٢٨‏/٠٢‏/٢٠١٠

هل نبحث يوماً عن وطن ؟!!.. بقلم/ خالد المصري

حينما يشعر الإنسان بالظلم في وطنه ، وحينما يتعرض للطغيان والجبروت والتسلط من كل جانب ، حينما ينظر فجأة لنفسه فيشعر أنه بلا هوية ، وأنه بلا قيمة ، حينما يعلم أنه أصبح رخيصاً في وطنه - فإنك بعد كل هذا ستكون أمام شخص قد يفعل أي شئ أو قد لا يفعل أي شئ - يظل هكذا يتمنى أن يكون بلا وطن خير له من أن يكون صاحب وطن يعيش فيه كالغريب عنه ..
ما تمر به البلاد من أبشع حالات البطالة والرشوة والمحسوبية والتجبر والقمع الأمني والسياسي ، ما يحدث من امتهان لكرامة المواطن في كل مكان ولأتفه الأسباب ، ما يجعل الأمورتنقلب على عقبيها فلا يعرف الحق من الباطل ولا الصواب من الخطأ ، حينما يكون الأمين خائناً والخائن أميناً ، وحينما تكون العاهرة والراقصة مرفوعة الرأس والشريفة الفاضلة تحارب في كل مكان - حينها فقط لابد علينا أن نصرخ بأعلى أصواتنا ومن أعمق أعماق قلوبنا ...
من الذي يريد القضاء على الرجال الحقيقين ويتمنى زوال القيم والأخلاق ويستبدلها بالفواحش والمنكرات - من الذي زرع الخوف في قلوب الناس ، وقتل المروءة والنخوة في قلوبهم ، ومن الذي ديث كرامتهم فأصاب عواطفهم بالبلادة فأصبحوا لا يعرفون المعروف ولا ينكرون المنكر ، ما الذي جعلهم يستمرءون الحرام ويشعرون أنه حلال - يا سادة أخبروني بربكم من السبب ؟؟!! صدقاً أنا لا أدري ..
قد يكون السبب نتيجة الوضع الحالي التي تمر به البلاد من تفشي للفساد والرشوة والمحسوبية والأنانية والعهر والرذيلة ، كذلك قد يكون في الإعلام الذي يحض على الحرام فهذا فيلم ينتهي بمكسب خيالي من حرام يتحصل عليه البطل ، وهذا يبرز العلاقة المحرمة بين البطل والبطلة وكلاهما في أحضان بعضهما البعض على السرير وهي شبه عارية ووقتها تجرح أعين المشاهد بأقذر المناظر وتبتلى الآذان بأبشع الألفاظ - وعن شرط تقام حفلة كبيرة لافتتاح الفيلم في أحد دور العرض يحضره جميع العاملين فيه ورجال الإعلام والصحافة وكذلك لا ينسى زوج البطلة الحقيقي أن يحضر ويصفق لزوجته مع كل مشهد ساخن لزوجته الفنانة الطاهرة ، ثم بعد ذلك يهنئها على نجاحها في الفيلم - كل ذلك دون أن تقف له شعره وهو يرى زوجته عارية في حضن رجل آخر في الفيلم ، وذلك يا سادة بمنتهى البساطة لأنه ذكر بلا كرامة فهو مسخ إنسان ضاعت كرامته في خضم الحياة التي يحياها ، كذلك هذا برنامج يذاع في قناة يشاهدها الملايين يعلن ليل نهار لكل الأمة لا عن مسابقة لحفظ القرآن الكريم ولا امتحان في الحديث أو السيرة أوحتى عن الأدب والثقافة وإنما برنامج يقول مقدمه : ( في برنامجنا كل ما تحفظ أغاني أكتر كل ما تكسب فلوس أكتر ) مع إن ربنا هيقول يوم القيامة إقرأ وارتق أي القرآن فمنزلتك عند آخر آية تعرفها ، هذا القياس تستطيع أن تقيسه على أشياء كثيرة في هذا الوقت الذي تسيد فيه الإعلام الفاسد والقميء - الذي يدعو لمنكرات الأمور ليل نهار واتفرج يا سيدي لإنك فعلاً مش هتقدر تغمض عنيك وكمان مش هتقدر تعد ذنوبك ..
إنها مخططات منظمة ومدروسة بعناية هدفها طمس الهوية الإسلامية من قلوب الناس وتدمير القيم والإخلاق العريقة ، هي محاولات الهدف منها أن تنزع كرامتهم حتى تكسر أعينهم فلا يتكلمون ، حتى تظلم الدنيا أمام أعينهم حتى لا يروا إلا بأعينهم - كل ذلك بلا سبب ولاجريرة وإنما فقط لإثبات التسيد ولإذلال الأنفس وكسر الخواطر ..
انتشار الغلاء بهذه الصورة المرعبة مع تدني الرواتب ، عدم وجود سلع ضرورية لا غنى للناس عنها ،انهيار الأوضاع الإقتصادية بهذه الصورة المفزعة ، تسيد الكنيسة وازدياد سطوتها ونفوذها في البلاد ، ضعف النظام وخوفه الدائم وتخبط قراراته ، اشياء واشياء واشياء تجعلنا نقف على حافة خطرة ..
سوف أقارن بحالة واحدة فقط لنعرف مدى المصيبة التي يحياها الشرفاء في هذا الوطن - كان الكفار على عهد رسول الله حينما تآمرواعليه وأرادوا قتله وأجمعوا كلمتهم وقوتهم على ذلك ووقفوا ليلاً باب بيته ، أحدهم فكر في أن يقتحم البيت على رسول الله وقتله حتى لا يهرب ،هنا وقف له الجميع وكلهم من الكفار وقالوا له هل جننت ! هل تريد اقتحام البيت وفيه بنات عمنا ، هل تريد أن يعيرنا العرب ..
النخوة والشهامة والمروءة فيهم على الرغم من أنهم كفار ، رفضوا اقتحام المنزل لأن فيه نساء والنساء أعراض رفضوا انتهاك الأعراض وانتهاك حرمة البيت حتى لوهذا عطل مهمتهم التي جاءوا من أجلها وهي قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما اليوم تنتهك حرمات البيوت وتهان الأعراض ويظلم الناس ويروع الآمنين وتتنتهك العورات وكلذلك بدعوى الحفاظ على الأمن ، أي أمن وأمن من ؟؟!! أخشى أن يأت يوم يبحث فيه الشرفاء عن وطن ليعيشوا فيه فلا يجدوا ..



كتب خالد المصري

ليست هناك تعليقات: