١٨‏/٠٤‏/٢٠٠٩

التنصير وباء العصر وسرطان الأمة (2)

لا زلنا مع التنصير وباء العصر وسرطان الأمة ، وكنا قد تكلمنا في المقالة الأولى عن تعريفه ونشأته وأهم أقطابه ، وأشهر المناظرات التي تمت بين الإسلام والنصرانية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين . والآن مع مرحلة جديدة وكيف تشكَّل الصراع بين المسلمين والنصارى بوضوح أكثر إبَّان الحروب الصليبية ، التي لا تعدو كونها شكلاً من أشكال التنصير، اتُّبعت فيه القوة والغزو العسكري . وكان يدور خلال الحملات الصليبية الثماني نقاش وحوار ومناظرات كثيرة جداً بين المسلمين والنصارى من علماء الدين الإسلامي ورجال الدين النصراني ، وكانت من نتائجه ظهور مجموعة من المـؤلَّـفات تناقش حقيقة النصرانية وترد على النصارى في زعمهم حول طبيعة المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ، وأسباب عدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، رغم ذكر بعثته في الكتب التي بين أيديهم . وكما أن الحروب الصليبية لم تفلح عسكريًا فهي لم تفلح عقديًا في تشكيك المسلمين برسالتهم ، بل زادتهم تمسُّكًا بدينهم أدَّى في النهاية إلى خروج الصليبيين من أراضي المسلمين دون الفوز بما قدموا من أجله . ومع هذا فلا يغفل تأثير الحملات الصليبية على المجتمع المسلم ، فقد زاد عدد الكنائس ، وبالتالي زاد عدد المنصرين . ويذكر الأستاذ محمد مؤنس عوض من خلال عرضه للرحالة المسلمين ، لاسيما عند وقوفه مع الرحالة المسلم ابن جبير أن هذا الرحالة قد أدرك البعد التنصيري للحملات الصليبية ، إذ أدرك الدور الصليبي الخطر في تغيير هوية المنطقة وتحويلها عن الإسلام من خلال البعد التنصيري . فيذكر أنه بعد خضوع عكا لسيطرة الصليبيين فقد تحولت مساجدها إلى كنائس ، وصوامعها صارت محل أحد النواقيس ، وفي مثل ذلك التعبير نجده يكشف بجلاء عن دور الصليبيين في تغيير هوية المنطقة الإسلامية ومحاولة تنصيرها من خلال القضاء على الدور الهام لأماكن العبادة الإسلامية في صورة المساجد ، بل وصل الأمر أن صارت هناك بقعة صغيرة في مسجد عكا الجامع يجتمع فيه الغرباء من أجل إقامة الصلاة . ويمكن وصف ابن جبير بأنه شاهد عيان معاصر على تلك الحقيقة ، ألا وهي السياسة التنصيرية التي أراد الصليبيون تنفيذها في منطقة الشرق الأدنى من أجل توسيع رقعة عالم المسيحية على حساب الإسلام والمسلمين . كما يورد بعض الأخبار عن أسامة بن منقذ في كتابه الاعتبار، ثم يعقِّب على ذلك بقولـه: ( وتجدر الإشارة أن إيراد ذلك الرحالة لمثل تلك الأحداث يدل على أنه أدرك خطورة البعد التنصيري كأحد أهداف المشروع الصليبي الذي رغب في تحويل مسلمي الشرق الأدنى إلى مسيحيين يدينون بالولاء لكنيسة روما وفق المذهب الكاثوليكي ، مع ملاحظة أن الرحالة المسلمين الذين زاروا بلاد الشام في ذلك العصر، حرصوا على إيراد بعض الروايات الهامة عن ذلك الجانب التنصيري. ولا مراء في أن رواية "أسامة بن منقذ" لها شأنها في ذلك المجال مع ندرة ما ورد في هذا الشأن في المصادر التاريخية العربية المعاصرة ) .وعن هذا يقول جورج ليونارد كاري رئيس أساقفة كانتربري ، رئيس الكنيسة الإنجيلية في بريطانيا في محاضرته التي ألقاها بجامعة الأزهر في مطلع شهر أكتوبر عام 1995م يقول : ( ولا يشعر أي مسيحي في الوقت الحاضر بالرضا عن الطريقة التي اتبعها أسلافنا في حسم الصراعات في الماضي ، فقد تسبب الصليبيون في إحداث آثار جسيمة في علاقات المسيحيين ببعضهم ، وعلاقاتهم بالمسلمين، فهناك الكثير لنعتذر عنه ) ثم تزعَّم ريموند لول المستشرق المنصِّر الإسباني مهمة العودة إلى التنصير، بعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها ، وتعلَّم اللغة العربية ، وجال في البلاد الإسلامية وناقش العلماء المسلمين في بلاد كثيرة .ثم تأتي مرحلة الاحتلال (الاستعمار) في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين (التاسع عشر والعشرين الميلاديين) ، وما سبقهما من إرهاصات للاحتلال . وتعدُّ هذه المرحلة امتدادًا للحروب الصليبية، مع نقص في الكفاءة وانعدام في التوازن بين الطرفين المسلم والنصراني . ويشكلِّ الاحتلال كذلك شكلاً من أشكال التنصير، بل يعدُّ التنصير ممهدًا للاحتلال أولاً ، ثم يعدُّ الاحتلال مسهِّلاً لحملات التنصير بعدئذٍ . فالاستعمار الأوروبي هو الذي مهـد للتنصير في أفريقيا مثلاً ، وفي هذه الأثناء بدأ التنصير يأخذ طابع التنظيم من خلال وجود مجموعة من المؤسسات والجمعيات والإرساليات التنصيرية ، تنظمها وتدعمها الهيئات الدينية على اختلاف طوائفها والحكومات الغربية بخاصة . وظهرت للتنصير مؤسسات داخل المؤسسة الكبرى ، كالمعاهد والجامعات والمنظمات والمراكز المنتشرة في كثير من الأماكن . وقد أدى هذا كلُّه إلى الخروج بتصوٌّر عن التنصير أشمل أحيانًا ، وأدقَّ أحيانًا أُخرى من مجرَّد دعوة غير النصارى إلى الدخول في النصرانية .

هناك ١٣ تعليقًا:

masry يقول...

لماذا تصر الكنيسة على التمسك بكتب بولس وإعتبارها جزءً لا يتجزأ من الكتاب المقدس ؟


( تحليل دوافع ذلك )

من الملفت للنظر أن الكنائس الكبيرة لم تتهيأ لإخراج كتابات بولس من الكتاب المقدس لتنقيحها ، على الرغم من أن الحاجة إلى الإصلاح تكاد تكون قد وصلت إلى أبعد من كونها الآن ضرورة مُلحَّة ، تماماً مثل الموضوع الذي نحن بصدده ، وما ينطبق على الكنائس الكبيرة يسري أيضاً على الطوائف الأخرى .

ويبدو من النظرة الأولى أن المقاومة التي تَلْقاها عملية إلغاء رسائل بولس من الكتاب المقدس في بعض الدوائر الدينية الجديدة مثيراً للتساؤل ، حيث يكمن الدافع هنا في أن يتمكنوا من توضيح موقف الكنائس بصورة ما تجعلها تسقط أساساً من الحسبان . وهم أناس لم ينتظر منهم مثل هذا الموقف الذي يدافعون فيه عن بولس بهذه الصورة غير المتوقعة ، لأن مراكزهم التعليمية تتناقض تماماً مع مثيلتها عند بولس .

إلا أنهم على الرغم من ذلك يتولون الدفاع عنه ، بل إنهم يبحثون عن حجج ، تؤثر بدورها في موقفهم هذا تأثيراً سلبياً يثير الشبهات حولهم.
والسبب في ذلك يرجع إلى الآتي :

1- سكوت الكنائس الكبرى ومعارضتها ومقاومة رجال الدين بالكنيسة .

ويرجع سبب دفاعهم عن بولس وتركهم إياه كل هذا الوقت في مركزه التقليدي بل وموافقتهم على وجوده في الكتاب المقدس إلى الأسباب الآتية :

أ - أن بولس كما قلنا سابقاً هو الذي يقدم لنا الأساس الإنجيلي الوحيد لفهم سلطة الكنيسة التي تمارس حتى اليوم ، وإذا لم يتمسك قانونها الأساسي ( الكتاب المقدس) بآراء بولس تجاه الدولة ورجال السلطة وأغنياء العالم ، فسوف يفقد رجال الكنيسة وكنيستهم حماية الدولة المعروفة لهم فوراً ، وبالطبع فهم يدركون تماماً ما أسداه له الإصحاح (13) من رسالة بولس إلى أهل رومية بشأن الدولة من خدمات ساعدت في تحقيق طموحهم في سياسة القوة عبر القرون .

ونحن نعي تماماً أن طيبة الإنسان تفرض عليه ألا يستسلم للفشل دون مقاومة .

ب - والأهم من ذلك هو أن بولس يضمن لرجال الأكليروس36 - وهم أيضاً بشر - التمتع بنصيب ضخم من ثروات هذا العالم (السلطة والجاه والثراء)، بينما يعجز بل ويفشل كل من يتبع الأناجيل ويربط حياته بإنكار الذات والفقر والخدمة والزهد، وقد رأينا أن كلمات بولس قد قلبت نصوص عيسى رأساً على عقب .

فمن يمكنه في العالم أجمع أن يتخلى عن الجاه والهيبة والمرتب الضخم والسلطة أضف إلى ذلك ضمانه لمكانة ممتازة في " السماء " ؟

وبينما نرى عيسى يُلزم تلاميذه إلزاماً قاطعاً بعدم طلب أجر على خدمتهم الروحية ، نرى بولس يؤكد - هنا على الأخص على رجال الدين - أن الذين يخدمون المذبح يعيشون أيضاً منه*، لذلك نرى البولسيّ الكبير كارل بارت Karl Bart قد كرس نفسه دون أن يوخذه ضميره للمطالبة رسمياً بمرتب أعلى من تلك التي حددته له الحكومة عام 1927 وهو (12000) فرانك سويسري (ارجع إلى " الدولة والكنيسة في إقليم برن Staat und Kirche in Kanton Bern إصدار 1951 صفحة 44).

ومن المعروف أن القساوسة لدينا يطالبون بمرتبات عظيمة ويحصلون عليها، بجانب الخدمات الإضافية ( من المساكن الفخمة والسيارة والمعاش وغيره)** أما الأساقفة فيحصلون على مكافآت ضخمة حتى أمكنهم العيش في سراي قصر بمعنى الكلمة ، وإلى حد يمكنهم اليوم الإستمرار في ذلك أيضاً37 .

ونسى رجال الكنيسة الذي ينبغي لهم أن يتشبهوا بتلاميذ عيسى الأوفياء أن عيسى قد حرّم على تلاميذه، بل أبى عليهم أصطحاب كيس نقودهم معهم عند تأدية أية عمل ، كما ألزمهم العيش من إحسان الشعب عليهم38.

وبينما يلزم عيسى تلاميذه أن يكون كل منهم " الأصغر " بصورة حقيقية (وليست فقط كلاماً مثل "خدم الله") إلا أن بولس يقترح عليهم بوضوح كاف أن يحكموا ، بل لتمتد أوامرهم بقدر الإمكان لتخرج من الكنيسة . وهذا ما كانت تفعله الكنيسة دائماً (تيموثاوس الأولى 4 : 11 ؛ 1 : 3) " كما طلبت إليك أن تمكث في أفسس إذ كنت أنا ذاهب إلى مكدونية لكي توصي قوماً أن لا يعلموا تعليماً آخر" الأمر الذي يعبر بصدق عن نية رجال الدين الكنسيّ .

وهذا النظام الصارم المتدرج للكنيسة المسيحية، قد تطور وكمل تماماً في عصر الإضطهاد الديني للمسيحيين، وقد أثر هذا النظام أيضاً على قسطنطين الأكبر تأثيراً كبيراً، لأنه وافق طباعه المستبدة ، وكان يخدم أغراضه .

كما قال عيسى لتلاميذه الفقراء إن من يبحث عن المجد والإكرام عند الناس ، فيجب ألا ينتظره عند الله، إلا أن بولس قد قال: "اعطوا الإكرام لمن له الإكرام" (رومية 13 : 7) ، وقد دعّم رأيه هذا من أجل رجال الأكليروس بقوله في ( تيموثاوس الأولى 3 :1؛ 3 :13) "لأن الذين تسموا حسناً يقتنون لأنفسهم درجة حسنة وثقة كثيرة في الإيمان الذي بالمسيح يسوع" ، 5: 17، 19 من ترجمة إنجيل زيوريخ .

لهذا يبحث رجل الإكليروس عن المجد بلا حدود، لدرجة أن بعض الحكام الدنيويين قد ملأتهم الغيرة والحسد على المجد الذي ناله رجال الإكليروس . وقد تفاقم هذا الأمر إلى أن طلب أحد الأساقفة على عهد قسطنطين على أحد المآدب أن يقدم إليه أولاً الكأس ثم يقدم بعد ذلك إلى القيصر !

بل إن بولس قد بلغ أبعد من ذلك فقد زكّى الطموح البغيض لنيل مكانة رجال الأكليروس ، حيث قال : يا له من شيء جميل أن يتطلع الإنسان إلى وظيفة أسقف39 ! وهذا ما لم يكرره رجال الإكليروس مرة ثانية ، لذلك يقص علينا المؤرخون أن رجال الإكليروس كانوا يتنازعون على مناصب الأسقف بشكل جد منحط ، وعلى الأخص مكانة البطريرك في القرنين الرابع والخامس حيث كانوا يلجأون إلى كل الوسائل* لنيل هذا المنصب . وقد أصبحت مثل هذه الخصومات فيما بعد لا تتم عادة بشكل علني .

ج - كذلك يكن رجال اللاهوت تقديراً كبيراً لبولس لا سبب لذلك إلا أنه كان أول لاهوتي وعلى النقيض من عيسى الذي رفض علم اللاهوت كله ، وتكلم عن رجال الدين بصورة أسوأ ما تكون ، فقد أعلى بولس من شأن مكانة المعلم، والتعاليم نفسها، وعلى الأخص " العقيدة السليمة " الأورثوذكسية ، وبالتالي كان ذلك الأساس الذي أدى إلى تطلع المرء ليس فقط إلى مهنة تعليمية لدى الكنيسة بل أيضاً إلى ظواهر أخرى مثل محاكم التفتيش واضطهاد مخالفي العقيدة.

ولم يكن هذا ليحدث لولا وجود بولس الذي أدى إلى إعلاء شأن تعاليمه واللاهوت والإمتيازات40 التى يتمتع بها النظام الكنسي.

ويجب أن نذكر أنه لم يكن بين حواري عيسى الحقيقيين الذين قام هو بإختيارهم عالم واحد -ولم يكن أيضاً- على الأخص -لاهوتي ولا كاتب ولا فريسيّ.

د - تبين لنا أحد نقاط الضعف الإنساني - وهو شيء طبيعي - أن الكنائس ورؤســائها ليس لديهم أية إهتمام بمسألة إخراج بولس وكتاباته من الكتاب المقدس . وكان يمكننا أن نتفهم - لولا أن هذا شيء مرتبط بالحق وإعاقة الأعمال الوحشية - أن الكنيسة لا تريد إخبار مؤمنيها بهذا وإلا ضاع ما حرصت عليه لمدة 2000 عام ، وأنها ما كانت تحتفل به وبتعاليمه ولسقط إلى أسفل سافلين (على الأخص أن الكنيسة قد استولت على المكانة التعليمية لعيسى وتركت له المذبح فقط، الأمر الذي لا يخيفها، حيث لا توجد خطورة منه تجاهه، ثم توجته عليه) .

وأهل العلم يعرفون أن 90% من العقائد الأساسية التي تتمتع بها المسيحية التقليدية اليوم تقوم على نصوص بولس !

ومن هنا نفهم خوف الكنيسة من أن لاتعيش مطلقاً بعد مفاتحة شعبها بهذا ونفهم هذا الخوف الطبيعي من النتائج إذا ما تدبرنا أن أهم العقائد الرئيسية للكنيسة وتعاليمها ترجع أساساً إلى بولس .

وبالتخلي عن بولس يجب أيضاً على كل الكنائس ليس فقط مراجعة معظم وأهم عقائدها وتعاليمها بل التخلي عنها ببساطة ويسر. وهذا يتطلب بالطبع قوة غير عادية لإفهام الأمة أننا قد أخطأنا لمدة 2000 عام في تعاليم هذه العقائد ونشرها.

هـ - لذلك يضايق الكنائس ورجال الإكليروس أن يخرج بولس من الكتاب المقدس لأن كتاباته تحتوي أيضاً على نظرية " Fünfer- und Weggli-Theorie" التي تقضي بإمكانية إنقاذ المرء دون أدنى مجهود يقوم هو به، وعلى الأخص عن طريق المعروف الذي أسداه إلينا المسيح عيسى ، بينما تبوء كل محاولة فريدة لتخليص النفس بالفشل ، وتعد خطيئة* .

وربما تخشى الكنائس عن حق من الضمور الكبير الذي يمكن أن يحيط بها إذا ما طلبت من الشعب مستقبلاً - تبعاً لتعاليم عيسى إن ينكر نفسه ويُكرهها على الدخول في " ملكوت السموات " .

ونقول في الحقيقة ذلك للشعب لأن الإنجيل قد نادى به ، أما عقيدة بولس وتعاليمه عن خلاص البشرية من كل جهد ذاتي فستكون دائماً تحت أقدامنا .
ومن كل هذه السباب التي يمكننا مضاعفتها بسهولة، يتنازل رجال دين الكنيسة عن عيسى بسهولة ويسر أكثر من أن يتركوا بولس يخرج من الكتاب المقدس .

لذلك أصبح من الميسور أن نرى لاهوتي المسيحية قد بدأوا يجحدون عيسى وينكرون وجوده بكل صراحة، لأنه يمكنهم الحياة بدونه ، لكن صَعُبَ أن يحيوا بدون بولس ، الذي أصبح عندهم بمثابة حجر الزاوية الحقيقي .

وتحت كل هذه الظروف التي سُقناها أصبح من الواضح أن الكنائس ورجالها قد بذلوا ما في وسعهم لكي يضمنوا السلطة العليا للكتابات البولسية ، التي يساوونها بالأناجيل وتظل هذه السلطة العليا باقية ما بقيت كتاباته، تعامل معاملة أجزاء الكتاب المقدس، وتعتبر ( ككلمة الله المعصومة ) مقدسة في أعين رجال اللاهوت والشعب المؤمن ( وهو إفتراض كان لابد أن يتم القضاء عليه منذ زمن بعيد وعلى الأخص عندما نفكر أن جزءا كبيراً جداً من نصوص الكتاب المقدس قد يكون أى شيء إلا أن يكون يكون مقدساً أونطمأن إليه).

ولا بد من الأخذ في الإعتبار أن كل هذا تصرف طبيعي للإنسان إلا أننا نستسيغه ولكن لا نستصوبه، فهو لا يعدو أن يكون أكثر من أنانية بالغة، وربما كان هذا طبيعي بالنسبة لرجال اللاهوت لدرجة يصعب معها أن تركوا بولس أو يخرجوه من الكتاب المقدس، حتى أصبح من الضروري أن يتولى مثل هذه المهمة أناس غير رجال الدين (اللاهوتي) .

2 - أما إعتراض الطوائف الأخرى فهو يرجع جزئياً إلى نفس هذه الأسباب التي إعترضت عليها الكنائس، وذلك لأن رؤساء الطوائف يحبون أيضاً أن يتمتعوا بالمجد وأن يكونوا داخل طائفتهم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة، الأمر الذي مكنهم بولس منه.

ويضاف إلى ذلك أيضاً شيء مختلف تماماً : وهو أن التشكك في الكتاب المقدس يتضمن بداهة الإختلاف، أي الحكم الشخصي على درجة صحة ودرجة حقيقة كل جملة وكل جزء من أجزاء الكتاب المقدس، وهذا ما لا ترغبه الطوائف المسيحية، فهم يريدون التمسك بشيء ثابت ومُلزم حتى يمكنهم القول : "الكتاب يقول هنا كذا . . . . وكفى" .

وبالمناسبة فإن قادة الطوائف المسيحية غير مثقفين ، ولذلك فهم غير مؤهلين بالمرة لإبداء الرأي والإختلاف فيه . ولا يستطيع صغار المفكرين بداهة الإستغناء عن التمسك بنص مقدس محدد . (ارجع إلى كتابنا " الدين العالمي Universelle Religion " إصدار عام 1983 - وهو الكتاب الرابع في السلسلة للتعرف على مصطلح " الطائفة ").

3- ..علام يرجع الســبب إذن في أنــنـا نجــد في الدوائر الدينية الجــديدة ، مدافعين عن بولس على الرغم من أن المرء قد تخلص هنا تماماً من سُلطة الكتاب المقدس ، كما سقطت منذ زمن بشارة بولــس المركزية التي تقضي بخــلاص البشــرية عن طريق دم عيسى ؟

من الخطأ أن نضع البيض كله في سلة واحدة ، فإن المفكرين الدينيين الجدد لا يزالون مختلفين تماماً على أن مثل هذا متاح ، ولكن يمكننا أن نقوم ببعض المحاولات للتوضيح :

أ - يكمن الدافع عند البعض - الأمر الذي دلّلت عليه بعض صيغ الرسائل البولسية - أن أية كلمة لبولس قد أصبحت نصهم الخاص المفضل لديهم ، وربما كان ذلك منذ تعميده ، وربما كان من السهل علينا أن نجد نصوصاً لبولس في الكتاب المقدس - كما أكدنا ذلك مراراً - تعد من أجدد ما نجده أيضاً في الأدب الديني العالمي .

ومما يثير التعجب أن مثل هؤلاء الناس يحسون بخطورة إفتراضاتنا هذه على نصوصهم المفضلة إليهم ، ولكن ليس الأمر كذلك مطلقاً .

وربما لم يلاحظوا أن المدافعين عن هذا الإفتراض الذي أمامكم لا يهمهم إطلاقاً إستبعاد بولس تماماً عن الدين ، ولكن ما يهمهم هو عدم إعتبار رسالاته وكتاباته مقدسة ، وعدم مساواتها بكلمات الله المعصومة ، وعدم تمتعها بسيادة مطلقة كما كانت منذ قرون عديدة بسبب الأخطاء الفادحة الكثيرة التي تملأها ، والتي كان لها عواقب لا تحمد .

فلا يوجد ما يمنعنا إذن من تقدير بولس كما كان من قبل كعبقرية دينية وإحترام نصوصه القيمة وإعطائها سلطة " الأباء "41 . وهذا ما طالب به أناس من اللاهوتيين كان من بينهم إيمانويل سيفيدنبورج ، وكل ذلك شريط أن تقبل نظريتنا المقترحة .

يتمتع أغلب المدافعين عن بولس الذين ينتمون إلى الطوائف الدينية المختلفة بمثل هذه الدوافع ، وغالباً ما يكون هؤلاء الناس على إقتناع متسرع بعدم استمرار تأملاتهم هذه إذا ما افترضنا عليهم - مستخدمين أيضاً نفس هذه الحقوق - قداسة نصوص جوته والكثير من الأدباء الآخرين - حتى نيتشه الذي لاقى الكثير - وإدخالها ضمن أجزاء الكتاب المقدس ، حيث يتمتع جزء كبير من مثل هذه النصوص بدرجة عالية جداً من الصحة .

ب -ونلاحظ عند بعض المدافعين عن بولس في الديانات الجديدة أنهم لا يريدون إخراج بولس من الكتاب المقدس - تماماً مثل الكنائس - لأن نصوص بولس أو أفكاره تلعب دوراً هاماً في نظامهم الدنيوي الذي لا يكادون يعلنون عنه ، وربما كان الجزء البولسيّ في نظامهم هو مفهومهم المفضل إليهم ، والذي يخشون عليه من الإنهيار - مثل بيت مبني بأوراق الكوتشينة - إذا ما خرج بولس من قانونية الكتاب المقدس .

وغالباً لا يوجد ما يعلل هذا الخوف الذي يتملكهم (على عكس ما نجده لدى الكنائس الكبيرة)، إلا أننا نتفهم هذا من جانب هذه الطوائف، الأمر الذي أدى بهم إلى الدفاع عن إنهزام بولس .

ويبدو أن هذه الخطوة ليست كبيرة لدرجة أن نتجاهل بشكل غير موضوعي الحجج التي لابد أن يُسلَّم بها ، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة لابد لنا أن نتحملها .

إن العقبة التي تقف أمام هؤلاء الناس الذين ينتمون إلى معسكر الطوائف الدينية الجديدة يكمن في أنهم قد سجلوا نصوص بولس ضمن نصوصهم في تقليد غير واع لما يألفه اللاهوتين بصفتها نصوص الكتاب المقدس بالمعنى التقليدي ، ولا يرون إمكانية التراجع فيها بعد ذلك. ويمكن إضافة أسباب تافهة جداً إلى ذلك منها أن المرء لا يحب تعديل ما كتبه للدعاية، ولا حتى يعيد صياغته .

ويُدرج أعضاء هذه الطوائف - وهي حالة خاصة - في قائمة الطوائف التي تقضي نظمهم بتبني الصورة السلبية القديمة للجنس، ولا تنقطع الحياة من وجود مثل هؤلاء الناس. وقد عرفت أن بولس هو الذي اعتبر الجنس من الخطايا.

جـ - وهناك الكثيرون ممن يدافعون عن بولس يقومون بهذا بدافع تقديرهم الكبير له، حيث ساهمت القرون العديدة في تعظيم ذلك الرجل لديهم .

ويجب التنويه هنا إلى أنه لا يعنينا إسقاط شخص بولس . فقد أكدنا من البداية أننا نعتبر بولس أحد المحاربين الأبطال ، ولكن ليس هذا بعد سبباً في إتخاذ كلامه مساوياً لكلام الله، أو يعلوا علو السماء عن كلام أية شخصية دينية أخرى، أو أنه غير مصرح بنقده ، وإلا لكان المرء أعلن دون تردد أن كلام غاندي وآرائه على سبيل المثال تتمتع بعصمة الله المطلقة على الرغم من أنها ذات قيمة أكبر بكثير مما تتمتع به نصوص بولس .

د - ويجب أن نقول أيضاً أنه هناك الكثير من معتنقي الديانات الطائفية الجديدة يجدون صعوبة في التآلف مع أفكار جديدة وتقبلها . " فقد كان بولس دائماً جزءاً من الإنجيل ، ولذلك ينبغي أن يظل أيضاً هكذا " .

" وإذا كان الأمر كذلك فعلى اليابانيين منذ ثلاثين عاماً أن يقولوا : " إن قيصرنا كان دائماً إلهنا، ولابد له أن يظل أيضاً كذلك! " ومن المعلوم أن مثل هذا الوضع يعيق كل تقدم وتطور .

هـ - وأخيراً نشير إلى أحد البراهين الساذجة التي تكاد تخيف المرء أن يناقشها وهي تقابلنا كثيراً جداً بشكل يدعوا للتعجب ، لذلك كان علينا أن نعلق عليها :

كتب لي منذ قليل السيد × ( إكس ) ، ونحن نستنتج من بقية خطابه أنه ليس جاهلاً ( وهذا يجعلنا نخمن أنه كان مرتبكاً ) ، ومع ذلك فهو لا يع كيف يمكننا مهاجمة بولس ورفضه ، على الرغم من أن عيسى قد تراءى لبولس بالصورة المعروفة وأخبره أنه أحد تلاميذه المصطفين ، بل أكثر من ذلك فقد أعلن بولس نفسه أن من يبشر بإنجيل آخر فهو ملعون .

وفي الحقيقة فأنا لا أفهم كيف يستخدم إنسان ذكي هذا كحجة على صحة كلامه ، فإذا ما ادعى الســيد (ماير) أنه صاحب الحــق والوريث الشرعي الذي يبحثون عنه منذ عدة سنوات للمليونير الكبير المتوفي السيد (×)، فلن يجد قاضياً يحكم له بأنه الوريث فقط لأنه قال ذلك. وقد قال عيسى نفسه: "إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حق" (أى إنها ليست ذات قيمة) (يوحنا 5 :31)*.

ولا ينبغي لنا أن نقبل أية تعاليم فقط من أجل سُلطة قائلها وعلى الأخص في المسائل التي تتعلق بالعقيدة ، حتى بوذا نفسه قد قال إنه لا ينبغي لنا أن نؤمن فقط من أجل أنه قال ، بل فقط نقتنع به بعد التفكير فيه بأنفسنا .؟

masry يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((((((لندع الأنجيل يتحدث))))))))))))))))))))))
للشيخ عبدالرحمن دمشقيه


مقدمة

قد يسأل سائل: ما الذي يؤكد لي أن يكون الكتاب الذين أدين به هو حقا كلمة الله؟ وكيف يمكن التفريق بين الكتاب الحقيقي من بين تلك المزيفة التي قدمها كذابون للناس على أنها من عند الله بينما ليست كذلك. ماذا لو كان كتابي من عند غير الله وكيف أستمر على دين يدعي أصحابه أنه الدين الحقيقي بينما أجد الكتاب الذي يمثل هذا الدين محرف اختلطت به يد البشر الآثمة بكلام الله؟ هل يكفي أن أقرأه لأتأكد من ذلك ببساطة؟ ولكن كيف أتمكن من الحكم عليه بإنصاف وأنا أميل الى توثيقه ولا أسمح لمجرد أن تراودني فكرة كهذه؟

الأمر يتطلب من الباحث دقة وإنصافا. إنه يتطلب قراءة علمية واعية، وتجردا للحق أينما كان بعيدا عن التعصب الأعمى والميل والهوى. وهو مع هذا يخشى أن يميل به هواه عن الحق، فيتوجه الى الله بصدق ويسأله أن يوفقه الى الهدى والحق. كم يحتاج الانسان في موقف مصيري كهذا أن يلح على الله في دعائه أن يوفقه لمعرفة الصواب. فإنه بدون توفيق الله وهدايته لا يصل الى الحق. وما من شك أن دين الله موجود على هذه الأرض والا لاحتج الناس على ربهم ولقالوا: يا رب لو أنك أنزلت الينا كتابك لاتبعناه ولتركنا الدين الباطل. ولكن بقي على الناس أن يبحثوا ويجتهدوا لما فيه الأصلح لآخرتهم. فالناس يسعون في هذه الدنيا بتعب وشقاء لتحصيل أرزاقهم الدنيوية. فليكن سعيهم لطلب جنة الخلد التي لا يفنى أهلها ولا يتعبون والتي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ما بالهم لا يسعون لما فيه صلاح آخرتهم؟ أليس الناس ينقسمون يوم القيامة الى مؤمن وكافر؟ شقي وسعيد؟ أليسوا ينقسمون الى : فريق في الجنة: وفريق في السعير. فما بالك لا تبالي بآخرتك التي تخلد فيها إما في جنة أو نار ويبقى همك منصبا على الدنيا التي ستخرج منها اليوم أو غدا؟

تصور أيها القارىء أنك الآن على فراش الموت تودع الحياة التي تعلق بها قلبك: تفارقها الآن في هذه اللحظة الرهيبة وأنت على غير دين الله؟ كيف تتوقع النجاة ودخول الجنة وقد كنت على دين باطل زعموا لك أنه من عند الله؟ إن الأمر يحتاج الى شرطين :

1- البحث العلمي المجرد.

2- الاكثار من دعاء الله بالتوفيق للهدى والحق.

لكن الناس اليوم لا يقرأون قراءة متجردة علمية. وهم اذا قرأوا كانت قراءتهم عمياء لا تعرف الانصاف ولا تخضع للحق. بل يستعد هذا القارىء لانتحال المعاذير للكتاب الذي يتعصب له. إنه يرى الباطل باطلا وينافح عنه حفاظا على الدين الموروث الذي ورثه مع المال وأثاث المنزل. ثم لا يسأل الله بصدق أن يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه وأن يريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه.

قد تصدمك الحقيقة لأول وهلة. وتكون ثقيلة مرة. لكن ذلك لا يغير من كونها حقيقة، يجب التروي والصبر وإعمال العقل قبل رفضها. فكم ستكون حسرتك اذا جئت يوم القيامة وتبين لك أنك كنت في الدنيا على غير دين الله وأنك الآن من الخاسرين؟



عصر العلم لم يقمع العصبية

لقد كانت الفكرة في الماضي مرتبطة بقائلها، فاذا كان صاحب المقالة عظيما غدت فكرته عظيمة. واذا كان حقيرا صارت حقيرة.

اننا نظن ونحن في عصر العلم أن عهد التعصب قد ولى وأن العلم قد هيأ للناس قابلية تحليل النظريات ودراستها. وصار مقررا بينهم أن الرجوع الى الحق أولى من التمادي في الباطل. وهذا صحيح على الرغم من بقاء عناصر ترضى لنفسها تعطيل الحواس وتحجير العقول ومنع القلوب عن استقبال الحق والخضوع له. انهم كما قيل : يسمعون ولكن لا يسمعون. يبصرون ولكن لا يبصرون. أحياء لكنهم أموات لا يرغبون سماع الحق ولا يريدون للناس أن يسمعوه. فالى المثقفين المنفتحتين أقدم هذا الكتاب الذي هو خلاصة ما جمعته من نصوص الكتاب المقدس.

بعد مطالعة الكتاب المقدس

لقد قمت بقراءة أسفار الكتاب المقدس بكاملها قراءة متأنية ووجدت فيها تتضمن ما يلي :

1- وجدت نصوصا تطعن بقدرة الله وتهزأ بصفاته.

2- وجدت نصوصا تحكي اقتراف الانبياء للزنا.

3- وجدت نصوصا تصف مفاتن المرأة وثدييها وأفخاذها بطريقة مثيرة للشهوة أبرزها في ذلك كتاب نشيد الانشاد.

4- وجدت نصوصا تتضمن عجائب الأخبار كتلك التي تنقل الحوار بين الأشجار وكروم الزيتون كسفر القضاة.

أن كثيرين يجهلون هذه النصوص. ربما لقلة مطالعتهم كتابهم بينما يتمسكون به تمسكا تقليديا، وربما بسبب كثرة صفحات الكتاب حيث يزيد على الثلاثة آلاف صفحة مما يجعل قراءته أمرا صعبا. وربما لاقتصارهم على قراءة بعض المقاطع بحسب ما يمليه عليهم رجل الكنيسة ويختاره لهم حيث كان الناس في الماضي ملزمين بقراءة ما يختاره لهم كما اعترف لي أحد القساوسة الأمريكيين بأن قراءة حرة وكاملة للكتاب المقدس بقيت أمرا محظورا على المسيحي في الماضي. الا أن هذا الحظر قد ارتفع منذ اربعمائة سنة. غير أن عالما دينيا آخر وهو البروفسور موريس بوكاي (كاثوليكي أجرى مقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن في ضوء المصادر العلمية الحديثة) يخبرنا أنه كان في مدرسة كاثوليكية تحظر على التلاميذ أن ينفردوا بقراءة الكتاب المقدس وانما يقرأون منه نصوصا يحددها لهم القـسيس، بل يكفي أن يقرأها الكاهن بنفسه فقط.

أما وقد صار ذلك اليوم ممكنا فانني اليوم أدعوهم الى مراجعة هذه النصوص الواردة في هذا الكتاب ليتحققوا منها ولتكون خطوة لهم في طريقهم للبحث عن الحق.

والسلام على من اتبع الهدى

الكتاب المقدس يتهم الأنبياء بالزنا والفساد

أنبياء ... لكنهم عراة !!

(تكوين 9 :20) وشرب نوح من الخمر فسكر وتعرّى داخل خبائه فأبصر حام عورة أبيه( ).

(2صمو19 :23) وكان روح الله على شاول، فخلع هو أيضًا ثيابه وتنبّأ هو أيضًا. فانطرح عريانًا ذلك النهار كله وكل الليل.

(2صمو6 :20) ورقص داود أمام الناس وأمام الله.

(خروج 15 :20) وكذلك فعلت أخته مريم النبيّة ، وأخذت دفًا هي والنساء ورقصت.

(قضاة14: 19) وحل روح الرب على شمشون فقتل ثلاثين رجلاً.

(قضاة15 :5) وذهب وأمسك ثلاثمائة ثعلب وأخذ مشاعل ذنبا إلى ذنب ووضع مشعلاً بين كل ذنبين في الوسط ثم أضرم المشاعل نارًا وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون.

(قضاة16 :1) ثم ذهب إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها.

بنات لوط يزنين معه

(تكوين19 :3) وصعد لوط من صوغر فسكن في مغارة بالجبل هو وابنتاه. وقالت البكر للصغيرة : أبونا قد شاخ. وليس في الأرض رجل ليدخل علينا. هلمي نسقي أبانا خمرًا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة: إني قد اضطجعت البارحة مع أبي: نسقيه خمرًا الليلة أيضًا. وقامت الصغيرة واضطجعت معه، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. فحبلت ابنتا لوط من أبيهما. فولدت البكر ابنا ودعت اسمه مؤاب، وهو أبو المؤابيين إلى اليوم. والصغيرة أيضًا ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي. وهو أبو بني عمي إلى اليوم.

يهوذا يزني بكنته ثامار

(تك 15 : 38) فرآها يهوذا فحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال: هاتي أدخل عليك. لأنه لم يعلم أنها كنته. فقالت : ماذا تعطيني لكي تدخل علي. فقال: إني أرسل جدي معزى من الغنم. فقالت: هل تعطيني رهنا حتى ترسله؟ فقال: ما الرهن الذي أعطيك؟ فقالت: خاتمك وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها فحبلت منه... وبعد ثلاثة شهور قيل ليهوذا: إن كنتك ثامار قد زنت وها هي الآن حبلى من الزنا ( )

داود يزني بزوجة جاره

(2صمو11: 1) قام داود عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السّطح امرأة تستحمّ، وكانت المرأة جميلة المنظر جدًا. فأرسل وسأل عن المرأة. فقال واحد: أليست هذه بشثبع بنت اليعام امرأة أوريا الحتي؟ فأرسل داود رسلاً وأخذها، فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها، ثم رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأة فأخبرت داود بذلك فدعا داود زوجها (أوريا الحتي) فأكل أمامه وشرب وأسكره. وفي الصباح كتب داود مكتوبًا إلى يؤاب وأرسله بيد أوريا. وكتب في المكتوب يقول: اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه: فيُضرب ويموت. ومات أوريا … فأرسل داود وضم امرأة أوريا إلى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنًا.

الرب يعاقب داود

(2صمو12 :11) فقال له الرب. لأنك خدعتني وأخذت امرأة أوريا الحتي: ها أنذا أقيم عليك الشر في بيتك وآخذ نسائك( ) أمام عينيك وأعطيهن لقريبك ويضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس.

ابن داود يزني باخته

(2صمو13: 1) وكان لأبشالوم امرأة جميلة اسمها ثامار. فأحبها أمنون ومرض لعدم تمكنه منها لأنها عذراء. فنصحه أحد زملائه أن تظاهر بالمرض واضطجع على سريرك وقل لأبيك أن يرسل أختك ثامار لتعتني به ويأكل من يدها. فأرسل داود إليه فأمر أمنون أن يخرج الجميع من غرفته إلا ثامار. ثم قال لها: ائتي بالطعام إلى المخدع فآكل من يدك. فأحضرت الكعكة أمامه وأطعمته بيدها في المخدع. فأمسكها وقال لها: تعالي اضطجعي معي يا أختي. فقالت له: لا يا أخي لا تذلني أين أذهب بعاري. فلم يشأ أن يسمع لصوتها بل تمكن منها وقهرها واضطجع معها. فخرجت صارخة فقال لها أخوها أبشالوم: فالآن يا أختي أسكتي، أخوك هو.

اتخذ لنفسك زانية !!

(هوشع1: 2) أول ما كلم الرب هوشع قائلاً: اذهب خذ لنفسك امرأة زانية وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زني.

(تك35: 22) (رأوبين ابن يعقوب يضاجع زوجة أبيه بلها التي كانت جارية (تك49: 4). ووبّخه أبوه يعقوب قائلاً) : لأنك صعدت على مضجع أبيك حينئذ دنسته، على الفراش صعدت.

أنبياء وثنيون !!

(1ملوك11: 3) وكانت لسليمان سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السراري. فأمالت نساؤه قلبه وراء آلهة أخرى. وعمل سليمان الشر في عيني الرب. ولم يتبع الرب تمامًا كداود أبيه( ) فذهب سليمان وراء عشتروت إلهة الصيدونيين.

هارون النبي يروج لعبادة الاصنام !!

(خروج30: 32) قال هرون لبني اسرائيل: " انزعوا أقراط الذهب. فنزعوها وأتوا بها إلى هرون وبنى لهم عجلاً مسبوكًا. بنى أمامهم مذبحًا فقال: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر.

أنبياء يسبون ربهم !!!

(أيّوب16: 1) أيوب: دفعني الله إلى الظالم.

(أيّوب19: 6) إنّ الله قد عوّجني ولفّ عليّ أحبولته. هاإني أصرخ ظلمًا فلا يُستجاب لي.

(أيّوب4: 18) هو ذالله: لا يأتمن عبيده. وإلى ملائكته ينسب حماقة. سكان بيوت يموتون بلا حكمة.

(أيّوب12: 6) يلقي هَوَانًا على الشّرفاء، ويُرخي منطقة الأشدّاء ... يُكَثّر الأممَ ثمّ يُبيدها.

(أيّوب24: 1) والله لا ينتبه إلى الظلم.

(أيّوب29: 16) إليك أصرخ فما تستجيب لي يومًا. أقوم فما تنتبه إليّ. تحوّلت إلى جاف من نحوي( ).



الأدب الجنسي في الكتاب المقدّس

(أمثال7: 6) لاحظت بين البنين غلامًا عديم الفهم. عابر عند الشّارع عند زاويتها وصاعدًا في طريق بنيها. وإذا بامرأة استقبلته في زي زانية .. فأمسكته وقبلته، وأوقحت وجهها وقالت له: فرشت سريري بموشى كتان من مصر وعطرت فراشي بمر وعود وقرفة: هلمّ نرتو ودًّا إلى الصّباح: نتلذّذ بالحبّ ... أغوته بكثرة فنونها، بملث شفتيها طوحته، ذهب وراءها لوقته كثور يذهب إلى الذّبح.

التّغزّل بثدي المرأة

(أمثال 5: 16) وأفرح بامرأة شبابك الظّبية المحبوبة والوعلة الزّهيّة: ليروك ثدياها في كلّ وقت.

سفر نشيد الأنشاد: نصوص غراميّة

(نشيد 1: 13) صرّة المر حبيبي لي: بين ثديي يبيت. ها أنت جميلة يا حبيبتي. ها أنت جميل يا حبيبي وحلو سريرنا أخضر. حبيبي بين البنين: تحت ظله اشتهيت أن أجلس ... أدخلني بيت الخمر ... شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني.

(نشيد 3 : 1) في اللّيل على فراشي طلبت من تحبه نفسي فما وجدته. إنّي أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشّوارع أطلب من تحبّه نفسي ... وجدني الحرس الطّائف في المدينة فقلت: أرأيتم من تحبّه نفسي؟ فما جاوزتهم إلا قليلاً حتى وجدت من تحبّه نفسي. فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي. أحلفكن يا بنات أورشليم بالظّباء وبأيائل الحقول ألا تيقظن ولا تنبّهن الحبيب متى شاء.

(نشيد 4: 1) هاأنت جميلة يا حبيبتي ... عيناك حمامتان ... شفتاك كسلكة من القرمز. خدّك كفلقة رمانة تحت نقابك ... ثدياك كخشفتي ظبية توأمين يرعيان بين السّوسن.

(نشيد 7: 1) ما أجمل رجليك بالنّعلين يا بنت الكريم. دوائر فخذيك مثل الحلي، صنعة يديّ صنّاع. سرّتك كأس مدّورة لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسّوسن ثدياك كخشفتي توأمي ظبية. قامتك هذه شبيهة بالنّخلة وثدياك بالعناقيد. قلت إنّي أصعد إلى النّخلة وأمسك بعذوقها وتكون ثدياك كعناقيد الكرم. ليتك كأخ لي الرّاضع ثدي أمّي. وهي تعلمني فأسقيك من الخمر الممزوجة من سلاف رماني. شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني.

(نشيد 8: 8) لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان، فماذا نصنع لأختنا في يوم تُخطَب؟؟؟

أنا سور، وثدياي كبرجيْن.

اللّهجة الجنسيّة في سفر حزقيال

(حزقيال16: 1) وكانت إلي كلمة الرّب قائلاً: يا ابن آدم عرف أورشليم برجساتها.

اتّكلتِ على جمالكِ وزنيت على اسمك. وسكبتِ زناك على كل عابر... وصنعت لنفسك صور ذكور. وزنيتِ بها وفي كلّ رجساتك وزناك لم تذكري أيّام صباك إذ كنت عريانة وعارية. وفرجيت رجليكِ لكل عابر وأكثرتِ زناك. وزنيت مع جيرانك بني مصر الغلاظ اللّحم. وزدت في زناك لإغاظتي. لكلّ الزّواني يعطون هديّة. أمّا أنت فقد أعطيت كلّ مُحبّيك زناكِ. ورشيتيهم ليأتوك من كلّ جانب للزّنا بك. فلذلك يا زانية: اسمعي كلام الرب: من أجل أنّك قد انفق نحاسك وانكشفت عورتك بزناك بِمُحِبّيكِ... لذلك ها أنذا أجمع مُحبّيك الذين لذذتِ لهم... فأجمعهم عليك من حولك وأكشف عورتك لهم لينظروا كلّ عورتك... وأُسلِّمك ليدهم... فينزعون عنك ثيابك ويأخذون أدوات زينتك ويتركونك عريانة وعارية.

قصة العاهرتين: أهولا وأهوليبا

(حزقيال23: 1) يا ابن آدم: كان هناك امرأتان ابنتا أم واحدة وزنتا بمصر في صباهما زنتا. هناك دغدغت ثدييهما وهناك تزعزعت ترائب عذرتهما. واسمهما اهولة الكبيرة وأهوليبا أختها. وزنت أهولة من تحتي ولم تترك زناها من مصر أيضًا لأنهم ضاجعوها في صباها. وزعزعوا ترائب عذرتها وسكبوا عليها زناهم. لذلك سلمتها ليد عشاقها الذين عشقتهم. هم كشفوا عورتها. فلمّا رأت أختها أهوليبة ذلك أفسدت في عشقها أكثر منها وفي زناها أكثر من زنا أختها. عشقت بني أشور فرسانَا راكبين الخيل كلّهم شبّان شهوة. وزادت زناها. ولمّا نظرت إلى رجال مصورين على الحائط عشقتهم عند لمح عينيها إياهم. وأرسلت إليهم رسلاً فأتاها بنو بابل في مضجع الحبّ ونجّسوها بزناهم... وأكثرت زناها بذكرها أيّام صِبَاها الّتي فيها زنت بأرض مصر. وعشقت معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيهم كمني الخيل. وافتقدتِ رذيلة صباكِ بزغزغة المصريين ترائبك لأجل ثدي صباكِ.

الله يعاقبهم فيوقعهم في الزّنا

(حزقيا23: 22) لأجل ذلك يا أهوليبة، قال السّيّد الرّب: ها أنذا أهيج عليك عشاقك: ينزعون عنك ثيابك... ويتركونك عريانة وعارية، فتنكشف عورة زناك ورذيلتك وزناك. تمتلئين سكرًا وحزنًا كأس التّحيّر والخراب... فتشربينها وتمتصّينها وتقضمين شقفها. وتجتثّين ثدييك لأنّي تكلّمتُ. فهوذا جاءوا. هم الذين لأجلهم استحممتِ. وكحّلتِ عينيك وتحلّيت بالحليّ. وجلستِ على سرير فاخر... فقلت عن البالية في الزّنا الآن يزنون زنًا معها.

(عامو 7: 16) وقال الرّبّ لمصيا: أنت تقول لا تتنبّأ على إسرائيل. لذلك قال الرّبّ: امرأتك تزني في المدينة وبنوك وبناتك يسقطون بالسّيف.

(ارميا 8: 10) قد رفضوا كلمة الرّبّ... لذلك أعطي نساءهم لآخرين وحقولهم لمالكين. لأنّهم من الصّغير إلى الكبير. كلّ واحد منهم مولع بالرّبح من النَّبيِّ إلى الكاهن.

(اشعيا 3: 16) قال الرّبّ: من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدوات الأعناق وغامزات بعيونهن وخاطرات في مشيهن ويخشخشن بأرجلهن يصلِع السّيّد هامة بنات صهيون ويعرّي الرّبّ عورتهن.

(ارميا 13: 22) لأجل عظمَة إثمِكِ: هُتِكَ ذَيلاكِ وانكشف عقباك... فسقك وصهيلك ورذالة زناك: فأنّا أرفع ذيليك على وجهك فيُرى خزيك.

(ناحوم 3: 4) من أجل زنا الزّانية الحسنة الجمال صاحبة السّحر البائعة أممًا بزناها وقبائل بسحرها. ها أنذا عليك يقول ربّ الجنود: فأكشف أذيالك إلى فوق وجهك، وأُري الأممَ عورتك.

(تثنية 28: 15) خاطب الرّبّ بني إسرائيل مهدّدًا إيّاهم: أن لم تسمع لصوت الرّب إلهك: تأتي عليك جميع اللعنات وتدركك... تخطب امرأة، ورجل آخر يضطجع معها.

(هوشع 2: 2) حاكموا أمّكم لأنّها ليست امرأتي وأنا لست رجلها لكي تعزل زناها عن وجهها وفسقها من بين ثدييها لئلا أجرّدها عارية ولا أرحم أولادها لأنّهم أولاد زنا... والآن أكشف عورتها أمام عيون مُحبّيها( ).



ألفاظ لا تحمل صفة القداسة

الله يأمر حزقيال أن يأكل الغائط

(حزقيا 4: 12) قال الرّبّ لحزقيال: وتأكل كعكًا من الشّعير على الخرء الذي يخرج من الإنسان: تخبزه أمام عيونهم... هكذا يأكل بنو إسرائيل خبزهم النّجس... قلت: آه يا سيّد الرّبّ: هانفسي لم تتنجّس ومن صباي إلى الآن لم آكل ميتة ولا فريسة ولا دخل فمي لحم نجس. فقال لي: انظر قد جعلت لك خثي البقر بدل خرء الإنسان. فتصنع خبزك عليه.

يأكلون عذرتهم ويشربون بولهم

(2ملو 18: 27) قال ربشاقي: أليس إلى الرّجال الجالسين على السّور ليأكلوا عذرتهم ويشربوا بولهم معكم؟

عبارة ابن الحرام Bastard

(تثنية 23: 2) لا يدخل ابن الزّنا في جماعة الرّبّ.

(عبران 12: 2) فأنتم نغول Bstards لا بنون( ) .

(عبران 12: 8) فأنتم لستم أبناء حقيقيّين وإنما أولاد زنا( ).

كيف تنقذ زوجها

(تثنية 25: 11) إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضًا: رجل وأخوه. وتقدّمت امرأة أحدهما لكي تخلّص رجلها من يد ضاربه، ومدّت يدها وأمسكت بعورته: فاقطع يدها ولا تشفق عينك.

الطّريقة التّعبيريّة في الكتاب المقدّس

(جامعة 3: 1) لكلّ شيءٍ زمان ولكلّ أمرٍ تحت السّماوات وقت:

للولادة وقتٌ وللموت وقتٌ.

للغرس وقتٌ ولقلع المغروس وقتٌ.

للبكاء وقتٌ وللضّحك وقتٌ.

للنَّوح وقتٌ وللرّقص وقتٌ.

لتفريق الحجارة وقتٌ ولجمع الحجارة وقتٌ.

للمعانقة وقتٌ وللانفصال عن المعانقة وقتٌ.

للتّمزيق وقتٌ وللتّخييط وقتٌ.

(جامعة 7: 1) يوم الممات خيرٌ من يوم الولادة.

الذّهاب إلى بيت النَّوْح خيرٌ من الذّهاب إلى بيت الوليمة.

الحزن خير من الضّحك لأنه بكآبة الوجة يصلح القلب.

(أيوب 35: 10) الله صانعي. مؤتي الأغاني في اللّيل. الذي يعلّمنا أكثر من وحوش الأرض. ويجعلنا أحكم من طيور السّماء.

(1صمو 2: 1) قالت حنة: ارتفع قرني بالرّبّ. اتّسع فمي على أعدائي... وليس صخرة مثل إلهنا... قسي الجبابرة انحطمت. والضّعفاء تمنطقوا بالبأس.



المرأة في الكتاب المُقدّس

أحكام الحائض عند التّوراة

(لاوي 15: 19) وإذا كانت امرأة لها سيل وكان سيلها دمًا في لحمها فسبعة أيّام تكون في طمثها .

وكلّ من مسّها يكون نجسًا إلى المساء. وكلّ ما تضطجع عليه يكون نجسًا. وكلّ من مسّ فراشها يغسل ثيابه ويستحمّ بماء، ويكون نجسًا إلى المساء. وكلّ من مسّ متاعًا تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحمّ بماء ويكون نجسًا إلى المساء. وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسًا سبعة أيّام. وكلّ فراش يضطجع عليه يكون نجسًا. وإذا كانت امرأة يسيل دمها في غير وقت طمثها فتكون أيّام سيلان نجاستها كما في أيّام طمثها: إنّها نجسة. وكلّ الأمتعة التي تجلس عليها تكون نجسة كنجاسة طمثها. وكلّ من مسّهن يغسل ثيابه ويستحمّ ويكون نجسًا إلى المساء. وإذا طهرت من سيلها تحسب لنفسها ثمّ تطهر.

وفي اليوم الثّامن تأخذ لنفسها يمامتين أو فرخي حمام، وتأتي بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الاجتماع (أي إجتماع موسى مع الله).

أحكام النّفاس كما في التّوراة

(لاوي 12: 1) إذا حبلت امرأة وولدت ذكرًا تكون نجسة سبعة أيّام. وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين.

أحكام مضاجعة المرأة

(لاوي 15: 16) وإذا حدث من رجل اضطجاع زرع يرحض كلّ جسده بماء: ويكون نجسًا إلى المساء. وكلّ ثوب وكلّ جلد يكون عليه اضطجاع زرع: يُغسَل بماء ويكون نجساً إلى المساء.

(لاوي 22: 17) فمتى غربت الشّمس يكون طاهرًا.

(لاوي 15: 18) والمرأة التي يضطجع معها اضطجاع زرع (جماع) يستحمّان بماء: ويكونان نجسَيْن إلى المساء.

الحكمة من وراء آلام الولادة

(تكوين 3: 16) وقال الرّبّ للمرأة حين أغوت آدم: تكثيرًا أُكَثِّر أتعاب حبلك. بالوجع تلدين أولادًا وإلى رجُلك يكون اشتياقك وهو يسود عليكِ.

المرأة ليست مجد الله !!

(1كورنث 11: 7) الرّجل لا ينبغي أن يُغطّي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأمّا المرأة فهي مجد الرّجل. لأنّ الرّجل لم يُخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرّجل.

المرأة هي الشّرّ !!!

(زكر 5: 8) وكانت امرأة جالسة في وسط الإيفة. فقال الملاك: هذه هي الشّرّ.

فليختف صوتُها !!!

(1كورنث 14: 34) لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنّه ليس مأذونًا لهنّ أن يتكلّمن. بل يخضعن كما يقول النّاموس أيضًا. ولكن إن كنّ يردن أن يتعلّمن شيئًا فليسألن رجالهنّ في البيت. لأنّه قبيح بالنّساء أن تتكلّم في كنيسة( ).

حـجــاب الـمــرأة ليس في الإسلام فقط !!

(1 كورنت 11: 1) قال بولس: وأمّا كلّ امرأة تصلّي أو تتنبّأ ورأسها غير مغطّى فتشين رأسها لأنّها والمحلوقة شيء واحد بعينه. إذ المرأة إن كانت لا تتغطّى: فليُقص شعرُها.

(1كورنث 11: 30) احكموا في أنفسكم: هل يليق بالمرأة أن تصلّي إلى الله وهي غير مغطّاة؟!

(1تيمو 2: 9) النّساء يزيِن ذواتهن بلباس الحشمة لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثّمن( ).

زواج بالقــوّة

(تثنية 5: 25) إذا سكن أخوة معًا ومات واحدًا منهم وليس له ابن فلا تصير أمرة الميت إلى خارج لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها ويتّخذها لنفسه زوجة.

ماذا لو رفض الزّواج :

وإن لم يرض الرّجل أن يأخذ امرأة أخيه: تصعد امرأة أخيه إلى الباب إلى الشّيوخ وتقول: قد أبى أخو زوجي أن يقيم لأخيه اسمًا في إسرائيل، لم يشأ أن يقوم لي بواجب أخي الزوج. فيدعوه شيوخ مدينته ويتكلّمون معه: فإن أصرّ وقال: لا أرضى أن أتّخذها: حينئذ تتقدّم امرأة أخيه إليه. أمام أعين الشّيوخ :

وتخلع نعله من رجله وتبصق في وجهه. وتقول: هكذا يُفعَل بالرّجل الذي لا يبني بيت أخيه. فيُدعى اسمُهُ في إسرائيل : بيت مخلوع النّعل.

لا ذكر لليوم الآخر في العهد القديم

(جامعة 11: 9) واعلم أنه على هذه الأمور كلّها يأتي بك الله إلى الدّينونيّة.

(أيّوب 14: 14) قال أيّوب: إن مات رجل أفيحيا؟!



الكتاب المقدس والفلسطينيّون

( قضاة 3: 31) ضرب شمجر بن عناة من الفلسطينييّن ستّمائة رجل بمنساس البقر.

(2صمو 23: 8) وابيشاي أخو يؤاب هزّ رمحه على ثلاثمائة فقتلهم( ).

شمشون رمز الإرهاب الدّيني

(قضاة 15: 4) وأمسك شمشون ثلاثمائة ابن آوى وأخذ مشاعل وجعل ذنَبًا إلى ذنَب ووضع مشعلاً بين كلّ ذنبين في الوسط ثم أضرم المشاعل نارًا وأطلقها بين زروع الفلسطينيّين فأحرق الأكداس والزّرع وكروم الزّيتون.

(قضاة 15: 15) ووجد (شمشون) لحي حمارا ( )طريّا فمدّ يده وأخذه وضرب به ألف رجل فقال شمشون: بِلحي حمار كومة كومتين. بلحي حمار قتلت ألف رجل.

مهـر داود لزوجتــه 200 قطعة غرلة ( ) فلسطيني

(1صمو 18: 25) (وطلب داود أن يكون زوجًا لابنة شاول الملك اشترط عليه هذا الأخير أن يكون المهر 100 غلفة من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك. فحسن الكلام في عيني داود . فذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مئة رجل. وأتى داودَ بغلفهم وقدّمها لشاول فأعطاها شاول : ميكال ابنته.

(1أخبار 11: 20) وأبيشاي أخو يؤاب كان رئيس ثلاثة: هزّ رمحه على ثلاثمائة فلسطيني فقتلهم.

الكتاب المقدّس وقصّة أرض الميعاد :

(تكوين 26: 2) قال الرّبّ لإسحاق: لأنّي لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد وأفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك.

(تكوين 9: 35) وظهر الله ليعقوب وقال له: الأرض التي أعطيت لإبراهيم وإسحاق: لك أعطيها ولنسلك من بعدك أعطي الأرض.

(تكوين 28: 13) ثمّ رأى يعقوب ربّه في المنام فقال له: الأرض التي أنت مضطجع عليها، أعطيها لك ولنسلك، وتمتدّ غربًا وشرقًا. شمالاً وجنوبًا.

(تكوين 13: 14) وقال الرّبّ لأبرام: ارفع عينيك وانظر في الموضع الذي أنت فيه: شمالاً وجنوبًا وشرقًا وغربًا. لأنّ جميع الأرض التي أنت ترى: لك أعطيها ولنسلك( ) إلى الأبد.

قم وامش في الأرض: طولها وعرضها: لأنّي لك أعطيها.

(تثنية 32: 49) وانظر أرض كنعان التي أنا أعطيها لبني إسرائيل ملكًا.

(تكوين 26: 1) وقال الرّبّ لإسحاق: اسكن في الأرض التي أقول لك: تغرب في هذه الارض، لأنّي لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد، وأفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك.



الكتاب المقدّس مصدر التّفرقة العنصريّة

(2ملو 5: 15) ليس إله في كلّ الأرض إلا في إسرائيل.

(تثنية 7: 6) إيّاك يا إسرائيل قد اختارك الرب إلهُك لتكون له شعبًا خاصًّا من جميع الشّعوب الذين على وجه الأرض.

(اشعيا 43: 4) إذ صرت عزيزًا في عيني مكرّمًا وأنا قد أحببتك: أعطي أناسًا عوضك وشعوبًا عوض نفسك.

نوح ينشئ عهد العنصريّة والعبوديّة

(تكوين 9: 18) وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك: سام وحام ويافث. وحام هو أبو كنعان. هؤلاء الثّلاثة هم بنو نوح. ومن هؤلاء تشعّبت كلّ الأرض. وابتدأ نوح يكون فلاحًا وغرس كرمًا وشرب من الخمر. فسكر وتعرّى داخل خبائه.

فأبصر حام - أبو كنعان - عورة أبيه. وأخبر أخويه خارجًا. فأخذ سام ويافث الرّداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء. وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء، فلم يبصرا عورة أبيهما. فلمّا استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصّغير. وقال: ملعون كنعان: عبْدُ العبيد يكون لأخوته. وقال: مباركٌ الرّبّ إله سام وليكن كنعان عبدًا لهم. ليفتح الله ليافث، فيسكن في مسكن سام: وليكن كنعان عبدًا لهم.

بولس والعنصريّة

(غلاط 2: 15) نحن بالطّبيعة ولسنا من الأمم خطاة.

(غلاط 4: 22) لأنّه مكتوب أنّه كان لإبراهيم ابنان: واحد من الجارية والآخر من الحرّة. لكن الذي من الجارية ولد حسب الجسد. وأمّا الذي من الحرّة فبالموعد... لأنّ هاجر مستعبدة مع بنيها... لكن: ماذا يقول الكتاب: " اطرد الجارية وابنها لأنّه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرّة ".

إذن: أيّها الأخوة: لسنا أولاد جارية، بل أولاد الحرّة( ) .



الأمميّون (GENTILES) في الكتاب المقدّس

(اشعيا 49: 22) هكذا قال السّيّد الرّبّ: ها إنّي أرفع إلى الأمم يدي وإلى الشّعوب GENTILES أقيم رايت. فيأتون بأولادك في الأحضان. وبناتك على الأكـتاف يُحمَلن. ويكون الملوك حاضنيك. وسيداتهم مرضعاتك. بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك. ويلحسون غبار رجليك.

(اشعيا 60: 4) ارفعي عينيك حوليك وانظري (يا صهيون). قد اجتمعوا كلّهم لأنّه تتحوّل إليك ثروة البحر. ويأتي إليكِ غِنى الأمم( ). وبنو الغريب يبنون أسوارك. وملوكهم يخدمونك. ليؤتى إليك بغنى الأمم، وتُقادُ ملوكهم. لأنّ الأمم والمملكة التي لا تخدمك: تبيد وخرابًا تخرب الأمم.

وترضعين لبن الأمم وترضعين ثدي ملوك. وتعرفين أنّي أنا الرّبّ مُخلّصك.

(اشعيا 61: 5) ويقف الأجانب ويرعون غنمكم. ويكون بنو الغريب حرّاثيكم و كرّاميكم. أمّا أنتم فتُدعَون: كهنة الرّبّ. تُسمّوْن: خدّام إلهنا. تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتأمّرون.

(تثنية 20: 11) ولكّ الشّعب الموجود فيها يكون لك للتّسخير ويُستعبد لك (يا إسرائيل).

خذ الرّبا من الأجانب فقط !!

(تثنية 23: 19) لا تقرض أخاك بربا... للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك الرّبّ إلهك في كلّ ما تمتد إليه يدك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها.

(تثنية 15: 1) هذا هو حكم الإبراء: يبرى كلّ صاحب دَيْن يده ممّا أقرض صاحبه. لا يطالب صاحبه ولا أخاه. لأنّه قد نودي بإبراء للرّبّ. الأجنبي تُطالب.

من هم الكلاب والخنازير؟!

(مرقس 7: 24) قال المسيح للتي أتته تستنجد مساعدته: " ليس حسنًا أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب. فقالت: نعم يا سيّد والكلاب أيضًا تحت المائدة تأكل من فتات البنين." (انظر أيضًا متى 15: 21).

(متى 7: 6) وقال أيضًا: " لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم ".

سكان الجنة 144000 صهيوني فقط

(رؤيا 14: 1) قال يوحنا في رؤيا : ثم نظرت فإذا خروف واقف على جبل صهيون ومعه مئة وأربعة وأربعون ألفًا لهم اسم أبيه مكتوبًا على جباههم... وهم يترنمون كتغنيمة جديدة أمام العرش وأمام الحيوانات الأربعة. ولم يستطع أحد أن يتعلّم التّرنيمة إلا المئة والأربعة والأربعون ألفًا الذين اشتُرُوا من الأرض. هؤلاء الذين لم يتنجّسوا مع النّساء لأنّهم أطهار. هؤلاء هم الّذين يتبعون الخروف حيثما ذهب( ).

اقتل النّساء والأطفال والبهائم

(حزقيا 9: 5) اعبروا في المدينة وراءه (أي يهوذا) واضربوا. لا تشفق أعينكم ولا تعفوا: الشّيخ والشّابّ والعذراء والطّفل والنّساء: اقتلوا للهلاك... نجّسوا البيت واملأوا الدّور قتلى ...

للرّبّ سيف قد امتلأ دمًا

(عدد 31: 1) وكلّم الرّبّ موسى قائلاً: " انتقم نقمة لبني إسرائيل من المديانيين. فتجند بنو إسرائيل على مديان كما قال الرّبّ: وقتلوا كلّ ذَكَر وسبَوْا نساء مديَن وأطفالهم. ونهبوا جميع مواشيهم وكلّ أملاكهم. وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنّار.

فخرج موشى وألعازار الكاهن وكلّ رؤساء الجماعة لاستقبالهم إلى خارج المحلّة. فسخط موسى على وكلاء الجيش. وقال لهم: هل أبقيتم كلّ أنثى حيّة؟ إن هؤلاء كُنّ في بني إسرائيل سبب خيانة للرّبّ. فكان الوبأ في جماعة الرّبّ. فالآن اقتلوا كلّ ذكر من الأطفال. وكلّ امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر اقتلوها. لكن جميع الأطفال من النّساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر: أبقوهنّ لكم حيّات.

(يشوع 6: 16) قال يشوع لبني إسرائيل: اهتفوا لأنّ الرّبّ أعطاكم المدينة. فتكون المدينة وكلّ ما فيها مُحرّمًا للرّبّ... كلّ الذّهب والفضّة وآنية النّحاس والحديد تكون قدسًا وتدخل في خزانة الرّبّ... وحرّموا كلّ ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ: حتى البقر والغنم والحمير بحدّ السّيف.

(ارميا 51: 2) أنت لي فأس وأدوات حرب... فأسحق بك الأمم وأهلك بك المماليك وأسحق بك الرّجل والمرأة. وأسحق بك الشّيخ والفتى، وأسحق بك الغلام والعذراء، وأسحق بك الرّاعب وقطيعه.

قتل وخطف واستعباد

(يشوع 16: 10) فسكن الكنعانيون في وسط أفرايم إلى هذا اليوم وكانوا عبيدًا تحت الجزية( ) .

(2صمو 8: 1) وضرب داود المؤابيين وقاسهم بالحبل. أضجعهم على الأرض. فقاس بحبلين للقتل وبحبل للاستحياء. وصار الآراميون عبيدًا لداود.

(2صمو 4: 12) وأمر داود الغلمان فقتلوهما وقطّعوا أيديهما وأرجلهما وعلّقوهما.

(قضاة 21: 10) فاتّفق بنو إسرائيل في عهد بنيامين بعدما قدّموا قرابين إلى الله أن: اذهبوا إلى سكّان يابيش جلعاد واضربوا بحدّ السّيف. النّساء والأطفال تحرمون (أي تقتلون) كلّ ذكر وامرأة عرفت اضطجاع ذكر.

فوجدوا من سكان يابيش جلعاد أربع مائة فتاة عذارى لم يعرفن رجلاً بالاضطجاع مع ذكر. فرجع بنيامين في ذلك الوقت فأعطوهم النّساء اللّواتي استحيوهن من نساء يابيش جلعاد.

لا إكراه في الدّين

(أستير 8: 11) وأعطى مردخاي - ملك اليهود - إذنًا لهم أن يهلكوا ويقتلوا ويبيدوا قوّة كلّ شعب: حتى الأطفال والنّساء وأن يسلبوا غنيمتهم. لينتقم اليهود من أعدائهم. فكثير من شعوب الأرض تهوّدوا لأنّ رعب اليهود وقع عليهم.

سرقة النّساء واغتصابهنّ

(قضاة 21: 20) ثمّ أوصوا بنيامين قائلين: امضوا واكمنوا في الكروم وانظروا: فإذا خرجت بنات شيلوه ليدرن في الرّقص فاخرجوا أنتم من الكروم واخطفوا لأنفسكم كلّ واحد امرأته من بنات شيلوه. ففعل هكذا بنو بنيامين. واتّخذوا نساء حسب عددهم من الرّاقصات اللّواتي اختطفوهنّ.

اقتلهم واسلب أموالهم !!

(تثنية 20: 10) حين تقرّب مدينة لكي تحاربهم: استدعها إلى الصّلح. فإن أجابتك إلى الصّلح وفتحت لك: فكلّ الشّعب الموجود فيها يكون لك للتّسخير ويستعبد لك.

وإن لم تسالمك. بل عملت معك حربًا فحاصرها. وإذا دفعها الرّبّ إلهك إلى يدك:

فاضرب جميع ذكورها بحدّ السّيف.

وأمّا النّساء والأطفال والبهائم وكلّ ما في المدينة: كلّ غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرّبّ إلهك.

(1)انني أنقل هذه النصوص من الكتاب المقدس وأنا لا أؤمن بصحتها لأني أؤمن ببساطة (وكمسلم) أن المسيح كان خلوقا ولا يليق أن تُلصَق به هذه العبارات وهو الذي اشتهر بطاعة أمه والبرّ بها كما قال القرآن { وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا} ولم يكن يخاطبها بهذه الطريقة السيئة التي لا يفعل مثلها غير الأنبياء من عامة الناس. (1) هذا العنوان مقتبس من نسخة الـ NEW INTERNATIONAL VERSION التي تعتبر تصحيحاً لنسخة الملك جيمس KING JAMES VERSION ولم يكن أحد يتصور أن يرد مثل هذا العنوان في كتاب يقال أن الله أوحى به. (1) أفلا يجب أن يسأل المسيحي العاقل نفسه: كيف أعتقد أن هذه نصوص منزلة من عند الله بينما هي موجهة اليه توبخه وتعاتبه؟؟!!



مصداقية الكتاب المقدس

الشهادة بتحريف الكتاب المقدس من الكتاب نفسه

(ارميا8: 8) كيف تقولون إننا حكماء وكلمة الرب معنا؟ حقا إنه الى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب.

(ارميا6: 10) هاإن كلمة الرب صارت لهم عاراً لا يسرّون بها... لأنهم من صغيرهم الى كبيرهم: كل واحد مولع بالربح: من النبي الى الكاهن. كل واحد يعمل بالكذب. (ارميا 8: 10)

(ارميا14 :14) بالكذب يتنبأ الانبياء باسمي. لم أرسلهم ولا أمرتُهم ولا كلمتُهم.

(ارميا23: 31) الذين يأخذون ألسنتهم ويقولون: قال() (أي قال الله) .

(ارميا23:36) اما وحي الرب فلا تذكروه بعد... اذ قد حرّفتم كلام الاله الحي.

(ارميا9:2) فأتركُ شعبي وأنطلق من عندهم. لأنهم جميعاً زناة جماعة خائنين. يمدون ألسنتهم كقسيسيهم للكذب.

العهدان: كلاهما مؤقت

(1كورنث13:9) لأننا نعلم بعض العلم ونتنبأ بعض التنبؤ. ولكن متى جاء الكامل فحينئذ يبطل ما هو بعض() .



الكتب غير القانونية () APOCRYPHA

كتب الابوكريفا :

1- سفر باروخ 2- سفر يهوذا

3- سفر طوبيا 4- سفر المكابيين الاول

5- سفر المكابيين الثاني 6- سفر الحكمة

7- سفر استير



كتب ابوكريفا أخرى في نسخة الـ () G. N. B :

1 - سفر سيراخ

2 - رسالة ارميا

3 - صلاة عزرا وانشودة الفتيان الثلاثة

4 - سفر سوزانا

5 - جرس التنين

6 - سفر اسدراس الاول

7 - سفر اسدراس الثاني

8 - سفر صلاة مناسي



آيات قرروا حذفها من نسخة k.j.v

متى 7: 21

K.T.V


وأما هذا الجنس فلا يخرج الا بالصلاة والصوم.
R.S.V محذوف

N.I.V


محذوف

G.N.B


محذوف

L.B.V


محذوف()



مرقس 9: 44

K.J.V


حيث دودهم لا يموت ونارهم لا تُطفأ

R.S.V


محذوف

G.N.B


محذوف

N.I.V


محذوف

L.B.V


محذوف



مرقس 16: من 9 الى 20

K.J.V


(النص بكامله محذوف من 9 الى 20).

R.S.V


(حذفت من النسخة المذكورة المطبوعة سنة 952 غير أنه تم اعادتها في الطبعات الأخيرة مع الاشارة الى أن النسخ القديمة لم تتضمن هذه الفقرة بكاملها).

N.I.V


محذوف

G.N.B


محذوف

L.B.V


محذوف













لوقا 9: 56

K.J.V


لأن ابن الانسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص.

R.S.V


محذوف

N.I.V


محذوف

G.N.B


محذوف

L.B.V


محذوف



لوقا 17: 36

K.J.V


يكون اثنان في الحقل فيؤخذ الواحد ويُترَك الآخر.

R.S.V


محذوف

N.I.V


محذوف

G.N.B


محذوف



يوحنا 5: 4
K.J.V

لأن ملاكاً كان ينزل احيانا في البركة ويحرك الماء فمن نزل اولا بعد تحريك الماء كان يبرأ من أي مرض اعتراه() .

R.S.V


محذوف

N.I.V


محذوف

G.N.B


محذوف

L.B.V


محذوف



الرسالة الاولى ليوحنا 5: 7

K.J.V


لأن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد.

R.S.V


محذوف

N.I.V


لأن الذين يشهدون هم ثلاثة: الروح والماء والدم: وهؤلاء الثلاثة متوافقون()

G.N.B


هناك ثلاثة شهود: الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة يعطون نفس الشهادة.

L.B.V


( الآيات ذوات الارقام 6 و7 و8 محذوفة تماما ).



مرقس 16: 19 لوقا24: 15 يوحنا 8: 10

K.J.V


وبينما كان يكلمهم (يسوع) هناك صعد الى السماء.

R.S.V


حذفت ثم أعيدت

N.I.V


مضافة مع التبيه الى أنه لا أصل لها.

G.N.B


مضافة مع التبيه الى أنه لا أصل لها.

L.B.V


مضافة مع التبيه الى أنه لا أصل لها.



يوحنا 3: 16 ( تراجعوا عن كلمة مولود ) BEGOTTEN

K.J.V


لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل مولوده الوحيد لله() .

R.S.V


لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد.

N.I.V


لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الفرد الوحيد.

G.N.B


لأنه هكذا أحب الله العالم حتى اعطى وليده الوحيد.

L.B.V


لأنه هكذا أحب الله العالم حتى أعطى ابنه (المتميز).

N.W.T


لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل مولوده الوحيد ()





التغيير والتحريف في الآيات

لوقا 22: 7

K.J.V


قالوا للمسيح: هل أنت ابن الله؟ فقال لهم : أنتم تقولون ذلك.

R.S.V


قالوا للمسيح: هل أنت ابن الله؟ فقال لهم : لقد اصبتم في قولكم اني كذلك.

L.B.V


فصرخوا جميعا: أأنت تزعم أنك ابن الله؟ فأجاب قائلا: نعم أنا كذلك.



عبرانيين 12: 8

K.J.V


فأنتم نُغول() BASTARDS لا بنون.

R.S.V


فأنتم أطفال غير شرعيين ولستم بنونا.

G.N.B


فيعني أنكم لستم أبناء حقيقيين وانما أبناء زنى.

L.B.V


فيعني أنكم لستم أبناء الله على الاطلاق.



تـثــنـيـة 23: 1

K.J.V


ابن الزنا (BASTARD) لا يجوز أن يدخل في جماعة الرب.

N.I.V


المولود من (زواج محرم) لا يمكنه أن يدخل في مجلس الرب.

G.N.B


ما من مولود ولادة غير شرعية يجوز له الانضمام مع جماعة الرب() .



ايوب 13 :15

K.J.V


هوذا يقتلني لكنني أثق به.

R.S.V


هوذا يقتلني : لقد فقدت كل أملي ورجائي.

G.N.B


لقد فقدت الرجاء كله : ألا فليقتلني الله.

L.B.V


ربما يقتلني الله لأنني قلتُ ذلك. في الحقيقة أنا أقبل منه ذلك.



مزامير 2 :7

K.J.V


قال داود : قال لي الرب: أنت ولدي. أنا اليوم ولدتُكَ.

N.I.V


قال داود : قال لي الرب: أنت ولدي. أنا اليوم صرت أباً لك .



رومية 7: 15

K.J.V


قال بولس: لأن الذي أفعله لا أريده.

R.S.V


" " " لست أعرف ماذا الذي أفعله.

N.I.V


لست أدري ما أفعل.

L.B.V


لست أفهم نفسي على الاطلاق.



مراثي ارميا 3: 18

K.J.V


بادت ثقتي ورجائي من الرب.

N.I.V


زال بهائي وكل ما تمنيته من الرب.

G.N.B


لم يبق عندي شيئاً لأعيش. باد رجائي من الله. ذهبت عظمتي وباد أملي من الله() .



حزقيال 16 :25

K.J.V


وفرّجتِ رجليكِ لكل عابر وأكثرتِ زناكِ.

R.S.V


وتعرضين نفسك لكل عابر. وأكثرتِ زناكِ.

N.I.V


وتعرضين جسدك زيادة في الزنا لكل عابر.

L.B.V


وعرضتِ جمالك لكل رجل.



اللاويين (15: 20)

K.J.V


وكل ما تضطجع عليه في انفصالها يكون نجسا.

R.S.V


وكل ما تجلس عليه حال طمثها يكون نجسا.

L.B.V


أي شيء تتكىء عليه أو تجلس عليه خلال هذا الوقت يصير نجسا.



شهادة بولس في أعمال الرسل (9: 3 و 22: 9)

L.B.V


سمعوا الصوت لكنهم لم يروا نورا.

N.I.V


رأوا نورا لكنهم لم يفهموا صوتا ()



أشعيا 49: 24

K.J.V


بالوجوه يسجدون لك (يا اسرائيل) الى الأرض ويلحسون غبار رجليك

G.N.B


يجب أن ينحنوا لك ويشرفونك, ويُظهِروُا لك احترامهم وخضوعهم.



تكوين 1: 1

K.J.V


وكان روح الله يرفّ على وجه الماء.

L.B.V


وكان روح الله يتربص فوق البخار المعتم.

K.J.V


وكان روح الله يرفّ على وجه الماء.

L.B.V


وكان روح الله يتربص فوق البخار المعتم.



تغيير الحبر الأحمر الى أبيض

K.J.V


ان الذي أعطيتني لم أهلك منهم أحداً (باللون الأحمر).

L.B.V


ان الذي أعطيتني لم أهلك منهم أحداً (باللون الأسود).



كتاب رؤيا يوحنا اللاهوتي

(هذا الكتاب قد ألغى منه جميع الكلمات باللون الأحمر() وعادت بعد ذلك الى اللون الأسود )



لماذا كتب لوقا انجيله ؟؟

(لوقا1: 1) قال لوقا: اذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا... رأيت أنا أيضاً إذ تتبعتُ كل شيء أن اكتب اليك على التوالي أيها العزيز ثاوفيلس() لتعرف صحة الكلام الذي علمتَ به() .

هل كتب موسى سفر التثنية ؟؟

(تثنية34: 5) فمات موسى هناك..ودفنه الرب هناك. ولم يعرف انسان قبره الى اليوم. وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات.

هل كتب يشوع سفر يشوع ؟؟

(يشوع24: 29) وكان بعد هذا الكلام أنه مات يشوع بن نون - عبد الرب - ابن مائة وعشر سنين" .

هل كتب متى انجيله ؟؟

(متى9: 9) وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى انسانا عند مكان الجباية اسمه متى فقال له يسوع: اتبعني. فقام متى وتبعه.

هل كتب يوحنا انجيله ؟؟

(يوحنا21: 24) قال (مجهول الهوية) : هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. ونعلم أن شهادته حق.

هل الله هو المتكلم في هذه النصوص؟؟

(مزمور10: 1) يا رب : لماذا تقف بعيداً ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟

(مزمور89: 46) حتى متى يا رب تختبىء كل الاختباء ؟ حتى متى يتقد كالنار غضبك .

(مراثي3: 1) بادت ثقتي ورجائي من الرب.

(اشعيا63: 17) لماذا أضللتنا يا رب عن طرقك؟ قسّيتَ قلوبنا عن مخافتك.

(مزمور35: 17) يا رب الى متى تنظر... لا يشمت بي الذين هم أعدائي باطلا. استيقظ وانتبه الى حكمي.

(مزمور40: 17) يا إلهي لا تبطىء.

(خروج5: 22) لماذا أسأت الى هذا الشعب؟ لماذا أرسلتني؟ أنت لم تخلّص شعبك.

الرداء الذي تركه بولس: ما فائدته ؟

(2تيموث4: 9) قال بولس في رسالته الى صديقه الحبيب تيموثاوس: بادِر أن تجييء اليّ سريعاً... الرداء الذي تركتُه في تراوس عند كاربس: أحضِره متى جئتَ والكتبَ أيضاً. ولا تنس الرقوق() .

وحي الله أم وحي بولس !!!

(غلاطية 5: 2) هاأنا بولس أقول لكم: أنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئاً. لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الايمان.

(1كورنث7: 10) وأما المتزوجون فأوصيهم : لا أنا بل الرب.

(1كورنث7: 25) واما العذارى فليس عندي امر من الرب فيهنّ ولكنني اعطي رأيا كمن رحمه الرب ان يكون امينا.

بولس هو المسؤول !!!

(1كورنث 9: 19) استعبدتُ نفسي للجميع لأكسب الكثيرين. فصرتُ لليهودي كيهودي لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس() كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس. وللذين بلا ناموس: كأني بلا ناموس.

اتهام تلاميذ المسيح له بنقض الناموس

(اعمال21: 20) حيث قالوا له: " يوجد مجموعة من اليهود آمنوا وهم جميعاً غيورون للناموس. وقد اُخبِروا عنك أنك تعلّم جميع اليهود الارتداد عن موسى قائلا: أن لا يختنوا أولادهم" .

وها هو يُبدي استياءه

(2تيمو4: 14) فيقول لصديقه " أنت تعلم أن جميع الذين في آسيا ارتدوا عني. اسكندر النحاسأظهر لي شروراً ليجازه الرب حسب أعماله، فاحتفظ أنت منه أيضاً لأنه قاوم أقوالنا. في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي: بل الكل تركوني.

ويسخر من العهد القديم

(غلاط5: 4) قد تبطلتم عن المسيح ايها الذين تتبررون بالناموس. سقطتم من النعمة. فاننا بالروح من الايمان نتوقع رجاء بِرٍّ.

(رومية7: 6) وأما الآن فقد تحررنا من الناموس.

(غلاط2: 16) نعلم أن الانسان لا يتبرر بأعمال الناموس() بل بايمان يسوع المسيح، لأنه إن كان بالناموس بِرٌ فالمسيح اذن مات بلا سبب()

(غلاطية3: 10) لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة.

(2كورنث3: 6) نكون خدام عهد جديد.

ومن ثم يحكم بإلغائه

(عبران8: 10) لأن هذا العهد الذي أعهده مع اسرائيل بعد تلك الأيام. أجعل نواميسي في أذهانهم وأكتبها على قلوبهم. ولن أذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد.

(عبران9: 10) ثم العهد الأول كان فرائض خدمة.

(عبران8:13) فاذا قال (جديدا) عتق الأول، وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال.

بولس: هل يوقر المسيح ؟

(غلاطية3: 13) المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنةً لأجلنا. لأنه مكتوب ملعون كل من عُلّق على خشبة ".

هل بولس معصوم أم خطّاء ؟!

(غلاطية2: 15) قال: نحن بالطبيعة يهود ولسنا من الأمم خطاة".

(رومية7: 24) لكنه قال: لست أعرف ما أنا أفعله، اذ لست أعرف ما أريده. بل الذي أبغضه هو الذي أفعل. بل الخطيئة الساكنة فيّ. فإني أعلم أنه ليس ساكن في جسدي شيء صالح.

وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده. بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل.

اذن : أجد الناموس لي، حينما أريد أن أفعل الحسنى: أن الشر حاضر عندي. فإني أسرّ بناموس الله بحسب الانسان الباطن.

ولكني أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني الى ناموس الخطية الكائن في أعضائي:

وَيْحي: أنا الانسان الشقي: من ينقذني من جسد هذا الموت() .



روايات اسطورية

حوار بين الاشجار على حق الرئاسة

(قضاة9: 8) مرة: ذهبت الاشجار لتمسح() .

فقالت الزيتونة املكي علينا.

فقالت لها الزيتونة: أأترك دُهني الذي به يكرّمون بي الله والناس: وأذهب لكي أملك على الأشجار؟

ثم قالت الاشجار للتينة: تعالي أنتِ واملكي علينا.

فقالت لها التينة: أأترك حلاوتي وثمري الطيب وأذهب لكي أملك على الأشجار؟

فقالت الأشجار للكرمة: تعالي أنتِ واملكي علينا.

فقالت لها الكرمة: أأترك مسطاري() الذي يُفَرّح الله() والناس وأذهب لكي أملك على الأشجار؟

ثم قالت جميع الأشجار للعوسج() : تعال أنت واملك علينا.

فقال العوسج للاشجار: إن كنتم بالحق تمسحونني عليكم ملكاً فتعالوا واحتموا تحت ظلي وإلا فتخرج نار من العوسج وتأكل أرز لبنان !!

حوار بين بلعام وحماره

(عدد22: 28) ففتح الرب فم الإتان (الحمارة) فقالت لبلعام:

ماذا صنعت بك حتى ضربتني الآن ثلاث دفعات؟

فقال: لأنك ازدريتِ بي. لو كان في يدي سيف لكنت الآن قتلتك.

فقالت الاتان لبلعام: ألست أنا إتانك التي ركبت عليها منذ وجودك الى هذا اليوم.

عجائب ما روى يوحنا

(رؤيا4: 5) ورأيت أمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله ... وفي وسط العرش وحول العرش أربعة حيوانات مملوءة عيوناً من قدام ومن وراء.

والحيوان الأول شبه أسد.

والحيوان الثاني شبه عجل.

والحيوان الثالث له وجه مثل وجه انسان.

والحيوان الرابع شبه طائر.

(رؤيا5: 6) ورأيت فاذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف() قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبعة أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة الى كل الأرض...

وخرّت الحيوانات والأربعون شيخاً أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات. ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش. والحيوانات والشيوخ قائلين بصوت عظيم:

مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والمجد والبركة.

وكل خليقة مما في السماء وعلىالأرض ... سمعتها قائلة: للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان الى أبد الآبدين. وكانت الحيوانات الأربعة تقول : آمين.

(رؤيا7: 9) وبعد هذا نظرت واذا جمع كبير ... واقفون أمام العرش وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض وفي أيديهم سعف النخل.وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين:

الخلاص لألهنا الجالس على العرش وللخروف.

وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والشيوخ والحيوانات الأربعة.

وخرّوا أمام العرش على وجوههم وسجدوا لله قائلين: آمين. البركة والمجد والحكمة والقدرة والقوة لالهنا الى أبد الآبدين. آمين لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم.

