٠٢‏/٠١‏/٢٠٠٩

آخر تصريح فيديو للشهيد المجاهد الدكتور نزار ريان

الحمد لله وبعد

لقد سئمت الكلام عن أخبار الكنيسة في خضم ما تمر به غزة من مجازر بشعة

سامحوني فلتحترق الكنيسة بكل من فيها

اليوم اليكم هذا الجزء اقتبسه لكم مما قيل عن المجاهد الدكتور نزار ريان رحمه الله

الشيخ من المجاهدين في سبيل الله ، ومن جهوده :- أنه من دعاة التيار السلفي بفلسطين .- وممن تأثر بالشيخ وتربى على يديه الشيخ المجاهد البطل أسد فلسطين الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي - قائد حماس بعد الشيخ ياسين .ومن شبابه الذين رباهم : سامي أبوزهري، ومشير المصري_ ويعد الشيخ صاحب الجهد الأكبر في محاربة محاولات إيجاد موطئ قدم للتشيع في أرض فلسطين وكان ينبه الإخوة في حركة الجهاد ولازال على أن لايتحول إعجابهم وتحالفهم مع الثورة الإيرانية إلى طريق للتأثير في شبابهم بفكر التشيع كما ينبه أصحابه وإخوانه في حماس أن لايغتروا بالمواقف المعلنة من الشيعة سواء إيران أو حزب الله ويذكرهم برسالة الشيخ أحمد ياسين (نحن والشيعة تقاطع مصالح لا تحالف) _وله قصة شهيرة مع قناة المنار الشيعية والتي رفض أن يشارك في أي برنامج لها ولما ألح عليه مراسل القناة في غزة قالها له صريحة ( أنا عالم سلفي ولاأتعامل مع قناة بدعية وربما يسع السياسيين ما لايسعني ) فغضب الشيعة في إيران وحزب الله واتصلوا بالعديد من قيادات حماس فقالوها لهم : هذا عالم الدين ويأخذ بالعزائم وسكتوا حتى يفهم الشيعة الرسالة .الآثار الجهادية :_ الشيخ كما قلنا يرابط بنفسه أكثر الليلي ويقوم الليل مع الشباب .الشيخ لايحمس الناس على الجهاد والعمليات الإستشهادية فحسب بل أعطى مثلا قل نظيره في التاريخ فوافق على إرسال ولده إبراهيم ذو الأربعة عشر ربيعا إلى عملية استشهادية نادرة اقتحم فيها مستوطنة وقتل ثمانية من اليهود ولما تحصن بأحد البيوت دخل فيه فإذا به امرأة وطفليها فلم يقتلهما بل ادخلهما الحمام وأغلقه عليهم - ابن العالم علمه أبوه أن لا يقتل طفلا ولا امرأة عمدا-الشيخ هو الذي ألهمه الله فكرة التحصن فوق البيوت التي كانت تهدمها إسرائيل من الجو فلما أعلم الجيش الاسرائيلي بيتا مجاورا للشيخ بإخلاء البيت لقصفه جاؤا إلى الشيخ فقام من ساعته وتوضأ وانطلق إلى البيت ونادى في الناس وهو يحث السير أن هلموا إلى بيت فلان وكان الناس لايردون للشيخ أمرا وأرسل ابنه ينادي في الناس أن الشيخ يطلبكم سريعا عند بيت فلان فلما رأى الشيخ الجمع سر به وتزايد الناس حتى جاوزوا الألفين فطلب منهم الشيخ أن يصعد جزء منهم معه فوق السطح وجزء يبقوا حول المنزل فأجابه معظم الناس ولما أذن الفجر إذا بزوجته أم بلال ومعه الناس يقولون للرجال سنصلي الفجر ونأتي مكانكم لأن الطيران استمر طيلة الليل فلما رأى صنيع النساء انصرف وكانت سنة بعد ذلك أوقفت هذا النوع من العدوان- أصيب ابن الشيخ الأكبر بلال وهو طالب علم وعلى خطا أبيه ثاني يوم من زواجه فقد أعلن النفير في الكتائب فنزل مسرعا وأصيب في تلك الليلة إصابة خطيرة لم يستطع معها المشي ثلاث سنوات وهوالآن يعرج في مشيته- الشيخ محبوب من االجميع حتى من جيرانه النصارى فقد توفي أحدهم فوجد أبناؤه وصيته أنه لايقبل بأن يوزع أحد تركته إلا الشيخ .- كما أن الشيخ أحد أسباب انتشار التدين عند بعض شباب فتح لأنهم رأوا قادتهم يجلون الشيخ ويهرعون اليه ليصلح بينهم - هذا طبعا قبل الاستطاب الحالي - كما يستغيثون به إذا حاصرهم شباب القسام - وهذه إلى الآن -للمعلومية ولمن لايعرف فإن حركة حماس لايمكنها اتخاذ أي قرار مهم دون المرور على الهيئة الشرعية ومصادقتها عليه وقيادة حماس العليا تضم أربعة أعضاء من الهيئة الشرعية كلهم متخصصون في تخصصات شرعية دقيقة كما أنهم لا يكتفون بذلك بل يراسلون العلماء لأخذ رأيهم في كثير من القضايا المشكلة والمصيريةكلام أغرب من الخيال لكنه الواقع هل يظن أحد أن بقاء هذه الحركة وثباتها على مبادئها بعد توفيق الله إلا بصدق رجالها ووضوح طريقها واجتهادها في التزام منهج الكتاب والسنة واحترام أهل العلم .نقلا عن اهل الحديث
اسمعوا لكلام المجاهد نزار ريان
حمل الفيديو من هنا

المشاهدة المباشرة

هناك ٣٢ تعليقًا:

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((يا غزة ماتت نخوة القوم لكن الدم لا يموت)))))))))))))))))))
بواسطة: trutheye

غزة: منبت الأبطال ومنبع الرجال وريح الجهاد والنصر وأريج النضال والصبر.
ها هي الآن تدفع ثمن جهادها وتسدد حساب إبائها.
وتشهد على تقاعس أمتها.
رفضت غزة أن تطبع بصماتها على عقود الذل،
وأن تقبع تحت أقدام دولة اليهود تلتقط الفتات الساقط من موائدها.

رفضت غزة أن تركع على نعال أمريكا وإسرائيل،
فتكالب عليها الأعداء والخونة يريدون هدم قلعة العز.

الصورة واضحة لا تحتاج على بيان، والأحداث كفتنا مهمة الإيضاح.
وما عاد لنا أن نقول شيئا وبرك الدماء وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة وتحكي المأساة.
قضى الله لك يا غزة أن تكوني هكذا دائماً،
شاهداً منصوباً يجسد لنا في كل حينِ أسمى معاني النضال والجهاد والعز والشرف.

لكنها تعكس في الوقت ذاته
صورة مقيتة من الخذلان والجبن والهوان والذل والخيانة،
بل والموت...
لا نقصد ذلك الموت المشرف في ساحات الوغي وحماة الكرى،
لكنه الموت المهين في نفوس أمتنا التى باتت ظلاً باهتاً وجسداً بلا حراك.

نعم وبلا مواربة،
أن سقوط الشهداء والأحباب كل يوم في غزة
وما يجاوبه من صمت مطبق من أمتنا لا يعني سوى شيء واحد...
وهو الموت!!!

الموت لمن فتح المزاد على وطنه وتاريخه وقبور أجداده، لمن يزايد.
وفرسانك يا غزة في ثوب الشهادة تصطبر.

الموت لجمع من يصخبونَ ويصخبونَ،
ويملأون صدورهم بهواء أمجاد القرون،
ثم مع جزارك يرقصون...

الموت لمن قنعوا من دنيا السياسة بمهمة كلاب الحراسة،
الموت لجرذان الرئاسة،
التي تلعق الأقدام وتعبد الأصنام في كل الملل،
من العجل اليهودي إلى السيد الأمريكي...

الموت لمن أعياهم الهوان فانتحر الكلام على شفاهم،
وشلت أقدامهم وأيديهم وطأطأت رؤوسهم على صدورهم الواجفة،
وقد تركوا الطاغية يزني بضمائرهم وعقولهم...

الموت لمن يجرون العجز أذيالا وأذيالا بطول ألوف الأميالٍ من أرضك الطاهرة.
الموت لهم وحجارة أطفالك ترجم خزيهم وتفضح عارهم.

الموت الذي تعلنه كل ساعة أزيز الطائرات اليهودية،
ودوي المدافع الصهيونية وهي تغير على بطل من أبطالك يا غزة الغز.

الموت الذي تقذف به في وجوهنا وسائل الإعلام مع كل بيان وخبر تثرثر به.
الموت الذي تصبه على رؤوسنا دموع أسر الشهداء وأنين صغارهم.

يا غزة الخير ماتت نخوة القوم فلا تجزعي،
وحق لك ألا تجزعي وفيك ليوث الإسلام وفرسان الميدان.

الموت أصاب أمتي يا غزة،
لكن الحياة وحدها اختارت أن تسكن في جنباتك وتطل من ربواتك،
الحياة الطيبة في جوار رب العالمين،
وشتان بين جوار الأهل،
وجوار الرب سبحانه...

يا غزة ماتت نخوة القوم
يوم أن انشغلوا بدنياهم عن أخرتهم،
وبحاضرهم عن تاريخهم،
وبهمهم عن هم أمتهم.

ماتت نخوة القوم يوم خرجوا يتظاهرون للدرهم والدينار وأنت بين ظهرانهم تئنين من الحصار...

ماتت نخوة القوم يوم سمحوا لبوش أن يطأ أرضهم ويدنسوا ترابهم،
ويرقص من الأنذال على أشلاء رجولتهم.

ماتت نخوة القوم يوم تركوا جزارك يا غزة يرتع في بلادهم ويتبختر على دمائهم وينتعل كرامتهم.

ماتت نخوة القوم على مذابح الشهوات.

يا غزة ماتت نخوة القوم،
لكن الدم لا يموت...

نعم والله لا يموت الدم،
ولا تجروء الأرض على ابتلاعه ولا يقوى التاريخ على نسيانه...

وكيف يموت وهو يروي بذور العز في تربك الطاهر فينبت الفوارس الأبطال،
ويغرز أشراف الرجال رواسي أن تميد بك الأرض.

الدم لا يموت،
فلا شيء في هذه الدنيا أقدس من الدماء الطاهرة وكم سالت على أرضك،
لذلك أنت مقدسة...

فلا تحزني يا غزة،
فالحزن أولى بنا نحن يا حبيبة،
نحن أولى بالحزن ومنابتنا لا تنبت سوى الخنوثة والرعونة،
بينما مباسم زهرك لا تخرج إلا الفوارس الكرام...

نحن أولى بالحزن منك،
فعلى أرضنا يدب الذباب والبغاث ويستأسد الجرذان والجبناء،
بينما أرضك يشقها صناديد الإسلام وعشاق الشهادة الكرام.

نحن أولى بالحزن والدهر يكتب لك الخلاص وأنت تدخلين صفحة الحرية،
بينما يمر مخذولاً بنا الزمان ونحن نهوي خارج التاريخ.

لا تحزني يا غزة وأرضك تغطيها أعطر الدماء،
وتربتنا تئن من تجرع النتن والخمر ومرارة الغدر...

لا تحزني يا غزة فوالله لأنت أكثر حرية منا الآن،
فالحرية لا تبيت معنا في مخافر الطغاة،
لكنها توسدت أعتاب فرسانك الأباة.

لا تحزني يا غزة وشكاياتك يضج لها ملائكة السماء،
بينما تذهب شكايتنا بلا مأوى لأننا لم نصدقها بالعمل.

وكيف تحزني وقد نزل التاريخ من عليائه ليرى الزهار وهو يقدم ابنه الثاني على التوالي خارج الأيام والأجسام، روحا زكيا وضياءا عبقرياً لا يموت.

لا تحزني يا غزة فعلى ثراك الآن أزكى ما نزفته البشرية وقدمته الإنسانية...

لا تحزني يا غزة فأرضك ليست أرض دحلان وأبو مازن،
لكنها أرض عمر وأبو عبيدة وخالد ونور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي.

لا تحزني ابنة الصدق ودوحة النخل ونَفَس الزيتون،
فحجارة أطفالك تطهر دنس أقدام القرود،
وسواعد فرسانك تشد نجمك في الثرى.

أنا لا أهيب بأمتي أن تهب لتواسيك،
لكني أهيب بها أن تنهض لتسير خلفك على الدرب.

ولا أبكى تعاقب الملائكة على ثراك تغسل الشهداء وتبارك سعيهم،
لكني أبكي نعيق الغربان ببلدي يرحب بأفواج السياح الغزاة!!!

طوبى لك يا غزة مع كل شهيد يسقط فمن موقعه يولد ألف مجاهد،
وطوبى لك مع كل بيت يهدم فهو يؤسس من جديد على صخرة العز،
وطوبى لك مع كل دافقة دم تسيل فهي تثير الأرض وتنير السماء وتمسح عار الهزيمة،
وتكسو ثراك عشبا لا يقبل الطاغية على وهده وبساطه.

ولا تحزني يا غزة كلما ارتفع شهيد على أرضك،
فالدم لا يموت.

كتبة / خالد حربي

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((((إسرائيل لا تحتاج مبررات لارتكاب جرائمها)))))))))))))
ستون عاما والجرائم الإسرائيلية تتواصل ضد الشعب الفلسطيني ولم توقفها أياً من بيانات الشجب والإدانات الدولية ‘كما لم توقفها التنازلات العربية ولا الفلسطينية أيضا‘ فلا كمب ديفيد ولا وادي عربة ولا أوسلو ولا غيرها من الاتفاقيات العلانية والسرية التي أبرمتها الأنظمة العربية مع إسرائيل تمكنت ان توقف جرائم هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني ‘و لا حتى الألعاب النارية المسماة جزافا بصواريخ القسام التي تطلق على المستوطنات استطاعت هي الأخرى ان تلجم حكومة الصهاينة من مواصلة جرائمهم بحق الفلسطينيين ‘ سواء كان هؤلاء الفلسطينيون في غزة أو الضفة أو مناطق فلسطينية أخرى .
إسرائيل لديها حصانة دولية وكارت بلانش أمريكي أوروبي يسمح لها ان تفعل ما تريد و أينما تريد ومتى تريد‘ سواء أطلقت حماس صواريخها الفشفاشية ام لم تطلقها ‘ و بوجود حماس ام بدونه فالجرائم الإسرائيلية تلاحق الفلسطينيين وسوف تبقى تلاحقهم حتى لو رفع الشعب الفلسطيني بأكمله الراية البيضاء ‘ و هذا لن يحصل أبدا‘ فالعقلية الصهيونية محكومة بتعاليم التلمود العنصرية و بعقدة الهلكوست النازية التي لا تقبل غير القتل والدمار بديلا لحلها. ولهذا فان تحميل المسؤولية لحماس أو السلطة الفلسطينية أو أي طرف عربي آخر ‘ مثل ما فعل حزب الله الإيراني في لبنان الذي سارع عبر تلفزيون المنار الى اتهام بلدان عربية بالتواطؤ مع إسرائيل للهجوم على غزة ‘ فان مثل هذه التهم ليس سوى محاولة لحرف الأنظار عن الجريمة الإسرائيلية التي على ما يبدو كان حزب الله ومن وراءه ينتظرونها بفارق الصبر لكي يتخذونها مبررا لشن حملتهم الإعلامية على بلدان عربية معينة ‘ و هذه الحملة هي جزء من الحملة التي كانت قد بدأت بالمظاهرات الصبيانية التي سيرها الحرس الثوري الإيراني أمام سفارات الدول المذكورة وتخللها إحراق مكتب الخطوط الجوية السعودية في طهران. كما ان الاتهامات المتبادلة بين حماس والسلطة التي يحمل فيها كل منهما الطرف الأخر المسؤولية عما آلت إليه الأمور‘ ليست هي الأخرى سوى محاولات بائسة يسعى كل طرف منهما اتخاذها وسيلة لتبرئة ساحته وإلقاء اللوم على الطرف الأخرى متناسيان أنهما شريكان في الخطيئة التي ارتكباها سوية وتسببت في الوضع الراهن الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة وغيرها .
فإذا كانت حماس تتهم السلطة بالتآمر عليها بالتعاون مع أطراف عربية ‘ فهل هذا مبرر لها ان تقوم بفصل القطاع وتقيم لها سلطة مبتورة الأطراف وتعزل نفسها عن محيطها العربي وترمي بنفسها بحضن إيران؟‘ فمتى كانت إيران حريصة على القضايا العربية والإسلامية ‘ والفلسطينية منها تحديدا‘ حتى تقوم حماس برمي نفسها بأحضان طهران بهذا الشكل الذي نراه ؟.
لقد شهد العالم اجمع المحاولات المضنية التي قامت بها دول عربية لرأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية‘ و ما ان يقترب الحل ويوشك ان يتوصل الأطراف الى اتفاق حتى تطلع التصريحات من طهران معكرة الأجواء و تقوم حماس وأطراف فلسطينية أخرى مرتبطة بالمشروع الإيراني بعرقلة الاتفاق وإعادة الحوار الى المربع الاول .
فحماس التي عزلت نفسها عن محيطها العربي ووضعت بيضها في السلة الإيرانية من اجل الاحتفاظ بسلطة هزيلة لا يعترف بها حتى حلفاءها وغير قادرة على جلب كيس دقيق واحد أو علبة دواء واحدة لأهالي غزة ‘ من المؤكد أنها شريك أساسي في معانات أهالي غزة وغير غزة من الفلسطينيين . وهذه المسؤولية تتحملها السلطة أيضا التي سعى بعض المشاركين فيها الى التفرد بالقرار الفلسطيني وإلغاء دور الأطراف الفلسطينية الأخرى معتمدين على الدعم الأمريكي الذي لا يهمه من العملية سوى إنهاء القضية الفلسطينية و ضمان امن ومستقبل إسرائيل.
ولكن مع كل هذا يبقى ان إسرائيل بتاريخها الدموي المعهود غير محتاجة لمبررات كي ترتكب المجازر‘ فيوم ارتكب الصهاينة مجزرة دير ياسين وكفر قاسم وغيرها من المجازر الأخرى لم تكن هناك حماس و صواريخ القسام ‘ فمن يحاول ان يحمل هذا الطرف الفلسطيني أو ذاك أو هذا البلد العربي أو ذاك‘ المسؤولية عن مجزرة إسرائيل في غزة فانه لا يهدف سوى خدمة هذا الكيان الصهيوني .؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

أستاذ دراسات توراتية: «ما يحصل في غزة كله متفق مع الكتاب المقدس»!!
وتلميذ الشيخ أحمد ديدات يتحداه في مناظرة مفتوحة في قلب أمريكا فهل يقبل؟

كتب / عصام مدير – مشرف مدونة التنصير فوق صفيح ساخن:

استكمالاً لما نشرته بالأمس تحت عنوان «نبوءات توراتية محرفة تطبق الآن في غزة»، فقد توقعت أن يسارع المنصرون والنصارى المتعاطفون مع الصهاينة لتقديم تفسيرات دينية للمشهد الدامي في غزة من أجل اضفاء «مشروعية» على جرائم الاحتلال أو لتصوير هذا التدمير وكأنه تنفيذ لـ «المشيئة الالهية»…

خصوصاً وأن هذا الفريق من النصارى قد بادر في السابق لمنح «تطويباته» و «بركاته» لكل عدوان يهودي أو أمريكي غاشم على بلادنا، بل إن أهل التنصير دوماً ومع كل مجزرة يهودية يظهرون أكثر «إسرائيلة» من «الإسرائيليين» أنفسهم!! نفس المشهد وذات الكلام المنسوب للرب تكرر في اجتياح جنين وسقوط بغداد «بابل» والحرب على لبنان واليوم في غزة.

في هذا السياق، تأتي تدوينة اليوم لتسلط الضوء على مقال منشور في موقع إعلامي خطير ومؤثر لكاتب أمريكي نصراني متصهين يدعى «جاري ديفيس Gary Davis» المتخصص في روايات «الكتاب المقدس Bible» التاريخية.

وقبل أن نخوض في أهم ما جاء في مقال هذا الكاتب المضلل، أنوه إلى أنه منشور في موقع اخباري تابع لأحدى أهم وكالات الأنباء الأمريكية العالمية وهي «وكالة الأسشيوتد برس The Associated Press» التي تغذي كافة وسائل الإعلام حول العالم من صحف واذاعة ومواقع اخبارية على الانترتت، الخ.

صورة من صفحة المقال على موقع وكالة الأنباء

جاء العنوان الرئيس لمقال الكاتب الأمريكي هكذا:

إسرائيل تهاجم غزة ومقتل أكثر من 155
Israel Attacks Gaza Strip, More Than 155 Killed

لكن قبل أن تظنه مقالاً منصفاً، بسبب ذكر عدد القتلى ساعة كتابته في العنوان، يلطمك العنوان الفرعي المصاحب الذي جاء هكذا…

الرد على هجمات حماس الصاروخية
Response to Hamas Rocket Attacks

كي تستفيق مرة أخرى على مبررات الاسرائليين في عدوانهم المتجدد على غزة و المنسجمة دوما مع النبرة الأمريكية التى اعتدنا على تحيزها المقيت للصهاينة في تعاطي غالبية وسائل إعلامها وكتابها لما يسمى بـ «الصراع العربي الإسرائيلي».

لا يعنيني في مقال هذا الكاتب إلا مطلع هذه الفقرة التي يقول فيها بالنص[ما بين هذين القوسين فهو مني زيادة في توضيح المعنى]:

In my Biblical studies the focus of the Bible especially in the prophetic books includes the Middle East.

[من واقع] دراساتي لـ «الكتاب المقدس»، فإن محور اهتمام هذا الكتاب هو «الشرق الأوسط» وبخاصة في الأسفار النبوية [التي تتضمن النبوءات التوراتية المتعلقة بمستقبل المنطقة].

لكن هل ثمة علاقة لـ «الكتاب المقدس» بالعدوان على غزة؟ يضيف الكاتب:

Middle-Easterners and Israel are considered brothers both being descendants of Abraham.

يُعتبر «الشرق أوسطيون» و «إسرائيل» أخوة من سلالة ابراهيم [عليه السلام].

مهلاً أيها المتخصص في روايات أسفارك المقدسة التاريخية: ما هي علاقة استباحة جيش الصهاينة لغزة اليومم بكلامك هذا عن الانتساب المزعوم الذي يدعيه اليهود من جانبهم بنبي الله ابراهيم في ظل هذه الأحداث المروعة اليوم؟!

ثم كيف تتحدث يا هذا عن صلة النسب المزعومة هذه بين اليهود أو الاسرائيليين وسيدنا ابراهيم عليه السلام وأنت النصراني الذي من المفترض أن يكون ملتزماً بما جاء في الأناجيل على لسان المسيح عليه السلام الذي تدعي الانتساب له واتباعه مع أن ابن مريم أعلنها صراحة مدوية لليهود في مواجهته لهم بنص إنجيل يوحنا الاصحاح الثامن:

(39) أجابوا: «أبونا هو إبراهيم». قال لهم يسوع [عيسى بن مريم]: «لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم!
(40) ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. هذا لم يعمله إبراهيم.
(41) أنتم تعملون أعمال أبيكم». فقالوا له: «إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد وهو الله».
(42) فقال لهم يسوع: «لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني خرجت من قبل الله وأتيت. لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلني.
(43) لماذا لا تفهمون كلامي؟ لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي.
(44) أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب.

لاحظ تأكيد هذا الكلام المنسوب للمسيح عليه السلام على اشتراك اليهود مع «ابليس» في تقتيل الناس… أوليس هذا عين ما يحصل في غزة يا «جاري ديفس»؟ كيف تصح نسبة يهود اليوم من الاسرائيليين إلى نبي الله ابراهيم مع كل جرائمهم الوحشية هذه على ضوء نصوص أنجيلك أيها العلج الأمريكي المنافق؟ تباً لك و»لتذهب إلى الجحيم» كما تقولون في أمريكا!

بل كأنك يا أيها الدعي الجاهل الجهول المجهال لم تدرس شيئاً من أول إنجيل لديك إذ جاء في متى 23/ 31–33 خطاب المسيح لليهود: «فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء…أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم؟».

أما إسلامياً، فإن الانتساب لأنبياء الله الكرام ليس انتساب رحم ولا ذرية إلا من صلة الإيمان والخيرية وصدق الاتباع أولاً وأخيراً: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} سورة آل عمران 67–68.

لاحظ مدى تطابق معاني هذه الآية الكريمة مع النصوص المنسوبة للمسيح عليه السلام في أناجيل النصاري وخصوصا حواره مع اليهود في «يوحنا»، ولا يخالف كل ذلك إلا أكثر نصارى اليوم وفي مقدمتهم أمثال هذا الكاتب الأمريكي الذي وضح مراده من هذا الاسقاط التاريخي المزيف حول نبي الله ابراهيم وذريته في الفقرات التالية من مقاله:

Abraham was the father of Isaac (Jewish) by his wife Sarah and Ishmael (Arabs) through Sarah’s handmaiden Hagar. Both peoples proudly claim him.

كان ابراهيم والد كل من اسحق (يهودي) [!!] من زوجه سارة، ووالد اسماعيل (العرب) من هاجر التي كانت خادمة مملوكة لسارة [أي جارية].

لاحظ النبرة العنصرية الكامنة في نفوس اليهود وغالبية النصارى شرقاُ وغرباُ والتي تتبدى تجاهنا في مثل هذه الأحداث من الكاتب الأمريكي وكثير من قومة من أدعياء الحضارة والمدنية والاخاء والعدالة والمساواة بين بني البشر إذ تتبدد كل تلك الشعارات الجميلة مع تساقط قنابل أصدقائهم من اليهود فوق رؤوسنا فإذا بنا معشر العرب وقد صرنا أشبه ما نكون بزنوج عهود «العبودية» المقيتة في الولايات المتحدة الأمريكية ومستوطنات ما كان يسمى بـ «العالم الجديد» قبل ذاك!!

لا أدري ما هو شعور حرم الرئيس الأمريكي الجديد لو قرأت اليوم هذا المقطع الكريه من مقال استاذ الدراسات التوراتية الأمريكي هذا، وهي «الزنجية» الحسناء سليلة العبيد الذين حرثوا مزارع القطن في أمريكا في ظلال سياط أسيادهم البيض تجلد ظهورهم على مدى أربعة قرون وزيادة؟ بل كيف يشعر كل «أفروأمريكان» من سمر البشرة وهو يقرأ تعيير هذا النصراني العنصري الأبيض للعرب وتحقيره لهم مفترضاً أنهم من نسل جارية؟

لن أتطرق إلى مسألة زعمهم أن السيدة «هاجر» ظلت جارية بعد دخول سيدنا ابراهيم عليه السلام بها، لأن أبلغ الرد عليهم في هذه إنما يكون بنص واحد بأول أسفار التوراة من كتابهم المقدس:

[فاخذت ساراي امراة ابرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لاقامة ابرام في ارض كنعان واعطتها لابرام رجلها زوجة له] سفر التكوين 16/ 3

لكن لو تنزلنا للخصوم في الحوار وسلمنا لهم جدلاً أن العرب هم «أبناء الجارية» وأن اليهود والاسرائليين هم «أبناء السيدة أو الحرة» فهل هذا يعطي لأبناء الأخيرة أية ميزة أو أفضلية بأعراف اليوم ووفق مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان التي يتشدقون بها؟ أم هل هو يشفع لليهود عند الله مهما ارتكبوا من جرائم ابادة وازهاق للأنفس؟ أم هل يجوز في عرف النصراني كذلك قتل المنحدرين من الجواري والرق بكل عنصرية ووحشية كأنهم ليسوا من البشر بل دون الحيوانات؟!

هل انت عضو جماعة «الكلوكلاس كلان» العنصرية في أمريكا يا «جاري» أم هل من أنت ذوي «الرؤوس الحليقة»؟ هل هذا شعر مستعار فوق رأسك الفارغة، أم هل تخبي تحته تلك الشعيرات صليب النازيين المعقوف؟!

وما أشبه كلام الليلة بالبارحة، فهل هي مسدسات عصابات «رجال البقر، الكاوبوي» والمستوطنين البيض في تعاملهم الدموي مع سكان أمريكا الشمالية تعيد رسم المشهد والخارطة ولكن في مسرح جغرافي مختلف تماماً؟ هل يراد لأهل غزة لعب «الهنود الحمر»؟ أم هل هو استحضار «أنجلوساكسوني» لأرواح «الانجيليين» المتطرفين الأوائل من طائفة «البيورتان» أو «التطهيريين» المهووسين بشخصيات العهد القديم الاسرائيلية وحروب الابادة التي شنوها على الفلسطينيين بطول وعرض أسفار التوراة المحرفة؟!

هل أراد الكاتب المتصهين استدعاء كل هذا المخزون التاريخي المزور في الوعي الباطني الأمريكي عساه يدغدغ فيهم مشاعر تطفح بالعنصرية والكراهية مما تنشأوا عليه في «مدارس الأحد» الكنسية» تجاه «أبناء عبيد» من لون وجنس آخر، من العرب؟

إن هذا الكاتب الأمريكي إذ يلجأ إلى هذا الاسقاط الديني والتاريخي الملفق للتغطية على جرائم الصهاينة في غزة ضد الفلسطيين من «أولاد الجارية» إنما هو يردد صدى كلام قديم منسوب للمدعو «بولس الرسول»، مؤسس النصرانية الأول بلا منازع ومن حرّف دين المسيح الصحيح، لما خطب في اليهود وهو منهم – بحسب رسالة «غلاطية» الاصحاح الرابع:

(22) فإنه مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان، واحد من الجارية والآخر من الحرة.
(23) لكن الذي من الجارية ولد حسب الجسد، وأما الذي من الحرة فبالموعد.
(24) وكل ذلك رمز، لأن هاتين هما العهدان، أحدهما من جبل سيناء الوالد للعبودية، الذي هو هاجر.
(25) لأن هاجر جبل سيناء في العربية. ولكنه يقابل أورشليم الحاضرة، فإنها مستعبدة مع بنيها.
(26) وأما أورشليم العليا، التي هي أمنا جميعا، فهي حرة.
(27) لأنه مكتوب: «افرحي أيتها العاقر التي لم تلد. اهتفي واصرخي أيتها التي لم تتمخض، فإن أولاد الموحشة أكثر من التي لها زوج».
(28) وأما نحن أيها الإخوة فنظير إسحاق، أولاد الموعد.
(29) ولكن كما كان حينئذ الذي ولد حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح، هكذا الآن أيضا.
(30) لكن ماذا يقول الكتاب؟ «اطرد الجارية وابنها، لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة».
(31) إذا أيها الإخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة.

خطورة هذا النص العنصري البغيض أنه من رسائل ما يسمى بـ «العهد الجديد» بين دفتي أسفار النصارى المقدسة والتي تحتل ثلثي حجمه بمساحة لا تحظى بها الأناجيل الأربعة، ويحتل شخص كاتبها مكانة فاقت لدى أتباع الكنائس كل من تقدم من أنبياء ورسل تزعم النصارى أنهم كلهم كانوا «سراق ولصوص»!!

ولكي تتضح صورة هذا التوظيف الشيطاني لنصوص أكثر شيطانية في ارتكاب أبشع الجرائم، يضيف الكاتب الأمريكي في الفقرة الأخيرة من مقاله ما يضع النقط على حروف نظرية «ابن الجارية وابن الحرة»:

The brothers were different and the Bible predicts that their individual descendants will never get along.

إن كلا الاخوين [اسحق واسماعيل] كانا مختلفين. ويتنبأ «الكتاب المقدس» أن المنحدرين من ذريتهما لن يكون بينهم تعايش أبداً [!!].

هكذا وبكل تبسيط شديد يختزل استاذ «الكتاب المقدس» الحرب الدائرة على غزة في رمزية ثنائية التضاد «اسحق / اسماعيل… اسرائيل / العرب» مستدعياً نصوص الكتاب الذي يقسم عليه كافة رؤساء أمريكا وكل مواطن أمريكي في كل محكمة، في أكثر المجتمعات الغربية هوساً بهذا الكتاب وشخصياته الإسرائيلية الدموية من أمثال «جدعون» و«يشوع» و«شمشون» في قتالهم الأسطوري الخرافي للفلسطينيين.

هل أنت مندهش عزيزي القارئ العربي المسلم من مقال مثل هذا؟ أم هل أنت في حالة صدمة عنيفة من نشره في وكالة أنباء عالمية عريقة و «مرموقة»؟أم هل أنت متعجب من أسلوب الكاتب ومقدماته تلك؟ فماذا ستقول في النتيجة التي توصل إليها نابغة العلوج إذ يقول في ختام مقاله:

Therefore there never will be peace in the Middle East.

وفي ضوء ما تقدم، فإنه لن يكون هناك سلام أبداً في الشرق الأوسط.

هكذا يبشرنا أستاذ الدراسات الكتابية الأمريكي مؤكداً لقراء مقاله حول العالم إذ تنشره له وكالة الأنباء الأمريكية الأولى!! وهو بهذا أفصح عن الخلفية التوراتية التي تهيمن على استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني والمنطقة وهو «البعد العقائدي» الحاضر الغائب من خلف الكواليس في ادارة كافة الحروب والأزمات المفتعلة ضد العرب والمسلمين.

المفارقة المضحكة المبكية أن النصارى ما انفكوا يزعمون أن كتابهم الذي يروجون له بين المسلمين إنما هو كتاب «البشارات الطيبة» و «الأخبار السارة»!! وأتذكر كيف كان يطرق بابي المنصرون أثناء اقامتي في مدينة «بوسطن» الأمريكية ليسألوني مع كل زيارة: «مرحبا! هل بلغتك الأخبار السارة؟ لدينا لك بشارات طيبة!» أعوذ بالله من هكذا «بشارات»!!

«يتنبأ الكتاب المقدس… لن يكون هناك سلام أبداً في الشرق الأوسط»
جاري ديفيس، أستاذ دراسات الكتاب المقدس، بمناسبة قصف غزة

بالله عليكم: هل بعد كلام هذا الكاتب اللاهوتي وأستاذ الدراسات التوراتية يمكن لأهلنا في «الشرق الأوسط» والعرب تصنيفه تحت بند «الأخبار السارة»؟! بل هذا ورب الكعة لهو «إنجيل الأبادة» أو «إنجيل الدمار الشامل»… الإنجيل المحرف نصاً وروحاً.

وكأني بهذا الكاتب الأمريكي قد استدعى كل نبوءات التوراة المحرفة ضد قطاع غزة والتي أشرت إلى نصوصها في تدوينة الأمس ، ليخلص وغد العلوج بالقول أخيراً إزاء كل صور الدمار والدماء والقتلى والدخان والنار والقصف:

So far the Bible has been right.

إلى يومنا هذا فقد ظلت [نبوءات] «الكتاب المقدس» صحيحة!

يعلنها المجرم الصليبي بكل برود ووقاحة! وهو صادق فيما يقول ولا يكذب علينا.. لأن هذه هي عقيدته وهذاهو كتابه الذي يشترك في تقديسه مع اليهود ساعياً معهم في تطبيق أمنيات أسلافهم وأحلامهم المريضة في حقبة تشريدهم وسبيهم في «بابل» ضد كل شعوب المنطقة، ضمن ما دسوه في أسفارهم من أحقاد وحسد وغل…

هاهم «أبناء تلك الأفاعي والحيات» ينفذون وصايا من كان قبلهم إذ يسعون لتحقيقها بكل تعسف بعد أن نسبوها للرب زوراً وبهتاناً ليقولوا أن أعمالهم هذه في غزة إنما هي عمل «الرب»! ولكي يتراقصوا طرباً فوق اشلائنا الممزقة: «نبوءات كتابنا صحيحة!» كما يفعلون اليوم في غزة!

ثم تأمل في التعليق اليتيم الذي سمحت به وكالة الأنباء «المحترمة» و«المنصفة» جداً على مقال الكاتب الأمريكي إذ كتب متصهين آخر مثله يقول:

We’ve had a saying for years, “You don’t mess with Israel.” This is so sad yet not surprising. It certainly is Biblical.

ما زلنا نردد هذه المقولة لعدة سنوات «لا تعبث مع اسرائيل!». إن هذا لمحزن جداً [يقصد أحداث غزة] ولكنه أمر متوقع إذ هو بالتأكيد متوافق مع «الكتاب المقدس».

هكذا يتم تصوير المشهد الدموي اليوم في غزة لعموم النصارى في أمريكا وحول العالم عبر وكالتها هذه للأنباء: «كله بحسب الكتاب المقدس!».

بحسب الكتاب المقدس؟!

سوف أصدق العدو وأنظر للأمور بمنظاره كما أعترف الخصوم على أنفسهم وعلى كتبهم المقدسة، فالحق ما شهدت به الأعداء، ولن استمع لمعسول الكلام ولنفاق فريق من المنتسبين للإسلام ولا نصارى العرب الذين ينددون بجرائم صهاينة اليوم أمامنا ثم يبررون جرائمهم القديمة المروية في نصوص الأسفار الدموية إذ يعدونها كذلك من كلام الوحي!! موقف متناقض في العقلية النصرانية العربية بخلاف الذهنية الغربية العامة التي جردت «الكتاب المقدس» من قدسيته التي كانت له، والمشهد يا نصارى المشرق مليء بكل التناقضات ولا يحتمل المزيد منها لأن من العرب والمسلمين من صار ينافسكم في التناقض لما صدقوكم وصدقوا اليهود وهجروا كتاب الله!!

لا عبرة اليوم لمزايدات نصارى المنطقة مع تمسكهم بقدسية هذه الأسفار العنصرية والارهابية لأن العدو الصهيوني الذي يشترك معهم في تقديس ما يسمى بـ«العهد القديم» يقلتنا وأطفالنا ويستبيح مقدساتنا ومدننا باسم «رب» هذه الأسفار ووفق نصوصها التي يستدعيها لساحة المعركة عند كل عدوان.

على ضوء كل ما تقدم من اعترافات استاذ الدراسات التورانية الأمريكي، فإنه يتوجب على صاحب كل ضمير حي، إن كان صادقاً في مشاعره وأمينا، أن يستجيب للتحذير القرآني الكريم في قوله تعالى:

{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } سورة البقرة 78–79

وختاماً أرجو من كل قارئ لهذا الموضوع السعي في نشره في المنتديات والمدونات ووسائل الإعلام العربية التي تواطأت – مع الغربية التي تقتات على فتات ما ترميه الأخيرة لها من أخبار – على تهميش أو تغييب البعد العقائدي في الصراع الدائر وكأن اليهود والصهاينة لا يقاتلوننا عن عقيدة دموية أو كأنه لا يراد لنا جهادهم بالقرآن الكريم وعن عقيدتنا نحن!!

ويمكن للراغبين في اعادة نشر هذا المقال في المواقع الاخبارية التفضل بذلك مشكورين دون اضاقة أو زيادة مع ذكر المصدر وعنوان هذه المدونة… وما كتبت هذا إلا معذرة إلى ربي وانتم ترون ما أرى من هول ما تشيب له الولدان في غزة بين تآمر الأنظمة العربية والخذلان، ثم توعية للأمة التي بات يقال لها في مؤتمرات ما يسمى بـ «حوار الأديان» الباطلة أن اليهودية ديانة سماوية وأن كتبهم المحرفة سماوية وأن دينهم يدعو إلى السلام والتعايش حتى قبّل الشيخ حاخامات «تل أبيب» واستقبل «شيخ الأزهر» سفاح قانا، ودقت طبول التطبيع مع العدو تحت عباءة الإسلام!! فكلامهم هذاوالله كله خلط وخداع وغش وتدليس يتكلم به بعض المنتسبين للإسلام عن جهل بديانات القوم ومصادرهم وكتبهم بل إن هذا النفر من المتفهيقين لا حظ له ولا نصيب في حوارات حقيقية على النهج الصحيح في الموضوعات المشروعة لنا في الحوار مع أهل الكتاب…

وإلا فاسألوا أهلنا في غزة اليوم عن ثمار هذه المؤتمرات المغلقة مع الصهاينة يهوداً أو نصارى، وإلا فلتسألوا سدنة هذه المؤتمرات: أينكم من الرد على مزاعم الصهاينة الدينية هذه؟ ماذا قدمتم؟… وحسبنا الله ونعم الوكيل.

{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (18) سورة الأنبياء

ملحوظة:
تم ارسال رسالة الكترونية تتحدى أستاذ الدراسات التوراتية الأمريكي لمناقشة كلامه في مقاله في ساحة المناظرة الجماهيرية في قلب أمريكا وننتظر رده لأن موقع وكالة الأنباء الأمريكية أمتنع عن نشر ردي الذي كتبته وارسلته لهم بالانجليزية. وعلى من يجد في نفسه القدرة من علوج التنصير وأذنابهم من المنصرين العرب في بلاد المهجر أو من حاخامات اليهود الصهاينة، إن كانت لهم رغبة في التصدي بالنيابة للدفاع عن مزاعم هذا العلج المتصهين، التعريف بأنفسهم في نموذج الاتصال بهذه المدونة.

موضوع المناظرة المقترح «العرب واسرائيل في نبوءات الكتاب المقدس: حرب أم سلام؟». الهدف من المناظرات هو مقارعة الحجة بالحجة، إن كانت لكم حجة أصلاً، ولتعرية مزاعمكم الدينية و لفضح دموية أسفاركم، ولا أظنكم تقبلون التحدي لأنكم لا تريدون لعامة الناس الاطلاع على مافيها من نصوص بشعة مرعبة تكتمونها ثم تعلنونها عند الحاجة لها تحت وابل قصفكم الجبان وعدوانكم الغاشم. لا أناظر شخصيات وهمية أو غير معروفة ولا تنتمي إلى الوسط التنصيري أو الكهنوتي فكل من يراسلني بدون عناوين حقيقة وسيرة ذاتية سوف يتم تجاهله واعتباره غير جاد {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} (55) سورة القصص.

ديسمبر 28, 2008 كتبت بواسطة عصام مدير | ارهاب نصراني, النصرانية والسيف, النصرانية والعنصرية, بقلم مشرف المدونة, دموية النصارى | | تعليق واحد
نبوءات توراتية محرفة تطبق الآن في غزة

ارهاب ودموية ما يسمى زوراً وبهتاناً بـ «الكتاب المقدس»

كتب / عصام مدير – مشرف المدونة:

بين يدي الآن نبوءات توراتية محرفة يقول اليهود وأعوانهم من النصارى في الشرق والغرب أنها من وحي السماء مؤيداً لهم في ما يرتكبونه من مجازر ومذابح على الأرض إذ يبررون على ضوء هذه النصوص الدموية جرائهم الوحشية بل ويتعبرون وقوعها اتماماً لـ «المشيئة الالهية»!!

[فأرسل نارا على سور غزة فتأكل قصورها] سفر عاموس 1/ 7

[أتى الصلع على غزة. أهلكت أشقلون مع بقية وطائهم. حتى متى تخمشين نفسك] سفر ارميا 47/ 5

[لأن غزة تكون متروكة, وأشقلون للخراب. أشدود عند الظهيرة يطردونها, وعقرون تستأصل] سفر صفنيا 2/ 4

[ترى أشقلون فتخاف وغزة فتتوجع جدا وعقرون. لأنه يخزيها انتظارها والملك يبيد من غزة وأشقلون لا تسكن] سفر زكريا 9/ 5

ولدى اليهود نصوص «توراتية» تتحدث عن «بطولات» وهمية مختلقة حشوها في قراطيس أسفارهم المقدسة والتي يقدسها النصارى معهم، بمن فيهم كل نصارى العرب، يتفاخرون فيها بتقتيل الفلسطينيين وخصوصاً أهل غزة منهم في قديم الزمان، ويعدون تلك القصص الدموية حقائق تاريخية ثابتة فوق أنها من «وحي الرب» عندهم. ولم يرفض نصارى العرب «قدسية» هذه النصوص الدموية بل اشترك نصارى العرب كلهم وإلى اليوم في اضفاء كامل «العصمة» على هذه النصوص الفظيعة رافضين أنها من تحريف اليهود، رغم أن المسيح عليه السلام لعنهم ووصفهم في الأناجيل بأبناء الأفاعي والحيات!!

من تلك النصوص «المقدسة» التي يتنشأ عليها الطفل اليهودي في المستوطنات الصهيونية وحول العالم ويتلقاها كذلك النصاري في «مدارس الأحد» في أمريكا والغرب، ما يتحدث بتفاخر فج عن مجاز الاسرائيليين الأوائل ضد الفلسطينيين وخصوصاً أهل غزة:

[هو ضرب الفلسطينيين إلى غزة وتخومها من برج النواطير إلى المدينة المحصنة] سفر الملوك الأول 18/ 8

[وذهب يهوذا مع شمعون أخيه وضربوا الكنعانيين سكان صفاة وحرموها «أي أبادوا كل من فيها بحد السيف», ودعوا اسم المدينة «حرمة».وأخذ يهوذا غزة وتخومها وأشقلون وتخومها وعقرون وتخومها] سفر القضاة 1/ 17–18

وملعون من يمنع سيفه عن الدم
سفر ارميا 48/ 10

بل ملعون كل من يعتقد بقداسة هذه النصوص!!

غير معرف يقول...

كتاب غريب فضح نفسه
{ الجزء الاول }
ردا علي كتاب الفريز صموئيل " كتاب فريد يدافع عن نفسه "
الذي هاجم فيه القرآن الشريف ؟؟؟؟؟؟؟؟

جمع واعداد
ابو مروان
Abo_mrwan_a@yahoo.com

Abo_mrwan_a@hotmail.com

Abo_mrwan@almwsoaa.com
أخي …
أختي…
هذا الكتاب واحد من سلسلة كتيبات هدفنا منه توصيل مبادئ علم مقارنة الأديان بأوضح صورة للشباب وغير المتخصصين لذلك راعينا سهولة اللغة وبساطة التركيب ، واستخدام الأسلوب الحواري في عرض الموضوعات .

وحرصا منا علي تمام الفائدة ننصحك بان تجعل لك نية قبل قراءة هذه الرسالة ونقترح عليك ما يلي :
طلب العلم
الدفاع عن عقيدتنا
شغل وقت الفراغ
الدعوة إلى الله



فى البداية نحب أن نعرفكم بهؤلاء الشباب وهم مجموعة من الأصدقاء يجتمعون بشكل مستمر ولهم اهتمامات مشتركة والتي سوف نتعرف عليها بعد قليل ، أما أصدقائنا فهم:
عماد : شاب هادئ كثير الصمت لكنه ذكى ورغم انه قد لا يشارك في المناقشة كثيرا ولكن لابد من أن يعمل له ألف حساب .
رامى : وهو شاب يحب الإطلاع و المعرفة لكنه كثيرا ما يتسرع في أحكامه و تصرفاته كما انه سريع الغضب لذا فهو يحتاج إلى من يعامله برفق ولين .
أمير : شاب مرح يحب الضحك كما انه كثيرا السؤال واكثر من في مجموعتنا جدلا .
أما أنا : فأنا احمد، اكبر منكم فى السن قليلا ، احب البحث والمناقشة وقد أجادل ولكن بالتي هي احسن ، أحاول أن أساعد هؤلاء الشباب فى أن تكون نظرتهم اكثر عمقا و فهما لأمور .
وفى أولى جلستنا وبعد التعارف تطوع أمير بادئا بافتتاح الجلسة :
أمير : أهلا بكم أنا سعيد برؤيتكم لكنى لا اعلم لماذا دعانا رامى للاجتماع هنا هذا اليوم .
عماد : صحيح لماذا دعوتنا يا رامى .
رامى : تعرفون حبي للاطلاع والمعرفة ولهذا جمعتكم لأن عندي سؤال أحتاج إلى الإجابة عليه .
أحمد : جيد هات سؤالك يا رامى .
رامى : إن القرآن أمر باحترام كل الأنبياء وكذلك أمر بالإيمان بكل الكتب السماوية ومنها التوارة والإنجيل فلماذا لا نؤمن جميعنا بالكتاب المقدس الذى هو التوارة والإنجيل حتى نكون قد أطعنا كلام الله في القرآن .
أمير : اعلم ماذا تقصد يا رامى ، وأجيبك أن هذا الكتاب المقدس ليس هو الكتاب الذى أمرنا الله أن نؤمن به فإن الله قد أمرنا أن نؤمن بتوارة موسى وإنجيل المسيح لكن ليست هذه توراة موسى ، ولا هذا إنجيل المسيح.
رامى : ومن أدراك بهذا يا أمير .
عماد : ليس هذا أسلوب متحضر للحوار لقد عرض كل واحد منكم وجهه نظره والآن نريد أن نسمع كلام جديد يحسم الأمر حتى لا نتخبط فى الحوار .
أحمد : هل انتهيتم جميعا …… ؟ أولا أنا احترم سؤالك يا رامى ، كما أوافق على جوابك يا أمير ، لكن السؤال هو : هل يكفى أن يدعى رامى أن هذا الكتاب المقدس هو توراة موسى وإنجيل المسيح بدون دليل على ذلك ؟ وهل يكفى أن يدعى أمير أن هذا الكتاب المقدس ليس توراة موسى ولا إنجيل المسيح المطلوب من المسلمين الإيمان بهما ولا يأتي بدليل على صدق كلامه ؟
أمير : وما الحل إذا .
أحمد : إذا أردتم أعطيتكم الحل ولكن شريطه أن تلتزموا بآداب الحوار .
الجميع : نعم نحن نوافق على ذلك .
أحمد : إذا سوف نلتقي سويا عدة مرات نتحدث فى كل مرة عن جانب من جوانب الكتاب المقدس بشكل موضوعي يخلو من التحيز الأعمى ولكنه فى نفس الوقت يعرف طريق الحق .
رامى : لكن المهم أن تكون وجهة نظري هي الصحيحة ….!
ضحكت المجموعة وانصرفوا وهم على موعد بلقاء أخر .



حضر جميع أفراد المجموعة فى الميعاد المتفق عليه وكالعادة أسرع أمير بالكلام فقال :
أمير : فيما سنتكلم اليوم ياترى ؟
رامى : لقد اتفقنا أن يكون الكلام عن الكتاب المقدس .
عماد : أريد أولا إذا كان الكلام عن الكتاب المقدس أن نتعرف عليه
أحمد : فالكتاب المقدس يتكون عند النصارى من عهدين :-
1- العهد القديم : هو الكتاب الذى يعتبره اليهود والنصارى ( التوراة ) ويؤمن به الطائفتان
ويشتمل على 39 فصلا تعرف باسم ( أسفار ) ومفرده ( سفر )
2- العهد الجديد : هو الكتاب الذى يعتبره النصارى ( الإنجيل )ويرفض اليهود الاعتراف به
ويتكون من سبعة وعشرين سفرا (فصلا)ا .
عماد : وهل كل سفرا من هذه الأسفار ، يعتبر موضوع واحدا تحت عنوان واحد ؟
أحمد : لا، فكل سفرا من الأسفار يتكون من عدة أبواب، يسمى كل باب منها ( إصحاح فى بعض الطبعات ، و ( فصل ) فى بعض الطبعات الأخرى وكل واحد من هذه الفصول أو الإصحاحات يحمل رقم الإصحاح 1 – 2 – 3 …وهكذا أو الفصل الأول – الفصل الثانى و الخ .وهو يقابل عند المسلمين ( السورة القرآنية ) سورة البقرة – سورة النساء الخ
ثم كل إصحاح من هذه الإصحاحات ، تتكون من سلسلة جمل ، كل جملة أو أكثر تحمل رقما ( 1، 2، 3) وهكذا وتسمى كل جملة تحمل رقما (العدد1 – العدد2 – وهكذا ) وهى تقابل عند المسلمين ( الآية القرآنية 1 – الآية2 … الخ ) ومن الخطأ الخلط فى استخدام كلمة عدد مع آيات القرآن أو استخدام كلمة آية مع الكتاب المقدس .
أمير : مثلما فصلت فى تركيب الأسفار ، فهل يمكن أن تزيدنا فى عدد الأسفار .
عماد : لا تتسرع يا أمير فهناك المزيد بالتأكيد .
أحمد : يتكون العهد القديم / وهو القسم الأول من الكتاب المقدس / من أربعة أقسام :
1- الأسفار الخمسة التى يشار إليها بـ (( التوارة ))
2- الأسفار التاريخية
3- الأسفار الشعرية
4- أسفار الأنبياء
أمير : جيد وماذا أيضا ؟
أحمد : أولا الأسفار الخمسة (( التوارة )) وهى :
1- سفر التكوين : وسمى بذلك الاسم لأنه يقص تاريخ قصة الخلق ثم قصص أدم ، ونوح وإبراهيم ولوط وملكى صادق وإسماعيل وإسحاق وهاجر ويعقوب ويوسف .
2- سفر الخروج : وسمى بذلك لأنه يحكى قصة موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون بنى إسرائيل فى مصر ثم خروجهم منها إلى البرية ثم سيناء .
3- سفر التثنية : وسمى بذلك لأن معظم تعاليمه ذكرت فى الأسفار الأخرى وهو يشتمل على
وصايا موسى وأحكام التشريع اليهودي .
4- سفر اللاويين : شغل معظمه بشؤون العبادات من طقوس وقوانين وقواعد ومواسم وأعياد ، وسمى باللاوين نسبة إلى طائفة " لآوى " أحد أبناء يعقوب ( ويرفض الكاثوليك تميته بهذا الاسم ويطلقون عليه أسم سفر الأخبار .
5- سفر العدد : ويتحدث عن رحلة بنى إسرائيل إلى أراضى الموعد واشتمل على إحصائيات بنى
إسرائيل وجيوشهم وأموالهم فى هذه الرحلة لذا سمى بالعدد .
* ولكل سفر من هذه الأسفار تفصيل نوضح فيه هدف السفر ومن كتبه وتاريخ كتابته والمنطقة الجغرافية التى يتحدث عنها وكذلك أهم الشخصيات التى وردت أسمائها فى هذا السفر ولكن نؤجل ذلك إلى حينه بمشيئة الله أن دام بيننا اللقاء .
عماد : وماذا عن الأسفار التاريخية ؟
أحمد : هي اثنا عشر سفرا وسميت بالتاريخية لأنها تتناول تاريخ بنى إسرائيل .
أمير : وما هي الأسفار الشعرية ؟
احمد : تسمى أيضاً أسفار الأناشيد وعددها خمسة وسميت بذلك لأنها عبارة عن مواعظ دينية مؤلفة بالطريقة الشعرية والإنشاد .
عماد : يتبقى أن تعرفنا بالقسم الرابع وهو أسفار الأنبياء .
أحمد : نعم هي سبعة عشر سفرا وتنسب إلى بعض الأنبياء أمثال ذكريا واشعيا وارميا وحزقيال وغيرهم .


أولا الأسفار الخمسة ثانيا الأسفار التاريخية ثالثا الأسفار الشعرية رابعا أسفار الأنبياء
1- سفر التكوين يوشع أيوب اشعيا
2- سفر الخروج القضاة مزامير دواد ارميا
3- سفر التثنية صموئيل 1، 2 أمثال سليمان مرائي ارميا
4- سفر اللاويين راعوث نشيد الإنشاد حزقيال
5- سفر العدد الملوك 1، 2 سفر الجامعة دانيال
أخبار الأيام 1،2 هوشع
عزرا يوئيل: عاموس
نحيما عويديا
استير يونان
ميخا
ناصوم
حبقوق
حجي
زكريا
ملاخى
عماد : وماذا عن العهد الجديد
أحمد : يمكن لنا أن نقسم العهد الجديد أيضا إلى أربعة أقسام :
1- الأناجيل : وهى أربعة (( متى ولوقا ويوحنا ومرقص ))تم اختيارها من بين عشرات الأناجيل والخامس يعرف بأسم أعمال الرسل تنسب للوقا .
2- رسائل بولس : وعددها (14) رسالة .
3- رسائل أخرى : وعددها ( 7 ) رسائل : 3ليوحنا و2 لبطرس. ورسالة واحدة ليعقوب وأخرى ليهوذا.
4- رؤيا يوحنا اللاهوتي : وسميت بذلك لأنهم يزعمون أن يوحنا رآها على أنها أحلام يقظه و ليست مناميه .



أولا الأناجيل ثانيا رسائل بولس ثالثا رسائل أخرى رؤيا يوحنا اللاهوتي
1- متى الرسالة الي أهل روميه رسالة يعقوب
2- لوقا الي أهل كورنثوس 1 بطرس الأولى
3- يوحنا الي أهل كورنثوس 2 بطرس الثانية
4- مرقس الي أهل غلاطيه يوحنا الأولى
5- أعمال الرسل الي أهل افسس يوحنا الثانية
إلى أهل فيلبي يوحنا الثالثة
إلى أهل كولوسي رسالة يهوذا
الي أهل تسالونيكي 1
الي أهل تسالونيكي 2
تيموثاوس 1
تيموثاوس 2
الرسالة الي تيطس
الرسالة الي فليمون
الرسالة الي العبرانيين
عماد : على ما سبق يتضح لنا أن الكتاب المقدس كله بعهديه يتكون من 39 سفرا للعهد القديم + 27 سفرا للعهد الجديد = 66 سفرا .
عماد : (مستطردا ) وهل يتفق كل النصارى على ذلك العدد للأسفار ؟
أحمد : هذا سؤال ذكى، فالغريب حقا هو أن الكتاب المقدس الذى يؤمن به الكاثوليك ليزيد على ما سبق بسبعة أسفار لا يؤمن بها البروتستانت وكل من تبعهم وعلى هذا يصبح الكتاب المقدس عند البروتستانت يحتوى على 66 سفرا أما الكتاب المقدس عند الكاثوليك فيحتوى على 73 سفرا
أمير : لماذا لا يكون هناك كتاب مقدس واحد .
أحمد : هذه الأسفار الزائدة عند الكاثوليك تسمى أسفار الابوكريفا كما أطلق عليها قديس يدعى ((ايرونيمون)) فى القرن الرابع الميلادي وهى كلمه تعنى المستتر أو المخفي أو المشكوك فيه ، لكن عماد : أي الكتابين هو الصواب كتاب الكاثوليك الذى يحتوى على 73 سفر أم كتاب البروتستانت الذى يحتوى على 66 سفر
رامي : أظنه الأخير .
أمير: تعني كتاب البروتستانت .
رامى ( بتردد ) ن . ع . م … نعم
أحمد : إذا فقد تم تحريف كتاب الكاثوليك و أضيف فيه ما ليس منه وهو هذه الأسفار السبعة وعلى هذا يكون الكتاب المقدس قد حرف بحسب قولك ، وإن قلت أن كتاب الكاثوليك هو الصحيح يكون كتاب البروتستانت قد حرف وحذف منه ما هو فيه وهو هذه الأسفار السبعة الزائدة …! وسواء كان هذا أم ذاك فإن هذا يعنى .
(( أن الكتاب المقدس قد حرف وأن الكتاب المحرف قد قدس ))
أمير : هذا يثبت صدق كلامي السابق بما لا يدع مجالا للشك .
أحمد : لا لم ينته الأمر بعد .
عماد : وماذا بعد ذلك .
أحمد : سأحدثكم فى اللقاء القادم عن بعض التناقضات الموجودة بالكتاب المقدس .
أمير : ونحن نشتاق إلى هذا اللقاء .
رامى : اسمحوا لي أن أضيف شيئا عن الكتاب المقدس قبل نهاية هذا اللقاء .
أحمد : بالطبع يا رامى .
رامى : قام بكتابته أكثر من أربعين كاتبا ، لهم شخصيات مختلفة ، ومن بيئات متغايرة ،. كتب الكتاب فى فترة زمنية طويلة تصل إلى 1600 سنة وكتب الكتاب المقدس بثلاث لغات (( العبرية ، واليونانية ، والأرميه )). وقد ترجم الكتاب المقدس إلى 1500 لغة من لغات العالم .
عماد : وهل هذه الترجمات كلها هى ترجمه لمعانى الكتاب المقدس الأصلى ؟
رامى : لا ليس كذلك ، فكل ترجمة بلغة تعتبر عند الكنيسة هى الكتاب المقدس .
عماد : ولكن بالضرورة أن هذه الترجمات تختلف عن الكتاب الأصلى الذى بدأت فيه أول ترجمه لأن كل لغة فيها قصور عن التعبير بكلمات اللغات الآخرى فى تحقيق المعنى .
أحمد : بل والأكثر من ذلك أن المترجمين يختلفون فى ثقافاتهم وانتماءاتهم المذهبية وكفاءاتهم أيضاً
أمير : وكيف تقبل الكنيسة ذلك ؟ فلابد أن هذه الكتب المقدسة جميعاً مختلفة فيما بينها .
أحمد : ذلك هو الحق .
رامى : حتى الترجمة العربية ؟
أحمد : حتى الترجمات العربية ، فإن عندى حوالى أربعة كتب مقدسة ، تختلف عبارات كل واحد منها عن الأخر وأن كان المضمون متفق لكن ليس إلى درجة التطابق لدقة اللغة العربية فى تركيبها ومعانيها
أمير : بما أن الحديث فى اللقاء القادم سيكون عن التناقضات بالكتاب المقدس فهل تؤمن بوجود تناقضات بالكتاب المقدس يا رامى .
رامى : بالطبع لا .
عماد : لا تكن متسرعا يا رامى .
أحمد : فلنؤجل الحديث عن هذا إلى للقاء القادم …… .



العهد القديم العهد الجديد
1- الأسفار الخمسة خمسة أسفار 1- الأناجيل خمسة أناجيل
2- الأسفار الشعرية خمسة أسفار 2- رسائل بولس 14 رسالة
3- الأسفار التاريخية 12 سفر 3- رسائل أخرى 7 رسائل
4- أسفار الأنبياء 17 سفر 4- رؤيا يوحنا



يقول ابن القيم عند حديثه عن حيل وألاعيب النصارى ما نصه :

فمن ذلك ما يعتمدونه فى العيد الذى يسمونه عيد النور . ومحلة بيت المقدس. فيجتمعون من سائر النواحى فى ذلك اليوم ، ويأتون إلى بيت فيه قنديل معلق لا نار فيه فيتلوا أحبارهم الإنجيل ، ويرفعون أصواتهم ويبتهلون فى الدعاء . فبينا هم كذلك ، وإذا نار قد نزلت من سقف البيت فتقع على ذبالة القنديل فيشرق ويضيئ ويشتعل ، فيضجون ضجة واحدة ، ويصلبون على وجههم ، ويأخذون فى البكاء والشهيق .
قال أبو بكر الطرطوشى :- كنت ببيت المقدس ، وكان واليها إذ ذاك رجلا يقال له سقمان .
فلما نما خبر هذا العيد إليه انفذ إلى بتاركهم ، وقال : إنا نازل إليكم فى يوم هذا العيد لأكشف عن حقيقة ما تقولون .فإن كان حقا ولم يتضح لي وجه الحيلة فيه أقررتكم علية وعظمته معكم بعلم .وان كان مخرقة على عومكم أوقعت بكم ما تكرهونه . فصعب ذلك عليهم جدا ، وسألوه أن لا يفعل . فأبى ولج ، فحملوا له مالا عظيما فأخذة واعرض عنهم .
قال الطرطوشى : ثم اجتمعت بأبى محمد ابن الأقدم بالإسكندرية . فحدثنى انهم يأخذون خيطا دقيقا من نحاس ، وهو الشريط ، ويجعلونه فى وسط قبة البيت إلى رأس الفتيلة التى فى القنديل ، ويدهنونه دهن اللبان والبيت مظلم ، بحيث لا يدرك الناظرون الخيط النحاس ، وقد عظموا ذلك البيت ، فلا يمكنون كل أحد من دخوله . وفى رأس القبة رجل ، فإذا قدسوا ودعوا القي على ذلك الخيط النحاس شيئا من نار النفط ، فتجرى النار مع دهن اللبان إلى آخر الخيط النحاس ، فتلقي الفتيلة فيتعلق بها .

آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.


ما هي أقسام الكتاب المقدس عند كل من الكاثوليك والبروتستانت؟

ماذا تعني كلمة ابوكريفا؟

بكم لغة كتب الكتاب المقدس




أمير : ها نحن قد التقينا للمرة الثانية لنتحدث عن الكتاب المقدس ، ونحن على شوق لإكمال الحديث الشيق الذى بدأناه بالتعرف على الكتاب المقدس وأقسامه ، فعن أي شئ سيكون حديث اليوم إذا …؟
عماد : أظنك تعلم يا أمير أننا اتفقنا فى اللقاء الأول أن يكون حديث اليوم عن التناقض والاختلاف الواقع فى الكتاب المقدس ، فلماذا السؤال إذا …!
أمير : صراحة أريد أن أعيد على رامى السؤال الذى طرح فى اللقاء الأول / وهو: هل تؤمن بوجود تناقضات واختلافات داخل الكتاب المقدس …؟
رامى : لا … لا توجد اختلافات داخل الكتاب المقدس .
أحمد : إذا ليكن حديثنا اليوم عن هذا الموضوع ، لكن فى البداية أحب أن أضع قاعدة نتفق عليها جميعا وهى أنه إذا كان الكتاب من مصدر واحد وخاصة إذا كان هذا المصدر هو الله فإنه لا يمكن أن يتصور أن يكون به أي تناقض أو اختلاف لأن الله ليس متناقض فى كلامه وهذا المعيار هو معيار الله فى القرآن حيث يقول تبارك وتعالى (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) وهذا يعنى أن أي كتاب يقدس ولكنه ليس من عند الله / سنجد أن به اختلافات وتناقضات كثيرة .
وسؤالي لكم الآن:هل نتفق على هذه القاعدة والتي معناها أن الله لا يمكن أن يتناقض فى كلامه أبدا؟
رامى : هذا لا يشك عاقل فيه .
عماد : حسنا إذا لننتقل إلى مرحلة أخرى لمعرفة الاختلافات والتناقضات التى بالكتاب المقدس فإن كان واقعا فيه مثل هذه التناقضات فهذا ينفي كونه من عند الله وإن لم يكن فإن هذا يرجح كفته .
أحمد : هل توافق على هذا يا رامى .
رامى : بالطبع / ولم لا .
أحمد : إذا قبل أن أحدثكم عن التناقض الواقع بالكتاب المقدس أحب أن أعرفكم أن هذا ليس تهجم مني عليه وليس تحيز أو تعصب ، فلقد اعترف علماء النصارى وخاصة المحققين منهم بوقوع الخطأ والاختلاف بالكتاب المقدس وذلك على مر العصور .
ولا ينكر وقوع الأخطاء فى الكتاب المقدس من النصارى إلا جاهل أو متحيزة أو كاتم للحق .
عماد : إذا كان علماء النصارى قد اعترفوا بوجود الأخطاء بالكتاب المقدس فلما إذا نتحدث عنها …؟
أحمد : هذا سؤال جيد كعادتك يا عماد ولكن أجابته تتلخص فى أننا إذا تحدثنا عن التناقضات والاختلافات يكون هذا من باب التوضيح والتبيين فكما قلت سابقا إن كثيرا من أهل الكتاب لا يظن بل ولا يتصور وقوع مثل هذه الاختلافات فى كتابه المقدس .
أمير : وما سبب ذلك إذا كان العلماء يعترفون بذلك كما تزعم .
عماد : السبب بالضرورة سيكون واحد أو أكثر من ثلاثة الجهل والتحيز والتعصب ويمكن أن يكون بسببها جميعاً .
أحمد : صحيح لذا كان السبب الثاني لهذا الحديث هو ضرب الأمثال حتى يتأكد رامى وغيره من صحة الاعتقاد بوجود اختلافات وتناقضات داخل الكتاب المقدس .
رامى : وأين هذه الأمثلة .
أحمد : حسنا ، ماذا لو قال أمير أن عمر رامى الآن هو 42 سنة وقال عماد أن عمر رامى فى نفس الوقت هو 22 سنة ما قولك فى ذلك يا رامى .
رامى : هذا صعب جدا .
أحمد : وهل يدل هذا على كذب أحدهما .
رامى : نعم بالطبع ، ولكن ما علاقة هذا بالكتاب المقدس…؟
عماد : أظنك تعنى أن بالكتاب المقدس مثل هذا الاختلاف الواضح
أحمد : أننا الآن أمام عده اختيارات للوقوف على هذه الخلافات
رامى : ماذا تقصد بالاختيارات ؟
أمير : أستطيع أن أجيب لو سمح لى أحمد .
أحمد : تفضل يا أمير
أمير : إما أننا نتناول الاختلافات تبعا للموضوعات التى وردت فى الكتاب المقدس أو تبعا لترتيب الأسفار فلنبدأ معها واحداً تلو الآخر أو نجعلها مفتوحة غير مقيدة بموضوع أو ترتيب .
عماد : أنا أفضل أن نجعلها مفتوحة حتى نستطيع المداخلة والنقاش بحسب ما يرد إلى أذهاننا .
أحمد : وهو كذلك ولنبدأ
رامى : نعم بكل سرور.
أحمد :أولا لا يجب أن ننس الاختلاف الأول والأكبر الذى وقفنا علية فى اللقاء الأول من اختلاف عدد الأسفار بين الكتاب المقدس عند الكاثوليك عن الكتاب المقدس عند البروتستانت، ثم ننتقل إلي مثال جديد، في العدد الثاني من الإصحاح الثاني والعشرين من سفر أخبار الأيام الثاني إن عمر اخزيا كان 42 سنة حين ملك وفى العدد 26 من الإصحاح الثامن من سفر الملوك الثاني إن عمر اخزيا كان 22 سنة حين ملك فأيهما نصدق ؟
ونص العدد الأول هكذا (( كان اخزيا ابن اثنتين وأربعين سنة حين ملك وملك سنة واحدة . فى أورشليم . واسم أمه عثليا بنت عمري ملك إسرائيل )) [ 2 أخ 22 : 2 ] .
ونص العدد الثاني هكذا (( كان اخزيا ابن اثنتين وعشرين سنة حين ملك وملك سنة واحد . فى أورشليم . واسم أمه عثليا بنت عمري ملك إسرائيل [ 2 مل 8 : 26 ] .
أمير : هذا فى غاية الوضوح .
رامى : الأخطاء فى ترتيب الأعداد فقط وهى أخطاء لا تضر العقائد فى شئ .
أحمد : لما ثبتت هذه الأخطاء فى الكتاب المقدس ، فما تلك الدلائل التى تثبت أن العقائد والشرائع صادقة لم يطرأ عليها تحريف هي الأخرى .
عماد : أظن أيضا أن الاعتراف بوجود مثل هذه الأخطاء هو اعتراف بالتحريف أيضا .
أمير : هذا صحيح .
رامى : أن خطأ فى ترقيم الأعداد ، لا يمكن يدل على أن كل الكتاب المقدس باطل.
أحمد :نحن لا نتناقش الآن إذا كان هناك أخطاء أم لا نحن نتناقش :
هل يوجد اختلافات فى النصوص الواردة فى الكتاب الذى نصفه بالمقدس
عماد : ومادام هو مقدس فلا يعقل أن يكون فيه اختلافاً .
رامى : إن الاختلاف هنا فى عدد سنوات عمر ( اخزيا ) وهذا لا يتعلق بالعقيدة .
عماد : بغض النظر عن أهمية هذه الاختلافات أذن أنت تقر معنا بوجود اختلاف مثلما أقررت بالاختلاف الأول الذى يتعلق بعدد الأسفار .
رامى : لا بأس
أمير : فلننتقل إلى مثال آخر .
أحمد : بالطبع و لم لا…، يذكر كاتب سفر الملوك الأول فى الإصحاح السابع عدد 26 انه كان في قصر سليمان ألفي بث (أي حوض استحمام ) ]1 مل 7: 26 [ ، بينما نجد في سفر أخبار الأيام الثاني أن هذه الكميه تزيد بنسبه 50%لتصبح ثلاثة آلاف بث ] 2أخ 5:4 [ . فكيف نعرف الصادق من الكاذب هنا .
عماد : انه أمر واضح وصريح ، لكن هل كل الأخطاء التي بالكتاب المقدس هي أخطاء عدديه ؟
أحمد : بالطبع لا .
رامى : إننى أراك تركز على أخطاء الأرقام فقط .
عماد : إن وجود خطاء واحد يا رامى فى كتاب يوصف بالمقدس ينفى عنه القدسية مهما كان هذا الخطأ تافها والأرقام إن حدث فيها خلل فهو أشد خطراً مما لو كان الخطأ فى كلام يحتمل التأويل أو اختلاف فى المعنى .
رامى : فلنتجاوز اختلاف الأرقام ، وليعطينا أحمد مثالاً آخر للاختلاف فى الكتاب المقدس غير الأرقام
أمير: هل يمكن ذلك يا أحمد ؟
أحمد : نعم ولنأخذ واحدة من القضايا المشهورة جدا وهى مسألة صلب المسيح / فنعرف من الكتاب المقدس أن المسيح لما صلب على حسب قول الكتاب المقدس صلب معه رجلان واحد عن يمينه و الأخر عن يساره .
رامى : هذا أمر عادى ولا يختلف علية واحد من الأناجيل فى الكتاب المقدس .
احمد : لكن الغريب انك تجد في انجلى مرقس ومتى أن الرجلان اللذان صلبا مع المسيح كانا يعيرانه ، بينما تجد فى لوقا أن واحد منهم عيره و الآخر دافع عنه حتى قال له المسيح انه سيكون معه في الجنة
و نص مرقس ( واللذان صلبا معه كانا يعيرانه ) .
ونص لوقا (( وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا فأجاب الأخر وانتهره قائلا أولا أنت تخاف الله إذا أنت تحت هذا الحكم بعينه أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا و أما هذا ( يعنى المسيح ) فلم يفعل شيئا ليس في محله ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك فقال له يسوع الحق أقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس )).
عماد : هذا في غاية الوضوح .
احمد : و العجيب انك تجد انه في مسألة واحدة و هي مسألة صلب المسيح عشرات الاختلافات بين الأناجيل .
أمير : عشرات الاختلافات ؟ أظن أن فى ذلك مبالغة شديدة وتحامل على الكتاب المقدس ؟.
عماد : أننا لابد وأن نتفق على أن أى اتهام أو تشكيك لن نقبلها إلا بتوثيق أو استشهاد ودليل لا يقبل الاختلاف فيما بيننا ، فإذا حدث خلاف فلا يدخل فى دائرة الاختلاف أبداً .
رامى : هل توافق على ذلك يا أخ أحمد ؟
احمد : أنا ملتزم أمامكم بذلك .
أمير : أذن لتأتى لنا بدليلك على ما قلت .
أحمد : سأذكرلكم بعضها فى إيجاز شديد ، مثل:
• ففي إنجيل متي الإصحاح 26 أن الذي يسلمه إلى الصلب هو الذي يغمس يده معه في الصحفة و في يوحنا الإصحاح 13 أن المسيح هو الذي يغمس اللقمة و يعطيها للخائن .
• وفى متى الإصحاح 26 أن الجند يعرفون المسيح بتقبيل يهوذا له بينما في يوحنا الإصحاح 18 المسيح هو الذي عرفهم بنفسه .
• وفى لوقا الإصحاح 23 الذي حمل الصليب فلاح قيرواني و في يوحنا الإصحاح 19 يسوع هو الذي حمل الصليب الذي سيصلب عليه .
• وفى الأناجيل الثلاث الأولى (( متي _ مرقس _ لوقا )) أن المسيح صعد على الصليب الساعة 6 بينما في يوحنا انه كان عند بيلاطس في هذا الوقت .
• يفهم من متى أن الملك هو الذي لاقى مريم و من معها عند القبر ، أما المسيح فقابلهما فى الطريق أما ( يوحنا ) فيخبر ان يسوع الذي لقي مريم عند القبر .
• وفي متى أن يهوذا رد الثلاثين الفضة إلي الكهنة فاشتروا بها بقره للغرباء وفى أعمال الرسل يقول انه اشترى بها حقلا وانه سقط على الأرض و انسكبت أحشاؤه .
عماد : كفى كفى ما هذا كله .
أحمد : هناك المزيد يا عماد.
عماد : هذا كاف جدا وهذا كله يثبت يقينا وقوع الاختلاف و التناقض بالكتاب المقدس ،
أحمد : ليس فقط لوقوع مثل هذه الاختلافات ، ولكن لاعتراف علماء النصارى بهذا أيضا .
عماد : ما هو رأيك يا رامى .
رامى : هذا أمر عظيم جدا لم اسمعه من قبل .
احمد : النتيجة التي لا مفر من التسليم بها أن الأناجيل القانونية( المعتمدة ) الموجودة الآن ما هي إلا كتب مؤلفه ، وهي تبعا لذلك معرضه للخطئ والصواب ولا يمكن الادعاء ولو لحظه أنها كتبت عن طريق الوحي أو الإلهام ، فلقد كتبها أناس مجهولون في أماكن غير معلومة، وفي تواريخ غير مؤكدة ، والشيء المؤكد أن هذه الأناجيل مختلفة غير متنا قضه ، بل أنها متناقضة مع نفسها، ومع حقائق العالم الخارجي ، لأنها فشلت في تنبؤات كثيره اشهرها القول بنهاية العالم ، وهذا القول قد يضايق النصراني العادي ، بل قد يصدمه ، ولكن بالنسبة للعالم النصراني فقد اصبح ذلك عنده حقيقة مسلم بها ، لما أجراه من أبحاث ، ولما علمه من واقع الأناجيل .
أمير : عن أي شيء سنتحدث إذا في اللقاء القادم ، فأنا أشتاق إلى هذا الحديث الجميل و المفيد .
عماد : أرى أن يكون الحديث تحقيقا لما قاله أحمد منذ قليل أن وقوع الاختلاف والتناقض بالكتاب المقدس باعتراف علماء النصارى أيضاً .
رامى : وأنا موافق على هذا وسوف أنتظر من أحمد أن يثبت هذا الإدعاء أن كان صادقاً .
عماد : هذا غير لائق يا رامى فالحديث بيننا وضعنا له شرط وجود الدليل والبرهان ، فلما الاتهام بالكذب وعدم التصديق .
رامى : أنا أقصد يا عماد أن قول أحمد في تحدى كبير ، أن يأتى بشهادة لعالم نصراني على وجود تناقض فى الكتاب المقدس .
أمير : إذا فليكون لقاءنا القادم نسمع فيه ما سيأتى به أحمد لتأكيد صدق ذلك .
احمد : ليس المهم يا أصدقائي أن نلتقي لنسمع لكن المهم أن نسمع لنعقل ونفهم .
و بعد السلام و الدعاء انصرف أصدقاؤنا كل إلى حياته لكنهم على موعد معنا في لقاء جديد .



جاء في إنجيل برنابا ما نصه
ففتح حينئذ آدم فاه وقال : أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني 16 ولكن اضرع إليك أن تنبانى ما معنى هذه الكلمات : محمد رسول الله ؟ 17 فأجاب الله : مرحبا بك يا عبدى آدم 18 وأنى أقول لك: انك أول إنسان خلقت 19 وهذا الذى رأيته إنما هو ابنك الذى سيأتى إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة 20
آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.

-1-هل بالكتاب المقدس تناقضات ( دلل علي ما تقول بالأمثلة ؟

-2-لماذا يرفض بعض النصارى الاعتراف بوجود التناقضات بالكتاب المقدس ؟

-3-موضوع صلب المسيح يعد من القضايا الخلافيه الشهيره بين المسلمين والنصاري ( هل اتفقت كل الاناجيل حول قصة صلب المسيح ؟ دلل علي ما تقول .

-4- الناجيل القانونيه ما هي إلا كتب مؤلفه ( ماذا تعني هذه العباره وما معني كلمة قانونيه ؟ ).



وفي الموعد المحدد للقاء جلس جميع الأصدقاء ينتظرون بدء الحديث في شوق وترقب وعلى غير العادة لم يبدأ أمير بالحديث بل بدأ رامى...!
رامى : لقد انتهينا فى اللقاء السابق من الحديث عن التناقضات و الاختلافات بالكتاب المقدس .
عماد : نعم وكان من ثمره هذا اللقاء أن اتضح لنا أن بالكتاب المقدس العديد و العديد من التناقضات و الاختلافات و استمعنا إلى بعضها
رامى : ووقفنا عند إدعاء أحمد أن علماء النصارى يعترفون بوجود مثل هذه التناقضات والاختلافات و الأخطاء .
أمير :وهل سيكون هذا بالفعل هو حوارنا اليوم ؟
أحمد : هذا ما قاله رامى الآن أن علماء النصارى يعترفون بوقوع التناقضات و الاختلافات و الأخطاء بالكتاب المقدس .
أمير : هذا هو قولك أنت لنا يا أحمد في اللقاء السابق ، ورامى يردد فقط ما قلته .
أحمد : نعم نعم اعرف و لكن ما اقصده أننا تحدثنا عن التناقضات و الاختلافات لكن لم نتحدث عن الأخطاء بعد .
رامى : ماذا تقصد بالأخطاء .
عماد : صحيح ماذا تقصد أليست التناقضات و الاختلافات. أخطاء...؟
أحمد : لا أنا اقصد بالأخطاء شيئا آخر اقصد بها ذكر شيء في الكتاب المقدس يخالف الحقيقة .
رامى : و هل وقع هذا أيضا بالكتاب المقدس ؟ إن هذا تجاوز كبير يا أحمد .
أحمد : لا تفهمنى خطأ يا رامى ؟
أمير : رامى لم يفهمك خطأ فأنا فهمت ما فهمه هو .
عماد : إن وجود الاختلافات والتناقضات يا أمير كاف لإسقاط القدسية عن الكتاب المقدس
رامى : إذا لنؤجل ما ادعاه أحمد عن اعترافات علماء نصارى بالاختلاف والتناقض ، وليعرض علينا أحمد ما يدعيه مجدداً من أخطاء فى الكتاب المقدس .
أمير : ليكن حديثنا الآن إذا عن هذه الأخطاء .
احمد : أريد أولا أن نتفق علي قاعدة أخرى غير التي اتفقنا عليها في اللقاء السابق.
أمير : يبدو انه في كل لقاء هناك قاعدة يجب أن نتفق عليها .
عماد : و ما المانع حتى لا نختلف بعد ذلك .
رامى : وما هي هذه القاعدة .
أحمد : أن الله عز وجل لا يخطئ ، و انه إذا ثبت لنا وجود أخطاء فى كتاب ما فإن هذا ينفى كون هذا الكتاب أو هذا الكلام من عند الله .
رامى : نعم أوافق… أوافق . و لكن يجب أن نتفق اولا على أن ما تراه أنت خطأ ربما أو فى الغالب تكون قد أسأت فهمه أو أخطأت أنت فى حكمك عليه
أمير : و أنا أيضا ... ما رأيك يا رامى ؟
عماد : نعم أنا أوافق علي ذلك .
أحمد : أوافق على هذا ، و ألان ماذا لو أخبرتك يا رامى أن بالكتاب المقدس نصا يقول ((قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد )) .
رامى : هذا نوع من الهزل طبعا .
أحمد : لماذا يا رامى .
رامى : لان هذه آيه من القرآن وليست من الإنجيل .
أحمد : هذا صحيح و هذا يعنى انك إذا نسبت كلام معين إلى كتاب أو إلى شخص ثم اتضح أن هذا الكلام فى كتاب آخر وليس فى الكتاب الذي نسبته إليه أو أن هذا الكلام لشخص آخر غير الذى نسبته إليه يكون هذا خطئ .
رامى : طبعا وليس فى هذا ما يسمح بالجدل ،
أمير : والذي قلته الآن هو من هذه الأخطاء .
أحمد : متفق معكم ، فاسمعا ما يلى. يقول كاتب أتجيل متي الإصحاح 27 العدد 9 (( حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بنى إسرائيل و أعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب )) ] حتى 27 : 9 [ .
رامى : و ماذا في ذلك .
أحمد : هذا ليس في سفر أرمياء كما يقول متي ولكنه فى سفر ذكريا (زل 11-12-13) .
عماد : يضحك و يقول إن الله لا يمكن أن يقع فى مثل هذا الخطأ البسيط .
أمير : إن الله لا يخطئ ونعوذ بالرب من ذلك ولكن الذى قد يكون أخطأ هم النساخ .
رامى : أو تكون الطبعة التى أخذت منها النص هى الوحيدة التى بها هذا الخطأ .
عماد : إذا هذا اعتراف منك بوقوع الخطاء بالكتاب المقدس ، ثم ما الذى يضمن لي بعد ذلك صحة أي شئ بالكتاب المقدس إذا كان النساخ قد اخطأوا .
أمير : ولكننا اتفقنا أن وقوع الخطأ فى كتاب ما ينفى كونه من عند الله .
عماد : أراك صامت يا رامى .
أحمد : لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل انه فى إنجيل متى الإصحاح الثاني والعدد 23 يقول (( وأتى وسكن فى مدينة يقال لها ناصرة لكي يتم ما قيل بالأنبياء انه سيدعى ناصريا ))
رامى : نعم هذا حق وليس في ذلك لأدني شك .
عماد : لا تتعجل يا رامي ، ولنسمع .
أحمد : الذي ليس فيه ادني شك ، هو أنه لا توجد نبوءة واحدة فى أي سفر من أسفار الأنبياء التي وردت بالكتاب المقدس بهذا المعنى
امير : ولكني ألاحظ أن كل الأخطاء التى ذكرتها كانت من العهد الجديد فهل لك حجج علي العهد القديم ؟
رامى : لا أظن ، فالواضح أن الأخ احمد يركز بشده علي العهد الجديد ولا أظن أن لديه ما يدلي به تجاه العهد القديم ؟
أحمد : نعم بعون الله ففى سفر الأيام الثاني العدد (20) يتحدث الكاتب عن يهورام فيقول (( كان ابن اثنين وثلاثين سنه حين ملك و ملك ثماني سنين فى أورشليم وذهب غير مأسوف عليه ودفنوه فى مدينة داود ولكن ليس فى قبور الملوك ))
أمير : فأين الخطأ وما هو؟
أحمد : قبل أن أذكر لكم الخطأ من منكم يستطيع أن يحسب عمر يهورام من خلال النص السابق .
عماد : هو تولى الملك وله 32 سنه وحكم 8 سنين ثم مات وعلى هذا يكون عمره 32+ 8 =40 سنه
أحمد : هل توافق على هذا يا رامى
رامى : هذا واضح جدا لا يختلف عليه أحد فلما السؤال إذا ....
أحمد : بالتأكيد هناك شئ ما .
أمير : ما هو أرجوك ؟أسرع في ألاجابه .
احمد : يخبرنا نفس الكاتب في الإصحاح الذي يلي هذا الإصحاح مباشرة و هو الإصحاح 22 من سفر أخبار الأيام الثاني أن الذي تولى الحكم يعد يهورام هو ابنه اخزيا و انه تولى الحكم وله 42 سنه ، وعلى هذا يكون الابن اكبر من أبيه بسنتين أي انه ولد قبل مولد أبيه بسنتين .
أمير : يبدو أن هناك خلل فى الفهم .
عماد : لا أظن يا أمير ولكن صدق الله إذ يقول (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا منه اختلافا كثيرا )) .
أحمد : يجب أن تعلم يا رامى أننا لا نتحامل على الكتاب المقدس و لكن وقوع مثل هذه الأخطاء هو أمر واقع لا يجب أن تنكره ، لأنه حتى علماء النصارى يعترفون بوجود هذه الأخطاء مثلما ذكرت لكم من قبل اعترافهم بوجود التناقضات و الاختلاف ، ففي مجلة استيقظوا التنصيريه الشهرية فى عددها الصادر فى 8 من سبتمبر 1957 تجد هذا العنوان (( خمسون ألف خطأ فى الكتاب المقدس ))
رامى : إن النشرة التى أشرت أليها " استيقظوا " هى واحدة من نشرات جماعه " شهود يهوه " المتطرفة والتى ترفضها جميع الكنائس الكبرى بل حتى المسلمين يحاربونها وألفوا فيها عشرات الكتب
أمير : ولديها مئات الهرطقات (الأخطاء) التى رصدها علماء الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية وهى جماعة تحاربها أيضا كل الحكومات الدنيوية فى مئات البلاد فى العالم .
عماد : هل هذا كلام حقيقى يا أحمد ؟
أحمد : نعم هو حقيقى فهي جماعة مرفوضة ولديهم أخطاء كثيرة .
رامى : فلماذا تستشهد بكلامهم وتعتبره حجة لتطعن فى الكتاب المقدس
أحمد : أنا لا أطعن فى الكتاب المقدس أنا أطرح شهادات ودلائل وحجج أبينها وأوضحها وأطلب منكم الرد عليها إن كان لأحد الرد فيها .
أمير : لكنك تستشهد هنا بجماعة هى عدو للكنيسة وإن ادعت أنها تنتمي للمسيح .
أحمد : أنا لن أعول على الجماعة ولكنى أركز على الحجة التى طرحتها ولنتناقش معا فأن كانت صادقة اتفقنا عليها وأن كانت كاذبة رفضتها قبلكم .
عماد : لكن إذا كانت الأخطاء خمسون ألف فى الكتاب المقدس ، فأنصح رامى أن يحضر معه فى اللقاء القادم أن شاء الله آلة حاسبة .
أمير : كف عن هذه المضايقات يا عماد .
رامى : دعه يا أمير فهو صديق وأنا لا أغضب منه .
أحمد : شكرا على سعه صدرك يا رامى ولكن الله يا عماد قد نهى فى القرآن عن السخرية فقال (( لا يسخر قوم من قوم )) .
عماد : أعتذر لك يا رامى وأرجو أن تسامحني .
رامى : أسامحك يا عماد وأعرف أن لسانك سوف يطول رغما عنك فى مرات أخرى .
"" ضحك الجميع ""
أحمد : إذا ليكن لقاءنا القادم قريبا أن شاء الله .
قال الشيخ رحمة الله الهندي

نقل انه تنصر ثلاثة أشخاص وعلمهم بعض القسيسين العقائد الضرورية، لا سيما عقيدة التثليث أيضا، وكانوا فى خدمته فجاء محب من أحباء هذا القسيس، وسأله عن من تنصر، فقال : ثلاثة أشخاص تنصروا .
فسأل هذا المحب: هل تعلموا شيئا من العقائد الضرورية ؟ فقال نعم وطلب واحد منهم ليرى محبة، فسأله عن عقيدة التثليث، فقال انك علمتنى أن الآلهة ثلاثة : أحدهم الذى هو فى السماء، والثانى تولد من بطن مريم العذراء، والثالث الذى نزل فى صورة الحمام على الآلهة الثانى بعدما صار ابن ثلاثين سنة، فغضب القسيس وطرده، وقال هذا مجهول ثم طلب الآخر منهم ، وسأله فقال انك علمتنى أن الآلهة كانوا ثلاثة، وصلب واحد منهم فالباقى إلهان ، فغضب علية القسيس أيضا وطرده ، ثم طلب الثالث وكان ذكيا بالنسبة إلى الأولين وحريصا على حفظ العقائد فسأله ، فقال : يا مولاى حفظت ما علمتنى حفظا جيدا ، وفهمت فهما كاملا بفضل الرب المسيح، أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد ، وصلب واحد منهم ومات فمات الكل لأجل الاتحاد ، ولا إله الآن وإلا يلزم نفى التحاد
آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.

-1-هل وقع بالعهد القديم أخطاء دلل علي ما تقول بالأمثلة ؟

-2-هل وقع بالعهد الجديد أخطاء دلل علي ما تقول بالأمثلة ؟

-3-لماذا يعد وقوع الخطأ قادحا في قدسية الكتاب المقدس ؟



فى هذه المرة اتصل رامى بعماد وطلب منه أن يتاح له تحديد الموضوع فى هذا اللقاء . فأكد له عماد أنه سيساعده فى هذا الأمر وليس هنا ما يمنع. وعند اللقاء وبعد السلام وتبادل التحية قال عماد :
عماد : اسمحوا لي أيها الأخوة أن أقترح ترك اختيار موضوع اليوم لصديقنا رامى ولا أرى أنكم تمانعون .
أحمد : بالطبع لا/ فهذا حق لكل واحد منا بالتشاور وتبادل الرأى
عماد : فماذا ترى تريد أن نتحدث عنه اليوم يا رامى ؟
رامى: من الواضح أن ما يريد أحمد الوصول إليه ، هو اتهام الكتاب المقدس بالتحريف حتى يتوافق
ذلك على ما جاء فى القرآن ، لكننى أملك الحجة لنفى هذا الاتهام .
عماد : نحن بذلك يا رامى سنحول لقاءاتنا من حوار إلى صراع ، فقد اتفقنا فى أن يكون النقاش
دائما فى دائرة حسن العلاقة التى تجمع بيننا .
أمير : المهم أن تعرفوا أن القرآن كما هو مقدس عند المسلمين ، فالكتاب المقدس مثله عند أهله ،
ولا يقبلون أى مساس به ، مثلما يفعل المسلمون مع قرآنهم .
عماد : لا خلاف يا جماعه على هذا لكننا فتحنا باب الحوار للوصول إلى يقين بحثا عن قدسية
للكتاب من عدمه ولا بأس أن نتطرق بعد ذلك إلى ما قاله غير المسلمين فى دين الإسلام كله
وليس فى القرآن وحده .
أمير : لكن القرآن عندما اتهم الكتاب المقدس بالتحريف ، لم يذكر الدليل على ذلك .
رامى : ونحن اتفقنا على أن لا نقبل اتهاماً بدون برهان ، فما برهان القرآن على أن الكتاب المقدس
محرف ؟
أحمد : أولاً :- أرجو أن نحتفظ فى حوارنا بالحكمة ، وألا نفقد السيطرة على عقولنا أو مشاعرنا نحوا
أى خلاف .
أمير : أوافقك على هذا يا أحمد وأظن أننا جميعا متفقين على ذلك .
رامى : وما حجة القرآن إذن فى قوله بتحريف الكتاب المقدس ؟
أحمد : لقد أورد القرآن الكريم ، آيات تخاطب أهل الكتاب وأتباعه بانحرافهم هم وآيات أخرى تخبر
عن تحريفهم للكتاب المقدس ذاته .
عماد : لنبدأ بالآيات الأولى .
أحمد : يخبرنا القرآن أنواع التحريف التى وقع فيها أهل الكتاب وهى :
1- إلباس الحق بالبطل : قال سبحانه وتعالى (( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالبطل ))
(( آل عمران ، 71 )).
2- كتمان الحق : قال تعالى ((يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالبطل وتكتمون الحق وأنتم
تعلمون )) .
3- إخفاء الحق : ومثاله ما حدث فى عصر النبي صلى الله عليه وسلم من إخفاء اليهود لحد الرجم
فقد ورد فى صحيح البخاري أن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة قد
زنيا فقال لهم (( كيف تفعلون بمن زنى منكم ؟ )) قالوا : نحممهما ونضربهما فقال لهم عبد
الله بن السلام : كذبتم ، فأتوا بالتوارة فتلوها إن كنتم صادقين ، فوضع مدارسها الذى يدرسها
منهم كفه على وصية الرجم ، فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها ، ولا يقرأ وصية الرجم ،
فنزع يده عن وصية الرجم فقال : ما هذه ؟ فلما رأوا ذلك قالوا : هي وصية الرجم ، فأمر بهما
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما …… الحديث .
عماد : فما الآيات التي تخبر بتحريفهم للكتاب المقدس ؟
أحمد : نذكر فى ذلك آيتين :-
4-: الأولى يقول سبحانه (( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )) ( آل عمران ) .
5- الثانية يقول سبحانه (( يحرفون الكلم من بعد مواضعه )) (المائدة 5 ، 41 ) . وهذا النوع من التحريف له أربع صور
أ– تحريف التبديل : وهو وضع كلمة مكان كلمة ، أو جملة مكان جملة .
ب- تحريف بالزيادة : ويكون بزيادة كلمة أو جملة .
ج- تحريف بالنقص : ويكون بنقص كلمة أو جملة .
د- تحريف المعنى : تبقى الكلمة أو الجملة كما هي ، ولكنهم يجعلونها محتملة لمعنيين ، ثم يختارون
المعنى الذى يتفق مع أهوائهم وأعدائهم .
عماد : وعلى هذا يكون ما ذكر من تناقضات أو اختلافات أو أخطاء هو درب من دروب
التحريف أو صورة من صوره.
رامى : هذا ما ورد فى القرآن وليس عند المسيحيين ما يلزمهم بما ورد فيه ، إنما قصدت أين حجج القرآن على صدق هذه الآيات القرآنية بالنسبة لأصحاب الكتاب المقدس ؟
عماد : أنك يا رامى 000000
أحمد : "" مقاطعا "" هذا حق يا رامى ، ولا أحد ينكره عليك .
عماد : وهل لديك يا أحمد ما يؤكد على ما ذكرته الآيات الكريمة حول تحريف الكتاب المقدس؟
أمير : أن ذلك هو المقصود وليس ذكر آيات خاصة بالمسلمين ملزمين هم وحدهم بالتصديق بها .
أحمد : مهلاً مهلاً … أراكم وكأنكم تحاصرونى ، وكأننا وصلنا إلى طريق مسدود .
رامى : أحسبك فهمت يا أحمد المقصود ، فما دليلك على صدق ما ورد فى القرآن ؟
أحمد : حتى نتأكد أن ما ورد بالقرآن الكريم هو أمر واقع ولا يمكن إنكاره فلا يجب أولا أن ننسى ما أثبتناه من قبل من تناقض أو اختلاف أو أخطاء ، ثم تعالوا بنا نستمع سويا إلى هذه الاعترافات جاء فى دائرة المعارف الكتابية ما نصه (( أوحى الله بكلمته إلى أنبياء ورسل نطقوا بها حسب اصطلاح اللغات البشرية . فكان الكاتب إما أن يكتب بنفسه ما يوحي إليه وإما أن يمليه على كاتب يكتبه له . إلا أنه لم يصل إلينا بعد شئ من النسخ الأصلية التى كتبها هؤلاء الملهمون أو كتابهم . وكل ما وصل إلينا هو نسخ مأخوذة عن ذلك الأصل . ومع أن النساخ قد اعتنوا بهذه النسخ اعتناء عظيما فقد كان لابد من تسرب بعض السهوات الإملائية الطفيفة جدا إليها )) .
أما القس بافندر فقد سلم بوقوع التحريف فى سبعة أو ثمانية مواضع .
ويقرر " هانز كومب "الذى كان البابا جون قد اختاره رئيسا للجنة خاصة أمر بتشكيلها بأسم دولة الفاتيكان لدراسة الإنجيل ، فقرر أننا لا نستطيع أن نجد أي دليل يدل على أن الإنجيل ينحدر مباشرة عن الله ، واستدل على ذلك بما ورد بصدر إنجيل القديس لوقا حيث قال : (( إذا كان الكثيرون قد أخذوا (( بتأليف قصة )) فى الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معايني للكلمة . رأيت ((أنا أيضا )) إذ قد تتبعت كل شئ من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذى علمت به )) [ لوقا 1:1-4 ] .
أمير : فهل يمكن أن تعطينا مثالا للتحريف بين النسخ المختلفة للتوراة .
أحمد : بكل تأكيد . فقد اختلفت نسخ التوارة فى مدة أعمار الأكابر قبل الطوفان . فقد وردت مدة الزمان من خلق أدم إلى طوفان نوح فى سفر التكوين 5/1-32 ، وهى الفقرات التى وردت فيها مدة أعمار الأكابر الذين بين أدم ونوح عليهما السلام ، ومدة هذا الزمان على حسب نسخه التوراة السامرية (1307 ) عاما ، وعلى حسب نسخه التوراة العبرانية (1656) عاما ، وعلى حسب نسخة التوراة اليونانية (2262) عاما ، ويلاحظ فرق كبير فى هذه المدة بين النسخ الثلاث بحيث لا يمكن المطابقة بينها .
أمير : ما رأيك يا رامى .
رامى :حقيقة هذه أول مره استمع فيها إلى مثل هذا الكلام وضرورى أن أعود بنفسي لهذه النصوص فيما بعد .
عماد : هذا حقك لكن المهم أن تأتينا بالإجابة بعد ذلك ، خاصة إن أثبت خطأ ما ذكره أحمد ، أو أنه غالط فى ذكر هذه الأرقام التى نقلها من الكتاب المقدس .
رامى : وهو كذلك ولكن هل هناك مثال على التحريف بالعهد الجديد .
أحمد : أكيد – بالطبع ، ولكن هل معك الكتاب المقدس يا رامى .
رامى : نعم هو معي …ها هو
أحمد : أبقيه معك وافتح صفحات رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الخامس والعدد 7
رامى : ( يقلب الصفحات)، ثم يقول : نعم هذا هو… يقول النص (( فإن الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد)) .
أحمد : هل تعتقد أن هذه الجملة تعتبر وحيا مقدسا .
رامى : نعم فلقد قرأتها لتوي من الكتاب المقدس .
أحمد : لكن مراجعو النصوص المنقحة حذفوا هذه الجملة من النصوص المنقحة المترجمة للغة الإنجليزية باعتبار أنها زيف وتحريف ، ولكن هذا الزيف والتحريف بقى كما هو فى مئات اللغات ألاخري فى العالم التى ترجم إليها الكتاب المقدس ، ومنها العربية بالطبع ، ولا يزال يتلى حتى الآن على أنه وحي مقدس .
رامى : ولكن ما هذه النصوص المنقحة التى تتكلم عنها وما قيمتها ؟
أحمد : كل النصوص المقدسة المطبوعة قبل طبعة 1881 كانت تعتمد على المخطوطات القديمة والتي ترجع إلى (500) أو (600) سنة بعد عيسى علية السلام ، أما مراجعو النصوص المنقحة كانوا أول علماء رجعوا إلى ((أقدم)) المخطوطات والتي ترجع إلى (300) أو(400) سنة بعد المسيح علية السلام ونحن جميعا نتفق على أنه كلما كانت الوثيقة أقرب إلى المصدر كلما كانت أكثر صحة ، وبالطبع (( فالأقدم )) تستحق التصديق والاعتماد لأكثر على نصوصها ((القديمة)) ، وسواء كانت النصوص المنقحة هي أصح النسخ أو النصوص الأخرى فإن هذا يعنى حتما وقوع التحريف بالنصوص الأخرى إذا كان النص المنقح هو الصحيح ، أو تحريف النصوص المنقحة إذا كانت النصوص الأولى هي الصحيحة .
رامى : أرى أن ننهى الحوار اليوم عند هذا الحد ، حيث أشعر بإرهاق شديد حتى قبل أن نبدأ هذا الحوار .
أمير : وأنا الآخر أوافق على ذلك .
أحمد : لا بأس ، خاصة وأن عماد على ما يبدو يريد أن يستضيفنا اليوم على الغذاء .
عماد : هل بدا ذلك على وجهى وعلى العموم مرحباً بكم ، وهيا بنا .

قال الفخر الرازى فى تفسيره ذيل تفسير سورة النساء :
} واعلم أن مذهب النصارى مجهول جدا …… لا نرى مذهبا فى الدنيا اشد ركاكة وبعدا عن العقل من مذهب النصارى { .
وقال فى تفسير صورة المائدة } ولا يرى فى الدنيا مقالة اشد فسادا وأظهر بطلانا من مقالة النصارى { .
فإذا علمت بالبراهين العقلية القطعية أن التثليث الحقيقى ممتنع فى ذات الله ، فلو وجود قول من الأقوال المسيحية دالا بحسب الظاهر على التثليث يجب تأويله ، لأنة لا يخلوا أما أن نعمل بكل واحد من دلالة البراهين ودلالة القول ، وإما أن نتركها ، وإما أن نرجح النقل على العقل ، وأما أن نرجح العقل على النقل .
آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.
-1-ما هي أنواع التحريف ؟

-2-هل وقع التحريف بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ؟ ( دلل علي ما تقول بالأمثلة ) .

-3-هل يعترف علماء النصارى بوقوع التحريف في كتبهم ؟ ( دلل علي ما تقول ) .



تأخر الجميع عن موعد اللقاء هذه المرة ـ، لأكثر من نصف ساعة ،فعلي ما يبدو أن إحساسا عاما يكتنف الجميع بالخوف من حدوث مواجهه بين أطراف الأصدقاء ألاربعه.
المهم انهم التقوا ولم يترك احمد لهم فرصة لاسترداد أنفاسهم بادئا الحوار بسؤال ساخن ( وإن حمل صيغة المداعبة ) إلى رامي :
أحمد : ماذا لو سبك عماد الآن يا رامى .
أمير : أظنه سيضربه في وجهه.
رامى : ولماذا يسبني .
أحمد : هذا فرض .
رامي :أظنني سأسامحه علي خطئه هذا.
أحمد : وماذا لو أدعى عماد أن هذا السباب الذي وجهه إليك بوحي من الله .
رامى : أدخله مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ( ضحك الجميع ).
أحمد : لماذا ؟
رامى : لأن الله لا يمكن أن يوحي بالشر .
أحمد : وما بالك لو كان هذا السباب موجها إلى الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه . أيمكن أن ينسب هذا السباب إلى الله …؟
رامى : بالطبع لا ، ويبدو أنك تريد أن تقول شئ آخر .
أمير : ولكنك نسيت أن تضع قاعدة لهذا اللقاء .
أحمد : لا لم أنسى / ولكنى كنت أنتظر الوقت المناسب ، وقاعدة اليوم تتمثل فى أن الفحش والسب، لا يمكن أن ينسب إلى الله عز وجل ابتداءً فما بالكم إذا كان موجها إلى أنبياءه ورسله ! فإنه لا يشك عاقل أن هذا الكلام ليس كلام الله . فهل تتفقون معي على هذه القاعدة .
(يجيب جميع الأفراد بنعم) .
رامى : أظنك تقصد أن الكتاب المقدس قد سب الأنبياء / وبذلك تنفى كونه من الله .
أحمد : هذا صحيح .
عماد : من من الأنبياء تقصد .
أحمد : معظم الأنبياء : نوح ، وإبراهيم ، وسليمان ، وداود ، ولوط عليهم السلام … وغيرهم .
أمير: هل تعلم شيئا من ذلك في الكتاب المقدس يا رامي؟
رامي : نعم اعلم ، لكنني حقيقة لم أقرأه أبدا ، ولا أعرف السبب.
أحمد: فهل تمانعون في أن نقرأ شيئا منه ألان ؟
أمير وعماد : لا بأس.
أحمد : جاء بسفر التكوين/ الإصحاح التاسع ،والعدد 21 / أن نوح عله السلام هذا النبي الطاهر النقي الذى جاهد فى الله مئات السنين . أنه قد شرب الخمر… وبسببها تعرى… ليس هذا فحسب بل وشاهده ابنه حام فلما أفاق نوح عليه الصلاة والسلام من سكره ( أعوذ بالله من ذلك ) دعي على كنعان ابن حام / وهذا هو النص (( وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما . وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه . فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجا . فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه علي أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما . فلما أستيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير .فقال ملعون كنعان . عبد العبيد يكون لاخوته)) ( تك 9 : 21-27 ) .
أمير : والله أنى لا أرضى أن يقال مثل هذا الكلام على أبى/ فكيف أرضى أن يقال على نبي مثل نوح عليه الصلاة والسلام .
رامي : لا تتعجل في كلامك يا أمير.
عماد : أتؤمن يا رامى أن الله أوحى بذلك .
رامى : هذا لا يسئ إلى نوح .
عماد : وأي إساءة بعد اتهامه بشرب الخمر ، والتعري ، والدعوة على بريء مظلوم . هل يتكلم الكتاب المقدس بلغه غير لغة البشر ؟ وهل تقبل مثل هذا الكلام على أبيك أو أمك الآن ؟ .
أمير : وماذا أيضا عن الأنبياء فى الكتاب المقدس .
أحمد : جاء فى سفر التكوين أيضا /الإصحاح 19 ،والأعداد 30-36 /أن لوط عليه السلام ( وحاشاه الله مما يقولون ) شرب الخمر مع ابنتيه /وضاجعهما (أي وزنى معهما) فحبلت ابنتا لوط من أبيهما ، وهذا هو النص : (( وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه … وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض . هلم نسقي أبانا خمرا ونضجع معه . فنحيي من أبينا نسلا .فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة . ودخلت البكر وأضجعت مع أبيها . ولم يعلم بإضجاعها ولا بقيامها . وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة أنى قد أضجعت البارحة مع أبى .نسقيه خمرا الليلة أيضا فدخلي أضجعي معه .فنحيي من أبينا نسلا . فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا . وقامت الصغيرة و أضجعت معه . ولم يعلم بإضجاعها ولا بقيامها . فحبلت ابنتا لوط من أبيهما )) ( تك19 : 30 :37 ) .
أمير : هل هذا القول صحيح يا رامي؟ أم أن هذه النسخة أدخلها أحمد علي الكتاب المقدس .
رامي : بالقرآن ايضا ما يسوء نوح وسائر الانبياء.
أحمد : نحن نتحدث عن الكتاب المقدس لا القرآن .
عماد : أكمل القراءة يا أحمد.
أحمد : وجاء بسفر الملوك /الأول الإصحاح الحادي عشر /أن سليمان عليه الصلاة والسلام /أحب نساء غريبة كثيرة ، والتصق بهن/ فأملن قلبه وراء آلهة أخرى/ فترك عباده الله وارتد ليعبد الأصنام، وهذا نصه (( وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحيثيات … فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه . وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساؤه أملن قلبه وراء آلهة أخري ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه فذهب سليمان وراء عشتورث إلاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين)).(الملوك الأول 11،6:1)
عماد : هذا باطل لا محالة /ونحن أمة محمد نشهد على بطلان كل هذه الافتراءات /ونشهد لهؤلاء الأنبياء بالطهارة والعفة والنقاء والإخلاص لله /بالعبادة والقلب .
أمير : ولكن……
أحمد : ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد /بل تحول الأنبياء فى نظر الكتاب المقدس من الهداية إلى الغواية /وبدلا من أن يكونوا من المصلحين كما هو وارد فى القرآن /وكما هو الواقع /ساروا مفسدون فى نظر هذا الكتاب .
رامى : هل هناك ما تريد أن تضيفه يا أحمد .
أحمد : نعم جاء عن داود النبي صلى عليه وسلم/ في سفر صموئيل الثاني ،والإصحاح 11 /أنه عشق زوجة لأوريا ، وهو أحد رجاله /فأرادها لنفسه /فأرسل زوجها إلى الحرب حتى يقتل ثم اغتصبها فى غياب زوجها .
عماد : على الرغم مما في ذلك من إباحية ترفضها الأخلاق الكريمة ، غير أنه لا يعرف سبب واحد لذكر مثل هذه القصص فى كتاب يفترض أنه مقدس ، فما الحكمة وما هي العظة التى يمكن أن يستفيدها قراء مثل هذه القصص ؟ ثم إذا كان الأنبياء بهذه المثابة وهم حملة كلمة الله الهادية ، فماذا بقى للفساق والسفهاء .
أحمد : ( مستطردا ) جاء فى سفر الملوك الأول /أن إلياس عليه السلام خاطب الله قائلا : ( وصرخ إلى الرب وقال : أيها الرب ألهي ، أيضا إلى الأرملة التى أنا نازل عندها أسأت بإماتتك ابنها ) ( أهل 17 : 20 ) .
أمير : هذا شيء غير مقبول .
عماد : أكمل يا أحمد إن كان عندك المزيد.
أحمد : جاء في سفر التكوين/ الإصحاح 32 /أن يعقوب عليه الصلاة والسلام تصارع مع الله وأنه ( وأعوذ بالله من ذلك ) قدر عليه ! فقال له الله أطلقني يعنى (اتركني) فقال له يعقوب لا أطلقك إن لم تباركني /فباركه هناك ، ( تك 32 : 24-30 ) .
عماد : وماذا أيضا عن نظرة الكتاب المقدس إلى الله .
رامي : لقد أجهدت اليوم، وعندي موعد مهم كنت سأتخلف عن هذا اللقاء بسببه .
عماد : حسبنا الله ونعم الوكيل .
أحمد : أرجو يا رامي أن يتسع صدرك للخلاف .
رامى : لا بأس ولكن أرجو أنا أيضا أن يتسع صدرك للخلاف عند الحديث عن القرآن .
أمير : نعم ومتي سيكون ذلك .
أحمد : لا تقلق يا أمير سنتحدث عن القرآن بالتفصيل وكما تشاءون .
عماد : فإلي اللقاء القادم بمشيئة الله .
آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.

كيف ينظر الكتاب المقدس إلي كل من :
-1- نوح
-2- لوط
-3- سليمان
-4- داود
-5-إلياس
-6- يعقوب



ومره أخرى يلتقي أفراد المجموعة وبعد السلام وتبادل التحية بادر أمير بالحديث قائلا :
عماد : لقد تحدثنا فى اللقاء السابق عن نظرة الكتاب المقدس للأنبياء والرسل لكننا لم نتحدث بعد عن نظرة الكتاب المقدس لله .
رامى : لن يستطيع أن يتحدث عن الله فى الكتاب المقدس أتعرفون لماذا ؟
أمير : نعم أنا أعرف ، بالتأكيد لان نظرة الكتاب المقدس لله نظرة جيدة ولا تسيء للكتاب المقدس وهى تماما كنظرة القرآن لله .
أحمد : يفهم من هذا الكلام أنه لو كانت نظرة الكتاب المقدس لله ليست كما ينبغي أن تكون عليه من التوقير والاحترام فهذا يقدح فى نسبته إلى الله .
رامى : نعم هذا صحيح .
أحمد : ولكن نظرة الكتاب المقدس لله ليست أحسن حالا من نظرته للأنبياء والمرسلين ، فنحن نجد فى هذا الكتاب أن الله عز وجل قد وصف بأوصاف لا يصح أن نصف بها إنسان نوقره أو نحترمه فضلا عن أن نصف بها خالق هذا الكون .
عماد : أظن أنه بالمثال يتضح المقال ونحن بحاجة إلى أمثلة توضح لنا ما ذكرته أيضا .
رامى : ولكن أرجو أن تكون عادلا فى أحكامك وصادقا فى اقتباساتك كما عهدناك .
أحمد : لقد وصف الله فى الكتاب المقدس بنقائص كثيرة فقد وصف ( سبحانه وتعالى وتنزه عما يقولون ) بأنه يحزن ، ويندم ، وينسى ويبلبل السنة الناس … وغير ذلك كثير وهاكم بعضا من ذلك .
أ- الله يحزن ويندم : جاء فى سفر التكوين الإصحاح السادس ما نصه ( فحزن الرب أن عمل الإنسان فى الأرض ، وتأسف فى قلبه ، فقال الرب : أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذى خلقته . الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء . لأني حزنت أنى عملتهم ) ( سفر التكوين 6 : 6-8 ) .
ب- الله يندم : وجاء فى سفر التكوين أيضا الإصحاح الثامن ما نصه ( وقال الرب فى قلبه لا أعود العن الأرض أيضا من أجل الإنسان لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ، و لا أعود أيضا أميت كل حي كما فعلت ) ( سفر التكوين 8 : 21 ) .
فكأن الله حزن على خلقه للإنسان فأهلكه فى عهد نوح ثم عاد وندم على أنه أهلكه فقرر ألا يعود إلى ذلك مرة أخرى .
عماد : هكذا تعرض الأسفار المتناقضة . صوره متناقضة لإله متناقض …!
أحمد : ويصور الكتاب المقدس الله بأنه ينسى ويريد أن يذكر نفسه فيخلق ( قوس قزح ) من أجل هذه المهمة حتى يتذكر كلما يراه فى السماء فقد جاء فى سفر التكوين الإصحاح التاسع ما نصه ( وصنعت قوس فى السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض فيكون متى انشر سحابا على الأرض ، ويظهر القوس فى السحاب أنى اذكر ميثاق الذى بيني وبينكم وبين كل نفس حية فى كل جسد ، فلا تكون أيضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد ، فمتى كانت القوس فى السحاب أبصرها لاذكر ميثاقا أبديا بين الله وبين كل نفس حية فى كل جسد على الأرض ) ( سفر التكوين 9 : 13-16 ) .
عماد : إله ينسى ؟ هذا خطر جدا ، ماذا يحدث لو نسى أن يأمر الشمس أن تشرق فى يوم ما …؟ كنا نهلك جميعا .
أحمد : فى اللقاء السابق حدثتكم أن الله سب وممن من بعض أنبياءه ورسله ، ليس هذا فحسب بل وصرعه يعقوب أيضا واليوم يذكر لنا هذا الكتاب أن الله ينسى ويحزن ويندم ويخلق أشياء ليذكر نفسه ، فما الفرق بيننا وبين هذا الإله إذا .
رامى : ليس هناك مجال للسخرية أنكم تتحدثون عن الله .
أحمد : أن السخرية الحقيقية هي أن يوصف الله بأوصاف يتنزه بعض الناس أن يصف بها نفسه .
عماد : يمكن أن نقول أن صوره الله فى الكتاب المقدس هي صوره هزلية .
رامى : وفى القرآن أيضا وصف الله بأوصاف يستحيل أن يوصف بها الرب الخالق .
عماد : هل يمكن أن تعطينا مثال على ما تقول .
أحمد : هذا من الخطأ . أعنى أننا نتحدث عن الكتاب المقدس وليس القرآن ثم يجب أن تعلموا أنه من المنهجية ألا ننتقل من موضوع إلى أخر إلا بعد أن ننتهى من الأول .
أمير : إذا نؤجل الحديث عن القرآن حتى نخصص له عدة لقات خاصة .
أحمد : أعود إليك يا رامى وأسألك ما جوابك لو خيرتك بين هذا الإله الذى ينسى ويحزن ويندم ويسب ويضرب وبين إله وصف بأنه ( ليس كمثله شئ )… أي هذين الإلهين تختار لتعبد .
رامى : الأمر ليس كما تقول. ولكنك ذكرت أيضا أن الكتاب المقدس وصف الله بأنه يبلبل السنة الناس فأين ذلك.
أحمد : جاء فى سفر التكوين الإصحاح الحادي عشر أن الله لما علم أن الناس بنوا مدينة كبيرة وبرجا ضخما فغار منهم ونزل فبلبل ألسنتهم ومزقهم لذا سميت هذه المدينة ببابل لأن الله بلبل لسان الناس فيها وهذا هو النص ( وكانت الأرض كلها لسانا واحد ، ولغة واحدة وحدث فى ارتحالهم شرفا أنهم وجدوا بقعة فى أرض شنعار، وسكنوا هناك وقال بعضهم هلم نصنع لبنا ونشويه شيا ، فكان لهم اللبن مكان الحجر ، وكان لهم الحمر مكان الطين ، وقالوا : هلم نبني لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء ، ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه الأرض . فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو أدم يبنونها وقال الرب : هو ذا شعب واحد، ولسان واحد لجميعهم وهذا ابتداؤهم بالعمل ، والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض ، فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض فكفوا عن بنيان المدينة ، لذلك دعي اسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض ، ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض ) ( سفر التكوين 11 : 1-9 ) .
عماد : إله يبلبل ويبدد ويفرق ، ما هذا الرب .
أحمد : لو سب بعض الناس نفسه لكان ذلك قادحا فيه ، فكيف ينسب هذا الكلام إلى الله ، إن الله لا يصف نفسه بهذه الصفات أبدا ويبقى السؤال كما هو أيهما تختار أن تعبد ؟ إله يبلبل ويبدد أم إله عدل ورحمه ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).
عماد: وهذا يعنى أن الله أرسل رسوله ليرحمنا لا ليبلبلنا .
رامي : أرجو أن نكتفي هذا اليوم .
أحمد : نعم ولكن علي موعد بلقاء آخر .
آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.

ينظر الاسلام الي الله علي انه يتصف بكل صفات الكمال ونعوت الجلال فهو سبحانه وتعالي ليس كمثله شيء ، فما هي نظرة الكتاب المقدس إلي الله ؟




بمجرد أن يلتقي أفراد المجموعة يصرخ فيهم أمير قائلا :
أمير : هل قرأتم صحف اليوم ؟
عماد : لا لماذا .
أمير : ولد صغير لم يتجاوز ال6 سنوات يهرب مع قريبته 4 سنوات وعند اكتشافهما يبرر الولد موقفة بأنه أراد أن يتزوجها لذا هربا معها .
رامى : هذا عجيب … ! حتى الأطفال .
أحمد : أن الإنسان نتاج بيئته .
رامى : لعلك ترجع هذا الأمر أيضا إلى الكتاب المقدس ؟ فلقد أصبح الكتاب المقدس وفجأة هو سبب كل مخازى الدنيا .
عماد : أنه لم يتكلم بكلمة واحدة من دون دليل يدل على صدقها .
أحمد : والله فكرة يا جماعة … ليه ميكنش كلامنا النهارده عن نظره الكتاب المقدس للغريزة والشهوة بما أن الحديث أصلا عن الكتاب المقدس .
رامى : أنا لا أمانع .
عماد : ولا أنا أيضا فلنتحدث إذا عن هذا الموضوع .
أحمد : قد يكون الحديث عن الغريزة والشهوة أمر مقبول لكن هذا يتوقف على عدة اعتبارات منها :
أولا : طريقة العرض :- أي أسلوب عرض الموضوع .
ثانيا : الهدف :- أي لماذا نتعرض لمثل هذه الموضوع .
ثالثا : المحتوى :- أي أن تكون مادة الموضوع مركزة ومفيدة من دون إخلال ولا إسفاف ، مع عدم التعرض للأدب المكشوف .
عماد : أستطيع أن استنتج أن هذه النقاط السابقة هي قاعدة اليوم .
أحمد : نعم .
رامى : ولكن ما علاقة هذا بالكتاب المقدس .
أحمد : لقد تناولت الكتب السماوية ولا شك مثل هذه الموضوعات الخاصة بالغريزة والشهوة ، ولكنها التزمت بالأسلوب التربوي فى العرض ، كما أن أهدافها كانت نبيلة فمع أن الله ينهى فى القرآن عن اتباع الشهوات إلا أنه لا يحرم إشباعها بالطرق السليمة والشرعية فتجد أنه عند الحديث عن العلاقة بين الزوجين يقول تبارك وتعالى ( ومن آيته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) .
عماد : هذا أسلوب راقي جدا يشبع رغبة الإنسان الطبيعية فى الفضول أو حب الاستطلاع كما أنه لا يخدش الحياء أو يجرحه .
أحمد : ولكن ماذا لو تحدثنا عن موضوع الشهوة والغريزة بدون الضوابط السابقة .
عماد : أنت تقصد الكتب والمجلات الإباحية .
أحمد : أنا أتكلم بشكل عام .
رامى : هذا غير مقبول طبعا ، كما أنه ضار جدا بعملية التنشئة الاجتماعية أو التربية .
أمير : ربما تكون له فوائد لا يمكن إنكارها .
عماد : ( يضحك ) هذه الفوائد تخصك أنت وحدك يا أمير .
أحمد : ولكن إذا كان الحديث عن هذا الموضوع بأسلوب ركيك وبإسفاف واضح وبأدب مكشوف فهل يمكن أن تنسب مثل هذا الكلام لمن تحترمه من البشر .
عماد : بالطبع لا إن المربين والمعلمين يتجنبون الحديث عن هذا الموضوع بمثل ما ذكرت ولا يتحدث بهذه الطريقة إلا الفسقة والعاصيين .
أحمد : إذا لا يمكن أن ينسب هذا الإسفاف أو الأدب المكشوف إلى الله .
عماد : بالطبع ، ولكن أين هذا في الكتاب المقدس فلقد حفظت أسلوبك في الحوار.
أحمد : لقد تناول الكتاب المقدس هذا الموضوع ولكنه تناوله بأسلوب ابسط ما يقال فيه أنه لا يمكن أن ينسب إلى الله العلي العظيم ، ويكفى أن نلقى نظرات عابرة على ما جاء فى (( سفر نشيد الإنشاد )) الذى يعتبر سفرا غزليا ، تتردد فى فقراته عبارات من الأدب المكشوف العاري … فهو يصف خفايا جسد المرأة بأسلوب فاحش إذ يقول فى الإصحاح الرابع من هذا السفر : ( 1-7) (( ها أنت جميلة يا حبيبتي ، ها أنت جميلة ، عيناك حمامتان من تحت نقابك ، شعرك كقطيع معز رابض على جبل جلعاد ، أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متم وليس فيهن عقيم ، شفتاك كسلكه من القرمز ، وفمك حلو ، خدك كفلقة رمانة تحت نقابك ، عنقك كبرج داود المبنى للأسلحة … ، ثدياك كحشفتي ظبية توأمين يرعيان بين السوس … ، كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبه )) .
عماد : هذا الكلام يثير الغرائز ويشعل الشهوة حتى عند الأطفال فهو ضار جدا وغير تربوي.
أحمد : هذا صحيح وهذا ما قالته مجلة الحقيقة الناصعة إذ تقول (( إن قراءة قصص الكتاب المقدس للأطفال يفتح عيونهم على أمور الشهوات الجنسية وإذا لم يهذب الكتاب المقدس وينقح فإن لهيئات الرقابة على الكتب التعليمية الحق فى أن تعتبره غير صالح للقراءة من جانب أولئك الذين لم يتجاوزوا الثامنة عشرة من العمر على أحسن الفروض )) .
أمير : أنا أستطيع أن أقول أن الإنسان فى حاجة إلى أن يسمع مثل هذا الكلام حتى يشبع غريزته .
عماد : أراك سعيد بهذه الأمثلة يا أمير .
أحمد: ولكن مثل هذا الكلام لا يشبع الغريزة بل يثيرها ويزيدها .
عماد : فلتعطينا مثل أخر حتى نؤكد لأمير ورامى أن هذا الكلام الغير أخلاقى لا يمكن أن ينسب إلى الله أبدا
أحمد : يقول الإصحاح السابع من السفر نفسه (( نشيد الإنشاد )) (1-11) (( ما أجمل رجليك يا بنت الكريم ، دوائر فخذيك مثل الحلي صنعه يدي صناع ، سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج ، بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوس ، ثدياك كحشفتين توأمي ظبية ، عنقك كبرج من عاج ، … ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات ، قامتك هذه شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد ، قلت أنى اصعد إلى النخلة وامسك بعذوقها ، وتكون ثدياك كعناقيد الكرم ورائحة أنفك كالتفاح ، وحنكك كأجور الخمر … ، أنا لحبيبي وإلى اشتياقه ، تعال يا حبيبي لنخرج إلى الحقل ، ولنبت فى القرى ، … هنالك أعطيك حبي … )) .
عماد : أهذا كتاب دين وهداية … ؟
أهذا هو القصص الحق … الذى يهدى إلى صراط مستقيم .
أحمد : لقد قام بعض علماء النفس (( ومنهم الدكتور فرنون جونز )) بإجراء بعض التجارب على مجموعات متماثلة من طلاب المدارس لدراسة نوعية تأثير قراءة قصص الكتاب المقدس على سلوك الأفراد ، وأوضحت التجارب أن مجموعة الأطفال الذين قرأت عليهم قصص من الكتاب المقدس ظهرت فى مسلكهم اليومي سمات الانحراف الخطيرة مثل : الميل إلى خداع الآخرين ، والكذب والسرقة والشذوذ الجنسي .
وإذا تركنا هذا الجانب الجنسي الطافح بالنزوة والشهوة إلى غيره من جوانب الضعف والتهافت فى الكتاب المقدس وجدنا مالا يصدقه عقل ، ولا يقره منطق ، وهذا كله ينفى صفة الوحي عن هذه الأسفار قديمها والجديد .
أمير : أنت تتحامل كثيرا على الكتاب المقدس .
رامى : لا تنسى أن هذا الكتاب كتب بلغة البشر حتى يفهمه الناس .
أحمد : ومن الذى أوحى بهذه القصص الجنسية ، ثم ألم يكن الله قادرا على أن يهذب أسلوب من يوحى إليهم حتى يكون أرقى من هذا الأسلوب الركيك .
عماد : وهل هناك جوانب أخرى من الضعف والتهافت فى الكتاب المقدس غير كل ما تحدثنا عنه ؟ .
أحمد : نعم بالتأكيد .
رامى : فلنتحدث عنها إذا .
أمير : نعم ولا تنس الأسئلة عند حديثك .
أحمد : فلنؤجل ذلك إذا إلى اللقاء القادم .
آخي …
أختي …


هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.

-1- هل تتحدث الكتب السماوية عن موضوع الغريزة والشهوة ؟

-2- ما هي ضوابط الحديث عن مثل هذه الموضوعات ؟

-3- كيف يتناول الكتاب المقدس موضوع الغريزة والشهوة ؟

-4- في رأيك ما هو أثر قراءة قصص الكتاب المقدس علي الأطفال ؟



أمير يدخل على أفراد المجموعة وبيده نسخة من الكتاب المقدس .
عماد : ما هذا يا أمير .
أمير : لقد دفعني الفضول إلى أن احضر نسخة من الكتاب المقدس معي .
عماد : ولماذا لم تفعل هذا من أول لقاء لماذا بعد اللقاء السابق بالذات .
أمير : أردت أن أتحقق بنفسي .
أحمد : وماذا وجدت .
عماد : وهل وجدت نصوص أخرى كثيرة من هذا القبيل .
رامى : مثل ماذا .
أحمد : مثل حزقيال 16، وحزقيال 23 وغيرها كثير .
رامى : دعك من هذا الآن فنحن على موعد مع حديث جديد عن جوانب أخرى من الكتاب المقدس .
عماد : لقد ذكرت أن هناك جوانب أخرى من الضعف والتهافت بالكتاب المقدس … فما هي هذه الجوانب ؟ .
أحمد : هي كثيرة ولو أعطيناها حقها لاستغرق كل جانب منها عدة لقاءات من لقاءاتنا ، ولكن لأننا تحدثنا عن الكتاب المقدس كثير فسأحاول إيجاز أهمها فيما يلي :-
1) – أسلوب الشك : لقد تناول الكتاب المقدس العديد من الموضوعات بأسلوب الشك وهذا ينفى كونه وحيا لأن علم الله يقين لا شك فيه ومثال ذلك ما جاء بإنجيل لوقا الإصحاح الثالث ونصه (( ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هال بن متثاب …)) [ لوقا 3: 23-28] .
عماد : الله يقول (( على مكان يظن….! )) إن علم الله يقينى لا ظنى .
أحمد : مستطردا
2) – أعاجيب : لقد ورد بالكتاب المقدس العديد والعديد من الأعاجيب والتي تنفى كون هذا الكتاب من وحي الله أو من كلامه سبحانه وتعالى ، ومن أمثلة ذلك ما ورد فى إنجيل متى الإصحاح 21 (( عند الحديث عن دخول يسوع المسيح إلى أورشيلم القدس إذ يقول الكاتب (( وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما )) أي أنه ركب على الحمارين معا .
عماد :أن هذا لا يفعله إلا لاعبي السرك المحترفون .
3) – كما جاء بالكتاب المقدس العديد من الخرافات التى لا يمكن أن يصدقها عقل ومثال ذلك ما جاء فى سفر القضاة الإصحاح 15 والعدد 15 أن شمشون قتل ألف رجل بفك حمار وهذا هو النص (( ووجد لحى حمار طريا فمد يده وأخذه وضرب به ألف رجل )) ، كما جاء بنفس السفر والإصحاح العدد الرابع ما نصه (( وذهب شمشون وأمسك ثلاث مئه ابن آوى )) أي أنه أمسك 300 ثعلب دفعة واحدة والسؤال هو كيف يعقل هذا ؟ .
4) – وبالكتاب أيضا مالا يذكر من امتهانه للأنبياء بل ولله كما ذكرنا سابقا ولكن أضيف هنا من هذا التهافت هذه النظرة الدونية لخالق البشر سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا .
أ- يصف لنا كاتب سفرا اشعياء الله بأنه يحلق شعر الناس ونصه (( فى ذلك اليوم يحلق السيد بموسى مستأجره فى عبر النهر بملك أشور الرأس وشعر الرجليين وتنزع اللحية أيضا )) ، [ أشعياء 7: 20] .
ب- يصف كاتب سفر صموئيل الثاني الله بأنه أشبه بالمدخنين ويخرج دخان من منخره ونصه (( أسس السماوات ارتعدت وارتجت لأنه غضب . صعد دخان من أنفه ونار من فمه أكلت )) [ صموئيل الثاني 22: 9 ] .
ج- ويصف لنا كاتب نفس السفر بنفس الإصحاح الله خالق السماوات والأرض وهو يمتطى ظهر ملك فيقول (( ركب على كروب وطار ورئي على أجنحة الريح )) [ صموئيل الثاني 22: 11 ] .
عماد : كيف يمكن تصور إله بمثل هذه الصفات .
أحمد : الحمد لله الذى هدانا للإسلام دين الحق الذى يصف الله عز وجل بأوصاف الكمال ونعوت الجلال .
رامى : كفانا حديث عن الكتاب المقدس ولما لا نتكلم عن القرآن .
عماد : سيأتى الحديث عن القرآن يا رامى كما قولنا فلا تتعجل .
أحمد : نعم قد نكون تكلمنا عن الكتاب المقدس بشيء من التفصيل لكن يجب أن تعلموا أن هناك الكثير الذى لم يذكر بعد تركناه خشية الإطالة والإملال ، ولكن نحن على موعد مع لقاءات أخرى وموضوعات أخرى نناقشها سويا فإلى اللقاء ولندعو جميعا بدعاء كفارة المجلس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آخي …
أختي …

هذه الأسئلة ستساعدك على فهم واستيعاب هذه الرسالة حاول حلها لتتأكد من استفادتك من هذا الكتاب.

-1- لقد تناول الكتاب المقدس العديد من الأمور بصيغة الشك ( ما هو رأيك في ذلك ؟ دلل علي ما تقول ) .
-2- بالكتاب المقدس العديد من الأمور العجيبة والتي لا يصدقها عقل ( ما هو رأيك في ذلك ؟ دلل علي ما تقول ) .
-3- بالكتاب المقدس العديد من الخرافات ( ما هو رأيك في ذلك ؟ دلل علي ما تقول )؟؟؟؟

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((غالبية نصارى «المملكة المتحدة» يشككون في ميلاد المسيح وروايات الأناجيل))))))))))
هل تكون «2009» سنة سوداء على حملات التنصير البريطانية وكنائسه؟

ترجمة وتعليق / عصام مدير – مشرف مدونة التنصير فوق صفيح ساخن:

قال معظم النصارى في بريطانيا أنهم لا يصدقون قصة «ميلاد المسيح» ولا المعجزات المنسوبة له المذكورة في الأناجيل المتداولة وأنها لديهم من «خرافات الكتاب المقدس»، على حد وصفهم.

جاء ذلك في دراسة موسعة كشفت عنها صحيفة «التلغراف البريطانية Telegraph» [رابط التقرير] والتي أوردت أن شخصاً من كل خمسة أشخاص استطلعت آراءهم الدراسة أفادوا بأنهم لا يشجعون أولادهم على ربط «قصة ميلاد المسيح» باحتفالات أعياد الميلاد أو ما يعرف بـ «الكريسماس».

كما أشارت الدراسة إلى تشكك نسبة كبيرة جداً لدى فئة الشباب من نصارى انجلترا حيال «قصة ميلاد المسيح» عليه السلام، إذ أعرب (78) في المائة منهم – ضمن الفئة العمرية 16إلى 24 سنة – أنهم غير مقتنعين بـ «الأمانة التاريخية» لروايات الأناجيل الأربعة حول الميلاد.

وقد أعرب سبعون في المائة من نصارى بريطانيا عن شكوكهم في مولد المسيح عليه السلام في مذود [حظيرة للبقر والحمير] بحسب روايات الأناجيل، وعن تشككهم كذلك في ما يسمى بـ «الميلاد العذراوي»، أي اعتقادهم الجديد في أن السيدة مريم عليها السلام لم تحبل بابنها من «الروح القدس» ولكن بطرق اتصال جنسي طبيعية، بخلاف تعليم الكنيسة وما يعتقده النصارى بمختلف طوائفهم. وهو الأمر الذي «يفتح أبواب الجحيم» على كنائس انجلترا، بحسب التعبير الكهنوتي الدارج.

وكانت الصدمة أكبر في استطلاع آراء من وصفوا أنفسهم بـ «الملتزمين بالنصرانية» في بريطانيا إذ اعترف حوالي (25) في المائة منهم أنهم لا يؤمنون ببعض جوانب تعاليم «الكتاب المقدس» حول المسيح.

جدير بالذكر أن هذه الدراسة المخيبة لآمال المنصرين في فترة «أعياد الميلاد» كانت قد فوضت باجرائها إحدى كبريات كنائس «لندن» ولكن على غير ما يشتهي أو يتمنى قادتها إذ صرح الناطق الرسمي لـ «كنيسة القديسة هيلينا»، القس «تشارلي سكيرن» أن هذا الاستطلاع يكشف أن أكثر الإنجليز باتوا يعتقدون أن روايات الأناجيل حول ميلاد المسيح ما عادت ترقى لمستوى الحقائق التاريخية التي يمكن أن يعول عليها.

وفي نفس السياق، أجرت منظمة تطوعية نصرانية دراسة أخرى موازية تناولت آراء ألف أسرة نصرانية في المملكة المتحدة حيث تتزايد نسبة الآباء الذين صار أكثرهم ممن يشجعون أطفالهم على الاعتقاد في شخصية «بابا نويل» دون الاعتقاد في روايات قصة ميلاد المسيح الإنجيلية، التي باتت لا تحظى بنفس الاهتمام والتقدير الذي تحظى به شخصية الرجل السمين الضحوك ذو اللحية الضخمة المشتعلة شيبا وما نسج حوله من خرافات وعجائب حتى باتت مادة دسمة وتربة خصبة لصناع الأفلام وكتاب الروايات وقصص الأطفال ومصنعي الألعاب وتجار الهدايا حول العالم.

ويبدو أن قادة التنصير وحملاته في بريطانيا تحديداً سيتجرعون المزيد من كؤوس الخيبة حسرات عليهم في العام الميلادي الجديد بعد أن كشفت الدراسة الثانية عن نسبة (4) في المائة فقط من أرباب الأسر النصرانية هناك الذين قالوا أنهم سيحضرون «قداس» الأحد في الكنيسة مع أطفالهم لسنة 2009م!!

وهو الأمر الذي لا يبشر بالخير لكنائس ذلك البلد النصراني، الذي يعاني مع سائر كنائس أوروبا من عزوف الأتباع والشباب عنها حتى بيع أكثرها بثمن بخس في مزادات العقار أو تحول إلى مسارح أو مراقص وصار بعضها إلى الجاليات المسلمة المتنامية بقوة وللمسلمين الجدد من الأوروبيين الذين حولوها إلى مراكز إسلامية ومصليات ومساجد باتت تكتظ وتفيض بعمارها من المصلين يتلون ما جاء من حقائق الوحي القرآني وكلامه عن كتاب رب العزة: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [سورة البقرة:2ٍ]، وقوله تعالى: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [سورة مريم 34–35].

ليت جهود التنصير، الذي بات يستهدف المسلمين بشراسة، تنصرف إلى تثببت عقائد النصارى أولاً في بلدانهم الأم، فالأقربون أولى بالتنصر يا أذناب هذه الحملات المسعورة الوافدة إلى المنطقة العربية لو كنتم تعقلون. لكن الله غالب على أمره ولا غالب لكم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. الله أكبر ولله الحمد!

منقول ومترجم بتصرف عن صحيفة التلغراف البريطانية 21/12/2008م
الرجاء الإشارة إلى المدونة عند النقل والاقتباس من الترجمة وشكراً

نص التقرير كاملاً كما نشر على هذا الرابط في المدونة الإنجليزية


صورة من خبر صحيفة «التلغراف» من موقعها الإلكتروني – المدونة.

موضوعات ذات صلة:

ننصح بمطالعة كتاب «أساقفة انجلترا و الوهية المسيح عليه السلام». للشيخ أحمد ديدات (رحمه الله)
رابط مباشر لتحميل الكتاب من موقع مكتبة المهتدي لمقارنة الأديان. ورابط آخر لتفصح الكتاب.
?????????ستكمالاً لسلسة مواضيع موسمية تتناول حقيقة ما يسمى بـ «أعياد الميلاد» في قسم مخصص لها بهذه المدونة من كل عام، والحاقاً بتدوينة سابقة نشرت تحت عنوان=(((((«موسم لسبّ الله: حقيقة الاحتفال بالكريسماس»))))))))))))=========================================================================================، أنوه اليوم بما جاء في مقال منشور بـ «موقع أبونا» للكاتب النصراني «حكمت ميشيل بدر» الذي كتب موضحاً معنى «الكريسماس» لدى النصارى.

وحتى يكون كل مسلم على بينة فلا يسارع بعد اليوم لتهنئة النصارى بهكذا عيد، تأمل معي ماذا يقول المحرر في موقع «الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة» عن ذات الله تبارك وتعالى. ما بين الأقواس فهو مني زيادة في التوضيح وما هو باللون الأزرق الداكن فهو كلامه واللون الأحمر لابراز الكلام الذي أريد لفت أنظار القراء إليه:

نعم الإله العظيم خالق السماوات والأرض وما فيها يتجسد في أحشاء [يقصد الرحم] فتاةٍ متواضعة، من دون ما ثلمٍ، ليكون [الله] آدم الجديد الطاهر الذي يشبهنا في كل شيءٍ [!!] ما عدا الخطيئة

ثم أدت عقيدة هذا الكاتب إلى القول بأن الإله يموت أو هو قد مات فعلا عنده:

والذي بلغت محبته لنا بأن أسلم نفسه طواعيةً ليموت على صليب العار عاقداً ميثاق صلح بين السماء والأرض..

وبحسب ما تقدم فإن الله قد صار بشراً يشبهنا في كل شيء بعد أن اتخذ جسداً [تجسد] في رحم فتاة صغيرة [11 عاماً أو دون ذلك من العمر بحسب الموسوعة الكاثوليكية]. لينتحر على الصليب بكل عار ثم يموت!! أي أن الخالق صار مخلوقاً ثم مات!! نستغفر الله ونتوب اليه من ضلال المنصرين وكفرهم وسوء أدبهم مع الله تبارك وتعالى.

اللهم اجعل العار والصغار على من ينسب لك هذا الأمر، سبحانك ربنا تنزهت عن كل هذا وتعاليت. اللهم واهد عوام النصارى والحيارى للحق الذي جاء به حبيبك صلى الله عليه وسلم، أشرف الأنبياء والمرسلين وسيد الأولين والآخرين، نشهد أنه عبدك ورسولك كما كان سيدنا المسيح عبدك ورسولك، وأنك أنت الله الذي لا إله الا هو، وحدك لا شريك لك ولا ند ولا ولد، فأنت العزيز الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}
(111) سورة الإسراء

تنبيه هام:
من شاء أن يرد على الكاتب النصراني الأردني فليذهب مشكوراً إلى موقعه الذي يكتبه فيه وليرد عليه هناك بما شاء من الردود العلمية الهادئة وليفتح معه نقاشاً موضوعياً إذ أحب وكان أهلاً لذلك وليس في مساحة التعليقات هنا وإن كنت أعلم متابعة «حكمت بدر» لها يومياً، لأن هذه مدونة اعلامية بالدرجة الأولى ولذا فهي غير معنية بالحوارات الدقيقة في المسائل الدينية البحتة، ولأني شخصيا أفضل الحوار المفتوح والمباشر وجها لوجه في ميادين المناظرة ولا أميل إلى حوارات المراسلات إذ لا وقت لدي لها فنرجو المعذرة.

ولأنني أكتب باسمي الصريح من موقعي في البحث المتخصص في مقارنات الأديان وشؤون التنصير، فأنا لا أنشر رد أي كان من قبل من ينتسبون للنصرانية ممن يكتبون لي في مساحة التعليقات باسماء وهمية إذ أنه بامكان أي شخص انتحال أي صفة بل يمكن لليهودي المستعرب أن يمثل دور النصراني فيكذب، فكيف للنصراني العادي أن يطمئن لردودهم هنا؟ أو قد يزعم أحدهم أنني اختلقت شخصيات نصرانية وهمية، ولذلك قفلت هذا الباب من اليوم الأول فلا أرحب في مساحة التعليقات أو نقاش المراسلات في العقائد الدينية إلإ بمن يكتب لي باسمه الصريح وأن يكون صاحب مكانة لاهوتية في النصرانية أو ذو صفة اعلامية أو اعتبارية في مجتمعات النصارى، والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.???????????????استوقفني ما جاء بين أسطر هذا الخبر المنشور بتاريخ 21 ديسمبر الجاري في موقع «أبونا» تحت عنوان «إنارة أكبر شجرة طبيعية في سوريا» حول أصل هذا التقليد المتبع في المجتمعات النصرانية شرقية وغربية خلال فترة احتفالاتهم بما يسمى بـ «أعياد الميلاد» أو «الكريسماس».

ما هو باللون الأزرق الداكن فهو نص ما جاء في الخبر أما بين الأقواس فهو مني زيادة في توضيح المعنى:

[إن] تقليد شجرة الميلاد لا يرتبط بنص من العهد الجديد بل بالأعياد الرومانية [الوثنية] وتقاليدها التي قامت المسيحية بإعطائها معانٍ جديدة

في هذه الفقرة اعتراف مركب:

*
إن تقليد شجرة الميلاد بدعة استحدثت في دين النصارى ولا أصل له من كتبهم المقدسة، فهم ليسوا متبعين لـ «الإنجيل» في هذا الأمر.
*
أن أصل هذا التقليد مقتبس من أعياد الرومان الوثنيين وطقوس عباداتهم الباطلة.

إن هذا الاعتراف ليؤكد كلام رب العزة في كتابه الكريم الذي كشف لنا قبل 1400عاماً ما وقع على دين سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام من تحريف ومضاهاة لعقائد الوثنيات المجاورة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (30) سورة التوبة.

المضحك في هذا الاعتراف هو محاولة محرر الخبر المنشور في موقع «الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة» تبرير هذه البدع المستوردة من وثنيات الرومان وغيرهم بأن النصرانية «أعطتها معان جديدة»!! لكني سأتجاوز عن هذا التبرير إلى ما سيتقدم من اعترافات أهم وأخطر حول «شجرة الميلاد»:

فقد استخدم الرومان شجرة شرابة الراعي كجزء من زينة عيد ميلاد الشمس التي لا تقهر، ومع تحديد عيد ميلاد السيد المسيح يوم 25 كانون الأول [ديسمبر] أصبحت جزءاً من زينة الميلاد وتمّ اعتبار أوراقها ذات الشوك رمزاً لإكليل المسيح، وثمرها الأحمر رمزاً لدمه المراق [على الصليب بحسب معتقد النصارى].

وهذا اعتراف أخطر بأن الكنيسة جعلت تاريخ مولد المسيح عليه في الخامس والعشرين من ديسمبر كي يتفق مع احتفالات «عيد ميلاد الشمس» استمالة للرومان الوثنيين وطمعاً في تنصيرهم بهذه الحيلة. و يقر الخبر بأن الكنيسة قامت أيضاً بتفسير «زينة الميلاد» الوثني وألوانها بما يروج لمعتقداتها الباطلة في صلب المسيح عليه السلام وهو ركن أركان ديانة النصارى المعاصرين بمختلف طوائفهم.

ويضيف الخبر بـ «موقع أبونا»:

أما استخدام الشجرة فيعود حسب بعض المراجع إلى القرن العاشر في انكلترا، وهي مرتبطة بطقوس خاصّة بالخصوبة، حسب ما وصفها أحد الرحّالة العرب. وهذا ما حدا بالسلطات الكنسيّة إلى عدم تشجيع استخدامها…

أي بعبارة أخرى، قد كان في «انجلترا» بتلك الفترة من يعتقد بأثر انتصاب هذه الشجرة بزينتها في منزله على أدائه الجنسي في السرير! كان هذا هو دور «شجرة الميلاد» قبل اختراع المنشطات الجنسية مثل «الفياجرا» مما حدا بالسلطات الكنسية إلى عدم تشجيع استخدامها، أي أن «شجرة الميلاد» كانت فيما مضى «شجرة الجماع»!!

ولكن هذا التقليد ما لبث أن انتشر بأشكالٍ مختلفة في أوروبا خاصّة في القرن الخامس عشر في منطقة الألزاس في فرنسا حين اعتبرت الشجرة تذكيراً بـ «شجرة الحياة» الوارد ذكرها في سفر التكوين، ورمزاً للحياة والنور (ومن هنا عادة وضع الإنارة عليها). وقد تمّ تزيين أول الأشجار بالتفاح الأحمر والورود وأشرطة من القماش وأول شجرةٍ ذكرت في وثيقةٍ محفوظة إلى اليوم، كانت في ستراسبورغ سنة 1605م.

أي أن عمر هذا «التقليد» النصراني لا يزيد عن 403 سنة فقط!!

لكن أول شجرةٍ ضخمةٍ كانت تلك التي أقيمت في القصر الملكي في إنكلترا سنة 1840ميلادي على عهد الملكة فيكتوريا، ومن بعدها انتشر بشكلٍ سريع استخدام الشجرة كجزءٍ أساسيّ من زينة الميلاد.

ما كاد النصارى يصابون بخيبة الأمل في «شجرة الميلاد» التي يجتمعون حولها في بيوتهم حتى صدمهم الخبر في هوس أكثرهم بالرقص والغناء تحت الأشجار الضخمة التي يقيمونها في الميادين العامة والساحات وخارج الكنائس والأديرة التي استحدثت بدعة اقامتها وتزيينها قبل 168 عاماً فقط!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

بولس الرسول .. مؤسس المسيحية (1)
الجزء الأول : الشخصية

المسحاء [1] .. والأنبياء الكذبة

دكتور مهندس / محمد الحسيني إسماعيل


حول المزيد من ترهيب الفرد المسيحي من الفكر الإسلامي .. يقول الدكتور القس إكرام لمعي [2] ( رئيس المجمع الأعلى للكنيسة الإنجيلية بمصر .. ومدير كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة سابقا ) ..

