بانتقاد شديد أعلن القمص صليب متى ساويرس كاهن كنيسة مار جرجس الجيوشى وعضو المجلس الملى تبرؤ المسيحية من أفعال ما يسمون أنفسهم بأمريكا بأقباط المهجر...
مؤكدا أن هؤلاء لا يجب أن يطلق عليهم أقباط حيث أن المسيحية لا تدعو لذلك والكنيسة ترفض مظاهراتهم بامريكا ولا نعرف أغراضهم أو أهدافهم فهناك كثيرين يخرجون كل يوم يسمون أنفسهم بأقباط المهجر ولا نعرف لهم أغراض أو أهداف بينما أقباط المهجر الحقيقين يحبون مصر ولا يمكن أن يفعلوا شيء لمصر ويستمعون لكلام البابا شنودة ...
وأضاف لبرنامج الحياة اليوم الذى يقدمه شريف عامر ولبنى عسل أن البابا شنودة كل يوم يصلي من أجل أن يوفق الله الرئيس في زيارته لأمريكا ...
والكنيسة تعلمنا أن نصلى من أجل الرئيس وندعو له في قداسه للرئيس بالنصر والتوحد بين المسلمين والأقباط ...
وقد أرسل البابا سكرتيره الخاص لأمريكا ليطالبهم بضرورة أستقبال الرئيس مبارك هناك بحفاوة كنوع من أظهار روح الوحدة الوطنية بمصر ولكن هناك من يثير المشاكل ولكنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا شيء فهم لا يمثلون غير أنفسهم أستغلوا وجودهم في مكان يسمح بعمل مثل هذه المظاهرة وسيعملوها .. ولكن البابا شنودة أحبط كل هذه المحاولات عندما أعلن علاقته الممتازة بالرئيس مبارك وأرسل سكرتيره ليكون في أستقباله ...
وأشارالقمص صليب متي الى أن هناك منظمات أسلامية ستنضم لهؤلاء من يسمون أنفسهم بأقباط المهجر في المظاهرة المزمع تنظيمها وهذا ما يؤكد أنه لا يوجد ما يسمي بأقباط المهجر بل يوجد مصريون المهجر.
البشاير - رندا رشدي
هناك ٣١ تعليقًا:
الارهـــــاب
مزمور 66 عدد 5: هلم انظروا اعمال الله.فعله المرهب نحو بني آدم. (SVD)
قضاة 13 عدد 6: فدخلت المرأة وكلمت رجلها قائلة.جاء اليّ رجل الله ومنظره كمنظر ملاك الله مرهب جدا.ولم اسأله من اين هو ولا هو اخبرني عن اسمه. (SVD)
أيوب 7 عدد 14: تريعني بالاحلام وترهبني برؤى (SVD) كلام ايوب لله
أيوب 37 عدد 22: من الشمال يأتي ذهب.عند الله جلال مرهب. (SVD)
مزمور 66 عدد 5: هلم انظروا اعمال الله.فعله المرهب نحو بني آدم. (SVD)
اشعياء 8 عدد 13: قدسوا رب الجنود فهو خوفكم وهو رهبتكم. (SVD)
إشعيا 29 عدد 23: بل عند رؤية اولاده عمل يدي في وسطه يقدسون اسمي ويقدسون قدس يعقوب ويرهبون اله اسرائيل. (SVD)
إشعياء 51 عدد 9: استيقظي استيقظي البسي قوة يا ذراع الرب.استيقظي كما في ايام القدم كما في الادوار القديمة.ألست انت القاطعة رهب الطاعنة التنين (SVD)
إله الكتاب المقدس يأمر بحرب أبادية كاملة !!
التثنية 20 عدد 1:أما مُدُنُ الشُّعُوبِ الَّتِي يَهَبُهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ مِيرَاثاً فَلاَ تَسْتَبْقُوا فِيهَا نَسَمَةً حَيَّةً، بَلْ دَمِّرُوهَا عَنْ بِكْرَةِ أَبِيهَا، كَمُدُنِ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ
يا كل أعداء الرب من الأطفال والرضع والبقر والغنم والجمال والحمير..سنقتلكم !!!!!
وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «أَنَا الَّذِي أَرْسَلَنِي الرَّبُّ لأُنَصِّبَكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَاسْمَعِ الآنَ كَلاَمَ الرَّبِّ. هَذَا مَا يَقُولُهُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي مُزْمِعٌ أَنْ أُعَاقِبَ عَمَالِيقَ جَزَاءَ مَا ارْتَكَبَهُ فِي حَقِّ الإِسْرَائِيلِيِّينَ حِينَ تَصَدَّى لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ. فأذهب الآنَ وَهَاجِمْ عَمَالِيقَ وَاقْضِ عَلَى كُلِّ مَالَهُ. لاَ تَعْفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَلِ اقْتُلْهُمْ جَمِيعاً رِجَالاً وَنِسَاءً، وَأَطْفَالاً وَرُضَّعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جِمَالاً وَحَمِيراً ((
تكوين19عدد24:فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء. (SVD)
تثنيه 19عدد 21: لا تشفق عينك.نفس بنفس.عين بعين.سن بسن.يد بيد.رجل برجل (SVD)
تثنيه 20 عدد 3: ويقول لهم اسمع يا اسرائيل.انتم قربتم اليوم من الحرب على اعدائكم.لا تضعف قلوبكم.لا تخافوا ولا ترتعدوا ولا ترهبوا وجوههم(4) لان الرب الهكم سائر معكم لكي يحارب عنكم اعداءكم ليخلصكم. (SVD)
تثنيه 20عدد10: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح. (11) فان اجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. (12) وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها. (13) وإذا دفعها الرب الهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. (14) وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك.
تثنيه :21 عدد10: اذا خرجت لمحاربة اعدائك ودفعهم الرب الهك إلى يدك وسبيت منهم سبيا (11)ورأيت في السبي امرأة جميلة الصورة والتصقت بها واتخذتها لك زوجة (12) فحين تدخلها إلى بيتك تحلق رأسها وتقلم اظفارها (13) وتنزع ثياب سبيها عنها وتقعد في بيتك وتبكي اباها وأمها شهرا من الزمان ثم بعد ذلك تدخل عليها وتتزوج بها فتكون لك زوجة. (SVD)
عملية إغتيـــــــــال
قضاة3 عدد15: وصرخ بنو اسرائيل الى الرب فاقام لهم الرب مخلّصا اهود بن جيرا البنياميني رجلا اعسر.فارسل بنو اسرائيل بيده هدية لعجلون ملك موآب. (SVD)
قضاة:3 عدد19: واما هو فرجع من عند المنحوتات التي لدى الجلجال وقال.لي كلام سرّ اليك ايها الملك.فقال صه.وخرج من عنده جميع الواقفين لديه (20) فدخل اليه اهود وهو جالس في علية برود كانت له وحده.وقال اهود.عندي كلام الله اليك.فقام عن الكرسي. (21) فمدّ اهود يده اليسرى واخذ السيف عن فخذه اليمنى وضربه في بطنه. (22) فدخل القائم ايضا وراء النصل وطبق الشحم وراء النصل لانه لم يجذب السيف من بطنه.وخرج من الحتار (23) فخرج اهود من الرواق واغلق ابواب العلية وراءه واقفلها. (SVD)
وإنظر ماذا فعل داوود بأعدائه من الفلسطينيين
1صموائيل17 عدد46: هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فاقتلك واقطع راسك.واعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء وحيوانات الارض فتعلم كل الارض انه يوجد اله لاسرائيل. (SVD)
1صموائيل 17 عدد51: فركض داود ووقف على الفلسطيني واخذ سيفه واخترطه من غمده وقتله وقطع به راسه.فلما رأى الفلسطينيون ان جبارهم قد مات هربوا. (52) فقام رجال اسرائيل ويهوذا وهتفوا ولحقوا الفلسطينيين حتى مجيئك الى الوادي وحتى ابواب عقرون.فسقطت قتلى الفلسطينيين في طريق شعرايم الى جتّ والى عقرون. (53) ثم رجع بنو اسرائيل من الاحتماء وراء الفلسطينيين ونهبوا محلّتهم. (54) واخذ داود راس الفلسطيني.وأتى به الى اورشليم.ووضع ادواته في خيمته (SVD)
صموائيل18 عدد27: حتى قام داود وذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مئتي رجل واتى داود بغلفهم فاكملوها للملك لمصاهرة الملك.فاعطاه شاول ميكال ابنته امرأة. (SVD)
قضاة3 عدد29: فضربوا من موآب في ذلك الوقت نحو عشرة آلاف رجل كل نشيط وكل ذي بأس ولم ينج احد. (SVD)
تقطيع الأعداء أمام الرب
1صموائيل15 عدد 33: فقال صموئيل كما اثكل سيفك النساء كذلك تثكل امك بين النساء.فقطّع صموئيل اجاج امام الرب في الجلجال. (SVD)
القتال من الله I فلماذا تحتجون أن الله I لا يأمر بالقتال ؟؟
دائماً ما يحتج أصدقائنا النصارى على الجهاد في الإسلام ونسمع صوتهم حينما يعلوا صراخهم أن الله محبة الله محبة وأن الله I لا يأمر بالقتال أبداً ولايأمر بالحرب فالله I يحب السلام ومن المستحيل أن يأمر الله I بالقتال ونحن نقول نعم إن من أسماء الله I عندنا السلام وتحيتنا هي السلام وقال الرسول جعل السلام تحية لأمتي وأماناً لأهل ذمتي وقال الله I في كتابه الكريم(( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الأنفال
ويقول أيضاً ((هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) الحشر
ويقول أيضاَ ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) الممتحنة
واضح كما رأيت ووهذا لكن الله I لا ؟
يرضى أبداً بالظلم والعداون وبقاء المفسدين في الأرض يعيثوا فيها فساداً وطغياناً فيهلكوا الحرث والنسل ويفسدوا الدين والعقيدة ويغيروا التوحيد فتولد بسببهم أجيال لا تعبد الله I و تتبع الشيطان ولا يرضى أن ينتصر حزب الشيطان فتقوى شوكته فيلتبس الحق بالباطل وإن إختار أتباع الشيطان أن يكون طريقهم هو الحرب دفاعاً أو إنتصاراً لما هم عليه من الباطل هذا وهم يعلمون انهم على الباطل وأنهم مآلهم إلى النار وبئس المصير ومع علمهم أنهم على الباطل فهم يقاتلون على ما هم عليه ويدافعون عنه طالبين العزة بالباطل والنصرة لشيطانهم وضلالهم وأنت ترى ذلك واضحاً في كل زمان ومكان كما حدث لسيدنا إبراهيمu فيقول رب العزة في القرآن الكريم ((قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) الأنبياء . فوجب حينها على أتباع الحق أن يدفعوا هذا الباطل ويدافعوا عن دينهم ويقاتلوا من أجله وليس أتباع الله I بأذلاء مخذولين ولا هم بجبناء يرضون الدنية في دينهم ولا هم يخافون الموت لأنهم على الحق ومآلهم إلى ربهم فمن مات منهم فمصيره إلى نعيم الله I وجنته ومن مات من أتباع الشيطان فمصيره إلى غضب الله I وعذابه فالله مولى الذين آمنوا وهو معهم أينما كانوا يؤيدهم بنصره ويثبت أقدامهم وهذا ما يوضحه قول المولى جل وعلا ((وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76) النساء . وإن كان هذا هكذا فإن الله I ليدفع الناس بعضهم ببعض ليعلوا الحق وتعلوا راية التوحيد والإيمان وينصر أتباعه يقول رب العزة ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) الروم . ويقول أيضاً ((هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران .
1أخبار5 عدد22: لانه سقط قتلى كثيرون لان القتال انما كان من الله.وسكنوا مكانهم الى السبي (SVD)
2أخبار20 عدد15: فقال اصغوا يا جميع يهوذا وسكان اورشليم وايها الملك يهوشافاط.هكذا قال الرب لكم لا تخافوا ولا ترتاعوا بسبب هذا الجمهور الكثير لان الحرب ليست لكم بل لله. (SVD)
2أخبار20 عدد29: وكانت هيبة الله على كل ممالك الاراضي حين سمعوا ان الرب حارب اعداء اسرائيل. (SVD)
2أخبار32 عدد8: معه ذراع بشر ومعنا الرب الهنا ليساعدنا ويحارب حروبنا.فاستند الشعب على كلام حزقيا ملك يهوذا (SVD)
إشعياء27 عدد1: في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحية الهاربة.لوياثان الحية المتحوّية ويقتل التنين الذي في البحر (SVD)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟fumodera
لقد أخرج بولس النصارى متعمداً من عهد الرب وأبعدهم عنه ، فلم تصبح ديانة التوحيد ، كما كان يدعوا كل أنبياء الله ، بل صارت ديانة التثليث ، ولا يقول غير ذلك إلا جاهل يحاول أن يُجمِّل دينه ، ويجعله مستساغ بين من يُنكرون التثليث، وخاصة لدى نصارى اليوم والمسلمين. فلو قرأت أى كتاب بلغة غير اللغة العربية ، لقرأت عن الثالوث واتحاده وتشبيهات لذلك ، لتقريب المعنى للأذهان ، ولابد أن تقرأ فيه أن العقل البشرى غير قادر على فهم هذه الحقيقة ، التى تفوق العقل البشرى، ثم يختتم تفصيلاته الغريبة، وتبريراته غير المستساغة بقوله: “وهنا تكمن أسرار العظمة”.
نعم فسر العظمة أنك لا تفهم ، وألا تسأل ، وألا تُجادل من أجل العلم! (14اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، 15لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ.) فيليبى 2: 14-15
الأمر الذى جعل علماء الكتاب المقدس يُطلقون على هذه الديانة البوليسية(نسبة لمؤلفها بولس): فقد لاحظ بولينجبروك Bolingbroke (1678 - 1751) وجود ديانتين في العهد الجديد : ديانة عيسى عليه السلام وديانة بولس.