(رؤيا12: 3) وظهرت آية عظيمة في السماء: امرأة متسربلة بالشمس. والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من اثني عشر كوكبا وهي حبلى متمخضة ومتوجعة تصرخ لتلد.

وظهرت آية أخرى في السماء.

هوذا تنين عظيم أحمر:

له سبعة رؤوس وعشرة قرون! وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه يجر ثلث السماء فطرحها الى الأرض والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت ... ثم اختطف ولدها الى الله والى عرشه. وحدثت حرب في السماء :

ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وحارب التنين وملائكته ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء.فطرح التنين الحية القديمة المدعو ابليس والشيطان الذي يضل العالم كله طُرح الى الأرض وطُرحَت معه ملائكته.

(رؤيا12: 12) ولما رأى التنين أنه طُرح الى الأرض: اضطهد المرأة فأعطيَتِ المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير الى البرية. فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماء كنهر لتجعلها تُحمل بالنهر. فأعانت الآرض المرأة وفتحت الأرض فمها وابتلعت النهر الذي ألقاه التنين من فمه.

(رؤيا17: 14) وهؤلاء يحاربون الخروف والخروف يغلبهم أنه رب الأرباب وملك الملوك.

(رؤيا 19: 7) لنفرح ونتهلل ونعطه المجد لأن عُرس الخروف قد جاء.

وامرأته() قد هيأت نفسها.

طوبى للمدعوين الى عشاء عرس الخروف.

(رؤيا21: 9) ثم جاء الي واحد من السبعة الملائكة وتكلم معي قائلا: هلم فأريك العروس امرأة الخروف... والمدينة لا تحتاج الى الشمس ولا الى القمر لأن مجد الله قد أنارها، والخروف سراجها.
??تناقضات أخرى

(1كورنث15: 5) ان المسيح ظهر بعد قيامته للإثني عشر تلميذا.

(متى28: 16) أن المسيح ظهر بعد قيامته للأحد عشر تلميذا()

______________________

(متى19: 28) الحق أقول لكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد : متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده: تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط اسرائيل الاثني عشر.

(يوحنا6: 70) أليس اني اخترتكم الإثني عشر: وواحد منكم شيطان.

______________________

(يوحنا8: 14) ان كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق.

(يوحنا5: 31 ) ان كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقا.

______________________

(يوحنا8: 29) وأنا لست وحدي لأن الأب معي... ولن يتركني وحدي.

(متى27: 46) ايلي ايلي لِمَ شبقتني. أي الهي الهي: لماذا تركتني.

______________________

(لوقا5: 1) قصة صيد السمك كانت في بداية رسالة المسيح.

(يوحنا21: 1) قصة صيد السمك كانت بعد قيامة المسيح من الأموات.

______________________

(متى21: 21) قصة تطهير الصيارفة من الهيكل كانت قبل مروره بشجرة التين التي وجدها جافة فلعنها ومنعها من استخراج ثمرها.

(مرقس11: 12) قصة تطهير الهيكل كانت بعد مروره بشجرة التين.

______________________

(2صمو24: 1) فحمي غضب الرب على اسرائيل فأهاج عليهم داود قائلا: امض وأحص اسرائيل .

(1أخبار21:1) ووقف الشيطان ضد اسرائيل وأغوى داود ليحصي اسرائيل.

______________________

(2صمو10: 18) وأهلك داود من الآراميين سبعمائة مركبة .

(1أخبار19: 18) وأهلك داود من الآراميين سبعة آلاف مركبة.

______________________

(أعمال9: 3) سمعوا الصوت لكنهم لم ينظروا النور.

(أعمال22: 9) نظروا النور لكنهم لم يسمعوا الصوت()



تناقضات متعلقة بحادث الصلب

(مرقس15: 25) وكانت الساعة الثالثة فصلبوه.

(يوحنا19: 14) وكان نحو الساعة السادسة (ولم يصلب بعد).

______________________

(متى27: 32) وأمروا سمعان أن يحمل صليب المسيح.

(يوحنا19: 17) فخرج يسوع وهو يحمل صليبه.

______________________

(مرقس15: 23) وأعطوه خمرا ممزوجة بمرٍ ليشرب فلم يقبل.

(متى27: 34) وأعطوه خلا ممزوجا بمرارة ليشرب فذاقه.

(يوحنا19: 29) وكان إناء موضوعا مملوءا خلا.

______________________

(يوحنا19: 30) فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل.

(يوحنا17: 4) العمل الذي أعطيتني قد أكملته.

______________________

(مرقس: 21) أنهم وضعوه على الصليب.

(1بطرس2: 24) أنهم وضعوه على خشبة (حمل خطايانا في جسده على الشجرة).

(غلاطية13: 3) المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب: ملعون كل من عُلّق على شجرة.

______________________

(متى27: 44) وكان اللصان اللذان معه يعيرانه (مرقس32:15).

(لوقا23: 39) وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا: ان كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا. فأجاب الآخر وانتهره قائلا: ألا تخاف الله؟ ثم قال هذا الآخر ليسوع: أذكرني يا رب متى جئت الى ملكوتك. فقال له يسوع: الحق أقول لك. انك اليوم تكون معي في الفردوس.

______________________

(متى27: 5) أن يهوذا مضى وخنق نفسه.

(أعمال1: 18) أن يهوذا سقط على الأرض وانسكبت أحشاؤه.

______________________

عند زيارة القبر

(يوحنا 20: 1) مريم المجدلية فقط زارت القبر.

(متى28: 1) مريم المجدلية ومريم أخرى هي: أم يعقوب.

(لوقا24: 10) مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويونا.

(مرقس16: 8) مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة.

______________________

(لوقا24: 9) مريم المجدلية ويونا عادا من القبر وأخبرتا الأحد عشر بكل ما رأتاه.

(مرقس16: 8) مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة خرجن سريعا وهربن من القبر ولم يقلن لأحد شيئا لأنهن كن خائفات.

______________________

(متى28: 1) زيارة القبر كانت عند فجر السبت من أول الأسبوع.

(لوقا24: 1) " " " " "

(يوحنا20: 1) كانت زيارة القبر كانت في أول أيام الأسبوع ولم يزل الظلام مخيما

______________________

(يوحنا20: 12) (امرأة واحدة) رأت عند القبر ملاكين.

(متى28: 2) امرأتان رأتا عند القبر ملاكا واحدا.

(لوقا24: 3) ثلاثة نساء رأين رجلين واقفين.

(مرقس 16: 5) نساء ثلاث رأين عند القبر شابا واحدا فقط.

masry يقول...

(((((((((((((((((((((((((((مرحلة إعتقاد النصارى ألوهية الروح القدس)))))))))))))))))))


تقررت عقيدة ألوهية الروح القدس عند النصارى في الاجتماع الذي عقد لهذا الغرض ، في القسطنطينية سنة 381م ، وأصبحت هذه الإضافة الجديدة التي لم تكن في قانون الإيمان الصادر عن مجمع نيقية سنة 325م ، من أصول الإيمان في عقيدتهم ، وبه اكتملت الأقانيم الثلاثة المكونة من الآب والابن والروح القدس ، وأصبحت عقيدة التثليث دين النصرانية حسب قانون إيمانهم المقدس ، واعتبره النصارى : (( هو القانون المعبر عن الإيمان المسيحي الحقيقي ، وبناء على ذلك فمن يخالف تعاليم هذا القانون يخالف الإيمان المسيحي ويجب حرمانه )) .

يقول زكي شنودة : (( وقد أجمع المسيحيون فيما عقدوه إبان القرن الرابع من مجامع عالمية ـ أو مسكونية كما اعتادوا أن يسموها ـ على وضع قانون للإيمان يتضمن المعتقد الصحيح لكل المسيحيين ، ويقطع السبيل على كل من يحاول تغيير أمر أو تفسير أمر على غير مقتضى هذا القانون ، وقد درج المسيحيون جميعاً منذ وضع هذا القانون في القرن الرابع الميلادي إلى اليوم على التمسك به وتلاوتة أثناء الصلاة في كل كنائس العالم دون استثناء)) .

ثم تحدث عن اعتقاد ألوهية الروح القدس فقال : (( هو الأقنوم الثالث من اللاهوت الأقدس ، وهو مساوٍ للآب والابن في الذات والجوهر والطبع وكل فضل اللاهوت ، وهو روح الله ، وحياة الكون ومصدر الحكمة والبركة ، ومنبع النظام والقوة ، ولذلك فهو يستـحق العبـادة الإلهية ، والمحبة والإكرام والثـقة مع الآب والابـن )) .

ويقول القس يسي منصور : (( إن الروح القدس هو الله الأزلي ، فهو الكائن منذ البدء قبل الخليقة ، وهو الخالق لكل شيء ، والقادر على كل شـيء ، والحاضر في كل مكان ، وهو السرمدي غير المحدود )) , ويقـول في موضع آخـر : (( إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت ، وهو ليس مجرد تأثير أو صفة أو قوة ، بل هو ذات حقيقي ، وشخص حي ، وأقنوم متميز ولكنه غير منفصل ، وهو وحدة أقنومية غير أقنوم الآب وغـير أقنوم الابن ، ومسـاوٍ لهما في السـلطان والمقـام ، ومشترك وإياهما في جوهر واحد ولاهوت واحد )) .

فالأقانيم الثلاثة ـ على زعمهم ـ هي : الذات والنطق والحياة ، فالذات هو الآب ، والنطق أو الكلمة هو الابن ، والحياة هي الله روح القدس ، ومعنى ذلك في عقيدتهم : أن الذات والد النطق أو الكلمة ، والكلمة مولودة من الذات ، والحياة منبعثة من الذات حسـب اعتقاد الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية ، أو منبعثة من الذات والكلمة حسـب اعتقاد الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية .

ويزعم النصارى أن دليلهم على اعتقاد ألوهية الروح القـدس مستمدة من كتابهم المقدس، وأن كل النصوص التي ورد فيها ذكر الروح القـدس دليـلاً على ألوهيتـه ، وقد سـبق ذكر بعض هذه النصوص ومناقشتها في شواهد سابقة ، وسيأتي ذكر بعضها ومناقشتها في شواهد لاحقة ، إن شاء الله

ولكن الناظر والمدقق في منطوق هذه النصوص ومفهومها يلاحظ أنه لا يوجد فيها ما يؤيد معتقدهم ، فقد ضلوا في الوصول إلى الحق المراد منها ، فكان ذلك سبب ضلالهم ، لأنهم اعتمدوا على الألفاظ المتشابهة المنقولة عن الأنبياء ، وعدلوا عن الألفاظ الصريحة المحكمة وتمسكوا بها ، وهم كلما سمعوا لفظاً لهم فيه شبهة تمسكوا به وحملوه على مذهبهم ، وإن لم يكن دليلاً على ذلك ، والألفاظ الصريحة المخالفة لذلك ، إما أن يفوضوها ، وإما أن يتأولوها ـ كما يصنع أهل الضلال ـ يتبعون المتشابه مـن الأدلة العقـلية والسمعية ، ويعـدلون عن المحـكم الصريح من القسـمين .

وسنذكر بعض الأمثلة عن تأويلهم قضايا عقدية أخرى غير قضية الروح القدس ، تبين منهجهم في التأويل وصرف المعنى عن دلالته الصريحة الواضحة ، إلى تأويلات باطلة ، ولكنها حسب منهجهم صحيحة طالما أنها تؤدي إلى مطلوبهم كما يعتقدون ، ومن هذه الأمثلة على تأويلهم لنصوص كتابهم المقدس ، ما يأتي :



المطلب الأول : تأويل نصوص التوراة :

يزعم القس بوطر في رسالة صغيرة ، سماها الأصول والفروع ، ان الله عز وجل ـ بعد أن خلق الإنسان ـ لبث حيناً من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بالوحدانية لله من خلال التوراة ، ويزعم أن المدقق فيها يرى إشارات وراء الوحدانية ، يعني ـ على زعمه ـ أنها تدل على عقيدتهم في التثليث ـ الأب والابن والروح القدس ـ وغير ذلك من المعتقدات التي تأولوا نصوص التوراة للتدليل عليها.

يقول القس بوطر: (( بعدما خلق الله العالم ، وتوج خليقته بالإنسان ، لبث حيناً من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بوحدانيته ، كما يتبين ذلك من التوراة ، على أنه لا يزال المدقق يرى بين سطورها إشارات وراء الوحدانية ، لأنك إذا قرأت فيها بإمعان تجد هذه العبارات : (( كلمة الله أو حكمة الله ، أو روح القدس )) ولم يعلم من نزلت إليهم التوراة ما تكنه هذه الكلمات من المعاني ، لأنه لم يكن قد أتى الوقت المعين الذي قصد الله فيه إيضاحها على وجه الكمال والتفصيل ، ومع ذلك فمن يقرأ التوراة في ضوء الإنجيل يقف على المعنى المراد ، إذ يجدها تشير إلى أقانيم في اللاهوت ، ثم لما جاء المسيح إلى العالم أرانا بتعاليمه وأعماله المدونة في الإنجيل أن له نسبة سرية أزلية إلى الله ، تفوق الإدراك ، ونراه مسمى في أسفار اليهود : (( كلمة الله )) وهي ذات العبارة المعلنة في التوراة ، ثم لما صعد إلى السماء أرسل روحاً ، ليسكن بين المؤمنين ، وقد تبين أن لهذا الروح أيضاً نسبة أزلية إلى الله فائقة ، كما للابن ، ويسمى الروح القدس ، وهو ذات العبارة المعلنة في التوراة كما ذكرنا ، ومما تقدم نعلم بجلاء أن المسمى بكلمة الله ، والمسمى بروح الله في نصوص التوراة هما المسيح والروح القدس المذكوران في الإنجيل ، فما لمحت إليه التوراة صرح به الإنجيل كل التصريح ، وإن وحدة الجوهر لا يناقضها تعدد الأقانيم ، وكل من أنار الله ذهنه وفتح قلبه لفهم الكتاب المقدس لا يقدر أن يفسر الكلمة بمجرد أمر من الله أو قول مفرد ، ولا يفسر الروح بالقوة التأثيرية ، بل لابد له أن يعلم أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم متساوين في الكلمات الإلهية ، وممتازين في الاسم والعمل ، والكلمة والروح القدس إثنان منهم ، ويدعى الأقنوم الأول الآب ، ويظهر من هذه التسمية أنه مصدر كل الأشياء ومرجعها ، وأن نسبته للكلمة ليست صورية بل شخصية حقيقية ، ويمثل للأفهام محبته الفائقة ، وحكمته الرائعة ، ويدعى الأقنوم الثاني الكلمة ، لأنه يعلن مشيئته بعبارة وافية ، وأنه وسيط المخابرة بين الله والناس ، ويدعى أيضاً الابن ، لأنه يمثل العقل نسبة المحبة ، والوحدة بينه وبين أبيه ، وطاعته الكاملة لمشيئته ، والتمييز بين نسبته هو إلى أبيه ، ونسبة كل الأشياء إليه ، ويدعى الأقنوم الثالث الروح القدس ، الدلالة على النسبة بينه وبين الآب والابن ، وعلى عمله في تنوير أرواح البشر ، وحثهم على طاعته ... وبناء على ما تقدم يظهر جلياً أن عبارة الابن لا تشير كما فهم بعضهم خطأ إلى ولادة بشرية ، ولكنها تصف سرية فائقة بين أقنوم وآخر في اللاهوت الواحد ، وإذا أراد الله أن يفهمنا تلك النسبة لم تكن عبارة أنسب من الابن للدلالة على المحبة والوحدة في الذات )).

يقول الشيخ محمد أبو زهرة ـ رحمه الله ـ ونجد كاتب هذا الكلام يحاول ثلاث محاولات :

أولاها : إثبات أن التوراة وجد فيها أصل التثليث ، لوحت به ولم تصرح ، أشارت إليه ، ولم توضح.

وثانيها : أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم ، وهي في شعبها متغايرة وإن كانت في جوهرها غير متغايرة.

وثالثها : أن العلاقة بين الآب والابن ليست ولادة بشرية ، بل هي علاقة المحبة والاتحاد في الجوهر.

ومن الأمثلة على تحريف نصوص التوراة قول القس يسي منصور: (( إذا قالت التوراة : (( وقال الله نصنع الإنسان على صورتنا كشبهنا )) ، كان ضمير الجمع (نا) الذي تحدث به الله عن نفسه ، فإن الله لم يتكلم بصيغة الجمع إلا باعتباره ثلاثة في واحد )) .

وإذا قالت التوراة : (( فقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا ، عارفاً الخير والشر )) ، كان المتكلم هو الله ممثلاً في أقانيمه الثلاثة وإذا قالت التوراة : (( منذ وجوده أنا هناك .. ولأن السيد الرب أرسلني وروحه )) ، فمفهوم هذا أن ضمير ( نا) يشير إلى الابن ، و (( السيد الرب )) يشير إلى الأب ، (( وروحه)) هو روح القدس.

وإذا قالت التوراة على لـسان موسى مخاطباً الأسباط الإثنى عشر ، معلناً فيهم وصايا الله لهم : (( وهكذا تباركون إسرائيل قائلين لهم : يباركك الرب ويحرسك ، يضئ الرب بوجهه عليك ويرحمك ، يرفع الرب بوجهه عليك ويمنحك سلاماً ، فيجعلون اسمي على بني إسرائيل وأنا أباركهم )) ، كان تأويل هذا هكذا : (( الله الأب يظهر محبته ويحرسهم ، وربنا يسوع المسيح يظهر نعمته ويرحمهم ، والروح القدس يظهر شركته ويمنحهم سلاماً )) ، وهذا التأويل ـ لا شك أنه ـ من الضلال عن الحق ، إذ ليس في تلك النصوص التي استشهد بها ما يشير إلى الأقانيم الثلاثة ـ حسب زعمهم ـ بل إن جميع أسفار العهد القديم لا يوجد فيها ما يؤيد معتقدهم في التثليث ، بدليل اعترافهم أنفسهم بذلك ، إذ يقول أحدهم : (( إن التعليم عن الروح القدس كأقنوم إلهي في الثالوث القدوس لم يرد في العهد القديم بشكل واضح ، شأنه شأن التعليم عن الثالوث الإلهي نفسه ، ولكن الروح القدس ذكر في العهد القديم في عدة مواضع )) ، وهذا يعني أن تأويلهم للنصوص بما يوافق معتقدهم من الظن والقول بغير علم ، والدليل إذا دخله الاحتمال بطل به الاستدلال .

ومن تأويلهم للنصوص زعمهم أن ما تحدثت به التوراة عن (( ملاك الرب )) المقصود به الرب ذاته ، يقول عوض سمعان : إن كلمة ملاك أو ملاك الرب وردت في الكتاب المقدس مراد بها اسم الرب أو الله ، فقد قال زكريا النبي :

(( مثل الله مثل ملاك الرب )) ، وقال الوحي عن يعقوب : (( جاهد مع الله، جاهد مع الملاك )) ، وقال يعقوب عندما رأى ولدي يوسف : (( الله الذي رعاني ، الملاك الذي خلصني ، يبارك الغلامين )) ، ثم يعلق عوض سمعان على هذه النصوص بقوله : إن كلمة ( ملاك ) ليست في الأصل اسماً للمخلوق الذي يعرف بها ، بل إنها اسم للمهمة التي يقوم بها ، وهذه المهمة هي تبليغ الرسائل ، فالاصطلاح (ملاك الرب ) معناه حسب الأصل : (( المبلغ لرسائل الرب )) ولما كان الرب هو خير من يقوم بتبليغ رسائله ؛ لأن كل ما عداه محدود ، والمحدود لا يستطيع أن يعلن إعلاناً كاملاً ذات أو مقاصد غير المحدود ، لذلك يحق أن يسمى الرب من جهة ظهوره لتبليغ رسائله ( ملاك الرب ) بمعنى المعلن لمقاصده أو المعلن لذاته ، وبالحري بمعنى (( ذاته معلناً أو متجلياً )) لأنه لا يعلن ذات الله سوى الله .

هذا التأويل الباطل الذي جاء به النصارى لنصوص التوراة بعد أكثر من ألفي سنة من نزولها على موسى عليه السلام ، وعلى الأنبياء من بعده ، لم يكن هذا التأويل معروفاً عند من نزلت عليهم ، بل كانوا على علم أن الذي يأتيهم بالوحي ويتحدث إليهم هم ملائكة الله ، وليس الله ذاته ، وكذلك لم يكن هذا التأويل معروفاً عند اليهود وهم أهل التوراة الذين لم يفهموا منها سوى ما بلغهم به أنبياؤهم ، بدليل ماسبق ذكره عند الحـديث عن حقيـقة الروح القـدس عند اليهود في المطلب الأول من المبحـث الأول .

وكذلك أناجيل النصارى التي تحدثت عن وجود الملائكة ، وعددهم ووظائفهم ، ورسالتهم ، لم يأت فيها ذكر أنهم هم ذات الله ، يقول المسيح عليه السلام : (( لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء )) ، ويقول أيضاً : (( أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثنى عشر جيشاً من الملائكة )) ، وجاء في الإنجيل : (( وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين ، المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة )) . ونصوص أخرى ذكرت أن ملاك الله بشر زكريا بميلاد يوحنا ( يحيى عليه السلام ) ، وبشر مريم بميلاد المسيح ـ عليه السلام ـ ، وعن السبعة من الملائكة ووظائفهم ، وغير ذلك من النصوص ، التي تدل على أن المـلائكة خلق من خلق الله ، وأنـهم رسـله إلى من يشاء مـن خـلقه .

وحسب تأويلهم للنصوص ، يمكن القول إن تأويل المراد من الملائكة في هذه النصوص الآنفة الذكر هم ذات الله أيضاً ، وإذا كان كذلك فهذا يدل على أنهم لا يفرقون بين الله وملائكتة ، ولا بين الخالق والمخلوق .



المطلب الثاني : تأويل نصوص الإنجيل :

ومن أمثلة تأويل نصوص الإنجيل ، ما جاء في خاتمة إنجيل متى : (( فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس )) ، فزعموا أن تأويل المراد من هذا النص أنه يشير إلى الأقانيم الثلاثة ، وأن كل أقنـوم منها إلهٌ بـذاته .

لكن تأويلهم هذا من التأويل الباطل الذي ضلوا فيه عن الحق ، إذ مراد المسيح ـ على فرض صحته عنه ـ خلاف المراد الذي يعتقده النصارى ، وللعلماء في تأويل المراد من هذا النص عدة احتمالات : فإما أن يكون مراد المسيح

ـ كما يقول الإمام ابن تيمية ـ أي : (( مروا الناس أن يؤمنوا بالله ونبيه الذي أرسله ، وبالملك الذي أنزل عليه الوحي الذي جاء به ، فيكون ذلك أمراً لهم بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وهذا هو الحق الذي يدل عليه صريح المعقول وصحيح المنقول ))

وإما أن يكون مراد المسيح ـ كما يقول المهتدي نصر بن يحيى المتطبب ـ : (( إن كان صحيحا ً، فيحتمل أن يكون قد ذهب فيه بجميع هذه الألفاظ : أن يجتمع له بركة الله ، وبركة نبيه المسيح ، وبركة روح القدس ، التي يؤيد بها الأنبياء والرسل ، وأنتم إذا دعا أحدكم للآخر قال له : صلاة فلان القدس تكون معك ، وإذا كان أحدكم عند أحد الآباء مثل جاثليق ومطران أو أسقف ، وأراد أن يدعو له ، يقول له : صلي علي ، ومعنى الصلاة : الدعاء ، واسم فلان النبي أو فلان الصالح الذي هو يعينك على أمورك ، ويجوز أن يكون المسيح ذهب فيه إلى ما هو أعلم به ، فكيف حكمتم بأنه ذهب إلى هذه الأسماء لما أضافها إلى الله تعالى ، صارت إلهية ، وجعلتم له أسماء ، وهي : الأقانيم الثلاثة ، وقد عبرتم في لغتكم أن الأقنوم : الشخص ، فكيف استخرجتم ما أشركتموه بالباري تعالى ذكره عما تصفون بالتأويل الذي لا يصح )) .

وإما أن يكون مراد المسيح ـ كما يقول الإمام القرطبي ـ أي :
(( عمدوهم على تركهم هذا القول ، كما يقول القائل : كل على اسم الله ، وامش على اسم الله ، أي على بركة اسم الله ، ولم يعين الآب والابن من هما ؟ ولا المعنى المراد بهـما ؟ فلعله أراد بالآب هنا : الملك الذي نفخ في مريم أمه الروح ، إذ نفخه سبب علوق أمه وحبلها به ، وأراد بالابن : نفسه ، إذ خلقه الله تعالى من نفخة الملك ، فالنفخة له بمثابة النطفة في حق غيره ، ثم لا يبعد أيضاً في التأويل ـ إن صح عن عيسى عليه السلام أنه كان يطلق على الله لفظ الأب ـ أن يكون مراده به : أنه ذو حفظ له ، وذو رحمة وحنان عليه ، وعلى عباده الصالحين ، فهو لهم بمنزلة الأب الشفيق الرحيم ، وهم له في القيام بحقوقه وعبادته بمنزلة الولد البار ، ويحتمل أن يكون تجوز بإطلاق هذا اللفظ على الله تعالى ، لأنه معـلمه وهـاديه ومرشده ، كما يقال : المعلم أبو المتعلم ، ومن هذا قوله تعالى في كتابنا : (( ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل )) ، على أحد تأويلاته ، ومن هـذين التأويلين : يصح حل ما وقع في أناجيـلهم من هذا اللفـظ ، بل هـذان التأويلان ظاهران وسائغان فيـها )) .

ثم ذكر القرطبي شواهد من أناجيلهم ، تدل على أن التأويل الذي ذهب إليه ، هو الحق في بيان مراد المسيح من قوله لحوارييه عمدوا الناس باسم الآب والابن والروح القدس .

ومن الشواهد من أناجيلهم التي ترد تأويلهم الباطل وتبطله ، ما يأتي :

أولاً : إن ذكر الأب في الأناجيل معناه الله سبحانه وتعالى ، يقول المسيح ـ عليه السلام ـ في إحدى وصاياه لتلاميذه: (( أحبوا أعداءكم، وباركوا لاعنيكم ، وأحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات )) ، ويقول المسيح أيضاً : (( احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم ، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات )) ، وغير ذلك الكثير من النصوص التي تشير إلى أن الله عز وجل يطلق عليه لفظ الأبوة . وليس في هذا معنى الأبوة التناسلية أو المفهوم الذي يفهم منه أنه إذا أطلق على الله لفظ الأب أن يكون له ولد ، تعالى الله عن ذلك .

ثانياً : أن كلمة الابن وردت في عدة نصوص من الأناجيل مضافة إلى الله وبدون إضافة ، ومن هذه النصوص ، أن إبليس يقول للمسيح : (( إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً )) ، وأنه قال له مرة أخرى : (( إن كنت ابن لله فاطرح نفسك إلى الأسفل )) ، وفي الإنجيل أن المسيح سأل تلاميذه مرة قـائلاً : (( من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان ؟ فقالوا : قوم يوحنا المعمدان وآخرون ، إيليا وآخرون ، أرميا أو أحد من الأنبياء ، قال لهم : وأنتم من تقولون إني أنا ؟ فأجاب سمعان بطرس : أنت هو المسيح ابن الله الحي )) ، وهناك الكثير من النصوص الإنجيلية التي تنسب المسيح أنه ابناً لله ، ولكن هناك نصوص أخرى تبين أن هذه النسبة ليست خاصة بالمسيح ، بل تلاميذ المسيح وكل المؤمنين هم أبناء الله ، وهذا يدل على أن لفظة الابن في الأناجيل المراد بها رعاية الله وعنايته ، وقربه من الناس ، وحفظه ورحمته لهم ، وليست صلة قرابة جسدية ، ومن هذه النصوص قول المسيح : (( وصلوا للذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات )) ، وأمرهم عليه السلام أن يقولوا في صلاتهم : (( أبانا الذي في السموات )) ، وغير ذلك من النصوص .

والمراد من هذه النصوص التي تطلق على المسيح ـ عليه السلام ـ وعلى تلاميذه وعلى المؤمنين أنهم أبناء الله ـ على فرض صحتها ـ المراد منها المجاز وليس الحقيقة .

ونظير هذا ما أخبر الله عز وجل في القرآن الكريم ، أن اليهود والنصارى قالوا : (( نحن أبناء الله وأحباؤه )) ، (( أي نحن منتسبون إلى أنبيائه وهم بنوه ، وله بهم عناية ، وهو يحبنا ، ونقلوا عن كتابهم أن الله قال لعبده إسرائيل : أنت ابني بكري ، فحملوا هذا على غير تأويله وحرفوه ، وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلم من عقلائهم وقالوا : هذا يطلق عندهم على التشريف والإكرام ، كما نقل النصارى عن كتابهم أن عيسى قال لهم : إني ذاهب إلى أبي وأبيكم ، يعني ربي وربكم ، ومعلوم أنهم لم يدعو لأنفسهم من البنوة ما ادعوها في عيسى ـ عليه السلام ـ وإنما أرادوا من ذلك معزتهم لديه ، وحضوتهم عنده ، ولهذا قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، قال الله تعالى رداً عليهم : (( قل فلم يعذبكم بذنوبكم )) ، أي لو كـنتم كما تدعون أبنـاء الله وأحـباؤه ، فلم أعـد لكم نار جـهنم على كـفركم وكذبكم وافترائكم ؟ )) .

ثالثاً : أما الروح القدس فإن النصارى يتأولون اعتقاد ألوهيته من عدة نصوص من العهـد الجديد ، ففي الإنجيـل عن الحمل بعيسى ـ عليه السلام ـ أن أم المسـيح : (( وجدت حبلى من الروح القدس )) ، وفي الإنجيل أيضاً ، أن مريم : (( حبل به فيها من الروح القدس )) ، وفي الإنجيل أيضاً أن السيح قال لتلاميذه : (( فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا ، بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا ، لأن لسـتم أنتم المتكلمين بل الروح القـدس )) ، وفي أعمل الرسل قول بطرس لحنانيا: (( يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتـكذب على الروح القـدس ، أنـت لم تكذب على النـاس بل على الله )) .

كما يتأول النصارى اعتقاد ألوهية الروح القدس من أقوال من يسمونه بولس الرسول ، الذي نسب إلى الروح القدس مايمكن أن ينسب إلى ذات الله وصفاته وأعماله وعبادته ، كما ذكر ذلك قاموس الكتاب المقدس ، مستدلاً بأقوال بولس الرسول التي وردت في هذا المقام ، إذ يقول : (( أما تعلمون أن هيكل الله وروح الله يسكن فيكم )) ، وقوله : (( إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائته أيضاً بروحه الساكن فيكم )) ، وغير ذلك من النصوص التي يستشهدون فيها على أن الروح القدس هو الأقنوم الثالث من لاهوتهم المقدس ، وأنه ـ على زعمهم ـ مساوٍ للأب والابن في الذات والجوهر ، وغير ذلك من الصفات التي يزعمون أنها أدلة على إثبات ألوهيته واستحقاقه للعبادة الإلهية ، تعالى الله عن قولهم .

لكن اعتقادهم ألوهية الروح القدس باطل ومردود ، ودليل ذلك مايأتي :

1 ـ أن نصوص العهد القديم والعهد الجديد التي ورد فيها ذكر الروح مضافاً إلى الله وإلى القدس وبدون إضافة ، جاءت بمعنى الوحي بالإلهام ، وبمعنى الثبات والنصرة التي يؤيد الله بها من يشاء من عباده المؤمنين ، وبمعنى ملاك الله جبريل ـ عليه السلام ـ وبمعنى المسيح ـ عليه السلام ـ كما سبق ذكر الشواهد على ذلك عند الحديث عن حقيقة الروح في المبحث الأول .

كذلك فإن حقيقة الروح حسب تعبير النصارى أنه : (( الناطق في الأنبياء ، الناطق في الناموس والمعلم بالأنبياء ، الذي نزل إلى الأردن ونطق بالرسل ، وأنه الروح القدس روح الله )) فكل هذه المعاني تدل على أن حقيقة الروح القدس لاتدل على مرادهم باعتقاد ألوهيته ، إذ لو كان إلهًا ، لكان كذلك منذ أن خلق الله تعالى الخلق حتى قيام الساعة ، لكن ذلك لم يكن .

2 ـ أن عقيدة ألوهية الروح القدس لم تكن معروفة في عصر المسيح ـ عليه السلام ـ ولا في عصر حوارييه ، ولا في القرون الثلاثة بعد رفع المسيح ، بدليل أنهم في قانون إيمانهم المقدس سنة 325م قالوا : (( ونؤمن بالروح القدس )) ، دون أن يذكروا اعتقادهم ألوهيته ، وبعد أكثر من نصف قرن حينما اجتمعوا في القسطنطينية سنة 381م ، صدر عنهم قانون آخر أضافوا فيه اعتقادهم ألوهية الروح القدس ، فقالوا : (( ونؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب ، الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجد ، الناطق في الأنبياء )) أي أن اعتقادهم ألوهية الروح القدس جاء بعد أكثر من ثلاثة قرون من رفع المســيح ، إضافة إلى أن قولهم هذا متناقض وباطل عقلاً ونقلاً ، يقول الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : (( قلتم في أقنوم روح القدس الذي جعلتموه الرب المحيي أنه منبثق من الآب مسجود ممجد ، ناطق في الأنبياء ، فإن كان المنبثق رباً حياً ، فهذا إثبات إله ثالث ، وقد جعلتم الذات الحية منبثقة من الذات المجردة ، وفي كل منهما من الكفر والتناقض ما لا يخفى ، ثم جعلتم هذا الثالث مسجود له ، والمسجود له هو الإله المعبود ، وهذا تصريح بالسجود لإله ثالث مع ما فيه من التناقض ، ثم جعلتموه ناطقاً بالأنبياء ، وهذا تصريح بحلول هذا الأقنوم الثالث بجميع الأنبياء ، فيلزمكم أن تجعلوا كل نبي مركبًا من لاهوت وناسوت ، وأنه إله تام وإنسان تام ، كما قلتم في المسيح ، إذ لا فرق بين حلول الكلمة ، وحلول روح القدس ، كلاهما أقنوم ، وأيضاً فيمتنع حلول إحدى الصفتين دون الأخرى ، وحلول الصفة دون الذات ، فيلزم الإله الحي الناطق بأقانيمه الثلاثة حالاً في كل نبي ، ويكون كل نبي هو رب العالمين ، ويقال مع ذلك هو ابنه ، وفي هذا من الكفر الكبير والتناقض العظيم ما لا يخفى ، وهذا لازم للنصارى لزوماً لا محيد عنه ، فإن ما ثبت لنظيره ، ولا يجوز التفريق بين المتماثلين ، وليس لهم أن يقولوا : الحلول أو الاتحاد في المسيح ثبت بالنص ، ولا نص في غيره لوجوه : أحدها : أن النصوص لم تدل على شيء من ذلك )) .

الثاني : أن في غير المسيح من النصوص ما شابه النصوص الواردة فيه كلفظ الابن ، ولفظ حلول روح القدس فيه ، ونحو ذلك . الثالث : أن الدليل لا ينعكس فلا يلزم من عدم الدليل المعين عدم المدلول ، وليس كل ما علمه الله وأكرم به أنبياءه أعلم به الخلق بنص صريح ، بل من جملة الدلالات دلالة الالتزام ، وإذ ثبت الحلول والاتحاد في أحد النبيين لمعنى مشترك بينه وبين النبي الآخر وجب التسوية بين المتماثلين ، كما إذ ثبت أن النبي يجب تصديقه ، لأنه نبي ، ويكفر من كذبه لأنه نبي ، فيلزم من ذلك تصديق كل نبي وتكفير من كذبه. الرابع : هب أنه لا دليل على ثبوت ذلك في الغير ، فيلزم تجويز ذلك في الغير إذ لا دليل على إنتفائه ، كما يقولون : إن ذلك كان ثابتاً في المسيح قبل إظهاره الآيات على قولهم ، وحينئذٍ فيلزمهم أن يجوزوا في كل نبي أن يكون الله قد جعله إلهاً تاماً وإنساناً تاماً كالمسيح وإن لم يعلم ذلك . الخامس : لو لم يقع ذلك ، لكنه جائز عندهم ، إذ لا فرق في قدرة الله بين اتحاده بالمسيح واتحاده بسائر الآدميين ، فيلزمهم تجويز أن يجعل الله كل إنسان إلهاً تاماً وإنساناً تامًا ، ويكون كل إنسان مركباً من لاهوت وناسوت ، وقد تقرب إلى هذا اللازم الباطل من قال بأن أرواح بني آدم من ذات الله ، وأنها لاهوت قديم أزلي فيجعلون نصف كل أدمي لاهوتاً ، وهؤلاء يلزمهم من المحالات أكثر مما يلزم النصارى من بعض الوجوه ، والمحالات التي تلزم النصارى أكثر من بعض الوجوه .

3 ـ ويدل على فساد عقيدتهم أن سبب عقد مجمع القسطنطينية ـ الآنف الذكر ـ أن هناك الكثير من النصارى الذين ما زالوا على عقيدة التوحيد ، ينكرون ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس ، كأسقف القسطنطينية البطريرك مكدونيوس الذي يعتقد أنه كسائر المخلوقات ، وخادم للابن كأحد الملائكة ، كما أن اختلاف النصارى حول طبيعة المسيح ، وحول انبثاق الروح القدس ، وغيرها من أصول العقيدة ، التي عقدوا من أجلها المجامع المتعددة لتقرير أصولها وما حدث بينهم من انقسامات وما نتج عنها من ظهور طوائف متعددة ، كل طائفة تنكر ما عليه الطائفة الأخرى ، كل ذلك وغيره يدل على أنهم ضلوا عن الوحي الإلهي الذي أنزله الله تعالى على المسيح ـ عليه السلام ـ وعلى النبيين من قبله ، إذ لو تمسكوا بالوحي لهدوا إلى الصراط المستقيم ، الذي من أجله أرسلت الرسل ، وأنزلت الكتب .

4 ـ كما أن نصوص الإنجيل وأقوال بولس الرسول التي تدل ـ بزعمهم ـ على ألوهية الروح القدس باطلة بنصوص الإنجيل نفسه ، وبأقوال بولس نفسه أيضاً ، ودليل ذلك مايأتي :

أ ـ أن ملاك الله جبريل عليه السلام ، بشر زكريا ـ عليه السلام ـ بميلاد يوحنا المعمدان ـ يحيى عليه السلام ـ وأنه يكون عظيماً أمام الرب ، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس ، إذ جاء في الإنجيل : (( فقال الملاك : لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت ، وامرأتك إليصابات ستلد لك ابناً ، وتسميه يوحنا ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته ، لأنه يكون عظيماً أمام الرب ، وخمراً ومسكراً لا يشرب ، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس ، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم )) ، هذا النص يفيد أن جبريل ملاك الله بشر زكريا بمولد ابنه ، وأنه يكون عظيماً أمام الله عز وجل ، عفيفاً عن المسكرات ، ويؤيده الله بروح القدس ، وأنه يرد بني إسرائيل إلى الرب إلههم .

وهذا النص لا يستشهد به النصارى دليلاً على اعتقادهم ألوهية الروح القدس ، ضمن شواهدهم التي يستدلون بها على ألوهية الروح القدس ؛ لأنه ضد عقيدتهم هذه ، ولا أحد من النصارى زعم أن الروح القدس الذي أيد الله به يوحنا ، أنه إلهاً بذاته ، لأنه كيف يكون إلهًا ، ويوحنا نفسه ـ كما في النص ـ يكون عظيماً أمام الله ، فلو زعموا أن الروح القدس في هذا النص إلهاً مستقلاً ، لانكشف لهم فساد معتقدهم في تأليه الروح القدس .

ب ـ أن ملاك الله جبريل عليه السلام ، بشر مريم بميلاد المسيح ـ عليه السلام ـ إذ جاء في الإنجيل : (( وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة ، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف ، واسم العذراء مريم ... فقال لها الملاك : لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله ، وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً ، وتسمينه يسوع ... فقالت مريم للملاك : كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً ، فأجاب الملاك ، وقال لها : الروح القدس يحل عليك )) ، وفي الإنجيل أيضاً : (( أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا ، لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس ، فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً ، ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع )) .

والمراد من الروح القدس الذي حل على مريم في هذين النصين ، أحد أمرين : إما أن يكون المراد به جبريل عليه السلام ، وهذا يتفق مع ما ذكره الله عز وجل عن مـريم في قوله : (( فاتخـذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليـها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً )) ، والروح كما قال المفسرون : هو جبريل عليه السلام .

أو أن يكون المراد به الروح التي هي مـن الله ، وهـذا يتفـق مع قـوله تعـالى : (( وكلمته ألقاها إلى مـريم وروح منه )) ، ومعنى (( وروح منه)) أي : أن الله أرسل جبريل فنفخ في درع مريم فحملت بإذن الله ، وهذه الإضافة للتفضيل ، وإن كان جميع الأرواح من خلقه تعالى ، وقيل : قد يسمى من تظهر منه الأشياء العجيبة روحاً ويضاف إلى الله ، فيقال هذا روح من الله : أي : من خلقه ، كما يقال في النعمة أنها من الله ، وقيل (( روح منه)) أي : من خلقه ، كما قال تعالى: (( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه )) ، أي : من خلقه ، وقيل : (( روح منه )) أي : رحمة منه ، وقيل : (( روح منه)) أي : برهان منه ، وكان عيسى برهاناً وحجة على قومه ، وقوله : ( منه) متعلق بمحذوف وقع صفة للروح ، أي : كائنة منه ، وجعلت الروح منه سبحانه وإن كانت بنفخ جبريل لكـونه تعالى الآمر لجـبريل بالـنفخ ، ومثله قوله تعالى : (( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين )) ، وقــوله تعالى : (( ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربـها وكتبه وكانت من القانـتين )) .

ت ـ وفي الإنجيل أيضاً أن مريم حينما زارت إليصابات أم يحيى ـ عليه السلام ـ وسلمت عليها : (( فلما سمعت إليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت إليصابات من الروح القدس )) ، وفي الإنـجيل أيـضًا :

(( وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس ، وتنبأ قائلاً ، مبارك الرب إله إسرائيل )) ، وفي الإنجيل أيضاً : (( وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان ، وهذا الرجل كان باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل ، والروح القدس كان عليه ، وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب)) ، فهذه النصوص تدل : إما على أن الروح القدس هو جبريل عليه السلام ، أو أنه البرهان الذي يؤيد الله به أولياءه من عباده المؤمنين .

ث ـ أن نصوص أناجيلهم ذكرت أن المسيح ـ عليه السلام ـ بعد أن تعمد على يد يحيى ـ عليه السلام ـ : (( وإذا السموات قد انفتحت له فرأي روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه )) ، وأن يحيى شهد أن العلامة التي يعرف بها المسيح ، أن يرى أن روح القدس نازلاً ومستقراً عليه : (( قائلاً إني قد رأيت الروح القدس نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقرت عليه ، وأنا لم أكن أعرفه ، لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس )) ، ونزول الروح القدس من السماء يدل على أنه ملك من الملائكة ، حيث دلت النصوص أن هذا النازل من السماء هو ملاك الله جبريل عليه السلام .

كما أن هذه النصوص قد وصفت الروح بالنزول مثل حمامة ، ومن المعلوم أن الروح القدس في عقيدة النصارى ، هو الأقنوم الإلهي الثالث ، في الثالوث المقدس ، فالعجب كيف يرضى النصارى أن يكون الروح النازل بهذه الصفة إلهاً يستحق العبادة مع الله ؟ وكيف يكون إلههم ومعبودهم جسماً بهذه الصفة من الطيور المخلوفة ؟ إن هذا الاعتقاد ـ لاشك ـ أنه مسبة لمقام الألوهية ، إذ لم يعرفوا الله حق المعرفة ، ولو عرفوا الله لما أشركوا معه آلهة أخرى ، فالله وحده هو المعبود بحق ، لا إله غيره ولا رب سواه ، وعيسى عبد الله ورسله ، والروح القدس هو ملاك الله جبريل ـ عليه السلام ـ المبلغ وحيه إلى أنبيائه ورسله ، والواجب عليهم الاعتقاد أن هذا الروح النازل مثل حمامة على المسيح ـ عليه السلام ـ هو ملاك الله جبريل أمين وحي الله إلى المسيح وإلى جميع الأنبياء عليهم السلام ، ويدل على ذلك ـ إضافة إلى ما سبق الاشارة إليه من مصادرهم ـ أن من يسمونه بولس الرسول أخـبر أن:(( جبرائيل روح الله الحي )) .

ج ـ أن في قول نبي الله يحيى بن زكريا في إنجيل متى : (( أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي من بعدى هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار )) ، وقوله أيضاً في إنجيل لوقا : (( أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحل سيور حذائه ، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار )) ، فهذه النصوص تدل على أن التعميد لم يكن باسم الثالوث المقدس ـ كما يعتقد النصارى ـ بل هو بروح القدس فقط ، وهذا هو الذي اتفقت عليه نصوصهم المقدسة ، أن يحيى ـ عليه السلام ـ شهد وبلغ بني إسرائيل بأن المسيح سيعمدهم بروح القدس ، وهذا يدل على بطلان اعتقاد النصارى أن المسيح أمر تلاميذه ـ على زعمهم ـ أن يعمدوا الناس باسم الثالوث المقدس حين قال : (( فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمـدوهم باسم الأب والابـن والـروح القـدس )) ، علماً أنه لم يرد عن المسيح ـ عليه السلام ـ في الأناجيل والرسائل أنه عمد أحداً من أتباعه باسم الروح القدس ، أو بأي واحد من الأقانيم الثلاثة ، ولو كان هذا هو الاعتقاد الحق لأمر أتباعه بذلك ، بل لقد صرح أن الروح القدس الذي يعلمهم كل شيء لم يأت بعد ؛ لأنه سيأتي في وقت لاحق ، إذ قال عليه السلام : (( وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي ، فهو يعلمكم كل شيء ، ويذكركم بكل ما قلته لكم )) ، وقال عليه السلام : (( وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق ، لأنه لا يتكلم من نفسه ، بل كل ما يسمع يتكلم به )) ، وقوله أيضاً : (( ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي )) ، فكيف يكون الروح القدس إلهاً ثالثاً وهو لم يأت بعد ؟ وكيف يتعمدون باسم الثالوث المقدس وهم ليسوا على يقين هل جاء كما أخبر المسيح ، أم أنه ما زال منتظراً ، وأي حاجة لهم بانتظار من يأتي من بعده ، وهم قد غفرت ذنوبهم بموت المسيح على الصليب ـ كما يعتقدون ـ يقول المهتدي عبد الأحد داود : إن الاعتقاد بأن موت عيسى على الصليب قد فدى المؤمنين من لعنة الخطيئة الأصلية ، وأن روحه وبركته وحضوره في القربان المقدس سيبقى معهم إلى الأبد ، هذا الاعتقاد تركهم دون حاجة إلى عزاء أو مجئ معزٍّ ، ومن ناحية أخرى فإنهم إذا كانوا بحاجة إلى معزٍّ كهذا فإن جميع الادعاءات والمزاعم النصرانية حول تضحية المسيح وتحمله آلام الصلب ، تتهافت وتصبح باطلة ... إن فكرة وسيط بين الله والناس هي أكثر استحالة حتى من فكرة المعزي ، إذ لا يوجد وسيط بين الخالق والمخلوق ، ووسيطنا أو شفيعنا المطلق هو وحدانية الله فقط ، إن المسيح كان ينصح بالصلاة إلى الله سراً والدخول في مقصوراتهم وإقفال الأبواب عليهم عند أداء الصلاة ـ لأنه تحت هذه الظروف فقط يستمع (( أبوهم الذي في السماء )) لصلواتهم ويمنحهم بركته وغوثه ـ فإن المسيح لم يستطع أن يعدهم بوسيط أو شفيع، فكيف نستطيع التوفيق بين هذه المتناقضات .

أما نحن المسلمين فإننا على يقين أن بشارات المسيح بالمعزي الروح القدس الآتي ، هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، كما ذكر ذلك بعض المهتدين من النصارى ، وغيرهم من الباحثين المسلمين .

ح ـ إن الروح القدس كان معروفاً في كلام الأنبياء المتقدمين والمتأخرين ، وليس له مراد يخالف ظاهر ما دلت عليه نصوص الكتب الإلهية التي ورد الاستشهاد بعدة نصوص منها ، يؤكد ذلك الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إذ يقول : وأما روح القدس : فهي لفظة موجودة في غير موضع من الكتب التي عندهم ، وليس المراد بها حياة الله باتفاقهم ، بل روح القدس عندهم تحل في إبراهيم وموسى وداود وغيرهم من الأنبياء والصالحين ، والقرآن قد شهد أن الله أيد المسيح بروح القدس ، كما قال الله تعالى : (( وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس )) ، في موضعين من البقرة ، وقال تعالى : (( يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس )) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : (( إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن نبيه )) ، وقال : (( اللهم أيده بروح القدس )) ... وروح القدس قد يراد بها الملك المقدس كجبريل ، ويراد بها الوحي ، والهدى والتأييد الذي ينزله الله بواسطة الملك أو بغير واسطته ، وقد يكونان متلازمين فإن الملك ينزل بالوحي ، والوحي ينزل به الملك ، والله يؤيد رسله بالملائكة وبالهدى .. قال تعالى : (( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ، لينذر يوم التلاق )) ، وقال تعالى : (( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه )) ... وإذا كان روح القدس معروفاً في كلام الأنبياء المتقدمين والمتأخرين أنها أمر ينزله الله على أنبيائه وصالحي عباده سواء كان ملائكة تنزل بالوحي والنصر ، أو وحياً وتأييداً مع الملك وبدون الملك ، وليس المراد بروح القدس أنها حياة الله القائمة به ، كما قال (المسيح) : (( عمدوا الناس باسم الأب والابن وروح القدس )) ، ومراده مروا الناس أن يؤمنوا بالله ونبيه الذي أرسله ، وبالملك الذي أنزل عليه الوحي الذي جاء به ، فيكون ذلك أمراً لهم بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وهذا هو الحق الذي يدل عليه صريح المعقول وصحيح المنقول ، فتفسير كلام المعصوم بهذا التفسير الذي يوافق سائر ألفاظ الكتب التي عندهم ويوافق القرآن والعقل أولى من تفسيره بما يخالف صريح المعقول وصحيح المنقول ، وهذا تفسير ظاهر ليس فيه تكلف ، ولا هو من التأويل الذي هو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره ، بل هو تفسير له بما يدل ظاهره عليه باللغة المعروفة والعبارة المألوفة في خطاب المسيح وخطاب سائر الأنبياء .

خ ـ أن ما جاء في رسائل بولس من عبارات تنسب إلى الروح القدس مايمكن أن ينسب إلى أسماء الله وصفاته وأعماله وعبادته ، وبالأخص قوله :
(( نعمة ربنا يسوع المسيح ، ومحبة الله ، وشركة الروح القدس مع جميعكم ، آمين )) ، هذه العبارات هي التي حملت النصارى على الاعتقاد بألوهية المسيح وألوهية الروح القدس ، وهي التي فتحت الباب إلى القول بالتثليث ، ومع ذلك فإن استدلالهم بهذه العبارات باطل ومردود ، للأدلة الآتية :

1 ـ أنه ليس فيها مايدل على أن لفظ الروح القدس معناه الإله ، وليس فيها مايدل على مايمكن أن ينسب إليه من أسماء الله وصفاته وأعماله وعبادته ، وأنه ـ على زعمهم ـ الأقنوم الثالث في ثالوثهم المقدس ، بل الحق أنها تدل على معنى القوة والثبات التي يؤيد الله بها من يشاء من عباده المؤمنين ، وهذا هو الذي دلت عليه نصوص العهد القديم والعهد الجديد ، فلفظ الروح القدس لاتخرج عن هذا المعنى الذي سبق بيانه في الفقرات السابقة ، ولاعن المعاني التي سبق بيانها عند الحديث عن حقيقة الروح القدس في المبحث الأول .

2 ـ أنه ـ على فرض ـ أن بولس يعني بهذه العبارات ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس ، فإنه يكون قد خالف أقوال المسيح ـ عليه السلام ـ التي تدل على بطلان هذا الزعم الباطل ، ويكون قد دعا إلى عقيدة تخالف العقيدة التي دعا إليها المسيح ، وشرع خلاف شريعة المسيح ، علماً أنه ليس من تلاميذ المسيح ولا من رسله ، ولم يشاهد المسيح إطلاقاً ، ولا سمعه يبشر بدعوته ، بل كان من أشد اليهود عداء للمسيح وأتباعه ، فقد كان يسافر من القدس إلى دمشق ليأتي بالنصارى لعقابهم وإنزال الأذى بهم ، ثم بعد زعمه الانضواء تحت ظل النصرانية ، ظل موضع شك تلاميذ المسيح في صدق دعواه ؛ لأنهم رأوا منه مايخالف دين المسيح ـ عليه السلام ـ فقد اختلف بولس مع برنابا أحد تلاميذ المسيح ، كما أن بطرس رئيس الحواريين أنكر على بولس دعوته التي خالف بها دعوة المسيح ، كما قامت ضده طوائف النصارى في آسيا ، ورفضت تعاليمه وإنجيله كما اعترف بذلك في رسالته الثانية إلى تيموثاوس ، وحين يئس من قبول نصارى الشرق في عصره لتعاليمه الغريبة ، فقد التجأ إلى الشعوب الأوربية ، وصار يبث بينهم تعاليمه شيئا
فشيئا ، حتى تمكن منهم ، فأباح لهم كافة المحرمات ، ورفع عنهم جميع التكاليف من الشريعة الموسوية التي جاء بها المسيح ـ عليه السلام ـ فوافق مذهبه مشارب الوثنيين في أوربا ، فكثر تابعوه ومقلدوه في حياته وبعد مماته ، التي خالفوا فيها عقيدة المسيح وأتباعه ، كما دل على ذلك رسالته إلى أهل رومية التي أبطل فيها شريعة التوراة .

وبهذا يتبين أن بولس هو الذي وضع البذور التي نقل بها النصرانية من التوحيد إلى التثليث ، ووافقت فكرة التثليث الجماهير التي كانت قد نفرت من اليهودية لتعصبها ، ومن الوثنية لبدائيتها ، فوجدت في الدين الجديد ملجأ لها ، وبخاصة أنه أصبح غير بعيد عن معارفهم السابقة التي ألفوها وورثوها عن أجدادهم .

وهذا التحريف لدين المسيح الحق الذي أحدثه بولس ، اعترف به بعض علماء النصارى قديماً وحديثاً ، يقول جورجيا هاركنس من علمائهم : (( وهذا التثليث افترضه بولس في نهاية رسالته الثانية إلى كورنثوس ، حيث يعطي الكنيسة بركته بقوله : (( نعمة ربنا يسوع المسيح ، ومحبة الله ، وشركة الروح القدس مع جميعكم ، آمين )) ، وتستعمل هذه الكلمات كبركة في ختـام خدمات العبـادة لقـرون عـديدة )) .

وهذا الباب الذي فتحه بولس على النصرانية ، ظل ـ كما يقول الدكتور أحمد شلبي ـ : (( مفتوحاً ، واستطاع بعض أتباع بولس أن يصيروا من آباء الكنيسة وذوي الرأي فيها ، وتم امتزاج تقريباً بين آراء مدرسة الإسكندرية وبين المسيحية الجديدة )) ، ثم ذكر الدكتور شلبي قول ( ليون جوتيه) : (( إن المسيحية تشربت كثيراً من الآراء والأفكار الفلسفية اليونانية ، فاللاهوت المسيحي مقتبس من المعين الذي صبت فيه الإفلاطونية الحديثة ، ولذا نجد بينهما مشابهات كثيرة ))...)) .

وهكذا فإن بولس سواء قال بألوهية المسيح وألوهية الروح القدس أولم يقل ، وسواء قال بالتثليث أولم يقل ، فإن أقواله تلك حملت النصارى من بعده على القول بالتثليث ، وأصبحت كلماته التي جاء بها في رسائله كتاباً مقدساً ، له ماللإنجيل من حرمة واحترام ، فتناولها الشراح والدارسون من رجال الدين بكل مايملكون من طاقات البحث والنظر ، وخرجوها على كل وجه ممكن أو غير ممكن ، فكانت منها تلك الفلسفة اللاهوتية التي شغلت العقل النصراني ولاتزال تشغله ، فكانت سبباً من أكبر الأسباب في نقل ديانة المسيح ـ عليه السلام ـ من التوحيد إلى الشرك .

ومع صريح ما تدل عليه ظاهر نصوص كتبهم المقدسة بشأن حقيقة الروح القدس ، وبطلان اعتقاد النصارى ألوهيته ، وأنه الأقنوم الإلهي الثالث في ثالوثهم المقدس ، فإنهم يعتقدون أنه غير ملاك الله جبريل ـ عليه السلام ـ كما يعتقدون خصوصية حلول الروح القدس على المسيح وعلى المؤمنين من أتباعه وأنه يلهمهم ، وبيان ذلك والرد عليه في المبحث القادم إن شاء الله .

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((((مراحل إقرار النصارى ألوهية الروح القدس)))))))))))))))


بعد أكثر من ثلاثة قرون من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ اجتمع الخـلف مـن النصارى في نيقية سنة 325 م ، وصدر عن هذا الاجتماع أول قانون إيمان مقـدس لهم ، أقروا فيه اعتقاد ألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ كما أشاروا فيه إلى الـروح القدس بقولهم : (( ونؤمن بالروح القدس )) دون أن يذكروا حقيقته والأعمـال الموكولة إليه ، وإنما أعلنوا إيمانهم به فقط ، ولعل عدم ذكرهم لحقيقته لأجل تبـرئة أنفسهم من الافتراء اليهودي على الروح القدس .

وبعد أكثر من خمسين سنة عقدوا مجمعاً آخر في مدينة القسطنطينية سنة 381 م ، فأقروا قانون الإيمان السابق في نيقية ، ثم أضافوا الاعتقاد بألوهية الروح القـدس ، مع بيان بعض صفاته ، فقالوا : (( ونؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق مـن الآب ، الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجد ، الناطق في الأنبـياء )) ، وجاء أيضاً عن صفات الروح القدس حسب تعبير أحد قديسيهم القدماء قوله : (( الناطق بالناموس ، والمعلم بالأنبياء الذي نزل إلى الأردن ونطق بالرسل ، وهو يحل في القديسين ، وهكذا نؤمن به أي أنه الروح القدس روح الله )) ، كما جاء في قاموس كتابهم المقدس : (( ويعلمنا الكتاب المقدس بكل وضوح عن ذاتية الروح القدس ، وعن ألوهيته ، فنسب إليه أسماء الله كالحي ، ونسب إليه الصفات الإلهية كالعلم ، ونسب إليه الأعمال الإلهية كالخلق ، ونسب إليه العبادة الواجبة لله ، وإذ حبلت السيدة العذراء حبل بالمسيح فيها من الروح القدس ، ولما كتب الأنبياء والرسل أسفار الكتاب المقدس ، كانوا مسوقين من الروح القدس ، الذي أرشدهم فيما كتبوا ، وعضدهم وحفظهم من الخطأ ، وفتح بصائرهم في بعـض الحـالات ليكتبوا عـن أمور مستقبلة )) .

وبعد أن أقروا في مجمع القسطنطينية قانون مجمع نيقية السابق المتضمن اعتقاد ألوهية المسيح ، ثم إضافتهم اعتقاد ألوهية الروح القدس ، فقد اكتملت عند النصارى الأقانيم الثلاثة ، لكن ذلك لم يحل دون وجود من ينكر بعض هذه الاعتقادات المنافية للتوحيد ، فقد كان سبب عقد مجمع القسطنطينية ـ الآنف الذكر ـ الذي أضافوا فيه الاعتقاد بألوهية الروح القدس ، أن أسقف القسطنطينية البطريرك مكدونيوس ينكر ألوهية الروح القدس ، ويعتقد أنه كسائر المخلوقات ، وخـادم للابن كأحد الملائكة ، وقد ناقشه المجـمع ، ثم أصدر قراراً بحرمانه وحـرمان دعـوته ، وتجـريده مـن رتبته الدينية ، وهذا يدل على وجود دعاة التوحيد ، ومعارضتهم للاعتقادات المنافية له ، التي تنسب الألوهية لغير الله .

ثم ظهر الاختلاف حول أم المسيح ـ عليه السلام ـ حيث ظهر من يدعو بأن مريم لاتدعى أم الإله ، بل أم الإنسان ، وأحدث هذا نزاعاً شديداً بين كنائس النصارى ، لأن صاحب هذه الدعوة هو البطريرك نسطور بطريرك كنيسة القسطنطينية .ولأجل حل النزاع في هذه القضية عقدوا مجمع أفسس الأول سنة 431 م ، وصدر عنه القرار الآتي : (( نعظمك يا أم النور الحقيقي ، ونمجدك أيتها العذراء المقدسة ، والدة الإله ، لأنك ولدت لنا مخلص العالم ، أتى وخلص نفوسنا ، المجد لك ياسيدنا وملكنا المسيح ، فخر الرسل ، إكليل الشهداء ، تهليل الصديقين ، ثبات الكنائس ، غفران الخطايا ، نبشر بالثالوث المقدس ، لاهوت واحد ، نسجد له ونمجده )) .

ثم ظهر الاختلاف حول طبيعة المسيح بعد اعتقادهم ألوهيته ، فعقدوا مجمعاً في خلقدونية سنة 451 م ، فقرر الكاثوليك الاعتقاد أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين ، طبيعة إنسانية كاملة ، وطبيعة إلهية كاملة ، ومشيئة إنسانية كاملة ، ومشيئة إلهية كاملة، وأن الأب مستقل بأقنومه ، والمسيح مستقل بأقنومه ، وهما متساويان في اللاهوت فقط ، وقد رفض الأرثوذكس هذه العقيدة وزعموا أن المسيح هو الله ( تعالى الله عن قولهم ) ، وقالوا : إن للمسيح طبيعة إلهية واحدة ومشيئة إلهية واحدة ، فقرر أساقفة روما مع بعض أساقفة الشرق الحكم بعزل بطريرك الإسكندرية ونفيه ؛ لأنه كان يدعي أن للمسيح طبيعة واحدة ، ثم نادوا بعقيدة الطبيعتين والمشيئتن ، وبعدها رفضت كنيسة الإسكندرية قرارات مجمع خلقدونيه ، كما رفضت قرارات المجامع التي عقدت في القسطنطينية بعد ذلك سنة 553 م ، وسنة 610 م ، وسنة 786م ، لمخالفة الذين اشتركوا فيها مع عقيدتهم بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة .

ثم ظهر نزاع آخر بين النصارى بسبب الاختلاف بينهم حول انبثاق الروح القدس ، هل هو من الأب فقط ، أم من الأب والابن ؟ فعقدوا لذلك مجمعاً لحل النزاع في هذه القضية في طليطلة بأسبانيا سنة 589م ، فأقروا فيه نفس قانون الإيمان السابق ، ثم أضافوا الاعتقاد بانبثاق الروح القدس من الابن أيضاً ، وقد أصبحت هذه الزيادة هي عقيدة الكنائس الغربية الكاثوليكية والإنجيلية التي تنص على انبثاق الروح القدس من الأب والابن ، ورفضت الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية هذه الزيادة ،وظلت متمسكة باعتقاد أن الروح القدس منبثق من الأب وحده .

ويلاحظ المتتبع لمراحل تكوين العقائد النصرانية كثرةعقد المجامع الدينية التي تصدر قرارات جديدة بإضافات حول العقيدة ، وسبب ذلك كثرة المعارضين للعقائد الدخيلة من أنصار دعوة التوحيد ، أو من الذين ما زالوا على بقايا من دعوة المسيح ، أو من الذين لم يعتقدوا هذه العقيدة أو تلك ، فمنهم من ينكر لاهوت المسيح ، ومنهم من ينكر لاهوت الروح القدس ، ومنهم من ينكر وجود الأقانيم الثلاثة ، ومنهم من ينكر عقيدة الصلب والفداء ، ويعتقد أن خطيئة آدم قاصرة عليه ، ولم تنتقل إلى نسله ، وهذه الظاهرة هي السبب في تعدد عقد المجامع ، لأن أنصار كل فريق يعقدون اجتماعاً للرد على أنصار الفريق الآخر وإبطال قوله ، والنتيجة تنتهي ليس بكثرة العدد وقوة الحجة وموافقة الحق ، وإنما بقرار من رجال الدين الذين تدعمهم السلطة السياسية ، بما تتفق أهواؤهم ومصالحهم عليه ، ثم يحسم الأمر ويتقرر في النهاية أي الفريقين يفوز بالتأييد ، وفي كثير من الأحيان تتدخل السلطة السياسية بحسم الأمر حسب ماتراه محققاً لوحدة الا مبراطورية من التمرزق والانقسام.

وشاهد ذلك أن الامبراطور قسطنطين قد أعلن ميوله وعطفه على النصارى من أجل الحفاظ على مقومات النصر على خصمه ، فأعلن دفاعه عن مذهب أثناسيوس القائل بالتثليث حينما كانت عاصمة دولته في روما ، ومن أجل ذلك رأس مجمع نيقية سنة 325م ، وتذكر مصادر النصارى أن أولئك الثلاثمائة والثمانية عشر لم يكونوا مجمعين على القول بألوهية المسيح ، ولكن اجماعهم كان تحت سلطان الإغراء بالسلطة الذي قام به قسطنطين بدفعه إليهم شارة ملكه ليتحكموا في المملكة ، فقد دفعهم حب السلطان إلى أن يوافقوا هوى قسطنطين الذي ظهر في عقد مجلس خاص بهم دون الباقين ، لاعتقاده إمكان إغرائهم ، فأمضى أولئك ذلك القرار تحت سلطان الترغيب أو الترهيب ، أوهما معاً ، وبذلك قرروا ألوهية المسيح ، وقسروا الناس عليه بقوة السيف ورهبة الحكام .

وحينما صدر قرار مجمع نيقية ضد أريوس وحرمانه ، وتجريده من رتبته الدينية ، صدَق قسطنطين على ذلك القرار .

فلما عزم الامبراطور قسطنطين على نقل عاصمة دولته من روما إلى القسطنطينية ، والتي يوجد فيها أكثرية نصرانية تعتنق مذهب أريوس ، أحضره وعفا عنه ، يقول فاسيــليف : (( عندما شرع قسطنطـــين في نقل عاصمته إلى الشرق ، وأحس بالحاجة إلى استرضاء سكان القسم الشرقي من الامبراطورية لم يجد غضاضة في تغيير عقيدته أوميوله نحو المذهب الأريوسي )) .

فاستدعى أريوس من منفاه سنة 327م ، وعقد له مجمع صور سنة 334م ، وألغى قرار الطرد .

ويقال : إن أول امبراطور تعمد باسم الثالوث حسب عقيدة النصارى ، هو الامبراطور ثيودوسيوس الكبير الذي رعى عقد مجمع القسطنطينية ، وأنه وقادة الكنيسة تنفسوا الصعداء وشعروا كما شعر الامبراطور قسطنطين وقادة الكنيسة بعد قبول قانون الإيمان النيقوي في سنة 325 م ، بسرور وارتياح عظيمين ؛ لأنهم ظنوا بأن مجمع نيقية استطاع أن يستأصل الهرطقة من جذورها ، وأن يعيدوا الوحدة إلى الامبراطورية وإلى الكنيسة المهددتين بالانقسام والاضطراب .

وعندما تقرر رسمياً إقرار الاعتقاد بألوهية الروح القدس في مجمع القسطنطينية سنة 381م ، أصدر الامبراطور ثودوسيوس الكبير مرسوماً أعلن فيه : (( حسب تعليم الرسل وحق الإنجيل ، يجب علينا أن نؤمن بلاهوت الأب والابن والروح القدس ، المتساوي في السلطان ، وكل من يخالف ذلك يجب عليه أن ينتظر منا العقوبات الصارمة التي تقتضي سلطتنا بإرشاد الحكمة السماوية أن نوقعها به ، علاوة على دينونة الله العادل )) .

ويستنتج زكي شنودة في آخر البحث الخامس الذي عقده للحديث عن المجامع : (( أن هذه المجامع كانت في بداية أمرها وسيلة للدفاع عن الإيمان المسيحي ، ثم لم تلبث أن أصبحت بعد ذلك أداة في يد الامبراطور لتنفيذ أغراضه ، مستغلاً في ذلك مطامع الأساقفة وطموحهم إلى الجاه والنفوذ والسلطان ، وهكذا أصبحت المجامع أداة هدم بعد أن كانت أداة بناء ، وقد فتحت الباب على مصراعيه للخصومة بين المسيحيين في البلاد المختلفة )) .

ولكن استنتاجه هذا يرفضه سرده هو للأحداث ، فإن المجامع من أول لحظة عقدت فيها وهي تحت سلطان الدولة ، وشواهد ذلك من كلامه إذ يقول : (( وقد عقد في نيقية عاصمة بثينية بآسيا الصغرى في 20 مايو سنة325 ميلادية بأمر الامبراطور قسطنطين الكبير وقد حضره بنفسه )) ، ويقول : (( وعند افتتاح جلسات المجمع دخل الامبراطور قسطنطين وتصدر الاجتماع ، ثم ألقى خطاباً حض فيه على فض المشاكل بالحكمة )) ، وقال في مجمع القسطنطيـنية سنة 381 م : (( وقد عقد في مدينة القسطنطينية بأمر الامبراطور ثاؤدوسيوس الكبير )) ، وقال في مجمع أفسـس الأول سنة 431 م : (( وقد عقد في مدينة أفسس بأمر الامبراطور ثاؤدوسيوس )) ، وقال في مجمع أفسس الثاني سنة 449 م : (( وقد عقد مجمع أفسس الثاني سنة 449 ميلادية بأمر الامبراطور تاؤدوسيوس )) .

أما في مجمع خلقدونية سنة 451 م فلم يذكر اسم الامبراطور الذي أمر بانعقاده ، فدلت هذه الشواهد على أن ما قاله زكي شنودة ليس مستقيماً ؛ لأن المجامع كلها التي تعترف بها الكنيسة القبطية كانت بأمر الامبراطور، والمؤرخون السياسيون يقررون أن الأباطرة جميعاً استخدموا الدين سلاحاً لكسبهم السياسي ، ولو كانت المجامع حقاً للدفاع عن الإيمان لما تركت الدين القويم الذي جاء به المسيح عليه السلام ، ولما تركت أعمال الحواريين الذين كانوا على الدين الحق ، التي لا يوجد شىء منها في قانون الإيمان المقدس عندهم ، ولا في وقائع عمل المجامع خاصة فيما يتعلق بالعقيدة التي هي لب الإيمان (102) .

وبعد هذا العرض لمراحل إقراراعتقاد ألوهية الروح القدس عند النصارى نستنتج مايأتي :

1ـ إقرارهم في مجمع نيقية سنة 325 م ، الإيمان بروح القدس ، فقالوا : (( ونؤمن بالروح القدس )) دون أن يذكروا حقيقته والأعمال الموكولة إليه .

2 ـ إقرارهم في مجمع القسطنطينية سنة 381 م ، إضافة الاعتقاد بألوهية الروح القدس ، مع إضافة بعض صفاته ، فقالوا : (( ونؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب ، الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجد ، الناطق في الأنبياء )) ، كما جاء عن أحد قديسيهم ، وكذا في قاموس كتابهم المقدس تفصيلات أكثر وضوحاً عن صفات الروح القدس ، والأعمال الموكولة إليه ، كما سبق الإشارة إلى ذلك .

3 ـ أن من النصارى من ينكراعتقاد ألوهية الروح القدس ، كأسقف القسطنطينية البطريرك مكدونيوس ،الذي يعتقد أنه كسائر المخلوقات ، وخادم للابن كأحد الملائكة.

4 ـ اختلاف النصارى حول طبيعة المسيح ، بعد إقرارهم اعتقاد ألوهيته ، هل هو ذو طبيعتين ومشيئتين إلهية وإنسانية ، أم ذو طبيعة واحدة ومشيئة واحدة إلهية وإنسانية ؟ واختلافهم أيضاً حول انبثاق الروح القدس ، هل هو من الآب فقط ، أم من الآب والابن ؟ وكان هذا الاختلاف حول طبيعة المسيح وانبثاقه ، سبب انقسام النصارى إلى طوائف متعددة ، كل طائفة تنكر ما عليه الطائفة الأخرى .

5 - كثرة عقد المجامع في مراحل تكوين العقائد النصرانية التي تصدر عنها قرارت أخرى بإضافة عقائد جديدة ، وذلك بسبب كثرة المعارضين للعقائد الدخيلة من أنصار دعوة التوحيد ، أومن الذين مازالوا على بقايا من دعوة المسيح عليه السلام .

6- اضطراب ميول الأباطرة بين تأييد أصحاب العقائد التي تتفق مع وثنيتهم السابقة ، وبين ما يحقق الوحدة إلى إمبراطوريتهم ويجنبها الانقسام والاضطراب ، بدليل دعوتهم لعقد هذه المجامع ورعايتهم لها ، وتأييدهم ما يرونه محققاً لأهدافهم الشخصية والسياسية .

ومن هذا يتبين ضلال النصارى واختلافهم في مراحل إقرار ألوهية الروح القدس ،وأنهم ليسوا على شئ ، حتى يقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم ، إذ قد أقروا ببعض الحق وضلوا عن أكثره ، فحين أقروا ببعض الأعمال والوظائف الموكولة إلى الروح القدس ، والصفات التي وصفوه بها ، وهي قولهم : الناطق في الأنبياء ، الناطق بالناموس ، والمعلم بالأنبياء ، الذي نزل إلى الأردن ونطق بالرسل ، روح الله ، الذي حبلت منه السيدة العذراء ، الذي يؤيد الله به من يشاء من عباده ، ويعضدهم ويحفظهم ، ويلهمهم ، فهذه من صفات الروح القدس جبريل ـ عليه السلام ـ وهذا هو الحق الذي دلت عليه نصوص كتبهم المقدسة من التوراة والإنجيل ، وهو الذي يجعله الله في قلوب الأنبياء ، هذا إذا كان الروح القدس ليس صفة الله حسب اعتقادهم ألوهيته ، لأن صفة الرب القائمة به لاتنطق في الأنبياء ، ولاتقوم بتلك الأعمال التي ذكروها ، بل هذا كله صفة جبريل ـ عليه السلام ـ وهو الروح القدس كما هو مذكور في الكتب الإلهية ، الذي يجعله الله في قلوب الأنبياء بإلهام الوحي الإلهي، وبالقوة والثبات والنصرة التي يؤيد الله بها من يشاء من عباده المؤمنين

كما تبين لنا أن مراحل إقراراعتقاد النصارى ألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ وألوهية الروح القدس ، وما تمخض عن هذه العقائد من إضافات عقدية واختلافات حولها في أروقة مجامعهم المقدسة ، كانت بدافع الرغبة في السلطان من قبل رجال الدين ، بإغراء من سلطة الأباطرة ، الذين يؤيدون ما يتفق مع رغباتهم وميولهم ، وما يتصورون أن يحقق الأمن والاستقرار لوحدة دولتهم من التمزق والانقسام ،الذي ينتج عن الاختلافات العقدية ، فكانت تلك القرارت العقدية تحت سلطان الترغيب والترهيب ، الذي أدى إلى انحراف النصرانية عن مسارها الصحيح كما أنزلها الله على عبده ورسوله عيسى بن مريم ، وآمن به أتباعه من بعده .

أما مرحلة اعتقادهم ألوهية الروح القدس بعد مراحل إقرار ألوهيته في مجمع القسطنطينية ، بعد هذه المدة التي تجاوزت أكثر من ثلاثة قرون من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ فهو مردود وباطل ، كما سنعرف ذلك في المباحث القادمة إن شاء الله

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((((عقيدة إلـهية المسيح لدى فرق النصارى المختلفة و تطورها عبر التاريخ))))))))))))


يقـرّر دستور الإيمان المسيحي الذي أقرته كنيسة روما العامة، بناء على قرار مجمع نيقية المسكوني للأساقفة عام 325 م. أن :

يسوع المسيح (هو) ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مسا و للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر و من أجل خلاصنا، نزل من السماء و تجسَّد من الروح القدس و من مريم العذراء و تأنَّس و صُلِب عنَّا على عهد بيلاطس البنطي و تألم و قبر و قام في اليوم الثالث "[1] .

تلك هي عبارة دستور إيمان النصارى بالمسيح بحروفـها، و هي ـ كما نرى ـ صريحة في النص على إلـهية المسيح و أنه إله حق غير مخلوق ـ أي أزلي بلا بداية ـ و أنه مساو للآب في جوهريته: أي في ألوهيته.

لكن دستور الإيمان هذا، حسب ظاهره، يؤدي للقول بتعدد الآلهة، باعتباره يثبت الغيرية بين الآب ( الله ) و الابن ( المسيح ) من جهة، مع تأكيده بنفس الوقت على إلـهية كل منهما و تساويهما في الألوهية.

إذن صار عندنا إلـهان اثنان! و هذا يتناقض بظاهره مع إيمان المسيحية القاطع بوحدانية الله، لذا لا بد من تفصيل تلك العقيدة المجملة، و بيان شرح مختلف فرق النصارى لها، لتتضح حقيقة ما يعتقده إخواننا النصارى حول المسيح و علاقته بالله عز و جل حسبما جاء في كتب عقائدهم و تقريرات لاهوتييهم، فنقول:

يعتقد الجمهور الأعظم من النصارى أن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاث، و الأقنوم لفظة يونانية تعني الشخص Person، و هذه الأقانيم أو الأشخاص الثلاث هي: شخص الآب، و هو الخـالق لكل شيء و المالك و الضابط للكل، و شخص ابنه، المولود منه أزلا المساوي لأبيه في الألوهية و الربوبية لأنه منه، و شخص الروح القدس[2] ، و هذه الأقانيم الثلاثة متحدة في الجوهر و الإرادة و المشيئة، إلا أن هذا لا يعني أنها شخص واحد بل هم أشخاص ثلاثة، كل واحد منهم إله كامل في ذاته غير الآخر، فالآب إله كامل، و الابن إله كامل غير الآب، و روح القدس أيضا إله كامل غير الآب و الابن، و لكن مجموع الثلاثة لا يشكل ثلاث آلهة ـ كما هو مقتضى الحساب! ـ بل يشكل إلـها واحدا، و يعترفون أن هذا لا سبيل لفهمه و إدراكه بالعقل و يسمونه "سرّ التثليث".

ثم يعتقدون أن الأقنوم الثاني لله، أي أقنوم الابن، هو الذي تجسد و صار إنسانا حقيقيا، بكل ما في الإنسانية من معنى، و هو المسيح المولود من مريم العذراء، فالمسيح في اعتقادهم إله إنسان، أي هو بشر حقيقي مثلنا تماما تعرض له جميع أعراض الضعف و الاحتياج البشرية، و هو في عين الحال إله قادر كامل الألوهية، و يسمون هذا بـ " سر التجسد ".

و هكذا، فالمسيح، حسب تفسير قانون الإيمان المسيحي الذي تقرر في مجمع خلقيدونية سنة 451 م.، هو شخص واحد ذو طبيعتيـن، طبـيعة إنسـانية (ناسوت) و طبيعة إلهية (لاهوت) فهو إله بشر.

و نتيجة هذه العقيدة أن يكون عيسى المسيح عليه السلام ـ في نظرهم ـ شخص واحد هو خالق و هو نفسه مخلوق، رازق و مرزوق، قديم وحادث! معبود وعابد، كامل العلم و ناقصه، غني و محتاج!...الخ

أقول: و لو كانت هذه الصفات المتناقضة لشخصين اثنين اتحدا بمظهر واحد لكان هناك مجال لفهم ما يقولون، لكن الذي يعسر على العقل فهمه بل يستحيل فهمه و قبوله عقلا هو أن تكون هذه الصفات لشخص واحد و ذات واحدة.... لأن هذا بمثابة أن نقول أن هذا الشكل مربع و دائرة بنفس الوقت، أو موجود و معدوم بنفس الوقت؟! لكن على أي حال الكنيسة الغربية تؤمن بذلك و تقر بأن هذا لا سبيل للعقل البشري القاصر أن يفهمه و يدركه و لذلك تعتبره سرا من أسرار الله و تسميه، كما قلنا، بـ " سر التجسد ".

ما تقدم كان عقيدة جمهور المسيحيين أي: الروم الكاثوليك (اللاتين) أو الكنيسة الغربية التي رئاستها في روما، و الروم الأرثوذكس، أي الكنيسة الشرقية اليونانية الأورثوذكسية التي رئاستها في القسطنطينية ( و التي انفصلت عن الكنيسة الغربية عام 879 م.)، و البروتستانت بفرقهم المختلفة من أنجليكان ولوثريين و إنجيليين و غيرهم... الذين خرجوا من بطن الكنيستين السابقتين في القرن السادس عشر الميلادي و ما تلاه، لكن هناك طائفتين قديمتين من النصارى لم تعترفا أبدا بقرار مجمع خلقيدونية المذكور، الذي نص على أن المسيح شخص واحد في طبيعتين، و هما: النساطرة أتباع نسطوريوس و اليعاقبة أتباع يعقوب البرادعي.

أما النساطرة ـ و هم أقلية قليلة العدد تتوطن حاليا شمال غرب إيران وجنوب شرق تركيا و شمال العراق و عدد من المناطق الأخرى و يسمون كذلك بالآشوريين ـ فهم يميزون في المسيح بين شخصين: شخص عيسى البشر المولود من مريم العذراء الذي هو إنسان بشر محض، و شخص الله الابن، أو ابن الله الذي هو إله كامل، المتحد بعيسى الإنسان، حسب زعمهم، فالذي ولد من مريم العذراء هو عيسى الإنسان و ليس الله، و لذلك رفضوا قبول عبارة " مريم والدة الله "، كما أن الذي صُلِبَ ـ في اعتقادهم ـ و تألم و مات، لم يكن الله الابن، بل عيسى الإنسان البشر، و الحاصل أن المسيح في اعتقادهم شخصيتان متمايزتان لكل شخصية طبيعتها الخاصة: البشرية المحضة لعيسى الناصري المولود من مريم العذراء، و الإلهية المحضة لابن الله المتحد بعيسى في اعتقادهم.

و على النقيض من ذلك تماما الطائفة الأخرى و هم اليعاقبة، الذين يرون أن عيسى المسيح شخص واحد فقط، لا شخصان، و ليس هذا فحسب، بل هذا الشخص الواحد ذو طبيعة واحدة أيضا، و لذلك يُسمَّوْن أيضا بالمونوفيزيين، أي القائلون بالطبيعة الواحدة للمسيح، فاعتقادهم هو أن: أقنوم الابن من الله تجسد من روح القدس و مريم العذراء فصيَّر هذا الجسد معه واحدا وحدة ذاتية جوهرية، أي صار الله (الابن) المتجسد، طبيعة واحدة من أصل طبيعتين، ومشيئة واحدة و شخصا واحدا. و بعبارة أخرى: المركز المسيّر و الطبيعة الحقيقية لعيسى المسيح الذي ولد من مريم هي الألوهية المحضة، فهو الله عينه، أما بشريته فهي مجرد لباس فانٍ في إلـهيته. فلذلك الله تعالى عندهم هو بذاته الذي وُلِدَ من مريم العذراء، لذا فهي والدة الله، و الله نفسه هو الذي عُذِّب و تألم و صلب و مات! ثم قام بعد ثلاثة أيام من قبره حيا. تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً.

قلت: و في هؤلاء جاء قوله تعالى: { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم و أمه و من في الأرض جميعا و لله ملك السموات و الأرض و ما بينهما يخلق ما يشاء و الله على كل شيء قدير } المائدة /17. و قوله سبحانه كذلك: { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار وما للظالمين من أنصار } المائدة / 72. و بهذا المذهب اليعقوبي تدين الكنيسة القبطية في مصــر وكنيسة الحبشة التابعة لها، كما هو مذهب السريان الأرثوذكس في بلاد الشام، و مذهب الكنيسة الأرمنية الغريغورية.

أما مذهب الجمهور الأعظم فهو الذي قال الله تعالى في شأنه: { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة و ما من إله إلا إلـه واحد، و إن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم } المائدة / 73.

و الحاصل أن جميع الفرق المسيحية تتفق على أن المسيح بشرٌ وإلهٌ بنفس الوقت! و إنما تختلف عن بعضها في مدى تأكيدها و إبرازها لأحد الجانبين الإلهية أو البشرية في المسيح، فاليعاقبة يؤكدون الجانب الإلـهي أكثر و على عكسهم النساطرة الذين يبرزون أكثر الجانب البشري في حين يطرح الجمهور الأعظم رؤية متوازية و متعادلة للجانبين الإلـهي و البشري دون ترجيح أي منهما على الآخر.

بهذا نكون قد عرفنا عقيدة مختلف الفرق النصرانية بإلهية المسيح و كيفية تفسيرهم لهذه العقيدة. لكن هل آمن جميع المسيحيين دون خلاف بهذه العقيدة؟ هذا ما تجيب عنه الفقرة التالية :

- عقيدة تأليه المسيح بين الرفض و القبول في الأوساط المسيحية عبر التاريخ :

يعترف جُلُّ المؤرخين المسيحيين، أن هذا الاعتقاد بإلهية المسيح لم يصبح عقيدة مستقرة و سائدة بين المسيحيين إلا بعد انقضاء عهد الحواريين و عهد التلاميذ الأوائل للمسيح عليه السلام، أي بعد انقضاء قرن على الأقل على انتقال المسيح و رفعه، أما قبل ذلك، أي في القرن الأول لبعثة المسيح، فكانت مذاهب الناس في المسيح لا تزال متشعبة، فغالبية اليهود المعاصرين له أبغضوه و أنكروا رسالته من الأساس و اعتبروه ساحرا و دجالا ـ حاشاه من ذلك ـ و صرفوا جهودهم لمحاربة أتباعه و القضاء على دعوته، و في المقابل آمن به عدد من يهود فلسطين ممن تجرد لله تعالى و كان تقيا مخلصا، و رأوا فيه المسيح المبشر به في الكتب المقدسة السابقة، و من هؤلاء الحواريون، الذين تدل كتاباتهم و رسائلهم أنهم كانوا يرون في المسيح نبيا بشرا، و رجلا أيده الله تعالى بالمعجزات الباهرة ليرد الناس إلى صراط الله الذي ضلوا عنه و ابتعدوا عنه، و ليعلن بشارة الله تعالى بالرحمة و الغفران و الرضوان للمؤمنين التائبين... كما وجد في ذلك القرن الأول و ما بعده يهود تشبعوا بأفكار الفلسفة اليونانية سيما الأفلاطونية الحديثة منها وتشربت بها قلوبهم فنظروا للمسيح و لارتباطه بالله عز و جل بمنظار ما كانوا مشبعين به من تلك الفلسفة حول الإلـهيات، و ما تعلمه حول "اللوجوس" أي العقل الكلي الذي ترى فيه أول ما فاض عن المبدأ الأول ـ أي الله ـ فاللوجوس هو الوسيط بين الله في وحدته و بساطته المتناهية و بين العالم المتكثر، و به و فيه خلق الله العالم و الكائنات.... فطابقوا بين المسيح و اللوجوس، و كل هؤلاء كانوا يرون المسيح مخلوقاً لِلَّه، فلم يقولوا بإلهية المسيح و لا ساووه مع الآب في الجوهر.

و أخيرا كان هناك المؤمنون الجدد من الأمميين (الوثنيين) و غالبهم آمن بدعوة التلاميذ بعد رحلة المسيح، و هؤلاء كانوا متشبعين بثقافة عصرهم الوثنية الهيلينية التي تنظر للعظماء من أباطرة أو قادة فاتحين أو فلاسفة عظام، على أنهم أنصاف آلهة أو أبناء آلهة هبطت لعالم الدنيا و تجسدت، لخلاص بني الإنسان و هدايتهم.... فصار كثير منهم ينظرون لشخصية المسيح بنفس المنظار، خاصة أنه كان يعبر عن المسيح في لغة الأناجيل بابن الله، فأخذوا البنوة على معناها الحرفي لوجود نظير لذلك في ثقافتهم الوثنية، و رأوا فيه ابن الله الحقيقي الذي كان إلها فتجسد و نزل لعالم البشر لخلاصهم... و لاقت هذه العقيدة رواجا لدى العوام الذين يعجبون بالغلو في رفع مقام من يقدسونه و يؤمنون به و يرون ذلك من كمال الإيمان به و المحبة له، و قد لعبت عدة عوامل سياسية و ثقافية و اجتماعية و حتى لغوية ـ ليس هنا موضع بسطها ـ لصالح الاتجاه الوثني الأخير في النظر لشخصية المسيح، فساد و انتشر، و شيئا فشيئا صار هو الأصل و صارت مخالفته هرطقة و خيانة لحقيقة المسيح، و صار الموحدون، أي الأتباع الحقيقيون للمسيح، فئات ضئيلة عرضة للاضطهاد، يُنْظَر إليها على أنها مبتدعة ضالة!