[ .. في مقابل الكنيسة يقف إبليس جامعا كل أعوانه وقواه بهدف إضلال البشر ، ويعتمد في تضليله على الأنبياء الكذبة : " فيضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطى أن يضعها أمام الوحش " ( رؤيا 13 : 14 ) . وأيضا سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة .. وبهذا يمكننا القول بأن المعركة ستكون في مجال الفكر ، وذلك بقيام دعوة إضلال يحاول إبليس من خلالها إضلال الأمم ]
( انتهى )

فكما نرى من هذا الخطاب ؛ أن إبليس سوف يعتمد على المسحاء والأنبياء الكذبة في إضلال العالم المسيحي . فإذا أضفنا إلى هذا الفكر .. أن المسيحية لا تعترف بمحمد ( r ) رسولا أو نبيـا .. فيكون معنى هذا أن محمدا ( r ) يندرج ضمن قائمة الأنبياء الكذبة ..!!! ومن جانب آخر ؛ إذا صرح الدكتور القس ـ إكرام لمعي ـ وقال : أن المعركة سوف تكون " معركة فكرية " أيضا .. فإن معني هذا : أن سلسلة كتب الكاتب ـ وكذا القرآن المجيد ـ سوف تندرج جميعا ضمن دعاوى الشيطان الفكرية لإضلال العالم المسيحي ..!!!

وعندما سألت الدكتور إكرام لمعي .. صراحة : هل محمد ( r ) ـ من منظور الكنائس المختلفة ـ يصنف من ضمن الأنبياء الكذبة ..؟!!! أطرق قليلا ثم أجاب إن بعض الكنائس تعتبره هكـذا .. وخصوصا الكنائس الأمريكية .

فقلت له ربما لهم بعض العذر لأنهم لا يتكلمون العربية ولا يفهمون معاني القرآن .. فما موقفكم أنتم .. وأنتم تتكلمون العربية .. وأقدر على فهم الدين الإسلامي منهم ..؟!!! ( صيغة الجمع التي أتبناها معه في الحوار .. لا أقصد بها سوى أنه يتكلم بالنيابة عن شعب الكنيسة الإنجيلية بحكم منصبه ) فكان جوابه .. بأنه يمكن اعتبار " محمد " نبي خاص بقوم معينين .. أي نبي خاص بقبيلة : " قريش " أو العرب ..!!!

وبغض النظر عن عالمية الدين الإسلامي ومحلية الدين المسيحي ( بمعنى قصر رسالة السيد المسيح على اليهود فقط ) .. فإن مثل هذا الرد هو رد دبلوماسي .. وليس ردا دينيا يعبر عن حقيقة فكر الكنيسة .. تجاه محمد ( r ) . فكيف يكون الرسول محمد ( r ) مُرْسلا من قِبَل " المسيح الإله " أو من قِبَل الثالوث القدوس : الآب والابن والروح القدس .. إلى العرب .. ولا يقول بهذه المعاني لهم ..!!! بل ويحكم بكفر كل من يقول بهذا الثالوث القدوس .. إلا إذا كان محمد مُرْسلا من قِبَل إله آخر غير إله المسيحية ..!!! ولما كانت الكنيسة لا تعترف بوجود إله آخر غير المسيح الإله .. فلابد وأن تدرج محمدا ( r ) ضمن قائمة الأنبياء الكذبة ..!!!

وفلسفة الدكتور القس إكرام لمعي في الخطاب الديني المسيحي .. تعتمد أساسا ـ كما سبق وأن بينت في كتابات سابقة ـ على جهل السامع المسيحي أو المتلقي أو المستمع بصفة عامة . فهو الذي يقول [3] : أن الخطيب هو قوام التعليم الديني المسيحي .. والمستمع هو النتيجة .. وأن الخطيب يسلب المستمع حقه الإنساني في أن يقدم رأيه وفكره .. كما يفقده القدرة على الحوار . ولهذا يخاف الخطيب على المستمع من الحرية الفكرية كما يرى أن الوعي الناقد يزلزل الأتباع . ولهذا يصف السلطة الأبوية والتكنيك الخطابي المسيحي بصفات كثيرة نذكر منها الصفات التالية :

• الخطيب يعرف كل شيء والمستمع لا يعرف .
• الخطيب يفكر والمستمع لا يفكر .
• الخطيب يختار ويفرض اختياره والمستمع يذعن .
• الخطيب يتصرف والمستمع يعيش في وهم التصرف من خلال عمل الخطيب .

وبهذه المعاني ؛ يرى الدكتور القس إكرام لمعي .. أن الخطيب ـ في الفكر المسيحي ـ هو الذي يملك زمام الأمور .. وهو المهيمن الذي يسيطر على فكر المتلقي أو الفرد المسيحي وبالتالي يملك الخطيب المسيحي القدرة على القيام بعمليات غسيل المخ المنظمة للفرد المسيحي حيث يضع أو يبث في عقل الفرد المسيحي ما يشاء من أفكار هو يرغبها .. ومن ضمنها الترهيب من الفكر الإسلامي .. والإيمان بالعقيدة الألفية السعيدة .. ومقدمتها الضرورية الخاصة بإبادة شعوب العالم الإسلامي .. ومحو الإسلام من الوجود .

والمعروف أن المسيحية بشكلها الحالي قد شكلتها قرارات المجامع الكنسية ـ على طول تاريخ الكنيسة ـ مستندة في ذلك إلى رسائل بولس الرسول فقط .. ولهذا يطلق عليها عادة : "مسيحية بولس" وليست : " مسيحية المسيح " [4] . ولهذا يحذر السيد المسيح قومه من الأنبياء الكذبة التي سوف تأتي من بعده ليحرفوا رسالته فيقول لهم ..

[ (15) احترزوا من الأنبيـاء الكذبـة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة (16) من ثمارهم تعرفونهم . هل يجتنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا (17) هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة . وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارا رديّة ] [5]
( الكتاب المقدس : إنجيل متى : {7} : 15 - 16 )

وربما لا ينطبق هذا التحذير بمعناه الحرفي على أحد .. بقدر ما ينطبق على بولس ( الرسول ) نفسه .. كما سنرى ذلك في الفقرات التالية ..

• شاول ( الحاخام اليهودي ) .. أو بولس الرسول ..

بولس الرسول ( 3 م. ـ 62 م. ) : واسمه العبري " شاول " .. كان مواطنا رومانيا يهوديا .. ولد في العام الثالث بعد الميلاد في مدينة : " طرسوس : Tarsus " [6] .. بجنوب تركيا من أبوين يهوديين من نسل إبراهيم . وكان أبوه فريسيا من سبط بنيامين ابن يعقوب ( أي إسرائيل ) ( رومية 11 : 1 ) . وكان بولس لا يؤمن بألوهية المسيح . كما كان لا يرى في أتباع المسيح سوى خطرا دينيا وسياسيا على الدولة . لذا قام باضطهادهم بقسوة بالغة وطاردهم داخل وخارج أورشليم ( القدس ) .

وفي طريق رحلته من أورشليم إلى دمشق .. للقبض على المسيحيين الفارين من أورشليم قال : بأن المسيح قد تراءى له وقاده إلى الإيمان بـه ( سفر أعمال الرسل 22 : 1 – 11 ) ومنذ ذلك التاريخ عمل بولس في نشر الديانة المسيحية .. حيث كتب أربعة عشر رسالة ( هذا بفرض أنه كاتب الرسالـة إلى العبرانيين ) .. والتي تم ضمها جميعا إلى الكتاب المقدس .. واتخذت أساسا فيما بعد ـ من خلال قرارات المجامع الكنسية المسكونية ـ لتشكيل الديانة المسيحية بشكلها الحالي .. والتي وصلت إلى حد نسبة الديانة المسيحية نفسها إلى بولس .. ولهذا أطلق عليها لقب " مسيحية بولس " .

وتنقل بولس في أثناء تبشيره بالديانة المسيحية .. إلى عدة دول ( منها : قبرص ، إنطاكية ، أورشليم ، سوريا ، روما ) إلى أن قتل في روما في : 22 فبراير عام 62 م. [عن : موسوعة الإنكارتا ] . ويوجـد رأي آخر يقول بأنه استشهد في حريق روما أيام نيرون في يوليو 64 م. [ عن : قاموس الكتاب المقدس . كما قال القاموس ـ أيضا ـ بالرأي السابق التي قالت به الموسوعة ] .

وكانت مدينة " طرسوس " التي نشأ فيها بولس مركزا هاما للعلم و " للفلسفة الرواقية : Stoicism " .. التي ركزت تعاليمها على الأخلاق كما نادت بوحدة الوجود . وقد ظهر تأثير هذه الفلسفة في كثير من تعبيرات بولس عن المبادئ المسيحية .. كما قال بهذا قاموس الكتاب المقدس ( ص : 196 ) . وهو ما يعني أن بولس كان ذا خلفية ثقافية ملمة بالفلسفة اليونانية إلى جانب إلمامه بالثقافة اليهودية ( العهد القديم ) .. بحكم كونه يهوديا .

ونبدأ بتقديم بولس ( Paul ) لنفسه في رسالته إلى أهل رومية ( أي إلى أهل روما ) .. فنجده يقول ..

[ (1) بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولا ( apostle ) المُفْرَزِ ( separated ) لإنجيل الله ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 1 : 1 )

ونلاحظ في هذا النص أن تعبير " المدعو رسولا " تعني أن لفظ : " رسول " .. هو لفظ أو لقب اختاره بولس لنفسه ولا يعني أنه " رسول " بالمعنى الحرفي للكلمة مثل موسى ( u ) . وربما الكلمة الإنجليزية ( apostle ) والتي تعني " حواري " وليس نبيا ـ كما تأتي في نسخة الملك جيمس الإنجليزية ـ هي كلمة أكثر دقة في وصف طبيعة بولس على أنه حواري وليس رسولا .

ويقول التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ( ص : 2373 ) عن معنى هذه الفقرة :

[ عندما آمن بولس ، اليهودي المتعصب الذي كان يضطهد المسيحيين ، استخدمه الله لنشر الإنجيل في كل العالم .. ] ( انتهى )

وهكذا ؛ لم تكن لبولس أي رسالة خاصة .. بل تركزت كل مهمته ( وفي حدود فهمه ) على التبشير أو نشر الإنجيل كما يفهمه .. كما يقول هو بهذا أيضا ..

[ (19) بقوّة آيات وعجائب ، بقوة روح الله . حتى إني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون ( مقاطعة إليريكون ) قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15 : 19 )

ويتأكد هذا المعنى أيضا في النص التالي ..

[ (16) أقول أيضا لا يظن أحد أنى غبي . وإلا فاقبلوني ولو كغبي لافتخر أنا أيضا قليلا . (17) الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب بل كأنه في غباوة في جسارة الافتخار هذه ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 16 - 17 )

وكما نرى ؛ هو نص يقطع بأن بولس ( Paul ) .. ليس رسولا أو نبيـا بل يحاول دخول منتدى الأنبياء .. بدون وحي ..!!! فبولس يعترف صراحة بأن .. [ .. الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب بل كأنه غباوة .. ] .. أي أن كلامه ليس وحيا .. بل مجرد " غباوة " منه وله الحق في أن يفتخر بهذه الغباوة .. كما في الترجمة الحديثة لنفس هذا النص ..

[ (16) أقول مرة أخرى : لا يظن أحد أنى غبي وإلا ، فاقبلوني ولو كغبي . كي أفتخر أنا أيضا قليلا . ]
( الكتاب المقدس ـ كتاب الحياة : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 16 )

ويحاول بولس أن يرفع من شأن نفسه .. بادعائه بأنه ليس أقل من الرسل المتميزين في شيء على الرغم من أنه لا قيمة له .. وعلى الرغم من غبائه الذي يفتخر به صراحة ..

[ (11) قد صرت غبيا وأنا افتخر . أنتم ألزمتموني لأنه كان ينبغي أن أُمدح منكم إذ لم انقص شيئا عن فائقي الرسل وإن كنت لست شيئا . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 12 : 11 )

وربما الترجمة الحديثة لهذا النص أكثر وضوحا لهذا المعنى ..

[ (11) ها قد صرت غبيا ! ولكن أنتم أجبرتموني ! فقد كان يجب أن تمدحوني أنتم ، لأني لست متخلفا في شيء عن أولئك الرسل المتفوقين ، وإن كنت لا شيء ]
( الكتاب المقدس ـ كتاب الحياة : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 12 : 11 )

فكما نرى ؛ أن بولس يعترف بغبائه صراحة .. ومع ذلك يحـاول كسب إطـراء ومديح الناس [ .. فقد كان يجب أن تمدحوني .. ] . ويرى ـ وفي حدود فهمه القاصر ـ أنه لا يقل عن الرسل في شيء ..!!! وليس هذا فحسب .. بل يتكلم ـ بولس ـ أحيانا كمختل العقل عندما يحاول أن يبين أنه أهم وأفضل خدام المسيح .. لأنه احتمل الكثير ..

[ (22) أهم عبرانيون فأنا أيضا . أهم إسرائيليون فأنا أيضا . أهم نسل إبراهيم فأنا أيضا (23) أهم خدام المسيح . أقول كمختل العقل . فأنا أفضل . في الأتعاب أكثر . في الضربات أوفر . في السجون أكثر . في الميتات مرارا كثيرة .]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 23 )

ولا يصح القول أن بولس اضطر إلى أن يقول هذا لأن الناس تشككت في رسالته كما يقول قداسة البابا شنودة الثالث [7] ..!!! ففي جميع الأحوال لا يصح للرسول أن يتكلم كمختل العقل .. فكيف تثق الناس في من يتكلم كمختل العقل ..؟!!!

وكان بولس يرى أنه ليس متخلفا ـ في أي شيء ـ عن الرسل المتفوقين أو المتميزين على الرغم من تصريحه بأنه غبي ولا يساوي شيئا ..!!! بل ومازال ـ بولس ـ يعتقد في هذا .. على الرغم من عاميته في الكلام ..

[ (5) لأني أحسب أني لم انقص شيئا عن فائقي الرسل ( الرسل المتفوقين ) . (6) وإن كنت عاميا في الكلام فلست في العلم بل نحن في كل شيء ظاهرون لكم بين الجميع . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 5 )

ويسعى بولس إلى كسب الناس بأي ثمن .. حتى وإن تنازل عن مسيحيته حين يقول ..

[ (19) فإني إذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لأربح الأكثرين ( أي : لكي أربح أكبر عدد منهم ) . (20) فصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود . وللذين تحت الناموس ( الشريعة ) كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس (21) وللذين بلا ناموس ( أي : بلا شريعة ) كأني بلا ناموس ( أي : بلا شريعة ) . مع أني لست بلا ناموس الله بل تحت ناموس للمسيح لأربح الذين بلا ناموس . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 9 : 19 – 21 )

وهو نص يعكس فلسفة بولس بصفة عامة .. فهو يتلون بأي لون .. وبأي ديانة في سبيل كسب إعجاب النـاس وإطرائهم ( وللذين بلا ناموس أي بلا شريعة .. كأني بلا ناموس أي بلا شريعة ) فهو يريد أن يربح الجميع بأي ثمن .. حتى وإن اعتنق الوثنية ..!!!

وبديهي ؛ مثل هذا الفكر لا يمكن أن يكون وحيا بأي حال من الأحوال . فالوحي الإلهي الصادق ( العهد الحديث ) يجب أن يكون مستقلا عن قبول ورفض الناس للرسول . فما على الرسول إلا البلاغ بالدين الحق فحسب سواء قبل به الآخرون أم رفضوه .. فلا يحق للرسول أن يتلون مع الجماعات وإلا فقد الدين ( أو البلاغ الإلهي ) مغزاه .. وهذا هو القول الإلهي الفصل للرسول الكريم ..

) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (
( القرآن المجيد : هود (11) : 57 )

أي فإن تولوا .. أي إن أعرضوا عن الرسول ( أي رسول أو نبي ) .. فيقول لهم : لقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم . فإن أخذتم به فهو حظكم .. وإن تركتوه فسوف يستخلف الله ( U ) قوما غيركم يأخذوا به .. ولا تضرونه شيئا بتركم له . وتتوالى الآيات في القرآن المجيد ( العهد الحديث ) لتبين أن عند إعراض الناس عن الرسول .. فليس له دور سوى البلاغ ..

) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (82) (
( القرآن المجيد : النحل (16) : 82 )

ويتناهى الفكر الرياضي والإحكام الصياغي .. لهذه المعاني .. في قوله تعالى ..

) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112) (
( القرآن المجيد : الأنبياء (21) : 109 - 112 )

) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء .. ( .. أي إن أعرضوا عنك فقل لهم سنفترق ـ الآن ـ بعد أن تساوينا في معرفة الحق .. ليحملوا أوزارهم كاملة . وأرجو من رجال الدين المسيحي مقارنة هذه الصياغة .. بالصياغة الهابطة التي قال بها بولس الرسول .. الغبي .. المتلون .. المنافق .. الذي يتكلم كمختل العقل .. على حد تعبيره ووصفه لنفسه ..!!! وترد كلمة " تولوا " في القرآن المجيد 33 مرة .. لتحمل من المعاني .. ما تجعلنا نخر سجدا وبكيا لله ( I ) .. لا نوفيه حق جلاله ..!!!

إذن ؛ فرسالة الرسول تنحصر في تنفيذ الأوامر الإلهية فحسب وعليه تنفيذها بخشوع يصل إلى حد زلزلة النفس والجسد معا .. كما جاء في قول الله تعالى لرسوله الكريم ..

) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) (
( القرآن المجيد : الحجر (15) : 94 )

وهو أمر يزلزل كيان الرسول وتابعيه .. ويعجز الفكر واللسان عن شرح معناه .. ) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ .. ( حيث لا يمكن فهم هذا المعنى .. إلا بربطه بقوله تعالى عند وصف تأثير نزول القرآن المجيد على الجبال ..

) لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (94) (
( القرآن المجيد : الحجر (15) : 94 )

واترك لرجال الدين المسيحي التأمل و) .. لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( في هذه المعاني ..!!!

والسؤال الآن ؛ هل كان محمد ( r ) يسعى لمجد شخصي أو كسب الآخرين .. كما كان بولس يسعى لذلك ..؟!!! فها هو قول الحق تبارك وتعالى له في قرآنه المجيد ( العهد الحديث ) ..

) قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) (
( القرآن المجيد : سبأ (34) : 47 )

فكما نرى أن أجر الرسول هو على الله ( U ) .. أما الفرد الذي آمن فأجره لنفسه .. فهو المستفيد الأول والأخير من إيمانه بنيله الخلاص المأمول .. بتحقيق الغايات من خلقه والذي يتلخص في : الإيمان المبني على العقل .. أي " الإيمان العاقل " .. والعمل بالشريعة ( أي ضرورة القيام بالأعمال الصالحة ) . والعمل بالشريعة ليس بدعا .. بل هي أوامر وأحكام الله ( I ) الواجب اتبـاعها لكل من يؤمن به .. على طول رسالاته . فهذا قوله تعالى لموسى ( u ) ..

[ (16) هذا اليوم قد أمرك الرب إلهك أن تعمل بهذه الفرائض والأحكام ( الشريعة ) فاحفظ واعمل بها من كل قلبك ومن كل نفسك ]
( الكتاب المقدس : تثنية 26 : 16 )

ونعود مرة أخرى .. إلى بولس الرسول ( أو بولس الحواري ) فنجده يحاول ـ كذلك ـ نفي تهمة الكذب عن نفسه في رسائله المختلفة ..

[ (31) الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي هو مبارك إلى الأبد يعلم أنى لست أكذب . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 31 )

[ (20) والذي اكتب به إليكم هو ذا قدّام الله أنى لست أكذب فيه . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 1 : 20 )

[ (7) .. الحق أقول في المسيح ولا أكذب . معلّما للأمم في الإيمان والحق ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تيموثاوس 2 : 7 )

وهكذا ؛ يتوالى دفاع بولس ( الرسول ) عن نفسه على طول رسائله .. بأنه لا يكذب ..!!! تماما ؛ كما كان دائم الدفاع عن غبائه على النحو الذي رأيناه في النصوص السابقة ..!!! كما كان بولس يطلب دائما من الناس احتمال غبائه ..

[ (1) ليتكم تحتملون غباوتي قليلا . بل أنتم محتملي ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 1 )

وليس أدل على أن الرسالة من منظور بولس هي مجرد تنافس ومزاحمة في تفسير النصوص مع آخرين .. من النص التالي ..

[ (12) ولكن ما أفعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجَدوا كما نحن أيضا في ما يفتخرون به (13) لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 12 – 13 )

ولهذا يرمي بولس ـ دائما ـ الآخرين بالكذب .. وبأنهم رسل كذبة .. والغرض النهائي من هذا كله ـ من وجهة نظره ـ هو التفاخر .. وتحقيق الذات ( Self actualization ) بالمفهوم العصري ..!!! وهكذا ؛ لم تكن الرسالة من منظور بولس سوى صراع فكري مع الآخرين لتحقيق ذاته .. [ .. ما أفعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجَدوا كما نحن أيضا في ما يفتخرون به ] .

فهذا هو بولس الحواري ( وليس الرسول ) في عجالة سريعة .. الرجل الذي شكل العقيدة المسيحية التي نراها الآن .. وهذا هو وصفه لنفسه ولصفاته [8] . والآن ؛ هل يوجد رسول يقول لقومه : ها قد صرت غبيا .. وأنتم أجبرتموني على هذا الغباء ..؟!!! وليتكم تحتملون غباوتي ..!!! وإني أتكلم كمختل العقل ..!!! كما كان يحاول أن يبين بأنه لا يقل عن الرسل في شيء .. [ لست متخلفا في شيء عن أولئك الرسل المتفوقين ] حتى وإن كان لا قيمة له .. [ وإن كنت لا شيء ] .. أي أن الرسل لا قيمة لهم ..!!! كما كان يدافع عن نفسه دائما وبأنه لا يكذب [ .. أنى لست أكذب ] .

كما كان يسعى إلى كسب المجد الشخصي .. [ .. فقد كان يجب أن تمدحوني ] .. ويتلون في نفاق الناس لكسبهم .. إلى حد التظاهر بالوثنية ( وللذين بلا ناموس .. أي بلا شريعة كأني بلا ناموس .. أي بلا شريعة ) .. أي هو يريد أن يربح الناس بأي ثمن إلى حد التظاهر بأنه وثني .. وكافر .. وبلا شريعة ..!!! فهـل يمكن أن تكون هذه شخصية رسول ..؟!!! سبحان الله ..

) .. أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78) (
( القرآن المجيد : هود (11) : 78 )
[ رشيد : عاقل .. ]

ومـاذا يوجد في المقابل في الدين الإسلامي ..؟ ففي الوحي الإلهي الصادق ( العهد الحديث ) يصف المولى ( U ) .. رسالة محمد ( r ) ..

) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) (
( القرآن المجيد : النجم {53} : 3 - 5 )

وأرجو من رجال الدين المسيحي إعادة قراءة هذه الآيات الكريمة عدة مرات حتى يمكنهم إدراك معناها .. وهل تنبه رجال الدين المسيحي إلى أن الرسول يجب أن : لا ينطق عن الهوى .. إن هو إلا وحي يوحى .. وأن الدين علم : ) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( .. وليس خرافات وأساطير وجهل وغباء .. وسعي لتحقيق الذات ..!!!

وبالمناسبة .. لم ترد ذكر كلمة " وحي " في رسائل بولس إلا مرة واحدة ( رومية 11 : 4 ) وهو يتكلم عن " إيليا النبي " .. وليس عن نفسه . فهل تنبه إلى هذا المخدوعون ..؟!!!

فالرسول يجب أن يقوده الوحي الإلهي الصادق في كل ما ينطق به .. كما جاء في قوله تعالى عن رسالة محمد ( r ) ..

) .. إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ (50) (
( القرآن المجيد : الأنعام {6} : 50 )

أود أن يقرأها المخدوعون عدة مرات حتى ينتبهوا لحقيقة ما يؤمنوا به .. وحقيقة الوحي الإلهي الصادق . فالقضية الدينية ـ إذن ـ هي قضية علمية يجب أن يسودها العقل والمنطق .. وليست قضية يسودها الجهل والغباء : ) .. أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ( ..!!!

• وقفة عقلانية ..

كما رأينا ـ من الفقرات السابقة ـ أن بولس لم يكن سوى أحد الذين بشروا بالإنجيل .. أي إنه كان واحدا من المفسرين الأوائل للإنجيل ( أو للأناجيل ) فحسب . واعترف هو بذلك صراحة كما اعترف بأنه لم يكن يتكلم عن وحي جاء إليه من السماء .. بل كان يتكلم عن ثقافة شخصية يدين بها لثقافة عصره ( وبغض النظر عن غبائه باعترافه الشخصي ) ..!! والمعروف ـ الآن ـ أن بولس كتب أربعة عشر رسالة ( هذا بفرض أنه كاتب الرسالـة إلى العبرانيين ) وقد تم ضمها جميعا إلى الكتاب المقدس واتخذت هذه الرسائل فيما بعد ـ من خلال قرارات المجامع المسكونية ـ الأساس الكامل لتشكيل الديانة المسيحية بشكلها الحالي . فبولس هو الذي قرر ألوهية المسيح .. وهو الذي قال ببنوة المسيح الحقيقية ( التثليث ) .. وهو الذي قال بالخطيئة الأصلية .. وهو الذي قال بالإيمان في الفداء والصليب .. إلى آخره . وهكذا ؛ نسبت الديانة المسيحية نفسها إلى بولس وليس إلى المسيح ..!!!

والسؤال الآن :

أولا : كيف ساغ لرجال الدين المسيحي القيام بضم تفاسير بولس ( أي رسائل بولس ) إلى الأناجيل ( هذا بغض النظر عن صحتها ) .. واعتبار هذه التفاسير ( أي الرسائل ) جزءا أصيلا ومكملا أو متمما للديانة المسيحية نفسها ..؟!!!

ثانيا : كيف ساغ لرجال الدين المسيحي اعتبار رؤية بولس للمسيحية هي الرؤية الوحيدة والصحيحة للديانة المسيحية .. وفرضها على الجميع بالقوة ( وهي الرؤية التي شكلت الديانة المسيحية فيما بعد ) . بل وحرمت هذه الرؤية الآخرين من رؤية المسيح على حقيقته [9] ..؟!!!

ثالثا : هل صدقت رؤية بولس في فهم وتفسير الديانة المسيحية ..؟!!! وهو ما تم الإجابة عليه في كتابات الكاتب السابقة ؛ والتي انتهت إلى نقل المسيحية من حيز العقل إلى حيز الأسطورة والخرافة ..!!!

ونلاحظ هنا ؛ لو قام رجال الدين الإسلامي باتباع نفس هذا المنهاج .. للزم أن يقوموا بإضافة التفاسير الأولى للقرآن المجيد ( مثل : تفسير الطبري .. والقرطبي .. وابن كثير .. إلخ ) إلى القرآن المجيد نفسه .. وهو ما يعني اختلاط النص الإلهي أو الوحي الإلهي بالنصوص البشرية . ولكن هذا لم يحدث في الدين الإسلامي . بل حتى السنة النبوية الشريفة ( أي كل ما صدر عن الرسول r من قول أو فعل أو تقرير ) لم تضاف إلى نصوص القرآن المجيد .. بل صنفت بشكل مستقل عنه وخضعت للتدقيق والبحث والتمحيص .. كما تم تصنيف الأحاديث من حيث الدقة والتواتر من قِـبَـل العلماء ورجال الدين الإسلامي .

وعموما هذا ليس بمستغرب على الفكر المسيحي .. لأن الأناجيل نفسها قد كتبت بلا وحي من السماء ( حيث لم ترد ذكر كلمة " وحي " في الأناجيل الأربعة على الإطلاق لتعبر عن كتابة هذه الأناجيل ) [10] . بل كتبت هذه الأناجيل كقصص تعبر عن رؤية كاتبيها للأحداث الجارية في فترة حياة المسيح .. حيث نرى هذا بوضوح في رسالة لوقا كاتب ( إنجيل لوقا ) . فإنجيل لوقا لم يخرج عن كونه رسالة كتبها " لوقا " إلى شخص يدعى ثاوفيلس ( لم يذكر التفسير التطبيقي صلته بلوقا ) ليقص عليه الأحداث التي رآها في تلك الفترة .. كما جاء ذلك في افتتاحية إنجيله الذي يقول فيه ..

[ (1) إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا (2) كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة (3) رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ( أو صاحب السمو ) ثاوفيلس (4) لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به (5) كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا .. ]
( الكتاب المقدس : إنجيل لوقا {1} : 1-5 )

أي أن إنجيل لوقا ( الإنجيل الثالث من الكتاب المقدس ) .. هو بمثابة " قصة " ( عن رواية لوقا ) عن الأحداث التي وقعت في هذه الفترة من حياة السيد المسيح ..!! وهكذا ؛ كان تدوين باقي الأناجيل ـ عن رواية متى .. وعن رواية مرقص .. وعن رواية يوحنا ـ أي كتابة قصة الأحداث التي تمت في هذه الفترة من حياة السيد المسيح عن رواية الكاتب نفسه ورؤيته ومدى فهمه واستيعابه للأحداث فحسب وبدون وحي .. حيث لم ترد ذكر كلمة " وحي " على نحو قطعي في الأناجيل الأربعة إلا على النحو السابق ذكره في الهامش العاشر . والمعروف أن الأناجيل دونت ما بين عام 70 وعام 115 .. وأن لا أحد من كتّاب الأناجيل عرف يسوع المسيح أو استمع إلى حديثه . كما كتبت هذه الأناجيل باللغة اليونانية بينما كان يسوع يتكلم الآرامية . وهذه فروق جوهرية في كتابة الأناجيل وتدوين القرآن المجيد .

وفي المقابل ؛ إذا جئنا إلى موضوع الوحي في الفكر القرآني ( العهد الحديث ) .. فنجد أن " الوحي " في غاية من الوضوح .. لا لبث فيه ولا غموض . فالمولى ( U ) يقول لرسوله الكريم ..

) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (50) (
( القرآن المجيد : الأحزاب {33} : 2 )

والوحي ليس بجديد في الفكر الديني .. بل هو سمة العلاقة بين المولى ( U ) والرسل .. على مدار العلاقة بين السماء والأرض . ولهذا يأتي قوله تعالى لمحمد ( r ) ليقول للبشرية ..

) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (9) (
( القرآن المجيد : الأحقاف {46} : 9 )

كما تتناهى معاني الرسالة والرسول في قوله تعالى ..

) وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) (
( القرآن المجيد : الإسراء {17} : 105 )
ونكتفي بهذا القدر ..

• علم بولس الرسول ..

وفي هذه الفقرة سوف نعرض لعلم بولس نفسه . فنجد أن بولس يعترف صراحة بأنه يدين بعلمه للجهلاء .. كما يدين للحكماء أيضا .. ولفلاسفة اليونان ..

[ (14) إني مديون لليونانيين والبرابرة للحكماء والجهلاء . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 1 : 14 )

أي أن رسالته ـ كما نرى من هذا النص ـ هي خليط من الثقافات .. ونوع من الفوضى الكتابية والفكرية . ويتناقض بولس ـ في هذا ـ مع " إله المسيحية " [11] الذي يرفض حكمة الحكماء .. وفهم الفهماء ..!!!

[ (19) لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء . (20) أين الحكيم . أين الكاتب . أين مباحث هذا الدهر . ألم يجهّل الله حكمة هذا العالم . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1 : 19 – 20 )

فكما نرى ؛ أن بولس يقبل بالحكمة والجهل معا .. بينما إلهه .. " إله المسيحية " يرفض الحكمة .. ولا يقبل إلا بالجهل ..!!! فـ " إله المسيحية " .. لم يرى في حكمة هذا العالم سوى الجهل .. حيث يبين لنا بولس أن هذا الإله لا يقع اختياره إلا على الجهلة فقط .. بل ويفضلهم على أهل الحكمة ..

[(27) بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء . واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1 : 27 )

وبديهي ؛ إذا اعتبر بولس نفسه من اختيار الرب فهو جاهل ـ على حسب هذا النص ـ وليس من الحكماء ..!!! ويلخص لنا بولس الرسول أن : " فكرة الفداء والصلب " ـ أي محور الديانة المسيحية ـ لا يمكن أن تسود إلا في غياب العقل والحكمة .. وغياب الفهم .. بل وتصلح مع الجهلة فقط ..

[ (18) فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله . (19) لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء . (20) أين الحكيم . أين الكاتب . أين مباحث هذا الدهر . ألم يجهّل الله حكمة هذا العالم . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1 : 18 - 20 )

ويبين لنا " بولس " .. أن " إله المسيحية " يرى طريق الجهل والحماقة .. هو الطريق الأمثل لمعرفته ..

[ (21) لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة (أي بحماقة البشارة : by the foolishness of preaching)]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 1 : 21 )

أي أن الخالق قد استحسن أن يكون الطريق إليه .. هو " طريق الجهل والحماقة " ..!!! ولهذا يقدس بولس الجهل .. ويرفعه فوق الحكمة ..

[ (18) لا يخدعنّ أحد نفسه . إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلا لكي يصير حكيما . (19) لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم . (20) وأيضا الرب يعلم أفكار الحكماء أنها باطلة . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 3 : 18 - 20 )

فهذا هو فكر " إله المسيحية " عن الحكمة والحكماء .. فهو يرى أن أفكار الحكماء باطلة ..!!!

وماذا في المقابل .. في الوحي الإلهي الصادق ( العهد الحديث ) .. يأتي ذكر " الحكمة " مقترنة بمفهوم العلم والوحي .. كما في قوله تعالى ..

) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151) (
( القرآن المجيد : البقرة {2} : 151 )

وتقترن الحكمة ـ دائما ـ في الفكر الإسلامي .. بالخير ( وبكل الخير ) للإنسان .. وأنها هبة وعطاء من الله ( I ) ..

) يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269)

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((((((((((( (((( إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى ))))))))))))))))


الاستاذ علاء ابو بكر
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشارك بهذه المشاركة الصغيرة نقلا من كتاب (إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى)

الكتاب المقدس والمسيحية وضرب الزوجة وتعذيبها:
يعترض اليهود والنصارى ومن تابعهم من العلمانيين على إباحة الإسلام للرجل أن يضرب زوجته فى تأديب ، ضرباً غير مبرح ، حدده ابن عباس بالسواك أو ماشابهه، ولا يحل له صفعها على وجهها أو تعذيبها بأى صورة من الصور. ويكون الضرب مفرقاً على أنحاء مختلفة من الجسم.

هل يُعقل أن يعترض صاحب كتاب كمم فيه الرب امرأة جالسة ، وأسماها الشر ، وطرح ثقل الرصاص على فمها؟ فترى ماذا سيفعل المؤمن مجاملة لربه إذا أراد أن يؤدبها؟ (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8

"تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق الألاف منهن أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "

وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل).

ويقول توماس الإكوينى: (المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطرياً من قبل الأب والابن والزوج)

أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "

وقال الفيلسوف نتشه: (إن المرأة إذا ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).

لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).

ولذلك: (ظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)؟؟

ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)

ولذلك: كان شائعاً فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"

ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801 م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)

ففى سنة 1790 بيعت امرأة فى أسواق انجلترا بشلنين ، لأنها ثقلت بتكاليف معيشتها على الكنيسة التى كانت تؤويها. وبقيت المرأة إلى سنة 1882 محرومة من حقها الكامل فى ملك العقار وحرية المقاضاة. (المرأة فى القرآن ، عباس العقاد ص 111-112)

وفى القرن الخامس الميلادى اجتمع مجمع باكون وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية ، التى تنجيها من جهنم ، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.

فهل يُعقَل أن الذى أمر بكره الأم والإبنة والأخت لتكون تلميذاً له قد أكرم المرأة؟ فماذا كان سيقول الشيطان إذن فى هذا الموقف؟ (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26

وهل تريد أن تقول أن الذى يأمر بقتل النساء والأطفال الرضع كان رحيما على المرأة التى كانت السبب الأوحد فيما تسمونه الخطيئة الأزلية؟ (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً») صموئيل الأول 15: 3

وهل تعتقد أن الرب الذى أمر بإخراج الشعب من رجال ونساء وأطفال وقتلهم بالمناشير والنوارج الحديد والفؤوس كان رحيماً بهذا العمل على المرأة؟ (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3

وهل تؤمن أن الرب الذى أمر بالإمساك بالأطفال وضرب الصخر بهم كان أو سيكون رحيماً على المرأة؟ (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9

وهل يصدق عقل أن الرب الذى أمر بتحطيم الأطفال وشق بطون الحوامل سيكون رحيماً على المرأة؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16

وهل أمر الرب الصريح بعدم الشفقة والقتل للهلاك والإبادة للشيوخ والشباب والأطفال والنساء كافة سيكون رحيماً عليهن؟ ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. ...) حزقيال 9: 5-1؟؟؟؟============================================================================((((( الطهارة بين الاسلام و المسيحية )))))))))))))))))))))))))))))))
مني محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوانى و اخواتى
عفوا ان كنت سأتناول هذا الموضوع الحساس فأسمحوا لى
سألت زميلة مسيحية لى فى يوم من الايام هل تقومون بالتطهر؟ ( كان سؤالى نابع من عدم مقدرتى من تبادل اى شىء منها احساس فطرى بعدم الارتياح)
فردت علية ماذا تقصدين؟ هل تقصدى الاستحمام؟ قلت لها لا فالاستحمام يمارسه كل البشر
انا اقصد التطهر بعد الجنابة و الحيض و ما الى ذلك!
فنظرت الى بأستغراب و قالت حسب الظروف نستحم ليس عندنا ما ينص على ذلك و ليس عندنا شعائر مخصصة
فكانت لى الصدمة الكبرى فقررت ان آتى بهذه المقارنة البسيطة بين المسيحية و الاسلام دين الطهرة (طهارة النفس و الجسد)
و سوف اتناول الطهارة فى المسيحية من وجهة نظر الكتاب المحرف بالطبع لأنها بعسيدة كل العد عما نادى به عيسى
فإن المسيح صلوات الله وسلامه عليه كان يتدين بالطهارة، ويغتسل من الجنابة، ويوجب غسل الحائض.
وطوائف النصارى عندهم أن ذلك كله غير واجب، وإن الإنسان يقوم من على بطن المرأة، ويبول، ويتغوط، ولا يمس ماء، ولا يستجمر، والبول والنجو ينحدر على ساقه وفخذه، ويصلي كذلك، وصلاته صحيحة تامة، ولو تغوط وبال وهو يصلي لم يضره فضلا عن أن يفسو أو يضرط، ويقولون: إن الصلاة بالجنابة، والبول، والغائط أفضل من الصلاة بالطهارة، لأنها حينئذ أبعد من صلاة المسلمين، واليهود، وأقرب إلى مخالفة الأمتين.
الراهب والقسيس يغفر ذنوبهم!! ويطيب لهم نسائهم!!!
وليس عند النصارى على من زنا أو لاط، أو سكر، حد في الدنيا أبدا، ولا عذاب في الآخرة؛ لأن القس والراهب يغفره لهم، فكلما أذنب أحدهم ذنبا أهدى للقس هدية، أو أعطاه مالا، أو غيره، ليغفر له به!!

وإذا زنت امرأة أحدهم بيّتها عند القس ليطيبها له فإذا انصرفت من عنده، وأخبرت زوجها أن القس طيبها قبل ذلك منها وتبرك به!!!

وقد استند آباء الكنيسة إلي أنَّ المسيح لم يهتم بالجنس. وتعليقاته في هذا الموضوع نادرة، " خاصّة بالنسبة لملاحظاته العديدة عن الثرة وشهوة التملّك وإشارات الجنس في كلام المسيح قصد بها هدف آخر مثل الحديث عن " زنا القلب " أي التأكيد علي أنَّ الأعمال بالنيّات.

ويتفق رأى السيدة " راى تناهيل " مع رأينا إذ تقول: " يبدو أنَّ الكنيسة اعتبرت المرأة الررمانية النموذج المضاد. لكل ما يجب أن تكون عليه المرأة المسيحية "، ولذا اعتبرت تجمل المرأة من المحرمات، أما الجمال الطبيعي، فهو مكروه ويُستحسن إهماله وطمسه حتّي لا يظهر حيث أنَّه خطر علي كل من ينظر إليه

حتي النظافة كانت مكروهة، فالذي اغتسل في المسيح لا يحتاج إلي استحمام (ص 136 الجنس في التاريخ والنص عن ترتوليان).

" كان الطاعون أكثر فتكًا في المسيحيين منه في المسلمين واليهود، لأنَّ النظافة (Darlington pp. 300)

لم تكن من عقيدة المسيحيين فكما قال سان جيروم " الذي اغتسل في دم المسيح لا يحتاج إلي تنظيف " وتعلّق المؤلفة " ولكن يبدو أنَّ نظافة الروح لم تفدْ كثيرًا في مقاومة البراغيث التي تنقل الطاعون ".

أما الطهارة فى الاسلام فمعناها واسع فالإسلام دين بُني على النظافة والطهارة بمعناها الواسع ماديّة ومعنويّة; قال تبارك

وتعالى في سورة البقرة 222:{ إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } وقال

تعالى في سورة المائدة 6: {وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}َ

ولذا فإنّ معنى الطهارة عند المسلمين من المعاني المعلومة التي لاتحتاج إلى مزيد بيان حيث أنّ هناك شطراً عظيماً من المسائل الدينيّة تدور حول الطهارة وما يقابلها من النجاسة والحدث ومن كثرة الإستعمال ومزاولة المتشرعة اليومية للطهارة والتطهير أصبحت الطهارة من الحقائق الشرعيّة أو المتشرعية على حدّ تعبير الا ُصوليين.
الطهارة الشرعيّة إمّا خبثيّة وإمّا حدثيّة:
من الواضح أنّ الطهارة والنجاسة والحدث من الا ُمور الإعتبارية التي اعتبرها الشارع المقدّس، فإنّ الشارع قد اعتبر عدّة أشياءٍ نجسة وعدّها خبائث، كالدم، والبول، والغائط والميتة وغيرها من النجاسات التي سيأتي بيانها في فصل مخصوص; وهذه الا ُمور قد حكم الشارع بوجوب اجتنابها والتحرّز عنها; فما اصطلح عليه الفقهاء بـ(الطهارة الخبثيّة) هو التنزّه عن هذه الخبائث وإزالتها عن الثياب والبدن ونحوها من الأدوات التي يستعملها الإنسان.
وللطهارة من هذه الأشياء وإزالة خبثها أنحاء خاصّة وأدوات خاصة اعتبرها الشارع المقدّس وسيأتي بيانها في فصل المطهرات إن شاء اللّه تعالى.
وقد تكون الطهارة طهارة حدثيّة وهذه إنّما تكون بالوضوء أو الغسل فكل حدث موجب للوضوء كالنوم وخروج البول أو الغائط ونحوها يعدّ حدثاً أصغر، وكلّ حدث يوجب الغسل كالجنابة والحيض والنفاس وغيرها يعدّ حدثاً أكبر.
و الطهرة فى الاسلام تتضمن:
طهارة الأواني
طهارة الثوب
طهارة البدن
فإليكم ثمرات الطهارة وفوائدها:

لما كانت الطهارة فيها فوائد عظيمة وثمرات جلية وحِكَم ومنافع للقلوب والأبدان، أحببنا أن نقف على بعض ثمرات الطهارة، فليس الأمر فقط غسل هذه الأطراف للنظافة والطهارة، بل إن هناك حِكماً وفوائد عظيمة في الوضوء ومصالح لا تخطر على بال كثير من الناس، من أجل هذا وغيره من الأسباب جمعنا هذه الثمرات والفوائد، وهي كثيرة نقتصر على بعض منها.
1- لما كانت هذه الأطراف هي محل الكسب والعمل، وكانت هذه الأطراف أبواب المعاصي والذنوب كلها، منها ما يكون في الوجه كالسمع والبصر، واللسان والشم والذوق، وكذا الأمر في سائر الأعضاء، كان الطهور مكفراً للذنوب كلها، أخرج الإمام أحمد والنسائي عن عبدالله الصنابحي أنه قال: { إذا توضّأ العبد المؤمن خرجت خطاياه من فيهِ، وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، وإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، وإذا غسل يديه خرجت الخطايا حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من أظافر رجليه } وعند الترمذي: { خرجت ذنوبه مع الماء أو مع آخر قطر الماء }.

فكره بعض العلماء مسح فضل الوضوء من أجل أن تطول مدة خروج الذنوب، ولأنه فضلة عبادة، وقد جاءت إحدى زوجات النبي بمنديل للنبي لمّا انتهى من وضوئه فرده وأخذ ينفض بيديه.

فالطهور إذاً مكفّر للذنوب بشرط الإسباغ. وقد استنبط محمد بن كعب القرظي في آخر آية الوضوء في سورة المائدة عند قوله تعالى: وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ [المائدة:6] قال: النعمة منها تكفير السيئات.

2- أن من ثمار هذا الوضوء، أنه سيما هذه الأمة وعلامتهم في وجوههم وأطرافهم يوم القيامة بين الأمم، وليست لأحد غيرهم. والمراد بالحلية الإكثار من الوضوء وليست الزيادة على أعضاء الوضوء.

أخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة أنه قال: سمعت النبي يقول: { أن أمتي يأتون يوم القيامة غرلاً محجلين من أثر الوضوء } وفي رواية لأحمد: كيف تعرف أمتك يا رسول الله من بين الأمم فيما بين نوح إلى امتك... فذكر الحديث.

3- ومن ثمرات الطهور تنشيطه للجوارح وزيادة في ذهاب الأخلاف التي على البدن، فيقف العبد في طهارة ونشاط، وهذا مجرّب لأن الماء يعيد إليه نشاطه وقوته وحيويته، والأبلغ منه الغسل، وقد قال رسول الله لمن أتى أهله ثم أراد أن يعود أنه يتوضأ. وبيّن في رواية للحاكم، أنه أنشط للعود، ومن هنا من أسباب انتشار الأمراض عدم الطهارة والاغتسال. وإذا بات العبد جُنباً لم يؤذن لروحه بالسجود تحت العرش كما في الحديث المشهور الذي ذكره ابن القيم في الروح.

4- ومن ثمرات الطهارة أن الوضوء سلاح المؤمن، قال عمر رضي الله عنه: إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان، ولذا استحب النوم على طهارة، فإن العبد إذا نام على طهارة بات الملك في شعاره، ومن المعلوم أنه إذا حضرت الملائكة خرجت الشياطين. وكذا يستحب لمن شرع في علاج من مسّه الجن أن يتوضأ قبل العلاج؛ لأنه حصن من الشيطان.

5- ومن ثمرات الوضوء أنه من خصال الإيمان الخفية التي لا يحافظ عليها إلا المؤمن كما أخرج الإمام أحمد من حديث ثوبان عن النبي أنه قال: { لا يحافظ على الوضوء إلا المؤمن } فمن ثمرات المحافظة على الطهارة الشهادة له بالإيمان.

6- أن من ثمرات الطهارة أنه إذا انتهى العبد من الوضوء وختمه بالشهادتين كان موجباً لفتح أبواب الجنة، أخرج الإمام مسلم عن عمر وعقبة رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: { ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو يسبغ ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له ابواب الجنه الثمانية يدخل من أيها شاء } وفي رواية للإمام الترمذي: { اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين }.
7- ومن ثمرات الطهارة وخصوصاً إذا نام العبد وهو طاهر دعا الملك له بالمغفرة كلماً انقلب في أي ساعة، فقد ثبت عند الإمام البزار - وقال الهيثمي: إسناده حسن - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: { من بات طاهراً بات في شعاره ملك - وهو الملاصق للجسم من الملابس - فلا يستيقض من الليل إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك كما بات طاهراً }، فيحصل العبد إذا نام على طهارة على ثلاث خصال، أنه يبات الملك في شعاره، ودعاء الملك له بالمغفره، وأنه إذا مات مات على طهارة مع أن النوم موتة صغرى.
8- ومن ثمرات الطهارة أن الله يرفع صاحبها بها الدرجات، أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى، قال: إسباغ الوضوء على المكاره }، فإسباغ الوضوء في البرد ولاسيما في الليل رفعة في الدرجات، ويباهي الله به الملائكة، وينظر الله إلى صاحبه.
9- ومن ثمرات الطهارة أن الوضوء في البيت ثم الخروج إلى المسجد على الطهارة يكون ممشاه نافلة حيث إن الله كفر ذنوبه بالوضوء، ويكون صاحبه زائراً لله، أخرج الإمام الطبراني - وسنده جيد - عن سلمان مرفوعاً: { من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر لله وحقاً على المزور أن يكرم الزائر }. أما قوله: وكان ممشاه نافلة، فذكره الإمام مسلم.
10- ومن ثمرات الطهارة العظيمة حب الله للمتطهرين، قال تعالى: إنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، فالطهر طهر بالماء من الحدث، وطهر بالتوبة من الشرك والمعاصي.

فانظروا رحمكم الله كم في الطهارة من ثمار، وكم تيسر للعبد من أسباب تكفير الخطايا؛ لعلّه يتطهر قبل الموت فيلقى ربه طاهراً؛ فيصلح لمجاورة ربّه في دار السلام، ولكن مع الأسف رغم هذه الفضائل إلا أننا نشاهد بعض المصلين من لا يحسن الوضوء كما ينبغي، فمنهم من ترى في وجهه بعض الأماكن لا يصلها الماء وخصوصاً طلبة المدارس كالجبهة وبجوار الأذنين، وبعضهم يغسل نصف يديه، أو ترى بعص البقع لا يصلها الماء في الكعبين إلى غير ذلك من الأخطاء والمخالفات، والحاصل أنه ينبغي للمسلم أن يتعلم صفة الوضوء الكامل ويحرص عليه.

الوضوء الكامل

1- النية قبله فيتوضأ وينوي بذلك الوضوء استحلال الصلاة لحديث { إنما الأعمال بالنيات } بخلاف لو غسل أعضاء الوضوء من أجل إزالة غبار أو وسخ، أو يتبرد به من شدة الحر فلا يعتبر وضوءًا.

2- التسمية كما ورد عنه أنه قال: { لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه }. وقد رواه تسعة من الصحابة، وقد حسّنها ابن كثير والمنذري وابن القيم وابن حجر والشوكاني؛ لأن الضعف كان من جهة الحفظ فتظافرت بمجموعها فكان درجة الحديث الحسن لغيره، لأنه لو كان الضعف من جهة كون الراوي متهمًا بالكذب فلا يعتضد بعضها ببعض.

وحكم التسمية: الصحيح من أقوال أهل العلم أنها مستحبة. وهذا قول الجمهور، وذلك لظاهر الكتاب كما في آية المائدة في صفة الوضوء فلم يأمر الله يالتسمية، وحديث الأعرابي لمّا سأل النبي عن الوضوء فقال له: { توضأ كما أمرك الله } وحُمل النفي على أنه لا وضوء كامل، والأفضل والأكمل ذكر التسمية؛ لأن من ذكر الله على وضوئه ليس كمن لم يذكر. وأما إذا كان في الحمام فيسمي بقلبه لحديث { إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي }.

3- غسل يديه ثلاثاً وهذا مستحب إلا أثناء القيام من النوم فغسل اليدين قبل الوضوء واجب؛ لحديث عنه : { إذا استيقظ أحدكم من النوم فليغسل يديه ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده }، سواء كان يصب الماء على يديه، أو كان يغرف بيده، فيلزمه غسل اليدين بعد القيام من النوم. أما إذا لم يكن نائماً فيكون الغسل مستحباً؛ لأن اليدين هي الناقل لأعضاء الوضوء فيستحب غسلها قبل إدخالها في الإناء.

4- المضمضة والاستنشاق من كفّه اليمنى بغرفة واحدة للفم والأنف ثلاث مرات، لحديث عنه : { فمضمض واستنشق ثلاثاً بثلاث } والسنة الكاملة في المضمضة إدخال الماء في الفم ثم تحريكه ثم مجه.

وحكم المضمضة والاستنشاق في أصح أقوال أهل العلم أنها سنة وليست بواجبة؛ وذلك لظاهر الكتاب كما في آية المائدة. فلم يأمر الله بالمضمضة والاستنشاق، وحديث الأعرابي لمّا سأل عن الوضوء قال: { توضأ كما أمر الله... } لكن الأفضل والأكمل فعلهما لمحافظته كما في صفة وضوئه ، وقيل في حكمة المضمضة والاستنشاق أن العبد إذا تمضمض أدرك الضرر إذا كان في الماء ضرر، كمن يتوضأ في ظلام فيدرك الضرر قبل غسل وجهه إلى غير ذلك من الحكم.

5- غسل الوجه ثلاث مرات.

6- غسل اليدين ثلاث مرات، ويجب غسل اليدين من رؤوس أطراف الأصابع إلى المرفقين، ويدخل في ذلك المرفقين لفعله ، أما الزيادة بعد ذلك، فلا تشرع لأنه لم يفعله ، أما حلية المؤمن فتحصل بالإكثار من الوضوء والمداومة عليه لا بالزيادة، فلا يشرع لأحد أن يزيد على وضوئه ، لأنه أخشى الناس وأتقاهم لله جل وعلا.

7- مسح الرأس ومنه الأذنان، ويمسح مرة واحدة من مقدمة الرأس إلى القفا، ثم العودة مرة أخرى إلى الناصية كما ورد عنه : { ثم مسح رأسه فاقبل بهما وأدبر مرة واحدة }، أما بالنسبة للمرأة فالسنة تمسح مرة واحدة إقبالاً بلا إدبار.

8- غسل الرجلين إلى الكعبين ثلاث مرات ويدخل في ذلك أيضاً الكعبين.

تنبيه: اعلم أنه يجوز للمتوضئ أن يغسل بعض الأعضاء ثلاث مرات وبعضها مرتين وبعضها مرة. فالمتوضئ مُخيّر فأعلى الكمال ثلاث مرات، وأوسطه مرتين، وأدناه مرة واحدة، ويجوز غسل بعض الأعضاء ثلاث وبعضها مرتين وبعضها مرة.

9- المحافظة على السنة القولية التي تقال بعد الانتهاء من الوضوء.

هذه هي صفة الوضوء الكامل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تعليق لمسيحي
اود ان اقول انى اريد معرفة ؟؟
كيف ان الانسان عندما "يتوضأ" تخرج الخطايا من جسدة
"هل اى خطية اعملها ثم اتوضا تخرج "وما معنى تخرج ؟ هل محيت عنى ؟
هل سوف لا احاسب عنها ؟
اريد توضيح الحديث
هل للماء هذا التاثير ؟ارجو الرد على الايميل
الرد عليه
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
وبعـــــــــــــــــــد

السلام علي من اتبع الهدي
أولا نشكر العضو ة_مني
علي هذه المقالة وهذا النقل الطيب .

1- رساله العبرانيين ((9: 14 فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح ازلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من اعمال ميتة لتخدموا الله الحي
كيف يطهر دم المسيح الضمائر ؟؟
هل الضمائر شيئ مادي مثلا يتم غسله بدم المسيح !!!
2- رساله يوحنا (( 1: 7 و لكن ان سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض و دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية ))
كيف يطهر دم المسيح كل الخطايا ؟؟؟؟ وهل كل من يؤمن بصلب المسيح محيت عنه خطاياه فلا يحاسب عليها .
3- رسالة يوحنا الأولي ((3: 3 و كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر))
كيف يمكن للرجاء أن يطهر صاحبه ؟؟؟؟؟؟

م الدخاخني؟؟؟؟=====================================================

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((((((((((((((((((((من يزرع الفتنة))))))))================بقلم / محمود القاعود
لطالما خرجت علينا الصحف المصرية كل يوم بمانشيتات عريضة من عينة : " كتاب جديد يزدرى المسيحية " و " إساءة جديدة للمسيحية " و" يعتبر امتهاناً لحقوق المواطنة : كتاب يفترى على المسيحية " و " إلى متى الهجوم على المسيحية " " كتاب جديد يُكفر الأقباط " " أستاذ جامعى يطعن فى الكتاب المقدس " .... إلخ

وتقوم الدنيا ولا تقعد ، ويخرج بعض قمامصة وقساوسة النصارى يُنددون بالكتب التى تتعرض للنصرانية ، ويقولون للعالم " نحن نتعرض لأبشع أنواع الاضطهاد الدينى " ويقومون بترجمة أجزاء من الكتب ويرسلونها للأمم المتحدة ويدخلون فى وصلة بكاء وتشنج حتى تخضع الحكومة المصرية وتُصادر الكتاب وتحرقه ، وتقوم باعتقال مؤلفه وناشره ، بالإضافة لتقديم اعتذار للنصارى ، وتتمادى بعض الصحف إزاء هذا الخضوع الحكومى الأنثوى - الذى يُشبه قول الراحل " "بيرم التونسى " فى أغنية " الحب كده " التى تغنت بها " أم كلثوم " : "ويعجبنى خضوعى إليه واسامحه وهو ظالمنى " ! – لتُطالب بمطالب خرافية لا يقبلها عقل ولا شرع !"

إعجاب الحكومة المصرية بالخضوع للنصارى وهم ظلمة يجعل الصحف التى تُمول من الخارج تزيد من هرجها وتطالب بحذف الآيات القرآنية الكريمة التى تُدرس ضمن منهج اللغة العربية المقررة على الطلاب المسلمين والنصارى على السواء ، وآخرين يدعون لتغيير التفسيرات القرآنية التى لا تتناسب مع العصر وروحه التى تتسم بالسرعة والخفة ، فضلاً أنها ضد المواطنة والأشقاء الأقباط !! فأى آية قرآنية تتحدث عن النصارى لابد من تغيير تفسيرها وجعله أكثر تناسباً مع حقوق المواطنة ، ويذكرون الآيات التى تُكفر النصارى :

(( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) ( المائدة : 17 )

(( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) ( المائدة : 73 ) .

(( وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ )) ( المائدة : 116 ) .

(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )) . ( التوبة : 30 ) .

ويقولون أن هذه الآيات الكريمات تزرع أفكاراً تكفيرية فى عقول الأطفال وتجعلهم يتخذون موقفاً من الأشقاء الأقباط الأمامير الحلوين الشاطرين ، وهذا أمر غير مقبول ومرفوض على طول الخط وضد الدستور المصرى ويناهض المواطنة !!

ويتناسى أصحاب الجلود السميكة ممن باعوا أنفسهم الدنيئة للنصارى أن النصارى يُعلمون أولادهم بغض الإسلام وسب الرسول صلى الله عليه وسلم للدرجة التى جعلتنى استمع فى إحدى غرف المراحيض النصرانية بالبال توك إلى نصرانى أتى بابنه الرضيع وقال له : قول يا حبيبى : محمد ...... ! وينطق الولد كلمات غير مفهومة ليُقلد أبوه الشتام .

فمن الذى يزرع قنابل فى عقول الأطفال ؟

حكى لى صديق نصرانى منّ الله عليه بالإسلام أنه منذ أن كان فى الرابعة من عمره كان القسيس يقول له فى الكنيسة : الإسلام دين شيطانى عمله الراهب بحيرا هو ومحمد !

من الذى يزرع الفتنة والتكفير ؟!

من الذى يزدرى الإسلام والرسول العظيم والقرآن الكريم ؟؟

الإسلام الذى يُبرأ مريم البتول الطاهرة :

(( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ )) . ( آل عمران : 42 ) .

((وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا )) ( النساء : 156 ) .

(( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ )) ( النساء : 171 ) .

نرى التكريم الواضح للسيدة المطهرة " مريم البتول " والسيد المسيح عليه سلام الله .

على الجانب المقابل : هل النصرانية تعترف بالإسلام أو تأمر أتباعها باحترام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟

فمن الذى يزدرى الآخر يا عُبّاد الورق الأخضر ؟؟

وإذا كان صبيان النصارى فى مصر من المحسوبين على الإسلام فى وسائل الإعلام وخاصة الوسط الصحفى يعنيهم أمر إزدراء النصرانية ، فألفت إنتباههم إلى كتاب يزدرى الله والمسيحية التى بشر بها المسيح عليه السلام ، وذلك حتى يُطالبوا بمصادرة هذا الكتاب ومعاقبة مؤلفه إن وُجد !

الكتاب هو : " الكتاب المقدس " !

وأضع النصوص أمامكم لتحكموا بأنفسكم وأرجوا أن تخرج المانشيتات بالبنط العريض وباللون الأحمر لحث الحكومة على سرعة سحب هذا الكتاب من الأسواق وحرقه :

يُخاطب داود ربه : " "استيقظ وانتبه إلى حكمى يا إلهى " ( مزمور 35 : 23 ) ."

" "لماذا ترد يدك ويمينك . اخرجهما من وسط حضنك " ( مزمور 74 : 11 ) ."

وجاء فى سفر هوشع : يقول الرب : " "أنا لافرايم كالعث . ولبيت يهوذا كالسوس " ( هوشع 5: 12 ) "

ويقول الرب : " "أنا عرفتك فى البرية ، فى أرض العطش ، لما رعوا شبعوا . شبعوا وارتفعت قلوبهم ، لذلك نسونى . فأكون لهم كأسد . أرصد على الطريق كنمر . اصدمهم كدبة . وآكلهم كلبؤة " ( هوشع 13: 5- 8" ) .

ويقول الرب : " "ندمت على أنى قد جعلت شاول ملكا .. " ( صموئيل الأول 15 : 10 ) ."

أما عن أنبياء الله فحدث ولا حرج :

1 – نوح : في سفر التكوين [إصحاح 9 : العدد20ـ 28 ] ""وَابْتَدَا نُوحٌ يَكُونُ فَلَّاحا وَغَرَسَ كَرْما. وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. فَابْصَرَ حَامٌ ابُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ ابِيهِ وَاخْبَرَ اخَوَيْهِ خَارِجا. فَاخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى اكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا الَى وَرَاءِ وَسَتَرَا عَوْرَةَ ابِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا الَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أبِيهِمَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَقَالَ: مَلْعُونٌ كَنْعَانُ. عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لاخْوَتِهِ. وَقَالَ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدا لَهُ. لِيَفْتَحِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدا لَهُمْ .

2- لوط : التكوين [19 : 30ـ 39 ]: ""وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لانَّهُ خَافَ انْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: ابُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الارْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الارْضِ. هَلُمَّ نَسْقِي ابَانَا خَمْرا وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ ابِينَا نَسْلا. فَسَقَتَا ابَاهُمَا خَمْرا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ ابِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلا بِقِيَامِهَا. وَحَدَثَ فِي الْغَدِ انَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: انِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ ابِي. نَسْقِيهِ خَمْرا اللَّيْلَةَ ايْضا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ ابِينَا نَسْلا. فَسَقَتَا ابَاهُمَا خَمْرا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ايْضا وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلا بِقِيَامِهَا. فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أبِيهِمَا. فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنا وَدَعَتِ اسْمَهُ مُوابَ -وَهُوَ أبُو الْمُوابِيِّينَ إلَى الْيَوْمِ- وَالصَّغِيرَةُ ايْضا وَلَدَتِ ابْنا وَدَعَتِ اسْمَهُ بِنْ عَمِّي -وَهُوَ ابُو بَنِي عَمُّونَ الَى الْيَوْمِ-."" .

3- يعقوب : مكر بابيه اسحق وسرق البركة من أخيه عيسو. سفر التكوين [27 : 18 ـ 40].

4 – موسى وهارون خانا الله : " "لأنكما خنتمانى فى وسط بنى إسرائيل " ( تثنية 32 : 48 ) ."

بل وكفرا بالله " "من أجل أنكما لم تؤمنا بى " ( عدد 20 : 12 ) ."

5- سليمان : يعبد الأصنام : " "وكان فى زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى . ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلأهه كقلب داود أبيه . فذهب سليمان وراء عشتورت إلاهة الصيدونيين وملكوم ورجس العمونيين " ( الملوك الأول : 11 : 4 – 6 ) ."

6- داود يقتل من أجل الزنا ! : " "وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحمّ.وكانت المرأة جميلة المنظر جدا. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثشبع بنت اليعام امرأة أوريا الحثّى فارسل داود رسلا وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها.ثم رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة فارسلت واخبرت داود وقالت اني حبلى. فارسل داود الى يوآب يقول أرسل إلي اوريا الحثي.فارسل يوآب اوريا الى داود. فأتى اوريا اليه فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب. وقال داود لأوريا انزل إلى بيتك واغسل رجليك.فخرج أوريا من بيت الملك وخرجت وراءه حصة من عند الملك وفي الصباح كتب داود مكتوبا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا. وكتب في المكتوب يقول.اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت. وكان في محاصرة يوآب المدينة انه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات اوريا الحثّي ايضا فلما سمعت امرأة اوريا انه قد مات اوريا رجلها ندبت بعلها. ولما مضت المناحة ارسل داود وضمها الى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنا. )) ( صموئيل الثانى 11 : 2 – 27 ) .
والسؤال : هل هؤلاء أنبياء أم زناة ولصوص وقتلة وسكارى ؟؟
من الذى يزدرى أنبياء الله ويُشوّه صورتهم ؟؟
الغريب أنك قد تجد دفاعاً نصرانياً يقول : الكتاب المقدس أمين فى سرد وقائع التاريخ كما هى بإيجابياتها وسلبياتها ، وأننا لا نؤله الأنبياء فهم بشر والبشر يُخطئ !!
والسؤال : ألم يجد الله سوى هؤلاء ليرسلهم من أجل إصلاح الناس ؟؟ وهل يعنى عدم وقوع النبى فى كبيرة من الكبائر أنه أصبح إله ؟!
وكيف سيصلح هذا النبى الزانى أو القاتل أو السارق ما يتطلب إصلاحه ؟!
كيف سينهى قومه عن الزنى وهو يزنى ؟
كيف سيأمر قومه بالأمانة وهو يسرق ؟

كيف سيأمر قومه بعدم سفك الدماء وهو يقتل ؟

كيف سيأمر قومه بصون الكرامة وهو يغتصب ؟

كيف يأمر قومه بتجنب الخمر وهو سكير ؟

إن النصارى الآن يُطلقون على الذى يتولى أمر الكنيسة " قداسة البابا فلان الفلانى " ، أى أنه مقدس ولا يُخطئ ، ولا يدور بخلدهم أن صاحب القداسة من الممكن أن يزنى أو يقتل أو يسرق مثلما فعل الأنبياء ، فالباباوات مقدسون ومؤلهون أما الأنبياء فهم خطاة وبشر !!

ازدواجية واضحة لا تعبر إلا عن الاستخفاف بعقول الناس .. إذ كيف أقبل بخطيئة بشعة وأنسبها لنبى من أنبياء الله بينما أقدس وأنزه بابا الكنيسة ؟؟؟

أما عن ازدراء الكتاب للمسيحية التى بشر بها المسيح فهى افتراء أقوال على لسان المسيح ، فالمسيح لم يأمر أحداً بعبادته ولم يُبشر بألوهيته بل تحدث للناس كإنسان ، كذلك حرمانه المطلقات من الزواج ومضاعفة نجاسة الإناث مما يُشكل إزدراءً للمسيحية التى أتى بها المسيح عليه السلام .فهل تنقذ الحكومة المصرية الموقف وتقوم بمصادرة هذا الكتاب الذى يزدرى الله والأنبياء والمسيحية ؟؟

هل تمتنع الحكومة المصرية عن الإعجاب بالخضوع للنصارى وهم ظلمة ؟

نتمنى ذلك !??????????وما زالت صحافة التعريص تعلن الحرب على الله حتى فى رمضان !

أسماء نصار : صحفية أفاقة وفاشلة ملحدة لم يربها أبويها تفترى على القرآن الكريم وتجرى تحقيقاً مشوهاً تطالب فيه بتغيير تفسير القرآن الكريم الذى يصف اليهود بالمغضوب عليهم والنصارى بالضالين

الصحفية المرتزقة تقول أن اليهودية والنصرانية ديانتين سماويتين وكأن سب الله وعبادة الخروف ودعوى تجسد الله والقول بأن المسيح ابن الله هى أوامر من الله !!

الصحفية السافلة المجرمة المنحطة تصف آيات القرآن الكريم التى تُكفّر النصارى بأنها أمر غير مقبول ومرفوض على طول الخط وتناهض الدستور المصرى ونحن نقول للصحفية السافلة المجرمة الملحدة لُعنتِ أنتِ ودستورك الذى يُعادى القرآن الكريم

بقلم / محمود القاعود

استمراراً لموجة التعريص التى تنتاب الصحافة المصرية القذرة ، قامت محررة مغمورة بجريدة " روز اليوسف " المصرية - المعادية للإسلام - بعمل تحقيق هزلى وقح سافل زعمت المحررة السافلة أنه ضد التطرف !

جاء التحقيق بعنوان " تكفير اليهود والنصارى فى موسوعة تفسير قرآن للأطفال " ومن أول التحقيق وروح التعصب والحقد والكراهية تنضح منه ، ويبدو أن الأوراق الخضراء التى تلقتها الأفاقة المجرمة من سيدها وولى نعمتها عدلى أبادير جعلتها تُعلن كفرها بوضوح وتتخلى عن الإسلام بل وتتطاول على القرآن الكريم .

الصحفية المراهقة تُدعى " أسماء نصار " ، كتبت تقول :

(( استغلالا لموسم التدين الرمضانى.. نشطت حملة الترويج للكتب الدينية والتفاسير.. المفزع فى الأمر تلك موسوعة خاصة بتفسير القرآن الكريم للأطفال، وأخطر ما فيها ما احتوته من أفكار مغلوطة تحرض على رفض أصحاب الأديان السماوية كما جاء فى تفسيرها لفاتحة الكتاب ووصفها «المغضوب عليهم» باليهود، أما «الضالين» فهم النصارى بما يتعارض مع أصل الدين الإسلامى نفسه وسماحته!
ما تقدم دفعنا للتحقيق فيما وراء هذه التفاسير المحرضة خصوصا أنها مقدمة للأطفال وتغرس فيهم أفكار التعصب والكراهية، وللحق أن «المفكر الإسلامى» جمال البنا أول من لفت الانتباه إليها فى مقال له انتقد فيه ما انتهت إليه من تفاسير مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية! ))

ونقول : ماذا افزعك أيتها الفاشلة ؟ هل أفزعك أن القرآن الكريم يُكفر سيدك وولى نعمتك الذى يُسرحك عدلى أبادير ؟

هل سماحة الإسلام أن يعترف بأن اليهود والنصارى على صواب ؟!

ثم هل يعترف أسيادك النصارى بالإسلام ويُعلمون أطفالهم أن الإسلام دين الحق حتى تقولين أن آيات القرآن الكريم تُعلم أطفال المسلمين التعصب والكراهية ؟

ما يُزعجك أيتها الملحدة الشقية من وصف النصارى بالضالين ؟ واليهود بالمغضوب عليهم ؟ هل أنت نصرانية اكثر من النصارى ؟ أم أن الأوراق الخضراء أذهبت عقلك " الزنخ " ؟؟

وتواصل السفيهة المجرمة التى أعلنت كفرها بالإسلام سخف فكرها ودنس عقلها قائلة :

(( المفاجأة إنه مع توالى الإعلانات ووصول حملة الدعاية لذروتها فى الصحف والفضائيات اكتشفنا أن هذه التفاسير صدرت قبل 10 أعوام عن «دار الصحابة للتراث» بطنطا فى 6 طبعات وتمت ترجمتها إلى عدة لغات منها الإندونيسية، والماليزية، والتركية! السؤال المهم: كيف يسمح مجمع البحوث الإسلامية بصدور مثل هذه الأفكار؟ وأين دوره الرقابى فى متابعة مايصدر صورة مغايرة لحقيقة الإسلام ويمس الديانات السماوية؟ خصوصا أنه انشغل فى معارك ثقافية والتصيد لأصحاب الآراء الإبداعية فى الفكر والثقافة والفلسفة وأولى بهم أن يلتفتوا لمهمتهم الأصلية بعد أن تغلغل هذا السم الكامن فى صفحات الموسوعة الحاصلة على موافقة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بل معتمدة من الشيخ «عبدالمعز عبدالحميد الجزار» ـ مدير عام البحوث والتأليف والترجمة آنذاك ـ وهى من إعداد الشيخ «مجدى فتحى السيد» وراجعها 4 من علماء الأزهر، وكتب مقدمتها كل من «د.أحمد عيسى المعصراوى» ـ شيخ عموم المقارئ المصرية وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر ـ والشيخ «مصطفى بن العدوى» المعروف عنه اتباعه التيار السلفى، وأسماؤهم كلها مكتوبة على أغلفة موسوعة التفاسير!
الاتجاه العام للموسوعة هو الحض على التعصب وتأويل الآيات بما لاتقول، بدءا من الصفحات الأولى للتفسير مالم تقله، فمثلا فى سورة البقرة الآية «130» فى قوله تعالى «ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين»، تفسيرها لديهم بالنص أن ترك اليهود والنصارى لدين إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهو الإسلام فأخبرهم الله أن من ترك دين إبراهيم وشريعته فقد خسر نفسه وضل عن الصواب! والآية الكريمة «139» فى نفس السورة «قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون»، تفسيرها لديهم أن قال الله تعالى لنبيه: «قل يامحمد لليهود والنصارى أتجادلوننا فى الله تعالى فتزعمون أنكم أبناء الله وأحباؤه»!! أما التفسير الأغرب للآية رقم «177» «ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين»، فجاء تفسيرها بأنه لما اختلف اليهود والنصارى فى تحديد القبلة اتجه اليهود إلي المغرب قبل بيت المقدس، والنصارى إلى المشرق مطلع الشمس فقال الله لهم: ليس البر ما أنتم فيه ولكن البر الحقيقى والخير الأعظم من آمن بالله تعالى واليوم الآخر والملائكة! الأمر نفسه فى كثير من الآيات التى أقحمت اليهود والنصارى فى تفسيراتها لبيان ضلالهم والحط من شأنهم كما فى قوله تعالى: «هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله» آية «7» آل عمران، وفسروها بأن الذين فى قلوبهم ميل عن الحق كالمنافقين والمبتدعين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى فيتبعون الآيات المتشابهات ابتغاء الشبهات التى تصل بالناس إلى الشرك بالله، وابتغاء تفسيره بما تهوى أنفسهم ولإثارة الفتن بين الناس. أما تفسير الآية رقم «155» من نفس السورة التى تقول «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم» فكان لديهم الله يحذر المسلمين من التفرق كاليهود والنصارى، فهؤلاء لهم عذاب شديد فى يوم تبيض فيه وجوه المؤمنين وتسود وجوه الكافرين والمنافقين والمبتدعين . فى سورة النساء الآيتان 150-151 «إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا

بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا » وجاء تفسيرها حسب الموسوعة أن الله بين أن اليهود والنصارى الذين آمنون بموسى وعيسى وكفروا بمحمد فيفرقون بين الله ورسله ويريدون أن يتخذوا دينا بين الكفر والإيمان هؤلاء هم أهل الكفر وأعد الله لهم عذابا مذلا يهانون به. الموسوعة التفسيرية نزعت عن الإسلام أهم صفاته ومبادئه التى يحرض عليها، وهى السلام عندما فسرت الآية 13 من سورة «المائدة » فى قوله تعالى: (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين »، وادعت أن الحكم بالإعراض كان قبل نزول الآية الكريمة التى تسمى بآية «السيف » فى قوله : «وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله» وكذلك الآية 61 من سورة «الأنفال » : «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم » والتى أولوها بأن هذا الحكم بعقد الصلح تم نسخه بآية «السيف» فى سورة «التوبة » ويقصد منه أن الصلح والسلام غير جائز بعد الآية الكريمة! المثير فى الأمر أنهم فسروا آية «السيف » فى قوله تعالى : «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » بأن الله يأمر المؤمنون بمقاتلة جميع الكفار الذين لا يؤمنون بالله تعالى ولا بيوم القيامة ولا يتبعون أمر الله فى الحلال والحرام ولا يدينون الدين الحق وهو الإسلام من اليهود والنصارى. الغريب أنهم برروا اختزالهم للكفار من اليهود والنصار فقط بكونه تكريما لهم لأنهم أصحاب كتب سماوية وإن كانوا قد حرفوها فإنهم إذا قالوا «عزير ابن الله » و«المسيح ابن الله» لايكون ذلك إيمانا بالله، بل كفر بالله وشرك! المفزع فيما احتوته الموسوعة التفسيرية للأطفال ما جمعته من آيات سورة «المائدة » تحت عنوان «أدلة كفر النصارى »، وهو بمثابة زرع قنابل فتنة موقوتة فى الصغار الذين يتم تلقينهم أفكارا تكفيرية عن الأقباط، وهو أمر غير مقبول ومرفوض على طول الخط بل يناهض الدستور المصرى نفسه.. من هذه الآيات: «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم »، والآية «لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة» «وما من إله إلا الله » .. وفى سورة المائدة «وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله ـ قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته » ويفسر ذلك عندهم أن الله - سبحانه وتعالى - يقول لعيسى- عليه السلام - يوم القيامة يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله؟. وهذا السؤال لإعلام عيسى وتعريفه أن قومه غيروا بعده، وفيه توبيخ للنصارى ! ))

ونسأل المجرمة الكافرة بالإسلام التى تحرض على علماء الإسلام : ما هو التفسير الصحيح للآيات يا تُرى ؟

لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، ما هو تفسير الآية الكريمة ؟ هل تفسيرها أن النصارى يؤمنون بالله وسيدخلون الجنة ؟
لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ، ما هو تفسير الآية الكريمة ؟ هل تفسيرها أن النصارى موحدين بالله وسيدخلون الجنة ؟!!

وهكذا باقى الآيات الكريمات التى أوردتها المنحطة السافلة ... الآيات واضحة ولا تحتاج لمجهود لتأويلها ، ولكن تلك هى أوامر نصارى المهجر وتوابع ما يُسمى " الحرب على الإرهاب " وتغيير المناهج التعليمية ، والمطالبة بحذف آيات قرآنية

ما هذا السخف والاستهبال وقلة الأدب ؟

هل يُعقل أن تصدر مثل تلك الصحف فى بلد الأزهر الشريف ؟

هل يُعقل أن تظل الصحافة المصرية محتلة من قبل النصارى ليشنعوا على القرآن الكريم والرسول العظيم ؟

هل يُعقل أن تصف ملحدة مجرمة سفيهة كفرت بالإسلام هل يُعقل أن تصف تعاليم القرآن الكريم بأنها أمر غير مقبول ومرفوض على طول الخط بل ويناهض الدستور المصرى ؟

لُعنت أيتها السفيهة الملحدة أنت ودستورك الذى يحط من قدر القرآن الكريم ولا يُبجل الإسلام العظيم .. من المعروف أن الدستور المصرى ينص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ، فكيف تأتيك الجرأة لتفترى على الدستور ؟

متى سيكف أولياء النصارى عن العبث بالإسلام والتطاول على القرآن الكريم وفقا لأوامر أسيادهم فى زيورخ ؟ لقد اعتقدنا أن شهر رمضان المعظم سيطهر نفوس هولاء السفلة أنصار الدعارة الفكرية والتكريز بالأناجيل الأربعة ، لكن يبدو أنهم أخذوا على عاتقهم تنفيذ مخططات أسيادهم فى أى وقت دون مراعاة لأى حرمة أو دين ..

إذا كانت تلك الملحدة تدعى أنها تكتب ضد التطرف ، فلماذا لا تُطالب أبوها " شنودة " بإصدار قرار بعزل الخنزير ابن الزانية " زكريا بطرس " بدلا من الحجج السخيفة والقول بأنه مشلوح ومتناك ومركوب .... إلخ ؟

لماذا لا تُطالب شنودة بأن يُغلق القنوات التى تسب الإسلام من خلال الهوت بيرد ؟

لماذا لا تُطالب شنودة بالكف عن العبث وإشعال الفتن الطائفية ؟

لماذا لا تُطالب شنودة بفك أسر الأخت " وفاء قسطنطين " ؟؟

ولماذا ولماذا ولماذا ........ أسئلة كثيرة لن تجيب عنها تلك الملحدة طالما أن الأوراق الخضراء تصلها نظير الدعارة الفكرية التى تمارسها !

ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .

رابط التحقيق النجس :

??????ملعون أبو ده بديل !

(((((((((((((((((((((((((يا جريدة البديل : لن نرضى أبداً أن يكون " التعريص " هو البديل ))))))))))))).

جريدة " البديل " الشيوعية تدعو للتعريص العلنى وتُنافق النصارى وتهاجم من يردون على كلاب النصرانية

بقلم / محمود القاعود

المشكلة التى يُعانى منها بعض أدعياء الصحافة فى مصر ، هى أنهم يدخلون إلى شبكة الإنترنت ويجلسون أمام الشاشات لعدة دقائق يسرقون فيها موضوعات ينسبونها لأنفسهم أو يأخذوا فكرة موضوع ليكتبوا فيه دون الإلمام به .

ما أقصده هو ما قامت به جريدة " البديل " الشيوعية المصرية ، حيث أوردت تحقيقاً مفبركاً فى يوم 2/9/2007م بعنوان ( مسيحى .. مسلم : حى على جهاد النت )

كاتبة التقريروتُدعى " "كريمة كمال " أظهرت النصارى فى ثوب المفترى عليهم وأنهم مضطهدين وأن المسلمين يسبون معتقداتهم !! "

تقول - عليها من الله ما تستحق - :

(( اتهامات بالكفر.. سب.. إهانات.. تحريض علي قتل الكافر.. هذا وأكثر بكثير ما ستشاهده بمجرد دخولك لمعظم المواقع الإلكترونية العربية أو المنتديات التي خصصت للنقاش في كل ما هو مطلق «المعتقدات والأديان»، الغريب في هذا الأمر أن هناك مؤسسات وأشخاصاً ينفقون علي هذا النوع من المواقع التي تثير الفتنة وتعد بمثابة الغذاء الرئيسي للكراهية والفرقة، وإن كنت لا تصدق ما نقوله لك فعليك أن تدخل علي صفحة الـGoogle وتقوم بالبحث عن كلمة مثل «الكفرة» أو «المشركون» أو «دين السيف» أو «النبي الكذاب» إلي آخر هذه النوعية من الكلمات الهجومية والتهم الجزافة وستجد عشرات المواقع والمدونات التي تنشر الكلمة التي وقع عليها اختيارك.))

ولم تُوضح لنا تلك الكاذبة الوقحة من الذى يسب ومن الذى يُهين ومن الذى يُحرض على القتل ، بل اكتفى برصف الكلمات دون توضيح حتى تُلصق التهمة بالمسلمين .

ثم ما الذى يُزعجها من كلمة " الكفار " و " المشركين " ؟؟

هل تعتبر النصارى موحدين بالله ؟؟؟

وهل تُصدق القرآن الكريم الذى كفر النصارى أم تُصدق عصابة " التعريص " التى تُسرحها عندها ؟

وتقول فض الله فاهها :

(( أما إذا كنت تريد اختصار الوقت والدخول مباشرة إلي بعض هذه المواقع وعلي رأسها موقع «ابن مريم» والذي خصص للهجوم علي الديانة المسيحية والمسيحيين في جميع أنحاء العالم مصر بالتحديد ))

ونسأل تلك المجرمة المخمورة : من قال أن موقع بن مريم يُهاجم النصرانية والنصارى ؟؟

هل قرأت فيه شيئاً يُعد هجوماً على النصرانية ؟؟

هل تعتبرين إظهار عوار معتقد النصارى وتوضيح أدلة إشراكهم بالله وعبادتهم للخروف ، هل تعتبرين ذلك هجوم ؟؟!!

وإن كانت مناقشة النصارى فى معتقدهم تُعد هجوما ، فبماذا تُسمى ما يفعله سيدك الخنزير " زكريا بطرس " ؟؟

وتواصل الوقحة افتراءاتها :

(( ولكن ما الدافع والهدف وراء إنشاء هذه المواقع وكم تبلغ قيمة تكلفتها وما هو السر في تمسك أصحابها بوضع إمكانية التعليق علي المواضيع أو فتح باب الحوار في الموقع فيما يسمي «المنتدي».. رامز نبيل مطور مواقع بإحدي شركات الإنترنت يقول إن: الهدف من إقامة هذه المواقع يختلف ويتباين باختلاف أصحابها وملاكها فمنهم من يريد الشهرة ومنهم من يستغل ذلك في أهداف سياسية، ومنهم من يعتبر أن هذا هو فرض الجهاد الواجب عليه تجاه دينه ورسوله وإلهه ومنهم مرضي نفسيون ويضيف قائلاً: إن أغلب هذه المواقع يديرها أشخاص هواة وليست مؤسسات كما يعتقد البعض خاصة أن تكلفتها منخفضة جداً، وقد تصبح بدون تكلفة في حالة اعتماد هؤلاء علي الخدمات المجانية ومواقع التدوين أو برامج المنتديات المجانية، وفي حالة استئجار مساحة واسم ""Domainس هو اسم الموقع مضافاً عليه «Com » فإن التكلفة غالباً ما تتراوح بين 300 و600 جنيه في السنة.))

وفى هذه الفقرة التى جاءت على لسان أحد المجهولين الذين سألتهم كاتبة التقرير عن الموضوع يتبين لنا ما ترمى إليه تلك المجرمة .

إذ صوّرت من يقومون بالرد على النصارى بأنهم يسعون للشهرة وأنهم يهدفون لتحقيق أغراض سياسية ، وأنهم مرضى نفسيون !!

هذه هى خلاصة التقرير الذى يدعو المسلمين إلى التخاذل وترك الساحة للنصارى لسب الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم .

أرايتم كيف أن النصارى سيطروا على صحافة مصر واشتروا الذمم الخربة العفنة لتروج لهم ولتبشر بأنشطتهم وتدعو لمباركتهم وتأييديهم فى سبهم للرسول والطعن فى القرآن الكريم ؟؟.

كل ساقط ووضيع يتحدث فى هذا الموضوع لا بد أن يذكر أن المسلمين هم الذين يُهاجمون ويحرضون على قتل النصارى وأنهم يسبون النصرانية والنصارى .... إلخ عفن فكرهم

ولكنهم لا يذكرون الحقيقة القذرة لأسيادهم الذين يدفعون لهم الأوراق الخضراء .

لا يذكرون أن المسلمين لا يجرؤون على سب السيد المسيح وأمه الطاهرة البتول مريم بنت عمران على عكس ما يقوم به النصارى الخنازير من سب وطعن فى عرض النبى صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات .
لا يذكرون أشياء كثيرة ، وإنما يكتفون بالتصفيق للنصارى ومباركة هجومهم القذر على أشرف خلق الله أجمعين
يا جريدة " البيدل " نقولها لكم بأعلى صوت : لن نرضى أبداً أن يكون التعريص هو البديل ، وكفوا عن النفاق الرخيص ، والافتراء على عباد الله ، فالله سيسألكم عما قدمت أيديكم من أعمال سيئة بررتم بها سب النصارى للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم /????

غير معرف يقول...

(((((((((((((((النّصرانيّة وإلغاء العقل))))))))))))
منذ سنوات طويلة وأنا عاكف على قراءة بعض كتب النّصارى، وما يتعلّق بالدّيانة النّصرانيّة من أناجيل وما كُتب عنها، مدحًا أو قدحًا، وخلال تلك الفترة اتّصلت بعشرات القساوسة ورجال الدّين والأشخاص العاديّين من الذين يدينون بهذا الدّين، فخرجت من تلك التّجربة بعدّة إشكاليات وتساؤلات محيّرة ومربكة، بحثت لها عن أجوبة في الكتب فلم أعثر لها على جواب فتوجّهت إلى الكنائس لعلّي أجد ما يشفي غليلي، ويزيل عن عقلي تلك الغشاوات الكثيفة من التّساؤلات المحيّرة، حول كلّ آية أو إصحاح أو سفر من أسفار الكتاب المقدّس، لكنّني ككلّ مرّة كنت أعود بخفي حنين، فلم يزدني رجال الدّين وأجوبتهم إلاّ حيرة وغشاوة على غشاوة، ومن الطّريف أنّ تلك الأجوبة التي تلقّيتها من بعضهم كانت تعقد المسائل أكثر فأكثر، فأضحت بذلك قواعد لتساؤلات أكثر وأشدّ خطورة وحيرة، لأنّها كانت أجوبة دفاعيّة متعصّبة، لا تستند إلى الحقّ بقدر ما هي محاولات فاشلة وهزيلة للدّفاع العشوائيّ المتخبّط.
في تلك الفترة دخل عقلي معركة محتدمة مع نفسه فكلّما بدأ يستخدم آليّات الفهم في تفكيك ألغاز الكتاب المقدّس وأسراره تعطّلت تلك الآليّات عند أوّل وهلة، وأصابها الشّلل في بداية الطّريق، إذ لا يمكن لأيّ عقل مهما أُوتي من علم وذكاء إدراك كنه وجوهر النّصوص "المقدّسة" التي يتعاطاها.
لم يكن عقلي قادرًا على السّباحة في بحر الألغاز والأسرار الكنسيّة المقدّسة، فقد كانت أمواج التثّليث والكفارة والخطيئة وألوهيّة المسيح وبنوّته وصلب الله وغيرها تقذف بعقلي مدًّا وجزرًا هنا وهناك دون الوصول إلى الشّاطئ.
كنت كلّما عثرت على رجل دين نصرانيّ (من جميع الطّوائف والرّتب العالية من الأكليريوس) أطلب منه تفسيرًا أو إيضاحًا أو بيانًا لما لا أفهمه أو أدركه امتنع عن مخاطبة عقلي وهرع إلى إثارة عاطفتي، كان كلّ واحد منهم يقول ويكرّر حين يواجه بسؤال عن تلك العقائد: »لكن الله مات من أجلك، الله نزل بنفسه ليصلب عن خطاياك، الله محبّة، الله بذل ابنه الوحيد لتعيش أنت، الله سفك دم ابنه لتدخل الملكوت...« وغير ذلك من الكلام العاطفي الذي يلفظه العقل ( ).
وثمّة وصفة سحريّة تقدّمها الكنيسة لكلّ من يريد الالتحاق بالنّصرانيّة أو التمسّك بأهدابها أو البقاء عليها، وتتضمّن تلك الوصفة خطوات بسيطة لا تكلّف المريد أكثر من تنفيذها بحرفيّة ليدخل ملكوت الله وينال الخلاص وتتلخّص في البنود التّالية:
ألغ عقلك وانس أنّك تملك أداة للفهم والإدراك.
آمن بكلّ ما يأمرك به القسّ في الكنيسة.
لا تناقش، لا تجادل، لا تعترض، لا تبحث.
لا تسأل غير القسّ ولا تأخذ الجواب من سواه.
كلّ ما لا تفهمه أو تدركه أو يستسيغه عقلك فهو سرّ إلهيّ
ولغز كنسيّ مقدّس.
وإذا ما طبّقت هذه البنود الخمسة، فقد انضممت إلى سلك النصارى، وأصبحت في شركة المسيح، وخروفًا من خرفانه التي ترعاها الكنيسة وتسوقها إلى الحياة الأبديّة، وكلّ من يخلّ بأحد هذه البنود فهو زنديق، مهرطق، ملعون، ابن الشّيطان، تحت سلطة الخطيّة، لن ينال الكفّارة من الذّبيحة الإلهيّة التي سفكت على الصّليب من أجله !
بل أكثر من ذلك فإنّ الذي يخلص لتلك "الوصايا الخمس" سوف ينال الجهالة التي تقوده إلى القداسة، ألم يكن القدّيس أوغسطين يقول »إنّ الجهلاء هم الذين يحظون بملكوت السّماء « !
يقول محمّد قطب في كتابه ( مذاهب فكريّة معاصرة ) منتقدًا هذا الأسلوب الذي تمارسه الكنيسة: »إنّ ادّعاء الكنيسة أنّ العقل لا ينبغي له أن يسأل وأن يناقش في أمر العقيدة، وإنّما عليه أن يسلم تسليمًا أعمى، ويترك الأمر للوجدان، هو ادّعاء ليس من طبيعة الدّين كما أنزله الله، إنّما كان هذا من مستلزمات الأديان الوثنيّة التي تحوي أوهامًا لا يمكن أن يستسيغها العقل لو فكّر فيها، فتُسكت صوت العقل وتمنعه من التّفكير بالسّحر تارة وبالتّهديد بغضب الآلهة المدعاة تارات !
وإذا كان هذا الأمر، وهو إسكات صوت العقل ومنعه من التّفكير، غير مستساغ حتّى في بداوة الإنسان أو ضلالة البشريّة، فهو من باب أولى غير مستساغ في دين تزعم الكنيسة أنّه الدّين المنزّل من عند الله، وأنّه يمثّل مرحلة راشدة في تاريخ البشريّة، ولو كانت هذه الأسرار من الدّين حقًّا، ومن أمور العقيدة التي يلزم الإيمان بها، ما منع الله النّاس أن يناقشوها بعقولهم ليتبيّنوا ما فيها من الحقّ ويؤمنوا به !فإنّ الله لا يقول للنّاس – في وحيه المنزّل – آمنوا بي دون أن تفكّروا وتعقلوا، ولا يقول لهم: إنّي سأضع لكم الألغاز التي لا تستسيغها عقولكم ثمّ أطالبكم أن تخرّوا عليها صمًّا وعميانًا لا تتفكّروا وإلاّ طردتكم من رحمتي «.
ولا يتحرّج النّصارى وقساوستهم أبدًا من عدم فهم هذه الأفكار والعقائد فهم يعتقدون ببساطة – فرارًا من تفسيرها– أنّها أسرار إلهيّة مقدّسة !!
نعم، يجب على كلّ نصرانيّ أن يؤمن بكلّ شيء تقرّره الكنيسة، وإذا لم يفهم شيئًا وطلب توضيحًا أو بيانًا قيل له: ألغ عقلك فهذا سرّ من الأسرار الإلهيّة التي لا يليق ولا يجوز السّؤال عنها أو البحث فيها !
ولمّا كانت كلّ تلك العقائد مناقضة للمنطق ومصادمة له، كانت كلّ تلك العقائد والأفكار أسرارا مقدّسة، فهناك قائمة طويلة منها سرّ المعموديّة، سرّ التّثبيت، سرّ القربان المقدّس، سرّ التّوبة والاعتراف للكاهن، سرّ المسحة، سرّ الزّواج، سرّ الكهنوت، سرّ حقائق الإيمان، سرّ الصلب، سرّ التّثليث، سرّ العشاء الربّاني، سرّ القيامة، سرّ الكفارة، سرّ الخطيئة، سرّ اللاّهوت، سرّ الناسوت، سرّ التجسّد، والحبل على الجرار !
وإذا كانت كلّ هذه أسرارًا - وغيرها كثير - فليت شعري ماذا بقي للنصراني ليعرفه ويطّلع على حقيقته وهو ليس بسرّ، وهكذا فكلّ سؤال لا يجد له رجال الكنيسة جوابًا يُحال إلى قائمة الأسرار السماويّة، ويعترف القساوسة بعجزهم عن فهم هذه الأسرار وحلّ إشكالاتها، ويدعون المتديّن السّاذج إلى التّسليم بتلك المستحيلات العقليّة والإيمان بها، دون اعتراض وإلاّ ناله العقاب والطرد من ملكوت الله تماشيًا مع قاعدة الصّوفيّة: » من اعترض انطرد « .
يقول زكيّ شنودة صاحب كتاب (تاريخ الأقباط) عن هذه الأسرار: »وهذه حقيقة تفوق الإدراك البشريّ « .
ويقول القسّ توفيق جِيد في كتابه (سرّ الأزل) عن سرّ الثّالوث: »إنّ الثّالوث سرّ يصعب فهمه وإدراكه، وإن من يحاول إدراك سرّ الثّالوث تمام الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلّها في كفّه« .
ولئن كان ما قاله القسّ توفيق خاصًّا بسرّ الثّالوث لكنّه ينطبق على الأسرار الأخرى كافّة، إلاّ أنّ سرّ الثّالوث هو أكثر الأسرار غرابة وإثارة للعجب، يقول بازيليوس إسحاق في كتابه (الحقّ):» إنّ هذا التّعليم عن التّثليث فوق إدراكنا ولكن عدم إدراكه لا يبطله«، فيا له من فهم غريب!
ولم يتوقّف الأمر – كما قلنا سابقًا – عند اعتبار الأمر سرًّا، بل تجاوزه إلى حجر العقول عن التّفكير فيها ومحاولة تبسيطها، وإلاّ فكيف نفهم قول القسّ توفيق حين يقول في كتابه (سرّ الأزل):» إنّ تسمية الثّالوث باسم الأب والابن وروح القدس تعتبر أعماقًا إلهيّة وأسرارًا سماويّة لا يجوز لنا أن نتفلسف في تفكيكها وتحليلها ونلصق بها أفكارًا من عنديّاتنا«، وهـذا ما يدعى في الأدب المعاصر: بـ" الإرهاب الفكريّ "، ثمّ إنّ الذين ضربوا بكلام هذا القسّ عرض الحائط، وحاولوا التفلسف في فهم تلك العقائد أخفقوا ولم تغنهم فلسفتهم شيئًا.
ويقرّر ذلك الأستاذ النّصرانيّ عوض سمعان في كتابه (الله ذاته ونوع وحدانيّته): » إنّنا لا ننكر أنّ التّثليث فوق العقل والإدراك، ولقد حاول كثيرون من رجال الفلسفة توضيح إعلانات الكتاب المقدّس عن ذات الله، أو بالأحرى عن ثالوثه ووحدانيّته فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً « ، ويعلّق الأستاذ محمّد مجدي مرجان – وهو رجل دين نصرانيّ أسلم – وقد نقل بعض هذه الاعترافات في كتابه البديع (الله واحد أم ثالوث) فيقول: » تُرى إذا كان الفلاسفة والعلماء قد عجزوا عن فهم الثّالوث، فمن يا ترى يستطيع فهمه؟ وما موقف البسطاء والعامّة إذا ما حاولوا الفهم، وإذا لم نستطع إدراك عقائدنا الدّينيّة بعقولنا وأفهامنا فبماذا يمكن إدراكها؟ وإذا كنّا نحن وهم لا ندرك هذا الثّالوث فكيف يمكن لكلٍّ منّا أن يتّبعه أو يسير عليه !؟ «( ).
ويقول أحد القسس لرعاياه عندما يكثرون من الأسئلة حول ما لا يستطيع الإجابة عنه، وذلك في إذاعة مونت كارلو: » علينا ألاّ نناقش، ولكن علينا أن نؤمن فقط بكلّ ما في الكتاب المقدّس وإلاّ فإيماننا باطل«.
أمّا القدّيس سانت أغسطين، أكبر منظّر عرفته النّصرانيّة، فقد كان يعلن قائلاً بصراحة متناهيّة عندما يريد قطع مناقشة المشكّكين في النّصرانيّة: » أنا مؤمن لأنّ ذلك لا يتّفق مع العقل !«.
وفي مناظرة بين باحثة يابانيّة ورجل دين من الكنيسة الإنجليزيّة يُدعى الأب جيمس، سألت الباحثة القسّ أن يفسّر لها بعض العقائد التي لم تتمكّن من الإحاطة بها، أو حتّى فهم ظاهرها، فردّ الأب جيمس:» إنّ هذا سرّ لاهوتي فوق عقول البشر، وليس من الممكن تفسيره حسب تفسير وتصوّر هؤلاء البشر! «
فردّت الباحثة اليابانيّة: » كيف تدعون النّاس إلى عقيدة لا يفهمها هؤلاء البشر؟ وما مهمّة الرّسل والأنبياء.. إن لم يبيّنوا ما أمروا بتبليغه من قبل الخالق إلى هؤلاء البشر؟
.. لقد كنت بوذيّة من قبل .. غير أنّ السّلبيّة، التي تتّسم بها هذه العقيدة جعلتني أبحث عن غيرها بين الدّيانات والملل، وقد اخترت في دراستي التخصّص في مقارنة الأديان، وقد جئت إلى بريطانيا من أجل هذا الهدف، ويبدو أنّني لن أصل إلى غايتي وسط هذه الظّلمات المتراكم بعضها فوق بعض، فإذا حاولت التعرّف على الحقيقة وقف "الأكليريوس" أو "الكهنوت" في وجهي بقوانين الحظر والادّعاء بأنّ هذه القضايا أسرار لاهوتيّة فوق العقل،. أنا لن أسألك عن هذه الأسرار التي أرفضها كلّها...! ذلك لأنّ الدّين .. أي دين يجب أن يكون واضحًا، وألاّ ينطوي على أسرار وخفايا، وإلاّ فلماذا جاء الدّين أصلاً إن لم يكن واضحًا في عقول كلّ الرّعايا !؟ «
وبعد احتدام المناظرة قال الدّكتور عبد الودود شلبي( ) ، وهو أحد المشاركين في ذلك النّقـاش، موجّهًا تعليقًا لاذعًا للقسّ جيمــس: » لو أتينا بكلّ علماء الرّياضيات وبُعث " آينشتاين " مرّة ثانية إلى الحياة، وعقدنا له امتحانًا في حلّ هذه الطّلاسم والألغاز لما حصل هذا العلاّمة إلاّ على صفر في هذا الامتحان، ولكن لحسن الحظّ أنّ "آينشتاين" لم يكن مسيحيًّا وإلاّ ما سمع أحد بنظريّته النّسبيّة التي تفوّق بها على علماء الرّياضيّات«.
وهنا قال الأب جيمس: » إنّ مفهوم البساطة ليس له مجال في فهم العقيدة المسيحيّة، كما لا يجب أن توزن به هذه العقيدة، لأنّ العقيدة المسيحيّة تعلو على فهم العقل« !!.
فردّ عبد الودود شلبي بقوله: » إذا كانت المسيحيّة ليست بهذه البساطة فمعنى هذا أنّها دين خاصّ للفلاسفة، وبالتّالي فلا شأن لهذا الدّين بالبسطاء من النّاس وهم الأغلبيّة السّاحقة، وإذا كان كما تقول بأنّها عقيدة تعلو على فهم العقل، فذلك يعني أيضًا إخراج كلّ عاقل ومفكّر عن دائرة الإيمان الذي لا يقبله العقل ولا الفكر، فإذا كان البسطاء وعامّة النّاس، وإذا كان العقلاء والمفكّرون لا يفهمون هذه العقيدة فإنّي استحلفك بالله ربّي وربّك لم جاءت هذه العقيدة إذن، ولمن جاءت !؟«.
جاء في المانيفستو " البيان " الكاثوليكي لاتّباع الكنيسة: إنّنا لا نستطيع فهم هذه العقيدة لأنّها سرّ غيبيّ، وفي الآخرة سيكون هناك فهم أكثر لهذه الأسرار، ولكن لن يكون فهمًا تامًّا وأبديًّا !
ولذلك فلا يطمع أحد أن يطّلع على تلك الأسرار، لأنّ عقله قاصر في الدّنيا وسيبقى كذلك في الآخرة، وهكذا يكون البشر قد خُلقوا وهم جاهلون بربّهم ودينهم وسيموتون على ذلك الجهل، وسيولدون لحياة أخرويّة لا تختلف كثيرًا عن حياتهم الأولى، إذ سيكون الجهل بالعقيدة سمة رئيسة للعباد في ملكوت الله !! أليس من حقّنا أن نتساءل هل بلغ بالله – جلّ شأنه – الضّعف العلميّ والمعرفيّ حتّى إنّه عجز عن التّعريف بنفسه ومخاطبة النّاس على قدر عقولهم وأفهامهم ومداركهم !؟ وإذا كان الله على كلّ شيء قدير، ألم يكن من الواجب عليه تزويدنا بعقول أكثر نضجًا وقدرة على استقبال رسالاته السّماويّة دون كلّ هذا العناء في فهم آية واحدة فضلاً عن الكتاب المقدّس كلّه !؟
وإذا كانت كلّ هذه الأسرار صعبة الإدراك فلماذا يخاطبنا الله بها؟ وإذا كانت سرًّا فما الحكمة من تكليفنا بالعمل بالأسرار والألغاز، كأنّنا دمى صغيرة يتسلّى الله بنا عندما يشاهدنا نكابد من أجل حلّها والتّفكير فيها !، وإذا كانت تلك الأسرار فوق عقولنا فالتّبليغ بها ضرب من العبث وتضييع للوقت والجهد، لأنّ الألغاز والأسرار التي لا حلّ لها لا تعود على البشر بفائدة عمليّة وظيفيّة، دينيّة كانت أو دنيويّة، أم إنّ الله يحبّ أن يرانا منشغلين بها، يتلذّذ ونحن نتألّم في البحث فيها، و يستمتع حين نتعذّب نفسيًّا وعقليًّا في محاولاتنا المتكرّرة والمريرة عبر القرون الطّويلة للوصول إلى الحقيقة السّهلة والبسيطة والواضحة، أليس هذا نوعًا من "السادية " التي يوصف بها الله - شئنا أم أبينا – تعالى الله عن ذلك( ).
وإنّ إلهًا مثل هذا الإله الذي تؤمن به النّصارى هو إله لا يستحقّ العبادة ولا التّقديس، طالما لم يتمكّن من إثبات ألوهيّته وقدسيّته بتوضيح ما يريده في كتابه المنزّل: " الكتاب المقدّس "، وهنا أذكر أنّي منذ بدأت البحث في مقارنة الأديان وبالتّحديد دراسة إيمان النّصارى واعتقادهم وأنا أشفق، لا على النّصارى الذين يعانون الأمرّين في فهم اعتقادهم، وإنّما على هذا الإله الذي عجز عن التّعريف بنفسه، فقد أعوزته البلاغة في التّعبير عن ذاته، إنّني أشفق على هذا الإله الذي لم يجد الكلمات السّهلة والتّعبيرات الواضحة للإفصاح عن ماهيته وطبيعته.
والذي أراه أنّ عدم القدرة على الإفصاح عن تلك الطّبيعة وبيان تلك العقائد كان سببها بولس الذي تولّى صناعتها و ترويجها، وقد كان النّاس في زمانه يجدون استحالة في فهمها، مثل ما نجد نحن، فخاطبهم في رسالة كورنثوس زاعمًا بقوله (كلامي وتبشيري لا يعتمدان على أساليب الحكمة البشريّة في الإقناع، بل على ما يظهره روح الله وقوّته، حتّى يستند إيمانكم إلى قدرة الله، لا حكمة البشر)( ).
لقد جمعت عقيدة النّصارى من المتناقضات و المستحيلات العقليّة ما جعل الأمم تسخر من تلك العقائد وتنتقدها، وعلى الرّغم من انحرافات مثيلة في بعض الأديان الوثنيّة، كالبوذيّة والبراهميّة والمتراسية واليهودية .. إلاّ أنّ عقيدة النّصارى فاقتها بكثير، وفي هذا يقول شيخ الإسلام بن تيميّة – رحمه الله – في كتابه (الجواب الصّحيح لمن بدّل دين المسيح ): » قالت طائفة من العقلاء في وصف عقيدة النّصارى: إنّ عامّة مقالات النّاس في عقائدهم يمكن تصوّرها إلاّ مقالة النّصارى، وذلك أنّ الذين وضعوها لم يتصوّروا ما قالوا، بل تكلّموا بجهل وجمعوا في كلامهم بين النّقيضين، ولهذا قال بعضهم لو اجتمع عشرة نصارى لتفرّقوا عن أحد عشر قولاً وقال آخر: لو سألت بعض النّصارى وامرأته وابنه وخادمه عن توحيدهم لقال الرّجل قولاً، وامرأته قولاً آخر وابنه قولاً ثالثًا وخادمه قولاً مخالفًا لسابقيه«.
أمّا ابن القيّم – رحمه الله – فيذكر في كتابه ( إغاثة اللّهفان ) عن ملك من ملوك الهند أنّه قال عندما ذُكرت له الأديان الثّلاثة المشهورة "اليهوديّة والنّصرانيّة والإسلام" :» أمّا النّصارى فإن كان محاربوهم من أهل الملل يحاربونهم بحكم شرعيّ، فإنّي أرى ذلك بحكم عقليّ، وإن كنّا لا نرى بحكم عقولنا قتالاً ولكن أستثني هؤلاء القـوم – النّصارى – من بين جميع العوالم، لأنّهم قصدوا، بعقيدتهم و إيمانهم مضادة العقل وناصبوه العداوة وحلّوا ببيت الاستحالات، وحادوا عن المسلك الذي انتهجه غيرهم من أهل الشّرائع، فشذّوا عن جميع مناهج العالم الصّالحة العقليّة والشّرعيّة، واعتقدوا كلّ مستحيل ممكنًا، وبنوا على ذلك شريعة لا تؤدّي البتّة إلى صلاح نوع من أنواع العالم، إلاّ أنّها تُصَيِّر العاقل إذا تشرّع بها أخرق والرّشيد سفيهًا والمحسن مسيئًا«.
ربّ قائل: إنّ أكثر الأمم تقدّمًا وازدهارًا اليوم هي تلك التي تعتنق النّصرانيّة، أي أوروبا الغربيّة وأمريكا الشّماليّة .. وهذه مغالطة صريحة والشّواهد على ذلك متوافرة؛ فالتّاريخ يحدّثنا أنّ النصارى لم يعرفوا طريق الحضارة والتقدّم إلاّ عندما تخلّوا عن نصرانيّتهم المحرّفة ونبذوا أحكام الكنيسة وراء ظهورهم، فلقد عاش الغرب في ظلمات حالكة إبّان سيطرة البابوات على مصائرهم في القرون الوسطى، حتى قامت حركات النهضة والتنوير والثورة ضدّ مؤسّسات الكنيسة والإنجيل، فقام الغرب من رقدته ونهض من سُباته العميق فاستحالت إلى ما هي عليه اليوم – على الرّغم من السّلبيّات والعورات الكثيرة التي يعاني منها الغرب الآن – ذلك أنّ طغيان الكنيسة وتعاليمها دفعه إلى طغيان الإلحاد واللاّدينيّة، وتطرّف رجال الدّين قاد الغرب إلى التطرّف ضدّ الله وضدّ فطرة التديّن.
إنّ نصارى الغرب اليوم لا يعرفون من النّصرانيّة إلاّ خرافاتها وألغازها وبعض طقوسها، ولا يتعدّى من يذهبون إلى الكنيسة يوم الأحد إلاّ القليل لأسباب كثيرة، ليست بالضّرورة دينيّة، أمّا خارج جدران الكنيسة فمفاهيم الدّين النّصرانيّ ملغاة ولا يكاد يوجد لها ذكر، وهذا يعود بنا إلى موضوعنا؛ إذ إنّ الغرب بعد ظهور عصر العقلانيّة والتّنوير لم يعد يصدّق بخرافات الكنيسة وعقائدها الباطلة المضادة للعقل، وزاد نفور الغرب من الدّين تصرّف رجال الكنيسة المشين، وقد سجّل لنا التّاريخ الأحداث المرعبة للعصور المظلمة في أوروبا Dark Ages وكيف سامت الكنيسة العلماء أشدّ العذاب، فحرقت المفكّرين والمخترعين والمبدعين بحجّة الخروج عن الدّين، وحرّمت قراءة أو اقتناء كتب العلم، لأنّها زندقة وهرطقة.
تقول زيغريد هونكه في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب): » … والضّلال عند الكنيسة هو البحث عن الحقيقة في غير الكتاب المقدّس«، وكانت الكنيسة ترى أنّ الكتب المقدّسة تحتوي على كلّ أنواع العلوم، وأنّها المصدر الوحيد للمعرفة، وأنّ أيّ قول أو نتيجة تأتي خلافًا لما جاءت به تلك النّصوص المقدّسة يعتبر كفرًا وإلحادًا، وفي هذا يقول القدّيس ترتوليان: » إنّ أساس كلّ علم هو الكتاب المقدّس وتقاليد الكنيسة، وإنّ الله لم يقصر تعليمنا بالوحي على الهداية إلى الدّين فقط، بل علمنا بالوحي كلّ ما أراد أن نعلمه من الكون؛ فالكتاب المقدّس يحتوي من العرفان على المقدار الذي قدّر للبشر أن ينالوه فجميع ما جاء في الكتب السّماويّة من وصف السّماء والأرض وما فيهما، وتاريخ الأمم ممّا يجب التّسليم به مهما عارض العقل، أو خالف الحسّ، فعلى النّاس أن يؤمنوا به أوّلاً ثمّ يجتهدوا ثانيًا في حمل أنفسهم على فهمه أي على التّسليم به «.
ولمّا بلغ الاضطهاد الذي مارسته الكنيسة ضدّ العقل والعلم ذروته بدأت بوادر التذمّر والاحتجاج تظهر هنا وهناك؛ فظهرت حركة الإصلاح البروتستانتيّة، التي قامت ضدّ الكنيسة الكاثوليكيّة، لكنّها اقتصرت على نقد تصرّفات البابا وبعض التّفسيرات الخاطئة للكتب المقدّسة، ولم يختلف البروتستانت عن غيرهم في محاربتهم للعقل والعلم وتعصّبهم للعقائد الموروثة غير المعقولة، بل يذكر المؤرّخون أنّ البروتستانت عادوا العقل والعلم أكثر من الكاثوليك والأرثودكس، يقول مثلاً وول ديورانت في كتابه (قصّة الحضارة): » إنّ موقف البروتستانت من العقل كان في غاية الاستخفاف، ويذكر عن مارثن لوثر قوله: أنت لا تستطيع أن تقبل كلاًّ من الإنجيل والعقل فأحدهما يجب أن يفسح الطّريق للآخر«، وقد اختار لوثر إفساح الطّريق أمام الإنجيل بإلغاء عقله ودفنه حيًّا حتّى لا يزاحم قداسة الكتب لذلك نراه يقول: » إنّ العقل هو أكبر عدوٍّ للدّين … وإنّه كلّما دقّ العقل واحتدّ كان حيوانًا سامًّا برؤوس سعلاة، وكان ضدّ الله وضدّ ما خلق«.
ولمّا كان موقف البروتستانت وزعماء الإصلاح الديني كمن سبقهم في محاربة العلم والعقل لم يشفع لهم " إصلاحهم " في بعض الميادين أمام زحف العقليّين والملاحدة والعلمانيّين الذين هبّوا في كلّ مكان يطالبون بإقصاء الدّين عن الحياة وإغلاق المؤسّسة الدّينيّة وطبعها بالشّمع الأحمر، بل وصل بعضهم إلى الاستهزاء والسّخريّة من الله وجميع مظاهر وجوده.
ولقد كانت عقائد النّصرانيّة المحرّفة، والمضادّة للعقل سببًا رئيسًا في ظهور الإلحاد بجميع أنواعه كالشّيوعيّة والعلمانيّة والبرجماتيّة والوجوديّة .. إلخ.
يقول ابن القيّم – رحمه الله – وقد عاش قبل ظهور هذه المذاهب في كتابه (إغاثة اللّهفان): » وهؤلاء النّصارى هم الذين أوجبوا لأعداء الرّسل من الفلاسفة والملاحدة أن يتمسّكوا بما هم عليه، فإنّهم شرحوا لهم دينهم الذي جاء به المسيح على هذا الوجه المحرّف، ولا ريب أنّ هذا دين لا يقبله عاقل فتواصى أولئك بينهم أن يتمسّكوا بما هم عليه وساءت ظنونهم بالرّسل والكتب، ورأوا ما هم عليه من الآراء أقرب إلى المعقول من هذا الدّين، وقال لهم هؤلاء النّصارى الضُّلال إنّ هذا هو الحقّ الذي جاء به المسيح فترتّب من هذين الظّنّين الفاسدين إساءة الظنّ بالرّسل، وإحسان الظنّ بما هم عليه«.
وفي نهاية هذا المدخل أقول: إنّ هذا الكتاب قد يثير اندفاع بعض الدّوائر النّصرانيّة للردّ علينا بأنواع شتّى من الرّدود، التي لا يعلمها إلاّ الله، ولا سيّما الرّدود العاطفيّة التي ذكرتها آنفًا كقولهم حين قراءة بعض حقائق هذا الكتاب " لكن الله مات من أجلك، الله بذل ابنه الوحيد لخلاصك، الله سفك دمه على الصّليب لفدائك " وغير ذلك من تلك الرّدود التي تسمع عند كلّ مناظرة لا يقدر النّصارى الإجابة فيها بما يقنع العقول، والرّدود العاطفيّة لا تملك قدرة على الإقناع بإيمان خرافيّ واعتقاد باطل وفاسد، خصوصـًا إذا علمنا أنّها صادرة من أناس لا يفهمونها، وغير مقتنعين بها، وصدق أبيلار Abelard أحد رجالات الكنيسة ومنظريها في القرون الوسطى حين يقول » إنّ من المضحك أن نعظ الآخرين بما لا نستطيع أن نُفهِمهم إيّاه ولا نفهمه نحن «.




الخطيــئـة الأصـليّـــة

يمكننا اعتبار مفهوم الخطيئة المفهوم الرّئيس والأساس في الإيمان النّصرانيّ كلّه، إذ إنّ هذا المفهوم يرتبط بجميع العقائد الأخرى: كالكفارة والصّلب والتّثليث والقيامة … وبدون الخطيئة لن يعود للنّصرانيّة مسوغ وجود أصلاً، ويُجمِع الباحثون الموضوعيّون قديمًا وحديثًا، النّصارى والمسلمون واللاّدينيّون، على أنّ مفهوم الخطيئة الأصليّة من الأمور التي لا يقبلها العقل، ولا يُسلّم بها المنطق، وذلك لأسباب عدّة يأتي بيانها بعد حين.
في البداية نتساءل ما هي الخطيئة التي يتحدّث كلّ نصرانيّ وتُروِّج لها كلّ كنيسة؟ إنّ الخطيئة الأصليّة التي لُعن من أجلها جنس البشريّة هي تلك " الغلطة " التي اقترفها آدم، أبو البشريّة قبل آلاف السّنين، عندما كان في الجنّة ومدّ يده إلى شجرة، فقطف ثمرة وأكلها هو و زوجته حوّاء، وكان من المطلوب ألاّ يفعل ذلك، لأنّ الله أباح له الأكل من جميع ثمار الجنّة إلاّ من تلك الشّجرة بعينها، لكن آدم خالف أمر الله فوقع في المحظور وجلب على نفسه وأبنائه اللّعنة والخسارة الأبديّة - على حدّ تعبيرهم - ! !
جاء في العهد القديم: ( وأوصى الربّ الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنّة تأكل أكلاً، وأمّا شجرة معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها، لأنّك يوم تأكل منها موتًا تموت )( )، هذه هي البداية؛ فالله تعالى خلق آدم، ولم يعطه الحقّ في الأكل من شجرة المعرفة، فكأنما يريد أن يبقيه جاهلاً، وماذا يضرّ الله لو عرف آدم الخير والشرّ ! !؟ والرّواية القرآنيّة لهذه الأحداث لم تذكر نوع الشّجرة وسبب المنع، الذي هو امتحان وليس حسدًا من الله لجنس البشر، كما يُفهم من الرّواية التّوراتيّة !
ورد في الكتاب المقدَّس قصة التهام التفاحة ونيل اللعنة كما يلي (وكانت الحيّة أحْيلَ جميع حيوانات البرّيّة التي عملها الربّ الإله، فقالت للمرأة أحقًّا قال الله لا تأكل من كلّ شجر الجنّة؟، فقالت المرأة للحيّة من ثمر الجنّة نأكل، وأمّا ثمر الشّجرة التي في وسط الجنّة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمسّاه لئلاّ تموتا، فقالت الحيّة للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنّه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشرّ، فرأت المرأة أنّ الشّجرة جيّدة للأكل، وأنّها بهجة للعيون، وأنّ الشّجرة شهيّة للنّظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنّهما عريانان، فخاطا أوراق تين ووضعا لأنفسهما مآزر، وسمعا صوت الربّ الإله ماشيًا في الجنّة عند هبوب ريح النّهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الربّ الإله في وسط شجر الجنّة، فنادى الإله آدم، وقال له أين أنت! ؟ فقال سمعت صوتك في الجنّة، فخشيت لأنّي عريان فاختبأت، فقال من أعلمك أنّك عريان، هل أكلت من الشّجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها! ؟)( ).
إنّ كاتب هذا السّفر يصوّر الله كأنّه رجل يتجوّل في حديقته، ويحدّث صوتًا بأقدامه التي تدوس التّراب والحشيش، ثمّ ينادي الربّ آدم (آدم .. آدم .. أين أنت ! ؟) و هو سؤال الجاهل بمكان مخلوقه .. ثمّ يسأله مَن أعلمك أنّك عريان، هل أكلت من الشّجرة …؟ أسئلة وأسئلة تدلّ على أنّ الكاتب لهذه الرّواية لا يستطيع أن يتصوّر الله إلاّ بتصوّر البشر الذي يعتريه الجهل والغفلة والحيرة والعي، فلذلك حاك هذه المسرحيّة بأبطالها، لكنّها مسرحيّة فاشلة بجميع مقاييس البشر فضلاً عن مقاييس الإله، ثمّ يستمرّ سفر التّكوين في هذه المشاهد المسرحيّة ! ( فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشّجرة فأكلت، فقال الربّ للمرأة: ما هذا الذي فعلت، فقالت المرأة: الحيّة غرّتني فأكلت)( )، والحمد للّه أنّ القصّة كما جاءت في القرآن لم تذكر البادئ بالأكل أهو المرأة أم الرّجل بعكس الرّوايتين التّوراتيّة والإنجيليّة، فقد ذهبتا إلى حدّ الحطّ من المرأة وجعلها منشأ شقاء البشريّة وسبب غواية آدم.
جاء في الإنجيل في رسالة بولس الأولى لتيموثاوس ( وعلى المرأة أن تتعلّم بصمت وخضوع تامّ، ولا أجيز للمرأة أن تُعلِّم ولا أن تتسلّط على الرّجل، بل عليها أن تلزم الهدوء، لأنّ آدم خلقه الله أوّلاً ثمّ حوّاء وما أغوى الشّريرُ آدمَ، بل أغوى المرأة فوقعت في المعصية …)( )، والذي يقرأ عن مكانة المرأة في الكتاب المقدّس، وفي كتابات قساوسة النّصارى يرى مدى الاحتقار والحيف الذي تعرّضت له المرأة بسبب تلك التّهمة؛ فقد وصف العهد القديم المرأة [ بأنّها أمَرُّ من الموت ]، ويقول قدّيس النّصارى ترتوليان: » إنّ المرأة مدخل الشّيطان إلى نفس الإنسان، ناقِضة لنواميس الله، مشوّهة لصورة الله«، وقال القدّيس سوستام: » إنّها شرّ لا بدّ منه، آفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتّاكة، ومصيبة مطلية مسموم«، وأعلن البابا أينوسنتوس الثّامن » إنّ الكائن البشريّ والمرأة يبدوان نقيضين عـنيدين «.
وأكبر دليل على تخبّط النّصارى في تقييم المرأة هو عقد مؤتمر ماكون في القرن الخامس الميلادي، الذي بحث موضوع "هل المرأة مجرّد جسم لا روح فيه أم لها روح ! ؟ "، ومؤتمر فرنسا في القرن السّادس الذي بحث موضوع " هل المرأة إنسان أم غير إنسان !؟ "، وقد سبق جميع القدّيسين في احتقار المرأة القدّيس بولس صاحب الرّسائل التي أُدخلت في الإنجيل، والذي أزرى بالمرأة أيّما زراية، فجعلها بسبب الخطيئة مخلوقًا من الدّرجة الثّانية أو الثّالثة!
ونعود إلى الخطيئة، فإذا كان النبيّ محمّد  يقول: » إنّ العلماء ورثة الأنبياء وإنّ الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنّما ورٌثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر « وإذا كان النّاس يرون أنّهم يرثون عن آبائهم وأجدادهم الأموال والثّروات والعقارات … فإنّ النّصارى ترى أنّ آدم أورث أبناءه وأحفاده ذنوبه وآثامه التي اقترفها في الجنّة، ولا سيّما الخطيئة العظيمة، عندما أكل من الشّجرة الممنوعة ! !.
إنّ منطق الكنيسة يقول: إنّ البشريّة كلّها تلوّثت بدنس الخطيئة، وبفعل ناموس العدل استحقّت الهلاك الأبديّ والطّرد من الرّحمة الإلهيّة، وانتُزعت منها إرادة فعل الخير ! فقد جاء في العهد الجديد (بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموتُ إلى جميع النّاس إذ أخطأ الجميع)( ).
أيّها القارئ لو كان أبي سارقًا فهل من العدل أن تحكم عليّ محكمة أرضيّة بأنّي مذنب لمجرّد كوني ابنا لأب سارق!؟ ويبدو أنّ المحكمة الإلهيّة عند النّصارى لها معايير قضائيّة أخرى، فهي تجعل بلايين البشر مذنبين بسبب ذنب لم يقترفوه ولم يعلموا عنه شيئًا، فهل المحاكم الأرضيّة أرحم و ألطف من المحاكم السّماويّة !؟
ويصرّ رجال الكنيسة على هذا المنطق المقلوب، ويستميتون دفاعًا عنه، وفي هذا الصّدد يقول جان كالفين، زعيم البروتستانتيّة: » حينما يقال إنّنا استحققنا العقاب الإلهيّ من أجل خطيئة آدم، فليس يعني ذلك أنّنا بدورنا كنّا معصومين أبرياء، وقد حملنا – ظلمًا – ذنب آدم .. الحقيقة أنّنا لم نتوارث من آدم " العقاب " فقط، بل الحقّ أنّ وباء الخطيئة مستقرّ في أعماقنا، تلك الخطيئة التي تعدت إلينا من آدم، والتي من أجلها قد استحققنا العقاب على سبيل الإنصاف الكامل، وكذلك الطّفل الرّضيع تضعه أمّه مستحقًّا للعقاب، وهذا العقاب يرجع إلى ذنبه هو، وليس من ذنب أحدٍ غيره«.
ويقول سانت أغسطين: » وكان الواقع أنّ جميع أفراد الإنسان الذين تلوّثوا بالخطيئة الأصليّة، إنّما وُلدوا من آدم و تلك المرأة التي أوقعت آدم في الخطيئة والتي شاركت آدم نيْل العقاب«، ويصرّح الإنجيل في عدّة آيات (بالخطيئة حَملت بنا أمّهاتنا)، وتنتقل الخطيئة عبر الرّوح من الأجداد إلى الأحفاد، كما يقرّر ذلك القدّيس توماس الإكويني حين يقول: » ومثل ذلك أنّ الذنب في الواقع تقترفه الرّوح، ولكنّه بالتّالي ينتقل إلى أعضاء وجوارح في الجسم «.
وكأنّ كاتب الآيات التي تحمِّل الإنسانيّة ذنب أبيها آدم نسي الفصول التي كتبها من مسرحيّته، والتي تناقض تمامًا العقاب الجماعيّ للمذنبين وغير المذنبين، وكذلك يتناسى قساوسة النّصرانيّة تلك الآيات العديدة في العهدين القديم والجديد، التي تحكم على عقيدة وراثة الخطيئة بالبطلان والفساد .. وتعالوا ننظر سويًّا في بعض تلك الآيات التي وردت في أسفار العهد القديم ومنها: ( لا يُقتل الأباء عن الأولاد، ولا يُقتل الأولاد عن الآباء، كلّ إنسان بخطيئته يُقتل )( )، فهل هذه الآية من سفر التّثنية منسوخة أم ملغاة!؟ وماذا يقول رجال الكنيسة في قول العهد القديم (.. وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب، أمّا الابن فقد فعل حقًّا وعدلاً وحفظ جميع فرائضي وعمل بها فحياة يحيا، النّفس التي تخطئ هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحـمل من إثم الابن، بـرُّ البار عليه يكون وشرُّ الشرّير عليه يـكون )( ).
وهذه الآية من سفر حزقيال هل هي من الأسفار غير القانونيّة "الأبوكريفا " أم من الأناجيل التي لا تعترف بها المجاميع المسكونيّة!؟ فلماذا تتجاهلونها !؟ ثمّ هل من العدل أن يعاقب البريء بجريرة المذنب، كيف يعاقب من لم يرتكب ذنبًا؟ إنّ قوانين العقل والمنطق وجميع الأديان السّماويّة والوضعيّة تأخذ بمبدأ [ كلّ فرد بريء حتّى تثبت إدانته ]، فلماذا خالفت النّصرانيّة هذا المبدأ وضربت به عرض الحائط، وجعلت البشريّة كلّها مذنبة حتّى تُثبِت براءتها !!؟ وأين قول الكتاب المقدّس (فتقدّم إبراهيم وقال: أفتُهلك البارّ مع الأثيم؟، عسى أن يكون خمسون بارًّا في المدينة، أفتُهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارًّا الذين فيه؟، حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البارّ مع الأثيم فيكون البارّ كالأثيم، حاشا لك، أديّان كلّ الأرض لا يصنع عدلاً !؟ فقال الربّ: إن وجدتُ في سدوم خمسين بارًّا في المدينة فإنّي أصفح عن المكان كلّه من أجلهم)( )، وأين قوله (في تلك الأيّام لا يقولون بعدُ الآباء أكلوا حصرمًا وأسنان الأبناء ضرست، بل كلّ واحد يموت بذنبه، كلّ إنسان يأكل الحصرم تضرّس أسنانه)( )، وقوله (سيجازي كلّ واحد حسب أعماله)( ).
وبعد صفحات سنرى أنّ الله نفسه – في زعم النّصارى – أضاف إلى هذه المحاكمة الجائرة ظلمًا آخر حين أراد التخلّص من الخطيئة بصلب إنسان بريء، وتعذيبه أشدّ العذاب على يد اليهود والرّومان، إنّ منهج القرآن الكريم يختلف جذريًّا عن هذا الظّلم الشّديد الذي وقع على الإنسان واقرأوا إن شئتم آيات الله تعالى في القرآن:  لا يجزي والدٌ عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئًا  لقمان 33.
من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد  فصّلت 46.
 ألاّ تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى  النّجم 38.
فأيّ هذه الآيات هي أقرب إلى العقل، والمنطق، أهذه التي تحمِّل الفرد وحده مسؤوليّة أفعاله الخيّرة والشرّيرة، أم تلك الآيات الإنجيليّة المقدّسة، التي تجعل الجنين والرّضيع مجرمين ملعونين هالكين مطرودين من ملكوت السّموات … !
وثمّة مسألة أخرى هامّة تعصف بمفهوم الخطيئة، وهي أنّ الله عاقب البشريّة عقوبات عديدة شديدة لم يكن من العدل بعدها لعن الجنس البشريّ، ونزع إرادته على فعل الخير، ولم تكن هناك حاجة للتّكفير عن الخطيئة الأصليّة بصلب المسيح..
جاء في سفر التّكوين (وقال الربُّ الإله للحيّة لأنّك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرّيّة، على بطنك تسعين وترابًا تأكلين كلّ أيّام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه، وقال للمرأة تكثيرًا أُكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادًا( ) وإلى رجُلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك، وقال لآدم لأنّك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشّجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك، بالتّعب تأكل منها كلّ أيّام حياتك، وشوكًا وحَسَكًا تُنبت لك وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزًا حتّى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنّك من تراب وإلى تراب تعود)( ).
فسبحان الله من هذا الإله !كيف يعاقب بكلّ هذه العقوبات القاسية المتتالية؛ عقوبات خاصّة بالحيّة وبالمرأة وبالرّجل، ثمّ لم يكتف بذلك فلعن الأرض كذلك، ولا أدري ما ذنبها! ثمّ واصل سلسلة العقوبات بطرد الإنسان من الجنّة خوفًا من أن يأكل من شجرة الخلد فيبقى هنالك في ملكوته ! يقول سفر التّكوين: (وقال الربّ الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحدٍ منّا عارفًا الخير والشرّ، والآن لعلّه يمدّ يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضًا، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الربّ الإله من جنّة عدن ليعمل الأرض التي أُخذ منها، فطرد الإنسان وأقام شرقي جنّة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلّب لحراسة طريق شجرة الحياة)( ).
أليست كلّ هذه العقوبات كافية لتحقيق ناموس العدل!؟ فهل من العدل أن يُضيف إلى تلك القائمة الطّويلة عقوبة الخطيئة المميتة !؟
إنّ هذا المنطق الغريب الذي يصوّر الله بهذا الحقد والجبروت هو الذي دفع أحد الغربيّين إلى السّخريّة بقوله: » إنّ الله أنانيّ وقاس جدًّا، فلقد لعن البشريّة كلّها وطردها من رحمته، وحكم عليها بالشّقاء المؤبّد لمجرّد أنّ فردًا واحدًا منها تجرّأ على أكل تُفّاحة من حديقته ! «.
وثمّة ملاحظات أخرى وأخرى فقوله: ( لعلّه يمدّ يده ..) دليل على عدم تأكّد الله من أنّ آدم سيفعل ذلك أصلاً، لكنّه هذه المرّة لم يشأ أن يراهن كما فعل مع شجرة المعرفة؛ لذلك أخذ التّدابير والاحتياطات اللاّزمة لقطع الطّريق على آدم حتّى لا يصل إلى شجرة الخلد !، إنّ الله تعلّم درسًا في السّابق فلا يريد أن يُلدغ من جحر مرّتين، فطرد آدم من الجنّة حماية لمكتسباته لئلاّ يتطلّع إلى الأكل من شجرة الخلد في غفلة من الله – ! جلّ شأنه وتعالى عمّا يقولون – فيصبح آدم كالله تمامًا !
إنّ هذه الاستنتاجات نوردها إلزامًا فقط، وليس اعتقادًا منّا بها، والقارئ العاديّ لهذه الأسفار يشمّ رائحة كاتب يهوديّ عاجز عن تصوّر الذّات الإلهيّة بصفاتها العليا المنزّهة عن مشابهة الخلق، فتراه يصف ويصوّر الله كأنّه إنسان يحسد آدم، ويتحرّك بموجب غريزة التملّك والبقاء والسّيطرة ليحيك المؤامرات خشية على ذهاب عرشه ومصالحه الشّخصيّة المهدّدة بظهور منافس محتمل، وأتساءل: ما هي الحكمة من خلق شجرة الحياة هذه! هل لمجرّد استمتاع الله برؤيتها عند تجوّله في حديقته!؟
إنّ أهمّ أساس في الإيمان النّصرانيّ هو الخطيئة الأصليّة، وإنّ اعتقادًا كهذا يجرّنا إلى سلسلة طويلة من التّساؤلات، يقول سفر التّكوين: إنّ الحيّة هي التي أغوت المرأة والرّجل، فلماذا لم يكتف الله بمعاقبة الحيّة وقد كانت الرّأس المدبّر للجريمة والسّبب في جميع ذنوب بني آدم !؟
لماذا لم يتكلّم الأنبياء والرّسل الذين ذُكروا في التّوراة والعهد القديم عن هذه العقيدة "الخطيئة " !؟ لماذا لم يُشر إليها نوح، إبراهيم، إسحاق، يعقوب، داود .. بل حتّى موسى أعظم نبيّ في بني إسرائيل لم يُلمِّح إلى الخطيئة من قريب ولا من بعيد، كيف يمكن لأنبياء عظماء مثل هؤلاء أن يتجاهلوا هذه العقيدة؟ هل كانوا جاهلين بها؟ وهي أخطر عقيدة في الملكوت، هل كتموا خبرها عن النّاس وأبقوها سرًّا بينهم؟ لماذا لم يرفعوا أيديهم إلى السّماء ليدعوا ويتوسّلوا إلى الله ليرفعها عن الإنسانيّة؟ أتعرف لماذا لم يفعلوا ذلك؟ لأنّهم ببساطة لم يكونوا يؤمنون بوجود خطيئة ما، بل كانوا يؤمنون بقول الكتاب المقدّس (برُّ البارّ عليه يكون وشرّ الشرّير عليه يكون)( ).
ثمّ هل كان هؤلاء الأنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان .. أجداد المسيح خطاة ومدنّسين بالخطيئة الأصليّة التي ارتكبها أبوهم آدم؟ فإذا كانوا كذلك لماذا اختارهم الله لهداية البشر، وهم لا يختلفون عن غيرهم لكونهم منغمسين في الخطيئة كباقي أفراد جنسهم؟، لماذا كان "يهو" jeovah وهو الله في العهد القديم – راضيًا عن أنبيائه؛ فكان يدعو بعضهم بالرّجل البارّ، ورجل الله، والصّالح، يقول الكتاب المقدّس (كان نوح رجلاً بارًّا كاملاً في أجياله وسار نوح مع الله)( )، (وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأنّ الله أخذه)( )، بل إنّ العهد الجديد يجزم بأنّ أولئك الأنبياء الذين سبقوا المسيح كانوا كاملين في إيمانهم، ولم يكونوا خطاة، ولم تكن تنقصهم عقائد التّثليث والفداء والكفّارة، جاء في رسالة يعقوب في العهد الجديد (أنظر إلى أبينا إبراهيم أما برره الله بالأعمال، حين قدّم ابنه إسحاق على المذبح، فأنت ترى أنّ إيمانه وافق أعماله فصار إيمانه كاملاً بالأعمال، فتمّ قول الكتاب آمن إبراهيم بالله فبرّره الله لإيمانه ودُعي خليل الله)( ).
كيف وُفّق الأنبياء إلى فعل الخير وجميع الطّوائف النّصرانيّة ترى بموجب الخطيئة أنّ الله نزع من بني الإنسان إرادة فعل الخير، وإنّ ما يعمله الإنسان هو شرّ، وذلك رغم اعتراف المسيح بوجود أبرار على الأرض، فعندما لام أناس المسيح على دعوته الأشرار والخطاة، ردّ المسيح عليهم قائلاً: (لأنّي لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التّوبة)( ).
وأخيرًا لماذا كتم الله سرّ الخطيئة فلم يبده لعباده إلاّ بعد قصّة صلب المسيح، إنّ المدّة الزّمنيّة التي تفصل بين آدم والمسيح ليست بالقصيرة، فأين كان مفهوم الخطيئة خلال تلك القرون الطّويلة؟.
يقول عبد الأحد داود – رأس الكنيسة الكلدانية وقد أسلم – في كتابه (الإنجيل والصّليب): » إنّ من العجب أن يعتقد المسيحيّون أنّ هذا السرّ اللاّهوتيّ، وهو خطيئة آدم وغضب الله على الجنس البشريّ بسببها ظلّ مكتومًا عن كلّ الأنبياء السّابقين، ولم تكتشفه إلاّ الكنيسة بعد حادثة الصّلب« ويقرّر الكاتب أنّ هذه المسألة هي من المسائل التي حملته على ترك النّصرانيّة واعتناق الإسلام لأنّها أمرته بما لا يستسيغه عقله.
ومن أغرب العجائب أنّ أسفار العهد القديم لم تدع جزئيّة من الجزئيّات التّافهة كأعداد قبائل بني إسرائيل وأسمائهم، وطول وعرض ووزن الأشياء في أسفار اللاوين والتثنية والعدد، وأكاذيب زنا داود بحليلة جاره، وزواج سليمان بـ 1000 امرأة، وزنا لوط بابنتيه !.. كلّ هذه التّفاصيل سُردت في أكثر من 1200 صفحة بتفصيل مملّ، ومقزز يدعو للغثيان؛ في حين أنّ الخطيئة التي هي أهمّ عقائد النّصرانيّة على الإطلاق لا تجد لها مكانًا بين ذلك الرّكام لا تلميحًا ولا تصريحًا!
أليس هذا الأمر محيّرًا ؟ بلى.
أليس هذا الأمر غير معقول ؟، بلى.
إنّ أكثر التّحليلات العلميّة للدّيانة النّصرانيّة تُرجع منبت هذه العقائد المنحرفة عن العقل والدّين "كالخطيئة " إلى الجهود المشبوهة التي قام بها أعداء التّوحيد في تدمير الدّين وتحريفه، وعلى رأس أولئك جميعًا بولس "شاؤول " الذي يعتقد النّصارى أنّه رسول المسيح، لقد لعب بولس دورًا خطيرًا في الهدم من الدّاخل، كان يصعب – إنّ لم يكن من المستحيل – فعله من الخارج، ولقد كان ذكيًّا – بل خبيثًا – عندما لم يخترع ديانة جديدة من عنده، إنّما عمد إلى عقائد فاسدة كانت موجودة في أديان الوثنيّين " البوذيّة، البراهميّة، المتراسيّة، المصريّة القديمة، وفلسفة الإغريق والرّومان ..الخ " فأخذ من هنا وهناك أشياء كانت شائعة في ذلك الزّمان، ثمّ ألصقها بالدّيانة النّصرانيّة الجديدة في غفلة من أهل العلم، وقد تزامن ذلك مع حملة اليهود والرّومان الشّرسة على الحواريّين وتلاميذ المسيح، فضاع الحقّ وأخذ مكانه الباطل المزخرف، الذي دعّمته فيما بعد سلطة الدّولة الرّومانيّة لما تنصرت.
وبخصوص الخطيئة يذكر علماء تاريخ الأديان وجود فكرة الخطيئة في أكثر الأديان الوثنيّة التي سبقت النّصرانيّة، يقول م. ويليام في كتابه (الهندوسيّة): »يعتقد الهنود الوثنيّون بالخطيئة الأصليّة، وممّا يدلّ على ذلك ما جاء في تضرّعاتهم التي يتوسّلون بها بعد "الكياتري" وهي: إنّي مذنب، ومرتكب للخطيئة، وطبيعتي شرّيرة، وحملتني أمّي بالإثم، فخلّصني يا ذا العين الحندقوقيّة، يا مخلّص الخاطئين يا مزيل الآثام والذّنوب«، ويقول هوك في كتابه (رحلة هوك): »يعتقد الهنود الوثنيّون بتجسّد أحد الآلهة وتقديم نفسه ذبيحة فداء عن النّاس والخطيئة« ويقول »ومن الألقاب التي يُدعى بها كرشنا: الغافر من الخطايا، والمخلص من أفعى الموت«.
وختامًا فإنّ الإيمان بالخطيئة ولّد عند الإنسانيّة كثيرًا من الآلام، والعقد النّفسيّة، يحدّثنا عن بعضها، كاتب نصرانيّ ما يزال على نصرانيّته ألّف كتابًا بعنوان (محمّد الرّسالة والرّسول) أنصف فيه الإسلام ونبيّه  وانتقد بشدّة فكرة الخطيئة والعقائد النّصرانيّة.
يقول الدّكتور نظمي لوقا: » وإنّ أنسى لا أنسى ما ركبني صغيرًا من الفزع والهول من جرّاء تلك الخطيئة الأولى، وما سيقت فيه من سياق مروّع، يقترن بوصف جهنّم، ذلك الوصف المثير لمخيّلة الأطفال، وكيف تتجدّد فيها الجلود كلّما أكلتها النّيران، جزاء وفاقًا على خطيئة آدم بإيعاز من حوّاء، وأنّه لولا النّجاة على يد المسيح الذي فدى البشر بدمه الطّهور، لكان مصير البشريّة كلّها الهلاك المبين، وإن أنسى لا أنسى القلق الذي ساورني وشغل خاطري عن ملايين البشر قبل المسيح أين هم؟ وما ذنبهم حتّى يهلكوا بغير فرصة للنّجاة ؟ فكان لا بدّ من عقيدة ترفع عن كاهل البشر هذه اللّعنة، وتطمئنهم إلى العدالة التي لا تأخذ البريء بالمجرم، أو تزر الولد بوزر الوالد، وتجعل للبشريّة كرامة مصونة، ويحسم القرآن( ) هذا الأمر، حيث يتعرّض لقصّة آدم، وما يُروى فيها من أكل الثّمرة؛ فيقول  وعصى آدم ربَّه فغوى، ثمّ اجتباه ربُّه فتاب عليه وهدى  طه 121 – 122… والحقُّ أنّه لا يمكن أن يقدِّر قيمة عقيدة خالية من الخطيئة الأولى الموروثة إلاّ من نشأ في ظلّ تلك الفكرة القاتمة التي تصبغ بصبغة الخجل والتأثّم كلّ أفعال المرء، فيمضي في حياته مضيّ المريب المتردّد، ولا يُقبِل عليها إقبال الواثق بسبب ما أنقض ظهره من الوزر الموروث.
إنّ تلك الفكرة القاسية – الخطيئة الأولى وفداءها – تُسمّم ينابيع الحياة كلّها، ورفعُها عن كاهل الإنسان منّة عظمى، بمثابة نفخ نسمة حياة جديدة فيه، بل هو ولادة جديدة حقًّا، وردٌّ اعتبار لا شكّ فيه، إنّه تمزيق صحيفة السّوابق، ووضع زمام كلّ إنسان بيد نفسه«.
قطعت جهيزة قول كلّ خطيب، يعجبني الإنصاف من أمثال الدّكتور نظمي لوقا، وهو المتبحّر في دراسة الإنجيل والكتب السّماويّة، وأين هو ممّن ادّعوا اعتناق النّصرانيّة في بعض البلاد الإسلاميّة – كبعض البربر مثلاً عندنا في الجزائر – الذين ناقشت بعضهم فوجدتهم لم يقرأوا شيئًا عن الإنجيل ولا يعرفون نصوص الكتاب المقدّس، وعند التّحقيق اكتشفت أنّ اعتناق النّصرانيّة عند أكثرهم – إن لم أقل كلّهم – كان مطيّة للحصول على تأشيرات سفر إلى أوروبا وأموال وامتيازات أخرى من جمعيّات وهيئات وسفارات غربيّة مشبوهة !!

الفــــداء والكفّــــارة

ترتبط عقيدة الكفارة بعقيدة الخطيئة ارتباط اليد بالمعصم، فالمقصود بالكفارة هو رفع الخطيئة الأصليّة وتكفيرها عن كاهل البشريّة لإنقاذها من الموت الأبديّ، الذي أصابها جرّاء أكل آدم من الشّجرة.. ويُعتبر علماء الأديان قاطبة أنّ الكفّارة أُسّ الدّين النّصرانيّ، ومركز الدّائرة ونقطة التقاء جميع العقائد النّصرانيّة الأخرى، فهي ذات علاقة بالخطيئة من حيث إنّ هذه الأخيرة سبب لها وذات علاقة بالتجسّد والصّلب والقيامة .. من حيث كون هذه العقائد نتيجة حتميّة للكفّارة، وهي في الواقع أكثر تعقيدًا والتواءً، الأمر الذي أضنى الدّارسين والباحثين في أعماقها، وأحرج الكنيسة ورجالها، وأعجزهم عن الإجابة عن التّساؤلات العديدة حولها، لذا تراهم يأمرون أتباعهم بالإيمان بها دون البحث في جوهرها و ماهيّتها.