ويؤكد براون Braun - بروفسور علم اللاهوت - أن بولس قد تجاهل العنصر الإجتماعي في كتاباته تماماً، لذلك نراه قد تجاهل حب الإنسان لأخيه، وقد أرجع إليه إنتشار الرباط الواهن بين الكنيسة والدولة ، والذى أدى إلى قول كارل ماركس: إن الدين المسيحي أفيونة الشعوب (الجريدة اليومية لمدينة زيوريخ Tagesanzeiger إصدار 18/2/72 صفحة 58).
أما غاندي Gandhi فيرى أن بولس قد شوه تعاليم عيسى عليه السلام (إرجع إلى كتاب Offene Tore إصدار عام 1960 صفحة 189).
أما رجل الدين والفلسفة المربى باول هيبرلين Paul Häberlin والتي ترتفع كل يوم قيمته العلمية، فلم يتردد في تعريف الديانة البولسية بأنها قوة الشر نفسها . فقد كتب مثلاً في كتابه الإنجيل واللاهوت "Das Evangelium und die Theologie" صفحات 57 -67 ما يلي:
" إن تعاليم بولس الشريرة المارقة عن المسيحية لتزداد سوءً بربطها موت المسيح [عيسى عليه السلام] فداءً برحمة الله التي إقتضت فعل ذلك مع البشرية الخاطئة. فكم يعرف الإنجيل نفسه عن ذلك !
أما الكاتب الكاثوليكي ألفونس روزنبرج Alfons Rosenberg مؤلف في علم النفس واللاهوت - فقد تناول في كتابه (تجربة المسيحية Experiment Christentum" إصدار عام 1969) موضوع بولــس وأفرد له فصــلاً بعنوان "من يقذف بولس إلى خارج الكتاب المقدس؟ " وقد قال فيه : "وهكذا أصبحت مسيحية بولس أساس عقيدة الكنيسة، وبهذا أصبح من المستحيل تخيل صورة عيسى [عليه السلام] بمفرده داخل الفكر الكنسي إلا عن طريق هذا الوسيط.
وهناك الكثير من أقوال علماء الكتاب المقدس الذين يرفضون بولس وتعاليمه تماماً ، بل رفضها التلاميذ وأتباع عيسى عليه السلام ، بل إنهم رفضوا بولس وتعاليمه ضمن الكتاب المقدس ، لأن أحسن وأقدم المخطوطات اليدوية - تبعا لرأيهم . لا تحتوى على رسائل بولس، ون أستشهد هنا بأقوال علماء الكتاب المقدس ، بل سأستشهد بالكتاب نفسه: (30وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ.) أعمال الرسل 19: 30
بل أدانه شيخ التلاميذ وحكم عليه وأمره أن يتطهَّر من آثام هرطقته التى علمها الناس ، وأرسلوا لهم من يصحِّح عقيدتهم: (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ 27وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ 28صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ أَعِينُوا! هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدّاً لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هَذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». 29لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ. 30فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ. 31وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ 32فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَراً وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأُوا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.)أعمال الرسل21: 17-32
أولاً: الناموس:
تمسَّكَ عيسى عليه السلام بالناموس وبكتب الأنبياء فى كل مواقفه ، وتبعه تلاميذه فى ذلك ، ولم يكن لهم مكان مخصّص للعبادة غير الهيكل الذى كان يدرِّس فيه كل الأنبياء قبله. بل أنبأ مستمعيه أن يتمسّكوا به ولا يتركون منه حرفاً واحداً ، فقال: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
بل جاء مؤيداً كتب الأنبياء والناموس وقد طبَّقَ ذلك فى تعاليمه ، فكان يذكر تأييد كلامه من أقوال الناموس والأنبياء، فقال : ( 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.)متى11: 13
(12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.) متى 7: 12
وقد سأله أحد أتباع الناموس الغيورون عليه: (35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 35-40
بل هاجم الكتبة والفريسيين دفاعاً عن الناموس ، فقال: (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ.) متى 23: 23
وتمسَّكَ هو نفسه بتعاليم موسى ، فقال لمن شفاه بإذن الله: (3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».) متى 8: 3-4
(10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
أما بولس فله رأى آخر ، فهو يقول :
أولاً فقد جاء بكتاب ادعى أنه من عند يسوع نفسه، وهو الذى أوحاه إليه، على الرغم أنه من الفريسيّين ااذين كان عيسى عليه السلام يمقتهم ، وكانوا يناصبونه العداء ، وعلى الرغم أنه لم يرى عيسى ولم يسمع منه من قبل ، فقال: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
قارن هذا بسيرته بعد أن اعتنق هذا الدين ، وستتضح لك نيته فى إفساده: وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. .. .. .. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ 27وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ 28صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ أَعِينُوا! هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدّاً لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هَذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». .. .. .. 31وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ 32فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَراً وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأُوا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.) أعمال الرسل 21: 17-32
وإن كنت مازلت غير مُصدِّق فاقرأ كتاباته: (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ، .. .. .. 19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
(18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
(16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
(5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً.)رومية 4: 5
(4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
(20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ 22بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. 23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 20-25
(27فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى! بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28إِذاً نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ.) رومية 3: 27-28
(20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20، (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذاً مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
(9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَاناً وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
وهذا ما فعله عيسى ويوحنا المعمدان عليهما السلام (59وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَقَالَتْ أُمُّهُ: «لاَ بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا».) لوقا 1: 59-60 ، (21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.) لوقا 2: 21
بل قرَّرَ الله أن يقتل موسى لأنه نسِىَ أن يختن ابنه: (21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ». 27وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاِسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ. 28فَأَخْبَرَ مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ وَبِكُلِّ الآيَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا.) خروج 4: 21-28
أما بولس فله رأى آخر (فى الحقيقة دين آخر) فى موضوع الختان :
(أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2
(4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
ثالثاً: الخطيئة الأزلية:
يظن البعض بناءً على قول بولس :( بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12 ، أنّ الناس كلها قبل عيسى عليه السلام مُخطئة ومتضامنون فى هذه الخطية ، وهذا يعنى بدوره أنه لم يوجد بار واحدٌ من ذرية آدم حتى حادثة الصلب ، وأن الجميع هالكون لا محالة لولا صُلِبَ (؟) عيسى عليه السلام ، وهذا يتصادم مع حقائق الكتاب المقدس وأقوال عيسى والأنبياء من قبله عليهم الصلاة والسلام ، على الرغم من أن هذه الفكرة كانت معروفة لدى المارقين عن الإيمان الصحيح ، الأمر الذى حذَّرَ منه الأنبياء والكتب السابقة ونفَّروا منه أتباعهم. وهذا مردود بنصوص كثيرة منها:
1- قال موسى وهارون لله: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22
2- (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
3- (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.) أخبار الأيام الثاني 7: 14
4- (7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) (إشعياء 55: 7)
5- (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.)إرمياء31: 29-30)
المسكوت عنه فى المسألة الطائفية بمصر
(إلى القمص المشلوح - 6)
بقلم: إبراهيم عوض
الموقع المشباكى: http://ibrawa.coconia.net/
متى تنبهتُ إلى حكاية "مسلم ونصرانى"؟ بطبيعة الحال كنت، فى طفولتى، أعرف أن هناك نصارى فى مصر، لكن قريتى فى الوجه البحرى بوسط الدلتا كانت وما تزال تخلو تماما من أى وجود نصرانى، اللهم إلا من يَرِد عليها بين الحين والحين من الموظفين الأقباط مثل الأستاذ جرجس مدير مكتب البريد الذى كان أهل القرية يكرمونه ويستضيفونه عندهم على العَشَاء فى كثير من الليالى نظرا لعدم وجود أحد من أفراد أسرته معه، وكطبيب الوحدة المجمعة الذى كان لقب أسرته لوقا إذا لم تكن الذاكرة قد عبثت بى، والذى ما فتئت أستحضر بسهولة شديدة منظره وهو يمثل أحد الأدوار المضحكة مع بعض الطلبة الأزهريين فى مشهد هزلى على مسرح الوحدة المجمعة بالقرية يقوم على ترديد كل واحد من الممثلين لهذه الجملة مع زيادة عدد "البرابيخوهات" كل مرةٍ واحدا: "برابيخو مات ومَوِّت معاه واحد (اتنين/ تلاتة/ أربعة...) برابيخو". لكن عندما انتقلتُ إلى المدينة لأواصل تعليمى فى المرحلة الإعدادية أخذت أرى الكنائس فى طنطا، وقد أشاهد أيضا مواكب الجنائز النصرانية وهى تشق شوارع المدينة تصدح منها موسيقى جنائزية حزينة، ويتقدمها حصانان يجران عربة التابوت مما كان يشد انتباهى ويستهوينى. وأبرز ما بقى فى ذاكرتى من هذه المناسبات الجنائزية ذلك الموكب الذى انطلق ذات عصر فى أوائل الستينات من الكنيسة الموجودة بشارع القنطرة فى سُرّة المدينة. بل لقد دخلتُ كنيسة، وأنا فى المرحلة الإعدادية، قرب البيت الذى كنا نسكن فيه على أطراف طنطا بجوار السكة الحديد التى تؤدى إلى شبين الكوم فى نهاية شارع الحكمة، وربما كانت المناسبة عُرْسًا، وإن كنت لا أذكر شيئا آخر خلاف هذا لتقادم العهد بتلك الذكرى.
وفى أول المرحلة الثانوية كان معنا فى الفصل عدد من الطلبة الأقباط منهم فيما أذكر الآن أديب، وكان لَسِنًا يتكلم كثيرا فى موضوعات الدين دون أن تكون هناك أية حساسيات بيننا، ومنهم قصدى الذى كنت أراه جالسا فى شرفة شقتهم بالدور الثانى بشارع طه الحكيم يستذكر دروسه فى العصارى، وكان يشجعنى هو وزميل نصرانى آخر لم أعد أذكر اسمه على أن ألتحق معه بالقسم العلمى لأنى، كما كانا يقولان، "خسارة" فى المواد الأدبية، ومن الأفضل أن أكون طبيبا حينما أكبر، وبخاصة أننى كنت أحصل على درجات فى المواد العلمية أحسن من تلك التى أُحْرِزها فى نظيرتها الأدبية. إلا أننى لم أستطع أن أتقبل رائحة الفورمالين ولا منظر كبد الأرنب الذى كان مغمورا فيه فى البرطمان أثناء إجابتى على بعض الأسئلة الشفوية المتعلقة بمادة الأحياء آخر العام، وأُصِبْتُ بالغثيان وظل يعاودنى بعدها لفترة من جراء ذلك!
ومن بين هؤلاء الطلاب أيضا سعد، الذى كانت أسرته تسكن فى أول شارع القاضى من جهة شارع البحر، والذى ذهبت معه لبيتهم بعد انصرافنا من المدرسة عصر ذات يوم، وأعطتنى والدته نسخة من العهد الجديد (بناء على طلبى) كنت أقرأ فيها بين الحين والحين فأجد غرابة فى الأسلوب لا تتلاءم مع ما تعودت عليه من الأساليب العربية فى كتب العقاد وطه حسين والمازنى والرافعى وتيمور والحكيم وبنت الشاطئ وأمينة السعيد وصوفى عبد الله وغيرهم ممن كنت أقرأ لهم آنذاك. وبعد ذلك بعامين كنت أتردد، فى حى الصاغة بجنوب المدينة، على بعض الأصدقاء الذين كانوا يسكنون عند عم فوزى (النصرانى)، فكنت أراه عندهم، وقد ارتدى كأهل الريف جلبابا وربما قبقابا أيضا، يجادلهم فى بعض المسائل الدينية فيردون عليه، وكانوا جميعا (وخذ بالك من هذه!) من طلبة المعهد الدينى الأزهرى الذى لم يكن يبعد كثيرا عن بيت الرجل من جهة الغرب. ولا أظن أنه قد وقعت بينه وبين أولئك الأصدقاء أية مشاحنات رغم ذلك. كذلك كان مدرس التاريخ فى مدرستنا تلك الأيام أستاذا نصرانيا اسمه فكرى روفائيل، وكانت عنده مقدرة على تحبيبنا فى دروسه بأسلوبه الشائق وشرحه المفعم بالحيوية. وقد ذهبتُ بعد تعيينى فى الجامعة لزيارته (هو وأستاذى القدير المرحوم سيد أحمد أبو رية) فى المدرسة الأحمدية التى حصلت منها على التوجيهية، وزففت له خبر خِطْبتى فهنأنى مسرورا ورحب بى وأحضر لى مشروبا.
بل لقد اشتغلت مدرسا فى شبابى فى بعض المدارس النصرانية، وكان لى فى واحدة منها ما يشبه الصداقة مع قِسّيسَيْن من قساوستها، وكان أحدهما مقبلا على الحياة يباهى بشبابه ووسامته ويُسِرّ إلىّ ببعض خصوصياته غير واجد فى ذلك حرجا، أما الآخر فكان يحدثنى عن تفاسير القرآن التى يرجع إليها فى دراساته الإسلامية ويأخذنى خلفه على دراجته النارية وهو فى ملابسه الكهنوتية قاطعا شوارع مصر الجديدة وشارع الخليفة المأمون إلى أن نصل على هذا الوضع اللافت للنظر إلى الجامعة. كذلك ففى الوقت الذى كنت أسكن فيه مع "فانوس" النصرانى ورفاقه من المجندين المسلمين الذين سيأتى ذكرهم عما قليل كان أصحاب البيت أقباطا، وكانت العلاقة بيننا وبينهم طيبة ولله الحمد والمنّة، بل أذكر أنهم أرسلوا لنا مرة أو مرتين بعض الطعام مع ابنتهم الصغيرة، وحين طلبوا منا إخلاء الشقة لحاجتهم إليها لم يستثنوا فانوسا، ولم يحاول هو أن ينخلع منا، بل خرجنا كلنا معا وبحثنا عن مسكن آخر فى منطقة الدمرداش آثرنى زملائى مشكورين بغرفة مستقلة من غرفتيها لأكون على راحتى فى الدراسة، وأخذوا هم كلهم الغرفة الأخرى، وكانت الأكبر، ولم يكلفونى من الإيجار إلا كأحدهم.