لكن هذا لا يعني أن الموحدين انتهوا تماما، بل إن التاريخ و الوثائق تثبت أنه و جدت و لا تزال، في كل عصر من عصور تاريخ المسيحية و حتى يومنا هـذا، أعداد غير قليلة من علماء النصارى و عامتهم ممن أنكر تأليه المسيح ورفض عقيدة التجسد و التثليث مؤكدا تفرد الله الآب لوحده بالألوهية و الربوبية والأزلية، و أن المسيح مهما علا شأنه يبقى حادثا مخلوقا، هذا و قد حظي أولئك الأساقفة أو البطارقة الموحدون بآلاف بل عشرات آلاف الأتباع والمقلدين، و ليس ههنا مجال لذكر و استقصاء أسماء كل من نقله التاريخ لنا من أولئك الموحدين الأعلام، و من رام الاطلاع المفصَّل على ذلك فعليه بالكتاب القيِّم المسمى: " عيسى يبشِّر بالإسلام " للبروفيسور الهندي الدكتور محمد عطاء الرحيم، و الذي ترجمه إلى العربية الدكتور (الأردني) فهمي الشما، فقد ذكر فيه مؤلفه الفرق النصرانية الموحدة القديمة و تحدث في فصل كامل عن أعلام الموحدين في النصرانية، استوعب فيها أسماءهم و تراجمهم و كتاباتهم و دلائلهم على التوحيد و أحوالهم و ما لاقوه من اضطهاد و محاربة في سبيل عقيدتهم، ونكتفي هنا بإشارة سريعة لأسماء أشهر الفرق و الشخصيات النصرانية الموحدة البارزة عبر التاريخ: فقد ذكرت المراجع التاريخية النصرانية، التي تتحدث عن تاريخ الكنيسة، أسماء عدة فرق في القرون المسيحية الثلاثة الأولى كانت تنكر التثليث و التجسد و تأليه المسيح و هي: فرقة الأبيونيين، و فرقة الكارينثيانيين، و فرقة الباسيليديين و فرقة الكاربوقراطيين، فرقة الهيبسيستاريين، و فرقة الغنوصيين.

و أما أشهر القساوسة و الشخصيات المسيحية الموحدة القديمة التي تذكرها تلك المصادر فهي :

¨ ديودوروس أسقف طرطوس.

¨ بولس الشمشاطي، و كان بطريركا في أنطاكية و وافقه على مذهبه التوحيدي الخالص كثيرون و عرفوا بالفرقة البوليقانية.

¨ الأسقف لوسيان الأنطاكي أستاذ آريوس (توفي سنة 312 م.)

¨ آريوس أسقف كنيسة بوكاليس في الإسكندرية (250 ـ 336 م.) و قد صار له ألوف الأتباع عرفوا بالآريوسيين و بقي مذهبهم التوحيدي حيا لفترات زمنية طويلة و صار آريوس علما للتوحيد حتى أن كل من جاء بعده إلى يومنا هذا و أنكر التثليث و إلهية المسيح، يصمه رجال الكنيسة الرسميون بأنه آريوسي!!.

¨ يوزيبيوس النيقوميدي أسقف بيروت ثم نقل لنيقوميديا عاصمة الإمبراطورية الشرقية، و كان من أتباع لوسيان الأنطاكي و من أصدقاء آريوس.

أما أشهر الموحدين من رجال الدين و المفكرين المسيحيين المتأخرين فهم :

1) المصلح المجاهد الطبيب الأسباني ميخائيل سيرفيتوسMichael Servitus (1151 ـ 1553): تأثر بحركة الإصلاح البروتستانتية لكنه خطا في الإصلاح خطوات جذرية و جريئة أكثر، فأعلن بطلان عقيدة التثليث و رفض ألوهية المسيح بشدة و كان يسمي الثالوث بـ" الوحش الشيطاني ذي الرؤوس الثلاثة!" و قام بحركة نشطة جدا في الدعوة إلى التوحيد الخالص، و قد اتهمته الكنيسة بالهرطقة و اعتقلته ثم أعدمته حرقا. لكنها لم تستطع إعدام أفكاره وكتاباته التي انتشرت في وسط و شرق أوربا انتشار النار في الهشيم و صار لها عشرات الألوف من الأتباع و المؤيدين.

2) القسيس الروماني فرانسيس ديفيد Francis David (1510 ـ 1579): صار أسقفا كاثوليكيا أولا ثم اعتنق البروتستانتية ثم وصل في النهاية للتوحيد الخالص فأبطل التثليث و نفى ألوهية المسيح، و قد أوجدت أفكاره فرقة من الموحدين في بولونيا و المجر (هنغاريا) و أثرت أفكاره حتى في ملك هنغاريا الذي أصدر بيانا أمر فيه بإعطاء الموحدين حرية العقيدة.

3) اللاهوتي الإيطالي فاوستو باولو سوزيني Fausto Paolo Sozini (1539 ـ 1604): اشتهر باسم سوسيانوس Socianus، نشر كتابا إصلاحيا ينقد عقائد الكنيسة الأساسية من تثليث و تجسد و كفارة و غيرها، ثم توصل للتوحيد الخالص و أخذ يؤكد عليه في كتاباته و رسائله و انتشرت تعاليمه في كل مكان و عرفت مدرسته أو مذهبه اللاهوتي باسم " السوسيانية "، أما مخالفوه فسموا أتباعه بـ " الآريانيين الجدد "(أي أتباع مذهب آريوس القديم). و بعد وفاته جمعت رسائله و كتاباته في كتاب واحد نشر في مدينة "روكوف" Rokow في بولندا، و لذلك أخذ اسم " كتاب العقيدة الراكوفية "، و قد تعرض أتباع السوسيانية لاضطهاد وحشي منظم منذ عام 1638 و حرق الكثير منهم أحياء أو حرموا حقوقهم المدنية و حرقت كتبهم، و في سنة 1658 خُـيِّرَ الناس بين قبول الكاثوليكية أو الذهاب للمنفى، فتوزَّع التوحيديون في أطراف أوربا و ظلوا فئات منفصلة لفترات طويلة، و قد لقيت السوسيانية رواجا عميقا في هنغاريا (المجر) ثم بولندا و ترانسلفانيا (إقليم في رومانيا) و انتشرت منها إلى هولندا ثم بريطانيا و أخيرا سرت للولايات المتحدة الأمريكية و كانت وراء نشوء الفرقة الشهيرة التي تسمت باسم التوحيديين The Unitarians.

4) الأستاذ المحقق البريطاني جون بيدل John Biddle (1615 ـ 1662): يعتبر أبا مذهب التوحيد في إنجلترا، حيث قام بنشاط إصلاحي قوي و رائع في بريطانيا و نشر رسائله التوحيدية المدللة بأقوى البراهين المنطقية على بطلان إلـهية المسيح و بطلان إلـهية الروح القدس، و تفرد الله (الآب) وحده بالإلـهية و الربوبية، و قد تعرض هو و أتباعه لاضطهاد شديد و حوكم و سجن عدة مرات و توفي أخيرا و هو سجين بسبب سوء ظروف السجن و سوء المعاملة فيه و قد أثرت أفكاره في الكثيرين من متحرري الفكر في بريطانيا فآمنوا بها و من أشهرهم: السيد ميلتون Milton (1608 ـ 1674) و السيد إسحاق نيوتن Sir Issac Newton (1642 ـ 1727) العالم الفيزيائي الشهير، و أستاذ علم الاجتماع جون لـوك John Lock (1632 ـ 1704)، و كلهم ساهم بدوره في نقد عقائد و تعاليم الكنيسة المعقدة غير المفهومة كالتثليث و التجسد و إلهامية كل ما في الكتاب المقدس و... الخ بما كتبوه و نشروه من كتب و أبحاث و رسائل قيمة.

5) القسيس البريطاني توماس إيملين Thomas Emlyn (1663 ـ 1741): و كان من القساوسة البروتستانت المشايخية Presbyterian و نشر كتابا بعنوان: " بحث متواضع حول رواية الكتاب المقدس عن يسوع المسيح " بيَّن فيه بطلان القول بإلـهية المسيح و بطلان القول بتساويه مع الآب، فقبض عليه و اتهم بالهرطقة و نفي من بريطانيا لكنه رغم ذلك لم يتوقف عن دعوته للتوحيد التام، و نشر رسائله المدللة بالبراهين القوية من الكتاب المقدس، على نفي إلـهية المسيح أو إلـهية الروح القدس، و وجوب إفراد الله تعالى وحده بالعبادة و الصلوات، و تعتبر رسائله من أقوى و أحسن ما كتب في هذا الباب و كان عدد القساوسة البريسبيتاريين Presbyterians الذين انضموا إليه و آمنوا بآراء آريوس و غيره من الموحدين في بداية القرن الثامن عشر الميلادي عددا لا يستهان به.

6) القسيس البريطاني ثيوفيلوس ليندسيTheophilos Lindsy (1723 ـ 1808): و كان منظم أول جماعة مصلين موحدة في إنجلترا، و كان يؤكد أنه ليست الكنائس فقط مكان عبادة الله، بل للإنسان أن يختار أي مكان لأداء الأدعية و الصلوات لله وحده فقط.

7) القسيس و العالم البريطاني جوزيف بريستلي Joseph Priestly (1733ـ 1804): و كانت أبعد كتاباته أثرا كتاب "تاريخ ما لحق بالنصرانية من تحريفات"و جاء في مجلدين. و قد أثار هذا الكتاب ثائرة أتباع الكنيسة الرسمية و أمروا بإحراقه فيما بعد، كما ألف كتابا رائعا آخر في دحض التثليث و إبطال ألوهية المسيح سماه " تاريخ يسوع المسيح ". هذا و قد اهتم بريستلي كذلك بالكيمياء و اكتشف الأوكسجين الأمر الذي أكسبه شهرة عالمية. و قد هاجر بريستلي في آخر عمره إلى أمريكا و أنشأ هناك الكنيسة التوحيدية Unitarian Church، و توفي في بوسطن.

8) القسيس الأمريكي ويليام إيليري تشانينغ William Ellery Channing (1780 ـ 1842): كان له الفضل في تطوير و إرساء دعائم الكنيسة التوحيدية في أمريكا و بريطانيا و التي يربو عدد أتباعها اليوم على المائة و الخمسين ألفا على الأقل، و ذلك بفضل مواعظه المؤثرة البليغة و خطبه القوية و محاضراته القيمة، هو و مساعده القسيس رالف والدو أيميرسن Ralph Waldo Emerson. و من الجدير بالذكر أن أفكار فرقة الموحدين Unitarians هذه تسربت إلى قادة الحركة التي قامت بتأسيس مدرسة اللاهوت العصرية في جامعة هارفورد الشهيرة في سنة 1861.

9) البروفيسور البريطاني المعاصر جون هيك John Hick أستاذ اللاهوت في جامعة برمنجهام و صاحب الكتاب الممتاز “ The Myth of God Incarnate” أي: أسطورة الله المتجسد، الذي ترجم للعربية و لعدة لغات عالمية، و يضم مقالات له و للفيف من كبار الأساتذة و الدكاترة في اللاهوت و مقارنة الأديان في جامعات بريطانيا، محورها جميعا ما أشار إليه البروفيسور هيك نفسه في مقدمة كتابه ذاك حيث قال ما نصه:

[ The writers of this book are convinced that another major theological development is called for in this last part of the Twentieth Century. The need arises from growing knowledge of Christian origins and involves a recognition that Jesus was (as he is presented in Acts 2.21) “A man approved by God “ for a special role within the Divine purpose, and that the later conception of him as God Incarnate, The Second Person of the Holy Trinity living a human life, is a mythological or poetic way of expressing his significance for us. ].

و ترجمته: [ إن كُتَّاب هذا الكتاب مقتنعين بأن هناك، في هذا الجزء الأخير من القرن العشرين، حاجة ماسة لتطور عقائدي كبير آخر. هذه الحاجة أوجدتها المعرفة المتزايدة لأصول المسيحية، تلك المعرفة التي أصبحت تستلزم الاعتراف بعيسى أنه كان (كما يصفه سفر أعمال الرسل: 2/21): " رجل أيده الله " لأداء دور خاص ضمن الهدف الإلـهي، و أن المفهوم المتأخر عن عيسى و الذي صار يعتبره " الله المتجسد و الشخص الثاني من الثالوث المقدس الذي عاش حياة إنسانية " ليس في الواقع إلا طريقة تعبير أسطورية و شعرية عما يعنيه عيسى المسيح بالنسبة إلينا ].

و أخيرا فإن المتتبع لمؤلفات المحققين الغربيين المعاصرين حول تاريخ المسيحية و تاريخ الأديان و المطالع لما تذكره دوائر المعارف البريطانية و الأمريكية الشهيرة حول المسيح و تاريخ تطور العقيدة النصرانية والأناجيل، يجد أن الغالبية العظمى من هؤلاء المفكرين و الكتَّاب العصريين لا تماري و لا ترتاب في كون غالب العقائد المعقَّدة للكنيسة النصرانية، لا سيما التثليث و التجسد و الكفارة و الأقانيم... ما هي إلا تعبيرات فلسفية بعدية عن رسالة المسيح التي لم تكن إلا رسالة توحيدية أخلاقية بسيطة. ولم يبق إلا القليل جدا من المفكرين و دكاترة اللاهوت و أساتذة علم الأديان الغربيين ممن لا يزال يرى أن عقائد الكنيسة الرسمية تلك تمثل بالضبط نفس تعاليم المسيح و تعكس حقيقة رسالته.

و في الختام أشير إلى أن كثيرا من الفرق النصرانية الجديدة، التي انشقت عن الكنيسة في قرننا هذا و الذي سبقه، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، تتفق على إنكار إلـهية المسيح و إنكار التثليث و رفض فكرة: الله ـ الإنسان، و تنظر لبنوَّة المسيح لله على معنى مجازي لا حرفي، و من أشهر هذه الفرق الجديدة التي قالت بذلك :

¨ فرقة الموحدين أو التوحيديين The Unitarians

¨ فرقة شهود يهْوَه s Witnesses’ Jehovah

¨ فرقة الروحيين The Spiritualist

¨ فرقة العلم المسيحي The Christian Science

مع العلم أن لكل واحدة من هذه الفرق عشرات الكنائس و عشرات آلاف الأتباع من مختلف الطبقات، لا سيما الطبقات المثقفة العصرية، في الولايات المتحدة الأمريكية و كثير من بلدان العالم الأخرى.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] كتاب سوسنة سليمان في أصول العقائد و الأديان، لمؤلفه النصراني: نوفل أفندي نوفل، طبع المطبعة الأمريكية في بيروت عام 1922، ص 137.
[2] و الكاثوليك يعتبرون الروح القدس منبثقا من الآب و الابن كليهما في حين يعتبره الروم الأرثوذكس منبثقا من الآب فقط، أما البروتستانت فلا يتعرضون لشيء من ذلك بل يكتفون بالقول بألوهية الروح القدس و أنه أقنوم الذات الإلـهية الثالث.

masry يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((((عهود الرخاء في النصرانية))))))))))))))))))


عهود الرخاء في النصرانية كانت هي الأخرى عهود تحريف وتبديل: ظلت عهود الاضطهاد على النصارى تشتد تارة، وتخف أحياناً ،وبقيت الدعوة إلى النصرانية ضعيفة مستخفية غالباً إلى أن جاء عهد قسطنطين الأول أو الأكبر الذي حكم من سنة 306 إلى سنة 337م .

وقد اعتنق قسطنطين النصرانية في عام 312م فكان أول من تنصر من ملوك الروم. فلما أعلن قسطنطين نصرانيته، ظهرت النصرانية، وبدأت بالانتشار بقوة، فكان له دور هام في تحويلها من فرقة دينية مضطهدة، إلى ديانة مسيطرة ومهيمنة في أوروبا .. فكان من أول أعماله إصدار "مرسوم ميلان" الذي أصبحت النصرانية بموجبه ديناً شرعياً مسموحاً به..

وقد قضى المرسوم أيضاً على إعادة أملاك الكنيسة التي كان قد صادرها الأباطرة أيام اضطهاد النصرانية، كما قرر أن يجعل يوم الأحد يوم عبادة وراحة من الأعمال ؛ وقد كان ذلك معروفاً من قبل في الإمبراطورية الرومانية التي كانت لوثنيتها تقدس الشمس فيما تقدسه وكان يوم الأحد ( Sunday ) يوم الشمس عندهم يوم راحة، فلما تنصر قسطنطين، نقل ذلك معه إلى النصرانية !!وقد تقدم أنهم غيروا قبلتهم أيضاً، بالتوجه إلى المشرق، بعد أن كانوا يتوجهون إلى بيت المقدس في زمن المسيح. وقد رافق مرسوم ميلان اتجاه آخر نحو اضطهاد اليهود، الذي ظل ساري المفعول في أوروبا لعدة قرون تلت ،وقد بالغ اليهود في تضخيم ذلك واستغلاله في زماننا حتى أظهروه وأشهروه وطالبوا بتعويضات طائلة عليه؛ وغطوا به على عهود اضطهادهم للنصارى وغيرهم ،حتى انطلى ذلك على أكثر النصارى فتابعوهم عليه وروّجوا له ؛وطالبوا بتعويض اليهود عنه ونسوا لسفههم ما فعله اليهود بهم وبغيرهم في عهود تسلّطهم وإفسادهم في الأرض.

وقد بُديء في عهد قسطنطين ببناء عدة كنائس شهيرة مثل كنيسة المهد في بيت لحم .. وكنيسة القمامة في القدس والتي يسميها النصارى "القيامة" .

وقد أعاد قسطنطين بناء مدينة بيزنطة، ووسعها وسماها القسطنطينية وجعلها عاصمة له، فأصبحت من أعظم مدن العالم ،وبقيت عاصمة النصف الشرقي للإمبراطورية الرومانية حتى عام 1453م عندما سقطت على أيدي جحافل الفتح الإسلامي في منتصف القرن التاسع من الهجرة ،وذلك ما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من ثمانمائة عام من وقوعه ؛ فوقع كما أخبر به الصادق المصدوق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛أي المدينتين تُفتح أولاً أقسطنطينية أو رومية ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مدينة هرقل تفتح أولاً ( يعني قسطنطينية ) رواه الإمام أحمد في مسنده (2/176).

وقد اختار قسطنطين ألا يُعمد إلا وهو على فراش الموت، مع أنه كان قد اعتنق النصرانية قبل ذلك بكثير. وكان يوصف بالقسوة إلى حد كبير.

فقد أعدم ابنه الأكبر، وزوجته في عام 326م. وقد وصفه (هندرليك فان لون) في (قصة الجنس البشري) بقوله: ( لقد كان وغداً غليظ القلب لا يرحم ).

وقال غيره عنه: (لقد فك القيود وساوى بين النصرانية والوثنية).

فالجدير بالذكر أن عهد قسطنطين هذا وما تلاه من عهود الرخاء على النصرانية لم تكن أرأف بالنصرانية في التحريف والتبديل ؛ من عهود الاضطهاد السابقة. فقد ساهم قسطنطين نفسه في تحريف وتبديل وتشويه هذه الديانة.



مجمع نيقية :

ويصف بعض المعاصرين ذلك العهد؛ بالدور الهام الذي لعبه قسطنطين في تاريخ الكنيسة حين أنشأ ( مجمع نيقية ) لمعالجة الانقسام الداخلي!! في الكنيسة، وذلك في عام 325م أي بعد المسيح بثلاثمائة سنة وقبل البعثة المحمدية بمثل ذلك ، وقد عمل هذا المجمع على إنشاء(عقيدة نيقية) التي أصبحت فيما بعد (المذهب الأرثوذكسي) للكنسية..

ففي هذا المجمع اجتمع الأساقطة والبطارقة من شتى الديار ثلاث مرات في زمن قسطنطين، وعدة مرات بعد ذلك، وقرروا ما سموه بالأمانة ، وهي في حقيقتها الخيانة التي صرّحوا فيها بتثليثهم، ولعن كل من يخالفهم، خصوصاً منهم من كانوا يقولون بعقيدة التوحيد؛ ويبرؤون من ألوهية عيسى ويقولون بأنه عبد الله ورسوله. وذلك أن الغالب على النصارى في ذلك الزمان ؛كان نعت عيسى عليه السلام بالألوهية، وهي العقيدة الكفرية التي روّجها بولس وأتباعه.

وكانت طائفة قليلة من النصارى تقول أنه رسول الله فقط وليس بإله ولا ابن إله، بل هو وأمه مخلوقان، والروح القدس مخلوق.



آريوس :

وممن أظهر هذه المقالة وصدع بها بقوة وشجاعة في زمن قسطنطين: ( أريوس بن اصفانوس )، يُلقب برشيد قومه ، وهو أكبر تلامذة ( ماربطرس) بطريك الأسكندرية، وخريج المدرسة اللاهوتية، كان داعية قوياً شجاعاً لا يخاف، وخالف أستاذه كثيراً ؛ فكان يحارب مقالة ألوهية المسيح بكل ما أوتي من قوة ؛ وآرائه هذه هي ما يسميه النصارى بـ(بدعة آريوس) ، فسخطه أستاذه وجرّده من كهنوته.

ولما مات بطرس رجع آريوس عن إظهار المخالفة فأدخله (أشلا) أو (إسكندروس) إلى الكنيسة وصيّره قساً، ولكن مجمع الأساقطة قرر نفيه ؛ فنفاه القيصر وأمر بقتله، ولكنه اختفى وظهر بعد موت القيصر.

قال ابن حزم عن آريوس: (كان قسيساً في الاسكندرية، ومن قوله: التوحيد المجرد وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق، وأنه كلمة الله التي بها خلق السموات والأرض) أهـ فكانت دعوة آريوس هذه سبباً رئيسياً في ظهور المجمع الذي أنشأه قسطنطين.

حيث دعاه بداية إلى مناظرة بطرك الإسكندرية … فاستحسن قسطنطين مقالة البطرك، ودعا إلى تكفير آريوس، ودعوة جميع البطاركة والأساقطة لمجمع عام لتكفيره وتكفير كل من يقول بمقالته، وليشرحوا في هذا المجمع الدين ،ويتفقوا على مقالة واحدة في دينهم ؛يوضحوها ويعلنوها للناس.

فاجتمع لديه (2048) أسقفاً وبطركاً مختلفي الآراء والأهواء في أصول النصرانية ، خصوصاً من ذلك القول في المسيح وأمه؛ فعجب قسطنطين لهم ولاختلافهم ؛ ثم انتصر للرأي القائل بألوهية المسيح وأقرّه .. وهو رأي بولس وكان عدد أتباعه من أولئك الأساقفة (318) أسقفاً..

فهذا الإمبراطور الذي لا يعرف أصول هذه الديانة يتدخل بسلطانه لينصر هذه المقالة الأقرب إلى وثنية قومه الأولى .. ثم يجمع الأساقفة الذين قالوا بهذه المقالة في دار خاصة، ويقول لهم: ( قد سلطتكم اليوم على مملكتي لتصنعوا ما ينبغي لكم أن تصنعوه مما فيه قوام الدين !! وصلاح المؤمنين!) فباركوا له، وقلّدوه سيفه ؛ وقالوا له: (أظهر دين النصرانية وذب عنه).

وعلى أثر ذلك أمر بإحراق كل الكتب التي تخالف رأي المجمع الأخير، واضطهاد المخالفين ممن يقولون بقول آريوس وأمثاله ولعنهم..

قال ابن كثير في البداية والنهاية (2/101) : (ثم بعد المسيح بثلاثمائة سنة حدثت الطامة العظمى والبلية الكبرى، حيث اختلفت البتاركة الأربعة وجميع الأساقفة والقساوسة ، في المسيح على أقوال لا تنحصر ولا تنضبط، واجتمعوا وتحاكموا إلى الملك قسطنطين وهم المجمع الأول، فصار الملك إلى قول أكثر فرقة اتفقت من تلك المقالات فسموا الملائكة([36]) ودحض من عداهم وأبعدهم وتفردت الفرقة المتابعة لعبد الله بن آريوس الذي ثبت على أن عيسى عبد من عباد الله، ورسول من رسله، فسكنوا البراري والبوادي، وبنوا الصوامع والديارات وقنعوا بالعيش الزهيد، ولم يخالطوا أولئك الملل والنحل، وبنوا الكنائس الهائلة وعمدوا إلى ما كان من بناء اليونان فحولوا محاريبها إلى الشرق وقد كانت إلى الشمال إلى الجدي) أهـ.

فتأمل كيف فرض المجمع بقوة قسطنطين تلك العقيدة الكفرية على النصارى، وكفّروا كل من يقول بغيرها، ولعنوه .. فالذين قالوا بهذه العقيدة الكفرية هم (318) أسقفاً، خالفهم نحو (1700) أسقف، وإن لم يكونوا متفقين فيما بينهم على مذهب واحد ؛ ولكن قد قيل أن منهم قرابة (700) أسقف كانوا يرون رأي آريوس أو قريباً منه في رفض ألوهية المسيح، وهو أكبر عدد نالته نحلة من نحل النصرانية آنذاك، ومع هذا فقد نصر قسطنطين ماوافق هواه مما كان قريبا من وثنية أجداده.

وقد تكررت المجامع كثيراً .. حيث كانوا يجتمعون فيها على مقالة من مقالاتهم الكفرية .. وينفضون على لعن من خالفهم..

قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (2/276): (وكل مجامعهم كانت تجتمع على الضلال وتفترق على اللعن، فلا ينفض مجمع إلا وهم ما بين لاعن وملعون)أهـ.

قلت: ولا غرابة في هذا .. فقد حلت عليهم اللعنة واستحقوها ولزمتهم إلى يوم القيامة بلعنهم المسيح حيث زعموا أنه صلب .. وقد تقرر في كتبهم كما تقدم أنه (ملعون من تعلق بالصليب) وقد قال إبليسهم بولس: ( أن المسيح افتدانا من لعنة الشريعة إذ صار لعنة لأجلنا).

وقد صح عندنا نحن المسلمين في الحديث الذي يرويه أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا لعن شيئاً، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإذا لم تجد مساغاً، رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلاً لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها..).

ولا نشك نحن المسلمون طرفة عين، أن الله قد سلم عبده ورسوله المسيح من لعناتهم، وأنه عليه السلام ليس أهلاً لتلك اللعنات ؛ ومن ثم فقد صدق خبر نبينا الصادق المصدوق في هؤلاء .. حيث رجعت لعناتهم عليهم، فهم يجتمعون وينفضون على اللعنة كما رأيت!! ولا تزال لعناتهم تحور وتتردد عليهم وعلى رؤوسهم إلى يوم القيامة ؛ إلا من تاب منهم وآمن وبرئ من شركه وباطله.

وقد اعترف بعض علمائهم بحلول اللعنة عليهم كما في خبر زيد بن عمرو بن نفيل لما خرج إلى الشام يسأل عن الدين .. فلقي عالماً من النصارى، فسأله عن دينهم فقال له: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله: فقال رحمه الله لرجاحة عقله: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله شيئاً أبداً وأنّا أستطيع، فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قوله في إبراهيم عليه السلام خرج؛ فلما برز رفع يديه فقال: اللهم أني أشهدك إني على دين إبراهيم .. وانظر الخبر كاملاً في صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى ؛ بعد أن سرد أخبار مجامع تباركة وأساقفة النصارى على مر العصور، وعدّد عشرة من تلك المجامع التي اختلفوا فيها اختلافا كثيراً، قال: ( فهذه عشرة مجامع من مجامعهم مشهورة اشتملت على أكثر من أربعة عشر ألفاً من البتاركة والأساقفة والرهبان، كلهم ما بين لاعن وملعون. فهذه حال المتقدمين منهم ، مع قرب زمانهم من أيام المسيح، ووجود أخباره فيهم، والدولة دولتهم، والكلمة كلمتهم، وعلماؤهم إذ ذاك أوفر ما كانوا ،واهتمامهم في دينهم كما ترى ؛ وهم حيارى تائهون ضالون مضلون، لا يثبت لهم قدم ولا يستقر لهم قول في إلههم، بل كلٌ منهم قد اتخذ إلهه هواه، وصرّح بالكفر والتبري ممن اتبع سواه، قد تفرّقت بهم في نبيهم وإلههم الأقاويل، وهم كما قال الله تعالى: " قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ" (77) سورة المائدة.

فلو سألت أهل البيت الواحد عن دينهم ومعتقدهم في ربهم ونبيهم، لأجابك الرجل بجواب، وامرأته بجواب، وابنه بجواب والخادم بجواب، فما ظنك في عصرنا هذا، وهم نخالة الماضين، وزبالة الغابرين، ونفاية المتحيرين ؟ وقد طال عليهم الأمد وبعد عهدهم بالمسيح ودينه ؟ ) أهـ من إغاثة اللهفان (2/281).



لمحة عن أشهر الفرق القديمة في النصرانية


قد أخبر خاتم الأنبياء والمرسلين وهو الصادق المصدوق، أن النصارى افترقت إلى ثنتين وسبعين فرقة ، فهم كذلك، إلا أن أشهرهم ثلاثة فرق هم: الملكانية، والنسطورية، واليعقوبية.

اولا. أما الملكانية :

فقيل سموا كذلك لأنهم أيدوا القرار الذي نصره قسطنطين في المجمع الذي جمعه، وقيل لأنهم أيدوا القرارالذي اتخذه مجمع خلكدونية عام 451م ضد بدعة أوطيخا المونوفيزية، القائلة بطبيعة واحدة للمسيح، فلقبهم مخالفوهم بالملكيين لوقوفهم في صف مرقيانوس الذي كان يعاضد المجمع.

وكلا القولين مؤداه أن هذه الفرقة تابعت القول الذي نصره الملوك فنسبوا إلى ذلك.

قال ابن حزم في الفصل (1/110): (هو مذهب جميع ملوك النصارى حاشا الحبشة والنوية، وقولهم أن الله تعالى عبارة عن ثلاثة أشياء: أب وابن وروح قدس، وأن عيسى إله تام كله وإنسان تام كله ليس أحدهما غير الآخر. وأن الإنسان منه هو الذي صلب وقتل، وأن الإله منه لم ينله شيء من ذلك.

وأن مريم ولدت الإله والإنسان ) أهـ . تعالى الله عن كفرهم علوا كبيرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (والملكانية تزعم أن اللاهوت والناسوت صارا جوهراً واحداً له أقنومان، وقيل أقنوم واحد له جوهران)أهـ .

فقد صرحوا بإثبات التثليث. ولذلك زعم البعض أن قول الله تعالى " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ" (73) المائدة ؛ إنما هو في الملكانية خاصة.. وكنيستهم تسمى كنيسة الروم وطائفتهم منتشرة في سورية ومصر والأردن وفلسطين ويتكلم معظمهم العربية.

قال ابن تيمية: "هم أهل الشمال من الشام والروم" أهـ.

ومنهم كاثوليك يعترفون برئاسة باب روما، ويسمون الروم الكاثوليك.


ثانيا. النسطورية:

فرقة نشأت في زمن دولة المسلمين في عهد المأمون، وهم قليل وينسبون إلى ( نسطور الحكيم ) الذي كان يقول: إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة: الوجود والعلم والحياة، وهذه الأقانيم ليست زائدة على الذات ولا هي هو، وأن الكلمة اتحدت بالجسد لا على سبيل الامتزاج كما قالت الملكانية، ولا على طريق الظهور كما قالت اليعقوبية؛ لكن كإشراقة الشمس في كوة على بلورة، وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم.

وقالوا إن مريم لم تلد الإله، وإنما ولدت الإنسان، وأن الله تعالى لم يلد الإنسان وإنما ولد الإله. وقالوا إن القتل وقع على المسيح عن جهة ناسوته لا من جهة لاهوته لأن الإله لا تحله الآلام .

وهذه الفرقة غالبة على الموصل والعراق وفارس .. ونسطور هو الذي اعترض على تسمية مريم العذراء بوالدة الإله، وقد كان بطريركاً بالقسطنطينية فاجتمع مجمع البطارقة وردوا قوله ولعنوه، وقرروا أن مريم ولدت إلهاً هو يسوع المسيح .

وقال ابن كثير في البداية والنهاية (2/92): (قالت النسطورية ؛ كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه) أهـ ..

ومن أقوالهم : أن اللاهوت والناسوت جوهران أقنومان وإنما اتحدا في المشيئة.



ثالثا. اليعقوبية :

قال ابن تيمية: (هم شر الأصناف الثلاثة) أهـ

ويدور مذهبهم على القول بأن المسيح هو الله، وقالوا بالأقانيم الثلاثة ، إلا أنهم قالوا إن الكلمة انقلبت لحماً ودماً؛ فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده بل هو هو. فهم يقولون باتحاد الله بالإنسان في طبيعة واحدة هي المسيح ؛فالله ـ تعالى عن عظيم كفرهم ـ مات وصلب وقتل، وبقي العالم ثلاثة أيام بلا مدبر، ثم قام ورجع كما كان.

وهكذا جمعوا بين الخالق والمخلوق ؛أو كما قال بعض أهل العلم " جمعوا بين القديم والمحدث، وهو محال كالجمع بين القاعد والقائم أو الحار والبارد". وذكر بعضهم أن القرآن عناهم في قوله: " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ".

فهم يزعمون أن اللاهوت والناسوت اتحدا وامتزجا كامتزاج الماء والخمر، فهما جوهر واحد وأقنوم واحد وطبيعة واحدة.

قال ابن كثير: (قالت اليعقوبية: كان فينا الله ما شاء ثم صعد إلى السماء) أهـ. عاش اليعاقبة في مصر والسودان والنوبة والحبشة.

وجميع هذه الطوائف الثلاثة قالوا أن الله جوهر واحد وأقانيم ثلاثة، وأحد الأقانيم عندهم الأب والآخر الإبن والآخر روح القدس .. وبعضهم يقول أن الأقانيم خواص .. وبعضهم يقول: صفات ..وبعضهم يقول: أشخاص ..

ومن هذا تعلم أنه ليس بمصيب من زعم بأن مراد الله تعالى في قوله: " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ" الملكانية خاصة.

وفي قوله: " وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ" النسطورية خاصة.

وفي قوله " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" اليعقوبية خاصة.

وقال شيخ الإسلام في التسعينية: "فزعم بعض الناس أن الذين قالوا هو المسيح ابن مريم الذين قالوا اتحدا حتى صارا شيئاً واحداً، والذين قالوا هما جوهر واحد له طبيعتان، فيقولون هو ولده بمنزلة الشعاع المتولد عن الشمس.

والذين قالوا بجوهرين وطبيعتين وأقنومين مع الرب قالوا ثالث ثلاثة.

وهذا الذي قاله هؤلاء ليس بشيء؛ فإن الله أخبر أن النصارى يقولون أنه ثالث ثلاثة وأنهم يقولون إنه ابن الله وقال لهم: لا تقولوا ثلاثة، مع إخباره أن النصارى افترقوا وألقى بينهم العداوة والبغضاء بقوله: " وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (14) المائدة.

وقال: " وأيضاً فهذه الأقوال لا تنطبق على ما ذكر فإن الذين يقولون أنهما اتحدا وصارا شيئاً واحداً ؛يقولون أيضاً إنما اتحد الكلمة التي هي الابن، والذين يقولون هما جوهر واحد له طبيعتان، يقولون إن المسيح إله وإنه الله، والذين يقولون إنه حل فيه يقولون خلق فيه الكلمة التي هي الابن وهي الله أيضاً بوجه آخر".

وقال: " وعلى هذا فتكون كل آية مما ذكره الله عن الأقوال تعم جميع طوائفهم وتعم أيضاً بتثليث الأقانيم، وبالاتحاد والحلول، فتعم أصنافهم وأصناف كفرهم، ليس يختص كل آية بصنف، كما قال من يزعم ذلك.

ولا تختص آية بتثليث الأقانيم، وآية بالحلول والاتحاد، بل هو سبحانه ذكر في كل آية كفرهم المشترك.

ولكن وصف كفرهم بثلاث صفات وكل صفة تستلزم الأخرى: أنهم يقولون المسيح هو الله، ويقولون هو ابن الله، ويقولون إن الله ثالث ثلاثة، حيث اتخذوا المسيح وأمه إلهين من دون الله، هذا بالاتحاد، وهذا بالحلول ،وتبين بذلك إثبات ثلاث آلهة منفصلة غير الاقانيم، وهذا يتضمن جميع كفر النصارى، وذلك أنهم يقولون: الإله جوهر واحد له ثلاثة اقانيم، وهذه الأقانيم يجعلونها تارة جواهر وأشخاصاً، وتارة صفات وخواصاً". أهـ.

ومن هذا كله يتبين لك أن النصارى على اختلاف مناهجهم يعتقدون أن في اللاهوت ثلاثة يُعبدون، وعباداتهم تفيد أنهم متغايرون، وأن اتحدوا في الجوهر والقدم والصفات.

ولكن كتّابهم يحاولون أن يجعلوهم جميعاً أقانيم لشيء واحد، أي أنهم يحاولون الجمع بين التثليث والوحدانية بصورة بعيدة عن الإفهام والواقع.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (.. ومن هنا قيل: النصارى، غلطوا في أول مسألة من الحساب الذي يعلمه كل أحد!! وهو قولهم الواحد ثلاثة !!)أهـ.



لمحة عن طوائف النصرانية وفرقها الحديثة


أما أهم الفرق والطوائف النصرانية المتبقية اليوم فهي ,,,

* أولاً: الكاثوليك:

وتسمى كنيستهم بالكنيسة الغربية لامتداد نفوذها إلى الغرب اللاتيني الذين يسكنون بلاد إيطاليا وبلجيكيا وفرنسا والبرتغال وإيرلندا ويوجد لهم أتباع في أمريكا الشمالية والجنوبية وأفريقيا وآسيا، ويدعون أن مؤسس فرقتهم (بطرس) كبير الحواريين ،ويدعون أن بابوات روما خلفاؤه، ولذلك يسمون كنيستهم بالبطرسية أو اللاتينية، لأنها تدعى إمام الكنائس ومعلمتها، لأنها وحدها التي تنشر النصرانية في العالم.

وتتبع الكنيسة الكاثوليكية في روما النظام البابوي، وهو مجمع الكنائس. ومن بدع الكاثوليكية ومحدثاتها: أنها أباحت أكل لحم المخنوق، وأباحت للرهبان أكل لحم الخنزير.

وتعتقد المساواة الكاملة بين الإله الأب !! والإله الابن!! وتقول أن المسيح طبيعتين بعد الاتحاد إحداها لاهوتية والأخرى ناسوتية، وهي الكنيسة التي اعتادت إصدار صكوك الغفران، وقد كان أصل هذه البدعة أن يدفع مبلغ من المال للكنيسة للحصول على إعفاء من الاشتراك في الحروب الصليبية؛ ثم أصبحت فيما بعد وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل من قبل القسيسين والرهبان بدعوى غفران الذنوب.

ـ ويتبع للكنيسة الكاثوليكية طوائف أخرى وإن لم تكن كاعتقادها في طبيعة المسيح وهم:

1. النسطورية:

تقدم الكلام عليها وأنها نسبة إلى نسطور، الذي كان بطريركاً للقسطنطينية لمدة أربع سنين قبل خلعه ونفيه إلى مصر، وكان يرى أن مريم أم المسيح لم تلد الإله بل ولدت الإنسان فقط، ثم اتحد الإنسان بعد ولادته بالاقنوم الثاني وهو الابن، وليس ذلك الاتحاد حقيقي بل مجازي لأن الله منحه المحبة، فهو اتحاد في المشيئة عنده.

وكاتبه على أثر ذلك (كيرلس) بطريرك الاسكندرية، ويوحنا بطريرك إنطاكيا ليعدل عن رأيه، لكنه لم يستجب لهم، فانعقد مجمع سنة (431م) وقرر لعنه وطرده وإثبات أن مريم العذراء ولدت الإنسان الإله.

2. المارونية:

مقرها لبنان نسبة إلى القديس مارون الذي أعلن سنة (667م) أن المسيح ذو طبيعتين ولكنه ذو إرادة واحدة أو مشيئة واحدة، ولم يُقبل قوله، فاجتمع المجمع السادس بمدينة القسطنطينية سنة (680م) وقرر رفض نحلة مارون، ولعنه وتكفير كل من يذهب إليها، وقد نزلت بأتباعه المحن والاضطهادات، فلم يجدوا أمامهم إلا الفرار والاعتصام بمدن جبل لبنان ،وقد تحايلت الكنيسة الكاثوليكية وقربتهم إليها، فأعلنوا لها الطاعة والاتحاد معها سنة 1182م على أن يبقوا على رأيهم، ولهم بطريركهم الخاص بهم، وإن كان يقر بالرياسة لبابا روما …

2. السريان:

طوائف من النصارى يقولون أن المسيح ذو طبيعة واحدة، لكنهم يعترفون برئاسة الكنيسة الكاثوليكية عليهم، وأن لهم رأيهم وبطريركهم الخاص لهم.


* ثانياً: الأرثوذكس:

وتسمى كنيستهم بالكنيسة الشرقية أو اليونانية أو كنيسة الروم الشرقيين لأن أتباعها كانوا من شرق أوروبا وروسيا والبلقان واليونان.

مقرها الأصلي كان القسطنطينية، بعد انفصالها عن كنيسة روما سنة 1054م .. وترتيبها يتبع نظام الأكليروس: فيبدأ من البطريرك ويليه في الرتبة المطارنة. ثم الأساقفة، ثم القمامصة، وهم قسس ممتازون، يليهم القسس العاديون.

- لم تقبل كنيستهم أكل لحم المخنوق، ورفضت إباحة أكل لحم الدم للرهبان.

- أصرت على أن روح القدس نشأ عن الإله الأب فقط.

- وقالت بأفضلية الإله الأب عن الإله الابن.

- وترى أن المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة.

ـ وهناك طوائف أخرى تتبع المذهب الأرثوذكسي وإن كانت كنائسها مستقلة :

1. الكنسية المصرية:

رئيس هذه الكنيسة هو بطريرك القبط المقيم بالقاهرة ويدعى حالياً ( باب الإسكندرية) ورئيس الأفريقيين النصارى، ويتبعون في هذه الرياسة سكان الحبشة، فهم خاضعون لبطريرك الكنيسة القبطية وهو يعين لهم أسقفاً يسوسهم.

وتعتقد هذه الكنيسة أن للمسيح طبيعة واحدة([42]) اجتمع فيها اللاهوت بالناسوت، وانعقد لهذه الغاية مجمع أفسس الثاني خلال النصف الأول من القرن الخامس الميلادي، وأعلن هذا الرأي، إلا أن الكنيسة البابوية رفضته ووصفته بأنه مجمع اللصوص.

وانعقد بعد ذلك مجمع خليكدونية سنة 451م وتقرر فيه أن المسيح فيه طبيعتان لا طبيعة واحدة، وأن الألوهية طبيعة وحدها والناسوت طبيعة وحده التقيا في المسيح، وبذلك رفض المجمع الأخير رأي الكنيسة المصرية بل لعن هذا المجمع (ديسقورس) بطريرك الإسكندرية مما جعل الأقباط المصريين لما سمعوا بما نزل برئيس كنيستهم، يجتمعون على عدم الاعتراف بقرارات ذلك المجمع، بل ثاروا ضده ورفضوا تعيين بطريرك على غير مذهبهم وكان قرار مجمع خليكدونية هذا هو سبب انفصال الكنيسة المصرية عن الكنسية الغربية.

وقد ظهر للمذهب القبطي المصري داعية قوي في وسط القرن السادس الميلادي هو (يعقوب البراذعي) الذي جال البلاد الرومانية، داعياً إلى اعتناق المذهب القبطي المصري.

2. الأرمن:

طوائف من النصارى موطنهم الأصلي أرمينيا، وإن كانوا ينتشرون في مصر والأردن وبلاد الشرق الأوسط، ويعتقدون في المسيح اعتقادات الكنيسة القبطية، وهي أن المسيح ذو طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، ولكن طقوسهم الدينية وتقاليدهم مختلفة، كما أن لهم بطاركة مستقلين، فهم لا يندمجون مع الكنائس الأخرى.


* ثالثاً: البروتستانت: "وتعني الإصلاح الديني"

ينتشرون في ألمانيا وإنكلترا والدانمرك وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا، وهولندا وسويسرا والنرويج وأمريكا الشمالية، وتسمى كنيستهم "الكنيسة الإنجيلية" بمعنى أن أتباعها يتبعون الإنجيل ويفهمونه بأنفسهم دون الخضوع لأحد من رجال الدين أو طائفة أخرى، وخالفوا بذلك الكنائس الأخرى التي تعتبر فهم الإنجيل وقفاً على رجال الكنيسة.

يقولون باستحالة تحول الخبز والخمر في عيد الفصح إلى جسد المسيح ودمه، ويطالبون بإبطال صكوك الغفران لعدم وجود أصل لذلك في الإنجيل.

زعيمهم الأول مارتن لوثر([43]) (1483-1546م) وكان من أشد الناس إنكاراً على من نظر في فلسفة أرسطو، وكان يلقيه بالخنزير الدنس الكذاب .. وكان مارتن لوثر يرى بأن إرضاء الرب إنما ينال بالإيمان فقط، ولا دخل للطاعات والعبادات في ذلك ؛ وذلك ليزيل كهنوت رجال الكنيسة وهيمنتهم، مكرساً بذلك لإرجاء بولس وتحريفاته. فقد كان لوثر نصيراً متحمساً لبولس..

وكان من أعماله ترجمة (كتابهم المقدس) إلى اللغة الألمانية ليمكن كل أحد من قراءته دون الرجوع إلى رجال الدين.

طلب منه التبري من آرائه علناً فرفض، فأعلن أنه كافر خارج عن القانون في مجمع ورمس 1521م وأن كتبه محرمة. وحكم بأن يحرق لوثر على الخازوق، ولكن آراؤه لقيت تأييداً واسعاً في ألمانيا، خصوصاً من بعض الأمراء الألمان، مما نجاه من تلك العقوبات.

والبروتستانت كالكاثوليك في قولهم أن للمسيح طبيعتين بعد الاتحاد إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية.

وبالجملة فالبروتستانت لم يبطلوا في إصلاحهم المزعوم أصلاً من أصول النصرانية الشركية، كالقول بألوهية عيسى وأنه ابن الله وأنه صلب من أجل عقيدة الفداء والخلاص، وأن الإيمان بذلك كافٍ دون العمل بأحكام الشريعة .. الخ.

بل إنهم فقط منعوا من الغلو بالرؤساء في سلطتهم، فحركتهم كانت دعوة لإصلاح الكنيسة، لا لإصلاح النصرانية وإرجاعها إلى أصولها الصحيحة كما جاء بها المسيح.

لذلك بقيت موضوعات رئيسية وضخمة لم يتطرق لها إصلاحهم الديني المزعوم، من قريب أو بعيد ؛ أهمها :

- عقيدة التثليث، وما تضمنته قرارات المجامع السابقة في العقيدة، خصوصاً قرارات مجمع نيقية سنة 325م وقرارات مجمع القسطنطينة سنة (381م)، ففي الأول تقررت عقيدة التثليث وألوهية المسيح عندهم، وفي الثاني قرروا ألوهية روح القدس، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.

- عقيدة صلب المسيح، للتكفير عن خطايا البشر (عقيدة الفداء).

- البحث عن إنجيل المسيح نفسه بمعنى الاقتصار على تعاليم المسيح الأصلية، واستبعاد الدخيل على ذلك، خصوصاً ما يتعلق بالعقيدة.

- مراجعة بشارة المسيح بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم ؛ الذي يأتي من بعده خاتماً للرسل، والبحث عن ذلك في تعاليم المسيح الأصلية.

إذ كل من ادعى السعي في اصلاح النصرانية أو كنيستها؛ دون أن يطرق هذه الأصول المهمة في الديانة النصرانية ؛ فهو ضال واهم في إصلاحه ، ودعواه محض زيف وضلال..



الخاتمة :

وعلى كل حال فإن المسيحية لم تعدم في تاريخها من دعاة حاولوا الاعتراض على بعض جوانب العقيدة النصرانية والتعرض إلى بعض تلكم الأصول الخطيرة ، منهم ,,,

- آريوس: تقدم أنه كان قسيساً في الاسكندرية في بداية القرن الرابع الميلادي، وهو الذي أعلن أن الله وحده هو الإله الأوحد، أما المسيح والروح القدس فهما مخلوقان، وقد حكم عليه مجمع نيفيه بالكفر، وقرر قتله ونفيه، ولعن أتباعه..

- مقدونيوس: تأثر بآراء آريوس. رقى كرسي البطريركية بالقسطنطينية بعد بولس فكان أسقفاً للقسطنطينية..

وكان يقول أن عيسى عبد مخلوق وإنسان نبي؛ رسول الله كسائر الأنبياء عليهم السلام، وأن عيسى هو روح القدس([44]) وكلمة الله وأن روح القدس والكلمة مخلوقتان، عقد مجمع القسطنطينية سنة 381م من أجله وقرر حرمانه وطرده وعزله.

- وكان على رأي آريوس بعدم ألوهية المسيح أيضاً كل من:

أسقف مقدونية، واسقف فلسطين، وكنيسة أسيوط.

- أوريجانوس: الذي أعلن أن الله لا يدركه الفهم، وهو أعلى من أن تكون أوصافه شبيهة بالإنسان، وأن الله لا يجزأ ولا يجسد ولا يحصر، فحكم عليه بالحرمان، وحرقت كتبه وطرد هو وأتباعه.

- الفيلسوف النصراني ( ترتليان ): في القرن الثالث الميلادي ، أعلن قوله: ( إنّا بريئون ممن ابتدعوا مسيحية رواقية أو إفلاطونية جدلية؛ بعد المسيح والإنجيل لسنا بحاجة إلى شيء).

- الأسقف نسطور: كان ينكر ألوهية المسيح ويقرر أن المسيح إنسان كسائر الناس مملوء بالبركة.

- سرفيتوس: في إسبانيا جاهر بوحدانية الله، وإنكار الثالوث، فقرروا إحراقه حياً سنة (1553)م.

وغيرهم ..

إلا أن عشاق الشرك والزور والبهتان والتثليث، لاحقوا كل من حاول الاعتراض على شيء من شركهم وكفرهم وبهتانهم.

وكتموا كل نفس حاول الاقتراب من التوحيد والبراءة من الشرك والتنديد. وشهروا بهم في المجتمعات النصرانية على مر التاريخ، وكفروهم ولعنوهم وقتلوهم. حرصاً منهم على طمس معالم التوحيد، وصبغ النصرانية وإبقائها في دياجير الشرك والتثليث والتنديد.

وقد وصف الله تعالى حال هؤلاء ومن تابعهم بقوله سبحانه: "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (31) التوبة.

وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير في تفسير هذه الآية من طرق يقوي بعضها بعض : أن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرّ إلى الشام وكان قد تنصّر في الجاهلية فأُسرت أخته وجماعة من قومه ؛ ثم منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغّبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقدم عدي إلى المدينة وكان رئيساً في قومه طيء ، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة، وهو صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال عدي: فقلت؛ إنهم لم يعبدوهم . فقال: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم؛ وذلك عبادتهم إياهم" ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عدي ما تقول ؟ أيضرك أن يقال الله أكبر؟ فهل تعلم شيئاً أكبر من الله ؟ ما يضرك ؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله، فهل تعلم إلهاً غير الله ؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق. قال: فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال: "إن اليهود مغضوبٌ عليهم ، والنصارى ضالون".

وهكذا ورد عن حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وغيرهما في تفسير "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم … الآية" إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا وشرعوا.

وقد رأيت فيما تقدم أمثلة كثيرة مما فعله أحبار النصارى وبطارقتهم ورهبانهم وقساوستهم في هذه الديانة من التعريف والترقيع ، وما أدخلوا فيها من الشرك والتثليث .. وكيف استحقوا بذلك لعنة الله هم ومن تابعهم على افترائهم على الله وعلى عبده ورسوله المسيح ؛ من الشرك الصراح والكفر والبواح.



الخلاص الحقيقي في التوحيد الذي جاء به الإسلام


وأخيراً …

فقد جاء الإسلام البشرية بالخلاص الحقيقي المتمثل بعقيدة التوحيد.

فنزّه الخالق عن الصاحبة والشبيه والند والوالد والولد.

جاءهم بالتوحيد الذي هو دين كافة الأنبياء من لدن آدم ونوح مروراً بهود وصالح وشعيب وموسى وعيسى وغيرهم إلى خاتمهم عليه الصلاة والسلام.

"قُلْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(85)" (آل عمران).

جاء الإسلام بهذا التوحيد الصافي ؛ في وقت كان النصارى قد مسخوا دينهم وبدلوه وحرموه .. ولم يبق مما جاء به المسيح عليه السلام إلا رسوم وأطلال تلوح مُغبّشة كما تلوح بقايا الوشم في ظاهر اليد، قد سفت عليها سوافي الجهل والتبديل والتحريف والتثليث.

وليس أدل على هذه الحال، مما جاء في خبر قصة إسلام سلمان الفارسي الطويلة والتي رواها الإمام أحمد في مسنده (5/441-444) وفيها حكاية تنقله بين بقايا من رهبان أهل الكتاب في بقاع متفرقة، كل يدله عند موته على واحد، في بقعة بعيدة عنه، يعرفه ولا يعرف غيره ممن يظنهم على دين المسيح في ذلك الزمان؛ وكان عددهم جميعاً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ، حتى قال له بعضهم لما حضرته الوفاة : ( أي بني والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه ، لقد هلك الناس وبدلوا، وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلاً بالموصل وهو فلان، فهو على ما كنت عليه؛ فالحق به ) إلى أن كان عند آخرهم وحضره الموت فقال له سلمان: ( إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي ؟ وما تأمرني ؟ فقال له: ( أي بني ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم؛ يخرج بأرض العرب، مهاجراً إلى أرض بين حربتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى؛ يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتبه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل …) إلى آخر قصة سلمان الفارسي .

وقد بشر الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من آمن من النصارى بعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام ؛وصدق بخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ؛ أن يؤتى أجره مرتين.

فقال تعالى: "الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ(52)وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(53)أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" (القصص).

وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي ….. الحديث ".

وروى الإمام أحمد عن القاسم بن أبي أمامة قال: إني لتحت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فقال قولاً حسناً جميلاً، وقال فيما قال: "من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين، وله ما لنا وعليه ما علينا …. الحديث".

وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " وزاد في رواية عن جنادة: ( من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء ).

فآمنت طائفة منهم ودخلت الإسلام وتابعت بشارة ووصية نبي الله عيسى عليه السلام، فكان منهم صحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أجلاء كسلمان الفارسي، وعدي بن حاتم الطائي والنجاشي وغيرهم .. وكان منهم التابعون والمجاهدون والشهداء.

وكفرت طائفة، وأصرت على البقاء على ما هي عليه من الشرك والتثليث، فمن عاند واستكبر من هؤلاء، وأبى النزول تحت حكم الإسلام أوحارب أهله أو كان عوناً لأهل الكفر عليهم، كانت له جحافل الإسلام بالمرصاد على مر العصور .. فأزالوا حكم الرومان في بلاد الشام، ومضت جحافلهم تفتح البلاد شرقاً وغرباً حتى فتحوا إسبانيا، وارتفعت رايات الخلافة على حصونها ،ونكست رايات الصليب وارتفعت رايات التوحيد على قلاعها وقصورها، حتى وصلت جحافل المسلمين إلى نهر الراين بفرنسا.

ومن قَبِلَ ممن أصر على البقاء على دينه الدخول تحت حكم الإسلام ؛كانت له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أوصى في كثير من أحاديثه بأهل الذمة خيراً.

حتى نعم هؤلاء في ظل حكم الإسلام بأمن وأمان لم يحلموا بمثله في ظل أي حكم آخر، ولا عايشوه من قبل، ولا حتى في حكم قسطنطين الذي كان أول من أظهر ديانتهم وجعلها دين الدولة وفرض أناجيلها وعقائدها الشركية بقوة سلطانه ..! إذ قد تقدم أنه كان ينكل ويقتل كل مخالف لما قرره بقوته في مجامعه وإن كان من أكبر قساوستهم .. وهذا ما لم يتعرض لمثله النصارى في ظل حكم الإسلام الذي أقرهم على دينهم بشرط دفعهم الجزية ونزولهم تحت أحكام دولة الإسلام.

يقول فيكتور سحاب في كتابه (من يحمي المسيحيين العرب) ص26 فصاعدا: ( لا شك أن المسيحيين المخضرمين الذي عاصروا الفتح الإسلامي هم أكثر من لمس الأمر بوضوح، إذ انتقلوا فجأة من سلطان دولة كانت تضطهدهم اضطهاداً وصفه بعض المؤرخين العصريين في أوروبا بأنه لا يشبه حتى أعمال البهائم، إلى سلطان دولة حافظت لهم على أديارهم وبيعهم، كما خيرتهم بين اعتناق الإسلام ،والبقاء على دينهم بشرط الدخول في ذمة المسلمين، أي بشرط الإنضمام إلى دولة الإسلام ورفض القتال مع أعدائها، وكان ( ألكيروس الكنيسة المصرية ) متخفياً في الصحاري هربا من المذابح البيزنطية. فلما جاء الفتح الإسلامي عادت الكنيسة المصرية إلى حرّيّتها الكاملة علناً([45])، ولقد كان في الإسلام متسع للنصارى لم يكن متاحاً لهم شيء منه في دولة بيزنطية.

وتمتعت المذاهب المسيحية العربية على اختلافها بعد ظهور الإسلام؛ بالحرية التي كانت تقاتل من أجلها تحت حكم بيزنطة، ووقت كانت جميع الدول لا ترضى بدين آخر داخل تخومها([46]) أهـ.

وعندما جمع هرقل جيشاً ضخماً لمواجهة المسلمين كتب أبو عبيدة إلى عمال المدن المفتوحة في الشام يأمرهم برد ما جبوه من الجزية من أهلها وكتب إلى الناس: "إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه بلغنا ما جمع لنا من الجموع وأنكم اشترطتم أن نمنعكم ونحن لا نقدر على ذلك الآن وقد رددنا ما أخذنا منكم".

إنه ديننا دين عظيم، كفلت شرائعه العدالة لرعايا دولته الخاضعين لأحكامها، ولا تتبدل تلك الشرائع، ولا تتغير عدالتها .. بل هي محفوظة بحفظ الذكر الذي تكفل الله بحفظه إلى أن يرث سبحانه الأرض ومن عليها؛ رغم الأساليب والممارسات المقابلة التي عامل بها النصارى الصليبيون المسلمين ، عندما غزوا بلادنا، أو عندما صارت لهم الدولة والصولة في بعض بلاد المسلمين.

فيوم استولى الصليبيون على بيت المقدس في (15/1/1099م) ذبحو نحو (70) ألف مسلم، ولم يرحموا الشيوخ ولا الأطفال ولا النساء في مذبحة استمرت 3 أيام، ولم تنته إلا بعد أن أعياهم الإجهاد من القتل، حيث حطموا رؤوس الصبيان على الجدران، وألقوا بالأطفال الرضع من أسوار الحصون وشووا الرجال على النار وبقروا بطون الحوامل .. وهذا كله مدوّن في تواريخ النصارى أنفسهم ؛ فضلا عن تواريخ المسلمين .

وأما صلاح الدين فإنه لما استعاد بيت المقدس من أيديهم بعد (90) سنة من هذه المجزرة؛ لم يعاملهم بالمثل، ولما سُلمت له الحامية النصرانية هناك؛ أمّنهم على حياتهم ،وكانوا أكثر من (100) ألف، وأعطاهم مهلة للخروج في سلام ولم يقتل أحدا منهم، ولا فعل مثلما فعل (ريكاردوس) الإنجليزي الذي قتل أمام معسكر المسلمين 3 آلاف سلموا أنفسهم إليه؛ بعد أن قطع على نفسه العهد بحقن دمائهم !!

وهكذا كانت عهودهم دوماً مع المسلمين، ففي الأندلس عقد المسلمون في غرناطة معاهدة التسليم من الملكين (فردينا وإزابيلا) لكنهما نقضا العهد ؛ وقتل من المسلمين ما يقرب من ثلاثة ملايين!!

وما محاكم التفتيش التي جرت بعد ذلك على سمع وبصر العالم كله لمسلمي الأندلس بخافية على أحد؛ ويكفي كي يعرف المرء الفرق في التعامل بيننا وبينهم؛ أن يعلم أن الملكة إيزابيلا قد أصدرت عام (1502م) مرسوماً يخيّر جميع الأندلسيين بين التنصير أو الرحيل !! ومن لم يرض بهذا أوبذاك ؛ نال مصيره المحتوم الذي سمعت به الدنيا كلها ولم يخف على أحد.

أما في عصرنا الحديث فما أظن أن المجازر التي ارتكبها عباد الصليب في جميع أنحاء المعمورة قد غابت عن ذاكرة أهل العصر، فالعهد بمجازر صبرا وشاتيلا ما زال قريباً، فبرغم تخلي أكثر أهل ذلك المخيم عن دينهم وتحللهم من إسلامهم إلا من الهوية والأسماء ـ إلا من رحم الله وقليل ماهم ـ؛ فقد كان ذبح النساء والشيوخ والأطفال الرضع يتم على أساس أنهم قد شموا رائحة الإسلام في يوم من الأيام!! بدليل نجاة كل من انتسب إلى عباد الصليب من العاملين في المستشفيات أو الإغاثة في ذلك المخيم ،واستئصال شأفه من سواهم من المنتسبين للإسلام.

أما في البوسنة والهرسك وكوسوفا والفلبين وأندونيسيا في جزر الملوك وغيرها .. فلا تسل عن المذابح والمجازر التي تمت على أساس حقد عباد الصليب على دين المسلمين، ولم يراعوا في ذلك أدنى آداب الحروب والعهود والأخلاق، ولم يستثنوا طفلاً أو امرأة أو شيخا..

وفي الوقت الذي تشن فيه حكومات الغرب الصليبي الكافر الغارة على المجاهدين المسلمين في كل مكان، وتصفهم بالإرهاب وتتهمهم بقتل المدنيين ونحو ذلك من الأوصاف والتهم التي يحاولون بها تشويه جهاد المسلمين ودينهم ؛ نرى قياداتهم الصليبية الحاقدة في غرب حقوق الإنسان بل والحيوان!! تتآمر مع القائمين على تلك المذابح في كل مكان وتمدهم بالعون والدعم والتأييد وما حصل في البوسنة والهرسك في السنوات القريبة الماضية أكبر شاهد على ذلك ..



ختاماً ….

فإن المسيح بن مريم عليه السلام، ما عرف هذه الأناجيل التي بين أيدي النصارى اليوم ولا كتبها ولا حتى قرأها ؛ وهم يعرفون ذلك جيداً .. وهو يقيناً ما ادعى الألوهية في يوم من الأيام ؛ بل قد أنكر على من نسبه إلى ذلك أشد الإنكار.

وإنما الذي سيدعيها في قابل الأيام (هو المسيح الدجال)..

والنصارى وكذا اليهود ينتظرون نزول المسيح قبل يوم القيامة ؛ونحن المسلمون ننتظر ذلك أيضاً.

والفرق بيننا وبينهم أننا ننتظر المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله؛ أما النصارى فإنهم ينتظرون المسيح الذي يدعي الألوهية ويدعونها هم له ؛وليس ذلك إلا (المسيح الدجال) الذي سيتبعه كثير من الخلق من يهود ونصارى وغيرهم، خصوصاً عندما يرونه يحيي الموتى ويأتي بغير ذلك من خوارق العادات، ويصطحب كثيراً من الشهوات، ويحق الله الحق في خاتمة المطاف؛ فيقتله المسيح نبي الله ليبطل بذلك عقيدتهم الكفرية، ويقتل الخنزير ويكسر الصليب([47])، ليعلن بذلك براءته مما افتراه عباد الصليب عليه وعلى دين الله من عقيدة التثليث وغيرها من عقائد الشرك والضلال. وسيمكث في الأمة أربعين سنة حكماً عدلاً لا نبياً رسولاً، إذ نبينا هو خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلام عليهم أجمعين ؛ ولا نبي بعده .

ويومها لن يقبل المسيح جزية من أحد ؛ أي أنه لن يقر نصرانياً ولا يهودياً على العقيدة الشركية، فبعد أن كانوا يُخيرون بين الجزية أو الإسلام أو القتال.. فلن يخيّرهم إلا بين الإسلام والقتال، ليحق الله الحق بكلماته ولو كره المبلطون، والله متم نوره ولو كره المشركون؛ فانتظروا إنا منتظرون.

ولتعلمن نبأه بعد حين …

masry يقول...

(((((((((((((((((((((((((دعوى إقتباس القرآن الكريم من الكتب السماوية السابقة)))))))))))))))


لم يدّع رسول الاسلام صلى الله عليه و سلم و لا أي مسلم أن القرآن الكريم بمعزل عن باقي الكتب السماوية… بل خلاصة عقيدة المسلمين أن القرآن و كافة الكتب السماوية من رب العزة سبحانه و تعالى .. وأن القرآن فقط تولاه الله بحفظه بعد أن أضاع أتباع الرسالات السابقة الأمانة فقامت عليهم الحجة بتحريف كتبهم .. لذا فما كان مشتركا فيرجع إلى طبيعة الأمور .. إذ أن ذكر قصص الأنبياء مرتبط عادة بالعبرة من مواقفهم الخاصة فهل يتخيل ألا يأتي ذكر للأنبياء في القرآن؟؟ فبمن يتأسى رسول الله صلى الله عليه و سلم إذن ؟؟؟ لقد كان ذكرهم تسرية عن الأذي الذي يتعرض له رسول الله صلى الله عليه و سلم .. يقول تعالى : ( وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) (هود:120)

و ما اختلف فهذا من باب رفع الظلم عن الأنبياء من اتهام بالزنى أو ما شابه من الكبائر التي يعف عنها حتى حثالة القوم .. إذ لا يعقل أبدا أن ينزل الله رسالته على حثالة القوم و يترك الصالحين.. و تنظير نظرية أن ما تشابه يصبح اقتباسا مردود عليه عقلا و نقلا .

فأما عقلا لأن تطبيق هذه القاعدة يقتضي اقتباس النصارى من الأديان الوثنية لوجود تشابه تام بين عقيدتهم و عقيدة تلك الأديان الوثنية .. فكرشنا عند الهنود الوثنيين هو ابن الله والأقنوم الثاني من ثالوث مقدس .. بل هذا هو المؤرخ الشهير ديورانت يقول في قصة الحضارة في " قيصر و المسيح " المجلد 11 صفحة 275: إن المسيحية لم تقض على الوثنية بل تبنتها. ذلك أن العقل اليوناني المحتضر عاد إلى الحياة في صورة جديدة في لاهوت الكنيسة و طقوسها.. ثم يقول: فجاءت من مصر آراء الثالوث المقدس و منها جاءت عبادة أم الطفل .. و من فيريجيا جاءت عبادة الأم العظمى .. و من سوريا أخذت عقيدة بعث "اوتيس" و من بلاد الفرس جاءت عقيدة رجوع المسيح و حكمه الأرض الف عام… و قصارى القول أن المسيحية كانت آخر شئ عظيم ابتدعه العالم الوثني القديم"

أما نقلا فلأن الخلاف شديد بين القرآن و بين التوراة و الإنجيل في صُلب قصص الأنبياء ويظهر تناقض في موقف النصارى بالنسبة لهذا الموضوع .. فعندما يذكر مثلا سيدنا نوح في القرآن يقولون هذا اقتباس من التوراة .. و حين لا يذكر عندهم سيدنا صالح عليه السلام يقولون هذا لا سند له عندنا فينكرونه .. فالقاعدتان مردود عليهما بعون الله .. أما الأول فقد عرفته في النقطة الثانية و أما الثاني فمردود عليه من كتابهم :" ففي الآية الثلاثون من الاصحاح العشرين في انجيل يوحنا :" و آيات أخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" فها هو الإنجيل لم يستطع أن يحصر كل معجزات المسيح فهل يجمع كل ما جاء على وجه الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ؟؟؟؟ و كمثال ثاني: يهوذا 1:9 " واما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم ابليس محاجا عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب." و هذه المخاصمة لا توجد على الإطلاق في كتاب من كتب العهد القديم..فهل تطبق نفس القاعدة عليها ؟؟؟ و كذلك نرد من الناحية العلمية التطبيقية أن آثار مدن صالح موجودة بجانب المدينة المنورة..و تسمى مدائن صالح… فهل ننكر ما تراه أعيننا ؟؟


كيف يتحقق الاقتباس عموماً ؟

الاقتباس عملية فكرية لها ثلاثة أركان:

الأول: الشخص المُقتَبَس منه.
الثانى: الشخص المُقتَبِس (اسم فاعل).
الثالث: المادة المُقتَبَسَة نفسها (اسم مفعول).

والشخص المقُتَبَس منه سابق إلى الفكرة ، التى هى موضوع الاقتباس ، أما المادة المقُتَبَسَة فلها طريقتان عند الشخص المُقِتَبس ، إحداهما: أن يأخذ المقتبس الفكرة بلفظها ومعناها كلها أو بعضها. والثانية: أن يأخذها بمعناها كلها أو بعضها كذلك ويعبر عنها بكلام من عنده.

والمقتبس فى عملية الاقتباس أسير المقتبس منه قطعاً ودائر فى فلكه ؛ إذ لا طريق له إلى معرفة ما اقتبس إلا ما ذكره المقتبس منه. فهو أصل ، والمقتبس فرع لا محالة.

وعلى هذا فإن المقتبس لابد له وهو يزاول عملية الاقتباس من موقفين لا ثالث لهما:

أحدهما: أن يأخذ الفكرة كلها بلفظها ومعناها أو بمعناها فقط.
وثانيهما: أن يأخذ جزءً من الفكرة باللفظ والمعنى أو بالمعنى فقط.

ويمتنع على المقتبس أن يزيد فى الفكرة المقتبسة أية زيادة غير موجودة فى الأصل ؛ لأننا قلنا: إن المقتبس لا طريق له لمعرفة ما اقتبس إلا ما ورد عند المقتبس منه ، فكيف يزيد على الفكرة والحال أنه لا صلة له بمصادرها الأولى إلا عن طريق المقتبس منه.

إذا جرى الاقتباس على هذا النهج صدقت دعوى من يقول إن فلاناً اقتبس منى كذا.

أما إذا تشابه ما كتبه اثنان ، أحدهما سابق والثانى لاحق ، واختلف ما كتبه الثانى عما كتبه الأول مثل:

1- أن تكون الفكرة عند الثانى أبسط وأحكم ووجدنا فيها مالم نجده عند الأول.
2- أو أن يصحح الثانى أخطاء وردت عند الأول ، أو يعرض الوقائع عرضاً يختلف عن سابقه.

فى هذه الحال لا تصدق دعوى من يقول إن فلانا قد اقتبس منى كذا.

ورَدُّ هذه الدعوى مقبول من المدعى عليه ، لأن المقتبس (اتهامًا) لما لم يدر فى فلك المقتبس منه (فرضاً) بل زاد عليه وخالفه فيما ذكر من وقائع فإن معنى ذلك أن الثانى تخطى ما كتبه الأول حتى وصل إلى مصدر الوقائع نفسها واستقى منها ما استقى. فهو إذن ليس مقتبساً وإنما مؤسس حقائق تلقاها من مصدرها الأصيل ولم ينقلها عن ناقل أو وسيط.

وسوف نطبق هذه الأسس التى تحكم عملية الاقتباس على ما ادعاه القوم هنا وننظر:

هل القرآن عندما اقتبس كما يدعون من التوراة كان خاضعاً لشرطى عملية الاقتباس ؟؟

وهما: نقل الفكرة كلها ، أو الاقتصار على نقل جزء منها فيكون بذلك دائراً فى فلك التوراة ، وتصدق حينئذ دعوى القوم بأن القرآن (معظمه) مقتبس من التوراة ؟

أم أن القرآن لم يقف عند حدود ما ذكرته التوراة فى مواضع التشابه بينهما ؟ بل:

1 عرض الوقائع عرضاً يختلف عن عرض التوراة لها.
2 أضاف جديداً لم تعرفه التوراة فى المواضع المشتركة بينهما.
3 صحح أخطاء " خطيرة " وردت فى التوراة فى مواضع متعددة.
4 انفرد بذكر " مادة " خاصة به ليس لها مصدر سواه.
5 فى حالة اختلافه مع التوراة حول واقعة يكون الصحيح هو ما ذكره القرآن. والباطل ما جاء فى التوراة بشهادة العقل والعلم إذا كان الاحتمال الأول هو الواقع فالقرآن مقتبس من التوراة..

أما إذا كان الواقع هو الاحتمال الثانى فدعوى الاقتباس باطلة ويكون للقرآن فى هذه الحالة سلطانه الخاص به فى استقاء الحقائق ، وعرضها فلا اقتباس لا من توراة ولا من إنجيل ولا من غيرهما.

لا أظن أن القارئ يختلف معنا فى هذه الأسس التى قدمناها لصحة الاتهام بالاقتباس عموماً.

وما علينا بعد ذلك إلا أن نستعرض بعض صور التشابه بين التوراة والقرآن ، ونطبق عليها تلك الأسس المتقدمة تاركين الحرية التامة للقارئ سواء كان مسلماً أو غير مسلم فى الحكم على ما سوف تسفر عنه المقارنة أنحن على صواب فى نفى الاقتباس عن القرآن ؟.

والمسألة بعد ذلك ليست مسألة اختلاف فى الرأى يصبح فيها كل فريق موصوفاً بالسلامة ، وأنه على الحق أو شعبة من حق.

وإنما المسألة مسألة مصير أبدى من ورائه عقيدة صحيحة توجب النجاة لصاحبها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أو عقيدة فاسدة تحل قومها دار البوار يوم يقدم الله إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثوراً.


الصورة الأولى : آدم ما بين القرآن الكريم والتوراة

إن أهمية دراسة قصة سيدنا آدم ترجع لكونه أول نبي و أول مخلوق خلقه الله..و الإنسان مجبول بفطرته على الفخار بنسبه – بخاصة إذا كان نسبا شريفا- و كون آدم عليه السلام هو أبو البشر جميعا يجعل الإهتمام متضاعف بحياته و تعبه و حمله للرسالة… فلننظر كيف ذكرت التوراة حال آدم عليه السلام..ومعها نرى إن شاء الله الفارق بينها و بين القرآن و ما نتيجة هذا الفارق…

1- في السطر السابع و العشرين من سفر التكوين الإصحاح الأول: " و قال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا " و تلك هى أول وقفة لنا مع أول ذكر للإنسان في التوراة…فمن سياق التوراة نجد أن الله خلق الإنسان كشبهه.. كشبه من؟؟ كشبه الله..على صورة الله… دلالة هذا الكلام أن الإنسان لو نظر إلى صورته عرف صورة الله…فأين التمييز بين المخلوق و الخالق؟؟؟ بل من أين تأتي الخشية ناحية الخالق إن كان خلق الخالق كالخالق نفسه؟؟ ثم ضف إلى هذا ما هو أشد خطورة,,,إذ أن للإنسان أعضاء يخجل من ذكر اسمها فهل نتخيل وجودها في الله- حاشاه سبحانه

الآن فكيف النظرة الإسلامية بخصوص هذه النقطة؟ إن أول قاعدة أن الله سبحانه و تعالى قال عن نفسه : " ليس كمثله شئ " إذن هو نفىالمثلية فهنا تبدو على الفور ملامح التمييز بين المخلوق و الخالق..فلا يظن المخلوق بنفسه الأهمية ..بل هو مخلوق من الاف الملايين من المخلوقات…و لا تبدو أهميته عن غيره إلا بمقدار طاعته لله..يقول تعالى: " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون"..فإن عبد فهو عابد مطيع.. و إن لم يعبد فعليه اثمه.. -و هذا أول اختلاف…التوراة تقول بتشابه سيدنا آدم في الخلقة لله و القرآن ينفي المثلية لله - في نفس السطر في سفر التكوين : " فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء و على البهائم و على كل الأرض و على جميع الدبابات التي تدب على الأرض " و تلك نقطة تتفق مع العقيدة الإسلامية إذ أن الله سبحانه و تعالى يقول في كتابه : "(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ) (لقمان:20)

2- في السطر العشرين من الإصحاح الثالث بنفس السفر.." فدعا آدم بأسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية"..ها هو ذا النص يبين لنا أن سيدنا آدم قد تعلم أسماء البهائم و الطيور حيوانات البرية جميعها…فهل هذه هى النظرة الإسلامية ؟؟؟

لا.. بل النظرة الإسلامية أشمل…يقول تعالى: "(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31) فلفظة كلها أشمل و أكبر من تحديد بعض الأسماء كما فعلت التوراة..و إلا فهل علم آدم عليه السلام اسماء الملائكة و الجن ؟؟ في نص التوراة لا..و في القرآن نعم.. و هذا تكريم لسيدنا آدم لم تخبر به التوراة..تكريم يزيد الإنسان فخارا بنسبه

3- و في السطر 25 من نفس الاصحاح و السفر: "و كانا كلاهما عريانين آدم و امرأته و هما لا يخجلان" ثم لما فعلا المعصية : نقرأ في السطر السابع من الاصحاح 3: " فافتحت أعينهما و علما أنهما عريانان..فخاطا أوراق تين و صنعا لأنفسهما مآزر" فما هى نظرة الإسلام في هذا-و تلك هى أخطر نقطة-؟

يقول تعالى: "(يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:27) فالفارق هنا كبير و جوهري جدا.. فسيدنا آدم و السيدة حواء كانا أصلا مستوران و لكن الشيطان عراهما بالمعصية فسقطت ملابسهما من عليهما.ثم سارعا في البحث عن الستر الذي كان يسترهما: " فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة" .إذن الأصل في المسلم الموحد الستر و الأصل عند أهل التوراة العري.. و زد على هذا أن آدم كان جاهلا في التوراة برغم علمه بأسماء الحيوانات و المخلوقات التي ذكرت في النص التوراتي أنه كان عريانا..إذن الأصل فيه الجهل بنفسه..و في القرآن الأصل فيه العلم و الستر..و في التوراة جاء العلم الأهم مع المعصية و في القرآن جاء العقاب مع المعصية..

4- كذلك فالقرآن يذكر توبة سيدنا آدم على الفور بعكس التوراة التي لم تذكر له توبة على الإطلاق..يقول تعالى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:37) و الفاء للسرعة و التعقيب…

5- و كذلك فالقرآن يذكر أنه خليفة الله في الأرض.." (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30) و التوراة لا تذكر هذا على الإطلاق..و الفخار أن يكون الإنسان خليفة لله عز وجل أكبر بمراحل من أن يكون سيد و متسلط على المخلوقات فقط هو السيد فى البيت و هو الذى يتحمل عبء المسئولية ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:35) فقدمه سبحانه على زوجته لكي يبين لنا من المسئول الأول و لا تختلط الأمور فيحدث التفكك الأسري الذي نراه الآن و نزيد تشريفا لسيدنا آدم من القرآن أن الله أسجد له الملائكة في حين التوراة لا تأتي بهذا اطلاقا.. فأي فخار أحسه حين أعلم أنني من نسل انسان علم أسماء كل شئ .. مستور.. سريع التوبة و الندم.. فهل لعاقل بعد هذا أن يدعي اقتباس القرآن من التوراة ؟؟؟ و هل تكون الصورة أفضل من الأصل لغة و معنى ؟؟؟ لغة لبديع النص القرآني بعكس ركاكة النص التوراتي و معنى لسمو المعنى القرآني في وصف خصال سيدنا آدم.. فالحمد لله على نعمة الإسلام


الصورة الثانية : من التشابه بين التوراة والقرآن - لقطة من قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز -

تبدأ هذه اللقطة من بدء مراودة امرأة عزيز مصر ليوسف (عليه السلام) ليفعل بها الفحشاء وتنتهى بقرار وضع يوسف فى السجن. واللقطة كما جاءت فى المصدرين هى:

نصوصها فى التوراة :

" وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت عينها إلى يوسف وقالت: اضطجع معى ، فأبى وقال لامرأة سيده: هو ذا سيدى لا يعرف معى ما فى البيت وكل ما له قد دفعه إلى يدى ، ليس هو فى هذا البيت أعظم منى. ولم يمسك عنى شيئا غيرك لأنك امرأته. فكيف أصنع هذا الشر العظيم ، وأخطئ إلى الله ، وكانت إذ كلمت يوسف يومًا فيوما أنه لم يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها..

ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك فى البيت فأمسكته بثوبه قائلة اضطجع معى فترك ثوبه فى يدها وخرج إلى خارج ، وكان لما رأت أنه ترك ثوبه فى يدها ، وهرب إلى خارج أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلة:

" انظروا قد جاء إلينا برجل عبرانى ليداعبنا دخل إلىّ ليضطجع معى فصرخت بصوت عظيم ، وكان لما سمع أنى رفعت صوتى وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبى وهرب وخرج إلى خارج. فَوَضَعَتْ ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيته فكلمته بمثل هذا الكلام قائلة دخل إلىَّ العبد العبرانى الذى جئت به إلينا ليداعبنى وكان لما رفعت صوتى وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبى وهرب إلى خارج فكان لما سمع سيده كلام امرأته الذى كلمته به قائلة بحسب هذا الكلام صنع بى عبدك أن غضبه حمى..

فأخذ سيدُه يوسف ووضعه فى بيت السجن المكان الذى كان أسرى الملك محبوسين فيه ".


نصوص القرآن الأمين :

(وَرَاوَدَتْهُ التى هوَ فى بيتها عن نفسه وغلّقتِ الأبوابَ وقالتْ هيت لك قال معاذ الله إنهُ ربى أحسنَ مثواى إنهُ لايُفلحُ الظالمون *ولقد هَمَّتْ به وَهَمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرفَ عنهُ السوءَ والفحشاء إنه من عبادنا المخلَصين * واستبقا الباب وقدت قميصه من دُبرٍ وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاءُ من أراد بأهلكَ سوءًا إلا أن يُسجن أو عذابُ أليم * قال هى راودتنى عن نفسى وشهد شاهدٌ من أهلها إن كان قميصَه قُد من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قُد من دُبرٍ فكذبت وهو من الصادقين * فلما رأى قميصه قُد من دُبرٍ قال إنه من كيدكُنَّ إن كيدكن عظيم * يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبكِ إنك كنتِ من الخاطئ ... ثم بدا لهم من بعد مارأوا الآيات لَيَسْجنُنَّهُ حتى حين ) .


تلك هى نصوص الواقعة فى المصدرين :

وأدعو القارئ أن يقرأ النصين مرات قراءة متأنية فاحصة. وأن يجتهد بنفسه فى التعرف على الفروق فى المصدرين قبل أن يسترسل معنا فيما نستخلصه من تلك الفروق. ثم يكمل ما يراه من نقص لدينا أو لديه فقد يدرك هو ما لم ندركه ، وقد ندرك نحن ما لم يدركه وربَّ قارئ أوعى من كاتب..

الفروق كما نراها
التوراة القرآن الأمين
المراودة حدثت مرارًا ونُصح يوسف لامرأة سيده كان قبل المرة الأخيرة المراودة حدثت مرة واحدة اقترنت بعزم المرأة على يوسف لينفذ رغبتها.
تخلو من الإشارة إلى تغليق الأبواب وتقول إن يوسف ترك ثوبه بجانبها وهرب وانتظرت هى قدوم زوجها وقصت عليه القصة بعد أن أعلمت بها أهل بيتها. يشير إلى تغليق الأبواب وأن يوسف هم بالخروج فَقَدَّتْ ثوبه من الخلف وحين وصلا إلى الباب فوجئا بالعزيز يدخل عليهما فبادرت المرأة بالشكوى فى الحال.
لم يكن يوسف موجوداً حين دخل العزيز ولم يدافع يوسف عن نفسه لدى العزيز. يوسف كان موجوداً حين قدم العزيز ، وقد دافع عن نفسه بعد وشاية المرأة ، وقال هى راودتنى عن نفسى.
تخلو من حديث الشاهد وتقول إن العزيز حمى غضبه على يوسف بعد سماع المرأة يذكر تفصيلاً شهادة الشاهد كما يذكر اقتناع العزيز بتلك الشهادة ولومه لامرأته وتذكيرها بخطئها. وتثبيت يوسف على العفة والطهارة.
تقول إن العزيز فى الحال أمر بوضع يوسف فى السجن ولم يعرض أمره على رجال حاشيته. يشير إلى أن القرار بسجن يوسف كان بعد مداولة بين العزيز وحاشيته.
تخلو من حديث النسوة اللاتى لُمْنَ امرأة العزيز على مراودتها فتاها عن نفسه ، وهى فجوة هائلة فى نص التوراة. يذكر حديث النسوة بالتفصيل كما يذكر موقف امرأة العزيز منهن ودعوتها إياهن ملتمسة أعذارها لديهن ومصرة على أن ينفذ رغبتها.


هذه ستة فروق بارزة بين ما يورده القرآن الأمين ، وما ذكرته التوراة. والنظر الفاحص فى المصدرين يرينا أنهما لم يتفقا إلا فى " أصل " الواقعة من حيث هى واقعة وكفى .

ويختلفان بعد هذا فى كل شىء. على أن القرآن قام هنا بعملين جليلى الشأن:

أولهما: أنه أورد جديداً لم تعرفه التوراة ومن أبرز هذا الجديد:

(1) حديث النسوة وموقف المرأة منهن.
(2) شهادة الشاهد الذى هو من أهل امرأة العزيز.

ثانيهما: تصحيح أخطاء وقعت فيها التوراة ومن أبرزها:

(1) لم يترك يوسف ثوبه لدى المرأة بل كان لابساً إياه ولكن قطع من الخلف.
(2) غياب يوسف حين حضر العزيز وإسقاطها دفاعه عن نفسه.

اعتراض وجوابه:

قد يقول قائل: لماذا تفترض أن الخطأ هو ما فى التوراة ، وأن الصواب هو ما فى القرآن ؟! أليس ذلك تحيزاً منك للقرآن ؛ لأنه كتاب المسلمين وأنت مسلم ؟ ولماذا تفترض العكس ؟ وإذا لم تفترض أنت العكس فقد يقول به غيرك ، وماتراه أنت لا يصادر ما يراه الآخرون. هذا الاعتراض وارد فى مجال البحث. وإذن فلابد من إيضاح.

والجواب:

لم نتحيز للقرآن لأنه قرآن. ولنا فى هذا الحكم داعيان:

الأول: لم يرد فى القرآن - قط - ما هو خلاف الحق ؛ لأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وقد ثبتت هذه الحقيقة فى كل مجالات البحوث التى أجريت على " مفاهيم " القرآن العظيم فى كل العصور. وهذا الداعى وحده كافٍ فى تأييد ما ذهبنا إليه.

الثانى: وهو منتزع من الواقعة نفسها موضوع المقارنة وإليك البيان: كل من التوراة والقرآن متفقان على " عفة يوسف "وإعراضه عن الفحشاء. ثم اختلفا بعد ذلك:

فالتوراة تقول: إن يوسف ترك ثوبه كله لدى المرأة وهرب .

والقرآن يقول: إنه لم يترك الثوب بل أمسكته المرأة من الخلف ولما لم يتوقف يوسف عليه السلام اقتطعت قطعة منه وبقيت ظاهرة فى ثوبه.

فأى الروايتين أليق بعفة يوسف المتفق عليها بين المصدرين ؟! أن يترك ثوبه كله ؟! أم أن يُخرق ثوبه من الخلف ؟!

إذا سلمنا برواية التوراة فيوسف ليس " عفيفاً " والمرأة على حق فى دعواها ؛ لأن يوسف لا يخلع ثوبه هكذا سليماً إلا إذا كان هو الراغب وهى الآبية.

ولا يقال إن المرأة هى التى أخلعته ثوبه ؛ لأن يوسف رجل ، وهى امرأة فكيف تتغلب عليه وتخلع ثوبه بكل سهولة ، ثم لما يمتنع تحتفظ هى بالثوب كدليل مادى على جنايته المشينة ؟!