كيف نشأت فكرة الكفّارة ؟
نشأت هذه الفكرة بعد نزاع مرير بين صفتين من صفات الله تعالى، وهما صفة العدل وصفة الرّحمة، فإذا عدنا إلى الوراء قليلاً نجد أنّ الله حذّر آدم من الأكل من الشّجرة بقوله: (يوم تأكل منها موتًا تموت)( )، فهذا الحكم بالإعدام – على آدم وذرّيته – نافذ وغير قابل للاستئناف أو الطّعن أو التّخفيف؛ لأنّ مقتضى العدل عند الله أن ينفّذ وعده بمعاقبة المسيء بالموت، وقانون العدل الإلهيّ يُلزم الله بعدم التّساهل والتّراخي في تطبيق العقوبة.
وحتّى لا يوصف الله بالجور وعدم الإنصاف أو بالإخلال بقانون العدل بدأ بتنفيذ سلسلة العقوبات التي ذكرناها سابقًا، وكان آخرها طرد الإنسان من الجنّة والحكم عليه باللّعنة وإلصاق الخطــيئة برقبته إلى الأبد – وفي زعم النّصارى – يكون الله قد حقّق العدل بهذه الخطوات !!
واستمرّ الوضع على ما هو عليه دهرًا، وفجأة ظهرت صفة أخرى من صفات الله، وهي الرّحمة، فراودت الله على غفران خطيئة الإنسان؛ لأنّ من رحمة الله بالنّاس ومحبّته لهم ألاّ يتركهم على هذه الحالة التّعيسة؛ فكان على الله بمقتضى هذه الصّفة أن يعفو عن البشر ويغفر لهم ويرفع عنهم اللّعنة والشّقاء !
إنّ هذا المنطق الكنسيّ يبرز الله حائرًا بين صفتين من صفاته، أيّهما يغلب على الأخرى؟، فكلّما أراد الإماتة واللّعنة بمقتضى العدل عاقته الرّحمة، وكلّما أراد رحمة خلقه والمغفرة لهم وقفت صفة العدل بالمرصاد !إنّه خيار صعب بين طرفين أحلاهما مرّ، فإلى ماذا سيؤول نزاع الصّفتين وكيف يوفّق الله بينهما لحلّ المشكلة التي أوقع نفسه فيها وتورّط في براثنها ؟!( ) ولا ندري كيف يمتلك رجال الكنيسة الجرأة بمنطقهم هذا ليلزموا الله بإلزامات كهذه !فكان لزامًا – إذن – على الله أن يصل إلى حلّ وسط ينال بموجبه العدل حقّه وتأخذ الرّحمة مكانها، فما السّبيل لذلك الحلّ السّحريّ ؟
وبما أنّنا، الآن، نكتب بمنطق النّصارى فلنترك أكبر ممثّل للفكر النّصرانيّ بولس "شاؤول" يبيّن لنا السّبيل لحلّ أزمة "العدل والرّحمة"، ولا سيّما أنّ بولس أكبر مدافع عن عقيدة الكفّارة، إن لم يكن هو مخترعها، يقول في العهد الجديد: (لا يوجد مغفرة بدون سفك دم)( )، ويبدو أنّ بولس ما يزال متأثّرًا بيهوديّته؛ إذ إنّ الإله "يهو" في العهد القديم كان مغرمًا بدم القرابين، فلم يكن يرضى عن بني إسرائيل إلاّ حين يشمّ رائحة مشاوي ودم الذّبائح التي يقدّمها كهنة اليهود، حين يسترضون ربّهم عند غضبه بذبيحة ليغفر لهم موبقاتهم.
كذلك كانت عقيدة سفك الدّم من أجل المغفرة والخلاص سائدة في العديد من الدّيانات الوثنيّة القديمة، لدى المصريّين والبوذيّين والإغريق والهنود.. فقد كانت تلك الأقوام تدفع للمذابح الرّجال والنّساء والأطفال والحيوانات بل والآلهة وأبناء الآلهة قربانًا إلى الله، فركِب بولس الموجة وسار مع التيار فاستعار الفكرة، أو قل سرقها وطبّقها على النّصرانيّة، ونسبها إلى تعاليم المسيح فأضلّ بها خلقًا عظيمًا إلى أيّامنا هذه، وسنعود بعد صفحات إلى شهادات علماء الأديان لنطّلع على عقيدة الكفّارة والفداء في الوثنيّة التي سبقت مولد المسيح بآلاف السّنين.
لا بدّ من سفك دم!! ولكن ما هو حجم الذّبائح التي يقبلها الله لفداء البشر، كم مترًا مكعّبًا من الدّماء تكفي لغسل خطيئة الأكل من تفّاحة الجنّة، من يتبرّع ليكون فاديًا، وما نوع الذّبيحة المناسبة !؟، أيكون حيوانًا؟( )؛ لا يقدر حيوان على فداء إنسان لفرق القيمة، أو ملَكًا؟؛ الملائكة لم تشارك في الخطيئة وربّما لا تملك دمًا، أو إنسانًا؟، كلّ النّاس تدنّسوا بالخطيئة، ولا يصلح أن يكون فاديًا إلاّ طاهرٌ، أو إلها؟؛ أغلق بولس جميع منافذ الفداء إلاّ هذا المنفذ، فالفادي يجب أن يكون طاهرًا ولا طاهر إلاّ الله، إذن الفادي هو الله لا غيره ! !وكيف يكون الله فدية، هل ينتحر أو يزهق روحه أو يتركها تقتل على أيدٍ، أيًّا كانت، فيبقى العالم بدون إله!؟
دبّر الله حيلة التجسّد – وهو اختراع آخر لبولس – والتجسّد متاهة لا يُعرف لها مدخل من مخرج، سنحاول إلقاء بعض الضّوء عليها بعد قليل، وإن كان كلّ ضوء الدّنيا لا يقدر على إنارة ظلمتها، فقد خرج بولس بلازمة أنّ حلّ أزمة الخطيئة لا يتحقّق إلاّ أن يفدي اللّه بنفسه البشريّة، لأنّه طاهر من الخطيئة الأصليّة، و ذلك قادر على التجسّد، بأخذ جسم إنسان، حتّى ينوب عن الإنسان المخطئ، ومفاد "حيلة" التجسّد أنّ الله نزل من عليائه حاملاً معه صفات الألوهيّة، ثمّ دخل رحم العذراء مريم ومكث هناك تسعة أشهر كما يمكث أيّ جنين في بطن أمّه، ثمّ خرج إلى الوجود بالولادة عن الطّريق المعهود، فاختلط الإله المولود بدم الحيض والنّفاس، واستقبلته الأيدي ووضعته في القماط، وناولته أمّه ثديها ترضعه وتعطف عليه عطف الأمّ على ولدها.
لقد أصبح الإله إنسانًا وصار واحدًا منّا، فهو إله كامل وإنسان كامل، وتتّفق جميع الطّوائف النّصرانيّة على هذه العقيدة، وقد وردت في قانون الإيمان كالآتي: [.. الذي لأجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السّماء وتجسّد من الرّوح القدس ومن مريم العذراء، وتأنّس وصُلِب عنّا على عهد بيلاطس البنطي..].
وسنشفق على القارئ فلا ندخله في صراعات الطّوائف النّصرانيّة التي دارت حول طبيعة المولود، هل هو الأب أم ابنه أم الثّالوث؟، هل ولدت مريم الله أم المسيح؟ هل المولود هو اللاّهوت أم النّاسوت.. إلخ !؟
وسنشير إلى بعض ذلك فيما بعد، ولا ننصح أحدًا بالبحث فيها؛ لأنّه حينها تفنى الأعمار ولا يخرج المرء بنتيجة تذكر، اللهمّ إلاّ الشكّ والحيرة وربّما الإعاقة النّفسيّة والعقليّة والوقاية خير من العلاج فتنبّه !
كبُر المولود الذي دعي المسيح، وتقدّم في السنّ، وبدأ بدعوته بين اليهود في فلسطين، وكانت دعوته كلّها تنصبّ على عبادة الله وحده لا شريك له، والاستمساك بالتّوراة الموسويّة ، ولم يذكر المسيح في حياته نصًّا عن الخطيئة أو الكفّارة أو الصّلب أو الثّالوث، فتلك عقائد طبخها بولس والقساوسة بعد رفع المسيح .. واستمرّ المسيح يدعو إلى تطبيق شريعة العهد القديم، وكان هو نفسه يعمل بمقتضاها ويسير على هداها؛ قال المسيح: (لا تظنّوا أنّي جئت لأبطل الشّريعة وتعاليم الأنبياء، ما جئت لأبطل بل لأكمل)( )، لكن اليهود خافوا على مصالحهم ومكتسباتهم بعد أن هدّدهم المسيح وفضحهم على رؤوس الأشهاد، فتآمروا وخطّطوا فأُلقي القبض عليه، فحاكموه وأهانوه، ثمّ قدّموه إلى الصّليب فصلبوه – حسب الأناجيل – وبعدما صُلب زعم النّصارى أنّ صلبه كان تكفيرًا وفداء لخطيئة آدم و تخليصًا للبشريّة من اللّعنة التي أصابتها منذ فجر التّاريخ، ويجمــع النّصارى – على اختلاف مللهم ونحلهم – على أنّ المسيح صلب من أجل خطايا البشر بإرادته وطواعيته، وبموته رُفعت الخطيئة الأبديّة واسترجع الإنسان حرّيته، وغفرت لبني آدم جميع زلاّتهم وسيّئاتهم، واستحقّ المسيح أن يلقّب بالمخلّص لأنّه خلّص البشر من عبوديّة الشّيطان.
وأكثر الآيات الإنجيليّة التي تقرّر عقيدة الكفّارة والفداء توجد في الرّسائل الأربع عشرة لبولس، الذي كان متحمّسًا تحمّسًا مريبًا لهذه الفكرة، حتّى إنّه لم يكن مستعدًّا لقبول فكرة أخرى غيرها إلاّ تلك، يقول بولس (إنّي لم أعزم أن أعرف شيئًا بينكم إلاّ يسوع المسيح وإيّاه مصلوبًا)( )، ويقول بولس مروّجًا سلعة الفداء (المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب)( )، ولا أدري ما هي الكتب التي يقصدها بولس !؟، وللملاحظة فكثيرًا ما نجد في العهد الجديد إحالات مبهمة كهذه دون ذكر الكتب بأسمائها وأسفارها، لتعويم القارئ وإيهامه بصدق الإحالة دون إعطائه فرصة الاطّلاع عليها، وقد اكتشف العديد من الباحثين عدم صدق الكثير من تلك الإحالات فتنبّه، ويقول بولس: (الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا)( )، وجاء في رؤيا يوحنا (الذي أحبّنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه)( ).
أمّا أشهر آية إنجيليّة في هذا الباب والتي يفتخر رعاة الكنائس بترديدها في كلّ صلاة وقدّاس فهي (هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة)( )، إنّ الكنيسة برجالها وأناجيلها تقرّر أنّ المسيح وُلد ليموت ونزل من السّماء ليُقتل، إنّه عطيّة الله للنّاس، لم يأت المسيح ليعيش بل جاء ليموت عن آخرين، أرسل الله المسيح ليغسل بدمه خطيئة آدم، وبذلك يمحو جميع الخطايا التي ورثناها بفعل الخطيئة الأصليّة، ويفهم من عقيدة النّصارى أنّ المسيح حضر إلى الأرض لأداء مهمّة "الانتحار" على يد اليهود والرّومان !
وقد يُصدّق بعض من لا يقرأ الأناجيل بتلك المسرحيّة المحبوكة، لكن من يتمعّن قليلاً في نصوص العهد الجديد يستغرب أشدّ الاستغراب من استماتة المسيح في الدّفاع عن نفسه، ورفضه للموت وحرصه على البقاء حيًّا، وليس من العجب أن نراه يقوم بجميع المحاولات للنّجاة بنفسه من أعدائه، لقد كان المسيح إنسانًا يحبّ الحياة، لقد جاء ليعيش، وهذا حقّه الطّبيعيّ، على الرّغم من المحاولات الفاشلة للأناجيل وشرّاحها الذين أرادوا إجبار المسيح على الموت رغم أنفه، ونرى أنّ رجال الكنيسة إذا أرادوا إقناع النّاس بقصّة الفداء يستدلّون بأقوال المسيح في التّنبّؤ بآلامه ومنها قوله (.. كيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألّم كثيرًا ويُرذل)( ).
وقوله: (كذلك ابن الإنسان أيضًا سوف يتألّم منهم)( ) فهل هذه أدلّة يُركن إليها وأين الفداء و الخلاص و الصّلب من هذه الأقوال…؟، إنّ ما فعله المسيح بأقواله هذه هو تحضير أصحابه إلى الآلام التي يعانيها كلّ صاحب دعوة، فالطّريق وعرة ومحفوفة بالمخاطر، ومنهج الأنبياء مليء بالعقبات والأشواك، وقد أصابت تلك الاضطهادات المؤلمة الدّعاة إلى الله منذ فجر التّاريخ وما تزال، قال محمّد رسول الله : "الأنبياء أشدّ بلاء ثمّ الأمثل فالأمثل".
لكن البوْن شاسع بين أن يتعرّض الدّاعية لاضطهاد الكفّار والمجرمين وأن يستسلم للموت كالنّعجة طواعية وعن اختيار !وقد استبعد المسيح فكرة الموت الاختياري والفداء بلسان حاله ومقاله، ونستشفّ ذلك من عدّة آيات إنجيليّة: (أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني .. أليس موسى قد أعطاكم النّاموس، وليس أحدٌ منكم يعمل بالنّاموس، لماذا تطلبون أن تقتلوني؟)( )، (أنا عالم أنّكم ذريّة إبراهيم، لكنّكم تطلبون أن تقتلوني، لأنّ كلامي لا موضع له فيكم.. لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم، ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد حدّثكم بالحقّ الذي سمعه من الله، هذا لم يفعله إبراهيم)( )، حاول المسيح بهذه الكلمات العاطفيّة إقناع اليهود بأنّه نبيّ مرسل يتكلّم بالحقّ من عند الله، وأعلّمهم بأنّ أيّ مؤامرة لقتله ستكون ظلمًا وعدوانًا على الكتب السّماويّة وتعاليم الأنبياء، ثمّ عزف المسيح على وتر العاطفة حين ذكّرهم بإبراهيم، فقد كان اليهود يفتخرون به ويحبّون الانتساب إليه، محاولة منه لحماية نفسه من شرّهم، وجاء في الإنجيل: (.. وجاءوا إلى حافّة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتّى يطرحوه أسفل، أمّا هو "المسيح" فجاز في وسطهم ومضى)( )، وفي مرّة أخرى (فلمّا خرج الفريسيّون تشاوروا عليه لكي يهلكوه، فعلم يسوع وانصرف من هناك)( )، ومرة ثالثة (فرفعوا حجارة ليرجموه أمّا يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازًا في وسطهم ومضى)( )، (كان يسوع يتردّد بعد هذا في الجليل؛ لأنّه لم يرد أن يتردّد في اليهوديّة لأنّ اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه)( )، (فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه، فلم يكن يسوع أيضًا يمشي بين اليهود علانية بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البرّيّة)( ).
هل هذه تصرّفات من يريد الموت أو من جاء ليصلب لخلاص البشريّة!؟، لماذا المماطلة، لماذا التخفّي عن أعين اليهود والهرب من وجه الأعداء خوفًا من أذيّتهم، لقد حاولوا قتله كما نرى عدّة مرّات، وطلبوا إزهاق روحه في عدّة مناسبات، فلماذا لم يُسلّم نفسه لهم منذ البداية !؟ لماذا هذا التّأخير الذي يكلّف الإنسانيّة العناء الشّديد، لماذا أصرّ المسيح على إطالة معاناة البشريّة التي تنتظر فداءها بفارغ الصّبر، فهلاّ أسرع في إنقاذها بقوله لليهود: "من فضلكم خذوني وارجموني واصلبوني من أجلكم أيّها الخاطئون ثقيلو الأحمال !" لكن نرى المسيح في الإنجيل، من خلال تلك الآيات كأنّه يريد ترك الفداء البطوليّ إلى آخر الفيلم، وما فائدة فيلم يموت البطل في أوّله !، لقد أصرّ المسيح على اللّعب مع اليهود لعبة 'السّارق و الشّرطيّ' وتقاعس عن أداء واجبه الذي كلّف به !؟
سيجيب أيّ قسّ عن هذا المنطق بأنّ ساعة المسيح لم تكن قد حانت بعد، فعندما تأتي ساعته يسلّم نفسه لليهود والرّومان بكلّ هدوء وبرودة أعصاب وبلا خوف ولا وجل من رعب الصّلب وأفعى الموت !.. فهل حدث هذا، وهل جاءت تلك السّاعة!؟
رغم أنّ النّصارى يقولون بحدوث ذلك ومجيء تلك السّاعة، إلاّ أنّ روايات الأناجيل عن آخر ساعات المسيح على هذه الأرض تعصف بفكرة الفداء وتجعلها قاعًا صفصفًا، وتحكم على الكفّارة بالخرافة المحضة، وتعال – أيّها القارئ الموضوعيّ – نتابع سلوك رجل يريد أن يموت بكلّ قواه من أجل الآخرين في آخر لحظات حياته كما ترويها الأناجيل الأربعة.
عندما اقتربت ساعة القبض على المسيح قال لتلاميذه: (عندما أرسلتكم بلا مال ولا كيس ولا حذاء هل احتجتم إلى شيء؟ قالوا: لا، فقال لهم: أمّا الآن فمن عنده مال فليأخذه، أو كيس فليحمله، ومن لا سيف عنده فليبع ثوبه ويشتر سيفًا… فقالوا: يا ربّ معنا هنا سيفان، فأجابهم يكفي)( ).
يأمر المسيح تلاميذه بالتزوّد بالمال، وبيع ثيابهم لشراء السّيوف، فالمال قد يساعدهم في التسلّح والدّعم اللّوجيستي، وفعلاً امتلك التّلاميذ سيفين، ولو كان باستطاعتهم اقتناء أكثر من ذلك لفعلوا، ولو كان المسيح في عصرنا لأمر أتباعه بشراء القنابل والبنادق الرشّاشة… وما فائدة السّيوف يا ترى التي يأمر المسيح باقتنائها، هل هي سيوف للزّينة والدّيكور، أم كما يقول أحمد ديدات لنزع قشر الموز والبرتقال!!
السّيوف لم تصنع لذلك، فقد كانت الدّعوة لاقتنائها استنفارًا عامًّا قبل أن يداهم اليهود التّلاميذ، وقد ظنّ المسيح أنّ التّلاميذ الأحد عشر الأقوياء الأشاوس – مزوّدين بالسّيفين والعصيّ – قادرون على ردّ عدوان شرذمة من حرس اليهود، فلم يكن المسيح عالمًا بأنّ اليهود سيستعينون بجنود الرّومان.
وما يزال السّؤال مطروحًا، الذي يأتي حقًّا لتسليم نفسه للموت كالنّعجة المسالمة والخروف الوديع ماذا عساه أن يفعل بالسّيوف، أجيبوا أيّها القساوسة !؟.
(ثمّ جاء يسوع مع تلاميذه إلى موضع اسمه جتسماني فقال لهم: اقعدوا هنا حتّى أذهب وأصلّي هناك وأخذ معه بطرس وابني زبدي.. ثمّ قال لهم: انتظروا هنا واسهروا معي)( ).
يقول أحمد ديدات في تعليقه على هذه الآيات في كتابه (مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والخيال): » ولستَ بحاجة إلى عبقريّة عسكريّة، لكي تدرك أنّ المسيح يوزّع قوّاته كأستاذ في فنّ التّكتيك… والسّؤال الذي يفرض نفسه على أيّ مفكّر هو لماذا ذهبوا جميعًا إلى ذلك البستان؟ ألكي يصلّوا؟ ألم يكونوا يستطيعون الصّلاة في تلك الحجرة( )؟ ألم يكونوا يستطيعون الذّهاب إلى هيكل سليمان، ولقد كان على مرمى حجر منهم وذلك لو كانت الصّلاة هي هدفهم؟ كلاّ ! لقد ذهبوا إلى البستان ليكونوا في موقف أفضل بالنّسبة لموضوع الدّفاع عن أنفسهم!. ولاحظ أيضًا أنّ المسيح لم يأخذ الثّمانية لكي يصلّوا معه إنّه يضعهم بطريقة استراتيجيّة في مدخل البستان، مدجّجين بالسّلاح كما يقتضي موقف الدّفاع والكفاح.. لقد وزّع ثمانية لدى مدخل البستان، والآن على أولئك الشّجعان الأشاوس الثّلاثة – مسلّحين بالسّيفين – أن يتربّصوا ويراقبوا ويقوموا بالحراسة!، الصّورة هكذا مفعمة بالحيويّة، إنّ يسوع لا يدع شيئًا نُعمل فيه خيالنا«.
ويستمرّ الإنجيل في سرده آخر تفاصيل حياة المسيح فيذكر عن ملابسات اعتقاله (وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنّا، وبدأ يشعر بالرّهبة والكآبة، فقال لهم: نفسي حزينة حتّى الموت انتظروا هنا واسهروا! وابتعد قليلاً ووقع إلى الأرض يصلّي حتّى تعبر عنه ساعة الألم إن كان ممكنًا فقال أبي، يا أبي ! أنت قادر على كلّ شيء، فابعد عنّي هذه الكأس، ولكن لا كما أنا أريد بل كما أنت تريد)( )، ويقول متّى إنّ المسيح صلّى تلك الصّلاة المفعمة بالعواطف ثلاث مرّات، في حين يضيف لوقا بعض التّفاصيل الدراميّة في هذا المشهد؛ فيقول: (وابتعد عنهم مسافة رمية حجر ووقع على ركبتيه وصلّى فقال: يا أبي، إن شئت، فأبعد عنّي هذه الكأس !، ولكن لتكن إرادتك لا إرادتي، وظهر له ملاك من السّماء يقوّيه، ووقع في ضيق فأجهد نفسه في الصّلاة، وكان عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض)( ).
يا له من موقف تتقطّع له الأكباد حزنًا وضحكًا، لم أعد أفهم شيئًا، أين سيصنف نقّاد أفلام السّينما هذا المشهد، مع المشاهد الدّراميّة أم الكوميديّة!؟ فإنّ من المفترض أنّ المسيح ُقدّر له بقضاء الله قبل ميلاد آدم صاحب الخطيئة أن يموت من أجل البشريّة طواعية، وكان من المتّفق أن يتأنّس الله وينزل إلينا ويصبح واحدًا منّا ليُسلّم نفسه فيموت عنّا، لكنّ المسيح يفاجئ الجميع في هذه الآيات عندما يدعو الله أن يجيز عنه تلك الكأس، ويطمع أن يعفيه الله من تلك الآلام ومن تلك المهمّة، إن كان ممكنًا، لقد وقّع المسيح على صفقة إعدامه قبل آلاف السّنين، فلماذا يراوغ الآن ويحاول التهرّب من تنفيذ الصّفقة – طبعًا إن كان ممكنًا – هل أدرك المسيح أنّ هذه الصّفقة كانت خاسرة، أم أنّ الله جعله يوقّع على بياض ثمّ …؟ أم أنّ المسيح الذي وظّفه الله لتلك المهمّة الفدائيّة لم يكن مطّلعًا على تعليمات الوظيفة التي تقلّدها؟ فبماذا يمكن تفسير الحزن والكآبة والرهبة، وقطرات عرق كالدم، والبكاء، والصّلاة، والدّعاء بالنّجاة…؟
إنّ الأقنوم( ) الثّاني "المسيح" كان له رأي آخر مخالف لرأي الأقنوم الأوّل "الأب" في معالجة قضيّة الخطيئة، لكن يبدو أنّ الأقنوم الأوّل فرض رأيه ونفذ إرادته بلا مشاورة الأقنوم الثّاني، وأتساءل لماذا يكفِّر الله خطيئة البشر بتقديم غيره كفداء؟
إنّ المسيح كغيره من الأنبياء لم يكن يؤمن بعقيدة الخطيئة، ولا بحاجة البشريّة لتكفيرها، فقد رفض بتصرّفاته الفداء، فلماذا يجبره الله على فعل شيء لا يريده؟ لماذا لم يقدّم الأب حينها نفسه للفداء بدل ابنه؟ فما ذنب المسيح حتّى يقاسي كلّ تلك الآلام وهو يصرخ ويصيح ويتألّم؟ في حين أنّ آدم الذي أكل من الشّجرة يتنعّم في الجنّة بعد رفع الخطيئة عنه.
نعود مرّة أخرى للسّاعات الأخيرة للمسيح على الأرض، لقد صوّرت الأناجيل المسيح المخلّص بصفات مزرية، وهي لا تشرّفه، بل هي عارٌ وعيب في حقّ المجاهدين والأبطال، الذين يصلّون ويدعون الله أن ينالوا الشّهادة في سبيله، وكم من مسلم يتمنّى الشّهادة، وعندما يلقاها يحسده عليها المخلصون من أصحابه ويتمنّون لو كانوا مكانه، أمّا المسيح هنا فهو يبكي كالمرأة الضّعيفة، ويدعو ويصلّي حتّى ينقذه الله من أيدي اليهود، أي منطق هذا؟ لماذا يصرّ الله على تعذيب المسيح بتخويفه وإرهابه، ألا يقدر الله على إرسال رجل !؟ ألم يكن قادرًا على فداء النّاس بفاد أكثر عزيمة وأقوى شكيمة بدل هذا الجبان البكّاء( ).
ويعلّق أحمد ديدات على هذا الوضع المؤسف للمسيح إزاء الكفّارة في الكتاب السّابق تحت عنوان "مضحٍّ على الرّغم منه ": » لو كانت تلك هي خطّة الله في التّكفير عن خطايا البشر "موت المسيح" فإنّ الله – وحاشا لله – يكون – وفق النّصارى – قد تنكب الصّواب، إنّ الممثّل الشّخصيّ للّه كان حريصًا على ألاّ يموت، فهو يصرخ ! يتباكى ! يعرق !يجأر بالشّكوى !على النّقيض من أشخاص مثل القائد الإنجليزيّ لورد نلسون، بطل الحرب الذي قال لشبح الموت – فيما يروي -: "شكرًا لله، لقد أديّت واجبي" .. لقد كان يسوع – كما يصوّره النّصارى – ضحيّة راغبة عن التّضحية، ولو كانت تلك هي خطة الله أو مشيئته من أجل الخلاص، فإنّها إذن خطّة أو مشيئة لا قلب لها، كانت عمليّة اغتيال بالدّرجة الأولى، ولم تكن خلاصًا قائمًا على أساس من تضحية تطوّعيّة«.
ومن محاولات المسيح كذلك للنّجاة من الموت أنّه حاول الهرب من أيدي أعدائه، ومغادرة المكان الذي حاصره فيه اليهود ليلة القبض عليه إذ يذكر عن المسيح قوله: ( قوموا ننصرف اقترب الذي يسلّمني)( ).
ولمّا رأى المسيح أنّ قوى اليهود كانت أكبر ممّا توقّع أعرض عن فكرة المقاومة، وطلب من تلاميذه مغادرة المكان، لكنّ اليهود باغتوهم في آخر لحظة، وحدثت مناوشات (وكان سمعان بطرس يحمل سيفًا، فاستلّه وضرب خادم رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى …)( )، والسّؤال المطروح لماذا أحضر المسيح معه تلاميذه الأحد عشر إلى البستان فلقد كان عازمًا على الاستسلام، فلماذا لم يذهب وحده !! ؟
نعود إلى صراخ المسيح في تلك اللّيلة الرّهيبة، وإلى تضرّعاته وصلواته حتّى يصرف الله عنه تلك السّاعة العصيبة، يقول لوقا على لسان المسيح: (قال يا أبي، إن شئت فأبعد عنّي هذه الكأس! ولكن لتكن إرادتك لا إرادتي، وظهر له ملاك من السّماء يقوّيه)( )، فما هو دور هذا الملاك الذي ظهر فجأة ليقوّي المسيح، وبماذا يقوّيه ولماذا؟، هل يحتاج الإله المتجسّد إلى دعم من ملاك مخلوق، أم أنّ هذا الملاك جاء لإقناع المسيح بنبل عمله البطوليّ، وتذكيره بواجبه!؟
نحن لا نفهم هذه الآية بهذه الطّريقة، لقد كان المسيح نبيًّا من الأنبياء، دعا الله في حالة الشدّة، فأرسل الله إليه ملاكًا يرشده إلى الصّبر ويعدّه بالنّصر، ويبشّره بالنّجاة من الموت، وقد نجّاه لتقواه ولكونه من عباد الله الصّالحين؛ قال تعالى:  كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ الله قويّ عزيز  المجادلة 21، وجاء هذا المعنى بشكل واضح في رسالة بولس للعبرانيّين، الذي ذكر أنّ الله سمع للمسيح دعاءه وأنقذه في ساعة المحنة لتقواه، قال بولس: (وهو الذي في أيّام حياته البشريّة رفع الصّلوات والتضرّعات بصراخ شديد، ودموع إلى الله القادر أن يخلّصه من الموت، فاستجاب له لتقواه)( )، وهذا دليل آخر على نجاة المسيح من الصّلب، وأنّه لم يأت للانتحار بسبب تفّاحة أكلت قبل آلاف السّنين، قال الله تعالى  وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم، وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه، ما لهم به من علم إلاّ إتباع الظنّ وما قتلوه يقينًا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزًا حكيمًا  النّساء 157 – 158.
ورنّم داود في المزامير: ( الآن عرفت أنّ الربّ مخلص مسيحه يستجيب له من سماء قدسه بجبروته خلاص يمينه )( ).
وبعد اعتقال المسيح، قُدّم للمحاكمة في عدّة مجالس عند اليهود والرّومان، ويتناقض روّاة الأناجيل الأربعة تناقضًا خطيرًا في وصف المحاكمات، فبينما يعمل متّى على إبراز المسيح في تلك المحاكمات كنعجة مستسلمة، وخروف وديع، لا يدافع عن نفسه، ولا يُعارض أعداءه اليهود فيما ينسبونه إليه من زوّر و بهتان، ولا ينبس ببنت شفة، حين يُضرب ويُجلد، ويصدر عليه حكم الإعدام، استنادًا لبشارة إشعياء (و لم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذّبح وكنعجة صامتة أمام جازريها فلم يفتح فاه)( )، قال متّى: (وكان رؤساء الكهنة والشّيوخ يتّهمونه، فلا يجيب بشيء، فقال بيلاطس أما تسمع ما يشهدون به عليك؟ فما أجابه يسوع عن شيء، حتّى تعجّب الحاكم كثيرًا)( ).
ويفاجئنا مرقس ولوقا ويوحنّا برواية تفاصيل أخرى، مخالفة لرواية متّى، فجعلوا المسيح يدافع عن نفسه ببراعة فائقة؛ قال مرقس: (فقام رئيس الكهنة في وسط المجلس وسأل يسوع: أما تجيب بشيء؟ ما هذا الذي يشهدون به عليك؟ فظلّ ساكتًا لا يقول كلمة، فسأله رئيس الكهنة أيضًا، وقال له أأنت المسيح ابن المبارك؟، فقال يسوع أنا هو، وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوّة وآتيا في سحاب السّماء)( )، وقال لوقا عن أحداث المحاكمة: (وقالوا له إن كنت المسيح، فقل لنا، فأجابهم إن قلت لكم لا تصدّقون، وإن سألتكم لا تجيبون ولا تخلون سبيلي، لكنّ ابن الإنسان سيجلس بعد اليوم عن يمين الله، فقالوا كلّهم أأنت ابن الله !؟ فأجابهم: أنتم تقولون إنّي أنا هو، فقالوا أنحتاج بعد إلى شهود؟ ونحن بأنفسنا سمعنا كلامه من فمه)( ).
فاليهود يرفضون الحقّ مهما كان جواب المسيح، لذا لا فائدة من أن يجيب المسيح الذي يعرف موقف اليهود منه مسبقًا، ولم يخف اعتقاده بتعصّبهم ضدّه وحرصهم على إيذائه، أمّا يوحنّا فهو يقدّم تفاصيل أكثر إثارة في دفاع المسيح عن نفسه في أثناء المحاكمات، ويستحقّ المسيح أن يصنّف في سلك المحامين البارزين لو كان في عصرنا.
وتأمّل معي هذا النصّ بكامله: (وسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وتعليمه، فأجابه يسوع: كلمتُ الناس علانية وعلّمت دائمًا في المجامع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود كلّهم، وما قلت شيئًا واحدًا في الخفية، فلماذا تسألني؟ إسأل الذين سمعوني عمّا كلّمتهم به، فهم يعرفون ما قلت، فلما قال يسوع هذا الكلام، لطمه واحدٌ من الحرس كان بجانبه وقال له: أهكذا تجيب رئيس الكهنة؟ فأجابه يسوع: إن كنتُ أخطأت في الكلام، فقل لي أين الخطأ؟ وإن كنت أصبت، فلماذا تضربني ؟)( ).
لقد فتح المسيح فاه مرات ومرات ودافع عن نفسه بجدارة فبطلت نبوة اشعياء وبطل استشهاد متى بها.
إنّ دفاع المسيح عن نفسه في هذا النصّ يعصف بادّعاءات متّى وإشعياء، فيما إذا كان المسيح فتح فاه أو لا، ودافع عن نفسه أم بقي ساكتًا !، ألم يطّلع متّى على تلك الكلمات، أم أنّها وردت من المسيح كتابيًّا، وليس شفهيًّا ليقال إنّه لم يفتح فاه !؟
ولنتأمّل حجج المسيح في دفاعه عن نفسه، إنّه يخبر رئيس الكهنة بأنّه ليس عنده ما يخيفه، لأنّ دعوته واضحة ومعلنة، فهو يدعو النّاس للعمل بالنّاموس وعبادة الله لا شريك له، فأيّ محاولة لإيذائه ستكون بلا ريب محاربة للدّين وعدوانًا على الله، وعندما لطمه ذلك الجنديّ دافع المسيح عن ذاته ورفض أن يُضرب من غير ذنب، وإذا كان المسيح يعلم أنّه سيموت ويعدم، فما فائدة العناء في الردّ على لطمة جنديّ؟.
إنّ المسيح رجل يحبّ الحياة، كما نحبّها، وتأخذه الغيرة على نفسه ويتأثّر نفسيًّا ووجدانيًّا للطمة فضلاً عن صلب وإعدام، ولا غرابة في ذلك لمن علم أنّ المسيح رجل أرسله الله لهداية البشريّة يصيبه ما يصيب النّاس، ويتألّم كما يتألّم النّاس، وليس إلهًا يتلقّى اللكلمات واللّطمات من جنديّ حقير.
وفي مشهد آخر داخل محكمة أخرى لدى بيلاطس، فتح المسيح فاه مرّات ومرّات مدافعًا عن حقّه في الحياة، واعتبر نفسه بريئًا من كلّ تهمة ألصقت به (فعاد بيلاطس إلى قصر الحاكم ودعا يسوع وقال له: أأنت ملك اليهود؟ فأجابه يسوع: هذا من عندك، أم قاله لك آخرون، فقال بيلاطس: أيهوديّ أنا !؟ شعبك ورؤساء الكهنة أسلموك إليّ فماذا فعلت؟ أجابه يسوع ما مملكتي من هذا العالم، لو كانت مملكتي من هذا العالم، لدافع عنّي أتباعي حتّى لا أسلَّم إلى اليهود، لا، ما مملكتي من هنا، فقال بيلاطس: أملِك أنت، إذن؟ أجابه يسوع: أنت تقول إنّي ملك، أنا وُلدت وجئت إلى العالم حتّى أشهد للحقّ، فمن كان من أبناء الحقّ يستمع إلى صوتي، فقال له بيلاطس: ما هو الحقّ؟، قال هذا وخرج ثانية إلى اليهود وقال لهم: لا أجد سببًا للحكم عليه)( ).
وعلى الرّغم أنّ اليهود ورؤساءهم اتّهموا المسيح بتهم سياسيّة باطلة وأحضروا شهود زور، وأوغروا صدر بيلاطس عليه، وورّطوه بتهم تتعلّق بأمن الدّولة، مثل ادّعائه الملك على اليهود، ومحاولته التمرّد على السّلطة الرّومانيّة، والثّورة على الأوضاع في فلسطين، وهي تُهم يعاقب بها السّلاطين والملوك عادة بالإعدام أو السّجن المؤبّد على الأقلّ، إلاّ أنّنا نرى بيلاطس ينصت إلى دفاع المتّهم، وينظر في حججه فيقتنع مرّة بعد مرّة ببراءته، حتّى إنّه رفض بشدّة صلب المسيح (ها أنا أخرجه إليكم لتعرفوا أنّي ما وجدت شيئًا للحكم عليه)( )، وإضافة إلى تلك التّهم الخطيرة زادوا عليها تهمًا دينيّة كادّعاء المسيح الألوهيّة أو بنوّة الله، أو التّجديف على الله .. إلخ، ولكنّ المسيح أقنع بيلاطس مرّة تلو أخرى ببراءته من تلك الاتّهامات الملفّقة، فقال بيلاطس: (أي شرّ فعل هذا الرّجل لا أجد عليه ما يستوجب الموت فسأجلده وأخلي سبيله)( )، لكنّ اليهود رفضوا، وأبوا إلاّ أن يصلب (فلمّا رأى بيلاطس أنّه ما استفاد شيئًا، بل اشتدّ الاضطراب أخذ ماءً و غسل يديه أمام الجموع وقال: أنا بريء من دم هذا الرّجل الصّالح !دبّروا أنتم أمره)( ).
لو كان المسيح ساكنًا صامتًا مغلق الفم، فهل تراه يقنع سكوته بيلاطس! لقد دافع المسيح عن نفسه وردّ التّهم جميعها، ممّا جعل بيلاطس يقتنع تمام الاقتناع بصلاحه، وكونه ضحيّة لليهود، فحاول إنقاذه عدّة مرّات، ولو كان المسيح يريد حقيقة الموت على يد بيلاطس بإيعاز من اليهود، فلماذا لم يسكت في تلك المحاكمات، ولماذا يدافع ويتكلّم، ولماذا لم يقرّ بالتّهم فيريح ويستريح!؟
لماذا لم يقلها مدويّة لبيلاطس، 'نعم أنا ملك اليهود جئت لأخلّص الشّعب الإسرائيليّ من اضطهاد الرّومان، نحن لا نريدكم في بلادنا، عودوا من حيث جئتم أيّها الرّومان الكفّار المستعمرون'، فحينها سيأمر بيلاطس بإحضار المقصلة ليرى رأس المسيح يطير في الهواء بلا انتظار ولا تضييع وقت، لكنّ المسيح أخفى تلك التّهم، التي كان بعضها صحيحًا – في زعم الأناجيل –( ) ويستمرّ في إصراره على لعب لعبة "السّارق والشّرطيّ ".
لقد بدأت أشعر أنّ الحديث عن الكفّارة طال عمّا توقّعته وما يزال في جعبتي الكثير، لكن سأعمل على اختصار ما تبقّى، وأنتقل مباشرة إلى يوم "الجمعة الحزين"، وإلى المسيح وهو على الصّليب، في تلك اللّحظات المثيرة، في آخر السّاعات بل الدّقائق بل الثّواني يتلفّظ المسيح بكلمات قليلة أثبت فيها أنّه ضحيّة مؤامرة شارك فيها الثّالوث 'الله واليهود والرّومان' وليس للمسيح فيها ناقة ولا جمل.
كلمات عصفت بالخطيئة والكفّارة والفداء والتجسّد.
كلمات كشفت أدران القساوسة.
كلمات فضحت تعاليم الإنجيل والكنيسة.
فما هي تلك الكلمات؟
قال متّى: (وعند الظّهر خيّم على الأرض كلّها ظلام حتّى السّاعة الثّالثة، ونحو السّاعة الثّالثة صرخ يسوع بصوت عظيم: إيلي، إيلي لماذا شبقتني؟ أي إلهي، إلهي لماذا تركتني؟)( )، في حزن وكآبة وضجر يصرخ المسيح بصوت عظيم قائلاً لماذا تركتني !؟
إلهي لماذا تركتني أموت !؟
لماذا تركتني أقتل على يد اليهود، أنا الذي لم أعمل خطيئة !؟
لماذا تركتني لهذا المصير، وتلك النّهاية!؟
لماذا تركتني وحدي أتعذّب وأتألّم، أنا الذي مجّدتك !؟
لماذا تركتني، أنا ابنك الوحيد، فأين رحمتك بابنك !؟
لماذا تركتني أصلب بغير ذنب ارتكبته !؟
لماذا تركتني أُقتل، لا أريد أن أموت من أجل أحد ولا كفّارةً
عن أحد.
أريد أن أعيش، أريد أن أعيش …
"إلهي لماذا تركتني" كلمات تتحدّث بنفسها عن نفسها لتخبرنا بأنّ "صلب المسيح كفّارة عن خطيئة البشريّة" أكبر أكذوبة في التّاريخ، وأخطر خرافة أضلّت الملايين من البشر بدل إنقاذهم من الشرّ.
(وعند الظّهر خيّم على الأرض كلّها ظلام حتّى السّاعة الثّالثة)( )، ثمّ (انشق حجاب الهيكل شطرين من أعلى إلى أسفل، وتزلزلت الأرض وتشقّقت الصّخور وانفتحت القبور، فقامت أجساد كثير من القدّيسين الرّاقدين، وبعد قيامة يسوع، خرجوا من القبور ودخلوا إلى المدينة المقدّسة وظهروا لكثير من النّاس)( )، لقد ختمت الظّلمة وانشقاق الهيكل والزّلزال… مشهد الصّلب وكأنّ هذه الأحداث المريعة جاءت لتعبّر عن فرحة وسرور ورضى الله بموت ابنه الوحيد، وتُعدّ الفرحة الغامرة بالزّلازل والظّلمة وانشقاق الصّخور، بدل تفتح الورود وزقزقة العصافير، ونسيم فجر جديد .. سابقة في عالم السّرور والرّضى! و راح التّلاميذ والنّساء يعبّرون عن فرحتهم بإنقاذ البشريّة بتلك السّابقة على غرار فرحة ربّهم ! يقول الكتاب المقدّس: (وتبعه جمهور كبير من الشّعب ومن نساء كنّ يلطمن صدورهنّ وينحن عليه)( )، (وبعدما قام يسوع في صباح الأحد، ظهر أوّلاً لمريم المجدليّة( ) التي أخرج منها سبعة شياطين، فذهبت وأخبرت تلاميذه وكانوا ينوحون ويبكون)( )، ويبدو أنّ النّساء والتّلاميذ لم يكونوا قد علموا بضرورة موت المسيح، وقتل المسيح على يد الرّومان بإيعاز من اليهود، هؤلاء الذين يحار المرء أين يضعهم، في زمرة القتلة والمجرمين والكفّار الطّالحين، لصلبهم المسيح ظلمًا وعدوانًا أم في زمرة المتّقين الصّالحين لتنفيذهم أمر الله ومراده !
لقد يسّر اليهود خلاص العالم ونفّذوا خطّة الله الأزليّة في صلب المسيح، فهل يا ترى كان الله راضيًا عنهم أم ناقمًا؟ لا شكّ أنّه لا بدّ من تقديم الشّكر لهم على هذه الخدمة الجليلة التي أسدوها للإنسانيّة، لكنّ النّصارى ينسون هذا الجميل ويُصرّون على لعن اليهود وتحميلهم جريمة اغتيال المسيح !؟
عجبًا للمسيح بين النّصارى
أسلموه إلى اليهود وقالوا
فإذا كان ما يقولون حقًّا
حين خلى ابنه رهين الأعادي
فلئن كان راضيًا بأذاهم
وإذا كان ساخطًا فاتركوه
وإلى أيّ والد نسبوه
إنّهم بعد قتله صلبوه
فسلوهم أين كان أبوه ؟
أتراهم أرضوه، أم أغضبوه !
فاشكروهم لأجل ما فعلوه
واعبدوهم لأنّهم غلبوه

أمّا نصوص الإنجيل فهي تنطق بالحقد والضّغينة واللّعنة على أولئك الذين أسلموا المسيح للموت؛ يقول المسيح: (ويل لذلك الرّجل الذي به يُسلم ابن الإنسان، كان خيرًا له لو لم يولد)( ).
أيّها المسيح أتدري أنّه لو لم يولد يهوذا الإسخريوطي الذي أسلمك لليهود من أجل ثلاثين من الفضّة، فمن يسلمك إذن للموت عنّا وعن خطايانا؟، أيّها المسيح أتدري ما معنى قولك عن يهوذا "الويل له"؟، لقد سهّل وصولك للصّليب لفدائنا، ألم يكن من المناسب شكره لفضله علينا؟ فإذا كان الخير ليهوذا ألاّ يولد، أليس من الخير أن يسلمك من أجلنا، فأيّ خير أفضل من الثّاني ! !؟، لماذا تحمل – أيّها المسيح – يهوذا الإسخريوطي كلّ هذا الوزر وهو "أداة خلاصنا"، هل يعقل أن يلعن المريض الدّواء المرّ، ويقول خيرًا له لو لم يخترع !؟، ثمّ ما معنى قولك لبيلاطس: (أمّا الذي أسلمني إليك فخطيئته أعظم من خطيئتك) ؟( ).
لم أعد – أيّها المسيح – أفهمك، فمرّة تريد أن تموت من أجلنا ثمّ تخطئ من يعين على موتك لأجلنا، كيف أوفّق بين الأمرين، رويدًا ارفق بعقلي، الذي يلهث وراء تساؤلاتي العديدة ولا يكاد يدركها.
أيّها المسيح، ألم يكن الله قادرًا على صلبك دون توريط اليهود والرّومان ويهوذا الإسخريوطي، الذي تلقّى العقاب بدل الإحسان من جانبك؛ إذ (إنّه وقع على رأسه وانشقّ من وسطه واندلقت أمعاؤه كلّها…)( )*.
لقد كلَّ عقلي عن مجاراة البحث في متاهات الكفّارة والفداء، وبدأت أشعر أنّ الموضوع يحتاج إلى مجلّد أو أكثر، وأعمل على اختصار بعض ما تبقّى من الملاحظات وليس كلّها.
إنّ الله تجسّد في المسيح، فأصبح المسيح أقنومًا من الأقانيم الثّلاثة التي تُدعى الثّالوث، وإن المسيح إله كامل وإنسان كامل… فعلى أيّ أقنوم من الثّالوث وقع الصّلب: على الأب، أم الابن أم الرّوح القدس!؟ سيقول النّصارى: إنّ الصّلب وقع على الأقنوم الثّاني وهو المسيح ابن الله، لكن الابن "المسيح" جزء من الثّالوث الذي لا ينفصل عن الأقنومين الآخرين، وبموت الأقنوم الثّاني يموت الجميع، أي يموت الثّالوث كلّه، وسيقول بعض النّصارى أنّ للمسيح طبيعتين لاهوتيّة وناسوتيّة، والصّلب وقع على الجانب النّاسوتيّ، وهذا الذي أريد الوصول إليه.
ما معنى الجانب النّاسوتيّ؟ فالمسيح كان إلهًا تامًّا وإنسانًا تامًّا، والصّلب وقع على المسيح باعتباره إنسانًا تامًّا، وكان من المفترض، حتّى لا ننسى، أن يكون الفادي إلهًا طاهرًا من الخطيئة الأصليّة، لكنّ الله فشل عندما صلب ناسوت المسيح "الإنسان التّامّ والكامل "، ويكمن وجه الفشل في كون هذا الإنسان مدنّسًا بالخطيئة؛ لأنّها انتقلت إليه من أمّه مريم، فيكون بذلك قد مات إنسان من أجل إنسان وهذا مرفوض، ولم يكن هناك داع للتجسّد فقتلت المسألة نفسها بنفسها، ونستنتج أنّ خطايانا للأسف لم ترفع، واللعنة باقية في أعناقنا، لأنّ الذي مات من أجلنا كان مخطئًا حسب الجسد مثلنا، وكنّا نأمل بموت الله الطّاهر، وليس الجسد، ناموس الله، الإنسان التّامّ المدنّس بالخطيئة كبقيّة أبناء جنسه، مما يعني أن المسيح مات عبثا.
ويقول بعضهم إنّ الله طهّر مريم من الخطيئة الأصليّة قبل إرسال المسيح إلى رحمها ! ولا دليل على هذا التّطهير، ثمّ لو كان الله قادرًا على تطهير بعض خلقه كما فعل مع مريم، بلا كفّارة ولا صلب ولا دم، فلماذا لم يفعل ذلك مع بقيّة البشريّة!؟
ونصيحتي لقساوسة النّصارى أن يعترفوا بأخطائهم، ويُذعنوا للحقّ بدل أن يتخبّطوا في الدّفاع والردّ بأيّ كلام، ممّا يجعل دفاعاتهم وردودهم تنقلب عليهم، وتكون حجّة أخرى على ضلالهم وتهرّبهم من سلطان العقل وقانون المنطق.
- أين ذهب المسيح بعدما صُلب؟
يجيبنا الإنجيل بجواب مذهل ومحيّر يدلّ على خبث بولس والمحرّفين لكلمة الله، يقول بولس: (المسيح افتدانا من لعنة النّاموس، إذ صار لعنة لأجلنا لأنّه مكتوب ملعون كلّ من عُلّق على خشبة)( ).
قال القسّ جواد بن ساباط: »كما أنّ المسيح مات لأجلنا ودفن، فلا بدّ أن يعتقد أنّه دخل جهنّم«، وزاد الرّاهب فيلبس كودانوس: »يسوع الذي تألّم لخلاصنا و هبط إلى الجحيم ثمّ في اليوم الثّالث قام من بين الأموات«.
ويذكر القساوسة استنادًا لرسالة بطرس في قوله: (الذي فيه أيضًا ذهب ليكرّز للأرواح التي في السّجن)( )، أنّ المسيح مكث في جهنّم ثلاثة أيّام، استغلّ فيها فرصة وجوده هناك ليدعو الذين ماتوا ودخلوا جهنّم ولم يكونوا قد آمنوا به ! !
ويقول القدّيس كريستوم: »لا ينكر نزول المسيح إلى الجحيم إلاّ الكافر«، فهل وصلت الجرأة بالنّصارى أن يؤمنوا بلعن المسيح "ربّهم ومخلصهم"، وإدخاله جهنّم إلى جوار فرعون والكفّار الآخرين!؟ نحن لا نؤمن بذلك، لأنّ المسيح من الصّالحين الذين وعدهم الله بالجنّة، وإذا كان الفادي المخلص ملعونًا فليت شعري كيف يقدر ملعون أن يفدي غيره من الملاعين !؟، وببساطة فإن بولس في هذه الآية يقول صراحة إنّ الله ملعون.
- من العادة أنّنا نقول عن الكريم إنّه كريم إذا قدّم أمواله وخدماته وضيافته للنّاس بمحض إرادته وعن طواعية، أمّا إذا أُخذ المال منه بالقوّة فهل يقال عنه كريم!؟ كذلك حتّى يقال عن صلب المسيح إنّه كان تضحية فلا بدّ أن يكون في موضع قوّة، لا أن يُجبر على التّضحيّة وهو راغب عنها؛ جاء في الإنجيل (لأنّه وإن كان صلب المسيح عن ضعف …)( )، فالذي يصلب عن ضعف أيحقّ أن يقال عنه بذل، وأعطى، وضحّى، لقد صلب المسيح وفق هذا النصّ الإنجيليّ حين ضعفه، رغم أنفه، فكيف يمكن التّوفيق بين الصّلب فداء والصّلب قسرًا !؟
- إذا كان الله يريد أن يخلّص البشريّة بكفّارة، فلماذا لم يبذل نفسه فدية، بتقديم الأقنوم الأوّل "الأب" إلى الصّلب بدلاً من إجبار الأقنوم الثّاني "الابن" على تلك الكفّارة التي رفضها، لقد كانت قضيّة الكفّارة محلّ اختلاف بين الأقنوم الأوّل والثاني، ممّا جعل الثّالوث في حيرة من أمره، فالأقنوم الأوّل "الأب" قاتل والأقنوم الثّاني "الابن" ضحيّة والأقنوم الثّالث "الرّوح القدس" أطرش في الزفّة !( ).
- إنّ المدّة الزّمنيّة بين آدم والمسيح ليست بالقصيرة، وقد عاش خلالها ملايين البشر على أقلّ تقدير، فأين كانت رحمة الله خلال تلك المرحلة الطّويلة، لماذا تركهم بلا فداء ولا خلاص، هل كانت هذه الفترة فترة حيرة بين العدل والرّحمة عند الله أم فترة تفكير في إيجاد مخرج للأزمة بينه وبين الإنسان!؟
- لقد رفع المسيح الخطيئة الحقيرة "الأكل من الشّجرة" فكيف بالأخطاء الأخطر والأعظم: كالإلحاد وسبّ الإله، والإشراك به وعدم التّصديق بوجوده، وقتل ابن الله… كيف تكفّر خطايا الزّندقة والهرطقة، وهي كما ترى أعظم بكثير من أكل ثمرة من شجرة ممنوعة، كيف تكفّر خطايا الزنا، والشّذوذ والاغتصاب والقتل والاختلاس والاستعمار والإمبريالية والعنصريّة، التي يضرب نصارى الغرب بها الرّقم القياسيّ !؟
- إذا كانت هذه الخطايا كلّها قد غفرت بموت المسيح على الصّليب فما فائدة المعموديّة، وسرّ الاعتراف للقسّ بالآثام والأخطاء، وما فائدة صلاة النّصارى إلى اليوم في كلّ مجلس " أبانا الذي في السّماء … اغفر لنا ذنوبنا " ؟.
- ألم يكن من الأفضل والأعقل والأقرب إلى الأفهام أن يقول الله – والله محبّة – إلى عباده: اذهبوا فقد غفرت لكم على نحو ما جاء في القرآن:  قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذّنوب جميعًا إنّه هو الغفور الرّحيم  الزّمر 53.
لقد رفع الله – بزعم النّصارى – الخطيئة عن البشريّة بصلب المسيح، والحقّ أنّه أوقعها في خطيئة أعظم، فالدّعوة للإيمان بالخطيئة الأصليّة، خطيئة في حدّ ذاتها لا تقلّ ضررًا عن سابقتها، وجعل الإيمان بموت المسيح أو الله أو أحد أجزائه، كفّارة عن تلك الخطيئة الأسطوريّة، خطيئة أخرى تحتاج إلى كفّارة أعظم!!.









التّثـليــــــث

رغبة في الاختصار ونفورًا من التّطويل لم أشأ الدّخول في متاهات شديدة الوعورة والظّلمة ترتبط بموضوع التّثليث، ومن تلك المتاهات ألوهيّة المسيح وبنوّته، وطبيعة الله اللاّهوتيّة والنّاسوتيّة .. إلخ، رغم أهمّيّة تلك المواضيع وعلاقتها الوطيدة بعقيدة التّثليث، وعدم رغبتي في دخول تلك المتاهات هو لشعوري أنّ البحث حينها سيطول جدًّا، وسيتشعّب ممّا يخرجه عن الهدف من وضعه؛ ذلك أنّ الهدف من كتابي ليس أن يصنّف ضمن الدّراسات العلميّة المتقدّمة، فيكون في متناول الباحثين المتخصّصين فقط، وإنّما الغاية منه أن يكون رسالة إعلاميّة سريعة يصل إليها النّصرانيّ العاديّ، ورجل الشّارع، دون أن يثقل كاهله كتابي إضافة إلى مشاغله اليوميّة، ومن ثمّ فضّلت التّعبير عن مناقضة التّثليث للعقل ومصادمته لكلّ منطق وعلم وتفكير بشريّ ببعض هذه الخواطر، وأعترف للقارئ أنّي وجدت صعوبة بالغة في اختياري النّقطة التي أنطلق منها في حديثي عن التّثليث، فمن أين أبدأ؟
التّثليث أهمّ اعتقاد يؤمن به النّصارى، فلا خلاص ولا غفران ولا دخول للجنّة إلاّ بالإيمان بأنّ الله هو ثلاثة أقانيم: الأب، الابن، الرّوح القدس، وهؤلاء الثّلاثة – في نظر النّصارى – ليسوا ثلاثة بل هم واحد، فالأب إله تامّ، والابن إله تامّ، و الرّوح القدس إله تامّ، لكنّ هؤلاء الآلهة التّامين ليسوا ثلاثة آلهة بل هم إله واحد تامّ!!
أنا أعلم أنّك – أيّها القارئ – لا تفهم شيئًا ممّا أقوله، لكن اعذرني فهذا قول القساوسة، هم ثلاثة آلهة… لكن يستدركون فيقولون لكنّهم واحد، وهو إله واحد، لكن يستدركون فيقولون لكنّهم ثلاثة آلهة، ثلاثة في الواحد وواحد في الثّلاثة!
وإذا كان من واجبي كباحث في هذا الموضوع أن أشرح لك هذا الكلام، فأعتذر إليك مسبقًا بقولي: "إنّ فاقد الشّيء لا يعطيه"؛ لأنّي كسائر علماء اللاّهوت ورجال الدّين والفلاسفة والمفكّرين لم أصل لغاية السّاعة لشرح أو فهم لذلك الكلام !
والتّثليث عند المسلمين كفر بالله  لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة وما من إله إلاّ إله واحد وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم  المائدة 73.
وهي عند الفلاسفة والمفكّرين أكبر خرافة في هذا الكون، جاء في مجلّة التّايم عدد 4 سنة 1966، ص 57، "إنّ الكتاب المقدّس – بما فيه من خطيئة وكفّارة وتثليث – هو أكبر مجموعة من الخرافات في تاريخ الحضارة الغربيّة ".
وهي عند المؤرّخين وعلماء مقارنة الأديان حلقة من حلقات الوثنيّة التي بدأت منذ فجر التّاريخ.
أمّا عند القساوسة والكنيسة فهي سرّ ولغز مقدّس! لا يمكن فهمه في هذه الدّنيا ولا تصوّره على حقيقته، جاء في أحد المجامع الكنسيّة، وهو مجمّع لاتيران، الذي عقد سنة 1315 م [ إنّنا نؤمن إيمانًا جازمًا من أعماق قلوبنا بأنّ هناك إلهًا واحدًا خالدًا لا نهائيًّا لا يحول ولا يزول، إلهًا لا نفهمه، عظيمًا لا يمكن التّعبير عنه: الأب والابن وروح القدس ..] ويقول القسّ بوطر بعد استعراضه عقــيدة التّثليث: » قد فهمنا ذلك على قدر طاقة عقولنا ونرجو أن نفهمه فهمًا أكثر جلاء في المستقبل، حيث ينكشف لنا الحجاب عن كلّ ما في السماوات والأرض، وأمّا في الوقت الحاضر ففي القدر الذي فهمناه الكفاية«.
ولننتقل الآن إلى تعريفات النّصارى للثّالوث وما هو المفهوم الذي يولونه لهذا المصطلح؛ يقول القسّ سامي حنا غابريال في كتابه (الله واحد أم ثالوث؟): » المسيحيّة تعلم أنّ الله الذي لا شريك له هو واحد في الجوهر موجود بذاته، ناطق بكلمته، حيّ بروحه، و يمكن أن نقول إنّ الله واحد في ثلاثة أقانيم والثّلاثة هم واحد، هم الله، دون انفصال أو تركيب، متساوون، إنّهم جميعًا الله، وكلّ أقنوم منهم هو الله، وهو ما تعلنه المسيحيّة بوضوح، الله موجود بذاته "الأب"، الله ناطق بكلمته "الابن" الله حيّ بروحه "الرّوح القدس"… والأقانيم الثّلاثة: الأب والابن والرّوح القدس واحد في الجوهر متساوون في كل شيء، في السرمدية ( الأزلية والأبدية ) وفي القدرة وفي كل ما يخص الله الواحد«.
يقول الأب بولس إلياس اليسوعي في كتابه ( يسوع المسيح ): من الناس من يقولون لماذا يا ترى إله واحد في ثلاثة أقانيم؟ أليس من الأفضل أن يقال إله واحد وحسب؟ لكننا إذا اطلعنا على كنه الله لا يسعنا إلا القول بالتثليث، وكنه الله محبة، ولا يمكن إلا أن يكون محبة، ليكون الله سعيدا، فالمحبة هي مصدر سعادة الله، ومن طبع المحبة أن تفيض وتنتشر على شخص آخر فيضان الماء وانتشار النور، فهي إذن تفترض وجود شخصين على الأقل يتحابان، وتفترض مع ذلك وحدة تامة بينهما، وليكون الله سعيدا، ولا معنى لإله غير سعيد، وإلا انتفت عنه الألوهية، كان عليه أن يهب ذاته شخصا آخر يجد فيه سعادته ومنتهى رغباته، ويكون بالتالي صورة ناطقة له.
ولهذا ولد اللهُ الابن منذ الأزل نتيجة لحبه إياه ووهبه ذاته، ووجد فيه سعادته ومنتهى رغباته وبادل الابنُ الأب هذه المحبة ووجد فيه هو أيضا سعادته ومنتهى رغباته، وثمرة هذه المحبة المتبادلة بين الأب والابن كانت الروح القدس، هو الحب إذن يجعل الله ثالوثا وواحدا معا…ولا يصح أن يكون هذا الكائن الذي حبس اللهُ الأبُ محبته عليه إلا الابن، ولو كان غير الابن، ولو كان خليقة غير محدودة، بشرا أو ملاكا، لكان الله بحاجة إلى من دونه كمالاً، وعُدّ ذلك نقصًا في الله والله منزّه عن النّقص، فتحتّم إذًا على الله والحالة هذه أن يحبس محبّته على ذاته فيجد فيها سعادته؛ لهذا يقول بولس الرّسول: إنّ الابن هو صورة الله غير المنظور… ليس الله إذًا كائنًا تائهًا في الفضاء، منعزلاً في السّماء، لكنّه أسرة مؤلّفة من أقانيم ثلاثة تسودها المحبّة، وتفيض منها على كلّ الكون براءته، وهكذا يمكننا أن نقول إنّ كنه الله يفرض هذا التّثليث «.
إنّ هذا التّفكير وإن كان يثير السّخريّة إلاّ أنّه منتشر جدًّا بين رجال الكنيسة، فهم يرون أنّ الله يجب أن يكون كائنًا مركّبًا حتّى يستطيع ممارسة صفاته الأزليّة كالسّمع والبصر والمحبّة وغيرها؛ أي أنّ الله قبل خلق العالم لم تكن صفاته معطّلة، لأنّه كان يمارس تلك الصّفات مع نفسه أو مع ابنه، لذلك وُجد الثّالوث كضرورة، لأنّه لو قلنا إنّ الله لم يكن يمارس صفاته وأفعاله قبل خلق العالم ثمّ مارسها بعد خلق العالم لحكمنا على صفات الله وأفعاله بأنّها كانت معطّلة، وعلى الله بالتغيّر من حالة إلى حالة، وهذا مستحيل لأنّ الله لا يتغيّر.
يقول القسّ سامي غابريال: » إذا كان الله محبًّا، سميعًا، عليمًا.. ناطقًا.. وأنّه غير متغيّر فماذا عن قبل الخلق؟ هل كانت صفات الله موجودة؟ نعم فهو غير متغيّر … وإن كان الله ناطقًا محبًّا، قبل أن يخلق.. فمع من كان يمارس صفاته وأعماله؟ هل كانت عاطلة… قبل خلق العالم… ثمّ صارت عاملة بعد الخلق؟ كلاّ و لو أنّ الله مطلق الوحدانيّة في الجوهر؛ فقبل أن يخلق ما معنى إذا سميع.. ناطق.. محبّ.. إذًا لا يمكن أن تكون وحدانيّة الله وحدانيّة مطلقة، مجرّدة، بل لا بدّ أن يكون الله الواحد في الجوهر جامعًا في وحدانيته، وبذلك يمارس صفاته بينه وبين نفسه لا بالوحدانيّة المجرّدة بل بوحدانيّته الجامعة الشّاملة الواحدة، وحيث أنّ صفات الله لا يمكن أن تكون قائمة في ممارستها إلاّ بين كائنين، أو أكثر أو بين عاقلين أو أكثر… وبما أنّ الله مع وحدانيّته وتفرّده بالأزليّة وعدم وجود تركيب فيه… كان يمارس الصّفات الإلهيّة بينه وبين ذاته… إذًا فوحدانيّة الله مع عدم وجود تركيب فيها هي وحدانيّة ليست مجرّدة، بل وحدانيّة من نوع لا مثيل لها في الوجود يمكن أن نسمّيها الوحدانيّة الشّاملة أو الجامعة «. وهي ما دعاها هذا القسّ وسمّتها الكنيسة وحدانيّة الثّالوث.
لقد أوردت كلام القساوسة السّابقين على طوله ليعرف النّصارى وغيرهم مقدار تفكير القسس والحجج التي يستندون إليها لتجويز الاعتقاد بالثّالوث، وإنّ هذا الاحتجاج السّخيف جدًّا ينقلب ضدّ القسس وضدّ الكنيسة وضدّ عقيدة التّثليث؛ إذ لو اعتقدنا أنّ صفات الله وأفعاله يجب أن تكون موجودة قبل خلق العالم وأنّ تلك الصّفات تمارس بين الأقانيم الثّلاثة وجب علينا إذًا أن لا نقتصر على الأمثلة التي يضربها القساوسة عن الصّفات الإلهيّة بل وجب التّعميم على جميع الصّفات والأفعال الإلهيّة، وهنا أتساءل أليست من صفات وأفعال الله الخلق وأنّ الله خالق؟ ستقولون بلى، وأقول هل كانت صفة الخلق معطّلة قبل خلق العالم ؟، ستقولون كلاّ.
وسأقول فإذن مع من كان يمارس صفة الخلق؟
لا شكّ وفق تفكيركم السّابق أنّ الله كان يمارسها مع نفسه أو ابنه أو مع الثّالوث 'الوحدانيّة الشّاملة كما يسمّيها القسّ غابريال'، فهل يمكن أن تشرحوا لنا كيف كان يمارس الله صفة وفعل الخلق مع نفسه أو ابنه أو ثالوثه، هل كان الله يخلق ذاته؟ فإذًا الله مخلوق ! هل خلق الله الابن؟!، لكنّ الكتاب المقدّس يقول عن الابن مولود غير مخلوق !، ماذا كان الله يخلق قبل خلق العالم حتّى يقال عنه خالق، وإنّه يملك صفة الخلق العاملة المعطّلة! ؟ أرأيتم أنّكم أيّها القساوسة تتورّطون في دفاعات متخبّطة عشوائيّة توقعكم في ورطات لا مخرج منها؟ وهذا مثال واحد عن صفة واحدة ضربته لكم فكيف بعشرات، بل بمئات الصّفات والأفعال التي تُنسب إلى الله؟
نعود الآن إلى الأقانيم الثّلاثة، ما معنى كلمة أقنوم؟
يقول النّصارى إنّ "الأقنوم" كلمة سريانيّة تعني كلّ ما تميّز عن سواه دون استقلال، وفي موضوع الثّالوث تعني وجود ثلاثة أشخاص متّحدين دون امتزاج ومتميّزين دون انفصال.
نسأل النّصارى هل لكم أن تضربوا لنا مثالاً واحدًا في هذا الكون "غير الثّالوث" يصدق عليه مصطلح الأقنوم،… لن تستطيعوا ذلك لأنّ المعنى 'المفبرك' الذي أضفيتموه على مصطلح الأقنوم لا تقبله العقول؛ لذا لا يصدق على أيّ مثال واقعيّ مادّيّ أو معنويّ، ثمّ لماذا يرد هذا المصطلح الفريد من نوعه بالسّريانيّة دون اللّغات الأخرى كالعبريّة مثلاً وقد كانت لغة العهد القديم؟ ألم يكن لذلك المصطلح وجود حينها؟ ثمّ لماذا لم يرد هذا المصطلح في العهد الجديد؟!
وأخاطب الآن نصارى العرب، ما هي ترجمة مصطلح أقنوم إلى العربيّة؟ ستقولون عجزت اللّغة عن إيجاد مصطلح مطابق للمعنى الذي ورد بالسّريانيّة، فيا سبحان الله ! اللغة العربيّة الغنيّة بمصطلحاتها والثّريّة بمترادفتها تعجز أمام السّريانيّة !، اللغة العربيّة التي تحتوي على عشرات المفردات المترادفة لمعنى واحد عاجزة أن تجد كلمة تعبّر بها عن أهمّ شيء في هذا الكون وهو الله أو أحد أجزائه !
مع ذلك نرى في بعض كتب النّصارى محاولات لترجمة قريبة، مع كونها منتقدة من النّصارى أنفسهم لإيحائها بالشّرك؛ فممّا قيل عن الأقانيم أنّها: خواصّ، صفات، أجزاء، أشخاص، أعضاء، أطراف، أقسام، أشياء، عناصر، تعينات … إلخ.
ولمّا استعصى فهم مصطلح الأقانيم راح رجال الكنيسة يضربون للثّالوث الأمثال ليقربوا معناه للأفهام، فقال بعضهم إنّ الثّالوث كالشّمس متكوّنة من ثلاثة أجزاء: القرص، الحرارة، الشعاع، لكن هل القرص هو الشعاع؟ وهل القرص هو الحرارة ؟ و هل الشّعاع هو الحرارة؟ فالمثال لا ينطبق على الثّالوث لأنّ الأب هو الابن، والابن هو ذاته الرّوح القدس، والأب هو عينه روح القدس، وبعضهم يمثّل الثّالوث بالتفّاحة، لأنّها متكوّنة من شكل وطعم ورائحة، وهل الرّائحة هي التفّاحة كاملة، وهل الشّكل هو التفّاحة كاملة، وهل الطّعم هو التفّاحة كاملة؟ ولا شكّ أنّ هذا المثال يلحق بسابقه.
ويضرب سانت أغسطين مثالاً معقّدًا، وهو 'أنّ الثّالوث يشبه الدّماغ، فالدّماغ يعلم بوجود ذاته، وأداة العلم هي الدّماغ نفسه، فالعلم هو الدّماغ، والمعلوم هي الدّماغ، وأداة العلم هي الدّماغ فهي إذن ثلاث صفات لشيء واحد، لكن لا يقال إنّ الدّماغ ثلاثة'، وهذا المثال لا يستقيم؛ لأنّ الدّماغ المذكور واحد في الحقيقة وتثليثه اعتباريّ ليس حقيقيًّا، في حين أنّ النّصارى يؤمنون في الإله بالتّوحيد الحقيقيّ والتّثليث الحقيقيّ، والدّماغ كعالم ليس كائنًا متميّزًا ولا منفصلاً ولا مستقلاً عن الدّماغ كمعلوم، ولا عن الدّماغ كأداة علم؛ في حين أن أقانيم الثّالوث منفصلة عن بعضها، فالأب كائن متميّز ومستقلّ عن الابن، والابن كائن متميّز ومستقلّ عن الرّوح القدس، وروح القدس كائن متميّز ومستقلّ عن سابقيه.
وقد انتقد بعض رجال الكنيسة كلّ هذه التّمثيلات والتّشبيهات، وقالوا بعدم جواز ضرب الأمثال مهما كانت، لأنّ تلك الأمثال مخلوقة يمكن إدراكها بالعقل، أمّا الثّالوث فهو كائن غير مخلوق لذا لا يمكن إدراكه بالعقل، وأيّ تمثيل أو تشبيه هو تمثيل وتشبيه مع الفارق.
قال البوصيريّ في فضح التّثليث:
ليت شعري هل الثّلاثة في الوا
أإله مركّب!، وما سمعنا
أتراهم لحاجة واضطرار
أهو الرّاكب الحمار فيا عجز
أم جميع على الحمار لقد جلّ
أم سواهم هو الإله فما نسبة
أم أردتم بها الصّفات فلمّا
أم هو ابن الإله ما شاركته
قتلته اليهود فيما زعمتم
حدّ نقص في عدّكم أم نماء؟
بإله، لذاته أجزاء
خلطوها وما بغى الخلطاء
إله يمسّه الإعياء
حمار يجمعهم مشّاء
عيسى إليه والانتماء؟
خُصّت ثلاث بوصفه وثناء؟
في معاني النبوّة الأنبياء
ولأمواتكم به إحياء

هل ورد ذكر الثّالوث والأقانيم الثّلاثة في العهد القديم، أو على لسان الأنبياء و الرّسل الذين سبقوا المسيح؟
لم يحدث ذلك إطلاقًا ! فأسفار العهد القديم خالية من أيّ تثليث ولم تشر إلى أنّ الله مكوّن من ثلاثة أقانيم أو أجزاء، ولم يُعلم أو يُسمع أنّ الله أخبر نوحًا أو إبراهيم أو موسى أو داود أنّه إله واحد في ثلاثة آلهة؛ وإذا تصفّحت بإمعان أسفار العهد القديم فلا يمكن أبدًا أن تقع عينك على كلمة ثالوث أو على صيغة الأب والابن والرّوح القدس، كما يعتقد بها النّصارى اليوم، أليس غريبًا حقًّا ! أنّ عقيدة مثل هذه، وبهذه الأهمّيّة والخطورة، يتوقّف عليها هلاك النّاس أو نجاتهم لا نرى لها أيّ إشارة في التّوراة وكتب الأنبياء لا تصريحًا ولا تلميحًا، فلماذا؟
ألم يكن الله قد قرّرّ بعد إخبار البشر بها، أم أنّ البشر لم يكونوا في ذلك الوقت قادرين على استيعابها وإدراكها مثلما لم يستوعبها أحد حتّى الآن !؟
وإنّ الإنسان ليزداد حيرة وتعجّبًا إذا وقعت عيناه في أسفار العهد القديم المقدّسة على تفاصيل زنى داود بزوجة قائد جيشه، وتفاصيل زنى لوط بابنتيه، وتفاصيل جسد المرأة في نشيد الإنشاد لسليمان، وزنى يهوذا بكنته، وإنّ الإنسان ليملّ من تفاصيل الأعداد والأرقام والأحجام والأوزان والمسافات التي تقدّمها أسفار العهد القديم عن قبائل اليهود وأنسابهم وأملاكهم وأحصنتهم وحميرهم، ثمّ تفاصيل أبعاد هيكل سليمان.. حتّى إنّك إذا اطّلعت على بعض الأسفار وجدتها أقرب إلى دفتر الحسابات منها إلى كتاب هداية، كلّ هذه التّفاصيل ذكرت حسب النّسخة الموجودة عندي الآن في 1358 صفحة، وضاق العهد القديم فلم يفسح مجالاً لجملة واحدة عن الثّالوث يقول فيها الله مثلاً: 'أنا ثالوث مكوّن من ثلاثة أقانيم: أب وابن و روح قدس'، أليس هذا غريبًا حقًّا !؟
وفي مقابل ذلك نعثر على مئات الآيات في العهد القديم التي تصف الله بالوحدانيّة وتقرّر تفرّده بالألوهيّة والرّبوبيّة.
(اسمع يا إسرائيل الربّ إلهنا ربّ واحد)( ).
(فاعلم اليوم وردّد في قلبك أنّ الربّ هو الإله في السّماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه)( ).
(انظروا الآن أنا أنا هو وليس إله معي)( ).
(أنا الربّ وليس آخر، لا إله سواي)( ).
(أليس أنا الربّ ولا إله آخر غيري، إله بارّ ومخلص ليس سواي التفتوا إلي وأخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأنّي أنا الله وليس آخر)( ).
والآيات كثيرة وكلّها تتّفق على وحدانيّة الله، بلا ثالوثيّة أو أقنوميّة، أمّا ما يذهب إليه بعض رجال الدّين بأنّ العهد القديم لمّح إلى التّثليث في بعض الآيات فهو غير صحيح، وما يفعلونه هو لَيُّ أعناق الآيات لتطابق هواهم، لكن هيهات هيهات، وأكبر دليل على غياب التّثليث في العهد القديم هو موقف اليهود – أصحاب العهد القديم- من المسيح إذ اعتبروا أقوال المسيح الغامضة حول البنوّة والألوهيّة تجديفًا وكفرا ولذلك عارضوه أشدّ المعارضة فصلبوه في زعم الإنجيل.
أمّا في العهد الجديد فالآيات التي ذكرت عن الثّالوث قليلة جدًّا جدًّا خاصّة في الأناجيل الأربعة، ولعلّ أكثر الآيات المصرّحة بالتّثليث، والتي يعتمدها القساوسة كأساس لذلك الاعتقاد هو ما جاء في رسالة يوحنّا الأولى (فإنّ الذين يشهدون في السّماء هم ثلاثة الأب والكلمة والرّوح القدس، وهؤلاء الثّلاثة هم واحد، والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الرّوح والماء والدم والثّلاثة هم في الواحد)( ).
إنّ هذه الآية لغز غامض! هل تعلم أيّها القارئ النّصرانيّ أنّ هذه الآية مزيّفة 'مفبركة' ملحقة بالنصّ الإنجيليّ، الأصلي وليست منه، فقد حكم كبار علماء النّصارى على هذه الآية بأنّها إلحاقيّة منهم هورن وجامعو تفسير هنري وسكات وآدم كلارك في تفسيره وغيرهم، والأسباب هي:
- أنّها لا توجد في نسخة من النّسخ اليونانيّة التي كُتبت قبل القرن
السّادس عشر للميلاد.
- أنّها لا توجد في أيّ ترجمة من التّراجم القديمة غير اللاّتينيّة.
- أنّها لا توجد في معظم النّسخ القديمة اللاّتينيّة.
- لم يتمسّك بها أحد من القدماء ومؤرّخي الكنيسة.
- إنّ البروتستانت أسقطوا الآية من كتبهم ووضعوا عليها علامة
الشكّ.
- إنّ الكاثوليك والأرثودكس بدأوا ينزعونها من الإنجيل شيئًا فشيئًا.
ولذلك اختلفت طبعات الكتاب المقدّس حول إثبات أو حذف هذه الآية فبعضها يثبتها والبعض الآخر يحذفها، نجد الآية مثلاً في الكتاب المقدّس، طبعة دار الكتاب المقدّس بالقاهرة سنة 1970: (فإنّ الذين يشهدون في السّماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والرّوح القدس وهؤلاء الثّلاثة هم واحد)، وجاء في الكتاب المقدّس، طبعة دار الكتاب المقدّس في الشّرق الأوسط سنة 1988، (فإنّ الذين يشهدون في السّماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والرّوح القدس وهؤلاء الثّلاثة هم واحد).
والآية ذكرت في طبعة العهد الجديد الثّانية 1980 والثّالثة 1984، وعلى طاولتي الآن ثلاث طبعات أخرى للعهد الجديد حُذفت منها الآية المذكورة منها الطّبعة الرّابعة للعهد الجديد إصدار اتّحاد جمعيّات الكتاب المقدّس سنة 1993، وكذلك طبعة 1994، للنّاشر نفسه حيث جاء في الآية: (والذين يشهدون هم ثلاثة الرّوح والماء والدم وهؤلاء الثّلاثة هم في واحد)، ونلاحظ هنا – أخي القارئ – أنّ اتّحاد جمعيّات الكتاب المقدّس الذي أشرف على طباعة العهد الجديد، وحذف الآية الدّالّة على التّثليث هو نفسه الذي أشرف على الطّبعات السّابقة التي وردت فيها الآية !.
جاء في الكتاب المقدّس العهد الجديد، منشورات دار المشرق، بيروت، الطّبعة الحادية عشرة: وهي نسخة كاثوليكيّة (والذين يشهدون ثلاثة: الرّوح والماء والدم وهؤلاء متّفقون)، وورد تعليقً على ذلك في هامش الصّفحة في بعض الأصول ما يلي: "الأب والكلمة والرّوح القدس، وهؤلاء الثّلاثة هم واحد، لم يرد ذلك في الأصول اليونانيّة المعوّل عليها، والأرجح أنّه شرح أُدخل إلى المتن في بعض النّسخ، والرّوح: الرّوح القدس، والماء: المعموديّة، الدم: دم المسيح ".
وجاء في طبعة الإنجيل كتاب الحياة ترجمة تفسيريّة للعهد الجديد، صدرت سنة 1973، (فإنّ هنالك ثلاثة شهود: الرّوح والماء والدم وهؤلاء الثّلاثة هم في الواحد)، وهناك طبعات عديدة للبروتستانت تضع الآية المذكورة بين هلالين موضّحة أنّ ما داخل الهلالين غير موجود في الأصل.
وبين يديّ الآن نسخة للكتاب المقدّس باللّغة الفرنسيّة من منشورات الاتّحاد العالميّ للكتاب المقدّس، 1982 ورد في الصّفحة الأولى لهذه الطّبعة ما يلي: Traduction oecumenique de la bible.
وفي مقدّمة هذه النّسخة جاء فيها شرح كلمة oecumenique بأنّها تعني نسخة متّفق عليها من قبل الكاثوليك والأرثودكس والبروتستانت، وقد اطّلع على النّسخة قبل طبعها عشرات المتخصّصين من الطّوائف الثّلاثة وأقرّوا جميع ما فيها، وعند بحثنا عن الآية التي نحن بصددها في رسالة يوحنّا الأولى 5: 7 نجدها قد حُذفت، وباتّفاق الطّوائف الثّلاثة وحُذفت كذلك في النّسخة الأخيرة باللّغة الإنجليزيّة!
وإن تعجب فعجبك من طبعة جديدة للإنجيل باللّغتين العربيّة والفرنسيّة، نُشرت سنة 1995، وطُبعت بحيث تكون كلّ آية باللّغة العربيّة تقابل أختها بالفرنسيّة، إلاّ أنّني ذهلت عندما وجدت الآية "المشكلة" أُثبتت بالعربيّة بين هلالين [ ] في حين لم أجد ما يقابلها بالفرنسيّة، أي حُذفت بالمرّة، فلو كان القارئ لا يفهم اللّغتين المذكورتين لما تنبّه لذلك، ولتتأكّد بنفسك أضع لك صورة عن تلك الآية المحيّرة!
هكذا بعد قرون طويلة، بعدما كانت هذه الآية تُقرأ كجزء مُوحي به من الله يتّفق رجال الكنيسة على حذفها من الكتاب المقدّس!، إنّها أهمّ آية في التّثليث، ومع ذلك فقد توصّل الجميع إلى الاتّفاق على حذفها، ألم يقل بولس في رسالته إلى تيموثاوس (كلّ الكتاب موحى به من الله)( )، لقد تبين لكل ذي عقل أنه ليس كل الكتاب موحى به من الله، والآن بعد حذفها، هل الله هو الذي أمر بذلك! ؟.
هل الله هو الذي أمر بوضعها بين قوسين أو هلالين !؟.
هل الله هو الذي أمر بوضع الحواشي والهوامش التي تشير إلى إلحاقيّتها و"فبركتها " !؟.
ويتساءل أستاذنا أحمد عبد الوهّاب البهيدي عن المسؤول عن مصائر الملايين من النّصارى الذين هلكوا، وهم يعتقدون أنّ عقيدة التّثليث التي تعلموها تقوم على نصّ صريح في كتابهم المقدّس، بينما هو نصّ زائف دخيل؟!.
وإذا طالعنا أسفار العهد الجديد نجد عوض التّثليث عدّة آيات صريحة واضحة تقرّر وحدانيّة الله في ذاته وصفاته وأفعاله منها: (لا تدعوا لكم أبًا على الأرض لأنّ أباكم واحد الذي في السّماوات)( ).
(اذهب يا شيطان لأنّه مكتوب للربّ إلهك تسجد وإيّاه وحده تعبد)( )، وفي آية تُصرح بدخول المسيح تحت مسمى الرسالة والعبودية قول الكتاب المقدس (وهذه هي الحياة الأبديّة أن يعرفوك أنت الإله الحقيقيّ وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته)( )، ومعنى هذه الآية لا إله إلاّ الله والمسيح رسول الله، وورد كذلك (نعلم أنّه ليس وثن في العالم وأن ليس إله آخر إلاّ واحد)( )، (لكنّ الله واحد)( )، (أنت تؤمن أنّ الله واحد حسنًا تفعل)( ).
وغيرها من الآيات المتواترة، وكما نرى فإنّ آيات التّوحيد كثيرة وصريحة الدّلالة وجليّة المعنى، بينما شبهات التّثليث تكاد تكون معدومة، والموجود منها إمّا غير صريح أو أنّه 'مفبرك' لا أصل له. ودعونا الآن ننتقل إلى نقاط تالية مختصرين.
يرى النّصارى أنّ المسيح "ابن الله" أحد الأقانيم الثّلاثة المكوّنة لله، لذلك فهم يثبتون للمسيح الألوهيّة، مع أنّ أسفار العهد الجديد تتحدّث عن المسيح بأنّه وُلد من بطن مريم، اختتن، جاع، بكى، خاف، لُطم، صلّى، تألّم، صُلب، وأخيرًا مات… وغيرها ممّا لا يحدث لإله، فهل يُعقل أن يختتن الإله أو يُبصق في وجهه أو يموت ويُدفن ؟!

أعبّاد عيسى لنا عندكم
إذا كان بزعمكم إلهًا
فكيف اعتقدتم أنّ اليهود
وكيف اعتقدتم أنّ الإله
سؤال عجيب فهل من جواب؟
قديرًا عزيزًا يُهاب
أذاقوه بالصّلب مُرّ العذاب؟
يموت ويُدفن تحت التّراب؟

ولله درّ من قال:
أعبّاد المسيح لنا سؤال
إذا مات الإله بصنع قوم
وهل أرضاه ما نالوه منه؟
وإن سخط بالذي فعلوه فيه
وهل بقي الوجود بلا إله
وهل خلت الطّباق السّبع لما
وهل خلت العوالم من إله
وكيف تخلّت الأفلاك عنه
وكيف أطاقت الخشبات حمل
وكيف دنا الحديد إليه حتّى
وكيف تمكّنت أيدي عداه
وهل عاد المسيح إلى حياة
ويا عجبًا لقبرٍ ضمّ ربًّا
أقام هناك تسعًا من شهور
وشقّ الفرج مولودًا صغيرًا
ويأكل، ثمّ يشرب، ثمّ يأتي
تعالى الله عن إفك النّصارى
أعبّاد الصّليب، لأيّ معنى
وهل تقضي العقول بغير كسر
إذا ركب الإله عليه كرهًا
فذاك المركب الملعون حقًّا
يُهان عليه ربُّ الخلق طُرا
فإن عظمته من أجل أن قد
وقد فُقد الصّليب، فإن رأينا
فهلاّ للقبور سجدت طُرا
فيا عبد المسيح أفِق، فهذا
نريد جوابه ممّن وعاه
أماتوه فما هذا الإله؟
فبشراهم إذا نالوا رضاه
فقوّتهم إذا أوهت قواه
سميع يستجيب لمن دعاه؟
ثوى تحت التّراب وقد علاه؟
يدّبرها، وقد سُمرت يداه؟
بنصرهم، وقد سمعوا بكاه؟
الإله الحقّ مشدودًا قفاه؟
يخالطه، ويلحقه أذاه؟
وطالت حيث قد صفعوا قفاه؟
أم المحيي له ربّ سواه؟
وأعجب منه بطن قد حواه
لدى الظّلمات من حيض غذّاه
ضعيفًا، فاتحًا للثّدي فاه
بلازمِ ذلك، هل هذا إله؟
سيسأل كلّهم عمّا افتراه
يعظم أو يقبح من رماه؟
وإحراق له، ولمن بغاه؟
وقد شدّت لتسمير يداه
فدسّه، لا تبسّه إذ تراه
وتعبُدُه ! فإنّك من عداه
حوى ربّ العباد وقد علاه
له شكلاً تذكرنا سناه
لضمّ القبر ربّك في حشاه؟
بدايته وهذا منتهاهُ

لكنّ المشكلة أنّ النّصارى يلعبون على حبلي اللاّهوت والنّاسوت فإذا قيل لهم: المسيح إنسان، قالوا كيف يكون إنسانًا؟ ألا ترون ميلاده العجيب ومعجزاته الباهرة…؟ لا يمكن لإنسان أن يفعل ذلك إنّه إله، وإذا قيل لهم: ألا ترون كيف إختتن وضًرب وقُتل، هل يحدث ذلك لإله !؟ قالوا: إنّ ذلك وقع على النّاسوت لا اللاّهوت! وهكذا فالمسيح يظهر كمهرّج سرك بقبّعتين يضع الواحدة فيصبح إلهًا جليلاً، ثمّ يضع الأخرى فيصير في الحال إنسانًا ذليلاً !.
وإذا كان النّصارى يؤمنون بألوهيّة المسيح فإنّ الإنجيل يطفح بالآيات التي ترفض هذه الفكرة فلا تكاد تقرأ في آيات إنجيليّة إلاّ وجدتها تجعل من المسيح ابنا للإنسان، ونبيًّا مرسلاً وعبدًا لله، ولنتأمّل بعض هذه الآيات، (صعد يسوع إلى الهيكل وكان يُعلم فتعجب اليهود قائلين كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلّم أجابهم يسوع وقال: تعليمي ليس لي، بل للذي أرسلني، إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف هل هو من الله أم أتكلّم أنا من نفسي)( ).
(لم أتكلّم من نفسي لكنّ الذي أرسلني هو أعطاني وصيّة ماذا أقول وبماذا أتكلّم، وأنا أعلم أنّ وصاياه هي حياة أبديّة فما أتكلّم أنا به، فكما قال لي الأب هكذا أتكلّم)( )، لو كان المسيح هو الله أو أحد الأقانيم الثّلاثة فلماذا يعزو رسالته إذن للذي أرسله ولم يعزها لنفسه!؟ (لو كنتم تحبّونني لكنتم تفرحون لأنّي قلت أمضي إلى الأب لأنّ الأب أعظم منّي)( ).
إنّ هذه الآية ظاهرة في أنّ المسيح الابن 'الأقنوم الثّاني' أضعف من الأب، والأب أعظم من الابن بصريح العبارة، فكيف تقول الكنيسة إنّ الابن هو الأب، وإنّ أقنوم الابن يساوي أقنوم الأب؟، وهذا غير صحيح بشهادة المسيح نفسه، ألاّ ترون أنّ الأقنوم الثّاني يخبركم أنّ الأقنوم الأوّل أعظم منه، والأعظم هو دائمًا الله وما دونه في العظمة لا يستحقّ أن يًعبد أو يؤلّه.
(وسأله رئيس قائلاً: أيّها المعلّم الصّالح ما أعمل لأرث الحياة الأبديّة، فقال له يسوع: لماذا تدعوني صالحًا ؟ ليس أحد صالحًا إلاّ واحد وهو الله) ( )، قبل أن يجيب المسيح السّائل صحح له معتقدًا هامًّا وهو أنّ الصّلاح الكامل صفة للّه لا يشاركه فيها النّاس حتّى المسيح نفسه، ولو كان المسيح هو الله أو أحد الأقانيم الثّلاثة لما كان هناك مسوّغ لإنكار صلاحه.
(أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا، كما أسمع أدين ودينونتي عادلة، لأنّي لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني)( )، فالمسيح ينفي قدرته على فعل شيء من تلقاء نفسه، فهل تختلف مشيئة الأقنوم الأوّل عن الثّاني، ولماذا مشيئة الأقنوم الثّاني تابعة لمشيئة الأقنوم الأوّل وليس العكس ؟!.
(لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلاّ ما ينظر الأب يعمل؛ لأنّ الأب يحبّ الابن ويريه جميع ما هو يعمل)( ).
(من قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني)( )، فالله هو مصدر الرّسالة وليس المسيح وما المسيح، إلاّ رسول من عند الله.
(ذلك اليوم وتلك السّاعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السّماء ولا الابن إلاّ الأب)( )، الآية واضحة جدًّا في أنّ المسيح ابن الله الأقنوم الثّاني للثّالوث يجهل، ويجهل شيئًا هامًّا جدًّا، وهو ساعة انتهاء العالم أو يوم القيامة، وهذه معلومة لا يجوز بحال من الأحوال أن يجهلها الله أو أحد أقانيمه الثّلاثة، والجاهل بالشّيء لا يمكن أن يرتقي إلى مصاف الآلهة! أيّها النّصارى!.
جاء في العهد الجديد (الله لم يره أحد قطّ)( )، فلماذا يُصرّ النّصارى على أنّ الله تأنّس وعاش بين النّاس، والعهد القديم يصرّ في عدّة آيات على أنّ الله لا يُرى وغير منظور؟، فكيف نؤمن بإله عاش بين النّاس أزيد من ثلاثين سنة يرونه صباح مساء!؟
(في تلك الأيّام خرج إلى الجبل ليصلّي وقضى اللّيل كلّه للصّلاة للّه)( )، هل كان الله يصلّي لنفسه، وهل كان الأقنوم الثّاني يصلّي للأقنوم الأوّل، والعجيب أنّ الأقنوم الثّالث لا دور له في اللّعبة، فهو دائمًا ذو الدّور الهامشيّ مقارنة بالأوّل والثّاني !!
وثمة آيات كثيرة تُظهر المسيح بمظهر العابد الخاضع لله وحده لا شريك له، من استعانة واستغاثة ورجاء، ممّا لم نذكره في هذه العجالة، حتّى المعجزات التي كان يفعلها المسيح لم تكن بحوله وقوّته، بل بقدرة الله الذي منحنه إيّاها، وقد سبق للأنبياء والصّالحين أن أظهروا معجزات أعظم في العهد القديم، فلا داعي لتأليه كلّ من يظهر معجزة وإلاّ للزمنا تأليه العشرات من الأنبياء أصحاب المعجزات، والمسيح الذي جرت المعجزات على يده لم يدّع أنّها من فعله فنراه قبل كلّ معجزة يرفع رأسه إلى السّماء فيدعو الله ويستعين به، وبعد حدوث المعجزة يرفع رأسه مرّة أخرى فيحمد الله على إجابة دعوته، جاء في الإنجيل على سبيل المثال: (ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال: أيّها الأب، أشكرك لأنّك سمعتني وأنا علمت أنّك في كلّ حين تسمعني ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنّك أرسلتني)( ).
إنّ بشريّة المسيح ودخوله في عبوديّة الله لم يعد يشكّ فيها أحد ممّن يحترم عقله ودينه، وأيّ إخراج للمسيح من زمرة الأنبياء الصّالحين إلى أعلى من ذلك فهو تعدٍّ سافرٍ على المسيح وتعاليمه.
وأذكر هنا أنّ الأناجيل ذكرت من معجزات المسيح في صباه وفي حياته ما لذّ وطاب: كإحياء الموتى وشفاء المرضى وإطعام آلاف النّاس بقليل الخبز و السّمك… خلا معجزة واحدة أشار إليها القرآن، وعزفت الكتب المقدّسة عن الإشارة إليها وتجاهلتها، ألا وهي تكليم المسيح للنّاس في المهد صبيًّا، فلماذا؟
يقول الله سبحانه و تعالى في القرآن على لسان المسيح ابن مريم وهو في المهد:  فأشارت إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيّا قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا وجعلني مباركًا أينما كنت وأوصاني بالصّلاة والزّكاة ما دمت حيًّا وبَرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارًا شقيّا والسّلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا، ذلك عيسى ابن مريم قول الحقّ الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتّخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون، وإنّ الله ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم  مريم 29 – 36.
ولا يمكن لأنصار التّثليث المؤلّهين للمسيح قبول معجزة يعترف المسيح فيها بأنّه عبد الله ونبيّه، مأمور بالصّلاة والزّكاة كغيره من البشر، وأنّه ليس الله ولا ابنه ولا أحد الأقانيم الثّلاثة للإله المثلّث.
لقد جنت الكنيسة على نفسها أعظم جناية عندما آمنت بالثّالوث؛ فعندما تؤمن الكنيسة بذلك الاعتقاد فإنّها تكفر بكلّ آيات الكتاب المقدّس بعهديه التي ترفض الثّالوث، ولمّا لم يسع رجال الدّين العمل بنصوص كتابهم الصّريحة الثّابتة في دخول المسيح في العبوديّة، ووحدانيّة الله بلا أقانيم ولا شريك، عاقبهم الله بالعيِّ والحيرة والتخبّط، ووصفهم القرآن بالضّالّين، لأنّهم يعبدون الله على جهل وفق عقيدة مستحيلة التّصديق، عديمة المعنى، تجعل المؤمن أهوج، فاقد العقل، بليدًا، عديم الوعي، وهذا جزاء من كفر بالعقل السّليم والنّقل الصّحيح وآمن بعقل الشّيطان وردّ وحي الله وقبل بوحي بولس وإبليس.
و صدق الشّاعر في وصف عقيدة الكنيسة:
محال لا يساويه محال
وفكر كاذب وحديث زور
تعالى الله عمّا قالوه، كفر
وقول في الحقيقة لا يقال
بدا منهم و منشأه الخيال
وذنب في العواقب لا يقال













وثـنيّــة التّـثـليـث

لو يعلم نصارى الغرب اليوم أنّهم لم يعرفوا دين المسيح قطّ لأصابتهم الصدّمة، وإنّما كانوا وثنيّين وبقوا على وثنيّتهم إلى ساعتنا هذه، يقول شارل جان بيير: » إنّ الغربيّين لم يكونوا مسيحيّين قطّ في يوم من الأيّام«
نعم، لم يعرف الغــــرب النّصرانيّة؛ لأنّ أسلافهم الرّومان – الممثّلون للغرب آنذاك – لم يتنصروا ولم يسلكوا النّصرانيّة الحقيقيّة، بل العكس هو الذي حدث فالثلّة القليلة التي كانت على دين المسيح هي التي تروّمت واعتنقت وثنيّة الرّومان، وتركت دينها بسبب الاضطهاد السّياسيّ، والهدم من الدّاخل الذي باشره بولس وتابعه المنافقون من بعده، وكذلك بفعل قرارات المجاميع المسكونيّة التي كانت تصنع الآلهة كما تُصنع علب 'الكوكا كولا'.
إنّ النّصرانيّة الحقيقيّة جاءت بدين خال من الفلسفة اليونانيّة والغنوصيّة والأفلاطونيّة وخرافات الوثنيّين، لقد جاءت بالتّوحيد الخالص لله وبعبوديّة المسيح له، وكلّ ما عدا ذلك من خرافات الصّلب والفداء والكفّارة والتجسّد والتّثليث وغيرها من الأسرار الكنسيّة المقدّسة هي امتداد تاريخيّ للوثنيّة، التي وقع فيها الإنسان منذ مئات القرون.
يقول أرنست رينان: »إنّ الدّراسات التّاريخيّة للمسيحيّة وأصولها تثبت أنّ كلّ ما ليس له أصل في الإنجيل مقتبس من أسرار الوثنيّة«.
ويقول مؤرّخ الأديان أندريه نايتن في كتابه (المفاتيح الوثنيّة للمسيحيّة): » إنّنا لا نستطيع أن نفهم مسيحيّتنا حقّ الفهم إذا لم نعرف جذورها الوثنيّة، فقد كان للوثنيّة قسط وافر في تطوّر الدّين المسيحيّ… ونحن لا نبالغ إذا قلنا إنّ ما ُيعرف بالأسرار الدّينيّة في المسيحيّة مستوحى من الأديان الوثنيّة القديمة… ودراسة المسيحيّة تُثبت أنّ الآلهة الوثنيّة لم تمت بعد، ولا شكّ في أنّ الكاتب "كومون " قد عنى ذلك حين عنون كتابه الشّهير حول تاريخ المسيحيّة بعنوان: (لا جديد تحت الشّمس).
وينبغي لنا الآن توضيح السّبل التي سلكتها المسيحيّة والتي أتاحت للوثنيّة بأن تسهم هذه المساهمة الكبيرة في تأسيس أركانها، إنّ أصحاب النّقل المباشر وغير المباشر عن الوثنيّة معروفون، ويجب علينا أن نتذكّر دائمًا أنّ معظم الذين آمنوا بالمسيحيّة في بدايتها لم يكونوا يهودًا بل كانوا عبدة أصنام، ولا بدّ من الإشارة أيضًا إلى أنّ هؤلاء المؤمنين شهدوا فترة عصيبة محتدمة تساعد على تلفيقات كثيرة، وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المسيحيّة وضعت المؤمنين بها على دروب الوثنيّة القديمة… إنّ الكنيسة ابتلعت بعض العناصر الوثنيّة، لكنّها أضفت عليها طابعها الخاصّ، لاستقطاب ما يمكن استقطابه من عبدة الأصنام، وكذلك أرادت تعزيز نفسها وابتلاع العقائد القديمة المترسّخة، وهذا ما أدّى إلى دخول عناصر وثنيّة جديدة على المسيحيّة«.
وممّا يؤكّد هذه الحقيقة أنّ بولس قبِل كثيرًا من العقائد الوثنيّة ليقرّب بين أتباع هذه العقائد والدّيانة النّصرانيّة فيقول في كورنثوس الأولى: (استعبدت نفسي للجميع لكي أربح الكثيرين فصرت لليهود كيهوديّ، لكي أربح اليهوديّ، وللذين تحت النّاموس كأنّي تحت النّاموس، لأربح الذين تحت النّاموس، وللذين بلا ناموس كأنّي بلا ناموس، لأربح الذين بلا ناموس، صرت للكلّ كلّ شيء لأخلّص على كلّ حال قومًا)( ).
إنّه بدلاً من أن يغيّرهم فهو يتغيّر من أجلهم، بل و يغيّر التّعاليم وفق أديانهم وأهوائهم ليربحهم كما يزعم، ولا شكّ أنّ هذه الطّريقة تسبّبت في خلط التّعاليم الصّحيحة بالتّعاليم السّقيمة وهذا منشأ الخلل.
يقول العالم الألمانيّ جاكوبسون في كتابه: (دراسة العقائد الدّينيّة عند ملوك مصر) وذلك بعد إظهاره أوجه الشّبه بين عقائد النّصارى وعقائد المصريّين القدماء: »لا بدّ من القول إنّه لا صحّة لما يقول اللاّهوتيّون المسيحيّون المعاصرون حين يزعمون أنّ مصر القديمة لم يكن لها أثر في قيام الأفكار والعقائد المسيحيّة… وإنّني لا أفهم كيف أنّ البروتستانت يعملون المستحيل لإقناعنا بأنّ الأفكار المسيحيّة الحاليّة هبطت من السّماء ولم تتأثّر بشيء قبلها«.
ويقول غوستاف كارل يونغ عالم النّفس المشهور في كتابه (علم النّفس والدّيانة الغربيّة): » من الواضح أنّ كلّ اللاّهوت الذي سبق المسيحيّة وكلّ لاهوت الغنوصيّة في منطقة الشّرق الأوسط، بل اللاّهوت الذي تضرب جذوره في أعمق أعماق التّاريخ قد حجب المسيح الحقّ عنّا، وجعله مجرّد شكل عقائديّ لا يحتاج معه إلى أساس تاريخيّ، ففي مرحلة مبكّرة جدًّا يختفي الحقّ وراء المشاعر والإسقاطات التي حامت حوله وانهالت من القريب والبعيد، وهكذا سرعان ما تمّ ابتلاعه من قبل الأنظمة الدّينيّة المجاورة "الوثنيّة"، كما تمّت صياغته من جديد وفقًا لأساطيرهم الأساسيّة، بذلك صار المسيح الصّورة الجماعيّة الملفّقة التي كان ينتظرها لاوعي المعاصرين له، وبذلك صار السّؤال عن حقيقته سؤالاً بدون جواب«.
وفيما يخصّ موضوع التّثليث الذي نحن بصدده فلم يعد يخفى على المنصفين من العلماء والباحثين أنّه، بالإضافة إلى الأساطير الأخرى، التي ذكرناها آنفًا، عقيدة وثنيّة محضة ابتكرها الإنسان المنحرف عن دين "التّوحيد"، وبقيت منتشرة في العديد من الأقوام الوثنيّة، وقد كشف الله تلك الحقيقة بقوله تعالى في القرآن مخبرًا عن النّصارى:
 يضاهئون قول الذين كفروا من قبل  التّوبة 30، ومعنى ذلك أنّهم يقولون بقول الوثنيّين الكفّار، الذين افتروا تلك العقائد الباطلة وتديّنوا بها، ثمّ جاء علماء الغرب في هذا القرن ليقيموا دراساتهم المعمّقة على هذا الأساس وليتوصّلوا إلى ما أقرّه القرآن قبل أربعة عشر قرنًا.
يقول يونغ: » إنّ عقيدة التّثليث أو الآلهة المثلّثة ظهرت مبكّرًا وعلى مستوى بدائيّ، إنّ التّثليث في الأديان القديمة، وفي الشّرق بشكل خاصّ مسألة منتشرة وشائعة إلى الحدود التي لا نستطيع أن نحصيها أو نذكرها جميعًا، ولعلّ تنظيم الآلهة المثلّثة من أبرز الظّواهر في تاريخ الأديان، ولا شكّ أنّ هذا النّموذج الدّينيّ القديم قد كان وراء عقيدة التّثليث في الدّيانة المسيحيّة… لقد ثبت أنّ الآلهة المثلّثة كانت عقيدة لاهوتيّة أكثر ممّا كانت قوّة حيّة، والواقع أنّ التّثليث أقدم المعتقدات الدّينيّة الوثنيّة وأعرقها… ولقد رافقت عقيدة التّثليث الفكر الإنسانيّ وصارت جزءًا منه، صحيح أنّها تختفي فترة لكنّها ما تلبث أن تظهر هنا حينًا وهنالك أحيانًا بأشكال مختلفة«.
ونشير إلى أنّ الدّراسات الأركيولوجيّة والأنثروبولوجيّة والتّاريخيّة كلّها تجزم بوجود أسطورة الثّالوث، ليس في منطقة الشّرق الأوسط فحسب بل حتّى في آسيا وأمريكا، ولقد بلغت الآلهة المثلّثة من الكثرة ما لا يمكن عدّها أو حصرها.
يقول إدغار ويند، أستاذ التّاريخ الفنّيّ في جامعة أكسفورد في كتابه (الأسرار الوثنيّة في عصر النّهضة): »تنتمي عقيدة التّثليث إلى الأسرار التّأويليّة الخفيّة، وهي الأسرار التي يتشاطرها المسيحيّون وعبدة الأصنام… وقد أقرّ المسيحيّون في عصر النّهضة ما جاء في كتب القدّيس أوغسطين وبركلوس عن أنّ التّثليث المقدّس كان معروفًا لدى الوثنيّين… وانطلاقًا من هذه القناعة تمّ الكشف عن عدد هائل من الآلهة المثلّثة "بالمئات" في الكتب الوثنيّة القديمة وكان الباحث الألمانيّ المعاصر أوزينير قد جرّد أكثر من 120 إلهًا مثلّثًا في الأديان الوثنيّة القديمة«.
يقول بريتشارد في كتابه (خرافات المصريّين الوثنيّين):» لا تخلو كافّة الأبحاث الدّينيّة المأخوذة عن مصادر شرقيّة من ذكر أحد أنواع التّثليث أو التولّد الثّلاثيّ، أيّ الأب والابن والرّوح القدس«.
ويقول موريس في كتابه (Indian antiquites): » كان عند أكثر الأمم البائدة الوثنيّة تعاليم دينيّة جاء فيها القول باللاّهوت الثّالوثيّ أي أنّ الإله ذو ثلاثة أقانيم«.
ويقول دوان في كتابه: (Bible myths and their parallels religions) » إذا نظرنا نحو الهند نرى أنّ أعظم وأشهر عباداتهم اللاّهوتيّة هو التّثليث… ويدعون هذا التّثليث "ترمورتي" وهي جملة مركّبة من 'تري' ومعناها ثلاثة و'مورتي' ومعناها هيئات أو أقانيم«.
ويذكر ألن في كتابه: (India : ancient and modern) قصّة عن ظهور الآلهة الثّلاثة البراهميّة ومخاطبتها أحد العبّاد بقولها: اعلم أيّها العابد أنّه لا يوجد فرق حقيقيّ بيننا وبين ما تراه من ثلاثة، فما هو إلاّ بالشّبه أو بالشّكل، والكائن الواحد الظّاهر بالأقانيم الثّلاثة واحد بالذّات.
ويقــول فابر في كتابه: ( Idolatry origin of heathen): » وكما نجد عند الهنود ثالوثًا مؤلّفًا من براهما وفشنو وسيفا، نجد ذلك عند البوذيّين، فإنّهم يقولون: إنّ بوذا إله ويقولون بأقانيمه الثّلاثة«.
ويقول هليسلي في كتابه: (Development of religion and thought in ancient egypt) » يعتقد الهنود بإله مثلّث الأقانيم… ويقولون إنّ هذا الثّالوث المقدّس حاضر في كلّ مكان بالرّوح والقدرة«.
ويقول فسك في كتابه (Myth and myth makers): » كان الرّومانيّون الوثنيّون القدماء يعتقدون بالتّثليث، هو أوّلاً الله، ثمّ الكلمة، ثمّ الرّوح«.
ويقول نيت في كتابه: (The symbolical language of ancient art and mythology) » إنّ سكّان الجزر في المحيط عبدوا إلهًا مثلّث الأقانيم فيقولون: الإله الأب، والإله الابن، والإله روح القدس، ويصوّرون روح القدس بهيئة الطّير– مثلما صُوّر في الإنجـيل «.
و قال كينغسبورو في كتابه (Antiquities of Mexico): » المكسيكيّون يعبدون إلهًا مثلّث الأقانيم يسمونه تزكتليبوكا«.
ويقول سكير في كتابه: (The serpent symbol) » الهندوس الكنديّون يعبدون إلهًا مثلّث الأقانيم ويصوّرونه بشكل صنم له ثلاثة رؤوس على جسد واحد، ويقولون إنّه ذو ثلاثة أشخاص بقلب واحد وإرادة واحدة«.
في الختام نذكر شهادة أندريه نايتن في كتابه (المفاتيح الوثنيّة للمسيحيّة) إذ يقول: » إنّنا نعثر على هذه المجموعات "الآلهة المثلّثة" في مختلف البلدان الوثنيّة القديمة، ففي مصر: بتاح، توت، حورس، وفي الهند: ميترا، فارونا، أريامان، وفي إيران: أهورا مازدة، أناهيتا، ميترا، وفي بابل: سين، شمس، عشتار، وفي اليونان: زيوس، هيرا، ديوفيزوس، وعند الرّومان: جوبيتر، جنون، مينرفا… وهي لائحة طويلة جدًّا من الآلهة المثلّثة عند الشّعوب القديمة، وهذا يعني أنّ التّثليث المسيحيّ لم يولد من عدم، وأنّه لا بدّ قد استوحى ما ذكرناه«.
إنّ هذه النّقولات التي ذكرتها باختصار ليست صادرة من مسلمين أو يهود أو وثنيّين، بل هي من علماء غربيّين، بعضهم ملتزم بالنّصرانيّة، كما أنّهم ليسوا كتّابًا عاديّين، بل هم من كبار الباحثين والمتخصّصين في تاريخ الأديان والأنثروبولوجيّة والأركيولوجيّة وغيرها من التخصّصات الدّقيقة ذات العلاقة، والتي تستند إلى الدّراسة المتفحّصة الميدانيّة، وهذا غيض من فيض ومن أراد المزيد فما عليه إلاّ الاطّلاع على المؤلّفات التي ذكرناها آنفًا.
وبعد هذا العرض الوجيز لعقيدة التّثليث وبيان بطلانها من المنقول عنهم، وفسادها على ضوء التّوراة والإنجيل، ننتقل إلى نقد عقليّ للتّثليث في هذه النّقط المختصرة والمركّزة:
- يؤمن النّصارى بثلاثة أقانيم متّحدة في إله واحد، ونعلم أنّ الأقنوم الثّاني مات على الصّليب فيلزم من ذلك موت الثّالوث كلّه، وإلاّ فأخبرونا على من وقع الصّلب، هل وقع على الأقنوم الثّاني كإله أم على ابن الله أم على الكلمة أم على الثّالوث أم على الله أم على ماذا؟
وهنا تحضرني قصّة طريفة رواها علماؤنا قديمًا حيث تنصّر ثلاثة أشخاص وعلّمهم أحد القسس العقائد الضّروريّة، ولا سيّما عقيدة التّثليث أيضًا وكانوا في خدمته، فجاء محبّ من أحبّاء هذا القسّيس، وسأله عمّن تنصّر فقال: ثلاثة أشخاص تنصّروا، فقال هذا المحبّ: وهل تعلموا شيئًا من العقائد الضّروريّة؟، قال: نعم، وطلب واحدًا منهم فسأله عن عقيدة التّثليث، فقال: إنّك علّمتني أنّ الآلهة ثلاثة أحدهم الذي هو في السّماء، والثّاني تولد من بطن مريم العذراء، والثّالث الذي نزل في صورة الحمام على الإله الثّاني بعدما صار ابن ثلاثين سنة، فغضب القسّ وطرده وقال: هذا مجهول، ثمّ طلب الثّاني منهم وسأله، فقال: إنّك علّمتني أنّ الآلهة كانوا ثلاثة وصُلب واحد منهم فالباقي إلهان، فغضب عليه القسّ أيضًا وطرده، ثمّ طلب الثّالث وكان ذكيًّا بالنّسبة للأوّلين وحريصًا في حفظ العقائد فسأله فأجاب: يا مولاي حفظت ممّا علّمتني حفظًا جيّدًا وفهمت فهمًا كاملاً بفضل الربّ المسيح أنّ الواحد ثلاثة والثّلاثة واحد، وصُلب واحد منهم ومات، فمات الكلّ لأجل الاتّحاد ولا إله الآن وإلاّ يلزم نفي الاتّحاد.
- عندما مات الإله على الصّليب، كيف بقيت الحياة والكون دون مدبّر !؟، ولمّا قام المسيح بعد ثلاثة أيّام هل أحياه الأب أم الثّالوث أم هو أحيا نفسه، كما تقول الكنيسة، والحقيقة أنّ الميّت لا يستطيع إقامة نفسه إلاّ إّذا كان ميّتًا ميتة سرّيّة مقدّسة!
- إذا كان النّصارى يؤمنون بالثّالوث على أساس مساواة الأب بالابن وبالرّوح القدس، فهذا يعني الاتّحاد الكامل الذي يسمح بتغيير الأدوار والوظائف والصّفات بين الأقانيم الثّلاثة، فيلزم من ذلك جواز قولنا إنّ الأب مولود غير مخلوق والرّوح القدس ابن الله الوحيد، والمسيح نزل على هيئة حمامة، لأنّه لا فرق بين الثّلاثة وكلّهم واحد، أليس كذلك؟ ! ونستطيع أن نقول: الأب هو المخلّص والمسيح هو معطي الحياة والرّوح القدس هو مكوّن الكائنات، ونستطيع أن نقول للمساواة المطلقة إنّ الرّوح القدس ولدَ الأب، والابن انبثق من الرّوح القدس على أساس التّساوي !، ثمّ إذا نظرنا لصيغة التّثليث نجدها مقيّدة بترتيب معيّن وهو الأب والابن والرّوح القدس، فلا أخال إلاّ أنّ هناك سببًا في تقديم الأب على الابن ثمّ الرّوح القدس، فتقديم الأب ليس عبثًا أو صدفة إنّما لفضل لا يملكه الأقنوم الثّاني والثّالث، وإذا كان للأب فضل لا يملكه الآخران فيعني ذلك أنّهم أقلّ مرتبة منه، وإلاّ لماذا لا يبدأ رجال الدّين الموعظة أو القُداس بصيغ مثل "باسم الابن والرّوح القدس والأب" أو "باسم الرّوح القدس والأب والابن"،؟ أعلم يقينًا أنّ من يفعل ذلك ربّما يتّهم بالهرطقة، وهذا دليل آخر على فساد فكرة الأقانيم المتساوية مساواة تامّة.
- تحكي الأناجيل أنّ المسيح 'الأقنوم الثّاني' بعد قيامته صعد إلى السّماء وجلس عن يمين الأب 'الأقنوم الأوّل'، فدعونا نحلّق بخيالنا بعيدًا في السّماء لنتخيّل الابن جالسًا عن يمين الأب، فما معنى الجلوس عن اليمين، فهل إذا جلس زيد عن يمين عمرو نستطيع أن نقول إنّ زيدًا هو عمرو!؟ كيف نقول ثلاثة آلهة لكنّهم إله واحد، ثلاثة أقانيم غير منفصلة ولا مستقلّة ولا متميّزة عن بعضها بعض، ثمّ يجلس أقنوم عن يمين الثّاني وبينهما مسافة سّنتيمترات أو أمتار !…؟ وإلاّ ما معنى اليمين في جميع لغات العالم ؟ وبأيّ لغة يتحدّث الإنجيل؟
إنّ جميع لغات العالم تفهم اليمين كما نفهمه نحن، وإنّ اللّغة كما يُعرّفها علماء الاتّصال هي جملة من الرّموز المتعارف عليها، والتي تعبّر عن معان مشتركة بين المرسل والمستقبل، لكنّ الدّارس لكلمات الإنجيل لا يمكنه فهم شيء، لأنّ الرّموز موجودة، لكنّها لا تدلّ على المعاني المتعارف عليها، فما العمل !؟ وما فائدة مخاطبة الله للبشر برموز يعرفونها تحمل معان لا يعرفونها ولا يفهمونها، لأنّها غير مشتركة !؟ فالمستقبل الذي يتلقّى الرّسالة الإنجيليّة ويجد أنّ أقنوم الأب هو نفسه أقنوم الابن ثمّ يقرأ في الإنجيل أنّ الابن جلس عن يمين الأب يقع في حيرة من أمره، هل يرفض هذه الرّسالة الإنجيليّة أم يقبلها بعد إلغاء عقله؟ ولا عذر للنّصارى في الاحتجاج بقصّة اللاّهوت والنّاسوت، لأنّه لا يمكن أن يجلس ناسوت المسيح عن يمين الله ولاهوته داخل الله ! ! خاصّة إذا عرفنا أنّ ناسوت المسيح صُلب ومات وانتهى دوره على الأرض.
- إذا تحدّثنا عن النّاحية الزّمنيّة فمن الأسبق الأب أو الابن أو الرّوح القدس!؟ فإذا لم يكن الأب هو السابق للابن فما معنى قولكم عن المسيح مولود غير مخلوق؟ ما معنى مولود أخبرونا؟، وإذا كان الرّوح القدس موجودًا غير مسبوق بالأب والابن فما معنى قولكم عنه إنّه منبثق من الأب فقط حسب الكاثوليك؟ ومنبثق من الأب فقط حسب قول الأرثودكس؟ ما معنى قولكم منبثق أخبرونا؟، هل مضى زمن لم يكن ثمّة ولادة ولا انبثاق؟ ستقولون لم يمض، فسنقول إذن هاتان الكلمتان عبث لا فائدة منهما، وسفسطة لا جدوى منها، ثمّ إنّكم تقولون عن الابن مولود غير مخلوق وعن الرّوح القدس منبثق غير مخلوق فهل شرحتم لنا ما الفرق بين الولادة والانبثاق هنا ؟
والغريب كذلك أنّ الأرثودكس يؤمنون بالثّالوث المقدّس المتساوي الأقانيم، إلاّ أنّهم انشقّوا عن الكنيسة الكاثوليكيّة لقولهم إنّ الرّوح القدس منبثق من الأب دون الابن وهذا يعني أنّ الأب ليس الابن، ومع ذلك فما يزالون يؤمنون بالثّالوث والجنون فنون!
- يعتقد النّصارى أنّ الله تجسّد ونزل إلى الأرض في شكل الأقنوم الثّاني وهو الله، ويلزم من ذلك أنّ النّاس رأوا الله على الأرض، وهذا مخالف للكتب حيث جاء في سفر الخروج (لا تقدر أن ترى وجهي لأنّ الإنسان لا يراني ويعيش)( ).
ويقول يوحنّا (الله لم يره أحد)( )، وفي تيموثاوس (الله لم يره أحد من النّاس ولا يقدر أن يراه)( ).
يقول الأستاذ عوض سمعان في كتابه (الله طرق إعلانه عن ذاته): »إنّ المتفحّص لعلاقة الرّسل والحواريّين بالمسيح يجد أنّهم لم ينظروا إليه إلاّ على أنّه إنسان، ولم يتصوّروا على الإطلاق أنّه إله، ولكن لماذا، لأنّهم – أي الرّسل والحواريّين – كيهود كانوا يعلمون تمام العلم أنّ الاعتراف بأنّ إنسانًا هو الله يعتبر تجديفًا يستحقّ الرّجم في الحال، ولأنّهم كيهود أيضًا كانوا يستبعدون أن يظهر الله في هيئة إنسان، نعم، كانوا ينتظرون المسيا لكنّ المسيا بالنّسبة إلى أفكارهم التي توارثوها عن أجدادهم لم يكن سوى رسول ممتاز يأتي من عند الله، وليس هو ذات الله«.
ومع أنّ الثّالوث ومنه التجسّد قصّة خرافيّة إلاّ أنّ التعصّب النّصرانيّ للباطل لا يكاد ينقضي، فهذا القسّ وهيب عطا الله يصرّح في كتابه (طبيعة السيّد المسيح): »إنّ التجسّد قضيّة فيها تناقض مع العقل والمنطق والحسّ والمادّة والمصطلحات الفلسفيّة، ولكنّنا نصدّق ونؤمن أنّ هذا ممكن حتّى ولو لم يكن معقولاً«.ويقول الدّكتور الخوري جورجس فرج: »لا تقل في قلبك كيف يمكن أن يتجسّد الله ويصير إنسانًا، فدع ذلك لأنّه من شأنه الخاصّ«.
هناك دليل صريح على أنّ الابن ليس الأب، ونستنتج ذلك من قول المسيح للفريسيّين (في ناموسكم مكتوب أنّ شهادة رجلين حقّ، أنا هو الشّاهد لنفسي ويشهد لي الأب الذي أرسلني)( )، ومعنى ذلك أنّ المسيح ذات، وأنّ الأب ذات أخرى، فهما اثنان متغايران وشهادة المسيح حقّ لشهادة اثنين عليها "الله والمسيح "، ولو كان المسيح هو الله؛ أي أنّ المسيح والله ذات واحدة، لمّا كانت شهادته كافية؛ لأنّها ستصبح بمثابة شهادة واحدة.
- نعلم جميعًا أنّ عقيدة الثّالوث لم تكن معلومة ولا منتشرة بين النّصارى في القرون الأربعة الأولى، وإنّما فُرض جزء منها في مجمّع نيقية بقوّة الإمبراطور قسطنطين، فعندما نطّلع عـلى قرارات مجمّع نيقيّة في سنة 325 م نجد أنّ المجمّع قرّر تأليه الأب والابن فقط؛ أي أنّ الإله كان حينها ثنائيًّا، وبعد عشرات السّنين وبالضّبط في مجمّع القسطنطينيّة سنة 381 م تمّ إعلان عن صنع إله ثالث وهو الرّوح القدس، فاكتمل الثّالوث، وهذا دليل تاريخيّ على أنّ الثّالوث كما هو معروف، الآن، لم يكن معروفًا ولا مكتملاً قبل سنة 381 م، فهل كان السّابقون لهذا التّاريخ يعبدون إلهًا ثنائيًا ناقصًا، أو جزءًا من إله!؟
وفي نهاية المطاف نخلص إلى القول: لم يعد من المقبول لدى الجميع الزّعم بوجود طلسم التّثليث، أو الإيمان بأنّه حقيقة فوق العقول، وأنّه سرّ إلهيّ مقدّس، ولن يجدي نفعًا كلّ هذا التهرّب من مواجهة الحقيقة، وسيكشف العلم والتّاريخ، والله تعالى، أنّ الكنيسة كانت تحمل أكبر عقيدة منافية لكلّ وحي سماويّ وتفكير أرضيّ، أمّا النّصارى البسطاء فما عليهم إلاّ الإذعان للحقّ، فهو سبيل النّجاة بدل القبول باغتيال العقول من أجل كذبة ابتكرها بولس وروّجتها الكنيسة فيما بعد تحت غطاء الأسرار المقدّسة !.
يقول يونغ: »وكان لزامًا عليّ أن أُسائل نفسي مساءلة جادّة عمّا إذا لم يكن أضرّ وأخطر أن تقضي الأسرار المسيحيّة عن حيّز التّفكير الجادّ، وأن نكتفي بنبذها إلى حيّز الألغاز المقدّسة المحرّمة، إنّ هذه الأسرار المسيحيّة قد تشتط في شطحاتها ممّا يحيل لاعقلانيّتها إلى هراء وتخريف، إنّ الإيمان المسيحي ليس مشاعًا لكلّ النّاس غير أنّ كلّ النّاس يملكون موهبة التّفكير التي تجهد للوصول إلى أعمق الأمور…
إنّ الذين يؤمنون ولا يفكّرون، إنّما يتناسون أنّهم يعرّضون أنفسهم لأخطر أعدائهم وأعني الشكّ، أمّا الذين يفكّرون فيرحّبون بالشكّ لأنّه أداتهم إلى معرفة أفضل، وعلى المسيحيّين أن يكونوا أكثر تسامحًا ممّا هم عليه تجاه التّفكير«.
وعلى الرّغم من كلّ ما قيل عن عقيدة الثّالوث والإيمان النّصرانيّ فإنّ القساوسة يستميتون في الدّفاع لآخر رمق؛ يقول القسّ حبيب سعيد: »إنّ الإنسان لن يبلغ هذا الإيمان عن طريق المطارحات النّظريّة، بل بإلهام من الله وإعلان منه«، أمّا القسّ ناشد حنا فيقول في كتابه (الإيمان المسيحيّ هل هو معقول؟): » إنّنا نعرف الله بموجب الإعلان الإلهيّ، ونؤمن به بالقلب، أمّا العقل فينحني خاشعًا للإعلان الإلهي ولا يستطيع أن يعترض عليه، لأنّه ليس ضدّ العقل بل هو أكبر منه ويسمو فوقه«.
ويضيف: »ليس الإيمان الحقيقيّ اقتناعًا عقليًّا بمبادئ صحيحة، والاعتراف بها، والدّفاع عنها، بل هو الثّقة التامّة بإعلان الله عن ذاته وطبيعته في كلمته«، وأمّا عن الثّالوث فيزعم ناشد حنا أنّ لامعقوليّته وعدم موافقته للمنطق والفهم البشريّ هو الدّليل على صحّته!!
وإليك زعمه: »تبدو هذه الحقيقة "الثّالوث" معقّدة فعلاً وصعبة الاستيعاب، ولكن أليس هذا دليلاً واضحًا على صحّتها وعلى أنّ الله نفسه هو الذي أعلن ذاته بها؟ لأنّ الإنسان إذا أراد أن يزيّف إيمانًا أو يصنعه فإنّه يصنعه وفق الفطرة البشريّة وفي مستوى العقل ليسهّل قبوله واستيعابه، أمّا إذا كان الأمر خاصًّا بحقيقة الله غير المحدود فلا بدّ أن يكون الإعلان كبيرًا فوق الفهم الطّبيعيّ وأسمى من العقل..« !!!
فهل يمكننا الموافقة على هذا المنطق !؟ لا والله، لأنّه إذا كان الإيمان النّصرانيّ صحيحًا لكونه فوق الإدراك ومخالفًا للعقل والمنطق، للزمنا الإيمان بعشرات الأديان والعقائد التي لا تستند لأيّ ذرّة من عقل بشريّ، كعبادة البقر أو تلك العبادة الشّهوانيّة لفرج المرأة والرّجل مثلما هو واقع في بعض البلدان الآسيويّة .. !؟
يقول يونغ في كتابه (علم النّفس والدّيانة الغربيّة): »لقد ظلّ الإنسان على مدى القرون الطّويلة محيرًا بالتّثليث، مضطرًّا إلى أن يعمل فكره بحماسة شديدة جدًّا ليهتمّ بقضايا ومسائل غريبة تبدو لنا الآن غامضة مبهمة إن لم تكن عبثيّة، ولا بدّ لنا من القول أوّل كلّ شيء أنّه يصعب علينا أن نفهم ما يعنيه التّثليث لنا، سواء على المستوى العمليّ أو المستوى الأخلاقيّ أو الرّمزيّ، إنّ اللاّهوتيّين أنفسهم يشعرون أحيانًا بأنّ المناقشات حول هذه القضيّة تظهر وكأنّها نوع من أنواع الشّعوذة الفارغة وغير المجدية، وكان الباحث الألمانيّ د. ف ستراوس قد كتب يقول:"الحقيقة أنّ كلّ من يعلن إيمانه بهذه العقيدة إنما يعلن تخليه عن قوانين التّفكير البشريّ "، ولا شكّ في أنّ الإنسان الوحيد القادر على مثل هذا القول هو الإنسان الذي نزع القداسة عن هذه الأفكار واستعاد نشاطه الذّهنيّ … ولا شكّ أنّ كلّ من يحاول التعرّض لمسألة التّثليث من وجهة نظر فكريّة أو عقلانيّة سيضطرّ إلى الجدل والخصام والتعرّض لغوغائيّة آباء الكنيسة الفارغة المعنى«.
ويضيف »إنّ عودة الإنسان، وخصوصًا رجل اللاّهوت إلى العقل والمنطق وأشباههما يدلّ على أنّ كلّ الجهود التي بذلتها المجامع المسيحيّة واللاّهوت قد فشلت، ولم تستطع أن تقدّم للأجيال تصوّرًا فكريًّا لهذه العقيدة يجعلهم يدعمونها أو يتعاطفون معها على الأقلّ، وهنا لا يبقى إلاّ الإذعان للإيمان والإقلاع عن الفهم، فالإيمان هنا كما دلّت التّجربة يفوز، لكنّه يخلي مكانه للنّقد الذي قد لا يكون جديرًا بالتعرّض لموضوع الإيمان، وهذا النّقد غالبًا ما ينشر مناخًا تنويريًّا عقليًّا، ولكن لم يخطر ببال أحد من هؤلاء النقّاد أنّ طريقة معالجة هذا الموضوع خاطئة وأنّها لا تتناسب معه أبدًا، إنّهم يعتقدون أنّهم يعالجون حقائق عقليّة ويتناسون أنّ هذه المسألة كانت دائمًا ظاهرة نفسيّة لاعقلانيّة«.
هذه خلاصة بعض تلك العقائد العليلة الهزيلة، ولم يكن هدفي التعمّق في غياهبها، والولوج في مجاهلها، إنّما حسبي أنّني أثرت تساؤلات عدّة تضع رجال الدّين في زاوية ضيّقة، لا يخرجون منها إلاّ بالاعتراف ببطلان تلك العقائد ممّا سيكون تمهيدًا لاعتناقهم الحقّ، فإن أبوا إلاّ المكابرة، فنقول لهم: قد علمتم الحقّ وعرفتم الصّواب، فلا حجّة لكم عند الله يوم القيامة،  ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بيّنة ويحي من حي عن بيّنة وإنّ الله لـــسميع عليم  الأنفال 42.




فشل الإقناع بالبيان واللّجوء إلى الحيلة
والاستهواء

في تحقيق إذاعيّ عن النّصرانيّة قبل سنوات وصفت إذاعة فرنسا الدّوليّة RFI الكنائس "الخالية" في إسبانيا بأنّها صحراويّة désertique، رغم ما عرف الإسبانيون به من التديّن، أكثر من الشّعوب الأوروبيّة الأخرى … وفي سنة 2002 ذكرت دراسة سويديّة أنّ الكنائس السّويديّة أصبحت خاوية على عروشها، خصوصًا من الذين يدفعون اشتراكات للكنيسة، لذلك بدأت الكنائس السّويديّة تبحث عن مصادر تمويل أخرى، لقد هجر النّصارى دينهم وكنيستهم منذ زمن بعيد لكنّهم لم يكونوا قادرين على التّعبير عن ذلك؛ لما كانت تتمتّع به الكنيسة من نفوذ وإرهاب دينيّ وسلطة مطلقة.
وقـد جاءت الثّورة الفرنسيّة لتقضي على التّحــالف 'الكنسيّ – الملكيّ'، فأَمِنَ النّاس من الخوف، وخرجت جحافل الثّائرين إلى شوارع باريس تصيح وراء ميرابو "لنشنق آخر ملك بأمعاء آخر قسّيس"، وكان ذلك إعلانًا صريحًا – ليس في فرنسا فحسب بل في أوروبا كلّها – عن المفاصلة بين الكنيسة والمجتمع، فبرزت عشرات المذاهب الإلحاديّة التي وقفت في وجه رجال الكنيسة وأفكارها، بل ذهبت إلى حدّ الكفر بالدّين والاستهزاء به ونقده بعلم وبغير علم، والسّؤال لماذا حدث كلّ هذا؟ والجواب طويل سنحاول اختصاره.
قد يقول قائل: إنّ الفرار الجماعيّ من الكنيسة كان نتيجة الطّغيان الرّوحيّ والعقليّ والسّياسيّ والماليّ … الذي مارسه رجال الكنيسة طيلة قرون على الشّعب، ولن نخالف من يقول ذلك، بل نجزم به، ولكن لم يكن ذلك الطّغيان هو السّبب الوحيد، إنّما السّبب الأساسيّ لذلك النّزوح عن النّصرانيّة هو عدم اقتناع الأفراد بها والتّصديق بفلسفتها، وقد عاش معتنقو هذه الدّيانة في حيرة وارتباك وصراع بين العقيدة والعقل، ولم تكن عقيدة غامضة ومستحيلة ومضطربة كتلك لتشبع غريزتهم الدّينيّة وحاجاتهم الرّوحيّة وتوائم فطرتهم البشريّة.
وهناك بعض النّظريّات في علم النّفس مفادها أنّ الإنسان بطبعه يبحث عن التّوازن النّفسيّ والدّاخليّ في حياته ولا يهدأ حتّى يبلغ حالة يقضي فيها على التوتّر الذي يكتنفه ويُخلّ بتوازنه، فلهذا يحاول الفرد أن يزيل هذا التّأثير الخارجيّ أو الدّاخليّ ليجد الرّاحة النّفسيّة التي يرجوها، وانطلاقًا من هذا المبدأ فإنّ كثيرًا من النّصارى لجأوا إلى إزالة هذا التوتّر، الذي أقحمتهم فيه الكنيسة وورثوه عن آبائهم وأجدادهم؛ فمنهم من ترك النّصرانيّة إلى الإلحاد واللاّدينيّة وتبنى مناهج شتّى في التّعبير عن سخطه على الدّين، ومنهم من ذهب يتلمّس الحقيقة في أديان الهند والصّين الشاذّة، وبعضهم انغمس في المسكّرات والمخدّرات والشّهوات الماليّة والجنسيّة وفي كلّ الملهيّات التي تنسيه معاناته الرّوحيّة، وأمّا أسعد النّاس منهم فهم أولئك الذين اعتنقوا الإسلام فوجدوا ضالّتهم، ولله الحمد والمنّة.
حاول رجال الكنيسة استرجاع النّصارى المتفلتين إلى حظيرة الكنيسة، لا حرصًا منهم على هدايتهم ولكن طمعًا في عودة نفوذهم الضّائع، ولقد فشلوا فشلاً ذريعًا في ترويج عقيدتهم والدّعاية للإيمان بأسرارها والتّبشير بألغازها؛ إذ لم تعد الخطب الرنّانة والعظات في يوم الأحد تجدي نفعًا، الأمر الذي دفع الكنيسة وسدنتها إلى ابتكار طرق عديدة واختراع أساليب أعظم إثارة وأكثر جاذبيّة؛ ففتحوا بابًا واسعًا من التّلاعب بالعقول والخداع باستخدام الحيل المختلفة.
وليست بوادر تلك التّلاعبات حديثة؛ فقد وجدت منذ البداية عندما حوّل القساوسة النّصرانيّة إلى مجموعة من المعجزات والخوارق، التي أجراها الله تعالى على يد المسيح فأضحت بذلك تلك الخوارق غاية، وليست وسيلة لإحقاق الحقّ، وفي غمار ذلك تناسى الجميع الأصل، وهو التّعليمات والتّوجيهات في العقيدة والشّريعة والأخلاق المسطرة في الإنجيل، فلا تكاد تسمع الآن تلك النّصوص الهادية، بينما كلّ حين وكلّ وقت تكرّر عليك قائمة كاملة من الخوارق كإحياء الموتى، شفاء المرضى، المشي على الماء، إطعام الآلاف بقليل السّمك والخبز… فأصبحت هذه الطّريقة الدّعائيّة رائجة، مع أنّ الله تعالى أجراها على أيدي أنبيائه للحاجة ولإقامة الحجّة، ومساندة شريعة وعقيدة واضحة سهلة خالية من التّعقيد، تتفيّأ ظلالها الربّانيّة والهداية الإلهيّة، لذلك كانت أعظم المعجزات الإسلاميّة هي بلاغة القرآن، وقوّة الحجّة والبيان بدل إحياء الموتى وإبراء المرضى.. إلاّ فيما ندر.
وبعد رفع المسيح استغلّ القساوسة هذا الأسلوب وادّعوا في كلّ مكان أنّ لهم قدرات وخوارق، ونفّذوا بعضها بطرق ملتوية، ولكن هذه الأشياء يحسنها كلّ واحد حتّى البوذيّون والهندوس وسحرة "السيرك"، وهل ذلك كافٍ ليشفع لهم أمام بساط العلم والعقل والحقيقة !!؟ بل عمد رجال الكنيسة إلى الحيل الكاذبة والخداع المموّه ومن أمثلتها:
تلفيق تمثال للعذراء مريم يدرّ اللّبن، انخدع به العديد من النّاس، وتبيّن وجود شمّاس وراء الجدار يصبّ اللّبن عبر أنبوب موصول بالثّدي!!، أو تلك الكنيسة التي زعم النّاس أنّ في المواسم تنزل نار من السّماء فتضيء الشّموع، وتبيّن كذلك أنّ المسؤولين في الكنيسة ركّبوا سلكًا مطليًّا بمواد قابلة للاشتعال يقوم الشمّاس بإشعال الفتيلة خفية عند السّاعة المطلوبة!!
وتجاوزوا في عصرنا تلك الأساليب البالية إلى استغلال الاختراعات الإلكترونيّة والتكنولوجية، لإحداث بعض الظّواهر الإعجازيّة في الكنائس ثمّ نسبتها إلى روح القدس، كما حدث في بعض الكنائس بمصر، والقصص في ذلك كثيرة اكتشفت بعضها وما يزال الكثير!، وأين كلّ هذا من التّعاليم والمبادئ السّامية والأخلاق التي جاء بها المسيح ؟!
وكان من الحيل وأساليب الجذب الأكثر استخدامًا التّنصير بوسائل غير أخلاقيّة؛ كاستغلال الفقر والجوع والمرض والجهل والعوز، فانظر – رحمك الله – إلى المنصّرين كيف يصطادون في الماء العكر؛ إذ لا توجد بقعة في العالم يعاني فيها البشر من ظروف المعيشة الصّعبة "فقر، جوع، مرض، جهل" أو يصارعون الموت في الحروب والكوارث الطّبيعيّة إلاّ ووجدت "خدّام الكلمة" يحومون حولهم، يحملون في أيديهم الدّواء والقوت والمال، وفي اليد الأخرى الإنجيل والصّليب، وتحت تلك الضّغوط القاسية والمحن الشّديدة يستسلم المساكين لأولئك المنصّرين، لا طمعًا في ملكوتهم السّماويّ، ولا في حياتهم الأبديّة ولكن طمعًا في دفع المرض وسدّ الرّمق، وهنا نتساءل هل هذه طرق ووسائل تحترم الإنسان وحقوقه، وتقدر النّفس البشريّة وتعرف الضّمير والأخلاق؟ ثمّ تفتخر بعدها الكاثوليكيّة بإنجازاتها الهائلة في أدغال إفريقيا!!؛ في حين يعظم البروتستانت "إنتاجيّتهم" المكتسبة في الأمازون وللّه في خلقه شؤون!!.
ولا حيلة "لخدّام الكلمة" المتنافسين إلاّ تلك الطّريقة؛ لأنّهم حين يتبنّون الإقناع بالبرهان والدّليل يفشلون عند أوّل وهلة ويتعثّرون في أوّل الطّريق، لأنّهم في هذا المجال خواء وبلقع وفاقد الشّيء لا يعطيه.
وأذكر قصّة سمعتها من أحد كبار المنصّرين في الشّرق الأوسط، وقد أسلم وفضح أساليب المنصّرين والإرساليّات، في محاضرة له قال: »كنت أدفع "33 " ألف جنيه مصريّ لكلّ من يتنصّر في قرى السّودان، وكان أن تنصّر أحد الذين أقعدهم الفقر والجوع مقابل ذلك المبلغ، وسافر معي في الباخرة فدخلت عليه الغرفة فجأة فوجدته يصلّي صلاة المسلمين، فقلت له كيف تصلّي هذه الصّلاة، وقـد أخذت "33 " ألف جنيه لدخول النّصرانيّة؟ فقال لي: لقد بعت لك جسدي بـ "33 " ألف جنيه أمّا روحي فهي لله والإسلام ولا يمكنني بيعها لأحد«.
وتتواتر حلقات الابتكار عند المنصرين وتزداد تفنّنًا، فكان من آخرها ولوج باب التّبشير بالفنّ والموسيقى والرّقص والنّساء، وتكاد تكون هذه الوسيلة أنجحها في استقطاب الهاربين من الكنيسة؛ فقد نظر خدّام الكلمة إلى المجتمع فألفوا النّاس يقدّسون الفنّ وتنشرح صدورهم الخاوية للغناء والموسيقى واللّهو، ووجدوا عبوديّة الجنس والهيام بالأضواء والأنوار والألوان والأصوات الصّاخبة، وباختصار كلّ مظاهر الجمال والزّينة والدّيكور .. وكلّ الملهيّات والملذّات، فقالوا في أنفسهم ولماذا لا ننقل هذه الأشياء كلّها إلى ساحة الكنائس، فلن نخسر شيئًا أكثر ممّا خسرنا، بل سنعيد مجدنا التليد ونفوذنا وغفران المسيح المصلوب، وأمّا الوسيلة لذلك فلا تزعجنا، إذا كانت النّتيجة ترضي المسيح؛ فالغاية تبرّر الوسيلة والعبرة بالمقاصد !.
وشيّدت الكنائس والكاتدرائيّات بهندسة حديثة، وأبدع المعماريّون في الدّيكور والزّخارف والأشكال والألوان.. وحلّت محلّ تلك الكنائس الموحشة، المغبّرة، المخيفة، العتيقة كنائس أشبه بالمسارح وقاعات العرض واللّهو.. جدران زجاجيّة، أضواء حمراء، وخضراء، وزرقاء.. أثاث عصريّ، ورود وأزهار، صور وتماثيل… وتقلّصت المساحة الزّمنيّة للعظات المملّة والخطب الجامدة ومُلئت الأوقات ببرامج مغرية… وبأمسيات الشّاي والكعك وحفلات التّعارف والسّهرات الموسيقيّة، وكثر المرنّمون وارتفعت أصوات التّرانيم المصحوبة بالسّنفونيّات وأحيانًا بموسيقى الجاز والبلوز والروك والهيب هوب والجوسبل، وشهد نشاط الكنيسة كثافة خلال الأسبوع كلّه لا الأحد فقط، وتعدّدت أعياد القدّيسين( ) وتنوّعت المناسبات الدّينيّة والكرنفالات، فسقط كثير من هوّاة الملهيّات في شراك خدّام الكلمة فرجع بعضهم إلى أماكن العبادة، عفوًا اللّهو !!
وصدق عليهم قول ابن القيّم – رحمه الله – في كتابه (إغاثة اللّهفان من مصائد الشّيطان): »ولمّا علمت الرّهبان والمطارنة والأساقفة، أنّ مثل هذا الدّين تنفر عنه العقول أعظم نفرة، شدّوه بالحيل والصّور في الحيطان بالذّهب والأزورد والزّنجفر والأرغل "آلة موسيقيّة " وبالأعياد المحدثة، ونحو ذلك ممّا يروج على السّفهاء وضعفاء العقول والبصائر «.
هذا كلّه يحدث داخل جدران الكنيسة أمّا المهرجانات والتجمّعات والاحتفالات والرّحلات التّرفيهيّة التي تنظّمها النّوادي الكنسيّة، والتي تجري في البرّ والخلاء فالله أعلم بما فيها من أسرار تبشيريّة لاهوتيّة مقدّسة، وهكذا التّبليغ والتّبشير وإلاّ فلا!
وهذا الإنجلوكاثوليكيّ الإنجليزيّ B. Devis يقول: » إنّ كثيرًا من النّاس أخذ يفلت من قبضة المسيحيّة ولا سيّما الجيل النّاشئ، فبدت الكنيسة عاجزة عن التصرّف مع الوضع الحالي المتأزّم فحاولت استهواء أتباعها بالبخور المعطّر والأضواء، وملابس الكهنوت الملوّنة، وبالصّلوات والتّراتيل المطوّلة للقدّيسين، وبكثير من وسائل الاستهواء«.
وعلى نفس النّغمة برز توجّه قويّ لاستغلال هذه المغريات في وسائل الإعلام التّنصيريّة، كالإذاعات ومحطّات التّلفزيّون، وأكبر دليل على ذلك تلفزيون الشّرق الأوسط التّنصيريّ، الذي يبثّ يوميًّا برامج ببراعة إعلاميّة فائقة توظّف فيها أحدث التّقنيّات الاتّصاليّة، وأشهر البرامج المبثوثة برنامج 'نادي 700' '700 CLUB ' الذي يستضيف طابورا من الممثّلين والمغنّين، والمخرجين والكتّاب ولاعبي كرة السلّة، والبيزبول "Base ball " والملاكمة وغيرهم من المشاهير، وتعرض لقطات من الألعاب والسكتشات والتّمثيليّات المحبوكة بإتقان، والموسيقى والتّرانيم، ويجري البرنامج مقابلات مع أصحاب السّوابق التّائبين بعدما عرفوا طريق الكنيسة، ومرضى السّرطان والسكّريّ والعلل الغريبة الذين شفوا منها بمعجزة يسوعيّة خارقة!! أو أولئك الذين يأتون لحكاية قصصهم العائليّة والحوادث والمصائب التي تجاوزوها أو نجوا منها بأعجوبة وببركة الإنجيل طبعًا !!
هذا باختصار شديد وصف هذه الظّاهرة الإعلاميّة الفريدة، لكن لا يفوتني أن أذكر اللّسان المعسول، وبراعة الكلام التي يمتلكها مقدّمو البرنامج "باث روبرتسون" والقسّيسة خادمة الكلمة! " تيري ميوسن" هذه المبشّرة البروتستانتيّة، التي لا يقلّ دورها عن زميليها "باث" و"بن كينشو"، بل يتجاوزه إلى تزيين المجلس والشّاشة بضحكاتها وشعرها الأشقر وأحيانًا كثيرة بساقيها "الجميلتين" عندما يرتفع الثّوب القصير فوق الرّكبة، وهي من مستلزمات أسرار التّبشير، طبعًا!، وأتساءل هل كانت هذه الثّياب المغرية التي ترتديها القسّيسة!؟ وزميلاتها في برامج التّنصير تشبه تلك التي ارتدتها سارة زوجة إبراهيم أو رفقة زوجة إسحاق أو مريم أم المسيح !؟ مع العلم أنّ ثمّة ثلاث آيات في العهد القديم و ثلاث أخرى في الجديد تدعو للتستّر وتمنع الزّينة والتبرّج، لكن من يسمع !؟، فإدخال المسلمين في النّصرانيّة هو أولى الأولويّات عندهم، وقد أشغلهم هذا العمل النّبيل عن الالتفات لأنفسهم وستر عوراتهم.!
والمرأة الآن في المجتمع الكنسيّ شبكة صيد لا مثيل لها، يجلب بها الشّباب "الضالّ" إلى الكنيسة، فلا يكاد يخلو برنامج تلفزيونيّ تنصيريّ من الشّابات الجميلات والفتيات المتغنجات، وفي الكنائس من المرنّمات المراهقات الفاتنات بألبسة وأثواب مغرية تأخذ الألباب، وتنظّم حفلات مختلطة بين الجنسين في قاعات جانبيّة داخل كلّ كنيسة، يختلط فيها الحابل بالنّابل ويترك الحبل على الغارب.
وتجد الفتيات النّصرانيّات – وأكثرهنّ من الطّالبات – الكنيسة مكانًا ملائمًا للالتقاء بالزّملاء والأصدقاء، خاصّة في مجتمعنا الشّرقيّ، الذي تخشى الفتاة فيه الخروج إلى الشّوارع والملاهي مـع صديقها، خوفًا من كلام النّاس! أمّا الشّباب فلماذا لا يـذهب إلى دار "اللّهو والعبادة "! و هو يعلم أنّ ثمّة ما يثلج صدره من جلسات ووقفات وحركات… مع الأجساد الملتهبة، والأبدان المثيرة، والابتسامات، والنّظرات… إلخ.
كنت أظنّ أنّ هذه الأمور تحدث في كنائس الغرب فقط، ولكن عندما دخلت عدّة كنائس في بلدان عربيّة شرقيّة، رأيت بعيني ما يشيب الرّأس ويحيّر العقل، دخلت يومًا كنيسة معمدانيّة في الأردن، كنت وقتها طالبًا في قسم الصّحافة، وكان عندي موعد مع القسّ فواز، فوجدت حفلة مختلطة مريبة فحاول القسّ إغرائي بالحضور والمشاركة؛ فقال: "يوجد طالبات من جامعتك" واعترضني أحد المعمدانيّين داخل الكنيسة ودعاني للدّخول في الحفلة فقلت: "لكن أنا مسلم "فقال: "نعم وأنت كذلك أخونا في الربّ " !، إنّها أساليب ميكيافيليّة لست أدري ماذا يكون ردّ فعل المسيح أو أحد حواريّيه لو سمعوا بمثلها !؟
لقد بلغ حجم اختراق العلمانيّة واللاّدينيّة الكنيسة إلى أكثر من ذلك، فيقول علي جريشة في كتابه (الإعلام والدّعوة الإسلاميّة): »وامتدّت العلمانيّة داخل الكنيسة نفسها، حتّى إنّ بعض رجال الدّين لم يجدوا بدًّا للتّرويج لبضائعهم إلاّ بالتّرويج الجنسيّ للفتيان والفتيات؛ فشرّعوا حفلات رقص تعقب الصّلوات، التي تؤدّى في الكنائس تحت رعاية رجال الدّين وتشجيعهم«.
وأنقل تجربة حيّة وواقعيّة من إحدى مقالات سيّد قطب – رحمه الله – وكتبها فور رجوعه من أمريكا، وقد كان في الأربعينات من هذا القرن مقيمًا فيها، وعضوًا في عدّة نواد كنسيّة فإليك كلامه على طوله: »إذا كانت الكنيسة مكانًا للعبادة في العالم المسيحيّ كلّه، فإنّها في أمريكا مكان لكلّ شيء إلاّ العبادة، وإنّه ليـصعب عليك أن تفرّق بينها وبين أيّ مكان آخر مـعدّ للّهو والتّسلية، أو ما يسمّونه بلغـتهم الـ Fun ومعظم قصّادها إنّما يعدّونها تقليدًا اجتماعيًّا ضروريًّا، ومكانًا للّقاء والأنس، ولتمضية وقت طيّب، وليس هذا شعور الجمهور وحده، ولكنّه كذلك شعور سدنة الكنيسة ورعاتها.
ولمعظم الكنائس ناد يتألّف من الجنسين، ويجتهد راعي كلّ كنيسة أن يلتحق بالكنيسة أكبر عدد ممكن، وبخاصّة أنّ هناك تنافسًا كبيرًا بين الكنائس المختلفة المذاهب؛ ولهذا تتسابق جميعًا في الإعلان عن نفسها بالنّشرات المكتوبة وبالأنوار الملوّنة على الأبواب والجدران للفت الأنظار، وبتقديم البرامج اللّذيذة المشوّقة لجلب الجماهير، بنفس الطّريقة التي تتبعها المتاجر ودور العرض والتّمثيل، وليس هناك من بأس في استخدام أجمل فتيات المدينة وأرشقهنّ، وأبرعهنّ في الغناء والرّقص والتّرويح، وهذه مثلاً محتويات إعلان عن حفلة كنسيّة، كانت ملصقة في قاعة اجتماع الطّلبة في إحدى الكلّيّات: "يوم الأحد أوّل أكتوبر – في السّاعة السّادسة مساء – عشاء خفيف، ألعاب سحريّة، ألغاز، مسابقات، تسلية.. ".
وليس في هذا أيّة غرابة، لأنّ راعي الكنيسة لا يحسّ أنّ عمله يختلف في شيء عن عمل مدير المسرح، أو مدير المتجر، النّجاح يعود عليه بنتائجه الطيّبة: المال والجاه، فكلّما كثر عدد الملتحقين بكنيسته عظم دخله، وزاد كذلك احترامه ونفوذه في بلده؛ لأنّ الأمريكيّ بطبيعته يؤخذ بالفخامة في الحجم أو العدد، وهي مقياسه الأوّل في الشّعور والتّقدير.
كنت ليلة في إحدى الكنائس ببلدة جريلي بولاية كولورادو – فقد كنت عضوًا في ناديها، كما كنت عضوًا في عدّة نوادٍ كنسيّة في كلّ جهة عشت فيها؛ إذ كانت هذه ناحية هامّة من نواحي المجتمع تستحقّ الدّراسة عن كثب، ومن الدّاخل – وبعد أن انتهت الخدمة اللّيليّة في الكنيسة، واشترك في التّراتيل فتية وفتيات من الأعضاء، وأدّى الآخرون الصّلاة، دلفنا من باب جانبيّ إلى ساحة الرّقص، الملاصقة لقاعة الصّلاة، يصل بينهما الباب، وصعد "الأب" إلى مكتبه وأخذ كلّ فتى بيد فتاة، وبينهم وبينهنّ أولئك الذين واللّواتي كانوا وكنّ يقومون بالتّرتيل ويقمن!.
وكانت ساحة الرّقص مضاءة بالأنوار الحمراء والصّفراء والزّرقاء، وبقليل من المصابيح البيض، وحمي الرّقص على أنغام "الجراموفون" وسالت السّاحة بالأقدام والسّيقان الفاتنة، التفت الأذرع بالخصور، والتقت الشّفاه بالصّدور.. وكان الجوّ كلّه غرامًا حينما هبط "الأب" من مكتبه، وألقى نظرة فاحصة على المكان ومن في المكان، وشجّع الجالسين والجالسات ممّن لم يشتركوا في الحلبة على أن ينهضوا فيشاركوا، وكأنّما لاحظ أنّ المصابيح البيض تفسد ذلك الجوّ "الرّومانتيكيّ" الحالم، فراح في رشاقة الأمريكانيّ وخفّته يطفئها واحدًا واحدًا، وهو يتحاشى أن يعطّل حركة الرّقص، أو يصدم زوجًا من الرّاقصين في السّاحة، وبدا المكان بالفعل أكثر "رومانتيكيّة" وغرامًا، ثمّ تقدّم إلى "الجراموفون" ليختار أغنية تناسب الجوّ، وتشجّع القاعدين والقاعدات على المشاركة فيه.
واختار.. اختار أغنية أمريكيّة مشهورة اسمها: 'But baby it is cold out side '، 'ولكنّها يا صغيرتي باردة في الخارج'، و هي تتضمّن حوارًا بين فتى وفتاة عائدين من سهرتهما، وقد احتجزها الفتى في داره، وهي تدعوه أن يطلق سراحها لتعود إلى دارها فقد أمسى الوقت، وأمّها تنتظر.. وكلّما تذرّعت بحجّة أجابها بتلك اللاّزمة: "ولكنّها يا صغيرتي باردة في الخارج! " وانتظر الأب حتّى رأى خطوات بناته وبنيه، على موسيقى تلك الأغنية المثيرة، وبدا راضيًا مغتبطًا، وغادر ساحة الرّقص إلى داره، تاركًا لهم ولهنّ إتمام هذه السّهرة اللّذيذة .. البريئة!.
وأب آخر يتحدّث إلى صاحب لي عراقي، فقد توثّقت بينهما عرى الصّداقة، فسأله عن "ماري" زميلته في الجامعة: "لم لا تحـضر الآن إلى الكنيسة؟" ويبدو أنّه لا يعنيه أن تغيب الفتيات جميعًا وتحضر "ماري "، وحين يسأله الشّابّ عن سرّ هذه اللّهفة يجيب: "إنّها جذّابة، وإنّ معظم الشبّان إنّما يحضرون وراءها! ".
ويحدّثني شابّ من شياطين الشبّان العرب الذين يدرسون في أمريكا، وكنّا نطلق عليه اسم "أبو العتاهية " – وما أدري إن كان ذلك يغضب الشّاعر القديم أو يرضيه! – فيقول لي عن فتاته – ولكلّ فتى فتاة في أمريكا – إنّها كانت تنتزع نفسها من بين أحضانه أحيانًا؛ لأنّها ذاهبة للتّرتيل في الكنيسة، وكانت إذا تأخّرت لم تنج من إشارات "الأب" وتلميحاته إلى جريرة "أبي العتاهية" في تأخيرها عن حضور الصّلاة ! هذا إذا حضرت ودها من دونه، فأمّا إذا استطاعت أن تجرّه وراءها، فلا لوم عليها ولا تثريب!.
ويقول لك هؤلاء الآباء: إنّنا لا نستطيع أن نجتذب الشّباب إلاّ بهذه الوسائل!، ولكنّ أحدًا منهم لا يسأل نفسه: وما قيمة اجتذابهم إلى الكنيسة، وهم يخوضون إليها مثل هذا الطّريق، ويقضون ساعاتهم فيه؟ أهو الذّهاب إلى الكنيسة هدف في ذاته، أم آثاره التّهذيبيّة في الشّعور والسّلوك؟، ومن وجهة نظر "الآباء" التي أوضحتها فيما سلف، مجرّد الذّهاب هو الهدف، وهو وضع لمن يعيش في أمريكا مفهوم« !.
هذا غيض من فيض، ممّا لا يمكن حصره في هذه العجالة، وتسعى الكنائس الآن إلى تفادي مناقشة المواضيع المتعلّقة بالأسرار الإلهيّة، وعدم طرحها في الكنيسة، خصوصًا على الشّباب؛ لأنّها تعلم أنّ تلك القضايا "مشكلات" تنفّرهم من الكنيسة، وتجعل الكثير منهم يعتنقون الإسلام، إذ إنّ نسبة النّصارى الذين يعتنقون الإسلام في العالم يتجاوز عشرات الآلاف كلّ سنة، أغلبهم من الشّباب والمثقّفين والجامعيّين.