فتأمل أيها القارئ الجو الذى كنا نعيش فيه تلك الأيام، وقارن بينه وبين الأجواء التى تنفجر بين الطائفتين بين الحين والحين رغم أن العلاقة بين عموم المسلمين وعموم النصارى طيبة إلى حد كبير! فمثلا كنت وما زلت أشترى كثيرا من حاجاتى، وبخاصة قطع غيار السيارة، من التجار الأقباط، ولى معهم مَوَدّات ومجاملات، ولا يمكن أن أنسى هنا دكان ميشيل فى طنطا القريب من مدرستى القديمة، والذى كلما ذهبت إليه لشراء قطعة غيار لسيارتى حين أكون فى القرية سمعت من صاحبه القفشات الضاحكة كعادته مع الزبائن. ولى قريب متعلم تاجر لا يشترى العسل الأسود إلا من أحد تجار النصارى (وهذا التاجر يشتغل فى الصباح مدرسا فى ذات الوقت)، وإذا حدث أن رافقته إلى هناك أكرمنى الرجل ورحب بى وبادلته مودة بمثلها أو بأشد منها. فماذا بالله عليكم أيها القراء يمكن أن يقع إذا قرر المسلمون مقاطعة التجار الأقباط؟ أسيكون هذا شيئا طيبا؟ وإنى لا أذكر أبدا أننى قد ضقت صدرا، بل لا أشعر حتى الآن ولا أظننى سأشعر فى المستقبل بضيق فى صدرى، من أى شخص يخالفنى فى الدين رغم أننى ككل البشر أفضِّل أن يكون الناس جميعا على دينى ومذهبى. وأرى أن بداية التغير فى جو العلاقات بين المسلمين والنصارى فى مصر الحبيبة تعود إلى بداية السبعينات حين تغيرت القيادة القبطية فى مصر. وفى هذا المقال أحاول أن أسلط الضوء على بعض ما هو مسكوت عنه فى ذلك الموضوع.
وأعتقد أن أساس المشكلة يكمن فى زعم طائفة مؤثرة من نصارى الوطن أن المسلمين أجانب عن مصر، ذلك الزعم الذى كان كامنا تحت أطباق الرماد فى أغوار النفوس البعيدة فكأنه غير موجود، ثم أبرزه وأججه ذلك التغير الذى حدث فى قيادة الأقباط فى سبعينات القرن الماضى، مع تتالى انكسارات المسلمين بوجه عام فى ميدان السياسة والحروب. وهم يقصدون بهذا الكلام المزعوم شيئين: الأول أن المسلمين أجانب دِينًا، بمعنى أن مصر قد خلقها الله نصرانية تثليثية. أقول: "تثليثية" لأن هناك نصارى كثيرين جدا ليسوا تثليثيين بل موحدين لا يعتقدون فى عيسى أكثر من أنه نبى كريم لا إلهٌ ولا ابنٌ للإله كما يقول المثلِّثون. وما يقوله هؤلاء النصارى الموحدون هو ذاته ما يعتقده المسلمون فى هذا النبى العظيم صلوات الله وسلامه عليه. ورغم أن موحِّدى النصارى هم الأصل فى العقيدة السمحة التى أتى بها عيسى بن مريم، عليه وعلى السيدة العذراء السلام، فقد استطاعت الفِرَق المثلِّثة أن تجحر أولئك الموحدين وأن تضيق عليهم الخناق وأن تضطهدهم اضطهادا بشعا وأن تقتل منهم الكثيرين وأن تُقْصِىَ من لم تسطع القضاء عليهم عن المراكز المؤثرة وأن تهمّشهم تهميشا حتى انتهى الأمر أن أضحى صوت هؤلاء النصارى الموحدين مطموسا لا يُسْمَع. على أن المسلمين فى مصر طبقا لهذا الزعم ليسوا أجانب عن مصر بدينهم فحسب، بل هم أجانب أيضا عن أرض الكنانة المباركة بجنسهم ودمائهم التى تجرى فى عروقهم وتستحق الحرق، فهم على هذا الزعم الكاذب عربٌ أَتَوْا من وراء الحدود، وينبغى من ثَمّ أن يعودوا من حيث أَتَوْا، أى إلى الجزيرة العربية.
وللأسف فإن الجو لا يسمح بالضحك، وإلا لقلت: يدى على يدكم، وساعدونا على التجنس بأية جنسية عربية (لكن دعونا أَوّلاً من اليمن، فليس فيها نفط)، ذلك أن العمل فى دول الخليج هدف لمعظم المصريين، وذلك التجنس سوف يوفر عليهم الوقت والجهد ولن يكونوا بحاجة إلى البحث واللهاث وطلوع العين والروح خلف وظيفة فى أى بلد بترولى، إذ سيكونون هم أنفسهم من أهل تلك البلاد البترولية التى تفيض زفتا وقطرانا، وبالتالى: سمنا ولبنا وعسلا. وتصوروا المصريين وقد أصبحوا يلعبون بالمال لعبا، ويركبون السيارات الفارهة، ويأكلون الكبسة وهُبَر اللحم فى كل وجبة، ويعطّشون كلهم الجيم ويخرجون ألسنتهم، لا للناس الذين ليس عندهم نفط مثلهم، بل لزوم نطق حروف الثاء والذال والظاء (وبالذات الظاء كما كان حسن عابدين يصنع فى إعلانه الشهير عن شويبس)، ويلبسون الغترة والعقال (أيضا مثل ذلك الممثل الموهوب عليه رحمة الله فى إعلانه المذكور)، ويتزوج كل منهم أربعًا (فى عين العدو) ويعيش فى بُلَهْنِيَةٍ من العيش لم يتخيلها فى يوم من الأيام، وإذا نزل أحدهم مصر التف حوله الناس وتقربوا إليه وناشدوه الله والرَّحِم أن يبحث لهم عن عقد عمل فى بلاده. وساعتها سوف يندم هؤلاء المساعير المتعصبون ندامة الكُسَعِىّ، لكن بعد خراب بصرة!
غير أن الجو للأسف لا يتحمل مثل هذا الضحك، بل إنه لا يقبل مجرد الابتسام! على الأقل لأن الخليجيين لن يَرْضَوْا أبدا باستلحاقنا كى نشاركهم تلك النعمة ونقلل بالضرورة أنصباءهم فيها إلى الفتات لأننا عشرات الملايين، على حين لو جمعناهم "كلهم على بعضهم" فى جميع دول الخليج فلن يصلوا إلى ثلث ذلك العدد، بل إن السكان فى بعض تلك الدول لا يصلون إلى ربع المليون. ومعنى هذا أننا، بعد أن نترك مصر أملا فى احتياز تلك الثروات الأسطورية التى تُسِيل اللعاب، سوف نُمْنَع من دخول بلاد العرب، وعندها يقيمون لنا خياما على الحدود كما صنعوا مع الفلسطينيين المساكين على الحدود الليبية المصرية ذات يوم. ولكن أية حدود؟ ليس إلا البحر الأحمر يا حبيبى أنت وهو، فى عبّارة من تلك العبّارات التى تعرفونها والتى سوف ننتهى فيها إلى أن نكون طعاما للحيتان، ولن يكون صاحبها بحاجة إلى الهروب من مصر قبل رفع الحصانة عنه، لأنه قد هرب وانتهى الأمر، وهو فى لندن من يومها يعيش آمنا تماما ويستمتع بأموالنا التى سرقها منا وقتلنا بها، ولن يهمه من أمرنا شىء. أى أننا غارقون غارقون، وفى بطون الحيتان وأسماك القرش مستقرون! نستأهل! هل قال لنا أحد نُقِلّ عقلنا ونصدّق هذه الآمال الكواذب ونترك المحروسة؟ وبهذا نكون لا طُلْنا عنب الشام ولا بلح اليمن، ولا حتى المشّ المصرى المعتبر!
ولقد قرأت فى "أحكام أهل الذمة" لابن قَيّم الجَوْزيّة، وكذلك فى "صبح الأعشى" للقلقشندى، ما نصه: "وفي أيام الآمر بأحكام الله الفاطمي بالديار المصرية، امتدت أيدي النصارى، وبسطوا أيديهم بالخيانة، وتفننوا في أذى المسلمين وإيصال المضرة إليهم. واستُعْمِل منهم كاتب يعرف بالراهب، ويُلَقَّب بالأب القديس، الروحاني النفيس، أبي الآباء، وسيد الرؤساء، مقدّم دين النصرانية، وسيد البتركية، صفيّ الرب ومختاره، وثالث عشر الحواريين، فصادر اللعينُ عامةَ مَنْ بالديار المصرية: مِنْ كاتب وحاكم وجندي وعامل وتاجر، وامتدت يده إلى الناس على اختلاف طبقاتهم، فخوّفه بعض مشايخ الكتّاب من خالقه وباعثه ومحاسبه، وحذره من سوء عواقب أفعاله، وأشار عليه بترك ما يكون سببا لهلاكه. وكان جماعة من كتاب مصر وقبطها في مجلسه، فقال مخاطبا له ومسمعا للجماعة: نحن ملاك هذه الديار حرثًا وخَرَاجًا، ملكها المسلمون منا، وتغلبوا عليها وغصبوها، واستملكوها من أيدينا. فنحن مهما فعلنا بالمسلمين فهو قُبَالة ما فعلوا بنا، ولا يكون له نسبة إلى من قُتِل من رؤسائنا وملوكنا في أيام الفتوح. فجميع ما نأخذه من أموال المسلمين وأموال ملوكهم وخلفائهم حِلٌّ لنا، وهو بعض ما نستحقه عليهم. فإذا حملنا لهم مالاً كانت المنة لنا عليهم، وأنشد:
بنت كَـــــرْمٍ يتَّمـــوها أمهـــــا ** وأهـــانوها فدِيسَتْ بالقدمْ
ثم عادوا حكّموها بينـهـم ** وَيْلَهُمْ من فعل مظلومٍ حَكَمْ
فاستحسن الحاضرون من النصارى والمنافقين ما سمعوه منه، واستعادوه، وعَضّوا عليه بالنواجذ، حتى قيل إن الذي احتاط عليه قلم اللعين من أملاك المسلمين مائتا ألف واثنان وسبعون ألفا، ومائتا دار وحانوت وأرض بأعمال الدولة، إلى أن أعادها إلى أصحابها أبو علي بن الأفضل، ومن الأموال ما لا يحصيه إلا الله تعالى".
وبهذه المناسبة أذكر أننى، قبيل انتهاء حرب رمضان المجيدة أيام الشباب الأول، كنت أسكن فى شقة مفروشة فى منطقة قريبة من دير الملاك بالقاهرة مع بعض المجندين من خريجى الجامعات، ومنهم شاب نصرانى اسمه ميلاد كنت أحبه وأستلطف ظله وأضحك معه كثيرا وأداعبه وأطلق عليه اسم "فانوس"، مثلما كنت أسمى زميلا له مسلما اسمه أحمد بــ"أحمد الدَّنَف" إشارة إلى غلبة النعاس عليه أثناء حديثنا معه وانفراج فكيه وثقل جفنيه. و ذات عصريّةٍ كنت أناقش صديقى فانوسا فى شارع رمسيس قبل أن تغير الحكومة معالمه وتجعله اتجاها واحدا، وكنا ساعتها فى منطقة الدمرداش قريبا من الكاتدرائية، ولا أدرى بالضبط فيم كنا نتحاور، إلا أن الذى أذكره جيدا أنه ألقى بالجملة التالية فجأة فى وجهى، وكانت أول مرة أسمع شيئا كهذا: "أنتم، أيها المسلمون فى مصر، عرب ولستم مصريين، وهذه ليست بلادكم، لأنكم إنما جئتم من الجزيرة العربية مع عمرو بن العاص، وعليكم أن ترجعوا من حيث أتيتم!". فما كان منى إلا أن رددت على البديهة فى الحال: انتظر يا فلان انتظر، وتعال نحسبها بالقلم والورق. ترى من الذى أدخل فى مخك هذا الكلام الذى لا معنى له ولا منطق فيه؟ أيُعْقَل، وأنت خريج كلية الهندسة البارع فى الحساب، أن تردد هذا الكلام الذى يدابر الحساب والإحصاء؟ إن العرب الذين دخلوا مصر مع عمرو بن العاص لم يكونوا يتجاوزون عدة آلاف، على حين كان سكان مصر بالملايين، فهل تريد أن تقول إن الذى بَقِىَ من هذه الآلاف القليلة المحدودة (أقصد: بَقِىَ ولم يغادرها إلى ليبيا وبقية بلاد المغرب مع حركة الفتح) قد تكاثر حتى أصبح يشكل الأغلبية الساحقة فى مصر الآن ويُعَدّ بعشرات الملايين، بينما الملايين النصرانية التى كانت موجودة آنذاك بمصر قد أكلتها القطة فلم تعد تتجاوز ثلاثة ملايين من الأنفس؟ فكان تعليقه: فماذا تريد أن تقول؟ قلت له بكل هدوء: أريد أن أقول إن المسلمين فى مصر هم مصريون لحما ودما، وإن كان هذا لا ينفى أن بعضهم قد انصهرت دماؤه مع دماء إخوانه من المسلمين العرب القليلين، مثلما انصهرت دماء نصارى مصر مع دماء النصارى الذين وفدوا على أرض الكنانة من كل مكان. فعاد يقول: لكن دينكم عربى، وليس نابعا من مصر! قلت: وهل دينكم يا فلان مِنْ نبت التربة المصرية؟ إنه وارد الخارج كما تعرف، والذين ورّدوه لنا ليسوا مصريين، وإن كان قد اعتنقه جزء من المصريين، أما الإسلام فاعتنقته الأغلبية الساحقة. فإن كنتم تريدون من الإسلام أن يعود أدراجه فلتعيدوا النصرانية قبل ذلك أدراجها وتعودوا معها إن كنتم ترغبون فى ذلك، أما نحن المسلمين المصريين فهذا وطننا، ولا نبتغى به بديلا، ولا يصحّ أن يقول أى إنسان كائنا من كان: "اخرجوا من مصر"، إذ أين نخرج، وليس لنا يا ابن الحلال وطن إلا المحروسة؟ بل من قال إن من حق أى إنسان أن يقول للمسلمين: اخرجوا من مصر! بالضبط مثلما لا نرى من حقنا أن نقول للنصارى المصريين: اخرجوا من مصر، وعودوا من حيث أتيتم، إذ أين يخرجون؟ وإلام يذهبون؟
ثم عدت إلى الضحك معه ومداعبته كما كنت أصنع قبلا. وكانت هذه، والحق يقال، صدمة لم أتوقعها، ولم يَدُرْ قَطُّ ببالى أن أحدًا يمكن أن يقول هذا الكلام الغريب الساذج، لكنى بعد أن تكرر سماعى وقراءتى له لم أعد أرى فيه كلاما ساذجا غريبا، بل تخطيطا شيطانيا ودعاية مسمومة وحقدا عارما وأوهاما آثمة من شأنها أن تدمر الصلات الطيبة التى ينبغى أن تجمع بين الطوائف المختلفة لأبناء الوطن الواحد! وبمناسبة قولى آنفا إن العرب الذين دخلوا مصر مع عمرو بن العاص لم يكونوا يتجاوزون عدة آلاف، على حين كان سكان مصر بالملايين، أحب أن أوضح أن تلك النسبة العددية العربية الشديدة الضآلة فى مصر وفى كل مكان فتحه العرب هى المسؤولة عن ضآلة النسبة العددية للعلماء العرب بين علماء الحضارة الإسلامية عموما. والعجيب أن بعض الباحثين، وبخاصة من المستشرقين ومن يجرون وراءهم ويرددون أفكارهم كأنهم الأبواق، يتخذون ذلك تكأة للنيل من العرب والقول بأنهم ليسوا مؤهلين للعلم ولا باع لهم فى ميدان الإنجازات الثقافية ناسين بل متناسين عن عمدٍ وسبق إصرارٍ تلك الحقائق التى تفقأ العيون.
