نبي الله آحاز بن داود يذبح لغير الرب ويشرك بالله؟" كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك.وملك ست عشرة سنة في اورشليم.ولم يعمل المستقيم في عيني الرب الهه كداود ابيه بل سار في طريق ملوك اسرائيل حتى انه عبّر ابنه في النار حسب ارجاس الامم الذين طردهم الرب من امام بني اسرائيل"
- نبي الله أيوب يسب الله ؟ "لا تستذنبني فهمني لماذا تخاصمني. احسن عندك ان تظلم ان ترذل عمل يديك وتشرق على مشورة الاشرار. ألك عينا بشر ام كنظر الانسان تنظر. أأيامك كايام الانسان ام سنوك كايام الرجل حتى تبحث عن اثمي وتفتش على خطيتي"
- نبي الله لوط زنى ببناته وانجب منها المؤابيين والعمونيين" فحبلت ابنتا لوط من ابيهما"
- نبي الله داود يزني بزوجة جاره وينجب منها النبي سليمان ثم يقتل أبناء زوجته ميكال الخمسة؟ " وكان في وقت المساء ان داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحمّ.وكانت المرأة جميلة المنظر جدا. فارسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثشبع بنت اليعام امرأة اوريا الحثّي. فارسل داود رسلا واخذها فدخلت اليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها.ثم رجعت الى بيتها. وحبلت المرأة"
- نبي الله داود الشيطان يغويه "ووقف الشيطان ضد اسرائيل واغوى داود"
- نبي الله يهـوذا وابن النبي يعقوب يزني بثامار زوجة ابنه وينجبا فارص وزارح وهم من أجداد يسوع الناصري؟ " فقال ما الرهن الذي اعطيك. فقالت خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك فاعطاها ودخل عليها فحبلت من"
- نبي الله نوح يشرب الخمر ويسكر ويتعرى؟" وشرب من الخمر فسكر وتعرّى"
- الرب يأمر نبي الله إشعياء يمشي حافيا عريانا أمام الأمم ؟" اذهب وحلّ المسح عن حقويك واخلع حذاءك عن رجليك ففعل هكذا ومشى معرّى وحافيا"
- نبي الله شاول النبي ووالد زوجة داود النبي يتعرى أمام الناس ليأتيه الوحي؟" فخلع هو ايضا ثيابه وتنبأ هو ايضا امام صموئيل وانطرح عريانا ذلك النهار كله وكل الليل.لذلك يقولون أشاول ايضا بين الانبياء"
- نبي الله يعقوب يكذب و يسرق البركة من عيسو ويكذب على ابيه اسحاق ويسرق الغنم والبقر من خاله ويهرب بهم ليلا؟" فقال يعقوب لابيه انا عيسو بكرك"
- نبي الله هوشع يأمره الرب بالزواج من زانية" قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى واولاد زنى"
- نبيا الله موسى وهارون خانا الرب ولم يثقا به في وسط بني اسرائيل" لانكما خنتماني في وسط بني اسرائيل"
- نبي الله ابراهيم يقدم زوجته سارة إلي فرعون ثم إلى ابيمالك لينال الخير بسببها؟" قولي انك اختي. ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من اجلك"
- يسوع الناصري يسب الأنبياء قائلا" جميع الذين جاؤوا قبلي "يقصد الأنبياء كلهم" سارقون ولصوص"؟
- بولس الرسول يعترف ان الشيطان يلطمه .. ثم بعد ذلك يقول أنه دعا الرب أن يخلصه من ذلك الشيطان ولم يستجب له الرب وقال له لتكن هكذا "ليلطمك الشيطان" ومع ذلك هو رسول؟!
- يسوع الناصري الشيطان يجربه أربعين يوما" ثم أصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس .. ثم اخذه ايضا ابليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها" ثم نجد بولس يقول "لكي لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم" أي إنه من قول بولس فان تجربة الشيطان تكون بسب عدم النزاهة .. فهل يسوع لم يكن نزيها؟!
- بطرس شيطان ومع ذلك فهو رسول؟ " فالتفت وقال لبطرس اذهب عني يا شيطان.انت معثرة لي لانك لا تهتم بما لله لكن بما للناس"
اعتقاد عُباد المسيح في اليوم الآخر .. يوم الدينونة والحساب
يعتقد عباد يسوع الأرثوذكس أن يوم الدينونة سيكون بالروح فقط وهذا لايؤيده الكتاب المقدس مطلقا .. حيث يقول الكتاب "الراقدين في تراب الارض يستيقظون هؤلاء الى الحياة الابدية وهؤلاء الى العار للازدراء الابدي" و يقول سفر ايوب 19 : 25 -27 الترجمة العربية المشتركة "أعرِفُ أنَّ شَفيعي حَيٌّ وسأقومُ آجلاً مِنَ التُّرابِ فتَلبَسُ هذِهِ الأعضاءُ جلْدي وبِجسَدي أُعايِنُ الله وتَراهُ عينايَ إلى جانِبي ولا يكونُ غريبًا عنِّي" وأنه لا قصور ولا أنهار ولا مأكل ولا مشرب و لا وجود لأي متع حسية في الجنة .. مع أن يسوع يقول "في بيت ابي قصور كثيرة وإلا فاني كنت قد قلت لكم. انا امضي لاعد لكم مكانا وان مضيت واعددت لكم مكانا آتي ايضا وآخذكم اليّ حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا" بل إذا دخل أهل الفردوس الفردوس سيكونون كملائكة الله روحانيين لا يزوجون ولا يتزوجون لأنهم لايموتون .. وأن النار ايضا روحية .. ولكن الكتاب يقول "للخدام اربطوا رجليه ويديه وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الاسنان" و يعتقد عباد يسوع أن المسيح الإله الابن هو الذي يدين الخلائق لأن له طبيعة إنسانية .. وهذا ينقضه الكتاب المقدس تماما.
اعتقاد عُباد المسيح في الصوم
يخبرنا الكتاب المقدس أن موسى عليه السلام قد صام اربعين يوما عند الرب بالإمتناع عن الطعام والشراب"وكان هناك عند الرب اربعين نهارا واربعين ليلة لم ياكل خبزا ولم يشرب ماء. فكتب على اللوحين كلمات العهد الكلمات العشر" خروج 34: 28 .. وكذلك النبي إيليا "الياس" و المسيح بن مريم عليه السلام صاموا أربعين يوما بالإمتناع عن الطعام والشراب .. وكذلك يوحنا المعمدان يحيى بن زكريا هو وتلاميذه كانوا يصومون .. إلا أن الأناجيل تخبرنا أن تلاميذ المسيح قد سألوه عن الصيام وأنهم يريدون أن يصوموا فقال لهم اتصومون ومعكم العريس .. بعد أن اذهب واترككم صوموا! .. والآن فهم يأكلون ويشربون ويصومون فقط بالإمتناع عن أي شيئ فيه روح حيواني أو الطعام المشتق من أي حيوان لمدة 40 يوما .. ثم حولوا الصيام بالإمتناع عن أي شيئ فيه روح حيواني أو الطعام المشتق من أي حيوان ليكون في الشتاء حتى لايشعروا بتعب .. وزادوا 10 أيام فأصبح 50 يوما .. ولاأدري من أين أتوا بذلك الصوم .. الذي لم يأمرهم به المسيح عليه السلام ابدا!