شهادات نصارى اعتنقوا الإسلام


يحوي هذا الفصل شهادات مثيرة ورائعة لمجموعة من النّصارى الذين اعتنقوا الإسلام، ورضوا به عقيدة وشريعة، وكلّ واحد من هؤلاء كانت له أسبابه الخاصّة لهذا التحوّل، بيد أنّهم أجمعوا على أنّ أهمّ الأسباب التي جعلتهم ينفرون من النّصرانيّة هو عدم اقتناعهم بها؛ لأنّ الإيمان النّصرانيّ يصادم الفطرة البشريّة، ويدخل في نزاع مع العقل والمنطق، الأمر الذي قلب حياة معتنقيها إلى صراع دائم بين عقولهم وعواطفهم، هذا الصّراع الدّاخليّ أزعجهم وقضّ مضاجعهم، كيف ينامون وتقر أعينهم !؟ وهم يؤمنون بعقيدة غامضة، صعبة غير مقتنعين بها ولا مصدّقين بأسرارها التي يتلقّونها كلّ يوم "أحد" من أفواه رجال الكنيسة، والأمر ليس هيّنًا بل هو عظيم يتعلّق بحياتهم الدّنيويّة، وبعدها بمصيرهم الأبديّ، فبدأوا بالتّفكير والبحث، وإعمال العقل فاهتدوا إلى دين الإسلام، الذي أقر أعينهم ومنحهم الرّاحة النّفسيّة وسينالون الفوز في الآخرة، إن شاء الله.
وكلّهم يشهدون للإسلام: لا أسرار، ولا مستحيلات عقليّة، ولا إلغاء للعقل، ولا خرافات، ولا تجديف على الله، ولا رجال دين، ولا طاعة عمياء، ولا إتباع بدون دليل، ولا إيمان بلا تدبّر وتفكّر.
فالعقيدة الإسلاميّة واضحة وضوح الشّمس، والشّريعة جليّة للعيان، فشتّان بين النّصرانيّة والإسلام وكلّ إناء بما فيه ينضح، وتأتي هذه الشّهادات للتّمثيل لا الحصر من علماء وأطبّاء وأساتذة جامعيين وباحثين وسياسيّين بل من قساوسة ورجال دين.
1



1. محمّد فؤاد الهاشميّ
أبدأ هذا الفصل بشهادة مطوّلة لأحد الشّمامسة( ) العرب، الذين عرفوا النّصرانيّة عن كثب، ثمّ تحوّلوا إلى الإسلام؛ فقد كتب الأستاذ محمّد فؤاد الهاشميّ هذه الكلمات التي نقلتها رغم طولها من كتابه (سرّ إسلاميّ) يقـــول: » أثناء دراستي للدّين المسيحيّ، وتعمّقي في جنباته صادفتني مشاكل عقليّة متعدّدة؛ كنت في البداية أطرحها جانبًا إلى حين، ثمّ أعاود الرّجوع إليها فيكون نصيبها التّأجيل كالمرّة الأولى، وكلّ يوم تزداد المشاكل عن ذي قبل، حتّى كوّنت عندي ما يشبه العقد، وولّدت عندي اليأس من فهم تلك المشاكل المعقّدة.
بعد الدّرس كنت أخلد أحيانًا إلى نفسي؛ محاولة منّي لإيجاد الحلول للمسائل المعقّدة، وكانت توجد حلول، لكنّها حلول لا ترضي العقل ولا يستريح بها الضّمير إلاّ مؤقّتًا؛ طمعًا في أنّي يومًا ما ربّما تكون قد اتّسعت مداركي واستطعت حلّها، و لكن بعد سنوات الدّراسة الثّلاث في اللاّهوت لم أجد البياض النّاصع الذي يعتبر أساسًا للدّين، ولم أعثر على الوضوح والبساطة، الذي يجب أن تتحلّى بها العقيدة، إنّما كنت أجد بقعًا عديدة من الأصباغ ظننتها بادئ ذي بدء زينة الدّين، ولكنّي كلّما تعمّقت واستعملت العقل وذهبت بالفكر؛ أي مذهب بين الكتب والمتون والشّروح، أعود إلى النّقطة التي بدأت منها دون الخروج بأيّ جواب شاف عن أسئلة العقل المتلاحقة بغير هوادة، وشككت في عقلي، واتّهمت ملَكة فهمي بالضّعف، وأيقنت أنّ ذلك تصوّر منّي وربّما وجدت المخرج عند أساتذتي الكهنة والقساوسة والدّعاة الأكليريكيّين.
كان كلّ منهم يريد أن يظهر قدرته ومدى مساهمته في هذا الدّين، فحمّلوا الدّين ما لا يُطيق من الإضافات والتّفسيرات، ووصل الحال في بعضها إلى أن أصبحت هذه الإضافات والتّعليقات هي الأصل، والدّين ذاته في المرتبة الثّانية من حيث الأهمّيّة، ويبدو أنّ أدعياء الدّين أو محترفيه لم تعجبهم بساطته وأرادوا له أن يكون معقّدًا؛ لأنّه كلّما كان معقّدًا اتّجه النّاس إليهم يسألونهم تفسيرًا لكلّ ما يحويه من ألغاز، على أن تظلّ شوكتهم قويّة ويبقى سلطانهم راسخًا، فمن جهة المتديّنين فرضوا لهم طقوسًا، ورسموا طرقًا، وابتدعوا احتفالات، وصمّموا ملابس، وألّفوا ترانيم وصلوات، وتفنّنوا في خزعبلات، واستغلّوا مجريات الأمور لأنفسهم فجعلوا مصائر النّاس في أيديهم؛ ليظلّوا المهيمنين عليهم والمرشدين لهم.
أمّا من جهة خالقهم فأرادوا أن يزيدوا في درجة احترامه سبحانه وتعالى، فابتدعوا له مؤنسًا في وحدته زوجة ثمّ ابنًا، ثمّ قالوا عن الابن: إنّه هو الإله ثمّ احتاروا فقسّموا بين الأب والابن السّلطات ورسموا لهما الأقانيم، ممّا سبق لم أجد جواب الأساتذة إلاّ كجواب الكتب أو أشدّ تعقيدًا، وعسير على العقل المتحرّر أن يقبل أجوبة على علّتها، كما قال بعضهم قولتهم المشهورة: " أدّ الطّقوس التي تعلّمتها كما تعلّمتها ولا تتعب عقلك، فقد تعب قبلك كثيرون و باءوا بالخسران المبين، وطُردوا من ملكوت السّموات".
من هنا بدأ شكّي وفقدت الثّقة واستولى علي عدم الإيمان، فيما أدرس لا فيما أدين؛ لأنّ المسيحيّة دين سماويّ أتى به المسيح، وبشّر به من سبقه من الأنبياء واعترف به من بعده، ولذا بدأت أبحث وأنقّب مصمّمًا على أن لا ألغي عقلي لأنّه عسير على العقل الواعيّ أن يأخذ الأمور على علالتها، كما أنّه من العسير على إنسان وُهب شيئًا من حرّيّة الفكر أن يصمّ أذنيه عن النّداء المنبعث من وحي العقل والضّمير، واثقًا أنّي لن أطرد من ملكوت، بل هدفي أن أدخل الملكوت ومن سار على الدّرب وصل، ومن جدّ وجد؛ لأنّه من العبث ألاّ يبحث أيّ إنسان أمر دينه حتّى يؤمن إيمانًا صحيحًا، أو يترك ما لم يستطع عقله وعقول أساتذته إلى ما يفهمه العامّة، قبل الخاصّة حتّى يستريح الضّمير، ويكون ذلك دين القيمة، وإلى القارئ أقدّم بحثي الذي انتهى بي إلى الإيمان بدين القيمة – الإسلام -«.
2. حسين رؤوف (إنجلترا) Hussain Rofe
» … دفعتني فطرتي إلى البحث عن دين يروي غليلي فلسفيًّا واجتماعيًّا، فلم يكن منّي إلاّ أن قرّرت أن أفحص بدقّة كلّ الدّيانات الرّئيسيّة المعروفة في العالم… نشأت في ظلّ تقليد الكنيسة الإنجليزيّة.. وبدأت في سنّ مبكّرة أعقد المقارنات بين العقائد والطّقوس في كلٍّ من اليهوديّة والمسيحيّة، ودفعتني فطرتي إلى رفض عقيدتيْ تجسيد الإله وتكفيره لذنوب البشر، كما أنّ عقلي لم يستطع قبول تعدّد الأناجيل ونصوصها، أو الإيمان بعقيدة لا ترتكز على منطق العقل، كما هي التّقاليد المرعية في الكنيسة الإنجليزيّة.
ورغم أنّني كنت أشهد الصّلوات المسيحيّة في الكنيسة الإنجليزيّة، كما أحضرها في الكنيس اليهوديّ، وأشارك في كليهما، إلاّ أنّني في الواقع لم أكن أدين بأيّ من الدّيانتين ورأيت في الكاثوليكيّة الرّومانيّة كثيرًا من الغموض، ومن الخضوع لسلطة البشر، وأنّها تصمّ البشريّة بالنّقص بعكس ما تنسبه إلى البابا وأتباعه من تقديس يكاد يرقى بهم إلى شبه الألوهيّة«.


3. سيسيليا محمودة كانولي (أستراليا) Cecilia Mahmuda Canoolly
»لماذا أسلمت؟ أوّلاً وقبل كلّ شيء، أودّ أن أقول إنّني أسلمت لأنّني كنت في قرارة نفسي مسلمة دون أن أعلم ذلك من حداثة سنّي؛ كنت قد فقدت الإيمان بالمسيحيّة لأسباب كثيرة أهمّها: أنّني ما سألت مسيحيًّا سواء كان ممّن يقال عنهم رجال الكهنوت والأسرار المقدّسة، أو من العامّة، عن أيّ شيء يبدو لي غامضًا في تعاليم الكنيسة، إلاّ تلقّيت الجواب التّقليديّ: "ليس لك أن تناقشي تعاليم الكنيسة، ويجب أن تؤمني بها فقط"، وفي ذلك الوقت لم تكن عندي الشّجاعة الكافية لأقول لهم: "إنّني لا أستطيع الإيمان بشيء لا أعقله".
وتعلّمت من خلال تجاربي أنّ غالبيّة الذين يسمّون أنفسهم مسيحيّين لا يجدون هذه الشّجاعة كذلك… كان كلّ ما فعلته أنّي هجرت الكنيسة "الرّومانيّة الكاثوليكيّة" وتعاليمها، وركّزت إيماني في الإله الواحد الحقّ؛ لأنّ الإيمان به أيسر على النّفس من الإيمان بثلاثة آلهة كما تقول الكنيسة، وعلى النّقيض من التّعاليم الكنسيّة الغامضة البعيدة عن الإدراك، بدأت أرى الحياة أوسع وأرحب طليقة من الطّقوس والفلسفات، فكنت حيثما وجّهت وجهي أجد آيات الله… حتّى الطفل الوليد، أصبحت أحسّ أنّه معجزة رائعة جميلة، وليس كما كانت الكنيسة تصوّره لنا، تذكّرت كيف أنّني في صغري إذا نظرت إلى طفل حديث الولادة تصوّرته "مغطّى بسواد الخطيئة الموروثة"، أمّا الآن فلم يعد للقبح مكان في خيالي، بل لقد أصبح كلّ شيء أمامي جميلاً، وهنا أيضًا تهتّكت الأستار التي كانت تحد ما بيني وبين الإسلام، فما خطر لي من سؤال إلاّ كنت أتلقّى عنه الجواب المقنع الدّقيق، على النّقيض تمامًا من ذلك الهراء، الذي كنت أسمعه حينما كنت أناقش المسيحيّة «.
4. محمّد ألكسندر راسيل (الولايات المتّحدة) Mohamed Alexander Russel
(كنت لحسن حظّي ذا عقليّة فاحصة، أميل إلى أن أتحرّى الأمور، وأن أجد لكلّ شيء علّة وسببًا، ووجدت أنّ النّاس بين علمانيّين، ورجال دين – المسيحيّ – عجزوا عن إقناعي بوسائل عقليّة ومنطقيّة بحقيقة هذه العقيدة، ولكن كلا الفريقين كانوا يقولون: إنّ هذه أمور غامضة وخفيّة، أو يقولون إنّها مسائل فوق مستوى إدراكي، وأودّ أن أقرّر هنا بأنّني عندما كنت صبيًّا كانت تنقصني الحماسة الدّينيّة، التي تبدو على كثير من الصّبيان بالفطرة، ولمّا بلغت العشرين عامًا وأصبحت حر التصرّف في نفسي، ضاق صدري بجمود الكنيسة وكآبتها فهجرتها إلى غير رجعة«.





5. عبد الله أرشبالد هاملتون (إنجلترا) Abdullah Archibal Hamilton رجل دولة و بارون
» ما كدت أبلغ سنّ الإدراك والتّمييز، حتّى راود قلبي جمال الإسلام وبساطته ونقاؤه، ورغم أنّني وُلدت ونشأت مسيحيًّا، فإنّني لم أستطع مطلقًا أن أؤمن بالعقائد التي تسلّم بها الكنيسة وتفرضها، وكنت دائمًا أجعل العقل والإدراك فوق الإيمان الأعمى، ومع مرور الزّمن أردت أن أحيا وفق مشيئة خالقي، لكنّني وجدت كلاّ من كنيسة روما والكنيسة الإنجليزيّة لا يقدّمان لي ما يروي غليلي، وما كان اعتناقي للإسلام إلاّ تلبية لنداء ضميري، ومنذ تلك اللّحظة بدأت أشعر أنّني أصبحت أقرب إلى الإنسانيّة الصّحيحة«.
6. ديفيس وارنجتون – فراي (أستراليا) Devis Warrington – Fry
» حقًّا لقد انساب الإسلام في نفسي انسياب الرّبيع المشرق إلى الأرض الباردة في أعقاب شتاء مظلم، فأشاع الدّفء في روحي، وغمرني بما في تعاليمه من روعة وجمال، وكم فيها من روعة وكم فيها من جمال، كم فيها من وضوح في بنائها المنطقيّ الرّصين: "لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله". أيمكن أن يكون هناك ما هو أسمى من ذلك وأنقى؟ أين هذا من غموض عقيدة "الأب والابن والرّوح القدس"، التي قد تشيع الرّهبة في القلوب، ولكنّها لا تكاد تقنع العقل الواعي«.
7. جلال الدّين لودر برنتون (إنجلترا) Jalaluddin Louder Brunton رجل دولة وبارون
»يقولون: إنّ العقائد المسيحيّة تستند إلى الإنجيل ولكنّني وجدتها متنافرة، متضاربة، فهل من الممكن أن يكون الإنجيل وتعاليم المسيح قد أصابها التّحريف؟ عدت ثانيًا إلى الإنجيل أوليه دراسة دقيقة، فشعرت أنّ هناك نقصًا لم أستطع تحديده«.
8. إبراهيم فو (الملايو) Ibrahim Voo
» قبل إسلامي كنت كاثوليكيًّا رومانيًّا، ومع أنّي لم أكن مقتنعًا بعقائد التّثليث والعشاء الربّانيّ المقدّس والتّكريس والتّقديس وما إلى ذلك من الأمور الغامضة، إلاّ أنّني لم أفقد إيماني بالله، ولم يكن في استطاعة أي قسّيس كاثوليكيّ أن يقنعني منطقيًّا بهذه العقائد الغامضة وكان قولهم التّقليديّ: "إنّها أسرار وستبقى أسرارًا، إنّ عيسى هو خاتم الأنبياء، وما محمّد إلاّ دجّالاً".
لقد تضاءل إيماني بذلك الدّين، إلى أن خالطت كثيرين من مسلمي الملايو، وتحدّثت معهم عن الدّين، وكان الجدل يحتدم بيننا في بعض الأحيان، وبمرور الزّمن ازداد اقتناعي بأنّ الإسلام هو دين العقل والحقّ، العبادة فيه لله دون سواه، فلا ترى في المساجد صورًا أو تماثيل أو لوحات«.
9. ت. هـ. مكباركلي (أيرلندة) T.H. Mc Barklie
نشأت على المذهب البروتستانتي، وكنت منذ حداثة سنّي غير مقتنع بالتّعاليم المسيحيّة، فلمّا انتهيت من المدرسة والتحقت بالجامعة، أضحى هذا الشكّ يقينًا، فالكنيسة المسيحيّة – كما رأيتها – لم تكن تعني عندي شيئًا مذكورًا، وكنت في حالة يأس من أن أجد عقيدة قائمة تتضمّن كلّ ما كنت أتصوّره من مقوّمات، ولقد ذهلت للوهلة الأولى عند مقارنة التّسامح الإسلاميّ بتعصّب المذاهب المسيحيّة، وعلمت أنّ البلاد الإسلاميّة في العصور الوسطى كانت مشرقة بالعلم والحضارة، في الوقت الذي كان الجهل مطبقًا والخرافات سائدة في غيرها من البلاد، كما أقنعتني نظريّة الإسلام المنطقيّة في الجزاء بعكس نظريّة الفداء في المسيحيّة«.




10. توماس ارفنج (كندا) Thomas Irving
»عندما كنت في السّنة الأولى في دراسات الآداب الشّرقيّة، قرأت عن تطوّر الفكر البشريّ في محاولاته لمعرفة الله، وقد تبلورت رسالة المسيح في تصويره بأنّه ربّ ودود، لكنّ هذا التصوّر يضيع وسط سحب من صلوات غير مفهومة وطقوس وثنيّة، وتختفي صفات الرّحمة والجود وراء تصويره في ذات الوقت ربًّا متعاليًا لا يمكن الوصول إليه إلاّ من خلال وسيط شفيع«.
11. مسعودة ستينمان (إنجلترا) Massudah Steinman
»لا أعرف دينًا آخر – غير الإسلام – يقبله العقل ويجذب النّاس إليه، وله من المؤمنين به مثل هذه الجموع الضّخمة، ويبدو لي أنّه ما من طريق أقرب منه إلى الاقتناع العقليّ والرضا في الحياة، ولا أعظم منه أملاً للنّجاة في الحياة الآخرة… والمسيحيّة تولي جلّ اهتمامها للجانب الرّوحيّ من الحياة، فتدعو إلى نوع من المحبّة يثقل كاهل المسيحيّ بالمسؤوليّات، ودعوى المحبّة مقضي عليها بالفشل، إذ كان الوصول إليها خارجًا عن حدود طبيعة البشر، وتتعارض مع إدراكه ومفاهيمه، ولا يستطيع أحد أن يداني ذلك المستوى المثاليّ للمحبّة، كما تدعو إليه المسيحيّة إلاّ أن يؤتى حظًّا موفورًا من معرفة النّوازع البشريّة المتباينة، وأن يتّصف مع هذه المعرفة بالعطف والإدراك السّليم، مع الشّعور بالمسؤوليّة، وحتّى في هذه الحالة، فإنّ على مثل هذا الإنسان أن يتخلّى عن عقله في سبيل هذه المحبّة.
ويقول س.ت. كوليردج S.T. Coleridge في كتابه (Aids reflection): "إنّ الذي يبدأ بحبّ المسيحيّة أكثر من حبّه للحقّ سيقوده ذلك إلى حبّ طائفته أو كنيسته أكثر من حبّه للمسيحيّة، ثمّ ينتهي به الأمر إلى حبّ نفسه أكثر من أيّ شيء آخر"، وفي ذات الوقت يدعونا إلى تقديس الله، وأن نخضع لشريعته، ويشجّعنا على استعمال العقل مع مراعاة عواطف الحبّ، والتّفاهم جنبًا إلى جنب..«.
12. هـ. ف. فيلوز (إنجلترا) H. F. Fellowes
»كنت دائمًا أتصوّر الربّ هاديًا للبشر، ومتّصفًا بالعفو والرّحمة والعدل، وعلى هذا يستطيع الإنسان أن يطمئنّ إلى عدالة حسابه وإلى رحمته ومراعاة ظروفه المحيطة به… أنت مسؤول في حياتك عن أعمالك وسلوكك شخصيًّا، فإذا كنت تعمل محاسبًا ودلّست في حسابات مخدومك، فإنّ مكانك إلى السّجن لا محالة، وإذا كنت تقود سيّارة بسرعة زائدة في طريق منعرج منزلق فإنّك لا شكّ معرّض للحوادث، هذه أخطاؤك أنت وأنت الذي ارتكبتها، ومن الجبن أن تلقي بالمسؤوليّة على الآخرين، ولا أعتقد أنّنا ولدنا آثمين تعساء، فهذا ينافي العاطفة النقيّة نحو الأطفال الأبرياء، لقد علّمتني الأيّام أنّ من طبيعة البشر إدخال السّرور إلى قلوب الآخرين ما لم يكن الآخرون من الأشرار، وعلى هذا القياس، نرى أنّ عقيدة تحمّل المسيح خطايا البشر، عقيدة مضطربة لا تقبلها العقول.
لقد بدأنا نقرأ في الصّحف في الآونة الأخيرة أقوالاً لفلاسفة وكتّاب، مؤدّاها أنّ الأديان الحالية أصبحت عتيقة بالية، وأعتقد أنّ هذه الأقوال تعكس على مرآتها مدى تشكّك الغربيّين وارتيابهم في المفاهيم المعقّدة والغامضة في الدّين المسيحيّ، وهؤلاء الذين ينادون – في زعمهم – إلى الإصلاح والتّجديد إنّما يقعون في الخطأ نفسه، الذي وقع فيه قبلهم مارتن لوثر لأنّ الإسلام، وهو الدّين الذي يحقّق كلّ هذه الرّغبات في الإصلاح قائم فعلاً بين أيدينا«.
13. أمينة موسلر (ألمانيا) Amina Mosler
»سمعت ولدي يتوسّل إليّ وفي عينيه دموع: "يا أمّي لا أريد أن أبقى مسيحيًّا بعد الآن، إنّني أريد أن أكون مسلمًا، وأنت أيضًا يا أمّي، يجب أن تنضمّي معي إلى هذا الدّين الجديد"، فما لبثت أن اقتنعت أنّ الإسلام هو الدّين الحقّ الذي أرتضيه، كان الإيمان بالثّالوث الذي تدعو إليه المسيحيّة أمرًا مستحيلاً بالنّسبة لي، حتّى عندما كنت شابّة في العشرين من عمري، وبعد دراسة الإسلام رأيتني أيضًا لا أقرّ بالاعتراف ولا تقديس البابا، أو الاعتراف بسلطاته العليا، ولا عمليّة التّعميد المسيحيّة وما شاكل ذلك من عقائد«.
14. إيفلين زينب كوبولد (إنجلترا) Evelyn Zeinab Cobbold
»كثيرًا ما سُئلت: متى ولماذا أسلمت؟… وقد صدق أحد علماء الغرب إذ يقول "الإسلام دين العقل والفطرة"، وكلّما زادت دراستي وقراءتي عن الإسلام، زاد يقيني في تميّزه عن الأديان الأخرى، بأنّه أكثرها ملاءمة للحياة العمليّة، وأقدرها على حلّ مشكلات العالم العديدة والمعضلة، وعلى أنّ يسلك بالبشريّة سبل السّعادة والسّلام، لهذا لم أتردّد في الإيمان بأنّ الله واحد، وبأنّ موسى وعيسى ومحمّدًا – عليهم صلوات الله – ومن سبقهم كانوا أنبياء أوحي إليهم من ربّهم، لكلّ أمّة رسول، وبأنّنا لم نولد في الخطيئة، وبأنّنا لا نحتاج إلى من يحمل عنّا خطايانا، أو يتوسّط بيننا وبين الله، وفي وسعنا أن نصل أرواحنا به في أيّ وقت نشاء، وبأنّه حتّى محمّد أو عيسى – صلوات الله عليهما – لا يملك أحدهما لنا من الله شيئًا، وبأنّ نجاتنا إنّما هي وقف على سلوكنا وأعمالنا …والإسلام يقوم على وحدانيّة الله وليس على اللاّهوتيّة المعقّدة الثّقيلة، وفي مقدّمة كلّ مميّزاته أنه عقيدة إيجابيّة دافعة«.
15. إسماعيل ويسلو زيجريسكي (بولندا) Ismail Weislaw Zejerski عالم اجتماع
»عندما كنت مراهقًا في السّادسة عشرة من عمري كنت كثير الرّيب في العقائد المختلفة، التي تدعو إليها الكنيسة الرّومانيّة الكاثوليكيّة "التي لا تخطئ" فلم يكن في استطاعتي أن أؤمن بالثّالوث المقدّس، ولا بتحويل القربان إلى لحم ودم المسيح، ولا في وساطة القساوسة بين النّاس والله، أو بين الله والنّاس، ولا في تنزيه البابا عن الخطايا، ولا في فاعليّة الكلمات والإشارات التي يؤدّيها القساوسة في الكنيسة.
لم أكن أستسيغ عبادة السيّدة مريم أو القدّيسين أو التّماثيل والصّور والآثار وما إليها، وانتهى بي الأمر إلى إنكار ما كنت أؤمن به، وإلى عدم الاكتراث بأمور الدّين، بيْد أنّ الإنسان في عصرنا هذا لا يمكنه بأيّ حال أن يؤمن بدين كلّ عقائده وطقوسه تأباها عقول المفكّرين، وأدركت كذلك أنّ الدّين الذي يقدّم للبشريّة تشريعًا كاملاً وشاملاً وينظّم حياة الفرد و حياة الجماعة هو وحده القادر على أن يقود البشريّة ويهديها سواء السّبيل، وأخيرًا اكتشفت الإسلام«.
16. ج.و. لوفجروف (إنجلترا) J.W. Lovegrove
»لا نعلم إلاّ القليل النّادر عن الدّيانات الأخرى، من حيث تعاليمها الأصليّة؛ إذ لم يصلنا عنها إلاّ روايات متناثرة تضمّ قليلاً من المبادئ الأخلاقيّة، وهي مبادئ أصليّة لا يصحّ الاعتراض عليها، وسيرة أصحاب هذه الرّسالات يكتنفها كثير من الغموض، ممّا لا يساعدنا على استقراء تعاليمهم، على ضوء أعمالهم و تصرّفاتهم… كنت أبحث عن دين عملي بسيط، وخال من الفلسفات المعقّدة ويقنعني دون إلغاء عقلي، أنّ أداء حقّ الله هو ولا شـــكّ – يجب أن يكون – الهدف الأوّل لجميع الأديان، ولكنّ الإسلام هو الذي وضع هذا المبدأ موضع التّطبيق العمليّ «.
17. محمود جونار إيركسون (السّويد) Mahmud Gunnar Erikson
» إنّ ما أعجبني في الإسلام – وما زال يعجبني – هو أسلوبه المنطقيّ، فلا يطلب إليك الإيمان بشيء قبل أن تدركه وتعرف أسبابه، وناحية أخرى في الإسلام أعجبتني، هي عالميّته، فالقرآن الكريم لا يحدّثنا عن الله على أنّه ربّ العرب، أو أي شعب بذاته بين الشّعوب كلاّ، بل وليس على أنّه ربّ هذه الدّنيا، ولكن على أنّه ربّ العالمين، بينما تتحدّث الكتب السّابقة عن إله بني إسرائيل( ) «.
18. مافيز. ب. جولي (إنجلترا) Mavis. B. Jolly
»كان مولدي في بيئة مسيحيّة، وتعميدي في الكنيسة الإنجليزيّة، ثمّ التحقت بمدرسة تابعة للكنيسة، وقرأت في سنّ مبكّرة قصّة المسيح، كما جاءت في الإنجيل.. وأعتقد أنّني كنت في تلك السّنوات القليلة، مسيحيّة متحمّسة، ومع تقدّمي في الدّراسة واستمرار اتّصالي بالإنجيل وكلّ ما يتعلّق بالمسيحيّة اتّسعت أمامي فرصة التّفكير فيما قرأت وشاهدت وفيما مارست من عبادة وعقيدة، وسرعان ما وجدتني أمام أشياء كثيرة لا أستطيع الاقتناع بها، وما إن وصلت إلى نهاية هذه المرحلة الدّراسيّة حتّى أصبحت ملحدة لا أؤمن بالدّين ثمّ شرعت أدرس الأديان الرّئيسيّة الأخرى في العالم، "اليهوديّة والبوذيّة ثمّ الإسلام"، ومن ثمّ بدأت نفسي تطمئنّ إلى الحقّ الذي جاءت به تعاليم الإسلام فأعلنت إيماني به واعتناقي إيّاه، ليس عن عاطفة خاطفة مؤقّتة إلى حين، إنّما عن اقتناع كامل ودراسة واعية طويلة وتفكير دائب قرابة عامين، ولم أجد أمامي إلاّ أن أسلك هذا السّبيل، طارحة كلّ العواطف الأخرى التي كانت تشدّني إلى الطّريق المضاد«.
19. علي سلمان بنوا (فرنسا) Ali Selman Benoit طبيب
»أنا دكتور في الطبّ وأنتمي إلى أسرة فرنسيّة كاثوليكيّة، وقد كان اختياري لهذه المهنة أثره في انطباعي بطابع الثّقافة العلميّة البحتة، وهي لا تؤهّلني كثيرًا للنّاحية الرّوحيّة، ولا يعني هذا أنّني لم أكن أعتقد في وجود إله، إلاّ أنّني أقصد أنّ الطّقوس الدّينيّة المسيحيّة عمومًا والكاثوليكيّة بصفة خاصّة، لم تكن تبعث في نفسي الإحساس بوجوده، وعلى ذلك فقد كان شعوري الفطريّ بوحدانيّة الله يحول بيني وبين الإيمان بعقيدة التّثليث، وبالتّالي بعقيدة تأليه عيسى المسيح؛ لهذا فإنّني أعتبر أنّ الإيمان بعالم الغيب وما وراء المادّة هو الذي جعلني أدين بالإسلام، على أنّ هناك أسبابًا أخرى حفّزتني لذلك أيضًا، منها مثلاً، أنّني كنت لا أستسيغ دعوى القساوسة الكاثوليك أنّ من سلطانهم مغفرة ذنوب البشر نيابة عن الله، ومنها أنّني لا أصدّق مطلقًا ذلك الطّقس الكاثوليكيّ عن العشاء الربّاني والخبز المقدّس، الذي يمثّل جسد المسيح عيسى، ذلك الطقس الطّوطميّ الذي يماثل ما كانت تؤمن به العصور الأولى البدائيّة، حيث كانوا يتّخذون لهم شعارًا مقدّسًا يحرم عليهم الاقتراب منه ثمّ يلتهمون جسد هذا الطقس بعد موته حتّى تسري فيهم روحه«.
20. مؤمن عبد الرزّاق صلاح (سيلان) Mumin Abdul – Razzaque Salah
»أشعر بمحبّة الإسلام، لما لمست فيه من استقامة نبيلة وخلّوه من الغموض، إنّه دين النّظافة واليسر.. قرأت شيئًا من سور القرآن الكريم، فإذا العجب يتملّكني، كنت فيما مضى أرى أنّه لا شيء يداني الإنجيل، فإذا بي أراني كنت على خطأ عظيم، ليس من شكّ في أنّ القرآن الكريم يشعّ فيه الحقّ، وأنّ تعاليمه إيجابيّة عمليّة، وخالية من الطّقوس والعقائد الغامضة… وقد أقنعني بالإسلام فوق ذلك خلّوه من التّعقيدات فهو مثاليّ وعمليّ، وهو دين العقل والقدرة على التطوّر، وهو كذلك مثاليّ في عقيدة وحدانية الله وفي نواحيه الرّوحيّة، وبهذا فهو الدّين الوحيد الذي تصلح به البشريّة جميعًا؛ لأنّه عمليّ في نظريّاته ومعتقداته، ولأنّه منطقيّ ومتجدّد تجدّد الحياة«.
21. عبد الله يومورا (اليابان) Abdulah Uemura
»كنت أبحث عن الحقيقة فوجدت ضالّتي في الإسلام، أما المسيحيّة أو بالأحرى أناجيلها – بوضعها الرّاهن – فليست على نفس نقائها الذي نزلت عليه من عند الله، بل تعرّضت للتّبديل مرّة تلو أخرى… وأكثر الأمور ارتباكًا في المسيحيّة هي عقيدة التّثليث التي يجب الإيمان بها دون إدراك ماهيّتها؛ لأنّها ليس لها تفسير تقبله العقول.
ومن المستغرب – إلى جوار ذلك – أن نسمع أنّ جزاء الآثمين هو الموت الأبديّ، ويدخل في ذلك غير المسيحيّين بطبيعة الحال؛ لأنّهم في نظر المسيحيّة الآثمون بعدم إيمانهم بتعاليمها، ولو أنّ الآثمين اقتنعوا بأبديّة موتهم لكان ردّ الفعل الطّبيعيّ عندهم أن ينغمسوا في رذائلهم، وملذّاتهم إمعانًا في إرضاء شهواتهم، قبل انتهاء أجلهم، لأنّ الموت في نظرهم هو نهاية النّهاية«.
هذه بعض الشّهادات التي اخترتها، والتي دار حديث أصحابها في معظمه حول النّصرانيّة ومصادمتها للعقل والمنطق، واقتناعهم بالإسلام الواضح والخالي من جميع التّعقيدات والمستحيلات العقليّة، وقد وردت أكثر التّصريحات التي نقلتها في الكتب والمقالات والمقابلات التي كتبها أصحاب هذه الشّهادات، وجُمع بعضها في كتاب (لماذا أسلمنا؟).
فهل تسير على هدي هؤلاء الذين نجوا من الضّلال والحيرة، أم أنّك تصرّ على إلغاء عقلك وتعيش بين الإيمان والإلحاد حائرًا، شاكًّا، إلى أن يدركك الموت؟.










خـــاتمة

ثمّة قضيّة أرى من الضّروريّ التّنبيه عليها في هذه الخاتمة، وهي أنّ رجال الدّين النّصارى كثيرًا ما يقولون عقب حديثهم عن الثّالوث والخطيئة والكفّارة وموت الإله وقيامته وصلبه.. إنّها حقائق لا يستطيع العقل البشريّ إدراكها، لأنّها تتجاوز قدرته على ذلك، وعدم إدراكه لها لا ينفي صحّتها وصدقها!
وهذا المنطق الكنسيّ لا يستقيم؛ إذ يجب التّفريق بين "ما لا يدركه العقل"، و"ما لا يقبله العقل"، وهما أمران مختلفان تمامًا، فإذا كنّا نسلّم أنّ العقل البشريّ محدود فإنّه لا يكفر بما هو غير مدرك وغير ممتنع عقلاً، فمثلاً قد نؤمن بوجود ملائكة أو جنّة أو نار مع أنّنا لا ندركها بحواسّنا وعقولنا، والسّبب أنّ تلك الأمور ممّا لا يمتنع وجوده، فهو يدخل في باب الجائز عقلاً وشرعًا، لكن هل ينطبق ذلك على عقائد غيبيّة غير مدركة وممتنعة عقلاً وشرعًا كتلك التي تقول إنّ الإله مات ! أو أنّه واحد وثلاث ! أو إنّ الله يلعن البشريّة جميعًا لذنب لم تقترفه، أو إنّ اليهود صلبوا أحد الأقانيم، أو إنّ الربّ القاهر تلقّى اللّكمات والبصقات والإهانات!!
لا شكّ أنّ هذا كلّه ممتنع في العقول، لأنّ تلك العقول لها منطق يقرّر أنّ الله واحد، عادل، عظيم، قاهر، قويّ، جبّار… لا يصلح ولا يمكن ولا ينبغي ومن المستحيل أن يهان أو يقتل أو يسفك دمه على أيد رخيصة، فالمنطق العقليّ قد يقبل ما هو جائز حدوثه في عالم الغيبيّات، لكنّه يمتنع عن التّصديق بالممنوع حدوثه، وذلك المنطق العقليّ السّليم مغروز في فطرة كلّ إنسان.
ثمّ إنّ الزّعم بأنّ الشّرع لا يفهم بالعقل بل بالتّسليم له دون إعمال العقل لإدراكه والوصول إلى مراد الله به، زعم باطل، لأنّ الله لا يكلّف النّاس الإيمان بما هو خارج عمّا يقدر العقل على استيعابه، والله لا يكلّف النّفس إلاّ وسعها، والتّكليف مناط بالاستطاعة سواء كان التّكليف بالعبادات البدنيّة أو الرّوحيّة أو العقليّة.
كما أنّ الله لا يكلّف الإنسان صيام الشّهور دون إفطار، أو القيام والصّلاة دون نوم ولا انقطاع لعدم قدرة البشر على تحمل ذلك، فمن باب أولى أنّه لا يكلّفه التّصديق بما لا يصدّق أو الاعتقاد بما لا يدخل في دائرة التصوّر والخيال فضلاً عن دائرة الوجود والواقع، خصوصًا إذا كان ما أمر الإيمان به يناقض الكتب السّماويّة والمراجع الدّينيّة.
أمّا الذين يتبعون الهوى بعد كلّ هذا، ويصرّون على إلغاء عقولهم فكأنّما يتراجعون إلى مستويات أدنى من الإنسانيّة، ولننظر إلى حكمة الله في إسقاط التّكليف عن المجنون والنّائم والصبيّ الصّغير… إنّ هؤلاء جميعًا – وبالأخصّ المجنون – لا يملكون أدوات التلقّي التي يستقبلون بها رسالة الله المتمثّلة في تعاليمه، ومن – ثمّ بلا شكّ – لا يستطيعون إدراكها وفهمها والعمل بمقتضاها، ولذلك انتفى عنهم التّكليف لانتفاء العقل كلّيًّا أو جزئيًّا، وحين يلغي العاقل عقله، فكأنّما يخرج نفسه من زمرة العقلاء إلى زمرة غير العقلاء من أمثال المجانين والمهابيل والصّبيان الرضّع!!.
والذي يجب معرفته وعدم الغفلة عنه، هو أنّ الأديان السّماويّة جميعها اتّفقت على تمجيد العلم والإعلاء من شأنه، ودعوة الأديان إلى العلم والحرص على تحصيله يتنافى مع الأسرار والألغاز؛ فليس من المقبول الآن أن يدّعي القساوسة – أدعياء العلم – أنّ الجهل هو السّبيل الوحيد لدرء الهلاك الأبديّ عن البشر.
وها هو الإسلام يرفع من قيمة العلم والعلماء ومن الفكر والمفكّرين، ويجعل التأمّل في النّفس والكون والتّاريخ وملكوت الله عبادة يؤجر عليها الأفراد، وكم هي كثيرة مصطلحات العلم ومشتقّاته في القرآن الكريم، وما أكثر مفاهيم البحث والنّظر "يعقلون، يتدبّرون، ينظرون، يتفكّرون، يفقهون… إلخ"، فشتّان بين دين يدعو إلى احترام العلم والعمليّات العقليّة، ودين يقتل الفكر ويرفع شعار "الجهالة أم التّقوى" و"الغباوة أم اليقين".
لا شكّ أنّك أيّها القارئ الفطن، لاحظت فيما قرأت في هذا الكتيّب المتواضع جدًّا، كثرة النّقول من الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد، ووفرة الاقتباسات من الأدبيّات الغربيّة، والعديد من تلك الأدبيّات يرجع أصلها إلى كٌتّاب نصارى، أو ممّن خبروها وتخلّوا عنها، وإنّ هذا المسلك الذي تبنيّته في إقامة الحجّة ينطبق تمامًا على قول المسيح : (من فمك أدينك)، فلم أعتمد في دراستي على القرآن الكريم أو أركن لرأي علماء الإسلام إلاّ على سبيل الاستئناس، لا الاعتضاد والاستدلال، توخيًّا للموضوعيّة وابتعادًا عن الذّاتيّة، وهذا المنهج في عرض الحقائق لا يدع مجالاً للقارئ النّصرانيّ الموضوعي أن يتهرب أو يُغمض عينيه أمام هذا الكم الهائل من الأدلّة والبراهين، أو على الأقلّ التّساؤلات والإشكاليّات المطروحة في ثنايا هذا البحث، والتي تثبت بالنّقل والعقل أنّ الأناجيل الحاليّة و النّصرانيّة المعاصرة، التي يدعو إليها المبشّرون ويتحمّس لها المنصّرون، لا تتّفق مع الدّين الصّحيح الذي أُنزل على المسيح  قبل ألفي عام.
إنّ كلّ ما في الأمر أنّ عقائد النّصرانيّة من تثليث، وخطيئة، وكفّارة، وصلب الإله، وقيامته...، هي من اختلاق الوثنيّين الأوائل الذين دخلوا في النّصرانيّة - أمثال بولس - وما لبثت أن قاومتها عقول البشر وفطر النّاس، لكن تدخّل أباطرة الرّومان وكيد المنافقين جعلها المنتصرة على الحقّ إلى أن ظهر الإسلام فكشف زيفها وفضح انحرافها واعوجاجها، فلله الحمد والمنّة.
ونعود ونقول بعد هذا، لم يعد مقبولاً لدى كلّ من يفكّر أو يعقل، القول بأنّ النّصرانيّة - بما تتضمّنه من عقائد لا تمّت إلى الحقّ والصّواب والمنطق بصلة - ديانة موحى بها من الله، ولا يمكن البتّة الإيمان بدين 99% منه أسرار وألغاز؛ لأنّ الدّين أيًّا كان يجب أن يكون – بل محكوم عليه أن يكون – واضحًا وضوح، وإلاّ كان عدمه أفضل من وجوده؛ ذلك أنّ الإنسان منذ أن وُجد على ظهر هذا الكوكب وهو يبحث عن ماهيّته وجوهره ومصيره، ويروم الإجابة عن أسئلة طالما حيّرته.. من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وكيف جاء؟ وإلى أين مصيره بعد الموت؟.. إنّها حقًّا أسئلة كبيرة، ومحيّرة ومقلقة، تحتاج إلى قوّة عظمى تملك الإجابة الشّافية عنها… فهل قدّمت النّصرانيّة تلك الأجوبة المنشودة!؟.
لا أظنّ ذلك، بل العكس هو الذي حدث، فجميع الذين علّقوا آمالهم عليها ومنحوا ثقتهم العمياء لها رجعوا بخفّي حنين، عادوا أشدّ حيرة وقلقًا ممّا كانوا عليه، من جهة بسبب ما طرحته تلك الدّيانة من تعاليم غامضة، ومن جهة أخرى بما أحدثته من شرخ في البناء الفطريّ والفكريّ للإنسان.
لقد آن الأوان لتعود فلول النّصارى إلى رشدها وتصحّح مسيرتها وتعتنق الفطرة، وتصالحها بعدما جافتها وعادتها كلّ هذه المدّة.
 فطرة الله التي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق الله  الرّوم 30.
 إنّي وجّهت وجهي للذي فطر السّماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين  الأنعام 79.
 ومالي لا أعــبد الذي فطرني وإلـــيه ترجعـــون  يس 22.
 قل يا أهل الكتـاب تعالوا إلى كلمة ســـواء بيننا وبينكم ألاّ نعــبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتّـــخذ بعضنا بعضًا أربابًا مـن دون الله فإن تولّوا فقـولوا اشهدوا بأنّا مسلمـــون  آل عمـران 64.
وبعد، فلقد حاولت أن أقدّم صورة واضحة عن مغالطات النّصارى وبعض معتقداتهم، وأرجو من الله أن أكون وفّقت في مقصدي، فإن كان هذا فللّه وحده الحمد والمنّة، وإن كانت الأخرى فحسبي أنّي قدّمت جهدي – وهو جهد المقلّ – ولم أدّخر منه شيئًا، وجزى الله كلّ من ساهم معي في إخراج هذا الكتيّب إلى حيز الوجود، وحتّى لا أتشبّع بما لم أعط أقول جزى الله كذلك كلّ من استفدت من كتاباته باقتباس أو نقل ولم أشر إلى مرجعه.
وسبحانك اللّهمّ و بحمدك أشهد ألاّ إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك.

إعداد يزيد حمزاوي
Y_hamzaoui@hotmail.com

غير معرف يقول...

==================؟(((((( الميراث بين الرجل والمرأة في الإسلام)))))))))))))))))))))

من الشائع جداً عند غير المسلمين ، بل وعند كثير من المسلمين أن الرجل يأخذ ضعف المرأة فى الميراث ، وهذا غير صحيح فلا يجب أن نقول كلمة الرجل بصورة عامة ضعف المرأة على الإطلاق , لكن المتأمل للآيات القرآنية يجد أن الأخ يأخذ ضعف أخته , فهب أنك تركت بعد وفاتك 000 30 ( ثلاثين ألف جنيهاً ) والوارثون هم ابنك وابنتك فقط. فعلى حساب الإسلام يأخذ ابنك 000 20 (عشرين ألف) ، وتأخذ ابنتك 000 10 (عشرة آلاف).

ولكن لم ينتهى الموضوع إلى هذا التقسيم , فالإبن مُكلَّف شرعاً وقانوناً بالإنفاق على أخته من أكل وشرب ومسكن ومياه وكهرباء وملابس وتعليم ومواصلات ورعاية صحية ونفسية ويُزوِّجها أيضاً , أى فأخته تشاركه أيضاً فى النقود التى قسمها الله له ( فى الحقيقة لهما ) , هذا بالإضافة إلى أنه مُكلَّف بالإنفاق على نفسه وأسرته من زوجة وأولاد ، وإذا كان فى الأسرة الكبيرة أحد من المعسرين فهو مكلف أيضاً بالإنفاق عليه سواء كانت أم أو عم أو جد أو خال .. (مع تعديل التقسيم فى الحالات المختلفة) .

وبذلك تأخذ الابنة نصيبها (عشرة آلاف جنيهاً) وتشارك أخوها فى ميراثه ، فلو أكلت كما يأكل وأنفقت مثل نفقاته ، تكون بذلك قد اقتسمت معه ميراثه ، أى تكون هى قد أخذت (عشرين ألفاً) ويكون الأخ قد انتفع فقط بعشرة آلاف , فأيهما نال أكثر فى الميراث؟ هذا لو أن أخته غير متزوجة وتعيش معه ، أما إن كانت متزوجة ، فهى تتدخر نقودها أو تتاجر بها ، وينفق زوجها عليها وعلى أولادها ، وأخوها مكلَّف بالإنفاق على نفسه وزوجته وأولاده ، فتكون الأخت قد فازت بعشرة آلاف بمفردها ، أما الأخ فيكون مشارك له فى العشرين ألف ثلاثة أو أربعة آخرين (هم زوجته وأولاده ) , فيكون نصيبه الفعلى خمسة آلاف. أى أيضاً نصف ما أخذته أخته من الميراث. أرأيتم إلى أى مدى يؤمِّن الإسلام المرأة ويكرمها؟

فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق الرجل والمرأة ، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات .

فقد حفظ الإسلام حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة ، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل ، وقارن بينهما ، ثم بين نصيب كل واحدٍ من العدل أن يأخذ الابن " الرجل " ضعف الإبنة " المرأة " للأسباب التالية :

1- فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقـًا , فالرجل يدفع المهر ، يقول تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)[النساء/4] ، [ نحلة : أي فريضة مسماة يمنحها الرجل المرأة عن طيب نفس كما يمنح المنحة ويعطي النحلة طيبة بها نفسه ] ، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة .

2- والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده , لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس , يقول الله تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا…)[الطلاق/7] ، وقوله تعالى : (…وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ …)[البقرة/233] .

وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع عن جابر رضي الله عنه : " اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم أخذتموهنَّ بكلمة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف " .

والرجل مكلف أيضـًا بجانب النفقة على الأهل بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته ، حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءًا منه أو امتدادًا له أو عاصبـًا من عصبته

فهل رأيتم كيف رفع الإسلام المرأة كتاج على رؤوس الرجال ، بل على رأس المجتمع بأكمله.

وهذا لم تأتى بها شريعة أخرى فى أى كتاب سماوى أو قانون وضعى , فالأخت التى يُعطونها مثل أخيها فى الميراث فى الغرب ، هى تتكلف بمعيشتها بعيداً عنه ، وهو غير ملزم بها إن افتقرت أو مرضت أو حتى ماتت. فأى إهانة هذه للمرأة؟!

وعلى ذلك فإن توريث المـرأة على النصـف من الرجل ليس موقفًا عامًا ولا قاعدة مطّردة فى توريث الإسلام ، فالقرآن الكريم لم يقل : يوصيكم الله للذكر مثل حظ الأنثيين.. إنما قال: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) , أى إن هذا التمييز ليس قاعدة مطردة فى كل حـالات الميراث ، وإنما هو فى حالات خاصة ، بل ومحدودة من بين حالات الميراث , وبذلك فإن كثيرين من الذين يثيرون الشبهات حول أهـلية المرأة فى الإسـلام ، متخـذين من تمايز الأخ عن أخته أو الأب عن زوجته فى الميراث سبيلاً إلى ذلك لا يفقـهون قانون التوريث فى الإسلام .

بل إن الفقه الحقيقى لفلسفة الإسلام فى الميراث تكشف عن أن التمايـز فى أنصبة الوارثين والوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة والأنوثة .. وإنما ترجع إلى حِكَم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين جعلوا التفاوت بين الذكور والإناث فى بعض مسائل الميراث وحالاته شبهة تُأخذ ضد كمال أهلية المرأة فى الإسلام .

ففى الحقيقة إن التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات فى فلسـفة الميراث الإسلامى تحكمه ثلاثة معايير:

أولها : درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى فكلما اقتربت الصلة .. زاد النصيب فى الميراث .. وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب فى الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين..

فإبنة المتوفى تأخذ مثلاً أكثر من أبى المتوفى أو أمه ، فهى تأخذ بمفردها نصف التركة ( هذا إذا كان الوارث الابنة والأب والأم فقط ) وسأُبين الحالات فيما بعد بالتفصيل.

وثانيها : موقع الجيل الوارث من التتابع الزمنى للأجيال .. فالأجيال التى تستقبل الحياة ، وتستعد لتحمل أعبائها ، عادة يكون نصيبها فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة. وتتخفف من أعبائها ، بل وتصبح أعباؤها ـ عادة ـ مفروضة على غيرها ، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات ..

- فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى ـ ..

- وترث البنت أكثر من الأب! – حتى لو كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها .. وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التى للابن ، والتى تنفرد البنت بنصفها!

- وكذلك يرث الابن أكثر من الأب ـ وكلاهما من الذكور.. وفى هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث فى الإسلام حِكَم إلهية بالغة ومقاصد ربانية سامية تخفى على الكثيرين! وهى معايير لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة على الإطلاق ..

وثالثها : العبء المالى الذى يوجب الشرع الإسلامى على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين .. وهذا هو المعيار الوحيد الذى يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى .. لكنه تفـاوت لا يفـضى إلى أى ظـلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها .. بل ربما كان العكس هو الصحيح!

ففى حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون فى درجة القرابة .. واتفقوا وتساووا فى موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال - مثل أولاد المتوفَّى ، ذكوراً وإناثاً - يكون تفاوت العبء المالى هو السبب فى التفاوت فى أنصبة الميراث .. ولذلك، لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى فى عموم الوارثين، وإنما حصره فى هذه الحالة بالذات، فقالت الآية القرآنية: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) .. ولم تقل: يوصيكم الله فى عموم الوارثين.. والحكمة فى هذا التفاوت ، فى هذه الحالة بالذات ، هى أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى ـ هى زوجه ـ مع أولادهما .. بينما الأنثـى الوارثة أخت الذكرـ فإعالتها ، مع أولادها ، فريضة على الذكر المقترن بها .. فهى ـ مع هذا النقص فى ميراثها بالنسبة لأخيها، الذى ورث ضعف ميراثها، أكثر حظًّا وامتيازاً منه فى الميراث فميراثها ـ مع إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة ، لجبر الاستضعاف الأنثوى، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات .. وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين ..

وإذا كانت هذه الفلسفة الإسلامية فى تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات وهى التى يغفل عنها طرفا الغلو ، الدينى واللادينى ، الذين يحسبون هذا التفاوت الجزئى شبهة تلحق بأهلية المرأة فى الإسلام فإن استقراء حالات ومسائل الميراث ـ كما جاءت فى علم الفرائض (المواريث) ـ يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة فى هذا الموضوع .. فهذا الاستقراء لحالات ومسائل الميراث ، يقول لنا:


أ ـ إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل :

1) فى حالة وجود أولاد للمتوفى ، ذكوراً وإناثا (أى الأخوة أولاد المتوفى)
لقوله تعالى (يوصيكم الله فى أولادكم ، للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء 11

2) فى حالة التوارث بين الزوجين ، حيث يرث الزوج من زوجته ضعف ما ترثه هى منه.
لقوله تعالى (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنَّ ولد ، فإن كان لهنَّ ولد فلكم الربع مما تركن ، من بعد وصية يوصينَ بها أو دين ، ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ، فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثمن مما تركتم من بعد وصية توصونَ بها أو دين) النساء 12

3) يأخذ أبو المتوفى ضعف زوجته هو إذا لم يكن لإبنهما وارث ، فيأخذ الأب الثلثان والأم الثلث.

4) يأخذ أبو المتوفى ضعف زوجته هو إذا كان عند ابنهما المتوفى ابنة واحدة ، فهى لها النصف ، وتأخذ الأم السدس ويأخذ الأب الثلث.


ب ـ وهناك حالات أضعاف هذه الحالات الأربع ترث فيها المرأة مثل الرجل تماماً :

1) فى حالة وجود أخ وأخت لأم فى إرثهما من أخيهما، إذا لم يكن له أصل من الذكور ولا فرع وارث (أى ما لم يحجبهم عن الميراث حاجب). فلكل منهما السدس ، وذلك لقوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) أى لا ولد له ولا أب (وله أخ أو أخت) أى لأم(فلكل واحد منهما السدس ، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث ، من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ، وصية من الله، والله عليم حليم)النساء: 12

2) إذا توفى الرجل وكان له أكثر من اثنين من الأخوة أو الأخوات فيأخذوا الثلث بالتساوى.

3) فيما بين الأب والأم فى إرثهما من ولدهما إن كان له ولد أو بنتين فصاعداً:
لقوله تعالىولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إ ن كان له ولد) النساء:11

4) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأخت شقيقة: فلكل منهما النصف

5) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأخت لأب: فلكل منهما النصف

6) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأم وأخت شقيقة: فللزوج النصف ، وللأم النصف ، ولا شىء للأخت (عند بن عباس)

7) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم: فللزوج النصف ، والأخت الشقيقة النصف ، ولا شىء للأخت لأب وللأخ لأب.

8) إذا مات الرجل وترك ابنتين وأب وأم: فالأب السدس والأم السدس ولكل ابنة الثلث.

9) إذا مات الرجل وترك زوجة وابنتين وأب وأم: فللزوجة الثمن وسهمها 3، والأب الربع وسهمه 4 ، والأم الربع وسهمها 4 ، ولكل ابنة الثلث وسهم كل منهما 8.

10) إذا مات الرجل وترك أماً وأختاً وجداً: فلكل منهم الثلث. فقد تساوت المرأة مع الرجل.

11) إذا مات الرجل وترك (أربعين ألف جنيهاً) وابن وابنة وزوجة لها مؤخر صداق (ثلاثة عشر ألف جنيهاً) فستجد أن نصيب الأم تساوى مع نصيب الابن. ويكون التقسيم كالتالى:
الزوجة 000 13 + ثمن الباقى (ثلاثة آلاف) = 000 16 ألف جنيهاً
الابن : ثلثى الباقى 000 16 (ستة عشر ألف) جنيهاً
الابنة : الثلث ويكون 000 8 (ثمانية آلاف) جنيهاً


ج ـ وهناك حالات تزيد عن خمسة عشر حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:

1) إذا مات الرجل وترك أم وابنتين وأخ
فلو ترك المتوفى 24000 ألف جنيهاً لكانت أنصبتهم كالتالى:
الأم : 3000 جنيهاً (الثُمُن)
البنتين: 16000 جنيهاً للواحدة 8000 جنيهاً (الثلثين)
الأخ: 5000 جنيهاً (الباقى)
وبذلك تكون الإبنة قد أخذت أكثر من 150% لميراث الأخ

2) إذا مات الأب وترك ابنة وأم وأب وترك 24000 جنيهاً
فالإبنة تأخذ النصف أى 12000 جنيهاً
الأم تأخذ السدس 4000 جنيهاً
الأب يأخذ السدس فرضاً والباقى تعصباً أى 4000 + 4000جنيهاً
وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 150% لميراث الأب

3) إذا مات الرجل وترك ابنتين وأب وأم: فلكل ابنة الثلث ، والأب السدس والأم السدس.

فلو ترك الرجل 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب كل من الابنتين 000 8 (ثمانية آلاف جنيهاً) ويتساوى الأب مع الأم ونصيب كل منهما 000 4 (أربعة آلاف) جنيهاً ، وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 200% لميراث الأب

4) إذا ماتت امرأة وترك زوج وأم وجد وأَخَوَان للأم وأخين لأب: فللزوج النصف ، وللجد السدس ، وللأم السدس ، ولأخوة الأب السدس ، ولا شىء لأخوة الأم.
فلو ترك المتوفى 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب الزوج 000 12 (اثنى عشر ألف جنيهاً) ويتساوى الجد مع الأم ونصيب كل منهما 000 4(أربعة آلاف) جنيهاً ، ويأخذ الأخان لأب كل منهما 2000 (ألفين من الجنيهات). وبذلك فقد ورثت الأم هنا 200% لميراث أخو زوجها.

5) إذا ماتت امرأة وترك زوج وأم وجد وأَخَوَان للأم وأربع أخوة لأب: فللزوج النصف ، وللجد السدس ، وللأم السدس ، ولأخوة الأب السدس ، ولا شىء لأخوة الأم.

فلو ترك المتوفى 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب الزوج 000 12 (اثنى عشر ألف جنيهاً) ويتساوى الجد مع الأم ونصيب كل منهما 000 4(أربعة آلاف) جنيهاً ، ويأخذ كل من الأخوة لأب كل منهم 1000 (ألف جنيه) وتكون بذلك الأم قد ورثت أربعة أضعاف الأخ لزوجها أى 400%.

6) إذا ماتت امرأة وترك زوج وأم وجد وأَخَوَان للأم وثمانية أخوة لأب: فللزوج النصف ، وللجد السدس ، وللأم السدس ، ولأخوة الأب السدس ، ولا شىء لأخوة الأم.

فلو ترك المتوفى 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب الزوج 000 12 (اثنى عشر ألف جنيهاً) ويتساوى الجد مع الأم ونصيب كل منهما 000 4(أربعة آلاف) جنيهاً ، ويأخذ كل من الأخوة لأب كل منهم (500 جنيهاً) وتكون بذلك الأم قد ورثت ثمانية أضعاف أضعاف أخو الزوج أى 800%.

7) إذا مات انسان وترك بنتين، وبنت الإبن، وابن ابن الإبن: فالإبنتين لهما الثلثان وسهم كل منهما 3 ، وبنت الابن سهم واحد وابن ابن الإبن سهمين.
فلو ترك المتوفى 000 18 (ثمانية عشر ألفاً) لكان نصيب كل ابنة (ستة آلاف) ، وكان نصيب بنت الابن (ألفين) وابن ابن الإبن (أربعة آلاف). وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 150% لنصيب ابن ابن الإبن.

8) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم: فللزوج النصف ، والأخت الشقيقة النصف، ولا شىء للأخت لأب وللأخ لأب. وبذلك يكون الزوج والأخت الشقيقة قد أخذا الميراث ولم يأخذ منه الأخ لأب وأخته.

9) إذا مات رجل وترك ابنتين وأخ لأب وأخت لأب: فلكل من الشقيقتين الثلث وسهم كل منهما 3 ، والباقى يأخذ منه الأخ الثلثين وأخته الثلث.

فإذا ترك المتوفى 000 90 (تسعين ألف جنيهاً) ، فيكون نصيب كل من الإبنتين (ثلاثين ألف جنيهاً) ، ويكون نصيب الأخ لأب (عشرين ألفاً) ونصيب الأخت لأب (أخته) عشرة آلاف. وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 150% لنصيب الأخ لأب.

10) إذا مات رجل وترك زوجة وجدة وابنتين و12 أخ وأخت واحدة: فالزوجة الثمن وسهمها 75 ، والبنتان الثلثين وسهم كل منهما 200 ، والجدة السدس وسهمها 100 ، والأخوة 24 سهم لكل منهم 2 سهم ، والأخت سهم واحد.
فلو ترك المتوفى 000 300 (ثلاثمائة ألف جنيهاً) ، فستأخذ الزوجة 000 75 ألف جنيها ، وكل بنت من الإبنتين 000 100 (مائة ألف) ويأخذ الجد (مائة ألف) ، ويأخذ كل أخ (ألفين) وتأخذ الأخت ألفاً واحداً. وعلى ذلك فالإبنة أخذت 37.5 ضعف الأخ وتساوت مع الجد.

11) إذا ماتت وتركت زوج ، وأب ، وأم ، وابنة ، وابنة ابن ، وابن الإبن: فللزوج الربع وسهمه 3، ولكل من الأب والأم السدس وسهم كل منهما 2، والإبنة النصف وسهمها 6، ولا شىء لكل من ابنة الابن وابن الابن.

فلو تركت المتوفاة 000 12 (اثنى عشر ألفاً) ، لوجب أن تقسم التركة على 13 (ثلاثة عشر) سهماً ، لأخذ الزوج 5538 جنيهاً ، ولأخذ كل من الأب والأم 3692 جنيهاً ، ولأخذت الإبنة 076 11 جنيهاً ، ولا شىء لإبنة الابن ولابن الإبن. وهنا تجد أن الإبنة قد أخذت أكثر من ضعف ما أخذه الزوج وأكثر من 250% مما أخذه الأب.

12) إذا مات أو ماتت وترك جد ، وأم وأخت شقيقة وأخ لأب وأخت لأب: فتأخذ الأم السدس وسهمها 3، ويأخذ الجد ثلث الباقى وسهمه 5، والأخت الشقيقة النصف وسهمها 9، ثم يقسم سهم واحد على ثلاثة للأخ والأخت لأب (للذكر مثل حظ الانثيين).

فإذا ترك المتوفى 000 18 ألف جنيهاً لأخذت الأم (ثلاثة آلاف) جنيهاً، ولأخذ الجد (خمسة آلاف) ، ولأخذت الأخت الشقيقة (تسعة آلاف) ولأخذ الأخ (666) جنيهاً تقريباً، ولأخذت أخته (333) جنيهاً تقريباً. وهنا تجد أن الأخت الشقيقة أخذت أكثر من (13) ضعف ما أخذه الأخ لأب.

13) إذا مات الرجل وترك زوجة وابنتين وأب وأم: فللزوجة الثمن وسهمها 3، والأب السدس وسهمه 4، والأم السدس وسهمها 4 ، ولكل ابنة الثلث وسهم كل منهما 8. فيكون عدد الأسهم 27 ، فلو ترك المتوفى 000 24 (أربع وعشرين ألفا) لوجب أن تعول إلى 27 سهم بدلاً من 24 ، ويأخذ كل منهم عدد الأسهم التى فرضها الله له. وفى هذه الحالة ستأخذ الزوجة 2666 جنيهاً ، وستأخذ الإبنتين 15222 ألف مناصفة فيما بينهما ، أى 7111 لكل منهن ، والأم 3555 والأب 3555. وهنا تجد أن الإبنة أخذت ما يقرب من ضعف ما أخذه لأب.

14) إذا مات أو ماتت وترك أماً وجداً وأختاً: فيأخذ الجد السدس ، وتأخذ الأم ضعفه وهو الثلث ، وتأخذ الأخت النصف.
فلو ترك المتوفى 000 120 ألف جنيهاً ، لكان نصيب الجد 000 20 ألف ، وكان نصيب الأم 000 40 ألف ، وكان نصيب الأخت 000 60 ألف. أى أخذت امرأة ضعفه وأخذت الأخرى ثلاثة أضعافه.

15) إذا مات الرجل وترك (أربعين ألف جنيهاً) وابن وابنة وزوجة لها مؤخر صداق (ستة عشر ألف جنيهاً) فيكون التقسيم كالتالى:
الزوجة 000 16 + ثمن الباقى (000 3 آلاف) = 000 19 (تسعة عشر ألف) جنيهاً
الابن : الثلثى بعد خصم مؤخر الصداق 000 16 (ستة عشر ألف) جنيهاً
الابنة : الثلث بعد خصم مؤخر الصداق 000 8 (ثمانية آلاف) جنيهاً

16) ولو مؤخر صداقها أكبر لورثت أكثر من ابنها كثيرا مثال ذلك:
إذا مات الرجل وترك (ستين ألف جنيهاً) وابن وابنة وزوجة لها مؤخر صداق (ستة وثلاثون ألف جنيهاً) فيكون التقسيم كالتالى:
الزوجة 000 36 + ثمن الباقى (000 3 آلاف) = 000 39 (تسعة وثلاثين ألف) جنيهاً
الابن : ثلثى التركة بعد خصم مؤخر الصداق000 16 (ستة عشر ألف) جنيهاً
الابنة : ثلث التركة بعد خصم مؤخر الصداق 000 8 (ثمانية آلاف) جنيهاً


د ـ وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال :

1) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم: فللزوج النصف ، والأخت الشقيقة النصف ، ولا شىء للأخت لأب وللأخ لأب.

2) إذا ماتت وتركت زوج ، وأب ، وأم ، وابنة ، وابنة ابن ، وابن الإبن: فللزوج الربع وسهمه 3 ، ولكل من الأب والأم السدس وسهم كل منهما 2 ، والابنة النصف وسهمها 6، ولا شىء لكل من ابنة الابن وابن الابن ، أى الابنة ورثت ستة أضعاف ابن الابن.

3) إذا ماتت وتركت زوجاً وأماً وأَخَوَان لأم وأخ شقيق أو أكثر.
للزوج النصف وسهمه ( 3 ) وللأم السدس وسهمها ( 1 ) وللإخوة لأم الثلث وسهم كل واحد منهما ( 1 ) وتصح من ( 6 ) ولا يبقى للأشقاء ما يرثونه. (عمر بن الخطاب)

4) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وجد وأم واخوة أشقاء واخوة لأم: فللزوج النصف ، وللجد السدس ، وللأم السدس ، وللاخوة الأشقاء الباقى ، ولا شىء لأخوة الأم.


ذ ـ وهناك حالات يرث فيها الرجل أكثر من المرأة سواء أقل أو أكثر من الضعف :

1) فلو مات الابن وترك أب وأم وأخوة وأخوات ، فترث الأم السدس ، ويرث الأب خمسة أسداس تعصيباً ويحجب الإخوة. فقد ورث الرجل هنا خمسة أضعاف المرأة.

2) إذا مات رجل وترك زوجة وأم وأب: فللزوجة الربع وسهمها 3 وللأم الثلث وسهمها 4 والأب يأخذ الباقى وسهمه 5. فلم يأخذ ضعف أياً منهما.

3) إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأم وأب: فللزوج النصف وسهمه 3 ، وللأم ثلث الباقى وسهمها 1 والأب ثلثا الباقى وسهمه 2. فقد أخذ الزوج ثلاثة أضعاف الأم.

4) إذا مات رجل وترك ابناً وست بنات: فالإبن يأخذ الثلث والبنات الثلثين: وفى هذه الحالة سيكون الابن ثلاث أضعاف أى من البنات الستة. فإذا ترك 18000 ألف جنيهاً ، فسيأخذ الابن 6000 ، وكل بنت تأخذ 2000 جنيهاً. فيكون الأخ أخذ ثلاثة أضعاف أخته.

5) ماتت وتركت زوج وأم وأَخَوَان لأم وأخ شقيق أو أكثر: فالزوج يأخذ النصف وسهمه 9، والأم السدس وسهمها 3 ، والأُخوة الثلاثة الباقية الثلث ، وسهم لكل منهم. (على بن أبى طالب والمذهب المالكى والشافعى أخذوا به) فيكون الزوج أخذ ثلاثة أضعاف الأم.

فلو تركت 000 18 (ثمانية عشر ألف) جنيهاً ، لكان نصيب الزوج (تسعة آلاف) ، ونصيب الأم (ثلاثة آلاف) ، والثلث الباقى يقسَّم على الثلاث أخوة بالتساوى، لكل منهم (ألفين). وهنا تجد أن الزوج أخذ ثلاثة أضعاف الأم.

أى أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل .

تلك هى ثمرات استقراء حالات ومسـائل الميراث فى عـلم الفرائض (المواريث) ، التى حكمتها المعايير الإسلامية التى حددتها فلسفة الإسلام فى التوريث .. والتى لم تقف عند معيار الذكورة والأنوثة ، كما يحسب الكثيرون من الذين لا يعلمون ! ... وبذلك نرى سقوط هذه الشبهة الواهية المثارة حول أهلية المرأة .

هذا من عدل الرحمن ...

1- كثير ما نسمع أن في دول أوروبية أنه توفي أحدهم وله من الثروات والمقدرات لا حصر لها تركها لقطة أو لكلب كان يربيه صاحب المال ، أو تذهب النقود كلها لخادمة أو لجمعية ما سواء ويحرم كل الابناء منها , فأين العدالة في توزيع الإرث؟ ... أما في الإسلام فقد أعطى الحرية للتصرف في الإرث فقط في حد الثلث ولا وصية لوارث ولا تجوز الوصية لجهة ممنوعة أو لكلب مثلا ..

2- الارث إجباري في الإسلام بالنسبة إلى الوارث والموروث ولا يملك المورث حق منع أحد ورثته من الإرث ، والوارث يملك نصيبه جبرا دون اختيار.

3- الاسلام جعل الإرث في دائرة الأسرة لا يتعداها فلابد من نسب صحيح أو زوجة، وتكون على الدرجات في نسبة السهام الأقرب فالأقرب إلى المتوفى.

4- أنه قدر الوارثين بالفروض السهام المقدرة كالربع والثمن والسدس والنصف ما عدا العصبات ولا مثيل لهذا في بقية الشرائع.

5- جعل للولد الصغير نصيبا من ميراث أبيه يساوي نصيب الكبير وكذلك الحمل في بطن الأم فلا تميز بين البكر وغيرهم من الأبناء.

6- جعل للمرأة نصيباً من الإرث فالأم والزوجة والبنت وبنت الابن والأخت وأمثالهن يشاركن فيه، وجعل للزوجة الحق في استيفاء المهر والصداق إن لم تكن قد قبضتهم من دون نصيبها في الإرث فهو يعتبر دين ممتاز أى الأولى في سداده قبل تقسيم الإرث ولا يعتبر من نصيبها في الميراث.

كتبه الأخ / أبو بكر بتصرف
ابن مريم ؟؟؟؟؟؟؟========================================================

غير معرف يقول...

(((((((((((إبطال الرسول لدين النصارى))))))))))))))))))))))))))))))))))

من أعظم أدلة نبوته

إن ما جـاء به القرآن الكريم في إبطال دين النصرانية، وفساد عقائدهم لهو من أعظم الأدلة على أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله حقاً وصدقاً، فقد كان حظ العرب المشركون من فهم عقائد النصارى أن اعتقدوا أن آلهتهم خير من المسيح بن مريم!! كما قال تعالى عنهم: { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) } سورة الزخرف.

وأما القرآن فإنه دحض جميع حجج النصارى، وبين كذبهم وفساد معتقدهم في عيسى عليه السلام، وأنه لم يصلب ولم يقتل، وأنه لم يكن إلا عبداً صالحاً ورسولاً كريماً أعلن عبوديته منذ ولادته: { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) } سورة مريم.
وفي هذا أعظـم رد على الذين قالوا إنه إله من إله، وأنه هو خالق للسماوات والأرض، لأنه ليس من شأن الإله الخالق أن يولد ويموت، وتكون له والدة، وليس من شأن الإله أن يصلي!! ولا أن يزكي ولا أن يعلم كتاباً!!

وكان في كل أدوار حياته يعلن بشريته وعبوديته لإلهه ومولاه الذي في السماء { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } سورة المائدة آية 72

وفي الإنجيل: "أبانا الذي في السماء نقدس اسمك"

وجاء القرآن ليعلن كفر من اعتقد أن عيسى عليه السلام إلهاً خالقاً رازقاً فقال: { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } سورة المائدة آية 17.

وقال جل وعلا أيضاً: { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)} سورة المائدة.

وفي هذه الآيـات من الدلالات الواضحات على إبطال دين النصرانية ما لا يتسع لشرحه المقام، فقد أعلن أولاً كفر من زعم أن عيسى عليه السلام هو الله، ومن جعله ثالث ثلاثة، وبين أن عيسى وأمه كنا يأكلان الطعام وهذا دليل حاجة، وللطعام ضرورته المعروفة، وفضلاته التي لا تليق بالإله!!

وفي الآيـات أن الإله لا يكون إلا واحداً لأن الإله هو من يملك نفع عبده وضره ومن هو خالقه ورازقه، وعيسى لم يكن كذلك فلم يكن خالقاً ولا رازقاً للبشر، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً أن يملكه لعابده، ولما كان الخلق واحداً فإن الخالق لا بد وأن يكون واحداً بالضرورة ولو كانـوا ثلاثة لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض!! { قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً }سورة الإسراء آية 42 ( أي لمغالبته ).

وقال تعالى: { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } سورة الأنبياء آية 22
وقال تعالى: { بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) } سورة المؤمنون.

وهذه قضية عقلية لا يماري فيها عاقل، وقد كان البشر جميعاً وقت نزول الوحي على غير ذلك تماماً فقد اعتقد كل منهم بإله غير الله خالق السموات والأرض وعبدوا بشراً وملائكة وجناً وشمساً وقمراً، وحجراً وشجراً... الخ عبادة ذل وخضوع وتقرب ومحبة!

وجـاء الرسول الأمي صلي الله عليه وسلم ليعلن لهؤلاء جميعاً أن الإله لا يكون إلا واحداً وذلك لأن الإله الحق من خلق ورزق، ومن يدبر السماوات والأرض، ومن يتصرف في الملك كله، وليس هذا إلا لخالق السماوات والأرض وحده سبحانه وتعالى... وأنه لو كان معه إله آخر لفسد الكون واضطـرب، وتنازع الآلهة الخلق ولعلا بعضهم على بعض وأنى لرجل أمي لم يقرأ ولم يكتب، ولم يطالع ما عند الأمم من العقائد أن يعلم عقائد الجميع بل أسرار عقائدهم وحقيقة قولهم، ثم ينكر على هذه العقائد فيبطلها بالحجة الدامغة، والقول الذي لا يمكن أن يعارض.

أليس هذا من أعظم الأدلة على أن محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم هو رسول الله حقاً وصدقاً.

غير معرف يقول...

الأدلة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم
لما كان المبشرون ومعظم المستشرقين يؤمنون بالوحي فسوف نجابههم بتحد كبير ، وهو مطالبتهم بتقديم أوصاف الوحي الصحيحة وسماته في أنبياء كتابهم المقدس الذي يؤمنون به ، ثم نحتكم إلى صحيحها في إعلان تحقق وحي الله إلى رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ... وفي تقديري أنهم لن يستجيبوا لهذا التحدي أبداً ...
وإليك أخي القارىء الكريم بعض من أدلة صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
أولاً : دليل الإلزام :
نريد أن نسأل اليهود : كيف آمنتم برسولكم موسى عليه السلام ؟
فإن قالوا : بسبب معجزاته ، أو أخلاقه ، أو تشريعه ، أو تأييد الله له ونصرته ، أو استجابة دعائه ، أو عدم رغبته في المصلحة الذاتية ، أو غير ذلك من الأدلة .
قلنا : كل ما ذكرتموه هو موجود في النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك النصارى نسألهم هل هم يؤمنون بنبوة موسى عليه السلام ؟، فإن الجواب سيكون :نعم . قلنا: كيف استدللتم على نبوته ؟ . فإن قالوا: لأنه قد ذكره لنا عيسى .
قلنا : هل هناك دليل آخر؟ .
إن قالوا : لا يوجد دليل آخر على نبوة موسى عليه السلام . قلنا: إذن أنتم صَحَّحْتم مذهب مَن كفر بموسى عليه السلام من قومه ؛ حيث إن موسى عليه السلام لم يأت بدليل على رسالته ، ولم ينزل عيسى عليه السلام في ذلك الوقت ، وأثبتم لمن آمن به أنه آمن بغير بينة ولا علم ولا دليل ، وأن رسالة موسى علقت عن التصحيح قرونا متطاولة حتى بعث الله عيسى عليه السلام .
فإن قالوا : نعم، هناك أدلة أخرى على رسالة موسى عليه السلام.
قلنا : كل دليل استدللتم به على نبوة موسى عليه السلام هو موجود في محمد صلى الله عليه وسلم.
فلا حجة إذن لرجل يهودي أو نصراني لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ،ولكن صدق الله إذ يقول :
(( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ .)) [الأعراف : 198]
ثانياً : إقرار الله تعالى له ولدعوته :
من أدلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم إقرار الله لدعوته ؛ فإن الله تعالى أخبر أن محمدا لو تقوّل على ربه شيئا من الأقاويل لأهلكه : (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )) [الحاقة :41-47] وقال سبحانه : (( قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى )) [طه:61] ، وقال تعالى : (( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ )) [يونس:69] ، وقال تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر: 3] ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ما خاب بل هُدي وأفلح في كل المجالات ، وصار دينه من أعظم الأديان في الأرض وأكثرها انتشارا.
وقد قرر ابن القيم - رحمه الله تعالى - هذا الدليل أوضح تقرير ، فقال - رحمه الله - : وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة ، فقلت له في أثناء الكلام : أنتم بتكذيبكم محمدا صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله أعظم شتيمة ، فعجب من ذلك وقال : مثلك يقول هذا الكلام ؟ فقلت له : اسمع الآن تقريره ؛ إذا قلتم : إن محمدا ملك ظالم ، وليس برسول من عند الله ، وقد أقام ثلاثا وعشرين سنة يدعي أنه رسول الله أرسله إلى الخلق كافة ، ويقول أمرني الله بكذا ونهاني عن كذا ، وأُوحي إلي كذا ؛ ولم يكن من ذلك شيء، وهو يدأب في تغيير دين الأنبياء، ومعاداة أممهم ، ونسخ شرائعهم ؛ فلا يخلو إما أن تقولوا : إن الله سبحانه كان يطلع على ذلك ويشاهده ويعلمه . أو تقولوا : إنه خفي عنه ولم يعلم به . فإن قلتم : لم يعلم به . نسبتموه إلى أقبح الجهل ، وكان من عَلَم ذلك أعلم منه ، وإن قلتم : بل كان ذلك كله بعلمه ومشاهدته واطلاعه عليه . فلا يخلو إما أن يكون قادرا على تغييره والأخذ على يديه ومنعه من ذلك أو لا ، فإن لم يكن قادرا فقد نسبتموه إلى أقبح العجز المنافي للربوبية ، وإن كان قادرا وهو مع ذلك يعزه وينصره ، ويؤيده ويعليه ويعلى كلمته ، ويجيب دعاءه ، ويمكنه من أعدائه ، ويظهر على يديه من أنواع المعجزات والكرامات ما يزيد على الألف، ولا يقصده أحد بسوء إلا أظفره به ، ولا يدعوه بدعوة إلا استجابها له ، فهذا من أعظم الظلم والسفه الذي لا يليق نسبته إلى آحاد العقلاء ، فضلا عن رب الأرض والسماء ، فكيف وهو يشهد له بإقراره على دعوته وبتأييده وبكلامه ، وهذه عندكم شهادة زور وكذب ،فلما سمع ذلك قال : معاذ الله أن يفعل الله هذا بكاذب مفتر بل هو نبي صادق .
ومثال هذا ( لو أن حاجب الأمير قال للناس : إن الأمير قد أمركم بفعل كذا وكذا . فإن الناس يعلمون أنه لا يتعمد الكذب في مثل هذا وإن لم يكن بحضرته ، فكيف إذا كان بحضرته وبعلمه)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكاد يدعو بدعاء إلا استجاب الله تعالى له في الحال ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا . فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ :« اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ». قَالَ أَنَسٌ :وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ ،قَالَ :فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا-وفي رواية : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا. قَالَ :فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ :« اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ ». قَالَ : فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنِ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ ،فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.
إلى غير ذلك من الأدعية الكثيرة جدا، التي استجاب الله له فيها بالحال ، وهذا لا يمكن أن يتيسر لكاذب، بل لا يكون إلا لصادق مؤيد من الله،فيطوع له الطبيعة، ويسخر له السحاب والأمطار .
ثالثاً : تأييد الله له :
والأمثلة كثيرة نكتفي بثلاث ذكرها القرآن الكريم :
المثال الأول : تأييد الله لرسوله أثناء هجرته :
خرج النبي وصاحبه أبوبكر الصديق مهاجرين إلى المدينة النبوية، واختفيا في غار ثور ثلاثة أيام، وصعد المشركون إلى الغار بحثاً عن النبي وأبي بكر، فحمى الله نبيه وأبا بكر منهما ، قال أبوبكر : قلت للنبي ونحن في الغار : لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه ، فقال النبي : يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما [1] ، وأشار القرآن إلى ذلك فقال تعالى : (( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) (التوبة:40).
المثال الثاني : نصرة الله لرسوله بالريح الشديدة في غزوة الأحزاب :
يقول الله سبحانه وتعالى : (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ))
فلقد تجمع الأحزاب من الكفار لقتال النبي ، وكان عددهم نحواً من عشرة آلاف ، وتحالفوا مع اليهود القاطنين في شرق المدينة على حرب النبي وأصحابه ، وأشتد الحال على المسلمين الذين حفروا خندقاً بينهم وبين الكفار ، واستمر الكفار قريباً من شهر وهم يحاصرون المسلمين في المدينة .
فدعا النبي ربه أن ينصره على المتمالئين على الإسلام فقال : اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم[2] .
فاستجاب الله دعاء رسوله وأرسل على الأحزاب ريحاً شديدةً اقضّت مضاجعهم ، وجنوداً زلزلتهم مع ما ألقى الله بينهم من التخاذل فأجمعوا أمرهم على الرحيل وترك المدينة النبوية .
ولو كانت هذه المعجزة لم تقع لتشكك المسلمون في القرآن ، وربما ارتدوا عن دينهم، وقالوا : كيف نصدق ما لم يقع؟!
المثال الثالث : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى :
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في شأن القبضة من التراب التي حصب بها وجوه الكافرين يوم معركة بدر حين خرج عليه الصلاة والسلام من العريش بعد دعائه وتضرعه فرماهم بها وقال " شاهت الوجوه " فلم يبق أحد منهم إلا ناله منها ما شغله عن حاله ولهذا قال الله تعالى : (( وَمَا رَمَيْت إِذْ رَمَيْت وَلَكِنَّ اللَّه رَمَى )) الأنفال : 17 أي هو الذي بلغ ذلك إليهم وكبتهم بها لا أنت.
ولو لم تكن تلك الرمية من الرسول قد حدثت لسارع المسلمين والمؤمنين بتكذيب الآية واتهام الرسول صلوات الله وسلامه عليه بالكذب وحاشاه ...
قال أبو معشر المدني عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي قالا : لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال " شاهت الوجوه " فدخلت في أعينهم كلهم وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلونهم ويأسرونهم وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " ( تفسير ابن كثير )
رابعاً : إخباره بالغيب :
من أدلة صدق النبي صلي الله عليه وسلم إخباره بالغيب سواء كان غيباً لاحقاً أو سابقاً أو حاضراً فقد أخبر بالردة في زمن أبي بكر ، والفتنة في زمن علي وأخبر بأن الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي يقُتلون شهداء ، وأخبر بفتح القسطنطينية والحيرة ومصر وفارس والروم وبيت المقدس، وأخبر بخروج كثير من الفرق كالخوارج والقدرية ، وبشر كثير من الصحابة بالجنة فماتوا على الإيمان ، وبشر الكثير بالنار فماتوا على الكفر، وأخبر بكثير من أشراط الساعة الصغرى وقد تحققت . وليرجع القارىء الكريم الى مقال ( الأخبار المستقبلية في القرآن ودلالتها على مصدره الرباني )
خامساً : الحقائق العلمية :
فلقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث بذكره لحقائق كثيرة لم يكتشفها العلم الا في العصر الحديث ، وليرجع القارىء الكريم إلى مقال ( الحقائق العلمية في القرآن الكريم ودلالتها على مصدرها الرباني )
سادساً : نشأته في بيئة أمية وإتيانه بعلوم إلهية :
لقد ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم من قبيلة ليسوا من أهل العلم ومن بلده كانت الجهالة غالبة عليهم . ولم يتفق له الاتصال بعالم . فإذا نبت في هذه البيئة ثم بلغ في معرفة الله وصفاته وأفعاله وأحكامه هذا المبلغ العظيم وجاء بكتاب يحتوي على مختلف العلوم عجز جميع الأذكياء من العقلاء عن القرب منه ، فإن ذلك يحمل كل ذي عقل سليم وطبع قويم على الاقرار بأن هذا العلم الفذ لا يتيسر لأحد من البشر إلا بتعليم إلهي خاص . تأمل أخي القارىء الي قوله تعالى : (( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ )) [ هود : 49 ] وتأمل أخي القارىء في قوله تعالى : (( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ )) [ العنكبوت : 48 ]
سابعاً : هل يعقل !!؟ :
محمد صلى الله عليه وسلم رجل أثارت دعوته الى التوحيد حفيظة المشركين وحميتهم بحيث شكلوا خطراً حقيقياً على حياته منذ اللحظة الأولى التي جهر فيها بدعوته، وكلنا يتذكر الاضطهاد والأذى اللذان تعرض لهما فترة إقامته بمكة، وكذلك إجماع المشركين على قتله ليلة الهجرة، كما لم تكن حياته، صلوات الله وسلامه عليه، في المدينة المُنورة بعد الهجرة أكثرُ أمناً ولا أرغد عيشاً فقد أثارت دعوته حقد اليهود ومكرهم، حيثُ تشابكت أيدي اليهود والمشركين فشكلوا خطرا مُزدوجاً على حياة هذا النبي الكريم، وكثُرت المؤامرات الهادفة إلى اغتياله كتلك التي حاول اليهود فيها إلقاء صخرة عليه وهو في زيارة ليحيّهم، كما حاولوا تسميمه عن طريق إطعامه بعضاً من شاة مسمومة أثناء زيارته لخيبر، وكما لا يغيب عن الأذهان غزوة الاحزاب التي اتحد فيها المشركون واليهود لمحاربة الاسلام واستئصاله، وغيره كثير من المؤامرات الهادفة للقضاء عليه وعلى دعوته.
لا يُمكن لعاقل أن يُصدق أن رجل مثل محمد، صلى الله عليه وسلم، والذي انشغل بدعوة الناس دعوة عملية .. وانشغل بأعدائه ... وانشغل بتأسيس الدولة الاسلامية ... وانشغل بفتوحاته المقدسة ... رجل عانا في حياته الخاصة، لا يُمكن لعاقل ان يُصدق أن هذا الرجل قد جاء بما في القرآن الكريم من قضايا علمية وتشريعات دقيقة فاقت كل ما سبقتها وما لحقتها، لا يمكن لعاقل أن يتخيل أن كل هذا من نتاج فكر رجل عاش حياة كتلك التي عاشها محمد صلى الله عليه وسلم ... فلقد كانت حياته مليئة بالمحن والمشاغل التي تتطلب إنشغال الذهن بأمور بعيده كل البعد عن الإخبار عن حقائق علمية أو التأسيس لمناهج تربوية ..
فسبحان الله من علم محمدا - عليه الصلاة والسلام - ذلك النبي الأمي في عصر وأمه غلبت عليها الأمية والجهالة ...
__________________________________
[ 1 ] أخرجه البخاري ك/ المناقب ب/ مناقب المهاجرين وفضلهم ، ومسلم ك/ فضائل الصحابة ب/ من فضائل أبي بكر الصديق والترمذي ك/ التفسير ب/ ومن سورة التوبة وابن حبان في صحيحه 14/181 وأحمد في المسند 1/4 وغيرهم .
[ 2 ] أخرجه البخاري ك/ المغازي ب/ غزوة الخندق ومسلم/ ك/ الجهاد والسير ب/ استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو والترمذي ك/ الجهاد ب/ ما جاء في الدعاء عند القتال ، وغيرهم
==================
سؤال : ما صحة الحديث الذي جاء فيه ان الرسول كان يقبل نسائه وهو صائم و يمص لسان زوجته عائشة ؟
الحمد لله ،
جواب : الحديث أخرجه أبو داود ، وقال ابن الأعرابي : بلغني عن ابن داود أنه قال : اسناده ليس بصحيح وأخرجه أحمد في المسند والتقى في اسناديه مع أبي داود في محمد بن دينار عن سعد بن أوس عن مصدع عن عائشة .
وتقبيله صلى الله عليه وسلم لنسائه _ وهو صائم _ صحيح . أما قوله : (( ويمص لسانها )) فيقول ابن القيم رحمه الله : (( وقال عبد الحق : لا تصح هذه الزيادة في مص اللسان لأنها من حديث محمد بن دينار عن سعد بن أوس ولا يحتج بهما . وبنحوه هذا قال الخطابي .)) [ الانتصارات الاسلامية في كشف شبه النصرانية _ دراسة وتحقيق د : سالم القرني _ مكتبة العبيكان ]
وقد أورد العلامة الالباني الحديث في سلسلة الاحاديث الضعيفة . انتهى
===============
الرد المبين في الدفاع عن أمنا مارية
للأسف أعداء الدين كتيرا ما رفعوا أصواتهم أن مارية لم تكن زوجة و لكن سرية بل حتى أغلب المسلمين يقولون
اما مارية القبطية فقد أهداها المقوقس عظيم القبط إلى رسول الله
فهى جاريته و ملك يمينه و ساريتهمنذ أن جاءت المدينة المنور ،،، فلم يكن رسول الله بحاجة لأن يتزوجها حتى تحل له ، و لأن الرجل له شرعاً أن يتسرى بما ملكت يمينه وقتما شاء كما تسرى ابراهيم بهاجر و تسرى يعقوب ببلهة و زلفة ، و تسرى داود بثلاثين من امائه، و سليمان بثلاثمائة....الخ
بل إن هذا من أوجه إكرامها إذ يعفها بذلك من جهة، كما أن انجابها لولد يجعلها (أم ولد) و هو وضع أشبه لوضع الزوجة بالضبط فلا يجوز بعده بيعها و شراءها
و اعتراض غلى مصطلح سرية أو ملك يمين هو
1*/
صحيح مسلم
كتاب النكاح
3563 - حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، - يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا خَيْبَرَ قَالَ فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاَةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَانْحَسَرَ الإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي لأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ " اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ " . قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ . قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ . قَالَ وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً وَجُمِعَ السَّبْىُ فَجَاءَهُ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ . فَقَالَ " اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً " . فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلاَّ لَكَ . قَالَ " ادْعُوهُ بِهَا " . قَالَ فَجَاءَ بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ غَيْرَهَا " . قَالَ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا . فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَرُوسًا فَقَالَ " مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَىْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ " قَالَ وَبَسَطَ نِطَعًا قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالأَقِطِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ فَحَاسُوا حَيْسًا . فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
http://www.al-eman.com/hadeeth/viewc...9&SW=عتقها#SR1
ادن العتق =يكون مهرا في حالة ادا ما قرر الدي اعتقها ان يتزوجها -
ألم يأمر النبي في عدة أحاديت بعتق مسلمة بل و دعا لمن أعتقها و تزوجها يعني ألم يحك المؤرخون أن مارية أسلمت و هى فى طريقها الى أرض الحجاز قادمة من مصر .بمعنى ادن
عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة كَانَتْ لَهُ أَمَة سَوْدَاء فَغَضِبَ عَلَيْهَا فَلَطَمَهَا ثُمَّ فَزِعَ فَأَتَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ خَبَرهمَا فَقَالَ لَهُ " مَا هِيَ ؟ " قَالَ تَصُوم وَتُصَلِّي وَتُحْسِن الْوُضُوء وَتَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّك رَسُول اللَّه فَقَالَ " يَا أَبَا عَبْد اللَّه هَذِهِ مُؤْمِنَة " فَقَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَأُعْتِقَنَّهَا وَلَأَتَزَوَّجَنهَا فَفَعَلَ
http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...EER&tashkeel=0
كان جواب النبي هاده مؤمنة يعني افهم =اعتقها و تزوجها
مارية نفس الشيء كانت جارية المقوقس و الاخير أعتقها من أجل محمد فيكون النبي صلى الله عليه و سلم الدي بعث لابادة الرق من العالم و و ضع الاغلال هو الدي أعتقها
سنن ابن ماجه
كتاب النكاح
2032 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَىٍّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا عَبْدٍ مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ " . قَالَ صَالِحٌ قَالَ الشَّعْبِيُّ قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَىْءٍ . إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَيَرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ
http://www.al-eman.com/hadeeth/viewc...4&SW=عتقها#SR1
فيا أخي هل من علم الناس مثل هاته التعاليم تظن ان يبقي مارية جارية له .بل حتى الروايت التي تكلمت عن عتق صفية و تزوجها من النبي كان الصحابة يسؤلون ما اصدقها فيرد عليهم اصدقها عتقها .
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بَعْدُ فَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا . قَالَ حَمَّادٌ فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا .
2034 - حَدَّثَنَا حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، . أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَتَزَوَّجَهَا .
موطأ مالك
كتاب العتق والولاء
- 1474 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلاً، مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَىَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَتَشْهَدِينَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ " . قَالَتْ نَعَمْ . قَالَ " أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ . قَالَ " أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ " . قَالَتْ نَعَمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَعْتِقْهَا " .
" . http://www.al-eman.com/hadeeth/viewc...0&SW=عتقها#SR1
هدا هو فهمي للنصوص و الله أعلم ..ومن اعترض من غير المسلمين -و أؤكد غير المسلمين -على هدا فليتفضل للنقاش ..بل حتى ابن كثير و غيرهم سموها أم المؤمنين و ان أشاروا أنها من اماؤه و هدا في نظري تناقض شرعي و منطقي

غير معرف يقول...

100 ضحكة وابتسامة
للنبي
صلى الله عليه وسلم

تأليف
أبو إسلام أحمد بن علي
غفر الله تعالى له ولوالديه ولزوجته ولأولاده وللمسلمين أجمعين


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
وبعد :
هذا الكتاب عبارة عن عرض لضحكات الرسول صلى الله عليه وسلم وابتساماته مع الصحابة ومع أزواجه ومع الآخرين , وقد رصدنا أكثر من 100 موقف ضحك أو ابتسم فيها النبي صلى الله عليه وسلم , وعندما تقرأ في هذا الكتاب ترى كثيراً من أخلاق الرسول الكريمة من التسامح والشفقة والرحمة والحلم وتعليمه للأمة وتفكهه في كثير من المواقف مع الصحابة , وقد صدق الله العظيم في كتابه الكريم عندما تكلم عن ((( النبي محمد صلى الله عليه وسلم ))) فقال تعالى :
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
نبتهل إلى الله تعالى أن يتقبل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم , عسى أن ينفع به وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , وأن نعي ونتأسى ونتبع سنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإنها خير الطريق إلى جنة الخلد بإذن الله تعالى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المؤلف
أبو إسلام أحمد بن علي


1- الاقتراع على الغلام
لما كان علي باليمن أتاه ثلاثة نفر يختصمون في غلام فقال كل منهم هو ابني فأقرع بينهم فجعل الولد للقارع وجعل عليه للرجلين الآخرين ثلثي الدية فبلغ ذلك النبي  فضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي  .
( أضواء البيان ج4/ص194)

2- صليت بأصحابك وأنت جنب
روى أبو داؤد والدارقطني عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله  فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله عز وجل يقول( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فضحك نبي الله  ولم يقل شيئا فدل هذا الحديث على إباحة التيمم مع الخوف لا مع اليقين.
(تفسير القرطبي ج5/ص217)
3- فتمرغت في التراب
عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن بن أبزى قال كنا عند عمر فأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين إنما نمكث الشهر والشهرين ولا نجد الماء فقال عمر أما أنا فإذا لم أجد الماء لم أكن لأصلي حتى أجد الماء فقال عمار بن ياسر أتذكر يا أمير المؤمنين حيث كنت بمكان كذا وكذا ونحن نرعى الإبل فتعلم أنا أجنبنا قال نعم فأما أنا فتمرغت في التراب فأتيت النبي  فضحك وقال إن كان الصعيد لكافيك وضرب بكفيه إلى الأرض ثم نفخ فيهما ثم مسح وجهه وبعض ذراعيه قال اتق الله يا عمار قال يا أمير المؤمنين إن شئت لم أذكره قال لا ولكن نوليك من ذلك ما توليت .
(سنن النسائي الكبرى ج1/ص133)

4- كلمات تذهب السقم والضر
عن أبي هريرة  قال خرجت أنا ورسول الله  ويده في يدي أو يدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال أي فلان ما بلغ بك ما أرى قال السقم والضر يا رسول الله قال ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر قال لي ما يسرني أن شهدت بها معك بدرا أو أحدا قال فضحك رسول الله  وقال وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القانع قال فقال أبو هريرة يا رسول الله إياي فعلمني قال فقل يا أبا هريرة (توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) قال فأتى علي رسول الله  وقد حسنت حالي قال: فقال لي مهيم قال: قلت يا رسول الله لم أزل أقول الكلمات التي علمتني. (تفسير ابن كثير ج3/ص71)

5- فتبارك الله أحسن الخالقين
وعن عامر الشعبي عن زيد بن ثابت الأنصاري قال أملى علي رسول الله  هذه الآية ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ... إلى قوله خلقا آخر ) فقال معاذ فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله  فقال له معاذ مم تضحك يا رسول الله فقال بها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين . (تفسير ابن كثير ج3/ص242)

6- فعنكن كنت أناضل
روى مسلم والنسائي عن أنس بن مالك قال كنا عند النبي  فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال أتدرون مم أضحك قلنا الله ورسوله أعلم قال من مجادلة العبد لربه يقول يارب ألم تجرني من الظلم فيقول بلى فيقول لا أجيز علي إلا شاهدا من نفسي فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام عليك شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل . (تفسير ابن كثير ج3/ص278)
6- نحوا عنه كبار ذنوبه
قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر  قال قال رسول الله  إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة يؤتى برجل فيقول نحوا عنه كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها قال فيقال له عملت يوم كذا كذا وكذا وعملت يوم كذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا فيقال فإن لك بكل سيئة حسنة فيقول يا رب عملت أشياء لا أراها ها هنا قال فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه (أخرجه مسلم).
(تفسير ابن كثير ج3/ص328)

7- أتستهزئ مني وأنت رب العالمين
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس عن بن مسعود أن رسول الله  قال آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين فترفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله عز وجل يا بن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول لا يا رب ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول يا بن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها فيقول لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها فيقول يا بن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها قال بلى يا رب هذه لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليها فيدنيه منها فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول أي رب أدخلنيها فيقول يا بن آدم ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها قال يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين فضحك بن مسعود فقال ألا تسألوني مم أضحك فقالوا مم تضحك قال هكذا ضحك رسول الله  فقالوا مم تضحك يا رسول الله قال من ضحك رب العالمين حين قال أتستهزئ مني وأنت رب العالمين فيقول إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر.
(صحيح مسلم ج1/ص174)

8- ولكن الله يهدي من يشاء
وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبي راشد قال كان رسول قيصر جاء إلي قال كتب معي قيصر إلى رسول الله  كتابا فأتيته فدفعت الكتاب فوضعه في حجره ثم قال ممن الرجل قلت من تنوخ قال هل لك في دين أبيك إبراهيم الحنيفية قلت إني رسول قوم وعلى دينهم حتى أرجع إليهم فضحك رسول الله ونظر إلى أصحابه وقال إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. (تفسير ابن كثير ج3/ص396)

9- فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة
وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت لما نزلت آية التخيير بدأ بي رسول الله  فقال يا عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان رضي الله عنهما فقلت يا رسول الله وما هو قال:  قال: الله عز وجل (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) قالت : فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ولا أؤامر في ذلك أبوي أبا بكر وأم رومان رضي الله عنهما فضحك رسول الله  ثم استقرأ الحجر فقال إن عائشة رضي الله عنها قالت كذا وكذا فقلن ونحن نقول مثل ما قالت عائشة رضي الله عنهن كلهن . (تفسير ابن كثير ج3/ص481)


10- المرآتان اللتان تظاهرتا على النبي 
عن بن عباس رضي الله عنهما قال لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي  فجعلت أهابه فنزل يوما منزلا فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال عائشة وحفصة ثم قال كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن يدخلهن في شيء من أمورنا وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لها وإنك لهناك قالت تقول هذا لي وابنتك تؤذي النبي  فأتيت حفصة فقلت لها إني أحذرك أن تعصي الله ورسوله وتقدمت إليها في أذاه فأتيت أم سلمة فقلت لها فقالت أعجب منك يا عمر قد دخلت في أمورنا فلم يبق إلا أن تدخل بين رسول الله  وأزواجه فرددت وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله  وشهدته أتيته بما يكون وإذا غبت عن رسول الله  وشهد أتاني بما يكون من رسول الله  وكان من حول رسول الله  قد استقام له فلم يبق إلا ملك غسان بالشام كنا نخاف أن يأتينا فما شعرت إلا بالأنصاري وهو يقول إنه قد حدث أمر قلت له وما هو أجاء الغساني قال أعظم من ذاك طلق رسول الله  نساءه فجئت فإذا البكاء من حجرهن كلها وإذا النبي  قد صعد في مشربة له وعلى باب المشربة وصيف فأتيته فقلت استأذن لي فأذن لي فدخلت فإذا النبي  على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه مرفقة من آدم حشوها ليف وإذا أهب معلقة وقرظ فذكرت الذي قلت لحفصة وأم سلمة والذي ردت علي أم سلمة فضحك رسول الله  فلبث تسعا وعشرين ليلة ثم نزل .
(صحيح البخاري ج5/ص2197)



11- هن حولي يسألنني النفقة
عن جابر قال أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله  والناس ببابه جلوس والنبي  جالس فلم يؤذن له ثم أقبل عمر  فاستأذن فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فدخلا والنبي  جالس وحوله نساؤه وهو  ساكت فقال  عنه لأكلمن النبي  لعله يضحك فقال عمر  يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي  حتى بدت نواجذه وقال هن حولي يسألنني النفقة فقام أبو بكر  إلى عائشة ليضربها وقام عمر  إلى حفصة كلاهما يقولان تسألان النبي  ما ليس عنده فنهاهما رسول الله  فقلن والله لا نسأل رسول الله  بعد هذا المجلس ما ليس عنده.
(تفسير ابن كثير ج3/ص482)

12- ابن الذبيحين
حدثني عبد الله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم كنا عند رسول الله  فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا بن الذبيحين فضحك رسول الله فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان فقال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل ( تفسير ابن كثير ج4/ص19)

13- فرس له جناحان
حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني عمارة بن غزية إن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم رسول الله  من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة رضي الله عنها لعب فقال  ماهذا يا عائشة قالت رضي الله عنها بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال  ماهذا الذي أرى وسطهن قالت رضي الله عنها فرس قال رسول الله  ما هذا الذي عليه قالت رضي الله عنها جناحان قال  عليه وسلم فرس له جناحان قالت رضي الله عنها أما سمعت أن سليمان عليه الصلاة والسلام كانت له خيل لها أجنحة قالت رضي الله عنها فضحك  حتى رأيت نواجذه  (تفسير ابن كثير ج4/ص34)

14- والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة
عن عبد الله بن مسعود  قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله  فقال يا محمد إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السماوات على أصبع و الأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على أصبع وسائر الخلق على أصبع فيقول أنا الملك فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله  (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) .
(تفسير ابن كثير ج4/ص63)

15- ركوب الدابة
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله  ثلاثا وحمد ثلاثا وسبح ثلاثا وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه وضحك ثم أقبل عليه فقال: ما من امرئ مسلم يركب دابة فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله عز وجل عليه فضحك إليه كما ضحكت إليك .
(تفسير ابن كثير ج4/ص125)

16- سبحان الذي سخر لنا هذا
عن المنهال بن عمرو عن علي بن ربيعة أنه كان ردفا لعلي  فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله فلما استوى على ظهر الدابة قال الحمد لله ثلاثا والله أكبر ثلاثا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الآية ثم قال لا إله إلا أنت سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم مال إلى أحد شقيه فضحك فقلت يا أمير المؤمنين ما يضحكك قال أني كنت ردف النبي  فصنع رسول الله  كما صنعت فسألته كما سألتني فقال رسول الله  إن الله ليعجب إلى العبد إذا قال لا إله إلا أنت أني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال عبدي عرف أن له ربا يغفر ويعاقب(صحيح مسلم).
(المستدرك على الصحيحين ج2/ص108)

17- حكاية سواد بن قارب
عن البراء  قال بينما عمر بن الخطاب  يخطب الناس على منبر رسول الله  إذ قال أيها الناس أفيكم سواد بن قارب قال: فلم يجبه أحد تلك السنة فلما كانت السنة المقبلة قال أيها الناس أفيكم سواد بن قارب قال :فقلت يا أمير المؤمنين وما سواد بن قارب قال: فقال له عمر رضي الله عنه إن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئا عجيبا قال فبينما نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب قال فقال له عمر  يا سواد حدثنا ببدء إسلامك كيف كان قال سواد  فإني كنت نازلا بالهند وكان لي رئي من الجن قال فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ جاءني في منامي ذلك قال قم فافهم واعقل إن كنت تعقل قد بعث رسول من لؤي بن غالب ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وتحساسها وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأنحاسها
فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى رأسها
قال : ثم أنبهني فأفزعني وقال يا سواد بن قارب إن الله عز وجل بعث نبيا فانهض إليه تهتد وترشد فلما كان من الليلة الثانية أتاني فانبهني ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس قداماها كأذنابها
فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى قابها
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ثم قال:
عجبت للجن وتخبارها وشدها العيس بأكوارها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى ليس ذوو الشر كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ما مؤمنو الجن ككفارها
قال: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة وقع في قلبي حب الإسلام من أمر رسول الله  ما شاء الله قال فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي فما حللت تسعة ولا عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله  فإذا هو بالمدينة يعني مكة والناس عليه كعرف الفرس فلما رآني النبي  قال مرحبا بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جاء بك قال قلت يا رسول الله قد قلت شعرا فاسمعه مني قال  قل يا سواد فقلت :
أتاني رئي بعد ليل وهجعة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ساقي الإزار ووسطت بي الدعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيل إلى الله يا بن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال فضحك النبي  حتى بدت نواجذه وقال لي أفلحت يا سواد فقال له عمر  هل يأتيك رئيك الآن فقال منذ قرأت القرآن لم يأتني ونعم العوض كتاب الله عز وجل من الجن. (تفسير ابن كثير ج4/ص169)

18- ألا تبايع يا سلمة
حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عكرمة بن عمار اليمامي عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الأكوع  قال قدمنا الحديبية مع رسول الله  ونحن أربع عشرة مئة وعليها خمسون شاة لا ترويها فقعد رسول الله  على جباها يعني الركى فإما دعا وإما بصق فيها فجاشت فسقينا واستقينا قال ثم إن رسول الله  دعا إلى البيعة في أصل الشجرة فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط الناس قال  بايعني يا سلمة قال: قلت يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس قال  وأيضا قال ورآني رسول الله  عزلا فأعطاني حجفة أو درقة ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال  ألا تبايع يا سلمة قال: قلت يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم قال :  وأيضا فبايعته الثالثة فقال رسول الله  يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك قال قلت يا رسول الله لقيني عامر عزلا فأعطيتها إياه فضحك رسول الله  ثم قال إنك كالذي قال الأول اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي. (تفسير ابن كثير ج4/ص188)

19- بيعة النساء
وعن عبادة بن الصامت قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله  على بيعة النساء- وذلك قبل أن يفرض الحرب- على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف وقال فإن وفيتم فلكم الجنة رواه بن أبي حاتم وقد روى بن جرير من طريق العوفي عن بن عباس أن رسول الله  أمر عمر بن الخطاب فقال :قل لهن أن رسول الله  يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة متنكرة في النساء فقالت إني إن أتكلم يعرفني وإن عرفني قتلني وإنما تنكرت فرقا من رسول الله  فسكت النسوة اللاتي مع هند وأبين أن يتكلمن فقالت هند وهي متنكرة كيف تقبل من النساء شيئا لم تقبله من الرجال فنظر إليها رسول الله  وقال لعمر قل لهن ولا يسرقن قالت هند والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنات ما أدري أيحلهن لي أم لا قال أبو سفيان ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال فضحك رسول الله  وعرفها فدعاها فأخذت بيده فعاذت به فقال أنت هند قالت عفا الله عما سلف فصرف عنها رسول الله  فقال ولا يزنين فقالت يا رسول الله وهل تزني امرأة حرة قال لا والله ما تزني الحرة قال ولا يقتلن أولادهن قالت هند أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر قال ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن قال ولا يعصينك في معروف قال منعهن أن ينحن وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه ويقطعن الشعور ويدعون بالويل والثبور . (تفسير ابن كثير ج4/ص354)

20- الخيط الأبيض من الخيط الأسود
حدثنا أبو كريب قال ثنا بن نمير وعبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن سعيد عن عامر عن عدي بن حاتم قال أتيت رسول الله فعلمني الإسلام ونعت لي الصلوات كيف أصلي كل صلاة لوقتها ثم قال إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتم الصيام إلى الليل ولم أدر ما هو ففتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما عند الفجر فرأيتهما سواء فأتيت رسول الله فقلت يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال وما منعك يا بن حاتم وتبسم كأنه قد علم ما فعلت قلت فتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء فضحك رسول الله حتى رئي نواجذه ثم قال ألم أقل لك من الفجر إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل.
(تفسير الطبري ج2/ص172)

21- إبليس يضع التراب على رأسه
وعن العباس بن مرداس السلمي قال :قال رسول الله دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها فأجابني أن قد غفرت إلا ذنوبها بينها وبين خلقي فأعدت الدعاء يومئذ فلم أجب بشيء فلما كان غداة المزدلفة قلت يا رب إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته وتغفر لهذا الظالم فأجابني أن قد غفرت قال فضحك رسول الله قال فقلنا يا رسول الله رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه قال ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذا هو يدعو بالويل والثبور ويضع التراب على رأسه .
(تفسير الطبري ج2/ص294)

22- آمنت بالله وكذبت البصر
وروى عن عكرمة قال كان ابن رواحة مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة فوقع عليها وفزعت امرأته فلم تجده في مضجعه فقامت فخرجت فرأته على جاريته فرجعت إلى البيت فأخذت الشفرة ثم خرجت وفرغ فقام فلقيها تحمل الشفرة فقال مهيم قالت مهيم لو أدركتك حيث رأيتك لوجأت بين كتفيك بهذه الشفرة قال وأين رأيتني قالت رأيتك على الجارية فقال ما رأيتني وقد نهى رسول الله  أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب قالت فاقرأ وكانت لا تقرأ القرآن فقال أتانا رسول الله يتلو كتابه كما لاح مشهور من الفجر ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع فقالت : آمنت بالله وكذبت البصر ثم غدا على رسول الله  فأخبره فضحك حتى بدت نواجذه  . (تفسير القرطبي ج5/ص209)

23- ثلاث من كن فيه فهو منافق
عن سعيد بن جبير عن بن عمر وبن عباس قالا أتينا رسول الله  في أناس من أصحابه فقلنا يا رسول الله إنك قلت ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مؤمن إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ومن كانت فيه خصلة منهن ففيه ثلث النفاق فظننا أنا لم نسلم منهن أو من بعضهن ولم يسلم منهن كثير من الناس قال فضحك رسول الله  وقال ما لكم ولهن إنما خصصت بهن المنافقين كما خصهم الله في كتابه أما قولي إذا حدث كذب فذلك قوله عز وجل إذا جاءك المنافقون الآية أفأنتم تفسير كذلك ؟ قلنا :لا قال: لا عليكم أنتم من ذلك براء وأما قولي إذا وعد أخلف فذلك فيما أنزل الله علي ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله الآيات الثلاث أفأنتم كذلك ؟ قلنا لا والله لو عاهدنا الله على شيء أوفينا به قال: لا عليكم أنتم من ذلك برآء وأما قولي إذا اؤتمن خان فذلك فيما أنزل الله علي إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال الآية فكل إنسان مؤتمن على دينه فالمؤمن يغتسل من الجنابة في السر والعلانية والمنافق لا يفعل ذلك إلا في العلانية أفأنتم كذلك ؟ قلنا لا قال لا عليكم أنتم من ذلك برآء. (تفسير القرطبي ج8/ص213)

24- أرم فداك أبي وأمي
عن جابر بن سمرة وقيل له أكنت تجالس النبي  قال نعم كثيرا كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم وفيه عن سعد قال كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال له النبي  أرم فداك أبي وأمي قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته فضحك رسول الله  حتى نظرت إلى نواجذه فكان عليه السلام في أكثر أحواله يتبسم وكان أيضا يضحك في أحوال أخر ضحكا أعلى من التبسم وأقل من الاستغراق الذي تبدو فيه اللهوات وكان في النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتى بدت نواجذه .
(من تفسير القرطبي ج13/ص175)

25- رأيت بياض خلخالها
روى جماعة من الأئمة منهم بن ماجة والنسائي عن بن عباس أن رجلا ظاهر من امرأته فغشيها قبل أن يكفّر فأتى النبي  فذكر ذلك له فقال ما حملك على ذلك فقال يا رسول الله رأيت بياض خلخالها في ضوء القمر فلم أملك نفسي أن وقعت عليها فضحك النبي  وأمره ألا يقربها حتى يكفّر.
(تفسير القرطبي ج17/ص277)

26- يا رسول الله هلكت
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة  قال بينما نحن جلوس عند النبي  إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال ما لك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله  هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا فقال فهل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا قال فمكث النبي  فبينا نحن على ذلك أتي النبي  بعرق فيه تمر والعرق المكتل قال أين السائل فقال أنا قال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها- يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي  حتى بدت أنيابه ثم قال أطعمه أهلك .
(صحيح البخاري ج2/ص684)

27- اضربوا لي معكم بسهم
عن أبي سعيد  قال انطلق نفر من أصحاب النبي  في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلُدِغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة قال :فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال :بعضهم اقسموا فقال:الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي  فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله  فذكروا له فقال وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما فضحك رسول الله  .
(صحيح البخاري ج2/ص795)

28- وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع
عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة  أن النبي  كان يوما يحدث وعنده رجل من أهل البادية , أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له: ألست فيما شئت قال :بلى ولكني أحب أن أزرع قال :فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده فكان أمثال الجبال فيقول الله دونك يا بن آدم فإنه لا يشبعك شيء , فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع فضحك النبي  .
(صحيح البخاري ج2/ص826)

29- وفاء الدين ببركة الرسول 
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال توفي أبي وعليه دين فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا ولم يروا أن فيه وفاء فأتيت النبي  فذكرت ذلك له فقال إذا جددته فوضعته في المربد آذنت رسول الله  فجاء ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه ودعا بالبركة ثم قال ادع غرماءك فأوفهم فما تركت أحدا له على أبي دين إلا قضيته وفضل ثلاثة عشر وسقا سبعة عجوة وستة لون أو ستة عجوة وسبعة لون فوافيت مع رسول الله  المغرب فذكرت ذلك له فضحك فقال ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما فقالا لقد علمنا إذ صنع رسول الله ما صنع أن سيكون ذلك .
(صحيح البخاري ج2/ص964)

30- أدع الله أن يجعلني منهم
عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري قال سمعت أنسا  يقول دخل رسول الله  على ابنه ملحان فاتكأ عندها ثم ضحك فقالت لم تضحك يا رسول الله فقال ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله مثلهم مثل الملوك على الأسرة فقالت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال اللهم اجعلها منهم ثم عاد فضحك فقالت له مثل أو مم ذلك فقال لها مثل ذلك فقالت ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين ولست من الآخرين قال قال أنس فتزوجت عبادة بن الصامت فركبت البحر مع بنت قرظه فلما قفلت ركبت دابتها فوقصت بها فسقطت عنها فماتت .
(صحيح البخاري ج3/ص1055)

31- غلظ الأعرابي وحلم الرسول 
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك  قال كنت أمشي مع النبي  وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه جذبه شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي  قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء.
( صحيح البخاري ج3/ص1148)

32- إنا قافلون غدا إن شاء الله
عن عبد الله بن عمر  قال: لما حاصر رسول الله  الطائف فلم ينل منهم شيئا قال: إنا قافلون إن شاء الله فثقل عليهم وقالوا :نذهب ولا نفتحه وقال مرة نقفل فقال: اغدوا على القتال فغدوا فأصابهم جراح فقال: إنا قافلون غدا إن شاء الله فأعجبهم فضحك النبي  وقال سفيان مرة فتبسم.
(صحيح البخاري ج4/ص1572)

33- استسقاء النبي 
عن قتادة عن أنس  أن رجلا جاء إلى النبي  يوم الجمعة وهو يخطب بالمدينة فقال قحط المطر فاستسق ربك فنظر إلى السماء وما نرى من سحاب فاستسقى فنشأ السحاب بعضه إلى بعض ثم مطروا حتى سألت مثاعب المدينة فما زالت إلى الجمعة المقبلة ما تقلع ثم قام ذلك الرجل أو غيره والنبي  يخطب فقال غرقنا فادع ربك يحبسها عنا فضحك ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا مرتين أو ثلاثا فجعل السحاب يتصدع عن المدينة يمينا وشمالا يمطر ما حوالينا ولا يمطر منها شيء يريهم الله كرامة نبيه  وإجابة دعوته.
( صحيح البخاري ج5/ص2261)



34- أرضعيه
حدثنا عمرو الناقد وبن أبي عمر قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي  فقالت يا رسول الله إني أري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال النبي  ارضعيه قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله  وقال قد علمت أنه رجل كبير زاد عمرو في حديثه وكان قد شهد بدرا وفي رواية بن أبي عمر فضحك رسول الله  . (صحيح مسلم ج2/ص1076)

- وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت :جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى رسول الله  فقالت :إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي قال: أرضعيه قالت :وهو رجل كبير فضحك وقال: ألست أعلم أنه رجل كبير قالت: فأتته بعد وقالت ما رأيت في وجه أبي حذيفة بعد شيئا أكرهه . فقد رواه عروة بن الزبير عن عائشة وقال في الحديث فقال: رسول الله  أرضعيه فأرضعته خمس رضعات وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة فبذلك كانت عائشة تقول وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي  أن يدخلن عليهن الناس بتلك الرضاعة حتى يرضعهن في المهد وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها رخصة لسالم .
( السنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي) ج6/ص514)

35- بايع يا سلمة
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وهذا حديثه أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا عكرمة وهو بن عمار حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال قدمنا الحديبية مع رسول الله  ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها قال فقعد رسول الله  على جبا الركية فإما دعا وإما بصق فيها قال فجاشت فسقينا واستقينا قال ثم إن رسول الله  دعانا للبيعة في أصل الشجرة قال فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من الناس قال بايع يا سلمة قال: قلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس قال وأيضا قال: ورآني رسول الله  عزلا يعني ليس معه سلاح قال فأعطاني رسول الله  حجفة أو درقة ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال ألا تبايعني يا سلمة قال: قلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس قال وأيضا قال فبايعته الثالثة ثم قال لي يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك قال قلت يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلا فأعطيته إياها قال فضحك رسول الله  وقال: إنك كالذي قال الأول اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي . (صحيح مسلم ج3/ص1433)

36- سلمة بن الأكوع
قلت أنا سلمة بن الأكوع والذي كرم وجه محمد  لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ولا يطلبني رجل منكم فيدركني قال: أحدهم أنا أظن قال فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله  يتخللون الشجر قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي قال: فأخذت بعنان الأخرم قال :فولوا مدبرين قلت: يا أخرم أحذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله  وأصحابه قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة قال فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن قال فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه ولحق أبو قتادة فارس رسول الله  بعبد الرحمن فطعنه فقتله فو الذي كرم وجه محمد  لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد  ولا غبارهم شيئا حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له ذا قرد ليشربوا منه وهم عطاش قال فنظروا إلى أعدو وراءهم فخليتهم عنه يعني أجليتهم عنه فما ذاقوا منه قطرة قال ويخرجون فيشتدون في ثنية قال فأعدو فألحق رجلا منهم فأصكه بسهم في نغض كتفه قال قلت:
خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
قال :يا ثكلته أمه أكوعه بكرة قال: قلت نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة قال: وأردوا فرسين على ثنية قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله  قال ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت ثم أتيت رسول الله  وهو على الماء الذي كلأتهم عنه فإذا رسول الله  قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم وإذا هو يشوي لرسول الله  من كبدها وسنامها قال قلت يا رسول الله خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته قال: فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه في ضوء النار فقال يا سلمة أتراك كنت فاعلا قلت نعم والذي أكرمك فقال إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان قال فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزورا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا فقالوا أتاكم القوم فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال:رسول الله  كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة قال: ثم أعطاني رسول الله  سهمين سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعا ثم أردفني رسول الله  وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة قال فبينما نحن نسير قال وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا قال فجعل يقول ألا مسابق إلى المدينة هل من مسابق فجعل يعيد ذلك قال فلما سمعت كلامه قلت أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا قال لا إلا أن يكون رسول الله  قال :قلت يا رسول الله بأبي وأمي ذرني فلأسابق الرجل قال إن شئت قال: قلت اذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت فعدوت قال: فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي ثم عدوت في إثره حتى ألحقه. (صحيح مسلم ج3/ص1437)

37- رأيت كأن رأسي قطع
حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال جاء رجل إلى النبي  فقال يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي قطع قال: فضحك النبي  وقال إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس . (صحيح مسلم ج4/ص1777)
38- فداك أبي وأمي
حدثنا محمد بن عباد حدثنا حاتم يعنى بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي  جمع لسعد بن أبي وقاص أبويه يوم أحد قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال له النبي  ارم فداك أبي وأمي قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته فضحك رسول الله  حتى نظرت إلى نواجذه.
(صحيح مسلم ج4/ص1876)

39- لا كبر سنك
حدثني زهير بن حرب وأبو مغن الرقاشي واللفظ لزهير قالا حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك قال كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأى رسول الله  اليتيمة فقال آنت هيه لقد كبرت لا كبر سنك فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم ما لك يا بنية قالت الجارية دعا على نبي الله  أن لا يكبر سني فالآن لا يكبر سني أبدا أو قالت قرني فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله  فقال لها رسول الله  ما لك يا أم سليم فقالت يا نبي الله أدعوت على يتيمتي قال وما ذاك يا أم سليم قالت زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها قال فضحك رسول الله  ثم قال يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي أنى اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة. (صحيح مسلم ج4/ص2009)
40- بسم الله في أوله وفي آخره
عن ابن صبح عن المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي عن عمه أمية بن مخشي وكان قد صحب النبي  قال كان رجل يأكل والنبي جالس فلم يسم فجعل الشيطان يأكل معه فلما لم يبق من طعامه إلا لقمة قال بسم الله في أوله وفي آخره قال فضحك النبي  فقال إن هذا لم يزل الشيطان يأكل معه فلما ذكر الله استقاء الشيطان ما في بطنه.
(الأحاديث المختارة ج4/ص342)

41- أمضغ من الجانب الآخر
قال ثنا ابن المبارك قال حدثني عبدا لحميد بن يزيد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده عن صهيب قال أتيت النبي  وبين يديه تمر يأكل فقال أصب من هذا الطعام فجعلت آكل من التمر فقال: تأكل من التمر وأنت رمد فقلت إنما أمضغ من الجانب الآخر فضحك رسول الله  .
(الأحاديث المختارة ج8/ص68)

42- عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي 
عن ابن عباس قال أراد رسول الله  الحج فقالت امرأة لزوجها احججني مع رسول الله  فقال ما عندي ما أحجك به عليه قالت أحججني على جملك فلان فقال ذاك حبيس في سبيل الله قالت أحججني على ناضحك قال ذاك نعتقبه أنا وأنت قالت فبع ثمرتك قال ذاك قوتي وقوتك فلما قدم رسول الله  أرسلت زوجها إليه فقالت أقرءه السلام ورحمة الله وسله ما يعدل حجة معك فأتى رسول الله  فقال يا رسول الله امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله وأنها كانت سألتني الحج معك فقلت ما عندي ما أحجك عليه فقالت أحجني على جملك فلان فقلت ذاك حبيس في سبيل الله قال أما أنك لو أحججتها عليه كانت في سبيل الله قالت فأحجني على ناضحك قلت ذاك نعتقبه أنا وأنت قالت فبع ثمرتك قلت ذاك قوتي وقوتك فضحك رسول الله  من حرصها على الحج قال فإنها أمرتني أن أسألك ما يجزئ حجة معك فقال رسول الله  أقرءها السلام ورحمة الله وأخبرها أنه تعدل حجة معي عمرة في رمضان (رواه أبو داود) .
(الأحاديث المختارة ج9/ص513)

43- إن الله لم يبعث نبيا إلا أعطاه دعوة
عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي عن عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي قال قدمت على رسول الله  في وفد ثقيف فعلقنا طريقا من طرق المدينة حتى أنخنا بالباب وما في الناس رجل أبغض إلينا من رجل نلج عليه منه فدخلنا وسلمنا وبايعنا فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس رجل أحب إلينا من رجل خرجنا من عنده فقلت يا رسول الله ألا سألت ربك ملكا كملك سليمان فضحك وقال لعل لصاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان إن الله لم يبعث نبيا إلا أعطاه دعوة فمنهم من اتخذ بها دنيا فأعطيها ومنهم من دعا بها على قومه فأهلكوا بها وإن الله أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة .
(المستدرك على الصحيحين ج1/ص138)


44- والله لا يفيء الله على أسد من أسده
عن أنس بن مالك  أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم فصفوهم صفوفا ليكثروا على رسول الله  فالتقى المسلمون والمشركون فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى فقال رسول الله  أنا عبد الله ورسوله وقال يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله فهزم الله المشركين ولم يطعن برمح ولم يضرب بسيف فقال النبي  يومئذ من قتل كافرا فله سلبه فقتل أبو قتادة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم فقال أبو قتادة يا رسول الله ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع له فأعجلت عنه أن آخذ سلبه فانظر من هو يا رسول الله فقال رجل يا رسول الله أنا أخذتها فأرضه منها فأعطنيها فسكت النبي وكان لا يُسئل شيئا إلا أعطاه أو سكت فقال عمر لا والله لا يفيء الله على أسد من أسده و يعطيكها فضحك رسول الله  .
( المستدرك على الصحيحين ج2/ص142)

45- بركة رسول الله 
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عيسى اللخمي حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال حدثني المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري حدثني أبي قال كنا مع رسول الله  في غزوة فأصاب الناس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله  في نحر بعض ظهورهم وقالوا يبلغنا الله بهم فلما رأى عمر بن الخطاب رسول الله  قد هم بأن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم قال يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو الناس ببقايا أزوادهم فجعل الناس يجيئون بالحفنة من الطعام وفوق ذلك فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر فجمعها ثم قام فدعا بما شاء الله أن يدعو ثم دعا الجيش بأوعيتهم ثم أمرهم أن يجيشوا ما بقي من الجيش فما تركوا وعاء إلا ملئوه وبقي مثله فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بها إلا حجب عن النار. (المستدرك على الصحيحين ج2/ص675)

46- أبو أيوب على باب النبي 
أنبأ خالد الحذاء عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة  قال لما دخل رسول الله  بصفية بات أبو أيوب على باب النبي  فلما أصبح فرأى رسول الله  كبر ومع أبي أيوب السيف فقال يا رسول الله كانت جارية حديثة عهد بعرس وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها فلم آمنها عليك فضحك رسول الله  وقال له خيرا . ( المستدرك على الصحيحين ج4/ص30)

47- أما إنك لا يفجع بطنك بعده أبدا
عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن أم أيمن رضي الله عنها قالت قام النبي  من الليل إلي فخارة من جانب البيت فبال فيها فقمت من الليل وأنا عطشى فشربت ما في الفخارة وأنا لا أشعر فلما أصبح النبي  قال يا أم أيمن قومي إلى تلك الفخارة فأهريقي ما فيها قلت قد والله شربت ما فيها قال فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه ثم قال أما إنك لا يفجع بطنك بعده أبدا .
(المستدرك على الصحيحين ج4/ص70)

48- حد شرب الخمر
أخبرني محمد بن علي بن ركانة أخبرني عكرمة عن بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله  لم يوقت في الخمر حدا قال بن عباس: شرب رجل فسكر فثمل في الفج فانطلقنا به إلى النبي  فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه فذكر ذلك للنبي  فضحك وقال أفعلها ولم يأمر فيه بشيء .
(المستدرك على الصحيحين ج4/ص415)

49- مفاتيح الغيب
عن عبد الله بن حاجب بن عامر عن أبيه عن عمه لقيط بن عامر أنه خرج وافدا إلى النبي  ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق قال فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب فصلينا معه صلاة الغداة فقام رسول الله  في الناس خطيبا فقال يا أيها الناس أني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام لأسمعكم فهل من امرئ بعثه قومه ؟ قالوا أعلم لنا ما يقول رسول الله  ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضلال ألا أني مسؤول هل بلغت ألا فأسمعوا تعيشوا ألا فأسمعوا تعيشوا ألا اجلسوا فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت يا رسول الله أني أسألك عن حاجتي فلا تعجلن علي قال سل عما شئت قلت يا رسول الله هل عندك من علم الغيب فضحك لعمر الله وهز رأسه وعلم أني أبتغي بسقطة فقال ضن ربك بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله وأشار بيده فقلت وما هن يا رسول الله قال علم المنية قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه وعلم يوم الغيث يشرف عليكم آزلين مشفقين فظل يضحك وقد علم أن فرجكم قريب قال لقيط قلت يا رسول الله لن نعدم من رب يضحك خيرا وعلم ما في غد وقد علم ما أنت طاعم في غد ولا تعلمه وعلم يوم الساعة قال وأحسبه ذكر ما في الأرحام .
( المستدرك على الصحيحين ج4/ص605)

50- ماذا فعل النبي  مع الأعرابي الذي بال في المسجد
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال دخل أعرابي على رسول الله  المسجد وهو جالس فقال اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا قال فضحك رسول الله  ثم قال لقد احتظرت واسعا ثم ولى الأعرابي حتى إذا كان في ناحية المسجد فحج ليبول فقال الأعرابي بعد أن فقه في الإسلام فقام إلي رسول الله فلم يؤنبني ولم يسبني وقال إنما بني هذا المسجد لذكر الله والصلاة وإنه لا يبال فيه ثم دعا بسجل من ماء فأفرغه عليه . (صحيح ابن حبان ج3/ص265)

51- يوم وفاة النبي 
أخبرنا معمر ويونس عن الزهري قال وأخبرني أنس بن مالك إن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله  وقد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم ثم تبسم فضحك فنكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف وظن أن رسول الله  يريد أن يخرج إلى الصلاة قال أنس وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله  حين رأوه فأشار إليهم رسول الله  أن اقضوا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي  ذلك اليوم. (صحيح ابن حبان ج14/ص587)

52- ما لقيك الشيطان سالكا فجاً إلا سلك فجاً غير فجك
عن الزهري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال دخل عمر بن الخطاب  علي رسول الله  وعنده نسوة من قريش يسلنه ويستكثرنه رافعات أصواتهن فلما سمعن صوت عمر انقمعن وسكتن فضحك رسول الله  فقال عمر : يا عديات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله  فقال رسول الله  يا عمر ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك .
(صحيح ابن حبان ج15/ص316)

53- حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه قال أنبأنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله  فقالت إن رفاعة طلقني فأبت طلاقي وإني تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدية الثوب فضحك رسول الله  وقال لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة , لا ,حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته . (سنن النسائي الكبرى ج3/ص323)

54- عرق الرسول 
أخبرنا محمد بن معمر قال حدثنا محمد بن عمر بن أبي الوزير أبو مطرف قال حدثنا محمد بن موسى عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن النبي  اضطجع على نطع فعرق فقامت أم سليم إلى عرقه فنشفته فجعلته في قارورة فرآها النبي  قال ما هذا الذي تصنعين يا أم سليم قالت أجعل عرقك في طيبي فضحك النبي  .
(سنن النسائي الكبرى ج5/ص506)

55- لعن الله اليهود
عن ابن عباس  قال رأيت رسول الله  جالسا عند الركن قال فرفع بصره إلى السماء فضحك فقال لعن الله اليهود ثلاثا إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه .
( سنن أبي داود ج3/ص280)

56- لماذا يحثو إبليس التراب على رأسه
حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي ثنا عبد القاهر بن السري السلمي ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي أن أباه أخبره عن أبيه أن النبي  دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم فإني آخذ للمظلوم منه قال أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم فلم يجب عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل قال فضحك رسول الله  أو قال تبسم فقال له أبو بكر وعمر بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك قال إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه. ( سنن ابن ماجه ج2/ص1002)


57- مزح الصحابي سويبط بن حرملة مع نعيمان رضي الله عنهما
عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة قالت خرج أبو بكر في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي  بعام ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة وكانا شهدا بدرا وكان نعيمان على الزاد وكان سويبط رجلا مزاحا فقال لنعيمان أطعمني قال حتى يجيء أبو بكر قال فلأغيظنك قال فمروا بقوم فقال لهم سويبط تشترون مني عبدا لي قالوا نعم قال إنه عبد له كلام وهو قائل لكم إني حر فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي قالوا لا بل نشتريه منك فاشتروه منه بعشر قلائص ثم أتوه فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلا فقال نعيمان إن هذا يستهزئ بكم وإني حر لست بعبد فقالوا قد أخبرنا خبرك فانطلقوا به فجاء أبو بكر فأخبروه بذلك قال فاتبع القوم ورد عليهم القلائص وأخذ نعيمان قال فلما قدموا على النبي  وأخبروه قال فضحك النبي  وأصحابه منه حولا. ( سنن ابن ماجه ج2/ص1225)

58- الملاك ميكائيل يضحك للرسول 
عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا نصلي مع رسول الله  في غزوة إذ تبسم في صلاته فلما قضى صلاته قلنا يا رسول الله رأيناك تبسمت قال مر بي ميكائيل وعلى جناحه أثر غبار وهو راجع من طلب القوم فضحك إلي فتبسمت إليه.
(سنن البيهقي الكبرى ج2/ص252)

59- يوم يؤخذ للمظلوم من الظالم
عن محارب عن بن بريدة عن أبيه قال لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة لقيه النبي  فقال أخبرني بأعجب شيء رأيته بأرض الحبشة قال مرت امرأة على رأسها مكتل فيه طعام فمر بها رجل على فرس فأصابها فرمى به فجعلت أنظر إليها وهي تعيده في مكتلها وهي تقول ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فضحك النبي  حتى بدت نواجذه فقال كيف تقدس أمة لا تأخذ لضعيفها من شديدها حقه وهو غير متعتع.
(سنن البيهقي الكبرى ج6/ص95)

60- شَرِبَ دم النبي 
أخبرنا أبو سعد الماليني أنبأ أبو أحمد بن عدي ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار وإبراهيم بن أسباط قالا ثنا سريج بن يونس ثنا بن أبي فديك ثنا برية بن عمر بن سفينة عن جده قال احتجم النبي  ثم قال لي خذ هذا الدم فادفنه من الدواب والطير أو قال الناس والدواب شك بن أبي فديك قال فتغيبت به فشربته قال ثم سألني فأخبرته أني شربته فضحك .
(سنن البيهقي الكبرى ج7/ص67)


61- الدجال
حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن نبي الله  صعد المنبر فضحك فقال إن تميما الداري حدثني بحديث ففرحت فأحببت أن أحدثكم حدثني أن ناسا من أهل فلسطين ركبوا سفينة في البحر فجالت بهم حتى قذفتهم في جزيرة من جزائر البحر فإذا هم بدابة لباسه ناشرة شعرها فقالوا ما أنت قالت أنا الجساسة قالوا فأخبرينا قالت لا أخبركم ولا استخبركم ولكن ائتوا أقصى القرية فإن ثم من يخبركم ويستخبركم فأتينا أقصى القرية فإذا رجل موثق بسلسلة فقال أخبروني عن عين زغر قلنا ملأى تدفق قال أخبروني عن البحيرة قلنا ملأى تدفق قال أخبروني عن نخل بيسان الذي بين الأردن وفلسطين هل أطعم قلنا نعم قال أخبروني عن النبي هل بعث قلنا نعم قال أخبروني كيف الناس إليه قلنا سراع قال فنز نزوة حتى كاد قلنا فما أنت قال إنه الدجال وإنه يدخل الأمصار كلها إلا طيبة وطيبة المدينة . (سنن الترمذي ج4/ص521)

62- لئن صدق ليدخلن الجنة
أخبرنا محمد بن يزيد ثنا بن فضيل ثنا عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد عن بن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي  فقال السلام عليك يا غلام بني عبد المطلب فقال عليك وقال إني رجل من أخوالك من بني سعد بن بكر وأنا رسول قومي إليك ووافدهم وأني سائلك فمشدد مسألتي إليك ومناشدك فمشدد مناشدتي إياك قال خذ عنك يا أخا بني سعد قال: من خلقك وخلق من قبلك ومن هو خالق من بعدك قال: الله قال: فنشدتك بذلك أهو أرسلك قال :نعم قال من خلق السماوات السبع والأرضين السبع وأجرى بينهن الرزق قال: الله قال فنشدتك بذلك هو أرسلك قال: نعم قال: إنا وجدنا في كتابك وأمرتنا رسلك أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات لمواقيتها فنشدتك بذلك أهو أمرك قال: نعم قال: فإنا وجدنا في كتابك وأمرتنا رسلك أن نأخذ من حواشي أموالنا فنردها على فقرائنا فنشدتك بذلك أهو أمرك بذلك قال: نعم ثم قال أما الخامسة فلست بسائلك عنها ولا أرب لي فيها ثم قال: أما والذي بعثك بالحق لأعملن بها ومن أطاعني من قومي ثم رجع فضحك النبي  حتى بدت نواجذه ثم قال والذي نفسي بيده لئن صدق ليدخلن الجنة.
(سنن الدارمي ج1/ص172)

63- هل نتوضأ من ماء شربت منه امرأة حائض
حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن الحسن انه سئل عن امرأة حائض شربت من ماء أيتوضأ به فضحك وقال نعم.
(سنن الدارمي ج1/ص265)

64- من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله
قال عبد الله بن عمر خرج النبي  وهو معصوب الرأس من وجع فضحك فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ما هذه الكتب التي تكتبون أكتاب غير كتاب الله يوشك أن يغضب الله لكتابه فلا يدع ورقا ولا قلبا إلا أخذ منه قالوا يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات يومئذ قال من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله .
(تفسير القرطبي ج10/ص326)

65- رأيت في المنام
أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا عمر بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي  فقال رأيت رأسي في المنام ضرب فرأيته يتدهده فضحك وقال يعمد الشيطان إلى أحدكم فيتهوله ثم يغدو ويخبر به الناس.
(سنن النسائي الكبرى ج6/ص227)


66- أنفست ؟
حدثنا أحمد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا سالم بن نوح عن عمر بن عامر عن قتادة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت بينما أنا مع رسول الله  في الخميلة إذ حضت فانسللت آخذ ثياب حيضتي فضحك رسول الله  وقال: أنفست قلت :نعم قالت :وكان النبي يقبل وهو صائم ويغتسلان من إناء واحد .
(المعجم الأوسط ج2/ص195)

67- اكتبوا لعبدي عمله الذي كان يعمل في يومه وليلته
حدثنا يحيى بن أبي الحجاج البصري عن محمد بن أبي حميد عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه عن جده قال قال رسول الله  عجب للمؤمن وجزعه من السقم ولو يعلم ما له في السقم أحب أن يكون سقيما الدهر ثم إن رسول الله  رفع رأسه إلى السماء فضحك فقيل يا رسول الله مم رفعت رأسك إلى السماء فضحكت فقال رسول الله  عجبت من ملكين كانا يلتمسان عبدا في مصلى كان فيه ولم يجداه فرجعا فقالا يا ربنا عبدك فلان كنا نكتب له في يومه وليلته عمله الذي كان يعمل فوجدناه قد حبسته في حبالك فقال الله تبارك وتعالى اكتبوا لعبدي عمله الذي كان يعمل في يومه وليلته ولا تنقصوا منه شيئا وعلي أجر ما حبسته وله أجر ما كان يعمل .
(المعجم الأوسط ج3/ص14)

68- الشاتان
عن أبي ذر أن رسول الله  كان جالسا وشاتان تعتلفان فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها فضحك رسول الله  فقيل له ما يضحكك فقال عجبت لها والذي نفسي بيده ليقادن لها يوم القيامة .
(المعجم الأوسط ج6/ص173)


69- الخمر حرام شراؤها وثمنها
حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا زيد بن أخزم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن تميم الداري إنه كان يهدي إلى النبي كل عام راوية خمر فلما كان عام حرمت أهدي له راوية فضحك النبي  فقال إنها قد حرمت قال فأبيعها قال إنه حرام شراؤها وثمنها.
( المعجم الكبير ج2/ص57)

70- كيف وجدت الإمارة
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو كريب ثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عطاء بن السائب عن مالك بن الحارث عن رجل قال الحضرمي في كتاب أبي كريب عن حميد قال عن رجل فقال استعمل النبيرجلا على سرية فلما مضى ورجع إليه قال له كيف وجدت الإمارة فقال كنت كبعض القوم كنت إذا ركبت ركبوا وإذا نزلت نزلوا فقال رسول الله  إن صاحب السلطان على باب عنت إلا من عصم الله عز وجل فقال الرجل والله لا أعمل لك ولا لغيرك أبدا فضحك النبي  حتى بدت نواجذه.
(المعجم الكبير ج4/ص47)

71- يساقون إلى الجنة وهم كارهون
حدثنا عبدان بن أحمد ثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ثنا فضيل بن سليمان ثنا محمد بن يحيى الأسلمي عن العباس بن سهل عن أبيه سهل قال كنت مع النبي  بالخندق فأخذ الكرزين فحفر به فصادف حجرا فضحك فقيل ما يضحكك يا رسول الله قال ضحكت من ناس يأتونكم من قبل المشرق ويساقون إلى الجنة وهم كارهون.
(المعجم الكبير ج6/ص128)

72- من جمعهن دخل الجنة
عن أبي أمامة  أن رسول الله  قال يوما لأصحابه هل أصبح منكم اليوم صائما فسكتوا فقال أبو بكر  أنا يا رسول الله ثم قال هل عاد أحد منكم اليوم مريضا فسكتوا فقال أبو بكر  أنا يا رسول الله ثم قال هل تصدق أحد منكم اليوم بصدقة فسكتوا فقال أبو بكر  أنا يا رسول الله فضحك رسول الله  حتى استعلى به الضحك ثم قال والذي نفسي بيده ما جمعهن في يوم واحد إلا مؤمن وإلا دخل بهن الجنة . ( المعجم الكبير ج8/ص204)

73- إن الحسنات يذهبن السيئات
حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن بن عباس أن رجلا أتى عمر بن الخطاب  فقال إن امرأة أتتني أبايعها فأدخلتها الدولج فضربت بيدي إليها وراودتها وصنعت بها كل شيء غير الجماع فقال له عمر ويحك لعلها مغيب قال: نعم قال ائت أبا بكر فسله فأتاه فقال له ما قال لعمر فقال: ويحك لعلها مغيب فأتى رسول الله  فقال له مثل ما قال لأبي بكر وعمر فقال له رسول الله  ويحك لعلها مغيب في سبيل الله قال أجل فسكت رسول الله  ونزل القرآن (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) إلى آخر الآية فقال الرجل يا رسول الله لي خاصة أم للناس عامة فرفع عمر يده فضرب صدره فقال لا والله ولا كرامة ولكن للناس عامة فضحك رسول الله  وقال صدق عمر. (المعجم الكبير ج12/ص215)