ثم نبهنى بعد ذلك بسنواتٍ أستاذٌ جامعىٌّ مشهور إلى كتاب للشيخ الغزالى لم أكن قرأته رغم أننى كنت ولا أزال من المحبين لقراءة ما يخطه يراع ذلك العالم الجليل، وهو كتاب "قذائف الحق"، قائلا إن الكتاب يتضمن تقريرا أمنيا يرصد بعض النشاطات الكنسية المعادية للإسلام. فقلت له: لكن من الطبيعى أن يكون للكنيسة نشاطات لا توافقنا نحن المسلمين، فما وجه الأهمية لذاك؟ قال: اقرإ الكتاب، ولسوف ترى ما يريد الشيخ أن يقول. ولم أقرإ الكتاب رغم ذلك إلا بعدها بمدة طويلة، فوجدت فيه الكلام التالى الذى أنقله هنا من نسخةٍ متاحة على المشباك، وهو التقرير الذى أشار إليه الأستاذ المذكور، والكلام فيه عن الأوضاع التى كانت قائمة آنذاك:
"إذا أراد إخواننا الأقباط أن يعيشوا كأعدادهم من المسلمين فأنا معهم فى ذلك، وهم يقاربون الآن مليونين ونصفا، ويجب أن يعيشوا كمليونين ونصف من المسلمين. لهم ما لهم من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، أما أن يحاولوا فَرْض وصايتهم على المسلمين وجَعْل أَزِمَّة الحياة الاجتماعية والسياسية فى أيديهم فلا. إذا أرادوا أن يبنوا كنائس تَسَعُ أعدادهم لصلواتهم وشعائرهم الدينية فلا يعترضهم أحد. أما إذا أرادوا صبغ التراب المصرى بالطابع المسيحى وإبراز المسيحية وكأنها الدين المهيمن على البلاد فلا. إذا أرادوا أن يحتفظوا بشخصيتهم فلا تُمْتَهَن، وتعاليمهم فلا تُجَرَّح، فلهم ذلك، أما أن يودّوا "ارتداد" المسلمين عن دينهم ويعلنوا غضبهم إذا طالبنا بتطبيق الشريعة الإسلامية وتعميم التربية الدينية فهذا ما لا نقبله.
إن الاستعمار أوعز إلى بعضهم أن يقف مراغماً للمسلمين، ولكننا نريد تفاهماً شريفاً مع ناس معقولين. إن الاستعمار أشاع بين من أَعْطَوْه آذانهم وقلوبهم أن المسلمين فى مصر غرباء وطارئون عليها، ويجب أن يزولوا، إن لم يكن اليوم فغداً. وعلى هذا الأساس أَسْمَوْا جريدتهم الطائفية: "وطنى"! ومن هذا المنطلق شرع كثيرون من المغامرين يناوش الإسلام والمسلمين، وكلما رأى عودة من المسلمين إلى دينهم همس أو صرخ: عاد التعصب! الأقباط فى خطر! ولا ذرة من ذلك فى طول البلاد وعرضها، ولكنها صيحات مريبة أنعشها وقواها "بابا شنودة" دون أى اكتراث بالعواقب. وقد سبقت محاولات من هذا النوع أخمدها العقلاء، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كتابات القمص سرجيوس، الذى احتفل "البابا شنودة" أخيراً بذكراه.
ففى العدد 41 من السنة 20 من مجلة "المنارة" الصادر فى 6 / 12 / 1947 كتب هذا القمص تحت عنوان: "حسن البنا يحرض على قتال الأقليات بعد أن سلح جيوشه بعلم الحكومة" يقول: "نشرنا فى العدد السابق تفسير الشيخ حسن البنا لآية سورة "التوبة" قوله: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (التوبة/ 29). قال: "وقد قال الفقهاء، وتظاهرت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، إن القتال فرض عين إذا ديست أرض الإسلام، أو اعتدى عليها المعتدون من غير المسلمين، وهو فرض كفاية لحماية الدعوة الإسلامية وتأمين الوطن الإسلامى، فيكون واجباً على من تتم بهم هذه الحماية وهذا التأمين. وليس الغرض من القتال فى الإسلام إكراه الناس على عقيدة، أو إدخالهم قسراً فى الدين، والله يقول: "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى" (البقرة/ 256). كما أنه ليس الغرض من القتال كذلك الحصول على منافع دنيوية أو مغانم دينية، فالزيت والفحم والقمح والمطاط ليست من أهداف المقاتل المسلم الذى يخرج عن نفسه وماله ودمه لله بأن له الجنة: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيَقْتُلون ويُقْتَلون وعداً عليه حقاً فى التوراة والإنجيل والقرآن" (التوبة/ 111). حكم قتال أهل الكتاب: وأهل الكتاب يقاتَلون كما يقاتَل المشركون تماماً إذا اعْتَدَوْا على أرض الإسلام، أو حالوا دون انتشار دعوته".
" الرد: للشيخ حسن البنا أسلوبه الخاص فى الكتابة والتفسير وفى الفتاوى، ويُعْرَف بالأسلوب المائع، إذ يترك دائماً الأبواب مفتوحة ليدخل متى شاء فى ما أراد دون أن يتقيد أو يُمْسَك، ومن آيات ميوعته أنه يقول أن القتال يكون فرض عين إذا ديست أرض الإسلام، أو اعتدى عليها المعتدون من غير المسلمين، دون أن يبين أو يحدد ما هى أرض الإسلام أو الوطن الإسلامى: هل هى الحجاز فقط أم هى كل بلد من بلاد العالم يكون فيها المسلمون أغلبية أو أقلية أو متعادلين؟ وكان فى عدم تحديده لأرض الإسلام أو الوطن الإسلامى ماكراً سيئاً ليكون حرا فى إعلان القتال على من يشاء من المستضعفين من المسيحيين واليهود الذين يقوى على محاربتهم فى أى بلد كان. وكان أحرى به أن يقولها كلمة صريحة أن أرض الإسلام هى الحجاز، أى الأرض التى نشأ عليها الإسلام، أى الدين الإسلامى، وليست البلاد التى يعيش فيها المسلمون فى العالم. وسواء كانت أرض الإسلام أو وطن الإسلام هى الحجاز أم هى كل بلد من بلاد العالم يعيش فيه المسلمون، فلا يمكن العمل بما يقول به الشيخ حسن البنا بأن القتال فرض عين أو فرض كفاية على المسلمين إذا ديست أرض الإسلام أو اعتدى عليها المعتدون من غير المسلمين".
وأنا أسأل أى قارئ اطلع على تفسير حسن البنا: هل اشتم منه رائحة تحريض على الأقباط أو اليهود؟ وأسأل أى منصف قرأ الرد عليه: هل وجد فيه إلا التحرش والرغبة فى الاشتباك دون أدنى سبب؟ إن هذا القمص المفترى لا يريد إلا شيئاً واحداً: إبعاد الصفة الإسلامية عن مصر، واعتبار الحجاز وحده وطنا إسلاميا. أما مصر فليست وطنا إسلاميا رغم أن سكانها المسلمين فوق 92 % من جملة أهلها. ولماذا تُنْفَى الصفة الإسلامية عن مصر مع أن هذه الصفة تذكر لجعل الدفاع عنها فريضة مقدسة؟ هذا ما يُسْأَل عنه القمّص الوطنى والذين احتفلوا بذكراه بعد ربع قرن من وفاته. إن الدفاع عن مصر ضد الاستعمار العالمى ينبغى أن تهتز بواعثه وأن تفتر مشاعره!
لقد كانت مصر وثنية فى العصور القديمة، ثم تنصر أغلبها، فهل يقول الوثنيون المصريون لمن تنصر: إنك فقدت وطنك بتنصرك؟ ثم أقبل الإسلام فدخل فيه جمهور المصريين، فهل يقال للمسلم: إنك فقدت وطنك بإسلامك؟ ما هذه الرقاعة؟! بيد أن الحملة على الإسلام مضت فى طريقها، وزادت ضراوةً وخسةً فى الأيام الأخيرة. ثم جاء "الأنبا شنودة" رئيساً للأقباط فقاد حملة لا بد من كشف خباياها وتوضيح مداها حتى يدرك الجميع: مم نَحْذَر؟ وماذا نخشى؟ وما نستطيع السكوت، ومستقبلنا كله تعصف به الفتن ويأتمر به سماسرة الاستعمار.
تقرير رهيب: كنت في الإسكندرية في مارس من سنة 1973، وعلمت من غير قصد بخطاب ألقاه البابا شنودة في الكنيسة المرقصية الكبرى في اجتماع سرى أعان الله على إظهار ما وقع فيه. وإلى القراء ما حدث كما نُقِل مسجلا إلى الجهات المعنيّة:
"بسم الله الرحمن الرحيم: نقدم لسيادتكم هذا التقرير لأهم ما دار في الاجتماع بعد أداء الصلاة و التراتيل: طلب البابا شنودة من عامة الحاضرين الانصراف، ولم يمكث معه سوى رجال الدين وبعض أثريائهم بالإسكندرية، وبدأ كلمته قائلاً إن كل شئ على ما يرام، ويجري حسب الخطة الموضوعة لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد، ثم تحدث في عدد من الموضوعات على النحو التالي:
أولا_ عدد شعب الكنيسة: صرح لهم أن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر يقارب الثمانية مليون (8 مليون نسمة)، وعلى شعب الكنيسة أن يعلم ذلك جيداً، كما يجب عليه أن ينشر ذلك ويؤكده بين المسلمين، إذ سيكون ذلك سندنا في المطالب التي سنتقدم بها إلى الحكومة التي سنذكرها لكم اليوم. والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، والتي صدرت بشأنه التعليمات الخاصة لتنفيذه، وُضِعَ على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري، بحيث يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ 13 قرنا، أي منذ "الاستعمار العربي والغزو الإسلامي لبلادنا" على حد قوله، والمدة المحددة وفقاً للتخطيط الموضوع للوصول إلى هذه النتيجة المطلوبة تتراوح بين 12_ 15 سنة من الآن. ولذلك فإن الكنيسة تحرّم تحريما تاما تحديد النسل أو تنظيمه، وتعدّ كل من يفعل ذلك خارجاً عن تعليمات الكنيسة، ومطروداً من رحمة الرب، وقاتلاً لشعب الكنيسة، ومضيعاً لمجده، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها الطب و الكنيسة خطر الحمل أو الولادة على حياة المرأة. وقد اتخذت الكنيسة عدة قرارات لتحقيق الخطة القاضية بزيادة عددهم:
عددهم:
1- تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة.
2- تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين (خاصة وأن أكثر من 65 % [!] من الأطباء والقائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة).
3- تشجيع الإكثار من شعبنا، ووضع حوافز ومساعدات مادية ومعنوية للأسر الفقيرة من شعبنا.
4- التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستويين الحكومي وغير الحكومي كي يضاعفوا الخدمات الصحية لشعبنا، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل الوفيات بين شعبنا (على أن نفعل عكس ذلك مع المسلمين).
5- تشجيع الزواج المبكر وتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيف رسوم فتح الكنائس ورسوم الإكليل بكنائس الأحياء الشعبية.
6- تحرّم الكنيسة تحريما تاما على أصحاب العمارات والمساكن المسيحيين تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، وتعتبر من يفعل ذلك من الآن فصاعداً مطروداً من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج السكان المسلمين من العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وإذا نفّذنا هذه السياسة بقدر ما يسعنا الجهد فسنشجع ونسهل الزواج بين شبابنا المسيحي، كما سنصعبه ونضيّق فرصه بين شباب المسلمين، مما سيكون له أثر فعال في الوصول إلى الهدف. وليس بخافٍ أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين وارتفاع هذا المعدل بين شعبنا المسيحى.