وهل خرج يوسف " عريانًا " وترك ثوبه لدى غريمته..؟!

والخلاصة أن رواية التوراة فيها إدانة صريحة ليوسف وهذا يتنافى مع العفة التى وافقت فيها القرآن الأمين.

أما رواية القرآن فهى إدانة صريحة لامرأة العزيز ، وبراءة كاملة ليوسف عليه السلام .

لقد دعته المرأة إلى نفسها ففر منها. فأدركته وأمسكته من الخلف وهو ما يزال فاراً هارباً من وجهها فتعرض ثوبه لعمليتى جذب عنيفتين إحداهما إلى الخلف بفعل المرأة والثانية إلى الأمام بحركة يوسف فانقطع ثوبه من الخلف.

وهذا يتفق تماماً مع العفة المشهود بها ليوسف فى المصدرين ولهذا قلنا: إن القرآن صحح هذا الخطأ الوارد فى التوراة.

فهل القرآن مقتبس من التوراة ؟!

فهل تنطبق على القرآن أسس الاقتباس أم هو ذو سلطان خاص به فيما يقول ويقرر ؟.

المقتبس لا بد من أن ينقل الفكرة كلها أو بعضها. وها نحن قد رأينا القرآن يتجاوز هذه الأسس فيأتى بجديد لم يذكر فيما سواه ، ويصحح خطأ وقع فيه ما سواه.

فليس الاختلاف فيها اختلاف حَبْكٍ وصياغة ، وإنما هو اختلاف يشمل الأصول والفروع. هذا بالإضافة إلى إحكام البناء وعفة الألفاظ وشرف المعانى .

إن الذى روته التوراة هنا لا يصلح ولن يصلح أن يكون أساساً للذى ذكره القرآن. وإنما أساس القرآن هو الوحى الصادق الأمين. ذلك هو مصدر القرآن " الوضىء " وسيظل ذلك هو مصدره تتساقط بين يديه دعاوى الباطل ومفتريات المفترين فى كل عصر ومصر.


الصورة الثالثة : من صور التشابه بين التوراة والقرآن - قصة هابيل وقابيل ابنى آدم -

نصوص التوراة :

" حدث من بعد أيام أن قابين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب ، وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ، ومن سمانها ، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ولكن إلى قابين. وقربانه لم ينظر. فاغتاظ قابين جداً وسقط وجهه. فقال الرب لقابين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك ؟ إن أحسنت أفلا رفع ؟؟. وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها ، وأنت تسود عليها. وكلم قابين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا فى الحقل أن قابين قام على هابيل أخيه وقتله. فقال الرب لقابين أين هابيل أخوك فقال لا أعلم أحارس أنا لأخى ؟ فقال ماذا فعلت ؟ صوت دم أخيك صارخ إلىَّ من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك متى عملت الأرض ؟؟ تعود تعطيك قوتها. تائهاً وهارباً تكون فى الأرض فقال قابين للرب: ذنبى أعظم من أن يحتمل أنك قد طردتنى اليوم على وجه الأرض ، ومن وجهك أختفى وأكون تائهاً وهارباً فى الأرض فيكون كل من وجدنى يقتلنى فقال له الرب: لذلك كل من قتل قابين فسبعة أضعاف ينتقم منه. وجعل الرب لقابين علامة لكى لا يقتله كل من وجده. فخرج قابين من لدن الرب وسكن فى أرض نود شرقى عدن " .


نصوص القرآن الأمين :

(واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبلُ الله من المتقين * لئن بسطت إلىَّ يدك لتقتلنى ما أنا بباسطٍ يدى إليك لأقتلك إنى أخافُ الله ربَّ العالمين * إنى أريد أن تبوء بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين* فطوعت له نفسهُ قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابًا يبحث فى الأرض ليُرِيَهُ كيف يوارى سوءة أخيه * قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارىَ سوءة أخى فأصبح من النادمين * من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك فى الأرض لمسرفون ) .


الفروق بين المصدرين :

اتفق المصدران حول نقطتين اثنتين لا ثالث لهما واختلفا فيما عداهما. اتفقا فى: مسألة القربان. وفى قتل أحد الأخوين للآخر. أما فيما عدا هاتين النقطتين فإن ما ورد فى القرآن يختلف تماماً عما ورد فى التوراة ، وذلك على النحو الآتى :
التوراة القرآن الأمين
تسمى أحد الأخوين بقابين وهو " القاتل " والثانى " هابيل " كما تصف القربانين وتحدد نوعهما. لايسميهما ويكتفى ببنوتهما لآدم كما اكتفى بذكر القربانين ولم يحددهما.
تروى حواراً بين قابين والرب بعد قتله أخاه ،وتعلن غضب الرب على قابين وطرده من وجه الرب إلى أرض بعيدة. لا يذكر حواراً حدث بين القاتل وبين الله ، ولا يذكر أن القاتل طرده الله من وجهه إلى أرض بعيدة ، إذ ليس على الله بعيد.
التوراة تخلو من أى حوار بين الأخوين. يذكر الحديث الذى دار بين ابنى آدم ويفصل القول عما صدر من القتيل قبل قتله وتهديده لأخيه بأنه سيكون من أصحاب النار إذا قتله ظلماً.
لا مقابل فى التوراة لهذه الرواية ولمْ تبين مصير جثة القتيل ؟! يذكر مسألة الغراب ، الذى بعثه الله لٍِيُرى القاتل كيف يتصرف فى جثة أخيه ، ويوارى عورته.
تنسب الندم إلى " قابين " القاتل لما هدده الله بحرمانه من خيرات الأرض ، ولا تجعله يشعر بشناعة ذنبه. يصرح بندم " القاتل " بعد دفنه أخيه وإدراكه فداحة جريمته.
لا هدف لذكر القصة فى التوراة إلا مجرد التاريخ. فهى معلومات ذهنية خالية من روح التربية والتوجيه. يجعل من هذه القصة هدفاً تربوياً ويبنى شريعة القصاص العادل عليها. ويلوم بنى إسرائيل على إفسادهم فى الأرض بعد مجىء رسل الله إليهم.


أضف إلى هذه ما تحتوى عليه التوراة من سوء مخاطبة " قابين" الرب ، فترى فى العبارة التى فوق الخط: " أحارس أنا لأخى " فيها فظاظة لوصدرت من إنسان لأبيه لعد عاقًّا جافًّا فظًّا غليظًّا فكيف تصدر من " مربوب " إلى " ربه " وخالقه..؟!

ولكن هكذا تنهج التوراة فلا هى تعرف " قدر الرب " ولا من تنقل عنه حواراً مع الرب.

ولا غرابة فى هذا فالتوراة تذكر أن موسى أمر ربه بأن يرجع عن غضبه على بنى إسرائيل ، بل تهديده إياه سبحانه بالاستقالة من النبوة إذا هو لم يستجب لأمره.

والواقع أن ما قصَّهُ علينا القرآن وهو الحق من أمر ابنى آدم مختلف تماماً عما ورد فى التوراة فى هذا الشأن.

فكيف يقال: إن القرآن اقتبس هذه الأحداث من التوراة وصاغها فى قالب البلاغة العربية ؟!

إن الاختلاف ليس فى الصياغة ، بل هو اختلاف أصيل كما قد رأيت من جدول الفروق المتقدم.

والحاكم هنا هو العقل فإذا قيل: إن هذه القصة مقتبسة من التوراة قال العقل:

* فمن أين أتى القرآن بكلام الشقيق الذى قتل مع أخيه ، وهو غير موجود فى نص التوراة التى يُدعى أنها مصدر القرآن ؟!

* ومن أين أتى القرآن بقصة الغراب الذى جاء ليُرى القاتل كيف يوارى سوءة أخيه وهى غير واردة فى التوراة المُدَّعى أصالتها للقرآن ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟!

* ولماذا أهمل القرآن الحوار الذى تورده التوراة بين " الرب " وقابين القاتل وهذا الحوار هو هيكل القصة كلها فى التوراة ؟!

إن فاقد الشىء لا يعطيه أبداً ، وهذا هو حكم العقل. والحقائق الواردة فى القرآن غير موجودة فى التوراة قطعاً فكيف تعطى التوراة شيئاً هى لم تعرف عنه شيئاً قط..؟!
لا.. إن القرآن له مصدره الخاص به الذى استمد منه الوقائع على وجهها الصحيح ، ومجرد التشابه بينه وبين التوراة فى " أصل الواقعة " لا يؤثر فى استقلال القرآن أبداً.


الصورة الرابعة : من صورالتشابه بين التوراة والقرآن - مقارنة بين بعض التشريعات المحرمات من النساء -

قارَنَّا فيما سبق بين بعض المسائل التاريخية التى وردت فى كل من التوراة والقرآن الأمين. وأثبتنا بأقطع الأدلة أن القرآن له سلطانه الخاص به فيما يقول ويقرر ، ورددنا دعوى أن القرآن مقتبس من التوراة. وبَيَّنَّا حكم العقل فى هذه الدعوى كما أقمنا من الواقع " المحكى " أدلة على ذلك.

ونريد هنا أن نقارن بين بعض المسائل التشريعية فى المصدرين ؛ لأنهم يقولون: إن المسائل والأحكام التشريعية التى فى القرآن لا مصدر لها سوى الاقتباس من التوراة.

وقد اخترنا نص المحرمات من النساء فى التوراة لنقابله بنص المحرمات من النساء فى القرآن الحكيم ليظهر الحق.

النص فى المصدرين

أولاً: فى التوراة :

" عورة أبيك وعورة أمك لا تكشف. إنها أمك لا تكشف عورتها. عورة امرأة أبيك لا تكشف. إنها عورة أبيك. عورة أختك بنت أبيك أو بنت أمك المولودة فى البيت ، أو المولودة خارجاً لا تكشف عورتها. عورة ابنة ابنك أو ابنة بنتك لا تكشف عورتها إنها عورتك. عورة بنت امرأة أبيك المولودة من أبيك لا تكشف عورتها إنها أختك. عورة أخت أبيك لا تكشف إنها قريبة أبيك. عورة أخت أمك لا تكشف إنها قريبة أمك عورة أخى أبيك لا تكشف ، إلى امرأته لا تقرب إنها عمتك. عورة كنتك لا تكشف. إنها امرأة ابنك لا تكشف عورتها.

عورة امرأة أخيك لا تكشف إنها عورة أخيك. عورة امرأة ، وبنتها لا تكشف ، ولا تأخذ ابنة ابنتها أو ابنة بنتها لتكشف عورتها إنهما قريبتاها. إنه رذيلة. ولا تأخذ امرأة على أختها للضر لتكشف عورتها معها فى حياتها .


ثانياً: فى القرآن الحكيم :

(ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ماقد سلف إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا * حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيما والمحصنات من النساء.. ) .

هذان هما النصان فى المصدرين. نص التوراة ، ونص القرآن الحكيم. فما هى أهم الفروق بينهما ياترى ؟!

وقبل إجراء المقارنة نفترض صحة النص التوراتى وخلوه من التحريف إذ لا مانع أن يكون هذا النص فعلاً مترجماً عن نص أصلى تشريعى خلا مترجمه من إرادة تحريفه.

والمهم هو أن نعرف هل يمكن أن يكون نص التوراة هذا أصلاً اقتبس منه القرآن الحكيم فكرة المحرمات من النساء ، علماً بأن النص التوراتى قابل إلى حد كبير لإجراء دراسات نقدية عليه ، ولكن هذا لا يعنينا هنا.


الفروق بين المصدرين:
التوراة القرآن الأمين
1- لا تقيم شأنًا للنسب من جهة الرضاعة. 1- يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.
2- تحرم نكاح امرأة العم وتدعوها عمة. 2- لا يحرم نكاح امرأة العم ولا يدعوها عمة.
3- تحرم نكاح امرأة الأخ لأخيه. 3- لا يحرم نكاح امرأة الأخ لأخيه إذا طلقها أو مات عنها أخوه.
4- لا تذكر حرمة النساء المتزوجات من رجال آخرين زواجهم قائم. 4- يحرم نكاح المتزوجات فعلاً من آخرين زواجاً قائماً ويطلق عليهن وصف المحصنات من النساء.
5- تجعل التحريم غالباً للقرابة من جهة غير الزوج مثل قرابة الأب الأم العم 000 وهكذا. 5- يجعل التحريم لقرابة الزوج ممن حرمت عليه. أو قرابة زوجته أحياناً.


هذه الفروق الواضحة لا تؤهل النص التوراتى لأن يكون أصلاً للنص القرآنى ، علميًّا ، وعقليًّا ، فللنص القرآنى سلطانه الخاص ومصدره المتميز عما ورد فى التوراة. وإلا لما كان بين النصين فروق من هذا النوع المذكور.


وقفة مع ما تقدم :

نكتفى بما تقدم من التوراة وإن كانت التوراة مصدراً ثَرَاً لمثل هذه المقارنات ، ولو أرخينا عنان القلم لما وقفنا عند حد قريب ولتضاعف هذا الحجم مئات المرات. ومع هذا فما من مقارنة تجرى بين التوراة وبين القرآن إلا وهى دليل جديد على نفى أن يكون القرآن مقتبساً من كتاب سابق عليه ، فالقرآن وحى أمين حفظ كلمات الله كما أنزلت على خاتم النبيين (وقد رأينا فى المقارنات الثلاث المتقدمة أن القرآن فوق ما يأتى به من جديد ليس معروفاً فى سواه إنه يصحح أخطاء وقعت فيما سواه وهذا هو معنى " الهيمنة " التى خَصَّ الله بها القرآن فى قوله تعالى: (مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه ) (9).

فالأمور التى لم يلحقها تحريف فى التوراة جاء القرآن مصدقاً لها أو هو مصدق لكل من التوراة والإنجيل بالصفة التى أنزلها الله عليهما قبل التحريف والتبديل.

أما الأمور التى حُرفت ، وتعقبها القرآن فقصها قصًّا صحيحاً أميناً ، وصحح ما ألحقوه بهما من أخطاء ، فذلك هو سلطان " الهيمنة " المشهود للقرآن بها من منزل الكتاب على رسله.

فالقرآن هو كلمة الله " الأخيرة " المعقبة على كل ما سواها ، وليس وراءها معقب يتلوها ؛ لأن الوجود الإنسانى ليس فى حاجة مع وجود القرآن إلى غير القرآن.

كما أن الكون ليس فى حاجة مع الشمس إلى شمس أخرى تمده بالضوء والطاقة بعد وفاء الشمس بهما.

ولنأخذ صورة مقارنة من العهد الجديد أيضًا حيث يختلف عن العهد القديم وذلك لأن نص الإنجيل الذى سندرسه يقابله من القرآن نصان كل منهما فى سورة مما يصعب معه وضع النص الإنجيلى فى جدول مقابلا بالنصين القرآنيين. ولهذا فإننا سنهمل نظام الجدول هنا ونكتفى بعرض النصوص ، والموازنة بينها والموضوع الذى سنخضعه للمقارنة هنا هو بشارة زكريا عليه السلام بابنه يحى عليه السلام وذلك على النحو الآتى:


الصورة الخامسة : من الإنجيل والقرآن - بشارة زكريا ب " يحيى " (عليهما السلام) -

النص الإنجيلى :

" لم يكن لهما يعنى زكريا وامرأته ولد. إذ كانت اليصابات يعنى امرأة زكريا عاقراً.وكان كلاهما متقدمين فى أيامهما فبينما هو يكهن فى نوبة غرفته أمام الله حسب عادة الكهنوت أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الرب ويبخر ، وكان كل جمهور الشعب يصلى خارجاً وقت البخور. فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور. فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف. فقال له الملاك: لاتخف يا زكريا ؛ لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ولداً وتسميه يوحنا ، ويكون لك فرح وابتهاج. وكثيرون سيفخرون بولادته ؛ لأنه يكون عظيماً أمام الرب. وخمراً ومسكراً لا يشرب ، ومن بطن أمه يمتلئ بروح القدس ويرد كثيرين من بنى إسرائيل إلى الرب إلههم ، ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء.والعصاة إلى فكر الأبرار ، لكى يهئ للرب شعباً مستعدًّا. فقال زكريا للملاك: كيف أعلم هذا و أنا شيخ وامرأتى متقدمة فى أيامها..؟!
فأجاب الملاك وقال: أنا جبرائيل الواقف قدام الله. وأرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا. وها أنت تكون صامتاً ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذى يكون فيه هذا لأنك لم تصدق كلامى الذى سيتم فى وقته. وكان الشعب منتظرين زكريا ومتعجبين من إبطائه فى الهيكل. فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم ففهموا أنه قد رأى رؤيا فى الهيكل. فكان يومئ إليهم. وبقى صامتاً.." (10).


النصوص القرآنية :

(1) سورة آل عمران:
(هنالِكَ دعا زكريا ربَّهُ قال رب هب لى من لدُنك ذريةً طيبةً إنك سميعُ الدعاء * فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يُبشرك بيحيى مصدقاً بكلمةٍ من الله وسيداً وحصوراً ونبيًّا من الصالحين * قال رب أنى يكون لى غلامٌ وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر قال كذلِكَ الله يفعلُ ما يشاء * قال ربِّ اجعل لى آية قال آيتك ألا تُكلم الناسَ ثلاثةَ أيام إلا رمزاً واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشى والإبكار) (11).

(2) سورة مريم:
(ذكر رحمة ربك عبده زكريا * إذ نادى ربَّه نداءً خفيًّا * قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك ربِّ شقيًّا * وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقراً فهب لى من لدنك وليًّا * يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله ربِّ رضيًّا * يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميًّا * قال رب أًنَّى يكون لى غلام وكانتً امرأتى عاقراً وقد بلغت من الكبر عتيًّا * قال كذلكَ قال ربكَ هو علىَّ هينٌ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا * قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويًّا * فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيًّا * يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيًّا * وحناناً من لدنَّا وزكاةً وكان تقيًّا * وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصيًّا * وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا) (12).

ذلك هو نص الإنجيل. وذان هما نصا القرآن الأمين. والقضية التى نناقشها هنا هى دعوى " الحاقدين " أن القرآن مقتبس من الأناجيل كما ادعوا قبلا أنه مقتبس من التوراة.

وندعو القارئ أن يراجع النص الإنجيلى مرات ، وأن يتلو النصوص القرآنية مرات ، ويسأل نفسه هذا السؤال:

هل من الممكن علميًّا وعقليًّا أن يكون النص الإنجيلى مصدرًا لما ورد فى القرآن الأمين ؟!

إن المقارنة بين هذه النصوص تسفر عن انفراد النصوص القرآنية بدقائق لا وجود لها فى النص الإنجيلى. ومن أبرز تلك الدقائق ما يلى:

أولاً: فى سورة آل عمران:

(أ) تقدم على قصة البشارة فى" آل عمران" قصة نذر امرأة عمران ما فى بطنها لله محرراً. وهذا لم يرد فى النص الإنجيلى.

(ب) الإخبار بأنها ولدت أنثى " مريم " وكانت ترجو المولود ذكرا وهذا لم يأت فى النص الإنجيلى.

(ج) كفالة زكريا للمولودة "مريم " ووجود رزقها عندها دون أن يعرف مصدره والله سبحانه وتعالى أعلم سؤاله إياها عن مصدره. وهذا بدوره لم يرد فى النص الإنجيلى.

(د) القرآن يربط بين قصة الدعاء بمولود لزكريا وبين قصة مولودة امرأة عمران. وهذا لا وجود له فى النص الإنجيلى.

(ه) دعاء زكريا منصوص عليه فى القرآن وليس له ذكر فى النص الإنجيلى.


ثانياً: فى سورة مريم:

(أ) ما رتبه زكريا على هبة الله له وليًّا ، وهو أن يرثه ويرث من آل يعقوب. ولم يرد هذا فى النص الإنجيلى.

(ب) السبب الذى حمل زكريا على دعاء ربه وهو خوفه الموالى من ورائه والنص الإنجيلى يخلو من هذا.

(ج) كون زكريا أوحى لقومه بأن يسبحوا بكرة وعشيًّا. ولا وجود لهذا فى النص الإنجيلى.

(د) الثناء على المولود " يحيى " من أنه بار بوالديه عليه سلام الله يوم ولادته ويوم موته ويوم بعثه حيًّا ورد فى القرآن ولا مقابل له فى النص الإنجيلى.

هذا كله جديد خاص بالقرآن لا ذكر له فى سواه. وهذا يعنى أن القرآن قد صور الواقعة المقصوصة تصويراً أمينًا كاملاً.

وهذه هى المهمة الأولى التى تعقب بها القرآن المهيمن ما ورد فى الإنجيل المذكور.
وبقيت مهمة جليلة ثانية قام بها القرآن المهيمن نحو النص الإنجيلى ، كما قام بمثلها نحو النصوص التوراتية المتقدمة. وتلك المهمة هى: تصحيح الأخطاء التى وردت فى النص الإنجيلى.


ومن ذلك :

(أ‌) النص الإنجيلى يجعل الصمت الذى قام بزكريا عقوبة له من الملاك.

فصحح القرآن هذه الواقعة ، وجعل الصمت استجابة لدعاء زكريا ربه. وقد حرص على هذا النصان القرآنيان معاً. ففى آل عمران (قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً(وفى مريم: (قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا (.

فالصمت فكان تكريما لزكريا عليه السلام من الله ، وليس عقوبة من الملاك ، وقد انساق بعض مفسرى القرآن الكريم وراء هذا التحريف الإنجيلى فقال: إن الصمت كان عقوبة لزكريا ، ولكن من الله لا من الملاك.

وها نحن نرفض هذا كله سواء كان القائل به مسلما أو غيرمسلم.

فما هو الذنب الذى ارتكبه زكريا حتى يعاقب من الله أو حتى من الملاك ؟!

هل إقراره بكبر سنه وعقر امرأته هو الذنب ؟!

لقد وقع هذا من إبراهيم عليه السلام حين بشر بإسحق ، ووقع من سارة حين بشرت به فلم يعاقب الله منهما أحداً.

وقد وقع هذا من " مريم " حين بُشِّرَتْ بحملها بعيسى ولم يعاقبها الله عليه. فما السر فى ترك إبراهيم وسارة ومريم بلا عقوبة وإنزالها بزكريا وحده مع أن الذى صدر منه صدر مثله تماماً من غيره.

أفى المسألة محاباة..؟! كلا.. فالله لا يحابى أحداً.

إن أكبر دليل على نفى هذا القول هو خلو النصوص القرآنية منه ، وليس هذا تعصباً منا للقرآن. وإنما هو الحق ، والمسلك الكريم اللائق بمنزلة الرسل عند ربهم.

إن الصمت الذى حل بزكريا كان بالنسبة لتكليم الناس ، ومع هذا فقد ظل لسانه يلج بحمد الله وتسبيحه فى العشى والإبكار كما نص القرآن الأمين.

(ب) النص الإنجيلى يحدد مدة الصمت بخروج زكريا من الهيكل إلى يوم أن ولد يحيى.

وهذا خطأ ثانٍ صححه القرآن المهيمن فجعل مدته ثلاثة أيام بلياليهن بعد الخروج من المحراب.

(ج) النص الإنجيلى يجعل البشارة على لسان ملاك واحد ، بينما النصان القرآنيان يجعلانها على لسان جمع من الملائكة: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب ) (13).

(يا زكريا إنا نبشرك بغلام.. ) (14).

وهذا خطأ ثالث وقع فيه النص الإنجيلى فصححه القرآن الأمين.

(د) النص الإنجيلى يجعل التسمبة ب " يحيى " يوحنا من اختيار زكريا بيد أن الملاك قد تنبأ بها.

وهذا خطأ رابع صححه القرآن الأمين فجعل التسمية من وحى الله إلى زكريا: (.. اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ) (15).

(ه) النص الإنجيلى يقول: " إن زكريا حين جاءه الملاك وقع عليه خوف واضطراب ".

وقد خلا النص القرآنى من هذا.. فدل خلوه منه على أنه لم يقع.

ذلك أن القرآن الحكيم عَوَّدَنَا فى قَصِّهِ للوقائع المناظرة لهذه الواقعة أن يسجلها إذا حدثت ولا يهملها ، بدليل أنه قد نَصَّ عليها فى واقعة السحرة مع موسى عليه السلام فقال: (فأوجس فى نفسه خيفة موسى ) (16). وقال فى شأنه كذلك عند انقلاب العصى حية لأول مرة: (فلما رآها تهتز كأنها جَانُّ وَلَّى مُدبِراً ولم يُعَقِّبْ ) (17). وحكاها عن إبراهيم عليه السلام حين جاءته الملائكة تبشره فقال حكاية عن إبراهيم لضيوفه: (إنا منكم وجلون ) (18). وحكاها عن مريم حين جاءها الملك: (قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) (19).

وحِرْصُ القرآن على ذكر هذا الانفعال (الخوف ، إذا حدث) يدل على أن خلوه منه بالنسبة لزكريا دليل على أنه لم يقع منه خوف قط ، وهذا " الخلو "يعتبر تصحيحاً لما ورد فى الإنجيل من نسبة حدث إلى زكريا هو فى الواقع لم يصدر منه.

فهذه خمسة أخطاء قام بتصحيحها القرآن الأمين نحو نصوص الإنجيل المذكورة هنا فى المقارنة. وبهذا نقول:

إن القرآن أدى هنا فى تعقبه للنص الإنجيلى مهمتين جليلتين:

الأولى: تصوير الواقعة المقصوصة تصويراً أميناً كاملاً.
الثانية: تصحيح الأخطاء الواردة فى النص الإنجيلى المقارن.


وقفة أخيرة مع دعوى الاقتباس :

موضوع الدعوى كما يروج لها المبشرون أن القرآن اقتبس من الكتاب المقدس كل قَصَصِهِ التاريخى.

والواقعة التى هى موضوع دعوى الاقتباس هنا هى حادثة تاريخية دينية محددة ببشارة زكريا عليه السلام بيحيى عبد الله ورسوله ووثائق تسجيلها هما: الإنجيل ، ثم القرآن الأمين.

وصلة الإنجيل بالواقعة المقصوصة أنه سجلها فرضًا بعد زمن وقوعها بقليل ؛ لأن عيسى كان معاصراً ليحيى عليهما السلام وصلة القرآن الأمين بها أنه سجلها بعد حدوثها بزمن طويل " حوالى سبعمائة سنة ".

وقرب الإنجيل من وقوع الحادثة المقصوصة ، وبُعد القرآن الزمنى عنها يقتضى إذا

سلمنا جدلاً بدعوى الاقتباس المطروحة أن يأتى الاقتباس على إحدى صورتين:

أولاهما: أن يقتبس القرآن جزءًا مما ورد من القصة الكلية فى الإنجيل. وتظل القصة فيه ناقصة عما هى عليه فى المصدر المقتبس منه (الإنجيل) على حسب زعمهم.

ثانيهما: أن يقتبس القرآن القصة كلها كما هى فى الإنجيل بلا نقص ولا زيادة ، سواء أخذها بألفاظها أو صاغها فى أسلوب جديد (البلاغة العربية كما يدعون) ، بشرط أن يتقيد بالمعانى الواردة فى المصدر المقتبس منه ؛ لأن الفرض قائم (حتى الآن) على أن القرآن لم يكن له مصدر يستقى منه الواقعة غير الإنجيل المقتبس منه.

ومحظور على القرآن عملا بهذه القيود التى تكتنف قضية الاقتباس للوقائع التاريخية من مصدرها الأوحد أن يأتى بجديد أو يضيف إلى الواقعة ما ليس فى مصدرها الأوحد.

فماذا صنع القرآن إذن ؟

هل اقتبس من الإنجيل جزءًا من الواقعة ؟ أم الواقعة كلها ؟!

دائراً فى فلك الإنجيل دورة ناقصة أو دورة كاملة ؟!

لو كان القرآن قد فعل هذا: اقتبس جزءاً من الواقعة كلها ، وَ لَوْ مع صياغة جديدة لم تغير من المعنى شيئا ؛ لكان لدعوى الاقتباس هذه ما يؤيدها من الواقع القرآنى نفسه. ولما تردد فى تصديقها أحد.

ولكننا قد رأينا القرآن لم يفعل شيئًا مما تقدم. لم يقتبس جزءاً من الواقعة ولا الواقعة كلها.

وإنما صورها تصويراً أميناً رائعاً. سجل كل حقائقها ، والتقط بعدساته كل دقائقها. وعرضها عرضاً جديداً نقيًّا صافياً ، وربط بينها وبين وقائع كانت كالسبب الموحد لها فى بناء محكم وعرض أمين.

ولم يقف القرآن عند هذا الحد.. بل قام بإضافة الكثير جدًّا من الجديد الذى لم يعرفه الإنجيل. وصحح كثيراً من الأخطاء التى وردت فيه بفعل التحريف والتزوير. إما بالنص وإما بالسكوت. وهذا لا يتأتى من مقتبس ليس له مصدر سوى ما اقتبس منه.

وإنما يتأتى ممن له مصدره ووسائله وسلطانه المتفوق ، بحيث يتخطى كل الحواجز ، ويسجل الواقعة من " مسرحها " كما رآها هو ، وعقلها هو ، وسجلها هو. وكان هذا هو القرآن.

إن المصدر الوحيد للقرآن هو الوحى الصادق الأمين.. وليس ما سجله الأحبار والكهان ، والفريسيون ، والكتبة فى توراة أو أناجيل.

إن مقاصد القرآن وتوجيهاته وكل محتوياته ليس فى التوراة ولا فى الإنجيل منها شىء يذكر. وفاقد الشىء لا يعطيه. هذا هو حكم العقل والعلم ، ومن لم يخضع لموازين الحق من عقل وعلم ونقل فقد ظلم نفسه.

masry يقول...

(((((((((((((((((((((((((((دعوة المسيح عليه السلام)))))))))))))))))))))


دعوة المسيح :

ولما بلغ عيسى بن مريم من العمر ثلاثين عاما نزل عليه الوحي بكتاب الله المسمى بـ (الإنجيل) مصدقاً للتوراة.. ومؤيداً لصحيحها، ومبينا لما حرف منها ومبشراً برسول يأتي من بعده أسمه أحمد …

قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ(6) } (سورة الصف).

وقام يدعو بني إسرائيل إلى دين الحق، في مجتمع دخلت فيه انحرافات كثيرة وخرافات وأباطيل، وذلك بعد أن طال على بني إسرائيل الأمد فقست قلوبهم، وحّرفوا شريعة الله، وتلاعبوا بنصوص التوراة..

فبعث الله إليهم هذا النبي الكريم بما بعث به إخوانه الأنبياء من قبل ليردّ بني إسرائيل إلى الجادة، ويصحح ما دخل إلى شريعتهم من تحريف وتبديل، كما جاءهم بأحكام شرعية جديدة، ومن ذلك تحليل ما كان قد حرّم على اليهود في شريعة موسى عليه السلام بسبب بغيهم وعدوانهم ، عقوبة من الله ؛ فبعث الله إليهم هذا النبي الكريم يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم .

قال تعالى مخبراً عن دعوة نبيه عيسى: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ(51))(سورة آل عمران).

ومعلوم أن قطب رحى دعوة هذا النبي الكريم وأصلها وأهم أركانها هو التوحيد الذي بعثت به الرسل كافة.

كما قال تعالى في دعوة الرسل عامة: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ(25))(سورة الأنبياء).

فالتوحيد الذي تحويه كلمة (لا إله إلا الله) هو أصل دعوة المسيح عليه السلام شأنه كشأن كافة الرسل. وقد فسّر الله تعالى هذه الكلمة وبين حقيقة هذه الدعوة على وجه الإجمال بقوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(36))(النحل) .

كما بيّن سبحانه أنها العروة الوثقى التي عليها مدار النجاة، فمن استمسك بها فاز ونجى ومن كفر بها أو أعرض عنها هلك وخسر خسراناً مبيناً. فقال تعالى: (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)) (البقرة)

فقوله تعالى في البقرة: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ)..

وقوله سبحانه في النحل: (أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) ؛ هو معنى التوحيد الذي حوته وتضمنته (لا إله إلا الله) بركتي النفي الإثبات الذين تتكون منهما.. فـ(لا إله) هو ركن النفي الذي يعني البراءة من كل ما يعبد من دون الله من بشر أو حجر أو غيره ، ويتضمن الكفر بكل ما يُتبَّعَ من الأديان والشرائع والمناهج الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان.

و (إلا الله) هو ركن الإثبات الذي يثبت ويفرد العبادة لله وحده، ويجرد الطاعة المطلقة والتشريع والتحليل والتحريم له وحده سبحانه فلا يشاركه في شيء من ذلك لا حاكم ولا نائب ولا قسيس أو راهب أو عالم أو غيره..

وهذا يعني البراءة من ألوهية عيسى التي وصفه بها النصارى.. فالمسيح واحد من أولئك الرسل الكرام الذين دعوا إلى هذه الكلمة العظيمة كما في قول الله تعالى الذي يخاطب به خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) فالمسيح رسول من الرسل الذين أرسلوا قبل خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الله تعالى ذلك في بيان دعوة المسيح وعلى لسانه فقال:

(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(116)مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117)) (المائدة).

وقد جاء شيء من هذا فيما تبقى في أناجيلهم المحرفة ففي إنجيل متى 4/(10-11) ولوقا (4/8) : ( إنّه مكتوبٌ؛ للربِ إلهكَ تسجُد وإيّاهُ وحدَهُ تَعُبُد) .

وموجود أصرح منه في إنجيل برنابا الذي ترفضه الكنيسة لأن فيه إبطال صريح لشركياتهم بل فيه صراحة ذكر أن " آدم رأى مكتوبا فوق الباب ( لا إله إلا الله محمدا رسول الله ) " ص 91 الفصل الحادي والأربعون .

وفيه أن تلاميذ المسيح لما بعثهم مبشرين بالتوبة كما أمرهم يسوع مبرئين كل نوع من المرض(حتى ثبت في اسرائيل كلام يسوع أن الله أحد ، وأن يسوع نبي الله).

ص194-195 الفصل السادس والعشرون بعد المائة ، وفي الموضع نفسه قولهم للمسيح : ( يامعلم لقد أبرأنا عددا لا يحصى من المرضى وأخرجنا شياطين كثيرة كانوا يعذبون الناس ، فقال يسوع : ( ليغفر الله لكم أيها الاخوة لأنكم أخطأتم إذ قلتم " أبرأنا " ، وإنما الله هو الذي فعل ذلك كله ) .. وقال : في كل عمل صالح قولوا " الرب صنع " وفي كل عمل رديء قولوا " أخطأت " ثم سألهم عما يقوله اسرائيل ما يصنع تلاميذه من ذلك فأجاب التلاميذ : بأنهم يقولون انه يوجد إلهٌ أحد وأنك نبي الله ، فأجاب يسوع بوجه متهلل : ( تبارك اسم الله القدوس ).

وفي ص 285الفصل الثاني عشر بعد المائتين : ( أيها الرب الإله القدير الغيور .. العن إلى الأبد كل من يفسد إنجيلي الذي أعطيتني عندما يكتبون أني ابنك لأني أنا الطين والتراب خادم خدمك ) .



- تاييده بالمعجزات :

وقد أيّد الله نبيه المسيح عليه السلام بالبينات الباهرة، والمعجزات الظاهرة الدالة على صدقة وصدق رسالته..

- وأول هذه المعجزات كما تقدم ولادته من غير أب.

- ثم كلامه في المهد ..

- ولما بدأ دعوته في بني إسرائيل صار يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله.

فقد بعث في زمن انتشر فيه الطب والحكمة، لذلك كانت معجزاته التي أيّد بها تعجيزاً لأهل هذا الفن .. فأنّى للحكيم أن يبرئ الأكمه الذي هو أسوأ حالاً من الأعمى،إذ هو الذي ولد بعماه ، أو الأبرص والمجذوم، وكيف يتوصل أحد من الخلق ولو كان من أعرفهم بالطب والحكمة إلى أن يقيم الميت من قبره؟؟

قال تعالى: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ(48)وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(49)) (سورة آل عمران).

وقال تعالى : (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الذينَ كَفَروا منهم إِنْ هَذا إلا سِحْرٌ ُمبين ) (110))(سورة المائدة) .



إيمان الحواريين بالمسيح :

الحواريون عدد من تلاميذ المسيح آمنوا به وصحبوه وشهدوا كثيراً من المعجزات التي أيده الله بها .. وقد سموا بالحواريين من الحور وهو البياض لصفاء قلوبهم ونقاء سريرتهم..

قال تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ([18]) إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ ءَامِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا ءَامَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ(111)إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(112)قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ(113)قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ(114)قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ(115)) (المائدة).

ونحن نؤمن كما أخبرنا الله تعالى أن أولئك الحواريين قد نصروا المسيح ونصروا دعوته وآمنوا به كرسول من عند الله فلم يبدلوا أو يغيّروا..

وقد أثنى الله تعالى عليهم بقوله: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(52)رَبَّنَا ءَامَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(53)) (سورة آل عمران).

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ(14)) (سورة الصف).

وفي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحواريين هم خاصة اتباع الرسل وصحابتهم. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يعلمون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الأيمان حبة خردل).

فهذا كله يدل على أن الحواريين هم خاصة الأنبياء وأنصارهم، وكذلك كان حواريو عيسى عليه السلام، لم يضرّهم من عاداهم ولا من خالفهم وخذلهم من المشركين الذين وصفوا عيسى بالألوهية، وحرّفوا الكتاب والشريعة التي جاء بها، وبدلوا الكلم عن مواضعه.

بل ثبت أولئك الحواريون على ما تركهم عليه عيسى عليه السلام رغم الأذى والعذاب والقتل والنشر بالمناشير.

فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا العطاء مادام عطاء، فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه فيمنعكم ذلك الفقر.

ألا إن رحى الإسلام دائرة تدور مع الكتاب حيث يدور، ألا إن السلطان والكتاب سيفترقان، ألا فلا تفارقوا الكتاب. ألا إنه سيكون عليكم أمراء إن أطعمتموهم أضلوكم، وإن عصيتموهم قتلوكم، قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله..؟

قال : كما صنع أصحاب عيسى عليه السلام، حملوا على الخشب، ونشروا بالمناشير، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله).

هكذا أثنى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحواريين ووصفهم بأطيب الصفات وأجمل الخلال..

أما النصارى فقد أظهروهم في أناجيلهم على أنهم أناس جبناء خذلوا المسيح وهربوا عند الحقائق وتبرؤوا منه وأنكروا معرفتهم به عند اعتقاله بل وصوروهم على أنهم أغبياء وثقيلوا الفهم عُمْي القلوب!!

ولا شك أن هذه الأوصاف الأخيرة تُسهّل على النصارى أن يمرروا بسببها كثيراً من العقائد الشركية التي كان ينكرها أولئك الحواريون.. فهم بزعم النصارى لثقل إفهامهم وغباوتهم وعمي قلوبهم.. لم يدركوا أن المسيح هو أبن الله إلا في مراحل متأخرة من حياة المسيح!!

وتأمل سؤالهم بعد بعض المعجزات التي ظهرت على يد المسيح، فتراهم مع أنهم أتباعه وتلامذته وخاصته: (خافوا خوفاً شديداً وقال بعضهم لبعض: من ترى هذا حتى الريح والبحر يطيعانه ؟) مرقس (4/41).

فمع أن الأصل في المعجزة أن الله يظهرها على أيدي أنبيائه كدليل على صدقهم وصدق رسالاتهم.. إلا أنهم في الأناجيل يظهرونها مبهمة لا تُعرف الغاية من ورائها، ولا يَعرِف من يشهدها ؛ من هذا الذي تحصل على يديه…! وما ذلك إلا ليبقوا باب الإشراك مفتوحاً، فيجيبوا متى شاءوا : إنه ابن الله !!

كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.

بل جعلوا من حوارييه وتلامذته وخاصته، من خان المسيح وأسلمه إلى أعدائه مقابل ثلاثين درهماً([23])وكان سّرافاً يسرق أموال المسيح وتلامذته الباقين وهو يهوذا الإسخريوطي هذا مع أنهم يذكرون عن المسيح أنه جعل لجميع الحواريين ـ ومنهم هذا الخائن السارق ـ سلطاناً على الشياطين وقدرة على إبراء وإشفاء المرضى، كما في إنجيل متى (10/1-9): ( ودعا تلاميذه الاثني عشر فأولاهم سلطاناً يطردون به الأرواح النجسة ويشفون الناس من كل مرض وعلة وهذه أسماء الرسل الإثْني عشر ) :-

1- سمعان الذي يقال له بطرس

2- وإندرواس أخوه.

3- فيعقوب بن زبَدى

4- ويوحنا أخوه

5- ففيلبُّس.

6- وبَرتُلماوُسُ

7- فتوما.

8- ومتى العشار

9- فيعقوب بن حَلفى

10- وتَدَّاوُس

11- فسمعان الغيور

12- ويهوذا الإسخريوطي ذاك الذي أسلمه.

وتأمل كيف لم يعدوا في جملتهم هنا ( برنابا ) صاحب الإنجيل المشهور الذي خالفهم فيه في عقائدهم الشركية فرفضوه ، مع أنهم يقرون أنه من أشهر أتباع المسيح والدعاة إلى المسيحية في زمنه، بل وصفوه بأنه ( كان رجلا صالحا ممتلئا من الروح القدس ومن الإيمان ) كما في ( أعمال الرسل 11/24) وذكروا أن الروح القدس أرسله مع شاول (بولس) موفدين يبشران بكلمة الله بين اليهود .. ( أعمال الرسل 13/2-5) وغيرها .

هؤلاء الإثني عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قال: لا تسلكوا طريقاً إلى الوثنيين ولا تدخلوا مدنية للسامريين، بل اذهبوا إلى الخراف الضالة من آل إسرائيل([32])، وأعلنوا في الطريق أن قد أقترب ملكوت السماوات.

أشفوا المرضى وأقيموا الموتى، وأبرئوا البرص، واطردوا الشياطين، أخذتم مجانا فمجانا أعطوا… الخ) .

تأمل! وأقيموا الموتى.. خاصّية يهبها إلى تلاميذه الإثني عشر ومنهم ذلك الخائن السارق الذي أسلمه لأعدائه بثلاثين درهماً..!!

وإذا كان للحواريين القدرة على إحياء الموتى.. فأيّ خاصيّة أختص بها المسيح إذن في معجزاته ؟!.

ومن التناقض الصريح والكثير في أناجيلهم، أنهم ذكروا بعد ذلك في إنجيل ( متى 17/14-21) أن جميع تلامذته هؤلاء، قد عجزوا عن طرد شيطان من جسد غلام.. والطريف في هذا الموضع أنهم لما رأوا المسيح يطرده سألوه: ( لماذا لم نستطيع نحن أن نطرده؟) فقال لهم: ( لقلة إيمانكم )!! الحق أقول لكم : إن كان لكم من الإيمان قدر حبة خردل، قلتم لهذا الجبل: أنتقل من هنا ألى هناك، فينتقل) أهـ. وفيه أيضاً عند قصة التينة التي أمرها المسيح فيبست، فعجب التلاميذ من ذلك. فقال لهم: (21/18-22): (الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان لا يداخله ريب. لا تفعلون ما فعلته بالتينة فحسب، بل كنتم إذا قلتم لهذا الجبل؛ قم فاهبط في البحر، يكون ذلك..)أهـ.

ولابن حزم رحمه الله تعالى في الفِصل، كلام نفيس يعلق فيه على هذا التناقض ملخصه؛ أن يقال: ( لا يخلو التلاميذ المذكورون، ثم هؤلاء النصارى بعدهم إلى اليوم، من أن يكونوا مؤمنين بالمسيح عليه السلام، أو غير مؤمنين، ولا سبيل إلى قسم ثالث…

- فإن كانوا مؤمنين، فقد كذب المسيح ـ على قولهم ـ فيما وعدهم به في هذه الفصول جهالاً، وحاشاه من الكذب، أو كذبت أناجيلهم.ز فما منهم أحد قط قدر أن يأمر ورقة فتيبس، فكيف بتسيير جبل، أو قلعه وإلقائه بالبحر..؟؟

- وإن كانوا غير مؤمنين، فقد صدقوا في هذا، وهم بإقرارهم به قد شهدوا على أنفسهم بالكفر، ولا يجوز أن يُصدّق كافر أو يُتّبع أو يُؤخذ الدين عنه..!!

ثم يقال؛ إذا كان الحواريون وهم صفوة أتباع المسيح وخاصته. ليس في قلوبهم مثقال حبة من خردل من إيمان!! وليس في قلوبهم إيمان لا ريب فيه، بل إن كان فيها إيمان فهو إيمان مدخول بالريب والشك..!! فما بالك بمن هم دونهم من النصارى إلى هذه الأزمنة المتأخرة..؟ ومعلوم أن الإيمان إن دخله شك وريب أبطله..

فإذا كان إيمان هؤلاء التلاميذ باطلاً كما شهد عليهم المسيح هنا..!! فكيف يُولّيهم قبل ذلك سلطان طرد الشياطين وأشفاء المرضى، وإبراء البرص، بل وإحياء الموتى ؟!!

وعلى كل حال فهذه الأسماء التي عدَّدوها، هم حواريو المسيح وتلامذته وهذه بعض صفاتهم على زعم النصارى.. أما نحن المسلمون فنعتقد بأن للمسيح حواريين وأصحاب أتقياء نصروه،ونصروا دعوته واحتملوا في سبيلها الأذى والقتل والبلاء ، أما أسماؤهم فلم يثبت عندنا في ذلك خبر مرفوع.

وقد جزم النصارى بان الحواريين هم هؤلاء المذكورين ؛ مع أن أناجبلهم، ذكرت تلاميذ آخرين للمسيح أشهرهم برنابا، إلا أن الكنيسة لم تثبته مع الحواريين .

والنصارى ينسبون إلى المذكورين من الباطل و الشرك والقول بألوهية المسيح وغير ذلك مما يستحيل أن ينتحله خاصة الرسل وحوارييهم..

وعلى كل حال فقد قال أبن جزم في الفصل: (2/17): "إن كل من شمعون باطرة ويوحنا ومتى ومرقس ولوقا وبولس كانوا مختفين مستترين لا يظهرون دينهم بل كانوا مظهرين لدين اليهود من التزام السبت وغيره طول حياتهم إلى أن ظفر بهم فقتلوا ..)أهـ.

فإذا كان هذا حال أشهرهم وهو : (شمعون باطره) المعروف ببطرس: أي صخر، إشارة إلى ثباته!! وسيأتي أنه أنكر معرفته بالمسيح عند الحقائق. فكيف بمن هم دونه ممن يزعمون أنهم خاصة المسيح وتلامذته؟؟.



- تكذيب بني إسرائيل للمسيح وسعيهم في قتله:

ورغم هذه المعجزات الباهرة، ورغم أن القوم الذين أرسل إليهم المسيح كانوا ينتظرونه ويستبشرون به ببشارة الأنبياء من قبله، فلما جاءهم وجهر بدعوته، وصار يناظر الفريسيين والكهنة ويفحمهم، استكبر أكثرهم وكذبوه وناصبوه العداء، ورموه بالسحر ورموا أمه بالقبائح وبدأوا بالتآمر عليه، وحاولوا قتله مراراً ولكن الله تعالى نجاة منهم، ولم يمكنهم من عبده ورسوله.. قال تعالى:- (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا(156)وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)) (سورة النساء).

ثم اجتمع عظماء اليهود وأحبارهم وتشاوروا في أمره، فرفعوه إلى الحاكم الروماني "بيلاطس النبطي" الذي كان حاكماً على اليهود باسم الملك (قيصر) يحرشون على قتله ؛ وزيّنوا دعواهم بأن المسيح يريد أن يكون ملكاً على اليهود وأنه يسعى لتقويض الحكم القائم.

ولا غرابة في ذلك فهذه طريقة الملأ وديدنهمم على مر العصور مع الأنبياء والدعاه عندما يعجزون عن مواجهة حججهم الباهرة بحجج مثلها !

لا يلجؤون إلى الدليـل وإنما في العجز ملجؤهم إلى السلطان

فأوغزوا صدر الحاكم عليه حتى قرر أن يتخلص منه بالقتل والصلب على طريقتهم التي كانوا يفعلونها فيمن يحكمون عليه بالقتل.. وعلم نبي الله عيسى بذلك فاختفى عن الأعين ودخل أورشليم.



- إدعاء النصارى أن اليهود أسروه وصلبوه :

وتروي الأناجيل التي بأيدي النصارى اليوم أن المسيح قال لتلامذته: "الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيسلمني" "وهو يأكل معي" وفيها بيان أنه "يهوذا الإسخريوطي" وأن يهوذا هذا، الذي يزعمون أنه كان من تلامذته بل من حوارييه الإثني عشر، دلَّ الشُرط الذين كانوا يبحثون عن المسيح على مكانه مقابل دريهمات معدودة .. "ثلاثون درهما" وأنه اتفق معهم إذا دخلوا عليه أن يقبّله كعلامة يعرفهم بها عليه من بين تلامذته وأن تلامذته خذلوه إلا ما يحكونه عن بطرس من أنه أستل سيفه وقطع أذن عبد عظيم الأحبار، فهذا المسيح وأمره أن يغمد سيفه وأنه لمس أذن العبد فبرئ .

وزعموا أنه قال لبطرس: (أوَ تظن أني لا أستطيع أن أسأل أبي، فيمدني الساعة بأكثر من أثني عشر فيلقا من الملائكة؟) .

ثم يزعمون أن الذين امسكوه ساقوه إلى عظيم الأحبار، وقد أجتمع عنده الكتبة والشيوخ وأنهم كلموه فظل صامتاً، إلى أن أستحلفه عظيم الأحبار (هل أنت المسيح أبن الله)؟ ويزعمون أنه أجابه بالإيجاب، فقام عظيم الأحبار عند ذلك وشقّ ثيابه .. وحكم عليه بالموت.. فبصقوا في وجهه ولطموه ومنهم من لكمه .

وعند هذا الحد يزعمون أن بطرس الذي هو أقرب الحواريين إلى المسيح، وهو الوحيد الذي حاول الدفع عنه ولحق به لما أسروه، يزعمون أنه تبرأ منه عندها وأنكر معرفته به، وأنه أخذ يلعن ويحلف أنه لا يعرفه وأنهم بعدها ساقوا المسيح إلى الحاكم بيلاطس ليصادرق على حكمهم، وأخبروه أن المسيح يدّعي أنه ملك اليهود، وأنه يريد بذلك الخروج على حكم القيصر، وينهى عن دفع الجزية له، ولذلك يجب قتله وصلبه .. وأن ذلك الحاكم جلده وأسلمه لهم ليصلب فكللوه بإكليل ضفروه له من الشوك فوضعوه على رأسه وأخذوا يسخرون منه وينادونه (السلام عليك يا ملك اليهود) ويبصقون عليه.. ويضربونه بقصبه على رأسه . ثم خرجوا به ليصلبوه فزعموا في أناجيلهم الثلاثة متى ومرقس ولوقا أنهم صادفوا رجلاً اسمه سمعان القيريني كان آتياً من الريف فسخروه ليحمل الصليب ويمشي خلف المسيح ..

أما إنجيل يوحنا فزعم أن المسيح خرج حاملاً صليبه بنفسه !!

فيقال للنصارى لابد من كاذب مفتر مبدل في هذا !! إما أولئك الثلاثة أو هذا الأخير..

أما عندنا نحن المسلمون، فكل ذلك محض افتراء والحق عندنا أنهم ما أسروا المسيح ولا صلبوه ولا قتلوه. ولكنه شبه لهم كما قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بل رَفَعه اللهُ إليهِ وكانَ اللهُ عزيزاً حكيما ..(157))(سورة النساء).



- دعوى صلب المسيح وعقيدة الفداء :

- وتزعم الأناجيل التي بأيدي النصارى اليوم، أنهم بعد ذلك أخذوه إلى مكان يعرف بالجمجمة . ثم ناولوه خمراً ممزوجة بمرارة ليشربها - على عادتهم بأن يسقى المحكوم عليه مثل ذلك كي يفقد الحس فتخف آلامه.. فيزعمون أنه ذاقها!! وأبي أن يشربها..

- فصلبوه بين لصين، ووضعوا فوق رأسه علّة الحكم عليه، كتب فيها: (هذا يسوع ملك اليهود)

(وكان المارة يشتمونه وهم يهزّون رؤوسهم ويقولون: يا أيها الذي ينقض الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام خلّص نفسك إن كنت أبن الله، فانزل عن الصليب! وكذلك كان الأحبار يسخرون منه فيقولون: "خلّص غيره ولا يقدر أن يخلص نفسه" ويزعمون أن الجند عرّوه من ثيابه واقتسموها بينهم وزعموا أنه كان يستغيث بالجنود ليسقوه فقال لهم: "أنا عطشان" وأنهم بلّلوا اسفنجة بخل ووضعوها على قضيب وقربوها من فمه . وأنه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، صرخ صرخة شديدة قال: "إيلي، إيلي، لَمّا شَبَقتاني؟ " أي : "إلهي، إلهي ، لماذا تركتني؟" ثم لفظ روحه على ما يزعمون، وأن أحد الجند طعنه بحربة في جنبه فخرج دم وماء ..

فتأمل إلى هذا الهراء.. واحمد إلهك على نعمة الإسلام والتوحيد.. والعافية في عقلك وفهمك.

فإن أعظم أصل من أصول هذه الديانة المحرّفة المتهافتة، وركنها الركين هي عقيدة الفداء التي يزعمون أن المسيح جاء وصلب من أجلها، وأنه كان يعرف أن ذلك سيحصل له من قبل بل ويعرف من سيسلمه لأعدائه، من تلامذته كما تقدم، وأن ذلك كله لتكفير خطايا المؤمنين به. .

ثم في هذا المقام الحاسم وبين يدي أعدائه والشامتين به، يفزع ويصرخ: "إلهي.. إلهي، لماذا تركتني؟". أو ليس يزعمون أنه إنما جاء لأجل ذلك.. فعلام يفزع ويزعم أن الله قد تركه.؟!! فأي عقول نخرة وأفكار متهافتة تقبل مثل هذا التناقض الصريح.. ثم يزعمون مع هذا كله إنه إله.. أو نصف إله .. أو أبن الله!! فلعنة الله على الظالمين ..

ورحم الله عمر الفاروق إذ يقول فيهم: "أهينوهم ولا تظلموهم، فلقد سبوا الله عز وجل مسبة ما سبّه إياها أحد من البشر" أ.هـ.

وتالله لقد صدق رضي الله عنه، فإن عبّاد الأصنام، مع انهم من أكفر الخلق، إلا أنهم كانوا يأنفون أن يصفوا آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله وهي من الحجارة ونحوها – بمثل ما وصف به النصارى رب العالمين..

وتالله، لقد كان الله في قلوب أولئك الوثنين أجل وأعظم من أن يصفوه بهذه الذلة والمهانة .. فما قالوا قط أن أوثانهم هي الله.. ولا كانوا ليقبلوا أن تضرب أوثانهم التي أشركوها مع الله أو تصفع أو يبصق عليها.. وقديماً رام أسلافهم تحريق خليل الله لما تعرض لها بالكسر والتسفيه والتحقير…

فبعداً لمن كان شراً وأعظم ارتكاساً في أفكاره وأشد انتكاساً في عقيدته من عباد الحجارة الوثنيين. .!!.

وعذر النصارى في ذلك أقبح من أقوال وعقائد كثير من أولئك الوثنيين وهو ما يسمونه بعقيدة الفداء أو الخلاص.. ومنه تسميتهم للمسيح بالمخلّص.. وذلك أن ابن الله بزعمهم قَبِلَ أن يُصلب ويُضرب ويُصفع ويُبصق في وجهه لأجل أن يُكفّر عنهم خطاياهم، ومن ثم ليبقوا في غيّهم وشهواتهم سادرين..

وذلك أن العالم بزعمهم، ومنذ عهد وقوع آدم في الخطيئة بأكله من الشجرة التي نهاه الله عنها ؛فإنه يبتعد عن الله بسبب تلك الخطيئة، وأن كل مولود من ذرية آدم فإنه يبتعد عن الله بسبب تلك الخطيئة، وأن كل مولود من ذرية آدم فإنه يولد وهو يحمل خطيئة أبيه!!

فزعموا أن الله من محبته ونعمته أرسل ابنه الوحيد!! (( كبرت كلمة تخرج من أفواههم )) إلي هذا العالم ليمكّن أعداءه منه فيأسروه ويصلبوه ويسمروا يديه ورجليه على الخشب، ويلطموه ويبصقوا في وجهه، ويسخروا منه ويضعوا على رأسه إكليلا من الشوك استهزاء به، كل ذلك ليفدي البشر ويكفر عنهم خطيئة أبيهم وخطاياهم..

فنسبوا الله عز وجل إلى غاية العجز، حيث عجّزوه أن يُخلّصهم بقدرته، إلا بتسليط أعدائه على نفسه أوعلى أبنه كما زعموا.

ثم تناقضوا في خاتمة المطاف، فجعلوه يفزع ويصرخ ويصيح ويستغيث معترضاً على ما جاء بزعمهم من أجله !! قائلاً: "إلهي لماذا تركتني..؟" والقوم يبصقون في وجهه ويلطمونه من كل صوب، ويسخرون منه..!!.

وبالجملة، فلا نعلم أمة من الأمم أهانت وسبت ربها ومعبودها وإلهها بما سبتّ به هذه الأمة، كما قال عمر رضي الله عنه ..

وعقيدتنا نحن المسلمون أن الله قد تاب على آدم وغفر له معصيته تلك، فلم يعد يحملها هو؛ فضلاً عن أن تحملها ذريته.. قال تعالى: (وَعَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121)ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى(122)) (سورة طه).

وقد بيّن رسولنا الكريم "أن المولود يولد على الفطرة.." لا على الخطيئة كما يزعم النصارى. "وأن الله خلق عباده حنفاء.." وليس في حمأة الخطيئة. ولسنا بحاجة في دين الإسلام العظيم إلى من يحمل عن الأمة خطاياها، أو يتوسط بينها وبين ربها، قال تعالى: (( وإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186)) (سورة البقرة) وأعظم إنسان في ديننا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لا يملك أن يُكفّر خطايا الناس أو أن يشفع فيها إلا أن يأذن الله له بذلك.. قال تعالى منكراً على المشركين: (( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ))، وهذا فيما هو دون الشرك .. أما الشرك فلا يغفره الله تعالى ولا تنفع فيه شفاعة الشافعين ؛ قال تعالى: (( إن الله لا يغفر أن يُشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء..)).

بل قال عن الأنبياء أنفسهم : (( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))(الأنعام: من الآية88)

ومن ثم فلا ينفع أو يشفع في الإشراك مع الله تعالى، ما يُشقشق به النصارى من عقيدة الفداء أو الخلاص أو غيرها.. وقد قال الله تعالى لأحبّ خلقه إليه: (( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يُعذبهم بأنهم ظالمون )).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(214)" (الشعراء). فقال: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً ، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا".

وأخيراً فإن من أصول ديننا، قوله تعالى: (( ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )) (سورة فاطر) فلا ذنب للذرية ولا جريرة عليهم بخطيئه أبيهم..

قال تعالى: ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38)) (سورة المدثر).

وقال سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)(سورة فصلت).

وهذه هي العدالة الإلهية التي انحرف عنها النصارى، إلى نحاتات ونخالات أفكار رهبانهم وقساوستهم الذين ابتدعوا واخترعوا لهم فكرة وعقيدة الفداء التي تريحهم من التكاليف وتعينهم على افتراف الآثام والموبقات ؛ فالمسيح قد صُلب بزعمهم ليفديهم ويُكفر ذنوبهم .. فليغرقوا إذن في حمأة الخطايا والآثام.. وهذه العقيدة المتهافة هي عند النصارى من أصول دينهم ودعائم عقيدتهم، التي لا يقبل إيمان إلا بها.. مع أنها مخالفة ومناقضة، مناقضة صريحة لنصوص كتبهم المقدسة .. فقد جاء في "سفر التثنية":-

"لا يُقتل الآباء عن الأولاد، ولا يُقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل"أهـ.

وهذه المناقضة من حيث تحميلهم خطيئة آدم لذريته..!!

أما من حيث أن عقيدة الفداء أثمرت عند النصارى إلغاء العمل بالشريعة، وإسقاط الدينونة والحساب، وهو الأمر الذي استغله بولس لدعوته الإرجائية إلى التحلل والتحرر من تكاليف الشريعة ، كما سيأتي.. فمناقضة هذا، لما في أناجيلهم كثير أيضاً.. من ذلك:

- ما جاء في إنجيل متى مما ينسب إلى المسيح: (لا تظنوا أني جئت لأبطل الشريعة أو الأنبياء، ما جئت لأبطل بل لأكمل، الحق أقول لكم: لن يزول حرف أو نقطة من الشريعة حتى يتم كل شيء أو تزول السماء والأرض، فمن خالف وصية من أصغر تلك الوصايا، وعلم الناس أن يفعلوا مثله، عد الصغير في ملكوت السموات، وأما الذي يعمل بها ويعلمها فذاك يعد كبيراً في السموات) (5/17-19)

- وفيه أيضاً: ( سمعتهم أنه قيل " لاتزن" أما أنا فأقول لكم : من نظر إلى امرأة بشهوة زنى بها في قلبه، فإذا كانت عينك اليمنى سبب عثرة لك فاقلعها، وألقها عنك ، فلأن يهلك عضو من أعضائك خير لك من أن يلقي جسدك كله في جهنم،)(5/27-29) وأنظر (18/8-9)

- وفيه: (لا تدينوا لئلا تُدانوا، فكما تُدِينون تُدانون، ويُكل لكم بما تكيلون) (7/1-2)

- وفيه : (ليس من يقول لي: (يارب ، يارب) يدخل ملكوت السموات، بل من يعمل بمشيئة أبي([65])الذي في السموات، فسوف يقول لي كثير من الناس في ذلك اليوم: يارب، يارب، أَمَا باسمك تنبأنا ؟ وباسمك طردنا الشياطين؟ وباسمك أتينا بالمعجزات الكثيرة؟. فأقول لهم علانية: ما عرفتكم قط. إليكم عني أيها الفاسقون"أ.هـ. (7/21-24)

- وفيه أيضاً: (ثم يقول – أي الله- للذين عن الشمال: "إليكم عني أيها الملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته: لأني جعت فما أطعمتموني، وعطشت فما سقيتموني وكنت غريباً فما آويتموني، وعرياناً فما كسوتموني، ومريضاً وسجيناً فما زرتموني، فيجيبه هؤلاء أيضاً: يارب، متى رأيناك جائعاً أو عطشان، غريباً أو عُريانا، مريضاً أو سجيناً، وما أسعفناك؟ فيجيبهم: الحق أقول لكم؛ أيما مرة لم تصنعوا ذلك لواحد من هؤلاء الصغار فلي لم تصنعوه، فيذهب هؤلاء إلى العذاب الأبدي، والأبرار إلى الحياة الأبدية)أهـ. (25/41-46)

- وفي إنجيل لوقا: ( لماذا تدعونني: يارب، يارب، ولا تعملون بما أقول ؟ كل من يأتي إلىّ ويسمع كلامي فيعمل به، أبيّن لكم من يشبه: يشبه رجلا بنى بيتاً، فحفر وعمق الحفر، ثم وضع الأساس على الصخر، فلما فاضت المياه اندفع النهر على ذلك البيت، فلم يقو على زعزعته لأنه بني بناء محكماً، وأما الذي يسمع ولا يعمل، فإنه يشبه رجلاً بنى بيته على التراب بغير أساس، فأندفع النهر عليه، فانهار لوقته، وكان خراب ذلك البيت جسمياً) أهـ. (6/46-49).

- وفيه أيضا (12/15): (إن لم تتوبوا تهلكوا بأجمعكم..) أهـ. وغير ذلك كثير..



- الصليب ، وبدعة تعظيمه عند النصارى :

كان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليباً أغمض عينيه عنه، وقال: "لا أستطيع أن أملأ عيني ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب ".أهـ.

ولهذا قال بعض عقلاء الملوك: "إن جهاد هؤلاء واجب شرعاً وعقلاً فإنهم عار على بني آدم مفسدون للعقول والشرائع" أهـ.

ومن العجيب أنهم يقرؤون في التوراة "ملعون من تعلق بالصليب" ثم هم يعظمون الصليب !!

ولو كان لهم أدنى عقل، لكان الأولى بهم أن يحرقوه أو يكسروه فإنه قد صلب عليه إلههم ومعبودهم بزعمهم، وأهين وصفع وقتل فوقه. وصار بزعمهم ملعوناً، لأنه علق به كما يقول بولس: "إن المسيح صار لعنة لأجلنا" وتعظيم الصليب مما ابتدعوه في دين المسيح بعده بزمان، ولا ذكر له في أناجيلهم- أي بالتعظيم- وإنما ذكر في التوراة باللعن لمن تعلق به ولعل أوّل من سن لهم بدعة تعظيم الصليب"هيلانة الحرانية الفندقانية" أم الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي كان أول إمبراطور روماني يعتنق النصرانية كما سيأتي. وذلك أن اليهود لما صلبوا ذلك الرجل الذي ألقي عليه شبه المسيح ثم ألقوه بخشبته التي صلب عليها.. جعل بعض أتباع المسيح يأتون إلى مكانه ويبكون، فخشي اليهود أن يصير لذلك المكان شأنا فجعلوا مكانه مطرحاً للقمامة والنجاسة لينفروا عنه، فلم يزل كذلك، حتى كان زمان قسطنطين، أي بعد (300) سنة، حيث عمدت أمه هيلانة إلى ذلك المكان، تبحث فيه، معتقدة أن المسيح هناك فزعموا أنها وجدت الخشبه التي صلب عليها ذلك المصلوب([71]) فعظموها وغشوها بالذهب، ومن ثم اتخذوا الصلبانات، وتبركوا بشكلها، وقبّلوها .

وقد زعموا تعظيم المسيح بذلك، فاجتهدوا بحمقهم في ذمه وتنقصه والإزراء به والطعن عليه، وكان مقصودهم بذلك التشنيع على اليهود وتنفير الناس عنهم وإغراءهم بهم، فشوهوا بذلك النصرانية وملؤوها بالشرك والخزعبالت..

فإن زعموا أنهم إنما يعظمونه لأنه يرمز إلى خلاصهم ونجاتهم وعقيدة الفداء التي صلب من أجلها المسيح بزعمهم..

يقال لهم: فأنتم تعظمون كل صليب، ولا تخصون التعظيم بذلك الصليب الأول بعينه !!

فإن قالوا: الصليب من حيث هو، يذكر بالصليب الذي صلب عليه إلهنا .

قلنا: فاليد التي صفعته ولطمته وقتلته.. أولى أن تعظم من الصليب!! فعظموا أيدي اليهود لمسهم إياه وإمساكهم له، ثم أنقلوا ذلك التعظيم إلى سائر الأيدي.

فإن قالوا: منع من ذلك مانع العداوة.

قلنا: قد زالت العداوة بينكم اليوم.. ثم عندكم أنه هو الذي رضي بذلك واختاره ولو لم يرض به لم يصلوا إليه، ولو شاء لأمده الله بإثني عشر فيلقاً من الملائكة كما تقدم.. فعلى هذا فينبغي لكم أن تشكروهم وتحمدوهم إذا فعلوا مرضاته واختياره الذي كان سبب خلاص جميع المؤمنين من الجحيم عندكم .. فما أعظم منّة اليهود عليكم وعلى آبائكم؛ إذ قتلوا إلهكم، وصفعوه، وصلبوه بزعمكم .

ولقد أعجبتني كلمة في شأن الصلب المدعى وما يتعلق به من عقيدة الفداء؛ لقس مصري هداه الله فأصبح من دعاة الإسلام بعد أن كان من دعاة النصرانية ؛ حيث قال : ( إن كان المسيح رباً فلماذا يحتاج كي يغفر للعباد ويُكفّر ذنوبهم أن يُصلب ويُهان ويُصفع ويُبصق في وجهه ..!!

وأين هذا من قوله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (الزمر:53)..

وإن كان عبدا خطاء كما هم سائر العبيد فكيف يغفر عبدٌ لعبد ؟؟ وهل يغفر مذنبٌ لمذنب ؟؟

فدين الأمة الصليبية من قبل البعثة المحمدية. بنحو ثلاثمائة سنة، مبنى على معاندة العقول والشرائع، وتنقص رب العالمين.. ورميه بالعظائم.. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "إغاثة اللهفان" (2/290) :-

نريدُ جوابه ممّن وّعاهُ
أماتوه فما هذا الإله؟
فبشراهم إذا نالوا رضاهُ
فقّوتهم إذا أوهت قواه
سميع يستجيب لمن دعاه؟
ثوى تحت التراب وقد علاه؟
يدبرها وقد سمرت يداه؟
بنصرهم وقد سمعوا بكاه؟
الأله الحق شد على قفاهُ
يخالطه ويلحقه أذاه؟
وطالت حيث قد صفعوا قفاه؟
أم المحيي له رب سواه
وأعجب منه بطن قد حواهُ
لدى الظلمات من حيض غذاه
ضعيفاً فاتحاً للثدي فاهُ
بلازم ذاك هل هذا إلهُ؟
سيسأل كلهم عما افتراه.


أَعُبّاد المسيح لنا سؤالٌ
إذا مات الإله بصنع قومٍ
وهل أرضاه ما نالوه منه؟
وإن سخط الذي فعلوه فيه
وهل بقي الوجود بالا إله
وهل خلت الطباق السبع لما
وهل خلت العوالم من إلهٍ
وكيف تخلت الأملاك عنه
وكيف أطاقت الخشبات حمل
وكيف دنا الحديد إليه حتى
وكيف تمكنت أيدي عداه
وهل عاد المسيح إلى حياة
ويا عجباً لقبر ضم ربا
أقام هناك تسعاً من شهورٍ
وشق الفرج مولوداً صغيراً
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي
تعالى الله عن إفك النصارى


يُعظّم، أو يقبح من رماهُ
وإحراق له ولمن بغاه
وقد شدت بتسمير يداه
فدسه لا تبسه إذ تراه
وتعبده؟ فإنك من عداه
حوى رب العباد وقد علاه
لضم القبر ربك في حشاه؟
بدايته وهذا منتهاه


أعباد الصليب بأيّ معنىً
وهل تقضي العقول بغير كسر
إذا ركب الإله !! عليه كرهاً
فذاك المركب الملعون حقاً
يهان عليه رب الخلق طراً
فإن عظمته من أجل أن قد
فهلا للقبور سجدت طراً
فياعبد المسيح أفق فهذا


وقد شرح العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى ذلك كله في كتابه إغاثة اللهفان وبيّن تناقض النصارى وتهافتهم في أبواب شتى ..

إلى أن قال: " والنصارى قد ارتكبوا مخطورين عظيمين لا يرضى بهما ذو عقل ولا معرفه " :

أحدهما: الغلو في المخلوق حتى جعلوه شريك الخالق وجزءاً منه. وإلها آخر معه. و أنفوا أن يكون عبداً له.

والثاني: تنقّص الخالق ورميه بالعظائم حيث زعموا أنه حلّ في فرج امرأة وأقام هناك تسعة أشهر يتخبط بين البول والدم، وقد علته أطباق المشيمة والرحم والبطن، ثم خرج من حيث دخل رضيعاً صغراً يمص الثدي، ولف في القمط، وأودع السرير يبكي ويجوع ويعطش ويبول ويتغوّط، ويُحمل عل الأيدي والعواتق.

ثم صار إلى أن لطمت اليهود خديه وربطوا يديه وبصقوا في وجهه وصفعوا قفاه، وصلبوه جهراً بين لصين، وألبسوه إكليلاً من الشوك، وسمروا يديه ورجليه وجّرعوه أعظم الآلام، هذا هو الإله الحق عندهم، تعالى الله عن قولهم علوّاً كبيرا..)أ.هـ.باختصار من إغاثة اللهفان (2/283) .

وأنشد الشيخ شهاب الدين القرافي في كتاب "الرد على النصارى" لبعض من يرد عليهم قولهم بصلب المسيح :

وإلى الله ولداً نسبوه
إنهم بعد قتله صلبوه
وصحيحاً فأين كان أبوه؟
أتراهم أرضوه أم أغضبوه
فاعذروهم لأنهم وافقوه
واعبدوهم لأنهم غلبوه


عجباً للمسيح بين النصارى
أسلموه إلى اليهود وقالوا
فإن كان ما تقولون حقاً
حين خلى أبنه رهين الأعادي
فلئن كان راضياً بأذاهم
ولئن كان ساخطاً فاتركوه


وقال ابن حزم رحمه الله تعالى :

في رده على "نقفور" إمبراطور الروم..

بعيدا عن المعقول بادي المآثم
فيالك سخفاً ليس يخفى لعالم
كلام الألى فيما أتوا بالعظائم
له يا عقول الهاملات السوائم
بأيدي يهود أرذلين ألائم
فما دين ذي دين لنا بمقاوم
محمد الآتي بدفع المظالم
ولا مكنت من جسمه يد لاطم
على وجه عيسى منكُم كل آثم
فيا لضلال في الحماقة جاثم
سيلقى دعاة الكفر حالة نادم
من الناس مخلوق ولا قول زاعم
لقدُ فقتم في ظلمكم كل ظالم.


أتقرن يا مخذول دينا مثلثا
تدين لمخلوقٍ يدين لغيره
أناجيلكم مصنوعة قد تشابهت
وعود صليب لا تزالون سُجّداً
تدينون تضلالاً بصلب إلهكم
إلى ملة الإسلام توحيد ربنا
وصدق رسالات الذي جاء بالهدى فلم تمتهنه قط قوة آسر
كما يفتري إفكاً وزوراً وضلةً
على أنكم قد قلتم هو ربكم
أبى الله أن يدعى له ابن وصاحب ولكنه عبد نبي مكرم
أيلطم وجه الرب تباً لجهلكم


***

وأخيراً فإن قصة الصلب عند النصارى يتخللها من التناقضات ويكتنفها من الغموض ما يؤكد لكل عاقل أنها ملفقة على المسيح..

- فإن حال الذين أسروه وشهدوا صلبه - كما تزعم أناجيل النصارى اليوم – يوجب ردّ خبرهم دون أدنى شك، فهم أعداء المسيح من الشرط الذين ضربوه وصفعوه والأحبار الذين استهزؤوا به ونحوهم ممن لا يتورعون عن الكذب وقبول الرشوة على قول الباطل والزور كما نصت أناجيلهم نفسها .

- كما أن الأناجيل التي بأيدي النصارى تدعي بأنهم أخذوا المسيح وأسروه ليلاً بينما كان تلامذته قد غلبهم النعاس وكان هو سهراناً يصلي .

- كما زعموا أنه لم يبق في خشبة الصلب إلامدّة وجيزة، لم يشاهده فيها ممن آمن به إلا مريم المجدلانية وبعض النسوة، تصرح الأناجيل أنهن إنما شاهدن ذلك (عن بعد) .

- وأن تلاميذ المسيح "الحواريين" كانوا ليتلتئذ بنص الأناجيل خائفين، قد تغيّبوا وهربوا جميعاً فلم يحضروا مشهد الصلب المزعوم.

وأن الوحيد الذي تبعه في بادئ الأمر، قد أنكر معرفته به قبل قصة الصلب المزعومة وتبرأ منه

فأوجب ذلك كله أن يكون خبر الصلب هذا ملفقاً يكتنفه الغموض والشك والريب.. وهو معنى قوله تعالى في القرآن : (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (النساء) ومعناه كما قال أبن جزم: "أن أولئك الفسّاق الذين دبروا هذا الباطل،وتواطئوا عليه أنهم كذبة، وهم شبّهوا على من قلّدهم وكذبوا عليهم " أ. هـ.



- رفع المسيح عند المسلمين :

وعقيدتنا نحن المسلمين أن المسيح عليه السلام قد نجاه الله تعالى فلم يُمكّن أعداءه منه، فلا هم أسروه، ولاهم ضربوه، ولاهم صلبوه ولا قتلوه.. بل رفعه الله تعالى إليه، كما أخبر في محكم التنزيل؛ فقال سبحانه: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157))(سورة النساء).

وقال تعالى: (قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (آل عمران).

فهذا عندنا ثابت يقين نصدّق به ولا نشك طرفة عين أن الله نجيّ عبده ورسوله ورفعه إليه..

وأنه لم يُمكّن أعداءه منه، فما قتلوه وما صلبوه، ولكن شبه لهم.. أي أنهم إنما قتلوا شبيهاً له.. ثم شبه عليهم اليهود أنهم قتلوه.. وشبه عليهم أحبارهم أنّه صلب فعلاً ليخلّصهم ..

أما كيف شبه لهم ففي ذلك روايات ذكرها أهل التفسير، في تفسير هاتين الآيتين.. أشهرها ما ذكره أبن كثير في البداية والنهاية فرواية تذكر أن المسيح طلب من تلامذته أن يتطوع أحدهم ليلقي الله عليه شبه المسيح ويكون رفيقة في الجنة، ففعل ذلك شاب منهم، فأخذوه وصلبوه بدلاً من المسيح ..

ورواية أخرى مفادها أن الله تعالى ألقى شبه المسيح على ذلك الخائن يهوذا الإسخريوطي، فأخذوه، وهم يظنونه عيسى، فقتلوه وصلبوه، ورفع الله المسيح إليه. ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ ) (سورة النساء).

وكان عمر عيسى لما رفعه الله إليه (33) سنة على ما ذكره أهل التاريخ، فتكون مدة دعوته لبني إسرائيل ثلاث سنوات. لأن بعثته كانت كما تقدم، في الثلاثين من عمره.



- دفن المسيح وقيامته عند النصارى :

ويزعم النصارى في أناجيلهم أن المسيح بعد صلبه وموته طالب بجثمانه رجل اسمه يوسف، فأعطي ذلك الجثمان في المساء أي بعد سويعات من صلبه..

فوضعه في قبر له جديد كان قد حفره في الصخر.. وأنه بعد ثلاثة أيام فقد من قبره رغم ما كان عليه من حرس، فاجتمع أحبار اليهود وتشاوروا، فرشوا الجنود والحرس بمال كثير ليقولوا أن تلاميذه جاؤوا ليلاً فسرقوا جثته وهم نائمون ويزعم النصارى أنه تراءى لتلامذته بعد ذلك واجتمع بهم وأكل معهم سمكاً مشوياً وذلك ما يسمى عندهم بالقيامة..

وأنه بعد تلك القيامة رفع إلى السماء، هكذا ورد في إنجيل لوقا :"وبينما هو يباركهم انفصل عنهم " ، وكذا في إنجيل مرقس : "وبعدما كلمهم رفع إلى السماء" أ.هـ.

أما متى فزعم في إنجيله أن المسيح قال لتلامذته : "وهأنذا معكم طوال الأيام، إلى نهاية العالم"أ.هـ .

فلا ندري بأي المقالتين يأخذ النصارى ..؟!

أما نحن المسلمون فنوقن كما تقدم من محكم التنزيل أن الله نجاه من أعدائه فلم يقتلوه ولا صلبوه، بل رفعه إليه.. وأنه سينزل قبل يوم القيامة.. وسيكون نزوله علامة من علامات الساعة الكبرى..

قال تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا(159)) (سورة النساء).

فقوله: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)(سورة النساء) ... أي بعد نزوله إلى الأرض في آخر الزمان قبل قيام الساعة، فإنه ينزل ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام.. ويقتل الدجال .

ووقتها لا ينزل نبياً مرسلاً.. إذ لا نبيّ بعد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، ولكنه ينزل حكماً عدلاً كما في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفس محمد بيده لينزلن عيسى ابن مريم إماماً مقسطاً حكماً عدلاً، فليكسرن الصليب.. وليقتلنّ الخنزير، وليصلحنّ ذات البين، وليذهبن الشحناء وليعرضنّ عليه المال فلا يقبله، ثم لئن قام على قبري فقال: يا محمد، لأجيبنّه" .

وسيأتم وقتها بأمير طائفة المسلمين المجاهدة يومها؛ تكرمة لهذه الأمة..

فعن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة

قال: فيزل عيسى بن مريم عليه السلام. فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمه الله لهذه الأمة ). رواه مسلم.

وقد جاء النص صريحاً أن المسيح سيقاتل عند نزوله الناس على الإسلام لا على الجزية ولا على غيرها فيُهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، وأنه يمكث أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون..

فروي أبو داود والإمام أحمد (2/406) بإسناد صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/384) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الأنبياء إخوة لعَلَّات أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه ليس بني وبينه نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه؛ رجلٌ مربوع، إلى الحمره فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك الله المسيح الدجال، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيّات لا تضرهم، فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون )



- بعض أوصاف المسيح عليه السلام :

جاء في الحديث السابق : (وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه؛ رجلٌ مربوع، إلى الحمره )

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أراني الليلة في المنام عند الكعبة فإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من أُدْم الرِّجال تضرب لِمتّه بين منكبيه رجلُ الشعر، يقطر رأسه ماءً، واضعاً يديه على منكبي رجلين، وهو بينهما يطوف بالبيت، فقلت: من هذا ؟ فقالوا: المسيح ابن مريم." رواه مسلم رقم 79/ المختصر.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حين اسري بي لقيت موسى عليه السلام.. إلى قوله: ولقيت عيسى، فنعته النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو رَبْعَة أحمر([94]). كأنه خرج من ديماس، يعني حماماً." رواه مسلم رقم 78 / المختصر.



- من أقوال المسيح عليه السلام :

ذكر الحافظ أبن كثير جملة من أخباره في البداية والنهاية (2/89) فصاعدا.. من ذلك قوله عليه السلام:

- "اعبروا الدنيا ولا تعمروها.. وربّ شهوة أورثت أهلها حزناً طويلاً".

- وقوله :"لا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب، وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافىً ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية"..

- وقوله (2/90): "يا معشر الحواريين اجعلوا كنوزكم في السماء، فإنّ قلب الرجل حيث كنزه" أ.هـ. من البداية والنهاية.([95])

- وقوله: "يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم، والآخرة تحت أقدامكم، قولكم شفاء، وعملكم داء. مثلكم مثل شجرة الدفلى، تعجب من رآها، وتقتل من أكلها"(2/91).

- وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرق فقال له عيسى: سرقْتَ؟ قال: كلا، والذي لا إله إلا هو , فقال عيسى: آمنت بالله، وكذّبت نفسي" المختصر رقم (1620)

- وقال مكحول: (التقي يحيى وعيسى، فصافحه عيسى وهو يضحك فقال له يحيى: يا ابن خالة، مالي أراك ضاحكاً كأنك أمِنت؟ فقال له عيسى: مالي أراك عابساً كأنك يئست.؟ فأوحى الله إليهما : أن أحبكما إليّ أبشكما بصاحبة) البداية والنهاية (2/91)

وقد روى أبو داود والإمام أحمد (4/136) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقاً لم تكذبوهم وإن كان باطلاً لم تصدقوهم)

وقد رواه البخاري دون زيادة: (فإن كان حقاً..)

وهذا فيما ليس في شرعنا تصديق أو تكذيب له.

أما ما ورد رده وتكذيبه في شرعنا كدعوى ألوهية المسيح أو بنوّته لله.. ونحوه من عقائد الكفر والشرك والضلال فباطل مردود.

وما كان موافقاً لشرعنا، فلا حرج من روايته، وإن كان في شرعنا ما يغني عنه.. وهذه أمثلة مما ينسب إلى المسيح من ذلك ..

جاء في إنجيل متى (5/27-28) قوله: "قد سمعتم أنه قيل: (لا تزن) أما أنا فأقول لكم: من نظر إلى امرأة بشهوة زنى بها في قلبه"أهـ.

- وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : (.. العينان زناهما النظر .. إلى قوله: والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه ).

وفي لوقا (12/4-6) : " أقول لكم ياأحبابي ، لا تخافوا الذين يقتلون الجسد ثم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً بعد ذلك، ولكنني أبيّن لكم من تخافون: خافوا من له القدرة بعد القتل أن يلقي في جهنم"أهـ.

- وهذا موافق لقوله تعلى : (فَلَا تَخْشَوا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) (سورة المائدة) ولقوله سبحانه: (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (سورة التوبة).

وفي متى (10/34-36): "لا تظنوا أني جئت لأحمل السلام إلى الأرض، ما جئت لأحمل سلاماً بل سيفاً: لأفرق بين المرء وأبيه، والبنت وأمها والكنة وحماتها، فيكون أعداء الإنسان أهل بيته"

وفي لوقا (12/51-53):" أتظنون أني جئت لأحل السلام في الأرض؟ أقول لكم : لا بل الإنقسام، فيكون بعد اليوم خمسة في بيت واحد منقسمين ثلاثة منهم على اثنين واثنان على ثلاثة.. الخ"

- وهذا موافق لقوله تعالى: (فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ(14)) (سورة الصف).

وقوله سبحانه: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ(4)) (سورة البينة).

وموافق لوصف الملائكة للنبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث البخاري: ( ومحمد فرْقٌ بين الناس ) وفي رواية ( فرّقَ بين الناس ) ومن أسماء القرآن الفرقان،وسمي يوم بدر يوم اقتتل الجمعان الآباء والأبناء على الدين بيوم الفرقان.

وفي لوقا (16/13): "ما من خادم يستطيع أن يعمل لسيدين، لأنه إما أن يبغض أحدهما ويحب الآخر..) وزاد في متى (6/24) : ( وإما أن يلزم أحدهما ويزدري الآخر .. ) أهـ.

وهذا مثل للعبد المشرك الذي تتنازعه أوامر أسياده ..

وهو موافق لقوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَايَعْلَمُونَ(29))(سورة الزمر).

وفي متى (7/3) ولوقا (6/41-42): "لماذا تنظر إلى القذى الذي في عين أخيك ؟ والخشبة التي في عينك أفلا تأبه لها ؟.. "أهـ.

- وفي الحديث الذي يرويه ابن حبان في صحيحه وأبو نعيم في الحلية (4/99) عن أبي هريرة مرفوعاً: ( يُبصرُ احدُكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجِذعَ في عينه معترضاً ) ورواه البخاري في الأدب المفرد (592) وكذلك أحمد في (الزهد) لكن موقوفاً عند كليهما على أبي هريرة .

وفي متى (6/2-4): " إذا تصدقت فلا ينفخ أمامك في البوق، كما يفعل المراؤون في المجامع والشوارع، ليعظم الناس شأنهم، الحق أقول لكم أنهم أخذوا أجرهم، أما أنت، فإذا تصدقت، فلا تعلم شمالك ما تفعل يمينك، لتكون صدقتك في الخفية "أهـ.

- وأول هذا موافق لما رواه مسلم في الثلاثة الذين هم أول من تسعر فيهم جهنم يوم القيامة وفيهم رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ فقال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، فيقال : كذبت ، ولكنك فعلت ليقال : هو جواد ، فقد قيل .. )

- وأما آخره فموافق لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. وفيهم: ( رجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه..)

وأخيراُ ..

فإن ديننا وما جاء به موسى وعيسى من الدين الحق ؛ ليخرج من مشكاة واحدة ..

ولو لم تعبث أيدي التحريف والتبديل في كتبهم ؛ أو قل لو أن الإنجيل الذي جاء به عيسى بين أيدي النصارى اليوم كما هو
؛ لوجدته يخرج كله مع قرآننا من مشكاة واحدة ..

وقديما شهد النجاشي بهذا قبل أن يسلم وهو على نصرانيته يوم قال لجعفر: هل معك مما جاء به –أي النبي صلى الله عليه وسلم – من شيء ؟ قال: نعم . قال : فاقرأه عليّ . فقرأ عليه صدراً من "كهيعص" – وفيها قصة ولادة مريم للمسيح – فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، حين سمعوا ما تلي عليهم.

ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة .

غير معرف يقول...