74- مبايعة أهل المدينة للرسول 
حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال وكان أول من بايع رسول الله  يوم العقبة أبو الهيثم بن التيهان وقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا والحبال الحلف والمواثيق فلعلنا نقطعها ثم ترجع إلى قومك وقد قطعنا الحبال وحاربنا الناس قال فضحك رسول الله  من قوله وقال الدم الدم الهدم الهدم فلما رضي أبو الهيثم بما رجع إليه رسول الله  من قوله أقبل على قومه فقال يا قوم هذا رسول الله  أشهد أنه لصادق وإنه اليوم في حرم الله وأمنه وبين ظهري قومه وعشيرته فاعلموا أنكم إن تخرجوه برتكم العرب عن قوس واحدة فإن كانت طابت أنفسكم بالقتال في سبيل الله وذهاب الأموال والأولاد فادعوه إلى أرضكم فإنه رسول الله حقا وإن خفتم خذلانا فمن الآن فقال عبد الله قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطانا وقد أعطيناك من أنفسنا الذي سألتنا يا رسول الله فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الله  فلنبايعه فقال أبو الهيثم أنا أول من بايع ثم تبايعوا كلهم وصاح الشيطان من رأس الجبل فقال يا معشر قريش هذه الخزرج والأوس تحالف محمدا على قتالكم ففزعوا عند ذلك وراعهم فقال رسول الله  لا يرعكم هذا الصوت فإنما هو عدو الله إبليس ليس يسمعه أحد ممن تخافون وقام رسول الله  فصرخ بالشيطان فقال يا بن أرب هذا عملك فسأفرغ لك
(المعجم الكبير ج19/ص250)

75- ابني والله حقا
حدثنا محمد بن العباس الأخرم الأصبهاني ثنا عبيد الله بن الحجاج بن المنهال حدثني أبي عن يزيد بن إبراهيم عن صدقة بن أبي عمران عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة قال انطلقت أنا وأبي قبل رسول الله  فلما كان في بعض الطريق تلقاني فقال أبي تدري من هذا قلت لا قال هذا رسول الله  وكنت أحسب أن رسول الله  لا يشبه الناس قال وإذا رجل ذو وفرة بها ردع من حناء عليه بردان أخضران فكأني أنظر إلى بريق ساقيه فقال لأبي من هذا الذي معك قال ابني والله حقا فضحك رسول الله  بحلف أبي علي ثم قال صدقت أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه وتلا رسول الله  هذه الآية (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
( المعجم الكبير ج22/ص282)


76- حديث الإفك
حدثنا عبدان بن أحمد ثنا زيد بن الحريش ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا أبو سعد البقال عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه الأسود قال :قلت يا أم المؤمنين أو يا أمتاه ألا تحدثيني كيف كان يعني أمر الإفك قالت تزوجني رسول الله  وأنا أخوض المطر بمكة وما عندي ما يرغب فيه الرجال وأنا بنت ست سنين فلما بلغني أنه تزوجني ألقى الله علي الحياء ثم أن رسول الله هاجر وأنا معه فاحتملت إليه وقد جاءني وأنا بنت تسع سنين فسار رسول الله مسيرا فخرج بي معه وكنت خفيفة في حدجة لي عليها ستور فإذا ارتحلوا جلست عليها واحتملوا وأنا فيها فشدوها على ظهر البعير فنزلوا منزلا وخرجت لحاجتي فرجعت وقد بادروا بالرحيل فجلست في الحداجة وقد رأوني حين حركت الستور فلما جلست فيها ضربت بيدي على صدري فإذا قد نسيت قلادة كانت معي فخرجت مسرعة أطلبها فرجعت فإذا القوم قد ساروا فإذا أنا لا أرى إلا الغبار من بعيد فإذا هم قد وضعوا الحداجة على ظهر البعير لا يروني إلا أني فيها لما رأوا من خفتي فإذا رجل آخذ برأس بعيره فقلت من الرجل قال صفوان بن المعطل السلمي , أم المؤمنين أنت قلت : نعم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون قلت :أدر عني وجهك وضع رجلك على ذراع بعيرك قال أفعل ونعمة عين وكرامة قالت: فأدركت الناس حين نزلوا فذهب فوضعني عند الحداجة فنظر إلي الناس ولا أشعر قالت: وأنكرت لطف أبوي وأنكرت رسول الله ولا أعلم ما قد كان قيل حتى دخلت خادمتي أو ربيبتي فقالت كذا قالت وقال لي رجل من المهاجرين ما أغفلك فأخذتني حمى نافض فأخذت أمي كل ثوب في البيت فألقته علي فاستشار رسول الله أناسا من أصحابه فقال ما ترون فقال بعضهم ما أكثر النساء وتقدر على البدل وقال بعضهم أنت رسول الله وعليك ينزل الوحي وأمرنا لأمرك تبع وقال بعضهم والله ليبيننه الله فلا تعجل قالت وقد صار وجه أبي كأنه صب عليه الزرنيخ قالت فدخل علي رسول الله فرأى ما بي قال ما لهذه قالت أمي مما لهذه مما قلتم وقيل فلم يتكلم ولم يقل شيئا قالت فزادني ذلك على ما عندي قالت وأتاني فقال اتقي الله يا عائشة وإن كنت قارفت من هذا شيئا فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات قالت :وطلبت اسم يعقوب فلم أقدر عليه فقلت غير أني أقول كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون قالت فبينا رسول الله مع أصحابه ووجهه كأنما ذيب عليه الزرنيخ حتى نزل عليه الوحي وكان إذا أوحي إليه لم يطرف فعرف أصحابه أنه يوحى إليه وجعلوا ينظرون إلى وجهه وهو يتهلل ويسفر فلما قضي الوحي قال أبشر يا أبا بكر قد أنزل الله عذر ابنتك وبراءتها فانطلق إليها فبشرها قالت وقرأ عليه ما نزل في قالت وأقبل أبو بكر مسرعا يكاد أن ينكب قالت فقلت بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي جئت من عنده فجاء رسول الله فجلس عند رأسي فأخذ بكفي فانتزعت يدي منه فضربني أبو بكر وقال أتنزعين كفك من رسول الله أو برسول الله تفعلين هذا فضحك رسول الله قالت: فهذا كان أمري.
(المعجم الكبير ج23/ص118)

77- لتأكلن أو لألطخن وجهك
حدثنا إبراهيم حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عائشة قالت أتيت النبي  بخزيرة قد طبختها له فقلت لسودة والنبي  بيني وبينها كلي فأبت فقلت لتأكلن أو لألطخن وجهك فأبت فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها فضحك النبي  فوضع بيده لها وقال لها ألطخي وجهها فضحك النبي  لها فمر عمر فقال يا عبد الله يا عبد الله فظن أنه سيدخل فقال قوما فاغسلا وجوهكما فقالت عائشة فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله  .
(مسند أبي يعلى ج7/ص449)

78- ما يضحكك يا رسول الله
أخبرنا عبد الرزاق ثنا بكار بن عبد الله بن وائل قال سمعت بن أبي مليكة يقول سمعت عائشة تقول كانت عندي امرأة تسمعني فدخل رسول الله  على تلك الحال ثم
دخل عمر فقعدت فضحك رسول الله  فقال عمر ما يضحكك يا رسول الله فحدثه فقال والله لا أبرح حتى أسمع رسول الله  فأمرها فأسمعته.
(مسند إسحاق بن راهويه ج3/ص664)


79- كنت رجلا مذاءً
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن على  قال كنت رجلا مذاء فإذا أمذيت اغتسلت فأمرت المقداد فسأل النبي  فضحك وقال فيه الوضوء.
( مسند أحمد بن حنبل ج1/ص108)


80- هكذا يسفل الترس
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا بن عون عن محمد بن محمد بن الأسود عن عامر بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم الخندق ورجل يترس جعل يقول بالترس هكذا فوضعه فوق أنفه ثم يقول هكذا يسفله بعد قال فأهويت إلى كنانتي فأخرجت منها سهما مدما فوضعته في كبد القوس فلما قال هكذا يسفل الترس رميت فما نسيت وقع القدح على كذا وكذا من الترس قال وسقط فقال برجله فضحك نبي الله  أحسبه قال حتى بدت نواجذه قال قلت لم قال لفعل الرجل.
(مسند أحمد بن حنبل ج1/ص186)


81- رفقاً بالقوارير
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ثابت قال سمعت أنس بن مالك يقول بينما رسول الله  يسير , وحاد يحدو بنسائه فضحك رسول الله  فإذا هو قد تنحى بهن قال فقال: يا أنجشة ويحك ارفق بالقوارير.
( مسند أحمد بن حنبل ج3/ص172)

82- سواران من نار
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن شهر بن حوشب أن أسماء بنت يزيد كانت تخدم النبي  قالت فبينما أنا عنده إذ جاءته خالتي قالت فجعلت تسائله وعليها سواران من ذهب فقال لها النبي أيسرك أن عليك سوارين من نار قالت قلت يا خالتي إنما يعنى سواريك هذين قالت فألقتهما قالت يا نبي الله إنهن إذا لم يتحلين صلفن عند أزواجهن فضحك رسول الله  وقال أما تستطيع إحداكن أن تجعل طوقا من فضة وجمانة من فضة ثم تخلقه بزعفران فيكون كأنه من ذهب فان من تحلى وزن عين جرادة من ذهب أوجر بصيصه كوى بها يوم القيامة.
(مسند أحمد بن حنبل ج6/ص459)

83- اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك
حدثنا محمد بن معمر قال ثنا أبو عاصم قال ثنا إسماعيل بن عبد الملك قال أخبرني علي بن ربيعة قال أردفني على خلفه ثم سار في جبانة الكوفة ثم رفع رأسه إلى السماء فقال اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ثم التفت إلي فضحك فقلت ما هذا فقال أردفني رسول الله  خلفه ثم رفع رأسه فقال اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ثم التفت إلي فضحك فقلت يا رسول الله استغفارك ربك والتفاتك إلي تضحك فقال ضحكت من ضحك ربي تبارك وتعالى بعبده إنه علم أنه لا يغفر الذنوب غيره.
(مسند البزار ج3/ص23)

84- أم مبشر الأنصارية
عن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم مبشر الأنصارية عن النبي  قال لها وهي في بعض حالاتها وكانت امرأة البراء بن معرور فتوفي عنها فقال أن زيد بن حارثة قد مات أهله ولن آلو أن أختار له امرأة فقد اخترتك له فقالت يا رسول الله أني حلفت للبراء أن لا أتزوج بعده رجلا فقال رسول الله  أترغبين عنه قالت أفأرغب عنه وقد أنزله الله بالمنزلة منك إنما هي غيره قالت: فالأمر إليك قال: فزوجها من زيد بن حارثة ونقلها إلى نسائه فكانت اللقاح تجيء فتحلب فيناولها الحلاب فتشرب ثم يناوله من أراد من نسائه قالت: فدخل على وأنا عند عائشة فوضع يده على ركبتها وأسر إليها شيئا دوني فقالت بيدها في صدر رسول الله  تدفعه عن نفسها فقلت مالك تصنعين هذا برسول الله  فضحك رسول الله  وجعل يقول رسول الله  دعيها فإنها تصنع هذا وأشد من هذا.
(التاريخ الكبير ج8/ص285)

85- حدود طاعة الأمير
ما روى أن رسول الله  استعمل علقمة بن مجزز المدلجي على جيش فبعث سرية واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي وكان رجلا فيه دعابة وبين أيديهم نار قد أججت فقال لأصحابه أليست طاعتي عليكم واجبة فقالوا بلى قال فاقتحموا هذه النار فقام رجل فاحتجز حتى يدخلها فضحك وقال إنما كنت ألعب فبلغ ذلك رسول الله  فضحك فقال أو قد فعلوا هذا فلا تطيعوهم في معصية الله عز وجل فلما أخرج من ذلك طاعتهم في المعصية دل على أن طاعتهم فيما ليست بمعصية واجبة عليهم .
(معتصر المختصر ج2/ص15)

86- فضالة بن عمير
أن فضالة بن عمير بن الملوح يعني الليثي أراد قتل النبي وهو يطوف بالبيت عام الفتح فلما دنا منه قال رسول الله أفضالة قال نعم فضالة يا رسول الله قال ماذا كنت تحدث به نفسك قال لا شيء كنت أذكر الله قال :فضحك النبي ثم قال استغفر الله ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه فكان فضالة يقول والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه قال فضالة فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها فقالت :هلم إلى الحديث فقال: لا وانبعث فضالة يقول :
يأبى عليك الله والإسلام
أو ما رأيت محمدا و قبيله
بالفتح يوم تكسر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى بينا
والشرك يغشى وجهه الإظلام
( البداية والنهاية ج4/ص308)

87- وما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك
عن عائشة قالت دخل علي رسول الله وهو يصدع وأنا أشتكي رأسي فقلت وارأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وارأساه ثم قال وما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك وصليت عليك وواريتك فقلت والله إني لأحسب لو كان ذلك لقد خلوت ببعض نسائك في بيتي من آخر النهار فضحك رسول الله  .
(البداية والنهاية ج5/ص225)

88- وفد بني فزارة وطلب السقيا
عن عبد الله بن محمد بن عمر بن حاطب الجمحي عن أبي وجرة يزيد بن عبيد السلمي قال لما قفل رسول الله من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة فيهم بضعة عشر رجلا فيهم خارجة بن الحصين والحر بن قيس وهو أصغرهم ابن أخي عيينة بن حصن فنزلوا في دار رملة بنت الحارث من الأنصار وقدموا على إبل ضعاف عجاف وهم مسنون فأتوا رسول الله مقرين بالإسلام فسألهم رسول الله عن بلادهم قالوا يا رسول الله أسنتت بلادنا وأجدبت أحياؤنا وعريت عيالنا وهلكت مواشينا فادع ربك أن يغيثنا وتشفع لنا إلى ربك ويشفع ربك إليك فقال رسول الله سبحان الله ويلك هذا ما شفعت إلى ربي فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه لا إله إلا الله وسع كرسيه السموات والأرض وهو يئط من عظمته وجلاله كما يئط الرجل الجديد قال رسول الله إن الله يضحك من شفقتكم وأزلكم وقرب غياثكم فقال الأعرابي ويضحك ربنا يا رسول الله قال نعم فقال الأعرابي لن نعدم يا رسول الله من رب يضحك خيرا فضحك رسول الله من قوله فقام رسول الله فصعد المنبر وتكلم بكلام ورفع يديه وكان رسول الله لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه اللهم اسق بلدك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء فقام أبو لبابة بن عبد المنذر فقال يا رسول الله إن التمر في المرابد فقال رسول الله اللهم اسقنا فقال أبو لبابة التمر في المرابد ثلاث مرات فقال رسول الله اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده بإزاره قال فلا والله ما في السماء من قزعة ولا سحاب وما بين المسجد وسلع من بناء ولا دار فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت وهم ينظرون ثم أمطرت فوالله ما رأوا الشمس ستا وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره لئلا يخرج التمر منه فقال رجل يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فصعد النبي المنبر فدعا ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت السحابة عن المدينة كانجياب الثوب.
(البداية والنهاية ج6/ص91)

89- فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة
عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن العباس قال جاءني رسول الله  فخرجت إليه فوجدته موعوكاً قد عصب رأسه فقال خذ بيدي فضل فأخذت بيده فانطلق حتى جلس على المنبر ثم قال ناد في الناس فلما اجتمعوا إليه حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذه ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ولا يقولن أحد إني أخشى الشحناء من رسول الله  ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ألا وإن أحبكم إلي من أخذ شيئا كان له أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس وإني أرى أن هذا غير مغن عني حتى أقوم فيكم مرارا ثم نزل فصلى الظهر ثم جلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها فقام رجل فقال إذن والله لي عندك ثلاثة دراهم فقال أما أنا لا نكذب قائلا ولا نستحلف فبم كانت لك عندي فقال يا رسول الله تذكر يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم قال أعطه يا فضل فأمر به فجلس ثم قال أيها الناس من كان عليه شيء فليؤده فلا يقولن رجل فضوح الدنيا فإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة فقام رجل فقال يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال ولم غللتها قال كنت محتاجا قال خذها منه يا فضل ثم قال رسول الله  أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم فلندع له فقام رجل فقال والله يا رسول الله إني لكذاب إني لفاحش وإني لنوام فقال اللهم ارزقه صدقا وأذهب عنه النوم إذا أراد ثم قام آخر فقال والله يا رسول الله إني لكذاب وإني لمنافق وما من شيء من الأشياء إلا وقد جنيته قال عمر فضحت نفسك أيها الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يابن الخطاب فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ثم قال اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير قال فتكلم عمر رضي الله عنه بكلام فضحك رسول الله  وقال عمر معي وأنا مع عمر والحق مع عمر حيث كان .
(المنتظم ج4/ص29)

90- ثاني اثنين
أخبرنا أبو القاسم الحريري أخبرنا أبو إسحاق البرمكي أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أبو محمد المدائني حدثنا أبو بكر بن أبي النضر حدثنا شبابة قال حدثني أبو العطوف قال سمعت الزهري يقول :قال رسول الله  لحسان بن ثابت هل قلت في أبي بكر شيئا فقال نعم فقال قل وأنا أسمع فقال :
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد
طاف العدو به إذ صعد الجبلا
وكان ردف رسول الله قد علموا
من البرية لم يعدل به رجلا
فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه ثم قال صدقت يا حسان هو كما قلت.
(المنتظم ج4/ص57)

91- أبو بكر الصديق  لا يدخل بطنه إلا طيبا
حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا المسعودي عن القاسم قال كان لأبي بكر  غلام يأتيه بكسبه كل ليلة ويسأله من أين أصبت فيقول أصبت من كذا فأتاه ذات ليلة بكسبه وأبو بكر قد ظل صائما فنسي أن يسأله فوضع يده فأكل فقال الغلام يا أبا بكر كنت تسئلني كل ليلة عن كسبي إذا جئتك فلم أرك سألتني عنه الليلة قال فأخبرني من أين هو قال تكهنت لقوم في الجاهلية فلم يعطوني أجري حتى كان اليوم فأعطوني وإنما كانت كذبة فادخل أبو بكر في حلقه فجعل يتقيأ فذهب الغلام فأتى النبي  فأخبره فقال إني كذبت أبا بكر فضحك النبي  أحسبه قال ضحكا شديدا وقال إن أبا بكر يكره أن يدخل بطنه إلا طيبا.
(الورع لابن أبي الدنيا ج1/ص84)

92- من كنز الرحمن تحت العرش
أخبرنا الحسن بن الجهم أخبرنا إسماعيل بن عمرو أخبرنا بن مريم حدثني يوسف بن أبي الحجاج عن سعيد عن بن عباس قال كان رسول الله  إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي ضحك وقال إنهما من كنز الرحمن تحت العرش وإذا قرأ من يعمل سوءا يجز به وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى استرجع واستكان. (تفسير ابن كثير ج1/ص342)

93- خذ بيد أخيك فادخلا الجنة
عن أنس رضي الله عنه قال بينا رسول الله  جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي فقال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما يارب خذ لي مظلمتي من أخي قال الله تعالى أعط أخاك مظلمته قال يارب لم يبق من حسناتي شيء قال رب فليحمل عني من أوزاري قال ففاضت عينا رسول الله  بالبكاء ثم قال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال يارب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا لأي صديق هذا لأي شهيد هذا قال هذا لمن أعطى ثمنه قال رب ومن يملك ثمنه قال أنت تملكه قال ماذا يارب قال تعفو عن أخيك قال يارب فإني قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فادخلا الجنة ثم قال رسول الله  فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
(تفسير ابن كثير ج2/ص286)


94- الأرض يوم القيامة
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال النبي  تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة فأتى رجل من اليهود فقال بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال بلى قال تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي  فنظر النبي  إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال ألا أخبرك بإدامهم قال إدامهم بالأم ونون قالوا وما هذا قال ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا.
(صحيح البخاري ج5/ص2389)


95- عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة
عن حذيفة عن أبي بكر الصديق قال أصبح رسول الله  ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله  ثم جلس مكانه حتى إذا صلى الأولى والعصر والمغرب كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ثم قام إلى أهله فقال الناس لأبي بكر سل رسول الله  ما شأنه صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط فسأله فقال نعم عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة.
(الأحاديث المختارة ج1/ص121)

96- غنيمة المسلمين غداً
حدثنا معاوية يعني بن سلام عن زيد يعني بن سلام أنه سمع بن سلام قال حدثني السلولي أنه حدثه سهل بن الحنظلية أنهم ساروا مع رسول الله  يوم حنين حتى كانت عشية فحضرت الصلاة مع رسول الله  فجاء رجل فارس فقال يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشياههم فتبسم النبي  وقال تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله.
( تفسير ابن كثير ج1/ص447)

97- أو في شك أنت يا بن الخطاب
قال عمر بن الخطاب  فجئت الغلام فقلت له استأذن لعمر , فلما وليت منصرفا فإذا الغلام يدعوني قال أذن لك رسول الله  فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئ على وسادة من آدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم طلقت نساءك فرفع بصره إلي فقال لا ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره فتبسم النبي  ثم قلت لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى النبي  يريد عائشة فتبسم أخرى فجلست حين رأيته تبسم ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة فقلت ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله وكان متكئا فقال أو في شك أنت يا بن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت يا رسول الله استغفر لي. (صحيح البخاري ج2/ص872)

98- هذه لله فما لي
عن ثابت عن أنس قال جاء أعرابي إلى النبي  فقال يا رسول الله علمني خيرا فأخذ النبي  بيده فقال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال فعقد الأعرابي على يده ثم مضى فتفكر ثم رجع فتبسم النبي  وقال تفكر البائس فجاء فقال يا رسول الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذه لله فما لي فقال النبي  يا أعرابي إذا قلت سبحان الله قال الله صدقت وإذا قلت الحمد لله قال الله صدقت وإذا قلت لا إله إلا الله قال الله صدقت وإذا قلت الله أكبر قال الله صدقت فإذا قلت اللهم اغفر لي قال الله فعلت فإذا قلت اللهم ارحمني قال الله فعلت وإذا قلت اللهم ارزقني قال الله قد فعلت قال فعقد الأعرابي على سبع في يده ثم ولى.
(الأحاديث المختارة ج5/ص12)

99- أول من ولد في الإسلام بالمدينة
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ثنا جدي ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير حدثني هشام بن عروة عن أبيه قال خرجت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما حين هاجرت إلى رسول الله  وهي حامل بعبد الله بن الزبير فنفسته فأتت به النبي  ليحنكه فأخذه رسول الله  فوضعه في حجره وأتي بتمرة فمصها ثم مضغها ثم وضعها في فيه فحنكه بها فكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله  قالت ثم مسحه رسول الله  وسماه عبد الله ثم جاء بعد وهو بن سبع سنين أو بن ثمان سنين ليبايع النبي أمره الزبير بذلك فتبسم النبي  حين رآه مقبلا وبايعه وكان أول من ولد في الإسلام بالمدينة مقدم رسول الله  وكانت اليهود تقول قد أخذناهم فلا يولد لهم بالمدينة ولد ذكر فكبر أصحاب رسول الله  حين ولد عبد الله وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب حين سمع تكبير أهل الشام وقد قتلوا عبد الله بن الزبير الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله .
(المستدرك على الصحيحين ج3/ص632)

100- صوما يوما مكانه.
عن عائشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين فأهدي لنا طعام والطعام محروص عليه فأكلنا منه ودخل علينا النبي  فابتدرتني حفصة وكانت بنت أبيها فقالت يا رسول الله أصبحنا صائمتين فأهدي لنا طعام فأكلنا منه فتبسم النبي  وقال صوما يوما مكانه.
(سنن البيهقي الكبرى ج4/ص280)

101- إنها ابنة أبي بكر
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام أن عائشة زوج النبي  قالت أرسل أزواج النبي  فاطمة بنت النبي  فاستأذنت والنبي  مع عائشة في مرطها فأذن لها فدخلت عليه فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة فقال النبي  أي بنية ألست تحبين ما أحب فقالت بلى فقال فأحبي هذه لعائشة قالت فقامت فاطمة فخرجت فجاءت أزواج النبي  فحدثتهن بما قالت وبما قال لها فقلن لها ما أغنيت عنا من شيء فارجعي إلى النبي  فقالت فاطمة عليها السلام والله لا أكلمه فيها أبدا فأرسل أزواج النبي  زينب بنت جحش فاستأذنت فأذن لها فدخلت فقالت يا رسول الله أرسلني إليك أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة قالت عائشة ثم وقعت بي زينب قالت عائشة فطفقت انظر إلى النبي  متى يأذن لي فيها فلم أزل حتى عرفت أن النبي  لا يكره أن أنتصر قالت فوقعت بزينب فلم أنشبها إن أفحمتها فتبسم النبي  ثم قال إنها ابنة أبي بكر.
(مسند أحمد بن حنبل ج6/ص88)

102- فأعط ولا تخش من ذي العرش إقلالا
جاء رجل إلى النبي  فسأله فقال ما عندي شيء أعطيك ولكن استقرض حتى يأتينا شيء فنعطيك فقال عمر ما كلفك الله هذا أعطيت ما عندك فإذا لم يكن عندك فلا تكلف قال فكره رسول الله  قول عمر حتى عرف في وجهه فقال الرجل يا رسول الله بأبي وأمي أنت فأعط ولا تخش من ذي العرش إقلالا قال فتبسم النبي  وقال بهذا أمرت.
(مسند البزار ج1/ص396)




تم الانتهاء من هذا الكتاب بإذن الله تعالى ومشيئته
يوم الاثنين 22/4/1429هـ الموافق 28/4/2008م
---------------------------
ahmedaly240@hotmail.com
ahmedaly2407@gmail.com

غير معرف يقول...

(((((((((((التوازن النفسي والسلوكي في شخصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم –))))))))))))))))))

الدارس لشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يستلف نظره ذلك التوازن الدقيق بين معالمها:

التوازن النفسي في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم: فكان ذو نفس سوية، فما كان صلى الله عليه وسلم بالكئيب العبوس الذي تنفر منه الطباع، ولا بالكثير الضحك الهزلي الذي تسقط مهابته من العيون.

وحزنه وبكاؤه في غير إفراط ولا إسراف:
وفي ذلك يقول ابن القيم:'وأما بكاؤه صلى الله عليه وسلم، فلم يكن بشهيق ورفع صوت، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا، ويسمع لصدره أزيز، وكان بكاؤه تارةً رحمة للميت، و تارةً خوفًا على أمته وشفقة عليها، وتارةً من خشية الله، وتارةً عند سماع القرآن- وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية- ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له ..

وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض، وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا[41]}[سورة النساء]. وبكى لما مات عثمان بن مظعون، وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته، وكان يبكى أحيانًا في صلاة الليل'.

أما ضحكه صلى الله عليه وسلم:
فكان يضحك مما يُتعجب من مثله، ويستغرب وقوعه ويستندر، كما كان يداعب أصحابه. فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا اسْتَحْمَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: [إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ] فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلَ إِلَّا النُّوقُ]رواه أبو داود والترمذي وأحمد .

التوازن السلوكي في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم:
وهو أحد دلائل نبوته، فلقد جعل هذا التوازن من رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة العليا التي تمثلت فيها كل جوانب الحياة، وإليك بعض مظاهر هذا التوازن السلوكي:

[أ] التوازن النبوي بين القول والفعل:
وظهور هذا التوازن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم العملية كان على أعلى ما يخطر بقلب بشر، فهو العابد والزاهد، والمجاهد والزوج... وما كان يأمر بخير إلا كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له.

فعن عبادته: فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ: [أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا] رواه البخاري ومسلم . وعَنْ حُمَيْدٍ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:' كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنْ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ' رواه البخاري ومسلم-مختصرا-.

وعن زهده: قالت عَائِشَةُ: دَخَلَتْ عَلَيَّ اِمْرَأَة فَرَأَتْ فِرَاش النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَاءَة مَثْنِيَّة , فَبَعَثَتْ إِلَيَّ بِفِرَاشٍ حَشْوه صُوف , فَدَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ فَقَالَ: [ رُدِّيهِ يَا عَائِشَة , وَاَللَّه لَوْ شِئْتُ أَجْرَى اللَّه مَعِي جِبَال الذَّهَب وَالْفِضَّة]رواه البيهقي في دلائل النبوة.

وهو إمام الزاهدين الذي ما أكل على خوان قط، وما رأى شاة سميطاً قط، وما رأى منخلًا، منذ أن بعثه الله إلى يوم قبض ما أخذ من الدنيا شيئًا ولا أخذت منه شيئًا، وصدق صلى الله عليه وسلم؛ إذ يقول: [مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا] رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد .

وأما عن شجاعته وجهاده:
فيروى أنس رضي الله عنه قال:كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ يَقُولُ: [لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا] وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ. رواه البخاري ومسلم .

وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:' كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْهُ'رواه أحمد. ولولا خوف الإطالة؛ لسردنا شمائله صلى الله عليه وسلم التي نادى بها، وعلّمها أمته ،وكان أول الممارسين العمليين لها.

[ب] الصدق النبوي في الجد والدعابة:
لقد كان الصدق من أوضح السمات في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفي دلالة على هذا الصدق أن قومه لقبوه بالصادق الأمين، بل إن أول انطباع يرسخ في نفس من يراه لأول مرة أنه من الصديقين، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: [أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ] رواه الترمذي وابن ماجة والدارمي وأحمد.

فهو الصادق في وعده وعهده، وما حدث أن وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عاهد فأخلف، أو غدر، ولا يحيد عن الصدق مجاملة لأحد . وحتى في أوقات الدعابة والمرح حيث يتخفف الكثيرون من قواعد الانضباط كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق في مزاحه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا قَالَ: [إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا] رواه الترمذي وأحمد.

[جـ] التوازن الأخلاقي في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من أبلغ وأجمع الكلمات التي وصفت أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالته عائشة رضي الله عنه :'كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ' رواه مسلم. ولقد كانت هذه الأخلاق من السمو والتوازن ما جعل تواضعه لا يغلب حلمه، ولا يغلب حلمه بره وكرمه، ولا يغلب بره وكرمه صبره… وهكذا في كل شمائله صلوات الله عليه- هذا مع انعدام التصرفات الغير أخلاقية في حياته.

فعن تواضعه: يروى أبو نعيم في 'دلائل النبوة' عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ لطفًا وَاللهِ مَا كَانَ يَمْتَنِعُ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ مِنْ عَبْدٍ، وَلَا مِنْ أَمَةٍ، وَلَا صَبيّ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالمَاءِ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، وَمَا سَأَلَهُ سَائِلٌ قَطُّ إِلَّا أَصْغَى إِلَيْهِ أُذُنَهُ فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُونَ هُو الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْهُ، وَمَا تَنَاوَلَ أَحَدٌ بِيَدِهِ إِلَّا نَاوَلَهُ إِيَّاهَا، فَلَمْ يَنْزَعْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا مِنْهُ'.

وعن حلمه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ ... قَالَ رَجُلٌ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: [فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ]رواه البخاري ومسلم.

وعن كرمه: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:' مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ لَا' رواه البخاري ومسلم. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ' رواه مسلم .

[د] التوازن النبوي بين الحزم واللين:
فرغم ما حباه الله به من الحلم والرأفة إلا أنه الحلم والرأفة التي لا تجاوز حدها، فكان صلى الله عليه وسلم يغضب للحق إذا انتهكت حرمات الله، فإذا غضب؛ فلا يقوم لغضبه شيء حتى يهدم الباطل وينتهي، وفيما عدا ذلك فهو أحلم الناس عن جاهل لا يعرف أدب الخطاب، أو مسيء للأدب، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:'مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ' رواه البخاري ومسلم .

ولما نكث بنو قريظة العهد وتحالفوا مع الأحزاب على حرب المسلمين ثم رد الله كيدهم في نحورهم وأمكن الله رسوله منهم رضوا بحكم سعد بن معاذ كما رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحكم سعد أن تقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم وزراريهم، فتهلل وجه الرسول، وقال: [ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ]رواه البخاري ومسلم . فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم في يوم واحد أربعمائة رجل صبرًا.

و عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ:[أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ]رواه البخاري ومسلم.

إنه اللين الذي لا يعرف الخور، والحزم الذي به تكون الرجال فصلوات الله وسلامه عليه.

لقد سجل لنا التاريخ سير آلاف المصلحين، ولكن لم تجتمع كل المبادئ الطيبة إلا في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم: في البيت، والقيادة، والأخلاق، والعبادة، والكثير من أوجه الحياة التي استنارت بمبعثه، فصلوات الله عليه في الأولين والآخرين.

من:' التوازن النفسي والسلوكي في شخصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم '
د. خالد سعد النجار؟؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((محمد صلى الله عليه وسلم))))))))))))))))))))))
المثال الأسمى
أحمد ديدات
ترجمة وتعليق: محمد مختار

مقدمة المترجم

الحمد لله رب العالمين الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين . والصلاة والسلام على هذا النبي محمد وعلى آله وأزواجه وأتباعه ومن والاه إلى يوم الدين .
أما بعد .
فإن هذا الكتاب " محمد ( صلى الله عليه وسلم ) المثال الأسمى " يعرض كما هو ظاهر من عنوانه لجوانب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته وآثاره على العالمين . وقد قسمته إلى قسمين :
الأول : بقلم الداعية الإسلامي المجاهد أحمد ديدات . وسميته " محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وما يسطرون " .
والثاني : كتاب من تأليف ك. س. رامكرشنة راو أستاذ الفلسفة بجامعة ميسور فـي الهند . وقد ترجمته عن الطبعة الإنجليزية الصادرة عن المركز العالمي للدعوة الإسلامية بدربان في جمهورية جنوب إفريقية الذي يرأسه الداعية الإسلامي المجاهد أحمد ديدات .
وعنوان الكتاب بالإنجليزية كما يلي :
( Mohammed the Prophet of Islam ) .
وترجمته : " محمد نبي الإسلام " .
وحين أقدم هذا الكتاب لقراء العربية لا أهدف أساسا إلى تقديم وجهة نظر الشرق في محمد صلى الله عليه وسلم ، في مقابل مؤلفات أخرى كثيرة تناولت وجهة نظر الغرب فيه ، باعتباره رجلا أثر في العالم تأثيرا بارزا وباقيا ، فمحمد صلى الله عليه وسلم بحياته وآثاره فوق شهادة جميع المفكرين والفلاسفة والمؤرخين الذين عرضوا له بالترجمة ، وإنما قصدت أن أقدم مُؤَلَّفَاً يظهر عالمية محمد صلى الله عليه وسلم ، ويبرهن على أن بعثته ورسالته كانت وما تزال رحمة تشمل العالم شرقه وغربه – بكل تناقضاته وصراعاته وتطلعاته وآماله ..
كما أنه يقدم وجهة نظر الأستاذ ك. س. رامكرشنة راو وهو رجل هندوسي شرقي مثقف معاصر ذو مكانة علمية وأدبية معتبرة ، يمثل مجتمعا شرقيا يحمل تقاليدا وقيما وتراثا فكريا وثقافيا وحضاريا مختلفا عن تلك التي يحملها المجتمع الغربي .
إن قيمة هذا الكتاب ترجع لعرض مؤلفه للرسول والرسالة والمسلمين عرضا علميا وتاريخيا حاول فيه أن يكون محايدا .. فيبين فضائل نبي الإسلام وفضل الإسلام على العالم . ويرد على بعض الشبهات والافتراءات التي أثارها حوله أعداؤه من المستشرقين وغيرهم من الحاقدين ..
وأقرر ابتداءً عدم اتفاقي مع الأستاذ رامكرشنة راو في بعض آرائه الشخصية وغيرها من الأفكار التي أوردها في كتابه نقلا عن غيره مما استلزم تعقب هذه الأفكار وتصحيحها بقدر علمي واستطاعتي وذلك بواسطة التعليق بالهامش . ولكن هذا لا يقلل من أهمية الكتاب وقيمته فهو بصفة عامة محاولة جادة نحو فهم علمي وتاريخي محايد للرسول والرسالة والمسلمين .
والكتاب على صغره يعرض لكثير من الجوانب الهامة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والرسالة بأسلوب سهل يجمع بين وضوح الفكرة ودقة العبارة ..
إنه بمثابة رحلة في أعماق التاريخ ومحاولة للكشف عن جوانب شخصية الرسول العظيمة واستخلاص العبرة مـن حياة محمد النبي صلى الله عليه وسلم والمثال الأسمى للعالمين .
وقد اختار الداعية المجاهد الأستاذ أحمد ديدات هذا البحث الجيد وقام بطبعه ونشره باللغة الإنجليزية ليصدر عن المركز العالمي لنشر الإسلام بجنوب إفريقية والذي يشرف عليه ديدات .
وفي نهاية الكتاب قدمنا آخر محاضرة ألقاها الأستاذ أحمد ديدات في مكة المكرمة تحت عنوان " الكتاب المقدس يؤكد نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم " .
والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل .

محمد صلى الله عليه وسلم
وما يسطرون

المحمديون ؟
إن الغربي خبير في اختراع الأسماء . وعندما اخترع المصابيح الكهربائية المتوهجة الضياء أطلق عليها " مصابيح مازدا " . و " مازدا " هو " إله النور " عند " الزرادشتيين " ( ) . وفي جنوب إفريقية يحقق السكان ذوو الأصل الأوربي نجاحا فائقا من بيع سمن صناعي نباتي إسمه " راما " ( ) . و " راما " هو " الإله البشري " عند عدد كبير من السكان هنا ( ) . إن الرجل الأبيض يصف نفسه بأنه مسيحي لأنه يعبد المسيح . وهو يسمي من يعبد " بوذا " " بالبوذي " . وبنفس المنطق فإنه يسمي المسلم " محمدي " لافتراضه أنه " أي المسلم " يعبد محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) . ولكن حقيقة الأمر أنه لا يوجد أي امرؤ من بين الألف مليون مسلم في العالم يفعل ذلك . ودعنا نفترض أنه ثمة مجنون يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم والذي يمكن أن يسمى محمديا بسبب تعصبه الأعمى . والآن إذا ذهب هذا " المحمدي " المفترض بكل تحمس دفعه للارتحال لكي يبشر بمحمديته " عبادة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) " بين السكان البدائيين في جنوب أستراليا ويجادل هذا الشعب المتخلف المسكين ويطالبه بقبول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كإله لهم ، فحينئذ يمكنك أن تتخيل جيدا هذا الإنسان الفطري وهو يسأل صاحبنا المضلل : " هل كان محمد " أتناتو " ( ) ؟
سيجيب كل أحد حتى صاحبنا المجنون : " لا ! " .
وماذا عن أبطال وبطلات العالم الذين يعبدهم اليوم ملايين من الرجال والنساء المتحضرين في زمننا هذا ؟ فلتقدم إلى هذا الرجل البدائي جميع من رشحتهم للألوهية واحدا تلو الآخر – ولماذا لا تحاول تقديم " آلهتك البشريين " سواء الأصلي منهم أو المتوهم ، سواء الذكور منهم أو الإناث – وسوف يرشقك في كل مرة بواسطة قذيفته القاتلة ، بواسطة " الأتناتو " ! ( أي مفهومه السامي عن الإله ) . أليس ذلك الإنسان البدائي أسمى في مفهومه عن الإله ، عن الملايين من البشر في أوروبا وأمريكا وآسيا وإفريقية ؟ ( ) .
الكراهية المتعهَّدَة :
لا يمكن أن نلوم المسيحيين على نزعتهم التشككية . فقد بُرمجوا كذلك منذ قرون . لقد وُجّهوا لأن يظنوا بهذا الرجل : محمد صلى الله عليه وسلم ودينه : الإسلام ظن السوء .
وما أنسب ما قاله " توماس كارلايل " عن إخوته المسيحيين منذ أكثر من مائة وخمسين سنة مضت :
" إن الأكاذيب التي أثارتها الحماسة الصادرة عن حسن نية حول هذا الرجل ( أي محمد صلى الله عليه وسلم ) لا تشين إلا أنفسنا " .
ونحن المسلمين مسئولون إلى حد ما عن هذا الجهل المذهل للمليار ومائتي مليون مسيحي في العالم . إننا لم نفعل أي شيء هام لكي نزيل نسيج العنكبوت ( المضروب علينا ) ( ) .
مصدر رسالته ( صلى الله عليه وسلم ) :
كانت هذه هي القصة ( ) . ولكن كيف علم بها محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ؟
لقد كان أميا فلم يعرف القراءة ولا الكتابة . إن الله القدير جعله يجيب عن هذا السؤال في الآية المذكورة آنفا بأن يقول إن ذلك كله كان " بواسطة الوحي الإلهي " ( ) .
سيعترض الذي يكثر المجادلة قائلا : " لا ! هذا إختلاق محمد نفسه . لقد نقل وحيه عن اليهود والنصارى ، لقد انتحله . لقد زوَّره " .
وعلى الرغم من تمام علمنا وإيماننا الكامل بأن القرآن الكريم هو كلام الله الحقيقي ، فإننا مع ذلك سنفترض جدلا للحظة صدق أعداء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فيما زعموا من أنه ألف القرآن الكريم بنفسه والآن يمكننا أن نتوقع بعض الاستجابة من غير المؤمن .
الآن إسأل المجادل : " هل تشك في أن محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) كان عربيا ؟ " لن يتردد في التسليم بهذا الأمر إلا المعاند الأحمق . وفي هذه الحالة لا جدوى من مواصلة المناقشة . عندئذ إقطع الحديث وأغلق الكتاب !
إنما نواصل المناقشة مع رجل ذو عقل رشيد . إسأله : هل تشك في أن هذا النبي العربي إنما كان يخاطب في أول الأمر عربا أيضا ؟ إنه لم يكن يخاطب مسلمي الهند ولا مسلمي الصين ولا مسلمي نيجيريا بل كان يخاطب قومه من العرب .
وسواء وافقوه أو لم يوافقوه ، فقد أخبرهم في أسمى الأساليب وبكلمات كادت تحترق في قلوب وأفئدة مستمعيه : أن مريم أم عيسى ( عليهما السلام ) اليهودية ( ) أصطفيت على نساء العالمين .
فلم تكن التي اصطفيت أمه ( أي أم محمد صلى الله عليه وسلم ) أو زوجته ولا ابنته ولا أي امرأة عربية أخرى ، بل كانت امرأة يهودية !
فهل يمكن لأحد أن يعلل ويفسر هذا الأمر ؟ فبالنسبة لكل أحد تأتي أمه وزوجته وابنته قبل نساء العالمين في المنزلة .
فما الذي يدعو نبي الإسلام أن يكرم امرأة من المعارضين أو المخالفين ؟! وبخاصة من اليهود ؟! وهي تنتمي إلى جنس طالما ازدرى قومه ( العرب ) لثلاثة آلاف سنة ، تماما كما يزدرون اليوم إخوتهم العرب .
سارة وهاجر :
يستمد اليهود عنصريتهم الحاقدة من " كتابهم المقدس " ( ) ، حيث يقال لهم أن أباهم إبراهيم كان له زوجتان هما : سارة وهاجر . ( ) وهم يقولون أنهم أبناء إبراهيم من زوجته " الشرعية " سارة . أما إخوتهم العرب فهم من سلالة " الجارية " هاجر ، ولذلك فالعرب هم نسل أدنى منزلة وأقل شأنا في نظرهم .
فهل يتفضل أي أحد ويشرح لنا لماذا يختار محمد ( صلى الله عليه وسلم ) – " إذا كان هو مؤلف القرآن " – هذه المرأة اليهودية لمثل هذا المقام الرفيع مخالفا بذلك كل قياس ؟
الإجابة بسيطة وهي : أنه لم يكن لديه خيار : لم يكن لديه الحق في التعبير عن هواه الخاص . " إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " . ( النجم : 4 )
سورة مريم :
هناك سورة في القرآن الكريم تسمى سورة مريم وقد سميت بهذا الإسم تكريما لمريم أم عيسى ( عليهما السلام ) . ولم تحفل مريم ( عليها السلام ) بمثل هذا التكريم ( حتى ) في الكتاب المقدس . ومن بين ( 66 ) ستة وستين كتابا للبروتستانت و ( 73 ) ثلاثة وسبعين كتابا للرومان الكاثوليك لا يوجد كتاب واحد يسمى باسم مريم أو ابنها ( عليهما السلام ) . وإنك لتجد كتبا تسمى باسم متى ومرقس ولوقا ويوحنا وبولس بالإضافة لضعف هذا العدد من الكتب ذات الأسماء الغامضة ، ولكن ليس هناك كتابا واحدا من بينها ينسب إلى عيسى أو مريم ( عليهما السلام ) !
ولو كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) هو مؤلف القرآن الكريم ، ما كان ليعجز عن أن يضمن فيه بجانب اسم مريم أم عيسى ( عليهما السلام ) ، اسم أمه " آمنة " أو زوجته العزيزة " خديجة " أو ابنته الحبيبة " فاطمة " " رضي الله عنهن أجمعين " .
ولكن كلا ! وحاشاه أن يفعل ! إن هذا لا يمكن أبدا أن يكون . فالقرآن الكريم ليس من صنع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ( ) .
دفاع عن عيسى ( عليه السلام ) :
إن القرآن الكريم الذي أنزله الله على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ليجعل هذا الرسول يبرئ عيسى ( عليه السلام ) من تهم وافتراءات أعداءه الكاذبة . ( ) .
" وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً " . ( مريم : 32 )
محمد بشارة المسيح :
" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ "
( الصف : 6 )
إنه مما يحسب لعيسى عليه السلام ممارسته لما كان يعظ به ويدعو إليه . فهو لم يدع أبدا أمميا ( ) واحدا طوال حياته إلى دين الله . واحتاط لأن تكون حفنة مختاريه ( حوارييه الإثني عشر ) منتمية إلى بني جلدته .
كما أنه لم يأت بدين مبتدع وما جاء إلا مؤكدا للتعاليم التي بين يديه . وقد قال :
" لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل . فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل . فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات . وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات " . ( متى 5 : 17 – 19 ) .
وقارن قوله تبارك وتعالى : " مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ " بما جاء في هذه الفقرات الثلاثة من الإصحاح الخامس من إنجيل متى المذكورة أعلاه ، وسوف تلاحظ أن الأسلوب القرآني لا يسرف في استخدام الكلمات . إنه يبلغ بإيجاز رسالة الله بوضوح ودقة .
البشارة أو النبأ السار :
إنني لا أستحي ولا داعي للحياء لنقلي تعليق عبد الله يوسف علي ، على كلمة " أحمد " في ترجمته الإنجليزية ، نقلا حرفيا . ولكن قبل أن أفعل ذلك دعني أعبر على نحو ملائم عن احترامي وإعجابي " بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف " بالمدينة المنورة الذي يقوم بطباعة الملايين من النسخ المترجمة لمعاني القرآن الكريم في عديد من اللغات المختلفة .
إن السبب الذي دعاهم إلى استخدام ترجمة عبد الله يوسف علي كأساس لطبعتهم تلخصه هذه الكلمات :
" جازف عدد من الأفراد في الماضي بترجمة القرآن ولكن أعمالهم كانت بصفة عامة محاولات شخصية متأثرة لدرجة كبيرة بالأهواء والأغراض والأحكام المسبقة .
ولقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المرسوم الملكي ( رقم 19888 بتاريخ 16 / 8 / 1400 هـ ) حينما كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ، من أجل إصدار ترجمة معتمدة خالية من الأهواء والاتجاهات الشخصية ..
وبناء عليه فقد اختيرت ترجمة المرحوم الأستاذ عبد الله يوسف علي لخصائصها الممتازة المتمثلة في أسلوبها الرفيع واختيار الكلمات القريبة لمعاني النص الأصلي والتعليقات العلمية والتفسيرات المصاحبة " .
( رئاسة البحوث الإسلامية والإفتاء والدعوة والإرشاد ) .
إن التعليق المعطى أدناه هو أحد تعليقات ثلاثة في شرح النبوءة التي وردت على لسان عيسى ( عليه السلام ) فيما يتعلق بمجيء محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذلك من بين أكثر من ستة آلاف تعليق توضيحي متسم بعمق الفكر فـي ترجمة عبد الله يوسف علي .
من هو " المعزى " ؟
" أحمد " أو " محمد " المثنى عليه أو الممدوح أو المحمود ( the Praised One ) هو تقريبا ترجمة للكلمة اليونانية " بيريكليتوس " ( Periclytos ) ؛ وفي إنجيل يوحنا الموجود حاليا ( يوحنا 14 : 16 : 15 : 26 و 16 : 7 ) تأتي كلمة " كومفورتر " ( Comforter ) في النسخة الإنجليزية ( والتي تترجم في التراجم العربية بـ " المعزى " ) عوضا عن الكلمة اليونانيـة " باراكليتوس " ( Paracletos ) التي تعني " المحامي " أو " المؤيد " أو " الشفيع " ( Advocate ) " الذي يُدعى لمساعدة أو معاونة ( إنسان ) آخر ، الصديق أو الولي الودود الحنون " . وهذه الترجمة مفضلة عن ترجمتها بـ " المعزى " . ويؤكد علماؤنا ( الحاصلين على درجة الدكتوراة في الأدب والفلسفة ) ( ) أن كلمة " باراكليتوس " ( Paracletos ) تفسير خاص محرف أو قراءة محرفة لكلمة " بيريكليتوس " ( Periclytos ) . ومعناها المستوجب للحمد وأنه كان هناك في القول الأصلي لعيسى نبؤة خاصة بنبينا الكريم " أحمد " بالإسم . وحتى لو قرأناها " باراكليت " ( بارقليط أو فارقليط " ( Paraclete ) ، فإنها تشير إلى النبي الكريم ( المبعوث ) " رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " ( الأنبياء : 107 ) وهو " بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ " ( التوبة : 128 ) . وانظر أيضا تعليقنا رقم 416 على الآية 81 مـن سورة آل عمران ( )
محمد ( صلى الله عليه وسلم )
هو " الباراكليت " :
إنه من الواضح لكل الباحثين عن الحق بإخلاص أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو " الباركليت " ( ) الموعود ( The Promised Paraclete ) أو المعزى ( Comforter ) ، المسمى أيضا على سبيل التخيير بالمساعد أو المعين ( Helper ) والمحامي أو المؤيد أو الشفيع ( Advocate ) والناصح ( الأمين ) أو المشير ( Counsellor ) .. إلخ المذكور في نبؤات عيسى ( عليه السلام ) في إنجيل يوحنا .
وهناك الملايين من الرجال والنساء النصارى الذين يتشوقون ويتوقون إلى هذه الرسالة البسيطة المباشرة الصريحة المستقيمة ( ) . " فلما جاءهم بالبينات ( ) قالوا هذا سحر مبين " :
هكذا تنتهي الآية السادسة من سورة الصف .
" إن نبي الإسلام سبق وتنبأ به الأنبياء من قبل بأساليب كثيرة . وعندما جاء أراهم العديد من الآيات البينات ، وما كانت حياته كلها من أولها إلى آخرها إلا معجزة كبرى .
فلقد قاتل وانتصر عكس كل التوقعات . وعلم الناس أسمى درجات الحكمة بدون أن ينال من البشر أدنى قسط من التعليم .
ولقد ألان القلوب القاسية وقوى القلوب الرقيقة المحتاجة إلى المساعدة والتأييد ( ) .
إن الرجال ذوو البصيرة والفطنة أدركوا في أقواله وأفعاله قدرة الله وتوفيقه " .
ومع هذا فقد وصفها الشكاكون بالشعوذة والتحايل والسحر !
يقول توماس كارلايل في ( ص 88 ) من كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " :
" محمد مزورا ومحتالا أو مشعوذا ؟؟ كلا ! ثم كلا ! إن هذا القلب الكبير المفعم بالعاطفة الجياشة الذي يغلي كمرجل أو مَوقِد هائل مـن الأفكار ، لم يكن قلب محتال أو مشعوذ " .
وهـم يصفون تحقيـق ( هـذا النبي ) وتصديقه لنبؤة مـن قبله مـن المرسلين بالسحر والشعوذة والفتنة ، هـذا الذي صار أكثر الحقائق ثباتا فـي تاريخ البشرية : أعني الإسلام ! ( ) .

محمد المثال الأسمى
رؤية فيلسوف هندوسي معاصر لنبي الإسلام

ك. س. رامكرشنة راو
أستاذ الفلسفة بجامعة ميسور في الهند


الفصل الأول
محمد نبي الإسلام
البدايات ( ) :
ولد محمد وفقا لما قرره المؤرخون المسلمون في صحراء الجزيرة العربية يوم العشرين من شهر إبريل في عام خمسمائة وواحد وسبعين بعد المسيح . واسمه يعني " المثنى عليه أو الممدوح أو المحمود حمدا كثيرا " . ( ) وهو بالنسبة لي أعظم عقل مفكر أنجبته الجزيرة العربية على الإطلاق .
إنه أعظم بكثير من جميع الشعراء والملوك الذين عاشوا قبله أو جاءوا بعده في هذه الصحراء المعزولة ذات الرمال الحمراء .
وحينما ظهر محمد لم تكن الجزيرة العربية شيئا مذكورا . ومن هذه الصحراء التي لم تكن شيئا مذكورا إستطاع محمد بروحه العظيمة أن ينشئ منها عالما جديدا وحياة جديدة وثقافة جديدة وحضارة جديدة ومملكة جديدة إمتدت من مراكش إلى شبه القارة الهندية ، وأن يؤثر في فكر وحياة ثلاث قارات هي آسيا وإفريقية وأوروبا .
الحاجة إلى التفاهم :
عندما فكرت في الكتابة عن النبي محمد كنت مترددا بعض الشيء لأنني سأكتب عن دين لا أعتنقه . ( ) وإنه لأمر بالغ الحساسية أن يفعل المرء ذلك لأنه يوجد الكثير من الناس الذين يعتنقون ديانات متنوعة وينتمون إلى مذاهب فكرية وطوائف مختلفة حتى داخل الدين الواحد . وعلى الرغم من أن البعض يزعم أحيانا أن الديانة مسألة شخصية تماما فإنه لا يمكن إغفال أن الدين يميل إلى الإحاطة بالكون بأسره ما نرى منه وما لا نرى أيضا . وهو بطريقة ما يتخلل مـن حين إلى آخر قلوبنا وأنفسنا وعقولنا فـي مناطـق الوعي ومـا دون الوعي ( subconscious ) واللاوعي ( unconscious ) منها ، أو أي من تلك المناطق الي تشتمل عليها أو يفترض أنها تشتمل عليها . وتأخذ المسألة أهمية بالغة عندما نقتنع اقتناعا راسخا أن ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا رهن هذا الخيط الحريري اللين الدقيق المسمى بالدين . أما إذا كنا شديدي الحساسية فإن مركز الثقل يكون في الغالب دائما في حالة توتر قصوى . وبالنظر إلى المسألة من هذه الزاوية يتضح لنا أنه كلما قل الكلام عن ديانة الآخرين كلما كان ذلك أفضل . ولندع أدياننا واعتقاداتنا مخفية ومغمورة في أعماق ثنايا قلوبنا الداخلية محصنة بأختام من شفاهنا لا تنكسر .
جماعية الإنسان :
ولكن يوجد جانب آخر لهذه المسألة . فالإنسان يعيش في المجتمع وترتبط حياتنا شئنا أم أبينا وبطريقة مباشرة وغير مباشرة – بحياة الكثيرين . فنحن جميعا نأكل من ثمرات تزرع في نفس الأرض ونشرب الماء من نفس النبع ونسنتنشق هواء نفس الجو . ومع تمسكنا الشديد بآرائنا الشخصية فإنه سيكون من المفيد – لا لغرض آخر سوى تشجيع الانضباط المناسب في البيئة المحيطة بنا – لو أننا عرفنا أيضا بدرجة أو بأخرى كيف يفكر جارنا وما هي المنابع الأصلية لتصرفاته .
ومن زاوية الرؤية هذه تصبح محاولة المرء للتعرف على جميع أديان العالم شيئا مرغوبا فيه ، وذلك بالروح الصحيحة ، من أجل تشجيع التفاهم المتبادل والتقبل الأفضل لجيراننا على المدى القريب والبعيد .
كما أن أفكارنا ليست متناثرة ومبعثرة كما تبدو كذلك في الظاهر . فلقد تبلورت تلك الأفكار حول بضع أنوية في شكل أديان العالم الكبرى والعقائد الحية التي ترشد وتدفع حياة الملايين من سكان أرضنا هذه . وإذا كنا نفكر في أن نصبح في يوم من الأيام مواطنين للعالم الذي بين أيدينا ، فمن واجبنا أن نحاول ولو محاولة صغيرة التعرف على أديان العالم الكبرى ونظم الفلسفة التي تحكم البشرية .
النبي شخصية تاريخية ( ) :
وعلى الرغم من هذه الملاحظات التمهيدية فإن الأرض التي يجري عليها الصراع بين العقل والعاطفة في مجال الدين زلقة جدا لدرجة أن المرء ليُذكَّر باستمرار بالحمقى الذين يندفعون حيث تهاب الملائكة الاقتراب . والأمر أيضا معقد جدا لسبب آخر . فموضوع كتابي هو شرائع ديانة تاريخية ونبيها ، وهو أيضا شخصية تاريخية لدرجة أن ناقدا عدوانيا مثل السير " وليم موير " يقول متحدثا عن القرآن الكريم : " لا يوجد في العالم على الأرجح كتابا آخر بقي إثني عشر قرنا ( ) بنص بمثل هذا النقاء " . ويمكنني أن أضيف أن النبي محمد شخصية تاريخية ( ) أيضا . فكل حادثة في حياته دونت بدقة بالغة وحتى أدق التفاصيل حفظت سليمة للمتأخرين . إن حياته وأعماله لم يكتنفهما الغموض ولم تكن محاطة بالأسرار . ولا يحتاج المرء إلى البحث المجهد عن المعلومات الدقيقة ولا الإنطلاق في رحلات مرهقة لكي يفصل القشرة عن حبة الحق ( ) .
إساءة عرض وتقديم الإسلام في الماضي :
إن عملي هذا مستنير لأن الأيام التي كان يساء فيها إلى حد بعيد عرض الإسلام وتقديمه بواسطة نقاده ( ) لأسباب سياسية وغير سياسية هي في إدبار وإلى زوال .
يقول الأستاذ بيفان ( Prof. Bevan ) في كتاب " كمبردج لتاريخ العصور الوسطى " : " إن التقارير التي وصف فيها محمداً والإسلام المنشورة في أوروبا قبل بداية القرن التاسع عشر يجب اعتبارها الآن مجـرد فضول أدبي أو استثناءات أدبيـة ( Literary curiosities ) " .
إن المشكلة التي أواجهها مـن أجل كتابة هـذه الفقرة أصبحت أكثر سهولة مـن ذي قبل لأننا كنقاد وبوجه عام لم نعـد نقتات الآن على مثل هـذا النوع مـن التاريخ . ولسنا فـي حاجة إلـى كثير مـن الوقت نمضيه في الإشارة إلى إساءاتنا فـي عرض الإسلام وتقديمه .
فمثلا النظرية التـي تقول بانتشار الإسلام بالسيف لم تعـد تردد الآن بكثرة في أي دائرة تستحق الذكر . فمبدأ " لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ " ( ) هو مبدأ معروف ومشهور جدا في الإسلام .
يقول المؤرخ العالمي الشهير " جيبون " : ( )
" إن شريعة خبيثة قد ألصقت بالمحمديين ( ) وهي واجب استئصال جميع الأديان بالسيف " ( ) .
ويقول المؤرخ البارز أن هذه التهمة الجاهلة والمتطرفة يدحضها القرآن كما يدحضها تاريخ الفتوحات الإسلامية . وما اشتهر الفاتحون به من تسامح تجاه العبادة المسيحية معروف ومشروع .
إن أعظم نجاح في حياة محمد جاء نتيجة للقوة الأخلاقية فقط وبلا ضربة سيف واحدة .

الفصل الثاني
المصطفى
" والكاظمين الغيظ " ( ) :
كان العرب يتقاتلون لأربعين سنة بسبب حادث بسيط كاقتحام جمل يملكه ضيف إحدى القبائل داخل مراعي القبيلة الأخرى ، وتقاتل كلا الجانبين حتى أن سبعين ألف نفس قد حصدت مما هدد بفناء القبيلتين . لمثل هؤلاء العرب الشرسين جاء نبي الإسلام ليعلمهم ضبط النفس والانضباط إلى حد إقامة الصلاة في ساحة القتال .
الحرب دفاعا عن النفس ( ) :
بعد أن أخفقت تماما الجهود المتكررة الرامية إلى المصالحة وطرأت ظروف اضطرته إلى ساحة القتال اضطرارا دفاعا عن النفس ، بدل نبي الإسلام فن ( استراتيجية ) القتال بالكامل . إن إجمالي الخسائر في الأنفس في جميع الحروب التي وقعت خلال حياته حين دانت له الجزيرة العربية كلها لا يتعدى بضع مئات . لقد علَّم أهماج ( ) العرب الصلاة وأن يصلوا لله القدير جماعة لا فرادى ، حتى وسط غبار العواصف والقتال . وكلما حان وقت الصلاة وهو يحين خمس مرات في كل يوم يجب ألا تترك أو تؤجل صلاة الجماعة . فينبغي أن تصلي طائفة فتركع وتسجد بين يدي ربها بينما تشتبك الطائفة الأخرى مع العدو . فإذا قضيت الصلاة فينبغي أن تغير كلتا الطائفتين موقعهما ( ) .
التمدن والإنسانية في ساحة القتال :
إن ساحة القتال نفسها صارت مجالا للتحضر الإنساني . وصدرت توجيهات صارمة بعدم الفساد أو الإتلاف وعدم الغش وعدم نقض المواثيق وعدم انتهاك الحرمات وعدم التمثيل بالقتلى وعدم قتل الولدان ولا النساء ولا الشيوخ وعدم قطع النخل أو حرقه وعدم قطع شجرة مثمرة وعدم التعرض للرهبان والأشخاص المشغولين بالعبادة .
إن معاملة محمد الشخصية لألد أعدائه هي المثال الأسمى لأتباعه . فقد كان في أوج قوته عند فتح مكة . إن القرية التي عذبته هو وأتباعه وأخرجته هو وقومه إلى المغترب واضطهدته وقاطعته بقسوة حتى حينما لجأ إلى مكان يبعد عنها أكثر من مائتي ميل ، هذه القرية كانت خاضعة له تماما في ذلك الحين . وقد كان يحق له حسب قوانين الحرب أن يثأر منها للأعمال الوحشية التي أنزلتها به وبقومه . ولكن أي معاملة تلك التي قابلهم بها ؟ لقد فاض قلب محمد بفطرة الحب والرحمة حين صرح قائلا :
" لا تثريب عليكم اليوم . إذهبوا فأنتم الطلقاء " . ( )
العفو عن ألد الأعداء :
لقد كان أحد الأهداف الرئيسية التي أجاز بسببها الحرب دفاعا عن النفس هو توحيد البشر . وحينما تحقق هذا الهدف عفى عن ألد أعدائه حتى أولئك الذين قتلوا عمه الحبيب حمزة وانتهكوا حرمة جسده ومثلوا به فشقوه ولاكوا جزء من كبده .
النظرية تمتزج بالتطبيق :
إن مبدأ الأخوة العالمية ( ) وعقيدة وتعاليم المساواة بين البشر التي أعلنها ونادى بها تمثل مساهمة عظيمة جدا من محمد للارتقاء الاجتماعي للإنسانية . إن جميع الأديان الكبرى دعت أيضا إلى نفس العقيدة والتعاليم ولكن نبي الإسلام وضع هذه النظرية في التطبيق الواقعي . وسوف يُعترف بقيمة هذه العقيدة والتعاليم ( ) بعد فترة ، ربما حين يستيقظ الضمير العالمي فتختفي التحيزات والتحاملات والأحكام العنصرية المسبقة ويخرج مفهوم أقوى لأخوة البشر إلى الوجود .
الفلاح والملك متساويان أمام الله :
تقول الشاعرة الهندية " ساروجيني نايدو " عن هذا المظهر من مظاهر الإسلام :
" لقد كان الإسلام أول دين يبشر بالديمقراطية ويمارسها . فيجتمع المصلون سويا في المساجد حين يرفع الآذان لتتجسد ديمقراطية الإسلام خمس مرات في اليوم عندما يركع ويسجد الفلاح والملك جنبا إلى جنب معلنين أن " الله أكبر " . وتمضي شاعرة الهند العظيمة قائلة : " وقد أدهشتني مرة أخرى هذه الوحدة الإسلامية التي لا انفصام لها ، التي تجعل المرء أخا بالفطرة . فأنت حين تقابل مصريا وجزائريا وهنديا وتركيا في لندن فلا فرق إلا أن مصر هي بلدة أحدهم والهند بلدة الآخر " .
الإسلام حضَّر أسبانيا وهو اليوم الحل للمشاكل الاجتماعية :
يقول " المهاتما غاندي " ( ) بأسلوبه الذي لا يحاكى :
" لقد قال أحد الأوربيين في جنوب إفريقية أنهم يخشون مجيء الإسلام . الإسلام الذي حضَّر ومدَّن أسبانيا . الإسلام الذي حمل مشعل النور إلى مراكش وبشر العالم ببشارة ( ) الأخوة ( Gospel of Brother hood ) . إن الأوروبيين في جنوب إفريقية يخشون مجيء الإسلام لأنه يقرر ويؤكد مساواة الملونين بالأجناس البيضاء . فليخشونه بجد . وإذا كانت الأخوة خطيئة وإذا كانت المساواة بالأجناس الملونة هـو ما يخشونه ، فخشيتهم إذن فـي محلها " .
الحج شهادة حية :
يرى العالم كل عام في موسم الحج المشهد الرائع لهذا الاستعراض العالمي للإسلام وهو يسوي جميع الفروقات في الجنس واللون والمكانة . ولا يجتمع الأوربيون والأفارقة والفرس والهنود والصينيون سويا في مكة كأفراد أسرة ربانية واحدة فحسب ، ولكنهم يرتدون زيا موحدا أيضا ( إزار ) فيرتدي كل رجل منهم قطعتين ساذجتين ( ) من القماش الأبيض غير المخيط إحداهما حول سوءته والأخرى فوق كتفيه ( رداء ) وهو حاسر الرأس في غير خيلاء ولا تكلف مرددا : " لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك " . ( )
وبذلك لا يبقى ما يفرق بين الرفيع والوضيع . ويحمل كل حاج معه إلى بلده انطباعا بالمدلول العالمي للإسلام .
إن كلمات الأستاذ هوجرونجي توضح هذه المسألة حيث يقول : " إن عصبة الأمم التي أسسها نبي الإسلام تضع مبدأ الوحدة الإسلامية والأخوة الإنسانية على أسس عالمية بحيث تعطي للأمم الأخرى مثالا يحتذى " . ويمضي قائلا : " الحقيقة هي أنه لا توجد أمة في العالم يمكن أن تضاهي ما فعله الإسلام حيال تحقيق فكرة عصبة الأمم " .
الإسلام منارة لعالم ضل السبيل :
إن نبي الإسلام قد جاء بحكم الديمقراطية في أحسن أشكالها . ( )
إن الخليفة عمر والخليفة علي زوج ابنة النبي والخلفاء المنصور والعباس بن الخليفة المأمون وخلفاء وملوك آخرين كثيرين كان عليهم أن يمثلوا أمام القضاة كرجال عاديين في المحاكم الإسلامية . ونحن نعلم كيف يُعامَل السود بواسطة الأجناس البيضاء المتحضرة حتى يومنا هذا .
ولنأخذ كمثال منزلة بلال العبد الحبشي في أيام نبي الإسلام زهاء أربعة عشر قرنا خلت . إن العمل كمؤذن لصلاة المسلمين كان يعتبر عملا يدعو للاحترام في أيام الإسلام المبكرة . وقد أعطي هذا العمل لهذا العبد الحبشي . وأمره النبي بعد فتح مكة أن ينادي للصلاة فوقف هذا العبد الحبشي ذو البشرة السوداء والشفتين الغليظتين على سطح الكعبة المشرفة أكثر الأماكن عراقة وقداسة في العالم الإسلامي . وهنالك صرخ أحد العرب المستكبرين بصوت عال متألما : " الويل لهذا العبد الحبشي الأسود . إنه يقف فوق سطح الكعبة المشرفة لينادي للصلاة " .
وقد ألقى نبي الإسلام خطبة كانت كأنها الرد على هذه الثورة التي تفوح منها رائحة الكبرياء والهوى اللذين عزم نبي الإسلام على استئصالهما ، قال فيها ما معناه :
" الحمد لله الذي أذهب عنا نخوة ( ) الجاهلية وتفاخرها بالأنساب . أيها الناس اعلموا أن الناس فريقين : الأبرار المتقين الفائزين عند الله . والفجار القاسية قلوبهم السفلة الذين تزدريهم عين الله . وإلا فإن الناس كلهم لآدم وخلق الله آدم من تراب " .
وقد صدق القرآن هذا فيما بعد وأكده بهذه الكلمات :
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " ( الحجرات : 13 )
التحول فوق العادي :
إن نبي الإسلام أحدث تحولا هو من العظم بحيث أن أكرم العرب وأخلصهم نسبا عرضوا بناتهم للزواج من هذا العبد الحبشي . وكلما رأى خليفة الإسلام الثاني المعروف في التاريخ بأمير المؤمنين عمر العظيم ، هذا العبد الحبشي وقف له احتراما ورحب به معلنا : " ها هو قد جاء سيدنا ها هو قد جاء مولانا " .
فيا له من تحول هائل هذا الذي أحدثه القرآن والنبي محمد في العرب أكثر الناس تفاخرا بالأنساب على الأرض في ذلك الحين . وهذا هو السبب الذي دعا جوته ( ) ( Goethe ) أعظم الشعراء الألمان يعلن وهو يتكلم عن القرآن الكريم أن : " هذا الكتاب سيستمر في ممارسة تأثير قوي جدا عبر جميع العصور " .
وهو السبب أيضا الذي دعا جورج برنارد شو ( ) ( George Bernard Show ) يقول :
" لو قدر لأي دين أن يسود إنجلترا ، لا بل أوروبا في غضون المائة عام المقلبة ، فالإسلام هو هذا الدين " .
الإسلام حرر المرأة :
لقد كانت نفس روح الإسلام الديمقراطية هذه هي التي حررت المرأة من قهر الرجال . يقول السير " تشارلز إدوارد أرشيبالد هاملتون " .
" إن الإسلام يُعَلّمُ البراءة الأصلية ( ) للإنسان . ويعلم أن الرجل والمرأة جاءا من نفس واحدة ( ) وأنهما يملكان نفس الروح وأنهما مُنحَا قدرات متساوية من المواهب العقلية أو الفكرية والروحية أو الدينية والأخلاقية " ( )
إقرار حق الملكية للنساء :
كان للعرب عادة شديدة التأصل هي أن من يرث هو فقط من يطعن بالرمح ويصنع السيف . ولكن جاء الإسلام ليدافع عن الجنس الضعيف وأعطى المرأة حق المشاركة في وراثة الوالدين . ( ) وأعطى الإسلام المرأة من قرون مضت حق ملكية المال . بينما طبقت إنجلترا ، التي يفترض أنها مهد الديمقراطية هذا المبدأ الإسلامي بعد إثني عشر قرنا وفي عام 1881 بعد المسيـح فقط . وصدر مرسوم سمـي " مرسـوم النساء المتزوجـات " ( The Married Women's Act ) .
ولكن قبل ذلك بقرون كان نبي الإسلام قد أعلن أن " النساء شقائق الرجال وحقوق النساء مقدسة " " لا تبخسوا النساء حقا مما فرض لهن " " إستوصوا بالنساء خيرا " ( الأحاديث بالمعنى ) .


الفصل الثالث
الأمين
الوسطية القيّمة :
لا يعنى الإسلام مباشرة بالأنظمة السياسية والاقتصادية ولكنه يعنى بها بطريقة غير مباشرة .
وبقدر ما تؤثر الشئون السياسية والاقتصادية على سلوك الإنسان يرسي الإسلام بعض المبادئ الهامة جدا للحياة الاقتصادية .
ووفقا للأستاذ ماسينيون ( Prof. Massignon ) فالإسلام يحافظ على التوازن بين الأضداد المبالغ فيها ويضع دائما نصب عينيه بناء الشخصية التي هي أساس الحضارة . وقد ضمن ذلك بشرائعه في الميراث وبنظام الصدقة المنظمة غير الإختيارية المعروفة بالزكاة وبتحريم جميع الممارسات المضادة للاجتماع ( antisocial ) في مجال الاقتصاد مثل الاحتكار والربا والحصول على فوائد وأرباح محددة أو معينة سلفا والتحكم في الأسواق ( بالامتناع عن البيع لرفع الأسعار ) والاختزان وخلق ندرة مصطنعة لأي سلعة من أجل دفع السعر إلى الارتفاع . والميسر ( المقامرة ) حرام أيضا . وأسمى أعمال البر في الإسلام هي التبرع للمدارس ودور العبادة والمستشفيات وحفر آبار المياه وبناء ملاجئ للأيتام . ويقال أن ملاجئ الأيتام نشأت لأول مرة وفقا لتعاليم نبي الإسلام . ( ) والعالم مدين بملاجئ أيتامه لهذا النبي الذي كان نفسه يتيما .
يقول توماس كرلايل عن محمد : " إن الصوت الفطري للإنسانية والتقوى والإنصاف الساكن في قلب هذا الابن البري للطبيعة ، يتكلم " .
الاختبار :
قال أحد المؤرخين ذات مرة : يجب أن يحكم بعظمة الرجل من خلال ثلاثة اختبارات :
(1) هل كان عند معاصريه ذو عزم صادق ؟
(2) هل كان من العظمة بحيث يرتفع فوق مستوى من هم في سنه ؟
(3) هل ترك شيئا كتراث دائم للعالم كافة ؟ ( )
يمكن لهذه القائمة أن تمتد إلى مدى أبعد ولكن كل هذه الاختبارات الثلاثة للعظمة تتحقق بوضوح ولأعلى درجة في حالة النبي محمد .
وقد ذكرنا من قبل بعض الأمثلة فيما يتعلق بالاختبارين الأخيرين .
دعنا نتناول أول هذه الاختبارات وهو :
هل كان نبي الإسلام عند معاصريه ذو عزم صادق ؟
الشخصية المعصومة :
تظهر السجلات التاريخية أن جميع معاصري محمد الأصدقاء والأعداء اعترفوا بالشمائل النقية والاستقامة الخالصة والفضائل الكريمة والإخلاص المطلق والأمانة المطلقة لرسول الإسلام في جميع نواحي الحياة وفي كل مجال للنشاط الإنساني . حتى أن اليهود وأولئك الذين لم يؤمنوا برسالته قبلوه حكما في نزاعاتهم الشخصية ( ) بسبب ما عرفوه عنه من تحريه عدم التحيز .
وحتى أولئك الذين لم يؤمنوا برسالته اضطروا لأن يقولوا : " يا محمد إننا لا نكذبك ولكننا نكفر بالذي أعطاك كتابا وأوحى إليك بالرسالة " . ( )
وقد ظنوا أن به جنة . وحاولوا علاجه بالعنف . ولكن أحسنهم طريقة رأوا نورا جديدا أشرق عليه وأسرعوا في طلب هذا التنوير .
إن الميزة البارزة في سيرة نبي الإسلام أن عشيرته الأقربين كابن عمه الحبيب وأصحابه الحميمين الذين عرفوه معرفة وثيقة جدا تشربوا بالكامل بصدق رسالته واقتنعوا بأصالة الوحي الإلهي الذي جاء به .
يقول سيد أمير علي في كتابه " روح الإسلام " :
" لو أن هؤلاء الرجال والنساء والشرفاء والعقلاء ، ومن المؤكد أنهم لم يكونوا أقل تعليما وثقافة من صيادي السمك بالجليل ( ) ، شعروا بأدنى إشارة إلى رغبة المعلم ( ) الدنيوية وخداعه أو نقص إيمانه ، لكان رجاء محمد في التجديد الأخلاقي والإصلاح الاجتماعي قد انهار إلى أنقاض في لحظة " .
إننا نجد على العكس إخلاص أتباعه له يتمثل في اعترافهم به بإرادتهم كقائد لحياتهم . وقد تحملوا من أجله الاضطهاد والخطر بشجاعة وآمنوا به ووثقوا فيه وأطاعوه ووقروه حتى في خلال تعرضهم لأشد العذاب والكرب العقلي بسبب فرض العزلة عليهم حتى الموت .
هل يكون هذا هو حالهم لو أنهم لاحظوا على قائدهم أدنى اعوجاج ؟
الحب السرمدي للنبي الكريم :
لتقرأ سيرة المهتدين الأوائل إلى الإسلام وسينفطر كل قلب لمنظر المعاملة الوحشية للرجال والنساء الأبرياء . فقد مزقوا بقسوة سمية تلك المرأة البريئة كل ممزق بالطعن النافذ بالحراب . أما ياسر ( زوجها ) فقد جعلوه عبرة وشدوا ساقيه إلى ناقتين وسيقت الدابتين في اتجاهين معاكسين .
أما خباب بن الأرت فجعلوه يرقد على سرير من الجمرات المحترقة وجثم الطغاة عديمو الرحمة بأرجلهم بوحشية فوق صدره حتى لا يتحرك مما جعل الشحم تحت جلده ينصهر .
وخباب بن عَديّ الذي قتلوه بطريقة وحشية ومثلوا بجسده وانتهكوا حرمته ومزقوه إربا إربا .
وحينما كان يُسأل في وسط هذا التعذيب إن كان يرجو لو أن محمدا كان مكانه وهو آمن في بيته بين أهله كان يصرخ معلنا أنه مستعد عن طيب خاطر أن يفتدي محمدا بنفسه وأهله وأبنائه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه من وخزة الشوكة حتى لا يشاكها .
ويمكننا أن نروي روايات لا حصر لها عن أحداث من هذا القبيل تنفطر لها القلوب .
ولكن ما الذي تظهره كل هذه الأحداث ؟
ما السبب في أن أبناء وبنات الإسلام هؤلاء لم يُسَلّموا لنبيهم طاعة وتسليما فحسب ، وإنما جعلوا أجسامهم وقلوبهم وأنفسهم فداه ؟
ألم يكن إيمان أتباع محمد المباشرين واقتناعهم الشديد أرفع شهادة على صدقه واستغراقه التام في المهمة التي كلف بها ؟
أتابعه من أحسن الناس عقلا ومنزلة :
ولم يكن أصحابه من السفلة أو من ذوي العقليات المتدنية . بل الذين التفوا حوله في وقت مبكر نسبيا هم أفضل وأشرف من في مكة . كانوا وجوه القوم وصفوتهم . رجال لهم مراكزهم ومكانتهم وثراءهم وثقافتهم من الأصحاب والأقارب الذي عرفوا أدق التفاصيل في حياته .
إن جميع الخلفاء الأربعة الأوائل بشخصياتهم الشامخة كانوا ممن اهتدى في هذه الفترة المبكرة .
تقول دائرة المعارف البريطانية : " إن محمدا هو الأكثر نجاحا وتوفيقا من كل الأنبياء والشخصيات الدينية " .
ولكن هذا النجاح لم يكن نتيجة مصادفة مجردة . لم يكن ثمرة أسقطتها الرياح . لقد كان اعترافا بحقيقة أن معاصريه وجدوه ذو عزم صادق . وكان نتيجة لشخصيته التي تدعو إلى الإعجاب وتدفع بشدة إلى الانتباه .


الفصل الرابع
الصادق
المثال الكامل لحياة البشر :
إنه من الصعب جدا أن نصل إلى الحقيقة الكاملة لشخصية محمد . إنني لم أستطع الحصول إلا على لمحة سريعة منها . يا لها من تعاقب مثير لمشاهد رائعة !
فهناك محمد النبي ومحمد القائد ومحمد الملك ومحمد المقاتل ومحمد التاجر ومحمد الواعظ أو البشير ومحمد الحكيم ومحمد رجل الدولة ومحمد الخطيب ومحمد المصلح والمجدد ومحمد ملاذ اليتامى ومحمد حامي العبيد ( الرقيق ) والمدافع عنهم ( ) ومحمد محرر النساء ( ) ومحمد القاضي والحكم ومحمد القديس .
ولقد كان محمد بطلا في كل هذه المهام الجليلة وفي جميع مجالات النشاط الإنساني على حد سواء .
إن حال اليتيم هو منتهى الضعف وانعدام الحيلة .
وقـد بدأ محمد حياته يتيما . والملك هـو ذروة السلطة المادية . وقـد انتهت إليه حياته . ( )
وقد تقلب حاله من صبي يتيم إلى لاجئ مضطهد ثم إلى سيد ( ) – بالمفهوم الديني والدنيوي أيضا – لأمة بأكملها ، مقررا لمصيرها بكل ما فيه من تجارب وإغراءات ومخاطر وبكـل ما فيه من تقلبات وتغيرات ومن ضياء وظلام ومن ارتقاء وإنحدار ومن فظاعة وعظمة .
لقد قاوم محن الدنيا وخرج منها سالما ليكون مثالا يحتذى في كل مرحلة من مراحل الحياة . ولم تقتصر إنجازاته على جانب واحد من جوانب الحياة ولكنها شملت أيضا جميع أوضاع البشرية الاجتماعية .
محمد الأعظم :
لو أن العظمة تكمن في تنقية وتطهير أمة مشربة بالهمجية والتخلف ومنغمسة في ظلام أخلاقي مطلق ، فإن الشخص المتميز بالفاعلية والمليء بالقوة والنشاط الذي استطاع أن يحول ويهذب وينهض بأمة بأكملها غارقة في الحضيض – كما كان حال العرب – ويجعلهم حملة مشاعل الحضارة والمدنية والتعليم ، له كل الحق في هذه العظمة .
ولو أن العظمة تكمن في توحيد العناصر المتنافرة والمتضاربة والمتشاكسة والمختلفة في المجتمع برابطة الأخوة والإحسان ، فإن لنبي الصحراء كل الحق لهذا الإمتياز .
ولو أن العظمة تكمن في إصلاح هؤلاء الغارقين في أوهام ومعتقدات خرافية منحطة ومخزية وممارسات خبيثة مهلكة متعددة الأنواع ، فإن نبي الإسلام قد بدد الأوهام والمعتقدات الخرافية والمخاوف المنافية للعقل والمنطق من قلوب الملايين .
ولو أن العظمة تكمن في نشر الأخلاق السامية ، فإن الأعداء والأصحاب شهدوا لمحمد بأنه الصادق الأمين .
ولو أن الفاتح المنتصر رجل عظيم ، فها هو إنسان قد بلغ مرتبة مساوية للأكاسرة والقياصرة بعد أن كان مخلوقا بسيطا يتيما لا حول له ولا قوة . وأسس إمبراطورية عظيمة ظلت كذلك على مدى هذه القرون الأربعة عشرة .
ولو أن الحب الشديد الذي يناله القائد هو المقياس للعظمة ، فإن مجرد ذكر اسم هذا النبي له تأثير الرقية الفاتنة – حتى في يومنا هذا – على ملايين الأنفس المنتشرة في جميع أنحاء العالم .
النبي الأمي :
لم يدرس محمد الفلسفة أو الحكمة في مدارس أثينا أو روما أو فارس أو الهند أو الصين . ومع ذلك فقد استطاع أن يكشف للبشرية أسمى وأعلى الحقائق الخالدة القيمة . وبالرغم من كونه أميا فقد كان يستطيع الكلام بفصاحة وحماسة تدفع الرجال إلى دموع الفرحة . ومع أنه ولد يتيما وبلا أموال دنيوية فقد كان محبوبا من الجميع .
كما أنه لم يدرس في أية أكاديمية عسكرية ومع ذلك فقد كان يستطيع تنظيم قواته في مواجهة ظروف مروعة وانتصر بواسطة القوات العسكرية ذات الخلق والدين التي كان ينظم ويرتب صفوفها بنفسه .
إنه نادرا ما نجد الرجال الموهوبين بالقدرة الفائقة على الوعظ والحديث الجاد . وقد اعتبر " ديكارت " ( ) ( Descartes ) الواعظ الماهر ضمن أندر أصناف الرجال في العالم .
وقد عبر " هتلر " ( ) عن رأي مشابه في كتابه " كفاحي " . حيث يقول : " من النادر أن يكون واضع النظريات ( theorist ) قائدا عظيما . أما المحرك الاجتماعي أو السياسي فامتلاكه لتلك الصفات التي ترشحه للقيادة أرجح إلى حد بعيد . فهو دائما قائدا أفضل . فالقيادة تعني القدرة على تحريك جموع البشر . والقدرة على تقديم الأفكار لا علاقة لها بالقدرة على القيادة " .
ولكنه يضيف : " إن اتحاد صفات وضع النظريات والتنظيم والقيادة في شخص واحد هي ظاهرة من النادر جدا حدوثها في هذا العالم . وهنالك تكمن العظمة " .
وقد شاهد العالم هذه الظاهرة النادرة تتجسد في شخص عاش على الأرض هو نبي الإسلام .
يقول " كارلايل " ( ) في كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " :
" لقد كان ( محمدا ) رجلا فقيرا ، شديد الكدح ، غير قادر على الإعالة ، لا يهتم بما يجتهد في طلبه الرعاع أو السوقة . وفيما أرى فإنه لم يكن امرؤ سوء ، ولم يكن طالب شهوة من أي نوع ، وإلا ما وقره هؤلاء الرجال الوحشيين ( ) . الذين قاتلوا وخاضوا الملاحم طوع أمره خلال ثلاث وعشرين سنة ، وهم في ذلك وثيقوا الصلة به دائما ، كل هذا التوقير !
" لقد كانوا رجالا وحشيين يندفعون بين الفينة والفينة بقوة إلى التشاجر وكل ألوان التشاحن العنيف . وما كان يستطيع أي رجل أن يقودهم بدون أن يمتلك القيمة الأخلاقية والشجاعة .
أو إنكم لتعجبون كيف دعوه واعتبروه نبيا ؟
أو لم يقف وسطهم ظاهرا لهم يواجهونه ويخاطبونه بلا حاجب بينه وبينهم ، غير محاط بأي سر من الأسرار الدينية أو غموض . فكان يرى وهو يرقع ثوبه ويصلح نعله ، ويقاتل ويستشير ويصدر الأوامر وهو بينهم . فلا بد أنهم أدركوا أي نوع من الرجال كان .
ولتسمه ولتدعه ما تشاء ! إنه لم يطع إمبرطورا جليلا متوجها مثلما أطيع هذا الرجل في ثوب رقعه بنفسه .
وإنني لأجد أن خوضه ثلاثة وعشرين عاما من التجارب الحرجة الصعبة يستلزم بالضرورة نوعا من البطولة الحقيقية " .
والأعجب من ذلك ما يقوله القس " بوزوورث سميث " ( Bosworth Smith ) :
" لقد كان رئيسا للدولة ولجماعة تدين بنفس العقيدة ، لقد كان يجمع سلطة ومقام قيصر والبابا معا ، ولكنه بابا بدون خيلاء البابا وغروره ، وقيصر بلا فيلق ( ) أو حشوده وبلا جيش عامل ولا حارس شخصي ولا قوة من الشرطة ولا دخل ثابت . لو أن ثمة رجل كان له الحق في أن يدعي أنه يحكم بالحق الإلهي فقد كان هذا الرجل هو محمد . فقد كانت معه جميع السلطات من غير أن يكون معه ما يدعمها أو يحافظ عليها . وقد كانت بساطة حياته الخاصة متطابقة ومنسجمة مع حياته العامة " .
محمد الطاهر النقي :
لقد صارت مساحة تقدر بمليون ميل مربع تحت تصرفه بعد فتح مكة . إن سيد جزيرة العرب كان يصلح نعله ويرتق أو يرفو ملابسه الصوفية الخشنة ويحلب الشياه ويكنس البيت ويوقد النار ويقوم بالأعمال المنزلية الأخرى التي يعهد بها إلى الخدم عادة . وفي الأيام الأخيرة من حياته كانت المدينة حيث كان يقيم قد صارت أكثر أغنى . وكان الذهب والفضة متوفرين في كل مكان . وعلى الرغم من الرخاء الاقتصادي الذي كانت تشهده المدينة في تلك الأيام فإن أسابيعا كثيرة كانت تمضي من غير أن توقد النار في بيت ملك جزيرة العرب ( ) .
وكان طعامه يقتصر على ( الأسودان ) التمر والماء . وكان أهل بيته يبيتون جوعى ليال عديدة متعاقبة لأنه ليس ثمة طعام يأكلونه في تلك الليالي . ولم يكن محمد ينام على فراش وثير وإنما كان فراشه حصيرا مصنوعا من ألياف النخل بعد يوم شاق طويل . وقضى معظم ليله في الصلاة ( ) .
وكثيرا ما كان يندفع إلى البكاء بين يدي خالقه طالبا أن يمنحه القوة للقيام بواجباته .
وكما تذكر لنا الروايات فقد كان صوته يكاد يحبس بسبب بكائه فيبدو كأنه أزير ( ) مرجل ( ) بدأ يغلي على النار .
وكان كل ما يملكه يوم وفاته هو بضع دراهم ، قسم منها قضى به دين له وأعطى الباقي لبعض الفقراء الذين جاءوا إلى بيته يطلبون إحسانا .
والثوب الذي كان يلبسه حينما فاضت روحه إلى بارئها كان به رقعا عديدة .
أما البيت الذي طالما انتشر منه النور إلى العالم فكان معتما لأنه لم يكن في المصباح زيتا .
الثبات على المبدأ حتى الموت :
لقد تغيرت الظروف المحيطة به ولكن نبي الله لم يتغير . وكانت لمحمد نفس الشخصية سواء في حال النصر أو الهزيمة وسواء في حالة القوة أو المحنة وسواء في ساعة اليسر أو العسرة . فرسل الله وأنبياؤه لا يتبدلون كما لا تتبدل طرق الله وسننه ونواميسه .
محمد الأعظم : ( )
يقول المؤرخ الفرنسي لامارتين ( ) في كتابه :
" تاريخ تركيا " . طبعة باريس 1854 . المجلد الثاني ص 276 و277 :
لو أن عظم الغاية
وصغر الوسائل وقلة الموارد
والنتائج المدهشة
هي ثلاثة معايير لعبقرية الإنسان ، فمن يجرؤ على مقارنة أي رجل عظيم في التاريخ الحديث بمحمد ؟
إن أشهر الرجال صنعوا الأسلحة وشرعوا القوانين ووضعوا النظريات وأسسوا الإمبراطوريات فقط . فهم لم يؤسسوا – لو اعتبرنا أنهم أسسوا شيئا يذكر – أكثر من قوى مادية أو سلطات مادية كثيرا ما انهارت وزالت أمام أعينهم .
أما هذا الرجل ، محمد ، فإنه لم يحرك ويؤثر في الجيوش والتشريعات والإمبراطوريات والشعوب والأسر الحاكمة فقط ولكنه حرك وأثر في ملايين الرجال ، بل الأكثر من ذلك إنه أزاح الأنصاب ( ) والمذابح والآلهة الزائفة وأثر في الأديان وغير الأفكار والاعتقادات والأنفس .
واستنادا إلى كتاب كل حرف منه صار يمثل شريعة ، أسس محمد قومية روحية ( أو دينية ) ( spiritual nationality ) امتزجت فيها بتآلف سويا شعوب من كل لسان ومن كل جنس .
إن فكرة وحدانية الله التي أعلنها ونادى بها ودعا وسط السأم الشديد من النظريات اللاهوتية ( ) الخرافية غير القابلة للتصديق ( fabulous theologies ) ، كانت في نفسها معجزة بحيث أنه بمجرد أن صرح بها دمرت جميع الاعتقادات الخرافية القديمة ..
إن صلواته ودعواته المتصلة ، وأحاديثه الغيبية أو مناجاته مع الله ، ووفاته ونجاحه وانتصاره بعد وفاته ، كلها أمور لا تشهد على أنه كان دجالا أو مدعيا للنبوة ولكنها تشهد على إيمان راسخ منحه القوة لكي يحيى ويجدد العقيدة . وهذه العقيدة كانت ذات شقين هما : وحدانية الله وأن الله ليس كمثله شيء . فالشق الأول يثبت لنـا ما لله ( مـن أسماء وصفات ) ( what God is ) والشق الآخر ينفي عنه ما ليس له ( what God is not ) ... ( )
" .. حكيم وخطيب ورسول ومشرع ومقاتل وسيد على الأفكار ومحيي ومجدد للاعتقادات المعقولة والمنطقية ولدين بلا تماثيل ولا صور ، ومؤسس لعشرين امبراطورية أرضية أو دنيوية ( terrestrial ) وامبراطورية واحدة روحية أو دينية ( spiritual ) ، هذا هو محمد .
ووفقا لكل المقاييس التي يمكن أن تقاس بها عظمة البشر يحق لنا أن نسأل : هل هناك أي إنسان أعظم منه ؟ "


الفصل الخامس
تراث خالد للعالم
أكثر من أمين :
هناك قول مأثور بأن الرجل الأمين هـو أفضل خلق الله . وقد كان محمد أكثر من أمين . ( ) لقد كان إنسانا بكل ما في الكلمة من معان . وكانت سعادة نفسه ورضاها في التعاطف والتواد والمحبة الإنسانية .
لقد كان الهدف من بعثته ورسالته وكل الغاية من حياته ومنتهاها هو أن يخدم الإنسان وأن يهذب الإنسان وأن يزكي الإنسان وأن يعلم الإنسان وباختصار أن يجعل من الإنسان إنسانا متمدنا متحضرا .
لقد كان مصدر إلهامه الوحيد والقاعدة الهادية الوحيدة له في أفكاره وأقواله وأفعاله هو المصلحة البشرية . ( )
لقد كان محمد غير متباه وغير متفاخر إلى أبعد الحدود وكان منكرا لذاته إلى أقصى درجة . وما هي الألقاب التي اتخذها لنفسه ؟ إنهما لقبان فقط : عبد الله ورسوله . عبده أولا ثم رسوله . رسول نبي مثل كثير من الأنبياء في كل مكان من هذا العالم بعضهم معروف لنا وكثيرا منهم لا نعرفهم . ( )
وإذا لم يعتقد إنسان ما بأي من هذه الحقائق فإنه لم يعد مسلما . إنها من شروط إيمان جميع المسلمين .
يقول أحد الكتاب الغربيين :
" إذا نظرنا إلى الظروف المحيطة فـي زمنه والاحترام غير المحدود من أتباعه له ، فإن أكثر الأمور إعجازا في شأن محمد هو أنه لم يدع أبدا القوة أو القدرة على عمل المعجزات " .
لقد جرت المعجزات على يديه ولكن ليس لكي ينشر دينه . وكان يعزوها بالكلية إلى الله وطرقه التي هي فوق البحث والتفسير . وكان يقول بصراحة ووضوح إنه بشر مثلهم . ( ) فلم يكن له كنوز في الأرض ولا في السماء . ولم يزعم أنه يعلم أسرار المستقبل . كل ذلك جرى في زمن كانت تعتبر فيه المعجزات حوادث عادية ، تجري بإرادة أقل القديسين قدرا ، وعندما كان الجو كله مشحونا بالإيمان بالقوة الخارقة الطبيعية سواء في جزيرة العرب أو خارجها .
التوجه العلمي تركة محمد :
لقد وجه محمد انتباه أتباعه للنظر في الكون وسننه حتى يفهمونها ويقدرون مجد الله حق قدره .
يقول القرآن :
" وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ( ) ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ " ( الدخان : 38 – 39 )
إن العالم ليس وهما أو خدعة ولا هو مخلوق بلا هدف . إنه خلق بالحق . إن عدد آيات القرآن الداعية إلى تدبر الكون هي عدة أضعاف تلك الآيات المتعلقة بالصلاة والصوم والحج .. إلخ ، مجتمعة وبدأ المسلمون بتأثيرها يلاحظون الكون ملاحظة دقيقة وتولد عن هذا روح الملاحظة والتجربة العلمية التي لم تكن معروفة لقدماء اليونانيين .
إن ابن البيطار ( ) عالم النبات المسلم كتب مؤلفاته في علم النبات بعد أن جمع النباتات من جميع أنحاء العالم وقد وصفه " ماير " ( Mayer ) في كتابه ( Gesch der Botanika ) بأنه أحد أبرز علماء الصناعة .
وارتحل البيروني ( ) مدة أربعين سنة لجمع العينات الخاصة بعلم المعادن . وقد رصد علماء الفلك المسلمون بعض المشاهدات الدقيقة على امتداد أكثر من اثنتي عشرة سنة ، بينما كتب أرسطو ( ) مؤلفاته في علم الطبيعة بدون إجراء تجربة واحدة . وكتب بإهمال في التاريخ الطبيعي مقررا أن للإنسان أسنانا أكثر من الحيوان بدون أن يكلف نفسه عناء التحقق بالتجربة من هذه الحقيقة التي يمكن إثباتها ببساطة شديدة .
الغرب مدين للعرب في العلوم :
أخبر " جالين " ( ) أعظم خبير في علم التشريح التقليدي بأن الفك السفلي يتكون من عظمتين . وقد ظل هذا التقرير مقبولا بلا اعتراض لقرون حتى تجشم عبد اللطيف مشقة فحص الهيكل العظمي للإنسان .
ويعطي " روبر بريفو " ( Robert Briffault ) في كتابه المعروف " صناعة البشرية " ( The Making of Humanity ) عدة أمثلة أخرى مشابهة ثم يقرر :
" إن دين علمنا للعرب لا يكمن في الاكتشافات المثيرة أو النظريات الثورية . إن العلم مدين لثقافة العرب ( ) بشيء أعظم من ذلك بكثير . إنه مدين لها بوجوده " . ويقول نفس المؤلف : " إن قدماء اليونانيين نظموا وصنفوا ورتبوا منهجيا وعمموا ووضعوا النظريات ولكن الأساليب والطرق المتأنية في البحث وتجميع العلم الإيجابي أو الحقيقي وطرق العلم الدقيقة والملاحظة الدقيقة والممتدة والبحث التجريبي ، كلها أمور بعيدة عن المزاج اليوناني ومخالفة له . إن ما نسميه علما نشأ في أوروبا نتيجة لطرق جديدة للبحث ونتيجة لطريقة التجربة والملاحظة والقياس ونتيجة لتطور الرياضيات بشكل لم يكن معروفا لليونانيين ... إن هذه الروح وتلك الطرق أدخلت إلى العالم الأوروبي للمرة الأولى بواسطة العرب " .

الفصل السادس
محمد رسول الله
الإسلام طريقة كاملة للحياة :
إن نفس الصفة العملية لتعاليم النبي محمد هي التي ولَّدت الروح العملية وجعلت أيضا الأعمال اليومية وما يسمى بالأمور الدنيوية مقدسة .
إن القرآن يقول إن الله خلق الإنسان ليعبده . ( ) ولكن كلمة " العبادة " هنا لها دلالة خاصة . فعبادة الله لا تقتصر على الصلاة وحدها ولكن كل عمل يرضي الله يُعمَل بهدف الفوز وهو في مصلحة البشر يدخل في نطاق هذه الكلمة .
إن الإسلام يقدس الحياة وكل سعي وكفاح في الحياة ، طالما أن هذا الكفاح وذلك السعي عُمِلَ بأمانة وصدق وعدل ونوايا مخلصة .
والإسلام يلغي الفصل أو التمييز القديم بين ما هو ديني وما هو دنيوي . فالقرآن يقول إنك إذا أكلت الأشياء الطيبة وشكرت الله عليها ، فإن هذا يعد عملا من أعمال العبادة . وهناك مقولة لنبي الإسلام بأن اللقمة التي يضعها المرء في فم زوجته هي من أعمال البر التي يثيبه الله عليها . وهناك حديثا نبويا آخر معناه : " إن الذي يقضي شهوته يؤجره الله عليها طالما أتاها من طريق حلال " . فتعجب أحد المستمعين إليه قائلا : " يا نبي الله إنما هو يستجيب لشهواته " . فأجابه النبي بما معناه " أرأيت إن أتاها عن طريق حرام أما كان عليه وزر ؟ فكذلك إن أتاها من طريق حلال كان له فيها أجر " .
التعاليم السامقة :
إن هذا الفهم الجديد للدين على أنه يجب أن يهتم بتحسين هذه الحياة أكثر من انحصار اهتمامه بالأمور فوق الدنيوية أو العلوية ( supermundane ) ، أدى إلى توجه جديد للقيم الأخلاقية . إن التأثير الثابت على العلاقات المشتركة للبشر في أمور الحياة اليومية وسلطته الشديدة على الجماهير وتنظيمه لفهمهم للحقوق والواجبات وصلاحيته وموافقته للإنسان البدائي الجاهل وللفيلسوف الحكيم على حد سواء ، هي معالم مميزة لتعاليم نبي الإسلام .
الإسلام الصحيح والعمل الصالح هما الأساس :
يجب الأخذ في الاعتبار بعناية بالغة أن هذا التأكيد والتركيز على الأعمال الصالحة في الإسلام ليس على حساب صحة الإيمان .
وبينما تعظم إحدى المذاهب الفكرية الكثيرة الإيمان على حساب العمل ( ) وتحض الأخرى على الأعمال المختلفة بما يضر بالإيمان الصحيح ( ) ، نجد الإسلام مبني على صحة الإيمان والأعمال . فالوسيلة في الإسلام تستوي مع الغاية في أهميتها والغاية تماثل الوسيلة في خطورتها . إنهما يعتبران وحدة عضوية . وهما يعيشان ويزدهران معا .
وكلاهما يضمحلان وينتهيان حين نفصلهما عن بعضهما البعض . إننا في الإسلام لا يمكننا أن نفصل الإيمان عن العمل . فالعلم الصحيح يجب أن يترجم إلى عمل صحيح حتى تأتي النتائج الصحيحة المرجوة .
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً " ( )
وكم وردت مثل هذه الكلمات في القرآن ؟ ليس أقل من خمسين مرة . ترددت مثل هذه الكلمات في القرآن مرارا وتكرارا .
إن التفكر أو التدبر أمر مطلوب في الإسلام ولكن مجرد التفكر أو التدبر ليس هو الهدف .
إن الذين آمنوا ولم يعملوا شيئا لا يمكن أن يكون لهم وجود في الإسلام .
أما الذين آمنوا ثم عملوا السيئات فقد وقعوا في تناقض شديد .
إن الشرع الإلهي هو شرع يستلزم المجاهدة وليس شرعا ذهنيا أو نظريا .
( Divine law is the law of effort and not of ideals )
إنه يهدي الناس إلى طريق الارتقاء السرمدي من العلم إلى العمل ومن العمل إلى الرضى .
الله لم يكن كفوا أحد ( ) :
ولكن ما هو الإيمان الصحيح الذي ينشأ عنه العمل الصالح تلقائيا ويسفر عنهما الرضى الكامل ؟
إن العقيدة الرئيسية والتعليم الرئيسي في الإسلام هي وحدانية الله . إن شهادة أن : لا إله إلا الله ( ) ، هي الأساس الذي يتوقف عليها جميع تعاليم الإسلام وممارساته .
إن الله فرد ( ) ليس كمثله شيء ، ليس فقط فيما يختص بذاته الإلهية ولكن أيضا فيما يختص بصفاته الإلهية .
وفيما يتعلق بصفات الله فإن الإسلام يتخذ مسلكا وسطا قيما ( ) كما هو شأنه في الأمور الأخرى أيضا .
فالإسلام يبطل من جهة الفكرة التي تسلب أو تجرد الذات الإلهية من كل صفة ويرفض من جهة أخرى الفكرة التي تشبهه بالأشياء المادية .
والقرآن يصرح من جهة أنه " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " ( ) ومن جهة أخرى يؤكد أنه سميع بصير عليم . إنه الملك المنزه عن العيب والخطأ والنقص . وملكوته الذي هو مظهر من مظاهر قوته ، يقوم على القسطاس والعدل . وهـو الرحمن الرحيم . وهو على كل شيء حفيظ .
والإسلام لا يقف عند هذا الحد بهذا التقرير الإثباتي ، بل إنه يمضي – وهذه هي أكثر مميزاته الخاصة – فيضيف جانب النفي للمسألة . فلا يوجد أحد غير الله حفيظ على كل شيء . وهو الجبار . وهو يجبر ( ) كل كسر ولا يوجد أحد غير الله يجبر كل كسر . وهو الذي يخلف على خلقه مهما كان مقدار الخسارة .
فلا إله إلا الله المنزه عن الحاجة ، خالق الأجساد وبارئ النَّسَم ( ) ، مالك يوم الدين .
والقرآن يوجز هذا المعنى بقوله :
" قُلِ ادْعُـوا اللَّهَ أَوِ ادْعُـوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى " ( الإسراء : 110 ) .
مكانة البشر بين الخلق :
يقول القرآن عن مكانة الإنسان بالنسبة للكون :
" اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " ( الجاثـية : 12 ، 13 )
أما عن مكانة الإنسان بالنسبة لله فيقول القرآن :
" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ ( ) وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " ( ) ( الملك : 1 ، 2 )
فعلى الرغم مما يتمتع به الإنسان إلى حد ما من حرية الإرادة فإن كل امرئ يولد في ظروف خاصة ويظل يعيش في ظل ظروف خاصة خارجة عن سيطرته ، ووفقا للإسلام فإن الله يقول في هذا الصدد ، إنها إرادتي أن أخلق كل إنسان في ظل الظروف التي أرى أنها الأفضل له . والبشر القاصرون المحدودي العقل والعمر لا يستطيعون فهم السنن الكونية أو التدبير الإلهي فهما كاملا . ولكني بكل تأكيد سأبلوكم بالغنى والفقر وبالصحة والمرض وبالرفع والخفض .
وطريقتي في الابتلاء تختلف من إنسان لإنسان ومن ساعة لأخرى . ولكن لا تيأسوا عند الفقر .
ولا تلجأوا إلى الوسائل المحرمة . ( ) فما هذه الحياة إلا مرحلة زائلة لا محالة .
ولا تنسوا الله في الغنى ، فما أعطاك الله إنما هو على سبيل الأمانة أو الوديعة ( ) . وأنت دائما أبدا في اختبار وفي كل لحظة في امتحان .
وفي هذه الحياة الدنيا " ليس لهم أن يعقلوا العلل والأسباب وإنما عليهم أن يعملوا ثم يموتوا " .
فإذا عشت فعش في توافق مع الله وإذا مت فمت على منهج الله أو في سبيل الله .
ولتسمي هذا التصور بالجبرية ( ) ( Fatalism ) . ولكن هذا النوع من الجبرية هو حالة من الجهد الشديد المتزايد الذي يجعلك دائما يقظا حذرا .
ولا تعتبر هذه الحياة الدنيا الزائلة منتهى الوجود البشري . فهناك حياة بعد الموت وهي حياة خالدة . إن الحياة بعد الموت هي مجرد وصلة ربط أو باب يفتح على الحقيقة الغائبة للحياة . ( )
وكل عمل في الحياة الدنيا مهما كان ضئيلا يحدث أثرا باقيا ( ) ، ويتم تسجيله بدقة بطريقة ما . ( )
الدنيا إعداد للآخرة :
إن بعض طرق الله معروفة لك ولكن كثيرا منها يخفى عليك . وسوف ينكشف ويتضح أمامك في الآخرة ما كان مستورا منك ومخفيا داخلك في هذه الحياة الدنيا . وسوف يسعد المحسنون بأنعم الله مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وسوف يتقدمون وسوف يرتقون فيبلغون الدرجات العلا من الجنة .
وأولئك الذين أضاعوا الفرصة في هذه الحياة الدنيا سوف يخضعون للسنة الحتمية بأن يذوقوا وبال ما كسبوا ويخضعون لفترة تطهير من الذنوب التي عملتها أيديهم .
والحذر كل الحذر فإن الحساب عسير . إنه يمكنك أن تتحمل الألم الجسدي إلى حد ما . ولكن العذاب الروحي هو جهنم ( ) ولن تستطيع تحمله .
ولتجاهدن في هذه الحياة الدنيا نزعات النفس الأمارة بالسوء ( ) التي تغويك وتغريك على ارتكاب الظلم . ولتصلن إلى المرحلة التالية حينما تستيقظ في ضميرك النفس اللوامة ( ) وترغب النفس في بلوغ الامتياز الأخلاقي وتثور ضد التمرد والعصيان . وهذا سيصل بك إلى المرحلة الأخيرة مرحلة النفس المطمئنة ( ) الراضية بالله والتي تجد السعادة والفرح بالله وحده . فلا تزل النفس بعد هذا . فتولى مرحلة الكدح . وينتصر الحق ويزهق الباطل . وتنحل حينئذ جميع العقد . ولن يكون بيتك منقسما على نفسه . وستتوحد وتتحد شخصيتك حول جوهر التسليم الرئيسي لإرادة الله وتسلم تسليما كاملا لغاية الله البصيرة ( divine purpose ) . وستنطلق حينئذ في سلام ، وسيخاطبك الله ( ) عندئذ قائلا :
" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، وَادْخُلِي جَنَّتِي ) ( الفجر : 27 – 30 )
مصير الإنسان :
هذه هي الغاية النهائية للإنسان . أن يصبح من ناحية سيدا للكون ، وأن يدرك من ناحية أخرى أن نفسه ستطمئن بالإيمان بربها ليس فقط برضى ربه عنه ولكن برضاه عن ربه أيضا ، وسينتج عن ذلك ؛ الإطمئنان كل الإطمئنان والرضا كل الرضا والسلام كل السلام .
ويصير حب الله في هذه المرحلة بمثابة زاده فينهل من أعماق ينبوع الحياة . فلا الحزن ولا العجز يغلبه ولا النجاح يجعله فرحا فخورا .
وقد كتب توماس كارلايل منبهرا بهذه النظرة الحكيمة عن الحياة في كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " يقول :
" ثم إن الإسلام أيضا يعني أنه ينبغي أن نسلم ونخضع لله ، وأن قوتنا الكاملة وعافيتنا إنما تكمن في الطاعة المذعنة لله . ومهما فعل بنا ، ومهما أنزله بنا أو بعثه علينا من شيء ، وإن كان الموت أو ما هو أسوأ من الموت ، فهو الشيء الطيب والأفضل لنا ، ونحن نسلم أمرنا لله " .
ويمضي توماس كارلايل يقول " إن جوته ( ) يقول :
" إذا كان هذا هو الإسلام ، ألسنا جميعا نحيا بالإسلام ؟ " .
إن توماس كارلايل يجيب بنفسه عن هذا السؤال الذي طرحه جوته بقوله :
" بلى ، نحن جميعا نحيا كذلك ، كل من يحيا منا حياة أخلاقية . وهذه أيضا أسمى حكمة أنزلها الله إلى أرضنا " .
ويمضي توماس كارلايل قائلا :
" إن رسالة هذا الرجل ( محمد صلى الله عليه وسلم ) إنما هي صوت نابع من الفطرة . إن الناس يصغون وينبغي أن يصغوا إلى هذه الفطرة كما لم يصغوا إلى شيء آخر . فكل شيء آخر بالمقارنة لها إنما هو لغو .. " .

شهادة غير المسلمين في محمد
( صلى الله عليه وسلم ) والقرآن ( )
1- يقول " إدوارد جيبون " ( ) وسيمون أوكلي " في كتاب " تاريخ الإمبراطورية العربية الإسلامية " طبعة لندن ( 1870 ) ص 54 :
" لا إله إلا الله محمد رسول الله هي عقيدة الإسلام البسيطة والثابتة . إن التصور الفكري للإله ( في الإسلام ) لم ينحدر أبدا إلى وثن مرئي أو منظور . ولم يتجاوز توقير المسلمين للرسول أبدا حد اعتباره بشرا ، وقيدت أفكاره النابضة بالحياة شعور الصحابة بالامتنان والعرفان تجاهه ، داخل حدود العقل والدين " .
2- يقول " ديوان شند شرمة " في كتابه : " أنبياء الشرق " . طبعة كلكتا ( 1935 ) ص 122 :
" لقد كان محمد روح الرأفة والرحمة وكان الذين حوله يلمسون تأثيره ولم يغب عنهم أبدا " .
3- يقول " جون وليام دريبر " الحاصل على دكتوراة في الطب والحقوق في كتابه " تاريخ التطور الفكري الأوروبي " . طبعة لندن ( 1875 ) المجلد الأول ، ص 229 و 230 :
" ولد في مكة بجزيرة العرب عام 569 بعد المسيح ، بعد أربع سنوات من موت جوستنيان الأول ، ( ) الرجل الذي كان له من دون جميع الرجال ، أعظم تأثير على الجنس البشري .. وهو محمد " .
4- يقول ر. ف. س. بودلي في : " الرسول " لندن ( 1946 ) ص 9 :
" إنني أشك أن أي إنسان لا يتغير لكي يلائم ويوافق التغيرات الكثيرة جدا في ظروفه الخارجية ، كما لم يتغير محمد " .
5- يقول هـ. أ. ر. جب ( ) في كتاب " المحمدية " ( ) طبعة لندن ( 1953 ) ص 33 :
" إنه من المسلم به عالميا بصفة عامة أن إصلاحاته ( أي محمد ) رفعت من قدر المرأة ومنزلتها ووضعها الإجتماعي والشرعي " . ( )
6- ويقول " جون أوستن " في مقال له بعنوان " محمد نبي الله " في مجلة ت. ب. وكاسل الأسبوعية في 12 سبتمبر سنة 1927 بعد المسيح :
" لقد أصبح محمد بالفعل في خلال ما يربو قليلا عن العام ما يمكن أن نسميه بالحاكم الروحي والدنيوي للمدينة ، ويده على الرافعة التي كان مقدر لها أن تهز العالم " .
7- ويقول " ج. كريستي ولسن " في كتاب " التعريف بالإسلام " طبعة نيويورك ( 1950 ) ص 30 :
" يعـد القرآن أكثـر الكتب الدينية فـي العالم إجلالا وأكثرها قوة بعـد الكتاب المقدس " . ( )
8- ويقول " تشارلز فرانسيس بوتر " في كتاب " الأديان التي يحيا بها البشر " . نشر كينجزوود ، سرى ( 1955 ) ص 81 :
" إن القرآن هو الأكثر قراءة من أي كتاب آخر في العالم .
قد يكون الكتاب المقدس المسيحي أكثر الكتب مبيعا في العالم ، ولكن هناك حوالي 250 مليون مسلم ( ) من أتباع النبي محمد يقرأون أو يتلون أجزاء طويلة من القرآن خمس مرات يوميا في كل يوم من أيام حياتهم من يوم استطاعتهم الكلام " .
9- يقول " ج. شِلِيدي " أستاذ اللاهوت في كتاب " السيد المسيح في القرآن " طبعة سورات ( 1913 ) ص 111 :
" إن القرآن هو كتاب المحمديين ( ) المقدس . وهو ينال توقيرا أكثر من أي كتاب مقدس آخر ، أكثر من العهد القديم اليهودي والعهد الجديد المسيحي " .
10- ويقول " هـ. أ. ر. جب " في كتاب " المحمدية " طبعة لندن ( 1953 ) ص 33 :
" إذن لو كان القرآن من تأليف محمد لكان من الممكن أن ينافسه ويضارعه رجال آخرون . وليأتوا بعشر آيات من مثله مفتريات . وإذا لم يستطيعوا ( ومن الواضح أنهم لم يستطيعوا ) فليقبلوا القرآن كمعجزة وبرهان ظاهر " .
11- ويقول " باسنتا كومار بوز " فـي كتاب " المحمدية " طبعة كلكتا ( 1931 ) ص 4 :
" فلم يكن هناك مجال لأي تزييف أو حيلة كاذبة في القرآن وهذا ما يميزه عن جميع الأعمال الدينية ( ) الهامة تقريبا التي ترجع إلى الأزمنة القديمة ..
إنه لأمر بعيد جدا أن يكون هذا الإنسان الأمي قد ألف أفضل كتاب في اللغة العربية " .
12- ويقول " أ. س. تريتون " في كتاب " الإسلام " طبعة لندن ( 1951 ) ص 21 :
" إن صورة الجندي المسلم المتقدم وبإحدى يديه سيفا وبالأخرى مصحفا هي صورة زائفة تماما " .
13- ويقول " دو لاسي أوليرى " في كتاب " الإسلام في مفترق الطريق " طبعة لندن ( 1923 ) ص 8 :
" وبالرغم من ذلك فقد أوضح التاريخ أن الأسطورة القائلة باجتياح المسلمين المتعصبين للعالم وفرضهم الإسلام على الأجناس المقهورة تحت تهديد السلاح ، هي إحدى كبرى الأساطيـر أو الخرافات الخيالية ، التي رددها فـي أي وقت المؤرخون ، سخافة ومنافاة للعقل " .

أولا : مصادر تعليقات المترجم

1- القرآن الكريم .
2- صفوة البيان لمعاني القرآن . الشيخ حسنين محمد مخلوف .
3- مصحف القادسية المفسر " مختصر تفسير الطبري " .
4- الكتاب المقدس – دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ( 1987 م )
5- زاد المعاد في هدي خير العباد . ابن قيم الجوزية .
6- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى . ابن قيم الجوزية . تقديم وتحقيق وتعليق د. أحمد حجازي السقا . المكتبة القديمة . الطبعة الرابعة ( 1407 هـ ) .
7- حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر – الأستاذ اللواء أحمد عبد الوهاب . مكتبة وهبة . الطبعة الأولى ( 1981 م ) .
8- هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ أحمد ديدات ترجمة نورة أحمد النومان .
9- محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بشارة المسيح . أحمد ديدات ترجمة وتعليق محمد مختار .
10- الله في اليهودية والمسيحية والإسلام . أحمد ديدات ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي الطبعة الأولى ( 1411 هـ - 1991 م ) .
11- العرب وإسرائيل صراع أم مصالحة ؟ أحمد ديدات .. تقديم د. مصطفى الشكعة . ترجمة وتعليق محمد مختار . مكتبة النور . الطبعة الأولى ( 1411 هـ - 1991 م ) .
12- المسيح في الإسلام . أحمد ديدات . ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي – الطبعة الأولى ( 1411 هـ - 1990 م ) .
13- من المعمدانية إلى الإسلام . أحمد ديدات . جهادة جلكريز ، ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي . الطبعة الأولى ( 1412 هـ - 1992 م ) .
14- الخمر بين المسيحية والإسلام . أحمد ديدات . المركز العالمي للدعوة الإسلامية بدربان في جمهورية جنوب إفريقية . ترجمة وتعليق محمد مختار . المختار الإسلامي . الطبعة الأولى ( 1412 هـ - 1992 م ) .
15- المعجم الوسيط .
16- المورد ( 1990 م ) .


ثانيا : المراجع الأجنبية

1. 50,000 Errors in the Bible ?
Islamic Propagation Centre International .
Durban, Republic of South Africa, reprint of pages 25 and 26 of Awake . ( a Christian magazine ) Volume XXXVIII
Number 17, Brooklyn, New York, U.S.A. September 8, 1957 .
2. Webster New Collegiate Dictionary
( 1977 ) G. & C. Merriam Company, Spring Field, Massachusetts, U.S.A.
3. Chambers Twentieth Century Dictionary
( New Ed. 1972, Reprint 1973 ) Allied Publishers Private Ltd; New Delhi, India .

ديدات يحاضر في أبناء مكة المكرمة :
الكتاب المقدس يؤكد نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم
" كيف كانت بداية الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وما هي الأشياء التي وردت في الكتاب المقدس ( الانجيل ) والتي تؤكد صدق رواية الوحي ؟ " كان هذا عنوان المحاضرة القيمة التي ألقاها الداعية الكبير الشيخ أحمد ديدات في نادي مكة الثقافي وحضرها عدد غفير من أبناء مكة المكرمة وتحدث فيها عن تجربته الثرية في مجال الدعوة والمناظرة مع أتباع الديانات الأخرى ، كما تحدث عن الأصولية وما يريده الغرب من إلصاق تهمة التطرف والإرهاب بالمسلمين في يومنا هذا .
بدأ فضيلة الشيخ أحمد ديدات محاضرته بالقول أن موضوعها كان وليد الساعة ولم يكن سابق التحديد ، وذكر أن ما أوحى إليه بالموضوع هو زيارته إلى غار حراء بجبل النور صباح يوم المحاضرة وهو المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمضي فيه كثيرا من الوقت مرارا وتكرارا في تأمل هادئ آمن ، ليس انتظارا لأن يبعث نبيا فلم يكن يدور بخلده أدنى تصور كهذا بل مفكرا فيما آل إليه حال قومه أهل مكة أيام الجاهلية من انغماس في الرذائل كشرب الخمر والزنى والقمار والتقاتل لأتفه الأسباب ووأد البنات والزواج من زوجات الآباء لدرجة صاروا فيها وحسب وصف المؤرخ الكبير جيبون – لا يتميزون عن الحيوانات سوى بهيئاتهم كبشر . وقال إنه في هذا المكان بدأ الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم حيث نزلت أول خمس آيات من القرآن وهي التي في أول سورة العلق وذلك عندما ألقاها إليه جبريل عليه السلام بلسان عربي مبين قائلا : " إقرأ " .
تأكيد الكتاب المقدس للوحي :
وذكر ديدات أن الرواية السابقة عن بداية نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء ما يؤكدها في الكتاب المقدس لليهود والنصارى ، كما يفضل فضيلته تسميته – وليس الإنجيل . وأوضح أن هذا الكتاب ينقسم إلى قسمين هما : العهد القديم الذي يؤمن به كل اليهود والنصارى على أنه كلام الله ، والعهد الجديد الذي يؤمن به النصارى وحدهم أنه كلام الله وأن هذا الكتاب المقدس عبارة عن موسوعة تضم أسفاراً أصغر تبلغ ستا وستين منها : سفر التكوين ، وسفر الخروج ، وسفر العدد ، وسفر التثنية وغيرها من الأسفار . وقال ديدات أن الجزء الذي جاء فيه تأكيد لتلك الرواية هو في سفر " إشعياء " أحد كتب العهد القديم الذي يؤمن به كل من اليهود والنصارى على أنه كلام الله ، حيث ورد في الفصل التاسع والعشرين منه النص رقم 12 الذي يقول : " في الكتاب المنزل إليه ، وهو الأمي ، قل : إقرأ فيقول : ما أنا بقارئ " ( ) . وأشار إلى أنه وردت نبوءات كثيرة في الكتاب المقدس عن مجيء نبينا صلى الله عليه وسلم مؤكدة الآيات القرآنية في هذا الخصوص . مثال ذلك آية " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ " . ورد تأكيدها في كتاب التثنية في النص رقم 18 : 18 الذي يقول : " أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيهم به " .
نقطة التحول
وقال ديدات عن نفسه أنه إنسان عادي مثل بقية الناس رغم ما يتردد عنه في أوساطهم من أنه عالم كبير ، فهو لم يدرس في أية جامعة وإنما بدأ حياته بائعا في بقالة ومعرض أثاث وسائقا لشاحنة وإنه كان شغوفا بالقراءة فكان يقرأ كل ما تقع عليه عينه ويتحدث بلا ملل عن كل ما يقرأ حتى بلغ بحمد الله تعالى ما هو عليه الآن من احتراف للدعوة إلى الله والدفاع عن الإسلام . وذكر أن اهتمامه بمناظرة غير المسلمين يعود إلى ما قبل خمسين عاما حين ترك المدرسة والتحق بالعمل بائعا في بقالة ريفية ، وأمام البقالة كان يقع مقر بعثة تنصيرية أمريكية . وكان منصرو هذه البعثة يأتون للتسوق . وكانوا كثيرا ما يستفزونه هو وزملاءه الآخرين الذين يعملون في البقالة بعد أن علموا أنهم مسلمين وذلك بطرح أسئلة عليهم تشوه صورة الإسلام . وقال ديدات إن الفرج جاءه بعد عثوره على كتاب " إظهار الحق " باللغة الإنجليزية وهو كتاب أعد لمساعدة مسلمي الهند في الرد على النصارى وساعده الكتاب في معرفة الكتاب المقدس وما فيه من تناقضات .
حفظ الأدلة سلاح للدفاع عن الدين
وفي المحاضرة نبه ديدات إلى تقصير المسلمين في أداء واجب الدفاع عن دينهم ضد اليهود والنصارى فالمسلم عندما يواجه بادعاء من قبل يهودي أو نصراني لا يطالبه بالبرهان ، مخالفا بذلك التوجيه الرباني : " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " . وإنما يصمت أو قد يرد بما كتبه المسلمون أنفسهم ، ولكنه لا يعمد للاستدلال بما ورد في كتب المدعي نفسه . وقد بين فضيلته أن معرفة الأدلة ونشرها يعتبر ذو أهمية بالغة امتثالا للتوجيه النبوي : " بلغوا عني ولو آية " ، لأن الآية هي السلاح المعين في الدفاع عن الدين ، فبدون معرفة الأدلة وحفظها عن ظهر قلب يتعذر الدفاع مهما علت درجة المدافع العلمية أو كبرت عمامته ، لذلك كان فضيلته مهتما وبشكل تلقائي بهذا الأمر وحتى قبل أن يعرف مضمون التوجيه النبوي ، فكان مغرما بحفظ الأدلة عن ظهر قلب وبالذات من الكتاب المقدس للستلح بها في الدفاع بها عن الدين حتى أن أصدقاءه لقبوه يوما بلقب " ألف وثمانمائة وثمانية عشر " من كثرة ما كان يردد ويتحدث عن نص ( سفر التثنية 18 : 18 ) في الكتاب المقدس يشير إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويحمل نفس الرقم . وذكر فضيلته أنه يحفظ كثيرا من الأدلة عن ظهر قلب بلغات مختلفة مثل السواحلية والاندونيسية والنيجيرية والاسبانية والعبرية والزولوية بالإضافة إلى العربية للاستعانة بها عند اللزوم للدخول إلى قلب المتكلمين بهذه اللغات وإقناعهم .
مدرسة للدعاة تخلف ديدات
وجوابا عن سؤال آخر يدعو إلى قيام فضيلته بإنشاء مدرسة لإعداد تخلفه في الرد على اليهود والنصارى الذين عكروا في هذه الأيام حياة المسلمين ، طلب ديدات أن يكلف الآخرون عن ممارسة أقدم لعبة عرفها الإنسان وهي تحميل المسئولية للغير بدلا من أن يتحملوها بأنفسهم إذ يروي الكتاب المقدس أن آدم عليه السلام برر أكله من الشجرة التي نهي عن الأكل منها بأنه ما كان ليفعل ذلك لو أن الله لم يرسل إليه حواء التي زينت له ذلك ، ودعا إلى أن يتحمل كل فرد مسئوليته وأن يبدأ بالعمل حسب قدراته ، واعتذر عن عدم قدرته على الاستجابة لتلك الدعوة وأنه يكفيه أن قام بكتابة تسعة عشر كتابا يمكن لكل واحد منها أن يكون مادة دراسية في مجال الدعوة . واستعرض عناوين تلك الكتب التي منها : " ما اسمه ؟ " . " خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس " ، " المسيح في الإسلام " ، هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ " ، من حرك الحجر ؟ " ، " ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد ؟ " ، " محمد الخليفة الطبيعي للمسيح " ، " محمد الأعظم " ، " والعرب واسرائيل " ، " القرآن معجزة المعجزات " ، " المسلم في الصلاة " ، " محمد نبي الإسلام " ، " الطريق إلى القرآن " ، " الصلاة " ، " النبي هو الأول " .
تشويه مفهوم الأصولية
وتعليقا على سؤال ثالث يتذمر فيه سائله من كثرة استخدام وسائل الإعلام الغربية لكلمة ( الأصولية ) للإشارة إلى المسلمين وكيفية العمل لجعلها تكف عن ذلك ، قال ديدات أن كلمة أصولية تعني التمسك القوي بالتعاليم الأصولية للدين والعقيدة وهي بذلك تعتبر كلمة جميلة ، فنحن نؤمن بإله واحد ولا نساوم على ذلك ، ونعتقد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ولا نتزحزح عن ذلك ، ونصلي خمس مرات في اليوم ولا نساوم على ذلك . هذه هي الأصولية . فالجزائري والإيراني والسعودي وأي شخص آخر يتمسك بتعاليم الإسلام بثبات فهو أصولي ، وإننا كلنا أصوليين لأننا نتمسك بمبادئنا ولا نساوم عليها ولا نناقش فيها ، ولكن الغربيين شوهوا الكلمة بإعطائها معنى مغايرا ، يتضمن أن الأصولي إنسان متخلف ومتعصب وغير منطقي وإرهابي ، مثلما فعلوا بكلمات أخرى فأطلقوا اسم " ابن الحب " على ابن الزنى واسم " المرح " على " اللوطي ! " وقال ديدات أن تشويه وسائل الإعلام الغربية لمفهوم الأصولية ينبغي أن ينظر إليه على أنه فرصة وهبها الله لنا لنستفيد منها في الصحافة ، إلا أننا لا نستفيد منها ، إننا لكي نستفيد منها يجب أن نكتب للصحافة المرة تلو الأخرى وبلا ملل ودون انتظار المختصين مثل أحمد ديدات أو ابن باز أو عبد الله نصيف للقيام بالرد لأن الرد مهمة كل مسلم .
ويقول ديدات أن تجربته تشير إلى أن اليهود والنصارى عموما مهتمين بالإسلام ولكنهم مغسلوا الأدمغة ومبرمجون نحو اتجاهات معينة وأن واجب المسلمين هو العمل على إعادة برمجة هؤلاء وذلك بمجادلتهم وإقناعهم بالحجة والبرهان .؟؟؟؟؟؟
محمد مختار

غير معرف يقول...

دلائل صدق محمد رسول الله عقليا

الواقع أنني أحاول أن أستشف ما يفكر به عقل المسيحي مما زرعوه فيه على مر عمره وأجيب عليه بهدوء وعقلانية ولذلك أصبح كلامي عن رسول الله كما ترون دفاع عن بشريته وزواجه وبيان أنه نبي من الأنبياء تزوج كما تزوجوا جميعا !

ولكن دعنا ننظر نظرة علمية .. لم يطرح مهاجمي الإسلام تلك القضايا ويثيرون مسألة مثل زواج الرسول ؟!
الواقع أنها حيدة كبيرة وهروب من التفكير المنطقي .. فمحمد –صلى الله عليه وسلم- لم يدعونا لعبادته هو ...فلو دعانا لذلك ..لربما نضع تلك المسائل تحت البحث ..لكن دعوته كانت مختلفة ..لقد دعانا لعبادة الله !!

نعم...لم يدعنا لنكون محمديين بل دعانا لنكون مسلمين لله – عز وجل- وتنزيهه عما يعتقد به الوثنيون أو النصارى أو اليهود فالله أعلى وأكبر من من شتم اليهود والنصارى له ..وقد بيننا صفات الإله في المبحث السابق!
فالواجب على الذي يدعي العقلانية أن يفند الإعتقاد ..لا أن يحاول الهرب بجرنا إلى قضية أخرى !!

والذي يطعن في شخص مدعي نبوة فالواجب أن تكون طعوناته مستنده على أساسات جلية
1- ما هدف محمد –صلى الله عليه وسلم- من إدعاء النبوة ؟!

2- كيف إستطاع محمد –صلى الله عليه وسلم- تأليف القرآن ؟!

الواقع أن الأسئلة تبدو سهلة بالنسبة لنصراني سمع ما يردده قساوسته..لكن غياب حقائق أخفاها عنه القساوسة ومع جهل عوام النصارى بديننا ويكتفون بسماع زكريا بطرس أو غيره من جهلة وكذابين الكنائس ..ولذلك فالحقائق مشوشة للغاية !

ولا نخرج من كونه حوار عقلي على أساس التسليم بالمصادر من الجانبين –كما إتفقنا-
ونبدأ بالسؤال الأول : ما هدف محمد –صلى الله عليه وسلم- من إدعاء النبوة ؟
قد يقول قائل : الأمر بسيط إنه حب السلطة والملك والمال !
وهذا جواب يمكن أن يبدو منطقيا إلا أنه غاب عن ذهن قائله حقائق جلية .. فكونك سلمت بأن الهدف هو حب السلطة والزعامة والمال ..هذا يعني بأنه لم يكن ذو رسالة ولا يأبه لتابعيه ..وهذا ما لا يمكن أن يتخيل من شخصية رسول الله
ناهيك أنه –حسب فرضك- لو أتته الرئاسة والزعامة والمال فقد حصل مراده من إدعائه النبوة ..ويكفيني أن تعرف –عزيزي القارئ – أن النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- جاءه كل ذلك مقابل أن يتخلى عن إدعاءه النبوة ...!
إجتمع كفار مكة وتكلم عنهم عتبة بن الوليد وهم مجتمعين حول رسول الله فقال عتبة : إن كان إنما بك الباه فاختر أي نساء قريش شئت حتى أزوجك عشرا
وإن أردت الملك ملكناك علينا
و إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش مالا
وإن أردت ... وإن أردت ....

وجاءه عمه "أبو طالب" فعرض عليه العروض السخية التي عرضتها له قريش .. فقال رسول الله كلمته الشهيرة "والله يا عمي لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته"

وهكذا سقطت إدعائات النصارى أنه كان يسعى للسلطة أو المال أو النساء لأن هذا كان متاحا بلا مصاعب ثلاث عشرة سنة تعذيب ونكال في مكة وبعدها سنوات من الجهاد والنصب والتعب في المدينة ..وكان منذ البداية كل شئ متاح له في مكة ... فأين الدافع...أين الهدف ؟

الواقع أن إدعاء النبوة والكذب جريمة كبيرة ..وكل جريمة لابد لها من دوافع ..فلو وجدت رجلا مقتولا له إبن وقد تنازل الأب لإبنه عن كل أملاكه منذ سنوات عديدة ..فبالطبع يصعب تخيل أن الإبن قد قتل الآب...لأن الأموال أمواله فلم يقتل أبيه ..ما هدفه..ما مصلحته ؟

وكانت الدنيا بحذافيرها من مُلك لبلد مهم مثل مكة وأموال وجاه ومنصب وشرف عند محمد –صلى الله عليه وسلم- فلم يستمر في طريق ربما ينجح أو يفشل طالما جاءه ما يطلب ؟!

وهنا تسقط كل دواعي الكذب ويظهر صدق محمد –صلى الله عليه وسلم- في دعوته ورسالته...ولعله لا يماري في هذا إلا جاحد !

ولعل الإنسان المثقف البسيط يعرف أن النبي رغم أنه كان له من خمس الغنائم وكان حاكما للأمة إلا أنه عاش حياة بسيطة فتروي نسائه أنه ما شبع آل بيت محمد ثلاث أيام متتابعة ..وكان يمر الشهر ولا يوقد في بيته نار..وكان طعامه الأسودان "الماء والتمر" وكان يربط على بطنه حجرين من الجوع في غزوة الخندق ..وسأله أعرابي ذات مرة بغلظة قال "أعطني من مال الله لا من مال أبيك ولا أمك" فأعطاه الرسول قطيعه من الغنم كاملا ..فكان النبي يعطي إعطاء الذي لا يخاف من الفقر..ولم يسكن الفيلات ولا القصور ..بل تروي عائشة أن كان يصلي بالليل وهي نائمة ومن ضيق الغرفة كان يضطر أن ينبهها أن تسحب رجلها حتى يتمكن من السجود ..وفي مرض موته كانت كل ثروته 7 دنانير أمر أن يتصدق بها قبل موته..وليلة موته لم يجدوا زيتا يضيئوا به المصابيح...فأي فائدة رجاها من إدعاء النبوة ؟

الواقع أن لكل جريمة هدف ...و جريمة كبيرة كالكذب على الله بإدعاء النبوة ..بلا هدف ..إدعاء سخيف !!
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟هل كان العالم محتاجا لنبي آخر بعد المسيح ؟


الواقع يقول : نعم ...إن العبرة بالتأثير في البشر ..فملايين من البشر يؤمنون بالمسيح مخلصا وفاديا حول العالم ..فهل رفع ذلك من أخلاقياتهم في شئ ؟
للأسف إن الناظر في ثقافة الفداء يجد أنها تجعل الإنسان لو كان ملاكا تجعله شيطانا .. لماذا؟
سمعت مسيحيا يقول "المسلم لو سألته هل سيدخل الجنة أو لا ؟ سيقول لك "بإذن الله" ولا يستطيع أن يجزم لنفسه بالجنة أما نحن فنقول أننا 100% في الجنة بل مليون% في الجنة "
وأنا أسأل ألا يخلق لنا هذا أوربا وأميركا من عري وزنا وجريمة وفساد ولواط...وكل يفعل ما يحلو له فيسوع حمل عنه خطاياه وطالما آمن بيسوع إلها ...فهو في الجنة ؟!!
ألا يخلق ذلك مؤمنين بنظرية الرهان التي حاول أن يرشد إليها الناس زكريا بطرس -كما فصلنا- ..وبالتالي يعيشون تائهين إن كان الإلحاد حقا فهم لم يخسروا شيئا إن جربوا المسيحية..وإن كانت المسيحية حقا فمحمولة عنا خطايانا فلنفعل ما نشاء!!!

فهذا هو إجابة السؤال الكبير..أهذا دين الخالق ؟
الله عز وجل يريد للأرض إصلاحا لا فسادا !
فبولس اليهودي لما فشل بتدمير دين المسيح من توحيد وأخلاق حميدة بالقتل والسيف لجأ للنفاق لكي يجعل المسيحيين بلا أخلاق وكل شعب بلا دين وأخلاق لا يستطيع أن يستمر أبدا وتلك سنة الله في الخلق ..فنشر بولس مبدأ الفداء وهو أكبر تدمير لكل خلق حميد نشره المسيح ودائما هذا هو إسلوب اليهود بجمعياتهم الماسونية ..هدفهم الوحيد القضاء على كل الديانات ليبقى الدين الوحيد هو دين اليهود !

أما الإسلام فعلى خلاف المسيحية فقد جاء بمنهج الترغيب والترهيب ... بالجنة والنار ...بالثواب والعقاب .. ولو قطع لنا ديننا بالجنة أو قطعنا لأنفسنا بالجنة من الآن لإتكلنا ولأصبحنا امة مثل أمة النصارى بلا أخلاق ولكن ترجو ثواب الله وتخشى عقابه ولذلك نجتنب المعاصي ونعمل الخيروهذا ما يقوله المسيح نبوؤة عن أمة الإسلام :
مت 21:43 لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل اثماره.
وأمة النصارى على العكس تماما
غل 5:4 قد تبطلتم عن المسيح ايها الذين تتبررون بالناموس.سقطتم من النعمة

فالواقع المرئي أن الجميع يشهد أن المسيحيين الشرقيين نسبة الزنا عندهم أقل كثيرا من الغرب لا لشئ إلا لأنهم يعيشون بين المسلمين ...بل كونهم متمسكين ببعض من دينهم مثل لبس الصليب وحضور القداسات لا لشئ إلا لأنهم وسط المسلمين....أما طبيعة ما تنجبه المسيحية بثقافة الفداء والذنوب المحمولة مقدما فنراها جلية في الغرب بكنائسه المختلفه حتى قال البابا شنودة عن الكنائس التي تحلل الزواج المثلي "فضحتونا" !!
فوالله لا صلاح لهذا العالم إلا بالإسلام !

ناهيك أن السبب الأعظم هو أنه قد تم تحريف الإسلام الذي جاء به عيسى وموسى إلى سب لله الخالق كما بينا !!
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟محمد رسول الله

والله يعجز البيان عن الكلام عن رسول الله وبيان أنه حقا وصدقا لا مرية في نبوته بل فاقت دلائل نبوته موسى وعيسى وكل نبي .. والمؤسف أن كثير من أهل الكتاب هم من يكذبونه حقدا وحسدا والله...أما الحق فإتبعه ملايين من أهل الكتاب الذين أسلموا شرقا وغربا حتى أصبحت بلدا مثل مصر كانت 90% مسيحيين أصبح أهلها 90% مسلمين ..ونسأل كيف ذلك؟ هل حدث للمسيحيين مذابح جماعية فينبغي أن تثبتوا ذلك ..أم باعوا دينهم مقابل الدراهم السنوية للجزية التي يدفع المسلم أضعافها زكاة..أم ماتوا جميعا وبقى المسلمون المحتلون..أم ماذا....أين ذهب المسيحيون الشرقيون....الواقع والحقيقة أن أكثر من 70% منهم أسلموا طواعية والواقع يشهد ...فهل كل هؤلاء ضللوا أم باعوا أنفسهم أم بالفعل وجدوا الحقيقة فإتبعوها ؟!

وطالما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أول المستهدفين من النصارى الحاقدين أمثال زكريا بطرس بحقد غير مبرر وغير علمي ..كان من الواجب بيان الحق وإزهاق الباطل.

وأقول لهم مازلنا في دعوة للتفكير العلمي .. لماذا تكذبون محمد –صلى الله عليه وسلم-؟

الواقع أن النصارى أصبحوا مثل الملاحدة تماما في هذه النقطة...مثلا ربما ينكر علي ملحد ما أمر زواج الرسول وليس هذا غريبا لأن هؤلاء الملاحدة إنما ينظرون إلى الغرب كأنه الإله فما قال لهم عنه الغرب أنه صواب فهو الحق ولا جدال مهما كان قذرا ومستشنعا وما قال لهم الغرب أنه خطأ كان باطلا محضا مهما كان جيدا أو طبيعيا !

لكن النصارى أهل كتاب وليسوا ملاحدة !
قد يتسائلون .. وما الفارق؟...إن الفارق –عندنا- بين أهل الكتاب والملاحدة ليس في العقيدة فنحن نكفر النصارى والملاحدة ولكن الفرق هو أن النصارى يملكون كتابا به بقايا من الحق ..فهل يقرأون ويتفكرون فيما جاء في كتبهم ويهتدون بهديها ؟!

إن الله –عز وجل- عندما كان يخاطب النصارى أو اليهود في القرآن يقول لهم "يا أهل الكتاب" وهذه إشارة للرجوع لما في كتبهم من بقايا الحق المطموس.

فأهل الكفر يعاندون لمجرد التفكير أن بشر مثله بعثهم الله ليبشروهم وينذروهم ويأمروهم بعبادة خالقهم {أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس}؟ وقال تعالى: {ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشرا يهدوننا} وقال فرعون وملؤه: {أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون}؟ وكذلك قالت الأمم لرسلهم: {إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين}.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا ) سورة هود

بل وهذا هو سبب الكفر بجميع الأنبياء من قبل
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً} (94) سورة الإسراء

ومن هذا الذي يخفيه قساوسة وأحبار ورهبان النصارى عن عامة النصارى هو أمور مختصة بالأنبياء والمرسلين وهنا يفضح الله حقدة النصارى بقوله
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) سورة الفرقان

وقال تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً (الرعد : 38 )

إن النبي بشر يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق ويتزوج ..!
أليس هذا كلام منطقي وعلمي للمؤمنين من أهل الكتاب ؟!

أن التفكير العلمي في مسألة مدى صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم يتطلب بأن يقلب النصراني صفحات كتابه ليرى ما هي صفات الأنبياء والمرسلين ؟!
ما صفات داود وسليمان وإشعياء وإرمياء وموسى وحزقيال وملاخي وهارون ... وغيرهم ممن يزخر بهم الكتاب المقدس !
هل كانوا ملائكة لا يأكلون الطعام ؟!
هل كانوا لا يتزوجون النساء مثلا أو يتزوجون بإمرأة واحدة ؟!

الواقع أن جلهم عدد نساءه فمحمد صلوات الله وسلامه عليه تزوج بإحدى عشرة أمرأة طوال حياته ليست فيهم إلا بكر وحيدة وهي عائشة الصديقة بنت الصديق وكانت بعضهن عجائز بمعنى الكلمة وماتت إثنتين منهما في حياته ..بينما في مجتمعه كان الزواج متزامنا مع البلوغ تماما ...فعمرو بن العاص مثلا فرق بينه وبين إبنه الأول في العمر عشر سنوات مما يعني أنه تزوج في التاسعة أو في العاشرة على أقصى تقدير وبالطبع تزوج بفتاة أصغر منه أو في مثل عمره ..وهذه تقاليد المجمتع وأعرافه !
و النبي صلى الله عليه وسلم أولى زوجات الرسول هي خديجة –رضي الله عنها- تزوجها وعمره 25 عاما وعمرها جاوز الأربعين ولم يتزوج إلى أن ماتت رضي الله عنها!
فهل يظن في شخص مثل رسول الله أي سوء ؟!

ونأتي لأمر "أهل الكتاب" هل هم مستعدين ليعرفوا أن جل الأنبياء قد عددوا أزواجهم ؟!
وطالما قال محمد أنه "نبي" و "رسول من عند الله" لم يدعي الإلوهية يوما ما ...!
فهلم نرى قول الله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً (الرعد : 38 )

هل تؤمن بإبراهيم و يعقوب وموسى و جدعون و داود و رحبعام و سليمان و هوشع كأنبياء كان يأتيهم الوحي من عند الله؟ ....... هل تعلم أن تعدُّد الزوجات أباحها الله فى الشريعة التي انزلها الله على هؤلاء الانبياء؟ و هذا من الكتاب المقدس الذي لم تقراه:

نساء النبي الملك وابن الله عندكم سليمان الف امراة هن:
-1وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصَيْدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ. فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّة ِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. ملوك الأول 11 1-3 :

وزوجات النبي يعقوب 4 هن:
1- ليئة
2- راحيل
3- زلفة
4- بلهة
وبذلك يكون النبي يعقوب قد جمع 4 زوجات فى وقت واحد.


زوجات النبي إبراهيم 13 هن:
1- سارة زوجته و أخته لأبيه سفرالتكوين 20: 12
2- هاجر سفرالتكوين 16: 15
و كان عمر إبراهيم عندما تزوج هاجر 85 أنجب إسماعيل وعمره 86 سنة تكوين 16: 16. وكان عمر هاجر عندما تزوجها إبراهيم حوالى 25 إلى 30 سنة فقد أُعطِيت لسارة من ضمن هدايا فرعون له وتزوجها بعد هذا الموعد بعشر سنوات هى مدة إقامته فى أرض كنعان. فمتوسط عمرها عندما أُهدِيت لسارة بين 15 - 20 سنة.
وبذلك يكون الفرق فى العمر بين إبراهيم وهاجر بين 55 و 60 سنة.
3- قطورة سفرالتكوين 25 1 :
4- يقول سفر التكوين: 6 وَأَمَّا بَنُو السَّرَارِيِّ اللَّوَاتِي كَانَتْ لإِبْرَاهِيمَ فَأَعْطَاهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَطَايَا وَصَرَفَهُمْ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِهِ شَرْقاً إِلَى أَرْضِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ. تكوين 25: 6
ومعنى ذلك أنه كان سيدنا إبراهيم يجمع على الأقل ثلاث زوجات بالإضافة إلى السرارى التى ذكرها الكتاب بالجمع. فإذا ما افترضنا بالقياس أن سيدنا إبراهيم كان عنده 10 سرارى فقط بالإضافة إلى زوجاته، يكون قد جمع تحته 13 زوجة وسريرة.

وزوجات النبي موسى 2 هن:
1- صفورة سفرالخروج 2: 11-22
2- امرأة كوشية وهو فى سن التسعين سفر العدد 12 1-15 :
وبذلك يكون نبى الله موسى قد تزوج من اثنتين يؤخذ فى الإعتبار أن اسم حمى موسى جاء مختلفاً: فقد أتى رعوئيل سفر الخروج 2: 28) ويثرون (سفر الخروج 3: 1 وحوباب القينىسفر القضاة 1: 16 وقد يشير هذا إلى وجود زوجة ثالثة لموسى عليه السلام ؛ إلا إذا اعترفنا بخطأ الكتاب فى تحديد اسم حما موسى عليه السلام.

وزوجات النبي جدعون 23 هن:كان لجدعون سبعون ولداً خارجون من صلبه لأن كانت له نساء كثيرات سفرالقضاة 8 30-31:
وإذا ما حاولنا استقراء عدد زوجاته عن طريق عدد أولاده نقول: أنجب إبراهيم 13 ولداً من 4 نساء. فيكون المتوسط التقريبى 3 أولاد لكل امرأة.

وكذلك أنجب يعقوب 12 ولداً من 4 نساء فيكون المتوسط التقريبى 3 أولاد لكل امرأة.

ولما كان جدعون قد أنجب 70 ولداً: فيكون عدد نسائه إذن لا يقل عن 23 امرأة.
ولم يشتمهم العهد الجديد ويقول أنهم شهوانين بل قال :
Heb:11:32 وماذا اقول ايضا لانه يعوزني الوقت ان اخبرت عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والانبياء 33 الذين بالايمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعيد سدوا افواه اسود (SVD)


وزوجات النبي داود 69 امرأة على الأقل هن:
1- ميكال ابنة شاول سفر صموئيل الأول 18 20-27 :
2- أبيجال أرملة نابال سفر صموئيل الأول 25: 42
3- أخينوعيم اليزرعيلية سفر صموئيل الأول 25: 43
4- معكة ابنت تلماى ملك جشور سفر صموئيل الثانى 3 2-5 :
5- حجيث سفر صموئيل الثانى 3: 2-5
6- أبيطال صموئيل الثانى 3: 2-5
7- عجلة صموئيل الثانى 3: 2-5
8- بثشبع أرملة أوريا الحثى صموئيل الثانى 11 27 :
9- أبيشج الشونمية ملوك الأول 1: 1-4
وجدير بالذكر أن زوجة نبى الله داود أبيشج الشونمية كانت فى عُمر يتراوح بين الخامسة عشر والثامنة عشر وكان داود قد شاخ أى يتراوح عمره بين 65 و 70 سنة. أى أن العمر بينه وبين آخر زوجة له كان بين 45 و 50 سنة.
12وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَثْبَتَهُ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. 13وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضاً سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضاً لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ. سفر صموئيل الثانى 5: 12-13

ويمكن استقراء عدد نساء داود فى أورشليم كالآتى:
ملك داود فى حبرون على سبط يهوذا نحو 7 سنين تزوج فيها ست زوجات أى بمعدل زوجة جديدة كل سنة.
ولما ا نتقل داود إلى أورشليم ملكاً على إسرائيل كان عمره 37 سنة وقد بدأت المملكة تستقر. فمن المتوقع أن يستمر معدل إضافة الزوجات الجدد كما كان سلفاً، أى زوجة جديدة كل سنة.
وإذا أخذنا عامل السن فى الاعتبار فإننا يمكننا تقسيم مدة حياته فى أورشليم التى بلغت 33 سنة إلى ثلاث فترات تبلغ كل منها احدى عشر سنة ويكون المعدل المقبول فى الفترة الأولى زوجة جديدة كل سنة وفى الفترة الثانية زوجة جديدة كل سنتين وفى الفترة الثالثة زوجة جديدة كل ثلاث سنوات.
وبذلك يكون عدد زوجات داود الجدد الائى أخذهن فى أورشليم 20 زوجة على الأقل.
أما بالنسبة للسرارى فيقدرها العلماء ب 40 امرأة على الأقل. فقد هرب داود خوفاً من الثورة التى شنها عليه ابنه أبشالوم مع زوجاته وسراريه وترك عشر نساء من سراريه لحفظ البيت. صموئيل الثانى 15: 12-16.
وبذلك يكون لداود 29 زوجة و 40 سرية أى 69 امرأة على الأقل. وهذا رقم متواضع إذا قورن بحجم نساء ابنه سليمان الذى وصل إلى 1000 امرأة.