ثانياً_ اقتصاد شعب الكنيسة: قال شنودة إن المال يأتينا بقدر ما نطلب وأكثر مما نطلب، وذلك من مصادر ثلاثة: أمريكا، الحبشة، الفاتيكان، ولكن ينبغي أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل، وعلى التعاون على فعل الخير بين أفراد شعب الكنيسة. كذلك يجب الاهتمام أكثر بشراء الأرض، وتنفيذ نظام القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمعاونتهم على البناء، وقد ثبت من واقع الإحصاءات الرسمية أن أكثر من 60 % من تجارة مصر الداخلية هي بأيدي المسيحيين، وعلينا أن نعمل على زيادة هذه النسبة. وتخطيطنا الاقتصادي للمستقبل يستهدف إفقار المسلمين ونزع الثروة من أيديهم ما أمكن بالقدر الذي يعمل به هذا التخطيط على إثراء شعبنا. كما يلزمنا مداومة تذكير شعبنا والتنبيه عليه تنبيها مشددا من حين لآخر بأن يقاطع المسلمين اقتصاديا، وأن يمتنع عن التعامل المادي معهم امتناعاً مطلقاً، إلا في الحالات التي يتعذر فيها ذلك، ويعني مقاطعة المحاميين، المحاسبين، المدرسين، الأطباء، الصيادلة، العيادات، المستشفيات الخاصة، المحلات التجارية الكبيرة و الصغيرة، الجمعيات الاستهلاكية أيضا (!)، وذلك مادام ممكنا لهم التعامل مع إخوانهم من شعب الكنيسة، كما يجب أن ينبهوا دوماً إلى مقاطعة صنّاع المسلمين وحِرْفِيّيهم والاستعاضة عنهم بالصنّاع والحرفيّين النصارى، ولو كلفهم ذلك الانتقال والجهد والمشقة. ثم قال البابا شنودة: إن هذا الأمر بالغ الأهمية لتخطيطنا العامّ في المدى القريب والبعيد.
ثالثاً_ تعليم شعب الكنيسة: قال البابا شنودة إنه يجب، فيما يتعلق بالتعليم العام للشعب المسيحي، الاستمرار في السياسة التعليمية المتبعة حاليا مع مضاعفة الجهد في ذلك، خاصة وأن بعض المساجد شرعت تقوم بمهام تعليمية كالتي نقوم بها في كنائسنا، الأمر الذي سيجعل مضاعفة الجهد المبذول حاليا أمرا حتميا حتى تستمر النسبة التي يمكن الظفر بها من مقاعد الجامعة وخاصة الكليات العملية. ثم قال: إني إذ أهنئ شعب الكنيسة، خاصة المدرسين منهم، على هذا الجهد وهذه النتائج، إذ وصلت نسبتنا في بعض الوظائف الهامة والخطيرة كالطب والصيدلة والهندسة وغيرها أكثر من 60% (!)، إني إذ أهنئهم أدعو لهم يسوع المسيح الرب المخلص أن يمنحهم بركاته وتوفيقه حتى يواصلوا الجهد لزيادة هذه النسبة في المستقبل القريب.
رابعاً_ التبشير: قال البابا شنودة: كذلك فإنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، إذ أن الخطة التبشيرية التي وُضِعَتْ بُنِيَتْ على أساس هدفٍ اتُّفق عليه للمرحلة القادمة، وهو زحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم والتمسك به، على ألا يكون من الضروري اعتناقهم المسيحية، فإن الهدف هو زعزعة الدين في نفوسهم، وتشكيك الجموع الغفيرة منهم في كتابهم وصدق محمد، ومن ثم يجب عمل كل الطرق واستغلال كل الإمكانيات الكنسية للتشكيك في القرآن وإثبات بطلانه وتكذيب محمد. وإذا أفلحنا في تنفيذ هذا المخطط التبشيري في المرحلة المقبلة، فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات من طريقنا، وإن لم تكن هذه الفئات مستقبلاً معنا فلن تكون علينا. غير أنه ينبغي أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط التبشيري أن يتم بطريقة هادئة لبقة وذكية حتى لا يكون سبباً في إثارة حفيظة المسلمين أو يقظتهم.
وإن الخطأ الذي وقع منا في المحاولات التبشيرية الأخيرة التي نجح مبشرونا فيها في هداية عدد من المسلمين إلى الإيمان و الخلاص على يد الرب يسوع المخلص (!) هو تسرب أنباء هذا النجاح إلى المسلمين، لأن ذلك من شأنه تنبيه المسلمين وإيقاظهم من غفلتهم، وهذا أمر ثابت في تاريخهم الطويل معنا، وليس هو بالأمر الهين. ومن شأن هذه اليقظة أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة وتؤخر ثمارها وتضيع جهودنا. ولذا فقد أصدرت التعليمات الخاصة بهذا الأمر، وسننشرها في كل الكنائس لكي يتصرف جميع شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية تمتص غضبهم وتقنعهم بكذب هذه الأنباء. كما سبق التنبيه على رعاة الكنائس والآباء والقساوسة بمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية، وتهنئتهم بأعيادهم، وإظهار المودة والمحبة لهم. وعلى شعب الكنيسة في المصالح و الوزارات والمؤسسات إظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين. ثم قال بالحرف الواحد: إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم نحو هدفنا إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل سواء بالسلم أو بالحرب. ثم هاجم من أسماهم بضعاف القلوب الذين يقدمون مصالحهم الخاصة على مجد شعب الرب والكنيسة، وعلى تحقيق الهدف الذي يعمل له الشعب منذ عهد بعيد، وقال إنه لم يلتفت إلى هلعهم، وأصر أنه سيتقدم للحكومة رسميا بالمطالب الواردة بعد، حيث إنه إذا لم يكسب شعبُ الكنيسة في هذه المرحلة مكاسبَ على المستوى الرسمي فربما لا يستطيع إحراز أي تقدم بعد ذلك.
ثم قال بالحرف الواحد: وليعلم الجميع، خاصة ضعاف القلوب، أن القوى الكبرى في العالم تقف وراءنا ولسنا نعمل وحدنا، ولا بد من أن نحقق الهدف، لكن العامل الأول والخطير في الوصول إلى ما نريد هو وحدة شعب الكنيسة وتماسكه وترابطه. ولكن إذا تبددت هذه الوحدة وذلك التماسك فلن تكون هناك قوة على وجه الأرض مهما عظم شأنها تستطيع مساعدتنا.
ثم قال: ولن أنسى موقف هؤلاء الذين يريدون تفتيت وحدة شعب الكنيسة، وعليهم أن يبادروا فوراً بالتوبة وطلب الغفران والصفح، وألا يعودوا لمخالفتنا ومناقشة تشريعاتنا وأوامرنا، والرب يغفر لهم (وهو يشير بذلك إلى خلاف وقع بين بعض المسئولين منهم، إذ كان البعض يرى التريث وتأجيل تقديم المطالب المزعومة إلى الحكومةثم). عدد البابا شنودة المطالب التي صرح بها بأنه سوف يقدمها رسميا إلى الحكومة:
1- أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء.
2- أن تخصص لهم 8 وزارات (أى يكون وزراؤها نصارى).
3- أن تخصص لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.
4- أن تخصص لهم ربع المراكز القيادية المدنية، كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ووكلاء الوزارات والمديرين العامين ورؤساء مجالس المدن.
5- أن يستشار البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية، ويكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل فيها.
6- أن يسمح لهم بإنشاء جامعة خاصة بهم، وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيط هذه الجامعة، و هي تضم المعاهد اللاهوتية والكليات العملية و النظرية، وتمول من مالهم الخاص.
7- يسمح لهم بإقامة إذاعة من مالهم الخاص.
ثم ختم حديثه بأن بشّر الحاضرين، وطلب إليهم نقل هذه البشرى لشعب الكنيسة، بأن أملهم الأكبر في عودة البلاد والأراضي إلى أصحابها من "الغزاة المسلمين" قد بات وشيكاً، وليس في ذلك أدنى غرابة في زعمه. وضرب لهم مثلاً بأسبانيا النصرانية التي ظلت بأيدي "المستعمرين المسلمين" قرابة ثمانية قرون (800 سنة)، ثم استردها أصحابها النصارى. ثم قال: وفي التاريخ المعاصر عادت أكثر من بلد إلى أهلها بعد أن طُرِدوا منها منذ قرون طويلة جدا (واضح أن شنودة يقصد إسرائيل). وفي ختام الاجتماع أنهى حديثه ببعض الأدعية الدينية للمسيح الرب الذي يحميهم و يبارك خطواتهم".
وهذا الكلام يتفق مع ما جاء فى البيان الصادر عن المؤتمر القبطى الذى انعقد بالإسكندرية أيضا عام 1977م تحت إشراف البابا شنودة، ونصه: "ووَضَع الجميعُ (أى جميع من شاركوا فى المؤتمر) نصب أعينهم، رعاةً ورعيةً، اعتبارين لا ينفصل أحدهما عن الآخر: أولهما الإيمان الراسخ بالكنيسة القبطية الخالدة فى مصر التى كرستها كرازة القديس مرقس الرسول وتضحيات شهدائها الأبرار على مر الأجيال. والأمر الثانى الأمانة الكاملة للوطن المفدَّى الذى يمثل الأقباط أقدم وأعرق سلالاته حتى إنه لا يوجد شعب فى العالم له ارتباطات بتراب أرضه وبقوميته مثل ارتباط القبط بمصر العزيزة" (نقلا عن جمال بدوى/ الفتنة الطائفية فى مصر: جذورها وأسبابها"/ منشورات المركز العربى للصحافة: أهلا/ القاهرة/ 1980م). والخطورة والزيف فى هذا الكلام من أوضح ما يكون: فالحديث عن الأقباط فى هذا النص يجرى على أنه حديث عن الشعب المصرى كله، وكأن المصريين هم فقط الأقباط الثلاثة الملايين آنذاك، أما سائر الشعب بعشرات ملايينه المسلمة فهو غير موجود، وإن وُجِد فهو غير أصيل، لأن وجوده طارئ على مصر. لكن السؤال هو: فمن أين جاءت عشرات الملايين المصرية هذه إذن؟ واضح أن المقصود هو القول بأنهم عرب. وإذا كان هذا يمكن أن يصدر عن فرد من القبط فى حوار شخصى يقوم على المغالبة وركوب الرأس بالباطل، فهل يجوز أن يصدر عن مؤتمر يمثّل كلَّ الأقباط وينعقد تحت إشراف البابا ذاته؟ فما معنى هذا؟ والله إنه لشىءٌ عُجَاب! ثم يتحدثون عن الإرهاب الإسلامى والإقصاء الإسلامى والتحقير الإسلامى للآخرين! إن هذا لأمرٌ فى منتهى الخطورة، وأرى بكل قوة أنه المسؤول الأول عن التوترات التى تشهدها أرض المحروسة. أما التباكى التماسيحى فلا يقنع أحدا ولا حتى أصحابه! إنما هو تمثيل سخيف يُقْصَد به التهويش والخداع! ومرة أخرى أقول إن المسلمين يستحقون هذا كله وأشد من هذا كله، إذ لم يكن ممكنًا أن يطمع فيهم الطامعون على هذا النحو إلا وقد أدركوا أنهم من الضعف والخزى والهوان على أنفسهم وعلى الآخرين بحيث إنهم لن يعترضوا ولن يفتحوا فاهم الأدرد ولن يصنعوا إزاءه شيئا أى شىء! إنهم "تَيْمٌ" الذين قال فيهم الشاعر:
ويُقْضَى الأمر حين تغيب تيمٌ ** ولا يُسْتَاْذَنون وهم شهودُ
أى أنهم، حضروا أو غابوا، لا قيمة لهم، ولا أحد يبالى بهم أو يضعهم فى حسبان. إنهم صفر، ويا له من صفر!
ثم إن هذا الذى تحدث عنه الشيخ الغزالى يُكْتَب الآن فى الصحف والمجلات لا خارج الوطن فقط بل داخله أيضا. وهذا مقال يجرى فى ذات الاتجاه، وهو يقطر وقاحة وقلة أدب فى حقنا نحن المصريين المسلمين ويستفز الأغلبية صاحبة البلاد دون أى معنى أو حق، لأنه يتهمهم بأشياء ليس لها وجود، إذ الحديث عن احتلال عربى لا بد فى نظر كاتب المقال أن ينتفض المصريون ويعملوا على التخلص منه رغم مرور أربعة عشر قرنا عليه، لأن الجريمة لا تسقط بالتقادم كما هى خلاصة كلامه، فالأوان إذن مناسب تماما لذلك. والكاتب نكرة فى عالم الكتابة، ولا يهم القارئ اسمه فى قليل أو كثير، وهذا هو نص المقال على ما به من ركاكة وتفاهة وأخطاء لغوية وأسلوبية لا يقع فيها تلميذ ذكى صغير، فضلا عن التفكك العقلى والمنطقى، وعنوانه: "مقاومة المحتل بأثر رجعي_ رسالة الى قبطي"، وقد نُشِر منذ وقت غير قصير فى جريدة "شباب مصر" المشباكية:
"هل يسقط حق مقاومة الإحتلال بمرور الزمن؟ كم من الزمن ينبغى أن ينقضى قبل أن يتوجب على مقاومى الإحتلال فى العراق وفلسطين بأن يتوقفوا عن مقاومتهم؟ اذا بقت أمريكا بالعراق لعدة قرون من الآن، هل تصبح العراق أرضاً أمريكية بوضع اليد وبالتقادم؟ اذا استسلم العراقيون عن ضعف وقلة حيلة، وفرض الأمريكان عليهم مبادئ وقيم جديدة راقت للبعض ولم ترق للبعض الآخر، هل من حق من راقت لهم تلك القيم فرضها بالقوة وبالحيلة وبالضغط على الآخرين؟ ألا تعتبر تلك حماقة وخيانة للوطن وأبناءه؟ اذا مرت القرون واستسلمت الأغلبية للأمر الواقع، هل من حق أحفاد الأحفاد الانتقام من العدو ومقاومة احتلاله والثورة على مبادئه التى صارت بالية عتيقة مهترئة؟ اذا كنت قبطى مصري، فأنت احد أحفاد القلة من المصريين التى استسلمت للاحتلال العربى لمصر عام 640 ميلادية لقلة الحيلة و للهروب من حكم الأجانب الطغاة. نعم حررتنا القوات الاسلامية ولكنها قبعت على قلوبنا قروناً وغيرت ديننا ولغتنا وثقافتنا وعاداتنا بالقوة أو بغيرها لا فرق.