اعتقاد عُباد المسيح في الصلاة
كثيرا ما يخبرنا الكتاب المقدس أن الله يأمر انبياءه بالإغتسال والتطهر قبل الصلاة وأن الأنبياء يخرون على وجوههم ويسجدون اثناء صلاتهم"فقام داود عن الارض واغتسل وادّهن وبدل ثيابه ودخل بيت الرب وسجد" ومنهم المسيح عليه السلام "ثم تقدم قليلا وخرّ على وجهه وكان يصلّي " الذي كان يصلي صلاته الأسبوعية في الهيكل يوم السبت حتى رفعه الله .. وأنه لما كان يصلي .. لم يكن يستخدم الاورج والعود والرباب والناي .. وكان يوجه وجهه اثناء صلاته إلى بيت المقدس .. بل كان يخر على وجهه ساجدا لله .. إلا أن عباد يسوع يستخدمون اليوم الفرقة الموسيقية والأنغام والأورج والعود .. وهم جالسون على المقاعد .. ليجعلوها صلاة روحانية من وجهة نظرهم .. وغيروا صلاة السبت " ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت" إلى الأحد بناءا على يوم الشمس الذي كان يستخدمه عباد مثرا المصلوب ايضا للعبادة
اعتقاد عُباد المسيح في الحج
لا يوجد أمر في الكتاب المقدس لعُباد يسوع بالحج .. إلا أنهم اخترعوا زيارة القدس و زيارة الأماكن المقدسة في فلسطين والأردن وأطلقوا على ذلك حجا.
اعتقاد عُباد المسيح في الزكاة
لقد أبقى القسيسين والرهبان على فريضة العُشر من المال المكتسب التي فرضها الله على نبيه يعقوب في الكتاب المقدس .. فجعلوها فريضة على كل عابد للمسيح قادر على الكسب .. ليعطي العشر من كل ما يكسب للكنيسة .. نعم للكنيسة .. للقسيسين والرهبان.
اعتقاد عُباد يسوع في الكُتب
- يعتقد عباد يسوع أن الله الروح القدس قد أوحى إلى الأنبياء بالوحي ثم تركهم ليكتبوه هم بأيديهم وبإسلوبهم الذي يرونه .. فهم يؤمنون بعهدين قديم وجديد .. يؤمنوا بأسفار موسى الخمسة "التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية" والتي يطلقون عليها التوراة .. وبكتب باقي أنبياء العهد القديم أنبياء بني اسرائيل الأربعة والثلاثون 34 كتابا .. ليكون مجموع أسفار العهد القديم 39 كتاب أو سفر .. وقد اختلفت الطوائف الأرثوذوكسية والكاثوليكية مع البروتوستانت في قانونية سبعة أسفار إضافية أخرى .. فالبروتوستانت يقولون بانعدام الوحي في تلكم السبعة اسفار ومنها سفر المكابيين الثاني الذي يقول كاتبه في الاصحاح 15: 39 - 40 "وههنا انا ايضا اجعل ختام الكلام فان كنت قد احسنت التاليف واصبت الغرض فذلك ما كنت اتمنى وان كان قد لحقني الوهن والتقصير فاني قد بذلت وسعي ثم كما ان اشرب الخمر وحدها او شرب الماء وحده مضر وانما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقب لذة وطربا كذلك تنميق الكلام على هذا الاسلوب يطرب مسامع مطالعي التاليف"
- وبذلك يكون عدد اسفار العهد القديم عند البروتوستانت 39 وعند الكاثوليك 46 .. أما الأرثوذوكس فهم يأخذون بالترجمة البروتوستانتية الموجود بها 39 سفرا .. وأخذوا السبعة أسفار الأخرى في كتاب آخر منفصل أسموه الأسفار القانونية .. وهذا هو العهد القديم .. 39 سفرا عند طائفة البروتوستانت .. و46 سفرا عند طائفة الكاثوليك .. و39 + 7 عند طائفة الأرثوذكس.
- أما العهد الجديد فهي الأناجيل الأربعة المعروفة متى ويوحنا ولوقا ومرقص والتي انتقتها الكنيسة من بين مئات الأناجيل التي كتبها التلاميذ الأصليين ليسوع وغير التلاميذ ايضا .. ومن هذه الأناجيل المرفوضة انجيل بطرس وتوما وفيليب ومريم المجدلية وإنجيل الرب وإنجيل نيقوديميس وإنجيل مريم أم يسوع .. وبالإضافة إلى الأربعة أناجيل فهناك 23 سفرا آخرين هم سفر أعمال الرسل ورسائل بولس وبطرس ويوحنا ويعقوب ويهوذا وسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي .. ليصل بذلك عدد الأناجيل والرسائل إلى 27 كتابا ليطلقوا عليه العهد الجديد .. فمجموع اسفار العهدين عند البروتوستانت66 وعند الكاثوليك 73 أما الأرثوذوكس فعدد الأسفار 66 في كتاب و7 قانونية في كتاب آخر.