نساء النبي رحبعام78 امراة هن:
21وَأَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَة. ًسفر أخبار الأيام الثانى 11: 21

نساء النبي هوشع بن نون (فتى موسى) زوجتين هن:زوجتين هوشع 1: 2- 3 و هوشع 3 1-2 :

سليمان 1000 أمرأة ....700 زوجة
1Kgs:11:3: وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه. (SVD)
سليمان لم يقل عنه المسيح شهواني بل قال :
Lk:11:31 ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم.لانها أتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان !!


و نجد ايضا أبيـــــــــــا له نساء
2Chr:13:21: 21 وتشدّد ابيا واتخذ لنفسه أربعة عشرة امرأة وولد اثنين وعشرين ابنا وست عشرة بنتا. (SVD)
يعقوب له نساء
Gn:31:17: 17. فقام يعقوب وحمل أولاده ونساءه على الجمال. (SVD)

جدعون أيضا له نساء
Jgs:8:30: 30 وكان لجدعون سبعون ولدا خارجون من صلبه لأنه كانت له نساء كثيرات. (SVD)

داوود الملك النبي أيضا له سراري ونساء

Mk:11:10 مباركة مملكة ابينا داود (SVD)
ولطالما دعي المسيح بن داود!

2Sm:5:13: 13 واخذ داود أيضا سراري ونساء من أورشليم بعد مجيئه من حبرون فولد أيضا لداود بنون وبنات. (SVD)

2Sm:12:11: 11 هكذا قال الرب هاأنذا أقيم عليك الشر من بيتك وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهن لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس. (SVD)
2Sm:15:16: 16 فخرج الملك وجميع بيته وراءه.وترك الملك عشر نساء سراري لحفظ البيت. (SVD)

و عيسو ايضا له نساء

Gn:36:2: 2 اخذ عيسو نساءه من بنات كنعان.عدا بنت إيلون الحثّي وأهوليبامة بنت عنى بنت صبعون الحوّي. (SVD)

Gn:36:6: 6 ثم اخذ عيسو نساءه وبنيه وبناته وجميع نفوس بيته(SVD)

شرع الله قال بتعدد الزوجات :
Dt:21:15. إذا كان لرجل امرأتان احداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة.فان كان الابن البكر للمكروهة (SVD)


هل تؤمن بهؤلاء كانبياء؟
وأسأل كل عاقل ..كيف تحترم دينا مثل "المسيحية" يقوم فيه رجال الدين –مثل زكريا بطرس- بإخفاء تلك المعلومات عليكم طاعنين في النبي محمد بأنه عدد أزواجه؟
أليس ذلك من الكفر لمجرد الكفر والحقد الغير مبرر والغير علمي ؟!

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.

حسنا ربما يتبادر على ذهن أحدهم أن المسيح بن مريم لم يتزوج ويوحنا المعمدان كذلك
وبالطبع من يأتي في خاطره هذا الفكر إما جاهل لم يقرأ كتابه أو يعرف السبب ولكنه يدلس !
والواقع أن من أحكام الله لبني إسرائيل حسب العهد القديم
Ex:13:2 قدس لي كل بكر كل فاتح رحم من بني اسرائيل من الناس ومن البهائم.انه لي. (SVD)

وعيسى بن مريم ويحيي بن زكريا عليهما الصلاة والسلام هما بكر امهاتهم!
يقول إنجيل لوقا (“ولما تمت ثمانية ايام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل ان حبل به في البطن ولما تمت ايام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به الى اورشليم ليقدموه للرب. كما هو مكتوب في ناموس الرب ان كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسا للرب. ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام او فرخي حمام” (لو 2:21-24)

فكون المسيح لم يتزوج فليس لعيب فيه هو –حاشاه- وليس لعيب في الزواج نفسه ولكن لأن تشريع بني إسرائيل كان البكر لا يتزوج وهو منذور لله !

فالنصارى لو أرادوا الحقيقة حقا لبحثوا عن صفات الأنبياء وبعد ذلك طبقوها على النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- وبعد ذلك يوضع على ميزان بقية الأنبياء ليروا هل هو نبي أم لا ؟!

والواقع أن صفات الأنبياء عندهم مريعة وهم يعرفون ذلك ويصرحون بذلك بلا إستحياء
إن هذا الكتاب –المقدس- يأبى إلا أن يشوه صورة أنبياء الله الذين هم أطهر خلق الله فقد إتهم النبي إبراهيم أنه باع عرضه (تكوين 12: 11-16) و نبى الله داود أنه زنى بامرأة جاره (صموئيل الثانى 11: 2-5) و نبى الله سليمان أنه يعبد الأوثان (ملوك الأول 11: 5 ( ؟
ناهيك عن بقية الأنبياء الذين لم يذكر لهم الكتاب المقدس إلا حوادث الزنا والتعري والسكر والظلم و....وما ذكره الكتاب المقدس من الأعمال الجيدة أقل كثيرا من الشر والفواحش والآثام !

والواقع أن هذا ليس عيبا في الأنبياء كما يقول النصارى وآبائهم ..لا ..حاشا وكلا بل إن العهد القديم هو العيب ..لأن هؤلاء اليهود عليهم لعنة الله لم يتركوا نبيا إلا وكذبوه وشكوا فيه وحاولوا قتله أو قذفوه وإتهموه .
لكي يكون كل أنقى الخلق أنجاس مثلهم فلا ينكر عليهم منكر أنهم أصحاب زنا أو سرقة أو ما شابه فالنبي عندهم يزني ..فما بالك بالشخص العادي !

وكم قالهم المسيح (يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين) فهل من تجرأ على قتل نبي ألا يتجرأ من باب أولى على سبه وشتمه والطعن فيه ؟!

فالعيب في العهد القديم أنه وضع من شأن الأنبياء وكذب عليهم !
سليمان من هو حسب العهد القديم ؟

((سفر الملوك الأول 11 : 4 وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. 5 فذهب سليمان وراء عشتروث الاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. 6 وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما كداود ابيه. 7 حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تجاه اورشليم.ولمولك رجس بني عمون. 8 وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كنّ يوقدن ويذبحن لآلهتهنّ. 9. فغضب الرب على سليمان لان قلبه مال عن الرب اله اسرائيل الذي تراءى له مرتين 10 واوصاه في هذا الامر ان لا يتبع آلهة اخرى.فلم يحفظ ما أوصى به الرب.))

إذن سليمان مرتد حسب العهد القديم .. والإسلام جاء ليكذب ذلك ويقول أنه كان نبي عظيم من اعظم أنبياء بني إسرائيل !

فما رأي المسيح في سليمان ؟!

Mt:12:42 ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه.لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان.وهوذا اعظم من سليمان ههنا. (SVD)

المسيح لا يزكي سليمان فقط..لا ..بل ويقارن نفسه به ويقول أنه أعظم من سليمان ..فبالله عليكم هل يقارن نفسه بمرتد عابد أوثان...فبالتأكيد أقل مؤمن ضعيف الإيمان كبطرس المنكر للمسيح وتوما الشكاك أعظم من المرتد عابد الأصنام وحتى المقارنة لا تجوز مع المؤمن العادي فكيف بالمسيح ... كيف يقارن المسيح نفسه بسليمان إن لم يكن المسيح يؤكد أنه نبي عظيم حكيم هل يعقل أن تخرج الحكمة من مرتد ؟ وهل يعقل أن يكتب الكتاب المقدس كلام الله عابد أصنام ؟

Mt:7:16 من ثمارهم تعرفونهم.هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا. (SVD)

فالمسيح يؤكد أن ما قيل عن إرتداد سليمان وعبادته للأصنام هو كذب وإفتراء .
والمسيح كثيرا ما يذكر إبراهيم بالخير .. وبل وداود الذي ينسب إليه الزنا بإمرأة أوريا ..!!
وهنا يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المسيح يتهم العهد القديم بالتحريف ولا شك في هذا على الإطلاق !

إن المسيحي ينظر إلى الأنبياء في العهد القديم بفحشهم وزناهم وكفرهم ..وينظر على الجانب الآخر للمسيح في العهد الجديد فبالطبع يرى الفارق جليا بين الزناة عبدة الأصنام وبين المسيح الطاهر النقي ..بل والعهد الجديد جاء بغلو في المسيح خصوصا في رسائل بولس !

والواقع أنك لم تخطئ حينما نظرت للمسيح أنه طاهر نقي بلا غلو ولكنك أخطأت حينما نظرت للأنبياء أنهم زناة عراة بنظرة العهد القديم !
ولكن إن أردت الحياد فإنظر للأنبياء كما نقل عنهم القرآن (أولئك الذين هداهم الله فبهداهم إقتده )

فالواقع أن الإسلام منهجا وسطا بكل معاني الكلمة ..فلسنا نفترى على الأنبياء الكذب بأنهم زناة كفرة –كما قال اليهود- ولسنا نقول أنهم آلهة –كما قال النصارى عن عيسى- ولكن أمة وسطا ...نقول أن الأنبياء بشرا ولكنهم خير خلق الله !

من ناحية أخرى لسنا ننظر إلى الحياة بمادية الغرب الآن ..فإنهم يعيشون كالبهائم من العمل لكسب العيش ثم يعيش لشهوته مع الخلائل من النساء ولو كان متزوجا .. بل ولم تتزوج أساسا ؟! فمادية الغرب متفشية وأصبحت مقدمات الجنس تحدث في الشوارع !!
وهناك فئة أخرى مثل فكر العهد الجديد رأت أن الجنس خطيئة ورجس من عمل الشيطان وأن الرهبانية بالنسبة للنساء أفضل لرضا الرب والرجال عليهم أن يختصون .. إلخ
-الطبعة الكاثوليكية -متى 19 : 12فهُناكَ خِصْيانٌ وُلِدوا مِن بُطونِ أُمَّهاتِهم على هذِه الحال، وهُناكَ خِصْيانٌ خَصاهُمُ النَّاس، وهُناك خِصْيانٌ خَصَوا أَنفُسَهم مِن أَجلِ مَلكوتِ السَّمَوات. فَمَنِ استَطاعَ أَن يَفهَمَ فَليَفهَمْ! )).

فهذه نظرة المسيحية لذكورة الرجل وإنوثة المرأة ...!

أما عندنا في الإسلام .. فلا نعيش معيشة البهائم كما يعيش الغرب من الخلائل والخليلات (قال الله " ولا متخذي أخدان" وقال "ولا متخذات أخدان" ) !
ولا عندنا نظرة المسيحية للشهوة أنها رجس من عمل الشيطان وللجنس بأنه خطية ... لا..بل رشد الإسلام مسألة الشهوة وجعلها محصورة في الزواج !
وحصن المسلم بأن أمره بغض البصر عن غير محارمه وأمر النساء بالإحتجاب عن الرجال الأجانب ..كل هذا لضمان سعادة الأسرة المسلمة وبالتالى المجتمع المسلم وأظن أن السعادة أهم ما يستطيع أن يتحصل عليه المرء خلال هذه الحياة !
فالواقع أن الشهوة طاقة أعطاها الله للإنسان ليعمر الأرض وهي ضرورة للحفاظ على النسل ..ولذلك فالإسلام جاء بترشيد إستخدام الشهوة في الزواج فقط وحدد ضوابط لضبط الشهوة من الحجاب وغض البصر وغيره وهو ترشيد لإستخدام الشهوة في المكان الصحيح فقط ولكن ليس قتل الشهوة لأنك لن تستطيع قتلها بل تنميها وتصبح وحشا والدليل هو فساد الأديرة وكان مثلا شعبيا أجنبيا شهيرا يوكد ما يؤديه الكبت الجنسي في الأديرة فيقول ((تحتاج إلى شيطان واحد لأشباع فساد أخلاق قرية ، ولكنك تحتاج إلى أكثر من ألف لتشبع فساد أخلاق دير))

فالإسلام جاء متوافق مع الفطرة التي خلقها الله في الإنسان ولذلك فهو أدعى أن يكون من عند الخالق ..لأنه يتعامل مع الإنسان تعامل الخبير ..ليس تعامل جامد سطحي جاهل كتعامل المسيحية أو تعامل شهواني جسدي مادي كتعامل الغرب !!

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً (البقرة : 143 )


فالدين الوحيد الواقعي هو دين الإسلام ... !

غير معرف يقول...

(((((((((رسالة إلى الغـــــــــــرب)))))))))

(هذا هو محمد الرسول الذي يعظّمه المسلمون)
فضيلة الشيخ فرج هادي
خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
داعية وإمام وخطيب جمعة

نبذة عن الكتاب:
الكتاب دراسة علمية لأبرز ملامح شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم مع نفسه ومع اسرته ومع الناس واقوال المنصفين فيه كل ذالك بأسلوب علمي مجرد يخاطب غير المؤمنين بالاسلوب الذي يؤثر فيهم

أرجو ترجمة الكتاب إلى لغات غير المسلمين ونشره حتى يكون وسيلة مقنعة لإسلامهم ان شاء الله

مقدمــــــة:

كان جوّ الظلم والإعتداء والسلب والنهب والكراهية يخيّم على العالم قبل ظهور الإسلام فجاء محمد الرسول ، فغيّر الواقع من الظلم إلى العدل ومن التوحّش إلى المدنية وحّول القلوب من الكراهية والحقد إلى المحبّة والإخاء وقشع عن الوجوه سحب التقطيب والقسوة ورسم مكانها الفرحة والإبتسامة , فجعلها راية للسعادة التي غمرت الأرواح والقلوب .

أبرز ملامح شخصيّة محمد الرسول :

مع نفســـــــــــــــــه :
كان رجلا عظيما , صنع العظمة ولم تصنعه، بل بنى عظمته من خلال ثقته وثباته على مبدئه في شخصية جلّلتها الأخلاق الحسنة و المعاملة المستقيمة مع العدوّ والصديق وظلّلتها صفة التواضع واليسر والسهولة بعيدا عن التعقيد وعقد التمظهر والتصنع والتكلّف .
كان صادقا مع نفسه مقتنعا بمبدئه، أهدافه محددة ورؤيته واضحة .
ثبت على مبدئه حتى بلّغ رسالته الإلهية ونشر مبادئه النبيلة التي يجهلها كثير ممّن يعاديه أو ينتقصه .
جمع جميع خصال الخير التي ترتضيها الفطرة وجميع صفات الكمال البشري الذي يأمله العقلاء ,
جمال خلقي عانق جمالا أخلاقيا وجمالا عقليا فأزهر بدرا أنار العالم وفجّر ينبوعا أعاد الحياة لبشرية أماتها الجهل والأنانية .


مـــــــــــــــــــــع أسرتـــــــــــــــــــه :

الناظر في الحياة الخاصّة لمحمد الرسول يعجب لرجل انحدر من بيئة صحراوية جبلية قاسية يعمّها الجهل والفوضوية كيف بلغ أعلى مستوى من النجاح الأسري المنقطع النظير
فمحمد كان لأهله ينبوعا لا ينضب من الحبّ والحنان والدفئ ورقة المشاعر والعاطفية.
وكان يمثلّ لأهله الحبيب المتودّد , حيث كان يلاعب أهله ويمازحهنّ و يخاطب دفئ مشاعرهنّ ، فها هو مثلا بأسلوب رقيق يلقي دفئ الحب في قلب زوجته عائشة إذ كان يتعمّد أن يضع فمه على موضع شربها من الإناء مرسلا برسالة خفيّة تسعد قلبها وتهزّ مشاعرها, ومثيلات هذه الشاعرية كثيرة في حياة الرسول.
كما كان محمد الرسول أيضا يمثّل الحبيب الوفيّ في أسرة هانئة سعيدة , فهو لم ينس زوجته خديجة التي ماتت, بل كان يذكر فضلها ويحسن إلى أقاربها ، وغضب لها عندما انتقص منها في حضرته , روى أبو نجيح في قصة استئذان هالة بنت خويلد أخت خديجة : ( قالت عائشة :فقلت أبدلك الله بكبيرة السنّ ــ تقصد خديجة ــ حديثة السنّ فغضب حتى قلت : والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلاّ بخير) .
ورغم أعباء محمد الرسول الثقيلة كرئيس للدولة وقائد للجيش ومرشد فكري وأخلاقي لأتباعه فإنّه لم يغفل أن يكون الحبيب المعين لأسرته , حيث كان يخدم زوجاته ويساعدهنّ في أعمالهنّ المنزلية مشعرا إيّاهنّ بأهمّية المرأة وقيمتها العالية في دينه الإسلامي .
فعن الأسود قال:( سألت عائشة : ما كان النبيّ يصنع في أهله ؟ فقالت : كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة ) (رواه البخاري)


محمد مع الناس في حال الســـــــلم :

1ــ محمد الرسول رجل الحق والعدالة :
كان رجلا يحب الحق والعدل ويحكم به ، لا تأخذه في الحق لومة لائم ، فما كان يجامل أحدا لجاهه أو ماله أو نسبه , بل كان الضعيف قويّا عنده حتى يأخذ له حقه وكان القويّ ضعيفا عنده حتى يسترجع منه حق غيره .
وبلغ من عظمة عدله وتمسكّه بالحق أن لا يجامل حتى أحبّ الناس إليه, فقد حدث أن سرقت امرأة وجيهة في قومها واستحقت عقوبة جريمتها، فذهب أهلها إلى رجل من أتباعه - هو من أحب الخلق إليه - ليتوسّط لهم في رفع الحكم عنها, فذهب الرجل وعرض الأمر على الرسول , فغضب محمد غضبا شديدا من سعي رجل لإنتهاك حرمة العدالة بعد أن عرف الإسلام , ولو كان هذا الشخص من أحبّ الناس إليه.
فعن عائشة قالت : إن قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا:ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ، فكلمه أسامة ، فقال: رسول الله : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟ ثم قام فخطب ، ثم قال:إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ... )

2ــ محمد الرسول رجل الأخلاق الحميدة :
من أجمل ما تميّز به محمد الرسول أخلاقه الرفيعة الراقية مع القريب والبعيد , مع العدوّ والصديق وهذا ما يشهد له به كل منصف .
فقد كان رجلا حسن المقابلة لا تغادر الإبتسامة محيّاه , طيب الكلام ، يقابل الإساءة بالإحسان، ويترفع عن سفاسف الأمور.
علّم أتباعه أنّ خير الناس أحسنهم أخلاقا فهو القائل : (إنّ من خياركم أحسنكم أخلاقا )
بل علّم أتباعه أنّ أقربهم منه منزلة في الجنة أحسنهم أخلاقا .
فقال : ( إنّ من أحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا...)
ولم يكن حسن خلق محمد الرسول حكرا على أتباعه فحسب , بل إنّه شمل أعداءه أيضا ، فعندما طلب منه الدعاء على المشركين قال:
(إنّي لم أبعث لعّانا ، وإنّما بعثت رحمة) (رواه مسلم)

3ــ محمد الرسول رجل ا لتسامــــح :

إنّ الدعايات المغرضة والإتّهامات الباطلة التي تفتقر إلى أدنى مقاييس الأمانة العلمية والتي صوّرت محمدا الرسول على أنّه زعيم يعادي التسامح والحوار شوّهت حقيقة هذا الرجل , وإلا فمحمد الرسول داعية السماحة في كل شؤون الحياة , وحياته العمليّة مليئة بصور و أحداث التسامح الجمّ ، فمن ذلك أنّ بعض اليهود كانوا يدعون عليه بالموت ويوهمونه أنهم يسلّمون عليه , حيث كانوا يقولون السام (الموت) عليكم عوض السلام عليكم , فتفطّن محمد الرسول لذلك , ولكن تسامحه كان عجيبا لكل منصف.!!! فتصور نفسك في هذا الموقف وماذا سيكون رد فعلك ؟ ثم أخبرك برد فعل محمد الرسول ،
تصور نفسك حاكما مطاعا وقائدا آمرا ثم يدعو عليك رجل بالموت وأنت تسمعه والأدهى من ذلك أنّه يخادعك.
فإنّك في هذا الموقف حتى ولو تسامحت في الدعاء فلن ترضى لنفسك بالإستبلاه والمخادعة ؟.
والآن أيّها القارئ المنصف أخبرك بموقف محمد الرسول من هذا المشهد الإستفزازي لتكون بنفسك أنت الحكم .
ففي يوم من الأيام كان محمد الرسول جالسا مع زوجته عائشة فمرّ به بعض اليهود وتظاهروا بالسلام عليه وهم يقصدون شتمه ففطنت زوجته وحبيبته وقرّة عينه عائشة لحقيقة كلامهم فبادلتهم المشاتمة في الحال .
والسؤال الآن هل رضي محمد بذالك ؟ وهل فرح لأنها لعنت من شتمه ؟
الجواب : أنّ شيئا من ذالك لم يكن , بل وقع العكس حيث عاتب محمد زوجته الحبيبة وأمرها بالتسامح والرفق ونهاها عن الشدة والعنف، فعن ‏عائشة ‏ ‏قالت :‏
‏( كان ‏ ‏اليهود ‏ ‏يسلمون على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقولون ‏‏ السام ‏ ‏عليك ففطنت ‏ ‏عائشة ‏ ‏إلى قولهم فقالت عليكم ‏‏ السام ‏ ‏واللعنة فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم :‏ ‏مهلا يا ‏ ‏عائشة ‏ ‏إن الله يحب الرفق في الأمر كلّه...)

4ــ محمد الرسول رجل العلم والحضـــارة :

ربما حكم متعجل غير منصف أو دارس غير نزيه على محمد الرسول أنّه رجل يعادي العلم والحضارة، وربّما كان ذالك بسبب النظر إلى واقع بعض المسلمين ثم الحكم من خلالهم على محمد وعلى الإسلام الذي جاء به , وفي الحقيقة هذا ليس من الإنصاف والتجرد في أخلاقيات البحث العلمي ، إذ الباحث بموضوعية وتجرد علمي لا يمكن إلا أن يعترف بأنّ محمدا الرسول رجل بنى لأتباعه أسس العلم ومنهج الحضارة التي بنوا عليها دولتهم والتي عمّرت القرون وغزت الآفاق فنشرت العلم والحضارة والأخلاق والمبادئ على كل شبر بلغته , فنهل العالم من نورها واستضاء بشمسها , ولازالت البشرية تذكر إلى الآن فضل حضارة الأندلس المسلمة على الثورة العلمية والحضارية في أروبا بالخصوص وفي العالم .
فكيف لا يكون رجل علم وحضارة وأوّل كلمة نزلت عليه في كتابه المقدس (القرآن) هي الأمر بالقراءة (اقرأ )
كما توجد سورة كاملة في كتابه المنزّل (القرآن ) اسمها (القلم ) وهو أداة العلم الأولى .
بل إنّه رجل حضارة راقية أصولها ثابتة، فلا يمكن لأي رجل مهما بلغ أن يحّول أمّة جاهلة متوحشة تعيش على السلب والنهب والظلم إلى أمّة قمّة في الأخلاق والمعاملة الحسنة وسبّاقة إلى العلوم والثقافة.
فمحمد الرسول استطاع أن يخرج أمّته من الجهل والتخلف والظلم والعدوان إلى العلم والرقيّ فبني لهم أسس حضارة توازن بين مطالب الروح والجسد مكّنت أتباعه من قيادة العالم لقرون عندما تمسّكوا بتلك الأسس .
وأمّا ما أصاب أتباعه من ضعف علمي وتأخّر حضاري في هذا العصر فهو التراث الإستعماري الأوربي والأمريكي الذي مكّن لعملائه في العالم الإسلامي من السيطرة على زمام الأمور وعرقلة أي نهضة علمية أو حضارية تقوم على أسس حضارة محمد الرسول.
5ــ محمد الرسول رجل الرحمة للعالـــم :
ــــ رحمته بالمرأة :
كانت المرأة قبل محمد الرسول مهضومة الحقوق تهان وتذل بل وتدفن حيّة على مرأى ومسمع من دولة أروبا وفارس في ذلك الزمان التي كانت لا تفكر سوى في أطماعها التوسعية .
فجاء محمد الرسول فأعاد للمرأة الحياة وأنقضها من جحيم العبودية للبشر حيث عاملها كإنسان له كرامته وإنسانيته , موازية للرجل ومساوية له في الحقوق والواجبات إلاّ فيما تقتضيه الفطرة من اختلاف .
فمنع قتلها ودفنها وأذيتها وظلمها والإساءة إليها حتى جعل خير أتباعه أحسنهم معاملة لها , فهو القائل : ( ‏خياركم خياركم لنسائهم )
‏والقائل أيضا : ( ‏أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخيارهم خيارهم لنسائهم )
وأمر أمّته بالرفق بالنساء , فهو القائل : (رفقا بالقوارير ) أي النساء لرقّتهن
وشدّد على من يظلمهن حقّهن فقال( اللّهم إنّي أحرّج حقّ الضعيفين اليتيم والمرأة ) الْمَعْنَى َأُحَذِّر مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرًا بَلِيغًا وَأَزْجُر عَنْهُ زَجْرًا أَكِيدًا
بل الأكبر والأعظم من ذلك وهو مالم يفعله أيّ زعيم في العالم أن يوصي محمد ويؤكّد على حقوق المرأة عند معاينة الموت .
فهل سمعت يوما بعظيم من العظماء في آخر لحظات حياته يوصي بحق المرأة و الإحسان إليها ؟
لن تجد أبدا من فعل ذلك ، فعند الموت كل إنسان منشغل بنفسه.
أمّا محمد الرسول فقد تجلت عظمته واحترامه للمرأة والدفاع عنها والرحمة بها في مثل هذا الموقف العصيب فهو يصارع سكرات الموت ، وأوصى الرجال بالإحسان إلى المرأة بل حثهم على أن يوصى بعضهم بعضا بالإحسان إلى المرأة.
قال : ( استوصوا بالنساء خيرا)
ـــ رحمته باليهود والنصـــــارى :

لم يكن محمد الرسول رحيما بأتباعه فحسب بل إنّه كان رحيما حتى بأعدائه من اليهود والنصارى وهاك على ذلك هذا المثال :
كان لمحمد الرسول جار يهودي مؤذ , حيث كان يأتي كل يوم بقمامته ويضعها أمام بيت محمد الرسول ومحمد يعامله برحمة ورفق ولا يقابل إساءته بالإساءة بل كان يأخذ القمامة ويرميها بعيدا عن بيته دون أن يخاصم اليهودي ، وذلك لأن محمدا كان يعيش لأهداف سامية وأخلاق راقية وهي تخليص البشرية من العناء وإسعادها بعد الشقاء .
وفي يوم من الأيام انقطعت أذية الجار اليهودي لمحمد الرسول , فلم يعد اليهودي يرمي القمامة أمام بيته , فقال محمد الرسول لعلّ جارنا اليهودي مريض فلابد أن نزوره ونواسيه،
أنظر بنفسك أيّها القارئ إلى هذه الرحمة من محمد كيف أشفق على الرجل الذي يؤذيه بالقمامة !
فذهب إليه في بيته يزوره فوجده مريضا كما ظنّ , فلاطفه بالكلام واطمأنّ على حاله .
إنّه نبل الأخلاق وسموّ النفس بل قل عظمة العظماء .
اندهش اليهودي من زيارة محمد الرسول الذي جاء يواسيه في مرضه ولطالما كان هو يؤذيه عندما كان صحيحا معافى ، فعلم أنّه رسول الحق ولم يملك إلاّ أن يؤمن برسالة محمد ويدخل في دين الإسلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله .

ــــــ رحمته بالمشركيــــــن :

كان محمد الرسول يحب الخير للقريب والبعيد رحيما بالعدوّ والصديق , ملك بين أضلعه قلبا ملئ رحمة وشفقة , لا يعرف القسوة والشدة إلاّ في الحق .
كان المشركون يؤذونه بكل ما استطاعوا من أذيّة ولكنه كان يقابل إيذائهم له بالإحسان و قسوتهم عليه بالرحمة ، فكان شديد الحرص على هدايتهم حتى كاد قلبه يتفطر ، حتى نزل عليه القرآن يأمره بتخفيف حرصه على هدايتهم والرحمة بهم التي تجاوزت الممكن لكي لا ينفطر قلبه فيموت.
فقال القرآن له ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات).

ـــ رحمته بالمسكين والمضطرّ والمحتاج :
لم يصب محمد الرسول بغرور العظمة رغم امتلاكه لقلوب أتباعه امتلاكا لم يكن لأحد قبله ولا بعده حيث كان الآمر المطاع والصاحب المحبوب والعظيم الموقّر، لا يُعصى له أمر ولا يُخالف له توجيه , فرغم هذه المكانة وهذه العظمة كان محمد الرسول متواضعا يحب المساكين ويشفق عليهم،ويواسيهم بما استطاع من مال وطعام ويواسيهم بحسن الخلق وطيب الكلام، كان يجالسهم،يحادثهم،يلاطفهم ،يمازحهم حتى يُدخل عليهم السرور.
وأما الغريب الذي جاء من أرض بعيدة وانقطعت به الطريق فهو عند محمد ليس بغريب, بل هو من أهل البلد , بل يعامل أفضل مما يعاملون.
لم يلزمه محمد الرسول بوثيقة إقامة أو تأشيرة بل أمر بالإحسان إليه كائنا من كان، ففي دستور محمد الرسول له حق المساعدة في المطعم والملبس والمسكن والعمل والصحة والتعليم
فلا أحد في دستور محمد يُهمل مهما كان ضعيفا أو ذا احتياجات خاصة
بل شرع لأتباعه المنافسة في مساعدة الغريب وتقديم الخدمات المجانية له .
إنّ محمدا الرسول كان رحمة للجميع .

ـــ رحمته بالشعـــــــوب :
إنّ الشعوب في هذا العالم المعاصر في أمسّ الحاجة إلى نظام إداري يرعاه نظام أخلاقي ييسّر معاملات البشر ويعطي كل ذي حق حقّه ، فينعم البشر بقضاء حوائجهم في سهولة واطمئنان ، ويغتنمون أوقاتا طويلة تضيع في الجري وراء معاملات معقّـدة وحقوق ضائعة .
وإذا نظرنا إلى تعليمات محمد الرسول وجدنا أنّ أساس نظامه الإداري مبني على تيسير معاملات الناس وتسهيل إجراءاتهم , حيث أمر موظفيه بالتيسير و التسهيل والنزاهة وحسن معاملة المراجعين.
فعندما أرسل اثنين من موظفيه قاضيين على اليمن خارج المدينة قال لهما: ( بشّروا ولا تنفّروا ويسّروا ولا تعسّروا )
كما تميّز النظام الإداري لمحمد الرسول أيضا بالحزم والصرامة , فقد منع منعا باتا أن يعّين موظفا في وظيفة مع وجود من هو أكفؤ منه .

كما كان النظام الإداري الذي أسّسه محمد الرسول نظاما صارما في محاسبة الموظفين والإداريين والمقصّرين
فحذر محمد الرسول موظفيه أشدّ العقوبة إن هم غشّوا في أعمالهم وهي الحرمان من الجنّة التي بشّر بها البشر .
قال : ( ‏ ‏ما من عبد ‏ ‏يسترعيه ‏ ‏الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة )

بل وصل الأمر إلى درجة التبرئ ممن يغشّ الشعب , وذلك عندما وجد رجلا يغشّ النّاس في البيع .
فعن ابي هريرة قال : ( ‏مرّ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏برجل يبيع طعاما فأدخل يده فيه فإذا هو مغشوش فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : ‏( ‏ليس منا من غش )



ـــ رحمته بالحيــــــــــوان :
إنّه ليس من العجب أن ينعم الحيوان بعطف محمد وحنانه ورحمته , فما كان محمد يؤذي أحدا , بشرا أو حيوانا ، بل نهى أتباعه عن إذاية الحيوان , ومنعهم من الإساءة إليه .
- فنهى أن تحمّل الدواب أكثر مما تستطيع من الحمولة
- ونهى عن تقليل طعامها وإجهادها بالعمل
- ونهى عن قتلها بغير وجه حق
- ونهى عن اتخاذها هدفا للرماية لما في ذالك من التعذيب لها
- ونهى عن التسلية بمشاجرتها فيما بينها .
وهاهو في يوم من الأيام يغيب عن أصحابه قليلا ثمّ يرجع فيجد طائرا يحوم ويصيح بعد أن أخذوا فرخيه فيسألهم محمد عمن فجع الطائر في ولده ثمّ يأمرهم أمرا ملزما بإرجاع الفرخين للطائر .
فعن عبد الله عن أبيه قال: كنّا مع رسول في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمّرة فجعلت تعرش (ترفرف) ،فلما جاء الرسول قال : من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها)
كما كان محمد الرسول يصغي (يميل) للهرّة الإناء رفقا ورحمة بها فتشرب بين يديه.
- وغير ذلك من الأعمال والتوجيهات التي تنضح بفيض من الرفق والشفقة والرحمة بالمخلوق بشرا كان أو حيوانا.
إنّه محمد : الرحمة العظمى ...

6ـــ محمد الرسول رجل الدين والدولة :

كم من الزعماء والعظماء عبر التاريخ حاولوا بناء مجد وتأسيس رسالة إنسانية ولكن لم يستطع أحد منهم عبر التاريخ أن يصنع للعالم نظاما متجانسا دقيقا يتعانق فيه مطلب الروح مع مطلب الجسد , بل كان الرجحان حليف أحد الأمرين.
غير أن محمدا الرسول استطاع أن يأتي بشيء جديد للعالم ، يمزج فيه الجانب الروحي بالمادي في تناغم وتناسق لم يسبق له مثيل , فبني دولة لاحياة لها بدون دين , ودينا لا يرضى عن الدولة بديلا .
لقد استطاع محمد أن يداوي جرح الروح الذي أحدثته الحياة المادية واستطاع أن يملأ فراغ المطالب المادية الذي أحدثه الإنقطاع الخاطئ إلى الروح
فكان بذلك المعلّم الروحي الصادق والسياسي النزيه والحاكم العادل , حيث وحّد قبائل متوحشة في شعب متحضّر ووحّد الشعوب في أمّة بنت المجد وصنعت الحياة تحت راية عقيدة الإله الواحد (لا إلـه إلا الله محمد رسول الله )

7ـــ محمد الرسول رجل النظافة والعناية بالبيئة :

من الأمور التي تميّزت بها حياة محمد ودينه عن باقي الديانات والنظريات هي التعاليم الصارمة التي سنّها لأتباعه , والتي تلزمهم الإهتمام الشديد بالنظافة والحفاظ على البيئة .
فمحمد الرسول شرع لأتباعه غسل أعضاء البدن التي تواجه التلوث وتباشر الأعمال مثل الوجه والفم والأنف واليدين والرجلين في اليوم الواحد خمس مرات أو أكثر, وأما غسل كامل البدن فينبغي على أتباع محمد أن يكثروا من ذلك ما استطاعوا .
- و حذر من تلويث الأماكن القريبة من الناس بالقاذورات ،
- وشدد على أتباعه في ضرورة النظافة التامة الكاملة من فضلات الإنسان القذرة.
- وألزم أتباعه بوجوب تنظيف ملابسهم من النجسات ،
- وعلّم أتباعه مبدأ الحجر الصحي حيث أمرهم بعدم دخول الأرض التي دخلها الوباء وعدم الخروج منها إن كانوا بها , حفاظا على الصحة العامة للبشرية
وبهذه التعليمات والكثير غيرها بنى محمد منظومة اجتماعية متكاملة في محيط صحي وبيئة نظيفة .
فلا مجال في تعاليم محمد الرسول للأوساخ والتلوث في اللباس أو الجسد أو البيئة العامة.

8 ـــ محمد الرسول رجل الذوق والجمال:

لو سألت عن أحبّ الأشياء إلى محمد الرسول ؟ لجاءك الجواب بأنها ثلاثة أشياء بدأها بذكر الطيب , فقد كان شديد الحب للروائح الطيبة وكان يكثر استعمال العطور، ولا يتصوّر أبدا أن يشمّ منه أحد ريحا غير طيّبة.
إلى هذا أضاف محمد الرسول ذوقا رفيعا لم يضاهه فيه أحد فكان أجمل الناس مظهرا وأحسنهم مطلعا يتلألأ في ثيابه كالبدر متربعا على عرش السماء .
ومما يزيد هذا الأمر عظمة أن يظهر محمد الرسول بهذا المظهر الأخّاذ في عالم يموج بانحطاط الذوق والزهد في النظافة والتجمل.
حيث كان كالزهرة الجميلة الساحرة في الأرض الصحراء الجدباء القاحلة .
وكالنار الدافئة في الصحراء الجليدية المتجمدة ، وكينبوع الحياة في الأرض الموات

9 ـــ محمد الرسول شعاره الإبتسامة :
ما أحوج الإنسان في زمن كثرت فيه الضغوط الإجتماعية و الأمراض النفسية إلى ابتسامة تعلو الوجوه كالإبتسامة التي رسمها محمد على وجوه من آمن برسالته .
فمحمد الرسول تجاوز بأتباعه المؤمنين به الملتزمين بتعاليمه متاعب الحياة وضغوط المجتمع , وترفع بهم عن الأزمات النفسية التي تنكد حياة البشر ، وعانق بهم السعادة وراحة القلب ،
فكانت الإبتسامة شعار محمد الرسول في حلّه وترحاله , حيث كان لا يرى إلا مبتسما , فتمسح ابتسامته العذبة آلام من يقابله وتداوي جراح من يرافقه .
فعن عبد الله بن الحارث قال: ( مارأيت أحدا أكثر ابتسامة من رسول الله ) .
ولكن ما كان محمد الرسول ليخرج عن حدود اللياقة والوقار بكثرة الضحك والقهقهة إنّما كان يبتسم في أدب واحترام .
فعن عبد الله بن الحارث قال: (ما كان ضحك الرسول إلا تبسما )(رواه الترمذي)
أي أنّه كان يضحك دون أن يفتح فاه ودون قهقهه تنافي الإتزان وكمال الوقار.

10ــــ محمد الرسول رجل السهولة واليسر :

كان محمد يحب التيسير على الناس وتسهيل أمورهم وكان لا يحب التشديد على البشر وتضييق الأمر عليهم.
فهو القائل لأتباعه :( بشّروا ولا تنفّروا ويسّروا ولا تعسّروا )
وهو القائل أيضا : (إنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين)

11ــــ محمد الرسول رجل الحلم و الصفح الجميل :

من تصفح تاريخ العظماء والزعماء حين انتصاراتهم بعد هزيمة أو جولة خاسرة وجد فيهم صفة تجمعهم جميعا لم يسلم منها إلاّ الأنبياء ألا وهي الإنتقام .
ولكن محمدا الرسول ضرب أروع الأمثلة في نبل المنتصر، فرغم أنّه طُرد من مكة وصُودرت ممتلكاته وأُوذي من أهلها إذاية شديدة في بداية نبوّته , إلاّ أنّه حينما دخلها منتصرا نصرا ساحقا تاما ما كانت عظمة شخصيته وكرم أخلاقه لتسمح له بالإنتقام ، بل عفا عن كل من ظلمه وصفح عن جميع الناس عفوا عاما وهو قادر على الإنتقام منهم إنتقاما شديدا.
فقال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء )
وهكذا ربّى الإسلام محمدا وأتباعه على هذه الأخلاق الراقية التي تحرّرت من قيود الذاتية والأنانية.
كيف لا وكتابه المنزّل يقول : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )

12 ـــ محمد الرسول رفيق رقيق :

ماذا لو كنت تحبّ شيئا حبّا يملأ قلبك ويملك كيانك , ثمّ جاء إنسان فانتقص قدره وأهانه ؟ ماذا لو كنت رجلا متدّينا ثمّ جاء رجل فدنّس مكان عبادتك بأسلوب فجّ ؟
لاشك أنّك ستغضب وتنفعل وتعاجل من فعل ذلك بالعقوبة ، لكن محمدا الرسول لم يفعل ذلك , لأنّه ما كان يؤمن بردود الأفعال المتعجلّة , بل كان رجلا شديد التحكّم في انفعالاته , يحكّم عقله قبل أن يفعل .
كان يعالج كل حادثة بأفق واسع ونظرة بعيدة ، وإليك هذه الحادثة التي تبرهن على ما نقول .
فهاهو رجل يأتي من البادية لم يكن له احتكاك بالمدنية الجديدة التي بناها محمد بين أتباعه في عاصمته الجديدة , تصرف هذا البدوي تصرّفا عجيبا على أهل المدينة المتحضرة ,
ترى ماهو هذا التصرّف والسلوك الغريب ؟
نعم إنّ من أغرب السلوكيات أن يأتي إنسان في مكان عام ومحترم ويبول أمام العموم , وهذا ما فعله ذالك البدوي في مكان تجمع محمد وأتباعه , حيث قام هذا الرجل يبول في المسجد وهو أقدس مكان عندهم , كان منظرا فظيعا ومشهدا مريعا لم يتماسك بسببه أتباع محمد أنفسهم من أن يصيحوا به بشدّة مطالبين إيّاه بالإنقطاع عن سلوكه المقزّز ,
ولكن ورغم أنّ الحدث استغرق لحظات إلاّ أنّ ذلك الزمن اليسير ماكان ليسبق فيه انفعال محمد عقله ، ففي تلك اللحظات حلّل محمد شخصية البدوي الذي قام يبول في موضع عبادته وموضع تسيير شؤون دولته ، فأراه عقله أنّه رجل غير متعلّم وفعله لا يحمل أيّ نيّة عدوانية , فلا يعدو أن يكون ذالك التصرف تخلف عن حضارة النظافة واللياقة والأدب التي بناها محمد في عاصمته , فما كان منه إلاّ أن أمر أتباعه بترك البدوي والسكوت عنه وعدم تعنيفه ، ثم بعد انتهاء البدوي من بوله ، جاءه محمد بنفسه في لطف ومسامحة ورقّة وسهولة وعلّمه أنّ هذا المكان لا يصلح لمثل ما فعل .
ففرح البدوي من حسن تعليم محمد وحسن معاملته وجمال أخلاقه
فقال : (اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا )


13ــ محمد الرسول لم تمنعه الجدّيّة و الحزم من أن يكون رجلا بشوشا يمازح الكبير والصغير:
ما كان محمد رجلا عبوسا مقطّبا ولكنّه كان طيّب النفس بشوش المعاشرة في أدب ووقار .
فما كان يمزح مزاحا يذهب المهابة والوقار, وما كان يمزح بما يؤذي الآخرين في مشاعرهم
بل كان يمزح مزاحا يدخل البهجة والسرور على من حوله من الأهل والأصحاب ‏فعن ‏ ‏أنس :
‏أن رجلا من أهل ‏ ‏البادية ‏ ‏كان اسمه ‏‏ زاهرا ‏ ‏كان يُهدي للنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏الهدية من ‏ ‏البادية ‏ ‏فيجهزه رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذا أراد أن يخرج فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن ‏‏ زاهرا ‏ ‏باديتنا ونحن حاضروه وكان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يحبه وكان رجلا دميما ‏ ‏فأتاه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال الرجل أرسلني من هذا فالتفت فعرف النبيَّ ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فجعل لا ‏ ‏يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حين عرفه وجعل النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول من يشتري العبد فقال يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لكن عند الله لست بكاسد ‏ ‏أو قال لكن عند الله أنت غال

14ـــ محمد الرسول يشجع على الرياضة النبيلة الراقية :
شجع محمد الرسول أتباعه على الرياضة الراقية التي أساسها تقوية البدن والترويح عن النفس وجلب النفع للمجتمع دون إضاعة المال والنفس وإفساد الأخلاق .
وقد مارس بعض الرياضات بنفسه مثل العدو والمصارعة والفروسية .
ولكن شرط الرياضة في دستور محمد الرسول ، أن تكون بروح رياضية نبيلة وأخلاق راقية وأهداف سامية.

15ـــ محمد الرسول باني التخطيط العمراني المميّز :
بنى محمد الرسول في صحراء قاحلة لم تعرف المدنية نظاما عمرانيا رائعا تميّز بدقّة التخطيط ومراعاة مصالح الدولة والمجتمع في منظر فنّي جذاب أخّاذ ,
فقد كان المسجد هو مركز العاصمة وهو مركز القيادة ومركز اجتماع أبناء الشعب عند الأحداث الهامة والظروف الطارئة
وكان هذا المركز (المسجد ) أيضا ملاذ الفقراء , حيث توفر لهم الدولة والجهات الخيرية المأكل والملبس والمسكن، وكان أيضا مأوى الغرباء الذين يأتون من خارج الدولة فيطعمون ويسكنون في جانب من هذا المركز.
واعتمد التخطيط العمراني الذي بناه محمد الرسول في عاصمته على بناء الأسواق والمساكن حول المسجد حيث يسهل على أهل الأسواق وأهل المساكن سرعة الاتصال في ما بينهم ومع مركز القيادة
فالشعب في مدينة محمد وحدة متماسكة في حلقة متصلة.
فالكل في قلب الحدث دون تمييز أو تعتيم .

16ــ محمد الرسول رجل التربية والتعليم :
إن الباحث المنصف ليعجب من القدرة العجيبة التي امتلكها محمد الرسول حتى استطاع أن يحوّل شعبا لا يعرف القراءة والكتابة إلى شعب يفتخر بالعلم ويتربع فيه العلماء على أعلى درجات سلّم المكانة في الدولة والمجتمع ، وعندما يدقق الباحث في سرّ هذا النجاح يرى أنّ محمدا الرسول أعطاه الله قدرات تربوية جبّارة , فهو الخطيب الفصيح والأديب البليغ والمحاضر المقنع والمربي الناجح .
ولعلّ ما ساعده في ذالك النجاح هو إتقانه لأساليب الحوار, وشدّ الإنتباه ,وتنبيه الذهن إلى المعلومة , والتي كان له تأثير أساسي في نجاح محمد التربوي والتعليمي.
فانظر إليه في هذا المثال وهو يسأل أتباعه عن المفلس ؟ ثم ينتظر منهم الإجابة مع علمه المسبق بأنها ستكون خاطئة , ولكنّه أسلوب المحاورة العقلية لتثبيت المعلومة , وبعد التفكير يجيب طلابه إجابة خاطئة , فيسمع منهم , ثم يعطيهم الإجابة الصحيحة , ونظير هذه الطريقة التربوية الناجعة كثير جدا في تعليمات محمد الرسول .
كما أنّ إصدار محمد لتعليمات تلزم جميع أبناء الشعب ذكورا وإناثا بالتعلّم إلى سقف علمي محدّد , ثمّ تشجيع من استزاد عليه , كان له دور فعّال في النقلة النوعية التي أحدثها محمد الرسول في مجال التربية والتعليم ,
فمن تعاليمه : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم) والمسلم في خطابات محمد و خطابات الكتاب المنزّل عليه يشمل الذكور والإناث .



محمد مع الناس في حال الحـــــــرب ( المحارب النبيل) :

1- نبله مع جنود أعدائه في قلب المعركة :
محمد بأخلاقه النبيلة وتعاليم كتابه المنزّل الرّاقية كان لا يغدر بأحد كائنا من كان ولو كان عدوّا ، ولا يخلف معاهدة مع أحد حتى يكون الطرف الثاني هو الذي ينقض , كما أنّه كان في حربه مع أعدائه سواء كانت له الجولة أو لعدوّه لا يعذب الجرحى والأسرى ولا يمثّل بجثثهم بل كان يحظر على جنوده وأركان جيشه فعل ذلك مهما كان الأمر .
و ضرب بذالك هو وأتباعه أروع الأمثلة للإنسانية على نبل الأخلاق في الحروب .

2ــ نبله مع المرأة وهي في صفوف العدوّ :
إليك هذا المثال العجيب الذي يأخذ بمجامع الذهن ويهز الوجدان .
ففي إحدى المعارك الحاسمة التي خاضها محمد مع أعدائه رأى أحدُ أركان جيشه الذي تربى في مدرسته العسكرية ـ وهو ابن عمه على بن أبي طالب ـ رأى جنديا ملثما من الأعداء ينتقل بين جثث الجرحى والقتلى من جيش محمد ويشوههم تشويها فظيعا ممثلا بجثثهم حتى بلغ به الأمر إلى التمثيل بأقرب الأقربين له ـ عمّه حمزة وعمّ قائده الأعلى محمد الرسول ـ فهال المشهد هذا القائد وعزم على الإنتقام من هذا الجندي والقضاء عليه، فقصده كالسهم , ولكنّه فوجئ وهو يرفع عليه سيفه ليقضي عليه بأنّه امرأة من العدوّ متسترة في زيّ رجل .
هنا المشهد العجيب , وهنا المبادئ العظيمة , ففي لحظات رفع سيفه فوق رأس العدوّ وازن هذا القائد بين الإنتقام وبين المبادئ السامية التي تشرّبها في مدرسة محمد الرسول ، فغلب على نفسه الخلق المحمدي النبيل , فما كان منه إلاّ أن أنزل سيفه وكظم غيظه وترك هذه المرأة رغم أفعالها الشنيعة في أصحابه تسير في حال سبيلها !!!
فأيّ خلق هذا ؟ وأيّ مبادئ سامية هذه ؟ وأيّ عظمة هي ؟ وأيّ احترام للمرأة ورحمة بها حتى ولو كانت في صفّ العدوّ ؟ ولكنّها عظمة محمد وأتباعه , وعظمة الإسلام الذي علّمهم ذلك .


3ـــ نبله مع الأســـــــــــــــــرى :
رغم مواثيق حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية إلاّ أنّ الأسير وهو في القرن الواحد والعشرين لازال يئنّ تحت وطأة التعذيب النفسي والبدني والإنتهاك الصارخ لحقوق الإنسان .
إلاّ أنّ محمدا الرسول ومنذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا شرّع للعالم منهجا عظيما لمعاملة الأسير لو طبقته البشرية لخرجت من أزمة الأسرى في هذا العالم الحيران , والتي مازالت تهزّ وجدان كلّ صاحب ضمير حيّ وخلق نبيل ، ذلك أنّ محمدا الرسول منع منعا باتا انتهاك حقوق الأسرى تحت أي تبرير .
فلا يجوز عنده تعذيب الأسير جسديا أو معنويا ولا يجوز سبه ولاشتمه ولا قطع المأكل والمشرب عنه .
بل بلغ الأمر بمحمد وأتباعه أن يقدّموا الأسير على أنفسهم في مأكلهم ومشربهم , و لك أن تحكم على هذا التصرف العظيم في هذا المشهد النبيل مع الأسير من قبل أتباع محمد .
هذا المشهد نزل فيه قرآن من السماء يصفه ويثني عليه , فقال مادحا لأتباع محمد (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا )
أي أنّ محمدا وأتباعه يؤثرون اليتيم والمسكين والأسير بطعامهم رغم قلته وشدة حاجتهم إليه !!!
فما أحوج الأسرى في هذا الزمان إلى محمد الرسول ليداوي جراحهم ويكفكف دموعهم ويرتجع لهم حقوقهم بل وإنسانيتهم التي نزعتها حضارة السلاح المدمّر والحروب القذرة تحت مسمّيات كاذبة .
وبعد هذا نقول : لمحمد أن يفتخر بكل قوّة على المدنية المعاصرة لسبقه وتقدّمه الكامل في مجال حقوق الإنسان عمليّا , لا على مستوى الدعاية والشعارات فقط كما فعلت وتفعل الدول المعاصرة ، كيف لا وهو يتحدى البحث العلمي النزيه البعيد عن الإنفعال والإدعاء والأفكار المسبقة أن يجد ولو حالة واحدة في حياة محمد الرسول أنتهكت فيها حقوق الأسير بالتعذيب الجسدي أو المعنوي .




ماذا قال فيه غير المسلمين :

هذه أقوال بعض الباحثين المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام :

1- يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا" : " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".

2-يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة.
فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".
3- يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق وعاداته " : إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الإدعاء.

4-يقول المستشرق الألماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه "الشرقيون وعقائدهم" : كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد ، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية ، وهما : العدالة والرحمة.

5- يقول الانجليزي ) برناردشو ) في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.

6- ويقول ( سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية ، في كتابه "تاريخ حياة محمد" : إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.

7- ويقول المستشرق الأمريكي ) سنكس ) في كتابه "ديانة العرب" : ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.

8- ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليها سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.

9- ويقول الأديب العالمي (ليف تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية : يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.

10- ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.

11- ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟!.

12- جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد".

ماذا قال فيه أصحابه الذين رأوه :

1- يقول فيه علي بن أبي طالب :
" كان رسول الله دايّم البشر سهل الخلق لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخّاب، ولا فحّاش، ولا عيّاب،ولا مُشَاحٍّ يتغافل عما لايشتهي، ولايؤيس منه راجيه ، ولا يجيب فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث :المراء والإكثار ، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث:كان لا يذم أحدا ولا يعيبه ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول: إذا رايتهم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه ، ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام "
2- وتقول عائشة بنت أبي بكر: " لم يكن فاحشا ولا متفحشّا ولا صخّابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح "
3- وتقول عائشة بنت أبي بكر أيضا :
" ما ضرب رسول الله بيده شيئا قط ...ولا ضرب خادما ولا امرأة "
4- وتقول عائشة بنت أبي بكر أيضا :
" ما رأيت رسول الله منتصرا في مظلمة ظلمها قط ، ما لم ينتهك من محارم الله شيء ،فإذا انتهك في محارم الله شيء كان من أشدهم في ذلك غضبا ،وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثما "
5- ويقول البراء بن عازب :
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خَلقا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير "
6- ويقول أبو الطفيل :
" كان الرسول صلى الله عليه وسلم , أبيض مليح الوجه "
7- ويقول البراء بن عازب :
" ‏كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏رجلا ‏‏ مربوعا ‏ ‏بعيد ما بين ‏ ‏المنكبين ‏ ‏عظيم ‏ ‏الجمّة ‏ ‏إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم "
8- ويقول جابر بن سمرة :
" كان وجهه مثل الشمس والقمر وكان مستديرا "
9- ويقول كعب بن مالك :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه، حتى كأنّ وجهه قطعة قمر "
10- ويقول عبد الله بن عباس :
" كان أفلج الثنيّتين، إذا تكلم رُئِيَ كالنور يخرج من بين ثناياه "
11- ويقول أبو هريرة :
" كان أبيض كأنّما صيغ من فضة ، رَجِل الشعر"
12- ويقول هند بن أبي هالة :
" كان فخما مفخّما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر..." ؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

صورة حقيقية لسيدنا رسول الله؟؟؟(((((((((((((((((((صورة الرسول صلى الله عليه وسلم ا.)))))))))).
خلق أفضل الخلق يقول عنه ربه تبارك وتعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم)وتقول عنه أم المؤمنين عندما سئلت عن خلقه فقالت ( كان خلقه القرآن)
وإن المسلم ليشتاق لرؤيته صلى الله عليه وسلم وكذلك لمعرفة خلقه وليستمع لتوجيهه وأقواله ليقتدي به ويقتفي أثره , ولن أطيل عليكم وسأنقل لكم هذه الأحاديث التي جمعتها من صحيح الجامع فلعلها تذكرنا بخلقه صلى الله عليه وسلم وكذلك كيف كانت هيئته وصورته التي صوره الله عليه فنشتاق إليه أكثر ونحبه أكثر بأبي هو وأمي ... فتعالوا معي واقرأوا هذه الأحاديث
كان ابغض الخُلق إليه الكذب
كان ابيض ، كأنما صيغ من فضه ، رجِل الشعر
كان ابيض ، مشرباً بحمره ، ضخم الهامة ، أهدب الأشفار
كان ابيض ، مشربا بيض بحمره ، و كان اسود الحدقة ، أهدب الأشفار
كان ابيض مليحا مقصدا
كان احب الألوان إليه الخضرة
كان احب الثياب إليه الحبرة
كان احب الثياب إليه القميص
كان احب الدين ما داوم عليه صاحبه
كان احب الشراب إليه الحلو البارد
كان احب الشهور إليه إن يصومه شعبان [ ثم يصله برمضان ]
كان احب العرق إليه ذراع الشاه
كان احب العمل إليه ما دووم عليه و إن قل
كان احسن الناس خلقا
كان احسن الناس ربعه ، إلى الطول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، اكحل العينين ، أهدب الأشفار ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ، ليس له أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضه
كان احسن الناس ، و أجود الناس ، و أشجع الناس
كان احسن الناس وجها ، و أحسنهم خلقا ، ليس بالطول البائن ، و لا بالقصير
كان أخف الناس صلاه على الناس ، و أطول الناس صلاه لنفسه
كان أخف الناس صلاه في تمام
كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، و لكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، و يقول : السلام عليكم ، السلام عليكم
كان إذا أتى مريضا ، أو أتي به قال : اذهب البأس رب الناس ، اشف و أنت الشافي ، لا شفاء ألا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما
كان إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، و إذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال
كان إذا أتاه الرجل و له اسم لا يحبه حوله
كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه ، فأعطى الأهل حظين ، و أعطى العزب حظا
كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان
كان إذا أتى بباكورة الثمرة وضعها على عينيه ثم على شفتيه ، ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان
كان إذا أتى بطعام سال عنه اهديه أم صدقه ؟ فان قيل : صدقه ، قال لأصحابه : كلوا و لم يأكل و إن قيل : هديه ، ضرب بيده ، فأكل معهم
كان إذا اخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، و كان يقول : انه ليرتو فؤاد الحزين ، و يسرو عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها
كان إذا اخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن
كان إذا اخذ مضجعه قرا { قل يا أيها الكافرون } حتى يختمها
كان إذا اخذ مضجعه من الليل قال ( بسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي و اخسأ شيطاني ، و فك رهاني ، و ثقل ميزاني ، و اجعلني في الندى الأعلى))

كان إذا اخذ مضجعه من الليل ، وضع يده تحت خده ثم يقول ( باسمك اللهم أحيا ، و باسمك أموت ،)) وإذا استيقظ قال ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور ))

كان إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد
كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع
كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك ، يوم تبعث عبادك ( ثلاث مرات )
كان إذا أراد إن يستودع الجيش قال : استودع الله دينكم ، و أمانتكم ، وخواتيم أعمالكم
كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة
كان إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ وضوءه للصلاة، و إذا أراد أن يأكل أويشرب و هو جنب غسل يديه ، ثم يأكل و يشرب كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه
كان إذا أراد غزوه ورى بغيرها

كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد ، و أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره ، و خير ما صنع له ، و أعوذ بك من شره ، و شر ما صنع له
كان إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفه : و يأتيك بالأخبار من لم تزود
كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك و بهائمك ، و انشر رحمتك ، و أحيي بلدك الميت
كان إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم و بحمدك ، و تبارك اسمك ، و تعالى جدك ، و لا اله غيرك
كان إذا استن أعطى السواك الأكبر ، وإذا شرب أعطى الذي عن يمينه
كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة
كان إذا اشتدت الريح قال : اللهم لقحا لا عقيما
كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، و إذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء
كان إذا اشتكى رقاه جبريل قال : بسم الله يبريك ، من داء يشفيك ، و من شر حاسد إذا حسد ، و من شر كل ذي عين كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات و مسح عنه بيده
كان إذا اصبح و إذا أمسى قال : أصبحنا على فطره الإسلام ، و كلمه الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، و مله أبينا إبراهيم ، حنيفا مسلما و ما كان من المشركين
كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبه ، لم يزل معرضا عنه حتى يحدث توبة
كان إذا اعتم سدل عمامته بين كفتيه
كان إذا افطر عند قوم قال : افطر عندكم الصائمون ، و أكل طعامكم الأبرار ، و تنزلت عليكم الملائكة
كان إذا افطر قال : ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق و ثبت الأجر أن شاء الله
كان إذا افطر عند قوم ، قال : افطر عندكم الصائمون ، و صلت عليكم الملائكة
كان إذا اكتحل اكتحل وترا ، و إذا استجمر استجمر
كان إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذى أطعم و سقى ، و سوغه و جعل له مخرجا
كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث
كان إذا أكل لم تعد أصابعه بين يديه
كان إذا انزل عليه الوحي كرب لذلك و تربد وجهه
كان إذا انزل عليه الوحي نكس رأسه و نكس أصحابه رؤوسهم ، فإذا اقلع عنه رفع رأسه
كان إذا انصرف انحرف
كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ، ثم قال : اللهم أنت السلام ، و منك السلام ، تباركت ياذا الجلال و الإكرام
كان إذا أوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذى أطعمنا ، وسقانا ، و كفانا ، و آوانا فكم ممن لا كافي له ، و لا مؤوي له
كان إذا بايعه الناس يلقنهم : فيما استطعت
كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : بشروا و لا تنفروا ، و يسروا و لا تعسروا
كان إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل : ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا و كذا
كان إذا تضور من الليل قال : لا اله إلا الله الواحد القهار ، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار
كان إذا تكلم بكلمه أعادها ثلاثا ، حتى تفهم عنه ، و إذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم عليهم ثلاثا
كان إذا تهجد يسلم بين كل ركعتين .......
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وال سيدنا محمدنا محمد صلى الله عليه وسلم

غير معرف يقول...

(((((((((((صورة الرسول)))))))))خلق أفضل الخلق يقول عنه ربه تبارك وتعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم) سورة ن وتقول عنه أم المؤمنين عندما سئلت عن خلقه فقالت ( كان خلقه القرآن) وإن المسلم ليشتاق لرؤيته صلى الله عليه وسلم وكذلك لمعرفة خلقه وليستمع لتوجيهه وأقواله ليقتدي به ويقتفي أثره , ولن أطيل عليكم وسأنقل لكم هذه الأحاديث التي جمعتها من صحيح الجامع فلعلها تذكرنا بخلقه صلى الله عليه وسلم وكذلك كيف كانت هيئته وصورته التي صوره الله عليه فنشتاق إليه أكثر ونحبه أكثر بأبي هو وأمي ... فتعالوا معي واقرأوا هذه الأحاديث كان ابغض الخلق إليه الكذب كان ابيض ، كأنما صيغ من فضه ، رجل الشعر كان ابيض ، مشربا بحمره ، ضخم الهامة ، أهدب الأشفار كان ابيض ، مشربا بيض بحمره ، و كان اسود الحدقة ، أهدب الأشفار كان ابيض مليحا مقصدا كان احب الألوان إليه الخضرة كان احب الثياب إليه الحبرة كان احب الثياب إليه القميص كان احب الدين ما داوم عليه صاحبه كان احب الشراب إليه الحلو البارد كان احب الشهور إليه إن يصومه شعبان [ ثم يصله برمضان ] كان احب العرق إليه ذراع الشاه كان احب العمل إليه ما دووم عليه و إن قل كان احسن الناس خلقا كان احسن الناس ربعه ، إلى الطول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، اكحل العينين ، أهدب الأشفار ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ، ليس له أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضه كان احسن الناس ، و أجود الناس ، و أشجع الناس كان احسن الناس وجها ، و أحسنهم خلقا ، ليس بالطول البائن ، و لا بالقصير كان أخف الناس صلاه على الناس ، و أطول الناس صلاه لنفسه كان أخف الناس صلاه في تمام كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، و لكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، و يقول : السلام عليكم ، السلام عليكم كان إذا أتى مريضا ، أو أتي به قال : اذهب البأس رب الناس ، اشف و أنت الشافي ، لا شفاء ألا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما كان إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، و إذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال كان إذا أتاه الرجل و له اسم لا يحبه حوله كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه ، فأعطى الأهل حظين ، و أعطى العزب حظا كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان كان إذا أتى بباكورة الثمرة وضعها على عينيه ثم على شفتيه ، ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان كان إذا أتى بطعام سال عنه اهديه أم صدقه ؟ فان قيل : صدقه ، قال لأصحابه : كلوا و لم يأكل و إن قيل : هديه ، ضرب بيده ، فأكل معهم كان إذا اخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، و كان يقول : انه ليرتو فؤاد الحزين ، و يسرو عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها كان إذا اخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن كان إذا اخذ مضجعه قرا { قل يا أيها الكافرون } حتى يختمها كان إذا اخذ مضجعه من الليل قال ( بسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي و اخسأ شيطاني ، و فك رهاني ، و ثقل ميزاني ، و اجعلني في الندى الأعلى)) كان إذا اخذ مضجعه من الليل ، وضع يده تحت خده ثم يقول ((: باسمك اللهم أحيا ، و باسمك أموت ،)) وإذا استيقظ قال ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور )) كان إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك ، يوم تبعث عبادك ( ثلاث مرات ) كان إذا أراد إن يستودع الجيش قال : استودع الله دينكم ، و أمانتكم ، وخواتيم أعمالكم كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة كان إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ وضوءه للصلاة، و إذا أراد أن يأكل أويشرب و هو جنب غسل يديه ، ثم يأكل و يشرب كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه كان إذا أراد غزوه ورى بغيرها كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد ، و أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره ، و خير ما صنع له ، و أعوذ بك من شره ، و شر ما صنع له كان إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفه : و يأتيك بالأخبار من لم تزود كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك و بهائمك ، و انشر رحمتك ، و أحيي بلدك الميت كان إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم و بحمدك ، و تبارك اسمك ، و تعالى جدك ، و لا اله غيرك كان إذا استن أعطى السواك الأكبر ، وإذا شرب أعطى الذي عن يمينه كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة كان إذا اشتدت الريح قال : اللهم لقحا لا عقيما كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، و إذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء كان إذا اشتكى رقاه جبريل قال : بسم الله يبريك ، من داء يشفيك ، و من شر حاسد إذا حسد ، و من شر كل ذي عين كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات و مسح عنه بيده كان إذا اصبح و إذا أمسى قال : أصبحنا على فطره الإسلام ، و كلمه الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، و مله أبينا إبراهيم ، حنيفا مسلما و ما كان من المشركين كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبه ، لم يزل معرضا عنه حتى يحدث توبة كان إذا اعتم سدل عمامته بين كفتيه كان إذا افطر عند قوم قال : افطر عندكم الصائمون ، و أكل طعامكم الأبرار ، و تنزلت عليكم الملائكة كان إذا افطر قال : ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق و ثبت الأجر أن شاء الله كان إذا افطر عند قوم ، قال : افطر عندكم الصائمون ، و صلت عليكم الملائكة كان إذا اكتحل اكتحل وترا ، و إذا استجمر استجمر كان إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذى أطعم و سقى ، و سوغه و جعل له مخرجا كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث كان إذا أكل لم تعد أصابعه بين يديه كان إذا انزل عليه الوحي كرب لذلك و تربد وجهه كان إذا انزل عليه الوحي نكس رأسه و نكس أصحابه رؤوسهم ، فإذا اقلع عنه رفع رأسه كان إذا انصرف انحرف كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ، ثم قال : اللهم أنت السلام ، و منك السلام ، تباركت ياذا الجلال و الإكرام كان إذا أوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذى أطعمنا ، وسقانا ، و كفانا ، و آوانا فكم ممن لا كافي له ، و لا مؤوي له كان إذا بايعه الناس يلقنهم : فيما استطعت كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : بشروا و لا تنفروا ، و يسروا و لا تعسروا كان إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل : ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا و كذا كان إذا تضور من الليل قال : لا اله إلا الله الواحد القهار ، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار كان إذا تكلم بكلمه أعادها ثلاثا ، حتى تفهم عنه ، و إذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم عليهم ثلاثا كان إذا تهجد يسلم بين كل ركعتين ..


منقول من شبكه دكتور ويزارد

غير معرف يقول...

((((((((((((((قَبَسَـاتٌ
مِنَ الرسول)))))) لا أحسب أحداُ من البشر نال من الحب والإعجاب ما ناله محمد رسول الله .
فإن أتباعه المؤمنين لا يمنعهم من تقديسه شيء إلا نهي الله لهم أن يتوجهوا بالعبادة والتقديس لأحد سواه. ومع ذلك فإن درجة الحب التي يتوجهون بها إلى الرسول  تكاد تفلت أحياناُ في قلوب بعض المسلمين فلا يمسكها هذا النهي إلا بجهد جهيد! وإن بعضهم لتصيبه حالات من الوجد في حب الرسول حتى لينسى نفسه، وتختلج مشاعره وقسمات وجهه، وتنهمر عيناه بالدموع، ثم لا يفيق من قريب! حتى بين " أجف " المسلمين قلباُ، وأغلظهم مشاعر (إن صح أنهم مسلمون مع ذلك!)، لن تجد منهم من لا يتوجه للرسول  بالحب والتعظيم، ولو كان يعبد الله على حرف، ولا يقيم كثيراُ من قواعد الدين!
أما غير أتباعه فقد هاجمه كثير منهم، ومع ذلك فإن أغلبية عظيمة من هؤلاء لم تملك نفسها من الإعجاب بشخصه، بصرف النظر عن دينه، فقالوا عنه إنه رجل عظيم، وقالوا إنه يملك الصفات التي تحبب إليه الناس.
نعم.. لا أحسب أحداً من البشر نال من الحب والإعجاب ما ناله محمد رسول الله  .
ومع ذلك فإني أحسب أن كثيراً من المسلمين، وخاصة في هذه الأعصر الحديثة، لا يقدرون الرسول حق قدره، حتى وهم يتوجهون إليه بالحب، بل حتى وهم ينحرفون بهذا الحب إلى لون من التقديس!
ذلك أنه حب سلبي لا صدى له في واقع الحياة!
وإن صورة الرسول  في قلوب هؤلاء المسلمين لتعاني عزلة وجدانية عميقة.
إنه هنالك في أعمق أعماقهم. إنه روح نورانية شفيفة، إنه سنَى مشرق، إنه ومضات من النور الرائق والشعاع المتألق. إنه روح سارية في حنايا القلب وفي أنحاء الكون.. ومع ذلك فهو ليس حقيقة واقعة!
إنه حقيقة " صوفية " منعزلة في الوجدان، واصلة إلى آخر أعماقه، ولكنه ليس صورة حية متحركة في واقع الحياة، شاخصة بلحمها ودمها، وأفكارها ومشاعرها، وتنظيماتها وتوجيهاتها، وهدمها وبنائها، ومادياتها وروحانياتها سواء!
ولا شك أن لهذه العزلة أسباباً تاريخية...
ففي عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لم يكن الرسول  منعزلاً في وجدان المسلمين.
كان المسلمون قريبي العهد به، ما زالوا يعيشون مع ذكراه الحية في نفوسهم، وصوره الشاخصة في مخيلتهم، في غدوه ورواحه، وحربه وسلمه، وعبادته وعمله. صورة متكاملة تشمل الحياة كلها في أعماق الضمير وفي واقع المجتمع على السواء.
ولكن قرب العهد لم يكن وحده السبب في إحساس المسلمين به حياً في نفوسهم، متكاملاً في مشاعرهم. وإنما كان إلى جانب ذلك سبب على أعظم جانب من الأهمية، هو امتداد تعاليم الرسول ومنهجه التربوي في تصرفات أبي بكر وعمر وطريقة سياستهما لأمور المسلمين.
لقد أحس المسلمون أن الرسول  حي بتعاليمه ومنهجه، حتى وإن غابت ذاته الرفيعة عنهم في عالم الحس.
وما عالم الحس من واقع النفس؟
إن الأشياء لا تقاس بوجودها أو عدم وجودها في عالم الحس. وإنما تقاس بمقدار ما توجد في عالم النفس، وبالمساحة التي تشغلها من المشاعر والأفكار والسلوك.
ولا شك أن الرسول  كان " موجوداً " في نفوس المسلمين على عهد أبي بكر وعمر، وعلى مدار الأجيال التي لم تره بعد ذلك، أضعاف أضعاف ما كان موجوداً فـي نفس أبي جهل أو غيره من المشركين، ممن رأوه رأي العين، وجالدهم وجالدوه، ولكنهم لم يؤمنوا به، ولم يقووا على حبه فأبغضوه.
وعلى هذا الأساس وحده نقيس وجود الرسول  في نفوس المؤمنين وغير المؤمنين.
وعلى عهد الشيخين كانت الحياة كلها محكومة بتعاليم الإسلام وروحه، وكان الشيخان على قمة البشرية بعد محمد  ، يتطلع الناس إليهما في تصرفاتهما، وسلوكهما، ومشاعرهما، وأفكارهما فيدركون القبس الخالد الذي يقبسان منه، ويرون الرسول  رأي الواقع في قلبيهما الكبيرين، فيعيشون في ظلهما مع الرسول فوق ما يعيشون معه في ذكرياتهم الخاصة، ووجداناتهم التي كانت بدورها قد شحنت بتلك القبسات المشرقة من قبسات الرسول.
وجاء عثمان  فسار في أول عهده على هدي الشيخين ما استطاع، ولكن رويداً رويداً أخذ نفوذ مروان بن الحكم ومنهجه يغلبان على الحكم، وعثمان  تثقله السن. وبدأ المسلمون يحسون بافتراق الطريق. وبدأت الصورة المتكاملة للرسول  تنحسر شيئاً فشيئاً إلى داخل النفوس، بعد أن كانت ملء النفوس وملء الحياة معاً وعلى نسق واحد.
وكلما انفرجت الشقة بين الواقع المشهود وبين تعاليم الرسول  وتوجيهاته، زادت صورتـه انحساراً في نفوس المسلمين، حتى ينتهي الأمـر إلى أن تصبح " مثالاً " متألقاً في أعماق الوجدان، لا صورة حية في العيان، مثالاً منعزلاً عن واقع الحياة، لا يحكمها ولا يرسم منهجها، ولا يتجه الشعور إليه لتسيير دفتها!
ولكن أجيالاً متطاولة مضت قبل أن تتم العزلة في صورتها العنيفة التي تقوم اليوم في قلوب المسلمين.
كان الحكم في البلاد الإسلاميـة - رغم بعده التدريجي عن روح الإسلام - يقوم باسم الإسلام!
وكان المجتمع إسلامياً رغم فساد الحكام!
نعم. لقد ظل المجتمع في الريف والمدن البعيدة عن العواصم إسلامياً قرابة ألف سنة، لا يتأثر بفساد الحكم، ولا تصل إليه العدوى من العاصمة المنحلة التي فيها القصور الماجنة، وصور الحياة الدنسة.
وكان الرسول  لا يحكـم في العاصمة، ولا يرسم سياسة المال، ولكنه كان يُحكِم الروابط بين قلوب المسلمين في الريف والمدن البعيدة، فتقوم بينها محبة الإسلام وتكافل الإسلام وتراحم الإسلام، في الوقت الذي كانت " البيئة الزراعية " المماثلة في أوربا تقوم على علاقة السادة والعبيد: سادة لهم الأمر كله والملك كله، وعبيد ليس لهم من الأمر شيء سوى العبودية المطلقة والانعدام الذليل.
في تلك الأثناء كانت بقية من صورته  لم تنعزل بعد في وجدان المسلمين. ورغم أن المذاهب " الصوفية " كانت نشيطة في المجتمع الإسلامي كله في ذلك الوقت، والصوفية تجنح إلى العزلة عن الحياة والبعد عن مجالدتها، إلا أن هذه المذاهب قد أدت دوراً تاريخياً في منع المجتمع الإسلامي من التفكك، والإبقاء عليه مترابطاً " بأخوة " الصوفية كما أنها في غير قليل من الأحيان كانت تدخل معترك السياسة ولو من وراء ستار..
أما العزلة الكاملة الموحشة المرهوبة، فقد تمت وأحكمت حلقاتها حين بَعُدَ الحكم والمجتمع كلاهما عن الإسلام: اسمه وروحه، وصار الغرب هو الذي يحكم السياسة والمجتمع: باسمه الصريح حيناً، وعلى يد صنائعه النافرين من الإسلام حيناً آخر. وصار المجتمع الإسلامي صورة متحللة فاسدة من الأفكار الغريبة عن الحياة. لا هي إسلامية كما كانت، ولا هي نسيج واحد متميز، ولا تملك حتى القوة المادية التي يملكها الغرب، وإنما هي مسخ مشوه لا وحدة له ولا كيان.
عندئذ لم يعد الرسول  " موجوداً " أصلاً في واقع الحياة. لم يعد كياناً حياً شاخصاً بلحمه ودمه، وأفكاره ومشاعره، وتنظيماته وتوجيهاته، ومادياته وروحانياته.. وانحصر وجوده في مشاعر الناس السلبية، في أعمق أعماقها.. في حالات الوجد والهيام.. أصبح صورة.. مجرد صورة مثالية. لا يمسكها إلا الحب العنيف أن تكون أسطورة محلقة في الخيال!
يا حسرة على العباد!
كيف جاز لهم أن يصنعوا ذلك؟ كيف جاز لهم أن يبددوا أكبر طاقة بشرية كونية في هذا الوجود، فينحسروا بها في عزلة عن الحياة؟! وهل رسول الله محمد  هو الذي يصنع معه هذا الصنيع؟ الرسول الذي كان طاقة حية متحركة فعالة هادمة بناءة لا تكف لحظة عن النشاط؟ الرجل الذي كان كله حياة في واقع الأرض، يصبح معزولاً عن واقع الأرض؟! وممن! من أتباعه ومحبيه!
لو عاش  في صومعته..
لو كان " فيلسوفاً " ممن ينشئون الأفكار ويعجزون عن التنفيذ..
لو كان ممن يحدثون عن " الأحلام " الجميلة و " المثل " الرفيعة ولا يبين لهم في واقع الأرض كيف تكون الطريق.
لو أنه كان " شاعراً " أو " كاهناً "...
لو أنـه كان شيئاً من هذا كلـه لجاز للناس أن يعزلـوه في وجدانهم، فيمنحـوه الحب " النظري " والإعجاب المجرد، ثم.. لا يلتفتوا إليه وهم يواجهون عالم الواقع ويضربون في مناكب الأرض.
أما وهو الذي بين لهم كيف يضربون في مناكب الأرض.. أما وهو الذي أمسك المعول بيده فهدم الباطل أمام أعينهم وبنى بدله صرح الحق.. أما وهو الذي حارب معهم وأقام السلم.. وشيد بناء الدولة لهم لبنة لبنة حتى قام شاهقاً لا يطاوله بناء على الأرض.. وأكل معهم وشرب، وصحبهم وصحبوه، وعاش أمامهم كل لحظة من لحظات الحياة، وكل وجدان من وجداناتها وكل سلوك، ورأوه " يتصرف " في كل شأن من الشئون كبيرها وصغيرها، ليكون تصرفه سنة تحتذى، ويكون فيه أسوة حسنة للناس..
أما وهو هذا كله فأي جرم في تبديد هذه الطاقة البشرية الكونية الكبرى، وحصرها في داخل الوجدان؟!
وهل جاء محمد  لينعزل في الوجدان، والدين الذي جاء به هو الدين الذي يأبى الانعزال في الوجدان؟!
إن أبرز سمة في هذا الدين أنه دين الظاهر والباطن على حد سواء. لا يرضى أن يكون الظاهر نظيفاً والباطن غير نظيف، فيصبح رئاء الناس. ولا يرضى أن يكون الباطن نظيفا ولا صدى له في الظاهر فيفقد مهمته ومعناه. إنه الدين الذي يجعل العمل عبادة.. ورسوله  هو الرسول الذي ظل حياته كلها يتعبد بالعمل.. العمل المثمر النافع الظاهر للعيان.
فكيف جاز بعد هذا كله أن يتحول في قلوب المسلمين إلى مثال منعزل، ولو كان أرفع مثال على الأرض وأنبل مثال؟!

* * *
ولقد كان إحساسي بالرسول الكريم دائماً هو إحساسي بالواقع المجسم، لا بالخيال المحلق في الفضاء.
وكانت تهز وجداني هزاً عنيفا هذه الصورة المعروفة في كتب السيرة كلما قرأتها: " كان يمشي وكأنه يتقلع من الأرض... " وترتسم في خيالي صورة رائعة، حية شاخصة، ممتلئة بالحيوية، متوفزة النشاط.. عظيمة في هذا كله عظمة لا تحد. وانظر إلى الصورة التي تجسمت في خيالي فأرى النور الرائق الصافي يشع من أعماق روحه  ، وينفذ إلى أعماق نفسي، ويغلبني الوجدان وأنا أنظر إلى هذه الروح الصافية العميقة الشفافة المشعة، ومع ذلك فلا تلبث صورته أن تتحرك.. وأراه  يمشي وكأنه يتقلع من الأرض. أراه.. بمقدار ما تطيق روحي أن تصل إليه.. متحركاً يضرب في مناكب الأرض، ويشق طريقه في قوة وثبات وتمكن، ويقيم البناء كله لبنة لبنة.. وأراه في مواقفه النفسية الدقيقة العميقة، فأكاد ألمس النفس الجياشة المتحركة الدافقة. وأراه في لحظات تعبده، والنور يتألق من روحه ومن طلعته، فأحس كأن هذا النور يتحرك.. يتحرك ممتداً حتى يشمل الفضاء.
الحركة الحية المتوفزة هي في نفسي صورة الرسول .
ومن ثم لا أحس بها منعزلة في الوجدان..
ثم أرى العزلة التي تعانيها صورته في وجدان المسلمين، فأعجب للناس كيف يحبونه كل هذا الحب، ثم لا يتدبرون حياته للقدوة والأسوة كما قال لهم ربهم في كتابه المبين؟!
* * *
وليس هذا كتاباً في سيرة الرسول  !
وإنما هو جهد متواضع كل همي منه أن أحاول إخراج صورة الرسول من عزلتها الموحشة في قلوب المسلمين.
هدفي أن أقول للناس تدبروا بعض أقوال الرسول  ، وانظروا كيف كانت كل كلمة يقولها منهج تربية ومنهج سلوك ومنهج تفكير ومنهج حياة..
إنها مختارات متفرقة من الأحاديث، أو " قبسات من الرسول " كما أسميتها، كل منها يصلح أن يكون أحد " مفاهيم " الإسلام، مفاهيمه الواقعية الضاربة في مناكب الأرض، المتلبسة بصميم الحياة.
وليست هذه المختارات استقصاء لكل المفاهيم، ولا استقصاء لكل ما قيل في أي من هذه المفاهيم. وإنما هي مجرد مختارات كتبتها كما خطرت ببالي، وحسبي منها أن تفتح الطريق.
اللهم وفقني.. وأوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ.. إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير...


فليغرسها

"إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها فله بذلك أجر"[1].
ولعل آخر ما كان يدور في ذهن السامعين أن يقول لهم الرسول  ذلك الحديث!
ولعلهم توقعوا أن يقول لهم الرسول الذي جاء ليذكر الناس بالآخرة، ويحثهم على العمل لها، ويدعوهم إلى تنظيف ضمائرهم وسلوكهم من أجل اليوم الأكبر: يوم الحساب الذي تدان فيه النفوس.. لعلهم توقعوا أن يقول لهم: فليسرع كل منكم فليستغفر ربه عما قدمت يداه، وليتوجه لله بدعوة خالصة أن يميته على الإيمان ويقبل توبته ويبعثه على الهدى.. ولعلهم توقعوا أن يقول لهم: أسرعوا فانفضوا أيديكم من تراب الأرض.. وتطهروا. اتركوا كل أمور الدنيا وتوجهوا بقلوبكم إلى الآخرة. انقطعوا عن كل ما يربطكم بالأرض. اذكروا الله وحده. توجهوا إليه خالصين من كل رغبة في الحياة، حتى إذا ذهبتم إلى ربكم، ذهبتم وقد خلصت نفوسكم إليه، فيقبل أوبتكم ويظلكم بظله، حيث لا ظل إلا ظله.
ولو قال لهم ذلك فهل من عجب فيه؟!
أليس الطبيعي وقد تيقن الناس من القيامة أن ينصرفوا للحظة المرهوبة؟
أليس الطبيعي والهول المهول على الأبواب أن ينسلخ الناس من كل وشيجة تربطهم بالأرض، ويتطلعوا في رهبة الخائف وذهول المرتجف إلى قيام اليوم الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد؟!
فإذا قال لهم الرسول : لا تقفوا مذهولين مرجوفين مرعوبين، ولكن توجهوا إلى الله أن ينقذكم من هذا الكرب العظيم، أخلصوا له الدعاء فهو قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه. ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. هلموا تطهروا، وصلوا إلى الله خاشعين..
إذا قال لهم الرسول ذلك وضع البلسم الشافي على الأرواح المكلومة. وقد وضع يده الحانية يربت بها على النفوس المهتزة المزلزلة الراجفة فتطمئن. وقد فتح الكوة التي يطل منها على القلوب المكفهرة المذعورة بصيص الأمل والأمن والرجاء..
ولكن رسول الله  لم يقل شيئاً من ذلك كله الذي توقعه السامعون.
بل قال لهم أغرب ما يمكن أن يخطر على قلب بشر!
قال لهم: إن كان بيد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها قبل أن تقوم الساعة فليغرسها.. فله بذلك أجر!
يا ألله! يغرسها؟! وما هي؟ فسيلة النخل التي لا تثمر إلا بعد سنين؟ والقيامة في طريقها إلى أن تقوم؟ وعن يقين؟!
يا الله! لن يقول هذا إلا نبي الإسلام خاتم النبيين!
الإسلام وحده هو الذي يمكن أن يوجه القلوب هذا التوجيه، ونبي الإسلام وحده هو الذي يمكن أن يهتدي هذا الهدي، ويهدي به الآخرين!
وهذا تاريخ الأرض كلها.. ليس فيه مثل هذه القبسة من قبسات الرسول!
* * *
وهي كلمة بسيطة لا غموض فيها، ولا صنعة، ولا " تفنن ". كلمة - رغم غرابتها لأول وهلة، وبدهها للفكر على غرة - تخرج بسيطة كبساطة الفطرة، عميقة كعمق الفطرة، شاملة واسعة فسيحة، تضم بين دفتيها منهج حياة.. منهج الحياة الإسلامية.
كم من معنى تستخلصه النفس من الكلمات البسيطة العميقة في آن.
أول ما يخطر على البال هو هذه العجيبة التي يتميز بها الإسلام: أن طريق الآخرة هو طريق الدنيا بلا اختلاف ولا افتراق!
إنهما ليسا طريقين منفصلين: أحدهما للدنيا والآخر للآخرة! وإنما هو طريق واحد يشمل هذه وتلك، ويربط ما بين هذه وتلك.
ليس هناك طريق للآخرة اسمه العبادة. وطريق للدنيا اسمه العمل!
وإنما هو طريق واحد أوله في الدنيا وآخره في الآخرة. وهو طريق لا يفترق فيه العمل عن العبادة ولا العبادة عن العمل. كلاهما شيء واحد في نظر الإسلام. وكلاهما يسير جنباً إلى جنب في هذا الطريق الواحد الذي لا طريق سواه!
العمل إلى آخر لحظة من لحظات العمر. إلى آخر خطوة من خطوات الحياة! يغرسها والقيامة تقوم تقوم هذه اللحظة. عن يقين!
وتوكيد قيمة العمل، وإبرازه والحض عليه، فكرة واضحة شديدة الوضوح في مفهوم الإسلام. ولكن الذي يلفت النظر هنا ليس تقدير قيمة العمل فحسب، وإنما هو إبرازه على أنه الطريق إلى الآخرة الذي لا طريق سواه.
وقد مرت على البشرية فترات طويلة في الماضي والحاضر، كانت تحس فيها بالفرقة بين الطريقين. كانت تعتقد أن العمل للآخرة يقتضي الانقطاع عن الدنيا، والعمل للدنيا يزحم وقت الآخرة!
وكانت هذه الفرقة بين الدنيا والآخرة عميقة الجذور في نفس البشرية، لا تقف عند هذا المظهر وحده، وإنما تتعداه إلى مفاهيم أخرى تتصل بالكيان البشري في مجموعه.
فالدنيا والآخرة مفترقتان.
والجسم والروح مفترقان.
والمادي يفترق عن " اللامادي ".
والفيزيقا - بلغة الفلاسفة - تفترق عن الميتافيزيقا.
والحياة العملية تفترق عن الحياة المثالية أو عن مفاهيم الأخلاق. إلى آخر هذه التفرقات التي تنبع كلها من نقطة واحدة، هي التفرقة بين الدنيا والآخرة، أو بين الأرض والسماء. وحين تعيش البشرية على هذه الفكرة المفرقة الموزعة، تعيش ولا جرم في صراع دائم محير مضلل. تعيش موزعة النفس منهوبة المشاعر. لا تحس بوحدة تجمع كيانها، أو رابط يربط أشتاتها. فلا تعرف الراحة ولا تعرف السلام.
والفرقة بين الأهداف المتعارضة شقوة قديمة وقعت فيها البشرية وما تزال واقعة.
وقد كانت تؤدي في القديم إلى عزلة بعض الناس وتنسكهم، وتكالب آخرين على الحياة يجعلونها همهم الأوحد، ينتهبون ما فيها من متعة قبل وقت الفوات، فتملكهم شهواتهم ولا يملكون نفسهم منها، وتقتلهم في نهاية الأمر.. يستوي أن توردهم موارد الحتف، أو تشقيهم بالتعلق الدائم الذي لا يهنأ ولا يستقر.
وما تزال هذه الفرقة تؤدي إلى نتائجها تلك في العالم الحديث. ولكنها تزيد في " مدنيتنا " الحاضرة حتى تبلغ مبلغ الجنون! وحالات الهستريا، وضغط الدم واضطراب الأعصاب، والجنون الكامل، والانتحار.. تتزايد في ظل الحضارة الحديثة إلى درجة خطرة تؤذن بتدمير الطاقة البشرية وتفتيتها، وهي صدى لتلك الفرقة التي توزع النفس الواحدة في وجهات شتى ثم لا تربط بينها برباط [2].
والكيان النفسي بحكم فطرته التي فطره الله عليها.. وحدة.
وحدة تشمل الجسم والعقل والروح. تشمل " المادة " و " اللامادة " تشمل شهوات الجسد ورغبات النفس وتأملات العقل وسبحات الروح. تشمل نزوات الحس الغليظة وتأملات الفكر الطليقة ورفرفات الروح الطائرة.
ولا شك أن جزئيات هذا الكيان متعارضة، وأن كلاً منها جانح في اتجاه..
ذلك إذا تركت وشأنها، ينبت كل نابت منها على هواه!
ولكن العجيبة في هذا الكيان البشري، عجيبة الفطرة التي فطره الله عليها، أن هذا الشتات النافر المنتثر، يمكن أن يجتمع، يمكن أن يتوحد، يمكن أن يترابط، ثم يصبح - من عجب - في وحدته تلك وترابطه، أكبر قوة على الأرض! ذلك حين تقبس الذرة الفانية من حقيقة الأزل الخالدة، فتشتعل وتتوهج، وتصبح طليقة، كالنور.. تمتزج فيها المادة واللامادة فهما سواء!
والطريق الأكبر لتوحيد هذا الشتات النافر المنتثر، وربطه كله في كيان، هو توحيد الدنيا والآخرة في طريق!
عندئذ لا تتوزع الحياة عملاً وعبادة منفصلين. ولا تتوزع النفس جسماً وروحاً منفصلين. ولا تتوزع الأهداف عملية ونظرية، أو واقعية ومثالية لا تلتقيان!
حين يلتقي طريق الدنيا بطريق الآخرة، وينطبقان فهما شيء واحد، يحدث مثل هذا في داخل النفس، فتقترب الأهداف المتعارضة. ويلتقي الشتات المتناثر، ثم ينطبق الجميع فهو شيء واحد. وتلتقي النفس المفردة - بكيانها الموحد - تلتقي بكيان الحياة الأكبر، وقد توحدت أهدافه وارتبط شتاته، فتتلاقى معه، وتستريح إليه، وتنسجم في إطاره، وتسبح في فضائه كما يسبح الكوكب المفرد في فضاء الكون لا يصطدم بغيره من الأفلاك، وإنما يربطها جميعاً قانون واحد شامل فسيح.
والإسلام يصنع هذه العجيبة!
ويصنعها في سهولة ويسر!
يصنعها بتوحيد الدنيا والآخرة في نظام.
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) [3].
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [4].
وقد كان الرسول  الترجمة الكاملة الصادقة للحقيقة الإسلامية. ومن ثم كانت الدنيا والآخرة في نفسه طريقاً واحداً ونهجاً واحداً و " حسبة " واحدة.
أي عمل من أعماله  لم يكن مقصوداً به وجه الله والآخرة؟
واي لحظة كف  عن العمل في الدنيا، والعمل لإصلاح الأرض؟
حتى الصلاة.. ألم يكن صلوات الله وسلامه عليه يستعين فيها الله أن يمكنه من أداء رسالته على الوجه الأكمل، ورسالته هي هداية الناس في الأرض، ليعرفوا الله واليوم الآخر؟!
حلقة واحدة لا تنقطع: العمل والعبادة، والدنيا والآخرة، والأرض والمساء!
والرسول  هو القدوة والأسوة الحسنة، وهو واضع المنهاج العملي لتحقيق الإسلام في عالم الواقع. والرسول  لم يعتزل الناس ليتطهر لربه في معزل. فعباداته يقضيها أمامهم ومعهم وهم في صحبة منه. فإذا كان يخلو إلى ربه في جنح الليل يتعبد، فكل نفس بشرية تهفو إلى الخلوة حيناً من الوقت، وكل نفس تملك أن تصفو في هذه الخلوة فوق ما تصفو في حضرة الآخرين. ولكن المهم أنه في أعمق خلواته وأصفاها لا ينسى أنه رسول الله، المكلف بأداء رسالة الله.
والرسول يحارب في سبيل الله. ويسالم في سبيل الله. ويدعو الناس إلى سبيل الله. ويأكل باسم الله. ويتزوج على سنة الله. ويهدم ويبني، ويحطم وينشئ، ويهاجر ويتوطن.. كل ذلك في سبيل الله، واليوم الآخر، يوم يلقى الله. فكل عمله إذن عبادة يتوجه بها إلى الله. والطريق أمامه طريق واحد.. هو الطريق إلى الله...
وهو يسير في هذا الطريق الأوحد الذي لا طريق غيره، يسير قدماً لا يتلفت ولا يتحول.. ولا يكف عن المسير..
إلى آخر لحظة من حياته  كان يسير في الطريق.
كان يعمل في الدنيا وهو يبغي الآخرة، ويعمل للآخرة بالعمل في الأرض.
حتى حين نزلت الآية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) وأحس عمر  أنها النهاية فدمعت عيناه.. حتى في مرض الموت.. حتى في اللحظة الأخيرة لم يزايله انشغاله بأمور الدنيا.. بأمور الناس.. بإصلاح الأرض.. بهداية البشرية.. برسم المنهج الذي يسيرون عليه.. بتوطيد أركان الدين وتوثيق عراه..
وكان يقول والوجع يشتد عليه  " إيتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً.. ".
كانت في يده الفسيلة وكان يغرسها..
ولم يدع يديه منها  حتى فاضت روحه الكريمة الطاهرة إلى مولاه..

* * *
وإن في ذلك لدرساً يقتدي فيه المسلمون بنبيهم، ويهدون به البشرية الضالة إلى سواء السبيل.
يتعلمون أن يربطوا طريق الدنيا بطريق الآخرة.
يتعلمون أن الدين ليس عزلة عن الحياة، وإنما هو صميم الحياة. ليس عزلة عن تيار الحياة الصاخب المضطرب فلا يركبون فيه مركبهم مع الراكبين.
وأنهم لا يرضون ربهم ولا يخدمون دينهم إذا أحسوا أنه ينبغي عليهم أن ينسوا الله والدين إذا دخلوا معترك الحياة وعملوا لإصلاح الأرض.
لن يرضوا الله ولن يخدموا الدين إذا دخلوا المدرسة أو الجامعة أو المعمل أو المصنع أو المتجر وفي حسابهم أنهم الآن يعملون للأرض ويعملون للدنيا، وأنهم في لحظة أخرى حين يفرغون من عمل الأرض سيعودون - إذا عادوا - إلى الله، فيعبدونه ويتوجهون إليه!
كلا! ليس ذلك من الإسلام!
إنما الإسلام أن يأكلوا باسم الله، ويتزوجوا باسم الله، ويتعلموا باسم الله وفي سبيل الله، ويعملوا وينتجوا ويتقووا ويستعدوا.. في سبيل الله. لا تشغلهم الدنيا عن الآخرة، ولا الآخرة عن الدنيا، لأنهما طريق واحد لا يفترقان.
وحين يتعلم المسلمون ذلك: حين يتعلمون أنهم إذا درسوا الطاقة الذرية واستخدامها في السلم والحرب يمكن أن يكونوا متصلين بالله وفي سبيل الله. حين يتعلمون أنهم وهم يدرسون النظم السياسية والاقتصادية والإصلاح الاجتماعي، أو يطبقونها على الناس وهم يسوسون أمورهم، يمكن أن يكونوا متصلين بالله وفي سبيل الله. حين يتعلمون أنهم وهم في خلوتهم مع أزواجهم يحققون هدف الحياة الأكبر، يمكن أن يذكروا اسم الله ويكونوا في سبيل الله..
حين يتعلمون أن عملاً واحداً من أعمال الأرض الكثيرة المتفرقة لا يمكن أن يخرج عن الطريق إلى الآخرة إذا أقدم عليه الإنسان وهو مسلم مؤمن بالله متوجه إلى الله..
بل حين يتعلمون أنه لا يمكنهم أن يخدموا الآخرة إلا بإصلاح الدنيا، ولا يصلوا للآخرة إلا عن طريق الأرض، وأن عليهم أن يظلوا إلى آخر لحظة من حياتهم يعمرون الأرض ويغرسون فسائلها، وإلا فلن يصلوا إلى رضوان الله..
حين ذلك يكونون مسلمين حقاً..
وحين ذلك يكونون قدوة للأمم كلها على سطح الأرض، كما كان الرسول  هو قدوتهم.
(لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).
عندئذ يكون لديهم ما يعلمونه للعالم كله، وللغرب المفتون خاصة. الغرب الذي أصابه الجنون فقام بحربين متواليتين في ربع قرن، وهو اليوم يستعد لتدمير الأرض!
يستطيعون أن يقولوا للناس في كل الأرض: لقد ألغيتم " الله " من حسابكم لأنكم ظننتم أنه يعوّقكم عن تعمير الأرض، وعن تعلم العلم، وعن استغلال طاقة الأرض، وعن الاستمتاع بالحياة!
ولكنه في الواقع ليس كذلك!
إنه يدعو إلى كل هذا الذي تهفون إليه: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) وإنما يريد فقط أن توحدوا طريقكم، فلا تجعلوا طريقاً للدنيا وطريقاً للآخرة منفصلتين، وإنما طريق واحدة للدنيا والآخرة، هي الطريق إلى الله.
* * *
وليس هذا هو الدرس الوحيد الذي نتعلمه من هذا الحديث العجيب.
فلا يأس مع الحياة!
والعمل في الأرض لا ينبغي أن ينقطع لحظة واحدة بسبب اليأس من النتيجة!
فحتى حين تكون القيامة بعد لحظة، حين تنقطع الحياة الدنيا كلها، حين لا تكون هناك ثمرة من العمل.. حتى عندئذ لا يكف الناس عن العمل وعن التطلع للمستقبل، ومن كان في يده فسيلة فليغرسها!
إنها دفعة عجيبة للعمل والاستمرار فيه والإصرار عليه!
لا شيء على الإطلاق يمكن أن يمنع من العمل!
كل المعوقات.. كل الميئسات.. كل " المستحيلات ".. كلها لا وزن لها ولا حساب.. ولا تمنع عن العمل.
وبمثل هذه الروح الجبارة تعمر الأرض حقاً وتشيد فيها المدنيات والحضارات.
كل ما في الأمر أن الإسلام وهو يدعو لتعمير الأرض، والعمل في سبيلها، لا ينحرف بالأفكار والمشاعر عن طريق الله وطريق الآخرة، لأنه لا يفصل بين الدنيا والآخرة، ولا بين الحياة العملية و " الأخلاق ". إنه لا يقول - كما يقول الغرب المنحرف - فلأعمر الأرض، ولا يعنيني أن ترتفع أخلاق الناس أو تهبط، فللعمل مقاييس وللأخلاق مقاييس! لا تهمني أخلاق الرجل ما دام " إنتاجه " يعجبني! فهذه النظرة المبتسرة الهابطة لا تلبث أن تدمر في لحظة ما بنته في أجيال. وأن تحيل العمار كله إلى خراب! بل إن هذه النظرة المبتسرة الهابطة لتوزع النفوس والأفكار بين الخير والشر، وبين الواقع والمثال، فتكون النتيجة القريبة هي الأمراض العصبية والجنون والانتحار، وذلك وحده تدمير للنفوس وتبديد للطاقة، ولو لم يحدث الدمار الشامل والخراب الرهيب.
وقد كان المسلمون وهم يؤمنون بدينهم ويعملون به يبنون أروع حضارات الأرض وينشئون أرفع مفاهيمها.. ولا ينحرفون عن طريق الله.
كانت طاقة " العمل " تدفعهم للإنشاء والتعمير، والفتح والانسياح في الأرض، فبلغوا في لمحة خاطفة من الزمن ما لم يبلغه غيرهم في قرون، وأقاموا في كل مكان مثلاً للعدالة الإنسانية كانت - وما تزال - غريبة على البشرية، ينظرون إليها كما ينظرون للأحلام والأساطير.
حين أعاد أبو عبيدة الجزية لأهل الشام يوم علم باحتشاد جيش الروم وخشي ألا يقدر على حمايتهم، وقال لهم: " إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه بلغنا ما جمع لنا من الجموع. وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنا لا نقدر على ذلك. وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم ".
حين صنع ذلك كان يقوم بإحدى المعجزات التي أنشأها الإسلام على وجه الأرض. يعمل. ويجتهد في عمله إلى أقصى الغاية، ويضرب في مناكب الأرض. ويحارب ويغزو. ولا ينسى الله لحظة واحدة في ذلك كله ولا يفترق طريقه في الدنيا عن طريقه إلى الآخرة، لأنه يعمل ذلك كله في سبيل الله.
وحين تم النصر لصلاح الدين في الحروب الصليبية وأمكنه الله من أعداء دينه الذين غدروا من قبل بعهد الله، وذبحوا المسلمين داخل البيت المقدس، واعتدوا بغلظة ووحشية على كل حرمات البشرية.. لم يثأر لنفسه، ولم يمثل بهم، ولم يعمل في رقابهم السيف - وهو مأذون بذلك من كل شرائع السماء والأرض معاملةً بالمثل - بل صفح وعفا، وارتفع على نفسه وعلى النفس " البشرية " كلها..
حين ذلك كان يقوم بمعجزة أخرى من معجزات الإسلام.. يعمل ويعمل.. ولا ينسى الله، ولا يفترق طريقه في الأرض عن طريقه إلى الآخرة.
وبذلك كان الإسلام فذاً في التاريخ..
وكان البناء الذي بناه الإسلام فريداً بالرغم مما أصابه من ضربات من الداخل ومن الخارج على السواء.
لقد كان المسلمون يقتدون برسولهم وهو يحثهم على العمل لتعمير الأرض، وغرس ما في أيديهم من فسائل تثمر حين يشاء لها الله، وإنما عليهم فقط أن يغرسوها، ويمضوا إلى غيرها يغرسون في مكان جديد! ويقتدون به فيغرسون به ما يغرسون من نبتات الخير في كل مكان، وهم يتجهون إلى الله وحده وإلى الآخرة. لا تدفعهم مطامع الأرض المنبتة عن طريق الله، ولا شهوات النفس المنبتة عن تقوى الله.
وبذلك تميزوا وسادوا، وكانوا النور المشرق في ظلمات الأرض، والقدوة في كل سوك وكل عمل وكل علم وكل نظام. وأوربا في ظلمة الجاهلية تأكلها الفرقة والحروب والتأخر والانحطاط.. حتى قبست قبسات من الإسلام في الحروب الصليبية، فأفاقت من غفوتها وبدأت " تنهض ".. ولكن على غير طريق الله وطريق الآخرة.. ومن ثم لا تقوم إلا كمن يتخبطه الشيطان من المس.. تنطلق كالمجنون والهوة في آخر الطريق.
وإن أمام المسلمين الكسالى اليوم قدوة في رسول الله تنفعهم إذا فتحوا لها بصائرهم وتدبروا معانيها. إن عليهم أن يعملوا دائماً ولا يكلّوا.. يعملوا جهد طاقتهم، وفوق الطاقة ليعوضوا القعود الطويل. يعملوا في كل ميدان من ميادين العمل: في ميدان العلم وميدان الصناعة وميدان التجارة وميدان الاقتصاد وميدان السياسة وميدان الفن وميدان الفكر..
يعملوا ولا يقولوا: ما قيمة العمل؟ وماذا يمكن أن نصل إليه؟
يغرسوا الفسيلة ولو كانت القيامة تقوم اللحظة. فإنما عليهم أن يعملوا، وعلى الله تمام النجاح!
* * *
والدعاة خاصة لهم في هذا الحديث درس أي درس!
فالدعاة هم أشد الناس تعرضاً لنوبات اليأس، وأشدهم حاجة إلى الثبات!
قد ييأس التاجر من الكسب، ولكن دفعة المال لا تلبث أن تدفعه مرة أخرى إلى السير في الطريق.
قد ييأس السياسي من النصر، ولكن تقلبات السياسة لا تلبث أن تفتح له منفذاً فيستغله لصالحه.
قد ييأس العالم من الوصول إلى النتيجة.. ولكن المثابرة على البحث والتدقيق كفيلة أن توصله إلى النهاية.
كل ألوان البشر المحترفين حرفة معرضون لليأس، وهم في حاجة إلى التشجيع الدائم والحث الطويل، ولكنهم مع ذلك ليسوا كالدعاة في هذا الشأن، فأهدافهم غالباً ما تكون قريبة، وعوائقهم غالباً ما تكون قابلة للتذليل.
وليس كذلك المصلحون.
إنهم لا يتعاملون مع المادة ولكن مع " النفوس " والنفوس أعصى من المادة، وأقدر على المقاومة وعلى الزيغ والانحراف.
والسم الذي يأكل قلوب الدعاة هو انصراف الناس عن دعوتهم، وعدم الإيمان بما فيها من الحق، بل مقاومتها في كثير من الأحيان بقدر ما فيها من الحق، وعصيانها بقدر ما فيها من الصلاح!
عندئذ ييأس الدعاة.. ويتهاوون في الطريق.
إلا من قبست روحه قبسة من الأفق الأعلى المشرق الطليق. إلا من أطاقت روحه أن يغرس الفسيلة ولو كانت القيامة تقوم اللحظة عن يقين!

* * *
الدعاة أحوج الناس إلى هذا الدرس. أحوج الناس أن يتعلموا عن الرسول  هذا التوجيه العجيب الذي تتضمنه تلك الكلمات القليلة البسيطة الخالية من الزخرف والتنسيق.
هم أحوج الناس أن يقبسوا من قبسات الرسول هذه اللمحة المضيئة الكاشفة الدافعة الموحية، فتنير في قلوبهم ظلمة اليأس، وتغرس في نفوسهم نبتة الأمل، كما تغرس الفسيلة في الأرض لتثمر بعد حين.
إنه يقول لهم: ليس عليكم ثمرة الجهد، ولكن عليكم الجهد وحده، ابذلوه ولا تتطلعوا إلى نتائجه!
ابذلوه بإيمان كامل أن هذا واجبكم وهذه مهمتكم، وأن واجبكم ومهمتكم ينتهيان بكم هناك، عند غرس الفسيلة في الأرض، لا في التقاط الثمار!
وهو إذ يقول لهم ذلك لا يغرر بهم ولا يضحك عليهم! إنما يقول لهم الشيء الواحد الصواب!
فحين تسأل نفسك: متى تثمر الفسيلة وكيف تثمر، وحولها الرياح والأعاصير والشر من كل جانب؟
وحين يصل بك التفكير إلى أن تطرح الفسيلة جانباً وتنفض منها يديك.. حينئذ كيف تثمر؟ وأنَّى لها أن تعيش؟
أما قتلتها أنت حين أفلتّها من يديك؟
ولكنك حين تغرسها في الأرض وترفع يديك لله بالدعاء.. حينئذ تكون أودعتها مكانها الحق، وعهدت بها إلى الحق الذي يرعاها ويرعاك.
ولا يشغلك أن تسأل: متى تكون الثمار؟! ليس هذا من عملك أنت. لست مهيمناً على الأقدار. وليس لك علم الغيب. و لا في طوقك - لو علمته - أن تمسك نفسك من الدوار!
ومن تكون أنت في ملك الله الواسع الفسيح الذي لا حد له ولا انتهاء؟!
وإنما أنت أنت: مخلوق حي متحرك له كيان وله وزن وقوة ومكان في تاريخ الأرض، حين تقبس روحك قبسة من صانع الأرض وصانع الكون، وصانعك أنت من بين هذا الكون الكبير.
أفلا تدع له إذن كصيرك مطمئناً إليه؟ أو لا تدع له كذلك هذه الفسيلة التي غرستها يرعاها لك ويطلع لها الثمار؟! أو لا تكتفي بدورك المطلوب منك في الملكوت الهائل الفسيح، وتحمد الله أن لم يحمّلك سوى دورك هذا المحدود الميسور؟!
وحين تصنع ذلك تطلع الثمار!
لا عجب في ذلك ولا سحر!
وإنما أنت تؤدي دورك وتمضي، فيجيء غيرك فيعجب بك وما صنعت، فيحبك، فيذهب يتعهد فسيلتك التي غرست، فتنمو، وتطلع الثمار.
وقد تكون " سعيداً " بمقاييس الأرض، فترى الثمرة وأنت حي في عمرك المحدود.
وقد تمضي قبل أن ترى الثمار..
ولكن أين تمضي؟ هل تمضي لأحد غير الله، إلى جوار غير جوار الله؟
فماذا إذن عليك حين تصل إلى هناك، أن تكون قد رأيت الثمرة هنا، أو تراها وأنت هناك؟ كلا! إنهما في النهاية سيان.
وإنما ترضى وأنت في جوار ربك أنك غرست الفسيلة في الأرض ولم تدعها من يدك يقتلها اليأس والإهمال.

* * *
ليست إذن دعوة في الخيال حين يقول الرسول  للناس: إن كان في يد أحدكم فسيلة فليغرسها.
وإنما هي صميم دعوة الحق. الحق الواقع في الأرض، المشهود على مدار التاريخ.
والدعاة في كل الأرض أحوج الناس إليها حين تضيق بهم السبل ويصل إلى قلوبهم سم اليأس القتال.
وهم أولى الناس أن يتدبروا سيرة الرسول نفسه.
لقد كان يغرس الفسيلة وهو ما يدري ما يكون بعد لحظات!
قد تأتمر به قريش فتقتله.
قد يهلك جوعاً في الشعب هو ومن معه من المؤمنين.
قد يلحق به الكفار وهو في طريقه إلى الغار فلا يكون ثمة غد.. أو تكون القيامة بعد لحظة.. ومع ذلك يغرس الفسيلة، ويتعهدها بالرعاية حتى يؤذن الله بالثمار، وهو مطمئن دائماً إلى الله ما دام يؤدي الواجب المطلوب.
ذلك هو المثل الذي يحتاج الدعاة إلى أن يقتدوا به حين يدعون إلى الإصلاح.
من كان في يده فسيلة فليغرسها!
ولا يسأل نفسه: كيف تنمو وحولها الرياح والأعاصير والشر من كل جانب؟
لا يسأل نفسه، فليس ذلك شأنه..
فليدع ذلك لله
ولتطلب نفسه أنه أودعها مكانها الحق، وعهد بها إلى الحق الذي يرعاها ويرعاه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ذكره علي بن العزيز في المنتخب بإسناد حسن عن أنس رضي الله عنه. " عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني، باب الحرث والزراعة ".
[2] جاء في إحصاء طبي أن عشرة في المائة من الأمريكيين مصابون بالصداع الدائم كمرض، أي أنه ليس الصداع الطارئ الذي تشفيه المسكنات، وإنما هو صداع دائم لا يشفى! ثم قال التقرير إن هذه النسبة آخذة في الارتفاع.
[3] سورة القصص [ 77 ].
[4] سورة الأعراف [ 32 ].

طلب العلم فريضة
" طلب العلم فريضة على كل مسلم " [5].
العلم.. هذا النور الذي يهدي الله به في مسالك الأرض، وينير لهم السبيل: " إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة" [6].
العلم.. تلك النافذة الضخمة المفتوحة على " المجهول " والشعاع النافذ إلى الظلمات.
العلم.. تلك الطاقة الهائلة التي يمد بها الإنسان حياته، ويوسع كيانه، فلا ينحصر في ذات نفسه، ولا ينحصر في واقعه الضيق القريب، ولا ينحصر في جيله الذي يعيش فيه. بل لا ينحصر في محيط الأرض. وإنما يشمل هذا كله ويزيد عليه، فينفذ إلى الماضي، ويحاول أن يفهم المستقبل على ضوء الحاضر، ويرقب الكون على اتساعه من خلال مناظيره ونظرياته.. وينطلق.. كما تنفلت " المادة " المحسوسة من نطاقها الضيق وتصبح شعاعاً يدور في الآفاق.. " الأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء..
وبه يعرف الحلال من الحرام. وهو إمام العمل والعمل تابعه.. " [7].
العلم.. تلك المنحة الربانية العجيبة التي منحها الله للإنسان، وكرّمه بها وفضّله. وهي إحدى معجزات الخلق. نمر بها غافلين لأننا تعودناها!
ولا نفتح أفواهنا من العجب، ولا تخفق قلوبنا من البهر إلا حين يقع العلم على سر هائل من أسرار الكون، أو يفتح باباً جديداً على المجهول.. مع أن المعجزة في الصغير والكبير سواء! كشأن " الحياة " تُعجز في الخلية المفردة كما تعجز في أعقاد الأحياء!
هذا العلم.. لقد كان الإسلام حرياً أن يحتفل به ويعظمه، وهو الذي يحتفل بطاقات الحياة كلها ويعظمها، وهو الذي يوجه القلوب لكل منحة منحها الله، وكل آية من آيات الله..
ولقد كان الرسول  حرياً أن يحث على العلم ويرفع منزلته، وهو الذي نزل عليه الوحي فعلمه: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) فذاق حلاوة العلم، وتفتحت له به الآفاق. ثم هو الذي يتلو من هذا الوحي:
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)! [8].
ولكن التعبير الذي استخدمه الرسول  وهو يحث على العلم، يظل عجيباً مع هذا كله، وتظل له دلالاته الخاصة وإيحاءاته الخاصة، وتوجيهاته التي لا تصدر إلا عن رسول، وصول بالله، واصل إلى حماه!
طلب العلم " فريضة "!
هذه الكلمة المفردة تشع وحدها أمواجاً من النور، وتفتح وحدها آفاقاً من الحياة.
فريضة.. فلننظر ما تعني الفريضة في قلوب المؤمنين.
إنها أولا ً: واجب مفروض على الإنسان أن يؤديه. لا يجوز أن تشغله عنه المشاغل. ولا أن تقعده العقبات.
وهي ثانياً: واجب يؤديه الإنسان إلى الله ويتعبد به إليه، ومن ثم فهو يؤديه بأمانة. ويؤديه بنظافة. ويؤديه بإخلاص.
وهي ثالثاً: عمل يقرب العبد إلى الرب، فكلما قام الإنسان بهذه الفريضة، أو بهذه العبادة، أحس أنه يقترب من الله. فيزداد به إيماناً وتعلقاً، ويزداد له خشية وحباً، ويزداد إحساساً بالرضا في رحابه، والشكر على عطاياه.
تلك بعض معاني " الفريضة " في القلب المؤمن. وتلك كانت معاني " العلم " في نفوس المسلمين!

* * *
لم يشعر المسلمون قط أن الدنيا تنفصل في إحساسهم عن الآخرة أو أن الدين ينفصل عن الحياة.
وبهذه الروح الشاملة الواصلة - التي وجههم لها الله ورباهم عليها رسوله - كانوا يأخذون شئون الحياة كلها، من عمل وعبادة، وأفكار ومشاعر، وشريعة ونظام..
وبهذه الروح الشاملة الواصلة ذاتها كانوا يأخذون العلم.. على أنه " فريضة " تصل الأرض بالسماء، وتصل العمل بالعقيدة، وتصل " المعرفة ".. بالله.
كان للعلم في " عقولهم " هذا المدلول الشامل.. فهو ليس علم الأرض وحدها. وليس علم السماء وحدها. وليس علم النظريات وحدها أو علم التطبيقات. ولكنه ذلك كله، مشمولاً بالعقيدة ومرتبطاً بالله.
ومن ثم امتدت " العلوم " في نظرهم حتى شملت المعرفة كلها. فمنها علوم الدين من فقه وشريعة وتوحيد وكلام. ومنها علوم اللغة. وعلوم الفلك والطبيعة والكيمياء والرياضيات.. إلى آخر ما كان معروفاً يومئذ من العلوم.
ولم يكن العرب - قبل الإسلام - أمة علم، ولم يكن تراثهم يحمل شيئاً ذا قيمة من المعرفة. إنما كان همهم الشعر والبراعة اللغوية.. ولكن الهزة الجبارة التي أحدثها الإسلام في نفوسهم، والطاقة العجيبة التي جمعها في كيانهم، وأطلقها - من بعد - في فجاج الأرض، قد حولتهم إلى قوة هائلة تضرب في كل ميدان. في ميدان العقيدة. وميدان الحرب. وميدان السياسة. وميدان المعرفة كذلك.
لقد أحسوا بالرغبة الشديدة في المعرفة تتأجج في كيانهم: المعرفة من كل لون. وفي كل ميدان. فشرقوا وغربوا يطلبون العلم، ويستحوذون على كل ما يجدون منه في الطريق. ويتفتحون لذلك كله، ويهضمونه ويمثلونه ويصبغونه بصبغتهم الإسلامية التي تربط الحياة كلها برباط العقيدة. ثم يضفون إليه جديداً قيماً يشهد لهم بالجد والعزيمة، كما يشهد بالبراعة والمقدرة، والقوة والنماء.
كانت المعرفة في وقتهم مزدهرة في اليونان من ناحية، وفي الهند وفارس من ناحية. كما كانت الصين كذلك زاخرة بالعلوم. وفي الحكمة القائلة: " أطلبوا العلم ولو في الصين " ما يشير إلى هذه الحقيقة، وكان توجيه الرسول  للمسلمين أن يبذلوا أقصى الطاقة في سبيل العلم، فنشطوا في سبيل ذلك لا يبالون الصعاب.
وفي سرعة خاطفة ألم الإسلام بهذا كله، وتفقه المسلمون في معارف الأرض المعروفة في ذلك الحين، ثم أخذوا في البناء والإضافة، وظهر من بينهم حشد هائل من العباقرة في كل جانب. عبقريات في الفقه - والفقه يشمل الأسس النظرية للحياة كلها بما فيها من اقتصاد وسياسة وحرب وسلم وتنظيم اجتماعي - وعبقريات في العلوم النظرية وفي العلوم العملية: في الرياضة والفلك والطبيعة والكيمياء والطب، يحفظ منهم التاريخ أسماء خالدة، دفعت بالمعرفة البشرية خطوات جبارة إلى الأمام. وظل بعضهم - كالحسن بن الهيثم - أستاذاً في مادته وكشوفه العلمية حتى القرن التاسع عشر، يتتلمذ عليه الأوربيون.
ولكن المهم في ذلك كله هو " الروح " التي شملت العلم في العالم الإسلامي.. روح " الفريضة ".
كانت التعاليم التي استقوها من الله والرسول هي التي تظلل حياتهم وتسيطر على مشاعرهم. وكانت المعرفة في وجدانهم فريضة يؤدونها، بدافع الفريضة وفي صورة الفريضة.
كان للعلم في نفوس الناس قداسة كقداسة العقيدة. قداسة تشمل المعلم كما تشمل الطلاب. كلاهما يحس بالرهبة، ويحس بالتقوى، ويحس بالنظافة، ويحس بالراحة والفرحة في رحاب الله.
إنه واجب مقدس، يؤدى " من الداخل ". يؤدى من الأعماق.
الأستاذ يحصّل العلم لأنه فريضة. ويؤديه إلى الناس لأن أداءه فريضة كذلك.
والطلاب يسعون إلى طلبه، كما يسعون إلى المسجد للصلاة.
كلاهما مخلص وكلاهما نظيف.
والمحصول العلمي الذي خلفه أولئك المسلمون - سواء أعجبنا اليوم ونحن ننظر إليه بعقلية المعارف الحديثة أم لم " نتفضل " عليه بالإعجاب - محصول يشهد بالجهد الصادق العنيف الذي بذل فيه..
لم يكن واحد يؤلف ليكسب! يكسب الشهرة أو يكسب النقود! وإنما يؤلف لأنه بحث وجد واستنبط، فوصل إلى " شيء " فأذاعه على الناس.
و " الانقطاع " للعلم كان وحده دليلاً على هذا الصدق الذي لا تفسده الأغراض.
ولم يكن الصدق والإخلاص هما السمة الوحيدة في " علم " المسلمين. فذلك لا يستنفد كل معاني " الفريضة "!
وإنما كانت هناك مزيتان أخريان، تركتا طابعاً أصيلاً في الحياة الإسلامية ما يقرب من ألف عام.
المزية الأولى أن العلم - وهو " فريضة " - كان يقرب القلوب إلى الله.. ولا يبعدها عن هداه.
نعم.. لم تحدث في الإسلام تلك الفرقة البغيضة بين العلم والدين!
وكيف تحدث والعلم فريضة يتقرب بها الإنسان إلى الله؟ كيف يتقرب إليه بالبعد عنه والنفور منه؟!
كلا! إن العلم نور الله. موهبته المعجزة التي وهبها للإنسان. وهي أولى بالشكر لا بالكفران!
وكذلك أحس المسلمون. أحسوا أن في رقابهم، ديناً لله يؤدونه. فهو قد وهب لهم " الحكمة " و " المعرفة ". وهب لهم العقل الذي يفكر ويكتشف ويستنبط. وهب لهم القدرة على الاستفادة من التجربة. وهب لهم ذلك الشعاع العلوي الذي لم يكن ليوجد لولا أن الله نفخ في الإنسان من روحه.. فعليهم لقاء ذلك دين. هو الشكر. الشكر لله المنعم الوهاب.
ومن ثم كان العلم يزيدهم إيماناً. ويزيدهم تعلقاً بالله:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [9].
تلك روح المؤمن الذي " يتعلم ". الذي يتفكر في خلق السماوات والأرض. ويصل من تفكره ذلك إلى قوانين ونظريات وحقائق وتطبيقات، تزيد " معلوماته " وتفيده في تعميره الأرض وهو يمشي في مناكبها ويأكل من رزق الله [10] فيدعوه ذلك كله إلى معرفة الله. ومعرفة " القصد " في خلق السماوات والأرض. القصد " الحق ": (مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً) فيسبح الله. ويتقرب إليه. ويتوقى النار ويطلب تحقيق وعد الله بالنعيم: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [11].
ولم يحدث في التاريخ الإسلامي أن عالماً يبحث في الطب أو يبحث في الفلك أو يبحث في الطبيعة أو يبحث في الكيمياء.. وجد نفسه معزولاً عن العقيدة، أو وجد أن العقيدة تعطله عن البحث العلمي الدقيق! ولم تقم الحرب والخصومة في قلب مسلم بين العلم والعقيدة أو بين العلم والدين. وإنما عاش العلم في ظلال العقيدة يتقدم وينشط، ويصل إلى كشوف علمية هائلة، أقر بها المتعنتون أنفسهم من علماء أوروبا، دون أن يفترق الطريق لحظة أو يحدث الشقاق.
ذلك أن العلم كان " فريضة " إلى الله، تؤدى كما تؤدى الصلاة والصيام والزكاة!

* * *
والمزية الثانية في علوم المسلمين - الناشئة كذلك من كون العلم فريضة - أنها لم تستخدم قط في الشر أو الإيذاء!
وكيف يستخدم العلم في الشر وهو فريضة وعبادة؟
" تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة " [12].
فأين ينبغ الشر في هذا الطريق الذي تحفه خشية الله، وعبادته، وتسبيحه، والتقرب إليه؟
ولقد يخطر على البال أن علوم المسلمين لم تستخدم في الشر لأنها كانت بدائية بسيطة لا تصلح للشر، إذا قيست بطاقة الذرة وعلوم " التدمير " في القرن العشرين!
والواقع ليس كذلك! فإن علوماً أدنى من علوم المسلمين وأبسط - في مصر الفرعونية وبابل - كانت تقدر على الشر وتستخدم فيه!
فقد استخدم الكهنة في مصر القديمة - وكانوا في الأغلب هم العلماء - استخدموا معارف الكيمياء والطب والنجوم في السحر، والاستحواذ على الأموال بالباطل، والتوصل إلى السلطان المطلق على القلوب والأرواح والأجسام والعقول، والتحكم في كل أمور الناس بالعبودية والإذلال.
وكانوا يستأثرون بهذا العلم لا يبيحونه للناس، إيثاراً لأنفسهم بالنفع، واستحواذاً على السلطان الكافر الذي يذلون به العبيد.. عبيد فرعون وعبيد الكهان، وهم " الشعب " كله بلا تفريق.
ولو أراد المسلمون أن يستخدموا العلم للشر فلم تكن لتمنعهم بساطة علومهم، ولا تعجزهم عن عمل السوء..
أقرب الشر أن يصرفوا به القلوب عن الله.
وأن يضحكوا به على السذج والجهلاء فينالوا المال المتدفق وينالوا السلطان.
وأن يحبسوه عن العامة..
وأن يتزلفوا به إلى الملوك والسلاطين..
وأن يلتووا به ليبرروا مظالم السلطان.
وهذا هو التاريخ.. صفحة رائقة مشرقة مضيئة.. تشهد أن العلم الإسلامي لم يسع للشر ولم يستخدم للشر. بل أراد دائماً وجه الله وتوجه إلى الخير. ووقف في مرات كثيرة أمام السلطان الجائر يطالبه بحق الله وحق الكادحين..
ذلك أنه كان فريضة إلى الله، يتقرب بها العلماء إلى حماه.
* * *
والآن نطوي تلك الصفحة المشرقة المضيئة لنطلع على صفحة أخرى.. صفحة الغرب.
أوربا هي وريثة الإمبراطورية الرومانية والثقافة الإغريقية. وما تزال حضارتها المادية وتياراتها الفكرية تستمد من هذين المنبعين، بشعور من الأوربيين أوبغير شعور.
وقد ورثت أوربا - فيما ورثته من تاريخها المبكر - طريقة إحساسها بالله واعتقادها في الدين.
وينبغي أن نعرف أن أوربا لم تكن نصرانية حقة في يوم من الأيام! على الرغم من انتشار المسيحية فيها، وتعصب الأوربيين لها في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش. وعلى الرغم مما لا يزال يرد على بعض الألسنة الغربية حين تتحدث عن " الحضارة المسيحية "!
كلا! لم تكن تطبق الدين الحق في يوم من الأيام. وإنما كان قصارى المسيحية عندهم أن تلين لها قلوبهم في المعبد، وتتأثر أرواحهم بأنغامها السجية وسبحاتها الروحية المرفرفة، ولكنها لا تحكم الحياة العامة، ولا تحكم في أمر هذه الأرض. فإذا خرج الناس من صلاتهم في المعبد ارتدت عنهم روح الدين، وعادوا إلى الوثنية الرومانية الإغريقية القديمة، يستمدون منها أفكارهم ومشاعرهم، وتشريعاتهم وتنظيماتهم وكل حضارتهم المادية العريقة..!
وأياً ما كان الأمر فقد ظلت في لا شعور الأوربيين - تحت القشرة المسيحية الرقيقة - تلك النظرة الإغريقية إلى الله، تؤثر في وجدانهم نحوه، وتطبع إحساسهم الديني في الأعماق.
فكيف كانت الأسطورة الإغريقية تصور الله.. أو الآلهة؟
لن نستعرض هنا الأساطير كلها، ولا الصورة الزرية التي كانت تعرض بها الآلهة، فتصورهم - على أحسن تقدير - بشراً فائقي القوة، ولكن نفوسهم مشحونة بالنزوات الطائشة والانحرافات النزقة التي يتورع عنها البشر العاديون.. وإنما نستعرض أسطورة واحدة ذات دلالة في موضوع " العلم " هي برومثيوس سارق النار المقدسة!
هذه الأسطورة تصور العلاقة بين البشر والآلهة علاقة صراع دائم وضغينة وأحقاد. علاقة لا ترف فيها مشاعر الرحمة أو العطف أو المودة.. ولا يهدأ أوراها حتى يشتعل من جديد.
والمعركة قائمة على النار المقدسة: نار " المعرفة "! البشر يريدون أن يستولوا على هذه النار المقدسة، ليعرفوا أسرار الكون كلها، ويصبحوا آلهة! والآلهة تردهم عنها في وحشية وعنف، لتنفرد وحدها بالقوة، وتتفرد دونهم بالسلطان!
تلك إذن هي طبيعة العلاقة بين البشر والله! العلاقة التي اندست في أوهام الأوروبيين، وصارت تصرف أفكارهم ومشاعرهم بغير وعي. العجز وحده هو الذي يخضعهم لمشيئة الله! وهم غير راضين عن هذا العجز ولا ساكتين عنه. فهم في محاولة دائمة يطلبون " القوة " ويطلبون " المعرفة ". يحاولون دائماً أن يقهروا هذا العجز. أو يقهروا - بلغتهم - قوة الطبيعة. أو - بلغتهم اللاشعورية أيضاً - " ينتزعون " الأسرار! ينتزعونها من الإله الوثني القديم الذي كانوا يحاولون أن ينتزعوا منه ناره المقدسة!
وبهذا الدافع الخفي المطبوع في أعماق النفس الغربية - في أعماق اللاشعور - يحس الغربيون أن كل خطوة يخطوها " العلم " ترفع الإنسان فوق نفسه درجة، وتنزل الإله من عليائه بنفس القدر!
وتظل " المعركة " هكذا دائرة: كل فتح جديد من فتوحات العلم يخفض الإله ويرفع الإنسان، حتى تأتي اللحظة المرقوبة التي يتحلب لها ريق الغرب ويتلهف إليها، اللحظة التي " يخلق " فيها الإنسان الحياة، ويصبح هو الله!
وليس هذا التعبير من عندنا نصور به أفكار القوم. فهو نص تعبيرهم، قاله جوليان هكسلي في كتابه " الإنسان في العالم الحديث ". كما قاله غيره من العلماء الأوروبيين وهم ينددون بفكرة الله وفكرة الدين!
* * *
هذا الدافع الخفي المطبوع في أعماق النفس الغربية كان خانساً لا شك تحت القشرة المسيحية التي ظلت تطبع النفوس الأوربية بضعة قرون. وما كادت القشرة تتفتت بفعل الصراع العنيف الذي قام بين الكنيسة ودارون، أو بين الدين بمفهومه الرسمي وبين العلم، حتى برز على السطح ما كان متوارياً من قبل، وصار " العلماء " يجهرون بالعداوة السافرة، ويتعمدون البعد عن الدين والعقيدة، وينشرون هذه الآراء الكافرة التي تقول إن الإنسان هو الذي خلق الله، وليس الله هو الذي خلق الإنسان!!
ومن أجل هذه الروح الوثنية في حقيقتها - ولو تدينت في ظاهرها - من أجل هذه الروح النافرة من العقيدة، المستكبرة على العبادة، نجد هذه المفارقة العجيبة بين الحسن بن الهيثم في الإسلام ودارون في أوربا. فبينما الحسن بن الهيثم وهو يكتب في البصريات - في موضوع علمي بحت جاف لا ترفرف حوله نداوة المشاعر ولا أنوار العقيدة - يبدأ حديثه باسم الله، ويحمده ويطلب منه التوفيق، نجد دارون - وهو يكتب عن " الحياة " و " الأحياء " و " التطور "، عن موضوع يشهد بمعجزة الخلق ويكشف عن يد الخالق المبدعة في كل خطوة، ويستجيش الوجدان بالخشوع والعبادة - نجده ينفر من ذكر الله، ويروح يستتر في " الطبيعة " التي يقول عنها " إنها تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها! " سبحان الله! وما الله إذن إن كانت هذه هي الطبيعة؟ وكيف تقسو القلوب حتى تمنع نفسها منعاً من ذكر الله بصريح لفظه وصفته في هذا المقام؟! ولا يكتفي بذلك - وهو واضح الدلالة - فتعمى بصيرته عن القصد والتدبير في خلق الخالق المدبر، فيروح يصف إلهه الجديد الذي يسجد له - الطبيعة - بأنه يخبط خبط عشواء! لغير شيء سوى أنه - وهو البشر المحدود الطاقة الضئيل العلم - لم يستطع أن يدرك كل أسرار الحياة!
وما نريد أن نظلمهم.. أولئك العلماء!
فربما كانت ظروفهم المحلية في أوربا هي التي كفرتهم من الدين! وربما كانت الوحشية البشعة التي كانت الكنيسة الأوربية تعامل بها العلماء من أمثال كوبرنيكوس وجاليليو، فتعذبهم وتحرقهم من أجل نظرياتهم العلمية التي تخالف المعلومات " المقدسة " التي تتشبث بها الكنيسة.. ربما كانت هذه الوحشية هي التي أوجدت الخصومة والبغضاء بين " العلماء " والدين!
ولكننا نتبع فقط حوادث التاريخ..
فمنذ حدثت هذه الفرقة العنيفة بين الدين والعلم في أوربا.. منذ سار كل منهما في طريق يخالف الآخر ويناصبه العداء.. شملت الغرب كله فلسفة مادية ملحدة كافرة، لا تؤمن بالله، ولا تحكّمه في أمر من أمور الحياة، وفي أمر العلم خاصة من بين كل أمور الحياة!
ومضت الموجة التي أطلقها دارون تأخذ آخر مداها.. فتجرف من طريق العلم كل التراث الإنساني الخالد من عقيدة وأخلاق وتقاليد..
وطلع إلى الوجود من بعد دارون فرويد وماركس يلوثان العقيدة ويصوران النفس الإنسانية صورة بشعة مليئة بالأقذار.. أقذار الجنس عند فرويد، وأحقاد الصراع الطبقي عند ماركس.
وطلع علماء كثيرون.. في الطبيعة والكيمياء والفلك والرياضة والطب.. يشتملون على عبقريات جبارة، ويفتحون آفاقاً جبارة في هذه العلوم.. ولكنهم - مع الأسف - يرفضون السير في طريق العقيدة ويتنكبون - عن عمد - هدداية الله!
لقد وعت أوربا جانباً من الدرس، حين اختلطت بالمسلمين في الأندلس، ونقلت عنهم المعارف وطريقة الدراسة.
أخذت عنهم الجد والقصد والعزيمة.. والصبر والجلد والكفاح.
أخذت عنهم احترام العلم والتوفر على البحث والإخلاص في الدراسة.
ولكنها أبت أن تأخذ الله، وتأخذ العقيدة.
ولقد وقعت الشعلة المقدسة - شعلة المعرفة - من أيدي المسلمين حين شغلتهم الفتن واللذائذ عن المضي في الطريق.. فتلقفتها أوربا. وسارت بها قدماً.. خطوات جبارة في كل ميدان. حتى فجرت الذرة وأطلقت طاقتها في الفضاء..
ولكنها لم تكن تسير في طريق الله. لم تكن تأخذ العلم فريضة كما وصفه الرسول  . فريضة تؤدى إلى الله، ويتقرب بها الإنسان من حماه.
وإذا تخلى العلم عن الله فقد تلقفه الشيطان.. وسار به في طريق الشر، وأبعد في طريق الضلال.
أول الشر أن العلم - منحة الله إلى الإنسان - يصبح أداة الكفر، ويبعد الإنسان عن الله!
والعلم - النور الذي يهدي الإنسان إلى الحق - يصبح ذريعة الناس إلى الباطل، في كل منحى من مناحي الحياة! في البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأدبية والفكرية والروحية، وكل بحث من البحوث!
والعلم - الذي " يعرف به الحلال والحرام " - يصبح أداة الفسق والخروج على الأخلاق، بنظريات " علمية " تؤيد الفساد!
والعلم - طريق الإنسان إلى الخير البشري - يصبح أداة التحطيم لهذه البشرية، يهددها بالموت المرعب كأبشع ما شهده الإنسان.. وما تزال تجربته " الصغيرة " في هيروشيما ونجازاكي ماثلة في الأذهان!
ذلك لأنه لم يعد " فريضة ".. وإنما مطية من مطايا الشهوات!

* * *
والمسلمون اليوم في حاجة إلى حكمة رسولهم يتدبرونها، ويتشربونها إلى الأعماق.
في حاجة لأن يُرجعوا إلى العلم قداسته واحترامه. وقد صاروا يتلهون به في عبث فاضح لا يليق بالبشر العاديين فضلاً عن المسلمين.
إنهم يأخذونه في استخفاف العابث.. إن كانوا طلبة في المدارس والمعاهد، أو " أساتذة " يدرسون للطلاب! غايته الوظيفة أو الكسب أو الشهرة من أقرب طريق. ووسيلته الغش والخداع والتلفيق!
إنهم لا يعطونه من الجد والعناية والاحترام حتى ما تعطيه أوربا الكافرة ؛ وهم أولى من الأوربيين بالتقاليد العلمية العريقة التي سار عليها جدودهم حين كانوا يعيشون في ظل الإسلام، ويستمدون من روح الإسلام.
لذلك هم في حاجة لهدي الرسول  ، يردهم إلى احترام العلم وتقديره، ويعيدهم لروح الجد والإخلاص.
وهم في حاجة إليه كذلك ليعيدوا السلام للقلب البشري الممزق بين الدين والعلم، والدين والحياة، الغارق من جراء ذلك في تيار الشر والضلال، وهم - وحدهم، حين يؤمنون بالله ويؤمنون بأنفسهم - الذين يستطيعون عقد السلام في ذلك القلب، بعقيدتهم الفريدة التي توحد طريق الدين وطريق العلم.. بل توحد السماء والأرض، وتصل العمل بالعبادة والدنيا بالآخرة: وتصل المعرفة بطريق الله.
8.


قبل أن تدعوا فلا أجيب

عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي  فعرفت في وجهه أن قد حضره شيء، فتوضأ وما كلم أحداً، فلصقت بالحجرة أستمع ما يقول، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: " يا أيها الناس. إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا أجيب لكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم ". فما زاد عليهن حتى نزل. رواخ ابن ماجة وابن حبان في صحيحه [13].

* * *
يا الله! أو حقاً يدعو الناس فلا يستجيب الله لهم؟ الله الذي يقول: وسعت رحمتي كل شيء؟ الله الذي يقول: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان "؟
هل يمكن أن يحدث ذلك؟
صدق الله. وصدق رسوله. وما يمكن أن يكون ذلك إلا حقاً!
وإنه لحق ترتجف له النفس فرقاً ويقشعر الوجدان رعباً.
وماذا يبقى للناس إذن؟ ماذا يبقى لهم إذا أوصدت من دونهم رحمة الله؟ ولمن يلجئون في هذا الكون العريض كله وقد أوصد الباب الأكبر الذي توصد بعده جميع الأبواب.. ويبقى الإنسان في العراء. العراء الكامل الذي لا يستره شيء، ولا يحميه شيء من لفحة الهاجرة وقسوة الزمهرير؟
ألا إنه الهول البشع الذي يتحامى الخيال ذاته أن يتخيله.. لأنه أفظع من أن يطيقه الخيال.
الخيط الذي يمسكه بالقدرة القاهرة القادرة قد انقطع.. فراح يهوي. يهوي إلى حيث لا يعلم أحد ولا يلاحقه خيال. يهوي في الظلمات. يتقلب على الدوام. يصطدم في كل شيء. يتحطم.. تتمزق أوصاله.. يتناثر في كل اتجاه.. وكل " جزء " من نفسه يذوق من الآلام ما لا يطيق: (فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [14].
ذلك هو المخلوق البائس الذي يدعو الله فلا يجيبه، ويسأله فلا يعطيه، ويستنصره فلا ينصره.
فهل كتب الله ذلك الهول البشع على عباده - المسلمين - الذين يدعونه ويسألونه ويستنصرونه؟!
نعم.. حين يكفون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ولو بأضعف الإيمان.

* * *
لقد اقتضت إرادة الله أن يكون الإنسان خليفة في الأرض.
واقتضت إرادته كذلك أن يكون الإنسان - الذي يستمد قوته من الله - هو القوة الفعالة في هذا الوجود.
(وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) [15].
الإنسان هو الذي يعمل. والإنسان هو الذي ينتج. والإنسان هو الذي غير الواقع، والإنسان هو الذي ينشئ النظم ويقيم الأوضاع.
الإنسان هو القوة الإيجابية في الأرض، في ذات اللحظة التي يسلم كيانه كله لله. بل من هذا الإسلام الكامل لله، يستمد الإنسان طاقته الإيجابية كلها على الأرض! (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) [16].
لقد اختار الله أن يكون الإنسان هو أداته العاملة في الأرض. (سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وعلى ذلك جرت سنته منذ خلق الأرض والإنسان.
والله سبحانه وتعالى ليس " مقيداً " بسنته على النحو الذي يتصوره العقل الغربي الجاحد الضيق المغلق البصيرة، وهو يتحدث عن " القوانين الطبيعية " وحتميتها التي لا يمكن أن تتغير.. ومن ثم ينكر المعجزات!
كلا! ليس الله مقيدا بسنته ولا محكوماً بها، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً. والدليل أنه يصنع الخوارق والمعجزات حين يريد، وفق حكمته التي يعلمها وحده ولا يطلع عليها أحداً من خلقه.
ولكن مشيئته سبحانه هي التي اقتضت أن تسير الأمور على هذه السنة، حتى يعرف الناس النتائج حين يعرفون الأسباب، فيسيروا في الأرض على بصيرة، حتى وهم لا يعلمون الغيب المحجب عن الأبصار.
وكان ذلك رحمة بالناس وهدى لبصائرهم.
فعلى أساس هذه السنة الثابتة - التي شاءت إرادة الله الحرة القادرة أن تكون ثابتة - يستطيع الناس تفهم الكون من حولهم، والتعرف على أسراره، والتوفيق بين أنفسهم وبين الكون والحياة.
وكل " العلم " الذي علمه الناس منذ البدء حتى اليوم، وكل المخترعات التي اخترعوها، وكل الفوائد التي جنوها، والخدمات التي حصلوا عليها لم تكن لتوجد لولا ثبوت السنة واطرادها وعدم تخلفها.
وكذلك الحياة الإنسانية في محيطها الشامل.. فكل النظم القائمة على تجارب البشرية: النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية.. لم تكن لتقوم لولا ثبوت هذه السنة واطرادها. فهذا وحده هو الذي يجعل للتجربة قيمة، ويجعلها مجالاً للفائدة ومحلاً للاعتبار.
وإلا فما قيمة التجارب - علمية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية - إذا كانت كل تجربة منقطعة عن غيرها، قائمة بذاتها، لا تتصل بشيء ولا تنتهي إلى شيء؟ وكيف يتعلم الناس أن هذا ضار وهذا نافع، فيعرضوا عن الأول ويقبلوا على الأخير؟
هي رحمة الله إذن بالناس أن يجعل لهم سنة ثابتة، ويجعلها واضحة، ويجعلها محلاً للعبرة، ويوجه إليها الضمائر، ويوقظ لها القلوب:
(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [17].

* * *
وقد اقتضت هذه السنة - كما قلنا - أن يكون البشر هم أدوات العمل في الأرض وهم كذلك أدوات التغيير:
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [18].
ولن يعجز الله سبحانه أن يغير ما بالقوم دون أن يغيروا ما بأنفسهم. فالسماوات والأرض ومن فيهن ملكه. وهو القاهر فوق عباده. وهو المتصرف وحده في الجميع بما يشاء وكيفما يشاء.
ولكنه هكذا شاء.. أن يكون الإنسان عنصراً إيجابياً في الحياة. وأن يكون التغيير - وهو إرادة الله - مرتبطاً بإرادة الإنسان، مقضياً عن طريقه، نافذاً من خلاله، ممتزجاً بكيانه كله من عمل وفكر وشعور.
والحمد لله من الإنسان أن جعل له كل هذه القيمة في الأرض.. وإلا فما هو في ذاته لولا هذا العطف الرباني عليه؟ لولا تلك النفخة الإلهية التي جعلت منه ما هو عليه. أليس هو من طين هذه الأرض، يستوي في ذلك مع الصرصار الحقير والوحش الكاسر والحيوان البهيم؟
ولكن لهذا التكريم تبعاته ومقتضياته..
تبعاته أن يكون الإنسان قوة إيجابية حقاً، وأن يعمل بمقتضى ذلك في واقع الحياة.
تبعاته أن يعمل، وأن يكافح، وأن يصارع، ولا يسلِّم، ولا ينخذل، ولا يستكين.
تبعاته أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويؤمن بالله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [19].
تبعاته إذا رأى المنكر أن يغيره.. بيده، فإن لم يستطع فبلسانه.. فإن لم يستطع فبقلبه.. وهو أضعف الإيمان.

* * *
وليس المعروف أو المنكر شيئاً محدوداً في هذه الأرض، أو ميداناً دون ميدان.
كل شأن من شئون الناس، كبر أو صغر، يمكن أن يجري بالمعروف ويمكن أن يجري بالمنكر. وتبعات الإنسان تستلزم ملاحقته لهذه الشئون كلها، والرقابة عليها، والتأكد من جريها بالمعروف وبعدها عن المنكر! وإلا.. فالنتيجة هي الفساد!
تلك أيضاً هي سنة الله. فقد اقتضت سنته أن يراقب الناس شئون الأرض، ويدفع بعضهم بعضاً إلى الصلاح والرشد، وإلا فسدت الأرض: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [20].
وإنها لتبعة ثقيلة تنوء بحملها الأكتاف.. ولكنها كذلك هي السبيل الأوحد لانتظام الأمور، فحين يؤدي كل إنسان واجبه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - مع الإيمان بالله - لا يجرؤ الباطل أن يعيش، ولا يجرؤ المنكر أن يستأسد. ويظل الحق هو القوة الغالبة الفعالة التي تسيطر على الأمور.
أما حين ينام عن هذا الواجب المقدس فالشر يغري، والشر يهيج، والشر يسيطر على الحياة.
وقد جرت سنة الله بذلك في التاريخ..
أيما أمة حية متيقظة، ترقب شئونها بنفسها، وتحرص على أداء كل واجب، وتنفر من كل تقصير، فهي الأمة الناجحة، وهي التي تملك السلطان.
وأيما أمة تراخت وأهملت، وتركت الباطل يسيطر على شئون الناس فلم تنصره، فهي الأمة الفاشلة، وهي الأمة التي حل بها الدمار.
وقوة المجتمع وضعفه رهين بهذا وذاك.
فالمجتمع الذي يتناصح الناس فيه بالخير ويتناهون عن المنكر، هو المجتمع المترابط المتساند القوي، الذي يتقدم إلى الأمام حثيثاً، وينتقل من خير إلى خير، بحكم تضافر الطاقة وتوجهها إلى الإصلاح. والمجتمع الذي يأتي المنكر فيه كل إنسان على مزاجه، ويتركه الآخرون لما يفعل، هو المجتمع المفكك المنحل، الذي يمضي إلى الوراء حتماً، وينتقل من ضعف إلى ضعف، بحكم تبدد الطاقة وانصرافها إلى الشر.
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [21].
وكذلك لعن الغرب في التاريخ الحديث.
أما المسلمون الأوائل، الذين كانوا خير أمة أخرجت للناس، والذين كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، فقد كانوا أمة قوية قاهرة غلابة. أمة متينة البناء وثيقة الأساس. أمة استطاعت أن تكافح كل قوى الشر وتعيش. تكافح الحكومات الظالمة من داخلها، والغزاة البرابرة من خارجها، من التتار مرة والصليبيين مرة.. وتصمد لهذا الشر كله وتتغلب عليه.
فلما كفوا.. لما تعبوا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. لما عادوا لا يتناهون عن منكر فعلوه.. جرت عليهم السنة الأبدية الخالدة التي بينها لهم الله وحذرهم منها.. فصاروا فتاتاً متهاوياً تلتقمه قوى الشر من الداخل والخارج على السواء.
ولقد يبدو لأول وهلة أن العالم الإسلامي قد ضعف وهان واستُعمر لأنه غرق في الجهالة والتأخر والانحطاط والجمود. ولأنه انقسم على بعضه فتنازعته الأحقاد. ولأن حكامه الطغاة كانوا مشغولين بلذائذهم عن أن يلتفتوا لإصلاح الشعب. ولأن المظالم الاجتماعية والاقتصادية قسمت الناس إلى طغمة ظالمة من الملاك تملك كل شيء، وعبيد من الشعب لا يملكون شيئاً غير الذل والفقر والهوان. ولأن القوة الحربية والإنتاجية للعالم الإسلامي تضاءلت وانحسرت بينما كانت أوربا تصعد في كل ميدان..
وإنه لكذلك حقاً وصدقاً.. ولكن ما ذاك؟ ما هو في حساب الحقائق إلا السكوت عن المنكر وعدم الأمر بالمعروف؟!
ألم يأمر الله بالعدل: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [22].
وعدم السكوت للظلم: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) [23]، ولكنهم تركوا حكامهم يظلمونهم واستكانوا لهم فلم يغيروا عليهم؟
ألم يأمر الله بإعداد العدة واستحضار القوة: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [24]، ولكنهم سكتوا عن الاستعداد وضعفوا واستكانوا، ولم يطالبوا بالجهاد في سبيل الله ولم يتجهوا إليه؟
ألم يكرم الله العلم: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [25]، وحض عليه رسوله: " طلب العلم فريضة " [26]، فلم يسعوا إلى العلم وغرقوا في الجهالة؟
ألم يأمر الله بألا يكون المال (دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) [27]، فتركوه دولة بين الإقطاعيين ولم يثوروا عليهم إحقاقاً لكلمة الله في الأرض، وإحقاقاً للعدل الذي أمر به الله؟
ألم يأمر الله الرجال أن يعاشروا النساء بالمعروف (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [28]، فعاشروهن بالظلم وأجحفوا بحقوقهن، وتركوهن طعمة للجهل وانزواء الشخصية وضآلة الكيان - وهن صانعات الطفولة - فخرجت من بين أيديهم أجيال من البشر هابطة الأنفس محدودة الآفاق ضئيلة الإنسانية؟
فأي معروف أمروا به وأي منكر نهوا عنه، وأي إيمان بالله؟
عندئذ جرت عليهم سنة الله.. وغضب عليهم الله.. فاستعبدوا وهم الأعلون لو كانوا مؤمنين: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [29].