سبـل مواجهــة التنصــير





تمهيـــد:
لم يقف المسلمون - على العموم- مكتوفي الأيدي أمام الحملات التنصيرية، ورغم العرض لبعض الوسائل المساندة للتنصير والمنصرين، التي كان من بينها تساهل بعض المسؤولين المسلمين في مواقفهم من المنصرين، وتساهل بعض الأهالي، إلا أنه كانت هناك مواجهة مستمرة، ولا تزال قائمة، للحملات التنصيرية, قام ويقوم بها المسلمون المهتمون بالدفاع عن الدين وكشف مخططات المنصرين.
على أن المواجهة لا تتوقف عند مجرد حماية المجتمعات المسلمة من غائلة التنصير، بل إنها تتعدى ذلك إلى درء الفتنة، ولعلنا بهذا نخرج من مجرد الشعور بأنا نتصدَّى للتحديات التي تواجهنا، فنكتفي بالتنبيه لها والتحذير منها، مما يدخل في انتظار الأفعال للرد عليها، إلى السعي إلى تقديم البديل الصالح الذي نعتقد أن فيه، لا في غيره، صلاح البلاد والعباد، وأنه سر السعادة في الدنيا والآخرة. وهذا المفهوم لا يأتي بمجرد الترديد النظري في المجتمع المسلم، بل لا بد أن تنطلق القدوة التي تحمل الإيمان على أكتافها بعد أن استقر في صدورها، فتقدم هذا الإيمان إلى الآخرين على أنه هو الخيار الوحيد في عالم مليء بمحاولات البحث عن الحقيقة والسعادة والاستقرار الروحي والنفسي والذهني والفكري، وتمثل ذلك كله بهذه الحركات والمذاهب التي جرى استغلالها على غير ما قصدت به في الغالب الكثير، كالتنصير الذي انطلق في البدء من رسالة عيسى بن مريم- عليهما السلام- وحصل لـه ما حصل من تغييرات في المفهـوم والأهداف، وإن لم يخرج في ناحية منه عن المفهوم الأساس لـه وهو إدخال غبر النصارى في النصرانيـة. (1) وعلى أنه لايفهم من كون التصدي للتنصير والمنصرين هو غاية في حدّ ذاته، ولكن الدعوة إلى الله تعالى تقتضي العمل على التغلب على الصعاب التي تعترض الطريق. ومن أبرز هذه الصعاب -على ما يبدو لي- حملات التنصير التي لا تزال تتواصل على المجتمع المسلم.
وتتحقق المواجهة بمجموعة من الوسائل، هي -دائمًا- خاضعة للتغيير والتبديل والتكييف بحسب البيئات التي تقوم فيها المواجهة. والمهم عند المسلمين أن هذه المواجهات بأساليبها ووسائلها المتعددة لا تخرج بحال من الأحوال عن الإطار المباح شرعًا، مهما كانت قوة الحملات التنصيرية، ومهما اتخذت هي من وسائل غير نزيهة، فاتخاذ المنصرين وسائل غير نزيهة لا يسوغ لنا نحن المسلمين اتباع هذا المنهج، فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا,(2) والغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة.
وهذا يصدق على مجالات المواجهة بخاصة، وعلى مجالات الدعوة بعامة, بل إن وسائل المواجهة هي في ذاتها أساليب للدعوة، فقصدنا نحن المسلمين من هذه المواجهة ليس مجرد المواجهة والصد فحسب، بل الدعوة إلى الله تعالى بهذه المواجهة، بحيث نسعى إلى هداية المنصرين، أو بعضٍ منهم، في الوقت الذي نحمي فيه مجتمعنا المسلم من الحملات. ولا نبتغي بهذا كله إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة، ولذا فإن روح المنافسة غير الشريفة في هذا المجال، وفي غيره، غير واردة في مواجهتنا للتنصير، لأن الندية هنا غير متحققة، بل إننا نعتقد أننا نصارع الباطل بما عندنا من الحق. وفي هذا الصراع بين الحق والباطل ضدية لا ندية.
ومهما جرى هنا من سرد لوسائل المواجهة فلا بد من التوكيد على عدم شموليتها، وعدم انطباقها بالضرورة على جميع الأحوال والبيئات. وأي وسيلة لا تخرج عن الإطار الشرعي وتتحقق بها المصلحة أو تغلب فيها المصالح على المفاسد فهي مطلوبة بحسب الحاجة إليها. ولعل من وسائل مواجهة الحملات التنصيرية في المجتمع المسلم الخطوات الآتية:

1- الدعوة إلى الله:
الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، فالمواجهة العملية أن نقدم للآخرين من مسلمين وغير مسلمين البديل الذي نعتقد أنه الحق، وهو الإسلام الذي جاء به القرآن الكريم وجاءت به سنة المصطفى محمد - -.
وأساليب الدعوة متعددة ومتنوعة، وبعضها يناسب مجتمعات ولا يناسب أخرى. فالدعوة المباشرة أسلوب، والدعوة بالإغاثة أسلوب، والدورات أسلوب، والمنح الدراسية أسلوب، وكل ما يحقق الهدف ولا يتعارض مع الشرع أسلوب تفرضه أحيانًا الحال أو الزمان أو المكان.(1) والدعوة إلى الله تعالى تتطلب العلم الشرعي أولاً ثم الفقه فيه. وهما يعدان من أوليات مؤهلات الداعية إلى الله تعالى، وقبل ذلك وبعده الدعوة بالقدوة، فكم دخل الإسلام مهتدون بسبب ما وجدوه من القدوة في التعامل والمعاملة والسلوك.

2- السياســـة:
والحكومات الإسلامية يمكن أن تمارس أثرًا فاعلاً في التصدي للتنصير بعدم تقديم التسهيلات للمنصرين في المجتمعات المسلمة، وبالتوكيد على الوافدين إلى بلاد المسلمين من غير المسلمين باحترام دين البلاد وعدم اتخاذهم أي إجراء عام يتعارض مع هذا الدين أو يتناقض معه، وبإحلال البديل الحق الذي يتقدم المنصرون بما يبدو أنه مماثل لـه، ذلك البديل المؤصَّل المناسب للبيئة المسلمة، وبمراقبة البعثات الدبلوماسية الأجنبية وإشعارها دائمًا وبوضوح أنها مطالبة بالاقتصار على مهماتها المناطة بها والمحددة لها، وعدم الإخلال بهذه المهمات بالخروج إلى المجتمع ومحاولة تضليله دينيًا وثقافيًا واجتماعيًا.(1)
كما أن البعثات الدبلوماسية المسلمة في البلاد المسلمة عليها مهمة المواجهة بالأساليب التي تراها مناسبة، بحيث تحد من المد التنصيري في المجتمعات المسلمة التي تعمل بها. وهذا مناط أولاً بالبعثات الدبلوماسية التي تمثل بلادًا غنية بالعلم والعلماء، وغنية بالإمكانات التي يمكن أن تحل محل الإمكانات التنصيرية. وعليها في البلاد غير المسلمة أن تقدم البديل الحق، إن لم يكن مباشرة فلا أقل من أن تمثل بلادها الإسلامية تمثيلاً يليق بها في الممارسات الرسمية والفردية، إذ إنه ينظر إلى هؤلاء الممثلين الدبلوماسيين على أنهم حجة على دينهم وثقافتهم ومثلهم، كل هذا يجري بوضوح وبعلم المسؤولين في الدولة المضيفة، بل ربما بموافقتها على ذلك.

3- هيئات الإغاثة:
وقد ظهرت على الساحة الإسلامية مجموعة من الهيئات الإغاثية الإسلامية وجمعياتها ولجانها. وهي مع تواضع تجربتها وافتقارها إلى الخبرة والعراقة، إلا أنها، مع قلة إمكاناتها، قد اقتحمت الساحة بفاعلية، وهي تؤلف تهديدًا عمليًا واضحًا للجمعيات التنصيرية.(1) والمطلوب في هذه الوسيلة تكثيف أعمالها وتعددها النوعي وليس بالضرورة الكمي. وأظن هذا التعدد ظاهرة صحية، إذا ما روعيت فيها الدقة والأمانة والإخلاص في العمل والصواب فيه، والبعد عن القضايا الجانبية التي تضر بالعمل ولا تعين عليه. كما أن التنسيق مطلب جوهري وملح بين الهيئات، فالغرض هو الوصول إلى المنكوبين، والهدف الأسمى من هذا كله هو تحقيق حمل الأمانة التي أراد الله تعالى لهذا الإنسان أن يحملها.

4- علماء الأمـــة:
والعلماء وطلبة العلم يناط بهم عمل عظيم في هذا المجال. فهم الذين يديرون الدفة العلمية والفكرية، وهم الذين يملكون القدرة بعلمهم وحكمتهم على ميزان الأشياء، ويملكون كذلك القدرة على التأثير. والمطلوب من العلماء وطلبة العلم الولوج إلىالمجتمعات المسلمة بعلمهم مباشرة عن طريق الزيارات المستمرة وأوجه النشاط العلمي والثقافي الجماعي والفردي، وعن طريق المحاضرات والمؤلفات والرسائل القصيرة والنشرات الموجزة الموجهة قصدًا إلى العامة، والبرامج الإعلامية الدعوية، والبث الفضائي.
وهم مطالبون بالداخل بالاستمرار في تنبيه الناس لأخطار التنصير، ودعوة العامة والخاصة من المسلمين للإسهام في مواجهة الحملات التنصيرية بحسب القدرة المادية والبشرية، وبحسب الخبرة وغيرها من الإمكانات.(1)
وإنه لمن المفرح حقًا أن التصدي للتنصير بدأ يأخذ بعدًا وشكلاً عموميًا بين الناس، بعد أن كان محصورًا على قلة منهم، وبين أوساط المتعلمين والمفكرين والمثقفين فقط. بل لقد قيل في زمن مضى إنه من العيب على العلماء وطلبة العلم التصدي للحملات التنصيرية والإرساليات في حقبة من الكفاح القومي، فلا يجب أن تذكر كلمة إسلام أو نصرانية أو مسيحية أو مسلم أو نصراني أو مسيحي، ليصبح الجميع إخوانًا في القومية،(2) ويصبح الدين لله والوطن للجميع. وكان هذا المطلب من جانب واحد، إذ إن الإرساليات كانت تترى على المجتمع المسلم، ومنه المجتمع العربي، بشتى أشكالها وأساليبها. ومع هذا يطلب من الدعوة إلى الإسلام أن تتوقف من منطلق قومي جيء به ليحل محل الإسلام، لا ليحل محل الأديان جميعها، ذلك أن القومية إنما انطلقت على أيدي نصارى العرب. وتلك كانت حالة مرت بها الأمة في زمن مضى. وقد آذن نجمها بالأفول، حيث لم توفق في أن تكون هي البديل للإسلام. ونرى بوادر التخلص منها قد ظهرت منذ زمن على أيدي العلماء الذين نظروا للعربية والعروبة على أنها مساندة للدين، لا منافسة لـه، وأنهما يمكن أن يجتمعا.
والمطلوب المزيد من هذا التصدي والمزيد من فضح الأساليب وتقديم الأدلة القوية والبراهين الواضحة على هذه الحملات التنصيرية رغبة في الإقناع، مع التثبُّت الدائم من المعلومات الواردة لتقوى الحجة ويقوى قبولها.

5 - التجارة والاقتصاد:
والتجار ورجال الأعمال والموسرون مطالبون بالإسهام في التصدي للتنصير، سواءً أكانوا في أماكن أعمالهم، أم في البلاد التي يتعاملون معها. فكما انتشر الإسلام في شرق آسيا وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا عن طريق التجار ورجال الأعمال الأوائل، يمكن أن تستمر هذه الوسيلة مع وجود تحديات وبيئات وأساليب وطرق تختلف عن السابق. وهم مطالبون أن يكونوا قدوة في أعمالهم ومعاملاتهم وتعاملهم مع الآخرين من مسلمين وغير مسلمين، ذلك أنهم يمثلون ثقافة وخلفية ينظر إليها من خلالهم. وهذا مطلب المقل، إذ إن المهمات المناطة برجال الأعمال والتجار تتعدى مجرد القدوة إلى محاولة زرعها بالحسنى بين الفئات التي يتعاملون معها.
ولعل التجار ورجال الأعمال وأصحاب المصانع ممن تضطرهم أعمالهم إلى استقدام الطاقات البشرية من القوى العاملة يسعون بجدية إلى التركيز على المسلمين من المستقدمين. وحيث إن هذا المطلب قد لا يتيسر في جميع الأحوال فإن على التجار ورجال الأعمال وأصحاب المصانع أن يتنبهوا إلى ضرورة المراقبة الدقيقة والمتابعة المستمرة لأولئك الذين لا يدينون بالإسلام. والعمَّال عمومًا أمانة في أعناق أصحاب هذه المؤسسات، ويحتاجون إلى الرعاية والعناية من المسلمين وغير المسلمين، ومن حق هؤلاء العمال على أصحاب الأعمال أن يدلوهم على الخير، ثم الهداية عندئذ من الله تعالى.
والمهم هنا هو التأكُّد من أن العمال من غير المسلمين لم يأتوا لأغراض فكرية أو ثقافية أو دينية أخرى تحت ستار العمل، بغض النظر عن طبيعة العمل في كونه تخصصًا دقيقًا أو فنيًا أو حرفيًا يقوم به أشخاص تظهر عليهم البساطة والأمية والتخلف.
وهذا الأمر ليس مقصورًا على مؤسسات القطاعات الأهلية، بل إن القطاعات الحكومية تجلب الخبرات والطاقات البشرية المؤهلة وغير المؤهلة أحيانًا، فيسري عليها هذا المطلب الحيوي، مع الأخذ بالحسبان أنه يندس بين هؤلاء العمال مرشدون روحيون مقصود منهم حماية العمال من الاطلاع الدقيق على حقيقة الإسلام، مع ربطهم المستمر بدينهم.
ومن أجل ألا تكون مسألة قبول هذه الفكرة في متابعة العمال في جميع المؤسسات فردية وخاضعة لمدى اقتناع صاحب العمل بها، في الوقت الذي ينظر فيه إلى الإنتاجية مؤشرًا ومقياسًا للأداء، فإن على الغرف التجارية المحلية والإقليمية أن تسهم في معالجة هذه الناحية بطريقتها في الاتصال بالتجار ورجال الأعمال بالاجتماع بهم، وعقد الندوات أو المحاضرات أو كتابة المقالات والنداءات في إصدارات الغرف الدورية، أو ماتراه هي مناسبًا لإيصال هذه الفكرة، كل هذا يجري على قدر عالٍ من الوضوح والشفافية لدى جميع الأطراف.
وفي الداخل يهب رجال الأعمال والتجار والموسرون داعمين للأعمال الخيرية الموثوقة. وهم بحق عصب الأعمال الخيرية والدعوية، ودون ولوجهم أعمال الخير بالبذل وتَبنِّي المشروعات تقف الدعوة والإغاثة مشلولة تتفرج على الآخرين يتبرعون بسخاء للمنظمات، والوصية لها بكامل التركة، أو بجلها بعد الموت، وهكذا.

6 - شباب الأمة:
وشباب الأمة يملكون الطاقة والقوة وشيئًا من الفراغ والرغبة، فيخوضون غمار المغامرة. ومع شيء من التوجيه يمكن أن يسهم الشباب في التصدي للتنصير والمنصرين عن طريق التطوع، فيكونوا سندًا للعاملين في مجالات الدعوة والإغاثة. ولا يشترط في الجميع أن يكونوا دعاة بالمفهوم الشائع للداعية، ولا يشترط أن يكونوا علماء يملكون زمام الفتوى، ولا يشترط أن يطلب منهم التغيير السريع في المجتمعات التي يتطوعون للعمل بها، فكل هذه المتطلبات تترك للتخطيط والتنظيم والمسح.
ولا يقلل من جهود الشباب المساندة والعاملين في مجالات الدعوة والإغاثة، فإن هذه المساندة مهمة ومطلوبة. ولا أظن أن عملاً يمكن أن يقوم بفاعلية جيدة إن لم توجد لـه هذه الجهود المساندة. ولا أظن أن أمر الاهتمام بالمسلمين في مجالات الدعوة والإغاثة ينبغي أن يترك للاجتهادات الشخصية المدفوعة أحيانًا بالحماس، المفتقر إلى الخلفية الجيدة في أمور الدعوة والإغاثة، وإلا جاءت النتائج عكسية مؤلمة لمن عملوا بهذه المجالات، ولقد تضرر المجتمع المسلم من الاندفاع العاطفي الذي يفتقد لقدر من المعرفة والحكمة، ووجد من يمارس الإغاثة والدعوة بلا مؤهلات، ومن يتعالم ويتفيقه فكان أولئك دون أن يدروا عونًا للتنصير لا مواجهين لـه.
وقد أسهم مجموعة من الشباب المتطوعين، ويسهمون، في هذا المجال عندما تهيأ لهم الموجهون الناصحون المنصحون في أفريقيا أيام المجاعة، وفي آسيا أيام الجهاد في أفغانستان، فكان الشباب مثالاً للتفاني والتضحية تركوا وراءهم في ديارهم الخير والجاه والنعمة والرفاهية، ورضوا أن يعيشوا بالقليل من الزاد والراحة. هذا في وقت يظن البعض فيه أن مجموعات غير قليلة من هؤلاء لا يصلح لأي شيء سوى حياة مرفهة.

7 - المؤسسات العلمية:
وهناك مؤسسات علمية ومؤسسات تعليمية كالجامعات والمعاهد ومراكز البحوث. وهذه منتشرة في أنحاء العالم الإسلامي، ويتوقع لها أن تسهم في مجال التركيز على الحملات التنصيرية، وعن طريق عقد الندوات والدعوة إلى المحاضرات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية لوضع الخطط والاستراتيجيات لمواجهة التنصير، وعن طريق إصدار دورية علمية، وأخرى ثقافية تعنيان بالتنصير وتتابعان تحركاته، حيث تخلو الساحة من هذه الإصدارات المتخصصة.
ولا يوجد - على حد علمي- دورية علمية أو مجلة ثقافية واحدة تخصصت بهذه الظاهرة، يمكن الرجوع إليها لمتابعة أنشطة المنصرين. وفي المقابل نجد مجموعـات من المجلات التنصيرية المدعومة من الجمعيات التنصيرية.(1)
كما لا توجد -على حد علمي- مؤسسة علمية أو تعليمية واحدة تضع من اهتماماتها الأولية والمستمرة والمرسومة متابعة هذه الظاهرة ورصد تحركاتها وإطلاع المهتمين على خططها وأعمالها.(1) وفي المقابل تزداد الجمعيات التنصيرية والجامعات التي تخصصت في تخريج المنصرين.(2)
والمؤسسات العلمية والتعليمية من مراكز وجمعيات وجامعات في العالم الإسلامي تملك القدرات العلمية والبشرية لترجمة الكتب النافعة والرسائل الموجزة، ونشرها بين الأقليات المسلمة وبين المسلمين عمومًا ممن لا يتحدثون اللغة العربية، كما تملك القدرة على تكليف من يجيدون اللغات بالترجمة والتحفيز عليها، كأن تكون حافزًا للترقية في الجامعات مثلاً. كما يطلب من هذه المؤسسات القيام بترجمة بعض ما ينشر من مؤتمرات المنصرين ووقائع لقاءاتهم وجهودهم في حملاتهم، وذلك رغبة في إطلاع الأمة على مايراد بها.


8 - رابطة العالم الإسلامي:
ورابطة العالم الإسلامي تقوم بجهود مشكورة في سبيل الدعوة إلى الله تعالى. ويتطلع إليها المسلمون في بذل المزيد في مواجهة التنصير، بما تملك من قدرة على التأثير، وقدرة على الوصول إلى من يمكن فيهم التأثير، وإن لم تكن قادرة قدرة مباشرة على التصدي لهذه الحملات التنصيرية في المجتمع المسلم، ولكنها تسهم على أي حال في هذا المجال، لاسيما أن أهدافها تنص على دحض الشبهات، والتصدي للأفكار والتيارات الهدامة التي يريد منها أعداء الإسلام فتنة المسلمين عن دينهم، وتشتيت شملهم وتمزيق وحدتهم، والدفاع عن القضايا الإسلامية بما يحقق مصالح المسلمين وآمالهم، ويحل مشكلاتهم. وينتظر منها المزيد في اتخاذ الوسائل التي أعلن عنها، وذلك، مثلاً، بإقامة لجنة تحت مظلة الرابطة، تعنى بظاهرة التنصير وتعمل على متابعتها ورصدها.(1)

9- الندوة العالمية:
والندوة العالمية الدائمة للشباب الإسلامي تكثف من أوجه نشاطها في أوساط الشباب، وتحمل لهم المنهج الصحيح، وتزيد من المخيمات الشبابية في أفريقيا وآسيا ثم أوروبا والأمريكتين، وتجلب لهم العلماء وطلبة العلم والكتب والرسائل والنشرات الإسلامية المنقولة إلى اللغات التي يتقنونها. وتركز في نشاطها الثقافي في هذه المخيمات على الأخطار التي يواجهها هؤلاء الشباب في عقر دارهم، وبين ظهرانيهم.(1) ومن بين هذه الأخطار والتحديات هذه الحملات التنصيرية المنتشرة.

10- منظمة المؤتمر الإسلامي:
ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات المنبثقة عنها تملك شيئًا من القدرة على التأثير السياسي على الحكام ورؤساء الدول الإسلامية وملوكها. والمنظمات المنبثقة عنها، كالبنك الإسلامي للتنمية وصندوق التضامن الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة،(2) وتملك القدرة على تبني المزيد من المشروعات التي يمكن أن يسبق بها المنصرون.

11- الجمعيات الإسلامية:
والجمعيات الإسلامية المحلية الطلابية والمعنية بالجاليات والأقليات المسلمة في غير بلاد المسلمين، لاسيما في أوروبا والأمريكتين هي أيضًا مطالبة بالإسهام في المواجهة، إذ إن التنصير ليس موجهًا إلى المجتمعات المسلمة فحسب، بل إن الجاليات المسلمة تتعرض لهجمات تنصيرية مسعورة، فيها خطورة بالغة على الأجيال المسلمة القادمة.

12- الجماعات الإسلامية:
والجماعات الإسلامية على اختلاف أسمائها وتوجهاتها تتحمل جزءًا غير قليل من المسؤولية في وضع برنامج لمواجهة التنصير ضمن اهتماماتها وأوجه نشاطها، وتستخدم في هذا كل الوسائل الممكنة لها والمتاحة في بيئتها مادامت تتماشى مع شرع الله تعالى، أو لا تتعارض معه. ولعل هذا البرنامج يطغى على بعض البرامج الجانبية التي تهتم بها بعض الجماعات، وتشغل بها المترددين عليها مما هو مدعاة إلى إيجاد فجوات لا مسوِّغ لها بين المسلمين أنفسهم، بل إن وجود مجلس أعلى، أو مجالس عليا قارية، توحِّد هذه الجماعات قصدًا إلى مواجهة إرساليات التنصير، أصبح مطلبًا حيويًا، يبرز من خلاله التنسيق والتشاور واستخدام الخبرات والإمكانات.(1)

13- العلم بالأديـان:
ولا بد من التعرف على عقائد النصارى واختلافها باختلاف الطوائف من كاثوليكية وبروتستانتية وأرثودوكسية، بالإضافة إلى الطوائف الرئيسية الأخرى، وما بداخل هذه الطوائف الرئيسية من انقسامات،(2) ومواقفها من طبيعة المسيح عيسى بن مريم - عليهما السلام - وأمه الصديقة مريم - عليها السلام -، ومواقفها من عقيدة التثليث، ومواقف هذه الطوائف من قضايا إيمانية تتعلق بنـزول عيسى بن مريم -عليهما السلام- آخر الزمان، ومسألة البعث والجزاء والحساب، وغيرها من معتقدات القوم المبثوثة في الأناجيل، قصدًا إلى التنبيه لعدم الوقوع فيها، ورغبة في السيطرة على مفهوم التنصير عند الحديث عنه، والحوار مع الآخرين حولـه.

14- الحــــوار:
ولا بد من قيام جهة علمية برسم طريقة للحوار مع النصارى في مجالات العقيدة. ومع أن هذا الموضوع غير مرغوب فيه لدى بعض المهتمين، إلا أنه عند الاستعداد لـه بالعلم الشرعي وبالعلم بالملل والنحل، والنصرانية بخاصة، قد يدخل في دعوة القرآن الكريم إلى أهل الكتاب إلى كلمة سواء بيننا وبينهم ألا نعبد إلا الله تعالى ولا نشرك به شيئًا. قال تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.(1) وهذا ما يعمل على تحقيقه الداعية المسلم "أحمد ديدات" -شفاه الله وعافاه- في محاوراته مع النصارى، وفي دعوته المسلمين إلى التحاور معهم من منطلق القوة والعلو بالإيمان،وليس من منطلق الاستجداء والمواقف الدفاعية والتبريرية والاعـــتذارية.(2) وهناك نماذج أخرى من الدعاة دخلت حوارات مع الآخرين هي في مجملها موفقة، مع أنها لاتخلو من ملحوظات شأنها شأن كل أعمال بني آدم، وقد بدا على بعضها قدر من الدفاعية والتسويغية والاعتذارية.
وهذه الخصال هي التي يخشاها فريق من المسلمين، لما يرون فيها من الهوان والتهوين والانجرار إلى المحذور من الوقوع في شرك القوم. وهذا يصدق على أولئك الذين يتصدون لهذا الأمر دون أن يعدوا لـه عدته، فيقعون في المحذور الذي دعا لـه أحد الباحثين النصارى، وهو الأستاذ "ديون كراوفورد" في تقرير نشرته مجلة الحوادث الإفريقية جاء فيه: "إن المسلمين يسيئون فهم النصرانية، كما أن النصارى جهلة بعقيدة المسلمين، ولا ينبغي أن نواجه المسلمين بتحاملات غير موثقة، بل بمعرفة عميـقة بحقائق دينهم، ولذلك يجب العمل على تعليم القساوسة وغيرهم حتى يتمكنوا من العمل في مناطق المسلمين، ويتعين على النصارى والمسلمين أن يدخلوا في حوار لا يؤدي إلى مواجهة وجدل، وإنما إلى فهم كلٍ منهم لدين الآخر.
وعن طريق هذا الحوار يمكن تصحيح الفهم غير الصحيح الذي تعلمه المسلمون من القرآن عن النصرانية، وخاصة فيما يتعلق بالكتاب المقدس، ورسالة عيسى وعقيدة الثالوث التي يفهمها المسلمون ويعتبرونها شركًا، وكذلك طبيعة الكنيسة باعتبارها تمثل جسد المسيح. وينبغي أن تتحول العلاقة بين المسلمين والنصارى من علاقة المواجهة السابقة إلى علاقة حوار، على ألا يؤدي هذا الحوار إلى المساومة على النصوص الإنجيلية من أجل تنمية الحوار، وهذا مالا يجوز، فالحوار لاينبغي أن يكون بديلاً عن التبشير بالإنجيل، وعلى المسلمين أن يفهموا أن الحوار يستهدف كسبهم إلى صف النصارى، وينبغي على النصارى أن يخالطوا المسلمين ويصادقوهم، وأن يستغلوا ذلك في إزالة سوء الفهم الراسخ في أذهانهم تجاه الإنجيل والمسيح".(1) وأي حوار لا يقوم على مبدأ الندية، عند المواجهة، لا يمكن أن يسمى حوارًا، وهذا القول إنما يقوم على تأييد فريق من المسلمين الذين يفضلون عدم الدخول في حوارات مع النصارى وغيرهم، مادامت النية مبيتة من قبل، وما دامت الفوقية والدونية تهيمن على أجواء الحوار، ومع هذا كله فقد قام حوار من قبل، ويقوم حوار الآن، وسيقوم حوار - إن شاء الله- من بعد، مما يؤكد على أنّ الحوار أسلوب مهم جدًا من اساليب المواجهة، لاسيما مع توافر اليقين بأن البديل الإسلامي هو الذي مع الحق، وأن معظم الناس ينشدون الحق. (2)

masry يقول...

(((((((((((((((((((((((((((((((((بولس أأأأه يادمااااغي))))))))))))))))))


تناول الدكتور روبرت كيل تسَلر في كتابه الذي نحن بصدده تحليل شخصية بولس وما أحدثه في رسالة عيسى التي أوحى الله بها إليه، وقد استشهد بكلام الكثيرين من علماء الكتاب المقدس وأساتذة أقسام الفلسفة وأقسام اللاهوت ببعض الجامعات.

وقد أوضح أن هناك ديانتين يختلفان جذرياً عن بعضهما البعض :

* أحدهما ديانة عيسى التي دعا فيها إلى عبادة الله (الأب) وحده والتمسك بناموسه، فقال : " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السموات، وأما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيماً في ملكوت السموات، فإني أقول لكم إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات " (متى 5 : 17 - 20).

كما بشر فيها بنبي الإسلام فقال : " ومتى جاء المعزِّي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روحُ الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الإبتداء " (يوحنا 15 : 26 - 27).

"لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزِّي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكِّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونه" (يوحنا 16 : 7 - 8).
"وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي من له أذنان للسمع فليسمع" (متى 11 : 14 - 15).

وقال أيضاً: "إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي. وأنا أطلب من الأب فيعطيكم مُعزيّاً آخر ليمكث معكم إلى الأبد.... وقلت لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون" (يوحنا 14 : 16، 29).

وكلمة المَعزِّى هي ترجمة للكلمة اليونانية باركليت (أو باراكليت) وهي تعني أفعل التفضيل من فعل حَمَدَ أي أحمد. وكذلك كلمة إلياء فهي تساوي (53) بحساب الجمل .

فقد كان عيسى يبشر بشخص يأتي من بعده "لأنه إن لم أنطق لا يأتيكم المُعزِّي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم" وهذا النبي "المزمع أن يأتي" تكون ديانته عالمية :"ومتى جاء ذاك يبِّكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة " وخاتمة للرسالات الموحي بها : "وأنا أطلب من الأب معزِّياً آخر يمكث معكم إلى الأبد " وهو لم يأت بعد، لذلك "قلت لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون".

وقد كان هذا النبي يُعرف عند علماء بني إسرائيل وعامتهم بإسم (المسيح الرئيسي) أو (المسيح الملك)أو (المســـيا) أو (المسيح). وكانت شخصية هذا النبي وموطن ولادته بل ووقت ولادته معروفاً جيداً لديهم.

ولما حاول اليهود التخلص من عيسى حاولوا رميه من فوق الجبل (لوقا 4 : 29 - 30) فإنفلت من بينهم سالماً، لذلك كانوا كثيراً ما يوجهون إليه الأسئلة لإستصدار حُكم، فيكون بذلك قد وقع في الشبكة التي نصبوها له : وهي أنه قضى بينهم، ولا يقضى إلا المســيا (المسيح)، فهو سيأتي ملكاً، قاضياً، معلماً، مبشراً، ومنذراً، محارباً، تماماً مثل (موسى) ، وكان عيسى يعرف ذلك جيداً فرفض أن يقسم الميراث بين واحد من جموع الناس وأخيه "... فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً" (لوقا12 :13 - 14).

وكذلك أتوا إليه بإمرأة أُمسكتِ وهي تزني، وقالوا له إن موسى أوصانا في الناموس أن مثل هذه ترُجم، " فماذا تقول أنت " وقد كان عيسى يفهم مرادهم بذكائه الكبير "وقال لهم من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر " (يوحنا 8 : 4 - 7) وهو بذلك قد أشار إلى الخطية التي يرتكبونها في حقه، بل فى حق الله.

وكذلك حاولوا الوقيعة بينه وبين قيصر لإستصدار أمر بعدم دفع الضرائب ولكي يدخلونه في شئون الحكم فجاء رده مخيباً لآمالهم فقال : " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مرقس 12 : 17 ؛ متى 22 : 21 ؛ لوقا 20 : 25).

بل إن عيسى قد تكلم هذه المرة بصراحة عارية وسأل تلاميذه قائلاً : " من تقول الجموع إني أنا. فأجابوا وقالوا يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون إن نبياً من القدماء قام. فقال لهم وأنتم من تقولون إني أنا : فأجاب بطرس وقال مسيح الله. فانتهرهم وأوصى ألا يقولوا ذلك لأحد " (لوقا 9 : 18 - 21 ؛ متى 16 : 13 - 20).

بل سألهم مرة أخرى عن المسيح نفسه (ولاحظ أنها بصورة الغائب) قائلاً: "ماذا تظنون في المسيح... إبن من هو" فقالوا له إبن داود، ففند زعمهم هذا بأن داود يقول عنه (ربي) أي (سيدي) فلابد إذن ألا يكون من نسله، لأن الجد الأكبر لا يقول لأصغر فرد في العائلة (سيدي، أستاذ). ومن المعروف أن عيسى نفسه من نسل داود، وكأنه بذلك ينفي عن نفسه كونه المســيا ويؤكد أن المســيا لن يأتي من نسل إسحق - بل من نسل إسماعيل.

بل إنه أخرص الشياطين الضالين والمضلِّين، عندما أرادوا أن يضللوا الجموع وقالوا له: " أنت المسيح إبن الله. فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه أنه المسيح" (لوقا 4 : 23 - 44).

ويلاحظ أن هذه الجملة الأخيرة قد حذفت من معظم التراجم الألمانية لهذا الكتاب !

وقد كان رؤساء الكهنة يعرفون ذلك، بل والشعب نفسه، ونستنبط هذا مما ذكره يوحنا : " ألعل الرؤساء عرفوا يقيناً أن هذا هو المسيح حقاً، ولكن هذا نعلم من أين هو. وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو " ؛ " آخرون قالوا هذا هو المسيح وآخرون قالوا ألعل المسيح من الجليل يأتي " (يوحنا 7 : 26 - 27 ؛ 41).

وكذلك أراد بيلاطس الحاكم الروماني على مدينة اليهودية تبرئة عيسى من تهمة كونه المسيح (المنتظر)، حيث نفى عيسى ذلك أمامه مطلقاً، إلا أن اليهود أبوا، وفضلوا ترك لص / قاتل على أن يترك نبيهم (تبعاً لما تقصه الأناجيل).

وكانت هذه حيلة جديدة من حيل اليهود للوقيعة بين الحاكم الروماني وبين عيسى فقد كان الرومان يعلمون أن المســيا هذا عندما يجيء يقضي على إمبراطوريتهم تبعاً لنبوءة دانيال والتي نقلتها أيضاً الأناجيل الثلاثة المتوافقة وأيدتها.

ولم يكتف عيسى بالبشارة بنبي الإسلام فقط، بل أنبأ بقدوم الإسلام نفسه، وطالب الكل بدخول هذا الدين عند قدومه. فنلاحظ أمثاله التي ملأت الأناجيل الثلاثة المتوافقة (متى، مرقس، ولوقا) كانت كلها عن ملكوت الله (عند لوقا) أو ملكوت السموات (عند متى) إلا أن يوحنا أو بولس لم يعرفا شيئاً مطلقاً عن هذه الأمثال.

ولنأخذ مثالاً لذلك الكنز الخفي واللؤلؤة الغالــية الثمن عند متى (13 : 44 - 46) :

"أيضاً يشبه ملكوت السموات كنزاً مُخفي في حقل، وجده إنسان فأخفاه ومن فرحه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل. أيضاً يشبه ملكوت السموات إنساناً تاجراً يطلب لآليء حسنة، فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها".

فالمثل هنا ضُرِبَ للفصل بين عهدين : العهد القديم وشريعته، والعهد الجديد : عهد ملكوت السموات وشريعته. فكأن الهدف منه إستبدال الشريعة القديمة بشريعة أكثر قيمة من سابقتها والدليل على ذلك أن عيسى قد أنهى أمثاله في الإصحاح (21) قائلاً: "أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَلِ الرب كان هذا وعجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره.ومن سقط على هذا الحجر يترضّضُ ومن سقط هو عليه يسحقه" (متى 21 : 42 - 44) وقال لهم أيضاً: "إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السموات حيث إن دعوتهم واحدة وهي دعوة ملكوت السموات (الإسلام) وأما بنو الملكوت بنو الشريعة الموسوية فيطرحون إلى الظلمة الخارجية" (متى 8 : 11 - 12).

"هناك يكون البكاء وصرير الأسنان متى رأيتم إبراهيم وإسحق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله وأنتم مطروحون خارجاً. ويأتون من المشارق ومن المغارب ومن الشمال والجنوب ويتكئون في ملكوت الله. وهو ذا آخرون يكونون أوّلين، وأوّلون يكونون آخرين" (لوقا 13: 28 - 30).

ومن أراد الإستزادة من ذلك فليرجع إلى الكتاب العظيم، الذي ننصح بإقتنائه للدكتور / أحمد حجازي السقا وهو: "البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل" مكتبة دار البيان العربي، خلف الجامع الأزهر.

قلنا إن العهد الجديد يحتوي على ديانتين أحدهما ديانة عيسى والأخرى لبولس كان إسم بولس شاول قبل أن يدعي أنه آمن برسالة عيسى ، وهو رجل كثرت الشكوك حوله، إلا أن الكل يُجمع على أنه ادعى الإيمان برسالة عيسى ليفسدها، وقد كان له ذلك.

إلا أن البعض الآخر يقول بماسونيته، وأنا من المؤيدين لذلك، فهدف الماسونية إفساد العالم، ومحو كلمة الله من على الأرض تمهيداً لنزول مسيحهم الدجال، ونفس الخطوة التي إتخذها بولس هي نفسها خطوة عبد الله بن سبأ وهو أيضاً يهودي، إلا أن النتائج قد إختلفت، فقد أبدل بولس المسيحية تماماً ولكن أنتج عبد الله بن سبأ ومن بعده ما تُسمى بإسرائيل طوائف يدعون الإنتماء للإسلام، ويُعرف الكثير عن تمويل إنجلترا والموساد لهم مثل القاديانية والبابية والبهائية والدروز......

ولم يكتف اليهود بهذا بل إعتلوا عرش البابوية نفسه. فقد كان البابا جريجوري السادس يهودياً، وكذلك كان البابا جريجوري السابع وهو أول من نادى بمحاربة المسلمين الكفرة، وكذلك البابا أوربان الثاني، والبابا أيونسنت الثاني، وإني أكاد أشك أنه لم يجلس على كرسي البابوية منذ البابا جريجوري السابع على الأقل إلا يهوديٌ.

وننصح هنا للإستفاضة بقراءة : المسيح الدجال قراءة سياسية في إصول الديانات الكبرى للأستاذ سعيد أيوب، باباوات من الحي اليهودي لمؤلفه اليهودي يواكيم برنز، وكتاب أحجار على رقعة الشطرنج لمؤلفه وليام غاي تار.

نعود الآن إلى بولس هذا الذي لم يردعه حياؤه من الأعتراف بنفاقه، فقال: "فإني إذ كنت حراً من الجميع إستعبدت نفس للجميع لأربح الأكثرين : فصرت لليهودى كيهودي لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس. وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس، مع أني لست بلا ناموس لله، بل تحت ناموس للمسيح لأربح الذين بلا ناموس... صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء، صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوماً، وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل لأكون شريكاً فيه" كورنثوس الأولى 9 : 19 - 23.

فهل كان يفعل ذلك المسيح عليه السلام ؟ ‍! ! !

بالطبع لا. فكثيراً ما زجر اليهود والكتبة، وكثيراً ما عاتبهم، كما طردهم من الهيكل وأوصى بعدم إتباعهم. "ودخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون فى الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسىّ باعة الحمام وقال لهم مكتوب بيتى بيت صلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (متى 21: 12 - 13؛ مرقس 11: 15 - 17؛ لوقا 19: 45 - 46؛ يوحنا 2: 13 - 17). ولكننا لم نعلم قط أنه تملقهم أو كذب ليكسب فرداً لديانته !

وقد كان الإهتمام الأكبر لبولس هو القضاء على هذا الدين من إتجاهين: يقوم الكهنة من الداخل بالقضاء على الحواريين وأتباع عيسى ويقوم بولس بترويج عقائد وثنية كانت شائعة في الشرق عن الإله وعن التجسد....، قبل أن يحاول أحد أتباع عيسى نشر تعاليمه، وبذلك تتضارب الآراء والمعتقدات، وتقتل أتباع هذه الطائفة الأخرى كما يحدثنا التاريخ السابق والحالي أيضاً.

وحتى لو سبق أحد أتباع عيسى فلا بد أن يكون الفشل حليفه إن آجلاً أو عاجلاً لثلاثة أسباب :أولاً أن دعوة بولس كانت سهلة الإستجابة لعقول البشر في ذلك الوقت، لأنها ليست شيئاً جديداً إلا في الأسماء فقط، فأوزيريس الإله الطيب المحبوب قُتِلَ، بل وقطِّع جسده، وتفرق في أنحاء البلاد، ثم إنتصر الخير على الشر بقيامه من الموت، وتيمناً به في بعض الأحيان كانت جثث الموتى تقطع في مصر القديمة ليتمتع المتوفي بنفس المصير (الخلاص) الذي تمتع به أوزوريس من قبله، بل كان يطلق علي الميت لقب أوزوريس أى المتوفي أو المرحوم.

والسبب الثاني: أن حواري عيسى لم يفكروا بالمرة في نشر تعاليمهم خارج دائرة اليهودية تطبيقاً لتعليمات معلمهم : " هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً. إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل إذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" (متى 10 : 5 - 6).

وكذلك قال للمرأة التي كانت تدعوه لشفاء إبنتها: "لم أرسل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" (متى 15 : 24) لذلك بعد صعوده للسماء "كانوا كل حين في الهيكل يسبحون الله ويباركون الله" (لوقا 24 : 53).

ولم يكن ذلك الحال فقط إلى أن نزل عليهم "الروح القدس" وتغيرت ألسنتهم، بل استمر هذا الحال أيضاً على ما هو عليه، وسفر أعمال الرسل لخير دليل على ذلك.

والسبب الثالث : هو حملة الدعاية الشديدة التي تولاها بولس ومناصروه فلك أن تتخيل أن بولس وحده كتب (14) رسالة يشملهم العهد الجديد، وتدور الشكوك حول أصول (أعمال الرسل) و (إنجيل يوحنا) فيرجح البعض أنه هو أيضاً الذي قام بتأليفها.

وفي هذا المقام أحب أن أسجل تعجبي بكيفية إعتبار رسائله الشخصية هذه من وحي الله، فاقرأوا إن شئتم في رسالته الثانية إلى صديقه تيموثاوس حيث يقول:

"بادر أن تجيء إلى سريعاً لأن ديماس قد تركني.... لوقا وحده معي. خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لي للخدمة."
"أما تيخيكُسي فقد أرسلته إلى أفسس. الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربسي أحضره متى جئت والكتب أيضاً ولا سيما الرقوق"
"إسكندر النحاس أظهر لي شروراً كثيرة، ليجازه الرب حسب أعماله..... في إحتجاجي الأول لم يحضر أحد معي بل الجميع تركوني...."
"سلم لي على فرسكا وأكيلا وبيت أنيسيفورس" (تيموثاوس الثانية 4 :9-19).

وأكتفي بما ذكره النقاد من تغيرات بولس في رسالة عيسى ، وأذكر كيفية إدعاء بولس الإيمان برسالة عيسى ، وهي ما لم يتعرض لها الكاتب أو الكتاب بالتفصيل، حيث ذكرت قصة إعتناقه ثلاث مرات في سفر أعمال الرسل :

* 9 : 3 - 9 على لسان لوقا (؟)
* 22 : 6 - 11
* 26 : 16 - 18 على لسان بولس نفسه.

والجدول التالي يوضح كذب بولس في إدعائه. فقد كان مسافراً مع بعض الأصدقاء، ثم حدثت فرقعة وظهر (نور عظيم، وسُمِع صوت)، ثم (أمره) المسيح (كما يدعي) بفعل شيء ما. لاحظ الإختلاف في هؤلاء النقاط الثلاث من الجدول الآتي :

رقم الإصحاح
موقف المسافرين مع بولس الأمر الذي تلقاه بولس
9 : 3 - 9 سمعوا الصوت - لم ينظروا النور وقفوا صامتين أى لم يسقطوا على الأرض

أمره الصوت (عيسى) بالذهاب إلى دمشق لتلقي الرسالة
22 : 6 - 11 لم يسمعوا الصوت - نظروا النور ولم يسقطوا على الأرض أمره الصوت (عيسى) بالذهاب إلى دمشق لتلقي الرسالة.
26 : 16 - 18 لم يسمعوا الصوت - نظروا النور - سقطوا على الأرض أعطاه (عيسى) الرسالة فوراً مع وعد بإنقاذه من اليهود الأمم الأخرى

نقل بتصرف من "حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر" لأحمد عبد الوهاب.

وإن أي مدقق ليرفض قصة بولس من أساسها، وقد أخذ الحواريون أنفسهم هذه القصة بنوع من الريبة، ولم يصدقها الكثيرون من الشعب، كذلك تخلى عنه خاصته من المؤمنين (تيموثاوس الثانية 4 : 9 - 16 - وقد ذكرناها تواً أعلاه) بل وجميع أنصاره في آسيا عندما تكشفت لهم حقيقته (تيموثاوس الثانية 1 : 15).

وعندما علم الشعب أنه يعلم الناس ما يخالف الناموس أرادوا قتله، ولم يتركه الحواريون يختلط بالشعب "ولما كان بولس يريد أن يدخل بين الشعب لم يدعه التلاميذ" (أعمال الرسل 19 : 30).

والإصحاح (21) من سفر أعمال الرسل يحكي لنا كيف حاول الناس قتله، بعد أن عاتبه الحواري يعقوب وأمره بالإستغفار والتوبة وعدم العودة لبث أفكاره الشيطانية، وقيام الحواريين بالدفاع عن تعاليم عيسى وإصلاح ما أفسده بولس.

كذلك يحكي لنا هذا السفر كيف أسرع الرومان لإنقاذه (أعمال الرسل 21 : 17 - 40) مما حدا بــ Eisenman أن يتتبع سيرة بولس وعلاقته بالإسرة الحاكمة وكبار رجال الدولة من الكهنة اليهود والرومان من الوثائق التي وقعت في يديه من خبيئة البحر الميت (كوم عمران) والوثائق الأخرى.

وانتهى به الأمر بتوجيه أصابع الإتهام إلى بولس لكونه روماني الجنسية (أعمال 21 : 30 - 31) وللصداقة التي كانت تجمعه بالوالي الروماني أنطونيوس فيلكس، وكذلك هيرودس أجريبا الثاني وأخته التي أصبحت فيما بعد عشيقة القيصر تيتوس الذي دمر القدس عندما كان قائداً للجيش الروماني.

ويتعجب كيف يمكن لشاب صغير أن تكون له هذه العلاقة الوطيدة بكبير الكهنة لو لم يكن رومانياً ويتمتع بمعرفة هذه النخبة من كبار رجال الدولة والإمبراطورية ! ! (صفحة 277 Verschlußsache Jesus) لمؤلفيه Michael Baigent , Richard Leigh.

أما عن كون بولس حواري أورسول، فهذا ما يثير العجب لأنه غير معروف بين أسماء الإثنى عشر.

فقد إتفق كل من متى ومرقس على أسمائهم، وأضاف لوقا إثنين آخرين على قائمة متى ومرقس، وأضاف يوحنا أيضاً شخصاً آخراً. إلا أنك لا تعثر على إسم بولس هذا في الأناجيل بالمرة، فلم يجالس عيسى إطلاقاً، وربما لم يره بالمرة.

والجدول التالي يوضح هذا الإختلاف :
م متى 10 :2-4 مرقس 3: 16-19 لوقا 6: 14-16 يوحنا 1: 1-2
1 سمعان (بطرس) سمعان (بطرس) سمعان (بطرس) سمعان (بطرس)
2 أندراوس (أخوه) أندراوس أندراوس (أخوه) أندراوس (1: 40)
3 يعقوب بن زبدى يعقوب بن زبدى يعقوب يعقوب بن زبدى
4 يوحنا (أخوه) يوحنا (أخوه) يوحنا يوحنا بن زبدى
5 فيلبس فيلبس فيلبس فيلبس(1: 43)
6 برتلماوس برتلماوس برتلماوس لم يذكر في السفر كله
7 توما توما توما توما
8 متى العشار متى متى لم يذكر في السفر كله
9 يعقوب بن حلفى يعقوب بن حلفى يعقوب بن حلفى لم يذكر في السفر كله
10 لباوس(تداوس) تداوس لم يذكر في السفر كله لم يذكر في السفر كله
11 سمعان القانوني سمعان القانوني لم يذكر في السفر كله لم يذكر في السفر كله
12 يهوذا الأسخريوطي يهوذا الأسخريوطي يهوذا الأسخريوطي الأسخريوطي 6 : 7-71
13 لم يذكر في السفر كله لم يذكر في السفر كله يهوذا أخو يعقوب يهوذا ليس الأسخريوطي
14 لم يذكر في السفر كله لم يذكر في السفر كله سمعان الغيور لم يذكر في السفر كله
15 لم يذكر في السفر كله لم يذكر في السفر كله لم يذكر في السفر كله نثنائيل

ولا يقول قائل إن بولس أخذ مكان يهوذا الأسخريوطي الذي "مضى وخنق نفسه" (عند متى 27 : 5) / أو "سقط على وجهه و إنشق من الوسط فإنسكبت أحشاؤه كلها" (أعمال الرسل 1 : 18) لأن أعمال الرسل يقرر أن الحواريين قد اقترعوا لإختيار التلميذ الثاني عشر بعد ارتفاع عيسى عنهم مباشرةً : "ثم ألقوا قرعتهم فوقعت القرعة على متياس فحسب مع الأحد عشر رسولاً" (أعمال الرسل 1 : 26).

وأنّى له أن يكون حواري وهو الذي حلّ أتباع عيسى من الإرتباط بالناموس.

ففي الوقت الذي يدعوا فيه المسيح عيسى ابن مريم للتمسك بالناموس والعمل به، بل ويطلق على كل من يخالفه " أصغر في ملكوت الله " و " ملعون من لا يفهم كلمات هذا الناموس " نجد بولس يقرر أن : " جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة، لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به، ولكن ليس أحد يتبرر بالناموس عند الله فظاهر، لأن البار بالإيمان يحيا، ولكن الناموس ليس من الإيمان بل الإنسان الذي يفعل سيحيا بها : فلماذا الناموس ؟.. لأنه لو أعطى ناموس قادر أن يحيى لكان بالحقيقة البر بالناموس " غلاطية 3 : 10 - 21.

وقال: "نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس، بل بإيمان يسوع المسيح.. لأنه بأعمال الناس لا يتبرر جسد ما" غلاطية 2 : 16.
وقال : " وأما الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر فإيمانه يحسب له براً " رومية 4 : 4.
ويقول: "لقد تبطلتم على المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس سقطتم من النعمة فإننا بالروح من الإيمان نتوقع رجاء بر، لأنه مع المسيح يسوع، لا الختان ينفع شيئاً ولا العزلة بل الإيمان العامل بالمحبة" غلاطية 5 : 4 - 6.

لذلك: "فإنه يصير إبطال الوصية السابقة الناموس من أجل ضعفها وعدم نفعها، إذ الناموس لم يكمل شيئاً" عبرانيين 7 : 18 - 19.
ويقول : " بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون، إذ نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس " رومية 3 : 22، 28.

ويرد يعقوب في رسالته على هذا الإدعاء الكاذب قائلاً : " لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل، لأن الذي قال لا تزن قال أيضاً لا تقتل، فإن لم تزن ولكن قتلت، فقد صرت متعدياً الناموس..... ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد له إيمان ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟ إن كان له أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا واشبعا ! ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة ؟ هكذا الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته. لكن يقول قائل : أنت لك إيمان وأنا لي أعمال. أرني إيمانك بدون أعمالك، وأنا أريك بأعمالي إيماني. أنت تؤمن أن الله واحد. حسناً تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت ؟ ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال إذ قدم إبنه إسحق وهذا خطأ مردود، إذ أنه إسماعيل على المذبح فترى أن الإيمان عمل من أعماله وبالأعمال أكمل الإيمان.وتم الكتاب القائل : فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً ودعى خليل الله ترون إذن أنه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده، كذلك راحاب الزانية، أما تبررت بالأعمال إذ قَبِلَت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر، لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان أيضاً بدون أعمال ميت " رسالة يعقوب 2 : 10 - 26.

أي " قل: آمنت بالله ثم استقم ".

ولم يكتف بولس بهدم تعاليم الأنبياء بل تطاول على الله سبحانه وتعالى وإتهمه بالجهل والضعف، بل ونزع صفة الرحمة عنه فقال : "جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" كورنثوس الأولى 1 : 25.

وقال: "إن كان الله معنا فمن علينا ؟ الذي لم يشفق على إبنه بل بذله لأجلنا أجمعين" رومية 8 : 32.

أما بالنسبة لقوله بالخطيئة الأزلية، وأن الإنسان من مولده إلى موته تحيطه لعنة الخطيئة الأزلية ما لم يتعمد ويؤمن بعيسى وإياه مصلوباً، أي إننا نحمل معنا وزر خطيئة أبينا آدم إذا لم نوف شروطه بالتعميد والإيمان بالمصلوب، فسأترك الرد للكتاب المقدس : " لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الأباء. كل إنسان بخطيته يُقتل " تثنية 24 : 16، الملوك الثاني 14 : 6.

وفي الحقيقة فإن هناك نصّان يعارضان هذا النص المذكور أعلاه ويناقضان أيضاً باقي النصوص القادمة - يقول هذا النص : "أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء وفي الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونني " (خروج 20 : 5 ؛ تثنية 5 : 9).

ويرد إرمياء عليه قائلاً: "في تلك الأيام لا يقولون بعد : الآباء أكلوا حصرماً و أسنان الأباء ضرست. بل كل واحد يموت بذنبه. كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه" إرمياء 31 : 29 - 30.

ويرد الإصحاح (18) من سفر حزقيال على هذا الفكر الخاطيء رداً لا مثيل له في الكتاب كله. وهو إصحاح جدير بالقراءة. فهو يقول :

" وكان إلىّ كلام الرب قائلاً : ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين : الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الأبناء ضرست. حيٌّ أنا يقول السيد الرب، لا يكون من بعد أن تضربوا هذا المثل في إسرائيل. ها كل النفوس هي لي. نفس الأب كنفس الإبن. كلاهما لي. النفس التي تخطيء تموت. والإنسان الذي كان باراً وفعل حقاً وعدلاً...... وسلك في فرائضي وحفظ أحكامي ليعمل بالحق فهو بار، حيوة يحيا يقول الرب، فإن ولد إبنا.... سفَّاك دم..... وأعطى بالربا وأخذ المرابحة أفيحيا ؟ لا يحيا. قد عمل كل هذه الرجاسات فموتاً يموت. دمه يكون على نفسه ؛ وإن ولد إبناً رأى جميع خطاًيا أبيه التي فعلها فرآها ولم يفعل مثلها...... ولم يأخذ ربا ولا مرابحة بل أجرى أحكامي وسلك فرائضي فإنه لا يموت بإثم أبيه. حيوة يحيا. أما أبوه فلأنه ظلم واغتصب أخاه إغتصاباً وعمل غير الصالح بين شعبه فهوذا يموت بإثمه". حزقيال 18 : 1 - 18

وباقي الإصحاح يكذب أيضاً الإدعاء القائل بأن الإنسان يتبرر بالإيمان فقط دون الأعمال. حيث يصرح بحفظ فرائض الله والعمل بها، وعدم الشرك بالله أو إقتراف الآثام أو إرتكاب المظالم. وكل هذا يشمل الإيمان والعمل.

وقاريء الإنجيل يعلم جيداً قصة الحاوريين مع الأطفال عندما قُدِّم إليه أطفال ليضع يديه عليهم ويباركهم : " فإنتهرهم التلاميذ. أما يسوع فقال دعوا الأولاد يأتون إلىّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات " متى 19 : 13 - 15.

فها هو عيسى لم يكن قد صُلِبَ بعد كما يقولون واعتبر الأطفال أبرياء وعدَّهم من الأبرار، ونهى تلاميذه بل وأمرهم بنبذ هذه الفكرة الشائعة بين اليهود.
كثيراً ما تحدث الكاتب عن موت عيسى مصلوباً، وقد نقدنا هذا الأدعاء وأثبتنا عكسه في كتابنا (المسيحية الحقة) كما أثبته الكثيرون من قبلي ومن بعدي، ويكفينا أن ننظر إلى الإختلاف في تفاصيل، القصة من الأناجيل الأربعة : متى كان العشاء الأخير ؟ متى تم القبض عليه ؟ إلى أين ذهبوا به أولاً ؟ متى صلبوه ؟ من حمل الصليب ؟ ما مصير الخائن : أقتل نفسه أم مات طبيعياً ؟ ماذا عمل بالنقود ؟ هل تركها لرئيس الكهنة أم أشترى بها قبراً ؟ وغيره الكثير، مما يحسن أن يقوم القاريء بالبحث في ذلك بمفرده وبموضوعية تامة.

أما عدم فهم حواريه له، وزجره لهم، وإتهامه إياهم بضعف الإيمان وعدم الفهم، فهذا لا يمكن فهمه أيضاً. ونحن نستبعد ذلك عنهم، وأعتقد أنهم كانوا على علم كبير، استطاع يعقوب على سبيل المثال بهذا العلم إدانة بولس ومحاورته (أعمال الرسل 21 : 17 - 26).

يقول المفكر البريطانى توماس كارليل:

"أرى أن الحق ينشر نفسه بأية طريقة حسبما تقتضيه الحال ... ألم ترواْ أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحياناً، .... وأنا لاأحفل أكان إنتشار الحق بالسيف أم باللسان أم بأية طريقة أخرى ... فلندع الحقائق تنشر سلطانها بالخطابة أو بالصحافة أو بالنار .... لندعها تكافح وتجاهد بأيديها وأرجلها وأظافرها ، فإنها لن تُهزم أبداً ... ولن يُهزم منها إلا مايستحق أن يُهزم ... ولايفنى منها إلا مايستحق الفناء ...".س ؟؟؟حرامي النصرانية)))))))))))))))))

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((((((((((تساؤلات حول عقيدة الصلب والفداء المسيحية)))))))))))))))))))))

يوسف عبد الرحمن

هذه مجموعة من التساؤلات أوجهها لزملائي المسيحيين المؤمنين بعقيدة الصلب والفداء :

أولاً : بما أنكم تـقرون بأن الله قدوس كلي القداسة، وان قداسته المطلقة لا تـقبل أي خطية، فكيف إذن آمنتم بتجسده وتعليقه على صليب اللعنة، إذ أنه مكتوب : " مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَة " غل 3 : 13 ، فأي خطايا أعظم من هذه في حق المقام الإلهي السامي كلي القداسة؟!

ثم أليس من السفه الفكري أن تغفر خطيئة آدم وأبنائه، بخطيئة أخرى أكبر وأبشع، وهي تعليق الإله على الصليب؟ يالها من اهانة ضد قداسة الله الغير محدودة! إهانة لا يقبلها أي شخص حتى وإن كان أحمق فكيف بإله ذو الكمال المطلق..؟‍!

ومن جهة أخرى فإنكم تدعون بأن الخطيئة الساكنة في الإنسان تحول بينه وبين الله ؛ لأن الله قدوس كلي القداسة .. ولو كان هذا الأمر صحيحاً، فكيف سار اخنوخ مع الله ولم ير الموت ، وذلك بعد أن أرضى الله كما يقول كتابكم المقدس : " وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ ". ( تك 5 : 24 ) ، ( العبرانيين 11 : 5 ) : " بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ ".

ثانياً : " الله محبة " شعار يردده المسيحيون دائماً ، فهل من محبة الإله ورحمته أن يترك البشرية تتوالد بطبيعة فاسدة بحيث يعم الفساد وينتشر في كل المسكونة؟! ثم يظل البشر متسربلين بهذه الطبيعة حتى يأتي الإله يسوع في آخر الزمان ليكون قرباناً وبين المسيح وآدم عليهما السلام أنبياء ورسل وأجيال لا حصر لها؟ لماذا لم يأتي المسيح إلى الأرض بعد خطيئة آدم وطرده من الجنة مباشرة، كي يقوم بمحو الخطيئة ثم يكون بعد ذلك أجيال لبني آدم بدون ذنب أو خطيئة؟

ثالثاً : هل كان آدم معصوماً قبل الخطيئة؟ اذا كانت الإجابة نعم فكيف أخطأ؟ وإذا كانت الإجابة بلا ، فما الفرق بين آدم وأي شخص مولود؟!

لقد خلق الله سبحانه وتعالى آدم - عليه السلام - بطبيعة قابلة للخطأ ، بدليل ان الله بعد أن خلقه حذره من الوقوع في الخطأ والاكل من الشجرة. ان طبيعة قابلية الوقوع في الخطأ وحرية الاختيار هى طبيعة مخلوقة مع كل إنسان ولا دخل لآدم فيها. ان الخالق سبحانه وتعالى جعل النفس البشرية قابلة للخير والشر وقادرة على كليهما. والإسلام يعترف بالجبلة البشرية التي خلق الله الإنسان عليها فهو مستعد للخير والشر، مدرك لهما، ولذا فهو مكلف بفعل الخير وبالامتناع عن الشر، ومحاسب على ذلك.

رابعاً : في سفر العدد 16 : 22 موسى وهارون يقولان لله : " اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟ ". ( ترجمة فاندايك )

أليس من حقي أنا أيضاً أن أقول : اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ آدم فتسخط على كل البشر؟

خامساً: في سفر التثنية 24 : 16 : " لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ ".

هل غش الله خلقه - والعياذ بالله - وأوهمهم أنه لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء ، ثم فاجئهم أنهم لا يحملون خطأ أبيهم بل خطأ أول رجل وإمراة خلقا؟!

سادساً : نسب كاتب سفر أخبار الأيام الثاني 7 : 14 للرب قوله : " فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ ".

أليس هذا هو قانون الله الذي يقبله العقل وترتاح إليه النفس؟ كيف لا؟ وهو الذي قد غفر لأهل نينوى ، ورجع عن الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه؟ ( يونان 3 : 10 ) أليس من الاعقل والاعدل أن يقول الإله للمذنبين: تطهروا من أخطائكم وتوبوا إلي أقبلكم؟ فلا يكون هناك قتل ولا صلب ، ولا لف ولا دوران! إننا لم نر أحداً من العقلاء ولا من علماء الشرائع والقوانين يقول :
إن عفو الإنسان عمن اذنب إليه ، أو عفو السيد عن عبده الذي يعصيه ينافــي العدل والكمال ، بل يعدون العفو من أعظم الفضائل ، ونرى المؤمنين بالله من الأمم المختلفة يصفونه بالعفو الغفور ، ويقولون إنه أهل للمغفرة ، لذلك فإن دعوى المسيحيين ان العفو والمغفرة مما ينافي العدل مردودة ، غير مقبولة عند أحد من العقلاء والحكماء.

سابعاً : في سفر أعمال الرسل [10 : 34 – 35 ] : " فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَهُ وَقَالَ : بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ ".

ألا يعني هذا النص أن قبولكم عند الله لا يتقيد بالصلب والفداء بل بالإيمان بالله وتقواه. بالإيمان بالله وحده والعمل الصالح.

ثامناً: يقول بولس في رسالته إلى العبرانيين [ 9 : 22 ] : " وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ! ". ( ترجمة فاندايك )

لاحظ أخي القارئ عبارة : " وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ! ". ألا يعتبر هذا حكماً تعسفياً متعطشاً إلى الدماء؟ وعلى العكس من كلام بولس نجد ان الكتاب المقدس يورد العديد من الايات التي تقول ان الله يفضل التوبه و الندم، لا الكفارات و المحرقات للتكفير عن الخطايا ، كما في سفر صموئيل الأول 15 : 22 : " فَقَالَ صَمُوئِيلُ : هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاِسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ ". وميخا 6 : 6-8 و مزمور 51 : 16 –17 و مزمور 40 : 6 و إرمياء 7 : 21 و هوشع 6 : 6 و هوشع 14 : 1-3 و مزمور 69 : 30 –31 الخ .

تاسعاً: تقول الكنيسة ان صلب المسيح هو كفارة لمن آمن فقط بصلبه . إذن كيف سينال الذين عاشوا قبل المسيح الكفارة؟ وهل سيطالب الله الذي عاشوا بعد المسيح بالايمان بالصلب ولا يطالب الذين قبله؟!

عاشراً : أخبرونا لو لم يتب آدم عليه السلام ولقي الله بخطيئته ، هل كان صلب المسيح يؤدي إلى خلاصه؟!

فإن قالوا : لا ، أحالوا الخلاص إلى التوبة دون صلب المسيح.

وإن قالوا : نعم في دم المسيح خلاص لآدم ، وإن لم يتب ، فقد أخلوا التوبة عن الفائدة ، ولزم أن يكون كل فاجر فاسق قاتل ظالم مستبد ، مات قبل المسيح ولم يتب ، قد نال الخلاص بموت المسيح!

الحادي عشر : تؤمنون بعدل الله وأنه إله عادل ، وقد ذكر كتابكم المقدس العقاب الذي شمل آدم وحواء والحية بعد قصة السقوط وهذا العقاب قد شملهم بالآتي :

( 1 ) أوجاع الحمل والولادة لحواء وعقاب الاشتياق منها للرجل : " تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ ". [ تكوين 3 : 16 ]

( 2 ) دوام العداوة بين نسل المرأة والحية : " وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا " . [ تكوين 3 : 15 ]

( 3 ) لعنة التربة التي يعتمد عليها الإنسان في حياته على الأرض : " مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ ". [ تكوين 3 : 17 - 19 ]

( 4 ) عقوبة الرب للحية التي أغوت حواء بأن جعلها تسعى على بطنها : " لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ " . [ تكوين 3 : 14 ]

والآن بما أن الله عادل وقد صالحكم بصلب المسيح المزعوم ، فلماذا لم تنتهي هذه العقوبات؟ لماذا ما زالت المرأة المسيحية تصاب بأوجاع الحمل والولادة حتى ان البعض منهن يستخدمن المخدر من شدة الألم ، ولماذا عقاب الاشتياق ما زال موجوداً منها ومن الرجل؟ ولماذا لم تنتهي العداوة بين نسل المرأة والحية؟ ولماذا يأكل المسيحيون المؤمنون من عرق جبينهم طوال حياتهم ، ولماذا ما زالت الحية تسعى على بطنها؟

فإذا كانت قصة الخلاص المسيحية هي حقيقة وأن الله قد صالحكم بموت المسيح على الصليب، فلماذا ما تزال تلك العقوبات قائمة؟! وهل من عدل الله أن يبقيها عليكم بعد ان خلصكم المسيح وصالحكم مع الله؟

من جهة أخرى نلاحظ بأن الارض قد لعنت بسبب خطيئة آدم : " مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ ". [ تكوين 3 : 17 - 19 ] وأنا أسأل ما ذنب الارض فيما فعل آدم؟ لماذا لعن الأرض مع أن آدم هو الذى أخطأ ؟
هل الارض من ذرية آدم؟ أم ان الرب غضب لدرجة أنه لعن كل شيء؟

ونلاحظ أيضاً عقوبة أوجاع الحمل والولادة لحواء وعقاب الاشتياق منها للرجل : " تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ ". [ تكوين 3 : 16 ] والسؤال : هل ألم الولادة عقاب؟ إن جميع إناث الحيوانات تلد وتتألم أثناء الولادة. فهل ولادة البقرة مثلاً وهي تتألم هو عقاب لها أم من وظائفها الطبيعية؟

ثم هل اشتياق المرأة للرجل عقاب لها؟! كيف؟ والرجل يشتاق للمرأة ، فهل هذا عقاب له أيضاً ؟! إن الاشتياق فطرة فطر الله عليها الناس حتى تتكون الأسرة ويحصل الود والحب ويحفظ النسل، وليس عقاباً كما يقول كاتب سفر التكوين .....

وأخيراً نلاحظ بأن النص عاقب الحية بقوله : " عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ ". [ تكوين 3 : 14 ] فهل سعي الحية على بطنها هو فعلا عقاب لها؟ كيف وهناك الآف الأنواع من الزواحف التي تسير على بطنها، فهل هذا عقاب لها ؟!! عقاب على ماذا؟!

ان هذه النصوص ليس لها أدنى نصيب من المعقولية أو المقبولية .....

الثاني عشر : هل الموت الجسدي حل بالبشر عقاباً على الخطية الأصلية؟ كيف؟ وجميع الحيوانات تموت أيضاً موتاً جسدياً فهل هذا عقاب لها ؟!! عقاب على ماذا؟!

الثالث عشر : بمقتضى الإيمان المسيحي فإن الله - والعياذ بالله - صلب الله لكي يرضي الله! فأين العقل في ذلك؟

الرابع عشر : هل من الرحمة أن يُسلم الأب ابنه للصلب دون أن يقترف إثماً أو جريمة ما تستحق هذه العقوبة ؟ وما الفائدة التربوية التى نتعلمها من مثل هذا التصرُّف؟ فما بالك إذا كان الآخر ابن الإله ؟ وكيف يثق خلقه به إذا كان قد ضحى بالبار البرىء من أجل غفران خطيئة مذنب آخر ؟ هل يُعجبه أن يصفه أحد خلقه بالقسوة وعدم الرحمة ؟ : " اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ ". رومية 8 : 31-32 .

ولو كان الصلب والفداء لغفران خطيئة آدم وحواء – فكيف يكفر عن خطيئة الشيطان ؟ وهل سيضطر إلى النزول مرة أخرى ليصلب عن الشياطين؟ أليست خطيئة الشيطان أعظم وأجل ؟ وهل يعقل أن تكون قوانين الأمم المتحضرة اليوم أعدل من قانون الله ، حيث إنها لا تحاسب الإنسان على فعل غيره ولو كان ابنه أو أباه؟ كيف تكون عملية الصلب والقتل وإسالة دم البريْ رحمة وهبة للبشرية؟

الخامس عشر : لقد ادعى بولس مؤسس المسيحية بأن أجرة الخطية الموت، فإذا كانت أجرة الخطية هي الموت ، فلماذا ترك الله إبليس يعيش أكثر من آدم ، بل وإلى زماننا هذا وحتى قيام الساعة، مع انه أي ابليس هو سبب غواية آدم وزوجته؟

السادس عشر : يقول لوقا في 23 : 48 : " وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهَذَا الْمَنْظَرِ لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ " . ( ترجمة فاندايك ). لماذا حزن تلاميذه والمؤمنون لو كانوا قد علموا بفرية الفداء والصلب ؟ ألم تكن هذه الحادثة مدعاة إلى سرور الناس جميعاً ؟

السابع عشر : أين هو الصليب الذي تعلق عليه إلهكم ؟ ماذا حدث له ؟

الثامن عشر : إذا كان إلهكم يسوع قد نزل إلى الأرض كي يفدي بني البشر ويصلب ويقتل من أجلكم فمعنى ذلك أنكم عنده أغلى من نفسه !
وإذا كان كذلك وهو يحبكم حباً عظيماً فلماذا بعد ما غفر لكم وصعد إلى السماء وجلس على عرشه يرسل عليكم الصواعق والزلازل والأعاصير فيعذبكم بها ومنكم من يموت ومنكم من يظل إما معذباً وإما مهاناً؟

التاسع عشر : إذا كانت ذنوبكم قد غفرت وتم فدائكم فلماذا إذاً نشاهد كراسي الاعتراف في الكنائس القبطية والكاثوليكية وغيرها ؟

العشرون : يوحنا 3 : 16 : " لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ ". نلاحظ هنا ما يلي :

لماذا بذل الله ابنه الوحيد؟ لأنه يحب العالم . وهل الذي يحب العالم لا يحب ابنه الوحيد؟!! كيف يحب الله العالم ولايحب ابنه؟!! وهل الذي يحب العالم يقتل ابنه الوحيد؟!! كيف نثق بإله لم يشفق على ابنه من أجل غفران خطيئة مذنب آخر؟ كما يقول بولس في رومية 8 : 32 : " اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ " لقد نسب بولس إلى الله عدم الشفقة ، أي القسوة . ألا توجد طريقة أخرى عند إله المحبة بدلاً من قتل ابنه المزعوم لإنقاذ غيره؟!! هل اقتضت رحمته ألا يُعالج هذه الجريمة إلا بجريمة أبشع منها ؟ فقد أرسل ابنه البرىء، ليُصْلَب!!

الحادي والعشرون : جاء في سفر التكوين 3 : 21 : " وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا ".

الرب بنفسه صنع لهما هذه الأقمصة !!

ألا يدل ذلك على غفران الله لذنبهما ؟

فلو لم يغفر لهما لتركهما يصطادا ويعالجا الجلد ثم يصنعان لأنفسهما هذه الأقمصة ، إمعانا فى إجهادهما وتنفيذاً لوعيده لهما بأن يشقيا فى الأرض :

" وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَا قُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ. وَقَالَ لآدَمَ: لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ " . تكوين [ 3: 16-19 ]

الثاني والعشرون : ألم يأمر الرب في سفر الخروج [ 15 : 32 _ 36 ] بالعقاب الفورى لمن خالف تعاليمه ، ولم يعظم السبت ؟

فإذا كان هذا حاله مع عباده ، فما الذى غير حاله مع آدم ولم يعاقبه من فوره ؟ وإن كان ما فعله مع آدم هو المألوف ، فلماذا تعجَّلَ بقتل هذا الرجل الذى خالف السبت ، ولم ينتظر حتى يجىء هو نفسه ليُصلَب ؟ " َلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ. فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ. فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ. فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى ".

الثالث والعشرون : سُئلَ عيسى عليه السلام : " وَإِذَا شَابٌّ يَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لأَحْصُلَ عَلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ؟ فَأَجَابَهُ : لِمَاذَا تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّالِحِ؟ وَاحِدٌ هُوَ الصَّالِحُ. وَلكِنْ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ، فَاعْمَلْ بِالْوَصَايَا. فَسَأَلَ: أَيَّةِ وَصَايَا؟ أَجَابَهُ يَسُوعُ: لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ..." [ متى 19 : 16 ] ، [ لوقا 18 : 18 ]

ماذا قال المسيح للسائل ؟

هل قال له : تؤمن بعقيدة الصلب والفداء؟ لا ، قال له تشهد أنه واحد فقط هو الإله الصالح (أى توحِّد الله) ثم تأتى بالأعمال الصالحة.

إلا أن بولس ناقض هذا الكلام فقال :

" إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَيَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا " . غلاطية [ 2: 16 ]

" فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً ". عبرانيين [ 7: 18-19 ]

الرابع والعشرون : سئل عيسى عليه السلام : " يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ ". [متى 22 : 36-40]

فلماذا لم يَقُل إنه عليك أن تؤمن بعقيدة الصلب والفداء؟ وأين عقيدة الفداء والصلب هنا؟ ولماذا الفداء هنا؟ وأين هذا من أقوال بولس المذكورة أعلاه؟

الخامس والعشرون : لوقا 6 : 36 المسيح يقول لتلامذته : " فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضاً رَحِيمٌ ". لك أن تتخيل أن نصارى العالم يرون فى قتل الأب لابنه رحمة وغفران؟

السادس والعشرون : يقول بولس : " وآدم لم يُغْوَ لكن المرأة أُغْوِيَت فَحَصَلَت فى التعدى ". [ تيموثاوس الأولى 2: 14 ]

إذا كانت حواء هى المتهمة الأولى فى القضية ، فلماذا لم ينزل الله على صورة امرأة لفداء البشرية من خطيئة المرأة؟

السابع والعشرون : جاء عن المسيح في مرقس [ 10 : 13 _ 16 ] : " وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ ".

وجاء عنه في لوقا [ 9 : 47 ] : " فَعَلِمَ يَسُوعُ فِكْرَ قَلْبِهِمْ وَأَخَذَ وَلَداً وَأَقَامَهُ عِنْدَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هَذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعاً هُوَ يَكُونُ عَظِيما ".

لقد حكم المسيح على الأطفال بالبراءة وأكد خلوهم من فرية الخطيئة الأزلية. فأين عقيدة الصلب وسفك الدماء والفداء هنا؟

ها هى براءة الأطفال التى أقر بها عيسى عليه السلام من خطيئة آدم وحواء منذ صغرهم. فلماذا الصلب وما أهمية الفداء؟

الثامن والعشرون : مما يُكذِّب قصة القيامة من الأموات قول بولس : " وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ ". [ كورنثوس الأولى 15: 20 ] إذا ما قابلناه بقول متى:

" وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ ". [ متى 27: 52 ] فالروايتان متضاربتان حيث تدعى رسالة بولس أن عيسى هو أول من انشقت عنه الأرض، بينما يقول متى إنه أوحى إليه عكس ذلك فقد قامت عنده أجساد القديسين الراقدين.

وفى نص متى هذا يؤكد أنه كان هناك قديسين وهذا قبل أن يقوم إلهكم من الأموات ويدخل جهنم لثلاثة أيام ليفتدى البشرية.

التاسع والعشرون : لقد شهد إلهكم قبل أن يموت على الصليب ويفدى البشرية من خطيئة أدم أن تلاميذه من الأطهار باسثناء واحد منهم : " قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ ". [ يوحنا 13: 9-10 ] ألا يكذب هذا بدعة الصلب والفداء ؟

الثلاثون : تكلم الله قائلاً: " أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ." [ مرقس 12: 26 ] فإذا كان إبراهيم واسحق ويعقوب من الأحياء (الأبرار) فكيف تُفهَم نظرية الصلب والفداء مع وجود الأخيار؟ أى لم تكن هناك خطية أزلية!! وليس هناك داعٍ لأن ينزل إلاهكم ليصلب ويموت؟

الحادي والثلاثون : تأمل إلى قول الذين عاصروا المسيح وسمعوا لقول بولس بقيامة المسيح من الأموات! انظر إلى سخرية معاصريه من كلامه كله: " وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً! ". [ أعمال الرسل 17: 32 ]

الثاني والثلاثون : يمثل صلب المسيح الركن الأساسي في عقيدة النصرانية، وتزعمون أنه سبب مجيء عيسى عليه السلام لحل مشكلة الخطيئة الأصلية والفداء.

هل قال المسيح لأحد من تلاميذه ، أو غيرهم، إنه جاء إلى الدنيا من أجل الخطيئة الأزلية لأبوهم آدم ، هل ذكر المسيح خطية آدم على لسانه أم جائت على لسان بولس الذي غير دين المسيح؟

أين نجد ذلك فى الاناجيل الاربعة ؟

وكيف غاب عن المسيح أن يبشر بالسبب الرئيسي لمجيئه؟

الثالث والثلاثون : هل كان الأنبياء العظام السابقين، مدنسين بسبب خطيئة أبيهم آدم؟ هل كان الله غاضباً عليهم؟ وكيف اختارهم لهداية البشر إذاً ؟ إن كانت الخطيئة الساكنة في الإنسان تحول بينه وبين الله كما ذكرنا ؛ لأن الله قدوس فأين كانت قداسته عندما أرسل الأنبياء وكلم موسى وأعان داود وسليمان على أعدائهما؟! لماذا لم تحل طبيعة الخطيئة فيهم بينهم وبين الله ؟!!

الرابع والثلاثون : لماذا لا يكون ناسوت المسيح قد ورث الخطيئة من أمه مريم كما ورثها سائر البشر؟ هل طهر الله مريم من الخطيئة حتى لا يرثها المسيح؟ إذن فلماذا لا يطهر جميع البشر كما طهر مريم ؟

الخامس والثلاثون : إذا قيل أن الله لم يتعذب على الصليب ، بل الذي تعذب هو ناسوت المسيح ، قلنا إما أن يكون ناسوت المسيح جزءاً من الله فيكون العذاب قد وقع على الله ، وهو غير جائز عقلاً ، أو أن يكون ناسوت المسيح جزءاً من آدم كسائرالبشر الذي توالد منه ، فيكون آدم قد فدى ببعضه ، وأن يفدي الناس بأحد منهم يبطل عقيدة الفداء والصلب ، ولا يكون هناك معنى لنزول الله ، إذ أن عقيدة المسيحيين لا تنص على كون الله انتقم من الناس في شخص أحدهم ، أو قبل فداء واحد منهم عن الآخرين . وإما أن يكون العذاب قد وقع على ناسوت المسيح ولا هوته ، ولا يخرج حكم ذلك عما قدمنا ، فثبت بذلك بطلان جواز دعوى الفداء .

السادس والثلاثون : إذا كانت الكفارة بصلب المسيح لأجل معصية آدم، فإن جميع البشر لابد أن يستفيدوا من هذه الكفارة بصفتهم أبناء آدم الذي نزل المسيح ليصلب ويكفر عنهم خطيئة أبيهم، دون شرط اعتقاد عقيدة الصلب؛ لأن الاستفادة من الكفارة ليس باعتقادها ولكن بمجرد حدوثها، وبصفات البنوة لآدم تكون الاستفادة من الكفارة، وبذلك يسقط شرط اعتقاد عقيدة الصلب لتحقيق الكفارة.

وهذه المسألة من أخطر مسائل الخلاف عند المسيحيين، إذ يعتقد بعضهم أن الصلب كفارة عن الجميع بصفتهم أبناء آدم، ويستند على قول بولس: " فإذًا كما بخطية واحد صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا بِبِرٍّ واحدٍ صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة ". [رو 5: 18] فقالوا: إن معنى هذا هو كما أن جميع الناس يُدانون بمعصية آدم كذلك جميع الناس يتبررون ببر المسيح. وهكذا فسروا قوله: " كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيُحيا الجميع". [1كو 15: 22]

وللرد يقول البعض الآخر منهم: (لابد من تقييد معنى «جميع» في هذين النصين، فإن جميع الذين يموتون هم الذين في آدم، وجميع الذين يحيون هم الذين في المسيح) [اللاهوت النظامي].

ولم يقل لنا: لماذا هذا التفريق بين الذين يموتون والذين يحيون، ولا على أي أساس قام..؟!

والمسألة بمنتهى البساطة -بحسب قولهم - أننا ورثنا خطيئة آدم - وبحسب قولهم أيضًا - أن المسيح نزل وكفَّر هذه الخطيئة؛ وبذلك يكون كل إنسان وارث للخطيئة ووارث لكفارة الخطيئة، فلايلزم اعتقاد الصلب للاستفادة من كفارة الخطيئة.

ثم يقولون: إن البشر اشتركوا في خطية آدم؛ لأنهم كانوا فيه حقيقةً، وأرادوا! وفعلوا كل ما أراد هو وفعل، وسُمِّي هذا المذهب بمذهب «الجوهر العام» لأنه يعتقد أن كل البشر جوهر واحد، وأن كل فرد منهم هو جزء من ذلك الجوهر البشري العام، يشترك مع جميع الأفراد في حياة واحدة. وبموجب هذا الرأي تكون خطيئة آدم خطيئتنا نحن أيضًا؛ لأننا ارتكبناها بالفعل! وقد حُسِبت علينا باعتبارها خطيئتنا، لا باعتبارها خطية آدم فقط!!

ولكنهم لم يسألوا أنفسهم: كيف أخطأنا ونحن على هيئة الذر في صورة آدم، وهل الذر مكلف..؟!

وهم أيضًا لم يطبقوا هذه النظرية على كل البشر، بحيث يتوارثون جميعًا أخطاء آبائهم بانتظام، كما حدث في حالة آدم..! إنها سلسلة لا نهائية من الخطايا..!

وهكذا اختلت عقولهم، فأدخلوا البشر جميعًا تحت مظلة المعصية، دون أي منطق أو عدل، ثم أخرجوا كل من لم يؤمن ببدعة الصلب والفداء من تحت مظلة الاستفادة من الكفارة، دون أَيِّ اعتبار لمعنى العدل لا في الدخول ولا في الخروج..!

السابع والثلاثون : إن دعوى أن المسيح قام من قبره ولمسوه وتأكدوا منه ، ثم ارتفع إلي السماء تنقض دعوى أنه ابن الله وأنه تجسد بالصورة البشرية لأن الدور الذي تجسد من أجله قد أداه وانتهى ، ثم إن التجسد البشري لا حاجة إليه حيث يذهب المسيح في زعمهم عن يمين الله أبيه وهذان من أوضح القضايا لو كانوا يعقلون .

الثامن والثلاثون : هل كانت ذبيحة المسيح المزعومة بلا عيب؟

تحدد التوراة أن الذبائح بصفة عامة يجب أن تكون بلا أي عيوب جسدية ، فالحيوان الأعمى أو المكسور أو المجروح أو المسحوق أو ... أو ... ، لم يكن يُسمح بتقديمه ذبيحة لله سبحانه وتعالى : " الأَعْمَى وَالْمَكْسُورُ وَالْمَجْرُوحُ وَالْبَثِيرُ وَالأَجْرَبُ وَالأَكْلَفُ هَذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ وَلاَ تَجْعَلُوا مِنْهَا وَقُوداً عَلَى الْمَذْبَحِ لِلرَّبِّ ". ( لاويين 22 : 22 ) وأيضاً : " لا تَذْبَحْ لِلرَّبِّ إِلهِكَ ثَوْراً أَوْ شَاةً فِيهِ عَيْبٌ شَيْءٌ مَا رَدِيءٌ لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ إِلهِكَ ". ( تثنية : 17 : 1 )

يقول الكاتب المسيحي عوض سمعان أن هذا الأمر كان رمزاً إلى أن الفادي الذي يصلح كفارة عن الناس يجب أن لا يكون طاهراً فحسب ، بل وأن يكون كاملاً من كل الوجوه أيضاً.

وهنا نتسائل: هل حققت ذبيحة المسيح هذه المتطلبات؟

طبقاً لنصوص الأناجيل فإن المسيح قبل الصلب المزعوم قد تعرض للضرب والجلد والتشويه الجسدي :

انجيل يوحنا ( 19 : 1 طبعة فاندايك ) : " فحينئذ أخذ بيلاطس يسوع وجلده ، وظفر العسكر إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه .... وكانوا يلطمونه" . وفي انجيل متى ( 27 : 26 ) : " وأما يسوع فجلده وأسلمه ليُصلب " . وفي انجيل لوقا : ( 22 : 36 ) : " والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به ، وهم يجلدونه ) [ ملاحظة : تم حذف كلمة يجلدونه من هذه الفقرة من بقية التراجم الأخرى ] وفي انجيل مرقس ( 15 : 19 ) : " وكانوا يضربونه على رأسه بقصبة ". وأيضاً في مرقس ( 14 : 65 ) : " يلكمونه ويقولون له تنبأ ". وفي انجيل يوحنا ( 19 : 3 ) : " وكانوا يلطمونه " .

لذلك فإن موت المسيح المزعوم لم يحقق متطلبات الذبيحة المرضية ..... وما بني على باطل فهو باطل ..... وفوق ذلك كله فإن موت المسيح المزعوم ليس بذبيحة لأنه مات مصلوبا حسب زعمهم ، وهناك فرق بين الذبح والصلب : فالذبح بحسب المعاجم اللغوية هو قطع الحلقوم ، تقول ذبحه ذبحاً أي قطع حلقومه. بخلاف الموت على الصليب.

وختاما نرحب بأي مسيحي لديه إجابات شافية مقنعة وذلك على بريد الموقع الاكتروني ..??????=================================================================?(((((((((((هل كانت ذبيحة المسيح المزعومة بلا عيب؟))))))))))))))))))))

يوسف عبد الرحمن

تحدد التوراة أن الذبائح بصفة عامة يجب أن تكون بلا أي عيوب جسدية ، فالحيوان الأعمى أو المكسور أو المجروح أو المسحوق أو ... أو ... ، لم يكن يُسمح بتقديمه ذبيحة لله سبحانه وتعالى : " الأَعْمَى وَالْمَكْسُورُ وَالْمَجْرُوحُ وَالْبَثِيرُ وَالأَجْرَبُ وَالأَكْلَفُ هَذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ وَلاَ تَجْعَلُوا مِنْهَا وَقُوداً عَلَى الْمَذْبَحِ لِلرَّبِّ ". ( لاويين 22 : 22 ) وأيضاً : " لا تَذْبَحْ لِلرَّبِّ إِلهِكَ ثَوْراً أَوْ شَاةً فِيهِ عَيْبٌ شَيْءٌ مَا رَدِيءٌ لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ إِلهِكَ ". ( تثنية : 17 : 1 )

يقول الكاتب المسيحي عوض سمعان أن هذا الأمر كان رمزاً إلى أن الفادي الذي يصلح كفارة عن الناس يجب أن لا يكون طاهراً فحسب ، بل وأن يكون كاملاً من كل الوجوه أيضاً.