اعتقاد عُباد المسيح في شريعة الله
- يعتقد عُباد المسيح كما أخبرهم بولس أنهم كانوا تحت لعنة الشريعة التي أنزلها الله على نبيه موسى وأن الناموس والشريعة التي انزلها الله على عبده موسى تشجع على الخطيئة وأن الشريعة لم تكمل شيئا وانها قد شاخت ولابد من تنحيتها جانبا .. ولما جاء يسوع وصلبه اليهود والرومان فقد زال عنهم تطبيق الشريعة لأنه دفع ثمن اللعنة التي توعد الله بها من ضيع شريعة الله .. وأن الذي يعمل بكل وصايا الشريعة والناموس وأخطأ في واحدة من الوصايا فهو ملعون وله نفس عقاب الذي ترك كل الوصايا ولأجل ذلك فترك كل الشريعة والناموس أفضل .. وقد دفع يسوع ثمن ذلك لهم بصلبه وأنه قد صار ملعونا بدلا منهم .. فكلمات الشريعة بالنسبة لهم موجودة في الكتاب المقدس ولكنهم لن يطبقوها ابدا مع أن الله قال "واحفظوا وصاياي فرائضي حسب كل الشريعة التي اوصيت بها آباءكم والتي ارسلتها اليكم عن يد عبيدي الانبياء" .. فيسوع دفع الثمن و أصبح ملعونا بدلا منهم مجانا من أجل ذلك .. فلماذا يطبقوها إذن؟ .. فالزاني المتزوج ومغتصب النساء يُرجم في الشريعة ولكنه عند عُباد يسوع يقال له اذهب ولاتفعل ذلك ثانية! وكذلك القاتل للأبرياء والسارق للآخرين والذي لايختتن والمفسد والشرير؟ .. لا عقوبات عليه في عقيدة عُباد المسيح؟ .. فقد قال الله بأن من يعطل شريعته ملعون .. وقد صار يسوع ملعونا بدلا منهم ليعطلوا شريعة الله التي شدد الله بالأمر بتطبيقها "حافظ الشريعة فطوباه" .. "فلا تتركوا شريعتي"
اعتقاد عُباد المسيح في الملائكة
- يعتقد عباد يسوع أن الملائكة أجسادا نورانية .. و رئيسهم ميخائيل .. ومنهم الملاك جبرائيل وأنهم يأكلون اللحم والدقيق والسمن ويشربون كما فعلوا حينما زاروا إبراهيم عليه السلام وكان معهم الله فجلس الله وملائكته يأكلون من عجل ابراهيم .. ويعتقدون كما قال لهم بولس أن ابليس الشيطان كان من الملائكة هو وتابعيه ولكنهم استكبروا .. فأصبحوا ملائكة عصاة .. فالملائكة العصاة هم الشياطين .. و يرسمون الملائكة على شكل إناث وأطفال؟ .. وهم في هذا لا يستندون على شيئ من الكتاب المقدس.
(((((موضوع مهم؟؟؟))))السلام عليكم
الأستاذ متعلم وضع هذا الرد على علاقته بحوار الأديان بالجامع
وأردت ان أنقله للأعضاء هنا لما له من قيمة ممتازه
--------
بدأت معرفتي بالنصرانية على المستوى الاجتماعي ، منذ سن السادسة تقريبًا ، وحتى عشر سنوات بعدها .. دخلت بيوتهم .. اطلعت على أحوالهم .. شاركت في أعيادهم .. زرت كنائسهم .. وعلى سبيل المثال : أذكر أني في سن العاشرة ، دعاني صديق نصراني لحضور زواج أخته في الكنيسة . وأثناء الإجراءات ، وبعد تلاوة أحد الكهنة لمقاطع ذات صبغة دينية ، بدأ الإنشاد ، ثم فوجئت – وحدي فوجئت – برجل في ملابس الكهنوت ، في يديه "الصاجات" ! يضرب بها مميلاً رأسه بكل رضا ! .. بعد الحفل ، أفهمني صديقي – بعدما وبخني على ضحكي ساعتها – أن هذا يقابل عندنا "الإنشاد الديني" لكن تصاحبه المعازف ، وأن الكهنة عندهم يضربون على المعازف دون أدنى حرج .
وعلى مستوى القراءة ، فحتى سن الخامسة عشر ، كنت قد قرأت كتبًا كثيرة للنصارى وكثيرًا من البايبل الذي لم أستطع إكماله آنذاك للملل الذي كان يصيبني منه بسرعة ، بالإضافة إلى مئات الساعات من السماع لإذاعة تبشيرية معروفة وعشرات المراسلات معها و"الهدايا" منها .
في المقابل ، كنت قد طالعت كثيرًا من الكتابات الجدلية والردود للمسلمين . لكن القراءة شيء والعلم شيء آخر . وأرجو أن ينتبه الأحبة إلى هذا الأمر المهم : القراءة شيء والعلم شيء آخر . قد توصلك القراءة إلى العلم وقد لا توصلك .
لكن بعد الخامسة عشر ، منّ الله علينا بطلب العلم من بابه ، أعني بطريقة منهجية مرتبة .. كانت بداية "الصحوة" خطبة جمعة في مسجد الشيخ فوزي السعيد ، شرح فيها معنى لا إله إلا الله ، وأن معناها ألا محبوب لذاته إلا الله .. فكأنما كنت في سُبات وانتبهت ، وكأنما كان قلبي ميتًا فتنسم نسمة الحياة ..
وأما على مستوى جدال النصارى أو دعوتهم ، فكان منذ الصغر أيضًا ، لكن لم يأخذ طابع "الخصومة" إلا بعد سن العاشرة .. بدأ ذلك عندما أسلم أحد نصارى شارعنا القديم ، ولم يستسلم ساعتها قساوسة كنيسته بسهولة ، كما لم يستسلم في المقابل "إخوة مسجد الشيخ فوزي السعيد" .. انتبهت بعدها للنشاط التبشيري الذي كان يُمارس بكل خسة على الفقراء القاطنين في منطقة سكنية - أمامنا مباشرة - مشهورة بفقرها المدقع .. كان الشمامسة يجولون في شوارعها بكل حرية ، ويقفون أمام البيوت جهارًا يكلمون أصحابها .. شاركت في كثرة كاثرة من هذه الجدالات ، ولم أكن أملك "علمًا" ساعتها ، لكن كنت قد "قرأت" كثيرًا من كتب الردود ونقد النصرانية .
كان كثير من الفقراء يسايرهم لينال المال ، وبعضهم يوهمهم فعلاً بأنه ترك الإسلام لنفس الغرض . الجدير بالذكر أن القساوسة ما كانوا مخدوعين بهذا ، وكانوا يعرفون الواقع ، وكانوا راضين بهذه الحال لأمرين : الأول : أن هذا الوضع على تهافته يفيدهم في الناحية الدعائية أمام أبناء ملتهم . والثاني وهو الأهم : أنهم وإن خسروا الآباء لكن يأملون في اكتساب أطفالهم عن طريق تولي تعليمهم في مدارسهم ومتابعتهم .
خفت الجدالات مع النصارى – نسبيًا - في مرحلة الدراسة الثانوية . ثم عادت بقوة في بداية مرحلة الدراسة الجامعية . كان لي صديق مسلم يعمل في "سنترال" حكومي . وكان على زهد وعبادة وشيء من العلم ، لكن ليس عنده موهبة الجدل على الإطلاق . وكان له زميل عمل نصراني يبلغ أربعين سنة يدرس دراسات عليا في القانون . فلم يكن النصراني يدع صديقي يومًا دون جدال . فشكى لي زميلي الحال ، فقلت له : هذا خير ساقه الله إلينا . بعد فترة أدرك النصراني أن الحال تغيرت ، وسأل صديقي عمن يلقنه فأخبره . بعدها استعان النصراني بأحد قساوسة كنيسة العباسية متخصص في جدال المسلمين . بعدها طلب القس مقابلتي شخصيًا . وقد كان .