* * *
تلك سنة الله.. يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. أو يدعونه فلا يستجيب لهم، ويسألونه فلا يعطيهم، ويستنصرونه فلا ينصرهم..
لأنهم - شاءت حكمته ذلك - هم أدوات الله في الأرض. وعن طريقهم ينفذ الله أمره. كذلك اقتضت سنته: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) لا عجزاً من الله - سبحانه - عن التغيير بغير تلك الأدوات، أو بغير أدوات على الإطلاق، ولكن تكريماً لهذا الخليفة في الأرض، ومنحَه حرية التصرف وحرية السلوك.
وحين نفهم هذه السنة نفهم ذلك الحديث الذي نطق به الرسول  .
فإذا كانت الأدوات جاهزة للعمل، متوجهة إليه، متوفرة له.. فإن السنة تمضي، والعمل ينفذ، والإصلاح يتم.
وإذا كانت الأدوات معطلة أو فاسدة.. فإن السنة تمضي كذلك في طريقها. تمضي بالإبقاء على الفساد، والزيادة فيه، وعدم التغبير عليه، وعدم الإصلاح فيه.
وعندما يدعو الناس وهم قاعدون عن العمل، وحين يسألون وهم كسالى، وحين يستنصرون وهم لا يعدون عدة النصر.. فعند ذلك لا يستجيب الله لهم ولا يعطيهم ولا ينصرهم..
لأنهم لا يستحقون النصر..
وكيف يستحقون وهم قاعدون؟!
وكيف يثبتون عليه لو منحهم الله إياه؟!
هب أن الله غير سنته - سبحانه - فأنزل عليهم النصر وهم قاعدون. أَوَ يحفظونه؟ أيدوم لهم؟ وكيف يحفظونه وهم فاسدون مفسدون، متهالكون متهاوون، لا قدرة لهم ولا عزيمة ولا دراية بأمر من الأمور؟
من أجل ذلك لا ينصرهم. (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [30].
إن طريق النصر والاسستنصار واضحة. إن الله قد اختار أن يكون الإنسان هو أداته المنفذة في الأرض، حين يستقيم إلى الله، ويهتدي إليه، ويعمل من أجله، ويحبه ويخشاه.
فمن أراد النصر، من أراد أن يدعو الله فيجيبه، ويسأله فيعطيه فليكن حيث يريده الله، وحيث يُنْزِل عليه نصره وعطاءه فينفع النصر، وينفع العطاء.
وطريق الله واضحة. والنصر والعطاء من هذا الطريق وحده. فمن أراد النصر فليسر في الطريق وليمض قدماً. فإنه ملاق وعد الله الحق. ولا يخلف الله وعده. أما إن هجر الطريق الأوحد، وراح يتسكع في كل طريق غيره، فمن أين يصيبه النصر، وهو منصرف عنه وموليه الأدبار؟
* * *
ولقد وعت أوربا جانباً من سنة الله في الأرض - الجانب الذي نسيه المسلمون اليوم. ونسيت منها جانباً آخر - الجانب الذي وعاه المسلمون!
ولقد وعت أوربا أن الإنسان هو القوة الفعالة في الأرض. وأن الطاقة البشرية هي أداة الإصلاح. من أجل ذلك اتجهت همتهم لتجنيد هذه الطاقة، وتوجيهها إلى العمل المنتج في واقع الحياة.
ووصلوا في ذلك إلى درجة معجِبة من النشاط والتنظيم والدأب المنتج العجيب.
ذلك ما نسيه المسلمون اليوم وهم يتواكلون ويتقاعسون، وينتظرون وهم قاعدون.
ولكن أوربا نسيت الله!
نسيت أن تعمل في سبيله، وتعيش في سبيله، وتنتج في سبيله.
ومضت بطاقتها الإنتاجية الضخمة في سبيل الشيطان.
ومن ثم قام هذا الصراع الرهيب الذي يوشك أن يدمر وجه الأرض.
والمسلمون يعرفون الله.
ولكنهم يعرفونه في ظاهر قلوبهم ولا يحفظونه: " احفظ الله يحفظك [31] ".
يعرفونه ولا يأتمرون بأمره ولا ينتهون بنهيه ولا يعملون في سبيله، ويشركون به كثيراً من قوى الأرض المادية أو البشرية سواء. (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) وما عبدوه حق عبادته. ومن ثم فهم لا يسيرون بعد على الطريق.
وقد اقتضت سنة الله أن من يعمل ويجتهد يصل إلى شيء.. وإن كانت سنته قد اقتضت كذلك أنه يضيع هذا الشيء في النهاية ما لم يسر في الطريق الذي رسمه الله. وهو ما يوشك أن يحدث في الغرب اليوم.
ولكن من لا يعمل لا يجد على الإطلاق.. ولو كان - نظرياً - يعرف الله ويدعوه ويسأله العطاء!
والمسلمون هم المكلفون أن يهدوا البشرية الضالة إلى الطريق: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [32]).
ولن يهدوا الناس حتى يهتدوا هم أولاً إلى الله ويسيروا على الطريق. والطريق معروف كما رسمه الله: " إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا أجيب... "

لا تفكروا في ذات الله *

سبحانه، وهل يطيق بشر أن يفكر في ذاته؟
هل تطيق الذرة الهائمة التائهة الفانية المحدودة أن تحيط بحقيقة الأزل والأبد، التي لا آخر لها ولا حدود؟!
وإن اهتدت.. إن وصلت واتصلت بالله.. فما حاجتها إلى " التفكير " في ذات الله وهي واصلة إلى حماه؟!
وهل فرغ الإنسان من تدبر أسرار الكون، ليفكر في ذات الخالق سبحانه، ليس كمثله شيء؟
هل وصل في " علمه " إلى حقيقة جوهرية واحدة من حقائق الكون؟ أم إنه ما يزال في محيط " الظواهر " لا يجرؤ على الدخول في الأعماق؟
لقد دفعه الإقدام مرة فتقدم فحطم الذرة وكاد يصل إلى المجهول.. ولكنه فجأة تراجع.. من هول الانفجار!
لم يكن تفجر الذرة وانطلاق طاقتها الهائلة المروعة هو الذي أصابه بالذعر وأصابه بالذهول! وإنما كان " الكشف " الجديد الذي وصل إليه، فأعاده إلى حيث كان من أسرار الوجود.
لقد اكتشف أنه ليس ثمة " مادة "، وإنما هناك " طاقة "، وأن هذه الطاقة هي " المجهول " الذي بحث عنه ألوفاً من السنين أو ملايين، ثم عاد من حيث بدأ، لم يزد علماً إلا بظواهر الأشياء.
الأشياء الموجودة في الكون لا يعرف الإنسان " ذاتها ". لا يعرف جوهرها. وإنما يعرف من صفاتها ومظاهرها.
فأي قفزة في الفضاء مجنونة تلك التي تدفعه إلى أن يترك الأشياء المخلوقة المحدودة الصغيرة، التي يعجز عن معرفة ذاتها، فيحاول أن يحيط بالذات الإلهية، ويصل إلى " حقيقتها "؟!
خبل لايستقيم مع التفكير السليم.
فأبسط قواعد " المنطق " أنك إذا عجزت عن الصغير فأنت أعجز عن الكبير. وإذا عجزت عن أن تسير ميلاً فستهلكك مئات الأميال فضلاً عن الألوف والملايين.
والكون أمام الإنسان واسع هائل عريض..
فهل فرغ من أمره؟ هل وصل إلى آخر أبعاده؟ هل أحاط به علماً، بل تصوراً وخيالاً؟
فلنسمع هنا كلام العلم الرسمي فإنه وحده يبهر الخيال ويذهل الرءوس!
" إن أقرب نجم إلينا يبعد عن الشمس فوق الأربع من السنوات الضوئية. أي أن النور، وسرعته 186000 ميل في الثانية، يقطع المسافة من الشمس إلى أقرب نجم في نحو أربع سنوات. إنه على مسافة تبلغ نحواً من 000??? 000??? 000??? 000??? 26 ميل. إنك لو مثلت الشمس بنقطة أخرى تبعد عن النقطة الأولى بنحو 4 أميال " [34].
" المجرة قرص عظيم. وهي قرص مفرطح، كالرغيف... وقطر القرص نحو من 000??? 100 سنة ضوئية. والسنة الضوئية مسافة مقدارها 6 مليون مليون ميل. فقطر هذا القرص نحو من 600 ألف مليون مليون ميل. وارتفاعه نحو عشر ذلك " [35].
وهناك مجرات أخرى كثيرة في الكون غير المجرة التي تتبعها مجموعتنا الشمسية.
" هذه الدنييات، التي تشبه مجرتنا.. كم عددها؟ مائة؟ ألف؟ ألفان؟ لا. إنها مائة مليون من المجرات. مائة مليون جزيرة في فضاء هذا الكون الواسع وقد تزيد "!! [36].
هذا في " المحيط الخارجي " للكون. وهو مظهر واحد يعجز عن حمله الخيال وتعجز العقول.
فلننظر في الأرض وحدها. تلك الذرة الهائمة في الفضاء. هباءة منثورة في محيط الكون، لا تمسكها إلا القدرة القادرة الخالقة المبدعة.
كم جبلاً بها وكم نهراً وكم بحراً وكم بحيرة؟! كم كهفاً في جبالها وكم حفرة في أراضيها؟ كم نقطة من المطر تهبط إليها وكم ذرة من البخار تصعد منها آناء الليل وأطراف النهار؟
وكم بها من أنواح الحياة؟ الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية؟
كم ألفاً من صنوف النبات على وجه الأرض؟ وأي دقائق تفرق بين نبات ونبات مختلف ألوانه " يسقى من ماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل "؟
وكم ألفاً من صنوف الحيوان والطير والحشرات في السهول والفيافي والقفار والوديان والغابات؟
وكم مليونا من البشر من مختلف الألوان واللغات والعقائد والأفكار؟
بل النبات الواحد والحيوان الواحد والإنسان الواحد.. كم فيه من معجزات الخلق؟
الزهرة الواحدة البديعة التناسق المعجزة التلوين. هل يفرغ الإنسان من تأملها؟
إن أمهر المصورين وأقدر الرسامين ليعجز عن الإحاطة " بالفن " الذي تمثله زهرة واحدة من تلك الزهور.
فإن ما فيها من تعداد الألوان، وتدرجها، وتناسقها، وما فيها من جاذبية للعين والحس، زائداً كله عن عنصر الضرورة الذي يستلزم أعضاء التذكير وأعضاء التأنيث ولا زيادة.. إن هذا كله لآية تبهر النفوس.
و " التخصص " الذي يميز عضواً من عضو في كيان النبات الجذر والساق والأوراق والزهور.. وكلها من حبة واحدة تبدو للعين شيئاً واحداً لا تخصص فيه ولا تمييز!
وعملية التمثيل الضوئي التي تحول " طاقة " الشمس إلى " مادة "!
وتوزع النبات على سطح الأرض بحسب توزيع الحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة.. بل بحسب توزيع النور والظلام! فقد أثبت العلم أن " اختلاف الليل والنهار " بمعنى انتظام دورتهما التي يخلف فيها أحدهما الآخر، وبمعنى اختلاف طولهما كذلك.. هو الذي يوزع النبات على سطح الأرض! فلكل نبات زهرة. والزهرة تتكون في فترة الإظلام لا في فترة النهار! وكل زهرة تحتاج إلى فترة معينة من الظلام حتى تطلع! ومن ثم تتوزع أنواع النبات على أطوال الليل والنهار بحسب حاجة كل زهرة إلى الظلام! وإذا أخذت نباتاً يحتاج إلى ظلمة اثنتي عشرة ساعة لكي يزهر، وزرعته في مكان ليله لا يزيد عن عشر ساعات، فإنه قد ينبت، ولكنه لا يزهر، ومن ثم لا يصل إلى الإثمار!
والحيوان الواحد كم فيه من موافقات عجيبة ومعجزات؟!
الحواس وحدها معجزة. والجلد والشعر معجزة. والأنياب والأظافر معجزة. وجهاز الهضم والتنفس والإنسال كلها معجزات.
كل عضو مخصص لوظيفة. وهي كلها في الأصل بويضة واحدة أو حيوان منوي - في رأي العين - غير مميز الأجزاء.
والإنسان.. قمة الحياة على سطح الأرض وسيد المخلوقات فيها.. كم معجزة في خلقه؟
ودعك من خواصه " الحيوانية " كلها، وإن كان في كل منها ما يحير العقل ويذهل الفكر، من شدة الدقة وعجيب التناسق وعظمة القدرة التي تهيئ لكل خلق ما يصلح له وما يعينه على أداء وظيفته.
ودعك من أن هذه الخصائص التي يشترك فيها مع الحيوان قد ارتفعت في الإنسان وصارت أروع وأعجب وأدق وأكمل.
وانظر في خصائصه التي تفرد بها وتميز على كل الخلق. انظر إلى عقله وانظر إلى روحه. أي إعجاز. أي إعجاز!
ما العقل؟ كيف يفكر؟ كيف يصل إلى الحقائق؟ كيف يرتب بعضها على بعض ويستنبط بعضها من بعض؟
وما التفكير؟ كهرباء هو أم مادة؟ أم طاقة؟ وكيف تميزت عن الطاقات الأخرى كلها وتفردت عنها؟
وما الروح؟ ذلك المجهول؟
كيف يتسنى للإنسان الضعيف القوة، المحدود الطاقة، المحدود مدى الحواس، أن يتصل بالمجهول الأعظم ويقبس منه قبسات؟
كيف يحدث التليباثي (التخاطر من بعد) كما حدث لعمر بن الخطاب حين صاح يا سارية الجبل! وسمعه سارية على بعد ألوف الأميال؟
كيف يحدث الحلم التنبئي الذي يكشف جانباً من المجهول الذي لم يحدث بعد في محيط الحواس؟
بل كيف يحدث " المعلوم " من حب وكره، ونسيان وتذكر، وخصام وألفة، ونثر وشعر، وعمل وتفكير؟

* * *
بل نرجع إلى الوراء خطوة لنسأل:
ما تلك القوة العجيبة الكامنة في البذرة، فإذا هي تنمو، وإذا هي تخرج شطئاً ينفذ من باطن الأرض بقوة ليظهر على السطح، ثم يطول ويورق ويزهر ويثمر ثم يموت؟
وما تلك القوة العجيبة الكامنة في البويضة والحيوان المنوي، فإذا لقاؤهما المعجزة الكبرى التي تنشئ الحياة؟
بل ما تلك القوة الكامنة في الخلية الحية. الخلية المفردة الواحدة التي بدأت الحياة منها على سطح الأرض؟
بل ما تلك القوة العجيبة الكامنة في الخلية الجامدة أو التي تخال جامدة في " الذرة " المجسمة في المادة، أو المنطلقة في الإشعاع.
هل يعرف الإنسان ما تلك القوة أو يملك أن يصل إلى الأسرار؟

* * *
ذلك مبلغ الإنسان من " العلم " ومبلغه من " الحقيقة ".
ومع ذلك لا يعرف قدر نفسه، ويروح يشطح في الآفاق.
يريد أن يعرف " الحقيقة " الكبرى. يريد أن يحيط بذات الله. فهل يقدر؟
هب أن أحدا لم يمنعه ولم ينهه من التفكير.. فكيف يصل؟ بأية أداة وأية وسيلة؟
العقل؟
أو ليس العقل ذاته هو الذي قال للإنسان: إن المحدود لا يحيط بغير المحدود، والفاني لا يحيط بمكن لا يدركه الفناء.
فيم إذن تسخير العقل فيما يقول العقل ذاته إنه مستحيل؟
وهل وصل الناس إلى شيء حين سخروا عقولهم لذلك المبحث المستحيل؟
هل وصلت " الفلسفة " في جميع أطوارها وجميع محاولاتها إلى حقيقة واحدة مستقرة تكشف للناس عن المجهول؟ أم باءت كلها بالفشل الجازم والعجز المحتوم!
وهل هذه التخبطات التي كتبها الفلاسفة في شأن الله حقيقة بأن ينظر إليها عاقل ويوليها شيئاً من اهتمامه؟
وفيم هذا العناء كله؟! ما وراء النطح في الصخرة التي تحطم الرءوس؟!
أيريد أن " يصل " إلى الله؟ سبحان الله! فما له لا يصل عن الطريق المعبد المفتوح؟ ما له يلف ويدور، ويعود " كالمخووت " الذي ركبه الخبال!
يريد أن يصل إلى الله؟ أما يحس في أعماق نفسه السبيل؟ أما يترك العنان للفطرة وهي تصل به إلى هناك؟ أما يدع روحه تحلق وحدها، عارفة طريقها إلى النور الذي قبست منه وهي كائنة في علم الله منذ الآزال والآباد..؟
الطريق هو الإيمان!
والفطرة تعرف الطريق!
وما يحتاج الإنسان إلا إلى أن يدع فطرته على سجيتها. لا يكبلها بقيود مصطنعة من فلسفة منحرفة أو علم فطير. ولا يغشيها بركام الشهوات الغليظة والنزوات الهابطة التي تحجب شفافيتها وتمنع عنها النور.
وهي وحدها تهديه إلى الله.. لأن الله فطرها على الهدى إليه!
وإن أراد عوناً للفطرة وهي في الطريق إلى الله.. فليكن ذلك العون الأكبر هو تدبر آيات الخلق، والبحث عن آيات القدرة في صفحة الكون الحافلة بالمعجزات.
فذلك هو الذي يطيقه. وذلك هو الذي يعينه على السبيل.
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [37].
وآيات الله في الكون عميقة الغور جداً، وهي في الوقت ذاته معروضة في وضوح ويسر لكل عين متفتحة وكل قلب طليق.
(وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ) [38].
إن الكون كله آية الله. وفي كل شيء منه آية لمن أراد التذكر أو ألقى السمع وهو شهيد.
الليل والنهار. الشمس والقمر والأفلاك. السحاب والمطر. النبتة الحية الخارجة من الحبة الميتة (في ظاهر العين) والحطام الميت الذي ينتهي إليه النبات الحي. الأرض " الميتة " التي تخرج الحياة والحياة التي تفضي في الأحياء جميعاً إلى الموت. الإنسان الذي صوره الله فأحسن تصويره. الأرض التي بث فيها من كل دابة. التوافق بين الحياة والأحياء يبدو في الأشعة الكونية التي يرسلها الفضاء للأرض فلا تقوم بدونها الحياة، كما يبدو في النسب المضبوطة من البحر واليابس، والأكسجين والإيدروجين والنتروجين.. ومدى صلابة القشرة الأرضية، ومدى تأثر الأرض بالجاذبية، ومدى بعدها عن الشمس ومدى سرعتها أمامها.. إلى آخر هذه الموافقات.
والرسول الكريم  يدعو الناس إلى تدبر آيات الله في الخلق. والقرآن الكريم يفصل هذه الآيات تفصيلاً، لا تكاد سورة واحدة تخلو من ذكر آية منها أو آيات..
(إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [39].
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [40].
(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [41].
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [42].
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ) [43].
وهكذا وهكذا لا تخلو سورة من إشارة عابرة أو مفصلة لآيات القدرة القادرة المبدعة المعجزة المدبرة المريدة.
والله هو فاطر هذه النفس البشرية العالم بدروبها ومنسرباتها، وبما يصلحها وما يصلح لها. وقد اقتضت حكمته أن تكون الفطرة ذاتها مهتدية إلى الله، بالطريقة الخفية التي هدى بها كل شيء إليه: (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [44] دونما كد ولا جهد ولا عناء في الاهتداء إليه، كما يسير الكهرب في الذرة في مساره المرسوم، وتسير الذرة في مادتها في مسارها المرسوم، وتسير الأرض والكواكب والأفلاك في مسارها المرسوم، لا تحمل عناء السير، ولا تشق نفسها في استكناهه، وإنما تسلم نفسها لله العزيز العليم..
كما اقتضت حكمته - وقد خلق للإنسان عقلاً ميزه به من سائر الخلق الذي نعرفه - أن يكون دور العقل الواعي في الاهتداء إلى الله مساندة الفطرة الخفية المسارب، و " توعية " مسارها (أي جعله واعياً واضحاً مفهوماً) ؛ ورسم لذلك منهجاً واضحاً وطريقاً مستقيماً.. هو تدبر آيات الله في الكون.
وحقاً إنه لكذلك.. فما يتدبر الإنسان هذه الآيات بوعي يقظ وقلب متفتح إلا هدته من فورها إلى الله، خالق الكون والحياة.
ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.. إن الله لم يكلف الناس أن يبحثوا في ذاته سبحانه. لم يكلفهم الجهد الذي يعلم - سبحانه - أنهم لن يقدروا عليه قط، وأن قصارى ما يحدث لهم حين يحاولون أن تنفجر طاقتهم وتتبدد، كما تنفجر طاقة الذرة التي انحرفت عن مسارها، فتتحطم وتحطم ما تلقاه في الطريق!
وحين نهى الرسول الكريم أتباعه عن أن يفكروا في ذات الله كيلا يهلكوا، لم يكن  يحجر على تفكيرهم أو يضع عليهم القيود.
كلا! إنما كان يوفر جهدهم للنافع من الأعمال. كان يصون هذا الجهد أن يتبدد سدى، ويؤدي إلى الضلال. كان يريد للناس أن ينفقوا طاقتهم - بعد أن يقضوا حظهم من تدبر آيات الله في الكون والاهتداء إليه - في تعمير الأرض وزيادة " الإنتاج ". الإنتاج بمعناه الواسع الشامل العميق. الإنتاج الروحي والفكري والمادي. في ميدان العقيدة وميدان الجهاد وميدان العمل بمعناه الاصطلاحي المفهوم.
ولقد حدث ذلك بالفعل...
حين صان المسلمون طاقتهم أن تتبدد وتنفجر وتتناثر في أودية الضلال.. كان لهم إنتاج ضخم، هو أكبر إنتاج في التاريخ حين يقاس بمقياس الزمن ومقياس الرقعة ومقياس القيم ومقياس الحضارة المادية ومقياس العلم.. وكل مقياس يصلح للقياس.
ففي فترة قصيرة لا مثيل لها في التاريخ امتد العالم الإسلامي من المحيط إلى المحيط، وامتدت معه مبادئ الإسلام الشاملة للسماء والأرض و العمل والعبادة والدنيا والآخرة. وقامت " نظم " للحكم والسياسة والمال والاقتصاد غير مسبوقة من قبل، تحمل في أطوائها العدالة الاجتماعية، وتنشئ مجتمعاً مترابطاً متكافلاً متحاباً متواداً ظل ألف سنة على ترابطه وتكافله حتى بعد أن فسدت الحكومات وابتعدت عن روح الدين. وامتص الإسلام كل ما وجده نافعاً من الحضارات المادية السابقة له والمعاصرة له، ثم أعطاها الحياة.. فانطلقت تعمل في تعمير الأرض وقد اصطبغت بصبغة الإسلام وتشربت روحه، فصارت تعمل في الأرض وهي تتجه إلى السماء. وتبنى الإسلام كل ما وجده من العلم لدى الإغريق والهنود - من طب وفلك ورياضة وطبيعة وكيمياء.. إلخ، ثم أضاف إليه إضافات شتى بحيويته وقوته الدافقة الدافعة إلى الأمام..
ولم يكن " الفكر " الإسلامي عاطلاً ولا محجوراً عليه. وإنما كان - فيما عدا القلة الشاذة التي انحرفت بتأثير الفلسفة الإغريقية بعض الانحراف (لا كله) - يتجه إلى خير الناس في الأرض، ويسعى إلى سعادتهم بكل وسائل السعي. ويرى أنه حين يبحث في العلوم - البحتة أو التطبيقية - وحين يتعمق في الفقه الذي يشمل سياسة الحكم وسياسة الاقتصاد وموقف الفرد وموقف الدولة وموقف المجتمع وعلاقات بعضهم ببعض في كل صغيرة وكبيرة من شئون الحياة اليومية والحياة العامة، كما يشمل العبادات بكل تفريعاتها، وحين يعمل في ميدان الجمال الفني في صوره التي كانت ميسرة لهم من رسم وزخرفة وعمارة وشعر ونثر.. إلخ يكون قد قام بواجبه الأمثل وحقق وجوده الكامل. وأنه ترجم التدبر في آيات الله إلى فكر نافع وعمل نافع وقيم حية متحركة في واقع الأرض، لا في الأبراج العاجية، ولا في عالم المثاليات.
وكان ناجحاً في رسالته التي استمدها من كتاب الله وسنة رسوله.
* * *
ولكننا نقلب صفحة أخرى لقوم لم ينتصحوا بنصيحة الله والرسول..
قوم في أوربا راحوا ينفقون طاقة علمائهم ومفكريهم في البحث في ذات الله وما أشبه ذلك من الأمور.
ونعرض لإنتاجهم الفكري في هذا الباب عرضاً " موضوعيا " فنجد لا شيء!
ومن كان في شك من ذلك فليقرأ كل ما كتبته الفلسفة في هذا الموضوع، ثم ليسأل نفسه: هل زاد معرفة بالله عن هذا الطريق؟ هل " وضحت " له المعالم؟ هل " وصل " إلى شيء لم يكن يصل إليه وهو يتدبر آيات الله في الكون ويفتح بصيرته على القدرة المعجزة في كل اتجاه؟
أم العكس هو الصحيح؟ اختلطت في ذهنه الشيات والملامح، والتصورات والأفكار؟ وتاه في محيط من الجدل المتناقض الذي لا يركن إلى قرار؟!
صورة في ذهني تتمثل لعمل أولئك الفلاسفة! تلك مرآة لامعة يبصر فيها الإنسان وجهه بكل دقائقه، ولكن فيها قطعة " مغبشة " هنا أو قطعة مطموسة هناك، فيروح هذا " الفيلسوف " يحاول أن " يجلوها " فيمسح بأصابعه وجه المرآة، فإذا القذر من أصابعه قد غبش الصفحة كلها، وإذا الصورة التي كانت واضحة لم تعد تبين!
ودعك من القيمة الموضوعية لهذه الأفكار، وانظر كيف كانت النتيجة.. كيف كان عاقبة الذين أبوا أن ينتصحوا بأمر الله ويهتدوا بسنة رسوله.
لقد " حلق " المفكرون والفلاسفة في أبراجهم العاجية وتركوا الناس في الأرض.. تركوا الناس يأكلهم الظلم والإقطاع والجهل والجمود والتفكك. فهذه المظالم ترتكب كل يوم، والكادحون تُمتص دماؤهم وهم صاغرون مغلوبون على أمرهم.. بينما السادة المفكرون في جدل أخرق لا هو يهتدي إلى نتيجة، ولا هو ينزل إلى الأرض ليرى آلام الناس ويحاول أن يبحث لهم عن علاج..
وكفر الناس.. وحق لهم أن يكفروا..
كفروا بالفلسفة " المثالية " التي تحلق في عالم الخيال وعالم المثل، وتترك واقع الأرض المنتن ينغل فيه الدود..
وقاموا يحطمون هذه " المثالية " المتعفنة التي لا قلب لها ولا ضمير.
ومع المثالية الخاوية حطموا - مع الأسف - فكرة الله والعقيدة.
حطموها، لأن هذه المثالية كانت تدور حول فكرة الله، وتزعم أنها تصل إلى " جوهر " العقيدة.
وعلى أنقاض فكرة الله والعقيدة، وأنقاض الفلسفة المثالية الخاوية قامت فلسفة مادية جاحدة لا تعرف الله ولا تؤمن بالعقيدة.
وتشعبت تلك الفلسفة حتى شملت كل جوانب الحياة..
دارون، وماركس، وفرويد، والتجريبيون والسلوكيون.. التفسير المادي والتفسير الاقتصادي للتاريخ.. والوجودية والانحلالية واللادينية واللاخلقية واللا.. إنسانية!
ومضت أوربا في طريقها المجنون الذي لا ينتج إلا الدماء في نهاية الطريق.
إن أوربا لم تتقدم في ميدان العلم والعمل إلى حين أخذت بشق من نصيحة الرسول الكريم، فانتبذت التفكير في ذات الله، ووجهت طاقتها لتعمير الأرض في واقع الحياة.. وخطت خطوات جبارة في هذا السبيل.
ولكنها - مع الأسف - لم تأخذ نصيحة الرسول كاملة، ولم تهتد بهديه السليم. لم تأخذ منها عبادة الله، والتوجه إلى الله.
ومن ثم انطلقت - بقوتها المادية الهائلة النامية المتزايدة - انطلقت تعبد الشيطان.
(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)!
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)!
وكانت النتيجة هي القوة المادية الهائلة التي تتمتع بها أوربا، والضلال المبين الذي تغرق فيه.
الرأسمالية هنا والشيوعية هناك..
كلاهما انحراف عن استقامة البشرية، وكلاهما قائم على أسس مادية خالصة لا تؤمن بالله الإيمان الحق. ولا تحكمه في أمر من أمور البشرية.
الحقيقة عندهم هي ما تستطيع الحواس أن تدركه. وكل ما لا تستطيع الحواس إدراكه فهو ساقط من الحساب.
وأمور العقيدة في عالم الغرب الرأسمالي أمور " تستعمل من الظاهر " وليس لها في واقع الحياة نصيب. لا في التوزيع الاقتصادي العادل الذي يرضي الله ورسوله، والذي لا يكون فيه المال " دولة بين الأغنياء منكم " ولا في الأخلاق التي ترفع الإنسان عن مقاذر الشهوة وحيوانية الغريزة.
وأمور العقيدة في الشرق الشيوعي مصادرة بأمر الدولة، حتى يكون الولاء كله " للدولة ". وحين رفع الحظر هناك عن الدين والعقيدة - لأسباب سياسية، للدعاية في الشرق الإسلامي خاصة - فقد رفع بعد أن صار الإلحاد يدرس رسمياً في المدارس، وتدعو له الكتب والصحافة والسينما والإذاعة وكل وسائل الدعاية، وصار الشباب الذي تربى في ظل المذهب محصناً ضد " جرثومة " الدين!
والنتيجة الأخيرة هي هذا الصراع المدمر الرهيب بين الشرق والغرب، وبين كل قوى الأرض.
حربان في ربع قرن.. والثالثة على الأبواب!
ما أحوج الناس إلى حكمة الرسول الكريم  .. (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).


تعبد الله كانك تراه

".. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " [45].

* * *
الإحسان.. أن تحسن الشيء فتجعله حسناً.
والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه!
كان السؤال قبل ذلك عن الإسلام، ثم عن الإيمان. الإسلام درجة والإيمان بعد ذلك درجة، وهذه هي درجة الإحسان. لكي يكون إسلامك حسناً وإيمانك كذلك.
تعبد الله كأنك تراه..
تعبير عجيب يحمل في بساطته حقيقة هائلة.
وأروع ما يروعني - وقد يكون هذا تأثراً - أنه يفاجئك وأنت تقلب وجهك في الآفاق، باحثاً عن الإجابة، يفاجئك بالقبلة التي ينبغي أن تتجه إليها! فإذا أنت - على غير توقّع منك - ترى النور..
النور الذي يبهر العين والقلب ويبهر الروح.
ترى الله...
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
* * *
القاعدة الكبرى التي يقيم عليها الإسلام بناءه كله: هي أن تعبد الله كأنك تراه.
يقيم عليها نظمه جميعاً، وتشريعاته وتجيهاته جميعاً..
نظام السياسة. نظام الاقتصاد. نظام المجتمع. موقف الفرد من الدولة وموقف الدولة من الفرد. نظام الأسرة. معاملات الأفراد، معاملات الدول في السلم وفي الحرب.. كل شيء في هذه الحياة!
ولقد يخطر للإنسان - أول ما يخطر - أن هذه عبادة! أليست هي: أن " تعبد الله "؟!
بل قد يخطر للإنسان أنها العبادة القصوى، التي ينقطع فيها الإنسان عن كل شيء في الحياة، ليخلو إلى ربه، يخلو له بوجدانه وحسه وقلبه.. هنالك في عزلة عن الآخرين!
وإنها لعبادة حقاً، ما في ذلك شك، وإنها لأقصى العبادة كذلك.
ولكنها - وهي أقصى عبادة العبد للرب - لتعود من عزلتها وخلوتها، فتتسع وتتسع حتى تشمل كل محيط الإنسانية!
بل إنها - منذ لحظتها الأولى، وفي خلوتها - لهي النور الساطع الذي يضيء جنبات الحياة، في ذات اللحظة التي يضيء فيها جنبات النفوس.
حقيقة واحدة ظاهرة وباطنة، تشمل الفرد وحده وتشمله في محيط الجماعة، فإذا هي شعور وسلوك، وعبادة وعمل في آن!!
الإسلاك كله هذه الحقيقة.
الإسلام - وحده - هو الذي يجعل العبادة عملاً والعمل عبادة، والذي يربط النفس والجسم، والسماء والأرض، والدنيا والآخرة كلها في نظام.

* * *
تعبد الله كأنك تراه..
إنه عالم واسع يفيض بالحب، ويفيض بالتقوى، ويفيض بالأمل، ويفيض بالرهبة، ويفيض بالنور.
الإنسان في مواجهة مولاه. في مواجهة الذات العظمى الخالقة القاهرة المستعلية المشرفة على جميع الكائنات. والنور - نور السماوات والأرض - يغمره من كل جانب، وينفذ إلى أعماقه، فيضيء ثنايا قلبه، ويستقر فيه.
الإنسان في مواجهة مولاه... بنفسه جميعاً. بكل جوارحها وكل خلجاتها. بظاهرها وباطنها، بدقائقها ولطائفها، بأسرارها وما هو أخفى من الأسرار..
وكلها مكشوفة لله.. " فإن لم تكن تراه فإنه يراك "!
يا الله! إنها الرهبة والقشعريرة تملأ النفوس.
عين الله البصيرة النافذة إلى كل شيء في هذا الوجود، إلى كل نأمة وكل خاطرة وكل فكرة وكل شعور.. إنها تراك وترقبك. سواء كنت متيقظاً لهذه المراقبة أم غافلاً عنها. وسواء أعددت نفسك لها أم كنت من المعرضين.
وإنه لخير لك أن ترى الله كما يراك.. خير لك أن تتوجه إلى حيث ترقبك العين البصيرة النافذة. فتأمن المفاجأة!
إنها الرهبة في الحالين.. الرهبة في حضرة المولى العزيز العليم القوي الجبار.. ولكنها الرهبة والأمل هنا، والرهبة والذعر هناك!
الرهبة والأمل وأنت متوجه إلى الله، مخلص له قلبك، عامل على رضاه..
والرهبة والذعر حين تتوجه بعيداً عنه وهو من ورائك محيط! فخير لك إذن أن تعبد الله كأنك تراه!
وحين تتوجه إليه بنفسك جميعاً، ظاهرها وباطنها، وسرها ونجواها.. وحين تتوجه إليه وفي نفسك شعور التقوى الخاشعة والرهبة العميقة.. فلا شك أنك ستنظف نفسك وتحرص على نظافتها.
إن الله لا تخفى عليه خافية. فكيف تستتر منه وأنت مقبل عليه؟ كيف يمكن أن تعمل عملاً واحداً لا يراه؟
(وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [46] (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [47] (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) [48] (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [49]. يا الله! حتى خائنة الأعين! الخائنة التي يظن الإنسان أنه وحده الذي يحسها ويعرفها، وألا أحد في الوجود كله يراها أو يفهمها؟
حتى الوسوسة التي لا يطلع عليها أحد، وصاحبها نفسه قد ينساق معها دون أن يتيقظ لها؟
حتى السر. بل ما هو أخفى من السر. الخطرات التائهة في مسارب النفس، لا تصل إلى ظاهر الفكر، ولا يتحرك بها اللسان للتعبير!
يا الله! إنه لا ستر إذن ولا استخفاء.
كل نفسك مكشوفة وأنت مقبل عليه. أفلا تنظف نفسك إذن قبل الاتجاه. ألا تزكيها؟
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
فأما إن كنت معرضا عنه غير متوجه إليه. إن كنت لا تنظف له نفسك ولا تزكيها. فلن يغير ذلك شيئا من الأمر!
إنه يراك! يراك بكل ما تصنع بنفسك من " تدسية " ومن سوء. يراك بخبائثك وأوضارك. يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
يراك. فما الفائدة في التستر والاختفاء؟ بل ما الفائدة من الإعراض والانصراف؟ الملك غير ملك الله تذهب؟ و " بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "؟! " أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ". أم حسبوا أنهم معجزون في الأرض؟ أم حسبوا أن يفلتوا من العقاب؟
كلا! ما شيء من ذلك بمستطاع. فخير لك أن تراه وهو يراك!
وإنه لا يكلفك من أمرك رهقاً!
(هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [50]. (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [51]. (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ..) [52].
إن رحمة الله واسعة. وإنه ليعلم ضعف الإنسان وما ركب في طبيعته من حب الشهوات: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ..) [53]. ويعلم أن الجهد شاق والسفر طويل.
لذلك يقول: " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ "..
ويقول: " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ". ادعوني لكل شيء! وادعوني - فيما تدعونني إليه - لأعينكم على تنظيف أنفسكم من وعثاء الطريق!
هل جربت أن تستعينه في هذا الأمر؟
صدق الله وصدق وعده الحق.
ما يتوجه له إنسان يستعينه على نظافة النفس وطهارة القلب، إلا استجاب له وأعانه على ما يريد!
وما هو بسحر ساحر! ولكن هكذا يحدث حين يتجه القلب إلى الله ويخلص في دعواه. إنه يجد الأمر عليه هيناً، ويجد نفسه أكبر من المغريات وأقوى من المعوقات. ويحس - إحساساً ملموساً مجسماً - أن الله هو الذي يعينه وييسر له السبيل!
ومع ذلك كله فقد تضعف في الطريق وتخور قواك. فهل يلفظك من رحمته ويحل غضبه عليك؟
كلا! ما دمت لم تنكص على عقبيك ولم تتنكب الطريق.
إنه يغفر. يغفر الذنوب جميعا، وسعت رحمته كل شيء.
(وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [54]
(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [55].
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) [56]
كلا! لن يلفظك من رحمته ما دمت باقياً على الطريق. وما عليك إلا أن تقوم من عثرتك وتنفض ثوبك وتتجه إليه من جديد...

* * *
وحين تتوجه إليه. حين ترقبه كأنك تراه. حين تنظف نفسك وتحرص على ألا تتلوث في الطريق. حين تحاسب نفسك على كل صغيرة وكبيرة خشية ان تكون قد حدت. حين تراجع كل عمل عملته وكل كلمة قلتها وكل خاطرة وسوست بها نفسك وكل حركة تحركتها جارحة من جوارحك..
حينئذ يستقيم الأمر كله في هذه الحياة.
أمر الحاكم والمحكوم. والفرد والمجتمع. والمرأة والرجل. والوالد والولد. والأمة والأمم على أوسع نطاق.
كيف يظلم الحاكم حين يرقب الله كأنه يراه؟ كيف تتجه نفسه إلى الشر والبطش والله يقول: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [57] (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [58] وكيف يضع في مكان العدل الذي يطلبه الله نزواته هو وهواه؟
والعدل بالنسبة للحاكم ميدان واسع فسيح، يشمل كل سياسة الحكم، وسياسة المال، وكل معاملاته " الرسمية " ومعاملاته " الشخصية ". وهو مأمور في كل منها أن يرقب الله، ويعبده كأنه يراه.
لا يمكن حينئذ أن يتعدى حدود الله أو يعتدي على حرمات الله.
فلا يمكن مثلاً أن يعلن الحرب أو يبرم السلم إلا في سبيل الله و في حدود ما بيَّن الله. والله يقول: (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ). ويقول: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). ويقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
ولا يركن إلى أعداء الله ولا يتخذ بطانة منهم فالله يقول: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً). ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ).
وهكذا وهكذا حتى يشمل ذلك سلوكه كله، وتصرفاته كلها، منذ يتسلم الأمانة حتى يسلمها إلى الله أو إلى الناس. لا يفلت عمل واحد ولا فكرة ولا رغبة من رقابة الله ورقابة الضمير.

* * *
والمعبود كذلك حين يعبد الله كأنه يراه.
فعليه عمله يؤديه بالأمانة اللازمة والاجتهاد الواجب. لا يخدع ولا يغش ولا يتكاسل ولا يتشاغل. ولا " يسدد الخانات " دون إنتاج حقيقي. ولا يعمل على الضرر وهو عالم به. ولا يبغي الفتنة ولا الفساد في الأرض. ولا يستغل مال الدولة. ولا يطمع فيما ليس له.
ولا يقبل الظلم كذلك! فهو مكلف أن يذود الظلم عن نفسه وعن غيره، وإلا فما هو بمؤمن بالله، ولا هو يعبده كأنه يراه! (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً).
والزوج الذي يرعى الله في زوجته. والزوجة التي ترعى الله في زوجها. والوالد والولد. والجار والصديق. والجندي والقائد. والصغير والكبير...
إن المجتمع كله كله... لا شيء فيه البتة يخرج من هذه الكلمة الصغيرة التي تشمل كل شيء: تعبد الله كأنك تراه!

* * *
وحين كان المسلمون الأوائل يعبدون الله كأنهم يرونه كانت تلك الأمة العجيبة الفريدة في التاريخ! (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
كان الحاكم يقول: " اسمعوا وأطيعوا ما أطعت الله فيكم. فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ".
وكان يقول: " إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني "
وكان وهو يحارب كسرى وقيصر، ويواجه أكبر إمبراطوريتين في التاريخ، لا يضيق بالتقويم الذي طلبه من الناس بنفسه. فيقبل من رجل من المسلمين أن يقول له: لا سمع لك علينا اليوم ولا طاعة حتى تبين لنا كذا وكذا. فلا يغضب، بل يجيبه في الحال إلى طلبه ويبين له.
وكان يقول: لو أن بغلة بصنعاء عثرت لرأيتني مسئولاً عنها!
وكان يعمل على توطيد العدالة الاجتماعية في المجتمع حتى أمكنه - لأول مرة في التاريخ - أن يلغي الفقر من المجتمع، كما حدث أيام عمر بن عبد العزيز! وكان الجندي يقول: أليس بيني وبين الجنة إلا أن أقتل هذا الرجل أو يقتلني؟ ثم يقتحم المعركة ليصيب إحدى الحسنيين!
وكان القائد يُعزل في زهوة النصر فلا يضطغن ولا يتمرد ولا يترك ميدان القتال. وإنما يستمر يجاهد في سبيل الله جندياً لا إمارة له ولا سلطان.
وكان البائع يستحي من الله أن يكسب ما ليس له بحق، فيرد نقوداً أخذها صبيه دون علم منه من أحد المشترين. ويصر على ردها إليه حتى والمشتري يحلف بالله أنه دفعها راضياً وأن البضاعة في نظره تستحق. وكان الزوج يعاشر زوجته بالمعروف، والزوجة تصون عرض زوجها في غيبته. فيذهب إلى ميدان القتال ويغيب بالشهور وهو مطمئن إلى بيته وعرضه وماله. لا يقربها السوء!
وكان المجتمع نظيفاً...
لا تقوم علاقات الناس على الغش في البيع والشراء. لا يعهد الإنسان إلى العامل أو الصانع بالعمل وهو متوجس منه خيفة أن يغشه أو يدلس عليه أو يسرق الأمانة ويذهب إلى غير رجوع!
لا يتحدث الرجل إلى الرجل وهو يعلم أنه يكذب عليه ويخدعه. ويبادله في الوقت ذاته الكذب والخداع!
لا يكذب الوالد على أبنائه فيعلمهم الكذب بالقدوة السيئة. ولا يكذب الابن على الوالد، لأنه لا يتعامل معه، وإنما يتعامل مع الله!
ولا يسرق الشاب عرض امرأة متزوجة أو فتاة غريرة. ولا تخرج الفتاة متبرجة في سوق الفتنة تحاول أن توقع الشباب!
لم يكن الناس ملائكة! كانوا بشراً ما يزالون! ولكنهم بشر مستقيمو الفطرة لا عِوَج في نفوسهم ولا التواء. متحابون إلى الله. متعاونون على البر والتقوى لا متعاونون على الإثم والعدوان.
وكانت هناك جريمة.. فإن وجه الأرض لم يخل من الجريمة في وقت من الأوقات. ولكنها كانت الشذوذ الذي يثبت القاعدة. ولم تكن القاعدة هي الشذوذ!!

* * *
ومن ثم انطلقت هذه الأمة تنشئ تاريخاً لم يسبق في التاريخ!
ليس الفتح وحده هو الذي يلفت النظر، وإن كان حقيقاً بالتسجيل في سرعته الخاطفة التي لا مثيل لها من قبل ولا من بعد في التاريخ. ففي خمسين عاماً كان العالم الإسلامي الذي بدأ من لا شيء قد امتد من المحيط للمحيط. وكان كله - أو معظمه - قد اعتنق العقيدة الجديدة، وانقلب محارباً في سبيلها لا يهدأ حتى يراها قد بلغت إلى أفق جديد!
وإنما الذي يلفت النظر هو تلك القمم العالية التي بلغها في كل اتجاه. قمم العدالة الشامخة والعظمات النفسية والروحية التي تتكاثر وتتواكب في هذه الحقبة الصغيرة من التاريخ.
واتساع الجوانب وتعدد الآفاق. في الحرب والسلم. في السياسة والاجتماع. في الحضارات المختلفة التي استوعبها الإسلام، ومثلها تمثيلاً رائعاً فامتص ما فيها من خير، وألقى بالزبد إلى الفناء.
في الروابط القوية المتينة التي شملت العالم الإسلامي كله، وفاضت منه إلى غير المسلمين حتى وهم يكيدون للدين. وحتى وهم يحاربونه أبشع حرب وأدنسها في أيام الصليبيين.
هذه الروابط المتينة التي صنعت معجزة لم تتكرر في غير الإسلام. إذ فسدت الحكومة - مبكراً، على أيدي الأمويين والعباسيين - ولكن المجتمع ظل إسلامياً، متماسكاً، متكافلاً، تربطه روح الأخوة والمودة ما يقرب من ألف من السنين!!

* * *
ذلك كله كان أثر العبادة الحقة، التي تعبد الله كأنها تراه!
ولقد كان القدوة الكبرى في ذلك دون شك هو الرسول الأعظم، منشئ هذه الأمة ومربي قادتها وجنودها على هدي الله وهدي الإسلام.
كان  يرى الله كل لحظة من لحظات حياته الطويلة العريضة الشاملة الفسيحة.
كان يراه وهو يتلقى الوحي عنه - سبحانه - فتطيقه نفسه وتستوعبه إلى الأعماق.
وكان يراه وهو ينطلق في مناكب الأرض يدعو الناس إلى هذا الوحي لكي يهتدوا به إلى الله.
وكان يراه وهو في بيته زوجاً وأبا ورب أسرة.
ويراه وهو مع الناس وقريباً ومعلماً وهادياً إلى سواء السبيل.
ويراه وهو يقاتل في سبيل الله، وهو يعقد السلم ويرجع من جهاد إلى جهاد.
ولا نتحدث عن العبادة في الخلوة فهي في غير حاجة إلى حديث.
يراه. ويعيش معه كل لحظات حياته، وكل مشاعر نفسه، وكل خلجاتها وكل سرها ونجواها.
ولا تضعف نفسه عن التلقي، ولا يضعف قلبه عن استيعاب النور الذي يغمره كلما رآه.
هكذا كان رسول الله  وخاتم النبيين وسيد المرسلين

* * *
ثم كان أصحابه الذين صنعهم على عينيه، ورباهم تربية خبير عليم.
كانوا يرون الله بقدر ما تطيق نفوسهم وبقدر ما تصطبر على الأفق الأعلى المشرق المضيء الذي لا تحتمله النفوس، إلا أن تقبس قبسات من فيض الله الغامر، وقبسات من الرسول.
ثم كانت نفوس على مدار الزمن تتفرق أحياناً، وتجتمع أحياناً، تعيش على حب الله والعمل في سبيله، وعبادته كأنها تراه.
وما تزال هذه النفوس حيثما لقيها الإنسان، يحس في الحال بالفارق الحاسم بينها وبين الذين لا يعبدون الله، أو الذين يعبدونه على حرف فإن أصابهم خير اطمأنوا به وإن أصابهم شر انقلبوا على أعقابهم.. خسروا الدنيا والآخرة.
تحس على الفور حين تلقى أحداً منهم أنك أمام " إنسان ". إنسان بهذا المعنى الذي كرمه خالقه وفضله على كثير ممن خلق. إنسان تأنس إليه وتستريح عنده، تستريح في تعاملك معه وفي علاقاتك. تستريح إلى الاستقامة النظيفة التي لا عوج فيها ولا التواء.
وتحبه..
لا تملك إلا أن تحبه ولو خالفك في أفكارك وأعمالك ومشاعرك واتجاهاتك.
تحبه لأن فيه قبسة من نور الله... وتحاول - إن استطعت - أن تقفو خطاه..
ومن ثم كان حرص الإسلام ونبي الإسلام، وهو يعلِّم الناس دينهم. أن يبين لهم الإحسان. ويصفه لهم في أخصر لفظ وأجمله. " تعبد الله كأنك تراه ". ويوقظ قلوبهم بوجدان التقوى وخشية الله: " فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
ومن ثم كذلك كان حرص الإسلام ونبي الإسلام، على ألا يقف الناس عند أول مراتب الإسلام ولا أول مراتب الإيمان. إنما يحاولون بلوغ الإحسان، ويحاولون على الدوام!

وليرح ذبيحته

" إن الله كتب الإحسان على كل شيء ؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته " [59].

* * *
يا الله! يا رحمة نبيه..!
" وليرح ذبيحته ".. ومتى؟ وهو مقدم على ذبحها!!
ألا إنها رحمة أنبياء. ألا إنها روح الله.
إنه مرتقى للمشاعر البشرية يبلغ القمة التي ليس وراءها شيء. إلا ذلك النور الأعظم الذي ينير الكون كله وينفذ إلى قلوب الكائنات.
إنها الرحمة التي لا تقف عند الأناسى من الخلق، ولا يحكمها انحياز الإنسان لنفسه واعتداده بجنسه. وإنما تتعداها إلى المجال الواسع الفسيح الذي يشمل كل الأحياء في الكون.
ثم لا تقف عند هذا المدى - وهو في ذاته قمة عالية - وإنما ترتقي درجة أخرى!
فالرحمة بالأحياء درجة " مفهومة " على أي حال، سواء وفق إليها القلب البشري أم انحرف عنها وشذ.
مفهوم أن تقول لي: لا تقتل هذا العصفور. فإنه ضعيف مسكين. وهو جميل لطيف لا يستحق القتل.
ومفهوم أن تقول لي: لا تقتل هذه الفراشة الطائرة القافزة الرشيقة، فإنك لن تستفيد شيئاً من قتلها، وهي في رشاقتها اللطيفة جمال يحسن أن تمتع به حسك وروحك.
بل مفهوم أن تقول لي: لا تقتل هذه الزهرة الجميلة - حتى إن كانت لا تتألم للقتل - فهي على غصنها هكذا جميلة.. أجمل منها في يدك أو في عروة ثيابك.
كل ذلك مفهوم. والقلب البشري الطيب يمكن أن يوجه إليه في يسر، فيعتاده فيصبح من طباعه.
ولكنها درجة - وراء هذا المفهوم - أعلى وأشف - أن أقول لك: هذه الذبيحة التي ستذبحها، والتي لن تكون حية بعد لحظات.. أحْسِنْ ذبحتها ولا تطل آلامها ولا " تمتها موتات " كما ذكر البخاري في حديث قريب من هذا الحديث [60].
وليرح ذبيحته!
إنها كلمة تهز الوجدان هزاً وهي تذبح. وهي تساق إلى العدم. إلى الفناء. إلى حيث لا توجد ولا تشعر.
ما القيمة " العملية " لإراحة الذبيحة هذه الثواني المعدودة التي تنتقل فيها من عالم الوجود إلى عالم الفناء؟ بل ما قيمة إراحتها وأنت مقبل على إيلامها أشد ألم يمكن أن تتعرض له وهو الذبح؟
في الظاهر.. لا شيء!
وفي الباطن.. كل شيء!
إن الذبيحة ميتة ميتة. أرحتها أم لم ترحها. وهي متألمة متألمة، سواء قطر قلبك رحمة بها أم كنت تذبحها مجرد القلب من المشاعر متلبد الوجدان. وهي لن تلقاك بعد اليوم فتشكو إليك عنفك معها، إن كنت ممن يفهمون عن هذه الخلائق، ويجاوبون ما يصدر عنها من الأحاسيس. ولن يضيرها كثيراً - وهي مسوقة إلى الفناء الكامل الوشيك - إنها ذاقت - قبل ذلك بلحظة - شيئا من الغلظة أو شيئاً من الجفاء!
إذن فما القيمة العملية بالنسبة للذبيحة.. لا شيء!
ولكن القيمة " العملية " لك أنت.. كل شيء!
وهل ثمة شيء أكبر من أن يكون لك قلب إنسان؟!

* * *
وكذلك الشأن في أمر القتل..
" فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ".
والمسلم - المخاطب بهذا القول من جانب الرسول  لا يقتل إلا بالحق: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [61] (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً.. وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [62] (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [63] " كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله " [64].
لا شبهة إذن في أن الشخص الذي يقتله المسلم مستحق للقتل. مستحق لأنه كافر، أو مرتد، أو قاتل، أو زان محصن، أو مفسد في الأرض، مثير للفتنة، خارج على السلطان القائم على شريعة الله.
ولا شبهة في أن هذا القتل يتم بإذن من الله. بل بأمر منه وتحريض: (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) [65]
ومع ذلك فالرسول  يأمر بإحسان القتل!
ونعود إلى قصة الذبيحة فنراها تنطبق مرة أخرى على القتيل.
إن القتيل لن يستفيد شيئاً من أن تحسن قتلته. فهو مفارق الدنيا. والألم واقع به ما له عنه من محيص. فيستوي أن تحسن أو لا تحسن أو أن الفارق في الحقيقة ضئيل.
فما القيمة العملية من إحسان القتل بالنسبة للقتيل؟ لا شيء بطبيعة الحال!
ولكن القيمة الكبرى - مرة أخرى - هي لك أنت. هي أن يكون لك قلب إنسان!

* * *
ولكن حديث الرسول الكريم لا يقف عند هذين الأمرين: الذبحة والقتلة، وإنما يسوقهما فقط على سبيل المثال.
وبسبب هذين المثالين قد يغلب على الظن أن الرحمة وحدها هي المقصود من الحديث.
ولكن الأمر ليس كذلك. فالمقصود هو " الإحسان ". والرحمة صورة من صور الإحسان.
" إن الله كتب الإحسان على كل شيء " والإحسان - هنا، كما في الحديث السابق - هو الأداء الحسن. الأداء الكامل. الأداء المتقن. الأداء الجميل.
والمثالان المذكوران هما المشير الذي يبين الاتجاه. الاتجاه إلى " الإنسانية ".
إن الخلاصة المستفادة من المثالين: أن الإنسان لا ينبغي أن يندفع مع دوافعه الطبيعية ويترك لها العنان. إنما ينبغي وهو يأخذ في التنفيذ أن يهذب الوسائل وينظف الأداء، ليكون جديراً بتكريم الله له والخلافة في هذه الأرض.
ومن ثم فالحديث واسع شامل يشمل كل عمل وكل فكرة وكل شعور.
إنه بنص اللفظ يشمل " كل شيء ". هكذا على الاتساع. وهو يعبر عن فكرة إسلامية أصيلة، أو فكرتين تلتقيان عند هدف واحد.
أن الإسلام لا يكتفي بأداء الأعمال - كل الأعمال - على أية صورة، وإنما يتطلب " الإحسان " في الأداء.
وإنه لا يقنع من الناس أن يؤدوا ضروراتهم بلا زيادة، بحجة أنها ضرورة، وإنما يتطلب الإحسان في التنفيذ.
المعنى الأول واضح في قول الرسول  : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " [66] وواضح كذلك في أمر الذبحة والقتلة.
فالمطلوب هو الإتقان الذي تصحبه مشاعر الإنسانية. ويصحبه الإحساس بالله في قرارة الضمير، والعمل من أجل خشيته ومن أجل مثوبته ورضاه. " تعبد الله كأنك تراه ".
والمعنى الثاني واضح في سيرة الرسول وأحاديثه الكثيرة التي تهدف إلى تهذيب النفس، خاصة وهي تؤدي ضروراتها الغليظة التي ليس عنها محيص.
ونضرب مثالين من أدق الأمثلة وأدلها على ما نريد: قضاء " الضرورة " وشئون الجنس.
" عن أبي سعيد الخدري  أن النبي  قال: لا يتناجى اثنان على غائطهما، ينظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه، فإن الله يمقت ذلك " رواه أبو داود وابن ماجه.
" عن جابر  عن النبي  : اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق والظل " رواه أبو داود وابن ماجه
وعن أبي أيوب: " إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره. شرقوا أو غربوا " رواه البخاري.
" وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله  : من لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها في الغائط كتب له حسنة ومُحي عنه سيئة " رواه الطبراني.
والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة من أن تورد كلها. وهدفها كلها واحد. هو تهذيب القيام بهذه الضرورة، وإحاطتها بآداب معينة تلطف غلظتها وتخفف من معنى " الضرورة " فيها. إذ تجعلها سلوكاً وأدباً فيه " اختيار " وترفع.
وقد لا تبدو لنا اليوم - الدلالة الكاملة لهذه التوجيهات. إذ صار لقضاء الضرورة أدوات نظيفة ووسائل مهذبة. ومع ذلك فما زال في المدينة - وفي العاصمة ذاتها - قوم يقضون حاجاتهم على قارعة الطريق وأمام الناس. أما الريف...!
ولكن الدلالة النفسية لا ينبغي أن تفوتنا على أي حال. فالتهذيب فيها واضح. وواضح كذلك محاولة رفع " الإنسان " عن مستوى الحيوان، حتى وهو يقضي ضرورته التي يشترك فيها مع الحيوان.
أما الجنس فأمره أعجب وأوضح دلالة.
ليس في الأرض شريعة ولا نظام يعترف بالجنس نظيفاً كريماً كالإسلام.
يكفي ان نذكر فقط أن الإسلام وهو يأتي زوجه يذكر اسم الله الكريم. وليس في الإسلام أقدس من ذكر الله، ولا أنظف مما يقرأ اسم الله عليه.
والإباحة فيه - في حدوده الشرعية، أي الزواج - أوضح من أن تحتاج إلى دليل.
(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [67]
" إن في بضع أحدكم لأجراً. قالوا يا رسول الله إن أحدنا ليأتي شهوته ثم يكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " [68].
وغيرها وغيرها كثير...
والرسول  قد أخذ من هذا المباح بقسط كامل لا شبهة فيه، واستمتع منه بكل ما يحل لمسلم أن يستمتع به في هذه الحياة.
ومع ذلك فلينظر كيف كان الأمر...
تروي السيرة أنه  كان يغطي وجه زوجته حين يضاجعها في الفراش.. وروى الخطيب من حديث أم سلمة أن الرسول  كان يغطي رأسه ويغض صوته ويقول لامرأته: عليك بالسكينة.

* * *
الحياء والترفع إلى هذا الحد!
ليس الجنس شهوة الحيوان الجائع الذي لا يملك نفسه أن يندفع هائجا إلى التنفيذ.
وليس غلظة الشبق التي تتلمظ على متاع لذيذ.
وليس نزوة الجسد الفائر التي تختنق في بخارها عاطفة القلب وإشراقة الروح.
ومع ذلك فإن دعوة الرسول للناس أن يهذبوا العمل الجنسي لم تكن دعوة إلى الزهادة أو إطفاء المتعة أو تبريد حرارتها.
كلا! على العكس من ذلك. لقد كان يدعوهم إلى المتاع ويحببهم فيه بل كان في الواقع يوسع مساحته في النفس، ويزيد من متعته، حين يرفعه من لهفة الجسد الخالصة إلى " عواطف " " ومشاعر " " ومودة ".
فقد كان ينهى عن المواقعة دون رسول يسبقها ويمهد لها من مداعبة وعواطف جياشة.
وليست هذه دعوة الذي يريد أن يحرم الناس من المتاع أو يفسده عليهم. بل دعوة من يريد تهذيبهم ورفعهم من مستوى الحيوان إلى مستوى الإنسان، مع " إحسان " تلذذهم بهذا المتاع، حتى يصبح متاعاً " جميلاً " تدخل فيه كل عناصر النفس، ويدخل فيه " الفن " بتعبيره الجميل.
والقرآن يصف الصلة بين الرجل والمرأة على أنها " سكن " و " مودة ": (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [69]. وهو تعبير جميل أخاذ يشمل كل صلات الجنس، ولكنه يشملها في مستواها الأرفع. في مستوى " الإنسان ".

* * *
ذلك هو الإحسان في شئون الجنس. وهو أمر واضح الدلالة على نظرة الإسلام لهذه الأمور.
الضرورة تُقضى. نعم. لا كبت ولا حجران. ولا استقذار للدوافع الفطرية في ذاتها. ولا الإحساس بالذنب عند الإتيان. ولكنه التنظيف رغم ذلك وتهذيب الوجدان.
والجنس - من كثرة ما أبدى في شأنه فرويد وأعاد - مظنة أن تكون الأديان تستقذره وتنفّر منه. والإسلام بخاصة لا يجنح لحظة واحدة لهذا الاستقذار. لكنه - وهو يحض على الإحسان في كل شيء - يحض كذلك عليه في شئون الجنس، حتى وإن كان يشترك في الضرورة مع الحيوان.
والدليل القاطع على أن هذه قاعدة عامة في الإسلام لا يختص بها الجنس وحده، وإنما تشمل كل تصرفات الإنسان وضروراته، الدليل على ذلك هو آداب الطعام.
فليس ثمت شك في أن الطعام طاهر نظيف مباح. بل مأمور به (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) [70].
ومع ذلك فله آداب. آداب تهذب تناوله، وتكسر شراهته، وترتفع به عن محيط الحيوان إلى محيط الإنسان.
" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي  نهى أن يُتنفس في الإناء أو ينفخ فيه " رواه أو داود والترمذي.
" عن أبي جحيفة  قال: أكلت ثريدة من خبز ولحم ثم أتيت رسول الله  فجعلت أتجشأ، فقال: يا هذا كف عنا من جشائك! فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً يوم القيامة "! رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد.
فهو الإحسان إذن. وليس المنع والحجران.

* * *
ونحن - في القرن العشرين - أحوج ما نكون إلى هذه الحكمة من الرسول  .
إننا نعيش في قرن يؤمن بالإحسان في العمل بمعنى الإخلاص والإتقان. وإن كنا نحن مع الأسف - في العالم الإسلامي الذي تلقى عن نبيه هذا التوجيه - ما نزال بعيدين عن هذه الروح.
ونحن نعيش كذلك في قرن يؤمن بالتهذيب في كثير من أمور الدنيا: في تناول الطعام، وقضاء الضرورة، والوقوف في الصف أثناء شراء تذاكر السينما، والاعتذار المؤدب عن أقهل هفوة، وإزجاء الشكر على أبسط الخدمات.
ولكنه مع ذلك لا يؤمن بالتهذيب في شئون الجنس. ويقول عنه إنه نفاق!
ولا نقصد بالتهذيب ما كان يصنع الرسول في فراشه. فذلك مرتقى رفيع لا يطيقه الكثيرون.
ولا نقصد كذلك ما أوصاهم به في فراشهم من تحويل الجنس إلى مشاعر ومودة وأخذ وعطاء.. فذلك شأنهم غن أرادوا أن يستفيدوا بنصيحة الرسول فلأنفسهم الفائدة، وهم الذين سيزدادون متعة وهم يوسعون مساحة الجنس في نفوسهم، فلا تقف عند متعة الجسد، بل تصبح علاقة جسد وعلاقة قلب وعلاقة روح كلها في آن.
وإنما نقصد مستوى أدنى من ذلك وألصق بحياة الجماعة كلها لا بحياة الأفراد.
تلك هي " الفضيلة " بمعناها الاجتماعي. أن يكون الجنس في حدوده المشروعة ولا يكون نهباً مباحاً للأجساد الظامئة على قارعة الطريق..
ذلك هو الذي يسمونه نفاقاً في القرن العشرين!
ولماذا هو نفاق؟ لأن الجنس " ضرورة " بيولوجية، فلا شأن له بالأخلاق!
وي!؟ والطعام ليس ضرورة؟ والملبس ليس ضرورة؟
فلماذا تحتفلون كل هذا الاحتفال " بآداب " المائدة و " أصول " الملبس ولا تكتفون فيهما بقضاء الضرورات؟

* * *
ونحن نتحدث هنا عن " الإحسان " ولا نتحدث عن الأخلاق!
نريد أن نرتفع عن مستوى الضرورة. نريد أن نتذوق الآفاق العليا التي يرفعنا إليها الإسلام.
نريد أن نتذوق طعم " الإنسانية " فإنه والله طعم جميل حين تتوجه له النفس، وحين يؤمن الإنسان أنه إنسان!
الجمال فطرة " الطبيعة ". فطرة الحياة التي خلقها الله.
والحياة لا تكتفي بقضاء الضرورة، ولكنها تهدف دائماً إلى الإحسان في الأداء.
أرأيت هذه الزهرة الجميلة الفياحة الشذى المتناسقة الألوان؟
أتظن أن ذلك " ضرورة "؟
قالوا: لتجتذب إليها النحل فينتج منها العسل غذاء وشفاء للناس! وتساعد كذلك في تلقيح النبات!
فهل تظن ذلك؟ هل من " الضرورة " بالقياس إلى النحل أن يكون في الزهرة كل هذا الجمال؟
كلا والله! فالنحل خَلْق متواضع! وإنه ليحط على الزهرة الرائعة التناسق كما يحط على الزهرة العادية الجمال
فليس جمال الزهرة إذن ضرورة! وكل الأهداف " البيولوجية " يمكن أن تتم في أبسط زهرة كما تتم في أجمل الأزهار.
ورأيت هذه " الطبيعة "؟
رأيت حمرة الشفق المبدعة ورأيت جمال الصبح الوليد؟
رأيت روعة الجبال تبهر الأنفاس وتهز الوجدان؟
والبحر الممتد إلى غير نهاية منسرب الموج، تراه في الليل الساكن كأنما تعمره الأطياف.. أو الأشباح؟
والليلة القمراء.. هل " ذقتها "؟ و " ذقت " طعم السحر في ضوئها، وظلها، وأطيافها الساربة وحديثها المهموس؟
هل تظن ذلك ضرورة؟
وأين هي الضرورة في ذلك كله، والحياة ممكنة ومستطاعة بغير هذا الجمال؟
ورأيت هذا الوجه الرائع؟
هاتان العينان الحالمتان اللتان يطل منهما عالم عميق الأغوار.. تلك التقاطيع المنسقة.. هذا المعنى المعبر.. تلك " الروح " التي تطل من وراء القسمات؟
تظن ذلك ضرورة؟ وما الضرورة؟
أليست كل العمليات " البيولوجية " من طعام وشراب وتنفس تتم في أقبح وجه وأجمل وجه على السواء؟
بل.. نداء الجنس ذاته. ألا يتحقق في كل أنثى وكل ذكر بصرف النظر عن ذلك الجمال؟
كلا. إنه ليس " ضرورة ".. وإنما هو " جمال ".
هو " إحسان " في الأداء لا مجرد الأداء!
تلك فطرة الحياة كما خلقها الله.. فطرة " الطبيعة ".
والإسلام دين الفطرة..
يلتقي مع ناموس الحياة الأكبر. لأنه منزل من عند الله خالق الحياة، وخالق الفطرة التي يسير عليها الكون والحياة.
لذلك لا يكتفي الإسلام من الإنسان بمجرد أداء الضرورة. لأنه حينئذ يكون متخلفاً عن الحياة، ناشزاً عن فطرتها، متأخراً إلى الوراء.
وهو الحياة في أعلى آفاقها - يريد أن يكون الإنسان واصلاً إلى الحياة، منسجماً معها، مساوقاً لها، ملتقياً معها في كل اتجاه.
لذلك يعمد إلى تهذيب النفوس. يدخل في أعماقها، ويسكن في أطوائها، ويوجهها من باطنها. يوجهها إلى الجمال. إلى الإحسان. الإحسان في كل شيء. الإحسان في الأعمال والإحسان في الأفكار والإحسان في المشاعر.
" إن الله كتب الإحسان على كل شيء "..
وحين تتجه النفس إلى الإحسان. حين تتهذب المشاعر وينظف السلوك. حين تخرج الضرورة عن قهرها القاهر فتصبح سلوكاً مهذباً " تختاره " النفوس، وتتفاضل في أدائه..
حينئذ يلتقي الإنسان مع الكون والحياة..
يلتقي معهما في نظرة واحدة شاملة رفيعة. اسمها الإحسان. أو اسمها الجمال.
والله جميل يحب الجمال.

وتبسمك في وجه أخيك صدقة

" عن أبي ذر  أن رسول الله  قال: ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس. قيل: يا رسول الله من أين لنا صدقة نتصدق بها؟ فقال: إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل عن حاجته. وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف. فهذا كله صدقة منك على نفسك. رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي مختصراً. وزاد في رواية: وتبسمك في وجه أخيك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم من طريق الناس صدقة، وهديك الرجل في أرض الضالة لك صدقة " [71].

* * *
هذا الحديث العجيب لا يملك الإنسان أن يمر به دون أن يقف عنده لحظات يتدبر بعض معانيه.
وإن له لإيحاءات شتى، يدق بعضها ويلطف، حتى يصل إلى أعماق النفس، إلى قرار الوجدان، فيهزها هزاً، ويوقع على أوتار القلب لحناً صافياً مشرقاً جميلاً يأخذ بالألباب.
وسنختار هنا من المعاني الكثيرة التي يوحي بها الحديث معنيين رئيسيين: أولهما تفجير منابع الخير في النفس البشرية، وثانيهما: ربط المجتمع برباط الحب والمودة والإخاء. وقد نلم ببعض المعاني الأخرى في أثناء الحديث.

* * *
الصدقة في مفهومها التقليدي نقود وأشياء محسوسة يساعد بها الغني الفقير، ويمنحها القوي للضعيف. وهي بهذا المعنى ضيقة المفهوم جداً، وأثرها في حياة المجتمع محدود. ولو أنها ظلت قروناً طويلة مظهراً من مظاهر التكافل الاجتماعي، ورباطاً من روابط المجتمع، وأداة لتطهير الأغنياء من الشح، وإعانة الفقراء على الحياة..
وبصرف النظر عن هدف الإسلام الأصيل في أن يكتفي الناس بعملهم الخاص فلا يحتاجون للصدقات - ذلك الهدف الذي تحقق في عهد عمر بن عبد العزيز إذ يقول يحيى بن سعيد: " بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية، فاقتضيتها، وطلبت فقراء نعطيها لهم، فلم نجد بها فقيراً، ولم نجد من يأخذها منا، فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس.. "
بصرف النظر عن هذا الهدف النهائي، فقد كانت الصدقات وسيلة احتياطية في المجتمع، طالما أن الفقر موجود، وإلى أن تتمكن الدولة - كما تمكنت في عهد عمر بن عبد العزيز - من إغناء الناس عن غير هذا الطريق.
ولكن الحديث النبوي يخرج بالصدقة من معناها التقليدي الضيق. من معناها الحسي، إلى معناها النفسي. وهنا تنفتح على عالم رحيب ليست له حدود.
كل خير صدقة.. وعلى كل امرئ صدقة..
هكذا في شمول واسع لا يترك شيئاً ولا يضيق عن شيء!
كل خير صدقة. أو ليس ذلك حقاً؟!
ومن أين تنبع الصدقة التقليدية بمعناها الحسي الضيق الحدود؟
أو ليست تنبع من معين الخير في النفس البشرية؟ بلى! إن هذا هو معينها الوحيد. وإلا فهي رياء كاذب، وهي دنس لا يصدر عن نفس نظيفة. وليس ذلك بطبيعة الحال هو المقصود.
فإذا كانت الصدقة تنبع من معين الخير، فإن حديث الرسول الكريم لا يزيد على أن يرجع مباشرة إلى هذا المعين، يستجيشه ويستدره، ليتفتح ويفيض، ويتدفق في كل اتجاه.
الخير هو معين الصدقة. فليكن كل خير صدقة! كل ما ينبجس من هذا المعين. كل ما يخرج من هذا النبع الطاهر النظيف، هادفاً إلى الخير محققاً له في واقع الحياة.
والصدقة ما هي؟ أليست " إعطاء "؟
بلى، إنها كذلك فليكن إذن كل إعطاء صدقة! حتى تبسمك في وجه أخيك.. صدقة!
إنه ذات المنبع ؛ وهي عملية نفسية واحدة في جميع الأحوال!
إن " الحركة " النفسية التي تحدث في داخل النفس وأنت تهم بإعطاء القرش للرجل المحتاج، أو تعين عاجزاً على اجتياز الطريق، أو تساعد إنساناً على رفع حمل.. إنها هي ذاتها التي تحدث في نفسك وأنت ترفع حجراً من الطريق حتى لا يعثر فيه الناس، وهي ذاتها التي تدفع الابتسامة إلى وجهك حين ترى وجه أخيك..
إنك لو جسّمت مشاعر النفوس، فتخيلتها جسوماً متحركة.. لرأيت صورة واحدة في كل مرة: صورة " النفس " وهي تحرك يدها من الداخل حركة الإعطاء!
خذ! خذ هذا القرش. أو خذ هذه المعونة.. أو خذ هذا الشعور!
منبع واحد. وحركة واحدة في جميع الأحوال.
ودافع واحد..
فالذي يدفعك إلى إعطاء الصدقة للمحتاج هو شعور " إنساني ". وقد يكون من الصعب أن تحدد معنى لهذا اللفظ الدقيق. فهو في بساطته وشموله معجز كالإنسانية!
قد يكون شعورك واضحاً: هذا أخوك في الإنسانية. تحس بينك وبينه هذه الآصرة التي تربط أفراد الجنس الواحد، وتقرب بينهم، وتدعوهم إلى التعاون الوثيق.
وقد يكون شعورك مبهماً. وجدان غامض. خيوط خفية تنبع من قلبك حتى تصل إلى قلبه، فتربط بينهما برباط دقيق. أو هزات كالهزات المغناطيسية أو الكهربائية التي تنتشر في الجو، حتى " يلتقطها " المستقبل من بعيد.
هذا الشعور الإنساني - الواضح أو المبهم - الذي يدفعك إلى إعطاء الصدقة للمحتاج، أليس هو ذاته الذي يحنيك على الحجر فتلتقطه بعيداً عن أقدام المارة؟ أو ليس هو كذلك الذي يشيع البسمة في وجهك حين تلقى الناس؟!
هي عملية واحدة في داخل النفس.. ولكننا لا ندركها دائماً على حقيقتها.
والرسول الكريم يلفتنا في حديثه إليها. يلفتنا إلى هذه الحقيقة النفسية الواحدة التي تكمن وراء كل عمل من أعمال الخير. لنعرف أنه الخير في منبعه وإن تعددت صوره وزواياه.
ولكن الرسول -  لا يريدنا أن " نعرف " فحسب!
فالمعرفة التي لا تنتهي إلى شيء ليست هدفاً من أهداف الإسلام ولا من أهداف الحياة العملية!
كل شيء ينبغي أن تكون له غاية. وغاية الغايات في الأرض أن يكون الخير هو المسيطر على حياة البشرية. فالخير هو كلمة الله. وكلمة الله هي العليا.
ومن هنا تلتقي الأرض والسماء، والدنيا والآخرة في رصيد الإسلام.
والرسول الكريم يريد أن " يعودنا " على الخير، لا أن " يعرفنا " إياه فحسب.
" وعلى كل امرئ صدقة.. ".
إنه يريد كلاً منا أن تتحرك نفسه بالخير. يريد أن يستثير تلك الحركة الداخلية التي تمد يدها بالعطاء. والحياة عادة. والعادة تعدى من نفس إلى نفس. بل تعدى من شعور إلى شعور في باطن النفس!
حين تتعود النفس أن تستيقظ، أن تنهض من سباتها وتتحرك، وتمد يدها من الداخل بعمل أو شعور. حين يحدث هذا مرة، فسوف يحدث مرة بعد مرة. وستتعدد صور الإعطاء حتى تشمل من النفس أوسع نطاق.. حتى تشمل في الواقع كل تصرف وكل شعور.
وتبدو حكمة الرسول في توسيع مدى الخير، وتعديد صوره وأشكاله، وتبسيطها كذلك حتى تصبح في متناول كل إنسان!
فلو كانت " الصدقة " أو الخير قاصراً على المحسوسات والأموال، فسيعجز عنها كثير من أفراد البشرية، وتبقى ينابيع ثرة في باطن النفوس، لا يستثمرها أحد، ولا يستنبط من معينها الغزير.
ولكن اليد الحكيمة الماهرة تعرف كيف تسيل الخير من هذه النفوس. لمسات رفيقة حانية من هنا ومن هناك تفتح المغلق وتبعث المكنون.
والرسول الكريم يلطف في معاملة البشرية كالأب الحنون يلطف مع أولاده، وهو يخطو معهم خطوة خطوة في الطريق. إنه ييسر لهم الأمر. ويوحي إليهم أنه في مقدورهم بلا تعب ولا مشقة. وحينئذ يصنعونه ولو كان فيه مشقة!!
تلك أفضل وسائل التربية وأحبها إلى النفوس.
وهي ليست ضحكاً على الناس ولا استدراجاً لهم! حاش لله!
إنها كلها حقيقة. فالخير نبع واحد داخل النفس. وكل صوره صورة واحدة.
ولقد نظن، لأول وهلة، أن بعض هذه " الصدقات " أهون من أن تكون صدقة. وأنها لا يجوز أن تدرج مع غيرها في سلك يشمل الجميع.
وقد يكون أقرب شيء إلى هذا الظن قول الرسول  : وتبسمك في وجه أخيك صدقة. وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة.
ومع ذلك فجربها إذا أردت. أو تتبعها في محيط الناس..
إن تبسمك في وجه أخيك، الذي يبدو لك هيناً حتى ما يصح أن يوضع في الصدقات.. لهو أشق شيء على النفس التي لم تتعود الخير ولم تتجه إليه!
هناك أناس لا يتبسمون أبداً، ولا تنفرج أساريرهم وهم يلقون غيرهم من الناس!
إنهم شريرون أو في نفوسهم مرض. وينابيع الخير مغلقة في نفوسهم وعليها الأقفال.
وهناك ناس يبخلون عليك بقطرة من ماء! الماء الحقيقي لا على سبيل المجاز!
إن المسألة ليست البسمة ولا نقطة الماء. إنها الإعطاء. إنها الحركة التي تتم في داخل النفس. إنها فتح القفل المغلق. أو تحرك اليد النفسية وانبساطها إلى الأمام..
عملية واحدة في جميع الحالات.. إما أن توجد، فتقدر النفس على الخير. تقدر على الإعطاء والمودة. وإما ألا توجد، فيستوي الهين والعظيم، وتغلق النفس عن جميع الصدقات.

* * *
والرسول المربي لا يريد أن يعرفنا بمنابع الخير فحسب، ولا أن يعودنا على الخير فحسب. ولكني ألمح من وراء تعديد الصدقات، وتبسيطها حتى تصبح في متناول الجميع، معنى آخر..
الإعطاء حركة إيجابية. ولذلك قيمة كبرى في تربية النفوس.
فالنفس التي تتعود الشعور بالإيجابية نفس حية متحركة فاعلة. بعكس النفس التي تتعود السلبية فهي نفس منكمشة منحسرة ضئيلة.
والرسول  يريد للمسلم أن يكون قوة إيجابية فاعلة، ويكره له أن يكون قوة سلبية حسيرة.
والشعور والسلوك صنوان في عالم النفس، كلاهما يكمل الآخر ويزيد في قوته.
ومن هنا حرص الرسول  على أن يصف حتى الأعمال الصغيرة والهينة بأنها صدقة. بأنها إعطاء.
مرة أخرى كالأب مع أبنائه..
فأنت حين توحي لطفلك أن الدور الذي قام به في العمل دور هام ومثمر، وقد أدى إلى نتيجة، فإنك تشجعه على مزيد من العمل ومزيد من الإنتاج. أما إذا رحت تصغر من شأنه، وتشعره أن أعماله تافهة بالقياس إلى المطلوب منه، فإنك تشجعه على الانحسار داخل نفسه، والانصراف عن كل عمل يحتاج إلى مجهود.
والرسول يشجع الناس على الإحساس بإيجابيتهم، حتى في الأعمال التي قد تبدو صغيرة في ظاهرها، ليحسوا أن كيانهم يتحقق في عالم الواقع، في عالم السلوك. فيزيدهم ذلك إقبالاً على العمل في ميدان الخير، ويشجعهم على الصعود باستمرار.
وفي تسمية هذه الأعمال " بالصدقات " أمر آخر من وراء التعبير.
فالصدقات بمعناها الحسي الضيق، تقسم الناس آخذين في جانب ومعطين في جانب. وقد توحي إلى الآخذين الشعور بالضآلة والضعف، وتغري المعطين بالخيلاء والغرور.
وذلك تقسيم للمجتمع سيئ غاية السوء.
ولكن توسيع نطاق الصدقات حتى تشمل كل شيء وكل عمل متجه إلى الخير، يلغي التقسيم الأول، ويتيح لكل إنسان - بصرف النظر عن فقره وغناه - أن يكون معطياً واهباً للآخرين. ومن ثم يجعل الناس كلهم - بحركة واحدة - آخذين ومعطين على قدم المساواة، وشركاء في ميدان واسع فسيح!
وذلك ولا شك منهج بارع في تربية النفوس، فوق أنه يقرر مفهوماً آخر من مفاهيم الإسلام الأصيلة: أن القيم التي تحكم الحياة ليست هي القيم المادية وحدها. أو الاقتصادية وحدها. وإنما القيم الشعورية والوجدانية كذلك. بل هذه الأخيرة هي الأصل الذي تقوم عليه علاقات البشرية!

* * *
وقد افتتن الناس دائماً بالقيم المادية وحسبوها قوام الحياة. القدماء في ذلك والمحدثون سواء. وحين تنطمس بصائر الناس عن منابع الخير الحقيقية، وتنحسر نفوسهم عن حقيقة الكون الواسعة، فإنهم لا يرون إلا القيم المادية، ولا يدركون إلا ما تدركه الحواس. ولكن الإسلام حرص على توسيع الحياة وتجليتها في صورتها الحقيقية. لم يهمل عالم المادة، ولم يهمل ضرورات الحياة. بل أعطاهما عنايته الكاملة كما يتضح في التفصيلات الدقيقة التي يشملها الشرع، والإضافات الدائمة التي أضافها الفقه الإسلامي على مدى القرون ولكنه لم يقف عند هذه الأمور وحدها، لأن الحياة في واقعها لا تقف هناك. وإنما تتعداها إلى آفاق أوسع وأرحب، وإلى مستويات أكبر وأعلى.
والإسلام دين الحياة الكامل، ومن ثم يشمل الحياة كلها في جميع الآفاق وجميع المستويات، على نظافة في الأداء ونظافة في السلوك.
إنه كصاحب الأرض الخصبة لا يزرع منها جانباً ويهمل الجانب الآخر، أو يدعه تنبت فيه حشائش السموم. إنه يحس بالقيمة الكبرى لتلك الأرض الثمينة، ويحس بالخسارة التي تنشأ من تعطيلها أو إهمال بعضها، ومن أجل ذلك ينقب في كل مكان في النفس حتى يمكن أن تنبت فيه نبتة الخير، فيزرعها ويجني من زرعها الثمار.
وحين يحرص الإسلام على أن يظل ينبوع الخير في النفس الإنسانية ثرًّا يفيض بالخير ولا ينضب، فإنه يضمن أن تقوم بين البشر روابط أمتن بكثير وأوثق من تلك التي يمكن أن يقيمها الاقتصاد أو تقيمها العلاقات المادية. بل يضمن أن تكون رابطة حية وخيرة، لا يأكلها الحقد، ولا تسري إلى القلوب مع " تنظيماتها " الصلادة والجفاف.

* * *
وأي رابطة يمكن أن تربط القلوب أقوى من المودة والحب؟
(.... وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) [72].
إنها هبة الله..
والنعم المادية أو الاقتصادية كذلك هبة الله.
ولكن الآية تضع كلاً في مكانه في ميزان القلوب وميزان الحياة!
لا يكفي المال وحده لتأليف القلوب. ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية.
لا بد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف المستمد من روح الله. ألا وهو الحب.
الحب الذي يطلق البسمة من القلب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات.. فيلقى الإنسان أخاه بوجه طليق.
ذلك الحب هو الذي يصنع المعجزات. هو الذي يؤلف القلوب. هو الذي يقيم البناء الذي لا يهدمه شيء ولا يصل إليه شيء.
" جاء إلى النبي  أعرابي يوماً يطلب منه شيئاً فأعطاه، ثم قال له: أحسنت إليك؟ قال: لا ولا أجملت! فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا. ثم دخل منزله فأرسل إلى الأعرابي وزاده شيئاً. ثم قال. أحسنت إليك؟ قال نعم. فجزاك الله من أهل ومن عشيرة خيراً. فقال له النبي  : إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي شيء من ذلك، فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي، حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك. قال: نعم، فلما كان الغداة جاء، فقال النبي  : إن هذا الأعرابي قال ما قال، فزدناه، فزعم أنه رضي. أكذلك؟ فقال الأعرابي: نعم. فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال : إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل له ناقة وشردت عليه، فتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفوراً، فناداهم صاحب الناقة: خلوا بيني وبين ناقتي، فإني أرفق بها وأعلم. فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض، فردها هوناً هوناً، حتى جاءت واستناخت، وشد عليها رحلها، واستوى عليها. وإني تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار!
هذا الدرس العجيب من حياة الرسول  من سلوكه العملي - يشرح لنا القيم التي أودعها أحاديثه المروية في هذا الاتجاه.
قد يكون المال الزائد هو الذي أرضى الأعرابي - في ظاهر الأمر - بعد ما كان ساخطاً على العطاء القليل.
ولنفرض جدلاً أنه كذلك.
ولكن فلننظر إلى الأمر من جانب النبي  من جانب المعطي - أكان يزيد في عطاء الرجل لو لم يكن هذا المعين الفياض بالرحمة والمودة والحب؟
ولننظر إلى الأمر خاصة بعد أن قال الأعرابي قولته المنكرة الجاحدة.. أوَ قد كان غير هذا القلب الكبير وهذا الروح الشفيف يمكن أن يقبل القولة الجارحة ويرد عليها بعطاء جديد؟
إن الصدقة " المادية " الزائدة ليست هي حقيقة الموقف! إنها مجرد التعبير المادي المجسم للشعور السامق النبيل. إنها ترجمة للأصل وليست هي الأصل! إنها الصدى والقلب هو الحقيقة!
هذا القلب هو الذي يربيه الرسول الكريم هذه التربية المبدعة ليقيم عليه رباط البشرية.
وما نريد أن ندخل حقائق " العلم " في أمر روابط البشرية! ولكنا - برغمنا! لا نجد محيصاً من الإشارة إلى هذه الحقائق التي غيرت كل المفاهيم " المادية " التي سادت تفكير البشر في القرون الأخيرة. فقد أثبت العلم أنه ليست هناك " مادة "! إنما الحياة كلها " قوى " و " روابط "!
الذرة التي كان يظن من قبل أنها مادة راسية مستقرة ملموسة ظهر أنها كهارب! أنها طاقة كهربائية سالبة وموجبة. وأن الرباط الذي يشد بعضها إلى بعض هو الجاذبية..
وذلك هو كل بناء الكون!
لا جرم يكون كذلك هو بناء البشرية!
ليس " المادة ". وليس " الاقتصاد "! ليس شيئاً مما تقف عنده الحواس وتظنه الحقيقة! وإنما هو شيء أعمق وألطف وأدق..
الحب رباط البشرية. والقلوب هي طاقتها.
وكما تصطدم الطاقات في الذرة فتضطرب وتتناثر حين تفقد رباطها القوي يشدها بعضها إلى بعض، حين تفقد رباط الجاذبية، كذلك تصطدم القلوب في الحياة البشرية فتتنافر وتتناثر حين تفقد رباطها القوي الذي يشدها بعضها إلى بعض.. حين تفقد المحبة.
والإسلام دين الله.
الله الذي خلق الخلق وهو أعلم بمن خلق.
وهو دين الفطرة. الدين الذي يساير الفطرة أجمل مسايرة، ويصل من ذلك إلى أجمل النتائج.
والإسلام هو الذي يجعل رباط المحبة هو الرباط الأول والأوثق في حياة البشرية، ويقيم الوشائج كلها - من مادية واقتصادية واجتماعية وفكرية وروحية - على هذا الأساس المتين.
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ). (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [73].
ورسول الإسلام - وهو الآية البشرية الكونية الكبرى - يدرك بفطرته الملتقية مع فطرة الكون الأعظم، وبما أدبه ربه فأحسن تأديبه، أن الرحمة والمودة والإخاء هي وحدها التي يمكن أن يقوم عليها البناء الحي القوي المتماسك، فيدعو إلى الحب: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [74] ويجلو القلوب لتفيض بالحب، ويعلمها الوسيلة لكي تحِبَّ وتحَب: أن تلقى أخاك بوجه طليق!
وإن هذه الابتسامة على الوجه الطلق لتعمل عمل السحر!
جربها!
جرب أن تلقى الناس بوجه طلق وعلى فمك ابتسامة مشرقة. ولن تندم على التجربة قط!
إنها لتستطيع - وحدها - أن تفتح مغالق النفوس وتنفذ إلى الأعماق. تنفذ إلى القلب! إلى الطاقة المكنونة في الكيان البشري، فتربط بينها وبينك برباط الجاذبية!
حينئذ تصير قطعة من الكون الأعظم، دائرة معه في فلكه الفسيح، لأنك تلتقي بفطرتك الصحيحة مع فطرته الحقة، فتلتقيان في الناموس الكبير!
وحينئذ ترى الله!
فهذا هو الطريق!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[71] الترغيب والترهيب ج 4 ص 396 رقم 7.
[72] سورة الأنفال [ 63 ].
[73] سورة آل عمران [ 103 ].
[74] رواه البخاري ومسلم.

فقليله حرام

" ما أسكر كثيره فقليله حرام " [75].
لعل ظاهر اللفظ يوحي بأن الخمر وحدها هي المقصودة بالحديث.
ولكني ألمح أنه قاعدة تشريعية شاملة، تنطبق على الممنوع كله والحرام كله، وتنطبق على الخمر والربا، والسرقة والغصب، والغمز واللمز، والغيبة والنميمة، والكذب والنفاق.. وعلى الجريمة الخلقية خاصة!
وقليل الخمر لا يسكر. وقليل كل شيء لا ضرر فيه..
ما شربة خمر؟ ما كأس بين الحين والآخر؟ في الحفلات مثلاً والأفراح؟!
وما كذبة بين الحين والحين بيضاء أو غير بيضاء؟
وما القروش القليلة يختلسها من مبلغ ضخم لا يمكن أن تؤثر فيه؟
وما الضرر في قليل من النفاق تسير به الأمور و " تشحم " عجلة الحياة فلا يقع فيها احتكاك ولا صدام؟
وما نظرة عابرة إلى فتاة؟
أو ابتسامة؟
أو كلمات؟
أو شيء قليل من المداعبة لا يبلغ حد الجريمة.. قبلة أو ضمة أو ما أشبه؟
فلتكن الجريمة!
جريمة عابرة.. تتم في الظلام، خلسة، لا يعلم بها أحد، ولا تؤثر في خط سير الحياة.. هل تنهد الدنيا إذا حدث ذلك أو تنهار الأخلاق؟
كذلك تبدو الأمور للوهلة الأولى.. سهلة هينة لا تستلزم التشديد ولا توجب الاهتمام!
ومع ذلك فهي حكمة بالغة تلك التي نطق بها الرسول ، ودراية عميقة بالنفس البشرية، ونظر بعيد لا يقف عند الجزئية الصغيرة، ولا عند الفرد الواحد، ولا الجيل الواحد من الأجيال!
إنها النظرة الفاحصة الشاملة التي تأخذ في حسابها الفرد والمجتمع، والإنسان كله على امتداد حياته في تلك الأرض.
نظرة القلب المدرك البصير الذي ينفذ إلى صميم الإسلام فيستلهم روحه العميقة الدقيقة، وتنفتح له مغاليق الحكمة وغوامض الأسرار.
ومن غير رسول الله  أجدر بأن يدرك روح الإسلام النقية الصافية، ويترجم عنها، وهو نبي الله وصفيه، الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، وشرح صدره.. شرح صدره للإسلام، وللحق الماثل في الكون الكبير، فكان هو النموذج الكامل للإسلام، والقمة البشرية؟!

* * *
الإدمان أول شيء يخطر على البال حين تذكر الخمر، ويذكر القليل فيها والكثير
والإدمان - كما تثبت التجربة العلمية - خطر ماثل أمام البشرية حين تبيح لنفسها الخمر، وحين تبيح لنفسها أي أداء من أدواء المجتمع الكثيرة المتعددة.
وهو في الخمر يرتكز على أساس عصبي - جسماني - وعلى أساس نفسي كذلك [76].
كل شراب - بل كل دواء - ذي تأثير معين على الأعصاب، منبه أو مسكن أو مثير أو ملطف، يفقد أثره على الأعصاب بعد قليل، لأنها تتحصن ضده وتتبلد عليه. ويحتاج الإنسان - لا محالة - إلى زيادة الجرعة أو تغيير " الصنف " لكي يحس له بمفعول.
هذا من الوجهة العصبية. أما من الوجهة النفسية فهناك العادة. والنفس تستريح لما تتعود عليه - كذلك فطرها الله لحكمة هو عالمها - وتشتاق لما تعتاده من الحركات والأفعال والأفكار والمشاعر، فيلتقي تأثر الأعصاب ومتعة النفس على الأمر الواحد في اللحظة الواحدة، فيتجاوبان، ويدفع كل منهما الآخر ويقويه!
وهذا أمر ينطبق على كل شيء! حتى لقمة الخبز وجرعة الماء، وضجعة السرير وجلسة المقعد، وحديث الإنسان إلى نفسه أو حديثه إلى الناس، ورؤية فلان أو صحبة مكان أو ألف شيء من الأشياء!
ولكن بعض هذه الأمور تداوي نفسها بنفسها فتكون بمنجاة من الإدمان - بمعنى الإسراف المضر - كما أن بعضها لا يصل إلى حد الخطر ولو وصل إلى الإدمان!
الطعام والشراب عادة يتعودها الجسم وتتعودها النفس، من حيث الكم والأنواع والمواعيد. ولكنها - في الحالة السوية - تجد الفرامل الضابطة في إحساس الشبع وامتلاء الفراغ المحدود.
ومع ذلك فقد تنحرف إلى شَرَهٍ نَهِمٍ مسعور!
ولكنها ضرورة! لا تقوم الحياة إلا بها في حالتها المعقولة السوية.
ومن ثم أبيح القول المعقول، وحرم الزائد عن المعقول: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) [77] ولم يجعل التحريم بتشريع لأن ذلك مستحيل. وإنما ترك أمره للتوجيه والتهذيب وخشية الله وتقواه.
والنوم والراحة عادة من حيث المواعيد والمقدار والطريقة والوسيلة - مترفة أو غير مترفة - ولكنها - في الحالة السوية - تجد فراملها الضابطة في النشاط الذي تحدثه، والرغبة الذاتية في تصريف هذا النشاط.
ومع ذلك فقد تنحرف إلى كسل وتراخ وفتور.
ومن ثم أبيح القدر المعقول - إن لبدنك عليك حقاً - وحرم الترف والتكاسل والقعود.
ورؤية الناس ومخالطتهم عادة. ولكن لها ضوابطها الذاتية التي تمنع الإسراف فيها - في الحالة السوية - وهي رغبة الإنسان في التقلب بين نزعته الفردية ونزعته الجماعية ليرضي هذه وتلك.
وإلف الأمكنة والأشياء عادة.. ولا ضرر في الإدمان عليها - ما دامت في ذاتها نظيفة - ومع ذلك فالملل، وهو عنصر بشري أصيل، يحد بطريقة طبيعية من الإدمان عليها والإسراف فيها..
ولكن الخمر وغيرها من الأدواء ليس كذلك!
حين يحدث الإدمان فليست له ضوابط. وكل شارب عرضة للإدمان. لأن الأعصاب ليست لها حصانة من تأثير السموم!
ومع ذلك فسنفترض أن أغلبية من الناس تستطيع أن تشرب دون أن تبلغ حد الإدمان - وهو قول غير صحيح في واقع الأمر - فمع ذلك ليس هذا بيت القصيد!
بيت القصيد هو الأجيال القادمة...
في مسألة الخمر بالذات، يقول الطب إن أبناء السكارى يولدون وفيهم استعداد موروث لشرب الخمر، ينتقل إليهم عن طريق النطفة قبل أن يملكوا لأنفسهم القياد! ومن ثم يصبحون في الكبر مدمنين!
ويقول علم النفس إن أبناء السكير يصابون باضطرابات نفسية وعصبية عنيفة تؤثر في مستقبل حياتهم. فالولد ينظر إلى شخصية والده على أنه المثل الأعلى الكامل الذي يتلبس به ويحاول أن يحتذيه. فإذا رأى في سلوكه خللاً فإن ذلك يحدث في داخل نفسه انقساماً بين شخصين كانا من قبل مؤتلفين بل متلابسين، هما شخصيته وشخصية والده. ومن ثم يحدث نزاع داخلي عنيف، ينتهي إما بانطواء الولد على نفسه واعتزاله الحياة الحية المتحركة، إما ببروزه في هيئة مجرم صغير، يحطم كل مقدس، ويلوث كل نظيف.
أما الفتاة فيصيبها صراع من نوع آخر ينتهي بها إلى كراهية الرجال جميعاً، والنفور في المستقبل من الزواج، وما يصاحب ذلك من عقد جنسية مختلفة، أو ينتهي إلى انحرافها الخلقي ووقوعها في مهاوي الرذيلة.
وسنفترض مرة أخرى أن ذلك كله لن يقع - وهو أمر غير صحيح!
سنفترض أن النطفة لم تنقل إلى الجنين عدوى الخمر وهو واغل في الظلمات الثلاث [78]. وسنفرض أن الوالد لم يطع أولاده على سوء منه، فلم يعلموا أنه يشرب الخمر ولم يحدث في نفسهم الاضطراب.
يبقى بعد ذلك كله شيء لم تستطع اتقاءه الأجيال!
ما موقف الأب الذي يعاقر الخمر حين يعلم أن أبناءه قد وقعوا فيما وقع هو فيه من قبل؟
أيزجرهم؟ أم يرخي لهم العنان؟
ولماذا يا ترى يزجرهم وهو - بينه وبين نفسه - لا يؤمن بأن هناك ضرراً في الأمر؟ بل إنه ليؤمن أن تجربته الشخصية خير شاهد على ما يقول! ها هو ذا يشرب. فماذا حدث له؟ لم يبلغ حد الإدمان. لم يفصل من عمله نتيجة التأخر في الصباح أو الإهمال وشرود البال. لم يؤثر الشرب في مركزه الاجتماعي. لم تتلف أعصابه ولم تفسد قدرته على التفكير. وإنها كلها كأس بين الحين والآخر.. في الحفلات وفي الأفراح!! فما الضير على الأولاد إذا ساروا في نفس الطريق، وعند كبرهم " يعقلون " وتسير الأمور...؟!
هنا موطن الخطر لا يدركه الشارب في أول جيل!
إنه ينسى! ينسى أنه هو شخصياً قد نشأ في بيئة محافظة تستنكر الخمر وتَنْفر منها وتنَفِّر منها، وأنه نشأ وفي عقله الباطن فرامل قوية - مستمدة من هذه البيئة المحافظة - هي التي حالت بينه - دون أن يشعر - وبين الإسراف والإدمان. في أعماق نفسه شخص معنوي أو شخص مجسم، يمسك له العصا ويحذره، وينهال عليه ضرباً إذا تجاوز الحدود - في صورة تقريع الضمير.
وصحيح أن هذا الشخص لم يبلغ من القوة في نفسه أن يمنعه البتة، ولم يستطع أن يقفل عليه الطريق ولكنه مع ذلك موجود لا شك في وجوده. وله الفضل كله في الوقوف به عند درجة معينة لا تصل إلى الإدمان البغيض.
أما الأبناء فأين هذا الشخص في نفوسهم؟ من غرسه في أخلادهم وهم صغار؟
أبوهم؟ أو المجتمع الذي يسرح فيه آباء كأبيهم؟
كلا! لقد وجدت القدوة السيئة وانتهى الأمر، ثم لم توجد الزواجر التي منعت الجيل الأول من الإسراف!
أو قد توجد، ولكنها أضعف من الزواجر في أول جيل..
ومن ثم يشرب الأبناء فيسرفون عن ذي قبل، لأن الشخص الذي في نفوسهم، والعصا التي في يده لينة لا تترك أثراً في الضمير.
وينشأ بعد ذلك جيل ثم أجيال.. ويختفي رويداً رويداً ذلك الشخص من الضمير. ويندفع الناس بلا حاجز، ويسرفون بلا حدود.
تلك قصة الخمر على مدار الأجيال..
جيل متقيظ في أول الأمر، عيونه على الجريمة.
ثم أفراد يتسللون خفية من وراء الستار...
فإذا ظلوا في استتارهم، لا يتبجحون بالإثم ولا يسمح لهم المجتمع بذلك، فثم أمل بقاء المجتمع - في عمومه - نظيفاً من الجريمة فترة طويلة من الزمان. أما إذا أَمِنوا زجر المجتمع، فخرجوا من خفيتهم، وقعدوا على قارعة الطريق، فهنا ينشأ أول جيل منحرف. وهو انحراف بسيط في أول الأمر لا ينذر بالخطر ولا يبدو فيه النكير. ولكن الانحراف البسيط يمتد، كما يمتد ذراعا الزاوية من نقطة الصفر - نقطة الابتداء - حتى تنفرج الشقة ويبعد الذراعان..
والهاوية المحتومة في نهاية الطريق!

* * *
وهي قصة كل جريمة من جرائم الأخلاق..
قصة الكذب والخداع والنفاق والغش والتدليس.
قصة الغيبة والنميمة ونهش الأعراض وكشف العورات.
قصة الرشوة والظلم والفساد.
قصة القعود عن نصرة الحق والجهاد في سبيله.
قصة الترف والسرف والفجور والمجون.
وهي على الأخص قصة " التقاليد فيما يختص بالرجل والمرأة والاختلاط والجريمة...
يبدأ المجتمع " نظيفاً " متحفظاً لا يسمح بالاختلاط ولا يتهاون في الجريمة.
ولا نقصد " بالنظافة " أنه مجتمع من الملائكة الأطهار قد خلا من الجريمة. فهذا شيء لم يحدث في التاريخ!
ولكنا نقصدها بمثل المعنى الذي يستخدم في الشئون الصحية. فحين تقول الهيئات الطبية إن المدينة " نظيفة " تقصد أنها نظيفة من الأوبئة الخطرة، ولا تقصد أنها خالية من حالات فردية من هذه الأمراض.
في هذا المجتمع النظيف توجد حالات فردية غير نظيفة. ولكنها قليلة ومستترة وعدواها محدودة. وذلك نتيجة الحرص الدائم الذي يبذله المجتمع في عملية التنظيف.
ولكنه في وقت من الأوقات يتراخى...
عندئذ يأخذ الوباء في الانتشار التدريجي البطيء.
وفي حالة الأوبئة الجسمية ينتشر المرض بسرعة وبطريقة ملموسة مميتة.
ومن هنا يهب الناس للوقاية والكفاح في أسرع وقت ويتساندون ويتكاتفون لوقف الوباء.
ولكن الأوبئة النفسية ذات طبيعة أخرى.
فالنفس بطبيعتها استجابة من الجسم. والمناعة النفسية اللاشعورية - حين توجد - تستطيع أن تقاوم المرض أو على الأقل تخفف حدته القاتلة مدى أجيال.
ولذلك فالفساد الخلقي بطيء المفعول جداً. وقد تمر أجيال كاملة على مجتمع منحل الأخلاق قبل أن ينهار. بل إن الانحلال قد يستشري في جيل من الأجيال الأخيرة إلى حد يعييك فيه البحث عن جماعة واحدة فاضلة. ومع ذلك فقد لا تقع الكارثة في هذا الجيل بالذات. ومن ثم يغرى الناس بالظن أن كل النذر خرافة، وأنهم مستمتعون بكل ما يشتهون، ثم ناجون مما كانوا يحذرون!
ولكن سنة الله في النهاية تتحقق! لم تتخلف مرة واحدة في التاريخ!
لم يحدث أن استمتع الناس بشهواتهم الزائدة إلى غير حد، ثم استمروا إلى الأبد أقوياء متماسكين قادرين على الحياة!
وهذه صفحة التاريخ مفتوحة لمن يريد.
صفحة اليونان القديمة وروما القديمة وفارس القديمة، والعالم الإسلامي حين غرق في الشهوات، ثم صفحة الغرب في جاهليته المعاصرة.
تبدأ الجريمة بسيطة خفيفة لطيفة..
اختلاط بريء تحت لإشراف الآباء أو غيرهم من المشرفين..
ونزهات لطيفة أو نواد ظريفة، ولا بأس فيها من إتاحة شيء من الخلوة " البريئة " بين شاب وفتاة.
وما الذي يمكن أن يحدث في خلوة كهذه بريئة وعين الرقيب على بعد خطوات.. أو حجرات؟!
ابتسامة من هنا وكلمة إعجاب من هناك؟
وضمة خاطفة في غفلة من الرقيب؟ وقبلة طائرة تطفئ الغلة أو تشعل اللهيب؟
" يا سيدي "!
ثم يحدث ما يحدث في الخمر..
الإدمان..
الكأس الأولى تصبح بعد حين تافهة ضئيلة المفعول. لا بد من كأس ثانية.
والقبلة الأولى تغري دائماً بالمزيد، لا يمكن أن تتوقف، ليس ذلك من طبائع الأشياء.
ولكن الجيل الأول مع ذلك لا يسرف في الجريمة، ولا يصل إلى الإدمان المجنون.
هنالك الشخص الواقف في داخل النفس بالمرصاد، ومعه العصا ينذر ويحذر ويهدد بعظائم الأمور. وهنالك التقاليد التي تربط المجتمع ولا يسهل الخروج عليها دفعة واحدة. ومن ثم لا تحدث الجريمة كاملة في أول جيل، وإنما " يتبحبح " الناس قليلاً ويفكون القيود.
ويمضي المجتمع في طريقه منتشياً لا يحس بالخطر، ولا خطر - حتى الآن - هناك.
ويظن المجتمع - نظرياً - أنه قادر على ذلك إلى غير نهاية. قادر على أن يفك القيود ومع ذلك لا يقع في الجريمة أو لا يصل إلى الإسراف المعيب.
وهو مخلص في عقيدته تلك الضالة لأنه يقيس على نفسه ويغفل حقيقة الأمور.
يغفل الضوابط الخفية التي أنشأها في أعماق نفسه الجيل السابق المتحفظ. والتي لن يخلفها هو للجيل المقبل لأنه غير مؤمن بها، يظنها تشدداً بلا ضرورة ولا لزوم!
ينسى الرجل أنه قد رأى أمه متحفظة لا تختلط بالرجال، ورآها مكتسية لا يتعرى من جسمها شيء، ومن ثم تقاومه هذه الصورة على غير وعي منه وهو يدعو فتاة غريبة إلى الاختلاط به، ويدعوها إلى تعرية نفسها أو جسدها ليستمتع به.
نعم تقاومه حتى وهو مندفع الشهوة، فلا يسرف، ولا يتبجح بالإثم.
والفتاة التي رأت أمها متحشمة وزرعت في نفسها النفور من العري - النفسي والجسدي - تتحفظ كذلك - بوعي منها و بغير وعي - حتى وهي تهم بالانزلاق، فلا تسرف ولا تتبجح بالإثم.
ثم يتراجع هذا الجيل..
ويجيء جيل جديد تربية الأم التي ذاقت في شبابها " متعة " التحلل البسيط من القيود، والأب كذلك.
الأم والأب اللذان ذاقا شيئاً من المتعة ولم يسقطا السقوط الكامل - والأم خاصة - لن ينظرا إلى التقاليد " المتزمتة " بعين الاحترام.
علام التشدد؟ ألم ينفلتا هما من هذا التشدد ولم يحدث شيء؟ " فليتبحبح " الأولاد " قليلاً " ولا ضير!
ومن ثم ينشأ الجيل الجديد وقد ضعف الشخص الواقف في داخل النفس بالمرصاد، ولانت العصا فلم تعد تترك أثراً في الضمير، وتفككت التقاليد فلم تعد تمنع المحظور.
ويتراجع هذا الجيل..
ويأتي جيل يرى أمة قد تعرت، من شيء من الثياب وشيء مماثل من الفضيلة (والجسم والنفس صنوان في هذه الأمور!)
الولد الذي يرى أمه عارية لا تثور في نفسه نخوة الرجولة والحرص على الأعراض، فقد زالت في نفسه حرمة الجسد، وصار نهباً يباح للعيون، وبعد ذلك لما هو أكثر من العيون.
والبنت التي ترى أمها عارية لا تؤمن بالقيد.
ويلتقي هؤلاء الأولاد والبنات، يلتقون على شهوة الجسد الفائرة، ويلتقون بلا ضابط ولا حدود، وتتم الدورة المحتومة، والهاوية في آخر الطريق.

* * *
والبشرية - حين تترك وشأنها - قليلاً ما تتذكر، وقليلاً ما تتدبر عبرة التاريخ!
كل جيل يدفعه الغرور من ناحية، والنشوة الفائرة من ناحية أخرى، فيظن أن تجربته جديدة لم تمر على أحد من قبل، وأنه ليس مقيداً بسنة التاريخ.
ما أسهل ما يقول لنفسه: إن الأمة الفلانية قد انهارت لكذا، أو الشخص الفلاني قد تحطم لكيت. أما أنا فلن أقع في غلطته ولن يحدث لي ما حدث هناك. لن يفلت مني الزمام. لن أدع شيئاً يغلبني. سأصحو قبل أن أبلغ الهاوية. أنا شيء آخر غير الناس من قبل.
ويجيء " العلم " في القرن العشرين فينفخ في الناس نفخة كاذبة. يخيِّل لهم أنهم خلق غير ما مر من الأجيال في التاريخ كله. خلق لا تنطبق عليه سنة ولا يخضع لسابقة. إنه عصر الذرة وعصر الصاروخ. عصر يكتب تاريخه بنفسه، ينشئه على مزاجه، يخلق جديداً كل يوم ؛ يفتح آفاقاً لم تتفتح من قبل ؛ " يقهر " الطبيعة ويسخرها بعد أن كانت هي التي تقهره وتسيره مرغماً في طريق لم يختره لنفسه ولا يد له في تكييفه!
كذلك ينفخ " العلم " في نفوس الناس. أو ينفخ فيهم شيطان الغرور:
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) [79].
ولقد أضل الشيطان هذا الجيل من البشرية كما لم يضل أحداً من البشر، لأنه أعرض بجانبه ونأى عن الله. وقال: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ)! (ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [80].
وهذا الجيل من البشرية يخيل له أن ناج من سنة الله التي خلت من قبل. وناج من حتمية النتائج حين توجد الأسباب. وناج من الهاوية التي تفغر فاها في نهاية الطريق!
هذا وهو يرى بعينيه أن العالم كله مهدد بالدمار والخراب الرهيب!
أي غفلة تصيب الناس حين ينأون عن طريق الله وحين يغترون ويستكبرون؟!
(.. قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ) [81].

* * *
نعم. حين تترك البشرية وشأنها فقليلاً ما تتذكر، وقليلاً ما تتدبر عبرة التاريخ.
إنهم لا يرون - ولا يريدون أن يصدقوا - أن هذا الطوفان الهائل من الفساد قد بدأ من نقطة الصفر! من النقطة التي ينفرج فيها ذراعا الزاوية، فرجة بسيطة للغاية في مبدإ الأمر، ثم تتسع الشقة كلما مضى الزمن وتتابعت الأجيال.
لا يرون - ولا يريدون أن يصدقوا - أن الكأس الأولى تتبعها الثانية. والقبلة الأولى تفتح الطريق للجريمة.
لا يرون - ولا يريدون أن يصدقوا - أن البشرية لم تقف يوماً عند القليل الذي لا يضر، ما دامت تبيحه على أنه أمر واقع، وأنه لا يضر! وإنما تجاوزته حتماً إلى الكثير الذي يغرق كالطوفان.
لا يرون - ولا يريدون أن يصدقوا - أن المجتمع - وهو النهر الذي يشرب منه الجميع - لا يمكن أن يظل بمنأى عن التلوث بينما الأقذار تلقى على الدوام فيه، ولا يمكن أن يظل الشاربون على سلامتهم وهم يشربون الأقذار.
ولكن الإسلام يصدق هذا لأنه يراه.
الإسلام كلمة الله في الأرض. والله هو الذي خلق الخلق وهو أدرى بما فطرهم عليه:
(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [82].
وقد حرص الإسلام حرصاً شديداً على هذا الأمر، لأنه يرى - بالعين البصيرة النافذة - تسلسل البشرية وتعاقب الأجيال وتماثل النتيجة عند تماثل الأسباب.
يرى الزاوية التي تبدأ من نقطة الصفر. ثم تبعد الشقة بين ذراعيها بُعْدَ ما بين الأبيض والأسود، والحلال والحرام.
يرى الكأس الأولى تتبعها الثانية، والقبلة الأولى تؤدي إلى الجريمة. ومن ثم يقف في يقظة دائمة لكل كأس عابرة وكل قبلة حرام. ولا يقبل في ذلك حجج المستهترين كلهم وما يتمسحون به من التعللات.
لا يقبل قول الذي يقول: اسمح لي بهذه واطمئن أنني لن أسرف فيها، ولن أتجاوزها إلى جديد!
لا يقبله لأنه ليس له رصيد من الواقع، وكله أوهام!
وقد كان الرسول  ، وهو الذي يشرح بأعماله وأقواله الصورة المفصلة للإسلام، ويجلوها في عالم الواقع.. كان الرسول على ذكر دائم وبصيرة كاملة بهذا التسلسل الذي يربط أجيال البشرية، والوحدة التي تشملها أفراداً وجماعات، وأجيالاً إثر أجيال.
كان على بصيرة من انتقال العدوى من شخص إلى شخص ومن جيل إلى جيل. بل بانتقال العدوى في النفس الواحدة من فكرة إلى فكرة ومن شعور إلى شعور!
وكان الدائم التنبيه لهذا الأمر:
" الحلال بيّن، والحرام بيّن. وبينهما أمور متشابهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه، ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه! " [83].
" إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض " [84].
من أجل ذلك قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام.
وأخذ عنه المسلمون هذه القاعدة التشريعية الشاملة فقال فقهاؤهم إن وسيلة المحرم محرمة لأنها تؤدي إليه. فالفاحشة حرام، والنظرة إلى الأجنبية حرام لأنها تؤدي إلى الفاحشة.
وسرت هذه القاعدة في كل التشريع.. وسرت كذلك إلى صميم المجتمع. فكان كل فرد دائم اليقظة إلى الناس يحذر أن توجد الكأس الأولى التي تؤدي إلى الطوفان. " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك "!

* * *
والإسلام يعلم أنه مهما صنع فلن يبطل الجريمة ولن يلغي الفاحشة من البشرية!
نعم. يعلم ذلك على اليقين. ولا يدفن رأسه كالنعامة في الرمل ويقول: ما دمت لا أراه فهو غير موجود!
ولكنه - مع ذلك - لا يعترف بالجريمة كأمر واقع، ولا يقبلها على هذا الوضع!
موقف بالضبط كموقف الطبيب المشرف على وقاية الناس من الأمراض.
إنه يعلم أنه مهما صنع فلن يمنع المرض من الوجود، ولن يصبح الناس كلهم محصنين!
ومع ذلك فلا ينهزم أمام المرض ولا يتركه يتفشى فيتحول إلى وباء.
مهمته الدائمة هي العراك مع الأمراض.
ويعلم علم اليقين أنه ستظل هناك حالات فردية لا تنفع فيها الوقاية، وقد لا ينفع كذلك العلاج.
ولكنه يصر على المقاومة، ولا يلجأ إلى الهزيمة، ويقول - وهو صادق - إن المدينة " نظيفة " ما دامت خالية من الوباء.
وكذلك يصنع الإسلام في وقاية البشرية.
يقف لكل جريمة مفردة ليحاول منعها من الانتشار، ولا يستهين بها مهما تكن من الضآلة في مبدإ الأمر. فجرثومة الكوليرا الواحدة المفردة تقتل في النهاية مئات الألوف ومئات الملايين. وجرثومة الفساد الواحدة تقتل شعباً بأكمله.
وهو يقف للجريمة بكل وسائل الوقوف.
يقف لها داخل الضمير. فالمناعة تنبت من داخل النفس.
ينظف هذا الضمير ويهذبه ويربطه بالله: " تعبد الله كأنك تراه ".
ويقف لها في المجتمع بإقامة التقاليد التي تجعل الفضيلة عادة وتجعل الجريمة منكرة مرهوبة.
ثم يقف لها بالتشريع الذي يعاقب على الجريمة.
وحين تقع الجريمة في هذا الجو، فهي كحالة المرض المفردة التي قد لا تنفع فيها الوقاية ولا ينفع فيها العلاج. ولكن الوقاية والعلاج يفلحان في منع انتشارها وتحولها في النهاية إلى وباء.
وقد أمر الله بمنع الفاحشة ووضع لذلك الحدود.
ثم جاء الرسول  يضع - الشرح المفصل للحدود حين قال: " ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
ولم يكن  متشدداً، متزمتاً بلا ضرورة.
إنما كانت الحكمة الخالصة التي فتح لها قلبَه اللطيف الخبير.



ادرءوا الحدود بالشبهات

" ادرءوا الحدود بالشبهات " [85].
" ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فمن كان له ملجأ فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة " [86].

* * *
" الشك يفسر في صالح المتهم ".
تلك هي القمة الإنسانية التي بلغتها أوربا بعد الإسلام بأكثر من ألف عام!
ومع ذلك فهي لم تصل إليها في سهولة ويسر، ولم تصدر فيها عن مشاعر إنسانية خالصة، تحس بقيمة " الإنسان " في ذاته، وتقدر حرمته وكرامته وحقوقه، وتعطف عليه حتى وهو يخطئ في حق الجماعة، ويهبط عن المستوى اللائق بالإنسان.. وإنما جاء ذلك بعد صراع مستمر عنيف، جرت فيه أنهار من الدماء وطاحت فيه كثير من الرءوس!
كان الوضع الذي استقر في أوربا فترة طويلة من الزمان، يقسم الناس إلى سادة في جانب وعبيد في جانب. سادة من " الأشراف " يجري في عروقهم دم مقدس! من لون غير دماء البشر العاديين! سادة هم الذين يملكون ويحكمون ويشرعون. وعبيد لا يملكون شييئاً، ولا يشرعون شيئاً، وكا ما لهم هو الذل والهوان المقيم.
وحتى القانون الروماني المشهور بعدالته " المثالية! " والذي يعتبر الأصل الذي تستمد منه القوانين الأوربية الحديثة في كثير من المسائل، حتى هذا كان قانوناً " للرومان فقط "! الذين يملكون حقوق المواطن الروماني. وقليل ما هم! أما بقية الشعب في إيطاليا نفسها، ودع عنك المستعمرات والملحقات والبلاد المغلوبة، فلم تكن تستمتع بهذا العدل الروماني، ولم تكن لها حصانة من العسف والاضطهاد. والفرق الهائل بين عدد الأحرار وعدد العبيد يرينا إلى أي حد كانت القلة القليلة تستمتع على حساب الكثرة المغلوبة. فقد كان الأحرار في روما سنة 204 ق. م. 214 ألفاً، وكان العبيد 20 مليوناً من البشر في إيطاليا، غير بقية المستعمرات!
ووجدت في بقاع الأرض - في أوربا وفارس والهند وسواها - قوانين صريحة تفرق بين الشريف والعبد في طريقة المعاملة أمام القضاء. وتنص على اختلاف العقوبة على العمل الواحد. فالعبد السراق يقتل، والشريف السارق يكتفي برد ما لديه! والمعتدي على الشريف - إن كان شريفاً مثله - فالعين بالعين والسن بالسن. أما المعتدي على العبد فجزاؤه الغرامة! والغرامة لا تؤدى إليه إنما تؤدى للسيد الذي يملك العبد، تعويضاً له عن " إتلاف " بعض ممتلكاته! أما السيد ذاته فله على عبده حق القتل والإبادة والتعذيب! وحتى حين كانت القوانين تخجل من هذه الصراحة فالتطبيق كان يأخذ نفس الروح: فالشريف لا يؤخذ بالظنة، ولا يحاكم إلا حين تثبت عليه التهمة، ويحكم عليه بأخف العقاب. والعبد - أي الشعب.. يسام التنكيل لأقل شبهة، ويعذب بوحشية ليعترف، ثم يوقع عليه العقاب البشع الذي لا يتناسب مع الجرم ولا يتناسب مع " الإنسانية "!
ولكن استمرار الحال على هذه الصورة البشعة لم يكن من المستطاع، فلا بد أن يثور العبيد لكرامتهم مهما طال عليهم الأمد وطال منهم السكوت..
وقامت الثورات بالفعل مزلزلة مدمرة وأطاحت بالرءوس.. رءوس الملوك والملكات والأشراف والنبلاء.. وتقررت - نظريا على الأقل - بعض حقوق الإنسان. تقررت له حرماته وحقوقه وضماناته. وكان من هذه الضمانات: ضمانة الحياة فلا يموت جوعاً. وضمانة الحياة فلا يعتدى عليه بغير الحق. وضمانة العيش فلا يموت جوعاً. وضمانة الحريات: حرية القول والاجتماع والسفر واختيار العمل. وضمانة العدالة في القضاء فلا يؤخذ المتهم بالشبهة، ولا يؤثر عليه في التحقيق بالوعيد ولا بالوعد.. ويفسر الشك في صالح المتهم، فلا يحكم عليه بالعقوبة الكاملة إلا حين تثبت التهمة بالدليل القاطع الذي لا شبهة فيه.
ثم كانت الثورة الصناعية في انجلترا، وتلتها الحركة الرأسمالية في بلاد أوربا..
وللشيوعية رأي في الرأسمالية: أنها استعباد من رءوس الأموال للكادحين، وامتصاص لجهدهم الذي يبذلون فيه العرق والدماء والدموع ليتحول إلى ثراء فاجر في يد الرأسماليين العتاة..
وإنها لكذلك..
ولكن التاريخ قد وعى - رغم ذلك - حركة هائلة من التحرر في فترة الرأسمالية، نقلت الشعب من مقاع العبودية المطلقة والهوان الكامل، إلى وضع أقل ما يقال عنه إنه يحمل من الضمانات السياسية والاجتماعية والقانونية ما يعترف بكرامة الفرد ويرد اعتباره إليه..
إنه يحمل من الضمانات السياسية والاجتماعية والقانونية ما يعترف بكرامة الفرد ويرد اعتباره إليه..
ولم يكن ذلك تفضلاً من " السادة " الحكام والملاك والمشرعين. ولا كان إحساساً منهم بالخير الفياض في نفوسهم، والتقدير " الحر " لكرامة الإنسان كان صراعاً طويلاً عنيفاً اصطدمت فيه القوى من الجانبين كما حدث من قبل في صراع العبيد ضد الإقطاع.. وإن كانت لم تصحبه الثورات الدموية من الشعوب ضد الحكام، لأن الثورة الفرنسية كانت قد قررت لهم المبادئ ولم يبق سوى التنفيذ، ولأن العمال كانوا يملكون السلاح الذي يواجهون به الرأسمالية وهو سلاح الإضراب!

* * *
كلا! لم تصل أوربا إلى العدالة عن تقدير صادق للكرامة الإنسانية، وشعور صادق بقيمة الإنسان! وإنما كانت خطوة خطوة يتراجعها السادة الحاكمون ليكسبها الشعب الحاقد الغضبان!
وحتى في العصر الحديث حين استقرت الأمور - بعض الشيء - وزال عنها شيء من شعور الحقد، وأصبحت العدالة من أمور الحياة العادية البديهية المقررة.. وصار القبض على شخص واحد في إنجلترا مثلاً بدون تهمة، أو اعتقاله يوماً بدون تحقيق، يثير البلاد كلها، ويقيمها ويقعدها، وتستجوب عنه الحكومة أمام الشعب.. حتى عندئذ لم يصطبغ القانون الأوربي أو الغربي عامة بالصبغة " الإنسانية ". فما تزال فيه السمة الرومانية البغيضة التي كانت تقصر العدالة من قبل على المواطن الروماني، وهي اليوم تقصرها على الرجل الأبيض، الذي يستمتع وحده بالحقوق الإنسانية ويحرم منها بقية بني الإنسان. والشواهد البشعة على ذلك في كل مكان على ظهر الأرض وطئه الرجل الأبيض وما زال مسيطراً عليه، في أفريقيا وآسيا وأمريكا.. وبين البيض والملونين في كل مكان!
أما الإسلام فلم يكن في حاجة إلى الثورة المزلزلة التي تهرق الدماء وتقطع الرءوس!
بل لم يكن في حاجة إلى مجرد المطالبة بالحقوق!
بل لقد كان هو الذي يمنح الناس الكرامة الإنسانية، ويحرضهم على التشبث بها، والمحافظة عليها، والكفاح من أجلها في وجوه الطغاة والظالمين!
يمنحها متفضلاً.. ككل حق منحه للناس قبل أن يطلبوه، ورباهم على اعتناقه في ظل العقيدة، كجزء من العقيدة، وطالبهم بإقامته - في ظل العقيدة - كفرض من الفروض!
ولا عجب في ذلك. فالإسلام كلمة الله. والله هو المانح، والمتفضل على البشر بكل نعمة من نعم الحياة!
وقد قضى الله أن يكون الحق والعدل قوام الحياة...
الحق الذي هو صنعة الله. والذي خلق الله به السماوات والأرض: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) [87] (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ) [88] (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [89]. الحق الذي هو صفة كل شيء صدر عن إرادة الله، والذي ينبغي للبشر خلفائه في الأرض - أن يحكموا به كذلك: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) [90] (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [91]. (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [92] (فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) [93].
وقد اقتضى الحق والعدل أن يتساوى الناس كلهم أمام القانون، لأن الناس كلهم متساوون في صدورهم عن إرادة الله، وصدورهم عن نفس واحدة خلقها الله، ومتساوون أخيراً في مصيرهم إلى الله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) [94] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [95] (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ) [96] " أنتم بنو آدم. وآدم من تراب " [97].
من هذه المساواة المطلقة في المنشإ والمصير قامت المساواة كاملة في الإسلام أمام الشريعة. لا فرق بين سيد وعبد، ولا بين شريف وحقير.
يقول الرسول الكريم: " إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. [98] فيضع بذلك حداً للمظالم التي كانت قائمة في الأرض - والتي ظلت قائمة في غير الإسلام - بعد ذلك بألف عام! ويضع حداً للخرافة البغيضة التي تفرق بين الناس في الخلقة، وتفرق بينهم بعد ذلك في الحقوق. ولم يكن ذلك القول خطبة حماسية جميلة لاسترضاء الشعوب، ولا مبدأ مثالياً جميلاً معلقاً في الفضاء. وإنما كان حقيقة واقعة شهدها التطبيق العملي في حياة المسلمين. فقد كان الرسول  يقيد من نفسه، أي يدعو الناس للقصاص منه إذا كان أحدهم يظن أنه قد ظلمه أو اعتدى عليه!! وكان عمر يجلد ابن عمر لأنه شرب الخمر، وهو ابنه وهو شريف من قريش!
أما العبيد الأرقاء بالفعل، فقد عمل الإسلام على تحريرهم، وسلك إلى ذلك مسالك شتى. وإن كانت قد بقيت منه بقية في نطاق ضيق فذلك لأن الأمر كان يرتبط ارتباطاً أساسياً بأسرى الحرب، والمعاملة فيهم بالمثل، وكان الرق هو مصير أسرى الحرب في معظم الأحوال [99].
ولكن المهم - ونحن بصدد التطبيق القانوني - أن الإسلام - وهو يعترف بالرق كضرورة مؤقتة يعمل دائماً على الخلاص منها - لم يبح " للسادة " أن يميزوا أنفسهم على عبيدهم، ولم يبح لهم التصرف " الحر " في هؤلاء العبيد:
" من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه، ومن أخصى عبده أخصيناه " [100].
ولم يكن ذلك أيضاً كلمة تقال في الهواء، ولا مبداً مثالياً معلقاً في الفضاء. وإنما كان حقيقة واقعة شهدها التطبيق العملي في حياة المسلمين. فقد أمر الرسول  بالقصاص من رجل جبّ عبده. وقصة عمر مع الشريف الذي لطم عبداً لأنه داس عفواً على ذيله أثناء الطواف في الحج معروفة، فقد أصر عمر على القصاص.. على أن يلطم العبد ذلك الشريف.. وظل الشريف يرجو ويشفع وعمر يصر.. حتى فر الرجل أخيراً وارتد عن الإسلام!
أما البلاد المفتوحة، فقصة القبطي الذي جاء يشكو ابن عمرو بن العاص لأنه ضرب ابنه بغير حق، فأمر عمر بأن يضرب القبطي ابنَ عمرو ويقتص منه.. هذه القصة وحدها تحمل الدليل!

* * *
تلك أولى مراحل العدالة في الإسلام! المساواة بين الناس كلهم أمام الشريعة..
ولكنها درحة واحدة وبعدها درجات..
فالإسلام لا يكتفي بأن تكون المعاملة للجميع واحدة.. ولكنه يعطي إلى جانب ذلك شريعة هي في ذاتها عادلة فلا يظلم ولا يحيف. فالشرع لا يعرف قول القائلين: المساواة في الظلم عدل! وإنما هو العدل، والمساواة في العدل!
وليس هنا مجال التفصيل في عدالة الشرع الإسلامي.. فقد عرضنا ذلك التفصيل في فصل " الجريمة والعقاب " في كتاب " الإنسان بين المادية والإسلام " ولكنا نقول هنا - بغاية ما نستطيع من إيجاز - إن الشرع الإسلامي يبلغ قمة العدالة حين ينظر إلى الفرد والمجتمع في آن واحد، ليتأكد من أن كلاً منهما يأخذ حظه من الحقوق، ويؤدي نصيبه من الواجبات. وأن أيا منهما لا يظلم لحساب الآخر، أو يفتات على أخيه.
فبينما كانت القوانين في الدول القديمة - وما زالت في الدول الجماعية في الوقت الحاضر - تشتط في عقاب المجرم، لأنه وهو فرد ضائع لا كيان له، يعتدي على الكيان المقدس، كيان الجماعة ؛ ويُتخذ ذلك ستاراً للتنكيل بكل فرد تحدثه نفسه بالخروج على السادة ذوي القداسة والسلطان..
وبينما تبالغ الدول الغربية الرأسمالية في إباحة الحرية للفرد، على أساس أنه هو الكائن المقدس ولا قداسة للجماعة ولا كيان، وينشأ من ذلك تخفيف العقوبة على المجرم وتلمس الأعذار له.. نجد الإسلام يمسك الميزان من منتصفه، فلا يميل في جانب الفرد ولا جانب الجماعة، لأنه لا يراهما فرداً وجماعة منفصلين، ولا يعتبرهما معسكرين متقابلين تقوم بينهما العداوة والبغضاء، ويرغب كل منهما في تحطيم الآخر والقضاء عليه.. بل ينظر إلى الفرد والجماعة على أنهما كلٌّ متجاوب موحد الغاية متعاون في الأداء.. فإذا شذ فإنه يُقوَّمُ لكي يرد إلى السبيل ؛ وسواء جاء الشذوذ من الفرد بمفرده أو جاء من الجماعة.. فكلاهما مخطئ وكلاهما ينبغي أن يرد إلى الصواب!
وهو إذ ينظر مرة بعين الجماعة، فيرى حقها في الطمأنينة على نفسها، والمحافظة على حقوقها، فيمنع العدوان عليها، ويعاقب المعتدين.. فإنه ينظر في ذات الوقت إلى الفرد، فيرى دوافعه إلى الجريمة، سواء كانت منبعثة من داخل النفس، من نزوة الغريزة، ودفعة الشهوات، أو من الظروف الخارجية، الاجتماعية والاقتصادية، فيقدر هذه الدوافع، وينظر إليها بعين الاعتبار.. ويعمل على إزالتها بكل طريقة ممكنة قبل أن يوقع العقوبة: بالتشريع الذي يكفل الضرورات مرة، والتشريع الذي يصون الحرمات مرة، والتربية التي تهذب النفس وتنظف مساربها، وتجعل روح الحب والتعاون والتكافل هي الروح السائدة في الجماعة.. أولاً وأخيراً بالعقيدة التي تربط القلب بالله، وتوجهه لخشيته والعمل على رضاه.. فإذا عجز ولي الأمر عن إزالة الدوافع لأي سبب من الأسباب، أو ساورته في ذلك شبهة، فعند ذلك يدرأ الحدود بالشبهات!!
أي عدالة يمكن أن تبلغ هذه العدالة؟!
" روي أن غلماناً لابن حاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فأتى بهم عمر، فأقروا، فأمر كثير بن الصلت بقطع أيديهم، فلما ولى رده. ثم قال: أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه لحل له، لقطعت أيديهم. ثم وجه القول لابن حاطب بن أبي بلتعة فقال: وايمن والله إذ لم أفعل ذلك لأغرمنك غرامة توجعك! ثم قال: يا مزني، بكم أريدت منك ناقتك؟ قال: بأربعمائة. قال عمر لابن حاطب: اذهب فأعطه ثمانمائة "!
فهذه حادثة واضحة الدلالة على أن " المجرم " لا يؤخذ بذنبه حتى ينظر الحاكم أولاً في دوافع الجريمة، فيزنها بميزان الحق والعدل، ويبحث عن المسئول الحقيقي فيها، فيوقع العقوبة عليه. وقد كان المسئول في هذا الحادث هو " السيد " الذي يمثل الملاك! بينما أعفى " المجرم " من العقاب، لأنه اعتبره واقعاً تحت ضغط الضرورة التي تغلب الإنسان على نفسه وتدفعه إلى الانحراف. وهي كذلك تطبيق عملي لحديث الرسول  : ادرءوا الحدود بالشبهات.
وإن الدول " الحرة " التي تعطف اليوم على المجرم، وتتلمس له المعاذير، وتخف عنه العقوبة أو ترفعها عنه - بعد أن كانت تشتد عليه وتقسو - هذه الدول تصنع ذلك بروح أخرى غير روح الإسلام! فعلم النفس التحليلي، وغيره من الدراسات النفسية والاجتماعية، يبرر الجريمة اليوم على أساس سلبية الإنسان إزاء الدوافع الداخلية أو الخارجية، وانعدام " الإرادة " التي تقوم عليها " المسئولية ". ولكن الإسلام لا يهبط إلى هذا المستوى في نظرته إلى الإنسان. إنه لا يلغي كيانه الإيجابي الفاعل المريد. ولا يسقط عنه مسئوليته كإنسان. وإنما هو - مع ذلك - يعطف عليه في لحظة الضعف، ويدرأ عنه الحدود بالشبهات.. فهو في الواقع عطف مضاعف - بالنسبة للمستوى الرفيع الذي يطالب به الإنسان - وهو عطف أكرم ولا شك من ذلك الذي تمارسه الدول " الحرة " على كائن لا إرادة له في نظرها ولا كيان!
أما الدول الجماعية التي تكفل للناس حاجاتهم، وتجعل الدولة مسئولة عنها، وتغني الناس - فيما تقول - عن الجريمة، فإنها تأخذ ثمن ذلك دكتاتورية بشعة، وتحكماً في كل صغيرة وكبيرة، واستعباداً للدولة. بينما كان عمر - الذي طبق هذا المبدأ، مبدأ مسئولية الجماعة ومسئولية الدولة عن حاجة الأفراد [101] - هو الذي يقول: " إن أحسنت فأعينوني، وإن وجدتم في اعوجاجاً لقومناه بحد السيف! " فلا يغضب، بل يقول في هدوء وطمأنينة:
" الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من يقومه بحد سيفه! ".

* * *
الشريعة عادلة في ذاتها، ومطبقة بالمساواة على الجميع.
ولكن هذا وذاك لا يستنفدان كل معاني العدالة في شريعة الإسلام.
ما زالت هناك " الضمانات " المختلفة للفرد الذي يوجه له الاتهام: ضمانة الصدق في الاتهام ذاته. وضمانة حسن التحري. وضمانة التحقيق وضمانة التنفيذ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [102].
فهذه الضمانة الأولى.. لا يؤخذ أحد بالظنة. ولا بد أن يوزن الاتهام ذاته ليرى مبلغه من الصدق ومبلغه من الجد، فللناس حرماتهم المصونة وكراماتهم التي لا يجوز أن تمس.. إلا بالحق.
(وَلا تَجَسَّسُوا) [103]
فهذه هي الضمانة الثانية.. لا تكون الجاسوسية من وسائل الإثبات!
وقد روي أن عمر مر ببيت رابته منه أصوات.. فتسور الجدار فوجد قوماً يشربون ويغنون فأراد أن يعاقبهم.. فقام له صاحب االدار فقال عمر: وما ذاك؟ قال: إن الله تعالى يقول: (وَلا تَجَسَّسُوا) وأنت تجسست علينا. ويقول: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) وأنت تسورت علينا! فلم يجد عمر أمامه إلا أن يستتيبه!
ثم ضمانات التحقيق.. وهنا يرتفع الإسلام إلى القمة التي لم تبلغها الإنسانية في غير الإسلام إلا منذ فترة قريبة، وبدافع الصراع الدموي الطويل الذي فصلناه من قبل، لا بدافع الإنسانية الطليقة التي تكرم " الإنسان " حتى في لحظة الهبوط!
إن المحقق ليست مهمته الإيقاع بالمجرم وتضييق الخناق عليه في التحقيق! ولا يجوز له أن يستخدم وسيلة من وسائل الإرهاب تنتهي بالاعتراف.
جاء في سنن أبي داود (ج 4 ص 191): " حدثنا عبد الوهاب بن بجدة.. أن قوماً من الكلاعيين سرق لهم متاع. فاتهموا أناساً من الحاكة، فأتوا النعمان بن بشير صاحب النبي  فحبسهم أياماً ثم خلى سبيلهم. فأتوا النعمان فقالوا: خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان؟ فقال النعمان: ما شئتم! إن شئتم أن أضربهم.. فإن خرج متاعكم فذاك، وإلا أخذت من ظهوركم مثل ما أخذت من ظهورهم! فقالوا: هذا حكمك؟ فقال: هذا حكم الله وحكم رسوله  " [104].
أما الذي يعترف بنفسه.. فالقمة التي وصل إليها الإسلام بشأنه عجب عاجب في التاريخ!
" حدثنا موسى بن إسماعيل.. أن النبي  أُتِيَ بلص قد اعترف اعترافاً ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله  : " ما إخالك سرقت؟! " قال: بلى! فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، ثم أمر فأقيم عليه الحد " [105].
أما قصة ماعز بن مالك الذي اعترف على نفسه بالزنا فهي قصة مشهورة. فقد ظل يجيء إلى الرسول مرة بعد مرة يعترف لديه والرسول  يرده، حتى اعترف أربع مرات، فعاد الرسول يسأله ويستوضحه وينفي له التهمة أو يفتح له طريق الخلاص! فيقول له: " لعلك قبّلت، أو غمزت، أو نظرت ".
وماعز يصر ويقول لا! فقال له: " أزنيت؟ " قال: نعم! قال: " فهل تدري ما الزنا؟ " [106]. فما أقام عليه الحد حتى اطمأن اطمئناناً كاملاً أنه يصر على الاعتراف ولا يريد أن يدرأ عن نفسه العذاب!
فإذا كان هذا هو جو التحقيق فلا مجال بطبيعة الحال لشيء من الوسائل البشعة التي تتخذ في غير الإسلام.
أما التنفيذ بعد كل هذه الضمانات.. التنفيذ في مجرم تثبت عليه التهمة من غير إكراه، ووقعت عليه عقوبة في ذاتها عادلة، ووقعت لأنه لا شبهة في الجريمة تدفع عنه الحد.. التنفيذ بعد ذلك كله يحمل ضماناته!
حدثنا أبو كامل.. عن أبي هريرة عن النبي  قال: " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه " [107].
وقال  : " لا تعذبوا بعذاب الله " [108] (أي النار).
وقال  : " فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة " [109].
ولكن هذا ليس كل ما هناك...
لقد بلغنا العدالة ولم نبلغ بعد قمة الإسلام!
إن المجرم إذا وقعت عليه العقوبة بعد هذا الاحتياط كله.. المجرم الذي لا شبهة في جريمته.. المجرم الذي لا عذر له في ارتكابها.. وإنما هي نزوة من نزوات النفس الشريرة، ودفعة من دفعات الهبوط..
ذلك المجرم لم يخرج بعد من دائرة الإنسانية، بل لم يخرج من دائرة الجماعة الإسلامية! إنه لا ينبذ ولا يضطهد.. ولا يعيّر بجريمته.. ولا يذّكر بها.. ولا يحول شيء قط بينه وبين أن يعود إلى الجماعة - في لحظته - تائباً منيباً إلى الله، فيقبل فيها وتفتح له القلوب.
" حدثنا قتيبة بن سعيد.. عن أبي هريرة أن رسول الله  أتى برجل قد شرب، فقال: " اضربوه ". قال أبو هريرة، فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله! فقال رسول الله  : " لا تقولوا هكذا. لا تعينوا عليه الشيطان " [110].
وفي حادث السارق الذي مر ذكره، والذي أمر الرسول بإقامة الحد عليه، قال له الرسول: " استغفر الله وتب إليه " فقال: استغفر الله وأتوب إليه، فقال: " اللهم تب عليه اللهم تب عليه " ثلاث مرات[111].
نعم إن الإسلام لا يحب أن يفقد نفساً واحدة يمكن أن تتوب إلى الله وتهتدي إليه. إنه لا يصر على لحظة الضعف التي تصيب فرداً من البشر، ولا يُعنِتُهُ من أجلها. وإنما يفتح له بابه لكي يعود.. يعود إلى الله ويعود إلى الجماعة، فينطلق فيما هي منطلقة من الخير، ويأخذ لنفسه من ذلك الخير بنصيب. ولا تقف الجريمة العابرة حاجزاً في حياته، ولا تسمم أحاسيسه وأفكاره، ولا توصد أمامه الأبواب فيصبح مجرماً مصراً على الإجرام بعد أن كان مجرماً بغير قصد. وذلك معنى قول الرسول الكريم: " لا تعينوا عليه الشيطان ".
ومع ذلك فإن تكريم الرسول الكريم للبشرية.. " للإنسان " الذي خلقه الله في أحسن تقويم.. حتى وهو يرتد في لحظة لأسفل سافلين.. تكريمه له ما دام لا يصر على الإثم ولا يمرد عليه، ولا يقف عند الأحياء الذين يرجوهم للجماعة، ويستبقيهم لخير يمكن أن يصنعوه في الأرض، أو ليتقي شراًّ يمكن أن يصدر عنهم - أي لأهداف " عملية " واقعية! - وإنما يتجاوز ذلك إلى آفاق أخرى، رفافة شفيفة، نسيجها الرحمة الخالصة، والتكريم الخالص.. لوجه الله!
جاء في قصة ماعز بن مالك: ".. فأمر به فرجم، فسمع النبي  رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب. فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجليه، فقال: " أين فلان وفلان؟ " فقالا: نحن ذان يا رسول الله. قال: " انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار ". فقالا: يا نبي الله، من يأكل من هذا؟ قال: " فما نلتما من عرض أخيكما آنفاً أشد من أكلٍ منه. والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها ".
يا الله.. ويا نبي الله.
ألا إنها آفاق ما بعدها آفاق.. ألا إنه النور الذي يشع من هذا القلب الكوني الذي يتصل بالله، ثم يفيض بالرحمة والهدى على عباد الله..
وذلك كله قبل أن يقول قولته علم الاجتماع وعلم الاقتصاد، وعلم النفس التحليلي وعلم الجريمة، قبل أن يتفلسف المتفلسفون في هذا الميدان بأكثر من ألف عام.


سفينة المجتمع

" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعاً " [112].

* * *
صورة عجيبة تلك التي تتمثل في النفس من قراءة هذا الحديث.. صورة حية شاخصة موحية معبرة.
وإن هناك لجمالاً بديعاً في هذا التشبيه بالسفينة. فالحياة كلها هذه السفينة الماخرة في العباب، لا تكاد تسكن لحظة حتى تضطرب من جديد. ولن يكتب لها السلامة والاستواء فوق الموج المضطرب حتى يكون كل شخص فيها على حذر مما يفعل، ويقظة لما يريد.
والمجتمع كله هذه السفينة.. يركب على ظهرها البر والفاجر، والمتيقظ والغفلان، وهي تحملهم جميعاً لوجهتهم.. ولكنها - وهي محكومة بالموج المضطرب والرياح من جانب، وما يريده لها الربان من جانب - لتتأثر بكل حركة تقع فيها، فتهتز مرة ذات اليمين وتهتز مرة ذات الشمال، وقد تستقيم على الأفق أحياناً أو ترسب أحياناً إلى الأعماق..!
وإن كثيراً من الناس لينسى - في غمرته - هذه الحقيقة. ينسى سفينة المجتمع أو سفينة الحياة.
ينسى. فيخيل إليه أنه ثابت على البر، راكز راسخ لا يضطرب ولا يزول.
ومن أجل ذلك يفجر أو يطغى..
ولو تذكر من استكبر وطغى أنه ليس راكزاً على البر ؛ ليس دائماً في مكانه، ولا خالداً في سطوته، وإنما هي رحلة قصيرة على سفينة الحياة.. لو تذكر ذلك ما استكبر ولا طغى، ولا اغتر بقوته الزائلة عن الحقيقة الخالدة، ولعاد لمصدر القوة الحقيقية في هذا الكون، يستلهم منه الهدى، ويطلب منه الرشاد، ويسير على النهج الذي أمر به وارتضاه للناس.
ولو تذكر من يفجر وينحرف أنه ليس راكزاً على البر، وإنما هو منطلق على العباب.. وأن كل حركة يأتيها تتأثر بها السفينة فتهتز.. لو تذكر ذلك لما ترك نفسه لشهواته ولانحرافاته، ولعمل حساباً لكل خطوة يخطوها وكل حركة يتحركها حرصاً على نجاته هو ونجاة الآخرين..
ولكنها الغفلة السادرة التي تخيم على البشرية.. إلا من آمن واتقى وعرف ربه واهتدى إليه.
والرسول الكريم  يدرك هذه الغفلة التي ترين على قلوب الناس، فيحذرهم منها، ويصورها لهم في صور شتى، من أعجبها أبلغها هذه الصورة التي يرسمها هذا الحديث، صورة السفينة الماخرة في العباب..

* * *
حين قال الإقطاعيون لأنفسهم: نملك الأرض وكل من عليها عبيد..
وحين قال الرأسماليون لأنفسهم: نملك المصانع والعمال فيها عبيد..
وحين قال الأباطرة المقدسون: نملك الملك والرعايا عبيد..
وحين قال غيرهم وغيرهم من الظالمين مثل قولتهم، لم تكن غير نتيجة واحدة في كل مرة، غرقت السفينة المخروقة، وغرق من عليها من سادة ومن عبيد!
وانظر في ثورات الأرض المزلزلة التي أطارت الرءوس وأجرت الدماء، وانظر إلى الحروب المدمرة التي تأكل الأخضر واليابس وتسمم الحياة، لم تكن غير نهاية طبيعية للخرق المخروق في السفينة، تتدفق عن طريقه المياه..