أخى المواطن القبطي، احترم ما فعله أجدادك فبالرغم من استسلامهم فانهم لم يتخلوا عن هويتهم ودينهم وثقافتهم وأورثوها لك. أخى المواطن لم يسقط حقك فى المقاومة بالتقادم. بامكانك فى ظل الديموقراطية ان تنل حقوقك كاملة. لا داعى لأن تكون المقاومة عنيفة كما يفعل الاخوة بالعراق وفلسطين. فمهما كان فإن هؤلاء الذين اختاروا الاسلام لهم ديناً هم ايضاً ابناء ذلك الوطن. قاوم بالكلمة و طالب بحقك بتعديل الدستور المستلهم من الشريعة الاسلامية وحسب. قاوم بالكلمة، تكلم الآن، فالوقت مناسب لكل ذي حق المطالبة به. طالب بألا تكون الديانة الاسلامية هى الدين الرسمى الوحيد للبلاد. ثُر ضد الأعراف والتقاليد فكل شئ قابل للتجديد. والمقدس مقدس فقط لمن يقدسونه وليس لهم الحق فى فرضه على الآخرين بل لهم على الآخرين الحق باحترام مقدساتهم وحسب. طالب بحقوقك واعلم ان الكثير من أبناء الوطن سينصت لك. المسلمون الطيبون المعتدلون اللاطالبانيون واللازرقاويون سوف سيساعدونك. لا تنصت لهؤلاء الذين يقولون أن الوقت غير مناسب والذين سيتهموك معى بالحرب ضد الاسلام لصالح امريكا واسرائيل. لا تدعهم يرهبونك باطلاق المسميات الساذجة مثل المتأمرك والمتصهين والخائن والعميل والشاذ عقليا وغيرها. انهم يريدون ارهابنا بالكلام كما أرهبَنا أجدادهم قرونا بالسوط والسيف والحجارة والمتفجرات، ولكننا لا نبالى. معاً سنصمد. معاً سنقاوم المحتلين العرب. فلم يفت الآوان بل هو الآن".
معاً سنصمد. معاً سنقاوم المحتلين العرب. فلم يفت الآوان بل هو الآن".
أما الركاكة اللغوية والأخطاء التعبيرية فهى سيدة الموقف بحيث لا داعى أن أضرب عليها الأمثلة، لأن المقال كله أمثلة على هذه الأخطاء والركاكات، وأما التفكك العقلى والمنطقى ففى مثل قوله: "طالِبْ بألا تكون الديانة الاسلامية هى الدين الرسمى الوحيد للبلاد. ثُر ضد الأعراف والتقاليد فكل شئ قابل للتجديد. والمقدس مقدس فقط لمن يقدسونه وليس لهم الحق فى فرضه على الآخرين بل لهم على الآخرين الحق باحترام مقدساتهم وحسب"، إذ من قال إن المسلمين المصريين أو غير المصريين يريدون أن يفرضوا دينهم أو شريعتهم على شركائهم فى الوطن؟ هل قال مسلم يوما للنصارى: اتركوا كنائسكم وتَعَالَوْا صَلُّوا معنا فى المسجد؟ هل قال لهم: لا تقولوا: باسم الآب والابن والروح القدس، وقولوا بدلا منها: باسم الله الرحمن الرحيم، أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ هل قال لهم: اتركوا صيامكم عن اللحم والبيض والسمن وتَعَالَوْا صوموا معنا رمضان؟ أمَا والله إن هذا لهو الاستبلاه بعينه! ترى من الذى يعتدى هنا على عقائد الآخر ومقدساته؟ إن المسلمين لم يفرضوا قط دينهم بالحديد والنار على أحد كما صنع النصارى فى معظم أرجاء العالم مع مخالفيهم فى المعتقد، وفى المذهب أيضا! إذن ما الذى يدعو كاتبُ المقال نصارى مصر إلى الثورة عليه؟ إنه يمدحهم بأنهم لم يعتنقوا دين العرب وحافظوا على عقائد آبائهم. أى أن "الاحتلال العربى" لم يمسهم بشىء من السوء، فما المشكلة إذن؟
لكن الكاتب لا يقصد إلى هذا، بل إلى العمل على إرجاع المسلمين عن دينهم إلى النصرانية، وكأن النصرانية هى جوهر الشخصية المصرية، مع أن المصريين قد غيروا دينهم مرات على مدار التاريخ، ومن السهل على أى شخص يريد الرد على هذا الكلام أن يقول: ولماذا النصرانية بالذات؟ ولماذا لا يكون الإسلام هو جوهر هذه الشخصية؟ وقد يقول قائل آخر: بل لماذا لا تكون عبادة العجل هى ذلك الجوهر؟ وقد يقول ثالث: ولماذا لا نتدين على مذهب إخناتون الوثنى ونعبد الشمس، إخناتون الذى قال فى شذوذه أحد الكتّاب فى جريدة "شباب مصر" المشباكيّة ما قال مما لا داعى لذكره هنا؟ وقد يقول رابع: ولماذا لا يكون ثالوث إيزيس وأوزوريس وست هو عقيدتنا؟... ولن ننتهى. العبرة، أيها القراء، باحترام اختيار كل إنسان وكل شعب وكل طائفة لما تريد أن تتدين به وعدم دَسّ أىّ واحدٍ أنفه فيما لا يعنيه بغية إثارة الفتن والمشاكل. المسلم حر فيما اختار، والنصرانى حر بنفس الطريقة فيما اختار، واليهودى هو أيضا حر فيما اختار، والأغلبية الساحقة الآن بل منذ قرون تدين بالإسلام. وبذلك تنتهى المشكلة، أما الكلام عن أن الإسلام والمسلمين أجانب عن مصر فهو كلامٌ أحمقُ بل كلامٌ مجرمٌ لا يراد به إلا إلحاق الأذى بأرض الكنانة. فكفانا كذبا وتزييفا وإشعالا للمشاكل!
ومن التفكك العقلى أيضا القول بأنك "اذا كنت قبطى مصري، فأنت احد أحفاد القلة من المصريين التى استسلمت للاحتلال العربى لمصر عام 640 ميلادية لقلة الحيلة وللهروب من حكم الأجانب الطغاة. نعم حررتنا القوات الاسلامية و لكنها قبعت على قلوبنا قروناً و غيرت ديننا ولغتنا وثقافتنا وعاداتنا بالقوة أو بغيرها لا فرق. أخى المواطن القبطي، احترم ما فعله أجدادك فبالرغم من استسلامهم فانهم لم يتخلوا عن هويتهم ودينهم وثقافتهم وأورثوها لك. أخى المواطن لم يسقط حقك فى المقاومة بالتقادم. بامكانك فى ظل الديموقراطية ان تنل حقوقك كاملة". أى خبل عقلى واضطراب نفسى هذا؟ إن صاحب هذا الكلام المختل يقول إن النصارى المصريين لم يستسلموا وحافظوا على ديانتهم وهويتهم وثقافتهم، فعلام يريدهم أن يثوروا إذن إذا كانوا قد احتفظوا بكل ما يريدون لأنفسهم من هوية وثقافة ودين؟ صحيح أنه قبل ذلك بقليل قال كلاما مختلفا، إذ صاح بأن القوات الإسلامية قد غيرت عاداتنا وثقافتنا وديننا، لكنه يقصد هنا المسلمين، فهل وكّله المسلمون ليتكلم باسمهم؟ وهل هذه هى الديمقراطية التى يتصايح بها تصايح من لا يعرف عمّ يتكلم؟ هل الديمقراطية هى أن يتحكم كل سمجٍ رَذْلٍ سفيهٍ فى الآخرين ويوجه حياتهم بالقوة ويعمل على تغيير دينهم وهويتهم وثقافتهم كرها وجبرا لأن ما هم عليه من دين وهوية وثقافة لا يعجبه ولا يرضيه؟ إن الذين اختاروا الإسلام من وثنيى مصر ونصاراها ويهودها حين دخل هذا الدينُ الكريمُ أرضَ الكنانة إنما اختاروه بملء حريتهم وحبهم واقتناعهم، والتاريخ أصدق شاهد على ما نقول، إذ لم ينقل لنا شيئا خلاف ذلك، فضلا عن أنه ليس من سياسة العرب والمسلمين إكراه أحد على دينهم بعكس النصرانية، التى عرفت محاكم التفتيش والإبادة والحرق وغير ذلك من أساليب الجبر والعسف.
ف.
وحتى لو افترضنا المستحيل وقلنا إنهم قد أُجْبِروا إجبارا على الإسلام، فهل وكّلوا أحدا من متصايحة هذا الأيام أن يتكلم باسمهم بعد كل هاتيك القرون؟ إننا، يا من نحن أبناؤهم، راضون بل مبتهجون أشد الرضا والابتهاج بأننا مسلمون وأن أسلافنا قد اعتنقوا هذا الدين العظيم الكريم النبيل، فليسكت الآخرون بل ليخرسوا وليضع كل منهم لسانه فى فمه، أو بالأحرى تحت حذائه، وينقّطنا بسُكَاته. أم ترانا ما نزال قاصرين لا نملك قرارنا ولا يحق لنا اختيار الدين الذى يريحنا ويقنعنا، فهم يريدون أن يقوموا عنا بهذا العمل؟ والله الذى لا إله إلا هو ما رأيت رقاعة ولا سفاهة ولا سفالة بهذا الشكل! ولاحظ قوله إنه لا فرق عنده بين أن تكون "القوات الإسلامية" قد غيرت دين المصريين وهويتهم وثقافتهم بالقوة أو بالرضا! ذلك أن الديمقراطية التى ينادى بها هى ديمقراطية الاستبداد والتحكم والإكراه، وتكميم أفواه الأغلبية حتى يعيش كل واحد من أبناء الأقلية "مَرِحَ الأعطافِ، حُلْوَ اللفتات" على رأى المهندس على محمود طه فى رائعته: "الجندول"! يعنى: "عنزة ولو طارت"! ويعنى أيضا: "يا هذا، أنت عكَّرْتَ علىّ الماء، فأنا آكلك آكلك مهما حصل"! والله لقد هُزِلَتْ حتى سامها كل مُفْلِس!
أرأيت أيها القارئ مدى الاستفزاز والإثارة والحرص على الفتنة والعمل على إشعال النار كى تحرق الأخضر واليابس؟ أرأيت مدى العدوان الآثم على حق الأغلبية الساحقة من أهل البلد؟ طيب: واحد شائل ذقنه، والآخر غضبان لِمَهْ؟ نحن المسلمين راضون بدين التوحيد ونحب سيد النبيين والمرسلين، فما شأن من لا يؤمن بالتوحيد ولا يوقّر سيد النبيين والمرسلين فى هذا الأمر؟ أوعلينا أن نكفر بالله وبرسوله وندخل فى دين التثليث كى يرضى عنا الآخرون؟ فليسمعها كل أحد بملء الفم وبأعلى الصوت: لا رَضِىَ هؤلاء الآخرون ولا سُرّوا ولا رَأَوُا الفرحة يوما إن كان هذا ثمن تلك الفرحة! والله إن هذا لهو السُّعار بعينه! لقد عرفنا أطفالا أرذالا مدلَّلين تدليلا مارقا لا يهنأ لهم بال إلا إذا آذَوْا سواهم من الأطفال، واجدين اللذة كل اللذة فى إبكائهم والتنكيد عليهم دون وجه حق، لكنى لم أسمع يوما بأقلية فى بلد من البلاد تريد أن تتحكم فى الأغلبية الساحقة الماحقة وتنزلها منازل الخسف والهوان وتمحو شخصيتها ودينها وشريعتها، وإلا بكت واشتكت وتشنجت ومرغت نفسها فى التراب ورفست بقدميها فى الهواء! ولسوف يأتيك أيها القارئ ما يبعث به بعضهم لنا على المشباك من شتائم فى حق ربنا ونبينا وأعراض أمهاتنا. والمضحك أنهم مع ذلك يظلون يلوكون لنا الأسطوانة الكاذبة السخيفة التى تزعم أنهم أهل السماحة والعفو والتواضع والمحبة! أية محبة وسماحة بالله عليكم أيها القراء فى أن يسب أولاد الأفاعى أعراضنا ويجدفوا فى حق ربهم وربنا؟
ثم إننا لنتساءل: أى احتلال يا ترى ذلك الذى يتحدث عنه صاحبنا؟ بل أين العرب هنا؟ الواقع أنه لا يوجد غيرنا نحن المصريين المسلمين، أما العرب فلم يكونوا يمثلون من السكان إلا نقطا قليلة فى بحرٍ هدارٍ، وسرعان ما ذابوا وانتهى أمرهم، ولم يعد هناك إلا المصريون. ترى هل كان الطولونيون عربا؟ أم هل كان الإخشيديون عربا؟ أم هل كان الأيوبيون عربا؟ أم هل كان المماليك عربا؟ أم هل كان العثمانيون عربا؟ أم هل كان محمد على وأسرته عربا؟ أم هل كان محمد نجيب وعبد الناصر والسادات وحسنى مبارك عربا؟ وإذا كان المسلمون المصريون قد اختلطت دماؤهم فى بعض الحالات مع الدماء العربية فقد حدث شىء مشابه بالنسبة لنصارى مصر، إذا اختلطت دماؤهم مع دماء اليونان والرومان والصليبيين والأرمن والفرنسيين والإنجليز وغيرهم. فلم لا يقول صاحبنا وأمثاله لأنفسهم ما يكذبون به على المسلمين؟ ألا إن هذا لهو السخف بعينه وقلة الحياء! وكما أن العرب هم الذين أَتَوْنا بالتوحيد والإيمان اللذين نفخر بهما ولا تستقيم حياتنا ولا يكون ثمة معنى لوجودنا إلا من خلالهما، فإن الذين أَتَوْا بالتثليث إلى مصر هم بنو إسرائيل الذين دخلوا قبل ذلك دين المثلِّثين. يعنى: الحال من بعضه، بَيْدَ أن ثمة قلوبا قد أغلقها الله إغلاقا، فأصحابها لا يفهمون ولا يفقهون ولا يبصرون ولا يسمعون ولا يشمّون!