في السنوات الأخيرة ، انتبهت إلى فائدة الإنترنت في الدعوة ، فدخلت عالم الإنترنت ، ولم أنقطع – بفضل الله – عن دعوة النصارى في عالم الواقع .. لكن دخلت الإنترنت ..
ألزمت نفسي في البداية شهورًا طويلة بعدم الدخول في أي حوار على الإنترنت ، حتى أتعلم جيدًا قواعد الأمر في عالم الإنترنت ..
تعلمت من (برسوميات) وغيره الكثير .. ونفعني الله بكتابات الإخوة الكبار كالأخت (مسلمة) والأخ (eeww) وغيرهما ..
عالم الإنترنت مختلف تمامًا عن عالم الواقع .. في عدة أمور :
أولاً : قلة الأدب هي الصفة الغالبة على نصارى الإنترنت .. أما في عالم الواقع فمحاورك النصراني يسيل أدبًا ورِقَّة ، لا سيما الشمامسة والقساوسة .. في عالم الواقع ، غالبًا يكون هدف محاورك النصراني إثبات صحة دينه وخطأ دينك .. أما على الإنترنت ، فهدفه غالبًا التشفي والتنفيس عن غيظه وكمده الذي يحرق صدره على هذا الدين وأهله .. في عالم الواقع ، غالبًا يكون محاور النصراني مؤمنًا بعض الإيمان بدينه .. أما على الإنترنت ، فالشهرة لأقباط المهجر ، وأقباط المهجر أكثرهم علمانيون أو ملاحدة ، ثم "المتدين" منهم ترك الأرثوذكسية إلى البروتستانتية تقربًا لوطنه الجديد .. والمؤمن يحاول الالتزام ببعض الخلق والأدب ، أما بنو علمان وبائعو المذهب فالمسألة عندهم سياسة لا دين .
ثانيًا : الجهل هي الصفة الغالبة على نصارى الإنترنت .. بالطبع الجهل صفة فاشية في النصارى وقساوستهم سواء في عالم الواقع أو على الإنترنت ، لكن الإنترنت منبر الجهلاء بلا منازع .. فالإنترنت منبر مَن لا منبر له ، ويمكن لأي جاهل أن يضع المشاركات وينشئ المواقع .. وأي أحمق يمكنه أن يقول « أنا أرى .. وأعتقد .. وبلا شك » فيصير في عين نفسه عظيمًا ويتوهم أنه صار هكذا عند الناس .. وهذا غير خاص بالنصارى فقط ، وإن كان لهم أطول باع في صفة الجهل والضلال ، لكن هو أيضًا للملاحدة وغيرهم ، بل هو في المسلمين أيضًا وإن قلت النسبة .. لأن في عالم الواقع ، نشر الكتب له مشاكله المادية ، وهذه المشاكل تكون بمثابة المصفاة التي تغربل الغثاء ليصفو لك أفضل الغثاء . وبعض الشر أهون من بعض . وأما سهولة الكتابة على الإنترنت ففتحت الباب لكل جاهل وأحمق أن "يشارك" .. عندنا في مصر يقولون : « هبلة ومسكوها طبلة » ! .. وأي "أهبل" يستطيع الآن الإمساك باللاقط على البالتوك مثلاً "ليطبل" كيفما شاء !
فإذا امتلك هذا الجاهل أو الأحمق إشرافًا في منتدى ، أو في غرفة بالتوكية ، فهي المصيبة الكبرى .. فيحذف لهذا ، ويمنع ذاك ، ويطرد هؤلاء .. محاولاً أن يشفي غليله من المسلمين من ناحية ، وأن يتعالم على بني ملته من ناحية أخرى ..
وأنا أشمل بكلامي كثير من المسلمين أيضًا وأسأل الله العافية ..
أكثر قراء الإنترنت – مسلمين أو نصارى أو غيرهم - ليسوا بقراء أصلاً .. فما كانت هوايتهم القراءة قبل الإنترنت ولا بعدها .. وليسوا بأهل سماع ومحاورة أصلاً .. فما كانوا يطيقون سماعًا يطول أو يصبرون على حوار يمتد لا قبل الإنترنت ولا بعدها .. لكن وجدوا على الإنترنت فرصتهم في التعالم والظهور بمظهر "القارئ" و"المحاور" .. واضطرتهم الإنترنت للقراءة بسبب طبيعة المنتديات بها ، فيرتكبون هذه الضرورة ولكن بقدرها ! .. فيقرأ وما هو بقارئ .. يظن القراءة مجرد مس النظر للكلام (أو بعضه) ، ولا صبر عنده على فهم بضعة سطور أو التأمل فيها .. وقل مثل ذلك في مهارات الحوار المسموع ..
ثالثًا : الحوار على الإنترنت ليس ثنائيًا في الغالب .. فمحاورك النصراني في منتداك أو منتداه يكتب كلامًا يراه الذكي والغبي .. وهذه مشكلة تخص المسلم الواعي ، لأنه يعلم أن ترك الهذيان بلا تعقيب قد يغر الجهلاء والساذجين ، والتعقيب على كل هذيان سيضيع الموضوع الأصلى .. مشكلة قَلّ مَن يحسن التعامل معها .
وهي وإن كانت مشكلة للمسلم ، فهي مكسب للنصراني .. لأن النصراني لا يأمل كثيرًا في إثبات صحة دينه كما يرجو المسلم ويعزم .. النصراني كل همه أن يوضح - لبني ملته لا للمسلم - أن الإسلام به "مشاكل" .. هذا قصارى همه .. يريد أن يقول لهم : لا تتركوا النصرانية بسبب مشاكل عقيدتها أو كتابها فالإسلام أيضًا له مشاكله ، فاصبروا على مشاكلكم أفضل .. وعلى هذا يكفي النصراني تمامًا أن يخرج من الموضوع بلا إثبات لصحة دينه أو خطأ صريح للإسلام .. يكفيه تمامًا أن يكون الموضوع تغبيشًا وتشويشًا على الإسلام .. وهو يعلم أن هذه النتيجة تكفي لخداع بني قومه الذين مردوا على التقليد الأعمى .. هذا بالطبع بخلاف هدف التشفي الذي أسلفنا بيانه .
ومع الأسف كثير من المحاورين المسلمين في مجالنا لا ينتبهون لهذه المسألة ، فلا يُحكمون قبضتهم على محاورهم النصراني ، ويتركونه ليتفلت ببعثرة المسائل هنا وهناك ، ويضيع الموضوع ويضيع القارئ ويضيع الوقت ..