وهنا نتسائل: هل حققت ذبيحة المسيح هذه المتطلبات؟

طبقاً لنصوص الأناجيل فإن المسيح قبل الصلب المزعوم قد تعرض للضرب والجلد والتشويه الجسدي :

انجيل يوحنا ( 19 : 1 طبعة فاندايك ) : " فحينئذ أخذ بيلاطس يسوع وجلده ، وظفر العسكر إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه .... وكانوا يلطمونه" . وفي انجيل متى ( 27 : 26 ) : " وأما يسوع فجلده وأسلمه ليُصلب " . وفي انجيل لوقا : ( 22 : 36 ) : " والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به ، وهم يجلدونه ) [ ملاحظة : تم حذف كلمة يجلدونه من هذه الفقرة من بقية التراجم الأخرى ] وفي انجيل مرقس ( 15 : 19 ) : " وكانوا يضربونه على رأسه بقصبة ". وأيضاً في مرقس ( 14 : 65 ) : " يلكمونه ويقولون له تنبأ ". وفي انجيل يوحنا ( 19 : 3 ) : " وكانوا يلطمونه " .

ولكي نتخيل شكل هذه الذبيحة التي ستـقـدم لله - والعياذ بالله - ، إليكم هذه الصور من فلم آلآم المسيح الأخير للمخرج الأمريكي ميل جيبسون :

لا شك - أخي القارئ - أن موت المسيح المزعوم لم يحقق متطلبات الذبيحة المرضية ... وما بني على باطل فهو باطل .....???????===================================================================?(((((((( حوار على خشبات الصليب))))))))))))))))))))))

ان رواية الأناجيل لحادثة الصلب فيها الكثير من النقاط التي تزعج اطمئنان المرء في قبول هذا الحدث والتسليم به . . فمن ذلك :

تتفق الأناجيل الأربعة على أن المسيح صلب بين لصين ، واحد على يمينه والآخر على يساره !

ولكن تختلف بينها فيما دار بين المسيح واللصين جميعاً على الصليب !

ففي متى ومرقس أنهما كانا يعيرانه . .

( وأما لوقا 23: 39 ) فهو يصور مشهداً روائياً مثيراً تدور فيه الأحاديث في منطق هادىء وفي حوار متـئد بين اللصين ، وبين المسيح ، وقد اختلف أمرهما في شأن المسيح . . على هذا الوجه :

- أحد اللصين ( مستهزئاً ) : إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا !!

- اللص الآخر ( ينتهر صاحبه ) : أحتى أنت لا تخاف الله ، وأنت تعاني العقوبة نفسها ؟ أما نحنفعقوبتنا عادلة لأننا ننال الجزاء العادل لقاء ما فعلنا . وأما هذا الانسان فلم يفعل شيئاً في غير محله . ثم يلتفت إلي السيد المسيح في وداعة ولطف قائلاً : اذكرني يارب ، متى جئت في ملكوتك !

-السيد المسيح : الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس !!

ونحن نسأل : أين كان هذا الحوار والحديث ؟

وتجيب الأناجيل : بأن مسرح هذا الحوار كان على خشبات الصليب المعلق عليها كل من المسيح واللصين !!

ونحن نسأل العقلاء من النصارى :

هل حالة المصلوب تسمح له بأن يلتفت يمينا وشمالاً أم لا ؟

الذي نعرفه أن المعلق على الصليب والذي دقت يداه ورجلاه بالمسامير على الصليب ، لا يمكن أن يعي شيئاً مما حوله ، فضلاً على أن يحاور ويجادل !

انه لا يعقل أبداً أن يكون عند المصلوب بقية عقل أو فضلة قوة يمكن أن ينفقها في لفته يلتفتها أو كلمة ينطق بها . . وأنه إن يكن شىء فليس غير الأنين أو الصراخ ، والوجع المستمر ، لا الفلسفة ولا السفسطة ولا التنكيت والتبكيت ! ??????=================================================================((((((((((((((كيف تولدت عقيدة كفارة المسيح ؟))))))))))))))))))))))))

كيف تولدت عقيدة " كفارة المسيح " لدى المسيحيين؟ ومن كان وراء نشوئها؟

هذا ما بحثت عنه، وقد وجدت الإجابة فيما كتبه رجال الكنيسة أنفسهم في المدخل إلى العهد الجديد، حيث قالوا :

(( ويبدوا أن المسيحيين حتى ما يقارب من السنة (150) تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر ،إلا قليلاً جدا ،إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة . وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء أمرهم رسائل بولس واستعملوها في حياتهم الكنسية . . . فقد كانت الوثائق البولسية مكتوبة ، في حين أن التقليد الإنجيلي كان لا يزال في معظمه متناقلاً عن ألسنة الحفاظ .فضلاً عن أن بولس نفسه كان قد أوصى بتلاوة رسائله وتداولها بين الكنائس المتجاورة ( 1تس 5/27 وكو 4/16) ومهما يكن من أمر فإن كثيراً من المؤلفين المسيحيين أشاروا منذ أول القرن الثاني الى أنهم يعرفون عدداً كبيراً من رسائل كتبها بولس ، فيمكننا أن نستنتج من ذلك أنه أقيمت من غير إبطاء مجموعة من هذه الرسائل ، وأنها انتشرت إنتشاراً واسعاً سريعاً لما كان للرسول بولس من شهرة ..

ولا يظهر شأن الأناجيل هذه المدة ظهوراً واضحاً ، كما يظهر شأن رسائل بولس .. ومهما يكن من أمر ، فليس هناك قبل السنة (140) أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة ، ولا يذكر لمؤلف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم .

فلم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن الثاني شهادات ازدادت وضوحاً على مر الزمن بأن هناك مجموعة من الأناجيل ، وأن لها صفة ما يلزم . وقد جرى الاعتراف بتلك الصفة على نحو تدريجي .وابتدأ نحو السنة (150) عهد حاسم لتكوين العهد الجديد.)) [ مقدمة الكتاب المقدس المطبوع في بيروت ـ لبنان عام 1989م ـ الصفحة 8 ]

نستنبط مما اقتبسناه أن رسائل "بولس" كانت هي المتداولة قبل تأليف الأناجيل وتداولها بين المسيحيين .

وأنا عدت إلى رسائل بولس التي احتواها " أعمال الرسل " الملحق بالأناجيل المعاصرة فتبين لي بكل وضوح أن بولس المذكور هو الذي ابتدع عقيدة (( كفارة المسيح )) تعليلاً منه لموت المسيح الناصري على الصليب . ولم يحقق هو بنفسه في مدى صحة ما وصله من روايات متعلقة بحادثة الصلب . فسلم بموت المسيح بشكل طبيعي .

ذلك أن بولس كتب في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس 15/3 يقول ، في وقت لم يكن للأناجيل من وجود : (( أن المسيح مات من أجل خطايانا ،كما ورد في الكتب ، وأنه قبر وقام في اليوم الثالث كما ورد في الكتب ..)) ويعلم القارئ أني أثبت من قبل أن المسيح الناصري لم يبق في قبره أكثر من يوم ونصف فقط . وبذلك يكون بولس قد ارتكز إلى أساس فاسد ، وما قام على فاسد فهو فاسد أيضاً . وعليه فقول بولس (( إن المسيح مات من أجل خطايانا )) هو قول لا يستند إلى حقيقة مطلقاً.

ثم إن بولس المذكور ما كان تلميذاً للمسيح ، بل كان في حياة المسيح من ألد أعداء المسيح.وها أنه بولس يعترف بهذه الحقيقة في رسالته إلى أهل غلاطية 1/13 ويقول فيها : (( فقد سمعتم بسيرتي الماضية في ملة اليهود . إذ كنت أضطهد كنيسة الله غاية الاضطهاد ، وأحاول تدميرها ..))

وراح بولس المذكور يصيغ عقيدة " كفارة المسيح " في رسالته إلى أهل روما الإصحاح العاشر ويقول : (( فإذا شهدت بفمك أن يسوع رب، وأمنت بقلبك أن الله أقامه من بين الأموات ، نلت الخلاص .فالإيمان بالقلب إلى البر ، والشهادة بالفم تؤدي إلى الخلاص )) . فهذه الألفاظ دفع بها بولس المسيحيين يوم لم تكن الأناجيل مكتوبة ،إلى فهم " كفارة المسيح" بهذا الفهم الوارد في رسالته.

وقد حول بولس المذكور رسالة المسيح القومية ،فنزع عنها صفتها القومية ، وألبسها لباس الرسالة العالمية مخالفاً قول المسيح نفسه (( لم أُرسل إلا أن الخراف الضالة من بيت إسرائيل )) إنجيل متى 15/24 .

فبولس المذكور قال في نفس رسالته إلى أهل روما : (( فلا فرق بين اليهودي واليوناني . فالرب ربهم جميعاً يجود على الذين يدعونه .فكل من يدعو باسم الرب ينال الخلاص .)) واصطدم مع بطرس لهذا السبب مما تجدونه في أعمال الرسل .

وقد شعر بولس المذكور بضرورة إيجاد فلسفة لكلمة الخلاص المستندة إلى عقيدة الكفارة التي ابتدعها للمسيحيين في ذاك الزمان .فكتب إلى أهل رومية 8/2 يقول: (( لأن شريعة الروح الذي يهب الحياة في يسوع المسيح قد حررتني من شريعة الخطيئة والموت. فالذي لم تستطعه الشريعة والجسد قد أعياها ، حققه الله في إرسال ابنه في جسد يشبه الخاطئ ، كفارة للخطيئة . فحكم على الخطيئة في الجسد ، ليتم فينا ما تقتضيه الشريعة من البر . نحن الذين لا يسلكون سبيل الجسد بل في الروح .. والذين يحيون في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله . أما أنتم فلستم تحيون في الجسد بل في الروح ، لأن الروح حال فيكم .ومن لم يكن فيه روح المسيح ، فما هو من خاصته .))

وراح بولس المذكور ، يصور موت المسيح الناصري على الصليب وكفارته التي ابتدعها ، أنها نعمة إلهية حرم منها الذين ولدوا قبل ولادة المسيح . فهو القائل في رسالته المذكورة إلى أهل روما [ 3 : 23 ] : ((.. ذلك بأن جميع الناس قد خطئوا ، فحرموا مجد الله . ولكنهم برروا مجاناً بنعمته ، بالفداء الذي تم في المسيح يسوع ذاك الذي جعله الله ( كفارة في دمه ) بالإيمان ، ليظهر بره ، بإعفائه عن الخطايا الماضية في حلمه تعالى ، ليظهر بره في الزمن الحاضر ..))

والذي يتبين لي من جميع ما أوردته أن رسائل بولس المذكورة ابتدعت كفارة المسيح ، استناداً إلى أساس فاسد وهو أن المسيح مات على الصليب ودفن وقام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال ، وهو ما أثبت بطلانه .

ولا يستبعد أن يكون الذين كتبوا هذه الأناجيل التي بين أيدينا استقوا بعض معلوماتهم الفاسدة مما وصل إلى أيديهم من رسائل بولس المذكور.

والذي يحاكم عقيدة " كفارة المسيح " عقلياً، على شاكلة ما حاكمتها أنا ، لا تثبت له هذه العقيدة بأي معيار كان . فكيف يؤخذ ابن الله الوحيد بجريرة خطيئة آدم وحواء ؟

وأين قدرة الله على العفو والغفران ؟ ولا يستسيغ عقلي أن يتجسد " الرب يسوع " في جسد الخطيئة .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العاملين ،،، ?????==================================================================??((((((((((( المسيح يصحح لليهود والمسيحيين معنى بنوته لله !)))))))))))))))))))

يوسف عبد الرحمن

من إنجيل يوحنا 10 : 31 " فتناول الْيَهُودُ، أيضاً حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَرَيْتُكُمْ أَعْمَالاً صَالِحَةً كَثِيرَةً مِنْ عِنْدِ أَبِي، فَبِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» فأجابه اليهود قائلين : لسنا نرجمك لأجل عمل حسن ، بل لأجل تجديف ، فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً . فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي شَرِيعَتِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ ؟ فَإِذَا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ تَدْعُو أُولئِكَ الَّذِينَ نَزَلَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ آلِهَةً وَالْكِتَابُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ فَهَلْ تَقُولُونَ لِمَنْ قَدَّسَهُ الآبُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْعَالَمِ: أَنْتَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: أَنَا ابْنُ اللهِ ؟ ". ( طبعة الفاندايك )
من خلال هذه المحاورة التي تمت بين المسيح واليهود نجد أن اليهود ضلوا بفهمهم الخاطىء لقول المسيح : أنا ابن الله ، فاعتبروه مجدفاً ، فما كان من المسيح إلا أن رد عليهم خطأهم وسوء فهمهم مستشهداً عليهم بما جاء في المزمور 82 : 6 من قول الرب للقضاة قديماً : (( أنا قلت : إنكم آلهة ، وبنو العلي كلكم )) . ثم أخذ يوضح لهم معنى هذا الاستشهاد قائلاً : (( فَإِذَا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ تَدْعُو أُولئِكَ الَّذِينَ نَزَلَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ آلِهَةً وَالْكِتَابُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ فَهَلْ تَقُولُونَ لِمَنْ قَدَّسَهُ الآبُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْعَالَمِ: أَنْتَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: أَنَا ابْنُ اللهِ ؟ )) .

لقد ساغ للمسيح ان يعبر عن نفسه بأنه ابن الله كما عبرت الشريعة عن القضاة قديما بأنهم بنو العلي ( مزمور 82 : 6 ) ولا يقتضي كل من التعبرين أي تجديف حسبما فهمه اليهود خطأ .

فالمسيح يقول لهم : إذا كان كتابكم الذي بين أيديكم قد قال عن قضاتكم إنهم آلهة * وأبناء العلي ( مزمور 82 : 6 ) ولم تستطيعوا ان تتهموا هذا الكتاب بالتجديف ، فلماذا تتهمونني أنا بالتجديف مع اني لم أقل إلا ما قاله كتابكم. وبمعنى آخر إذا جاز لكتابكم أن يخلع هذا اللقب على بشر ، لأنهم كانوا يحكمون باسم الله ، فكم بالأحرى يحق لي أنا أيضا أن أقول عن نفسي : إني ابن الله حال كون الآب قد قدسني : ( اختارني وباركني وأرسلني ) ** : " فَهَلْ تَقُولُونَ لِمَنْ قَدَّسَهُ الآبُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْعَالَمِ : أَنْتَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: أَنَا ابْنُ اللهِ ؟ "

فصرح عيسى عليه السلام بهذا أنه غير الآب، بل أن الآب هو الذي قدسه أساساً و أرسله، فهو رسولٌ لِلَّه و ليس هو عين الله ، متبرأً بهذا من أي تهمة تجديف.

وإذا كان الإنجيل ينعى على اليهود سوء فهمهم الذي أفضى بهم أن يفهموا خطأ معنى بنوة المسيح لله ، فلا يعقل أن يتبنى حملة الإنجيل اليوم نفس موقف ونفس فهم اليهود لكلمات المسيح لكي يصلوا من ذلك إلي أن المسيح ابن مريم إله والعياذ بالله !!

هذا وعندما قال المسيح لليهود في نفس سياق المحاورة : " لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ ". يوحنا 10 : 38 ، لم يكن في بال المسيح أية ألوهية يدعيها إذ أنه قد استعمل نفس العبارة في حق التلاميذ : " فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ ". يوحنا 14 : 20 ، مع ذلك فاليهود سارعوا ليمسكوه أيضاً دون أن يعطوه فرصة يوضح لهم هدفه.

لقد كان هدف اليهود وقادتهم أن يمسكوا أي شيءٍ على المسيح كي يحاكم ويقتل. لوقا 20 : 20 ، إذ لم يكونوا مقتنعين به أنه حقاً مسيح مرسل من عند الله كما في يوحنا 7 : 25 ، 26 ، 27 ، وكانوا ينكرون أن يظهر أي نبي من الجليل كما في يوحنا 7 : 52 . وكانوا يقولون له : " إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ ". يوحنا 8 : 48 ، وكانوا ينظرون اليه على انه ابن زنا : " فَقَالُوا لَهُ : إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا ". يوحنا 8 : 41 ، والمسيح نفسه واجههم بقوله : " وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ ". يوحنا 8 : 40 .

هذا وان كون المسيح في الآب أي ثبوته فيه بالمحبة والرضا ، ومعنى كون المؤمنين في المسيح أي ثبوتهم فيه بالمحبة والطاعة لما جاء به من عند الله ويكون الهدف والقصد واحد وهو هداية الناس إلي الله . وبهذا نعلم بأن الحديث عن الروابط بين الله والمسيح ، أو بين المسيح والمؤمنين ، أو بين الله والمؤمنين لا يسمح بالحديث عن (( روابط بين جواهر )) أو (( اتصال ذات بذات )) وإنما غاية القول فيه أن يكون حديثاً عن صلات روحية معنوية .

......................................................

* الأصل العبري للكلمة هو : إلوهيم elohiym آلهة .

** كلمة قدسه بحسب قاموس الكتاب المقدس تعني الآتي :

قدّس يقدّس تقديساً:

(1) جعله قديساً بتغير القلب (2 تس 2: 13 و 1 بط 1: 2). وبالتقديس تُطهر النفس من دنس الخطيئة ومن سلطتها وتتزين بالنعم الروحية التي تعدها للأفراح السماوية (عب 12: 14). ويحصل التقديس بالاتحاد بالمسيح بالإيمان بحيث يقبل المؤمنون الحق فيسكن فيهم (يو 17: 17) ومن التقديس تنتج كل الأعمال الصالحة (تي 2: 11-14).

(2) تكريس الشيء أو الشخص للاستعمال المقدس (عد 7: 1 و 2 صم 8: 11 و 1 مل 8: 64). وكانوا يقدسون المدن والأبواب والبيوت وسمّي ذلك أيضاً تدشيناً (نح 12: 27). ????????=========================================================================?((((((((( التثليث المسيحي شرك أم توحيد؟))))))))))))))))))

ليس هذا المقال لمناقشة سهولة و صعوبة فهم الثالوث ، بل هو لتوضيح حقيقة أن الثالوث عقيدة شرك، يشترك فيها عدة أشخاص في الألوهية. و هذا يختلف كل الاختلاف عن عقائد التوحيد، بل هي أشبه بعقائد التعددية اليونانية و الهندية و المصرية.

الموضوع برأيي يتركز في هذا السؤال البسيط أوجهه لكل مسيحي :
هل تعبد شخصاً واحداً أم ثلاثة أشخاص؟
لاحظ رجاء أنني لم أسأل : "هل تعبد إلها أم ثلاثة آلهة؟ " السؤال واضح.

تعلّم الكنيسة المسيحية أن اللـه هو عبارة عن ثلاثة أقانيم ذو شخصيات مستقلة، و لكنها متحدة في الطبيعة الجوهرية الإلهية. فمثلا في العهد الجديد، الروح القدس حل على يسوع، و يسوع كان يكلم الاب. تقول الكنيسة أن هذا يدل على وجود ثلاثة أشخاص مستقلين من ناحية الشخصية، و متحدين من ناحية الجوهر.
اذا كان المسيح هو اللـه، و الاب هو اللـه، و الروح القدس هو اللـه، فالمسيحي اذن يعبد المسيح، و يعبد الاب، و يعبد الروح القدس.

فعندما تقول المسيحية أن هناك ثلاثة أشخاص يتكلمون مع بعضهم البعض و يحبون بعضهم، يكون المسيحيون هنا قد سلبوا من مفهوم اللـه أحد أهم مميزات وحدانيته، و جعلوا منه ثلاثة شخصيات مشتركين مع بعضهم البعض في "جوهر الألوهة".

المسيحية اليوم تقول أنها تعبد ثلاثة أشخاص. هذه هي النقطة التي أركز عليها. قد تحاول الكنيسة تبرير موقفها هذا بالزعم أن الثلاث أشخاص هم "إله واحد"، و لكنها لا تنكر أنها تعبد ثلاث أشخاص مستقلين (لكن غير منفصلين).

والسؤال : إذا لم يكن هذا هو الشرك بعينه، و التعددية في العبادة، فما هو الشرك و ما هي التعددية؟

لذلك كما قلت في البداية : عندما تسأل المسيحي عن إلهه، لا تسأله ان كان يعبد إلها واحدا او ثلاثة آلهة فهو متعود على الرد بأنه يعبد إلهاً واحداً و الكلام كما يقولون - ببلاش وليس بفلوس -. لكن السؤال الحقيقي هنا هو: هل تعبد شخصا واحدا أم ثلاث أشخاص؟ و هو ان كان مسيحيا على مذهب الكاثوليك او الارثوذكس او البروتستانت و أراد قول الحقيقة، فهو سيقر بأنه يعبد ثلاثة أقانيم، و الأقنوم هو الشخص (ترجمة الاقنوم بالانجليزية Person أي شخص).

قرأت مرة مقالة لإمرأة هندوسية تتحدث عن ديانتها، و في نهاية الاحاجيج التي أقامتها، قالت ان الهندوسية هي ديانة توحيد و ليست ديانة تعدد الآلهة، فهذه الآلاف المؤلفة من الشخوص التي يعبدها الهندوسيون هي كلها ذات طبيعة إلهية و جوهر واحد منبثق من الإله المدعو "براهما" على ما أذكر.
ضحكت طويلا عندما قرأت هذه المقالة لأن هذا هو نفس ما يقوله المسيحيون. هم يعبدون ثلاثة أشخاص و لكنهم يتحججون قائلين انهم مشتركون بجوهر إلهي واحد، مستعملين نفس الحجة التي يستعملها الهندوسيون.
و شتان ما بين هؤلاء و بين التوحيد المجرد القائم على أن اللـه واحد بجوهره و بشخصه.

المسيحي يعبد ثلاثة أشخاص (الاب و يسوع و الروح القدس)، و هو يزعم أن هؤلاء الثلاثة اشخاص مشتركون في جوهر الألوهية. هذا ما أسميه أنا إشراك في الألوهية، أي أن المسيحية ديانة شرك.
بتقديري الشخصي المسيحيون يتسترون تحت غطاء "إله واحد"، و هي عبارة كلماتها لا معنى لها اذا ما تقرب المرء أكثر من عقائدهم الحقيقية التي تقر بصراحة أنهم يعبدون ثلاثة أقانيم، أي ثلاثة أشخاص متميزين و مستقلين في شخصياتهم، طبعا تحت غطاء اتحادهم في "الجوهر الإلهي".
لكن لا أعلم لماذا يتردد المسيحيون في الإجابة الصريحة و الواضحة عند سؤالهم، بنعم أو بلا: هل تعبدون شخصاً واحداً أم تعبدون ثلاثة أشخاص؟


____________________

أرسل للموقع بواسطة ابو سارة ??=========================================================================???(((((((( وحدانية الثالوث ... حقيقة أم خيال)))))))))))))))))



ان موضوع الثالوث في العقيدة المسيحية لهو موضوع ذو أهمية وخطورة بالغة، ذلك لأن قول الكنيسة بوحدانية الله، وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر، ومساواتها في الجوهر، ونسبة أحدها إلى الآخر، كل ذلك لم يرد فيه جملة واحدة بالتصريح في الكتاب المقدس ، وفي الحقيقة نحن كمسلمين نعجب كيف يؤمن المسيحيون بعقيدة تعتبر لبّها ومحورها الأساسي ولا نرى لها نصاً صريحاً في الكتاب المقدس ؟!
هناك بعض النصوص الواردة في الكتاب المقدس، يريد المسيحيون أن يتخذوها سنداً في دعواهم للتثليث بالمفهوم الذي أشرنا إليه آنفاً، وسوف نذكر هذه النصوص ثم نبين بطلان الاستدلال بها بعون من الله الواحد الأحد وتوفيقه :



النص الأول : من إنجيل متى 28 : 19 " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ ".



الــرد :



أولاً : هذا النص يتحدث عن ثلاث ذوات متغايرة قرن بينها بواو عاطفة دلت على المغايرة ... نعم لقد ذكر النص ثلاثة عناصر، لكنه لم يجمعهم إلى واحد.

وهنا، أوجه انتباهك أخي القارىء إلى ذكر عنصرين منهم ( في موضع آخر ) مجموعين إلى ثالث مختلف :
1تيموثاوس 5 : 21 " أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ .. ". ( طبعة فانديك )
فلو كان ذكر العناصر سوية يعني الوحدة في الجوهر أو الشخص، لكان الله بذلك أصبح ليس فقط ثلاثة بل ملايين (مجموعاً إلى الملائكة) بحسب النص السالف.

ثانياً : لو طلبت من شخص أو أشخاص أن يذهبوا إلى منتدى الدعوة مثلاً و يدعوا أعضائه باسم زيد وعمر ومروان للانضمام إلى منتدى الأديان، هل معنى ذلك أن هؤلاء الثلاثة واحد؟؟؟ طبعاً الإجابة بالنفي لأنهم ثلاثة مختلفين لكنهم متحدين في الهدف ووحدة الهدف لا تتطلب اتحاد الأشخاص ، فلو قال مثلاً شخص : ( باسم زيد وعمر وسعيد وفريد ) ، هل يُفهم منه أن هؤلاء الأربعة أشخاص هم شخص أو شئ واحد ؟! نعم قد نرى وحدة في الهدف والأمر الذي اجتمعوا عليه ولكن ليست الوحدة في الجوهر والذات ، فزيد هو زيد وليس عمر ، وعمر هو عمر وليس سعيد ، وسعيد هو سعيد وليس فريد وهكذا ..

ثالثاً : النص المذكور في متى هو في أحسن أوضاعه صيغة للتعميد لا علاقة لها بالتثليث على الإطلاق ولا تدل على اى طبيعة للإله واقانيمه المزعومة و علاقتها ببعضها البعض .

رابعاً : يقول القمص زكريا بطرس في كتابه "الله واحد في ثالوث" :

" ان الوحدانية واضحة من قوله عمدوهم باسم و لم يقل بأسماء لأننا لا نؤمن بثلاثة آلهة لها ثلاثة أسماء" .

ويكرر معظم المسيحيون نفس الكلام بأن السيد المسيح قال باسم ( مفرد ) و ليس بأسماء ( جمع ) مما يؤكد أن الله واحد و ليس متعدد. وللرد عليهم نقول :

بل أن الصحيح أن يقول متى ( باسم ) ولو قال ( بأسماء ) لكان خطأ ، لأن معنى عبارة متى هو : ( بإسم الآب وبإسم الابن وبإسم الروح القدس ) ، ولتحاشي التكرار يختصر المرء ويقول بإسم ، و المقصود "باسم كل منهم" .
والعبارة على ذلك لا تفيد أدنى دلالة على فهم القمص زكريا بطرس من أن الآب والابن والروح القدس إله واحد في ثالوث ، بل هي صريحة فى ان كل واحد من هذه الثلاثة هو غير الآخر تماماً لان العطف هنا يفيد المغايرة كما أسلفنا .

وإذا بحثنا فى الكتاب المقدس سنجد ان كلام القمص زكريا بطرس لا قيمة له البتة، فعلى سبيل المثال :

1 - ورد في سفر التكوين 48 : 6 " وَأَمَّا أَوْلاَدُكَ الَّذِينَ تَلِدُ بَعْدَهُمَا فَيَكُونُونَ لَكَ. عَلَى اسْمِ أَخَوَيْهِمْ يُسَمُّونَ فِي نَصِيبِهِمْ ".

نلاحظ هنا ان كلمة ( اسم ) وردت مفردة وهي منسوبة إلى اخوين فهل يعني ذلك اى وحدة بين هذين الأخوين ؟!

2- وورد في سفر التثنية 7 : 24 " وَيَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلى يَدِكَ فَتَمْحُو اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لا يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ حَتَّى تُفْنِيَهُمْ ".

نلاحظ هنا ان النص لم يقل ( اسمائهم ) بل قال ( اسمهم ) بالمفرد ، هل معنى ذلك ان هؤلاء الملوك واحد لان النص يقول اسمهم ؟ طبعا كلا هذه أقوال مخادعين و لا يصدقهم الا مخدوعين سذج .

3- وورد في سفر التثنية 9 : 14 " أُتْرُكْنِي فَأُبِيدَهُمْ وَأَمْحُوَ اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ وَأَجْعَلكَ شَعْباً أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ ".

نلاحظ هنا ان الحديث عن شعب كامل و لكن النص يذكر اسمهم بالمفرد و ليس اسمائهم . هل معنى هذا ان الشعب واحد فى شعب و شعب فى واحد ؟!

4- وورد في سفر يشوع 23 : 7 " حَتَّى لاَ تَدْخُلُوا إِلَى هَؤُلاَءِ الشُّعُوبِ أُولَئِكَ الْبَاقِينَ مَعَكُمْ, وَلاَ تَذْكُرُوا اسْمَ آلِهَتِهِمْ وَلاَ تَحْلِفُوا بِهَا وَلاَ تَعْبُدُوهَا وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا ".

هنا الكارثة الكبرى آلهة كثيرة يعبدها كفار يذكر النص اسمهم بصيغة المفرد لو طبقنا قاعدة القمص فهذا النص دليل على وحدانية هذه الالهة النص يقول اسم الهتهم و ليس اسمائهم ؟؟!

إذن النصوص كثيرة لإثبات تهافت استشهاد القمص زكريا بطرس بكلمة اسم المفردة لإثبات وحدانية الثالوث...



ومع هذا نحن نسأل :

هل ما جاء في متى 28 : 19 هو تعليم بوحدانية الله ، وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر ، ومساواتها في الجوهر ، ونسبة أحدها إلى الآخر كما يؤمن المسيحيون ؟

الجواب كلا ثم كلا . . .

النص الثاني : رسالة يوحنا الأولى 5 : 7 " فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ ".
وهذا النص كثيراً ما يستشهد به المسيحيون ومنهم القمص زكريا بطرس في كتابه المذكور، دون أن يدققوا النظر في مصداقيته وقانونيته .
فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا النص دخيل وغير موجود في الاصول المعول عليها ، كما قرر ذلك الكثير من العلماء اللاهوتيين القائمين على وضع التراجم الغربية والعربية للكتاب المقدس ، وقد قام بحذف هذا النص كل من :

1 - الترجمة الكاثوليكية الحديثة أو الرهبانية اليسوعية ( منشورات دار المشرق - بيروت )

2 - وحذفته الترجمة العربية المشتركة .

3 - ووضعته الترجمة التفسيرية للكتاب المقدس - ( كتاب الحياة ) - بين قوسين هكذا [ فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ ] وهذا معناه أنه كشرح وليس من النص الاصلي كما نوهت بذلك في المقدمة .



وهذه أسماء بعض الترجمات الانكليزية للكتاب المقدس التي حذفت هذه الزيادة :

1 - The Bible in Basic English

2 - The Darby Translation

3 - Weymouth's New Testament

4 - Holy Bible: Easy-to-Read Version

5 - Contemporary English Version

6 - The American Standard Version

7 - The New Revised Standard Version

8 - GOD'S WORD translation

9 - The New Living Translation

10 - The New American Standard Bible

11 - The Revised Standard Version

12 - World English Bible

13 - Hebrew Names Version of World English Bible

14 - International Standard Version



النص الثالث : ورد في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس [ 13 : 14 ] قول بولس ونصه : " نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ ".

ويستخلص النصارى من هذا النص برهاناً دالاً على صحة التثليث وتساوي الأقانيم الثلاثة .



الــرد :



أولاً : لو أنني قلت " لتكن عبقرية آينشتاين وفلسفة ديكارت وقوة شوارزينجر معكم جميعاً " فهل يتطلب ذلك أن الثلاثة يندمجون في "ثالوث" ؟ هل يتطلب ذلك أن يكون آينشتاين هو ديكارت ( أو وجهاً آخر من ديكارت ) ؟ هل يتطلب ذلك أن يكون ديكارت هو شوارزينجر ( أو وجهاً آخر من شوارزينجر ) ؟

من الواضح أن النص لا يوجد ما يستدل به على أن " الله والمسيح والروح القدس هم إله واحد" !!
فإذا قال أحد القادة للجنود الذاهبين إلى الحرب " أما أنتم يا أيها الأبطال فابنوا أنفسكم على الواجب والثقة بالنفس ، مطيعين أوامر رؤسائكم، و احفظوا أنفسكم في محبة وطنكم، منتظرين رحمة الله "
هل يمكننا أن نقول أن هذا البيان يتطلب دمج الواجب مع الرؤساء مع الوطن مع محبة الله في واحد.!!؟
أو إن قال أحد للاعبي فريق كرة القدم " فليكن معكم روح الفريق و قوة المحارب و جهد الحصان وبركة الدعاء" فيكون ما سبق واحد في أربعة !؟



ثانياً : إن عبارة بولس السابق الإشارة إليها مبنية على الاعتقاد بالثالوث وليس الاعتقاد بالثالوث صادراً عنها وعن أمثالها ، بل تقرر بموجب مجمع عقد في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي .

ثالثاً : إن لفظ كلمة ( رَبِّنَا ) الوارد ذكرها في عبارة بولس سالفة الذكر ليس معناها الإله الحقيقي حتى يكون ثاني الأقانيم الثلاثة بل هي مترجمة عن الكلمة اليونانية Kurios = كيريوس ، وهي لفظة كثيراً ما تُطلق في الكتاب المقدس على غير الله سبحانه وتعالى من البشر والملائكة ، وذلك دلالة على الاعتبار والاكرام والتوقير ، فعلى سبيل المثال :

1 - جاء في سفر الاعمال 16 : 30 أن ضابط السجن خاطب بولس ورفيقه ، بكلمة : " سَيِّدَيَّ " وكلمة سَيِّدَيَّ مترجمة عن نفس الكلمة اليونانية Kurios المستخدمة في النص السابق ... فهل هذا دليل على ألوهية بولس ورفيقه ؟؟

2 - يقول فستوس في حديثه عن بولس وهو يخاطب الملك أغريباس بحسب اعمال 25 : 26 : " ولَيسَ لَدَيَّ شَيءٌ أَكيدٌ في شأنِه فأَكتُبَ بِه إِلى السَّيِّد ، ( أي القيصر ) فأَحضَرتُه أَمامَكم وأَمامَكَ خُصوصًا، أَيُّها المَلِكُ أَغْريبَّا، لأَحصُلَ بَعدَ استِجْوابِه على شَيءٍ أَكتُبُه .. " ( الترجمة الكاثوليكية - دار المشرق - 1994)

كلمة " السَّيِّد " هنا مترجمة أيضاً عن نفس الكلمة اليونانية كيريوس ... فهل هذا دليل على ألوهية جلالة القيصر ؟؟

3 - ويقول بولس في رسالته الى روما 14 : 4 : " مَن أَنتَ لِتَدينَ خادِمَ غَيرِكَ؟ أَثَبَتَ أَم سَقَط، فهذا أَمْرٌ يَعودُ إِلى سَيِّدِه = Kurios " . ( الترجمة الكاثوليكية - دار المشرق - 1994)

4 - جاء في إنجيل يوحنا 4 : 19 عن المرأة السامرية التي طلب منها المسيح عليه السلام أن تسقيه ، مما أثار تعجبها ، فقالت للمسيح : " يا ربّ، أَرى أَنَّكَ نَبِيّ " ( الترجمة الكاثوليكية - دار المشرق - 1994)

فالمرأة هنا لا تعرف المسيح ولا تؤمن به بل هي تشك حتى في مجرد أن يكون نبي ، ورغم ذلك تقول له ( يا رب ) مما يفيد ان لفظ كلمة ( رب ) كانت تستعمل في ذلك الوقت مع البشر على سبيل الاحترام .

5 - جاء في انجيل يوحنا 20 : 14 : حكاية عن مريم : " ثُمَّ التَفَتَت إِلى الوَراء، فرأَت يسوعَ واقِفاً، ولَم تَعلَمْ أَنَّه يَسوع. فقالَ لَها يسوع: لِماذا تَبْكينَ، أَيَّتُها المَرأَة، وعَمَّن تَبحَثين؟ فظَنَّت أَنَّه البُستانيّ فقالَت له: سيّدي، إِذا كُنتَ أَنتَ قد ذَهَبتَ بِه، فقُلْ لي أَينَ وَضَعتَه، وأَنا آخُذُه ..." ( الترجمة الكاثوليكية - دار المشرق - 1994)

وهنا مريم تقول للمسيح : "سيّدي " ، وهي نفس الكلمة " كيريوس" اليونانية ، فهل تقصد مخاطبته كإله ؟؟؟؟؟
بالطبع لا ... لأن مريم هنا تخاطبه وهي تظن أنه البستاني ، فهل من المعقول أنها تعتقد أن البستاني إله ، لذلك خاطبته على هذا الأساس ؟؟؟ ... بالطبع لا ..

6 - ويقول بولس عن قصة اهتدائه وهو في الطريق الى دمشق بحسب سفر اعمال الرسل 22 : 6 : " وبَينما أَنا سائرٌ وقَدِ اقتَرَبتُ مِن دِمَشق، إِذا نورٌ باهِرٌ مِنَ السَّماءِ قد سَطَعَ حَولي نَحوَ الظُّهْر، فسَقَطتُ إِلى الأَرض، وسَمِعتُ صَوتًا يَقولُ لي: شاوُل، شاوُل، لِماذا تَضطَهِدُني؟ فأَجَبتُ: مَن أَنتَ، يا رَبّ؟ فقالَ لي: أَنا يَسوعُ النَّاصِريُّ الَّذي أَنتَ تَضطَهِدُه " . ( الترجمة الكاثوليكية - دار المشرق - 1994)

فبولس أثناء هذا الموقف لم يكن يؤمن بالمسيح ولم يكن يعرف صوت الذي يناديه ، ورغم ذلك أجاب قائلاً : " مَن أَنتَ، يا رَبّ؟ ". مما يدل على ان هذه اللفظة كانت تستعمل كصيغة للتأدب في المخاطبة .

7 - ومما يؤكد ما قلناه أيضاً هو قول المسيح نفسه لتلميذين من تلاميذه بحسب لوقا 19 : 31 عندما طلب منهما احضار الحمار أو الجحش له : " فإِن سأَلَكما سائِل: لِمَ تَحُلاَّنِ رِباطَه ؟ فقولا: لأَنَّ الرَّبَّ مُحتاجٌ إِليه " . ( الترجمة الكاثوليكية - دار المشرق - 1994)

والآن لو كان المسيح رب بمعنى الإله المعبود بحق ، فهل يقول لتلميذيه قولا لمن يسألكما ان الرب محتاج ؟؟؟ وكيف سيصدق الناس ان الرب يحتاج ان لم تكن لفظة الرب هنا لا يراد منها الاله المعبود بحق كما اوضحنا ...

الى آخر الأمثلة الكثيرة الموجودة في الكتاب المقدس ...

رابعاً : إن لفظ ( يسوع ) الوارد في قول بولس السابق الإشارة إليه ليس اسماً للألقنوم اللاهوتي بل هو اسم للناسوت أي أنه اسم للطبيعة الإنسانية.

كذلك لفظ ( المسيح ) الوارد في النص المذكور هو أيضاً اسم للناسوت لأنه سمي مسيحاً لكون الله تعالى مسحه بالروح القدس ، طبقاً لما هو وارد في سفر أعمال الرسل [ 10 : 38 ] ومما لا جدال فيه أن من يحتاج أن يمسح بالروح القدس هو الناسوت ، أي المسمى بالانسان المركب من جسم وروح مخلوقين ، أما أقنوم الابن فغني عن المسح لأنه ليس أقل من الأقنوم الثالث حتى يمسح به .

خامساً: إن لفظ الروح القدس في قول بولس ليس معناه الإله حتى يكون الأقنوم الثالث ، بل يعني الموهبة القدسية ، وهي الوارد ذكرها في الأسفار الآتية :

أ - مزمور 51 : 10 : ( قلباً نقياً أخلق في يالله روحاً مستقيماً جدد في داخلي )

ب - سفر حزقيال 11 : 19 : ( وأعطيهم قلباً واحداً وأجعل في داخلكم روحاً جديداً )

ج - سفر الملوك الثاني 2 : 9 : ( فقال إليشع ليكن نصيب اثنين من روحك علي )

د - سفر دانيال 5 : 11 : ( يوجد في مملكتك رجل فيه روح الآلهة القدوسين )

وهذه الروح هي التي امتلأ منها الآتي ذكرهم :

أ - يوحنا المعمدان كما هو وارد في إنجيل لوقا 1 : 15 : ( ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس )

ب - كما امتلاً منها أبوه زكريا طبقاً لما ذكره إنجيل لوقا 1 : 67 .

ج - كما امتلأت منها أمه اليصابات طبقاً لما هو وارد في إنجيل لوقت [ 1 : 41 ]

د - وكان استفانوس مملوءاً منها كما حكاه سفر أعمال الرسل [ 6 : 5 ] و [ 7 : 55 ] .

وغيرهم كثير . . .

النتيجة :

إن ما قاله بولس ليس من البراهين على صحة التثليث ولا على تساوي الأقانيم الثلاثة .

إذ ليس فيها ذكر للأقانيم الثلاثة .

وأما المسيح فإنما ذكر بمعنى الإنسان الاعتيادي .

وأما لفظ الروح القدس فقد ذكر بمعنى الموهبة القدسية للعلة وطبقاً للنقول السابقة الاشارة إليها .



ومع هذا نحن نسأل :

هل نجد فيما قاله بولس تعليم بوحدانية الله ، وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر ، ومساواتها في الجوهر ، ونسبة أحدها إلى الآخر كما يؤمن المسيحيون ؟

الجواب كلا ثم كلا . . .


وأما زعم المسيحيون بأن الكتاب المقدس يعلمهم في موضع بأن الآب إله وفي موضع آخر أن الإبن إله وفي موضع آخر ان الروح القدس إله فيكون هذا دليل على الثالوث فنقول هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ثم نقول لهم انه بهذه الطريقة سيكون المجموع لديكم ثلاثة آلهة لثلاثة جواهر وهذا تعليم مرفوض بتاتاً . . . .

والحق كل الحق : ان التثليث بهذا المفهوم وهو وحدانية الله ، وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر ، ومساواتها في الجوهر ، ونسبة أحدها إلى الآخر، هو مفهوم لا وجود له في العهد القديم ولا الجديد بتاتاً، بل كان تقريره بهذا المفهوم نتيجة أفهام بعض رؤساء النصرانية غير المعصومين عن الخطأ في الفهم، فالتثليث هي عقيدة اجتهادية بحتة مصدرها فهم بعض الرؤساء في المسيحية، بعد ذهاب المسيح عليه السلام بمئات السنين، وكان ذلك في سنة 325 ميلادية .

وللتذكرة فإن المسيحيون يتهومننا بعدم فهم الثالوث ونوع الوحدانية التي يؤمنون بها وهذا كلام باطل فنحن المسلمون نبحث عن نص من الكتاب المقدس يثبت هذا التثليث بهذه الوحدانية وهذا المفهوم، مع ايماننا بأن هذا المفهوم لا يصمد أمام البحث والتمحيص ، ونحن قبل كل شىء أمة الدليل والبرهان الرباني . لا أمة الوحي الفلسفي الافلاطوني . .

إن ذات الله وصفاته الكمالية أزلية غير متأثرة بالزمان والمكان والأشخاص . . فقد أرسل الرب موسى وأعطاه شريعة عظيمة ومع هذا لا يوجد فيها ذكر لهذا الثالوث، وقد أرسل الرب سليمان الحكيم وأعطاه الكتاب ومع هذا لايوجد فيه ذكر لهذا الثالوث ، وقد أرسل داود وأعطاه المزامير ومع هذا لا يوجد فيه ذكر لهذا الثالوث الخ . . .

فصل :

اثبات تحريف العدد 28 : 19 من إنجيل متى وبطلان الاستشهاد به :


لا يعرف أي احد من الحواريين و التلاميذ حتى بولس نفسه هذه الصيغة بل الصيغة الواردة فى اعمال الرسل 2 : 38 هي هكذا :
(( فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس. ))
و كذلك فى اعمال 8 : 16 :
(( لانه لم يكن قد حل بعد على احد منهم. غير انهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع. ))
و الصيغة فى مرقص 16 : 15 على سبيل المثال ايضاً لا تذكر الثلاثة اقانيم المزعومة :
(( وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها .))


والمسيح على زعمهم قال النص الوارد في متى 28 : 19 أمام الاحد عشر تلميذ على الجبل فيما يمكن ان نسميه خطبة الوداع او آخر ما قاله المسيح على زعم كاتب انجيل متى و من الصعب ان نتخيل ان الاحد عشر تلميذ نسوا هذا القول المهم و الاساسى و لم يذكره احد بالمرة بعد ذلك اطلاقا .
هل تصدق جملة واحدة لم يستطع التلاميذ حفظها بل اهم جملة و آخر ما نطق به المسيح و لم ينفذها اياً تلاميذه اطلاقا ؟! .
و الخلاصة الصيغة لا تظهر فى العهد الجديد كله ابداً وكل كتبة الاناجيل والرسائل واعمال الرسل ليس عندهم علم بهذه الصيغة و لا توجد هذه الصيغة الا فى انجيل متى فقط مقحمة على السياق كما وضحت .
والكنيسة الاولى فى القرن الاول و حتى نهاية القرن الثانى لم تستعمل هذه الصيغة فى التعميد ابداً بل كان التعميد باسم المسيح فقط .
وفى كتاب ( تعليقات بيك على الانجيل ) و هو من اشهر كتب الشروح عندهم يقول بالحرف الواحد ما معناه : معظم المعلقين يشكوا ان صيغة التثليث هذه كانت اصلية عند هذه النقطة فى انجيل متى حيث انها لاتوجد فى اى مكان اخر من العهد الجديد الذى لا يعرف هذه الصيغة و يصف التعميد انه يتم باسم المسيح . كما فى اعمال 2 : 38 و 8 : 16 .
و هناك ادلة كثيرة لاقوال علماء كثيرين موجودة واقوال العلماء هذه ليست من فراغ لكن لها دراسة مستفيضة سنذكرها بايجاز فى السطور القادمة .

عندما قال بطرس فى اعمال الرسل تعمدوا باسم يسوع المسيح مباشرة بعد صعود المسيح هل نسى الصيغة التى قالها المسيح امامهم جميعاً قبل صعوده؟ بالطبع لا فهذا لا يمكن قبوله اطلاقاً فى أمر اساسى فى العقيدة مثل التعميد ولا يمكن ان يتجاهله الحواريون بعد ان سمعوه من المسيح و لا ينفذوا امره بالتعميد باسم الثالوث و يعمدوا الناس ومن بعدهم الى اكثر من قرنين باسم يسوع فقط .
ولنا ان نسأل ببساطة شديدة ايهما يجب ان يتبع النصارى فى التعميد صيغة المسيح ام صيغة بطرس و مرقص السابق ذكرهما ولا حظ ان موضوع التثليث توارى قليلاً لان كل هذه النصوص لا تثبت شيئا او تنفيه فى موضوع التثليث هذا و لاحظ ان مرقص هوالذى يعتبر المرجع لمتى من هنا ترجحت صيغة مرقص التى لا هذا النص . و حتى تزيد - اللخبطة - تأمل النص التالى من كولوسى 3 : 17 :
(( وكل ما عملتم بقول او فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به ))
هل فهمت شيئا العمل باسم يسوع الرب شاكرين الله و الاب به هل الله هو الاب ام الرب يسوع ام كلاهما و اين الورح القدس التى دائما مهملة لاهوتيا اريد من يفسر لى عبارة شاكرين الله و الاب من هما و لاحظ ان الجملة بها ثلاثة الهة الرب يسوع و الله و الاب يعنى ثلاثة اخرى غير المعتادة هل من مفسر ؟؟؟

و اليك _ أيها المتصفح الكريم _ اقوى دليل على ان هذه الصيغة مقحمة على النص الاصلى و يسمى دليل يوسيبيوس :
من هو يوسيبيوس ؟

الجواب هو ابو المؤرخين النصارى و اهمهم على الاطلاق ولد حوالى 260 و مات 340 و و كان فى قيصرية التى بها اعظم مكتبة مسيحية فى ذلك العصر التى جمعها اورجانيوس (اوريجين ) و بامفيلس و فى هذه المكتبة تحت يد يوسيبيوس كان هناك نسخ من الاناجيل اقدم بمئتى عام عن الموجود عندنا الان و يقال انه كان بها النص الاصلى للانجيل المنسوب الى متى و قرأ يوسيبيوس العدد فى متى 28 : 19 و استشهد به فى كتبه الكثيرة التى كتبها فى الفترة من 300 الى 336 و منها تعليقات و شروح على المزامير و على اشعيا و كتابه الشهير تاريخ الكنيسة و كتابه فى مدح الامبراطور قسطنطين اقول ذكر يوسيبيوس هذا العدد فى متى اكثر من مرة و للدقة ذكره 18 مرة و فى كل هذه المرات كان النص كالتالى :
" فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسمى " و لم يذكر الصيغة الثلاثية و لا مرة واحدة بل لم يتكتفى بالاستشهاد فقط بل وضح فى كتابه الذى يسمى : Demonstratio Evangelica
و شرح فيه كيف انه لم يطلب منهم فقط ان يتلمذوا جميع الامم و يعمدوهم بل باسمه و يشرح معنى وجود اسمه فى هذه العبارة . ومن الواضح بلا جدال ان كل النسخ الموجودة و التى كانت فى متناول يد يوسيبيوس و كلها غير موجودة الان لا يوجد بها الصيغة الثلاثية التى اضيفت فيما بعد .
و بالنسبة الى اوريجين و كليمنت لا يوجد اى اشارة لصيغة التثليث ايضا و الغريب ان هذا المقطع عند اوريجين كان يتوقف دائما عند كلمة الامم !!
و المرة الوحيدة التى ذكر فيها نص متى الثالوثى فى اعمال كليمنت السكندرى و لكن ليس كنص من الانجيل بل كقول قاله مبتدع روحى اسمه ثيودوتس و لا يشير الى النص القانونى و ربما ببحث اكثر يتضح ان ثيودوتس هذا هو الذى اخترع النص و بدأ ياخذ طريقه حتى وصل الى الكتاب المقدس .
و هناك شاهد اخر ليس بقوة الشهود السابقين و لكنه يدعم الفكرة انه افراتيز الاب السريانى وكتب بين اعوام 337 و 345 و كان نص متى عنده كالتالى : " فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وسوف يؤمنوا بى " و هذا قرينة اخرى تضاف للدلائل التى ذكرتها .
و الان ماذا يوجد فى التفسير الحديث للكتاب المقدس طبعة دار الثقافة يقول فى تفسير انجيل متى صفحة 462 يقول بالحرف" ان المعمودية فى عصور العهد الجديد بحسب ما جاء فى مصادرنا كانت تمارس باسم يسوع و هو امر غريب اذ ان يسوع وضع لنا صيغة ثالوث واضحة قبل صعوده .... و قيل ان هذه الكلمات لم تكن اساساً جزء من النص الاصلى لانجيل متى لان يوسيبيوس اعتاد فى كتاباته ان يقتبس متى 28 : 19 فى صيغتها المختصرة اذهبوا و تلمذوا جميع الامم باسمى "
اى ان تفسيرهم لعدم وجود النص فى كتابات يوسيبيوس انه يقول صيغة مختصرة و هذا غير منطقى لانها صيغة لا يجوز اختصارها من اى شخص حتى لو كان يوسيبيوس هذا .
و الان اليك - أيها القارىء الكريم - بعض الاقوال والادلة من العلماء الغربيين ضد هذا العدد فى متى 28 : 19 ترجمها الاخ الصارم بارك الله فيه فى منتدى الدعوة .
مجموعة من الأدلة ضد النص التراثي لمتى 28 - 19.- كتبه ( كلينتون دي ويليس )
{متى 28: 19 فاذهبوا وتلمذوا (وعمدوا) جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.}
- موسوعة الأديان والأخلاق :
قالت الموسوعة على ما جاء في متى 28: 19:
إنه الدليل المركزي على وجهة النظر التراثية للتثليث.
إن كان غير مشكوك، لكان بالطبع دليلاً حاسماً، ولكن كونه موثوقاً أمر مطعون فيه على خلفيات نقد النصوص والنقد الأدبي والتاريخي.
ونفس الموسوعة أفادت أن :
إن التفسير الواضح لصمت العهد الجديد عن اسم الثالوث واستخدام صيغة أخرى (بإسم المسيح في أعمال الرسل وكتابات بولس، هو (أي التفسير) أن هذه الصيغة كانت متأخرة، وأن صيغة التثليث كانت إضافة لاحقة.
{ يشير الكاتب إلي الصيغة التي وردت في أعمال الرسل ورسائل بولس ومن مثلها :
(أعمال 8)12 ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالامور المختصة بملكوت الله "وباسم يسوع المسيح اعتمدوا" رجالا ونساء.
(كورنثوس1 1)2 الى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون "باسم ربنا يسوع المسيح" في كل مكان لهم ولنا. وغيرها ولا وجود إطلاقاً لصيغة التثليث في متى}.

- إدموند شلنك، مبدأ (عقيدة) التعميد (صفحة 28) :
صيغة الأمر بالتعميد الوارد بمتى 28: 19 لا يمكن أن يكون الأصل التاريخي للتعميد المسيحي. وعلى أقل تقدير، يجب أن يفترض أن هذا النص نـُـقِـلَ عن الشكل الذي نشرته الكنيسة الكاثوليكية.

- تفسير العهد الجديد لتيندال،( الجزء الأول، صـ 275):
إن من المؤكد أن الكلمات "باسم الأب والإبن والروح القدس" ليست النص الحرفي لما قال عيسى، ولكن ... إضافة دينية لاحقة.

- المسيحية، لويلهيلم بويست و كيريوس(صـ 295) :
إن الشهادة للإنتشار الواسع للصيغة التعميدية البسيطة [باسم المسيح] حتى القرن الميلادي الثاني، كان كاسحاً جداً برغم وجود صيغة متى 28: 19 لتثبت أن الصيغة التثليثية أقحمت لاحقاً.

- الموسوعة الكاثوليكية، (المجلد الثاني، صـ 236) :
إن الصيغة التعميدية قد غيرتها الكنيسة الكاثوليكية في القرن الثاني من باسم يسوع{عيسى} المسيح لتصبح باسم الأب والإبن والروح القدس.

- قاموس الكتاب المقدس لهاستينج،(طبعة 1963، صـ 1015):
الثالوث. - ... غير قابل للإثبات المنطقي أو بالأدلة النصية {لا معقول ولا منقول}، ... كان ثيوفيلوس الأنطاكي (180م) هو أول من استخدم المصطلح "ثلاثي"، ... (المصطلح ثالوث) غير موجود في النصوص.
النص التثليثي الرئيسي في العهد الجديد هو الصيغة التعميدية في متى 28: 19 ... هذا القول المتأخر فيما بعد القيامة غير موجود في أي من الأناجيل الأخرى أو في أي مكان آخر في العهد الجديد، هذا وقد رآه بعض العلماء كنص موضوع في متى. وقد وضح أيضاً أن فكرة الحواريين مستمرين في تعليمهم، حتى أن الإشارة المتأخرة للتعميد بصيغتها التثليثية لربما كانت إقحام لاحق في الكلام.
أخيراً، صيغة إيسوبيوس للنص (القديم) كان ("باسمي" بدلاً من اسم الثالوث) لها بعض المحامين.(بالرغم من وجود صيغة التثليث الآن في الطبعات الحديثة لكتاب متى) فهذا لا يضمن أن مصدرها هو من التعليم التاريخي ليسوع. والأفضل بلا شك النظر لصيغة التثليث هذه على أنها مستمدة من الطقس التعميدي للمسيحيين الكاثوليكيين الأوائل ربما السوريون أو الفلسطينيون، وعلى أنها تلخيص موجز للتعاليم الكنسية الكاثوليكية عن الآب والإبن والروح... .

- موسوعة شاف هيرزوج للعلوم الدينية:
لا يمكن أن يكون يسوع قد أعطى الحواريين هذا التعميد الثالوثي بعد قيامته - فالعهد الجديد يعرف صيغة واحدة فقط للتعميد باسم المسيح(أعمال 2: 38، 8: 16، 10: 43، 19: 5 وأيضاً في غلاطية 3: 27، رومية 6: 3, كورنثوس1 1: 13-15)، والتي بقيت موجودة حتى في القرنين الثاني والثالث بينما الصيغة التثليثية موجودة في متى 28: 19 فقط، وبعد هذا فقط في ديداش 7: 1، وفي جوستين و أبو1 1: 16.... أخيراً, الطبيعة الطقسية الواضحة لهذه الصيغة ... غريبة، وهذه ليست طريقة يسوع في عمل مثل هذه الصياغات ... وبالتالي فالثقة التقليدية في صحة (أو أصالة) متى 28: 19 يجب أن تناقش.( صـ 435).

- كتاب جيروزاليم المقدس، عمل كاثوليكي علمي، قرر أن:
من المحتمل أن هذه الصيغة، ( الثالوثية بمتى 28: 19) بكمال تعبيرها واستغراقها، هي انعكاس للإستخدام الطقسي (فعل بشري) الذي تقرر لاحقاً في الجماعة (الكاثوليكية) الأولى. سيبقى مذكوراً أن الأعمال {أعمال الرسل} تتكلم عن التعميد "باسم يسوع،"... .
- الموسوعة الدولية للكتاب المقدس، المجلد الرابع، صفحة 2637، وتحت عنوان "العماد{Baptism}" قالت:
ماجاء في متى 28: 19 كان تقنيناً {أو ترسيخاً} لموقف كنسي متأخر، فشموليته تتضاد مع الحقائق التاريخية المسيحية، بل والصيغة التثليثية غريبة على كلام يسوع.

- جاء في الإصدار المحقق الجديد للكتاب المقدس (NRSV) حول متى 28: 19 :
يدعي النقاد المعاصرين أن هذه الصيغة نسبت زوراً ليسوع وأنها تمثل تقليداً متأخراً من تقاليد الكنيسة (الكاثوليكية)، لأنه لا يوجد مكان في كتاب أعمال الرسل (أو أي مكان آخر في الكتاب المقدس) تم التعميد باسم الثالوث... .

- ترجمة العهد الجديد لجيمس موفيت:
في الهامش السفلي صفحة 64 تعليقاً على متى 28: 19 قرر المترجم أن:
من المحتمل أن هذه الصيغة، ( الثالوثية بمتى 28: 19) بكمال تعبيرها واستغراقها، هي انعكاس للإستخدام الطقسي (فعل بشري) الذي تقرر لاحقاً في الجماعة (الكاثوليكية) الأولى. سيبقى مذكوراً أن الأعمال {أعمال الرسل} تتكلم عن التعميد "باسم يسوع، راجع أعمال الرسل 1: 5 ".

- توم هاربر:
توم هاربر، الكاتب الديني في تورنتو ستار {لا أدري إن كانت مجلة أو جريدة أو ...} وفي عموده "لأجل المسيح" صفحة 103 يخبرنا بهذه الحقائق:
كل العلماء ما عدا المحافظين يتفقون على أن الجزء الأخير من هذه الوصية [الجزء التثليثي بمتى 28: 19 ] قد أقحم لاحقاً. الصيغة[التثليثية] لا توجد في أي مكان آخر في العهد الجديد، ونحن نعرف من الدليل الوحيد المتاح [باقي العهد الجديد] أن الكنيسة الأولى لم تـُـعـَـمـِّـد الناس باستخدام هذه الكلمات ("باسم الآب والإبن والروح القدس")، وكان التعميد "باسم يسوع مفرداً". وبناءاً على هذا فقد طـُـرِحَ أن الأصل كان "عمدوهم باسمي" وفيما بعد مـُـدِّدَت [غـُـيّـِـرَت] لتلائم العقيدة [التثليث الكاثوليكي المتأخر]. في الحقيقة، إن التصور الأول الذي وضعه علماء النقد الألمان و الموحدون أيضاً في القرن التاسع عشر قد تقررت وقـُـبـِلـَت كخط رئيسي لرأي العلماء منذ 1919 عندما نـُـشِرَ تفسير بيك {Peake}:"الكنيسة الأولى (33 م) لم تلاحظ الصيغة المنتشرة للتثليث برغم أنهم عرفوها. إن الأمر بالتعميد باسم الثلاثة [الثالوث] كان توسيعاً {تحريفاً} مذهبياً متأخراً".

- تفسير الكتاب المقدس 1919 صفحة 723:
قالها الدكتور بيك {Peake} واضحة:
إن الأمر بالتعميد باسم الثلاثة كان توسيعاً {تحريفاً} مذهبياً متأخراً. وبدلاَ من كلمات التعميد باسم الب والإبن والروح القدس، فإنه من الأفضل أن نقرأها ببساطة - "بإسمي.".

- كتاب اللاهوت في العهد الجديد أو لاهوت العهد الجديد:
تأليف آر بولتمان، 1951، صفحة 133، تحت عنوان كيريجما الكنيسة الهلينستية والأسرار المقدسة. الحقيقة التاريخية أن العدد متى 28: 19 قد تم تبديله بشكل واضح وصريح. "لأن شعيرة التعميد قد تمت بالتغطيس حيث يـُـغـَـطـَس الشخص المراد تعميده في حمام، أو في مجرى مائي كما في يظهر من سفر الأعمال 8: 36، والرسالة للعبرانيين 10: 22، .. والتي تسمح لنا بالإستنتاج، وكذا ما جاء في كتاب ديداش 7: 1-3 تحديداً، إعتماداً على النص الأخير [النص الكاثوليكي الأبوكريفي] أنه يكفي في حال الحاجة سكب الماء ثلاث مرات [ تعليم الرش الكاثوليكي المزيف] على الرأس. والشخص المـُـعـَـمِّـد يسمي على الشخص الجاري تعميده باسم الرب يسوع المسيح، " وقد وسعت [بُـدِّلـَـت] بعد هذا لتكون باسم الأب والإبن والروح القدس.".

- كتاب عقائد وممارسات الكنيسة الأولى:
تأليف دكتور. ستيوارت ج هال 1992، صفحة 20 - 21. ألأستاذ{بروفيسر} هال كان رسمياً أستاذاً لتاريخ الكنيسة بكلية كينجز، لندن انجلترا. دكتور هال قال بعبارة واقعية أن التعميد التثليثي الكاثوليكي لم يكن الشكل الأصلي لتعميد المسيحيين، والأصل كان معمودية اسم المسيح. " باسم الأب والإبن والروح القدس "

- الجامعة الكاثوليكية الأمريكية بواشنطن، 1923، دراسات في العهد الجديد رقم 5:
الأمر الإلهي بالتعميد تحقيق نقدي تاريخي. كتبه هنري كونيو صـ 27.:
"إن الرحلات في سفر الأعمال و رسائل القديس بولس هذه الرحلات تشير لوجود صيغة مبكرة للتعميد باسم الرب {المسيح }". ونجد أيضاً:"هل من الممكن التوفيق بين هذه الحقائق والإيمان بأن امسيح أمر تلاميذه أن يعمدوا بالصيغة التثليثية؟ لو أعطى المسيح مثل هذا الأمر، لكانت يجب على الكنيسة الرسولية تتبعه، ولكنا نستطيع تتبع أثر هذه الطاعة في العهد الجديد. ومثل هذا الأثر لم يوجد. والتفسير الوحيد لهذا الصمت، وبناءاً على نظرة غير متقيدة بالتقليد، أن الصيغة المختصرة باسم المسيح كانت الأصلية، وأن الصيغة المطولة التثليثية كانت تطوراً لاحقاً".

الشهادات التى لم أترجمها هي للمصادر التالية وهي لا تضيف للحجج الماضية شيئاً:
1- A History of The Christian Church:
1953 by Williston Walker former Professor of Ecclesiastical History at Yale University
2- Catholic Cardinal Joseph Ratzinger:
3- "The Demonstratio Evangelica" by Eusebius:
Eusebius was the Church historian and Bishop of Caesarea




وصلي اللهم على عبدك ورسولك محمد خاتم الرسل . . .???=============================================================================?((((((( التثليث وثلاثيات الطبيعة))))))))))))))))))))))



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه وبعد :

فإن بعض المفكرين المسيحيين يحاولون الاستدلال على صحة التثليث من خلال الاستشهاد بما في الطبيعة من ثلاثيات ، فمثلا نجدهم يقولون :

- المادة غازية وسائلة وصلبة ، المادة واحدة والموجودة ثلاث أحوال .

- الشمس واحدة ، تعطي ضوءاً ودفئاً وحرارة .

- للإنسان عقل وروح وجسد .

- الزمن واحد ولكن بثلاثة أحوال ، ماضي وحاضر ومستقبل .

- مراحل العمر ثلاثة : طفولة وشباب وشيخوخة .

- عظام الإصبع ثلاثة والإصبع واحد .

أليست هذه الثلاثيات المتكررة دليلاً على ثالوث الله الواحد متمثلاً في الطبيعة ؟

وللأسف فإن هذا خداع وتضليل منهم للعوام البسطاء ، ويكفي للرد عليهم ان نقول :

- الأسبوع سبعة أيام .

- مدارات الذرة سبعة .

- البحور سبعة .

- السموات سبع .

- ألوان الطيف سبعة.

- عظام الرقبة سبعة

- السلم الموسيقي سبع نغمات .

- واسرار الكنيسة سبعة ... الخ

فهل يدل هذا على أن الله الواحد ذو سبعة أقانيم ؟

لقد كان العدد ( سبعة ) عددا مقدساً عند جميع الشعوب السامية ، وخاصة عند العبرانيين . وكان يرمز إلى التمام والكمال ، فعدد أيام الأسبوع سبع . وحذر الله نوحا قبل الطوفان ، ثم قبل نزول المطر بسبعة أيام . (تكوين 7 : 4 : و8 : 10 و12) وكان عدد الحيوانات الطاهرة التي دخلت الفلك سبعة (تكوين 7 : 2) وأول يوم أشرق بالصحو هو اليوم السابع ، وفي حلم فرعون الذي فسّره يوسف كان عدد البقرات والسنابل سبعة. (تكوين41 : 2 – 7) . وكان اليهود يحتفلون باليوم السابع للعبادة ، وبالسنة السابعة . وكانت سنة اليوبيل عندهم سبع سنين سبع مرات. وكانت أعياد الفطير والمظال تدوم سبعة أيام ، وكانت الذبائح فيها سبعة . وكذلك كانت تدوم حفلات الزواج والمآتم سبعة أيام . وكتب يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا إلى سبع كنائس ، ورأى سبع منائر ، وسبعة أرواح ، وسبعة ختوم ، وسبعة أبواق ، وسبعة رعود ، وسبع جامات ..

هل يعقل أن نفكر بمثل هذا المستوى ؟!

على كل حال :

ليست مواد الطبيعة كلها ثلاثية الأحوال ، فالشمس تعطي ضوءاً ودفئاً فقط ، والحرارة ماهي إلا مقياس لدرجة الدفء ، ثم ألم يخطر ببال هؤلاء لماذا لا تضيء الشمس الكون ما بين الشمس والأرض ، ولماذا الحرارة في مناطق أقرب للشمس من الأرض تكون تحت تجمد الماء بخمسين درجة ، أين فاعلية الشمس هناك ؟ أن الموضوع ليس بالبساطة المطروحة .



ـ وعن تقسيمهم للزمن ، أما سمعوا عن أشخاص يعيشون حاضرهم فقط ، وليس في حسبانهم ماض ولا مستقبل ، أو يعيشون الماضي فقط ، فهل لدي هؤلاء ثلاثة مراحل للزمن .

حتى أن بعض الفلاسفة ينكرون الزمن الحاضر ، ويفسرون ذلك بقولهم إننا عندما نقول : إننا نفعل الآن شيئاَ ما ، نكون في الحقيقة متكلمين عن فعل إما انتهى زمنه منذ زمن قصير جداً ، أو إننا سنتابع فعله بعد الانتهاء من الكلام ، لذلك نعدُّ الزمن المستقبل ، ملتقيا بالزمن الماضي في لحظة طولها يتناهي إلي الصفر ، نسميها جدلاً الزمن الحاضر .

ـ هل تجمع الطفولة والشباب والشيخوخة في شخص واحد في آن معا ؟ فكيف يُضرب هذا مثلاً ليكون برهاناً على قولهم إن الأقانيم الثلاثة موجودة في آن واحد ، في وحدة توحيدية واحدة ؟

ـ هل الماء نفسه صلب وسائل وبخار ، في آنٍ واحدٍ كما يقولون عن الأب والابن والروح القدس ؟ .

ـ مثال الإصبع والعظام الثلاثة ، العظام أجزاء الإصبع الواحد ، فهل الأب والابن والروح القدس أجزاء للجوهر الواحد كما يقولون ؟.

ألا ترى أخي القارىء ان ما يقوله هؤلاء هي محاولة للتلاعب بالكلام فقط لاجتذاب العاطفيين من المؤمنين ؟

ـ الم تبدأ (سيمفونية بيتهوفن) الخامسة (القدر) بثلاثة ضربات صدى ؟

هل هذا دليل تثليث موحّدٌ بالصدى ؟

ـ الا يقول المثل : "الثالثة ثابتة" .

هل هذا دليل تثليث أقانيم الله ؟



أليست مثل هذه الأدلة والأدلة المعاكسة أبعد ما تكون عن العلم والمنطق؟

يقول الدكتور القس فايز فارس مأكداً رفضه لكل هذه التشبيهات التي أوردها بعض المسيحيين ويقرر بطلانها : (( حاول البعض أن يقربوا إلي الاذهان فكرة الثالوث مع الوحدانية باستخدام تشبيهات بشرية فقالوا على سبيل المثال : إننا نتحدث عن الشمس فنصف قرص الشمس البعيد عنا بأنه ( شمس ) ونصف نور الشمس الذي يدخل إلي بيوتنا بأنه ( شمس ) ونصف حرارة الشمس التي تدفئنا بأنها ( شمس ) ومع ذلك فالشمس واحدة لا تتجزأ وهذا عند الشارحين يماثل الأب الذي لم يره أحد قط والابن الذي هو النور الذي أرسله الأب إلي العالم ، والروح القدس الذي يلهب حياتنا ويدفئنا بحياة جديدة . وقال آخرون : إن الثالوث يشبه الإنسان المركب من جسد ونفس وروح ومع ذلك فهو واحد ، والشجرة وهي ذات أصل وساق وزهر . على أن كل هذه الأمثلة لا يمكن أن تفي بالغرض بل إنها أحياناً تعطي صورة خاطئة عن حقيقة اللاهوت . فالتشبيه الأول الخاص بالشمس لايعبر عن الثالوث لأن النور والحرارة ليست شخصيات متميزة عن الشمس ، والإنسان وإن صح أنه مركب من نفس وجسد وروح لأن الرأي الأغلب هو أنه من نفس وجسد فقط وتشمل النفس الإنسانية ما يطلق عليه الروح وعلى افتراض أنه ثلاثي التركيب فإن هذه الثلاثة ليست جوهراً واحداً بل ثلاثة جواهر . وفي المثال الثالث فإن الأصل والساق والزهر هي ثلاثة أجزاء لشيء واحـد )) أ. هـ

التثليث من الناحية المنطقية :



1- مفهوم التثليث الأساسي :

يقول المثلثون : إن المسيطر على الكون هو واحد يتكون من ثلاثة أقانيم ، هي أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم الروح القدس ، إله واحد من جوهر واحد ، وطبيعة واحدة أزلية أبدية .

وبما أن الأب أقنوم أزلي واجب الوجود ، ما وجد زمان لم يكن فيه الأب ، ولن يكون زمان لن يكون فيه الأب ، ولهذا يلزم قبول الصفات نفسها للابن ، ومثلها للروح القدس ، ويلزم قبول القول بأن الأقانيم الثلاثة واجبة الوجود ، أزلية ، ما وجد زمان لم تكن فيه ، ولن يكون زمان لن تكون فيه.

ونحن نسألهم : كيف استطعتم تمييز الأب عن الابن وعن الروح القدس .

فيقول أحدهم : بالصفات ، فالأب هو المفكر ، والابن هو المنفذ الخالق ، والروح القدس هو الجامع الهادم .

فنقول : ولكن أية صفة موجودة في الابن والروح القدس ، وغير موجودة في الأب ، هي انتقاص لإطلاق صفات الأب ، وهذا مرفوض فتسقط التجزئة .

فيقول القائل : ولكنهم في الوقت نفسه مجتمعون ببعض ، يشكلون وحدة واحدة هو الله الواحد .

فنقول : أي إن الأب هو جزء من الواحد .

فإن قال : لا ، هو الكل . يكون قد ناقض نفسه .

وإن قال : نعم . يكون قد ناقض إطلاق الصفات الإلهية ، فيسقط التثليث .

ويصل بنا إلي طريق مسدود ، فتسقط التجزئة أيضاً ويبقي الله الواحد ، ويكون ما سُميّ الابن (الخالق) وما سُميّ الروح القدس (الجامع الهادم) ما هي إلا صفة من الصفات الإلهية ، فالله الأول المنفذ الخالق والله الحافظ والله الجامع الهادم والله الهادم والله القادر المبدع والعليم والله الغفور… إلخ

2- الانبثاق والمساواة :

نطرح المناقشة بطريقةٍ أخرى فنقول: إن إطلاق الأب لا نقاش فيه فيبقى الابن والروح القدس ، ولنناقش الابن :

أ‌- إما أن يكون الابن مساوياً للأب .

فنقول : لكن هذا يلزم وجوب وجوده ، فينتج عنه أكثر من واجب وجود واحد وهذا مرفوض ، فتسقط المساواة .

ب‌- أو يكون منبثقا عن الأب كما تنبثق الشعلة عن الشعلة فلا ينقصه .

فنقول وهذا يلزم تخلف الابن عن الأب بالرتية . فيسقط التساوي .

ثم ما أدراهم أيهما الأصل بعد الانبثاق ، إذا كانت الشعلة كالشعلة ؟ فيسقط التمييز .

وكيف يعرفون أيهما الأب وأيهما الابن ، إذا كانت الشعلة كالشعلة . فيسقط التعدد .

إذن سقط التساوي الزمني ، وسقطت المساواة وسقط الانبثاق ، وسقط التمييز ، وسقط التعدد ، فسوف يسقط (مسمى الابن) ، ويبقى (معنى الابن) بصفته ، حيث قيل إن به خُلقت الأشياء ، فتكون صفة الخلق هي إحدى صفات الله ، وتعدد الصفات لا يلزمه تعدد الأقانيم ، وإلا كانت الأقانيم بعدد الصفات وليست ثلاثة فقط .

فتبقي الذات الإلهية الواحدة ، بصفات إلهية متعددة متحدة اتحاداً لا امتزاج فيه ، ولا خلط ، فالخلق يصدر عن حكمة ورأفة وشدة … إلخ ، والشدة إن صدرت فعن رحمة وحكمة .. إلخ ، وهكذا ، فمجموع الصفات الإلهية مع الذات الإلهية : هو الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد .

3 - المشيئة والتثليث:

كما يمكننا مناقشة إمكانية التثليث من ناحية المشيئة أيضاً . فنقول :

أ- إما أن يكون الانبثاق علّةً بالطبع (أي دون إرادة) ، فيكون الابن مساوياً زمنياً للأب ومن جوهره أيضاً ، وهذا ينفي صفة الإرادة والمشيئة عن الله ، وهو أمر مرفوض .فيسقط الانبثاق بعلّة الطبع،ويسقط التثليث .

ب- أو أن يكون الانبثاق عن مشيئة وإرادةٍ ، عندما يكون الابن ممكن الوجود وليس واجب الوجود ، أي وُجد زمانٌ لم يكون فيه الابن ثم كان . أي أن الابن مخلوق ، ومنه لا يمكن أن يتساوى المخلوق والخالق ، فيسقط الانبثاق عن مشيئة وإرادة ، ويسقط التثليث .

4- الروح القدس والتثليث:

أ‌- يقولون : الروح القدس مساوي للأب ومنبثق عنه .

فنقول : نحيلكم إلي مناقشة مساوية لمناقشة الابن ، ونضيف : إن هذا الانبثاق يجعله في رتبة الابن ، الذي (انبثق) أيضاً عن الأب – كما يقولون – وهناك احتمالان :

أ / 1- إما أن الانبثاق عن الأب حصل بعد تراخ زمني ، فيكون الأب متقدماً بالرتبة ، وهذا مرفوض على واجبي الوجود ، فيسقط التساوي ، وهذا مرفوض . ويسقط الانبثاق مع التراخ الزمني . فيسقط التثليث .

أ / 2 _ أو أن انبثاق الروح عن الأب حصل دون تراخٍ زمني ، عندها تكون المشكلة أكبر ، إذ يلزم من ذلك وجود واجبي وجود ، وهذا مرفوض فيسقط الانبثاق دون تراخٍ زمني ، ويسقط التثليث

ب‌- ويقولون : أن الروح القدس أنبثق عن الأب والابن معاً .

فنقول : وهل الروح القدس أجزاء ، انبثق بعضها عن الأب وبعضها عن الابن ؟ فإن قالوا : نعم . تسقط عنه الألوهية ، لأن الإله لا يتجزأ .

وإن قالوا : لا

نتساءل كيف ينبثق الواحد الكل عن مصدرين ؟ فيسقط الانبثاق .

فإذا اضفنا إلي ما سبق سقوط التساوي الزمني للروح القدس ، حسب مناقشةٍ مماثلة للابن ، فتسقط أًُلوهية الروح القدس ، وتبقى المخلوقية ، فيسقط التثليث .

وأن قالوا : لا . لم ينبثق عن الاثنين .

نقول : ناقضتم أنفسكم إذ تقولون أن الابن انبثق عن الأقنوم الثالث (الروح القدس) فيسقط التثليث ، وينتصر التوحيد .

5- الجوهر والأقنوم في التثليث:

يقولون في التثليث: الأب والابن والروح القدس جوهر واحد وثلاثة أقانيم.

فنقول : هذا يعني أن الجوهر غير الأقنوم ، وفيه ما ليس في الأقنوم ، وهذا يعني تجزئة الواحد إلي اجزاء متغايرة ، وهو يعارض إطلاق الألوهية ، وتوحيدها ، فيسقط التثليث .

إن قال أحدهم : أن الجوهر هو الأقنوم .

فنقول إذن سيكون التثليث :

ـ إما ثلاثة جواهر وثلاثة أقانيم ، وهذا مخالف للتعريف ، وبالتالي فهو مرفوض ، لأنكم تقولون : الله جوهر واحد .

ـ أو جوهر واحد وأقنوم واحد ، فيسقط التثليث .

6- العلة والمعلول في التثليث:

مقولة أن الأب والابن والروح القدس ، هي مقولة مرفوضة . لأنه معلوم أن العلة تظهر بمعلولها (فلا مرض دون مريض ، ولاحرارة دون مادة) ، أي إن المعلولين هما المظهران للعلة . كما أن تلازم العلة والمعلول يلزم قدم الأب والابن والروح القدس ، أي ثلاثة واجبوا الوجود . وهذا مرفوض للأسباب ناقشناها سابقا .

وإن قالوا : كان واجب وجود واحد هو الله ، ولم يكن الابن ولا الروح القدس ، ثم انبثقنا عن الأب القديم مباشرة .

نقول : إذن يسقط التساوي ، ويسقط التثليث .

ونقول أيضاً : إن ما تقولونه يعني أن القديم قابل للحدوث عليه ، وهذا مرفوض ، فيسقط التثليث .

7- الانبثاق على سبيل الفعلية أو على غير سبب الفعلية:

لا بُدَّ من أن يكون الانبثاق :

أ- إما على سبيل الفعلية (أي أنهما فعلان) ، وهذا يثبت كونهما حادثين من جملة حوادث العالم ، أي هما مخلوقان . فيسقط التثليث.

ب- أو على غير سبب الفعلية ، وهذا يعني القول بالأزلية ، فنعود لثلاثة كلٌ منهم واجب الوجود ، وهذا سبق مناقشته وهو مرفوض ، فيسقط التثليث .







ويبقى الله الواحد الأحد الفرد الصمد ..



من كتاب البحث عن الحقيقة للمهندس / محمد عصام بتصرف

masry يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((((حقيقة الكتاب المقدس)))))))))))))))))))


تولى رئاسة التحرير جان شورر راعي كاتدرائية بجنيف

إدعت الكنيسة الكاثوليكية رسمياً في الإحتفال الديني المنعقد بتاريخ 18 نوفمبر 1965 مُتهمة الوحي الإلهي بقولها : إن الكتاب المقدس قد أوحي به الله (أي ترجع أصوله إلى الله) وإن كل جزء فيه مقدس وقانوني [أي تعتراف الكنيسة بقدسيته] ، "وقد كتبت كل أجزائه بوحى من الروح القدس " . لذلك فإن الكتاب المقدس صالح للتعليم " بكل تأكيد وأمانة ولا يحتوي على (أدنى) خطأ " .

ويَعْـلم ويُعلَّم هذا عن الكتاب المقدس 550 مليون كاثوليكي، وهو تعصب ديني تشتهر به هذه الكنيسة، ومما يزيد الأسف أن هؤلاء الذين ألفوا هذا الدستور وقرروه ويعلمونه للشعب ، كلهم دون استثناء يعلمون جيداً المحتوى الحقيقي للكتاب المقدس الأمر الذى سيتضح بعد ذلك .

ويُعد الشك في قدسية هذا الكتاب (المقدس) وأنه نزل كله بوحي إلهي صحيح وأنه يخلوا تماماً من أى خطأ ذنباً من الذنوب التي تستوجب عقوبة الإعدام في عُرف القائمين على شئون المذهب الكاثوليكي .

والأمر يختلف في البروتستانتية الكنسية بصورة ليست بكبيرة ، وسـيتضح فيما بعد أن علم اللاهوت عند البروتسـتانت يتمتع بحرية كـبيرة بشكل عام ، حيث يصرح السواد الأعظم من علمـاء اللاهوت وقساوسته ويؤكدون أن الكتاب المقدس بكل تأكيد من تأليف البشـر كما يحتوي على كثير من الأخطاء والتناقضات ونقاط الضعف . على الأخص إذا ما حاورتهم كقارئ ومُطّلع أو إذا ضيقت الخناق عليهم - وهذا ضروري للحصول على تصريح أمين .

أما على الصعيد الرسمي وخاصة على المنابر وأمام الشعب في الكنيسة وفي المحاضرات الرسمية يتظاهر الكل تقريباً، وخاصة الجيل الأقدم، كما لو كان هذا الكتاب ليس كتاباً بشرياً، وكما لو كانت كل كلمة فيه من وحي الله، وهو نفس ماأعلنته الكنيسة الكاثوليكية في الإحتفال السابق ذكره وتنادى به حتى اليوم .

وقد تم عرض ملحق علمي لطبعة تسفنجلي الحديثة من الكتاب المقدس، ولم يسمح له بالنشر، إلا أنه بعد (30) عاماً من ظهور هذه الطبعة سألت عن عدم طباعة هذا الملحق مع الكتاب المقدس، وجائتني الإجابة بأن ذلك سيفقد الشعب [ النصراني ] إيمانه بالكتاب المقدس إذا ما علم بكل محتوى ذلك الملحق، كما أخبرني أحد أساتذة اللاهوت قائلاً : أليس من الذكاء سلب الشعب [ النصراني ] هذا الإيمان الساذج بالكتاب المقدس ، إذا كان هذا بالطبع سيسره ؟

لذلك يدور تقريباً كل القساوسة في الكنيسة بطريقة ما حول حقيقة الكتاب المقدس بإعطاء أنصاف إجابات، وإجابات أخرى تحمل أكثر من معني، كما اعتادوا استخدام لفظ " كلمة الله " بصورة كبيرة، عسى أن يتمكنوا بذلك من إبقاء الشعب [ النصراني ] أسير هذا الإيمان - الساذج - السابق ذكره - بالكتاب المقدس .

يقول Schmidt W. صفحة 33 " إن نتائج فحص الكتاب المقدس (علم الكتاب المقدس) لم يخرج ( لليوم ) عن منصة الخطابة أو المنبر، ولا عن قاعات المحاضرات الدينية والمحاضرات التعليمية [البروتستانتية] ، الأمر الذي يحزن عدد لا يحصى من القساوسة حزناً عميقاً."
ويؤكد القس شورر: " أن الأغلبية العظمى من اللاهوتيين والقساوسة يخاطبون قومهم عن الكتاب المقدس بطريقة تدعو إلى القول بأنه لم يوجد مؤرخون قط من ذوي العلم ."

ويكتب إلينا أحد قساوسة كنيسة بلدة زيورخ قائلاً : " إن الطريق ( لتقييم يطابق حقيقة الكتاب المقدس ) قد بدأ في مطلع هذا القرن ..... وعدم استخدام اللاهوتيين هذا التقييم لجريمة تجاه البشرية تشين جباههم.

وأعلنت الدكتورة مارجا بوريج مديرة مركز إجتماعات بولدرن لكنيسة البلدية الإنجيلية في إحدى محاضراتي التي ألقيتها في اللقاء المنعقد في شهر مايو1972 قائلة: " إنه لذنب كبير يقترفه اللاهوتيين تجاه أمتهم بتكتمهم هذه المعلومات (الخاصة بنقد نصوص [الكتاب المقدس]) عن أمتهم مدة طويلة ، إلا أن هذا لم يك شيئاً جديداً . " ( راجع تقرير الإجتماع صفحة 46 ) .

كما أعلن اللاهوتي ماكس أولرش بالزيجر في كتابه " المسيحية الحرة " الصادر بتاريخ 1979 صفحة 231 وما بعدها قائلاً : " من البديهي أن نتكلم عن أزمة الكنيسة، لكن هل سمع أحد في الأونة الأخيرة عن أزمة فهم الكتاب المقدس؟ فمنذ زمن بعيد وتتفاقم مثل هذه الأزمة، وينتج عنها الكثير من المشاكل التي يمكن السيطرة عليها في كنيستنا التي تطلق على نفسها " كنيسة الكلمة ".

هذا وقد كان وما زال نقد الكتاب المقدس يُعد من الكبائر المحرمة ، ولم تنجح لليوم محاولة نشر الأبحاث الناتجة عن فحص الكتاب المقدس فحصاً علمياً على شعب الكنيسة لتعميق فهمه لديهم . فمن المسلم به أن المرء لم يَسْعَ جاهداً لتحقيق هذا، حيث كان هناك تشبث بالرأي يؤكد أن هذا سيؤدي فقط إلى البَلْبلَة .

وربما يرجع ذلك أيضاً إلى التحرك السريع نسبياً من جانب السلطات الكنسية وهيئاتها للهروب من المشاكل الأساسية التي تتعلق بالكتاب المقدس والتى لاتنتهى. "

ونقلاً عن مقال لإرنست فالتر شميث في كتاب "النصرانية الحرة" لعام 1977 صفحة 67، فقد أعلن عالم اللاهوت المعروف ميشكوفسكي قائلاً: " هناك فجوة كبيرة راسخة منذ عشرات السنين بين اللاهوت العلمي وخطب الكنيسة، حيث يعهد لقساوستنا في المحاضرات اللاهوتية بالنقد الحديث لنص الكتاب المقدس. مع علمهم أن إنجيل يوحنا على سبيل المثال يُعد وثيقة للاهوت الكنيسة القديمة ولا يُعد مصدراً لحياة يسوع ، إلا أنهم يرددون في خطبهم كلمات يسوع لإنجيل يوحنا دون أدنى حد من النقد ، وكذلك نراهم أيضاً قد غضوا أطرافهم أثناء التعميد عن قراءة " أمر تعميد " يسوع والذي تعلموا عنه أنه شيء غير حقيقي . "

وفي النهاية يقرر شميث أيضاً أنه ينبغي على الكنائس إظهار الشجاعة والتمسك بأن الكتاب المقدس ليس هو الكتاب الذي يجب أن ننفق في سبيله بدلاً من التعتيم الدائم للحقائق الواضحة وطمسها ( صفحة 51 ) .

ونحن نفهم هذه المراوغة بصورة لا تقل عن إقتناعنا الراسخ بأن الكنيسة لن تُضار مطلقاً عند إعلان حقيقة الكتاب المقدس على الشعب [ النصراني ] ، بل إنها سترفع إيمان [الشعب بها] بصورة أكبر . وكذلك لن يفقد الكتاب المقدس شيئاً من قيمته ، بل على النقيض من ذلك فإن هذا سوف يزيد من أهميته بصورة قُصوى .

وليس أقل من أن يطالب الأسقف الأنجليكاني جون روبنسون الكنائس بقلب الأوراق على المنضدة [ أي يطالبها باللعب على المكشوف ] ( صفحة 52 من كتابه " مناقشة "، ميونيخ 1964) ، مع أن الأهم هو منهم هو أساس الدين أولاً قبل التطرق إلى إصلاح العقيدة .