وفى موضع "الأقباط" نقرأ للمدعوّ نبيل شرف الدين نفس الكلام، إذ كتب مقالا بعنوان "عن ذهنية الشعارات، وتبني رؤية الغزاة، وخرافات أخرى" ينادى فيه بفتح ملفات الماضى والنبش فى قضية دخول العرب مصر. ومنطقه أن مثل هذه الأمور لا تسقط بالتقادم. كما يزعم أيضا أن الأقباط هم أصحاب البلد وأن المسلمين قد أُدْخِلوا فى الإسلام قسرا وغصبا. وتوفيرًا للوقت الذى يمكن إهداره فى الأخذ والرد سأفترض أن كل ما يقوله من أن المسلمين المصريين لم يختاروا الإسلام بحريتهم وإرادتهم هو قول صحيح مائة فى المائة، فما دخله هو فى ذلك؟ لقد مات المصريون الذين أُجْبِروا، طبقا لمزاعمه، على ذلك من قديم الزمان، وغاية علمى أنهم لم يوصوه بأن يبكى أو يتباكى عليهم، ولا نحن قد طلبنا منه أن يدس أنفه فى موضوع يخصنا ويخص أولئك الآباء، ولا قال له أحد منا إنه يريد أن يعود للنصرانية بعد إذ استنقذه الله منها. أما من يُرِدْ من الخونة الأوساخ أن يتنصّر فالباب مفتوح يفوّت جملا وفيلا ودبا وديناصورا معا، وله علينا أن نكسر وراءه من القلل أو نرمى من البراطيش القديمة ما يرضيه. وهذه هى خلاصة المسألة، أما خلاف ذلك فتنطع وتدخل من الشخص فيما لا يعنيه وسخف وحماقة ما بعدها حماقة. ثم ما حكاية أن النصارى هم المصريون الحقيقيون؟ هل هناك ماركة مسجلة للمصرى لا يكون مصريا بدونها؟ وما تلك الماركة المسجلة يا ترى؟ أهى الصليب؟ ولماذا لا تكون مفتاح عنخ؟ أو لماذا لا يكون الهلال (رمز الأغلبية) بالأحرى هو تلك العلامة المسجلة نزولا على مقتضى الديمقراطية التى يصدعون بها رأسنا إلا إذا كانت فى صالح الإسلام كما هو الحال الآن؟ ألا يرى القارئ كمّ الاستبلاه فى هذا الكلام؟ إنه وأمثاله يريدون أن يقف التاريخ المصرى عند نقطة بعينها منه لا يتقدم عنها أو يتأخر، هى النقطة التى اعتنق فيها قسم من أبناء مصر دين النصرانية المثلِّثة! وهو ما يذكرنا بالشاعر العباسى الذى يقول:
وَقَفَ الهوى بى حيث أنت فليس لى ** متقدَّمٌ عنه ولا متأخَّرُ
لكن ذلك فى الهوى والغرام لا فى الشخصية الوطنية! كما أن الشاعر هو الذى اختار ذلك بنفسه لنفسه ولم يجبره على ذلك مستبد غشوم. ثم ما تلك القطاعات العريضة من المصريين التى يأخذها الحنين الجارف للعودة إلى الجذور يا ترى؟ أين هم؟ وما نوع ذلك الحنين؟ وأية جذور تلك التى بات الحنين الجارف يجذبهم إليها؟ الواقع أن ليس إلا الصليب والتثليث، فهل هذه هى الجذور؟ وهل ذلك هو الحنين؟ إن هذا لهو الكذب بعينه. ومتى كان الخونة الأوساخ ممن يتظاهرون بالعطف على الأقباط وهم ليسوا منهم يكابدون الشوق والحنين أو يعرفون لهما معنى أو طعما؟ إن من يُرِدْ من الخونة الأوساخ أن يتنصّر ويبوء بغضب الله واشمئزاز كل ذى عقل متنور فالباب مفتوح يفوّت جملا، وفيلا ودبا وديناصورا أيضا، وله علينا أن نكسر وراءه من القلل، ونرمى كذلك من البراطيش القديمة، ما يرضيه كما سبق بيانه! وما دام الأمر كما يقول صاحبنا فإن من حق المسلمين أن يطمحوا ويعملوا على عودة شبه الجزيرة الأيبيرية إلى دين التوحيد بعدما أُكْرِهت إكراها على تركه والالتحاق بعبادة الصليب. إننى لا أقصد عودة العرب إليها، لا بل عودتها هى إلى دين محمد الذى عُذِّب أهل البلاد أنفسهم كى يتركوه، ولم يَذَرْ مجرمو محاكم التفتيش من القساوسة والرهبان وسيلة شيطانية إلا استعملوها لفتنتهم عن دينهم حتى تم لهم ما أرادوا عن طريق البطش والقتل والحرق والتغريق وسحق العظام وثقب الأجساد بمسامير التوابيت الداخلية التى تُطْبِق على الجسم مع انطباق التابوت فتمزقه تمزيقا أى تمزيق، وما من مغيث، ثم يتكلمون عن الرحمة والتسامح والرغبة فى العودة إلى الجذور!
ولقد ذكرتُ التثليث هنا كى يعرف من يريدون إشعال الفتن أنهم أول من سيندمون إذا ما استمروا فى عملية الاستفزاز والتزييف، وإلا فكيف يريدون تجاهل الحقيقة الساطعة التى تقول إن النصرانية كانت فى مبتدإ أمرها ديانة توحيدية لا ترى فى عيسى بن مريم أكثر من أنه عبد الله ورسوله قبل أن تتحول إلى ديانة تثليثية؟ فعليهم فى هذه الحالة أن يخلوا الطريق لهؤلاء الموحدين الذين قمعهم المثلِّثون وطاردوهم وعذبوهم وظنوا أن جرمهم ذاك سيسقط بالتقادم إن كانوا يريدون أن يتنصر المصريون. كفانا تزييفا للماضى وكذبا على الحاضر والمستقبل، ولننصرف لتعمير بلادنا وترقيتها وإنهاضها من عثرتها. خلاصة القول إن لكل إنسان الحق فى أن يعتنق ما يشاء من دين: المسلم له الحق كل الحق أن يتمسك بدينه وألا يصيخ السمع لهؤلاء الذين يعملون على فتنته عن التوحيد المحمدى العظيم. والنصرانى له الحق كل الحق فى أن يتمسك بصليبه وتثليثه وألا يتعرض له أحد بأذى، لكن عليه فى ذات الوقت أن يكف عن إثارة المشاكل والمزاعم الكاذبة عن إخوان الوطن المسلمين. وبهذا نضع حدا لتلك القضايا البائسة التى تستنزف الجهد والوقت ويكْذِب أصحابها ببجاحة ما بعدها بجاحة على التاريخ والحقيقة ولا ينتج عنها إلا المصائب، ثم نعود فنبكى ونتباكى على شىء إنما جنيناه على أنفسنا بأيدينا!
وفى ذلك المقال نقرأ ما يلى: "قبل أن نبدأ يلزم أن نؤكد على أمرين، الأول أننا هنا لا نرد على أحد، فلسنا في موضع السجال، بل يكفي أن نقول كلمتنا ونمضي، أما الأمر الثاني فهو أننا لا ننبش تاريخاً مات بل نسعى إلى فهم تاريخ حي مازلنا نعيش تبعاته وتوابعه حتى اليوم. وإذا كانت جرائم مثل التعذيب والإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، فما بالنا بجرائم من نوع احتلال وطن، وانتهاك ثقافة وثروة شعب، وتغيير دينه ولغته وديموغرافية بلاده، فضلاً عن نهب خيراته بذرائع لاهوتية تارة، ومبررات عنصرية تارة أخرى. ولأن هذه الجرائم التاريخية من النوع الذي لم يتقادم فحسب، بل استقر في النفوس والأفئدة، وأفرز "عرّابين" تمكنت من نفوسهم رؤية المنتصر إلى حد تبنيها والاستعداد للدفاع عنها "بالروح والدم"، وهي حالة ذهنية معروفة وشائعة في مختلف الثقافات تتمثل في تماهي المهزوم مع رؤية المنتصر وتمثُّل أدبياته والإذعان لمنطقه وتبرير خطاياه والاستماتة في الترويج لمغالطاته. غير أن هذا المسلك لا يبدل طبيعة الأشياء، ولا يعني أن الدعايات السياسية التي تطلقها مدافع المنتصرين، وترفعها رماحهم وسيوفهم، وتتغنى بها إذاعاتهم، وتزينها صحفهم وكتبهم، تعني صيرورتها عنواناً للحقيقة، وإلا فلماذا يرفض العروبيون (بعثيون وناصريون وما شابه) الآن الطروحات الأميركية بشأن العراق مثلاً؟ ولعل هذا السؤال يمثل مجرد عينة عشوائية من التناقضات التي تتسم بها الشخصية العربية عموماً، بينما لا يتردد الأعراب في اتهام الغرب دوماً بأنه يكيل بمكيالين، بينما يمارس العرب الأمر ذاته في مسائل مختلفة من دون التوقف مع أنفسهم في ما يطرحونه من آراء وما يتبنونه من خرافات لا يصدقها غيرهم.
ولما كانت هوية الشعوب لا تتأسس بإهالة التراب على الحقائق بمنطق "سَدّ الذرائع"، بل بنبش الجراح وتنظيفها بعمق، فإنه يمكن لأي مدقق أمين ملامسة الحنين الجارف بين قطاعات عريضة من المصريين للعودة إلى الجذور، بعد أن أعياهم التسكع ذات اليمين وذات اليسار، وبعد خبرات مريرة مع العرب والعروبة، سواء السفيانية منها أو الأموية وحتى الناصرية والبعثية، بينما هم (أي القبط) ينامون على كنز حقيقي لا يتطلب سوى يد خبيرة لاستخراجه، اسمه "الهوية المصرية". ودورنا كنُخَبٍ طليعيةٍ في مجتمعاتنا أن نتقن فنون التعاطي مع هذا النوع من الكنوز ببراعة العارفين بقدرها، وإصرار الذين اكتشفوا حجم الخديعة التي ظلت تحاصرنا قروناً، وبعد أن ننبذ خرافة التمسك بذهنية الشعارات والمغالطات، وتبني المقولات السائدة في أوساط الغوغاء، سواء كان هؤلاء الغوغاء على مقاعد السلطة أو في الصفوف الأولى بحكم كونهم نخباً مثقفة متواطئة تاريخياً مع الأنظمة الحاكمة لتمرير مشاريع القمع والفشل باسم الأوطان والأديان، أو كان هؤلاء الغوغاء من الجماهير التي أدمنت هذا الصنف من المخدرات الدعائية التي ما فتئت الأنظمة الثورية تضخها منذ عقود عبر كافة الأقنية الإعلامية لتسويغ وجودها والتغطية على ممارساتها الاستبدادية. ويمكن القول بثقة وضمير مرتاح أننا لن نجد من المصريين العاديين من يتشبث الآن بخرافة العروبة السياسية هذه سوى بعض الأبواق المستفيدين من "إبقاء الحال على ما هي عليه" لأنهم صاروا، بدرجات متفاوتة، متورطين بالارتباط العضوي مع الأنظمة الفاسدة الفاشية التي تتسول شرعيتها من مشاريع خرافية مصطنعة مثل مشروع "القومية العربية" البائس الذي استقر في قاع الخليج (الفارسي) منذ حرب الخليج الثانية، ليلفظ أنفاسه الأخيرة في حرب العراق الأخيرة. وقد نحتاج إلى عقدين أو ثلاثة لنتخلص من بقية أوشابها، تماماً كما يحتاج المريض للتعافي إلى "فترة نقاهة"، خاصة لو كان الداء عضالاً كما هو حال العَوْرَبة القسرية.
ويقتضي الخوض الصادم في هذه المنطقة المسكوت عنها الاستناد إلى أكبر قدر ممكن من الأدلة والتوثيق بما لا تسمح به طبيعة المعالجات الصحافية، غير أننا هنا سنسعى إلى مناقشة بعض الخرافات الشائعة التي لم تكتسب مصداقية إلا لذيوعها وانتشارها، ولم تخضع يوماً للتدقيق الذي تستحقه، لما سيترتب على القبول بها من نتائج خطيرة، كما هو الأمر في الحالة المصرية مثلاً. ومن بين أبرز تلك الخرافات الشائعة على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
* أن المصريين أذعنوا للعرب من دون قتال، بل ورحبوا بهم، معتبرين أنهم"المخلصون" لهم من استبداد الرومان.
*أن المصريين اعتنقوا الإسلام طوعاً، وفي وقت قياسي، ولم يكن ذلك تحت ضغوط سياسية أو اقتصادية أو غيرها.
*أن العرب لم يتعرضوا لمعتقدات المصريين المسيحيين، ولم يعتدوا على ديارهم ولا كنائسهم، بل على العكس قاموا بحمايتهم.
*أننا بهذه الطروحات نقاتل من أجل مومياء في المتحف، وأن الهوية العربية قدر لا فكاك منه، لأنه ليس أمامنا سواها من بدائل...".