كذلك ، فإن النصراني يكون همه التهجم على الإسلام أكثر من إثبات صحة النصرانية ، لأن أكثرهم يائس من هذا الأخير .. أو قل إن النصراني يائس من إثبات صحة دينه بمجرد عرضه ، لكنه يأمل دومًا أن يحقق ذلك بإثبات خطأ الإسلام ..
وقد أدى هذا إلى إعراض أكثر النصارى عن الكلام حول عقيدته أو كتابه ، لأنه يعلم من المشاكل حول عقيدته وكتابه أكثر مما تعلم أنت ! .. فترى واحدهم يقول لك إذا ألزمته بكتابه : دعك من كتابي وديني وأنا من الملحدين ! .. وليس بعد هذا الخزي من خزي !
ومع الأسف ، بعض المسلمين – على البالتوك - يقلد النصارى في مثل هذا ، وإن بدرجة أخف ، وإن لم يكن بنفس اللفظ الفاجر .
والشاهد أن غياب ثنائية الإنترنت مشكلة أمام المسلم الفاهم .. ولذلك أرجو ألا يكتفي الأحبة بالحوارات العلنية على الإنترنت .. بل ينبغي أن يصطادوا كثيرين إلى الحوارات الثنائية ، حيث يستطيعون التركيز أكبر والتوضيح أكثر وعرض الإسلام بطريقة أوضح .. لا سيما والنصراني تأخذه العزة بالإثم في الحوارات العلنية ، فيخشى إن ترك مشاركة دون سب الإسلام أن يعيره إخوانه بالخنوع ، فيلجأ لقلة الأدب مضطرًا في أحيان كثيرة .
رابعًا : الخفاء .. فشخصية محاورك تكون مخفية على الإنترنت ، ومكشوفة بشكل أكبر في عالم الواقع .. وهذا قد يؤدي إلى ضياع أوقات كثيرة على الإنترنت .. فقد يطول حوارك مع خصمك النصراني ، ويشتد عجبك من شدة غبائه ، ولا تكتشف أن محاورك وقع على رأسه وهو صغير مما أدى إلى خلل في عقله يمنعه الفهم والحوار ! .. وقد يطول حوارك مع خصمك النصراني ، ويشتد عجبك من شدة عناده ، ولا تكتشف أن محاورك مأجور يؤدي واجبًا كنسيًا لم يطالبوه بالانتصار في حوار فذاك أمل بعيد ، لكن طالبوه بحوارات "فعالة" في خدمة الرب يسوع له المجد !
خامسًا : سهولة النسخ واللصق .. فالنصراني على الإنترنت عنده كم كبير من الكتب التي يستطيع أن ينسخ منها ويلصق .. فيفتح الموضوع ويبدأ بلصق ما عنده تباعًا ، وهو يوهم نفسه قبل إيهامك والقارئ أنه بذلك النسخ واللصق قد "حاور" ! .. فإذا انتهى مخزونه الإنترنتي انتهى الموضوع وحان الوقت ليقول الكلمة المعروفة : « انتهى الموضوع بالنسبة لي وأترك الحكم للقارئ » !!
وهو حتى لا يكلف نفسه أن ينسخ ويلصق من كتب خارج الإنترنت .. هذا عبث وضياع للأوقات ينزه نفسه عنه !
بالطبع قد يكون سؤال المسلم المطروح لا وجود لإجابة عليه مباشرة في "مخزون" الأفندي النصراني .. لا مشكلة .. سيحاول تطويع الموضوع للمخزون لا العكس ! .. إما بأن يجر المسلم إلى مسائل موجود إجابتها المباشرة في "المخزون" .. أو بنظام "التعامي" فيترك المسلم يكتب ويلصق له أقرب ما في "المخزون" ، مع الادعاء الدائم أثناء ذلك وبعده ، أنه رد على كل ما أثاره المسلم ، ووضع كل الأدلة التي تقنع أي عاقل ، وفعل كل شيء ، لكن المسلم معاند لا أكثر ! ..
بالنسبة للكتب ، فأعظم كتابين لطالب العلم المجتهد – والله أعلم – : كتاب "الجواب الصحيح" وكتاب "إظهار الحق" .
لكن ينبغي ألا ننظر للكتابين على أنهما يقدمان "معلومات" ، وإنما هما يقدمان "منهجًا" في هذا المجال ..
وهذا الأمر واضح جدًا مع كتاب "الجواب الصحيح" .. فابن تيمية يصرح باللفظ الصريح أن "طريقة" الرد تكون هكذا .. ويعلمك ما أفاض الله عليه من علمه ..
و"إظهار الحق" وإن كان لا يصرح بمثل هذا اللفظ ، لكن منهجه واضح جدًا ..
وبالرغم من وجود كتابات كثيرة جيدة تلت "إظهار الحق" إلا أن في "إظهار الحق" مزايا لا يستطيع جمعها أكثر المحدثين ..
على سبيل المثال : مسألة التوثيق .. كثير من كتابات المسلمين على الإنترنت ينقصها التوثيق المفيد للقارئ ..
ثم إن الشيخ "رحمت الله" ما كان ينقل عن مراجع وسيطة في الاحتجاج ، وإن فعل يكون المرجع الوسيط حجة على المخالف .. انظر الآن إلى رسالات الماجستير والدكتوراة في مجالنا .. أكثرها – إلا ما رحم ربك – لا يعرف إلا المراجع الوسيطة التي ليست بحجة على المخالف .. فتجدهم يوثقون عقائد النصارى من كتب الشيخ أبي زهرة وغيره من المسلمين ..
والشيخ "رحمت الله" ما كان يحتج على النصارى بقول غيرهم ، بل ما كان يحتج على طائفة منهم بقول الأخرى .. مع الأسف فإن أكثر الأكاديميين مولعون بالاحتجاج على النصارى بقول أي مايكل وأي جورج لمجرد أن اسمه مايكل أو جورج ، غير منتبهين أن من يحتجون بقوله ملحد لا نصراني .. وحتى لو كان نصرانيًا فالحجة تشترط أن يكون من علمائهم على الأقل .
وكثير من الأكاديميين يحتجون على النصارى بقول أستاذ اللاهوت فلان بالكلية العلانية .. ولا ينتبهون أن الغرب عج بزخم هائل من كليات لاهوتية لا يعترف بها جمهور النصارى .. بل أكثر هؤلاء الأساتذة ملاحدة أصلاً أو يفهمون النصرانية بطريقتهم الخاصة ..
وهذه إشارة عابرة إلى ميزة واحدة في كتاب "إظهار الحق" .. واللبيب بالإشارة يفهم .
أعتذر بشدة عن الإطالة .. وأرجو الله أن ينفع بنا وبكم .