وعلى أية حال فإنه يُعزى إلى القساوسة أن جزأً كبيراً من شعب الكنيسة لا يريد سماع آية نقد يتعرض للكتاب المقدس ، وإلا فسوف تُفهم بنية سيئة تجاه القسيس إذا ما أشكل هذا على فهمهم ، وفي الحقيقة إن ما يثيره هذا الإشكال هو ( ولا يعد هذا نقطة إيجابية للتطور الفكري ) أحد نتائج التربية الكنسية لشعب الكنيسة التي ترجع إلى مئات السنين التي سببها التفكير غير الحر ، والإيمان المطلق بسلطة الكنيسة الذي لابد وأن يستمر مااستمر الدهر .

والمقتطفات الآتية تبين ما يدور حول حقيقة الكتاب المقدس :

وحتى لا يحدث سوء فهم فإني أؤكد مرة أخرى أن مُؤَلِّفي الكتاب المقدس لم يعتبروه فقط مصدراً من مصادر التاريخ الديني أو أحد موضوعات البحث، أو عملاً أدبياً مشوقاً ، بل أيضاً وحيا تبث نبضاته الأفكار والمعلومات العليا السامية. وأيضاً مصدر للنبضات التي لا يمكن أن يقدرها بشر. إلا أنه على الرغم من كل نقائصه فإنه كان ومازال يمثل " الدعامة " لعدد لا يحصى من البشر ، كما يمثل المنبع الحي للمواساة والقوة والسعادة لكل مواقف الحياة وخصوصاً في الأوقات الحرجة وأوقات الأزمات .

وإذا كان غاندي قد قال : " لقد كانت الجيتا تُعد لي دائماً بمثابة مصدر المواساة ، وعندما لم أكن أرى أشعة النور كنت أفتح الجيتا وأجد دائماً آية تهديني سواء السبيل ، وإذا لم تترك الأحوال المتغيرة للقدر أية أثر ، فإني أُرجع ذلك إلى التعاليم السامية التي تتمتع بها الجيتا . " وكذلك يحكم النصارى أيضاً على الكتاب المقدس .

ومع هذا التقدير الكبير الذي يكنه مؤمنوا الكتاب المقدس نجد أنفسنا غير مرتبطين بهم بالمفهوم التقليدي الذى يسود المجتمع السليم . وهنا فقط نفكر في جوته وهليني وغاندي وأينشتاين وبلانك والكثير غيرهم من الشخصيات المرموقة الأخرى .

ووجهة نظرنا هي أن الكتاب المقدس مليء دون شك بالنبضات الإلهية والحقائق الكبرى، ولكنه أيضاً كتاب بشري يحتوي على ما لا يُحصى من النقص بكل أشكاله .

ومن الواضح أن الدوائر الكنسية والكنيسة الكاثوليكية يدافعون بيأس ضد الإعتراف الرسمي بنتائج الكتاب المقدس ، حيث إنهم يقعون تحت ضغط يمكنه إطباق الدنيا عليهم، حيث يصورونه بشكل مختلف يُسوِّل لهم أنهم بإعترافهم هذا سوف يقطعون فرع الشجرة الذي يجلسون عليه، وهذا هو الإنخداع الكبير بعينه، حيث إن نقد الكتاب المقدس لا يمكنه تغيير المفهوم الداخلي والمحتوى العميق له بصورة أساسية ويجعلها مثاراً للتساؤل ، بل على العكس من ذلك فإن السعادة بالثروة التي يحتويها الكتاب المقدس سوف تصبح فقط أنقى وأكبر إذا ما تم التوصل إلى أن الإعتراف الصريح لنتائج فحص الكتاب المقدس لن تضر إنسان أو تقلل من شأن الكتاب نفسه ، وعندئذ يكون المرء قد تحرر من تأثير القلق الداخلي الواقع عليه بل والخوف المتزايد من أن تصبح نتائج فحص ونقد الكتاب المقدس حقيقة .



أ - نص الكتاب المقدس

1 - عندما نتكلم هنا عن نص الكتاب المقدس فإننا لا نعني إلا ذلك النص الذي يطلق عليه " النص الأصلي " [أقدم النصوص]، وليست الترجمات التي نستخدمها إلا أننا نذكر كلمة النص الأصلي أو الأساسى بين علامتي تنصيص حيث لا يوجد على الإطلاق نص أو مصدر أساسي، وكل ما لدينا هي فقط مخطوطات يدوية قديمة تشير فقط إلى نُسخ منقولة بدورها عن نسخ أخرى منقولة أيضاً [أي منقولات من منقولات] لكتابات أكثر قدماً، ومن المحتمل أن تكون هذه المخطوطات أيضاً نسخاً منقولة بدورها عن نسخ أخرى.

2 - هذا " النص الأصلي " لم يكن بدايةً قد كتب في كتاب ( كما تشير إليه كلمة الكتاب المقدس والتي نشأت فيما بعد ) ، ولم يكن كتاباً واحداً ، ولكنه كان يتكوَّن من عدد كبير من الكتب المنفصلة عن بعضها البعض والتي لا يوجد في الأصل إرتباط بينها ، لذلك فإنه من الخطأ أن نتخيله ككتاب واحد، حيث إن الكتاب المقدس كما نقرأ في ترجمات اليوم قد قام بتجميعه العلماء من مخطوطات عديدة ، ومخطوطات ناقصة والتي يحتوي القليل منها على تجميع كامل للكتب الإنجيلية ، كما أن هناك البعض من هذه الأعمال الناقصة عبارة عن قصاصات بالغة الصغر لأجزاء من الكتاب المقدس .

3 - أما ما يخص العهد الجديد فإن النص الأصلي -وهو ليس لدينا كما ذكرنا من قبل - قد تكوَّن بين أعوام (50) و(200) بعد الميلاد، وهذه مدة كبيرة من الزمن بعد وفاة يسوع، بل إن (50) سنة لتعد أيضاً فترة زمنية كبيرة وفي هذا الزمن استطاعت بعض الأساطير أن تجد لها طريقاً تنتشر فيه ، في وقت لم يعد فيه شهود عيان عند تكوين معظم النصوص الأصلية ، وهنا يجب علينا أن نتذكر : كم من الأساطير نشأت فقط بعد عدة سنوات بسيطة من حريق Che Guevara !

وقد كتبت المخطوطات التي لدينا كلها (كما ذكرت حوالي 1500) بين القرنين الرابع والعاشر تقريباً (انظر Realencyklopädie صفحة 739)، ويمكننا فقط تخيل حقب زمنية تبلغ (300) عام ، [ فما بالكم إن وصل بعضها] إلى (1000) عام ! وبالطبع فإن هناك مخطوطات أقدم من هذا ولكن كان يجب على العِلم أن يضع حداً فاصلاً لهذا .

4 - يجب أن نؤكد قبل أي شيء أنه ليس لدينا ولو جزء صغير من أصل الكتاب المقدس وما لدينا هي فقط نسخ منقولة .

5 - تم فقد العديد من " المخطوطات الأصلية " وعلى الأخص أقدمهم وأحسنهم حالاً تماماً مثل الأصول .

6 - والنقطة السادسة والحاسمة أنه بين كل هذه المخطوطات اليدوية لا توجد مخطوطة واحدة ( !! ) تتفق مع الأخرى - ويقول القس شــورر عن هذا (صفحة 104) إن هذه المخطوطات تحتوي على أكثر من (50000) إختلاف (إنحراف وحياد من الأصل)، (ويذكر البعض الآخر (150000)، ويحددها يولشـر من (50000) إلى (100000) ،بل إن عدد الأخطاء التي تحتويها المخطوطات اليدوية التي يتكون منها كتابنا المقدس هذا تزيد عن هذا بكثير، مما حدا بشميث أن يقول: إنه لا توجد صفحة واحدة من صفحات الأناجيل المختلفة لا يحتوي "نصها الأصلي" على العديد من الإختلافات (ص 39) .

ونود هنا أن نذكر مثالاً لذلك ، وهو مذكور في لوقا 2 : 14 ( حيث لا يتسع المقام هنا لذكر كل الإختلافات ) :

المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس الإيودوكيا [مضاف إليه] .
المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبناس الإيودوكيا [مضاف إليه] .
المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس الإيودوكيا
المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس الإيودوكيا
المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام وفي الناس الإيودوكيا

والإختلاف الجوهري هنا ليس في إستخدام حرف الجر في أو (بـ) ولكنه في كون أيودوكيا مضافاً إليه أم مبتدأ [مُأخر مرفوع] ، فإذا ما كانت مرفوعه فلا بد أن يكون هذا من أفكار بولس ، أما إن كانت مكسورة [ أي مضافاً إليه كما في المثالين الأول والثانى ] فسوف يطابق هذا تعاليم يسوع تماماً والتي تقضي بأن السلام الداخلي يتعلق بالنية الحسنة للإنسان [1]، كما أنه يناقض تعاليم بولس القائلة : إن السلام غير مرتبط به ولكنه يرتبط فقط برضاء الله . ومن هنا قرر لوثر إختيارها مرفوعة لتناسب الرحمة الإلهية ، لذلك لم نقم نحن [الكلام للمؤلف] بترجمة كلمة إيودوكيا حيث أنه هناك إختلاف في ترجمتها ، فقد ترجمها لوثر بـ "الرضى" أما نحن فنفضل ترجمتها بـ " نقاء النفس " .

إلا أن الموسوعة الواقعية " Realenzyklpädie " تذهب أكثر من ذلك فتقرر أن كل جملة تحتويها المخطوطات اليدوية تشير إلى تغييرات متعددة ، وهذا ما دعا هيرونيموس أن يكتب في خطابه الشهير إلى واماسوس شاكياً إليه كثرة الإختلافات في المخطوطات اليدوية " tot sunt paene quot codicos " وذكرها نستل /دوبشوش صفحة 42).

ويعلق يوليشر في مقدمته قائلاً إن هذا العدد الكبير الذي نشأ من المنقولات [المخطوطات] قد أدى إلى ظهور الكثير من الأخطاء ، ولا يدعو هذا للتعجب حيث إن تطابق شواهد النص " يكاد نتعرف عليه عند منتصف الجملة ! " ، ( صفحة 577 ) ، كما يتكلم بصورة عامة عن تغريب الشكل (ص 591)، وعن "نص أصابه التخريب بصورة كبيرة" (صفحات 578، 579، 591) ، وعن "أخطاء فادحة" (ص 581)، وعن "إخراج النص عن مضمونه بصورة فاضحة" [ص XIII (13)]،الأمر الذي تؤكده لنا كل التصحيحات (التي يطلق عليها مناقشات نقدية) التي قامت بها الكنيسة قديماً جداً (ص 590).

وكذلك يذكر كل من نستل ودوبشوتس في كتابهما إختلافات مُربكة في النصوص (ص 42) ويؤكداه أيضاً في موسوعة الكتاب المقدس (الجزء الرابع ص 4993).

وبالطبع فإن كل هذه الأخطاء ليست على جانب كبير من الأهمية، ولكن من بينهم الكثير الذي يعد بجد ذا أهمية كبيرة (أيضاً شميث صفحة 39) .

7 - لا تشير المخطوطات اليدوية للكتاب المقدس والتي يطلق عليها "النصوص الأصلية" فقط إلى عدد لا يحصى من الإختلافات ولكن أيضاً إلى ظهور العديد من الأخطاء بمرور الزمن وعلى الأخص أخطاء النقل (وأخطاء الرؤية والسمع والكثير من الأخطاء الأخرى). الأمر الذي يفوق في أهميته ما سبق .

ويؤكد تشيندورف الذي عثر على نسخة سيناء (أهم النسخ) في دير سانت كاترين عام 1844 والتي ترجع إلى القرن الرابع : إنها تحتوي على الأقل على 16000 تصحيح ترجع على الأقل إلى سبعة مصححين أو معالجين للنص، بل قد وجد أن بعض المواقع قد تم كشطها ثلاث مرات وكتب عليها للمرة الرابعة .

وقد اكتشف ديلتسش، أحد خبراء العهد القديم و[أستاذ] ومتخصص في اللغة العبرية، حوالي 3000 خطأً مختلفاً في نصوص العهد القديم التي عالجها بإجلال وتحفظ.

وينهي القس شورر كلامه قائلاً : إن الهدف من القول بالوحي الكامل للكتاب المقدس، والمفهوم الرامي إلى أن يكون الله هو مؤلفه هو زعم باطل ويتعارض مع المبادىء الأساسية لعقل الإنسان السليم ، الأمر الذى تؤكده لنا الإختلافات البينة للنصوص ، لذلك لا يمكن أن يتبنى هذا الرأي إلا إنجيليون جاهلون أو مَن كانت ثقافته ضحله (ص 128)، وما يزيد دهشتنا هو أن الكنيسة الكاثوليكية مازالت تنادي أن الله هو مؤلف الكتاب المقدس.
وحتى أشهر آباء الكنيسة " أوجستين " قد صرح بعدم الثقة في الكتاب المقدس لكثرة الأخطاء ( التي تحتويها المخطوطات اليدوية)، حتى إذا ضمنت له ( وهو هنا يعني نفسه أساساً ) ذلك جهة أو مؤسسة لاتتبع الكنيسة .

لذلك لم يَعرف كتاب مثل هذه الأخطاء والتغييرات والتزويرات مثل ما عرفه الكتاب المقدس .

يقول أستاذ اللاهوت إيتلبرت شتاوفر في كتابه "رســالة" صفحة 84 فيما يتعلق بجزء محدد من الكتاب المقدس : " إن من يدرس القصة المتواترة المثيرة التي يسردها إنجيل يوحنا (8: 1-11) عن الخائنة، فإنه يتأكد من تكتم هؤلاء الرجال المسئولين عن الدوائر المختصة أو الجهات الكنسية لبعض تواترات يسوع المؤكدة (وهذا ما حدث بكل تأكيد؟)، فقد كانت الكنيسة تتمتع بمركزها القوي التي تحتاج إليه، ولم تستطع (آنذاك تماما مثل اليوم) أن تتخيل أن يسوع الناصرى كان لديه مركزاً آخر. أترى .. هل قال يسوع ...؟ (فهل يمكن لإنسان يفكر تفكيراً تاريخياً أن يوجه اللوم الي الكنيسه؟) ولكن هذا قد حدث يوم أن فرضت الرقابة المسيحية نفسها في بداية التاريخ الكنسي، ومن المحتمل أن تظل أيضا كلمات يسوع التي لاتؤيدها الكنيسة مفقودة إلي الأبد، أما ما تبقّي فقد نقحه أناس نزولاً علي إرادة السلطة الحاكمة بالزيادة أو النقصان، لذلك تدل فقرات الزنى عند إنجيل متى في الإصحاحين الخامس والتاسع عشر، ويدل الموقف المعاد للمرأة في إنجيل لوقاعلى كيفية تقدم علماء الأخلاق الصغار تقدما مدروساً في توسيع كلمات يسوع القديمة. وبالإختصار : فإن المسيحية المبكرة لم تلغ دون مبالاة مشكلة تقليدية مثل ما حدث في كلمات يسوع المتواترة عن الرجل والمرأة " .

وحتى الكتاب المقدس طبعة زيوريخ الشهير بتحفظه الشديد (إنظر صفحة 2 من هذا الكتاب) يعترف بأن ما يطلق عليه "النص الأصلي" يحتوي على الكثير من الأخطاء (انظر أيضاً ملحق I الأرقام من 6 إلى 22) .

وترجع معظم هذه الأخطاء إلى أخطاء النقل أو القراءة غير المتعمدة ( وأيضاً إلى عدم الإنتباه أو الفهم الخاطيء عند الإملاء أو عدم توافر المعرفة باللغة القديمة أو طريقة كتابتها أو " التحسينات " ذات النية الحسنة ... وهكذا ) .

ومما لا خلاف فيه والأمر الذي سلم به العلم منذ زمن بعيد أنه يوجد فيما يطلق عليه "النص الأصلي" خاصة في العهد الجديد وعلى الأخص في الأناجيل [ الأربعة ] العديد من التحريفات، ولا خلاف هنا إلا في عدد هذه التحريفات .

كذلك كان يعتقد آباء الكنيسة في القرون الأولى للمسيحية أن النصوص الأصلية قد إمتدت إليها يد التحريف في مواقع كثيرة عن عَمْد ( إنظر هولتسمان صفحة 28 ) ، كما اتهم ممثلوا الطوائف المختلفة بعضهم البعض بتحريفات " النص الأصلي " . وهذا لا يعني إلا إتفاقهم في أن النص الأصلي قد إمتدت إليه يد التحريف وكذلك إختلافهم وكذلك اختلافهم في تحديد (الشخص أو الهيئات) الذين قاموا بهذه التحريفات .

ويتفق كل جاد من علماء الكتاب المقدس الذين يمثلون كل الطوائف [ المسيحية ] على أن الكتاب المقدس يحتوي على عدد كبير من التحريفات خصوصاً العهد الجديد وهي تأتي نتيجة لحرص كل طائفة على تدعيم نظريتها العقائدية بمثل هذه التحريفات الأمر الذي أدى إلى إنشاء القواعد الإنجيلية لذلك .

أما كيزيمان فهو يتبنى الرأي الذي يتهم فيه الإنجيلين متى ولوقا بتغيير نص مرقس الذي أتيح لهم مائة مرة ( ! ) لأسباب عقائدية ( صفحة 229 وأيضاً 234 ) .

وكذلك يعترف الكتاب المقدس طبعة زيورخ ( الشعبية صفحة 19 ) أن بعض الناسخين قد قاموا عن عمد بإضافة بعض الكلمات والجمل ، وأن آخرين قد إستبعدوا [ أجزاءً أخرى ] أو غيروها تماماً .

وعلى ذلك يعلق كنيرم قائلاً : " إن علماء اللاهوت اليوم يتبنون الرأي القائل إن الكتاب المقدس قد وصلت إلينا أجزاء قليلة منه فقط غير محرفة" ( صفحة 38 ) .

ويقول هولتسمان : " لقد ظهرت تغييرات تعسفية مغرضة دون أدنى شك لأهداف تبريرية بحتة [لإظهار صحة عقائد طائفة محددة] " ( صفحة 28 ) .

كذلك أكد قاموس الكنيسة الإنجيلية ( جوتنجن 1956 تحت كلمة نقد الكتاب المقدس لسوركاو صفحة 458 ) أن الكتاب المقدس يحتوي على " تصحيحات مفتعلة " تمت لأسباب عقائدية ويشير بلذلك إلى مثال واضح جداً وهو الخطاب الأول ليوحنا (5 : 7) [ القائل : " فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة : الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحداً" ] .

ويشير يوليشر في الصفحات من582 -591 كذلك إلى "التغييرات المتعمدة خصوصاً في نصوص الأناجيل حيث يقول: "إن الجاهل فقط هو الذى ينكر ذلك" (صفحة 591). كما أكد كل العلماء في المائة سنة الأخيرة حقيقة وجود العديد التغييرات المتعمدة التي لحقت بالكتاب المقدس في القرون الأولى الميلادية، ومعظم هؤلاء العلماء الذين أرادوا الكلام عن الكتاب المقدس ونشأته ونصه وقانونيته بصورة جدّيّة من لاهوتي الكنيسة .

وبهذه الطريقة وقع كثير من الإضافات والشطب ناهيك عن التغييرات. ويُتهم في ذلك جزئياً أشخاص كان يجب عليهم تصحيح أجزاء مختلفة من الكتاب المقدس على ضوء رأي محدد وتخمينها وتنسيقها مع بعضها البعض .

وقد ذكر نستل ودوشوتس ( صفحة 39 وكذلك صفحة 5 ) سلسلة لهذه التحريفات في أضيق نطاق ممكن ، لذلك وصفها هارنك بأنها غير مكتملة ( صفحة 235 ) .

أما علماء العصر الأكثر حداثة فهم يترفقون في حكمهم عليه ، لذلك فهم لا يطلقون عليها تحريفات بل يسمونها " تحريفات تمت عن علم " وهم بذلك يقومون بحماية المزورين ويُنسبون إليهم (بصفة عامة) " النيّة الحسنة " وبصورة وهمية الإتجار بكلمة الله (يوليشر صفحة 52) ، كما يؤكد قائلاً: " إن هذا يُعد تحريفا رسمياً " (صفحة 54).

والموضوع هنا لا يتعرض لإدانة أو تبرئة ولكنه يعالج واقعية وجود تحريف. وعلى كل حال فقد تم إخراج هذه التحريفات العديدة التي سبق ذكرها من بين الأقواس حيث تم معالجة النص المعنيّ بحسن نية للقيام بتحسينات وتصحيحات أخلت بالنص أساساً لأسباب عقائدية وكانت أحياناً أخرى بدافع من حسن النية .

وعلى ذلك فقد ظهر العديد من المواقع المختلفة التي قام بتصحيحها أحد المصححين في شكل مخالف تماماً لما قام به مصحح آخر، أو أعاد تصحيحها وهذا يتوقف على عقيدة المدرسة التي يمثلها.

وعلى أية حال فقد ظهرت فوضى تامة في النص وإضطراب لا يمكن معالجته نتيجة التصحيحات المختلفة وأيضاً الطبيعية مثل (تعدُّد الحذف والتصحيح والتوفيق ).

لذلك يعلن كيزيمان أن كل المحاولات التي ترمي إلى قراءة وصفية لحياة يســوع من الأناجيل فهي بائنة بالفشل، حيث تنعدم الثقة في التواتر لأبعد درجة يمكن تخيلها (صفحة 233) .

وعلى ذلك نجد أن تلك الفقرات كاملة أو أجزاء من الكتاب المقدس التي يعلن عنها علم "الكتاب المقدس" قد كتبت بعد ذلك ، وهذا ما أكده على سبيل المثال "الكتاب المقدس" طبعة زيورخ الشعبية في العديد من المواضع ، وهذا يعني أن مثل هذه المواضع قد أضافها كُتَّاب آخرون في سهولة ويسر [ مثل مرقس 16 : 9 - 20 ] .

ويتابع كنيرم قائلاً : " إن أقوال يســوع تبعاً لإنجيل يوحنا مختلفة إلى حد كبير " (صفحة 37)، وهذا لا يُشَكُ فيه البتة حيث إن الكتاب الذي نعنيه طبع في دار النشر "جوتهلف" [ أي دار نشر مسيحية ] ، ونؤكد مرة أخرى أن كل المؤلفين المذكورين ( باستثناء ديلتسش) كانوا لاهوتي الكنيسة أو لايزالون .

والجدير بالذكر في موضوع التحريفات هذا ولتجنب تكرار هذه المقولة نذكر الآتي : يُجمع علماء اللاهوت اليوم على أن أجزاء مختلفة من الكتاب المقدس لم يكتبها المؤلفون الذين يُعزى إليهم أسماء هذه الكتب .

لذلك يُعقد الإجماع اليوم على أنه :

أ - لم تكتب كتب موسى [ وهي الخمسة كتب الأولى من الكتاب المقدس وهي : التكوين والخروج واللاويّين وعدد وثنية ] بواسطته على الرغم من أن " موسى " يتكلم إلى حد ما بضمير المتكلم ( قارن على سبيل المثال تثنية 10 - 5 ، وكنيرم صفحة 37 ) .

ب - كذلك يطلق كثيراً في الكتاب المقدس على الزبور " زبور داود " والتي لا يمكن أن يكون داود هو قائلها ( كنيرم صفحة 37 ) .

جـ - كذلك لا ينبغى أن تُنسب أقوال " سليمان " إليه ( كنيرم صفحة 37 ) .

د - ومن المسلم به أيضاً أن جزءاً [ بسيطاً ] فقط من كتاب اليسع يمكن أن ينسب إليه (كنيرم صفحة 37 ) .

هـ - وكذلك يبدوأن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا الحواري ( شميث صفحة 43 ) .

و - كذلك لم يكتب القديس بطرس الخطابات التي نسبت إليه لإعلاء مكانتها .

ز -ويمكن أن يقال نفس الشيء علىخطاب يهوذا وعلىخطابات بولس الوهمية المختلفة (شميث صفحة 42) .

وهذا الواقع يكفي لإثبات التحريفات الكبيرة البينة والمتعمدة ( وأيضاً الشخصية ) التي لحقت بالنصوص والتي لا يمكن لإنسان عاقل أن يدعي أن الله - تبعاً للتعاليم الكاثوليكية هو مؤلف كل أجزاء هذا الكتاب المقدس - قد أوحي بكل هذه التحريفات إلى كاتبيها، أو يدعي أنه لم يعرفها أفضل من ذلك .



ب - القــانون

قانون "الكتاب المقدس" هو قائمة المؤلفات والكتب الإلزامية التي تدخل ضمن صفحات "الكتاب المقدس" تبعاً لإرادة هيئة القانون ، وبذ لك يطلق عليها "الكتاب المقدس" و " كلمة الله" أو وحي الله بالرغم من التباين الجذري الكبير للكتابات الأخرى الموجودة في العالم التى تصطبغ بالصبغة الدينية والدنيوية .

هذا ويعتقد معظم المؤمنين بالكتاب المقدس في سذاجة أن الكتاب المقدس كان في هذه الصورة دائماً منذ البدء كما هي الآن بين أيديهم، فهم يعتقدون أن الكتاب المقدس كان يحتوي على كل هذه الأجزاء التي يحتويها الكتاب الذي بأيديهم الآن .

فهم لا يعرفون - وغالباً ولا يريدون أن يعرفوا ( حتى لا يساورهم الشك ) -

أنه لم يكن لدى النصارى الأوائل أي كتاب آخر غير العهد القديم لمدة طويلة تصل إلى ( 200 ) سنة تقريباً .

أن قانــون العهد القـديم في زمن النصارى الأوائل لم يكن قد تم الإنتهاء منه ( ف. ميلد نبرجر : "نصف الحقيقة أو الكتاب الكامل" ، 1976 صفحة 27) ،

وأن كتب العهد الجديد لم تتكون إلا ببطىء شديد، ولم يفكر إنسان لمدة طويلة أن كتب العهد الجديد هذه سوف تعتبر كتباً مقدسة ، وإنه بمرور الوقت أصبح من المعتاد قراءة هذه الكتب أمام الأمة [ النصرانية ] ومع ذلك لم يفكر أحد أيضاً أن يساويها بالكتب المقدسة للعهد القديم ، ولم تتولد هذه الفكرة إلا بعد تحارب الإتجاهات المختلفة للمسيحية ، وأصبحت الحاجة ماسة إلى أن يستند المرء إلى شيء ملزم ، وأنه في حوالي عام ( 200 ) بعد الميلاد بدأ إعتبار هذه الكتب بصورة بطيئة كتباً مقدسة ، وأنه بعد ذلك بفترة زمنية تقرب من ( 200 ) سنة نشأ خلاف حول إختيار الكتب من بين العديد منها الذي يمكن قراءته أمام الأمة [ النصرانية ] وإعتبارها مقدسة ويمكن ضمها لقانون الكتاب المقدس بالعهد الجديد ، حيث إختار البعض كتباً معينة وإختلف آخرون معهم، وأنه حتى ذلك اليوم وبعد 1600 عام لم يتمكن النصارى بعد من الإتفاق بصدد هذا الموضوع بسبب الكنيسة التي كانت أنذاك قد تعلمنت وخرجت عن روح تعاليمها الأساسية تحت تأثير أحد القياصرة الكفرة الملحدين وبتأثير من بعض الأساقفة منعدمي الكرامة الذين كانت لهم الكلمة المؤثرة لخدمة غرض من أغراضهم الذي يتناسب مع إتجاههم وبسبب الإختيار الذي قاموا به بشكل تعسفي ، وأنه لم يُتطلع إلى الروح [ القدس ] الذي يُعزى إليه إنتقاء الكتب القائمة بصورة أقل من مراعاتها التناقضات السطحية التي تقضي بأن لا يحتوي كتاب ما على أشياء لا تقبلها الطائفة التي تتمتع بالأغلبية ( مع إحتمال أن يكون هذا الكتاب ذا محتوى جيد بإستثناء ذلك ) .

كذلك لا يعرف المؤمنون بالكتاب المقدس على سبيل المثال - وبصورة أصح لايريدون معرفة - أن لوثر قد رفض بشدة رسالة يعقوب واعتبرها رسالة هاشَّة كما أنه لم يود أيضاً الإعتراف برؤيا يوحنا اللاهوتي ورسالة [بولس] إلى العبرانيين في إنجيله (شورر صفحة 123 ، هولتسمان 178 ) .
ويجدر بنا أن نعرف أن قانون البروتستانت والكاثوليك والكنائس الشرقية لم يتم الإتفاق عليه وتوحيده لليوم ، فكل قانون لهذه الإتجاهات الثلاثة يحتوي على كتب ينكرها الآخرون والعكس صحيح .

وهناك الكثير الذي يمكن أن يقال عن نص "الكتاب المقدس" .

وبالطبع فإن هناك من يتساءل : كيف استطاع محتوي الكتاب المقدس الساذج - كما هو مألوف لدينا -أن يحيا لليوم على الرغم من الذكاء المتوافر لهذه الشعوب ، وكذلك على الرغم من وجود علم نقد الكتاب المقدس في الخفاء ، ويكاد لم يتساءل أحد يُشــهد له بالذكاء عما إذا كان المحتوى الساذج للكتاب المقدس صحيحاً أم لا .

فشعبنا يؤمن بشكل إجمالي لليوم ( حتى ولو كان غير مؤكد أو غير ظاهر ) أن الكتاب كان منذ بدايته في نفس الصورة التي أمامه اليوم ، ويكاد لا يعرف أنه قد تكون نتيجة تطور إستغرق وقتاً طويلاً قام خلاله عدد لا يحصى من العلماء وأنصاف العلماء بتجميعه بإختيار كان غالباً ما يتم بشكل تعسفيّ من كتب ونصوص لا تحصى.



ج - كتاب لا وحدة له

وهنا يجب علينا أن نؤكد باقتضاب أن الكتاب المقدس لا يُعد كتاباً واحداً كما يدل اسمه (بـيـبـل = كتاب) خصوصاً وإنه لم يؤلفه كاتب واحد (لا الله ولا أحد مؤرخي سير القديسين)، بل هو مجموعة مختلفة تماماً من الكتب كتبها مؤلفون مختلفون تماماً وفي أزمنة وحضارات متباعدة عن بعضها البعض .
ويظهر هذا أيضاً في الإختلافات الضخمة في كل الجوانب على الأخص في الجانب الأخلاقي والدنيوي، فهو كتاب ليس له وحدة [مفهوم مترابطة]، وهذا أيضاً هو السبب الذي يُمكِّن المرء من تعليل كل مفهوم من مفاهيم الكتاب المقدس، حيث إنه يحتوي على شيء من كل شيء .

لذلك يشَّبه البروفسور شورر "الكتاب المقدس" بصورة بالكاتدرائية القديمة ذات المظهر العظيم، التي إشترك في بنائها أجيال كثيرة، وهي كذلك عنده أشبه بقطعة فنية رائعة، ولكنها على الرغم من ذلك بشرية الصنع (صفحة 112) .



د - التناقضات الواقعية والتاريخية في الكتاب المقدس

مما يذكر أولاً ومما يجب علينا دائماً أبداً التنبيه عليه أن الناس يقيِّمون الكتاب المقدس من ترجمته ( الألمانية على سبيل المثال ) .

الأمر الذي لا يثير أية أهمية حيث إن التراجم لا تعكس أبداً الصورة الصحيحة لحالة النص الأصلي ، ولأنها تراجم فلابد أنها تحتوي على قرارات كثيرة تمت بصورة إجبارية قد تكون خاطئة ، وهي في الغالب كذلك ، يضاف إلى ذلك أن كل التراجم تم صبغها بصورة ما غير منزهة عن الغرض ، وغالباً ما نجدها بدون أسماء المترجمين الذين قاموا بعملية الترجمة هذه، تماماً مثل المخطوطات القديمة ، وقد تم هذا بالطبع بنية توصف بأنها أحسن ما تكون في أغلب الحالات .

لذلك يجب الرجوع إلى " النص الأصلي " إذا ما كنا نريد تقييم الكتاب المقدس بصورة جديّة ، وعندما يذكر المؤلف على سبيل المثال تناقضات داخل الكتاب المقدس ، فهو يقصد دائماً أينما تستدعي الضرورة ذلك " النص الأصلي " أي النص العبري في حالة العهد القديم والنص اليوناني في حالة العهد الجديد، ويتوقف عند النقاط الأساسية الناقدة للنص، وما عدا ذلك فهو غير علمي وليس أهلاً للثقة .

ولو كان الكتاب المقدس كلمة الله كما يدعي أصحاب نظرية الوحي المطلق ، لما احتوى على تناقض واحد ، ولما احتوى أيضاً على أحد التناقضات الواقعية ، وبالطبع لا يمكن إفتراض أن الله نفسه قد وقع في هذا الخطأ أو أنه لم يعرف ما أوحي به بعد مرور فترة زمنية ما ، وكذلك أيضاً لا يمكن إفتراض أنه أوحي للمؤلف أحد الكتب الإنجيلية وصفاً لحدث أو واقعة ما ثم أوحي لمؤلف آخر غير ذلك .

وعلى ذلك .. فإن الكتاب المقدس يفيض بعدد كبيرجداً من المتناقضات الواضحة ، نذكر هنا البعض القليل منها ، فمن المبالغ فيه أن نستفيض في هذا الموضوع لأنه يكفي ذكر خطأ أو تناقض واحد لتفنيد نظرية الوحي المطلق للكتاب المقدس .



أ - في العهد القديم

1 - تبعاً لسفر التكوين ( 1 : 20 - 27 ) فقد خلق الله النباتات والحيوانات أولاً ثم خلق الإنسان بعد ذلك ، إلا أن سفر التكوين ( 2 : 7 ، 19 ) يرى أن الله قد خلق الإنسان أولاً ثم خلق الأشجار والحيوانات . وهنا يجب التنويه إلى أن هذا الخطأ يعرفه علماء اللاهوت منذ زمن ، ومن المسلم به أيضاً أن سفر التكوين يسرد قصتين للخلق يختلفان عن بعضهما في بعض النقاط ، وهذا يوضح أن المؤلف الإنجيلي كان لديه نموذجان لهذه القصة رأى فيهما ما هو جدير بالذكر [قارن شورر صفحة (126)، شميث صفحة (55) وما بعدها] .

2 - وكثيرون يجدون في سفر التكوين ( 1 : 29 ) تناقضات ، حيث قال فيه الله للبشر : " إن النباتات طعامكم إذا ما قارناه بما جاء في سفر التكوين ( 9 : 3 ) حيث أضاف النص كلمة اللحم أيضاً .

3 - من الملاحظ عند القراءة الجيدة لتاريخ ألواح الناموس أن نفس اللوح الذي قيل أن الله قد كتبه تجده في قصة أخرى أن موسى هو الذي كتبه [قارن سفر الخروج ( 34 : 27 ) في مقابل سفر الخروج ( 34 : 1 ) وسفر التثنية ( 10 : 2 - 5 ) .

4 - تبعاً لسفر الخروج ( 6 : 2 ) قد أخبر الله نبيه إبراهيم أن اسمه ليس " يهوه " إلا أنه عاد وأكد له تبعاً لسفر التكوين ( 22 : 14 ) أن اسمه " يهوه " .

5 - تبعاً لسفري العدد والتثنية يكون هارون قد توفي مرتين في مكانين مختلفين أحدهما على جبل حور ( العدد 20 : 28 وأيضاً 33 : 38 ) والآخر في موسير ( التثنية 10 " 6 ) .

6 - نبي الله داود هو الأبن الثامن لليسع تبعاً لسفر صموئيل الأول ( 16:10-13 ) إلا أن الإبن السابع له تبعاً لسفر أخبار الأيام الأولى ( 2:13-15 )

7 - تبعاً للنص القديم العبري في سفر أخبار الأيام الثاني ( 21:19 ، 22:2 ) كان الأب الملك يورام عند موته أصغر من إبنه الأصغر بمقدار سنتين .
إلا أن معظم مترجمي ( الكتاب المقدس ) يتكتمون هذا التناقض بلا حياء ، حيث قاموا بإبدال الـ 42 إلى 22 ضاربين بكل قواعد فحص النص المقدس عرض الحائط دون وضع أية إشارة إلى هذا التغــيير الجريء ( حتى الكتاب المقدس طبعة زيورخ الجريء -الطبعة الحديثة- لم يعتبر مثل هذا الشيء من الأهمية بمكان ، بينما لم يقم الكتاب المقدس الأكثر قدماً بهذا الإصلاح ) .

8 - تبعاً لسفر إشعياء (26 : 14) لن يبعث الموتى ولن يُنشروا، وتبعاً للعديد من المواضع الأخرى بالعهد الجديد (وهي ترجع إلى ديانة زرادشت) فإن الموتى سيبعثون في "اليوم الآخر".

9 - ومن التناقضات الغريبة حقاً هو وجود الكثير من التعليمات التي تملأ التوراة بشأن الذبح والمحرقة ( على الأخص في سفر اللاوبين ) بينما يصرح سفر إرمياء ( 7:22-23 ) أن الله لم يأمر قط بتقديم ذبائح أو محارق ! [ هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : ضموا محارقكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتكم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة ، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً : إسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً ، وسيروا في الطريق الذي أوصيتكم به ليحسن إليكم ] .

10 - تبعاً لسفر حزقيال ( 18 : 20 ) لا يحمل الأبناء من ذنوب الآباء ، وتبعاً لسفر الخروج ( 20 : 5 ) ينتقم الله من الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع من ذنوب الآباء . [ وفي سفر التثنية يظهر مرة أخرى أن الأبناء لا تحمل من إثم الآباء ولا الآباء من ذنوب أبنائهم شيئاً - تثنية 24 : 16 وهي تناقض ما جاء في السفر نفسه 5 : 9 ]



ب - في العهد الجديد

1 - يصف شميث ( صفحة 90 ) سلسلتيْ نسب يســوع تبعاً لما جاء في متى ( 1 : 1 -17) ولما جاء في لوقا ( 3 : 23 - 38 ) أنهما ببساطة نسبان مختلفان . كذلك يرى غير رجال الدين استحالة تطابقهما ، فعند متى نجد ( 41 ) جيلاً بينما نجد عند لوقا ( 56 ) ، كذلك كان يســوع من نسل سليمان أحد أبناء داود [ متى 1 : 6 ] بينما نجده [ عند لوقا 3 : 13 ] أنه من نسل داود عن طريق إبن ناثان ، ولا يمكن أن يكون كلاهما جدا يســوع في نفس الوقت ، كذلك لا يتفق اسم أبي يوسف في النسبين ، ففي أحدهما يدعى هالي [ لوقا 3 : 23 ] وعند الآخر يدعى يعقوب [ متى 1 : 16 ] .

2 - وبين قصة إخبار الملاك لمريم أن يســوع سيكون المسيّا [المسيح الرئيسي أو النبي المنتظر الذي بشرت بقدومه كل الكتب] وأنه سيولد من الروح القدس وبين موقفها المعادي بعد ذلك لعيسى ( لوقا 2 : 50 ) تناقض لا يمكن إيجاد حل له ( براون صفحة 285 ) .
والجدير بالذكر أن قصة عيد الميلاد لم يعد ينظر إليها اليوم أي من علماء اللاهوت النقاد على أنها حقيقة تاريخية ، بل يعتبرونها أسطورة ( ذات مغزى ) ، كذلك لا يمكن التوافق بين مضمون إنجيل متى القائل أن والدي عيسى قد سكنا بيت لحم وبعد رجوعهما من مصر قد اتخذوا من الناصرة مقراً لسكنهم ، بينما اتخذا منذ البدء عند لوقا مدينة الناصرة ( قارن براون صفحة 284 وما بعدها وشميث صفحة 69 ) .

3 - تبعاً لمتى ( 1 : 23 ) كان ينبغي أن يسمى يســوع بأمر الله "عمانويل " إلا أنه على الرغم من ذلك سمَّى يســوع.

4 - تبعاً للأمر المذكور عن يســوع بشأن التعميد في متى ( 28 : 19 ) ينبغي أن يُعُّمد الناس بإسم الآب والإبن والروح القدس ، وقد كانت قبل ذلك بقليل [ عند لوقا 24:47 ] وبعد ذلك في أعمال الرسل [ 2 : 38 ] أن يُعُّمد الناس بإسم يســوع.
( ومن الجدير بالذكر أن كل العلماء الجادين - الذين هم في إزدياد دائم - يقولون إن أمر التعميد هذا هو من إختراعات الكنيسة ) .

5 - يرى إنجيل يوحنا ( 1 : 18 ) أن الله لم يره أحد قط إلا أن سفر التكوين ( 33 : 11 ) يرى أن موسى تكلم مع الله وجهاً لوجه.

6 - كذلك يرى إنجيل يوحنا ( 3 : 13 ) أنه لم يصعد أحد قط إلى السماء إلا يســوع إلا أن سفر الملوك الثاني ( 2 : 11 ) يرى أن إلياء قد صعد حياً إلى السماء .

7 - وتبعاً للرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس (15 : 5) فقد ظهر يســوع للإثنى عشر [بعد نشوره ] على الرغم من أنه لم يكن آنذاك هناك إثنى عشر [حيث انتحر أحد الإثنى عشر قبل صلب يســوع (؟)] (ولا نخمن أن بولس كان قد اعتبر نفسه أحدهم) [وهو بذلك يعتبر أيضاً أن نهايات الأناجيل من الصلب والفداء والقيامة والظهور من اختراعات بولس] . وعلى أية حال فإن هيئة الحواريين قد اكتمل عددها بعد ذلك ، ولم يعد هناك مجال لدخول حواري ثاني عشر آخر يُدعى بولس .

8 - أُعِدَّالعشاء [ الأخير ] عند الإنجيليين (مرقس 14: 12، ولوقا 22: 7، ومتى 26 : 17) يوم 14 نيسان الموافق الجمعة ، بينما كان عند يوحنا يوم الخميس الموافق 13 نيسان (يوحنا 13:1 وما بعدها، 29:13 ، 28:18 ، 14:16 ، 31:19 ) .

9 - يبحث علماء الكتاب المقدس منذ زمن بعيد دون جدوى عن حل للتناقض البيَّن القائم بين الأناجيل الثلاثة المتشابهة بشأن موت يســوع يوم السبت الموافق 15 نيسان ( مرقس 12:14 و 1:15 ، ومتى 17:26 و 1:27 وأيضاً لوقا 7:22 و 26:22 ) وبين إنجيل يوحنا الذي يؤكد أن يسوع قد مات يوم الجمعة الموافق 14 نيسان ( يوحنا 1:13، 14:19 ، 31:19 ) ، وهذا لا يتفق على الإطلاق مع مفهوم الوحي المطلق للكتاب ، كما أنهم لم يتفقوا على ساعة موته .
من التناقض الظاهر أيضاً في الكتاب المقدس لغير رجل الدين أن عيسى كان ما يزال يقف أمام بيلاطس أثناء التحقيق معه والنطق بالحكم وكانت الساعة آنذاك حوالي الثانية عشر ( الساعة السادسة ) تبعاً لإنجيل يوحنا ( 19 : 14 ) ، إلا أنه تبعاً لرواية مرقس (25:15) قد صلب حوالي الساعة التاسعة .

10- كانت آخر كلمة نطق بها يســوع عند لوقا [ 23 : 46 ] هي : " أبي في يديك ... [أستودع روحي] " ، بينما كانت عند يوحنا [ 19 : 30 ] : " لقد أُكْمِل " .

11 -أيضاً من التناقضات المختلفة في روايات الفصح نذكر الآتي :

أ - قال يســوع للنساء اللاتي ظهر لهن أولاً عند مرقس (16 : 7) إنه سيسبق التلاميذ إلى الجليل وسيظهر لهم هناك ، وهذا يعني أنهم عليهم الإسراع إلى هناك ، لو كان أحد قد أخبرهم بهذا ، إلا أنه ظهر للتلاميذ قبل ذلك في أورشليم وحَوْلها تبعاً للوقا (13:24) .

ب - أما النساء فقد رأين عند القبر ملكاً عند متى (28 : 2)، (وقد كان شاباً عند مرقس (5:16) وهذا لا يعد بالضرورة تناقضاً ) إلا إنهن قد رأين عند لوقا (4:24) رجلين [وعند يوحنا (12:20) ملكين] .

جـ - صعد يســوع إلى السماء عند لوقا ( 24 : 50 وما بعدها ) في أيام الفصح وكان مكان صعوده بالقرب من بيت عنيا ، وتبعاً لأعمال الرسل (1 : 3 وما بعدها) فقد صعد إلى السماء بعد ( 40 ) يوماً وكان آنذاك على جبل الزيتون .

12- من التناقضات المختلفة لسفر " أعمال الرسل " مقارنة بالأسفار الأخرى التي يحتويها العهد الجديد - ونذكر فقط المعترف به وقبله العلم منذ زمن - أنه تبعاً لسفر أعمال الرسل ( 9 ) تقابل بولس مع الحواريين الآخرين بعد قليل من إعتناقه لديانة يســوع أثناء رحلته إلى دمشق ، وكان ذلك في أورشليم ، بينما لم يسافر إلى أورشليم تبعاً لسفر غلاطية ( 1 : 18 ) إلا بعد ذلك بثلاث سنوات .

وهذان التقريران السابقان ( أعمال الرسل ( 9 ) وغلاطية 1 : 18 وما بعدها ) كما يرى البروفسور كونتسلمان في كتابه " أعمال الرسل " طبعة توبنجيه لعام 1963 " لا يمكن عمل مقارنة بينهما " .
ويضيف أيضاً قائلاً : [ " إن الأشنع من ذلك هو التناقض بين أعمال الرسل (8:9) وما بعدها [ فكان يدخل معهم ويخرج معهم في أورشليم ويجاهر بإسم الرب يســوع ، وكان يخاطب ويباحث اليونانيين فحاولوا أن يقتلوه " ] وبين غلاطية ( 1 : 22 ) [" ولكنني كنت غير معروف بالوجه عند كنائس اليهودية التي في المسيح . غير أنهم كانوا يسمعون أن الذي كان يضطهدنا قبلاً يبشر الآن بالإيمان الذي كان قبلاً يتلفه .فكانوا يسجدون لله فيّ"] (ص60).

كذلك توجد أيضاً تناقضات بين قصتي تحول بولس إلى ديانة يســوع ( أعمال الرسل 1:22-16 ،9:26-18 ) راجع أيضاً المراجع السابقة لــ " كونتسلمان "



هـ - التناقضات الأخلاقية في الكتاب المقدس

تتمتع التناقضات الأخلاقية في الكتاب المقدس بشهرة أكبر، وهي ليست فقط بين العهدين القديم والجديد فقط بل أيضاً داخل كل منهما ، وسنذكر هنا أيضاً بعضاً منها :

1 - منها التعصب الوحشي لمن يدين بديانة أخرى كما في سفر التثنية (18 : 28 وما بعدها إلى 13 : 19 ) [ يقصد ( 3 : 15 -16 ) : " فضرباً تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها ( أي تقتلها ) بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف ، تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة ... ] أو تثنية (16 : 21 إلى 17 : 7) بمقارنته على سبيل المثال بلوقا (9 : 55) [وفهما يقول: "فلما رأى هذا تلميذاه يعقوب ويوحنا قالا : يا رب أتريد أن تقول أن ننزل نار من السماء فنفنيهم كما فعل إليا أيضاً ، فالْـتفَـتَ وانتهرهم وقال ... لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك الأنفس بل ليخلِّصها "].
فكثيرأً ما يؤكد الكتاب المقدس على رحمة الله ، إلا أنه على الرغم من ذلك يذكر أوامر وتعليمات صارخة القسوة ، منعدمة الرحمة [ مثال ذلك ما يذكره لوقا قائلاً : " أما أعدائي الذين لم يريدوا أُمَلَّكَ عليهم فأتوا بهم إلى هنا وذْبَحوهم قُدامي "

2 -ومنها ما يذكر في سفر صموئيل الأول ( 15 : 33 ) [ القائل : " كما أثكل سيفك النساء كذلك تُثكل أمك بين النساء ... " ] إذا ما قورن بقول لوقا ( 23 : 34 ) [ " يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون " ] .

3 - وأيضاً ما ذكر في سفر الخروج ( 21 : 20 وما بعدها ) (بما يحتويه من أخلاق بربرية) إذا ماقورن بقول يوحنا ( 4 : 8 )[ ولم أجد اية وجه للمقارنة بين الإثنين فى النسخ المترجمة بين يدى ] إذا ما قــورنت بكثير من الفقـرات التي تطالبنا من العهد الجـديد بحـب أعدائنا [ " لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً ، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فإترك له الرداء أيضاً ، ومن سخرك ميلاً واحداً فإذهب معه إثنين ... أحبوا أعداءكم، باركوا لاعينكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا الأهل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات" (متى 5 : 38 - 45) ] .

4- كذلك سفر المزامير (137 : 9 ) ["طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة"] و (109 : 1 - 10) ["ليكن بنوه أيتاماً وامرأته أرملة، ليته بنوه يتماناً ويستعطوا ويلتمسوا خبزاً من خربهم"]

5 - ولنا أن نتأمل مباديء الأخلاق الجنسية لبعض أجزاء العهد القديم وأخلاق الزواج عند يسوع نجد أنها لا يمكن أن يتفقا ، ثم نقارنهم بما قال بولس في نفس الموضوع ويجدر بنا هنا الإشارة إلى الجدول الذي يحتويه كتابنا " الجنس والشعور الخاطيء بالذنب " (صفحة 56 وما بعدها ) .

6 - أما ما يختص بموضوع عدم حل رابطة الزواج فارجع إلى الرسالة الأولى لأهل كورنتوس ( 7 : 11 ، 15 وما بعدها ) [ القائلة : " وأما المتزوجون فأوصيهم أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها ، وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها ، ولا يترك الرجل إمرأته " ( 7 : 10 - 11 ) ] . ومتى ( 10 : 11 وما بعدها )
[ وربما قصد المؤلف ( متى 10 : 34 - 39 ) القائل فيها : " لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض ، ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً ، فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه والإبنه ضد أمها والكنة ضد حماتها . وأعداء الإنسان أهل بيته "] وإلى (19 : 9) [ " وأقول لكم إن من طلق إمرأته لا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني ، والذي تزوج بمطلقة يزني ، قال له تلاميذه : إن كان هذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج ، فقال لهم : ليس الجميع يقبلون هذا الكلام ، بل الذين أعطي لهم ........ لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم ، ويوجد خصيان خصاهم الناس ، ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات . من إستطاع أن يقبل فليقبل " ] وإلى لوقا ( 16 : 18 ) [ " كل من يطلق إمرأته ويتزوج بأخرى يزني ، وكل من يتزوج بمطلقة رجل يزني " ] .
فيبدوا أن التفضيل التام لشعب صغير على " شعب ممتاز " في فكر عدالة الإله مثل لكمة في الوجه .



و - التناقضات العقائدية والمذهبية في الكتاب المقدس

يحتوي الكتاب المقدس على عدد لا يحصى من التناقضات العقائدية والمذهبية الداخلية ، وسنذكرهنا أيضاً البعض منها :

يقول هـ براون: "إن الأجزاء الرئيسية التي يتكون منها العهد الجديد ليس لها مفهوم موحد فيما يتعلق بالظواهر الواقعية وليس لها محتوي عقائدي يتعلق بالإيمان " (صفحة 314).

ويقول في صفحة ( 325 ) : " إن مؤلفي العهد الجديد يتكلمون عن خلاص الإنسان وموقفه تجاه الله في صور متعددة لا يربط بينها أية إنسجام " .
وفي نفس الصفحة يقول : " إن العهد الجديد به أقوال تتعلق بتعاليم اللاهوت الأساسية وهي تختلف جذرياً من بعضها البعض " ( وستأتي أمثلة عديدة لذلك ) .

ومن أبرز هذه الأمثلة : الرسالة إلى أهل رومية (4 : 3 وما بعدها) وفيما يقول بولس : " إن الإنسان يتبرر فقط بالإيمان دون الأعمال "] بما يقابله في رسالة يعقوب (23:2وما بعدها) ["ترون إذن أنه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده"] وهي نفس التعاليم التي يمكن أن ينشأ عنهما فكرة واحدة أو مبدأ مذهبي ذو معنى واحد كما يرى كيزمان (صفحة 22).

كذلك يصف كيزمان العهد الجديد بأنه يحتوي على مباديء عقائدية مختلفة " تتضارب بشدة " ( صفحة 220 ) ، ومن بين ما يشير إليه أيضاً عدم إتفاق اليوم الآخر ( = توقع نهاية العالم ) عند إنجيل يوحنا وعند رؤيا يوحنا اللاهوتي ( إنظر المرجع السابق ) .

مثال آخر لمثل هذا التعارض تظهره نظرية بولس من الخطيئة الأزلية التي تقضي بأن كل طفل من اللحظ الأولى لولادته يحيطه غضب الله ، أي إنه إبن الشيطان منذ ولادته ، ولهذا فإن مصيره سيكون جهنم ، على الرغم من قول يسوع عن الأطفال دون تحفظ أن لمثل هؤلاء ملكوت السموات .

كذلك يظهر التوتر العقائدي بين تعاليم يسوع وبين تعاليم بولس بصورة كبيرة جداً ، وتبعاً لنفس السفر (9 : 13) يظهر أن الله قد حابى يعقوب وفضله على عيسو بصورة بشعة.

كــذلك لا يجــرب اللــه أحـداً بالشر تبــعاً لرســالة يعقوب ( 1 : 13 ) إلا أنه تبعاً لمتى ( 6 : 13 ) تظهر عبارة : " لا تدخلنا في تجربة " وفيه أيضاً قد جرّب إبراهيم وأيوب .

هذا ولا تتفق غيرة الله وآلامه وإستبداده التي يصورها العهد الجديد مع صورته التي أعطاها عيسى لأمته .



ز - أخطاء أخرى بينّة وتساؤلات تطرح نفسها في الكتاب المقدس

يحتوى الكتاب المقدس على عدد كبير من الأخطاء الواضحة والتناقضات البينة التي لا يمكننا أن ننسبها إلى الله ، والتي تجعلنا نستبعد أن ننسب كون الكتاب المقدس موحياً من الله من ألفه إلى يائه . ونسرد هنا أيضاً النزر البسيط من الأمثلة الدالة على ذلك .

وفي هذا يكفي وجود خطأ واحد لدحض نظرية الوحي المطلق التقليدية :

1- وأحد هذه الأمثلة المعروفة منذ القدم ويعترف بها علماء اللاهوت هي توقع نهاية العالم عند يسوع وبولس والتي توقع فيها الإثنان عودة يسوع في جيلهم أي في حياة الحواريين [ويمكنك مراجعة ذلك في براون صفحة (287) و (316) وأيضاً شميث صفحة (47)].
وقد شغل هذا نصارى العصر الأول بعد وفاة يسوع ، بل واستمر الناس في ترقب نزوله لفترة طويلة ، ومع هذا لم ولن تفلح كل محاولات تبرير هذا الخطأ [ وبالنسبة للتنبؤات الأخرى قارن على سبيل المثال ديلتسش صفحات ( 23 - 30 ) ] .

2 -ومن الأخطاء الأخرى الواضحة هو إدماج الأرنب والوَبْرَ تحت الحيوانات المجَترّة [راجع شورر صفحة (129)]. وعلى أية حال فإن آكل الروث لا يكون حيواناً مجترَاً أبداً .

3 - من المسلم به اليوم أن قصة الخلق لا يمكن أن تكون صحيحة تبعاً للمعلومات الوثيقة لعلم الطبيعة اليوم ، مع الأخذ في الإعتبار إمكانية حدوث معجزات.

4 - من الغريب كذلك تلك الجمل الكثيرة التي يصور فيها الله على أنه إنسان بكل مواصفات البشر ، مثال لذلك أنه خرج في برودة الليل يتمشَّى (تكوين 3 : 8 ، وأيضاً تكوين 5:11) أو أنه ندم لخلقه الإنسان وماشابه ذلك أو أنه نزل إلى سيناء .

5 - مما يذكر أيضاً مواقف بولس الخاطئة تماماً من الزواج والجنس ، ومن وضع المرأة التي لا يمكن أن يمحوها الإنسان من العالم ولو أوتي من الحيل ما لم يؤتاه بشر ( قارن في ذلك الكتيب رقم ( 7 أ ) [ بفهرس المراجع . يقصد كتاب كيزمان ] ) .

6 - كيف يتسنى لمريم أن تتعجب من قول الملك لها قائلة : "كيف يحدث هذا ولم أعرف رجل؟ " على الرغم من أنها كانت مخطوبة وكان يجب أن تتوقع أن الملك كان يفكر في ثمرة من هذا الإرتباط حتى ولو في المستقبل، حيث لا يشير الخطاب مطلقاً إلى شيء آخر.

7 - كيف يتفق ما يحكى عن مريم (ويوسف) في لوقا (33:2) و (50:2) مع حادثة الحمل ؟
وهذا ما لا تنساه إمرأة أبداً !

8 - من التناقضات الكثيرة أيضاً التي يحتويها الكتاب المقدس والتي لا تتفق مع العقل الذي يقول إن الله هو مؤلفه هي استشهادات العهد الجديد بجمل من العهد القديم لا توجد فيه ، واستشهاده بجمل أخرى قيلت بصورة مغايرة تماماً .

يضاف إلى ذلك الإشارة إلى الإسفار المقدسة الأخرى التي جاء ذكرها في الكتاب المقدس ولا وجود لها الآن [ وقد سرد دليتسش أكثر من عشرة أسفار أو مؤلفات صفحة (109) و (119) .

يمكن كذلك إضافة الكثير من الأخطاء التاريخية بالكتاب المقدس، فقد ذكر بويمر (ص 80) حديث شمبر للكردينال الملك أثناء مؤتمر الفاتيكان الثاني، يذكِّر فيه آباء المجمع الآخرين بسلسلة كبيرة من الأخطاء التاريخية في الكتاب المقدس ، وكان ذلك أثناء إقناعه إياهم بأنه لا يجوز إعتبار الكتاب المقدس كلمة الله المطلقة الخالية من الأخطاء .

ولمثل هذه الأسباب والكثير غيرها توصل شميث - عن إقتناع - إلى أن نظرية الوحي قد إنهارت تماماً ، إلا أنه لا يقرر في النــهــاية وجــوب قــذف الكتاب المــقدس في ســلة المـهملات ولكنه يأمل أن نتحرر مرة أخرى - مثل النصارى الأوائل - " من الكتاب المقدس و الأساقفة وإعترافات الإيمان " ( صفحة 50 ) .

وعلى أية حال ينبغي أن يخمن المرء أنه مازال يوجد إنسان يفكر ، وتحت كل الظروف التي تم عرضها يستحيل إعتبار كل جزء من أجزاء الكتاب المقدس من وحي الله .

ومما يذكر أن كل أتباع الديانات الأخرى بصورة كثرت أو قلت لهم نفس التصور الخاطيء عن كتبهم المقدسة حيث يعتبرون كل جزء من أجزائها مقدساً من وحي الله، ثم يقف المرء أمام مشكلة تُساءله : " كيف أحكي هذا لطفلي ؟ ( شورر صفحة ( 125 ) .



تعليق المترجم :

أولاً على صفحة ( 8 ) :

في الصفحة السادسة ذكرت ترجمة إنجيل لوقا 2 : 14 التي تقول : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وفي الناس المسرة " .
من المسلم به كحقيقة أن إنجيل لوقا لم يصل إلينا إلا النص اليوناني منه ، وأن الحشود السماوية أنشدت أنشودتها هذه بلغة الرعاة ، وهي لم تكن بالطبع اللغة اليونانية بل كانت العبرية العامية أو بالأحرى الآرامية ، إلا أنه وصل إلينا ترجمتها اليونانية فقط .

يقول الأستاذ عبد الأحد داود أن الكلمتين الآراميتين اللتين نطقت بها الملائكة للرعاة هما (إيريني وإيودوكيا) وأن التفسير النصراني لكلمتي (Eiriny و Eudokia) مخطيء ومتهافت.

فإن كلمة إيريني (Eiriny) اليونانية تعني الإسلام . ولو أرادت الملائكة قول السلام أو الخير لكانت عبرت عنها بكلمة " شالوم " العبرية كما استعملت من قبل في نبوءة إشعياء (45) إلى كورش الملك، وإن كلمة إيودوكيا (Eudokia) تتفق في معناها الصحيح والحرفي بصورة عجيبة مع الكلمات العبرية ( ماحماد ، مَاحَامُود ، حَمْداَ وحِمْداَ ) والتي تستعمل بصورة متكررة في العهد القديم. وأنها تعني في الصيغة العربية (محمد) أو (أحمد) أو (محمود) ويضيف البروفسور بنيامين قائلاً: "لهذا فإن الصيغة العربية "محمد" والعبرية ماحماد، وماحامود " هي مشتقة من أصل واحد ومن نفس الفعل، وأنها بالرغم من الفروق البسيطة في التهجي، فلها أساس ومعنى واحد مشترك، وعليه فلا يكون هناك مثقال ذرة من الشك في ذلك " .

وعلى ذلك تكون الترجمة العربية السليمة لنص لوقا 2 : 14 كالآتي : "الحمد لله في الأعالي، أوشك أن يجيء الإسلام للأرض، يقدمه للناس أحمد"
يضاف كذلك إلى أخطاء العهد القديم ما يلي :

11 - تبعاً لسفر صموئيل الثاني 10 : 18 قتل ( داود من آرام 700 مركبة و40000 فارس) وتبعاً لسفر أخبار الأيام الأولى 19 : 18 كان عدد المراكب 7000 وعدد القتلى 40000 .

12 - وتبعاً لصوئيل الثاني 24 : 1 (حمى غضب الرب على إسرائيل فأهاج عليهم داود قائلاً: امض واحص إسرائيل ويهوذا ) إلا أن كاتب سفر أخبار الأيام الأولى 21 : 1 لم يستطع أن يفرق بين الله والشيطان وجعل صاحب الأمر الشيطان قائلاً : ( ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى داود ليحصي إسرائيل ) .

13 - يقول كاتب سفر صموئيل الثاني 24 : 13 ( فأتى جاد إلى داود وأخبره وقال له أتاني عليك سبع سنين من الجوع) إلا أن كانت سفر أخبار الأيام الأولى 21 : 11 - 12 جعلها ثلاث سنوات فقط ، فقال : ( فجاء جاد إلى داود وقال له هكذا قال الرب إقبل لنفسك إما ثلاث سنين جوع ... ) .

14 - راجع أيضاً ملوك الأول 7 : 26 ( يسع 2000 بث ) وأخبار الأيام الثاني 4 : 5 (يسع 3000 بث ) .

15 - ( كان يهوياكين إبن ( 18 ) سنة حين ملك و ملك ثلاثة أشهر في أورشليم ) ملوك الثاني 24 : 8 ، بينما ( كان يهوياكين إبن ( 8 ) سنين حين ملك ، وملك ثلاثة أشهر وعشرة أيام في أورشليم ) أخبار الأيام الثاني 36 : 9 .

16 - (كان لسليمان 4000 مذود خيل ومركبات 12000 فارس) أخبار الأيام الثاني 25:9، بينما ( كان لسليمان 40000 ألف مذود لخيل مركباته و12000 ألف فارس ) الملوك الأول 4 : 26 .

مع الأخذ في الإعتبار أن الأعداد من ( 21 إلى 34 ) من الإصحاح الرابع من سفر الملوك الأول غير موجودة في النسخة الألمانية Einheitsübersetzung لسنة 1990 ، وكذلك غير موجودة في الكتاب المقدس طبعة زيورخ 1982وكذلك أيضاً طبعة مارتن لوثر 1914 ، ونجدها فقط في الترجمة الإنجليزية القياسية المراجعة R.S.V. لعام 1952 والترجمة العربية ، وكذلك ترجمة مارتن لوثر لسنة 1864 .

17 - يقول سفر الخروج 6 : 20 ( وأخذ عمرام يوكابد عمته زوجة له فولدت له هارون وموسى ) بينما ينهى سفر اللاويبن 18 : 12 عن ذلك قائلاً : ( عورة أخت أبيك لا تكشف إنها قريبة أبيك ) .

18 - يقول سفر صموئيل الأول 6 : 19 : " وضرب [ الله ] أهل بيتشمس لأنهم نظروا إلى تابوت الرب ، وضرب [ الله ] من الشعب خمسين ألف رجل وسبعين رجلاً " .

وقد تغير هذا الرقم( 50070 ) في الكثير من الطبعات الأجنبية ( الألمانية والإنجليزية) إلى ( 70 ) رجلاً فقط لتتناسب مع رحمة الله في مخيلتهم .

* الطبعة القياسية المنقحة لسنة 1971 R.S.V. باللغة الإنجليزية
* طبعة مارتن لوثر لسنة 1990 باللغة الألمانية
* طبعة زيورخ لسنة 1982 باللغة الألمانية
* طبعة الترجمة الموحدة (Einheitsübersetzung)1980 باللغة الألمانية
وكتب في هذه الطبعة التعديل خارج الأقواس وكتب الأصل داخل الأقواس ، فأيهما أوحى به الله؟
* طبعة تسفنجلي-زيورخ لسنة 1958 باللغة الألمانية
* طبعة تسفنجلي-زيورخ لسنة 1952 باللغة الألمانية
* طبعة تسفنجلي-زيورخ لسنة 1941 باللغة الألمانية
* طبعة مارتن لوثر لسنة 1958 باللغة الألمانية
* في طبعة توبنجن لسنة 1911 باللغة الألمانية
* في طبعة مارتن لوثرلسنة 1864 باللغة الألمانية
* في طبعة مارتن لوثرلسنة 1690 باللغة الألمانية
* في طبعة دار الكتاب المقدس فى العالم العربى لسنة 1981 باللغة العربية
* في طبعة دار الكتاب المقدس فى الشرق الأوسط لسنة 1989 باللغة العربية

19 - لم تكن تكتب اللغة العبرانية بالتشكيل [الذي يمثل الحروف المتحركة في اللغات الأجنبية] لذلك أخطأ مترجم العهد القديم [من العبرانية] إلى اللاتينية في ترجمة جذر كلمة (Krn) كرن على أساس نطقها (Keren) وهي تعني القرن، أما نطقها الصحيح فهو (Karan) أي "إشعاع الضوء".

وعلى هذه الترجمة الخاطئة قام مايكل أنجلو بعمل تمثال لموسى علي السلام ووضع عند جبهته قرنين ومازال هذا التمثال قائماً عند قبر البابا يوليوس الثاني في روما . ( فايلاند."مسـيّا من الجليل" ألمانيا 1989 صفحة 28 -غير مترجم) .

20 - ( ولما رأى أنه [ أي الله] لا يقدر عليه ضرب حق فخذه ، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه ، وقال [الله] أطلقني لأنه قد طلع الفجر ، فقال [يعقوب] لا أطلقك إن لم تباركني .... فدعا يعقوب إسم المكان فنئيل قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه) تكوين 32 : 23 - 33 . قارن هذا بقول الإنجيل المنسوب إلى يوحنا 1 : 18 ( الله لم يره أحد قط) وهل يمكن لإنسان عاقل (ولا أقول لاهوتي) أن يتخيل أن العبد المخلوق يقبض على خالقه ويرفض إطلاق سراحه إن لم يباركه هذا الإله الضعيف ! فكأن الإله باركه عن غير إرادته مضطراً لفعل هذا ! سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً !

21 - يصور كاتب سفر التكوين 3 : 8 - 9 الله على أنه بشر بكل مظاهره، فيقول: (وسمعا صوت الرب ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب في وسط شجرة الجنة ، فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت ) وهذه ليست صورة الإله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور !

22 - ذكر كاتب سفر صمويل الأول 18 : 19 أن ميراب إبنة شاول ، ونسى كاتب سفر صموئيل الثاني 21 : 8 وذكر إسم إبنة شاول ميكال وليس ميراب .

23 - وفي سفر صموئيل الثاني 21 : 8 - 9 نجد أن داود قد أخذ بني ميكال الخمسة وأسلمهم للصلب مع إثنين آخرين . وهو مسجل هكذا في النسخة العربية وبعض النسخ الألمانية مثل Einheitsübersetzuny لعام 1982 إلا أنها عدلت في النسخ الألمانية الحديثة إلى : ( الأولاد الخمسة الذين ولدتهم ميراب إبنة شاول ( أوريل ) وكان ذلك حتى يرضى الرب ويمنع إستمرار المجاعة التي دامت ثلاث سنوات .

ومن المسلم به أن ميكال زوجة داود وأخت ميراب الصغرى، فعُدِّلَت حتى لا يكون داود قد قتل أولاده، بل أولاد ميراب إبنة شاول الذي أراد الإمساك به وقتله .

24 - إن الزمان من خلق آدم إلى طوفان نوح عليهما السلام يبلغ تبعاً لنسخة الكتاب المقدس العبرانية 1656 سنة وعلى وفق اليونانية 2262 سنة وعلى وفق السامرية 1307 ســنة وفي مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس جــدول يـبـيـن هذا الإختلاف بالتفصيل . ( نقلاً عن الكتاب المقدس في الميزان لعبد السلام محمد ) .

سلسلة البطارقة قبل الطوفان عمرهم عنــد ولادة البكر :

عبرانية سامرية سبعينة
آدم 130 130 230
شيت 105 105 205
أنوشى 9 90 190
مينان 70 70 170
صمائيل 65 65 165
يارد 162 62 162
أخنوخ 65 65 165
متوشالح 187 67 187
لامك 182 53 185
نوح 600 600 600
المجموع 1656 1307 2262

25 - يقول سفر صموئيل الأول 28 : 6 ( فسأل شاول من الرب فلم يجبه الرب لا بأحلام ولا بالأوريم [ وسيط الوحي بالأنبياء ) إلا أن سفر أخبار الأيام الأولى 10 : 14 يرى أن شاول ( لم يسأل عن الرب فأماته ) .

26 - لو كان موسى هو كاتب هذا العهد القديم فمن الذي أخبرنا بكل ما حدث بعد وفاته ، بل بوفاته ودفنه نفسها ؟ يقول سفر التثنية : ( فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مواب ... ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم ) 34 : 5 - 6 وكذلك أيضاً : ( وكان موسى إبن { 120 } سنة حين مات ) تثنية 34 : 7 -

13 - نزل ملاك الرب إلى يوسف في الحلم وكان نائماً ليخبره بولادة الطفل ( متى 1 : 20 ) بينما نزل إلى مريم العذراء ولم تكن نائمة وأقرأها السلام (لوقا 1 : 28).

14 - ذكر متى أن جميع آباء وأجداد المسيح [ عليه السلام ] إلى جلاء بابل كانوا من السلاطين وفي لوقا لم تكن لديهم أية شهرة وبالتالي لم يكونوا سلاطين ولم يكن معروفاً فيهم غير داود وناتان إبنه .

15 - ذكر متى (1: 13) أن شلتائيل إبن يكنيا، وذكر لوقا (3: 27) أن شلتائيل بن نيري .

16 - ذكر متى (1 : 13) أن أبيهود إبن زربابل، وذكر لوقا (3 : 27) أن اسمه ريسا، أما بني زربابل فهم : مشلام ، وضنيا ، وشلومية أختهم (أخبار الأيام الأولى 3 : 19).
وكما نلاحظ ليس فيهم لا أبيهود ولا ريسا فإما أخطأ كل منهم مرة واحدة أو أخطأ لوقا مرتين !

17 - سليمان ولد رحبعام ( متى 1 : 7 ) " وأما رحبعام بن سليمان فملك في يهوذا ، ..... واسم أمه نعمة العمونية " ملوك الأول 14 : 21 .
ويقرر سفر التثنية أن أية عموني أو موابي لا يدخل في جماعة الرب حتى الجيل العاشر قائلاً : " لا يدخل عموني ولا موابي في جماعة الرب حتى الجيل العاشر ، ولا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد " تثنية 23 : 3 .

18 - أجيال القسم الثاني عند متى (ثمانية عشر) لا (أربعة عشر) كما يظهر من الإصحاح الثالث سفر أخبار الأيام الأولى 3 : 10 - 16 ، فقد نسي الكاتب أربعة أسماء من أجداد المسيح السلاطين المشهورين . راجع أيضاً ( متى1 : 17 ) .

19 - يذكر لوقا قبل إبراهيم عشرين إسماً بينما لا يذكر العهد القديم إلا تسعة عشر إسماً فقط، فقد أضاف لوقا بعد أرفكشاد رجلاً يدعى قينان، ولا نجد له أثراً في سفر التكوين بإعتباره إبن أرفكشاد ، ويقول سسفر أيام الأخبار الأولى : " وأرفكشاد ولد شالح ، وشالح ولد عابر " 1 : 18 .

ومعنى هذا أنه لم يمر قبل وجودإبراهيم إلى آدم ( بداية الخلق ) إلا {19} أو {20} جيلاً من الكائنات البشرية ، وبالنظر إلى جدول أنسال آدم حسب سفر التكوين الذي يحتوي على الإحداثيات الزمنية التي يمكن إستنتاجها نجد أنه قد مر حوالي {19} قرناً فيما بين ظهور الإنسان على الأرض وميلاد إبراهيم ( راجع الإصحاحات 4 ، 5 ، 11 ، 21 ، 25 من سفر التكوين ) ، وهذا ما تؤكد عكسه تماماً الحفريات والحضارات القديمة مثل الحضارة المصرية وحضارة ما بين النهرين وظهور الإنسان بهما .

20 - يوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل ( متى 1 : 11 ) .

ويعلم منه أن ولادة يكنيا وإخوته من يوشيا في وقت جلاء بابل ، فيكون يوشيا حياً في هذا الجلاء ، أو مات على الأكثر قبل ذلك بعام ، وهذا خطأ من ثلاثة أوجه :

أ - مات يوشيا قبل هذا الجلاء بإثني عشر عاماً ، حيث إنه بعد موته جلس ياهوحاز إبنه على سرير السلطنة ثلاثة أشهر ، ثم جلس يهوياقيم إبنه الآخر إحدى عشر سنة ، ثم جلس يكنيا ( = يهوياكين ) إبن يهوياقيم ثلاثة أشهر ، فأسره بنوخدنصر وأجلاه مع بني إسرائيل الآخرين إلى بابل ( ملوك الثاني 23 : 31 ، 36 ، 24 : 6 - .... ) .

ب - إن يكنيا إبن يوشيا وليس إبنه مباشرةً ( أخبار الأيام الأولى 3 : 15 - 16 ) .

جـ - كان يكنيا ( يهوياكين ) وقت جلاء بابل إبن ثمانية عشر ولم يكن رضيعاً . ( ملوك الثاني 24 : 8 ) .

21 - يقول لوقا إن " شالح إبن قينان إبن أرفكشاد " 3 : 36 .
ويخبرنا سفر الأيام الأولى ( 1 : 18 ) أن " أرفكشاد ولد شالح ، وشالح ولد عابر " ويخبرنا سفر التكوين ( 11 : 13 ) أن أرفكشاد " عاشي بعد ما ولد شالح " 403 سنة أي إن شالح إبن أرفكشاد وليس إبن إبنه . ( إنظر أيضاً رقم 19 ) .

22 - يذكر لوقا ( 2 : 22 ) أن يوسف ومريم قد رحلا من الناصر ، إلى بيت لحم قبل الولادة أما متى ( 2 : 13 ) فيذكرها بعد الولادة .

23 - يذكر لوقا أن والدي المسيح عليه السلام صعدا إلى أورشليم " لكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب : زوج يمام أو فرخي حمام " لوقا 2 : 22 - 24 .
ويقول سفر أرمياء : " هكذا قال رب الجنود إلى إله إسرائيل : ضموا محارقكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتكم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة ، بل إنما أوصيكم بهذا الأمر قائلاً : إسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً ، وأنتم تكونون لي شعباً ، وسيروا في كل الطريق ، لذى أوصيكم به ليُحسن إليكم " أرمياء . 7 : 21 - 23 . فوحي من نصدق ؟

24 - ذكر لوقا في إصحاحه الأول من إنجيله أن حمل أليصابات زوجة زكريا كان في عهد هيرودس الملك ، وحملت مريم العذراء بعيسى عليه السلام بعد ذلك بستة أشهر ( لوقا 1 : 5 - 7 ، 23 ، 36 ) وبعد ذلك بتسعة أشهر وضعت مريم العذراء طفلها عيسى عليهما السلام وكان ذلك في عهد كير ينوس والي سوريا ( لوقا 2 : 1 - 3 ) .

وفي ذلك يقول قاموس الكتاب المقدس الألماني : " تسبب هذه المعلومات الكثير من المشاكل حيث إنها تعود إلى الوقت الذي كان يحكم فيه هيرودس الكبير وقبل موته ( أي عام 4 ق . م . ) . وقد تأكد لنا من المصادر القديمة وكذلك العملات المعدنية التي عثر عليها أنه ما بين عامي 9 إلى 6 ق . م . كان يحكم سوريا ساتورنينوس ثم فاروس ".

ثم حاول الكاتب الخروج من هذا المأزق وافترض أن هذا الحاكم ربما كان الحاكم العسكري ، ثم عاد وترك الموضوع معلقاً فقال : " ولايبرر ذلك أن ندخله في دائرة الشك ، بما في ذلك معطيات لوقا 2 : 2 ، وحتى لو أننا لا يمكننا للآن تأكيد ذلك بصورة قطعية خارج العهد القديم " ( صفحة 270 تحت كلمة Cyrenias ) .

إلا أن ترجمة الكتاب المقدس الألمانية (Einheitsübersetzuny) فتعلل هذا التخبط بأن لوقا قد قبل في الفصلين الأول والثاني من إنجيله الحكايات المسيحية وتواترات تلاميذ يوحنا المعمدان ( هامش صفحة 1141 ) .

أي أنها لم توح إليه وذلك مصداقاً لوقا : " إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً وقد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " لوقا 1 : 7 - 4 .

وعلى أية حال فإن عيسى عليه السلام قد ولد زمن " هيرودس الملك " متى 2 : 1 .

ويقول قاموس الكتب المقدس الألماني صفحة 592 أن هيرودس أنتيباس الذي كان يحكم عقب وفاة أبيه هو هيرودس الكبير من 4 ق . م . إلى 39 بعد الميلاد وكان يسمى هيرودس الملك أو رئيس الربع ، أي أن عيسى عليه السلام ولد في عهده تبعاً لقول الإنجيل ، وبعد ذلك وكان يسوع مايزال طفلاً مات هيرودس هذا ( متى 2 : 19 ) لذلك رجع مع أبويه إلى أرض فلسطين متى ( 2 : 21 ) فترى من هيرودس هذا الذي أرسل إليه يسوع ليحاكمه ؟ ( لوقا 23 : 7 ) مع العلم أنه لم يأت بعده من يسمى هيرودس إلا عام ( 93 - 100 ) بعد الميلاد وهو هيرودس أجريبا !

25 - أما بالنسبة لسنة الإكتتاب - تعداد السكان - ( لوقا 2 : 2 ) فيقول قاموس الكتاب المقدس الألماني أيضاً في صفحة (270) أن هذا التعداد بدأ في عام 27 ق م في جالين حيث إستغرقت هناك (40) عاماً على الأقل وسرعان ما انتشرت في الأقاليم الأخرى ومن المحتمل أن تزامن هذا الإكتتاب في ســوريا كان في عامي (12- 19) ق. م.

وعلى ذلك يكون وقت الإكتتاب قد حدث قبل ولادة السيد المسيح عليه السلام بعدة سنوات يقدرها البعض بخمس عشرة سنة ، وليس بعد ولادته كما ذكر لوقا. مع الأخذ في الإعتبار أنه بين السنوات 9 - 6 ق . م . تدلنا المصادر القديمة والعملات المعدنية على أنه كان هناك حاكم يدعى ساتورنينوس وعقبه فاروس .

إلا أن كاتب قاموس الكتاب المقدس يؤكد أنه لدينا وثائق من مصر تؤكد أن العائلة المقدسة قد سجلت في القائمة فإن صح كلامه فيدحض هذا نظرية الوحي المطلق للإنجيل .

26 - يقول متى : " لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله ، ولا بالأرض لأنها موطيء قدميه ، ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم ، ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء ، بل ليكن كلامكم نعم نعم ، لا لا ، وما زاد على ذلك فهو من الشرير " متى 5 : 34 - 37 .
ويقول أيضاً " ويل لك أيها القادة العميان القائلون من حلف بالهيكل فليس بشيء ولكن من حلف بذهب الهيكل يلتزم ، أيها الجهال والعميان أيهما أعظم الذهب أم الهيكل الذي يقدس الذهب ، ومن حلف بالمذبح فليس بشيء ، ولكن من حلف بالقربان الذي عليه يلتزم أيها الجهال والعميان أيها أعظم القربان أم المذبح الذي يقدس القربان ، فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه، ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه، ومن حلف بالسماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه) متي 23 : 16 -22
فماذا أراد الوحى هنا ؟ أنحلف أم لا ؟ أنحلف صدقاً أم كذباً ؟ وعلى هذا السؤال الأخير يجيبنا بطرس زعيم الحواريين ، الصخرة التى أراد يسوع (؟) أنه يبنى عليها كنيسته حتى إن " أبواب الجحيم لن تقوى عليها، وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات ، فكل ماتربطه على الأرض يكون مربوطاً فى السموات ، وكل ماتحله على الأرض يكون محلولاً في السموات " متى 16 : 18 - 19 .

أما إجابة بطرس فيسجلها متى كالآتي : " فأجاب بطرس وقال له وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً " متى 26 : 33 إلا أنه عند سؤاله للمرة الثالثة " إبتدأ حينئذ يلعن ويحلف إني لا أعرف هذا الرجل " متى 26 : 74.

إنه لم يحلف فقط كذباً ، بل لعن أيضاً ، فياترى لعن من ؟ أتمنى ألا يكون قد لعن عيسى عليه السلام كما فعل بولس بعد ذلك : " المسيح إفتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة " غلاطية 3 : 13 .

ألم يسمع زعيم الحواريين قول يسوع : " من قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم " متى 5 : 22 فما بالكم بمن يلعنه؟ والناموس الذي جاء عيسى عليه السلام لا لينقضه بل ليؤكده (متى 5 : 16) يقول " الرب إلهك تتقي وإياه وبإسمه تحلف " تثنية 6 :13.

28 - كم مرة صاح الديك عند محاكمة يســوع أمام مجلس اليهود ؟
فقد صاح الديك مرة واحدة عند كل من متى (26: 75) ولوقا (22: 61) ويوحنا (18: 27) ، بينما صاح مرتين عند مرقس (14: 72) .

29 - أما عن السؤال عن المكان الذي حدثت فيه قصة سكب العطر فيجيب مرقس(14 : 3 ) ومتى ( 26 : 6 ) قائلاً : إنها حدثت فى منزل سمعان الأبرص فى بيت عنيا، ويقول لوقا ( 7 : 36 ) إنها حدثت في بيت الفريسى ، ويخالفهم يوحنا ( 12 : 1-2 ) بقوله إنها حدثت في منزل مريم ومرثا ولعازر .

30 - ومن المرأة التي سكبت العطر ؟
فهي مجهولة عند كل من مرقس ( 14 : 3 ) ومتى ( 26 : 7 ) ، أو خاطئة (زانية) عند لوقا ( 7 : 37 ) أو هي مريم أخت لعازر عند يوحنا ( 12 : 3 ) .

31 - وماذا دهنت بهذا العطر أرأسه أم قدميه ؟
دهنت رأسه عند مرقس ( 14 : 3 ) ومتى ( 26 : 7 ) ، وإنفرد لوقا ( 7 : 38 ) ويوحنا ( 12 : 3 ) بقولهما إنها دهنت رجليه .

32 - وماذا كان رد فعل الحاضرين ؟
إغتاظ القوم لإسرافها (مرقس 14 : 4)، وإغتاظ التلاميذ (متى 26 : 8)، تساءل الفريس مع نفسه حول معرفة يســوع بشخصية المرأة (ولم يتكلم ولكنه شك فقط) (لوقا 7 : 39) بينما إغتاظ يهوذا الأسخريوطي لإسرافها (يوحنا 12: 4 - 5).

33 - هل قال حقاً عيسى عليه السلام : " يوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات، من إستطاع أن يقبل فليقبل ؟ " متى 19 : 12 .
ولم يكن أحد الأنبياء مخصياً أو حتى أحد الحواريين، فمن المعروف أن بعض الحواريين كان متزوجاً مثل بطرس وبولس، بل ويندد سفر التثنية بمن يفعل ذلك قائلاً: "لا يدخل مخصي بالرضى أو مجبوب في جماعة الرب" تثنية 23 : 1، ولم يأت عيسى عليه السلام ناقضاً للناموس أو الأنبياء لذلك قال : " لا تظنوا أنني جئت لأنقض بل لأكمل ، فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل " متى 5 : 17 - 18.

34 - هل يمكن لإنسان أن يركب دابتين في آن واحد ؟
يجيب متى على هذا السؤال بالإيجاب فيقول : "وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما
ثيابهما فجلس عليهما" متى 21: 7 وخالفه لوقا وجعله يجلس على الجحش فقط، فقال:"وأتيا به إلى يســوع وطرحا ثيابهما على الجحش وأركبا يســوع" لوقــا19: 35.

35 - يدعي متى أنهم أعطوا المصلوب : " خلاً ممزوجاً بمرارة ليشرب " متى 27 : 34. وجعلها مرقس خمراً ممزوجة بمر ليشرب " مرقس 15 : 23 .

ولم تتغير كلمة " الخل " عند متى في النسخة العربية، ولا في النسخة الألمانية القديمة، (إنظر ترجمات مارتن لوثر 1864 ، 1914 ، 1932 ، 1933 ولكنها تغيرت في النسخ الحديثة إلى " خمر " لتتطابق مع قول مرقس .

36 - من المعروف جيداً لدى العامة من النصارى قول يســوع : " سمــعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن ، وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشــر ، بل من لطمك علىخدك الأيمن فحوّل إلى الآخر أيضاً " متى 5 : 38 - 39 .

وهذا يتعارض مع قول متى أيضاً : " لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض ، ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً ، فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه والإبنة ضد أمها والكنة ضد حماتها " متى 10 : 34 - 35 .

ويتضارب أيضاً مع قوله : " حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء ، فقالوا لا ، فقال لهم لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ، ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفاً " لوقا 22 : 35 - 36 .

فلماذا أراد السيف ؟ وماذا كانت نيته أن يفعل؟ أحقاً قال : " أحبوا أعداءكم ؟ " متى 5 : 44 ) أم " لما رأى الذين حوله ما يكون قالوا له يارب أنضرب بالسيف ، وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى " ؟ ( لوقا 22 : 49 - 50 ) .

فلو كان قال أحبوا أعداءكم لما أمرهم بالضرب ! ولو لم يأمرهم بالضرب فيكون قد خالفه الضارب الذي سماه إنجيل يوحنا ( بطرس ) رئيس الإثنى عشر ! ولو قال : " أحبوا أعداءكم " لما قال " لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض ، ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً ، فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه ، والإبنة ضد أمها ، والكنة ضد حماتها " متى 10 : 34 - 35 .

ولو قال أحبوا أعداءكم فمن القائل إذن: " أما أعدائى الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدّامى" لوقا 19: 27 .

ولو قال : " أحبوا أعداءكم " لكان قد أنقذ الخائن ( يهوذا الإسخربوطي ) من الشيطان الذي داخله ولما طرده وتركه للهلاك .

ولو قال قائل : إنه عيسى عليه السلام تركه ليحرر البشرية من الخطيئة الأزلية المتوازثة منذ آدم لقلنا إذن يهوذا الإسخربوطي هو الذي حرر البشرية من الخطيئة الأزلية ولقدسناه، ولقلنا: " في تلك الأيام لا يقولون بعد: الآباء أكلوا حصرماً وأسنان الأبناء ضرست، بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه " إرمياء 31 : 29 - 30 .

ولقلنا : " وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الإبن من إثم الأب ، أما الإبن فقد فعل حقاً وعدلاً حفظ جميع فرائضي وعمل بها فحياة يحيا ، النفس التي تخطيء هي تموت ، الإبن لايحمل من إثم الأب ، والأب لايحمل من إثم الإبن ، بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون " حزقيال 18 : 19 - 20 .

ولقلنا: "لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء ، كل إنسان بخطيته يقتل" تثنية24: 16- وهي تخالف ما جاء في سفر الخروج 20: 5 والتثنية 5: 9.

ولقلنا : " وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله " متى 16 : 27
أي " لا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى " ( فاطـــر 18 ) .

ولقلنا : "حينئذ قدم إليه أولاد لكي يضع يديه عليهم ويصلي ، فإنتهرهم التلاميذ ، أما يســوع فقال دعوا الأولاد يأتون إلىّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات فوضع يديه عليهم ومضى من هناك " متى 19 : 13 - 15 .