ولا أظن القارئ قد فاته الانتباه إلى الشتائم التى تدل على قلة الأدب من مثل وصف العروبيين (أى المسلمين بطبيعة الحال) بأنهم غوغاء، وامتداح النصارى بأنهم يمثلون كنزا ثمينا يستطيع أمثاله من العزفة الماهرين استخراج أفضل ما فيه. ترى أى كنز ثمين يمثله النصارى المصريون فى نظر هذا العازف البائس؟ أهو التثليث وعبادة بشر يأكل ويشرب ويبول ويخرأ ويهان ويُصْفَع على وجهه ويُشْتَم ويُضْرَب بالحربة فى جنبه وتُكْسَر ركبتاه ويستغيث على الصليب وما من مغيث؟ أهو الاعتقاد العامى الخرافى فى ظهور القديسين على هيئة صور ضوئية ملونة فى الهواء رسمتها أيدى الشياطين العابثين بعقول الحمقى الجاهلين؟ أهو الاعتقاد فى الخطيئة والفداء كما كان يعتقد الوثنيون؟ أهو قائمة المواعظ التى لا يمكن العمل بها أبدا من مثل: "إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر"، والدعوة إلى تطليق المال والأهل والدنيا جميعا؟ أهو كراهيةُ العقل والإيمانُ الأعمى بخرافات أشد عمى وظلاما... إلى آخر هذا الكلام الذى لا يؤكّل عيشا ولا سميطا ولا يأخذ به أحد لأن الأخذ به معناه ببساطة الخروج من التاريخ ومن الحضارة جملة وتفصيلا، ومن أول جلسة، ودون نقض أو إبرام؟
ما كنا نحب أن نفتح هذه الموضوعات لأنها تؤلم إخواننا فى الوطن، ولكن ما العمل وبعض الناس هذه الأيام لا يكفون عن إثارة الفتن والمشاكل والتفنن فى خلق الرزايا والبلايا وشتم المسلمين وإيذائهم فى دينهم ورسولهم ورموزهم وتاريخهم والتخطيط لاستئصالهم بالعزف على البيانو والكمان والعود والطبلة بقيادة المايسترو نبيل شرف الدين؟ وانظروا تهليله للعدوان الأمريكى الإجرامى الذى نرجو أن تكون قد اقتربت نهايته على أيدى الأبطال المسلمين فى بلاد الرافدين ممرِّغةِ شرفِ الكاوبوى فى الوحل هو وجميع صبيانه وزبانيته! وانظروا كذلك شماتته فى القومية العربية، تلك القومية التى كان الاستعمار الغربى وراء شيوعها فى المنطقة بغية ضرب الإسلام، فلما تم لهم ما يريدون منها انقلبوا عليها كما يفعلون مع كل خوان أثيم من الحكام الأوغاد، لأنها، رغم كل شىء، يمكن أن تكون بابًا خلفيًّا يدخل منه الإسلام فيسيطر بجاذبيته العقلية والحضارية التى لا تقاوَم على نفوس الشعوب العربية مرة أخرى! وكيف تكون النصرانية هى جوهر الشخصية المصرية كما يحاول الكاتب أن يلقى فى رُوع القراء الذين يحسبهم حمقى لا عقل لهم ولا فهم ولا ذوق، والنصرانية (النصرانية الحقيقية قبل تزييفها وتحريفها، فما بالنا بعد أن "وقعت الفاس فى الراس" وتم التحريف والتزييف؟) إنما أتت لبنى إسرائيل وحدهم، ولا علاقة للمصريين بها، بخلاف الدين المحمدى العالمى الذى جاء للبشرية جمعاء؟ ولماذا نذهب بعيدا؟ تاهت والتقيناها! ألا يدعونا العازف العبقرى إلى التفرعن والعودة إلى الجذور؟ عظيم، فكيف فاته أن الفراعنة رفضوا دين بنى إسرائيل وطاردوهم وأخرجوهم من ديارهم؟ والنصرانية، كما نعرف، هى ديانة إسرائيلية. ألم يكن المسيح عليه السلام واحدا من بنى إسرائيل؟ إذن فلا مكان لتلك الديانة فى المنظومة الفرعونية التى يدعونا إلى الرجوع إليها والأخذ بها عازفنا الهمام، بخلاف الإسلام الذى رحب به المصريون أيما ترحيب وظلوا متمسكين به قرونا وراء قرون!
ثم إننا نحن المصريين نربأ بأنفسنا أن نكون كلابا لا تأكل إلا ما يتساقط تحت أقدام البنين (أى بنى إسرائيل) كما هو منسوب للسيد المسيح فى العهد الجديد، فضلا عن أن ننتظر حتى يقوم هؤلاء البنون رافضين لما على المائدة من طعامٍ دُعُوا إليه وألح الداعى عليهم أن يأكلوا منه لكنهم رفضوا وأشاحوا بوجوههم ولَوَوْا أعطافهم احتقارا للطعام وصاحب الطعام، فعندئذ وعندئذ فقط تَذَكَّرَنا صاحب الدعوة وقال لنا: والآن تستطيعون أن تأكلوا من الفضلات التى اشمئز من لمسها البنون! اسم الله على البنين! لا يا أخى أنت وهو، نحن لسنا كلابا، ونرفض تماما وبشدة أن نأكل من فضلات الطعام الباقى من بنى إسرائيل الذين لعنهم الله فى كل كتاب، ونعلن أننا مسلمون نحب دين محمد وتواضعه واحترامه لإنسانية الإنسان فى كل مكان وزمان، هذا النبى العظيم النبيل الذى أعلنها مدوية أنه لا فرق بين عربى وغير عربى أو بين أبيض وأحمر وأسود إلا بالتقوى والعمل الصالح، والذى أتى بدينه منذ اليوم الأول للناس جميعا على اختلاف دمائهم وألوانهم وثقافاتهم وطبقاتهم. ترى ماذا يقول عازف الطبلة ذو الأصابع الألماظية بالمهلبية، القادرة على استخراج كوامن الدُّرَر (أقصد: العُرَر) الخفيّة، من أعماق الشخصية المصرية؟
وفى موقع تنصيرى آخر عنوانه: "Muhammadanism" وتحت عنوان "يا عرب ويا مسلمين أنتم من استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" يتحدث صفوت جلال الجبارى عن الظلم والإجحاف الذى وقع على شعب "مصر الذى يمثل فيه الأقباط 15% من السكان، أى 10 إلى 15 مليون نسمة (أين أنت يا دكتور محمد عباس حتى تشق هدومك هذه المرة من ذلك الكذب الأبله المفضوح فى مسألة أعداد القبط فى مصر؟!)، والذين هم السكان الأصليين لشعب وادى النيل، وهم الامتداد العرقى والتواصل الحضارى لسلالة شعب وادى النيل القديم وممن تبقى من المسيحيين الأصليين فى مصر"! مرة أخرى: نفس النعيق الغربانى، ونفس الافتراء الأخرق على حقائق التاريخ التى تفقأ عين كل مجرم كذاب، ونفس الدموع التماسيحية على المصريين (الذين هم طبقا لمزاعمهم الكاذبة: الأقباط، ولا شىء سوى الأقباط)، وكأن المسلمين المصريين قد جُلِبوا بالهيلوكبتر ليلا من بلاد العرب وأُسْقِطوا فى جنح الظلام الدامس خلف الخطوط بعد أن لم يكن لهم وجودٌ قَطُّ فى المحروسة! وهل هذا كلام يُعْقَل؟ ثم يمضى الكاتب مهيجا كل سكان المنطقة (لا المصريين فحسب) ضد الإسلام داعيا إياهم إلى الثورة على العبودية الإسلامية التى أفسدت عليهم حياتهم وثقافاتهم وأوطانهم واستلبت منه شخصيتهم حسبما يدَّعى. أى أن المسألة ليست تنصير المصريين المسلمين وحدهم فقط بل القضاء التام على الإسلام وكل ما يمت للإسلام بصلة فى آسيا وأفريقيا وفى كل مكان فى العالم! وبالمثل نقرأ فى مقال لممدوح حليم فى جريدة "وطنى" بعنوان "الأقباط بين الاستقواء بالخارج وتطبيق الشريعة" هذه الجملة: "إن التاريخ خير شاهد على وطنية الأقباط وولائهم لهذا الوطن لأنهم أصله وقلبه النابض"، وهى جملة تتضمن حكمين: الأول أنهم ذوو وطنية، وهو ما لا نريد أن نتعرض له هنا لأنه ليس موضوعنا الآن، والثانى أنهم أصل هذا الوطن، وهنا مكمن الخطورة، إذ أين يقع المسلمون فى مصر من هذا الإعراب؟ ذلك أنه إذا كان الأقباط هم الأصل فمعناه أن المسلمين على أفضل تقدير هم الفرع، إن لم يكونوا خارج الفرع تماما. ولا أزيد على ذلك لأنى سبق أن رددت على مثل هذا الزعم السخيف الأخرق، ولسوف أزيد سخفه فيما يأتى من المقال تبيانا.
وينفى قبطى آخر عن المسلم المصرى صفة المصرية مستنكرا أن يفكر المصريون فى الانتماء إلى أرض الكنانة. بل يدعى، وهو بطبيعة الحال نائم عريان، أنه ليس من حقهم الانتماء إلى مصر. ويمكن الرجوع إلى ما كتبه فى "موسوعة تاريخ الأقباط" المشباكية تحت عنوان "من هم الأقباط؟". أما حجته العبقرية مثله فهى "أنهم حسب قول محمد صاحب الشريعة الأسلامية أنهم أى المسلمين "خيـــر أمـــة أخرجـــــــــــت للناس" فأمة الأسلام التى ينتمون إليها فى رايهم خير من أمة مصر فلماذا إذاً يريدون ان ينتموا إلى مصر اليوم؟؟؟؟". وعلامات التعجب الكثيرة من عنده لا من عندى، فأنا لا أزال بحمد الله أعقل من هذا، وأرجو ألا يحرمنى الله هذه النعمة أبدا حتى لا يقال لى: قم غطِّ نفسك! ثم يقولون عنا إننا ننفى الآخر ولا نطيق أن نرى غير أنفسنا. فإذا كان بعضهم بالله عليكم يقول ذلك وهم قلة، فكيف سيتصرفون إن قدر الله أن تكون لهم الأغلبية؟ عونك اللهم، فلن يكون فى انتظارنا إلا محاكم التفتيش والحرق والسلخ والهرس، أو على الأقل: الصَّلْب والمسمرة! ومع هذا كله فالمسلمون إرهابيون استئئصاليون متعصبون جاهلون ظلاميون! أما الرحمة والعطف والرقة والتسامح والوداعة فهى من سمات الآخرين. طبعا، وهل فى ذلك أدنى شك؟ هل فينا من يتسمى باسم "وديع"؟ طبعا لا، إذن فنحن لسنا "وُدَعاء".
ثم يستمر الرجل فى هلوساته فيقول إن "الأقباط المسيحيين فى مصر يرجع جذورهم إلى قدماء المصريين، وهم أقرب شعب يرث آباؤهم فراعنة مصر فى صفاتهم واعمالهم وحضارتهم. ومما يذكر أن مرقس هو رسول الرب يسوع إلى شعب مصر ومنذ دخوله إلى مصر وهم يؤمنون بالمسيحية بدون تغيير". والرد على هذا الهلواس هو أن المسلمين يرجعون هم أيضا بجذورهم إلى قدماء المصريين (أم عند نيافته كلام آخر؟ لقد قلنا إنهم لم ينزلوا بالبراشوتات فى ظلام الليل الدامس خلف الخطوط)، وهم أقرب شعب يرث آباءهم فراعنة مصر فى صفاتهم واعمالهم وحضارتهم. ومما يُذْكَر فلا يُنْكَر أن عمرو بن العاص عليه رضوان الله منذ أن جاء الإسلام معه إلى مصر، والمسلمون يؤمنون به كما هو لم يتغير، بل ظل صافيا طاهرا نقيا كما أتى به محمد بن عبد الله عليه صلوات الله وسلامه، بخلاف النصرانية، إذ لم تبق كما نزلت على عيسى بن مريم عليه السلام، بل انتقلت من خانة ديانات التوحيد وأضحت ديانة تثليثية!
ومع السيد أندراوس نمضى فنقرأ أن "إسم قبطى اليوم يعلوا على أسم مسلم بفضل أمانة وعمل وكفاح أقباط مصر المسيحيين". طبعا فالمسلمون صائعون ضائعون لا شغلة ولا مشغلة، وينتظرون كل ليلة أن يطعمهم النصارى من بقايا ما يطفحون حتى لا يناموا من غير عشاء. بالله عليكم أيها القراء أهذا كلام يقوله إنسان لديه مسكة من عقل وفهم، أو يردده حيوان لا حَظَّ له من عقل أو فهم؟ صدق من قال: الملافظ سعد! ثم يقال إننا متكبرون مغرورون لا نرى لأحد حقا ولا اعتبارا! ماش يا سيدى، فأدبك قد فاق الحد، والذوق والرقة يسيلان من فمك، وأنفك أيضا، مع اللعاب والمخاط. إخص عليك ألف إخص! لم يبق إلا أنت يا من لا تعرف كيف تكتب أو تقرأ أو تفكر أو تتذوق أو تتصرف كما يتصرف القوم المتحضرون حتى تأتى وتقول إن اسم القبطى يعلو على اسم المسلم بأمانته (ولا أدرى ماذا أيضا). طبعا، والدليل على هذا هو ما كتبتَه هنا مما يسيل كذبا وتزييفا وخيانة لحقائق الواقع والتاريخ وقلة حياء وانعدام ذوق!
تُرَى أين الأمانة فى قولك إن النصرانى المصرى أقرب إلى الفراعنة من المسلم وإنه هو الذى يرث الفراعنة فى صفاته وأعماله وحضارته؟ هل المسافة الزمنية التى تفصل بين الفراعنة وبينكم أقصر من تلك التى تفصل بين المسلمين وبينهم؟ لماذا بالله عليك؟ هل للنصارى مقياس زمنى غير المقياس الذى يُسْتَعْمَل فى أمور المسلمين؟ وهل تكتبون بالهيروغليفية مثلا وترسمون غربانًا وحِدَءًا وهداهد (على رأى الأستاذ حسنين كروم) بدلا من الألفباء؟ هل اسم إلهكم آمون أو آتون أو ينسون أو كمون أو كعبلون، واسم نبيكم إخناتون؟ هل تبتهلون إلى الشمس كل صباح؟ هل تقدسون الكِبَاش؟ نعم عندكم الخروف، لكنهم عندهم كباش "بالهَلَبُلَّة" كما فى طريق الكباش بالأقصر، لا خروف واحد يتيم "مسكين وحاله عدم" كما يقول الدكتور محمد عبد الوهاب المغنواتى: خروف لا قرون له ينطح بها كما ينطح الكبش بقرونه كل غبىّ عديم العقل والفهم والذوق! هل تستخدمون فى قتالكم العجلة الحربية التى كان يركبها تحتمس؟ هل عند أبيك تاج نارمر موحد القطرين؟ أما نحن فبالغيظة فيك عندنا تاج الجزيرة: السلطانية! هل أبوك قائد طابية، أو بالأحرى: "كائد تابية" على رأى رَبّة الغنج والدلال، شويكار بنت طوب صقال؟ هل اسم أبيك أوزوريس، وأمك إيزيس، واسمك أنت سِت، ونحن لا ندرى؟ أما نحن فنسمى بناتنا: "سِتّ": ست الدار، ست البيت، ست أبوها، ستّ كل لئيم النفس وستّ الذين خلّفوه! ونحن أيضا الذين خرمنا التعريفة، فهل خرمتم التعريفة كما خرمناها؟ يا رجل، احقد على المسلمين كما تحب، لكن لا بد أن يكون عند الواحد منا شىء من العقل والتمييز!
إرسال تعليق