توحيد
ثالثًا : الحوار على الإنترنت ليس ثنائيًا في الغالب .. فمحاورك النصراني في منتداك أو منتداه يكتب كلامًا يراه الذكي والغبي .. وهذه مشكلة تخص المسلم الواعي ، لأنه يعلم أن ترك الهذيان بلا تعقيب قد يغر الجهلاء والساذجين ، والتعقيب على كل هذيان سيضيع الموضوع الأصلى .. مشكلة قَلّ مَن يحسن التعامل معها .
وهي وإن كانت مشكلة للمسلم ، فهي مكسب للنصراني .. لأن النصراني لا يأمل كثيرًا في إثبات صحة دينه كما يرجو المسلم ويعزم .. النصراني كل همه أن يوضح - لبني ملته لا للمسلم - أن الإسلام به "مشاكل" .. هذا قصارى همه .. يريد أن يقول لهم : لا تتركوا النصرانية بسبب مشاكل عقيدتها أو كتابها فالإسلام أيضًا له مشاكله ، فاصبروا على مشاكلكم أفضل .. وعلى هذا يكفي النصراني تمامًا أن يخرج من الموضوع بلا إثبات لصحة دينه أو خطأ صريح للإسلام .. يكفيه تمامًا أن يكون الموضوع تغبيشًا وتشويشًا على الإسلام .. وهو يعلم أن هذه النتيجة تكفي لخداع بني قومه الذين مردوا على التقليد الأعمى .. هذا بالطبع بخلاف هدف التشفي الذي أسلفنا بيانه
:x029::x029::x029::x029::x029::x029:
الحقيقة المقال كله اكثر من رائع .. ويحلل الأمور بامتياز ... ولكن هذه الفقرة بالذات .. جاءت على الجرح
باحث سلفى
ولا تكتشف أن محاورك وقع على رأسه وهو صغير مما أدى إلى خلل في عقله يمنعه الفهم والحوار !
ما معنى هذه هل معناها التعميد
الشرقاوى
-
ما معنى هذه هل معناها التعميد
المعنى اخي الكريم أنك ستكتشف بعد وقت طويل وجهد كبير أن غباؤه وتعنته الظاهر بسبب أنه مغسول المخ ومأجور الجيب ولهذا فهدفهم ليس الحوار???????====
لغة الأناجيل تصرخ بأنها ليست وحي اللـه
ما هى طبيعة وأسلوب اللغة التى كتبت بها الأناجيل ؟
مرقس: يلفت (جرانت) الأنظار إلى خشونة وعامية اللغة التى حرر بها مرقس إنجيله. ويذكر (الكتور بوكاى) نقلاً عن (كولمان) قوله: “إن هناك الكثير من تراكيب الجمل فى هذا الإنجيل تدعم الغرض القائل بأن مؤلف هذا الإنجيل يهودى الأصل”. ويرى (بوكاى) نفسه أن “نص هذا الإنجيل يُظهِر عيباً رئيسياً أولياً لا جدال فيه ، فلقد تحرر دون اهتمام بالتعاقب الزمنى للأحداث .. .. كما أن هذا المبشر يبرز افتقاراً كاملاً للمعقولية”.
ويُنقل عن الأب (روجى) قوله: “إن مرقس كان كاتباً غير حاذق ، وأكثر المبشرين ابتذالاً ، فهو لا يعرف أبداً كيف يحرر حكاية”.
ويرى كولمان (أن لوقا يحذف أكثر الآيات اليهودية عند مرقس ، ويبرز كلمات المسيح فى مواجهة كفر اليهود وعلاقته الطيبة مع السامريين الذين يمقتهم اليهود ، على حين يقول متى فى إنجيله إن المسيح طلب إلى حوارييه تجنب السامريين).
وذلك مثال جلى ـ بين أمثلة كثيرة ـ على أن المبشرين يضعون على لسان يسوع ما يتناسب مع وجهات نظرهم الشخصية ، كما يقول دكتور موريس بوكاى.
أما كاتب إنجيل يوحنا فهو متأثر جداً بالأسلوب الإغريقى الفلسفى ، الذى كان منتشراً فى نهاية القرن الأول وبداية القرن الثانى الميلادى ، عندما انتشرت نظرية الغنوصية ، التى تزيد من تبجيل يسوع فجعلته شبحاً بلا وجود أو مخلوقا إلهياً تجسَّدَ مؤقتاً ولم يعان عذاباً ولم يذق موتاً).
وتقول دائرة المعارف الكتابية عن مفردات مرقس (مادة إنجيل مرقس): (يبلغ عدد المفردات فى إنجيل مرقس (فى الأصل اليونانى) 1.330 كلمة ، منها ستون كلمة أسماء أعلام ، و 79 كلمة ينفرد مرقس باستخدامها (فيما يختص بأسفار العهد الجديد) ، و 203 كلمة لا توجد إلا فى الأناجيل الثلاثة الأولى ، و 15 كلمة فى إنجيل يوحنا ، و 23 كلمة فى كتابات الرسول بولس (بما فيها الرسالة إلى العبرانيين) وكلمتان فى الرسائل الجامعة (واحدة فى يعقوب والثانية فى بطرس الثانية) ، وخمس كلمات فى سفر الرؤيا . ونحو ربع الكلمات التسع والسبعين التى ينفرد بها مرقس ، هى كلمات غير بليغة ، بالمقابلة مع السُّبع فى لوقا ، وأكثر من السُّبع قليلاً جداً فى متى.
أما بالنسبة لزمن الأفعال التى استُخدِمَت فى إنجيل مرقس: فقد استخدم صيغة (الفعل فى المضارع 151 مرة ، مقابل 78 مرة فى متى ، وأربع مرات فى لوقا ، وذلك فى غير الأمثال حيث أن مرقس لا يستعمله مطلقاً فى الأمثال ، بينما يستخدمه متى 15 مرة ، ولوقا خمس مرات. ويستخدم يوحنا صيغة الفعل المضارع 162 مرة (أكثر قليلاً من مرقس).
وبالنسبة للإقتباسات فتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (إنجيل مرقس): (اقتباسات: مما يسترعى النظر أن متى فى كثير من الفصول ، يجذب الأنتباه إلى أن يسوع قد أكمل النبوات، بينما نجد أن مرقس لا يقتبس سوى مرة واحدة من العهد القديم ويضع هذا الاقتباس فى صدر إنجيله . والجزء المقتبس من إشعياء يظهر فى الأناجيل الأربعة ، أما الجزء المقتبس من ملاخى ، فلا يذكر إلا فى إنجيل مرقس فقط ، على الرغم من وجود تلميح لهذا الجزء فى إنجيل يوحنا (3: 28) .
يذكر مرقس فى إنجيله 19 اقتباساً بالمقارنة مع 40 اقتباساً يذكرها متى، 17 اقتباساً فى لوقا، 12 اقتباساً فى يوحنا – وثلاثة من هذه الاقتباسات التسعة عشر، لا توجد فى مكان آخر من العهد الجديد وهى (9: 48، 10: 19، 12: 32) ، وكل الاقتباسات فى العهد الجديد هى 160 اقتباساً.