هذا فعله عيسى عليه السلام مع الأطفال ولم يكن قد مات بعد ليتحرر الأطفال من الخطيئة الأزلية ، وفي هذا نفي كبير ورفض عميق لمسألة الخطيئة الأزلية التي طرحها بولس وصدقها من يتبعه ولو كانت الخطايا قد غفرت بصلب من تؤلهونه فلماذا تقومون بتعميد أطفالكم ؟ ألم تغفر خطيئاتهم بصلبه ؟

ولو قال : " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء " متى 5 : 17 .

لما قال : " سمعتم أنه قيل . . . أما أنا فأقول لكم " متى 5 : 39 فهل أراد بذلك مخالفة الناموس والأنبياء وعمل ديانة جديدة ؟

وها هي التوراة تقول : " نفساً بنفس ، وعيناً بعين ، وسناً بسن ، ويداً بيد ، ورجلاً برجل ، وكياً بكي ، وجرحاً بجرح ، ورضاً برضا " خروج 21 : 23 - 25 .

هل الكتاب المقدس حقاً من وحي الله إلى أنبيائه ؟

37 - وإن كنتم مازلتم عند رأيكم فإقرأوا :
" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً " يوحنا 5 : 31 .
" وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق " يوحنا 8 : 31 .

38 - أترون أن يســوع الذي قال : " ما جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء" متى 5 : 17 وقال أيضاً: "جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ، ولكن الخراف لم تسمع لهم" يوحنا 10 : 8 فلماذا لم ينقض إذن كلام هؤلاء اللصوص والسراق من الأنبياء قبله؟
والله لم يتفوه رسول الله عيسى بن مريم العذراء عليهما السلام ذو الفم العطر بهذا على إخوانه من الأنبياء والرسل من قبله وإلا فكيف يستقيم هذا مع مدحه للمعمدان القائل : " الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان "؟ متى 11 : 11 .

39 - أحقاً صام يسوع أربعين يوماً ( متى 4 : 2 ) ولم يستطع تحمل العطش وهو على الصليب فأهان نفسه وقال : " أنا عطشان " فأعطوه خلاً ممزوجاً بمر؟ يوحنا19 : 28.

40 - أحقاً كان من تدعونه إلهكم أسير الشيطان 40 يوماً في البرية يجربه ؟ متى4 :10:1.
وإذا كان كذلك فلماذا لا تعبدون الشيطان الأقوى نفسه؟! " لا يقل أحد إذا جرِّب إني أجرَّب من قبل الله ، لأن الله غير مجرَّب بالشرور وهو لا يجرب أحداً ، ولكن كل واحد يجرب إذا إنجذب وإنخدع من شهوته " رسالة يعقوب 1 : 13 - 14 .

41 - " وإذ إمرأة . . . . صرخت إليه قائلة إرحمني يا سيد يا إبن داود "
من هذه المرأة؟ أكنعانية (متى15: 22) أم فينيقية سورية (مرقس7: 26)؟

42 - هل قبّل يهوذا الإسخربوطي عيسى عليه السلام ؟
إتفق وحي كل من مرقس (14 : 45) ومتى (26 : 49) على أنه قبّله، وخالفهما وحي لوقا (22 : 48) فيشير إلى أنه كان على وشك أن يقبله، وخالفهم وحي يوحنا (18 : 3) فيشير إلى أن يهوذا أرشد اليهود فقط عن المكان ولم يقترب نهائياً من يســوع ليقبله أو حتى حاول ذلك .

43 - وماذا كان رد فعل عيسى عليه السلام ؟ - إتفق كل من مرقس (14: 48) ولوقا (22: 52) ومتى (26: 55) على قوله: "كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي" وخالفهم يوحنا (18: 7) وقال: "من تطلبون ؟ " .

44 - يقول متى على لسان عيسى عليه السلام: "إني أريد رحمة لا ذبيحة" متى(9: 13) ويقول بولس: " وكل شيء تقريباً تتطهر حسب الناموس بالدم ، وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة " عبرانيين 9 : 22 .

45 - ماذا فعل يهوذا الإسخربوطي بالنقود التي باع بها سيده ؟
على هذا السؤال يجيب وحي لوقا قائلاً:" إقتني حقلاً من أجرة الظلم" أعمال الرسل18:1. ويجيب وحي متى قائلاً إن يهوذا رجع إلى المجلس "وطرح الفضة في الهيكل وانصرف " 5:27 .

46 - وكيف مات يهوذا ؟
يقول لوقا : " وإذ سقط على وجهه إنشق من الوسط وإنسكبت جميع أحشاؤه كلها" أعمال الرسل 1 : 19. ويقول متى : "مضى ليخنق نفسه" متى 27 : 5 .

47 - متى إنشق حجاب الهيكل ؟
إتفق وحي مرقس (15 : 37 - 38) ومتى (27 : 50 - 51) أن حجاب الهيكل قد إنشق بعد موت يســوع، وخالفهما لوقا (23: 45 - 46) وجعلها قبل موته، ولم يعلم وحي يوحنا شيئاً عن ذلك .

48 - من حمل الصليب ؟
إتفق وحي مرقس (15: 21) ولوقا (23: 26) ومتى (27: 32) على أن حامل الصليب هو سمعان القيرواني، وخالفهم وحي يوحنا بقوله "يســوع نفســه" (19: 17) .
مع الأخذ في الإعتبار أن الشخص المذكور هنا هو من حمل الصليب بداية، وهذا لا يدع مجال للقول بأن يســوع حمله ولما تعب حمله سمعان القيرواني !!!

49 - ماذا كان وضع الحجر عند باب المقبرة عندما أتين حاملات الحنوط؟ ومن الذي دحرجه؟
يقول وحي مرقس : " رأين أن الحجر قد دحرج " 16 : 4 .
ويقول وحي لوقا : " فوجد الحجر مدحرجا من القبر " 24 : 2 .
ويقول وحي متى صانع المعجزات : "ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر من الباب وجلس عليه " 28 : 2 أي أن الحجر لم يكن مدحرجاً وتم ذلك أمامهم !
ويتفق وحي يوحنا مع وحي لوقا ومرقس ( يوحنا 20 : 1 ) .
وبالتالي لم يوح إلى مرقس أو لوقا أو يوحنا من الذي دحرج الحجر ليطلق من الإله الميت صلباً والمقبور منذ أن دُفِنَ (؟) !

50 - وماذا رأى شهود العيان فى المقبرة أو أمامها؟
يقول مرقس : " رأين شاباً جالساً على اليمين لابساً حلة بيضاء " 16 : 5 .
يقول لوقا: "وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة" 24: 4.
قول متى : " حدثت زلزلة عظيمة لأن ملاك الرب نزل من السماء " 28 : 2 .
ويقول يوحنا : " فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحداً عند الرأس والآخر عند الرجلين " 20 : 12
ولا يمكن أن يدعي إنسان أن هذه الأخطاء من وحي الله ، ولا يمكن أن يزعم إنسان أن ذلك يرجع إلى ضعف الوحي في المسائل الحسابية حيث كان تخصصه في العلوم الأدبية منذ الإبتدائية !!!

51 - وأين كان هذا الملاك أو الرجلين أو . . . . ؟
" داخل القبر جالساً " مرقس 16 : 4 ، 5 " كانا داخل القبر " لوقا 24 : 4
" جلس الملاك على الحجر خارج القبر" متى 28 :2 "وجدت الملكين فى المقبرةأحدهما
عند الرأس والأخر عند الرجلين. يوحنا 20 :4-12

52 - من أول من رأى يســوع بعد قيامته ؟
مريم المجدلية (مرقس 16: 9، يوحنا 20: 14)، مريم المجدلية ومريم الأخرى (متى 28 : 9) (إثنان منهم كانا منطلقين إلى قرية عمواس) لوقا 24 : 13 .
هل يمكن لمحكمة الأخذ بهذا الإدعاء وتصديقه تماماً ؟ !

53 - ماذا كان رد فعل مريم المجدلية عندما رأته ؟
لم يكن هناك رد فعل غير طبيعي عند مرقس 16 : 1 .
لم يلتق يســوع بمريم المجدلية بالمرة عند لوقا .
" أمسكتا [ مريم المجدلية ومريم الأخرى ] قدميه وسجدتا له " متى 28 : 9 .
" قالت له ربوتي الذي تفسره يا معلم " يوحنا 20 : 16 .

54 - كم مرة ظهر للتلاميذ ؟
ظهر مرة واحدة عند مرقس 14 : 16، ولوقا 24 : 36، ومتى 28 : 16، بينما ظهر ثلاث مرات تبعاً ليوحنا 20 : 19 ، 26 ، 21 : 1 .

55 - ما مكان نقطة إنطلاق يســوع إلى السماء ؟
( الجبل في الجليل ) عند مرقس ، من بيت عنيا بأورشليم ( لوقا 24 : 50 ) .
صعد من محل إجتماعهم ( العلّـية ) عند متى ، ولم يذكر يوحنا أنه صعد .

56 - وماذا كانت آخر أوامره ؟
" إذهبوا إلى العالم أجمع وأترزوا بالإنجيل للخليقة كلها " مرقس 16 : 15 .
وبالنسبة لنص مرقس تقول تراجم الكتاب المقدس تعليقاً على فقرة مرقس 16: 9 - 20 إنها كتبت في القرن الثاني بعد الميلاد ولم يعثر عليها في أقدم النصوص، وهذا ماحدا ببعض التراجم أن تحذفها من الكتاب المقدس، وقد أدرجها البعض كحاشية فى أسفل الصفحة (R.S.V.,1952)، ووضعها البعض بين قوسين معكوفين (Einheitsübersetzung) أى أنها لاتنتمى للنص الأصلى.
" فأقيموا في أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي " لوقا 24 : 49 .
" إذهبوا تلمذوا جميع الأمم " متى 28 : 19 ولم يذكر يوحنا شيئاً عن هذا .
قارن ما قرأته الآن بالقادم : " هؤلاء الإثنى عشر أرسلهم يســوع وأوصاهم قائلاً إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة السامريين لا تدخلوا ، بل إذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " متى 10 : 5 - 6 .
وقوله : " لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " متى 15 : 24 .

57 - وماذا كان رد فعل التلاميذ ؟
" وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان " مرقس 16 : 20 .
وعند لوقا "رجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون
ويباركون الله " لوقا 24 : 52 - 53 .

58 - يقول متى : " لكي يأتي عليكم دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح " متى 23 : 35 .
وهنا أخطأ الكاتب بين زكريا إبن يهويا داع الكاهن الذي قتل ( أخبار الأيام الثاني 24 : 20 - 22 ) وبين زكريا إبن برخيا ( زكريا 1 : 1 ، 7 ) .
إنظر هامش إنجيل متى صفحة 6 - 11 من الكتاب المقدس (Einheitsübersetzung).

59 - : حينئذ تم ما قيل بإرمياء النبي القائد وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني إسرائيل " متى 27 : 9 .
ويعلق الكتاب المقدس (Einheitsübersetzung) على هذا في صفحة 1112 قائلاً: "إن هذا الإقتباس المنسوب إلى أرمياء قد تم تجميعه من أسفار زكريا وإرمياء والخروج"

60 - ذكر متى كاتب المعجزات عقب وفاة المصلوب : "الأرض تزلزلت، والصخور تشققت والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين " متى 27 : 51 - 53 .
لم يذكر هذه الواقعة غيره من الإنجيليين ، ولم تذكر ولو إشارة واحدة عن ذلك في كتب المؤرخين ، ناهيك عن تقبل العقل لهذا .
فمن فك أربطة القديسين ليتمكنوا من القيام والخروج؟ ومن دحرج لهم الحجر ليتمكنوا من الخروج؟ ولماذا لم يقم كتاب أعمال الرسل بسرد هذه الواقعة الهامة؟ وماذا كان مأكل ومشرب هؤلاء القديسين ؟ ولماذا لم ينتقم الشعب المؤمن من كتبة اليهود وأحبارهم على حريتهم هذه؟ ولماذا لم ينتقم بيلاطس نفسه الذي لم يرد صلب المتهم؟ ولماذا لم يدخل الألوف من الشعب ويصدق دعوة عيسى عليه السلام كما حدث بعدما تمت المعجزة وتكلم الحواريون بألسنة مختلفة (أي نزل عليهم الروح المقدس)؟ (أنظر أعمال الرسل 2 : 41) .

61 - " لماذا تدعوني صالحاً إلا واحد وهو الله " متى 19 : 17 .
" أنا هو الراعي الصالح " يوحنا 10 - 11 .

62 - يقول مرقس : " لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدد الخراف " مرقس 14 : 27 .
من الضارب ؟ إنه عيسى عليه السلام .
ومن المضروب ؟ إنه الراعي ، أي عيسى عليه السلام نفسه: " أنا هو الراعي الصالح ، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف " يوحنا 10 : 11 . أي أنه هو الضارب والمضروب، ألا يعد ذلك إنتحاراً، أم تخبطاً أم تحريفاً فى النص ؟

63 - " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الإبن إلا الأب " مرقس 13 : 32 .
فلماذا لم يعرف هذا اليوم وتلك الساعة إذا كان متحداً مع الله في الذات والعلم ؟

64 - " وظهر له ملاك من السماء يقويه " لوقا 22 : 43 .
يا له من إله يواسيه عبيده !
ويا له من إله عبيده أقوى منه !
ويا له من إله عبيده أحكم منه !

65 - كيف إعتنق بولس النصرانية ؟
ذكرت هذه القصة ثلاث مرات في أعمال الرسل الذي يُظن أنه هو كاتبه : المرة الأولى 9 : 3 - 9 ، والمرة الثانية 22 : 6 - 11 ، والمرة الثالثة 26 : 12 - 18 .
وإذا قرأت هذه الفقرات بإهتمام تجد أنه لم يعتنق النصرانية ولكنه فقط ادعى ذلك :
رقم الإصحاح موقف المسافرين معه موقف بولس نفسه
9 : 3 - 9 سمعوا الصوت - لم ينظروا النور - وقفوا صامتين . أمره المسيح بالذهاب إلى دمشق ليتلقى الرسالة هناك .
22 : 6 - 11 لم يسمعوا الصوت ونظروا إلى النور . أمره المسيح بالذهاب إلى دمشق ليتلقى الرسالة هناك .
26 : 12 17 نظــروا النــور وسقطوا على الأرض . أعطاه المسيح الرسالة فوراً مع وعد بإنقاذه من اليهود والأمم الأخرى .

66 - متى مات يســوع ؟
تبعاً ليوحنا ( 19 : 14 ) كان يســوع في حوالي الساعة السادسة مازال واقفاً أمام بيلاطس للتحقيق معه ، وتبعاً لمرقس ( 15 : 25 ) كان يســوع قد مات قبل ذلك بثلاث ساعات ( الساعة الثالثة ) فهل مات عيسى عليه السلام حقاً ؟

67 - يقول بولس: "وأما الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر فإيمانه يحسب له براً" رسالة إلى رومية 4 : 5 .
ويرد عليه يعقوب قائلاً : " ما المنفعة يا إخواني إن قال أحد أن له إيمان ولكن ليس له أعمال ، هل يقدر الإيمان أن يخلص . . . . ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت . . . . " يعقوب 2 : 14 - 20 .

68 - من كان باكورة الذين قاموا من الأموات ؟
بالطبع يقول النصراني البسيط إنه المسيح ويستشهد على ذلك بقول بولس " ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باقورة الراقدين " كورنثوس الأولى 15 : 20 .
أما ما قاله متى فعكس ذلك : " فصرخ يســوع بصوت عظيم وأسلم الروح وإذا حجاب الهيكل قد إنشق إلى إثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القسيسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين " متى 27 : 50 - 53 .
الجملة الأخيرة تترجم هكذا في اللغات الأجنبية ( الألمانية ) : " وخرجوا من القبور ، وبعد قيامته دخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين " لاحظ إنتقال أداة العطف (الواو) فهي إما تجعل القديسين يعيشون ثلاثة أيام وثلاث ليال إلى قيامة يسوع في قبورهم ، أو تجعلهم ( كما في الترجمة الألمانية ) يعيشون خارج قبورهم ويدخلون المدينة المقدسة فقط بعد قيامته .
لاحظ كذلك قيامتهم قبل يســوع ، حيث قاموا فور موته !

69 - قد لاحظت من قضية قيامة يســوع أن الحجر الذي كان موضوعاً أمام المقبرة قد تدحرج ليخرج المقبور ، اقرأ بعد ذلك قول يوحنا 20 : 26 : " فجاء يســوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط وقال سلام لكم " فلماذا كان إذن في حاجة إلي تدحرج الحجر إذا كان يمكنه الدخول عبر الأبواب المغلقة ؟ !

70 - عن من سفك دم المصلوب ؟
يقول مرقس 14 : 28 إنه " يسفك من أجل كثيرين " ويقول لوقا 22 : 20 إنه " يسفك عنكم" أي عن التلاميذ وأتباعه، ويقول يوحنا 6 : 51 "من أجل حياة العالم".

71 - ماذا كان طعام المعمدان ؟
"كان طعامه جراداً وعسلاً برياً" متى 3: 4 ويقول متى نفسه:"لأنه جاء يوحنا لا يأكل ولا يشرب فيقولون فيه شيطان " متى 11 : 18 .

72 - يقول متى : " وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة ، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصرياً " متى 2 : 23 .
ويقول هامش الكتاب المقدس الألماني إنه لا يوجد في كتب الأنبياء أية إشارة إلى ذلك .

73 - يقول متى إنه عند تعميد يســوع " إنفتحت السموات له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وأتيا عليه ، وصوت من السماء قائلاً هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت " متى 3 : 16 - 17 .

ويقول أيضاً : " وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلاً هذا هو إبني الحبيب الذي سررت ، له اسمعوا " متى 17 : 5 وأيضاً مرقس 2 : 7 . ويؤكد يوحنا أنه لم يسمع أحد صوت الله قائلاً : " والأب نفسه الذي أرسلني يشهد لي، لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته " يوحنا 5 : 37 فمن تصدق إذن ؟!

74 - كذلك كان رد فعل التلاميذ عندما سمعوا الصوت عند متى 17 : 6 أن " سقطوا على وجوههم وخافوا جداً " أما عند مرقس فلم يتملكهم الخوف لدرجة أنهم " نظروا حولهم بغتة ولم يروا أحداً غير يســوع وحده معهم " مرقس 9 : 8 .

75 - " وفيما هم خارجون من أريحا تبعه جمع كثير، وإذا أعميان جالسان على الطريق." متى 20 : 29 - 30 وقد جعل مرقس هذين الأعمبين واحداً فقط مع الأخذ في الإعتبار أن عيسى عليه السلام لم يمر بتلك البلدة إلا مرة واحدة . مرقس ( 10 : 46 ) .

76 - كذلك " كان واحداً من المذنبين المعلقين يجدف عليه " لوقا 23 : 39 .
" وبذلك أيضاً كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه " متى 7 : 44 .

77 - " وتقدم إليه يعقوب ويوحنا إبنا زبدى . . . فقالا له أعطنا أن نجلس واحداً عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك " مرقس 10 : 35 - 37 .
أما متى فيقصها كالآتي: "حينئذ تقدمت إليه أم إبني زبدى مع إبنيها وسجدت . . . قالت له إقبل أن يجلس إبناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك "

متى 20 : 20 - 21 .

فمن الذي رجاه : إبنا زبدى أم أمهما ؟ !

78 - يقول مرقس: "ثم قام قوم وشهدوا عليه زوراً قائلين نحن سمعناه يقول إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي وفي ثلاثة أيام أبني آخـر غير مصــنوع بأياد" (مرقس 14: 57 - 58 ) وقد وصف مرقس هذه الشهادة بأنها زور على الرغم من أن يوحنا يؤكد أن يســوع قد قالها: "أجاب يســوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه" يوحنا 2 : 19 .

79 - ماذا قال قائد المائة عن موت المصلوب ؟

قال : " كان هذا إبن الله " متى 7 : 54 .

وعند وحي لوقا قال : " بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً " لوقا 3 : 47 .

ألا تعني هنا " إبن الله " عند متى " الإنسان البار " عند لوقا ؟ ألم يقل عيسى عليه السلام : " أحبوا أعداءكم ، باركوا لاعنيكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا من أجل الذين يسيئون إليــكم ويطردونكم ، لكــي تكونوا أبناء أبيكــم الذي في الســـموات "؟ متى 5 : 44 - 45 .

ألا يعني هذا أيضاً أن إبن الله هو الرجل البار؟ أليست هذه مرتبة يمكن أن يصل إليها كل من يتبع قواعده هذه ( 44 - 55 ) ؟ ألم يدعُ تلاميذه أيضاً أبناء الله قائلاً : " إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم " ؟ يوحنا 20 : 17 .
فلماذا لم يتحد إذن الحواريون معه ومع الله والروح القدس ؟
ألم يقل يوحنا : " أولاد الله أي المؤمنون بأسمه " ؟ يوحنا 1 : 12 .

80 - كذلك تتضارب الأناجيل مع أقوال بولس الذي يناقض العهد الجديد أيضاً في مسألة الختان. فمن المسلم به أن عيسى خُتنَ عندمــا بلــغ ثمــانية أيام (لوقا 2: 21) .

وكان ملتزماً بشريعة موسى هو وأمه وحوارييه أيضاً من بعدهوقد قال الله في ذلك لإبراهيم: "وأما أنت فتحفظ عهدي أنت وسلك من بعدك أجيالهم هذا هو عهدي الذي تحفظون بيني وبين نسلك من بعدك، يختن منكم كل ذكر، فتختنون في لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بيني وبينكم: إبن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم: وليد البيت والمبتاع بفضة من كل إبن غريب وليس من نسلك، يختن ختاناً وليد بيتك والمبتاع بفضتك، فيكون عهدي في لحمكم عهداً أبدياً، وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها، إذ قد نكث عهدي "تكوين 17 : 9 - 14. فهل يختن الآن الشعب النصراني أو قساوسته أوأساقفته ؟

الإجابة هي "لا"، لأنهم إتبعوا قول بولس الذي ألفى الختان والناموس وجعل بر الله وتقواه تُنال بالإيمان فقط دون الأعمال ( إنظر رقم 67 ) ثم لعن من تؤلهونه ، وكذب وافترى على الله بالقسوة وعدم الرحمة، إذ يقول: " المسيح إفتقدانا من لعنة الناموس إذا صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب :

ملعون كل من علق على خشب " غلاطية 3 : 13 ، وقال أيضاً : " فإنه إن كان صدق الله قد إزداد بكذبي لمجده فلماذا أدان أنا بعد كخاطيء " رومية 3 : 7 ، كما قال : " ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت إبنه" رومية 5 : 10 " يســوع المسبح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة " رومية 3 : 25 .

" إن كان الله معنا فمن علينا ، الذي لم يشفق على إبنه بل بذله لأجلنا أجمعين " رومية 8 : 31 - 322 .

81 - كيف يُقال أن عيسى " شرب الخمر ويدعي " الإنجيل تبعاً ليوحنا " أنه حول الماء إلى خمر ؟

أما قرأتم في شريعة موسى : " ولكم الرب موسى قائلاً : لكم بني إسرائيل وقيل لهم : إذا إنفرز رجل وإمرأة لينذر نذراً للرب ، فعن الخمر والمسكر يفترز ، ولا يشرب خل الخمر ولا خل المسكر ، ولا يشرب من نقيع العنب ، ولا يأكل عنباً رطب ولا يابساً كل أيام نذره ، لا بكل من كل ما يعمل في جفنة الخمر من العجم حتى القشر ، كل أيام نذر إفترازه لا يمر موسٌ على رأسه إلى كمال الأيام التي إنتذر فيها للرب يكون مقدساً ويربي خصل شعره " عدد 6 : 1 - 5 .

ولم يكن هذا للمنذور بعد ولادته فقط ، بل من بطن أمه ، فقد حرم الله عليه شرب الخمر والمسكر: "ها أنت عاقر لم تلدي ، ولكنك تحبلين وتلدين إبني، والآن فاحذري ولا تشربي خمراً ولا مسكراً ولا تأكلي شيئاً نجساً، فها إنك تحبلين وتلدين إبناً، ولا يعل موسٌ رأسه، لأن الصبي يكون نذيراً لله من بطن أمه" قضاة 13 : 3 - 5 .

كما قيلت أيضا في يوحنا المعمدان " لأنه يكون عظيماً أمام الرب وخمراً ومسكراً لا يشرب ومن بطن أمه يمتليء من الروح القدس " لوقا 1 : 15 .

ولا تختلف صورة عيسى عليه السلام عن هؤلاء الأنبياء ، فكل منهم كان فاتح رحم ( أي أول مولود تنجبه أمه ) ، وتقول شريعة موسى : " وكلم الرب موسى قائلاً : قدس لي كل بكر وكل فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس و من البهائم . . . . فقدم للرب كل فاتح رحم . . . " خروج 13 : 1 - 2 ، 12 - 13 .

ويقول لوقا كذلك : " إن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوساً للرب " لوقا 2 : 23 .

لاحظ أن سفر العدد لم يحدد إن كان ذكراً أم أنثى ، وعلى ذلك كانت السيدة مريم العذراء أيضاً منذورة لله ، لأنها أول فاتحة رحم ، وعلى ذلك لم تكن مخطوبة ليوسف النجار ولا تزوجته بعد ولادة عيسى عليه السلام ، والدليل ذلك قول عيسى عليه السلام لأمه وإبن أختها : " يا إمرأة هو ذا إبنك ، ثم قال للتلميذ هو ذا أمك " يوحنا 19 : 26 - 27 . فلو كانت قد تزوجت وأنجبت كما تقول الأناجيل لعاشت مع أولادها وليس مع إبن إختها .

وعلى ذلك كان عيسى عليه السلام أول فاتح رحم، لذلك لم يتزوج ـ، لذلك يصور دائماً بشعر طويل، لأنه لم يكن يحق له أن يقص شعره، وكذلك كان يلبس القميص غير المخاط، وهو لباس الكاهن المنذور لله (يوحنا 19 : 23) وكذلك لم يشرب الخمر ولم يحول الماء إلى خمر، الأمر الذي تنفق عليه الكنائس ملايين الدولارات سنوياً .

82 - يحكي سفر أعمال الرسل إرتداد بولس عن تعاليم عيسى عليه السلام والناموس ، فيقول : " وفي الغد دخل بولس معنا إلى يعقوب وحضر جميع المشايخ . . . . فلما سمعوا كانوا يمجدون الرب ، وقالوا له أنت ترى أيها الأخ كم يوجد ربوة من اليهود الذين آمنوا وهم جميعاً غيورون للناموس [لاحظ أن هذا حدث بعد إدعاء بولس إعتناقه النصرانية!] وقد أخبروا عنك أنك تعلم جميع اليهود الذين بين الأمم الإرتداد عن موسى [لاحظ أنه لم يقل عن عيسى، حيث ردّ الناموس إلى صاحبه، ولم يأت عيسى عليه السلام بجديد!] قائلاً أن لا يختنوا أولادهم ولا يسلكوا حسب العوائد " أعمال الرسل 21 : 18 - 21 .

لاحظ أيضاً غيرة الحواريين على الناموس والشريعة ! لاحظ أيضاً إتهامهم له بتعليم ما يخلف الناموس وهو عدم الختان!

" فإذاً ماذا يكون ، لابد على كل حال أن يجتمع الجمهور لأنهم سيسمعون أنك جئت ، فافعل هذا الذي نقول لك : عندنا أربعة رجال عليهم نذر ، خذ هؤلاء وتطهر معهم وأنفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم فيعلم البجميع أن ليس شيء مما أخبروا عنك ، بل تسلك أنت أيضاً حافظاً للناموس، وأما من جهة الذين آمنوا من الأمم، فأرسلنا نحن إليهم وحكمنا أن لايحفظوا شيئاً مثل ذلك سوى أن يحافظوا على أنفسهم مما ذبح للأصنام والمخنوق والزنا " أعمال الرسل 21 : 22 - 25 .

" ولما قاربت الأيام السبعة أن تتم رآه اليهود الذين من آسيا في الهيكل فأهاجوا عليه كل الجمع وألقوا عليه الأيادي صارخين : يا أيها الرجال الإسرائيليون أعينوا ، هذا هو الرجل الذي يعلم الجميع في كل مكان ضداً للشعب والناموس، وهذا الموضع حتى أدخل يونانيين أيضاً إلى الهيكل ودنس هذا الموضع المقدس لأنهم كانوا قد رأوا معه في المدينة تروفيمس الأفسسى، فكانوا يظنون أن بولس أدخله إلى الهيكل ، فهاجت المدينة كلها وتراكض الشعب وأمسكوا بولس وجروه خارج الهيكل ، وللوقت أغلقت الأبواب، وبينما هم يطلبون أن يقتلوه، فنما خبر إلى أمير الكتيبة أن أورشليم

كلها قد إضطربت، فللوقت أخذ عسكراً وقواد مئات وركض إليهم، فلما رأوا الأمير والعسكر كفوا عن ضرب بولس " أعمال الرسل 21 : 27 - 32 .
لاحظ ايضاً رد فعل أمير الكتيبة هنا من أجل بولس ، مع أن بيلاطس وجنوده بما فيهم أمير الكتيبة هذا لم يحركوا ساكناً من أجل هياج الكهنة ورؤسائهم والشعب وخروجهم مسلحين للقبض على يســوع !

هذا هو بولس مخترع النصرانية أو قل البولوسية كما يسميه الكثير من علماء الكتاب المقدس، فقد أعتبر نفسه حوارياً بل أرفع من الملائكة أنفسهم : " ألستم تعرفون أننا سندين الملائكة ، فبالأولى أمور هذه الحياة " كورنثوس الأولى 6 : 3 .

هذا هو بولس القائل : " أظن أني أيضاً عندي روح الله " كورنثوس الأولى 7 : 40 وهذه الروح عنده فوق الكل حتى فوق الله نفسه ، لذلك قال : " الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله " كورنثوس الأولى 2 : 10 .

وهذا هو بولس الذي سيدين الملائكة ، ويفحص أعماق الله بروحه يئن ويتألم من أخطائه قائلاً : " فإني أسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن [أي في أعماقه] ولكني أرى ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي ، ويْحِي أنا الإنسان الشقي ، من ينقذني من جسد هذا الموت ، أشكر لله بيســوع المسيح ربنا ، إذا أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية "رومية 7 : 22 - 25.

83 - وأنهي تعليقي بسؤال هام جداً طرحته من قبل في مناقشة لي مع أحد النصارى الذين أتوا إلىّ في سويسرا لدعوتي للنصرانية، وهو: لماذا تسمون أنفسكم مسيحيين ؟ هل نسبة إلى يســوع المسيح ؟

فكانت إجابته نعم .

قلت له : عيسى عليه السلام ذكر في القرآن بإسم " المسيح عيسى بن مريم " والمسيح هو الممسوح بالزيت المقدس، أي نبي الله .

ولكن لفظ المسيح ( أو المسيا ) الذي كانت تنتظره أجيال الأنبياء واليهود أنفسهم الذي يعرف أيضاً بإسم المسيح أو المسيا الرئيسي أو نبي الأمم كلها ( يوحنا 14 : 16 ) (وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد) لم يكن هو عيسى عليه السلام، لذلك سأل التلاميذ وهو يصلي معهم: "من تقول الجموع إني أنا ، فأجابوا وقالوا يوحنا المعمدان ، وآخرون إليا ، وآخرون إن نبياً من القدماء قام . فقال لهم وأنتم من تقولون إني أنا ، فأجاب بطرس وقال مسيح الله ، فانتهرهم وأوصى ألا يقولوا ذلك لأحد " لوقا 9 : 18 - 21 .

كذلك عند متى:"وحينئذ أوصى تلاميذه أن لا يقولوا لأحد أنه يســوع المسيح"16: 20.

بل إن الشياطين أرادت الكيد له وعرفته بسم المسيح فأخرسهم ولم يكن للشياطين إلا قول الكذب والإفتراء: "وكانت شياطين تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول أنت المسيح إبن الله، فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوا أنه المسيح" لوقا 4 : 41 .

بل أكثر من ذلك سأل عليه السلام بصيغة الغائب ( أي عن شخص آخر ) قائلاً : " ماذا تظنون في المسيح ، إبن من هو ؟ قالوا له إبن داود : قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح رب قائلاً : قال الرب [ الله ] لربي [ أي لسيدي ] أجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك . فإن كان داود يدعوه رباً [ أي سيداً ] فكيف يكون لإبنه ، فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة " متى 22 : 41 - 46 .

أي لابد أن يكون هذا المسيح ( المسيا ) من نسل غير نسل داود ، حيث أطلق عليه داود سيدي، ولا يسمى الجد أو جد الجد إبن إبنه سيدي .

ومن المعروف أن عيسى عليه السلام من نسل داود فكان هذا إنكاراً لكونه المسيح (الرئيسي) ، أو يكون المسيح ( الرئيسي ) من نسل داود أي من نسل أسحق وبذلك يكون عيسى عليه السلام قد نفى بكل الطرق أنه هو المسيح (الرئيسي) أو المسيا.

ومن يكون إذن هو المســيا ؟

يقول المعمدان : " أنا أعمدكم بماء للتوبة ، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه ، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار " متى 3 : 11.

" حينئذ جاء يســوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ، فلما اعتمد يســوع صعد للوقت من الماء ، وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وأتيا عليه، وصوت من السماء قائلاً هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت" متى 3: 13- 17 وأيضاً مرقس 1 : 9 -11 .

وهنا يكون تأكد المعمدان من أوثق المصادر ( من الله نفسه ) أن عيسى عليه السلام هو المسيح ، فما كانت حاجته - لو حدث هذا فعلاً - أن يرسل إثنين من تلاميذه أثناء وجوده في السجن إلى عيسى عليه السلام ليسألوه : " أنت هو الآتي أم ننتظر آخر " ؟ متى 11 : 2 - 3 .

بالطبع لم يدع عيسى عليه السلام أنه هو المســيا كما رأينا أعلاه ، بل إنه قال إنه ليس أهلاً لأن يحل سيور حذاءه (بإنجيل برنابا) التي حُرِّفت وكتبت على لسان المعمدان لتتطابق النبوءة على عيسى عليه السلام ويكون اليهود في حلِّ من إنتظار نبي آخر، ينزع منهم ملكوت الله أي شريعتهم كما قال عيسى لهم: " لذلك أقول لكم : إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ، ومن سقط على الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه " متى 21 : 43 - 44 .

وأهل العلم يعلمون أن المسيّا الرئيسى سيأتى ملكاً، مُحارباً، قاضياً، ومن أهم أعماله القضاء على الإمبراطورية الرومانية. لذلك حاول اليهود كثيراً أن يتصيدوه بأسئلة مثل: هل ندفع الجزية لقيصر؟ يامعلم قسم الميراث بينى وبين أخى؟ قبضنا على هذه المرأة تزنى فى نفس ذات الفعل، وموسى أوصانا أن مثل هذه تُرجم، فماذا تقول أنت؟

وقد كان عيسى يعلم مكرهم ومايرمون إليه فكانت إجابته دائماً دبلوماسية تنبههم إلى الخطأ الذى يقعون فيه، فعليهم أن يدعوا مالقيصر لقيصر ومالله لله.


فهرس مراجع المؤلف :

1. Beumer Johann, Die Inspiration der hl. Schrift, Bd. 1/3b des Handbuches der
Dogmengeschichte, Herder 1968.
2. Billerbeck, Kommentar zum Neuen Testament.
3. Braun Herbert, Gesammelte Studien zum Neuen Testament und seiner
Umwelt. Tübingen1962.
4. Delitzsch Friedrich, Die große Täschung, Stuttgart / Berlin 1921.
5. Encyclopedia Biblica, Bd. IV, von Harnak Adolf, Studien zur Geschichte
des Neuen Testaments und der alten Kirche, Bd. I. Zur neutestamentlichen
Textkritik, Berlin und Leipzig 1931.
6. Holzmann H. J., Einleitung in das neue Testament, 7. A., Tübingen 1931.
7. Käsemann Ernst, Exegetische Versuche und Besinnungen, Bd. I, Göttingen
1960.
8. Knierim Rolf, Bibelautorität und Bibelkritik, Gotthelf-Verlag Zürich 1962.
9. Nestle Eberhard, Einführung in das griechische Neue Testament, 4. A.,
Göttingen 1923.
10. Realencyclopädie für protestanische Theologie und Kirche 1897, Bd. 2,
Seiten 728 ff.
11. Schmidt Willhelm, Bibel im Kreuzverhör, Gütersloh 1963.
12. Schorer Jean, Das Christentum in der Welt und für die Welt, Wien 1949.
13. Schorer Jean, Pourquoi je suis devenu un chrétien libéral, 2. A., Genf 1971.

masry يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((((أسطورة التجسد في المسيحية)))))))))))))))


" كان الآباء المسيحيـون متأكدين بأنهم - بإعلانهم تجسد الكلمة و بعـثها و صعـودها - لا يقومون بنشر أسطورة جديدة.

في الواقع كانوا يستخدمون مقولات التفكير الأسطوري، و من البيِّـن أنهم لم يكونوا قادرين على تمييز و إدراك هذا التفكير الأسطوري في الأساطير التي أزيلت قداستها، للعلماء الوثنيين المعاصرين لهم.

و لكن من الواضح كذلك أن دراما (أي سلسلة أحداث حياة) عيسى المسيح تشكل مركز الحياة الدينية بالنسبة للمسيحيين بجميع عقائدهم و فرقهم. و بالرغم من أن تلك الأحداث جرت وقائعها في التاريخ، غير أنها أوجدت أولاً إمكانية للخلاص، ولذلك صار هناك طريق واحد فقط للنجاة و هو تكرار هذه الدراما النموذجية على نحو طقوس و شعائر دينية و تقليد ذلك النموذج الأسمى الذي توحي به حياة و تعاليم عيسى.

و الآن، أضحى هذا النمط من السلوك الديني، مقيداً و مكبلاً بتفكير أسطوري خالص." ميرسيا إليادي ([1]).

في معالجتنا لموضوع التجسد في التعليم المسيحي، يجب أن ننتبه إلى أمر هام و هو أن كلام الله ([2]) إنما يخاطب البشر من خلال كلمات الإنسان ومستخدماً لغة الإنسان.

فكلام الله المبلغ إلينا عبر اللغة غالباً ما يستلزم سياقـاً أسطورياً أو خيالياً، لأن لغة التخيل هي أحد أهم الطرق التي يتكلم بها بنو الإنسان.

و في التعامل مع شخصيةٍ على مثل هذا الجانب من الأهمية مثل شخصية عيسى المسيح، فإنه من المفيد أن نتذكر أنه عندما يكون هناك أمر استثنائي، يكون هناك دافع قوي للبشر أن يعزوا و ينسبوا إليه صفات و ميزات إعجازية خارقة. فهذا هو الطريق الذي يستدعي فيه الإنسان لذهنه فكرة المعجزة و الأمر الخارق للعادة للشيء الذي يستحق فـعلاً الحيرة و التعجب. فالقصة الإعجازية في طبيعتها، غالباً ما تكون أفضل طريق للتعبير عن سر يمكن أن يكون أو لا يكون إعجازياً في حقيقته.

إن التصور أو الرؤية المسيحية المبكرة للحقيقة ـ كما تنعكس في الكتابات المقدسة ـ هي ذات طبيعة ديناميكية (فعالة حيوية) غنية بالواقع التاريخي والخيال معاً، و لا يقصد بالخيال هنا معنى تحقيرياً بل المقصود منه تفسير غني للحقيقة يجعل لها معنى ومغزى.

فالأسطورة و الخيال كان لهما نفوذهما في كتاب العهد الجديد تماماً مثلما كانا ذا نفوذ في كتاب العهد القديم ومثلما هما نافذان في كل أنحاء الشرق الأدنى القديم.

إن التحقيق العلمي الذي قام به " رودولف بولتمان " Rudolf Bultma لكتاب العهد الجديد يوضح لنا كثيراً من الأبعاد الخيالية (الأسطورية) في الكتابات المقدسة المسيحية.

فقد بين لنا أن الناس في الأزمنة المعاصرة لتدوين العهد الجديد كانوا يعتقدون أن العالم يتألف من ثلاث طبقات هي الجنة و الأرض والجحيم، و كانوا يعتقدون أنه يمكن للكائنات فوق الطبيعية أن تصعد و تهبط كما في مصعد سماوي ([3]) و بهذا يجعلون تدخل كائنات فوق طبيعية، و البعث و الصعود و المجيء الثاني للمسيح أمراً قابلاً للتصديق.

لقد توقعت الجماعة المسيحية الأولى عودة عيسى كابن الإنسان آتياً على سحاب السماء حاملاً معه الخلاص للبعض و الإدانة و الهلاك لآخرين كقاض " دائن " للعالم، و مفتتحاً مملكة الله على الأرض. هذه الرؤيا الأخروية Eschatological هي في الواقع صورة خيالية (أسطورية).

بالإضافة لذلك لقد تم وضع عيسى في إطار و محيط ميثولوجي (أسطوري) عندما قيل عنه أنه ولد من روح القدس ومن والدة عذراء ([4]).

و علاوة على ذلك فمفهوم " ابن الله الذي كان موجوداً قبل العالم ثم نزل بشكل بشري ليخلِّص البشرية " يشابه تماماً بعض أساطير التخليص القديمة.

و عبارات العهد الجديد " نزل من السماء " أو ببساطة " نزل "، تشير إلى حصول حركة في الفضاء و لا تصف طبيعة العمل التخليصي لله، فهي أسطورية في شكلها ([5]).

و من التناقض أن الكتاب المقدس المسيحي، كالكتاب المقدس اليهودي، كلاهما يرفض بشدة الأساطير الوثنية، ولكن بنفس الوقت كلا العهدين يستبدلان نوعاً من الأساطير بنوع آخر، و كما يرى " آماوس وايلدر" Amaos Wilder: تم التغلب على الأساطير في كلا العهدين، بالاستعانة بأساطير أخرى!

كما أن نصوص العهدين تتألف من علاقة متبادلة متشابكة معقدة بين الواقع التاريخي و الخيال الأسطوري.

فالخرافات تقع في الزمن الأسطوري مثل مدة الأربعين يوماً للطوفان، و مدة السبعة أيام لخلق العالم ([6])، و لا تشتمل عادة على عنصر الزمان التاريخي.

و يرى العالم المتخصص بالعهد الجديد " نورمان بيرين " orman Perrin N أن هذا المزج (بين الأسطورة و الواقع) حدث بثلاث طرق :

(‌أ) إقامة ارتباط (علاقة متبادلة) بين المعطيات الحقيقية للتاريخ و المزاعم الأسطورية.

(‌ب)استخدام الأسطورة لتفسير التاريخ و إعطاء معنى معين له.

(‌ج‍) التاريخ نفسه عندما يُتذكر و تعاد روايته يصبح حاملاً للأساطير ([7]).

و رواية كتاب العهد الجديد لقصة الله المتجسد تشتمل على جميع تلك التطورات الثلاثة :

أما بالنسبة لإقامة ارتباط بين المعطيات التاريخية الحقيقية و بين المزاعم الأسطورية، ففي حين أن عيسى قد يكون أو قد لا يكون قد قام بادعاءات شخصية حول ألوهيته ([8]) فإن كُتَّاب العهـد الجديد قاموا بإدعــاءات

عريضة و شاملة له، أحدها أنه كان مثالاً حياً لإله متجسد. ([9])

و أما بالنسبة للتطور الثاني، أي تقديم معنى اسطوري للواقع التاريخي: فإن عيسى، يُقَدَّم، كتجسد لِلَّه، على أنه جاء وفاءً و تحقيقاً لبشارات العهد القديم بمجيء " مخلِّص - فادي " يرسله الله لتخليص الناس من الخطيئة.

فهنا تأخذ الأسطورة شكلَ فِـلْمٍ، مفعم بالحيوية، لتفسير التاريخ.

و أما بالنسبة للشكل الثالث، أي أن يؤدي التاريخ نفسه وظيفة الأسطورة: فإن رواية الأحداث في كتاب العهد الجديد، تساعد على تقديم و إظهار مغزى لتلك الأحداث للأجيال القادمة.

فقصة عيسى تصبح عهداً (ميثاقاً) جديداً، النقطة المحورية فيه هي المكاشفة الذاتية (البوح الذاتي) لِلَّهِ عن نفسه للبشرية.

و التاريخ نفسه تمت أسطرته عندما تحولت تلك الفترة التاريخية التي كان يمشي فيها عيسى على الأرض إلى فترة مقدسة أسطورية.

إن كتاب العهد الجديد يقدم لنا صورة مزدوجة عن عيسى: تاريخية (حقيقية) و أسطورية (خيالية). فـ " عيسى الناصري " رجل في التاريخ يحتل زماناً و مكاناً محددين، بينما " عيسى المسيح " هو تعبير أسطوري ـ لاهوتي ([10]) ينطلق من إيمان الجماعة المسيحية الأولى بكائن و شخصية فاتنة استثنائية.

و هكذا فصورة عيسى في كتاب العهد الجديد تتراوح بين الحقيقة التاريخية و الخيال الأسطوري، فهي متوزعة بين ما فهمه كُـتَّـاب العهد الجديد و بين ما شعروا به.

و إنه لمن الصعب بمكان النفوذ إلى عيسى التاريخي الحقيقي الواقعي أو إعادة بناء صورة عيسى التاريخي الواقعي المحض، و ذلك لعدة أسباب، منها أن روايات تعاليمه و أحاديثه لم يُبتَدأ في كتابتها إلا بعد انقضاء زمن جيل كامل واحد على الأقل من صدورها، و هي مدة، أوجدت التعاليم الشفهية خلالها تعديلاً و تحويراً في الذكريات لتخدم هدف الجماعات و الطوائف الدينية المختلفة.

و علاوة على ذلك فإن معاصري المسيح كانوا ينظرون إليه، كلٌّ من زاوية وجهة نظره الخاصة، فمثلاً كان عيسى في أذهان يهود القرن الأول، الذين كانوا تلاميذه، تجسداً لفكرة المكرس الممسوح بالزيت (بالعبرية مِسِييَّه Messiah، و باليونانية كريستوس Christos) في حين أن آخرين رأوا في المسيح رِبِّـياً (رِبِّيّ هو لقب الحبر أو الحاخام عند اليهود) أو نبياً أو ملكاً أو مخلِّصاً.

و كنتيجة لذلك فإنه و إن كانت الأناجيل تقدم لنا صورة مترابطة لنوع الأمور التي قالها أو فعلها عيسى، إلا أنهم قليلون جداً - اليوم - الذين يصدقون، أو يحاولون أن يبرهنوا أن تلك الأمور كانت مدونات حرفية مطابقة 100% للواقع.

في دراستنا لشخصية " عيسى المسيح " من المفيد أن نميز بين " عيسى التاريخي " و " مسيح الكتاب المقدس ". " عيسى التاريخي " هو إعادة تنظيم و بناء شخصية المسيح على أساس الأناجيل، أي مستخدمين أقوال و أمثلة و تعاليم و أعمال و أفعال المسيح التي أمكن تذكرها.

أما " مسيح الكتاب المقدس " فهو التفسير الميثولوجي (الخيالي الأسطوري) و اللاهوتي لعيسى من قِـبَل الجماعة المسيحية المبكرة التي نظرت إليه على أنه إله. فمسيح الكتاب المقدس يشتمل على " ميلاد المسيح " و " المعجزات " و " الكلمة السابقة الوجود "، و قيامة المسيح و صعوده و دينونته (أي مجازاته الأخروية للناس) و " التجسُّـد "، و أغلب هذه القضايا تكـفَّـل الإنجيل الرابع (إنجيل يوحنا) بتوضيحها بنحو واف.

و يتضمن " مسيح الكتاب المقدس " بعض عناصر عيسى التاريخي و لكن بتبديل و تحوير، أي تُجرَى عليها عملية أسطرة Mythicization.

هناك القليل جداً من المعلومات عن عيسى الناصري التاريخي، و لقد تم حساب أنه - بصرف النظر عن الأربعين يوماً و ليلةً التي قضاها عيسى في البرية و التي لم نُخبَر عنها بأي شيء تقريباً - فإن كل ما روي لنا مما قاله و عمله المسيح في الأناجيل الأربعة يمكن أن يكون قد تم إنجازه كله في ثلاثة أسابيع فقط!

إن دراسة الأب جاك غوييه Jacques Guillet للأناجيل وصلت للنتيجة التالية: " إن المسيح لم يصف نفسه أبداً بصفة ابن الله (*) و لم يعرض نفسه أبداً على أنه المسيح، وأنه و إن كان قد تكلم عن مجيء ابن الإنسان بأسلوب الرؤية النبوية إلا أنه لم تكن لديه نية مطابقة نفسه على ابن الإنسان هذا، بل أراد فقط أن يعلن عن المجيء القريب جداً لمملكة الله" (([11].

طبعاً من غير الممكن لنا أن نعرف بالضبط ماذا كان يتصور المسيح عن نفسه أو ماذا كان يعلِّم. و من المحتمل أن يكون قد استعمل لقب " ابن الإنسان " مريداً به نفسه، و هذا ربما يكون قد شجع تلاميذه على أن يعتبروه المسيح، أي ابن داوود الممسوح و المكرس، و لكنه بالتأكيد لم يعرض نفسه أنه " ابن الله ".

إنه من العسير جداً أن نتصور أن عيسى و هو اليهودي الموحد، كان يتصور نفسه أنه الله " يَهْوَه " في حين أن الراجح جداً و الذي يمكن تصديقه هو أنه كان يرى نفسه أداةً لِلَّه أو خادماً لِلَّه.

كما أنه من البعيد غاية البعد أن يكون قد اعتقد في نفسه أو أن يكون تلاميذه الأوائل قد اعتقدوا فيه أنه " الله المتجسد ".

إن الراجح الأكثر احتمالاً هو أن تلاميذ عيسى الأوائل - في علاقتهم المتبادلة مع عيسى - قد وصلوا لقناعة و إيمان راسخ بحضور و نشاط (فعالية) الله في وسطهم، و بالتالي وصلوا لاقتناع بأن الله كان - بنحو ما - حاضراً و عاملاً في وسطهم عبر ذلك الرجل (أي عيسى).

إن عقيدة التجسد لم يظهرها عيسى نفسه و لكنها انبثقت في الكنيسة المبكرة كطريق للتعبير عن معنى (مغزى و دلالة) عيسى ([12]).

و كان الجو الذي ظهرت فيه هذه العقيدة جواً لم يكن من غير المألوف فيه أن يشار إلى شخصية إنسان استثنائي على أنه ابن الله.

لقد نظرت الكنيسة المبكرة إلى عيسى على أنه الإنسان الذي " أقامه الله و رفعه و أعطاه روح القدس ليسكبه على الكنيسة " (سفر أعمال الرسل إصحاح 2 / فقرة 32 - 33).

و بعض المسيحين الأوائل أحسوا أنهم قد التقوا بالله عبر عيسى بطريقة ملأت حياتهم تماماً و كلية. و مع نمو الجماعة المسيحية كان يزداد يوماً بعد يوم عدد الرجال و النساء الذين جربوا و مارسوا هذه الإثارة و هذا السِلْم الذي يمنحه " الطريق الجديد "، إلى أن بدأوا، قبل أن ينقضي الجيل الأول بعد صلب (*) عيسى، بالتفكير بعيسى على أنه إلـهٌ بمعنى الكلمة.

و موافقاً لذلك نجد في التقرير الذي كتبه " بليني " Pliny للإمبراطور الروماني " تراجان " عام 112م. أن المسيحيين كانوا معتادين أن يلتقو قبل طلوع الفجر، و يرتلوا تراتيلاً للمسيح كإلـه.

و مع كتابات بولس التي أعقبها تدوين الأناجيل المتشابهة ثم إنجيل يوحنا، بدأت تظهر صورة تجسدية و تحيط شيئاً فشيئاً بشخصية عيسى. و هكذا تحولت الفكرة المجازية لتصبح عقيدة ميتافيزيقية (ما وراء طبيعية).

و بالرغم من أن ادعاء أن عيسى هو الله كان ذا صلة بموضوع خارجي معين و أنه أُخِذَ على أنه " حقيقة "، إلا أن هذا الادّعاء لم يكن في الحقيقة موضوعاً من مواضيع المعرفة التجريبية لمعاصري عيسى، و لم يظهر في أي كتابات نعرفها قبل سنة 55 م على أقدم تقدير ([13]).

لقد وقعت منذ القديم و عبر الزمن نقاشات و مجادلات حادة بين العلماء و المتخصصين في الدراسات اللاهوتية حول أنه هل أطلق على عيسى لفظ الله أو هل سمي عيسى بالله في كتاب العهد الجديد أم لا؟

و من المعروف أن عيسى سمي بأسماء مختلفة أو أطلق عليه ألقاب مختلفة في كتاب العهد الجديد، من بين تلك الألقاب لقب: " الرب " Kyrios و "الملك" و "الكاهن" و "النبي" و "ابن الإنسان" و "ابن الله" و "الكلمة" و "المسيح" و "المسيح المنتظر" و "مسيا" و "المسيح المتألِّم" و "المسيح المبشر به" (أعمال الرسل 3 / 20) و "العبد المتألِّم" و "حمل الله" و "عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" و "رئيس الكهنة" و "الوسيط" و "المخلص" و "الله".

و هناك في كتاب العهد الجديد عديد من الفقرات تتضمن دلالة ضمنية على ألوهية عيسى و لكن ليس هناك إلا بضع فقرات فقط استخدمت فيها لفظة "الله" Theos بكل صراحة و وضوح للإشارة إلى عيسى.

إن اطلاق لفظ "الرب" Kyrios على عيسى ليس مماثلاً لإطلاق لفظ "الله" Theos عليه لأن أقصى ما في لفظة الرب هي أنها تضع عيسى في مقام قريب جداً من الله.

إن لفظة " الرب " قد توحي أو قد تؤكد الألوهية و لكنها ليست مرادفة أو معادلة للفظة " الله " ([14]) و لا يوجد هناك أي دليل على أن عيسى أطلق عليه لفظة " الله " في المرحلة المبكرة من فترة تدوين تعاليم و شرائع و سنن كتاب العهد الجديد ([15]).

و إذا أرَّخنا فترة كتابة " العهد الجديد " في الفترة بين سنة 30 - 110 ميلادية فإنه من الواضح تماماً أن استخدام لفظة " الله " في حق عيسى، إنما ينتمي للنصف الثاني من هذه الفترة الزمنية ليصبح متكرراً فقط في آخر هذه الفترة.

و الأناجيل الثلاثة المتشابهة لم تطلق أبداً لفظة " الله " على عيسى و حتى الإنجيل الرابع لا يطرح عيسى على أنه يقول عن نفسه بصورة واضحة ومحددة أنه "الله". كذلك الخطب و الكلمات التي ينسبها سفر "أعمال الرسل" في كتاب العهد الجديد لبداية الكنيسة المسيحية لا تتكلم عن عيسى أبداً بصفته "الله".

إن فكرة أن عيسى هو " الله " Theos بدأت تظهر على السطح في الفترة بين 55 و 85 م، ثم أصبحت واضحة وصريحة في الرسالة إلى العبرانيين

و بولس لم يستخدم تعبير أو لقب الله للدلالة على " عيسى " في أي من رسائله التي كتبها قبل 58 م ([16]).

و من المحتمل أن يكون بولس قد أطلق على عيسى لفظ " الله " في رسالته إلى أهل رومية (9 / 5) إلا أن هذا ليس أمراً أكيداً بل فيه نقاش كثير يرجع إلى تحديد موضع النقطة و الفاصلة في هذا المقطع من كلام بولس ([17]).

إن عبارات بولس المختلفة حول المسيح تحتوي على عناصر تجسيدية، و أحد أهم هذه التعبيرات هو استخدامه لعبارة " ابن الله " Huios Theuo التي تتكرر 15 مرة في الرسائل البولُسية ([18]).

و يقع عيسى في أقرب صلة ممكنة مع الله في عبارة بولس المفضلة " ابنه " التي تشير لتشابه بين الله و عيسى.

و بالنسبة لبولس، يُـعَدُّ إرسال الله لابنه عملاً فريداً (أي وحيدأ استثنائيا) و فاصلاً (حاسماً). و هو عمل جديد تماماً، و إن كان يعتبر استمراراً للعلاقة بين الله و إسرائيل و علامة على اكتمالها.

ففي رسالته إلى أهل غلاطية يكتب بولس قائلاً، " أرسل الله ابنه.... ليفتدي (أي ليخلص) الذين هم تحت الناموس (أي الشريعة الموسوية) " (إصحاح 4/ فقرة 4) ويشبه هذا كثيراً ما جاء في إنجيل يوحنا (إصحاح 3 / فقرة 17): " لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم به بل ليخلص به العالم ".

و في الرسالة إلى أهل غلاطية لا يطرح موضوع إرسال الابن على أنه عمل ليس له خاصية زمانية محددة بل هو عمل فريد (وحيد) و محدد و حصل " لما جاء ملء الزمان " [ أي الوقت المحدد له ] (رسالة بولس إلى أهل غلاطية: إصحاح 4 / فقرة 4).

و هذا لا يوجد له مواز في اليهودية الهيلينية، لأنه حتى بالنسبة لكتاب " حكمة سليمان " لا توجد فيه، عند الكلام عن اللوجوس (العقل الكلي)، هذه الأخروية و اللاهوت الخلاصي الذي يتضمنه كلام بولس.

بالنسبة لبولس، فكرة " إرسال الابن عند اكتمال الزمان ليخلص البشرية " تمثل قـلب التجسد في الـ Christology (أي علم طبيعة المسيح)*.

كل البشرية - حسبما يرى بولس - واقعة تحت سيطرة " الخطيئة " و "الموت". و الله وحده يمكنه أن يكون المحرر لها من هذا السجن، و هو وحده يمكنه أن ينقذ الإنسان و يخلصه.

و فوق ذلك، لم يكن في وسع الله أن يفعل ذلك إلا إذا دخل ـ بنحو ما ـ إلى حالتنا البشرية، لأن عدو الإنسان ليس شيئاً خارجاً عنه بل هو في داخله. و بناء عليه فالعمل التخليصي لله - يجب أن يتم من خلال إنسان.

فكما أنه بسبب إنسان واحد - آدم - وجدت الخطيئة و الموت، فكذلك من خلال إنسان آخر، و هو المسيح، يجب أن يأتي الخلاص و الحياة.

و عليه، فإنسانية عيسى المسيح و ألوهيته، كلاهما ضروريان لا بد منهما في نظر بولس.

ويعلق هـ. ج. سكويبس H. J. Schoeps على هذا قائلاً " لقد كان بولس هو الذي - لأول مرة - متفكراً في الشخصية المسيانية (أي المسيح المنقذ الموعود) لعيسى استخرج من ذلك اللقب التشريفي (أي اللقب الذي يدل على منصب رفيع ومنزلة سامية فقط) تأكيداً لوجودٍ كوني حقيقي و رَفَعَه إلى مستوى ميثولوجي [ أسطوري ] من التفكير " ([19]).

و يشير مارتن هينجل Martin Hengel إلى أن المفهوم البولسي لعيسى، مطابق لكائن إلهي موجود قبل الزمان، وسيط بين الله و مخلوقاته، و بالتالي " ابن الله " ([20]).

أما إنجيل يوحنا - الذي كتب في حوالي 90 - 95 م. فإنه يعتنق فكرة التجسد بل يذهب أبعد من ذلك حتى يقف على درجة فقط دون الدوكيتزم ([21]) الكامل.

و لقد أعلن كاتب هذا الإنجيل عن هدفه من كتابة إنجيله بكل صراحة و وضوح فقال: " و أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله " (يوحنا إصحاح 20 / فقرة 3).

و في إنجيل يوحنا هذا نجد الـ Christology (أي العلم المتعلق بحقيقة طبيعة المسيح) قد تطور لدرجة عالية وصار صريحاً جلياً حول طبيعة المسيح حين قال عنه بكل صراحة أنه " الله " في قوله: " و كان الكلمة ا لله " (يوحنا: إصحاح 1 / فقرة 1) فلم يقل " كانت الكلمة مع الله " أو " كانت الكلمة إله "، بل قال بكل وضوح ودون مواربة: " و كان الكلمة ا لله ".

و كذلك يروي، في الإصحاح 20 / الفقرة 28 من هذا الإنجيل، عن توما (تلميذ المسيح) أنه قال مخاطبا المسيح: " ربي و إلهي! ".

و يؤكد إنجيل يوحنا بكل صراحة و وضوح أيضاً أن التجسد هو " الله " فيقول: " و الكلمة صار جسداً و حل بيننا و رأينا مجده كما لِوحيدٍ من الآب مملوءاً نعمة و حقـاً " (1 / 14). ([22])

ولا توجد في هذا الإنجيل حادثة التجلي: أي تغير هيئة المسيح على الجبل ([23])، لأن المجد الثابت و المتواصل لعيسى الأرضي لا يترك مجالاً لمثل هذا الأمر.

و فيه إشارات لكون عيسى كلي العلم Omniscient ([24])، و لكون قدرة عيسى، غير البارزة، و لكن الموجودة الكامنة، قدرة لا حد لها. بل حتى فيه تصوير لعيسى على أنه لا يعتريه التعب و لا الجوع و لا العطش، و عرضٌ لعيسى كشخص ذي سيطرة و تسيير كاملين و مستديمين لكلا ما يفعله و ما يحصل له. حتى موته، يعرض كعمل يتم بإرادة و اختيار و تصميم مدروس، لأنـه: " عالم أن الأب قد دفع كل شيء إلى يديه و أنه من عند الله خرج و إلى الله يمضي" (يوحنا: إصحاح 13 / فقرة 3).

وينفرد الإنجيل الرابع بالتصريح باتحاد الأب والابن حيث يقول: " أنا و الأب واحد " (يوحنا: إصحاح 10 / فقرة 30) ويقول " كل من رآني فقد رأى الأب " (يوحنا: إصحاح 14 / فقرة 9) ([25]).

و هكذا يتجسد " الوسيط " في " عيسى " الذي من خلاله يظهر الله، و من خلاله يُخبَـر عن هدف الله و تتم إرادته المقدَّرة سابقاً منذ الأزل. إن الإنجيل الرابع يصور بألفاظه عيسى ممجداً أو متألهاً بشكل كامل.

أما الأناجيل الثلاثة المتشابهة [ أي أناجيل متى و مرقس و لوقا ] فإن عيسى يرى محدوداً ضمن حدود حياته الأرضية و منصبه الرسالي.

إن الأناجيل المتشابهة تعبِّر عما قاله عيسى و ما فعله في حين أن إنجيل يوحنا هو تفسير لما يمثله عيسى، فهو يعبِّر عن فهم المعنى الألوهي لعيسى، ذلك الفهم والتصور الذي تطور و نما في الدوائر المسيحية في نهاية القرن الميلادي الأول.

إن ما يبدو أنه حصل خلال ستين عاماً بعد وفاة عيسى، كان أن لغة البنوّة لله - أي عبارة " ابن الله " - ازدرعت - أي نقلت من تربة لتربة أخرى، حيث أنها نقلت من تربة الفكر اليهودي إلى تربة جديدة هي تربة العالم الإغريقي الروماني، فأخذت معنى جديداً عندما مدت جذورها في تلك التربة الجديدة.

فالمعنى الذي فُـسِّـر به عيسى في البداية وعُـبِّر عنه بأن: عيسى كان المسيح الذي قال عنه الله في كتاب العهد القديم " أنت ابني الحبيب "، هذا المعنى، أي هذه البنوة لله، صارت تفهم في الجماعة المسيحية الجديدة على أنها تفيد أن عيسى هو الابن المولود الوحيد لِلَّه مما يؤدي لكونه من نفس جوهر الله ([26]).

لقد كان الترحيب و التهليل لفكرة عيسى إلهاً استجابة طبيعية لجماعة تؤمن بإله يُعتقد فيه أن من شأنه أنه يكشف عن نفسه للإنسان و يعرِّف نفسه للإنسان. ومن هنا نجد إنجيل يوحنا يحدثنا عن الابن الوحيد الذي أظهر اللهَ وعرَّفَه فيقول: " ا لله لم يره أحد، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّـر " (إصحاح 1 / 18) و يخبرنا أيضاً أن الابن " خرج من عند الآب و أتى إلى العالم " (إصحاح 16 / فقرة 28).

في الفترات الأخيرة من زمن تدوين العهد الجديد، يمكننا أن نلاحظ تطوراً في النظرة إلى عيسى من النظر إليه على أنه لوجوس الله (أي كلمة الله) إلى النظر إليه على أنه نفس " ألوهية الله " بعينها، فلم يعد عيسى - بالنسبة لكثير من مسيحيي هذه الفترة الزمنية المتأخرة مجرد لوجوس (كلمة) بل صار يعتبر " الله " نفسه!

إن الاعتراف بعيسى إلهاً كان اعترافاً بسلطة و ربوبية حكم الله في و عبر و بواسطة، عيسى.

و هذا ما نجده مصرحاً به بكل وضوح في الرسالة إلى العبرانيين التي كتبت في حوالي 95 - 105 م (1).

كل هذه التصورات التجسدية عكست الاعتقاد بأن عيسى كان الله متجسداً. و هو الاعتقاد الذي جُعِلَ فيما بعد نصاً صريحاً في قانون الإيمان المسيحي الذي أعلنه مجمع نيقية المسكوني (2) في عبارات مثل " مولود غير مخلوق، مسا و للأب في الجوهر، به خلق كل شيء ".

وهكذا تم تطبيق فكرة: " هبوط الله لعالم الدنيا وتجسده " على شخصية عيسى التاريخي، مبدلاً النظرة إليه من نظرة إلى عيسى الإنسان التاريخي إلى النظرة إلى " مسيح " الكتاب المقدس يعني " المسيح الإله ".

إذا كان من المحتمل أخذ فكرة " ابن الله " حرفياً، فإن ذلك يمكن له بسهولة أن يكون مضللاً. ثم عندما ترتبط هذه الفكرة بفكرة الولادة العذرية (أي من غير أب) فإنها تبدو و كأنها تفسير للعلاقة بين عيسى و الله، بنحو مماثل تماماً تقريباً للعلاقة بين الإنسان و أبيه البشري، أي بالمعنى الجيني (الوراثي) والفيزيولوجي، فيبدو ذلك و كأنه حقيقة بيولوجية حول جوهر طبيعة عيسى!

و لكن فكرة " ابن الله " ليست تفسيراً (شرحاً) لـِ " ماهية " عيسى، بمقدار ما هي تعبير عن " ماذا يعني " أو " ما هو مغزى و دلالة " عيسـى. إنه عندما تؤخذ عبارة " ابن الله " بمعناها الحرفي فإنها تصبح تأكيداً لتركيبة أسطورية، محولةً عيسى إلى مخلوق: نصف بشر، نصف إله، مثل الآفاتارات (تجسدات الإله فشنو عند الهندوس) أو مثل أنصاف الآلهة الأسطوريين في اليونان القديم.

و العقيدة الخلقيدونية ([27]) التي تنص على أن المسيح ذو طبيعتين (هما طبيعة اللاهوت و طبيعة الناسوت التقتا في ذاته) تؤدي إلى إعطاء صورة نوع من الكائنات هو مزيج و خليط معجون، لكائنين مع بعض. و تميل هذه الصورة لتأكيد و إثبات قوى أسطورية شبيهة بقوى السوبرمان لعيسى، و لا سيما لمعجزاته و هبوطه للأرض.

لقد كان الرأي السائد في الكنيسة المسيحية خلال الخمسة عشر قرناً الماضية هو أن عيسى كان شخصاً واحداً ذا طبيعتين.

يصف آرمينيوس ([28]) عيسى بأنه: " ابن الله و ابن الإنسان و مؤلف من طبيعتين" ([29]). و يعلن " لوثر" ([30]): " أننا نمزج الطبيعتين المتمايـزتيـن في شـخص واحد و نقول: الله هو إنسان و إنسان هو الله " ([31]).

أما كالفن ([32]) فقال عن المسيح: " إن الألوهية فيه توحدت واتحدت تماماً مع البشرية بنحو احتفظت فيه كل طبيعة من الطبيعتين بخواصها المتميزة كاملة تامة، و بنفس الوقت شكلت الطبيعتان مسيحاً واحداً فقط! " ([33]).

هذا و لكن كتاب العهد الجديد لم ينص أبداً على أن عيسى ذو طبيعتين.

إن فكرة الطبيعتين في عيسى هي في الواقع من نتاج الفكر الفلسفي اليوناني المؤسس على مقولات " المادة " و " الجوهر " و يمكن كذلك أن تكون هذه الفكرة ثمرة و نتيجة لوصف ثنائي لعيسى: الأول: وصفه كبشر و الثاني: وصفه كإله.

منذ عام 381 م. كتب " غريغوري " رئيس أساقفة القسطنطينية، أن عيسى كان: " مختوناً في الجسد غير مختون في الروح، أرضياً و بنفس الوقت سماوياً، مادياً (ملموساً) و بنفس الوقت غير مادي (غير ملموس)، مدرَكاً و غير مدرَك " ([34]).

و يقول " لورين بويتنر " Loraino Boettner: " انطلاقـاً من كون عيسى ذا طبيعتين، و حسب أي طبيعة منهما تكون في ذهننا، فإنه يصح أن نقول أن عيسى غير متناه (لا محدود) أو نقول متناه (محدود)، موجود منذ الأزل أو ولد في بيت لحم، إنه كان كلي العلم أو كان محدوداً في علمه " ([35]).

و يؤكد أغسطس سترونغ Augustus Strong أن اتحاد الطبيعتين في شخص المسيح هو بالضرورة مبهم (أي ملغز يستحيل فهمه) لأنه لا يوجد له أي نظير أو مثيل في تجربتنا ([36]).

و هنا نقول: ألا يمكن أن يكون السبب في كون عقيدة التجسد في المسيحية، لغزاً و سراً، هو أن ما تحول فيما بعد إلى عقيدة كنسية (إكليركية) كان في الأصل مزجاً لصورة تاريخية مع صورة اسطورية خيالية؟؟؟.

الموضوع الثاني أيضاً الذي ينبغي طرحه في هذا المجال هو البحث عما إذا كان من الممكن، من وجهة النظر المسيحية، أن يكون هناك أكثر من تجسد واحد، كما تؤكده الديانة الهندوسية؟

في إنجيل يوحنا: يعد المسيح حوارييه قائلاً: " و أنا أطلب من الأب فيعـطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد " 14 / 16. ويقول: " لكني سأراكم ثانيـةً فـتـفـرح قـلوبكم " 16 / 22.

دعونا نعترف بأن خجلة (نقطة ضعف أو لا معقوليّة) المسيحية لم تكن فكرة التجسد، ولكنها كانت صلب المسيح و قيامته (من الموت). (رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 1 / 23) (1).

إن عدم قابلية التصديق بالتجسُّـد، لم يكن بدرجة عدم قابلية التصديق بمسيح منتظر يُصْـلَب ثم يُبعـث حياً!

و فوق ذلك فإن العقيدة المسيحية بتفرد عيسى و استثنائيته (أي أنه كائن وحيد لا يتكرر مثله أصلاً)، و موقف الكنيسة من اقتصارية (أي انحصارية) التجسد بعيسى فقط، كان العقبة التي لا تزلل أمام التوحد بين كنيسة مسيحية مثل الكنيسة الرومية الكاثوليكية، و بين أي دين آخر غير مسيحي.

على ضوء ما ذكر يمكن أن نقدر كم هو مثير أن نرى الشخصية اللاهوتية اللامعة في الكنيسة الكاثوليكية، أي القديس: " توما الأكويني " ([37]) يبحث بكل اهتمام في كتابه الموسوم بـ Summa Theologica، عن إمكانية حصول تجسدات أخرى لله (غير تجسده بالمسيح).

والأكثر إثارة للدهشة من هذا أن نجد - خلافاً لما قد نتوقعه - أن النتيجة التي يصل إليها القديس توما في بحثه ذاك هي إمكانية حصول تجسدات أخرى لله!

ففي كتابه المذكور: Summa (الجزء 3 / المسـألة 3، الفقرات 5 ـ 8 والمسألة 4، الفقرات 4 ـ 6) يبين توما، أنه كان من الممكن لكل من الأب أو روح القدس أن يتجسد، تماماً مثلما فعل الابن.

فكان يمكن لهما أن يصيرا بشراً عوضاً عن، أو إضافة لـ: "الابن".

ويبحث " توما " في إمكانية حصول تجسدات لكل إلـه من الله الثالوثي و يستنتج أن ذلك ممكن!

كما أنه يصنع نظرية حول مقدرة الأب والإبن على تجسدات متكررة و يصل أيضاً إلى نتيجة إيجابية في هذا الأمر. و يختتم توما بحثه هذا قائلاً: " إن الابن، الكلمة الأزلية، قادر تماماً على أن يتجسد مرة أخرى، في روح و جسد فرد إنساني آخر مختلف، مولود من أم أخرى أو مولود من أم و أب، من جنس مختلف و عرق مختلف و في بلد آخر و زمن آخر متكلماً لغة أخرى و مستخدماً نموذجاً من الصورة البشرية مختلفة تماماً (أي عن المسيح) ليـبشّـر برسالته و يشرح العلاقة بين الله و العائلة البشرية " ([38]).

و يتحدث توما عن أن الابن لم يختر الطبيعة الإنسانية بسبب الصفات الخاصة التي يملكها عيسى، و يقول: " الله لم يصر إنساناً لأجل أن يكون يهودياً ذكراً من أهل القرن الأول الميلادي ذا طول و عرض و لون كذائي... " ([39]) بل الله اختار الإنسان لأجل أن تكون لِـلَّه طبيعة جنس الإنسان ككل.

و يرى توما الأكويني أنه كان من الممكن للأب و الابن و روح القدس أن يتجسدوا ثلاثتهم جميعاً مع بعض و في وقت واحد في إنسان فرد واحد فقط، أو في عدة أفراد.

إذا عرفنا ذلك فإننا لا نحتاج إلا إلى إشارة فقط إلى أنه كانت هناك فعلاً ادعاءات أخرى للتجسد في المسيحية، بالإضافة للمسيح!

مثال واحد على ذلك هو: " آن لي Ann Lee" (1736 - 1784م) مؤسس " الجمعية المتحدة للمؤمنين بالظهور الثاني للمسيح " ([40]) و المعروفة باسم الهزازين ([41]).

" آن لي " هذا، ادَّعى أنه الظهور الثاني للمسيح و أنه تجسد الأب السماوي و الأم الإلهية!.

و في الثلاثينيات من هذا القرن ادعى الأب المتبحر في اللاهوت " جورج بيكر "، أنه الله، و قد اعتبره كذلك فعلاً أعضاء حركة " السلم الإلهي " Divine Peace Mission Movement.

و في السبعينات من هذا القرن، نظر أعضاء " كنيسة توحيد المسيحية في العالم " Unification Church إلى مؤسس جمعية " روح القدس لتوحيد المسيحية في العالم " “Holy Spirit Association for the Unification of World Christianity “ إلى الأسقف الكاهن " سَـنْ ميونغ مون "Sun Myung Moon على أنه: رب المجيء الثاني !

و هكذا نرى أنه على الرغم من أن المسيحية اعتقدت دائماً أن عيسى هو التجسد الفريد و الوحيد لله، فإن توقع مجيئه الثاني فتح المجال لادعاءات إضافية للتجسد !


--------------------------------------------------------------------------------

([1]) Mercea ELIADE , Archaic Myth and Historical Man , in Mc Cormick Quarterly (1965) , p. 31.

([2]) يقصد المؤلف بكلام الله هنا: الكتـاب المقدس Bible الذي يشمل العهد القديم و العهد الجديد و يعتقد المسيحيون أنه بتمامه إلهام معصوم من الله.

([3])This image belongs to Norman Perrin, The New Testament: an Introduction (New York: Harcourt , Brace Jovanovich , Inc , 1974) p. 23.

([4]) نحن المسلمون نؤمن تبعا لما أخبرنا الله تعالى به في قرآنه المجيد ـ الكتاب الوحيد على وجه الأرض الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و الذي قامت كل الدلائل العقلية و التاريخية على كونه وحيَ الله تعالى المحفوظ من كل تبديل و تحريف ـ بأن سيدتنا مريم العذراء وَلَدَت عيسى وهي عذراء لم يمسسها بشر، و ليس في هذا أي غرابة، فالذي خلق آدم من غير أب ولا أم، لقادر على خلق عيسى من أم دون أب.

([5]) J. K. mozley , The Doctrine of the Incarnation (London: Geoffrey Bles , 1949) pp. 53 - 4

([6]) لم أتبين وجه الحكم بخرافية مدة الأربعين يوما للطوفان! فهي مد ة ممكنة و لا تختلف مع نواميس الكون، و أما موضوع الخلق في ستة أيام (وليس سبعة كما ذكره) فلعل ما في العهد القديم من جعلها أياما من أيام الأسبوع الذي نعرفه هو الذي جعل المؤلف يعتبرها مدة أسطورية، أما القرآن الكريم فـرغم أنه ذكر أن الخلق تم في ستة أيام إلا أنه لم يحدد ماهية هذه الأيام، بل فيه ما يدل على أن اليوم قد يكون مرحلة زمنية، فقد وصف القرآن أحد الأيام بأن مقداره عند ربك خمسون ألف سنة! و وصف يوما آخر بأنه ألف سنة مما تعدون، مما يفيد أن اليوم في اصطلاح القرآن لا يعني بالضرورة اليوم الأرضي الحالي ذي الأربع و العشرين ساعة، بل هو مرحلة و فترة زمنية محددة ما.

([7]) Norman Perrin. op. cit , pp , 29 - 33

([8]) نحن المسلمون نقطع بكل يقين و اطمئنان ـ كما أخبرنا ربنا في القرآن الكريم ـ بأن عيسى عليه السلام لم يدع الألوهية قط، بل على العكس أكد عبوديته لله تعالى دائما، و هذا ما تشهد به حتى الأناجيل الحالية، التي تنقل لنا تأكيد عيسى الدائم على أنه بشر رسول و أن الله تعالى إلهه و معبوده، و ليس في أي منها أي عبارة و لا جملة واحدة تفيد أن عيسى ادعى أنه الله أو أنه أمر الناس بعبادته!.

([9]) الأَوْلى أن يقال بعض كتاب العهد الجديد فقط و ليس كلهم فكتَّاب الأناجيل المتشابهة متى ومرقس ولوقا، و التلاميذ بطرس و يعقوب و يهوذا أصحاب الرسائل الملحقة بالعهد الجديد لم يذكروا فيما كتبوه أي نص صريح في تأليه المسيح أو أنه الله المتجسد، وليس هذا فحسب بل فيما قالوه عبارات تفيد أنهم كانوا يرون في المسيح عبداً مخلوقا مطيعاً لله تعالى مبعوثاً من قبل الله تعالى. نعم في رسائل بولس كما في إنجيل يوحنا لا سيما افتتاحيته، عبارات تفيد أن المسيح إلهٌ (و لكن ليس الله الآب نفسه) تجسد و جاء لعالم الدنيا لفداء البشر و تخليصهم.

([10]) مجرد وصف عيسى بأنه المسيح ليس فيه أي أسطورة و لا تأليه! لأن لفظة المسيح معناها: الممسوح بالزيت المقدس والمكرس من الله، أي المرسل من الله تعالى، ونحن كمسلمين لا نشك في أن هذا حق و واقع، أما كون آباء الكنيسة يفهمون منه تأليهاً للمسيح فهذا أمر ابتدعوه هم ولا دلالة في لفظة " المسيح " بحد ذاتها عليه، ولعل هذا التصور الكنسي المسيحي لمعنى " المسيح " هو الذي جعل المصنف يراه تعبيراً أسطورياً لاهوتياً، و نحن معه في هذا إذا أراد به التصور الكنسي المسيحي للكلمة لا التصور الاسلامي.

(*) أي ابن الله الحقيقي المولود من الله الذي جوهره من جوهر الأب كما تعلم الكنيسة، أما إعلان المسيح أنه ابن الله بالمعنى المجازي أي العبد البار الطائع لله الذي اجتباه الله وتبناه وأنزله من نفسه منزلة الابن الحبيب فإن هناك عدة عبارات في الأناجيل تؤكد ذلك.

([11]) Jacques Guillet , S , J , The Consciousness of Jesus (New York, Newman Press, 1972) , p , 7

([12]) هذه شهادات علمية تحقيقية هامة جداً يقدمها لنا هذا المحقق والباحث المتجرد. و هي تنطبق تماماً مع ما يقوله الإسلام عن عيسى عليه السلام.

(*) هذا حسب الاعتقاد السائد لدى النصارى، أما الواقع والحقيقة فهي ما قاله الله تعالى في تنزيله الحكيم " و مَا قـَتَلُوهُ و مَا صَلَبُوهُ و لَكن شُبِّهَ لَهُمْ " سورة النساء / 157.

([13]) Gordon Kaufman , Systematic Theology , p. 189.

([14]) إن دراسة متأنية لتعاليم بولس وسائر الحواريين من كتاب العهد الجديد تبين أنهم ما كانوا يعنون بلفظة "الرب" التي يطلقونها على المسيح إلا معنى السيد المعلم، وإطلاق ربي على الحبر والحاخام المطاع، أمرٌ معروف في اليهودية ومذكور مرتين في إنجيل يوحنا.

([15]) إن هذا النفي القاطع من قبل هذا البحاثة المتتبع له مغزاه الكبير

([16])Raymond Brown , Jesus God and Man (Milwaukee: Bruce Publishing Co. , 1967) p. 30

([17])Joseph A. Fitzmyer, S. J. 19 th Annual Scripture Institute Adress, Georgetown University Washington , D. C. , 21 - 25 June 1982

([18]) المطالعة المتأنية و المقارنة لرسائل بولس تبين بوضوح: أن مقصوده من عبارته "ابن الله" ليس إلا معنى مجازيا فحسب، وأقصى ما يدل عليه كلام بولس منها: أن عيسى تجسدٌ للكائن الملائكي العلوي الذي هو أول الخليقة ومنه وبه و فيه خلق الله سائر الكون و هو بمنزلة الابن الحبيب لله. (راجع الفصل الثالث من كتابي: "الأناجيل الأربعة و رسائل بولس و يوحنا تنفي ألوهية المسيح كما ينفيها القرآن " ففيه تفصيل واضح لهذه النقطة).

* علم قائم بذاته يبحث في شخصية المسيح من حيث طبيعته و كنهه وكيفية ارتباطه بالله وهل هو ذو طبيعة واحدة أم طبيعتين ناسوت و لاهوت و ما حقيقة صفاته وأفعاله...الخ.

([19]) H. J. Schoeps , Paul: The Theology of the Apostle in the light of Jewish History (1961) p. 150

([20]) Martin Hengel , The Son of God (Philadelphia: Fortress Press , 1976) p. 15

([21])Docetism هو الاعتقاد بأن جسم عيسى هو مجرد ظاهر وخيال ليس غير، أي أنه ليس لعيسى حقيقة جسمية إنسانية واقعية، بل هو كائن إلهي مجرد محض.

([22]) لا تفيد الآية التي ذكرها بأن التجسد هو الله ذاته، بل تذكر أن التجسد هو لكائن آخر غير الله هو بمنزلة الابن الوحيد للآب الذي ملأه الأب نعمة و حقا!.

([23]) التجلي Transfiguration: أي تغيير المظهر أو الشكل الخارجي، وهو يشير لحادثة صعود عيسى للجبل برفقة بطرس ويعقوب ويوحنا (أخاه) وهناك " تغيرت هيئة عيسى قدامهم و أضاء وجهه كالشمس و صارت ثيابه بيضاء كالنور و إذا موسى و إيليا قد ظهرا لم يتكلما معه " وهذه الواقعة رواها أصحاب الأناجيل الثلاثة المتشابهة: متى: 17 / 1 - 8 و مرقس: 9 / 2 - 13 و لوقا: 9 / 28 - 36.

([24]) أي كون علمه غير محدود أي أنه بكل شيء عليم.

([25]) الحقيقة أن هذه العبارات إذا لوحظ فيها السياق الذي وردت فيه يفهم منها بوضوح أن الاتحاد فيها مجازي و ليس حقيقياً أي أنه اتحاد في المحبة و الإرادة و الهدف والغرض والخط والموقف.. الخ. وقد وردت في نفس الإنجيل عبارات مماثلة عن الاتحاد بين الله وعباده المؤمنين الصالحين، ومن الواضح أنه ليس المراد منها الاتحاد الحقيقي.

([26]) نقطة في غاية الأهمية و الدقة، خاصة بعد ما عرفنا الخلفية الثقافية الوثنية لشعوب الشرق الأدنى القديم و تصورهم عن زعمائهم و أباطرتهم بأنهم أبناء الآلهة حقيقة.

(1) نجد ذلك في الإصحاح الأول من تلك الرسالة فقرة 3 و 8 عندما تقول عن عيسى: " الذي وهو بهاء مجده (أي مجد الله) و رسم جوهره و حامل كل الأشياء بكلمة قدرته و أما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك ".

(2) عقد في نيقية عام 325 م.برئاسة الإمبراطور الروماني المتنصر قسطنطين اجتماع للأساقفة حضره 2048 أسقفاً من أنحاء العالم لتحديد من هو المسيح وما طبيعته ومناقشة ما أكده آريوس ومن معه من نفي كون عيسى هو الله ورغم أن الأكثرية كانت مع آريوس إلا أن المجمع خرج بقرار يضلل آريوس و يعلن ألوهية المسيح وأنه من نفس جوهر الله الأب!.

([27]) هي التي قررها مجمع خلقيدونية المسكوني الذي عقد عام 451 م للرد على مقالة ديسوقرس بطريرك الإسكندرية القائل أن المسيح ذو طبيعة واحدة هي الألوهية المحضة و قد كفر المجمع ديسوقرس و قرر نفيه عن الإسكندرية و قرر أن المسيح شخص واحد ذو طبيعتين!.

([28]) أرمينيوس Arminious: (1560 - 1609) لاهوتي هولندي بروتستانتي. انتقد تعاليم كالفن (وبخاصة في مسألة القضاء والقدر) و قال بإمكانية الخلاص لجميع البشر.

([29])The Writings of James Arminius , Trans., Nichols & Bagnall (Grand Rapids Michigan: Baker 1956). Disputation 34 , 2 , 84.

([30])مارتين لوثر Martin Luther: (1483 - 1546) راهب ألماني تزعم حركة الإصلاح البروتستانتي في ألمانيا.

([31]) Martin Luther: Word and Sacrament, Vol III in Helmut Lehman (ed.), Luther`s Works , Vol 37 (Philadelphia: Fortress Press , 1961) p 212.

([32]) كالفن هو: اللاهوتي الفرنسي جون كالفن John Calvin (1509 - 1564): مؤسس المذهب الكلفيني. نشر راية الإصلاح البروتستانتي في فرنسا ثم سويسرا.

([33]) Jhon Calvin, Institutes of the Christian Religion, Trans. Henry Beveridge (Grand Rapids, Michigan: Eederman, 1957) II, 14, 1.

([34])Henry Bettenson , Documents of the Christian Church , 2nd edn. (London: Oxford University Press , 1963) p. 64.

([35]) Loraine Boettner, Studies in Theology (Philadelphia: Presbyterian and Reformed , 1947) p. 197.

([36]) Augustus Strong , Systematic Theology (Westwood , N. J.: Revell, 1907) p. 693.

(1) ونص عبارة بولس المشار إليها هو: " و لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً، لليهود عثرة، و لليونانيين جهالة " ومعناها أننا نعلن و نعظ بالمسيح مصلوباً و إن كان هذا سبباً لضلال اليهود و تعثرهم وكان بالنسبة لليونانيين يعد أمراً تافهاً لا معنى له.

([37]) القديس توما الأكوينيSaint Thomas Aquinas (1225 - 1274 م.) راهب و فيلسوف لاهوتي إيطالي، وضع مذهباً فلسفياً خاصاً في المسيحية يعرف بالتومانية.

([38])Dr Quentin Quesnell , " Aquinas on Avatars " Paper delivered at New ERA Conference , Ft. Lauderdale , Fla 3 Jan. 1983 , p. 8.

([39]) Ibid. , p. 5.

([40]) The United Society of Believers in Christ`s Second Appearing.

([41]) Shakers: الهزازون: طائفة دينية مسيحية أمريكية سميت بذلك لأن حركات الجسد تشكل جزءا من العبادة عندها