وإذا أخذنا فى الاعتبار الإشارات إلى العهد القديم ، الصريحة والضمنية ، فيذكر وستكوت وهورت (فى كتابهما : العهد الجديد فى اليونانية) لمتى 100 استشهاد ، ولمرقس 58 ، وللوقا 86 ، وليوحنا 21 ، ولسفر الأعمال 107.
تقول دائرة المعارف الكتابية عن معجزات يسوع مادة (إنجيل مرقس): (وليس غريبا أيضاً أن تكون المعجزات أكثر عدداً من الأمثال . ويقول وستكوت (فى مقدمة لدراسة الأناجيل – 480- 486) أن مرقس يذكر تسع عشرة معجزة وأربعة أمثال ، بينما يذكر متى 21 معجزة و15 مثلاً ، ولوقا 20 معجزة و19 مثلاً ومن المعجزات ينفرد مرقس بذكر اثنتين ، كما ينفرد بذكر مثل واحد . كما يسجل البشير مرقس أعمال المسيح أكثر مما يسجل أقواله . وهذه الحقائق تقدم لنا نقطة التقاء أخرى مع حديث بطرس (أع 10: 37-43) ، فهى أعمال خير وإحسان (أع 10: 38) ولها دلالات قوية (أع 2: 22، أنظر مرقس 1: 27، 2: 10 إلخ).
ويبين مرقس أن معجزات الشفاء كثيراً ما كانت فورية (1: 31، 2: 11و12، 3: 5) ، واحياناً تمت شيئاً فشيئاً أو بصعوبة (1: 26، 7: 32-35 ، 9: 26- 28) ، كما لم يستطع مرة أن يصنعها " بسبب عدم إيمانهم (6: 5و6).
أما عن معرفة مؤلف إنجيل مرقس لفلسطين فتقول دائرة المعارف الكتابية (مادة مرقس): إنه جليلى من أورشليم ، أما H. Conzelmann فى كتابه (Arbeitsbuch zum Neuen Testament) صفحة 304 و 305 أن مؤلف إنجيل لوقا لا يعرف فلسطين.
وهذا كله يدل إذاً على أن كاتبوا الأناجيل غير موحى إليهم ، ولكنهم أشخاص اجتهدوا فى كتابة هذه الإناجيل بأسلوبهم الخاص ، مستندين فى ذلك على مصادر لديهم ، كما تقول دائرة المعارف الكتابية (مادة إنجيل مرقس): (سادسا – المصادر: رأينا أنه طبقاً لشهادة الآباء ، كانت كرازة بطرس وتعليمه ، هما – على الأقل – المصدر الرئيسي ، وأن الكثير من معالم الإنجيل تؤيد هذا الرأي. وقد رأينا أيضاً أسباباً دقيقة ، ولكن لها وزنها ، تدفعنا إلى الاعتقاد بأن مرقس نفسه قد أضاف القليل.
يعتقد "وايس" أن مرقس استخدم وثيقة مفقودة الآن كانت تضم أساساً أقوال يسوع يطلق عليها فى الكتابات المبكرة "اللوجيا" أى الأقوال ، وكان يرمز لها بالحرف "سا" ولكنها تعرف الآن بالحرف “ Q ” ، وقد أيده فى هذا مؤخراً ، ساندى وستريتر. وقد حاول هارناك والسيرجون هوكنز وفلهاوزن إعادة إنشاء “ Q ” على أساس ما لا ينتمى لمرقس فى متى ولوقا ، أما " ألن" فيستخلصها من متى فقط معتقداً أن مرقس أيضاً يحتمل أن يكون قد أخذ أقوالاً قليلة منه. والبعض يفترض مصدراً معيناً للأصاح الثالث عشر، ويعتبره ستريتر وثيقة كتبت بعد سقوط أورشليم بزمن وجيز، متضمنة أقوالاً قليلة مما نطق به يسوع، وقد أدمجها مرقس فى إنجيله. ويفترض بيكون وجود مصادر أخرى شفهية كانت أو مكتوبة، لأجزاء صغيرة من الإنجيل، وسماها بالرمز ““ X ، ويزعم أن الكاتب الأخير لإنجيل مرقس ( ويرمز له بالرمز R ) ليس مرقس، بل شخصاً من مدرسة بولس من نوع راديكالي.)
ويقول لوقا فى إنجيله: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
وعن هذا النص تقول دائرة المعارف الكتابية (مادة لوقا) (منهج لوقا : لقد صرح لوقا بمنهجه فى مقدمته الرائعة البليغة (1: 1-4) ، فهنا نرى لمحة من شخصية الكاتب ، وهو ما لا نجده فى إنجيل متى ومرقس ، وإن كنا نراه فى لمحات عابرة فى الإنجيل الرابع. ولكنا هنا نجد الكاتب يأخذ القارئ موضع ثقة ويكشف عن موقفه ومؤهلاته للقيام بهذا العمل العظيم ، فهو يكتب كمعاصر عن الماضى القريب، وهذا النوع من أعسر الكتابات التاريخية فى تفسيره ، ولكنه فى الغالب من أهمها ، فهو يكتب عن "الأمور المتيقنة عندنا" التى حدثت فى زمننا. وكما سبق القول ، لا يدَّعى لوقا أنه كان شاهد عيأن لهذه الأمور" ،فكما نعلم، كان لوقا أممياً ومن الظاهر أنه لم ير يسوع فى الجسد ، فهو يقف فى مكان خارج الأحداث العظيمة التى يسجلها. وهو لا يخفى اهتمامه الشديد بهذه القصة ، ولكنه يذكر أيضاً أنه يكتب بروح المؤرخ المدقق. أنه يريد أن يؤكد لثاوفيلس هذه الأمور "لتعرف صحة الكلام الذى علمت به" ، ويقرر أنه قد تتبع أو فحص "كل شئ من الأول بتدقيق" ، وهو ما يجب على كل مؤرخ صادق . ومعنى هذا أنه حصل على مقتطفات من مصادر مختلفة ومحصها وسجلها فى قصة مترابطة "على التوالى" حتى يعرف ثاوفيلس تماماً التتابع التاريخى للأحداث المرتبطة بحياة يسوع الناصرى. وحقيقة أن " كثيرين قد أخذوا بتأليف قصة فى هذه الأمور" لم تمنع لوقا عن العمل . بل بالحرى دفعه ذلك العمل "رأيت أنا أيضا " لكتابه تاريخه عن حياة يسوع وعمله كما جمعه من بحثه ، ولم يكن الزمن قد بعد به عن الجيل الذى عاش فيه يسوع ومات . فقد كان أمراً بالغ الأهمية عنده كأحد أتباع يسوع المثقفين ، أن يتتبع أصل هذه الدعوة التى قد أصبحت حركة عالمية، وكان قادراً على الوصول إلى الحقائق لأنه تقابل مع شهود العيان ليسوع وعمله كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة ". لقد كانت هناك فرصة واسعة أمام لوقا خلال السنتين اللتين قضاهما مع بولس فى قيصرية (أع 24- 26) ليقوم بدراسته وابحاثه الدقيقة ، فقد كان عدد كبير من أتباع المسيح ، مازالوا أحياء (1كو 15: 6) وكانت هذه فرصة ذهبية للوقا ، كما كان عنده القصص المكتوبة التى "كان كثيرون قد أخذوا " فى كتابتها. ولا شك فى أننا ننتظر أن نرى فى إنجيل لوقا كتاباً مشابهاً لسفر الأعمال فى الأسلوب والمنهج ، مع غرام المؤرخ بالدقة والترتيب ، ومع استيعاب الكاتب واستفادته من كل ما سمع وقرأ ، ولا يمكن أن نتوقع من مثل هذا الكاتب أى تهاون أو عدم مبالاة ، بل نتوقع منه المزج الذكى بين ما جمعه من مواد ليجعل منه عملاً فنياً متكاملاً.)
وهنا تطرح نفسها عدة أسئلة :
- لماذا أوحى الرب عدة أناجيل تختلف فى التفاصيل، وتختلف فى الأسلوب اللغوى وتختلف فى إهتمامات المؤلفين، وتختلف محتوياتها تبعاً لإختلاف مصادرها التى كتب منها مؤلف الإنجيل؟
- لماذا لم يوحى الرب إنجيلاً واحداً يجمع كل هذه التفاصيل فى كتاب واحد؟ أليس ذلك أبلغ وأقوى فى البشارة به؟
- لماذا أوحى الرب لأناس ما هم بأنبياء وبعضهم غير معروفة هويته أو مُختَلَف فيها اختلاف كبير ، ولم يوحى إلى نبيه؟
- فأين إنجيل نبيه عيسى عليه السلام؟ فإن كنت تقولون إنه هو الرب فكيف لم يتمكن من الحفاظ على إنجيله وكلمته؟ أهو إله ضعيف إلى هذا الحد؟ ألا يتمكن من الحفاظ على حياته ، ولا كلامه؟ فكيف أصدق أن هذا هو الإله الذى يجب أن أستأمنه على نفسى وحياتى؟
- ولماذا اختلف وحى الرب وأسلوبه فى الكتابة باختلاف ثقافة الكاتب؟
- ألا يدل ذلك على مبادرة شخصية منهم للكتابة مثل لوقا؟
- ولماذا لم تتبقى إلا كتابات بولس وتلاميذه؟
أما دائرة المعارف البريطانية فكانت أكثر وضوحاً وصراحة فى اعترافاتها، فقالت عن إنجيل يوحنا: (أما إنجيل يوحنا فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور ، أراد صاحبه مضادة اثنين من الحواريين بعضها لبعض ، وهما القديسان يوحنا بن زبدى الصياد ومتى ، وقد ادعى الكاتب المزوَّر فى متن الكتاب أنه هو الحوارى الذى يحبه يسوع ، فأخذت الكنيسة هذه الجملة على علاَّتها ، وجزمت بأن الكاتب هو يوحنا الحوارى .. .. .. مع أن صاحبه غير يوحنا الحوارى يقيناً ، ولا يخرج هذا الكتاب عن كونه مثل بعض كتب التوراة التى لا رابط بينها وبين من نسبت إليه ، وإنا لنشفق على الذين يبذلون أقصى جهدهم ليربطوا ـ ولو بأوهى رابطة ـ ذلك الرجل الفلسفى .. الذى ألف هذا الكتاب فى الجيل الثانى بالحوارى يوحنا الصياد الجليلى ، وأن أعمالهم تضيع عليهم سُدى لخبطهم على غير هدى).
عقيدة التثليث والبنوة للإله والبداهة العقلية
إن عقيدة التثليث، والبنوة للإله لا يمكن أن تقوم لها قائمة عند البحث والتمحيص، ذلك لأن العقيدة القائلة بألوهية الأب والابن والروح القدس، تقوم على مغالطات كثيرة، منها : مساواة الجزء للكل ، إضافة إلى منافاتها لطائفة من البديهيات العقلية المسلمة،
ويتضح ذلك وفق ما يلي :
1. ليس من المستطاع أن يكون كائنان غير محدودين في آن واحد، لأن انتفاء المحدودية عن أحدهما تفيد أن يملأ الكون حتى يكظه [ يتخمه]، فلا يدع مجالاً للكائن الآخر، فإن كان الأقنوم الأول في الثالوث هو الإله المطلق غير المحدود، فإنه لا يكون الأقنوم الثاني كذلك، وإلا لكانا إلهان مطلقان، غير محدودين، وهذا أمر محال عقلاً.
وأما القول باتحاد الأقنومين الأول والثاني، فهو أمر ينفي الألوهية عن كليهما، لأن هذا الاتحاد بينهما يغير الحالة التي كان عليها كل منهما من قبل، فيصبح أكثر مما كان أو أقل، وهذا ينفي عنه عدم المحدودية، إما في حالته الأولى، وإما في حالته الثانية، ومن ثم يبطل أن يكون إلهاً.
ولا غناء في القول بأن كلاً منهما جزء لا يتم بغير الآخر، وذلك بأنه إذا كان الجزء الأول كلي الوجود، أي حاضراً في كل مكان، كما هو مسلم به فيما يتصل بالأب، فإن الجزء الثاني ـ وهو الابن ـ لا يمكن أن يكون كذلك، وإذن فما هو بإله.
2. ليس يتأتى أن يشغل كائنان اثنان حيز واحد منهما، بل لابد أن يتراجع أحدهما ليفسح المجال للآخر، بيد أنه لن يجد حيزاً يتراجع إليه مالم ينقطع عن أن يكون حالاً في كل مكان، أي ما لم يكف عن أن يكون إلهاً.
3. ليس يتسنى للشيء الصغير أن يحتوي الشيء الأكبر، فيوضع لتران من الماء ـ مثلاً ـ في إناء يتسع لليتر واحد فقط. ولهذا فليس من المتيسر أن يحتوي الجسد المحدود روحاً غير محدودة، أو علماً غير محدود، أو قدرة غير محدودة، وإن ذلك أشبه ما يكون بوضع الكرة الأرضية ذاتها في مجسم لها يباع في المكتبات، وهذا محال عقلاً أيضاً.
إرسال تعليق