* * *
ويقوم شاب مفتون ينجرف في تيار الشهوات، يقول: من يحرِّجُ عليّ فيما أصنع؟ أفعل ما بدا لي، وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس!
يتركونه يفسق ويفجر، وينشر الفاحشة في المجتمع.
يتركونه خوفاً وطمعاً إن كان من زمرة السادة الأثرياء. أو يتركونه استصغاراً لشأنه واستهتاراً بعواقب الأمور.
وقد يقول في نفسه يبرر فجوره: وهل يمكن أن أؤثر في المجتمع وأنا شخص واحد مفرد الكيان؟ هل أنا إلا قطرة في الخضم؟ فلتكن قطرة سم! فكيف تفسد الخضم؟! هل قبلة في الهواء، أو ضمة مختلسة في الظلام، أو ساعة ممتعة في خلوة، هل هذه يمكن أن تؤثر في المجتمع وتهدم الأخلاق؟!
وإنه لينسى.. والساكتون عليه ينسون..
إنه يتصور نفسه شخصاً واحداً في المجتمع - قطرة واحدة في الخضم - وينسى والناس ينسون أن كل واحد يقول ذلك وهو يلقى القطرة السامة في الخضم.. ولا بد أن تتجمع في النهاية السموم.
بل قد يتبجح الفتى زيادة فيحدث نفسه أو يحدث الناس: وهل أنا وحدي الذي سأصلح المجتمع الفاسد؟ لقد فسد وانتهى الأمر. فهب أنني امتنعت وحدي عن الجريمة واحتملت وحدي اضطراب النفس واحتراق الأعصاب.. فأي جدوى من ذلك وأي نتيجة؟ أحترق في النهاية وحدي ويستمتع الآخرون..!
وقد يكون ذلك حقاً!
ولكنه لم يكن كذلك حين فجر أول فاجر وتركه الناس! حين خرق أول مفتون مكانه في السفينة فلم يأخذوا على يديه. حين ظن أول خارج على المجتمع والأخلاق والتقاليد أنه لن يضر الناس شيئاً، وأنه يخرق مكانه وهو حر فيه..
وحين يصبح حقاً ما يقوله الفتى.. حين يكون المجتمع فاسداً إلى المدى الذي لا يصلحه امتناع فرد، ولا تؤثر فيه نظافة ضمير.. حين ذلك تصدق سنة الله وتصدق كلمة الرسول  .. ينهار المجتمع كله، وتغرق السفينة الطافحة بالمياه.

* * *
وتقوم فتاة مستهترة، تتقصع في مشيتها، وتتكسر في حديثها، وتعري ما يحلو لها من جسدها، وتتعرض للشباب تثير فتنة الجنس ونوازع الحيوان.. تقول: من يحرج عليَّ فيما أصنع؟ أفعل ما بدا لي، وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركها الناس!
وقد تقول لنفسها أو تقول للناس تبرر جريمتها: وأي شيء أصنع؟ هل أقتل نفسي كبتاً وأترهبن؟ أريد أن أنطلق. أريد أن أستمتع بالحياة. هذا حقي! كيف أناله؟ كيف أناله نظيفاً إذا أردت؟ أما ترون كل شيء حولي فسد واشتد به الفساد؟ فإن تطهرت فكيف أعيش؟ كيف أحصل على نصيبي المشروع من متعة القلب ومتعة الجسد ومتعة الحياة؟ وهل أنا التي أفسدت هؤلاء الشبان أم إنهم هم الفاسدون؟ إنهم حيوانات. إنهم ذئاب! إنهم هم يسعون إلى الصيد ويوقعون بكل غرة لا تعرف وسائل الذئاب. فلست بدعاً في المجتمع. ولن أصده أنا عن التيار!
وقد يكون في كلامها شيء من الحقيقة.
ولكنه لم يكن حقيقة يوم فجرت أول فتاة فتركها الناس. حين خرجت أول فتاة مستهترة عابثة تحطم التقاليد وتهزأ بالأخلاق.. يوم خرقت مكانها في السفينة وقالت هو مكاني ولن يضر غيري من الناس.
وحين يصبح ما تقول الفتاة حقاً.. حين يفسد المجتمع إلى المدى الذي تحس الفتاة النظيفة أنها لا تجد نصيبها المشروع من متعة الحياة.. حينئذ تتحقق سنة الله، ويؤذن المجتمع كله بالانهيار.

* * *
ويقوم كاتب يزين الفاحشة ويحسنها للناس، يقول: أنا حر فيما أكتب. أين حرية الرأي؟ أكتب ما بدا لي. وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس.
يتركونه يعيث في الأرض فساداً، وينشر السموم في النفوس. يستهترون بأمره، أو يشغلون عنه في زحمة الحياة. ويهزون أكتافهم يقولون: هل نحن به مكلفون؟
ويستفيد ذلك الكاتب.. يستفيد شهرة وثراء، ونفوذاً في بعض الأوساط. ولا عجب في ذلك فتجار المخدرات وتجار الأعراض يصلون إلى الشهرة وإلى الثراء.
ويغري النجاح غيره من الكتاب فينغمسون في تيار الجريمة، ويقولون إنهم تقدميون. يقومون برسالة مقدسة، رسالة القضاء على التقاليد " البالية " والتحضير لمجتمع جديد.
وقد يتبجح كاتب أو صاحب صحيفة يبرر الجريمة لنفسه، أو يبررها للناس.. يقول: ماذا أصنع؟ لقد تسمم الجو كله وصار القراء لا يقبلون على الأدب " الأبيض " والكلام النظيف. لقد تعودوا على الصحف العارية والقصص العارية، والأفكار العارية. ولم يعد يؤثر فيهم غير هذا اللون من الإنتاج. هب أنني أصدرت صحيفة نظيفة فكيف تعيش؟ من يقرؤها؟ كيف تغطى نفقاتها؟ ألا يكون ذلك انتحاراً؟ أو غفلة؟ أو جنوناً لا يقدم عليه عاقل؟ وماذا يصنع كاتب واحد أو صحيفة واحدة في التيار المسموم؟ هل يصنع إلا أن يفشل ويثير بفشله شماتة الشامتين؟!
وقد يكون هذا حقاً!
ولكنه لم يكن كذلك حين خرج أول كاتب يدعو إلى الفاحشة وتركه الناس. يوم هزوا أكتافهم وقالوا: هل نحن به مكلفون؟
وحين تصل الأمور إلى هذا الحد.. يوم يصبح الكاتب النظيف لا يجد الجمهور الذي يقرؤه أو الصحيفة التي تنشر له.. يوم لا تستطيع الصحيفة النظيفة أن تعيش.. يومئذ تكون السفينة قد أثقلت بما فيها من الماء، واضطربت مما فيها من الخروق.. وتتحقق سنة الله في الأرض، ويؤذن المجتمع كله بالانهيار.
ويقوم والد ضعيف الشخصية تحكمه امرأته، أو يحكمه الترف والاسترخاء.. يترك أولاده يعيثون بلا رقابة، يقول: هم أولادي وأنا حر فيهم! أفعل ما بدا لي، وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس.. يتركونه تملقاً، أو يتركونه استخفافاً، يقولون: هو في النهاية الخاسر، وما لنا عليه من سبيل.
ويستمتع الأولاد.. يستمتعون بالتحلل من الضوابط والانفلات من القيود.
ويستمتعون بلذة الهبوط!
وهي لا شك متعة للمزاج المنحرف والكيان المقلوب! فمن الثابت أن الكيان الناقص - حين لا يكمّل بالطريق الصالح، ولا يوجه التوجيه السليم - يجنح إلى التكملة من طريق هابط، ويحس " بالنضوج " " والتميز " " والمتعة " من هذا الطريق!
وهذه المتعة تغري غيرهم من الأولاد فينجرفون في الطريق.. يجدون اللذة المنشودة، والنضوج المنحرف، والتميز بين الأقران.. ويروحون يتمردون على أهليهم وينفلتون من القيود.
ويقول الولد لأبيه: أنت رجعي. أنت متأخر. أنت تتجاوز حدودك. من تظنني أمامك. لست طفلاً. أنا رجل مثلك. أنا أتحمل مسئولية نفسي. تريد أن تستعبدني بما تنفق عليَّ؟ كلا! إنك ملزم بالإنفاق. ولكنك لا تملك التدخل في شئوني. أنا أدرى بما يضر وما ينفع. أنا أعيش بعقلية جديدة متحررة متطورة. أنا أفهم ما يدور في المجتمع وأتطلع إلى المستقبل.. إلى الأمام.. فليس لك عليَّ سلطان!
وتقول الفتاة لأبيها وأمها: أين تعيشون! إنكم تعيشون بعقلية الجيل الغابر.. المتأخر.. الرجعي.. أما أنا فأعيش بعقلية متحررة. ماذا تريدون مني؟ هل تظنون أنكم أنتم الرقباء عليَّ إن أردت أن أفسد؟ وأن وصايتكم عليَّ تحميني من السقوط؟ أنا القيّم على نفسي. وأنا الرقيبة على أخلاقي! وليست الأخلاق هي الملابس أو هي العزلة عن المجتمع! ما الذي سيحدث حين أكشف ذراعيّ أو ساقيّ؟ أو أكشف جزءاً من صدري؟ هل ستنقص مني قطعة؟ وماذا سيصنع لي الشبان حين ينظرون إليَّ أو يكلمونني في الطريق؟ هل ستخرب الأرض؟ إنكم تتصورون الأمور بعقلية جامدة لا تفهم " التطور " ولا تفهم الحياة! وعلى أي حال فذلك شأني وحدي. وليس لأحد عليَّ سلطان!
ويشكو الآباء! يشكون أن أبناءهم تمردوا عليهم، ولم يعد في مقدورهم أن يردوهم إلى السبيل! ويقولون إن المجتمع فاسد يفسد عليهم الأولاد!
وقد يكون ذلك حقاً!
ولكنه لم يكن كذلك يوم فسد أول جيل من الأبناء فتركوهم يفسدون!
وحين يحدث ذلك.. حين ينفلت الأولاد بلا ضابط، لا يحكمهم أهلوهم، ولا يحكمهم مدرسوهم في المدرسة، لأن الوالد قد أفسد على المدرس مهمة التوجيه.. حينذاك تتحقق السنة الماضية، وتغرق السفينة وكلها خروق!

* * *
ويقوم طالب يغش في الامتحان، يقول: أصنع ما بدا لي. وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس.
يتركونه " إشفاقاً على مستقبله "! أو يتركونه استخفافاً بالجريمة.
وينجح الطالب، ويستمتع بهذا النجاح الميسر البسيط التكاليف..
ويغري النجاح غيره.. فيروحون يعبثون العام كله، يتسكعون في الطرقات، ويجرون كالكلاب الشاردة وراء الفتيات.. ثم يسهرون الأسبوع الأخير يحضِّرون " البرشام " من أجل الامتحان.
ويحس الآخرون من الشرفاء أنهم مظلومون! هم يسهرون العام كله في العمل، ثم لا يبلغون - بالجد والأمانة - ما يبلغه الغشاش بغشه، وقد ينجح وهم يرسبون! وقد يصل إلى " الوظيفة " وهم قاعدون!
لا جرم ينصرف أغلبهم عن النشاط العلمي الصادق، وينقلبون إلى مخادعين غشاشين!
ولا جرم تجد بعد ذلك الموظف الذي يذهب في الموعد وينصرف في الموعد - إن شدد عليه في الحضور والانصراف - ولا يعمل عملا طيلة وقت " الديوان "!
ولا جرم تجد المهندس الذي لا يوافق على " مواصفات " البناء أو " المواصفات الصحية " وأنت تؤديها على وجهها الأكمل، ثم يوافق على أقل منها كثيراً إن دسست في يده " المعلوم "!
ولا جرم تجد الطبيب الذي لا يعطيك العلاج الكامل الذي يشفيك من أول مرة، ويروح يطيل العلاج ويطلبك تمر عليه مرة بعد مرة ليزداد منك كسباً، وتكسب معه معامل الأدوية التي " يتعامل " معها أو يكسب الموردون!
كلهم غشاشون!
كلهم ذلك الطالب الأول الذي تركه الناس غافلين.
وحين يصبح الغش هو " العملة " السارية في المجتمع، فلا جرم يذهب المجتمع أسفل سافلين!
ويقوم موظف يرتشي.. يقول: من يحرِّج عليَّ فيما أصنع؟ أفعل ما بدا لي، وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس!
يتركونه بدافع الحاجة إلى ما في يده من المصالح، أو بدافع الخوف إن كان من ذوي النفوذ.
ويستفيد ذلك المرتشي.. يستفيد ثروة سهلة المأخذ مضمونة الورود.
ويغري الثراء غيره من الموظفين، فيندفعون في تيار الشهوة ينهلون من هذا المنهل الدنس، ويلغون في دماء المحتاجين.
وتأخذ الموجة مداها.. حتى تصبح الأمور كلها بالرشوة، ومن غيرها توصد الأبواب في وجه أصحاب الحقوق.
وقد يتبجح موظف يبرر الجريمة لنفسه أو يبررها للناس، يقول: هل أنا وحدي الذي أرتشي؟ هل أنا وحدي الذي أشيع الفساد.. فهل تنتظم مصالح الناس كلها، وتفتح لهم الأبواب؟ كل ما يحدث أنني أحرم نفسي من المعين المتاح، وأظل فقيراً وأنا رب أسرة وصاحب عيال.
وقد يكون هذا حقاً..
ولكنه لم يكن كذلك حين بدأت الرشوة أول مرة وسكت عنها الناس، أو شجعوها وأغروا بها المرتشين.
وحين تصل الأمور إلى هذا الحد.. حين تصبح الرشوة هي الأصل والنظافة هي الشذوذ.. حينذاك تقع الهزة التي تزلزل المجتمع كله من القواعد، فلا يلبث أن يتهاوى إلى القرار..

* * *
صدق رسول الله. وصدقت حكمته:
ما أسكر كثيره فقليله حرام..
مروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر قبل أن تدعو فلا أجيب..
إن حديث السفينة يجمع ما في الحديثين السابقين، ولكنه يضيف إليهما معاني أخرى جديرة بالتدبر والتفكير..
وإن أول ما يستلفت النظر في الحديث أن الرسول الكريم لم يقسّم ركاب السفينة بحسب أماكنهم الظاهرية في المجتمع، علواً وسفلا، وثراء وفقراً، وبروزاً وتواضعاً.. لم يجعل " السادة " هم الأعلون و " الشعب " هو الأسفل. كلا. فما كانت هذه القيم هي التي تقسم الناس عند رسول ينطق بحكمة الله ويبلغ رسالة الله.
إن الأعلى في تقدير الله ورسوله " هو القائم في حدود الله ". هو المنفذ لشريعة الله. هو المهتدي بهدي الله. أياًّ كان مكانه الظاهري في المجتمع. فالقوة الحقيقية لا تستمد من عرض الأرض، ولا من القيم الأرضية المنقطعة عن الله. إنما تستمد من الله. من الإيمان به والاعتزاز بهذا الإيمان. (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فالإيمان هو القوة الحقة، وهو مصدر " العلو " ومصدر التوجيه. وكل قيمة سواه زائفة لا تلبث أن تضيع.
أما " الواقع فيها " فهم العصاة المنحرفون في كل جانب من جوانب العصيان والانحراف، بصرف النظر عن مركزهم " الظاهري " في المجتمع. فهذا المركز لا يساوي شيئاً، ولا يقي من الله شيئاً حين يؤدي إلى الميل عن الطريق. بل إنه لا يساوي شيئاً في واقع الأرض، ولا يقي من النتيجة المحتومة حين يأذن الله بتحقيق السنة في أوانها المعلوم! فحين تغرق السفينة من شدة الفساد لا يقول السادة للشعب: اغرقوا أنتم وحدكم ونحن ناجون من الهلاك!
وحين يطلب الرسول من القائمين في حدود الله أن يأخذوا على يد الواقعين فيها لا يحدد مهمتهم بمراكزهم الظاهرية في المجتمع، وإنما بأماكنهم الحقة في سفينة المجتمع وسفينة الحياة، فما داموا مؤمنين فهم القوة الحقة. القوة الموجهة. القوة الآخذة على أيدي العابثين. وهذه مهمتهم، عليهم أن يعرفوها بصرف النظر عن ثرائهم أو فققرهم، ورئاستهم أو مرءوسيتهم.. فما بهذا توزن الأمور..

* * *
والأمر الثاني هو وحدة المصلحة في المجتمع، وإن بدت المصالح ظاهرة الخلاف!
إن كل الأمثلة التي أوردناها حول محور واحد، مستمد من معنى حديث الرسول . فهؤلاء قوم لهم " مصالح قريبة " يستنفعون منها على حساب الآخرين. ولو تركهم المجتمع حقبة من الزمن فسوف يستفيدون حتماً من هذا السكون. يستفيدون توفير الجهد، وتوفير مغالبة الشهوات. ويأتيهم رزقهم قريباً سهلا ميسراً لا يتعبون فيه.
ولكن حقبة من الزمن تمضي - طويلة أو قصيرة - ثم يأخذ الفساد في الانتشار وتبدأ السفينة في نهاية المطاف.. تغرق وتأخذ معها الظالمين والمظلومين على السواء! ومن ثم فالمصالح النهائية واحدة. والأخطار النهائية واحدة.. ليست هناك مصلحة لفرد هي مصلحته وحده وشأنه بمفرده. كل مصلحة هي مصلحتهم جميعاً وكل ضرر يصيبهم جميعاً.. ولا يستطيع أحد أن يتخلى عن مسئوليته في هذا السبيل.
وهنا تبرز بعض الحيرة إزاء الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [113]. وهي حيرة وقع فيها المسلمون الأوائل أنفسهم فقام أبو بكر  ينبههم إلى طريق الصواب.
قال: يأيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية.. وإني سمعت رسول الله  يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده (رواه أبو داود والترمذي).
نعم " عليكم أنفسكم " عليكم المجتمع الذي تعيشون فيه. وليس عليكم غيركم من المجتمعات أو الأفراد غير المسلمين. فهؤلاء لا يضرونكم متى اهتديتم وعملتم بما يريده الله. أما الأعمال التي يقوم بها المسلمون في المجتمع المسلم فليس حكمها كذلك. إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لهذا المجتمع. فإما أن يحس بوحدة المصلحة فيأخذ على يد الظالم - من أي نوع كان ظلمه ؛ لنفسه أو للآخرين - فينجو المجتمع كله، وإما أن يترك الأمر خوفاً وطمعاً أو استهتاراً وتهاوناً.. فتحدث الطامة التي تغرق الجميع.

* * *
ومن وحدة المصلحة ينشأ الترابط بين أفراد المجتمع ترابطاً لا يتخلخل ولا تنقطع عراه. إنهم ركاب سفينة واحدة، ناجية أو غارقة، فكيف يمكن ان ينفصل بعضهم عن بعض أو يتجاهل بعضهم وجود بعض؟
وإنه - وهو ترابط المصلحة الواحدة التي يلتقي عندها الجميع - لهو في الوقت ذاته ترابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله. ترابط التعاون على البر والتقوى وليس ترابط التعاون على الإثم والعدوان.

* * *
ترابط لا يقول فيه إنسان: ما شأني أنا بفلان، فليصنع ما يشاء ولن أتدخل في أمره!
ولا يقول فيه إنسان لآخر: ما شأنك بي! سأصنع ما أشاء ولا تتدخل في أمري!
كلا! إن أمور المجتمع لا يمكن أن تستقيم كذلك.. لا بد من يقظة كل فرد لأعمال أخيه، ولا بد من رده عن الخطأ والإسراف فيه.
وليس معنى ذلك أن يتحول المجتمع إلى منازعات ومشاحنات!
كلا! فليس هذا هو الطريق!
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [114] (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [115].
هذا هو الطريق..
إن الترابط هو ترابط الحب. لا البغضاء.
وإن النصيحة لتصدر من هذا المنبع العذب. أنا أنصح أخي لأنني أحبه. لأنني أريد له الخير. لأنني أريد أن آخذ بحجزه أن يقع في النار! وهو يتقبل مني النصيحة على هذا الوضع.. لأنه يحبني ويثق في نظافة النصح والتوجيه.
أما " الأخذ على اليد " بما تحمله من معنى الزجر أو العنف فليست أول الطريق!
إنما هي النهاية حين تفشل الوسائل كلها ولا يتبقى غير هذا الطريق!

* * *
ورب قائل أن يقول - عن إخلاص نية - مقالة الفتى المستهتر أو الفتاة الهوجاء:
وهل أنا وحدي سأصلح المجتمع. هل أنا - حين أومن وأعمل صالحاً - سأنقذ السفينة الهاوية إلى القرار!
كلا!
فحين توجد في مجتمع يوشك أن يتحطم، في سفينة توشك على الهلاك، فلن تقفها وحدك عن النهاية المحتومة، ولن تنقذها وحدك من الهلاك.
نعم. ولكنك تنقذ نفسك!
فحتى حين تتحقق السنة التي لا تتخلف.. حتى حين ينفذ الوعد الحق وتتحطم السفينة.
حتى حينئذ.. فشتان بين غريق وغريق!
غريق في جهنم لأنه فاجر.
وغريق في الجنة لأنه شهيد.
فمن ذا الذي يبيع الآخرة بالدنيا، ويسعى إلى النار - وهو يغرق - في حين يملك - حتى وهو يغرق - أن يسعى إلى النعيم؟!


أنتم أعلم بأمور دنياكم

قصة هذا الحديث معروفة..
فقد مر الرسول  في المدينة على قوم يؤبرون النخل - أي يلقحونه - فقال: " لو لم يفعلوا لصلح له " فامتنع القوم عن تلقيح النخل في ذلك العام ظناً منهم أن ذلك من أمر الوحي، فلم ينتج النخل إلا شيصاً (أي بلحاً غير ملقح، وهو مر لا يؤكل) فلما رآه النبي  على هذه الصورة سأل عما حدث له فقالوا: " قلت كذا وكذا.. " قال: " أنتم أعلم بأمور دنياكم " عن عائشة وعن ثابت وعن أنس): وفي صحيح مسلم عن موسى بن طلحة عن أبيه أن النبي  قال: " ما أظن يغني ذلك شيئاً ".. ثم قال: " إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه. فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن. ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به ".

* * *
تلك قصة الحديث..
وهي واضحة الدلالة فيما تركه الرسول  للناس من أمور يتصرفون فيها بمعرفتهم، لأنهم أعلم بها وأخبر بدقائقها. إنها المسائل " العلمية الفنية التطبيقية " التي تتناولها خبرة الناس في الأرض، منقطعة عن كل عقيدة أو تنظيم سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي. وهي في الوقت ذاته تصلح للتطبيق مع كل عقيدة وكل تنظيم، لأنها ليست جزءاً من أي عقيدة أو أي تنظيم.. بل إنها حقائق علمية مجردة عن وجود الإنسان ذاته بكل عقائده وكل تنظيماته. كحقيقة اتحاد الأكسجين والإيدروجين لتكوين الماء، وحقيقة انصهار الحديد في درجة كذا مئوية. هي حقائق ليسن ناشئة عن وجود الإنسان. وإنما هي سابقة له، موجودة منذ وجدت هذه العناصر في الكون. وقصارى " تدخل " الإنسان فيها أن يكتشفها ويعرفها، ثم يستغلها لصالحه، ويطبقها في حياته العملية.
وقصة النخل لا تخرج عن كونها حقيقة علمية اكتشفها الإنسان فطبقها في حياته العملية: حقيقة التلقيح والإخصاب في عالم النبات. وهي عملية لا يتم بدونها تكون الثمرة ونضجها على النحو المعروف. والرسول  لم يقطع فيها برأي - كما هو ظاهر من الحديث - وإنما قال: " إنما ظننت ظناً ". ولعل الشك الذي ساوره  قد جاء من اعتقاده بأن الله لا بد أن يكون قد أودع فطرة الحياة ما تتم به عملياتها " البيولوجية " دون حاجة إلى تدخل الإنسان..! وطالما خطر في نفسي أنا هذا السؤال: من كان يلقح النخيل، وينقل فسائل النباتات التي لا تنمو بغير التنقيل، قبل أن يوجد الإنسان على ظهر الأرض، والنباتات كلها سابقة للإنسان في الخليقة؟! ولا شك أن علماء النبات لديهم لهذا السؤال جواب. ولكني أقول فقط: إنها خاطرة جديرة بأن تخطر على قلب إنسان!
هي إذن المسائل " التكنيكية " البحتة بتعبيرنا العلمي الحديث. المسائل التي يتحصل عليها المؤمنون والكفار سواء. ولا تؤثر بذاتها في عقيدة القلب أو اتجاه الشعور.
ومع ذلك فإن فريقاً من الناس يريدون أن يفهموا منها غير ما قصده الرسول وحدده. يريدون أن يبسطوها حتى تشمل الحياة الدنيا كلها، بتشريعاتها وتطبيقاتها، باقتصادياتها واجتماعياتها، بسياساتها وتنظيماتها. فلا يدعون لدين الله ولرسول الله مهمة غير " تنظيف القلب البشري وهدايته " بالمعنى الروحي الخالص، الذي لا شأن له بواقع الحياة اليومي، ولا شأن له بتنظيم المجتمع وسياسة الأمور فيه. ثم يسندون هذا اللون من التفكير للرسول ، ويجعلونه - هو - شاهداً عليه!!
وما أريد أن أبادر بسوء الظن! فقد يكون هذا الفريق من الناس مخلصاً في تفكيره مطمئناً إليه! وقد يكون ذلك بالنسبة إليه مهرباً " لا شعورياً " من ضغط المفاهيم الأوربية - الغربية أو الشرقية - عن الدين من جانب، و " العلوم " الاقتصادية والاجتماعية المنقطعة عن الدين من جانب آخر. مهرباً يلجأ إليه العاجزون المغلوبون، ليحتفظوا بعقيدتهم الشخصية في الله، ثم يكونوا بعد ذلك تقدميين أو تحرريين!!
ولكن قليلاً من النظر كان جديراً أن يردهم إلى التفكير الصائب والتقدير الصحيح، ويرفع عنهم هذه الذلة الفكرية التي يعانونها إزاء الغرب، فتلوي أفكارهم - بوعي أو بغير وعي - وتفسد مشاعرهم فينحرفون عن السبيل.
لو كان الإسلام رسالة " روحية " بالمعنى المفهوم لهذا اللفظ - المعنى الوجداني الخالص الذي لا شأن له بواقع الحياة اليومي - ففيم إذن كان هذا الحشد الهائل من التشريعات والتوجيهات في القرآن والحديث؟
وفيم إذن يقول الله سبحانه وتعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)! ثم يعقب في نفس الآية بالتهديد للمخالفين: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [116]؟!
فيم هذا كله إذا كانت المسألة هي " تنظيف القلب " ليس غير؟!

* * *
وإن تنظيف القلب البشري لمهمة ضخمة دون شك.. مهمة تحتاج إلى رسول!
وإنها - حين تنجح - لهي الضمان الأول لسلامة الحياة كلها واستقامتها ونظافتها. فإن أخفقت.. فلا ضمان!
والإسلام يوجه لهذا القلب أكبر عناية يمكن أن يوجهها إليه نظام أو دين. فهو يربطه دائما بالله، ويوجهه دائماً لخشيته وتقواه والعمل على رضاه. ثم هو يتتبع هذا القلب في كل نزعة من نزعاته، وكل ميل من ميوله.. في الأعمال الظاهرة والمشاعر المستترة.. في السر الذي يخفى على الناس ولا يخفى على الله، بل فيما هو أخفى من السر، من المشاعر الساربة في حنايا الضمير [117].. يتتبعه في كل ذلك، عملاً عملاً وخاطراً خاطراً وفكرة فكرة.. فينظفها بخشية الله، والحياء من رقابته الدائمة التي لايغيب عنها شيء في الأرض ولا في السماء.. ويوجهه إلى صفحة الكون الواسعة، وما فيها من آيات القدرة المعجزة، ليمسح عنه الغلظة التي تحجر المشاعر، والغبش الذي يحجب عنه النور.. ويطلقه من إسار الشهوات والضرورات التي تثقله وتشده إلى الأرض، لينطلق خفيفا صافيا شفيفا يسبح الله ويفرح بهداه..
نعم.. يبذل الإسلام ذلك الجهد الضخم كله " لتنظيف القلب ".
ولكن الإسلام دين الفطرة.. الدين الذي يعرف أسرار الفطرة فيقدم لها ما يلصح لها وما يصلحها. الدين الذي يعالج الفطرة على أحسن وجه وأنسب طريقة، ليخرج منها بأقصى ما تستطيع أن تمنحه من الخير. الدين الذي يتلبس بالفطرة فيملؤها كلها ولا يترك فراغاً واحداً لا ينفذ إليه. الدين الذي يأخذ الفطرة كما هي كلاًّ واحداً لا يتجزأ، كلاً يشمل الجسم والعقل والروح، فيعالجها العلاج الشامل الذي يأخذ في حسابه الجوانب كلها. ويأخذها مرتبطاً بعضها ببعض في نظام وثيق..
ومن ثم لا يأخذ شعور الإنسان ويترك سلوكه. لا يأخذ " مبادئه " ويترك " تطبيقه ". لا يأخذ آخرته ويدع دنياه.. وإنما يعمل حساب ذلك كله في توجيهاته وتشريعاته سواء.

* * *
الإسلام يتناول الحياة كلها، بكل ما تشتمل عليه من تنظيمات. ويرسم للبشر صورة كاملة لما ينبغي أن تكون عليه حياتهم في هذه الأرض.
إنه يتناول الإنسان من يقظته في الصباح الباكر حتى يسلم جنبه للنوم في آخر المساء. يعلمه ويلقنه ماذا يصنع وماذا يقول أول مايفتح عينيه، ثم حين يقوم، ثم حين يقضي ضرورته، ثم حين يؤدي صلاته، ثم حين يضرب في مناكب الأرض باحثاً عن رزقه: زارعاً أو صانعاً أو عاملاً أو بائعاً أو شارياً.. ثم حين يتناول طعامه، ثم حين يستريح من القيلولة، ثم حين يعود في آخر اليوم، ثم حين يلقى زوجه وأطفاله، ثم حين يضع جنبه، ثم حين يأخذ في النوم.. بل إذا صحا كذلك في وسط النوم فزعاً أو غير مفزّع!
وكما تناول الإنسان فرداً في جميع أحواله، فقد تناوله كذلك وهو يعيش في المجتمع مع غيره من الأفراد. فعلم المجتمع ولقنه كيف تكون الصلات بين أفراده، وكيف تكون العلاقات. وكيف ينشئ تقاليده على المودة والإخاء والحب، والتكافل والتعاون. وكيف يشتري وكيف يبيع. وكيف يزرع وكيف يجني. وكيف يملك وكيف يوزع الثروة بين الأفراد.
وكما تناول الفرد والمجتمع تناول كذلك " الدولة " ممثلة المجتمع. فأعطى ولي الأمر حقوقاً وأوجب عليه واجبات. وعلمه ولقنه كيف يحكم الناس، وكيف يقيم بينهم العدل، وكيف يوزع المال بينهم، بأي نسب وعلى أي الفئات ومن أي الموارد. وكيف يعلن الحرب وكيف يقيم السلم، وكيف يتعامل مع الدول والجماعات والأفراد..
الحياة كلها بجميع دقائقها وتفصيلاتها. الحياة المادية والفكرية والروحية. الحياة الفردية والاجتماعية. الحياة بكل ما تشمله من مفاهيم. وكانت تلك هي طريقة الإسلام الفذة في " تنظيف القلب "!
أوَ يعجب الناس من هذا القول؟! أيقولون ما للقلب والروح بواقع الأرض؟ بالاقتصاد والسياسة والاجتماع؟!
ويح الناس!
أليسوا هم الذين " اكتشفوا " في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أن " مشاعر " الناس مرتبطة بوضعهم الاقتصادي وبعلاقات الإنتاج؟!
فيم العجب إذن إن قيل لهم إن الإسلام وهو " ينظف القلب " يضع في حسابه إقامة نظام اقتصادي عادل، ونظام اجتماعي متوازن، ونظام سياسي راشد محكم الرباط؟
أم هم يُدِلّون على الله بعلمهم؟ ويحسبون أنهم وحدهم الذين أدركوا هذه الحقيقة، بينما الله الذي خلق الخلق وهو أدرى به، قد فاته إدراكها؟! سبحانه وتعالى عما يصفونه علواً كبيراً..
كلا! إن الإسلام قد تناول هذه الحقائق كلها قبل أن يصحو لها الناس. وبيَّن أن الحياة السليمة النظيفة المتكاملة لا يمكن أن تتم في داخل القلب معزولة عن واقع الحياة. لا يمكن أن تتم في الوجدان والمشاعر إن لم يكن لها رصيد مواز لها من العمل والسلوك. ومن ثم لم يجعل الدين " عقيدة " كامنة في الضمير. وإنما جعلها نظاماً قائماً على عقيدة، ومجتمعاً قائماً على هذا النظام.
صحيح أنه لم ينزل في ذلك إلى مهاوي المادية الهابطة والمذاهب الاقتصادية المنحرفة. لم يجعل المادة هي الأصل، والإنسان هو التابع الذليل الذي لا يملك نفسه إزاء التطورات الحتمية للاقتصاد والإنتاج.. وإنما جعل الإنسان هو الأصل. جعل القلب البشري هو المصدر الذي تصدر عنه الطاقة ويصدر عنه الإشعاع. ولكنه في الوقت ذاته لم يشأ أن يجعله معلقاً في البرج العاجي، يطلق شحنته الهائلة في الفضاء في قفزات الخيال وسبحات الروح. وإنما أراد لهذه الطاقة الضخمة أن تنتج في واقع الأرض، وأن تنشئ مجتمعها ونظامها بوحي من العقيدة وهدي من الله، فيتوازن بذلك الشعور والعمل، والوجدان والسلوك، ويتوازن بذلك " الإنسان ".
وكان هذا هو الأمر الطبيعي ما دام الإسلام " دين الفطرة ".
إن المشاعر المرفرفة والوجدان المشرق والأفكار الجميلة لا قيمة لها إذا لم تتحول إلى قوة بانية في عالم الواقع، إذا لم تتحول إلى حقيقة ظاهرة ملموسة يحس بها الناس.
والأعمال " العظيمة " والإنتاج الباهر والحركة الفاعلة لا قيمة لها إذا لم تستند إلى شعور عميق بالخير، وإحساس حي بروابط الأخوة الإنسانية والالتقاء إلى الله.
بل هما - بدون هذا التزاوج - ينقلبان إلى شر مدمر للبشرية:
الأولى تنقلب إلى زهادة وعزلة تتوقف بها الحياة.
والثانية تنقلب إلى طغيان كافر يدمر الحياة على وجه الأرض.
ولا بد منهما معاً لتستقيم الحياة، مرتبطين متمازجين، لا انفصال بينهما ولا افتراق!
تلك هي " الفطرة " البشرية.
والإسلام دين الفطرة وكلمة الله.
ومن ثم لم يكن بد - وهو " ينظف القلب البشري " - أن يجعل في حسابه الباطن والظاهر، والشعور والعمل، والوجدان والسلوك.
وهو بذلك واقعي إلى أقصى حدود الواقعية...
إنه يعنى أشد العناية بعالم الروح ونظافة الضمير. وإنه يثق في أن القلب البشري مصدر الطاقة ومصدر الإشعاع. ولكنه - مع ذلك - لا يفترض في الناس كلهم أنهم من أولي العزم! لا يفترض فيهم أنهم يستطيعون دائماً أن يعيشوا بقلوب نظيفة في مجتمع غير نظيف، أو يمارسوا العدالة في مجتمع غير عادل، أو يحرصوا على الفضائل في مجتمع يحرص على المنكرات.
ففي " الفطرة " البشرية ضعف يحتاج إلى سند ويحتاج إلى معونة: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً).
هناك ثقلة الضرورة ودفعة الشهوات.
وهي " واقع " لا مصلحة في تجاهله، ولا سبيل إلى نكرانه.
ولا بد من تنظيمه.. لا بد من تنظيمه ليستطيع الإنسان أن يفرغ من ضغطه على الأعصاب والمشاعر. وينطلق حيث يشاء، حيث يليق بخليفة الله أن يكون.
من أجل ذلك يحرص الإسلام على واقع المجتمع أن يكون نظيفاً ليعاون الفرد على نظافة الضمير. ولن تكون نظافة المجتمع إلا بنظام اقتصادي عادل، ونظام اجتماعي متوازن، ونظام سياسي راشد محكم الرباط بالعقيدة الصحيحة والإيمان الصحيح.

* * *
من صميم مهمة الدين إذن في تنظيف القلب كانت هذه التشريعات وهذه التوجيهات التي تتناول الأسرة والمجتمع، وسياسة الحكم، وسياسة المال. يستوي في ذلك التشريع الاقتصادي، والتشريع السياسي، والتشريع الجنائي، والتشريع المدني، والتشريع الدولي.. والتوجيهات العديدة المتعلقة بكل هذه الشئون.
ولم يكن الإسلام - وهو جاد في تناول الإنسان والحياة البشرية بالتنظيم والتنظيف - ليغفل هذه الشئون الواقعية كلها، وينصرف إلى تهذيب الضمير في عالم المثل والأحلام. ولم يكن رسول الإسلام  ليتخلى عن مهمته الهائلة في ذلك الشأن، وينفض يديه منها، ويقول للناس: " أنتم أعلم بأمور دنياكم " أي تصرفوا أنتم في تشريعاتكم وتنظيماتكم، في سياسة المال وفي سياسة الحكم، في علاقات المجتمع، وفي القوانين التي تنظم الحياة..
كلا! لم يكن ليفعل ذلك. ولو فعل فما أدى إذن رسالة الله. والله هو الذي يقول له في مجال التكليف: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [118].

* * *
ولكن هذا الفريق من الناس الذي ذكرناه آنفا، أو فريقاً غيره يقول: إن الحياة تتطور. فكيف إذن يمكن أن يشرع الله أو يشرع رسوله للأجيال التالية لعصر القرآن؟ إن ما كان يصلح منذ ألف وأربعمائة عام لا يصلح اليوم. وما كان حركة تقدمية ثورية في ذلك التاريخ يصبح اليوم أمراً رجعياً عتيقاً متجمداً لا يجاري التطور ولا يصلح للحياة.. ومن ثم قال الرسول  هذه الكلمة ليفتح الباب للتطور، ولا يقف بالناس عند تشريعات وتنظيمات قد اقتضتها بيئة معينة وظروف معينة، وإنما يتركهم يشرعون وينظمون فيما هم أدرى به من الأمور.
" التطور ".. ويح الناس من التطور!
إنه هوس يصيب هذا القرن العشرين! هوس يخيِّل إليهم أن الحياة كلها بلا قواعد، والكون كله بلا ناموس!
لقد كانت فكرة التطور اكتشافاً جديداً بالنسبة لأوربا في تاريخها الحديث، بعد أن غرقت فترة طويلة في ظلام العصور الوسطى، لا تعلم شيئاً ولا تساير ركب الحياة. وفي القرن التاسع عشر امتلأت رءوس المفكرين والعلماء بفكرة التطور، في العلم والسياسة والاقتصاد والاجتماع، ثم تلقفتها الجماهير في نهاية القرن الفائت وفي خلال هذا القرن.. تلقفتها بما يشبه اللوثة.. تفسر بها كل شيء وتفسد بها كل شيء!
بينما العالم الإسلامي لم يكن غريباً عن فكرة التطور وآثاره في حياة الجماعة. فقد فطن إليها ابن خلدون في مقدمته وعالجها علاجاً " علمياً " وافياً يشهد له بالبراعة والتدقيق. ولقد فطن إليها عمر بن عبد العزيز في صدر الإسلام إذ يقول " يجدّ للناس من الأقضية بقدر ما يجد لهم من القضايا " وفطن إليها الفقه الإسلامي كله، وهو يضع التفريعات الدائمة في كل شئون الحياة النامية المتجددة جيلاً بعد جيل.
ولكن الفكر الإسلامي لم يخرج عن صوابه وهو يحس بالتطور ويساوق خطاه. فلم يفهم من التطور أن الحياة بلا قواعد، والكون بلا ناموس! لم يفهم منه أن ينفصل عن الأصول الثابتة وينطلق بلا دليل!
وجاء " العلم " في القرون الأخيرة يؤيد الفهم الإسلامي للتطور، ولا يؤيد اللوثة التي أصابت الجماهير في أوربا، وأشباه العلماء هناك، وانتقلت عن طريقهم إلى الشرق في عصرنا الأخير.

* * *
الحياة البشرية تتطور، والكون كله يتطور.. نعم! ولكن هذا لا ينفي وجود قواعد ثابتة في هذا الكون وفي الحياة البشرية.. أولها وأبسطها، وأقربها إلى البديهة، صدور الكون كله عن إرادة الله الخالق المدبر، وانتظام سننه ونواميسه انتظاماً دقيقاً معجزاً لا يخل ثانية ولا ثالثة، ولا قيد شعرة في هذا الفضاء الهائل الرهيب!
السدم تتطور إلى نجوم.. والنجوم تتطور وهو تدور، فتسخن وتبرد، وتتكور وتنبعج. وتسرع وتبطئ.. ولكن شيئاً واحداً من ذلك لا يحدث بلا قانون، وشيئاً واحداً من ذلك لا يحدث مخالفاً للناموس الناموس الذي يكشف العلم طرفاً منه كلما تيسرت له الوسائل وأتيحت له الأدوات.
ومجموعتنا الشمسية الصغيرة التي نحن جزء منها، تتبع نواميس الكون وهي تتطور، وتسير على النهج الذي أراده لها الله منذ الأزل، لا تنحرف عنه لحظة إلى يمين أو شمال.
والأرض التي نعيش عليها تحكمها - في تطورها - النواميس الأزلية التي تحكم الكون، فيسير كل شيء على سطحها كما أراده الله وفق قانونه الذي ارتضاه.
الأكسجين هو الأكسجين.. والإيدروجين هو الإيدروجين. في الأرض والشمس وجميع النجوم سواء. والماء قدر من الأكسجين وقدران من الإيدروجين (أيد2) لا تتغير هذه النسبة سواء ركب الماء في المعمل أم هطل من السماء.. والمطر هو المطر.. بخار يصعد من البحر، فينطلق إلى الجو، فيتكاثف، فيتركز ويثقل، فينزل إلى الأرض.. سواء حدث ذلك " طبيعياً " أم أنزل صناعياً من السماء.. لا يتغير قانون واحد من قوانينه، ولا يختل في مساره عن الناموس.
والحياة على الأرض كذلك.. تطورت.. لا نعلم علم اليقين كيف، وإن كنا نحاول أن نصل إلى اليقين.. ولكنا نجد من أبحاث العلم ما يؤكد لنا تأكيداً قاطعاً أن الحياة لم تنشأ على الأرض مصادفة، ولم يكن استمرارها مئات الألوف من السنين كذلك بالمصادفة. وإنما هو نتيجة النظام المحدد المقرر الذي بنيت به المجموعة الشمسية وأخذت به مسارها في الفضاء. بحيث لو اختلت نسبة واحدة من النسب لانعدمت بذلك الحياة.. فهي إذن إرادة االخالق، وتدبيره الدقيق المعجز. ولولاه لم تقم حياة[119].
والإنسان بعد ذلك.. الإنسان الذي ملأه غرور العلم.. وأصابته لوثة التطور.. ذلك الإنسان يتطور. تتغير حياته يوماً بعد يوم، ويستحدث جديداً كل يوم. ولكنه مع ذلك خاضع للنواميس. النواميس التي تدخل التطور في حسابها، فإذا التطور ذاته جزء من القانون الثابت الذي يحكم الكون ويحكم الحياة!

* * *
يتطور الكون.. فهل تغيرت طبيعته؟ هل تغير تكوُّنه من طاقة أو مجموعة من الطاقات؟
كلا! لم يقل بذلك أحد من العلماء! وإنما تتغير " صوره " و " حالاته " ويظل جوهره ثابتاً على ما هو عليه.
ثم.. هل تغيرت الحقيقة السابقة على ذلك.. حقيقة الأزل والأبد وهي صدور الوجود عن إرادة الله؟
كلا! لا يقول بذلك أحد من العقلاء! فالكون في وجوده، كالكون في تطوره. كالكون في فنائه حين يقدر له الفناء، صادر عن إرادة الله، مرتبط دائماً بإرادة الله.
والإنسان كذلك يتطور.. فهل تتغير طبيعته؟ أم تتغير صوره وحالاته ويثبت الجوهر الذي فيه؟
هل تتغير الحقائق الأزلية في تكوينه:
أنه صدر عن إرادة رَبُّكَ: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [120].
وأن البشر جميعاً من نفس واحدة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) [121].
وأن من هذه النفس - أي من جنسها - قد خلق " الزوج " الذي يكملها ويلتقي بها ويوائمها: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) [122] (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [123].
وأن من هذه النفس وزوجها انبث الخلق كلهم والقبائل والشعوب (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) [124]. (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [125].
وأن الإنسان قبضة من طين الأرض ونفخة من روح الله. قبضى من طين الأرض تتمثل فيها عناصر الأرض المادية من حديد ونحاس وكلسيوم وفوسفور وأكسجين وإيدروجين، وتتمثل فيها شهوات الأرض ودوافع الأرض. ونفخة من روح الله تتمثل فيها روح الإنسان الشفيفة القادرة على السمو والرفعة، كما تتمثل فيها الإرادة الضابطة والقدرة على الاختيار: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [126] (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [127] (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [128].
هل تتغير هذه الحقائق الأزلية مهما تغيرت " مظاهر " الحياة؟ أم تتغير المظاهر والأصل في ثبوته لا يزال؟
وهل الإنسان في ذلك إلا بضعة من الناموس الأكبر الذي يحكم الكون ويحكم الحياة؟ بضعة محكومة بذلك الناموس، خاضعة لإرادة الله؟
كل ما في الأمر أن الله قد ميز هذا المخلوق وكرمه حين نفخ فيه من روحه؟ فجعله " واعياً " لعملية الثبوت وعملية التطور. وجعل له الإرادة التي يختار بها طريقه: مع الخط الواصل المهتدي إلى الله، أو مع الخط الضال المنقطع عن الله. وجعل هذا الازدواج في طبيعته هو الناموس الثابت بالنسبة لدوره في الحياة، الذي يترتب عليه الجزاء في أخراه: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).

* * *
في الإنسان إذن عنصر ثابت لا يتغير مهما تغيرت ظروفه، ومهما تطورت حياته على الأرض. لأنه يتصل بحقائق أزلية لا يدركها التغيير.
وفيه إلى جانب ذلك عنصر متغير. أو قل: " صور " متغيرة من الجوهر الثابت، و " حالات " متطورة للكيان الدائم. ولكنها في تغيرها وتطورها لا تخرج بالإنسان عن كونه الإنسان. ولا تنفصل في لحظة واحدة عن كيانه الدائم، بحكم ترابط النفس الإنسانية وشمولها لكل ما يشتمل عليه الإنسان.
ومن هذا الثبوت وهذا التطور في فطرة البشر - وهي كذلك فطرة الكون - نشأت في حياة الإنسان قواعد ثابتة وبجانبها أحوال متغيرة، ولكنها في تغيرها - كما أسلفنا - لا تنفصل عن القواعد الثابتة في الحياة.
فقد ترتب على الحقائق الأزلية الخالدة حقائق أخرى، فصارت مثها خالدة دائمة لا تتغير.
ترتب عليها أن يحس الخلق - بفطرتهم ما دامت سليمة - يحسوا بعظمة الله بالقياس إلى ضآلتهم، فيعبدوه، ويستمدوا منه العون في الحياة.
وترتب عليها أن يحس الزوجان - اللذان خلقهما الله من نفس واحدة بحنين والتصاق بعضهما ببعض، وأن وجودهما لا يتكامل إلا متحدين متوادين متراحمين.
وترتب عليها أن يحس الناس - حين تصفو سريرتهم وتنظف نفوسهم - بالأخوة في الإنسانية، إذ هم جميعاً من نفس واحدة ذات رحم مع الجميع، فيتعاونوا ويتشاركوا في الخير..
تلك عناصر دائمة لأنها ترتكز على أسس دائمة.
وثمة عناصر أخرى تجدّ كل يوم، نتيجة تطور المعلومات البشرية، والتفاعل الدائم بين العقل والكون، يحاول أن يتعرف أسراره، ويستكنه كنهه، ويستخرج كنوزه، ويسخرها لمنفعته، فتقوم أوضاع جديدة، وينتقل الناس من بداوة إلى حضارة، ومن زرع إلى صناعة، ومن صناعة إلى...؟
والإسلام دين الفطرة يجاري البشرية في جانبيها جميعاً، بما يناسبهما جميعاً.
الجانب الأول يعطيه شرائع ثابتة. والجانب الآخر يعطيه أسساً ثابتة، ثم يترك له مجال التطور الدائم في إطار هذه الأسس الثابتة، متمشياً في ذلك مع فطرة الكون وفطرة الحياة.
الجانب الأول يعطيه العقيدة..
والعقيدة ليست ثابتة في الإسلام وحده، بل ثابتة في جميع الديانات منذ أرسل الله الرسل للناس يربونهم، ويعلمونهم حقيقة أزلية واحدة: أن الله واحد. وأن الخلق كله خلقه. وأن حق الألوهية على العباد أن يعبدوه ويخلصوا له الدين.
وتلك العقيدة الواحدة لا تتغير، لأن الأساس الذي تقوم عليه ثابت لا يتغير. وقد عني القرآن ببيان هذه الحقيقة، وخاصة في السور التي تستعرض رسالة الرسل الواحدة المكررة على مر الأزمان كسورة هود وسورة الأعراف.
وإلى جانب العقيدة يعطيه كذلك تشريعات الزواج والطلاق، والحدود. وتشريعات مدنية مختلفة.
الزواج والطلاق - أو العلاقة بين الرجل والمرأة عامة - عنصر ثابت له تشريع ثابت، لأنه يرتكز على أسس لا تتغير. هي الرجل من جهة والمرأة من جهة، والعلاقة الشديدة التي تجذب كلاً منهما للآخر وتشده إليه.
والحياة تتغير ظروفها: المجتمع يتغير. والاقتصاد يتغير. ونظم التعليم تتغير. والسياسة تتغير. ولكن ذلك لا يغير شيئاً من الحقيقة التي تحكمها الفطرة بوظائفها وعملياتها الحيوية، وغددها وكيماوياتها، وهي أن الرجل رجل والمرأة إمرأة، ولا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا انفصال ولا استقلال! [129].
والحدود - أي العقوبات المفروضة على الجرائم - عنصر ثابت كذلك، لأنه يرتكز على شيء ثابت: هو علاقة الإنسان بأخيه الإنسان - أو علاقة الفرد بالمجتمع - وحرمة كل إنسان التي لا يجوز أن يعتدي عليها الآخرون.
والحياة تتغير ظروفها: ارتباطات العمل تتغير. وعلاقات الإنتاج تتغير. وعلاقات الإنسان " بالآلة " تتغير. والنظم السياسية تتغير. ولكن ذلك لا يغير شيئاً من الحقيقة الثابتة التي تحكمها وقائع التاريخ البشري. وهي أن الناس كلهم من نفس واحدة، وعلاقة الرحم تربط الجميع [130].
وكذلك بعض التشريعات المدنية لها صفة الثبوت كالبيع والإيجارة والرهن والدين والوكالة.. إلخ فكانت لها تشريعات ثابتة. ومما يلفت النظر في هذا الشأن أن التشريع الفرنسي الحديث في المسائل المدنية قد أخذ كثيراً عن فقه مالك، إذ كان أقرب الفقهاء - جغرافياً - إلى فرنسا بسسب انتشار مذهبه في الشمال الإفريقي! كما أن الفقه الأوربي كله قد أخذ عن الفقه الإسلامي حين أعطى المرأة أخيراً جداً حق الملك والتعامل والتصرف الحر في الشئون المدنية [131].
أما الجانب المتطور من الحياة البشرية، وهو في الوقت ذاته متصل بالجانب الثابت، فهو سياسة الحكم وسياسة المال، و " شكل " المجتمع أو شكل البيئة، من بدوية إلى زراعية إلى تجارية إلى صناعية... إلخ.
وتلك أمور كما قلنا تتطور بتطور العقل البشري وتفاعله مع الكون، ولكنها في تطورها لا تنفصل عن الأصل الثابت، ولا يمكن أن تنفصل، بحكم وحدة الإنسان وترابطه، واستحالة تجزئته وتقطيعه وفصل بعضه عن بعض.
وفي هذه الأمور كان الإسلام حكيماً غاية الحكمة، مساوقاً للفطرة، ملبياً لحاجاتها، فوضع الخطوط العريضة ولم يضع التفصيلات. أو وضع " الإطار " الذي يريد للبشرية أن تتطور في حدوده، وترك لكل جيل من الأجيال المتعاقبة أن يضع " الصورة " في داخل الإطار. الصورة التي تناسبه، وتتفق مع ظروفه المادية ومبلغ من العلم والإنتاج. بشرط واحد: هو أن تكون الصورة على قدر الإطار، لا أكبر منه فيتحطم، ولا أصغر منه فيبدو حولها الفراغ.
في سياسة الحكم وضع أساسين: العدل والشورى:
(وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [132]
(وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) [133].
ثم لم يحدد طريق الشورى. وهل يكون مجلس واحد أو مجلسان. وهل ينتخب المجلس أو يعين. وهل يكون التمثيل شخصياً أو مهنياً.. إلخ.. إلخ وترك ذلك للتجارب البشرية واجتهادها في التطبيق.
وفي سياسة المال وضع مجموعة من الأسس ذات طابع واحد يجمعها في النهاية. هو ضرورة اشتراك الناس في الخير، بحيث لا يكون هناك محروم.
قرر القرآن أن المال في الأصل مال الله، وهو أعطاه للجماعة: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [134] (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) [135].
وقرر أن الجماعة هي صاحبة الحق الأول فيه، وأن الفرد " موظف " فيه، يستحقه بحسن قيامه عليه، فإذا لم يحسن القيام عليه عاد حق التصرف فيه إلى الجماعة: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) [136].
وقرر أن الله يكره حبسه في يد فئة قليلة من الناس تتداوله فيما بينها ويحرم منه مجموع الأمة (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) [137]
وقرر فريضة الزكاة على الأموال حقاً معلوماً للفقراء، تأخذه لهم الدولة وتعطيه لهم من بيت المال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا..) [138]
والرسول  يقول: " الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار " [139]
ويقول: لأن يمنح أحدكم أخاه (أرضه) خير له من أن يأخذ خرجاً معلوماً " [140]
وعمر بن الخطاب  يقول: " لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهليها. كما قسم النبي  خيبر " [141].
ثم لم يحدد طريقة اشتراك الناس في مال الله الذي أعطاه للجماعة وهل تكون بتأميم المرافق العامة. أم تكون بإشراك العمال في رأس المال، أم تكون بإعطائهم الأجور التي تكفل حاجاتهم الضرورية التي بينها الرسول  على حديثه: " من ولي لنا عملاً وليس له منزل فليتخذ منزلاً أو ليست له زوجة فليتخذ زوجة، أو ليس له خادم فليتخذ خادماً، أو ليست له دابة فليتخذ دابة"[142].
لم يحدد صورة معينة من هذه الصور، وترك الأجيال المتعاقبة تفكر لنفسها في الصورة التي تناسبها، وتتلاءم مع إمكانياتها. ولم يضع - في سياسة المال أو سياسة الحكم - تفصيلات ثابتة جامدة، لكي لا تصطدم بالنمو المطرد في أحوال الجماعة، والتطور المستمر فيها. ولكنه مع ذلك لم يدع هذه الأمور تفلت من الأصول الثابتة. ولم يدعها للناس يتصرفون فيها بلا دليل، بحجة أنهم أعلم بأمور " دنياهم "! فقد كان هذا التصرف الحر - في أوربا، وفي خارج الإطار الإسلامي عامة - شناعة بشعة يندى لها جبين الإنسانية " المتطورة "! كان الإقطاع في أوربا ثم كانت الرأسمالية بكل ما فيها من مظالم غنية عن الوصف. وكلاهما حرام في نظر الإسلام، فهما يجعلان المال - سواء في صورة أرض أو رأس مال - دولة بين الأغنياء وحدهم، ويحرم منه بقية الناس. ثم كان الخلاص منهما هو الشيوعية - أي العبودية المطلقة للدولة، الدكتاتورية المطلقة على الأفراد!
والإسلام - كلمة الله لجميع البشر على الأرض ولجميع الأجيال - لم يكن ليترك الناس لمثل هذا " التطور " الذي يرسفون فيه في الأغلال، وإنما يأخذ بيدهم دائماً ويرشدهم، حتى وهو يترك لهم حرية النمو وحرية التكيف مع ما يجدّ من الأوضاع، لكيلا يشردوا عن الطريق، ولكي يحتفظوا بتحررهم الوجداني الدائم في جميع الأوضاع وجميع الأحوال.

* * *
تلك قصة التطور التي جُنّ بها الناس في القرن العشرين! تطور في أشكال الحياة الظاهرة، وثبات - مع ذلك - في الأصول.. فالإسلام لم يغفل ذلك التطور من حسابه. لم يقف في سبيله. وفي الوقت ذاته لم ينحسر عنه ويترك الناس بلا دليل. إنه يساوق التطور على الدوام ويحفظه من التعثر والانحراف. يحفظه برده إلى القواعد الثابتة في الحياة البشرية. إلى الله والعقيدة. والإطار الدائم الذي يرسم العلاقة التي ينبغي أن تكون بين أفراد الجنس الواحد، الذين انبثقوا من نفس واحدة، وما تزال تصل بينهم الأرحام.
وبذلك يكون الإسلام دين الفطرة.
وهو كذلك منهج الحياة [143].؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

كيف نحب الحبيب))))إني ارغب أن أقدم مشاركة بخصوص كيف يتعلق الطفل بالنبي صلى الله علي وسلم(((()))

*وهي أن نحدث الطفل ببساطة عن سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وضرب له الامثلة من حياة الرسول على صفاة يحبها الطفل وتشجعه على فعل الخيرات كتشجيعه صلى الله عليه وسلم للأطفال على صلاة الجماعه ومكافأته للطفل الذي يصلي مع الجماعه ، ومداعبته صلى الله عليه وسلم لأبناء أصحابه وعدم التفريق بينهم وبين أبناء إبنته رضى الله عنها .. وغير ذلك من المواقف الكثيرة في حياته عليه السلام.
*وأحب أن اذكر قصة طريفة حدثت مع أخي الصغير ( 4 سنوات ) عندما سألته : هل تحب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لي بحماس وفرح: نعم فقلتله:لماذا ؟
رد سريعاً:لأنه يحبني ، فسألته باستغراب: ومن قال لك أنه يحبك ؟ فقال وهو يضغط علي الأحرف: لأن أسمي عبد الرحمن ، وكان جوابه بناء على ما أخبرته به أختي من أن رسول الله قال: " أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد " فأخذت أضحك وقلت في نفسي : سبحان الله ، صحيح إن الأطفال بطبعهم المتلقي المقلد يتعلمون ويحفظون كل تصرف بسيط يصر من الكبار أمامهم .
تحكي لإبنها – الذي يبلغ من العمر 6 سنوات سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ وفاة أبيه ، ثم ولادته صلى الله عليه وسلم وما لحق بها من معجزات ، مروراً بوفاة أمه ، ثم جده وعمه ، وزواجه ، ثم بعثته ... والغريب أنها طيلة هذه المدة لم تخبره عن اسم بطل هذه القصة التي ترويها له كل مساء قبل النوم ، وكان يلح عليها في معرفة اسم هذا البطل الذي سحره بكل اخلاقه الكريمة التي امتاز بها، فتخبره ان هذا لن يكون
إلا في الحلقة الأخيرة من القصة وأخيراً كانت الحلقة الأخيرة ، فحدثته فيها عن وفاته صلى الله عليه وسلم وأخبرته أن البطل هو نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، فحزن حزناً شديداً على وفاته صلى الله عليه وسلم وأخذ يبكي بحرقة ، أدى ذلك إلى تعلقه الشديد بشخصيته صلى الله عليه وسلم ، وتحكي الأم قائلة: أنه كان مستعداً لفعل أي عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد غيرت هذه القصة كثيراً من أسلوب حياته ، بل إنها
قلبت حياته ؟؟؟؟((((((((لمحات عن الحبيب)))سادسًا: عمله صلى الله عليه وسلم في الرعي
** كان أبو طالب مُقلاًّ في الرزق فعمل النبي صلى الله عليه وسلم برعي الغنم مساعدة منه لعمه ، فلقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن نفسه الكريمة وعن إخوانه من الأنبياء أنهم رعوا الغنم ، أما هو فقد رعاها لأهل مكة وهو غلام وأخذ حقه عن رعيه .
** ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم" فقال: أصحابه: وأنت؟ قال: "نعم, كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" .
** إن رعي الغنم كان يتيح للنبي صلى الله عليه وسلم الهدوء الذي تتطلبه نفسه الكريمة، ويتيح له المتعة بجمال الصحراء، ويتيح له التطلع إلى مظاهر جلال الله في عظمة الخلق، ويتيح له مناجاة الوجود في هدأة الليل وظلال القمر ونسمات الأشجار، يتيح له لونًا من التربية النفسية من الصبر والحلم والأناة, والرأفة والرحمة, والعناية بالضعيف حتى يقوى, وزم قوى القوي حتى يستمسك للضعيف ويسير بسيره، وارتياد مشارع الخصب والري وتجنب الهلكة ومواقع الخوف من كل ما لا تتيحه حياة أخرى بعيدة عن جو الصحراء وهدوئها وسياسة هذا الحيوان الأليف الضعيف.
** وتذكرنا رعايته للغنم بأحاديثه صلى الله عليه وسلم التي توجه المسلمين للإحسان للحيوانات , فكان رعي الغنم للنبي صلى الله عليه وسلم دربة ومرانًا له على سياسة الأمم.
============================
ورعي الغنم يتيح لصاحبه عدة خصال تربوية منها:
1- الصبر
-- على الرعي من طلوع الشمس إلى غروبها ، نظرا لبطء الغنم في الأكل ، فيحتاج راعيها إلى الصبر والتحمل، وكذا تربية البشر.
-- إن الراعي لا يعيش في قصر منيف ولا في ترف وسرف، وإنما يعيش في جو حار شديد الحرارة ، وبخاصة في الجزيرة العربية ، ويحتاج إلى الماء الغزير ليذهب ظمأه ، وهو لا يجد إلا الخشونة في الطعام وشظف العيش ، فينبغي أن يحمل نفسه على تحمل هذه الظروف القاسية ، ويألفها ويصبر عليها.
2- التواضع:
-- إذ طبيعة عمل الراعي خدمة الغنم , والإشراف على ولادتها، والقيام بحراستها والنوم بالقرب منها ، وربما أصابه ما أصابه من رذاذ بولها أو شيء من روثها فلم يتضجر من هذا ، ومع المداومة والاستمرار يبعد عن نفسه الكبر والكبرياء ، ويرتكز في نفسه خلق التواضع .
-- وقد ورد في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل: الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا؟ فقال: " إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس "
3- الشجاعة:
-- فطبيعة عمل الراعي الاصطدام بالوحوش المفترسة ، فلا بد أن يكون على جانب كبير من الشجاعة تؤهله للقضاء على الوحوش ومنعها من افتراس أغنامه.
4- الرحمة والعطف:
-- إن الراعي يقوم بمقتضى عمله في مساعدة الغنم إن هي مرضت أو كُسرت أو أصيبت ، وتدعو حالة مرضها وألمها إلى العطف عليها وعلاجها والتخفيف من آلامها , فمن يرحم الحيوان يكون أشد رحمة بالإنسان ، وبخاصة إذا كان رسولاً أرسله الله تبارك وتعالى لتعليم الإنسان , وإرشاده وإنقاذه من النار وإسعاده في الدارين .
5- حب الكسب من عرق الجبين:
-- إن الله قادر على أن يغني محمدا صلى الله عليه وسلم عن رعي الغنم ، ولكن هذه تربية له ولأمته للأكل من كسب اليد وعرق الجبين ، ورعي الغنم نوع من أنواع الكسب باليد .
-- روى البخاري عن المقدام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أكل أحد طعاما قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده" .
-- ولا شك أن الاعتماد على الكسب الحلال يكسب الإنسان الحرية التامة والقدرة على قول كلمة الحق والصدع بها وكم من الناس يطأطئون رؤوسهم للطغاة ، ويسكتون على باطلهم ، ويجارونهم في أهوائهم خوفًا على وظائفهم عندهم
** إن إقبال النبي صلى الله عليه وسلم على رعي الأغنام لقصد كسب القوت والرزق يشير إلى دلائل هامة في شخصيته المباركة منها: الذوق الرفيع والإحساس الدقيق اللذان جمّل الله تعالى بهما نبيه صلى الله عليه وسلم ، لقد كان عمه يحوطه بالعناية التامة، وكان له في الحنو والشفقة كالأب الشفوق ، ولكنه صلى الله عليه وسلم ما إن آنس في نفسه القدرة على الكسب حتى أقبل يكتسب ويتعب نفسه لمساعدة عمه في مؤونة الإنفاق ، وهذا يدل على شهامة في الطبع وبر في المعاملة، وبذل للوسع.؟؟؟؟؟سابعًا: حفظ الله تعالى لنبيه قبل البعثة
** إن الله تعالى صان نبيه صلى الله عليه وسلم عن شرك الجاهلية وعبادة الأصنام, روى الإمام أحمد في مسنده عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حدثني جار لخديجة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخديجة: "أي خديجة، والله لا أعبد اللات والعزى أبدًا" ,وكان لا يأكل ما ذبح على النصب، ووافقه في ذلك زيد بن عمرو بن نفيل. (1)
** أي خديجة والله لا أعبد اللات والعزى والله لا أعبد أبدا قال : فتقول خديجة : خل اللات, خل العزى, قال : كانت صنمهم التي كانوا يعبدون ثم يضطجعون .
الراوي: جار لخديجة بنت خويلد - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1478
** - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة هو وزيد بن حارثة فمر بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعوه إلى سفرة لهما فقال : يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب قال : فما رؤي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أكل شيئا مما ذبح على النصب قال : قلت : يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فأستغفر له قال : نعم فاستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة
الراوي: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسندأحمد - الصفحة أو الرقم: 3/117
** "وقد حفظه الله تعالى في شبابه من نزعات الشباب ودواعيه البرئية التي تنزع إليها الشبوبية بطبعها، ولكنها لا تلائم وقار الهداة وجلال المرشدين"
** قال محمد بن اسحاق فشب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية لما يريد من كرامته ورسالته حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأكرمهم حسبا وأحسنهم جوارا وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وأعظمهم أمانة وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته أنه قال لقد رأيتني في غلمان من قريش ننقل الحجارة لبعض ما يلعب الغلمان كلنا قد تعرى وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة ثم قال شد عليه إزارك قال فأخذته فشددته علي ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي من بين أصحابي وهذه القصة شبيهة بما في الصحيح عند بناء الكعبة حين كان ينقل هو وعمه العباس فإن لم تكنها فهي متقدمة عليها كالتوطئة لها والله أعلم
** قال عبدالرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبدالله يقول لمابنيت الكعبة ، ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة ، فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم : ( اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة ، فخر إلى الأرض ، وطمحت عيناه إلى السماء ، ثم أفاق فقال : ( إزاري إزاري ) . فشد عليه إزاره .
الراوي: جابر بن عبدالله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3829
** وعن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون به، إلا مرتين من الدهر، كلتيهما يعصمني الله منهما، قلت ليلة لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في أغنام أهله يرعاها: أبصر إليَّ غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة ، كما يسمر الفتيان ، قال: نعم، فخرجت، فجئت أدنى دار من دور مكة، سمعت غناء، وضرب دفوف، ومزامير، فقلت: ما هذا؟" فقالوا: فلان تزوج فلانة، رجل من قريش تزوج امرأة من قريش ، فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني ، فما أيقظني إلا حر الشمس فرجعت فقال: ما فعلت؟ فأخبرته، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ففعل، فخرجت، فسمعت مثل ذلك، فقيل لي مثل ما قيل لي، فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني ، فما أيقظني إلا مس الشمس، ثم رجعت إلى صاحبي فقال: فما فعلت؟ قلت: ما فعلت شيئًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته" .
===================
وهذا الحديث يوضح لنا حقيقتين كل منهما على جانب كبير من الأهمية:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا بخصائص البشرية كلها ، وكان يجد في نفسه ما يجده كل شاب من مختلف الميول الفطرية التي اقتضت حكمة الله أن يجبل الناس عليها ، فكان يحس بمعنى السمر واللهو ، ويشعر بما في ذلك من متعة ، وتحدثه نفسه لو تمتع بشيء من ذلك كما يتمتع الآخرون.
2- أن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف وعن كل ما لا يتفق مع مقتضيات الدعوة التي هيأه الله لها . (2)
---------------------------
1// السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث -- علي محمد الصلابي
2// المرجع السابق؟؟؟؟؟؟السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة....
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته وسار على نهجه إلى يوم الدين
إخواني وأخواتي
اسمحولي بان اقدم نبذه قصيرة عن سيد هذه آلامه وحبيبها وهو المصطفى الصادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقد اخذتها من موسوعة الثقافة والمعلومات الطبعة الاولى للمؤلف /مهدي سعيد رزق كريزم
وانصح الجميع بااقتناء الموسوعه فهي جديره بالقراءة ....
الموضوع : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
1-اسمه ونسبه :
هو محمد بن عبدا لله بن عبد المطلب,من قبيلة قريش,ينتهي نسبه إلى قبيلة عدنا ثم إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام 0
2-ولادته:
ولد صلى الله عليه وسلم في مكة بشعب بني هاشم صبيحة يوم الاثنين 12ربيع الأول من عام الفيل الموافق 20أبريل عام 571- قبل الهجرة بثلاث وخمسين سنة 0
3-هجرته:
هاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة في يوم الاثنين 27 من شهر صفر عام 14 للبعثة المباركة الموافق 12 سبتمبر عام 622م ووصل إلى المدينة المنورة في يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 14 للبعثة الموافق 26 سبتمبر عام 622 .
وقيل وصل إلى المدينة المنورة في يوم الاثنين 8ربيع الأول عام 14 للبعثة الموافق 23 سبتمبر عام 622م ولعل هذا الاختلاف ناتج عن مدة الثلاثة أيام التي مكثها في الغار
4- وفاته :
توفى صلى الله عليه وسلم ضحى يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 11للهجرة الموافق 8 يونية عام 632 وذلك في المدينة المنورة ودفن في حجرة عائشة رضي الله عنها ,جنوب شرق المسجد النبوي.
5 كنيته :
كنيته : أبو القاسم
6- أسماؤه وصفاته وألقابه:
محمد,احمد,الماحي,العاقب , الحاشر,الخاتم,المقتفي ,نبي الرحمة,البشير,النذير ,الأمين,الصادق,المصطفى,طه,يس,السراج,المنير,رؤوف,
رحيم ,واوصاف أخرى كثيرة
7-زوجاته:
1-خديجة بنت خويلد

2- سوده بنت زمعة

3- عائشة بنت أبى بكر الصديق

4- حفصة بنت عمر بن الخطاب

5- زينب بنت خزيمة

6- هند بنت أبي أمية(ام سلمة

7- زينب بنت جحش

8- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان

9- ميمونة بنت الحارث

10- جويرية بنت الحارث

11- صفية بنت حيي بن أخطب

12- مارية القطبية

13- ريحانة بنت زيد من بني النظير


8-أولاده:

1-القاسم

2-عبدالله

3-إبراهيم

4-زينب

5-رقية

6-أم كلثوم

7-فاطمة,وجميعهم من ام المؤمنين خديجة بنت خويلد ماعدا إبراهيم فهو من مارية القطبية


9-أخواله:

أخواله : بنو زهرة, وبنو عدي بن النجار


10-عمـــــــلــــه:
كان صلى الله عليه وسلم قبل البعثة يرعى الغنم ثم عمل بالتجارة وبعد البعثة تفرغ لامر الدعوة والجهاد


11-أبوه من الرضاعة:
هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة 000من هوازن


12- أمــــه:

هي آمنة بنت وهب من بني زهرة


13- مرضعاته:

1-أ مــــه

2- ثوبية (جارية أبي لهب )

3- حليمة السعدية

14- أخوته من الرضاعة:
عبدالله بن الحارث ,أنيسة بنت الحارث, وحذافة بنت الحارث (الشيماء


15- أخوته من النسب
ليس له اخوة من النسب بل كان وحيد أبويه


16-أعمامه وعماته:

1-الحارث بن عبد المطلب

2- أبو طالب واسمه عبدمناف

3- حمزة

4- أبو لهب واسمه عبد العزى

5- العباس

6- الزبير

7- حجلا

8- المقوم

9- ضرار


عمــــــــــاته ست :

1-صفية

2- البيضاء

3- عاتكة

4-أميمة

5-أروى

6- بره

17-أصهاره

1-العاص بن الربيع زوج زينب

2-عتبة بن أبى لهب تزوج رقية ثم طلقها

3- عتيبة بن أبى لهب تزوج ام كلثوم ثم طلقها

4- عثمان بن عفان تزوج رقية ثم ماتت فتزوج أم كلثوم

5- علي بن أبى طالب تزوج فاطمة الزهراء


18- صاحبه:

هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه واسمه عبدالله بن أبى قحافة


19- سبطاه:
هم الحسن والحسين أبناء أبنته فاطمة


20-أمين سره :
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه


21- حواريه:
الزبير بن العوام رضي الله عنه


22- حبــه:
زيد بن الحارثة رضي الله عنه


23- ابن حبه:
أسامة بن زيد بن الحارث ويطلق عليه أيضا حبه وابن حبه


24 شعراؤه :
حسان بن ثابت , عبدالله بن رواحه, كعب بن مالك


25- خـــــــدمـــــــــــــــــه:

1-أنس بن مالك

2- هند وأسماء أبناء حارثة الاسلمي

3- أبو هريرة , سلمى, خضرة

4-رضوى

5- ميمونة بنت سعد

6-بركة أم أيمن

7- أنجشة

8- شقران

9- سفينة

10- يسار النوبي

11-رباح,أسلم (أبو رافع فضالة

12-مدعم
13-رافع
14 -كركرة
26- حاضنته:
هي بركة أم ايمن
قابلته:
القابلة التي قامت على ولادته صلى الله عليه وسلم هي الشفاء والدة عبد الرحمن بن عوف
27- كافــــــــلــه:
كفله جده عبد المطلب ,وبعد وفاته عمه أبو طالب
28- عمره:
توفى صلى الله عليه وسلم وعمره 63عاما
29- ساعيه:
هو عمرو بن أمية الضمري
30- حارسه:
محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه
31- فارسه:
أبوقتادة الأنصاري رضي الله عنه
32- المؤذنون في عهده
1-بلال بن رباح
2-عبدالله بن أم كلثوم
3-أبومحذوره واسمه أوس بن معير الجمحي , اسلم بعد حنين وتوفى
عام 59هـ

33- حجاته:
حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحده وهي حجة الوداع عام 10هـ

34- عمراته :
اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات هن:

1-عمرة الحديبة عام 6هـ

2-عمرة القضاء عام7هـ

3-وعمرة الجعرانه عام 8هـ

4-وعمرته التي قرنها مع حجته عام 10هـ وكانت جميع تلك العمر في شهر ذي القعدة

35-أسماء سيوفه :

1-ذوالفقار

2-بتار

3-الحيف

4-رسوب

5-المخدم

6-مأثور(وهو السيف الذي ورثه عن والده )

7-العضب

8-القضيب


36-أسماء أقواسه:

1-الزوراء

2-الروحاء

3-الصفراء

4-الكتوم

5- السداد


37- أسماء دروعه :
ذات الفضول (وهي التي رهنها عند اليهود ذات الوشاح,ذات الحواشي , السعدية , فضة, البتراء ,الخرنق بكسر الخاء


38-أسماء خيوله:

1-السكب

2-المرتجز

3-اللحيف

4-اللزاز

5-الطرب

6-سبحة أو(سبخة بالخاء

7-الورد


39- أسماء نوقه وجماله ودوابه الأخرى:
كان له ناقة واحده هي القصواء وهي التي هاجر عليها من مكة إلى المدينة وكانت تسمى الجدعاء والعضباء


وكان عنده حمار يقال له عفير

واخر يسمى يعفور


البغال :

بغلة اسمها دلدل أهداها له المقوقس هي والحمار عفير

وبغلة أخرى اسمها فضة أهداها له فروة بن عمرو الجذامي ومعها الحمار يعفور وقد أهداها صلى الله عليه وسلم هذه البغله (فضة لى أبي بكر الصديق

وكان عنده من منائح المعز سبعة هن :

1-عجوة

2-زمزم

3-سقيا

4-بركة

5-ورسة

6-أطلال

7-أطراف ومن النوق اللقائح ذات اللبن سبع لقائح.


40- رايته :

أسم رايته صلى الله عليه وسلم العقاب


41- أشباهه:

كان يشبه من الصحابة

1- الحسن بن على بن أبى طالب

2- جعفر بن أبى طالب رضي الله عنه

3- قثم بن عباس بن عبد المطلب

4- أبو سفيان بن الحارث

5- السائب بن عبيد بن عبد مناف

6- عبدالله بن جعفر بن أبي طالب


42- كتابه:

كان هناك كتاب للرسول صلى الله عليه وسلم يكتبون ما ينزل من القران الكريم أشهرهم :

1- أبو بكر الصديق

2- عمر ابن الخطاب

3- عثمان بن عفان

4- علي بن أبى طالب

5-معاذ بن جبل

6- زيد بن ثابت

7- معاوية بن أبى سفيان

8- ابي بن كعب

9- عبدالله بن مسعود

10- خالد بن الوليد

11- ثابت بن قيس

12- أبان ابن سعيد

وقد ذكر الحافظ العراقي اثنين واربعين كاتبا من كتاب الوحي 0


43- بيوته :

كان للرسول صلى الله عليه وسلم تسعة بيوت (حجرات وهن :حجرات زوجاته إضافة إلى حجرة فاطمة الزهراء ,وقيل إن هناك حجرة عاشره لاام المؤمنين ميمونة بنت الحارث ولم يرد في عبارات المتقدمين يحدد موقع هذه الحجرات ولعلها كانت في الجهة الشمالية الشرقية


44- جملة الغزوات التي كانت في عهده 29 غزوة والمشهور إن عدد غزواته 27 غزوة وذلك باعتبار صلح الحديبية ليست غزوة ,وباعتبار عدم خروجه في غزوة موتة ,فتكون الغزوات التي اشترك فيها وكان قائدها 27غزوة وجملة الغزوات 29غزوة وعدد الغزوات التي قاتل فيها بنفسه 9غزوات وعدد سراياه التي أرسلها : ستون سرية ,وعدها بعضهم 56 سرية بسبب عدم ذكرهم ليوم الرجيع وحدث بئر مؤنه وبعث أسامة بن زيد ,وهكذا
وكانت أول غزواته هي غزوة الأبواء (ودان في صفر عام 2هـ واخر غزوة غزاها غزوة (تبوك

واول سرية أرسلها صلى الله عليه وسلم هي سرية حمزة بن عبد المطلب وكانت إلى ساحل البحر في رمضان عام 1 هـ0 وقد قال علماء السيرة إن الغزوة :هي الموقعة التي شهدها الرسول صلى الله وسلم سواء قاتل فيها ام لم يقاتل بنفسه 0


والسرية هي : الموقعة التي لم يشهدها الرسول صلى الله عليه وسلم ,وإنما أرسل غيره فيها 0 أقول : إن غزوة مؤته لم يشهدها الرسول بنفسه ومع ذلك سميت غزوة ,بل وهي غزوة ومعركة حقيقة كبيرة مع الروم , كما أن صلح الحديبية يعد من ضمن الغزوات رغم أنه كان صلحا واتفاقا 0

وعلى ذلك فاقول :إن الغزوة هي التي تضم جيشا بالمعنى المعروف للجيش حدث قتال ام لم يحدث هذا والله اعلم


نسال الله عز وجل أن ينفعنا بما قرائنا واسف على الإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟؟؟؟؟))))))))(((((ثامنًا: لقاء الراهب المسمى بحيرا بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو غلام



** "خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يسيرون ، فلا يخرج إليهم ولا يلتفت.

** قال: فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين ، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خرَّ ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة.

** ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به، وكان هو في رعية الإبل قال: أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله, فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه.

** قال: فبينما هو قائم عليهم، وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إذا عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا سبعة قد أقبلوا من الروم، فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جاءنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، وإنا قد أخبرنا خبره، بعثنا إلى طريقك هذا، فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟

** قالوا: إنما اخترنا خيره لك لطريقك هذا، قال: أفرأيتم أمرًا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا. قال: فبايعوه وأقاموا معه.
قال: أنشدكم الله أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب.
======================
ومما يستفاد من قصة بحيرا عدة أمور منها:
1- أن الصادقين من رهبان أهل الكتاب يعلمون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الرسول للبشرية، وعرفوا ذلك لما وجدوه من أمارات وأوصاف عنه في كتبهم.
2- إثبات سجود الشجر والحجر للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتظليل الغمام له وميل فيء الشجرة عليه.
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من سفره وتجواله مع عمه وبخاصة من أشياخ قريش ، حيث اطلع على تجارب الآخرين وخبرتهم ، والاستفادة من آرائهم ، فهم أصحاب خبرة ، ودراية ، وتجربة لم يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنه تلك.
4- حذر بحيرا من النصارى, وناشد عمه وأشياخ مكة ألا يذهبوا به إلى الروم ، فإن الروم إذا عرفوه بالصفة يقتلونه لقد كان الرومان على علم بأن مجيء هذا الرسول سيقضي على نفوذهم الاستعماري في المنطقة ، ومن ثم فهو العدو الذي سيقضي على مصالح دولة روما ، ويعيد هذه المصالح إلى أربابها، وهذا ما يخشاه الرومان.؟؟؟؟؟(((((((((الرسول في بيته)))))الرسول في بيته كان زوجاً حنوناً وأباً رحيماً
القاهرة - «العالم الاسلامى»
● ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حسن معاملة النساء، فقد كان قدوة حسنة في معاملة زوجاته، وكان دائماً يوصي بالنساء خيراً، ويأمر بحسن معاشرتهن بالمعروف وكان صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والقدوة في معاملة أزواجه والشفقة على أهل بيته .
في البداية تقول دكتورة عبلة الكحلاوي الأستاذ بجامعة الأزهر: لقد ضرب رسولنا الكريم المثل الأعلى في العفة والطهارة والتمسك بالآداب العليا والقيم الرفيعة، حتى يمكن ان يقال انه بلغ الذروة في الفضائل كلها، فوصفه ربه بقوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} ووصفت السيدة عائشة خلقه فقالت «كان خلقه القرآن».
ومن أرقى ضروب المثالية أهدافه السامية من زواجه وسيرته الميمونة في اختيار زوجاته وسماحته المثلى في معاملتهن فكانت أهدافه تختلف عن أهداف معظم الناس فلم يلتفت إلى لون ولا إلى جمال ولكنه اهتم بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والسريرة الصافية.
وفاء الرسول
تزوج السيدة خديجة وهو في الخامسة والعشرين وهى في الأربعين من عمرها استجابة لما كان يجمع بينهما من قبل البعثة من الخلق ونبذ الحياة الفاسدة التي كان يحياها أهل مكة قبل الإسلام.
والتاريخ يشهد ما لهذا الزواج من اثار مبهرة على مسيرة الدعوة الإسلامية فقد واسته خديجة بنفسها ومالها وحبها وتصديقها ولم يتزوج بغيرها في حياتها في وقت كان التعدد عند العرب مطلقا وبلا حدود او قيود.
وكان صلى الله عليه وسلم وفياً لزوجته خديجة في السر والعلانية وفي حياتها وبعد مماتها وظل يذكر السيدة خديجة بالخير طوال حياته ويقول انها واسته بمالها حين حرمه الناس وآمنت به اذ كذبه الناس ورزق منها البنين والبنات.

حياة زهد وتقشف

وتؤكد الدكتورة سعاد صالح سمو أهداف الرسول من زواجه فإذا بينا ظروف الحياة التي كان يحياها عليه الصلاة والسلام في بيته فقد كانت حياة خشنة الى أبعد حد.
تقول السيدة عائشة رضى الله عنها كان يمر الشهر والشهران وما توقد في بيت رسول الله نار فلما سئلت: علام كنتم تعيشون؟ قالت على الأسودين التمر والماء». وقالت «ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية، ولو شئنا لشبعنا، ولكن نؤثر على أنفسنا».
فلو كان الهدف من الزواج المتعة لأنفق على هؤلاء الزوجات باغداق حتى يشعرن برخاء وهناء في العيش.. ولكنه التشريع الحميد ولذلك حينما اجتمعت نساء الرسول يطلبن مزيدا من النفقة ومتع الحياة رفض الرسول ذلك ونزل القرآن يؤيده يقول: {إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً}.
فاخترن جميعاً الله ورسوله والدار الآخرة لانهن ادركن حينئذ الهدف الحقيقي من تكريم الرسول لهن بالزواج منهن.

حسن العشرة

وتبين دكتورة سعاد صالح معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجاته وسلوكه في بيته فتقول: لقد كان صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى وقدوة طيبة في حسن العشرة مع زوجاته وكيف لا وهو القائل: أكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم» وقال ايضا «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
ومن مثاليات الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يعنف زوجاته ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل كان يتحمل غضب إحداهن دون تعنت ولا تجبر ويقابل ذلك بالتلطف واللين والكلمة الطيبة.
وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اني لآعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غاضبة. فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية فانك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم.. قلت: أجل والله يارسول الله ما أهجر إلا اسمك».
ولقد اثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا غضبت عائشة وضع يدها على منكبها وقال: «اللهم اغفر لها ذنبها واذهب عنها غيظ قلبها واعذها من الفتن».
والذي يبهر الإنسان من سيرة رسول الله هذه الثقة الكاملة في زوجاته ويدل على ذلك ما جرى يوم حديث الإفك فقد رمى بعض المنافقين أم المؤمنين عائشة بما لا يليق وكان ذلك كافيا لزعزعة استقرار البيت إلا أن البيت النبوي ظل متماسكاً لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتطرق اليه الشك قط وظل على ثقته بها شهرا حتى أنزل الله تعالى ثماني عشرة آية متتالية لتبرئة أم المؤمنين عائشة وتوعد بالعذاب من تكلموا في حقها بغير بينة» قال الله تعالى {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم}.

المشاركة في أعمال البيت

وقد عرف عن رسول الله فيما أخبرت عنه عائشة انه كان في مهنة أهله يشاركهن في عمل البيت فتقول: «كان يرقع ثوبه ويحلب الشاة ويعمل ما يعمل الرجال في بيته فإذا حضرت الصلاة خرج».
كما قالت السيدة عائشة «ماضرب رسول الله امرأة ولا خادما ولا لطم خدا ولم يكن سبابا ولا فظا ولا غليظاً» ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل زوجاته بمنتهى العدل، فلا يفضل احداهن على الأخرى كما كان يحذر من عدم العدل بين الزوجات.
فقد روى أنه قال: «من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» أما العدل في المحبة القلبية فغير ممكن وقد عبر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك» يعني الميل القلبي ومن مثاليات الرسول صلى الله عليه وسلم انه ما عاب طعاما قط ان اشتهاه أكله وان كرهه تركه وتلك حكمة غالية ينبغي ان ينتبه لها كثير من الأزواج الذين يثورون ويتفوهون بكلمات لا تليق حينما تقدم لهم الزوجات طعاماً لا يحبونه
الشمائل المحمدية– معاملته صلى الله عليه وسلم لنسائه
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، ومننت علينا ببعثة خير الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، سيد الأواخر والأوائل، المبعوث بأكرم السجايا وأشرف الشمائل، صلى الله عليه وعلى آله أولو المكرمات والفضائل، وصحبه الذين أحبوه محبة تفوق محبة النفس والمال والولد والحلائل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وفي نصرة الحق يجاهد ويناضل، وسلم تسليمًا كثيرًا.
إخوتي الافاضل:
إننا أمة عقيدةٍ إيمانية صافية، ورسالةٍ عالمية سامية، أمةُ توحيد خالص لله، واتباع مطلق للحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والسنة المحمدية والسيرة النبوية، هي للأجيال خيرُ مربٍّ ومؤدِّب، وللأمة أفضل معلم ومهذِّب، وليس هناك أمتعُ للمرء من التحدث عمن يُحبّ، فكيف والمحبوب هو حبيب رب العالمين وسيد الأولين والآخرين، فهو مِنة الله على البشرية، ورحمته على الإنسانية، ونعمته على الأمة الإسلامية. فبالله ثم بمحمد بن عبد الله قامت شِرعةٌ وشُيِّدت دولةٌ وصُنِعَت حضارةٌ وأسُّست ملةٌ من ملل الهدى غراءُ.
بُنيت على التوحيد وهي حقيقةٌ***نادى بها الحكماء والعقلاء
ولكن ماهو معيار حبنا الحقيقي الصادق يقول الله تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) . اذاً الحب الحقيقي هو الاتباع قولاً وفعلاً
لذلك ياإخوة الإيمان
ونحن في زمن تواجه الامة أمواج من الفتن والمحن ألونا واشكال من التصدي السافر والتحدي الماكر والتآمر الجائر من قبل أعداء الإسلام على المرأة , فنحن في أمسِّ الحاجة للاقتباس من مشكاة النبوة , والسنة المباركة , ومعرفة السيرة العطرة معرفة اهتداء واقتداء .
إخوة الإيمان
يخطئ كثيرون حينما ينظرون إلى المصطفى صلي الله عليه وسلم , وسيرته كما ينظر الآخرون إلى عظمائهم في نواحٍ قاصرة، محدودة بعلمٍ أو عبقرية أو حِنكة. فرسولنا صلى الله عليه وسلم قد جمع نواحي العظمة الإنسانية كلها في ذاته وشمائله وجميع أحواله، لكنه مع ذلك ليس رباً فيقصَد، ولا إلهًا فيُعبَد، وإنما هو نبي يُطاع ورسول يُتَّبع، خرَّج البخاري في صحيحه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا: عبد الله ورسوله)).
يا أحباب رسول الله عليه الصلاة والسلام :
هذه وقفاتٌ ومقتطفات مع جانب من جوانب الشمائل المحمدية والآداب المصطفوية ,

أخلاقه بأبي وامي ومعاملاته مع زواجاته :

يقول عليه الصلاة والسلام : ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم)) اخرجه أحمد وأهل السنن.
عمل الرسولصلى الله عليهوسلم هو القدوة... حيث كان يعامل زوجاته اجمل معاملة وكانيساعد عائشة رضي الله عنها في عمل البيت. فهل نقتدي برسولنا في حسن المعاملة
بل كانت عائشة تقول: كان رسول الله وأنا حائض يأخذ الإناء الذي فيه الطعام، ويقسم عليّ أن آكل منه، ثم يأخذ الإناء، ويتحرى موضع فمي ويضع فمه على موضع فمي من الإناء. مجاملة بل مؤانسة وإظهارا للمودة رحمة بهذه الزوجة، وكان يفعل هذا، وتقسم على هذا عائشة أنه كان يفعل ذلك في إناء الماء، فكانت تشرب عائشة ويأخذ هو الإناء ويتحرى موضع فمها فيشرب؛ كل ذلك ليعلم أمته كيف تكون العلاقة بين الزوجين.
وكيف تدوم المودة والرحمة، كيف تحتاج المرأة لملاطفة الرجل، لملاعبة الرجل، إلى حسن الكلام مع المرأة وكان نبينا يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ، استوصوا بالنساء خيرا." يقول ربنا عز وجل: "وقولوا للناس حسنا"
حدث خلاف بين النبي وعائشة ـ رضي الله عنهما فقال لها من ترضين بيني وبينك .. أترضين بعمر؟
قالت: لا أرضي عمر قط "عمر غليظ".
قال أترضين بأبيك بيني وبينك؟ قالت: نعم، فبعث رسول الله رسولاً إلى أبي بكر فلما جاء قال الرسول : تتكلمين أم أتكلم؟
قالت: تكلم ولا تقل إلا حقاً، فرفع أبو بكر يده فلطم أنفها، فولت عائشة هاربة منه واحتمت بظهر النبي ، حتى قال له رسول الله: أقسمت عليك لما خرجت بأن لم ندعك لهذا.
فلما خرج قامت عائشة فقال لها الرسول : ادني مني؛ فأبت؛ فتبسم وقال: لقد كنت من قبل شديدة اللزوق(اللصوق) بظهري – إيماءة إلى احتمائها بظهره خوفًا من ضرب أبيها لها -، ولما عاد أبو بكر ووجدهما يضحكان قال: أشركاني في سلامكما، كما أشركتماني في دربكما".(رواه الحافظ الدمشقي) في السمط الثمين.
برغم المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة التي يتمتع بها الرسول الكريم ، فهو سيد البشر وهو أول شفيع وأول مشفع .. فإن الرقة التي كان يتعامل بها مع زوجاته تفوق الوصف.
ولأن الرسول بشر كما قال : "إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إلي" وكذلك زوجاته فإن بيت النبوة كانت تعترضه بعض الخلافات والمناوشات بين الحين والحين..
إلا أن ثمة فارقاً مهماً ينبغي أن نلتفت إليه وهو أن الله عز وجل قد جعل رسولنا الكريم هو القدوة والأسوة الحسنة، وهو نعم القدوة ونعم الأسوة، فقد قال عنه ربنا في كتاب يتلى إلى يوم الدين: "وإنك لعلى خلق عظيم".
ولذلك إذا استعرضنا المواقف الخلافية "بين النبي وأزواجه فسنجد تصرفاته نموذجاً ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن تهتدي به حتى ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة.. دخل الرسول ذات يوم على زوجته السيدة (صفية بنت حيي) ـ رضي الله عنها ـ فوجدها تبكي، فقال لها ما يبكيك؟
قالت: حفصة تقول: إني ابنة يهودي؛ فقال : قولي لها زوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى,وهكذا نرى كيف يحل الخلاف بكلمات بسيطة وأسلوب طيب.
وفي صحيح مسلم تروي لنا السيدة عائشة طرفاً من أخلاق رسول الله فتقول: ما ضرب رسول الله شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله.."
وعندما يشتد الغضب يكون الهجر في أدب النبوة أسلوباً للعلاج، فقد هجر الرسول زوجاته يوم أن ضيقن عليه في طلب النفقة..
حتى عندما أراد الرسول الكريم أن يطلق إحدى زوجاته نجده ودوداً رحيماً، ذلك الموقف الخالد قائلة عن سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنها ـ أرملة مسنة غير ذات جمال، ثقيلة الجسم، كانت تحس أن حظها من قلب الرسول هو الرحمة وليس الحب، وبدا للرسول آخر الأمر أن يسرحها سراحًا جميلاً كي يعفيها من وضع أحس أنه يؤذيها ويجرح قلبها، وانتظر ليلتها وترفق في إخبارها بعزمه على طلاقها.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: خشِيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله، لا تطلقني وأمسكني واجعل يومي لعائشة ، ففعل، ونزلت هذه الآية : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
وفي رواية أخرى أنه قد بعث إليها صلى الله عليه وسلم فأذهلها النبأ ومدت يدها مستنجدة فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: والله ما بي على الأزواج من حرص، ولكني أحب أن يبعثني يوم القيامة زوجة لك وقالت له: ابقني يا رسول الله، وأهب ليلتي لعائشة , فيتأثر صلى الله عليه وسلم لموقف سودة العظيم؛ فيرق لها ويمسكها ويبقيها ويعطينا درساً آخرَ في المروءة صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث الإفك - ذلك الحديث الذي هز بيت النبوة، بل هز المجتمع المسلم بكامله كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم نبراساً لكل مسلم، وخاصة في تلك الآونة التي يكثر فيها اتهام الأزواج لزوجاتهم أو الزوجات لأزواجهن بسبب ومن غير سبب.. فتروى السيد عائشة في الصحيحين قائلة: فاشتكيت حين قدمناها شهراً" اي حين قدم المدينة "، والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول "كيف تيكم" ؟
وعندما يخطب النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً.. وحين يتحدث إلى عائشة يقول لها برقته المعهودة (صلى الله عليه وسلم): أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه"، "حديث الإفك مروي في الصحيحين" حتى أنزل الله من فوق سبع سموات براءة فرح بها قلب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة والمسلمون جميعاً.
ويقول الإمام ابن القيم في بيان هدية صلى الله عليه وسلم مع زوجاته
"وكانت سيرته مع أزواجه: حسن المعاشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. وكانت إذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه. وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب وكان إذا تعرقت عرقا -وهو العظم الذي عليه لحم- أخذه فوضع فمه موضع فمها".
"وكان يتكئ في حجرها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها. وربما كانت حائضا. وكان يأمرها وهي حائض فتتزر ثم يباشرها.. وكان يقبلها وهو صائم".
"وكان من لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة، وهم يلعبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه تنظر وسابقها في السير على الأقدام مرتين.. وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة".
"وكان إذا صلى العصر دار على نسائه، فدنا منهن واستقرأ أحوالهن. فإذا جاء الليل انقلب إلى صاحبة النوبة خصها بالليل. وقالت عائشة: كان لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندهن في القسم، وقل يوم إلا كان يطوف علينا جميعا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ التي هو في نوبتها، فيبيت عندها".
وإذا تأملنا ما نقلناه هنا من هدية صلى الله عليه وسلم في معاملة نسائه، نجد أنه كان يهتم بهن جميعا، ويسأل عنهن جميعا، ويدنو منهن جميعا. ولكنه كان يخص عائشة بشيء زائد من الاهتمام، ولم يكن ذلك عبثا، ولا محاباة، بل رعاية لبكارتها، وحداثة سنها، فقد تزوجها بكرا صغيرة لم تعرف رجلا غيره عليه السلام، وحاجة مثل هذه الفتاة ومطالبها من الرجل أكبر حتما من حاجة المرأة الثيب الكبيرة المجربة منه.
ولا أعني بالحاجة هنا مجرد النفقة أو الكسوة أو حتى المعاشرة الزوجية ، بل حاجة النفس والمشاعر أهم وأعمق من ذلك كله.
ولا غرو أن رأينا النبي صلى الله عليه وسلم ينتبه إلى ذلك الجانب ويعطيه حقه، ولا يغفل عنه، في زحمة أعبائه الضخمة، نحو سياسة الدعوة، وتكوين الأمة، وإقامة الدولة. (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
فهل توجد في اي اتفاقية او دستور او أي نظام آخر ، ما جاء في الإسلام وكيف أنه شرع تشريعات تهدف للمحافظة على عرض المرأة وكرامتها وألزم الرجل بأداء حقوقها كاملة وتكفل لها بحلول لما يعرض لها من مشاكل في حياتها الزوجية وحياتها العامة .
ولنتأمل معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه فيما ذكره ابن كثير – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) : { أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيآتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر يداعب أهله ويتلطف بهم ويوسعهم نفقة ويضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها يتودد إليها بذلك قالت سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني فقال هذه بتلك ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام يؤأنسهم بذلك صلى الله عليه وسلم
والرسول عليه الصلاة والسلام , أراد لنا أن نعرف أن الإسلام ليس دين أحكام ودين أخلاق وعقائد فحسب بل دين حب أيضاً ، دين يرتقي بمشاعرك حتى تحس بالمرأة التي تقترن بها وتحس بالصديق الذي صحبك حين من الدهر وبكل من أسدى لك معروفاً او في نفسك ارتباط معه ولو بكلمة ( لا اله إلا الله ، محمد رسول الله ).
فلماذا لا ندور حول النبي زوجا، كما يدور التربويون والاصلاحيون والدعاة, حول النبي قائدا، ومعلما؟
بدل الجري وراء الغرب في قوانينهم , واتفاقيتهم وما يدعون اليها .

واخيراً اسال الله أن يحفظ الإسلام والمسلمين من كيد الكائدين .وأن ينصر كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعباده الصالحين.

أختكم أم فارس

http://www.fin3go.com/newFin/op.php?section=topic&action=show&id=941
السؤال

كيف كانت معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجاته وأبنائه وتواضعه بشكل عام ؟
الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته وأولاده ولكافة الناس أكمل معاملة وأتمها، كما تشهد بذلك كتب الحديث والسيرة، ونحن نذكر نماذج من ذلك من تلك المعاملة الطاهرة، فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
وقال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. والأهل هنا يشمل الزوجات والأقارب والأولاد، كما في تحفة الأحوذي في شرح الترمذي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً. رواه أحمد والترمذي.
وكان يوصي أصحابه بزوجاتهم خيراً ويقول: إنما هن عوان عندكم -أي اسيرات-. رواه الترمذي.
وفي صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني في خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
وروى أحمد وابن حبان وصححه عن عروة قال: قلت لعائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم.
وهذا يدل على إعانته لأهله، لا كما يتوهمه بعض الناس من أن ذلك نقصاً وعيباً أن يعين الرجل أهله في أعمال البيت، وهذا التعاون يولد الألفة والمحبة بين الزوج وزوجته كما لا يخفى.
وأما معاملته لخدمه فكانت أحسن معاملة كما يحكي ذلك خادمه أنس بن مالك قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشر سنين والله ما قال لي: أفاً قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت.
وهذا يدل على تواضعه الجم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: وما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه. رواه مسلم.
وعند ابن ماجه وصححه ابن حبان: من تواضع لله رفعه حتى يجعله في أعلى عليين.
والأخبار في تواضعه وحسن معاملاته مع أهله والمؤمنين، بل ومع الكافرين كثيرة مشهورة يرجع لها في سيرته صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
المفتـــي:
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=27182&Option=FatwaId (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=27182&Option=FatwaId)
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تحدث الله سبحانه وتعالى عن الأسرة، جعل الحب أساساً لكلامه: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، والمودة هي الحب. وقد جعل سبحانه الرحمة بعد المودة، لأنه إذا غابت المودة فيرحم الزوج زوجته، وترحم الزوجة زوجها فلن يكون هناك حب، أما إذا عادت المودة فسيعود الحب وحسن المعاملة بين الزوجين هي الطريق الوحيد لاستعادة الحب، أما القسوة والغلظة والقهر فهي التي تقطع الطريق أمام عودة الحب.
وأولويات الرجل في مسؤوليته عن الأسرة هي التربية ثم الإنفاق. إذا لا ينفع أن يدعي الرجل أنه أدى واجبه حين أنفق على أولاده وزوجته، فأين احتضانه لأولاده وحنانه عليهم وأين مودته للزوجة؟ كذلك فإن أولويات المرأة الحنان للرجل وتربية الأبناء ثم يأتي بعد ذلك العمل. من المهام الرئيسية للرجل أن يعطي الحنان للمرأة، وقد قال سبحانه: "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن".
وإذا عدنا إلى بيت النبي، نجد أنه http://www.pal3yoon.com/vb/images/smilies/salah%5B1%5D.gif عليه وسلم لم يكن ينادي السيدة عائشة باسمها، إنما كان يدللها بعائش. وكان يطعمها في فمها بيده. وكان إذا جاءها الحيض يبحث عن موضع شفتيها على الإناء حين تشرب الماء، فيضع شفتيه حيث وضعت شفتيها ليشعرها بالحنان. ويأخذها للفسحة كل أسبوع، ولم يتعلل أبداً بانشغاله بعمله أو مسؤوليته. وكان يلعب معها ويسابقها وتسبقه. وكان يكثر من إطعامها حتى يزيد وزنها فلا تسبقه. وحين يسبقها في العدو ويقول لها: ياعائشة وهذه بتلك. فتفهم أنه كان يتعمد الإكثار من إطعامها ليثقل وزنها ويكسبها في السباق.
وتقول زوجات الرسول: كان رسول الله http://www.pal3yoon.com/vb/images/smilies/salah%5B1%5D.gif عليه وسلم ضاحكاً في بيته. أي كان يضحك ويُضحك أهل بيته. ولم يكن صامتاً مثل أزواج هذه الأيام حيث تشكو الزوجات من الخرس الزوجي. فيقلن: كان رسول الله يحدثنا ونحدثه، فإذا نودي للصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه.
وكانت السيدة عائشة تجلس بالساعات تحدثه ويسمع منها وتسأله: كيف حبك لي؟ فيقول لها: كعقدة الحبل. تقول فكنت أتركه أياماً وأعود لأسأله: كيف العقدة يا رسول الله؟ فيقول http://www.pal3yoon.com/vb/images/smilies/salah%5B1%5D.gif عليه وسلم: هي على حالها.حديث باطل. ويسأله عمرو بن العاص: من أحب الناس إليك يا رسول الله؟ فيقول: عائشة زوجتي.

كثير من الرجال الآن يسببون الأذى لمشاعر زوجاتهم حين يقول الواحد منهم لزوجته: توقفي عن الرومانسية، أنا لا أستطيع أن أقول كلام الحب لك. النبي http://www.pal3yoon.com/vb/images/smilies/salah%5B1%5D.gif عليه وسلم كان يقول كلام الحب لزوجته.

كان الصحابي ابن عباس يقص شعره ويتزين ويتعطر، ليسأله أصحابه: هل أنت ذاهب لتتزوج؟ فيقول لهم: لا..أنا ذاهب إلى بيتي. فيندهشون ويسألونه: هل الذاهب إلى بيته يفعل كل ذلك؟ يقول: أنا ذاهب للقاء زوجتي ، أحب أن أتزين لها، كما أحب أن تتزين لي.
يحكي لي أحد وزراء الأوقاف في بلد إسلامي أمام زوجته، أنه كان جالساً في مكتبه ومعه أحد العلماء الأجلاء، فدق جرس تليفون الوزير، فرد على التليفون قائلاً بالفصحى: نعم يا مهجة القلب. أنت تأمرين يا حياتي،
فاندهش العالم مما قاله الوزير، وبعد أن أنهى الأخير مكالمته قال له: من التي كنت تحدثها على الهاتف؟

قال له: زوجتي.

فسأله: وهل تعودت أن تتحدث إليها بهذه الطريقة؟

قال: أنا لا أستطيع محادثتها إلا بهذه الطريقة.

فأمسك العالم بسماعة التليفون وأتصل بزوجته، وحين ردت قال لها: أهلاً يا روح قلبي.

فصرخت فيه: أنت عارف أنت بتكلم مين؟!

أعود فأقول إن أولويات الرجل يجب أن تكون: تربية الأبناء، والحنان للزوجة ثم الإنفاق على البيت.

لابد أن يحس الأبناء بأن لهم أباً يربيهم، وأنه ليس مجرد خزينة نقود. فإذا أهمل الأب الجانب الأول اكتفي بالإنفاق، فإنه يصرخ حين يفاجأ بأن ابنه مدمن للمخدرات: أنا لم أبخل عليه بشيء فلماذا فعل ذلك؟ ونسي أنه لم يجلس مع أبنائه ليستمع إليهم ويناقشهم وينقل إليهم خبراته ونصائحه.
ونريد أن نحافظ على بيوتنا حتى ولو كان ذلك على حساب جزء من مكاسبنا المادية.
نريد عودة الحب إلى بيوتنا. اعط زوجتك 10% حناناً، وسوف تعطيك 50% من الحنان والإخلاص.

نأتي بعد ذلك إلى عمل المرأة، الإسلام يحرص على أن تنجح المرأة المسلمة في الحياة العملية. الإسلام يريدها أن تنجح كموظفة ومديرة. وأن تنجح في الجمعية الخيرية وفي المشروع الخاص. هذا هدف إسلامي.

النبي فتح مستشفى صغيراً لكي يعالج فيه الناس. وعين عمر بن الخطاب امرأة لتكون مسئولة عن ضبط الأسواق. لكن المطلوب أن تعمل المرأة موازنة بين عملها والحنان لزوجها وتربية الأبناء. وألا يكون نجاحها في عملها على حساب ترابط بيتها ومحبتها لزوجها واهتمامها بالأبناء. فإذا كان نجاح المرأة في عملها سيؤدي إلى فشل حياتها الزوجية والأسرية، فلا داعي له.

الزوجة هي التي تمنح الحنان للزوج فيثبت وينجح. الزوج يحتاج إلى طبطبة الزوجة عليه حين يواجه فشلاً أو أزمة. والزوجة هي المنوط بها تربية الأبناء، فالأم مدرسة. فالتربية ليست أن تقولي لأبنائك: كلوا واشربوا وناموا وذاكروا دروسكم.

التربية هي إصلاح الأخلاق واكتشاف مواهب الأبناء وتفجيرها، وبعد ذلك يأتي نجاحها في الحياة العملية.

ذلك هو الترتيب الصحيح لأولويات الزوجة المسلمة، ولابد أن يكون إطار العلاقة بين الأم والأبناء هو المودة والحب.
بقلم الإستاذ: عمرو خالد
Alaa El-Din
قال عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )

ويقول : ( استوصوا بالنساء خيراً )

ويقول : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً , وخيارهم خيارهم لنسائهم )

وقد قال رسول االله صلى الله عليه وسلم لعلي حينما خطب ابنته فاطمة : هل لك على أن تحسن صحبتها ؟

تقول عائشة : إنما المرأة لعبة الرجل , فليحسن الرجل إلى لعبته .

فحسن المعاملة منك لزوجتك أمر مطلوب جداً .

وانظر لمعاملة النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى زوجاته قبل وبعد زواجه منها ..
قال أنس : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر , فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي , وقد قتل زوجها , وكانت عروساً , فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه , فخرج بها حتى بلغا سد الصهباء فبنى بها .ثم صنع حيساً في نطع صغير , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آذن من حولك " فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية .
ثم خرجنا إلى المدينه , فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة , ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته , فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب !

وكان صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة فسبقته مرة وسبقها أخرى وقال لها : هذه بتلك .
كثير منا يبحث عن الحب على متن الباخرة "تيتانيك"..
وكثيرون يبحثون عن الرومانسية في آخر قطرة من زجاجة سم
تجرعها كل من روميو وحبيبته جوليت..
وآخرون يبحثون عن كل منهما وسط الكثبان الرملية في صحراء "قيس وليلي"
بينما يغيب عن كل هؤلاء، أن رسولنا الكريم هو أول من علمنا أصول الحب!
تحت راية الإسلام، رٌفِعت جميع الشعارات الدينية والاجتماعية والسياسية..
ليبقى الحب في الإسلام هو الشعار المنبوذ،

فكم منا فكر أن يستحضر سنة النبي في حبه لزوجاته،

مثلما يحاول تمثله في كل جوانب الحياة الأخرى؟!..
حرب لا تخلو من حب!
لم تستطع السيوف والدماء أن تنسي القائد
(رغم كل مسئوليات ومشقة الحرب بما تحمله من هموم) الاهتمام بحبيبته،


فعن أنس قال: "...خرجنا إلى المدينة (قادمين من خيبر)
فرأيت النبي يجلس عند بعيره،
فيضع ركبته وتضع صفية رجلها على ركبتيه حتى تركب" (رواه البخاري)،
فلم يخجل الرسول – صلى الله عليه وسلم- من أن يرى جنوده هذا المشهد، ومم يخجل أو ليست بحبيبته؟!
ويبدو أن هذه الغزوة لم تكن استثنائية،
بل هو الحب نفسه في كل غزواته ويزداد..
فوصل الأمر بإنسانية الرسول الكريم أن يداعب عائشة رضي الله عنها
في رجوعه من إحدى الغزوات، فيجعل القافلة تتقدم عنهم بحيث لا تراهم ثم يسابقها..
وليست مرة واحدة بل مرتين..
وبلغت رقته الشديدة مع زوجاته
أنه يشفق عليهن حتى من إسراع الحادي في قيادة الإبل اللائي يركبنها،
فعن أنس رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم)
كان في سفر وكان هناك غلام اسمه أنجشة يحدو بهن
أي ببعض أمهات المؤمنين وأم سليم) يقال له أنجشة،
فاشتد بهن في السياق، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم)
"رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير".. (رواه البخاري).
حب بصوت عالي!
وعندما تتخافت الأصوات عند ذكر أسماء نسائهم،
نجد رسولنا الكريم يجاهر بحبه لزوجاته أمام الجميع.
فعن عمرو بن العاص أنه سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الناس أحب إليك.
قال: عائشة، فقلت من الرجال؟ قال: أبوها". (رواه البخاري).
وعن زوجته السيدة صفية بنت حيي قالت:
"أنها جاءت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان،
فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتنصرف، فقام النبي (صلى الله عليه وسلم) معها يوصلها،
حتى إذا بلغت المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
فقال لهما: "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي". (رواه البخاري).
وبسلوك الـ "جنتلمان" ،
يحكي لنا أنس أن جاراً فارسياً لرسول الله
كان يجيد طبخ المرق،فصنع لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) طبقاً ثم جاء يدعوه،
فرفض سيدنا محمد الدعوة مرتين؛لأن جاره لم يدع معه عائشة للطعام،
وهو ما فعله الجار في النهاية!
خير الرومانسية!
وبغض النظر عن السعادة التي يتمتع
بها أي انسان في جوار رسول الله،
فإن زوجات نبينا الكريم كن يتمتعن بسعادة زوجية
تحسدهن عليها كل بنات حواء،
فمن منا لا تتمنى أن تعيش بصحبة زوج يراعى حقوقها
ويحافظ على مشاعرها أكثر من أي شيء،
بل ويجعل من الاهتمام بالأهل والحنو عليهم
وحبهم معيارا لخيرية الرجل صلى الله عليه وسلم
"خيركم.. خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". (رواه الترمذي وابن ماجة).
وتحكي عائشة أنها كانت تغتسل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في إناء واحد،
فيبادرها وتبادره، حتى يقول لها دعي لي، وتقول له دع لي،
وعنها قالت:
"كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي (صلى الله عليه وسلم) فيضع فاه (فمه) على موضع في (فمي)
". (رواه مسلم والنسائي).
وعن ميمونة رضي الله عنها قالت:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن،
ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض". (رواه أحمد).
وعلى كثرة عددهن كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
القائد والرسول يتفقد أحوالهن ويريد للود أن يبقى ويستمر فعن ابن عباس قال:
"وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا صلى الصبح جلس في مصلاه وجلس الناس حوله
حتى تطلع الشمس ثم يدخل على نسائه امرأة امرأة يسلم عليهن ويدعو لهن.
فإذا كان يوم إحداهن كان عندها". (فتح الباري، شرح صحيح البخاري).
بيت النبوة
وفي عصر يبتعد عن الرفاهية ألاف السنين
كان الرسول المحب خير معين لزوجاته..
فقد روي عن السيدة عائشة في أكثر من موضع أنه كان في خدمة أهل بيته.
فقد سئلت عائشة ما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصنع في بيته؟
قالت: كان يكون في مهنة أهله (أي خدمة أهله) (رواه البخاري).
وفي حادثة أخرى أن عائشة سئلت ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعمل في بيته؟
قالت: "كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم".
وظل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على وفائه للسيدة خديجة زوجته الأولى طوال حياتها،
فلم يتزوج عليها قط حتى ماتت، وبعد موتها كان يجاهر بحبه لها أمام الجميع،
وكان يبر صديقاتها إكراماً لذكراها،
حتى أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقول:
ما غرت من أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة،
وما رأيتها ولكن كان النبي يكثر ذكرها،
وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة،
فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة،
فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد". (رواه البخاري). ..... والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم
هذا هو نبينا الكريم أعظم خلق الله
وهذا هو سلوكه فى معاملة المراة ومعاملة زوجاته ؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

(((((((((معجزات حسية للنبي صلي الله علي وسلم)))))إن من أعظم دلائل النبوة ما يؤتيه الله أنبياءه من خوارق العادات التي يعجز عن فعلها سائر الناس، وتمكينهم من هذه الخوارق إنما هو بفعل الله، وهو دليل رضا الله وتأييدِه لهذا الذي يدعي النبوة والرسالة، ولا يمكن أن يؤيد الله بعونه وتوفيقه من يدعي الكذب عليه ويُضل الناسَ باسمه.
ومن هذه المعجزات التي أوتيها الأنبياء؛ حبس الله الشمس عن الغروب لنبيه يوشع بن نون، قال e : ((غزا نبي من الأنبياء .. فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنتِ مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها عليّ شيئاً، فحبست عليه حتى فتح الله عليه )). لقد خرق الله سنته في جريان الشمس إكراماً لنبي الله يوشع، واستجابة لدعائه لله.
وبمثله أيد الله موسى عليه السلام، فقد شقّ الله له البحر لما ضربه بعصاه، فصار طرقاً ممهدة يمشي بنو إسرائيل عليها في دعة وسكينة.
وبمثل هذه المعجزات أيدالله نبيه محمداً e، فرأى مشركو مكة منه الكثير من دلائل النبوة الدالة على نبوته e، لكنهم لم يؤمنوا ولم يذعنوا للحق، بل طلبوا على سبيل العناد المزيد من الآيات } وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً % أو تكون لك جنةٌ من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً % أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً % أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً{ (الإسراء:90-93).
وحتى يقيم الله حجته على قريش فإنه آتى نبيه e معجزة من جنس ما طلبوه على سبيل التعجيز، إلا وهي انشقاق القمر، وهو حدث عظيم لا يقع إلا بتقدير العزيز العليم.
فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود t أنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله e فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه, فقال رسول الله e : ((اشهدوا)).
قال الخطابي: “انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جبلة طباع ما في هذا العالم، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر”.
قال ابن كثير بعد أن ساق روايات عدة لحادثة انشقاق القمر: “فهذه طرق عن هؤلاء الجماعة من الصحابة، وشهرة هذا الأمر تغني عن إسناده مع وروده في الكتاب العزيز .. والقمر في حال انشقاقه لم يزايل السماء، بل انفرق باثنتين، وسارت إحداهما حتى صارت وراء جبل حراء، والأخرى من الناحية الأخرى، وصار الجبل بينهما، وكلتا الفرقتين في السماء، وأهل مكة ينظرون إلى ذلك، وظن كثير من جهلتهم أن هذا شيء سحرت به أبصارهم، فسألوا من قدم عليهم من المسافرين، فأخبروهم بنظير ما شاهدوه، فعلموا صحة ذلك وتيقنوه”.
وهذا الذي حكاه الله بقوله: } اقتربت الساعة وانشق القمر % وإن يروا آيةً يعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمر % وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمرٍ مستقر { (القمر: 1-3)، فلم يجدوا أمام هذه الآية الباهرة إلا أن يتهموا نبي الله e بالسحر.
واليوم في عصر العلم والمعرفة تتجدد هذه الآية العظيمة، فقد نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في موقعها على شبكة الإنترنت صورة للقمر، وقد اخترطه خط طويل من أقصاه إلى أقصاه، ويعتقد العلماء أنه أثر لانشقاق حصل في القمر قديماً.
وصدق الله وهو يقول : } سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيدٌ { (فصلت: 53).
ومن خوارق العادات المعجزة التي آتاها الله نبيه e ما أعطاه من استجابة الجماد لأمره، والمعهود فيه خلاف ذلك، فقد أتى النبيَ e رجل من بني عامر، فقال له رسول الله e : ((ألا أريك آية؟)) قال: بلى. فنظر إلى نخلة، فقال (العامري للنبي e): ادع ذلك العذق!
قال: فدعاه، فجاء ينقز حتى قام بين يديه فقال له رسول الله e: ((ارجع)) فرجع إلى مكانه.
فقال العامري: يا آل بني عامر، ما رأيت كاليوم رجلاً أسحر.
وفي رواية لابن حبان أن العامري قال: “والله لا أكذبك بشيء تقوله أبداً”، ثم قال: “يا آل عامر ابن صعصعة، والله لا أكذبه بشيء يقوله”.
إن تحرك الشجرة من مكانها وذهابها ومجيئها لهو آية معجزة وبرهان دامغ على صدقه ونبوته e.
ويروي الإمام مسلم نحو هذه المعجزة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: سرنا مع رسول الله e حتى نزلنا واديا أفيح (واسعاً) فذهب رسول الله e يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء فنظر رسول الله e، فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي.
فانطلق رسول الله e إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله)) فانقادت معه كالبعير المخشوش [المربوط بالحبل] الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله)) فانقادت معه كذلك حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما، يعني جمعهما فقال: ((التئما علي بإذن الله)) فالتأمتا.
ثم يمضي جابر في حديثه ويخبرنا بعود الشجرتين إلى حالهما بعد قضاء النبي e حاجته، يقول: فإذا أنا برسول الله e مقبلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق”.
قال الإمام أحمد: “في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي e منها: انقلاع الشجرتين واجتماعهما، ثم افتراقهما”.
وفي جنبات مكة ثبت الله قلب حبيبه e في مواجهة المحن بآية من هذا الجنس، فقد جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله e، وهو حزين قد خضب وجهه بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: مالك؟ فقال: ((فعل بي هؤلاء، وفعلوا)) فقال جبريل: أتحب أن أريك آية؟ قال: ((نعم أرني)).
فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها فلترجع، فقال لها: فرجعت، حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله e : ((حَسْبي)). إنه دليل آخر من دلائل نبوته e.
ومن معجزات الأنبياء ما أعطاه اللهُ داودَ عليه السلام، ذلك النبي الأواب الذي كان يسبح الله، فتجيبه الجبال الرواسي والطيور مسبحة الله تعالى معه } وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين { (الأنبياء: 79). } ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد { (سبأ: 10).
وبمثل هذه المعجزات العظيمة أيد الله نبيه محمداً e ، فسبح للهِ بين يديه الجمادُ ، وشهد له بالنبوة والرسالة.
يقول ابن مسعود t: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل. أي بين يدي النبي e.
ويقول أبو ذر t: إني شاهد عند النبي r في حَلْقَة، وفي يده حصى، فسبّحنَ في يده. وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحَهن مَنْ في الحَلْقَة، ثم دفعهنّ النبي r إلى عمر، فسبحن في يده، وسمع تسبيحهنّ مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن النبي r إلى عثمان بن عفان، فسبّحن في يده، ثم دفعهن إلينا، فلم يسبّحن مع أحدٍ منا.
ويقارن ابن كثير بين هذه المعجزة ومعجزة نبي الله داود عليهما السلام، فيقول: “ولا شك أن صدور التسبيح من الحصى الصغار الصمّ التي لا تجاويف فيها؛ أعجب من صدور ذلك من الجبال؛ لما فيها من التجاويف والكهوف، فإنها وما شاكلَها تردِّدُ صدى الأصوات العالية غالباً .. ولكن من غير تسبيح؛ فإن ذلك (أي تِردادَها بالتسبيح) من معجزات داود عليه السلام، ومع هذا كان تسبيح الحصى في كف رسول الله r وأبي بكر وعمر وعثمان أعجب”.
وصدق الشاعر وهو يقول:
لئن سبحت صم الجبال مجيبة لداود أو لان الحديد المصفح
فإن الصخور الصم لانت بكفه وإن الحصا في كفه ليسبح
وإن من معجزاته e العظيمة نطقُ الجمادات بين يديه، فالجمادات لا تعقل ولا تنطق، فإذا أنطقها الله بتصديقه، فهو دليل رضاهُ عن النبي في قوله بنبوة نفسه وصدقه حين قال بإرسال الله إياه.
وقد بدئ e بآية من هذا النوع قبل نبوته ، فكان الحجر يسلم عليه، يقول رسول الله e: ((إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن)).
قال النووي: “فيه معجزة لرسول الله r”.
وبعد البعثة رأى الصحابة ذلك، يقول علي t: (كنا مع رسول الله e بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله).
ولم تتوقف هذه الآيات والمعجزات عند السلام عليه e والتسبيح بين يديه وأيدي أصحابه، بل أنطقها الله بالشهادة له e بالنبوة والرسالة.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا مع النبي e في سفر فأقبل أعرابي، فلما دنا منه قال له رسول الله e : ((أين تريد؟)) قال: إلى أهلي، قال: ((هل لك في خير؟)) قال: وما هو؟ قال: ((تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله)).
قال الأعرابي: ومن يشهد على ما تقول؟ فأشار النبي إلى شجرة، وقال: ((هذه السلَمَة))، فدعاها رسول الله e وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تَخُدُّ الأرض خداً حتى قامت بين يديه, فاستشهدها ثلاثاً، فشهدت ثلاثاً أنه كما قال.
ثم رجعت إلى منبَتها، ورجع الأعرابي إلى قومه، وقال: إن اتبعوني أتيتُكَ بهم، وإلا رجعتُ فكنتُ معك.
ومن عظيم خوارق العادات التي أوتيها النبي r حنين الجذع الذي كان يخطب عليه في يوم الجمعة، وهي قصة مشهورة شهدها الكثير من أصحاب النبي r، يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كان النبي e يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: ((إن شئتم)). فجعلوا له منبراً.
فلما كان يوم الجمعة دُفِعَ إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي e، فضمها إليه، تئن أنين الصبي الذي يُسكَّن، قال جابر: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.
قال ابن حجر: “إن حنين الجذع وانشقاق القمر نقل كلٌ منهما نقلاً مستفيضاً، يفيد القطع عند من يطلع على طرق ذلك من أئمة الحديث “.
قال البيهقي : “قصة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف , ورواية الأخبار الخاصة فيها كالتكلف”. أي لشهرتها وذيوع أمرها.
قال الشافعي: ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمدًا , فقال له عمرو بن سواد: أعطى عيسى إحياء الموتى؟ قال: أعطى محمداً حنينَ الجِذعِ حتى سمع صوته , فهذا أكبر من ذلك”.
قال ابن كثير: “وإنما قال: فهذا أكبر منه؛ لأن الجذع ليس محلاً للحياة، ومع هذا حصل له شعور ووجد لما تحوّل عنه إلى المنبر، فأنّ وحنّ حنين العِشار [أي الناقة الحامل]، حتى نزل إليه رسول الله e ، فاحتضنه.. “؟؟؟؟((((((((((((((قال الفيلسوف والمؤرخ ( ويل ديورانت ) في كتاب قصة الحضارة:
” وإذا حكمنا على العظمة, بما كان للعظيم من أثر على الناس, قلنا بأن محمدا كان من أعظم عظماء التاريخ, فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي, في شعب ألقت به دياجير الهمجية, حرارة الجو, وجدب الصحراء, وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لم يدانيه فيه أي قائد آخر في التاريخ كله ”

قال الفيلسوف الإنجليزي ( برناردشو (

” إن العالم هو أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد, هذا النبي الذي أحل دينه في موضع الاحترام والإجلال, فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات, خالد خلود الأبد, وإني أرى كثيرا من بني قومي قد دخلوا في الدين على بينة, وسيجد ه ذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة ( أوربا ) وإذا أراد العالم النجاة من شروره, فعليه بهذا الدين, إنه دين السلام والعدالة والسعادة, في ضل شريعة متمدينة محكمة. لم تنس أمرا أمور الدنيا إلا رسمته, ووزنته بميزان لا يخطي أبدا… ”

وقال أيضا:
” إن محمدا يجب إن يدعى منقذ الإنسانية, إنني اعتقد لو تولى رجل مثله زعامة العالم الحديث, لنجح في حل مشاكله بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة, إن محمدا هو أكمل البشر من الغابرين والحاضرين, ولا يتصور وجود مثله في الآتيين ” .

وقال العالم الفرنسي ( مارتين (
” إن حياة مثل حياة محمد, وقوة كقوة تأمله, وتفكيره وجهاده, ووثبته على خرافات أمته, وجاهلية شعبه, وبأسه في ما لقيه من عبدت الأوثان وإيمانه بالظفر, وإعلاء كلمته, ورباطة جأشه لتثبيت أركان العقيدة الإسلامية, أن كل ذلك أدلة على إنه لم يكن ليضمر لأحد أذى , أو يعيش على باطل , فهو فيلسوف وخطيب , ورسول ومشرع , وهاد للإنسان إلى العقل , وناشر للعقائد المعقولة الموافقة للذهن واللب , وهو مؤسس دين لا فرية فيه , ولا صورة فيه , ومنشئ عشرين دولة في الأرض وفاتح دولة في السماء من ناحية الروح والفؤاد , فأي رجل أدرك من العظمة الإنسانية مثلما أدرك ,أي أفاق بلغ أي إنسان من مراتب الكمال ما بلغ محمد ”
وقال الأديب الروسي( توليستوي(
” لا ريب أن هذا النبي من كبار الرجال المصلحين, الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة, ويكفيه فخرا أنه فتح لها طريق التقدم والرقي, وهذا عمل عظيم لا يفوز به إلا شخص أوتي قوة وحكمة وعلما. ورجل مثله جدير بالإجلال والاحترام ”

يقول الأستاذ / نيللينو المستشرق الإيطالي
” لقد أسس محمد في وقت واحد دينا ودولة ، وكانت حدودهما متطابقة طول حياته ” .
تقول موسوعة بريتانسيا في المجلد 12 أن محمد ”كان رجلا صادقا وأمينا“
يقول مايكل هارت في كتابه: ال 100: تصنيف أكثر ألأفراد تأثيرا في التاريخ :
” كان سبب اختياري أن يكون محمد على قمة قائمة المائة شخص ذو التأثير في التاريخ هو أنه كان ناجحا على كلى الصعيدين الدنيوي والديني“
يقول شندا شارما: “لقد كان محمد يمثل روح الطيبة”
مأخوذ من موقع التالي مع التعديل
؟؟؟؟؟؟((((ملخص لمائة خصلة انفرد بها صلى الله عليه وسلم
عن بقية الأنبياء السابقين عليهم السلام

للدكتور /خليل إبراهيم ملا خاطر
أستاذ مشارك في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة النبوية
لخصها إبراهيم الحدادي

ما أكرمه الله تعالى به لذاته في الدنيا

1. أخذ الله له العهد على جميع الأنبياء ، صلى الله عليه وسلم .
2. كان عند أهل الكتاب علم تام به صلى الله عليه وسلم .
3. كان نبيا وآدم منجدل في طينته صلى الله عليه وسلم .
4. هو أول المسلمين صلى الله عليه وسلم .
5. هو خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم .
6. هو نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم .
7. هو أولى بالأنبياء من أممهم صلى الله عليه وسلم .
8. هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجه أمهاتهم صلى الله عليه وسلم .
9. كونه منة يمتن الله بها على عباده .
10. كونه خيرة الخلق ، وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم .
11. طاعته ومبايعته هي عين طاعة الله ومبايعته .
12. الإيمان به مقرون بالإيمان بالله تعالى .
13. هو رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم .
14. هو أمنة لأمته صلى الله عليه وسلم .
15. عموم رسالته صلى الله عليه وسلم .
16. تكفل المولى بحفظه وعصمته صلى الله عليه وسلم .
17. التكفل بحفظ دينه صلى الله عليه وسلم .
18. القسم بحياته صلى الله عليه وسلم .
19. القسم ببلده صلى الله عليه وسلم .
20. القسم له صلى الله عليه وسلم .
21. لم يناده باسمه صلى الله عليه وسلم .
22. ذكر في أول من ذكر من الأنبياء .
23. النهي عن مناداته باسمه صلى الله عليه وسلم .
24. لا يرفع صوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم .
25. تقديم الصدقة بين يدي مناجاتهم له ( ثم نسخ ذلك ).
26. جعله الله نورا صلى الله عليه وسلم .
27. فرض بعض شرعه في السماء صلى الله عليه وسلم .
28. تولى الإجابة عنه صلى الله عليه وسلم .
29. استمرار الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم .
30. الإسراء والمعراج به صلى الله عليه وسلم .
31. معجزاته صلى الله عليه وسلم .
32. غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر صلى الله عليه وسلم .
33. تأخير دعوته المستجابة ليوم القيامة صلى الله عليه وسلم .
34. أعطي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم .
35. أعطي مفاتيح خزائن الأرض صلى الله عليه وسلم .
36. إسلام قرينه من الجن صلى الله عليه وسلم .
37. نصره بالرعب مسيرة شهر صلى الله عليه وسلم .
38. شهادة الله وملائكته له صلى الله عليه وسلم .
39. إمامته بالأنبياء في بيت المقدس صلى الله عليه وسلم .
40. قرنه خير قرون بني آدم صلى الله عليه وسلم .
41. ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة صلى الله عليه وسلم .
42. أعطي انشقاق القمر صلى الله عليه وسلم .
43. يرى من وراء ظهره صلى الله عليه وسلم .
44. رؤيته في المنام حق صلى الله عليه وسلم .
45. عرض الأنبياء مع أممهم عليه صلى الله عليه وسلم .
46. جعل خاتم النبوة بين كتفيه صلى الله عليه وسلم .
47. اطلاعه على المغيبات صلى الله عليه وسلم .

ما أكرمه الله تعالى به في الآخرة

48- وصفه بالشهادة صلى الله عليه وسلم .
49- ما أعطي من الشفاعات صلى الله عليه وسلم .
50- هو أول من يبعث صلى الله عليه وسلم .
51-هو إمام الأنبياء وخطيبهم صلى الله عليه وسلم .
52- كل الأنبياء تحت لوائه صلى الله عليه وسلم .
53- هو أول من يجوز على الصراط صلى الله عليه وسلم .
54- هو أول من يقرع باب الجنة صلى الله عليه وسلم .
55- هو أول من يدخل الجنة صلى الله عليه وسلم .
56-إعطاؤه الوسيلة والفضيلة صلى الله عليه وسلم .( الوسيلة : اعلى منزلة في الجنة ).
57-إعطاؤه المقام المحمود صلى الله عليه وسلم .( وهي الشفاعة العظمى ).
58- إعطاؤه الكوثر صلى الله عليه وسلم .( وهو نهر في الجنة ).
59- إعطاؤه لواء الحمد صلى الله عليه وسلم .
60-يكون له كرسي عن يمين العرش صلى الله عليه وسلم .
61-هو أكثر الأنبياء تبعا صلى الله عليه وسلم .
62- هو سيد الأولين والآخرين يوم القيامة صلى الله عليه وسلم .
63- هو أول شافع ومشفع صلى الله عليه وسلم .
64- هو مبشر الناس يوم يفزع إليه الأنبياء صلى الله عليه وسلم .
65- ما يوحى إليه في سجوده تحت العرش مما لم يفتح على غيره من قبل ومن بعد صلى الله عليه وسلم .
66- منبره على حوضه صلى الله عليه وسلم .

ما أكرمه الله به في أمته في الدنيا

67- جعلت خير الأمم .
68- سماهم الله تعالى المسلمين ، وخصهم بالإسلام .
69- أكمل الله لها الدين ، وأتم عليها النعمة .
70- ما حطه الله لها عنها من الاصر والاغلال .
71- صلاة المسيح خلف إمام المسلمين .
72- أحلت لها الغنائم .
73- جعلت صفوفها كصفوف الملائكة .
74- التيمم والصلاة على الأرض .
75- خصهم بيوم الجمعة .
76- خصهم بساعة الإجابة يوم الجمعة .
77- خصهم بليلة القدر .
78- هذه الأمة هي شهداء الله في الأرض .
79- مثلها في الكتب السابقة ( ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ).
80- لن تهلك بجوع ، ولا يسلط عليها عدو من غيرها فيستأصلها .
81- خصت بصلاة العشاء .
82- تؤمن بجميع الأنبياء .
83- حفظها من التنقص في حق ربها عز وجل .
84- لا تزال طائفة منها على الحق منصورة .

ما أكرمه الله تعالى به في أمته في الآخرة

85- هي شاهدة للأنبياء على أممهم .
86- هي أول من يجتاز الصراط .
87- هي أول من يدخل الجنة ،وهي محرمة على الناس حتى تدخلها .
88- انفرادها بدخول الباب الأيمن من الجنة .
89- سيفديها بغير من الأمم .
90- تأتي غرا محجلين من آثار الوضوء .
91- هي أكثر أهل الجنة .
92- سيرضي الله نبيه صلى الله عليه وسلم فيها .
93- زيادة الثواب مع قلة العمل .
94- كلها تدخل الجنة إلا من أبى بمعصيته لله ورسوله للحديث الذي رواه البخاري .
95- كثرة الشفاعات في أمته .
96- تمني الكفار لو كانوا مسلمين .
97- هم الآخرون في الدنيا السابقون يوم القيامة .
98- دخول العدد الكثير منها الجنة بغير حساب .
99- لها علامة تعرف بها ربها عز وجل وهو الساق .
100- فيها سادات أهل الجنة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المرجع كتاب /تذكير المسلمين باتباع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
المؤلف /عبد الله بن جار الله؟؟؟؟؟(((((((((((((((إن لم يكن رسول فماذا يكون؟؟؟



فكيف علم الحقائق العلمية التي اكتشفها العلم الحديث الآن وذكرها في القرآن ( كتاب المسلمين ) من 1400 سنة واعترف بهذا علماء الأجنة والفلك والفيزياء والأطباء . الدليل من القرآن كالتالي ( رقم السورة ، رقم الآية )
-كيف علم مراحل تكوين الجنين وتفاصيل خلقه ( نطفة ، علقة ، مضغة ، عظام ) (سورة رقم 23 ، آية 14 ) (22،5) (76،2) (39،6).
-كيف علم أن الانسان القديم كان كبير الحجم ووصف لنا العصر الجليدي القديم .
-كيف أخبرنا بحزام الصدوع الذي يمتد في القشرة الأرضية (سورة رقم 86 ، آية 12 ) .
-كيف علم بوجود البراكين تحت البحار ( سورة رقم 52 ، آية 6 ) .
-كيف علم أنواع السحب ووصفها بدقة ( طبقية ، ركامية ، معصرات ) ( سورة رقم 78 ، آية 14 ) (43,24) (48,30)
-كيف علم باهتزازه (مندل) التي تحدث لحبيبات التربة عند نزول المطر ( 22 ،5 )
-كيف علم الجبال وانغراسها العميق في باطن الأرض وتثبيتها للقشرة الأرضية(78،7).
-كيف علم أن الحديد نزل إلى الأرض على شكل شهب ونيازك في بداية تكوين الأرض وجعل العدد الذري وعدد الكتلة لذرة الحديد لهما علاقة برقم سورة وآية الحديد التي تصف هذه الحقيقة (25,57).
-كيف اكتشف علماء ناسا حزاما من الصخور المتحولة في القمر يدل على أنه يوما ما انقسم الى نصفين وهي من معجزاتــه (1,54) .
-كيف علم خصائص النجوم والثقوب السوداء ( 86،3 )( 56،75 )(86،3)(53،1)
-كيف أخبرنا بالاتساع اللامتناهي للسماء (51،47)(21،32)(50،6)
كيف علم أن الكون تكون من الدخان (Steam) (41،11) (21،30).
اذا لا بد أنه صادق وأنه رسول من الرب وما دام صادقا فأين تذهبون ؟
اعلم أن الاسلام نسخ الأديان السابقة كما نسخ المسيح اليهودية .
(من المدهش أن هذا النوع من المعلومات موجود في القرآن) ب.هيل من علماء البحار.
(هذا النبي يدلي بتصريحات علميه ودقيقه جدا من 1400سنه ولا أجد بدا من أن أوافق عقلي و أعترف أن هذا وحى أو الهام) تي في فان سان أستاذ أمراض نساء.


-ما قولك في هذه النصوص من التوراة والإنجيل (كلامه أحسن الكلام انه محمد العظيم ) مزامير داود اصحاح 16 الفقرة الخامسة .
(نبوه في جبال فاران )(نبيا من إخوانهم )،(انه النبي الذي يقال له اقرأ فيقول ما أنا بقارئ)
-لو قرأت القرآن فستعلم أنه ليس شعرا ولا نثرا وأنه يستحيل أن يكون من كلام البشر ولو قلت أنه من كلام البشر فكيف علم هذه الحقائق وكيف ذكر كلمة ( يوم ) في القرآن 365 مره بعدد أيام السنة وكلمة (شهر) 12 مرة بعدد شهور السنة .
وذكر كلمة (رجل) 24 مرة وكذلك ( امرأة ) 24 مرة .
وكلمة ( أخ ) 4 مرات وكذلك ( أخت ) 4 مرات .
وكلمة ( الدنيا ) 115مرة وكذلك (الآخرة) 115مرة .
وكلمة ( الحياة ) ومشتقاتها 145مرة وكذلك ( الموت ) ومشتقاته 145مرة .
فكيف يمكن لبشر أن يفعل كل هذا ؟
يولد الإنسان على دين ما وهذا لا يعني أن هذا الدين هو الدين الصحيح
وإنما يعرف الدين الصحيح بالحجة و البرهان و الدليل
*** (التفسير الوحيد أن هذه الحقائق أوحيت لمحمد من الرب) كيث مور من كبار علماء الأجنه
*** (لابد ان هذه الحقائق جاءت من خالق عليم بكل شيء واصبحت مسلما) تاجاسون عالم تشريح
*** (لا اختلاف بين هذا الوحي والمعرفة الطبية) جولي سمبسون أستاذ نساء و ولادة
*** (إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى) ألبرت كوهان جيولوجي
*** (ان هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطه في الوجود) يوشيدى كوزاى عالم فضاء يابانى
*** (نعم انه الوحي لا طريق أمام البشرية إلا أن تقر أن هذا القرآن من عند الرب) مارشال جونسون عالم أحياء

اذا كان النبى محمد صلى الله عليه و سلم كاذبا ً

فكيف علم من 1400 سنة وأخبرنا في القرآن بالحقائق العلمية التي اكتشفها العلم الحديث الآن واعترف بهذا علماء البحار والفلك والطب والجيولوجيا .
كيف علم تناقص حجم الأرض الذي يحدث من ملايين السنين ( الأنبياء ،44 )(الرعد،41) .
كيف أخبرنا بتناقص الهواء والضغط كلما صعدنا لأعلى ( الأنعام ، 125 ) .
كيف علم أن الجبهة ( الجزء الأمامي من المخ ) هي مركز اتخاذ القرار وأنها قد تكذب وقد تخطئ ( العلق ،16 ) .
كيف أخبرنا بالألوان الأساسية للصخور وقسمهم الى مجموعتين ثم اكتشفنا أن احداهما تمثل الخاصية القلوية ( القاعدية ) والأخرى تمثل الخاصية الحمضية ( فاطر ،27 ) .
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (( عجز الذنب منه خلق الانسان ومنه يركب الخلق يوم القيامة )) ، واكتشف علم الوراثة أن عجب الذنب به الشفرة والرمز الوراثي (DNA) للانسان .
أخبرنا الرسول أن الجنين اذا مر به 42 يوما نزل له ملك فصوره وقد يسر لك العلم الحديث أن ترى الجنين بعد 42 يوما وقبلها وستلاحظ الفرق بنفسك فكيف علم محمد بهذا ؟
بم تفسر انغراس قدم إسماعيل عليه السلام في الصخرة الصلبة التي كان يقف عليها لبناء الكعبة و هي باقية حتى يومنا هذا أمام الكعبة وتستطيع رؤيتها بنفسك ?? وبم تفسر توسط مكة للكره الأرضية و بقاء مياه زمزم حتى يومنا هذا و هو بئر لا مثيل له تأتيه المياه عبر الآلاف الأميال بالخاصية الشعرية ?? وبم تفسر علماء الجيولوجيا الذين سرقوا أجزاء من الحجر الأسود بالكعبة و لم يعلموا مادته و لا نوعه وقالوا انه فريد من نوعه .
*** ( باستطاعة تلك الأحاديث أن تسود المعرفة الطبية ) جولي سمبسون .
*** ( لا يمكن أن يكون من مصدر بشري لا بد أنه من الله ) بروفسور هيل .
*** ( إني أوافق أن هذا من الوحي ) ب.سياويدا عالم ياباني .
*** ( هذه الحقائق لا يمكن أن تكون من عقل محمد ولا من عقلية عصره ) ألبرت كوهان عالم جيولوجيا
*** ( يتضح لي أن هذه الأدلة حتما جاءت لمحمد من عند الرب وهذا يعني أن محمد لابد أنه رسول من الله وأؤمن أن القرآن كلام الله ) :كيث مور عالم أجنة .
*** ( من القرآن أستطيع أن أرى تصورا مستقبليا للبحث في الكون ) يورشيدى كوزاى عالم فضاء .

-واعلم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يؤمن بالإله الكامل الواحد الذي له مطلق الكمال في القدرة و العلم و الحكمة?????? (((((((((صفحات من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم

صالح بن ساير المطيري


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر الميامين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
ما أجمل الكلام عن رجل عظيم ، وعن قدوة مربي ، في زمن قل فيه القدوات الحقة . من حياته نستلهم حياة الطهر والكرامة في وقت الفضائيات التي جاءت على الأخلاق والحياء فنسفتها ونشرت الرذيلة وقلة الحياء والفساد فأخرجت للناس قدوات وهمية وربطتهم بحياة اللهو والمجون . الحديث عن القدوة في زمن التخاذل والجري وراء سراب التبعية المقيتة للأعداء . الحديث عن العظمة بشتى صورها في زمن الاغترار بالأعداء والانبهار بعظمتهم وقوتهم والخوف منهم . الحديث عن رجل أحيا أمة وأعلن دولة وأقام شرعة ، أذل الله به الكفر وأهله ، ونصر به الحق وجنده ، الحديث عن رجل نصر بالرعب مسيرة شهر وجعل رزقه تحت ظل رمحه وجعل الذل والصغار على من خالف أمره ، حديثنا عن رجل الكلمة الصادقة والبيان الصائب والفكرة الهادفة في زمن تسارع فيه خفافيش الظلام وخونة الكلمة وتكلم الرويبضة . إن هذا الرجل الذي نتحدث عنه هو : محمد صلى الله عليه وسلم . كانت حياته صلى الله عليه وسلم حياة أمة وقيام دعوة ومنهاج حياة . وهو عليه الصلاة والسلام أمة في الطاعة والعبادة وكرم الخلق وحسن المعاملة وشرف المقام ويكفي ثناء الله عز وجل عليه : { وإنك لعلى خلق عظيم } . ونحن ـ أهل السنة والجماعة ـ ننزل المصطفى صلى الله عليه وسلم المنزلة الحقة اللائقة به فهو عبد الله ورسوله وصفيه وخليله نهى عن إطرائه والغلو فيه فامتثلنا أمره فلا نبتدع الموالد ولا نقيم الاحتفالات ، بل نحبه كما أمر ونطيعه فيما أمر ونجتنب ما نهى عنه وزجر .
إن فاتنا في هذه الدنيا رؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم وتباعدت بيننا الأيام ... فندعو الله عز وجل أن نكون فيمن قال فيهم صلى الله عليه وسلم :
" وددت أنا قد رأينا إخواننا " قالوا : ألسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : " أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد
" فقالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال : " أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دُهم بُهم ألا يعرف خيله ؟" قالوا بلى يا رسول الله قال : " فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض " رواه مسلم.
ندعو الله سبحانه أن يجعلنا ممن يتلمس أثره صلى الله عليه وسلم ويقتفي سيرته وينهل من سنته ، وأن يجمعنا معه في جنات عدن ، وأن يجزيه الجزاء الأوفى جزاء ما قدم .

حاجتنا إلى دراسة حياته صلى الله عليه وسلم :

إن البشرية التائهة في ظلمات الجهل والشهوات ، وهي تتنكب الطريق وتبحث عن مخرج من أزمتها وما هي فيه بحاجة إلى نور النبوة . وإن أمة الإسلام وهي تعيش في ظلام دامس بحاجة ماسة إلى العودة والتمعن في سيرة هذا الرجل العظيم عليه الصلاة والسلام . وثمت أمور عدة تبين بوضوح وجلاء حاجتنا إلى معرفة سيرته وأخذ المنهج منها في السير إلى الله سبحانه ومن هذه الأمور ما يلي :

1. إن الله أمرنا بالاقتداء به فقال سبحانه : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } وذلك يقتضي معرفة تلك السيرة العطرة لتحقيق الاقتداء الصحيح به .

2. إن حياته صلى الله عليه وسلم حياة المعصوم عن الخطأ والضلال فهو القدوة المطلقة وهو الصورة التطبيقية العملية لهذا الدين وجميع الطرق الموصلة إلى الله تعالى ثم إلى الجنة موصودة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم ، ويمتنع أن يعرف دين الله ويصح الإسلام بدون معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف كان هديه وعمله وأمره ونهيه ومنهجه وسنته .

3. إن حياته مدرسة كاملة تخرج الأجيال تلو الأجيال ، فلقد سالم وحارب ، وأقام وسافر ، وباع واشترى ، وأخذ وأعطى وما عاش صلى الله عليه وسلم وحده ولا غاب عن الناس يوماً واحداً . ولقد لاقى أصناف الأذى ، وقاسى أشد أنواع الظلم ، وكانت العاقبة والنصر والتمكين له . بعث على فترة من الرسل، وضلال من البشر ، وانحراف في الفطر ، وواجه ركاماً هائلاً من الضلال والانحراف والبعد عن الله . فاستطاع بعون الله له أن يخرجهم من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاء إلى السعادة ، فأحبوه وفدوه بأنفسهم وأهليهم وأموالهم واقتدوا به في كل صغيرة وكبيرة ، فأصبحوا أئمة الهدى ومنارات الدجى وقادة البشرية .

هل تطلبون من المختار معجزة **** يكفيه شعب من الأجداث أحياه .
من وحد العرب حتى كان واترهم**** إذا رأى ولد الموتور أخــــــــاه.

وما أصيب المسلمون اليوم إلا بسبب الإخلال بجانب الاقتداء به والأخذ بهديه واتباع سنته .

وكيف يُسامى خير من وطئ الثرى **** وفي كل باع عن عُلاه قُصور .
وكل شريف عنده متــواضـــــــــــع **** وكل عظيم القريتين حقيـــــــر.

4 ـ إن سيرته صلى الله عليه وسلم رسمت المنهج الصحيح الآمن في دعوة الناس وهداية البشر ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة . وقد فشلت جميع المناهج والطرق والاطروحات التي تنكبت هديه صلى الله عليه وسلم سواء في محيط الفرد أو المجتمعات ، إن الأمة وهي تعيش في ظلام دامس وتناقضات غريبة وتعيش هجمة صليبية حاقدة عليها في دينها وأخلاقها ومسلماتها بحاجة ماسة إلى مجدد يترسم هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وينهج نهجه ، إن الأمة وهي تعيش عيشة الذل والهوان في زمن تسلط الأعداء واستحلال كثير من بلاد الإسلام تتلفت يمنة ويسرة لتبحث عن قدوة كاملة بين هذا الركام المتلاطم ، وفي هذه الفتن التي تعصف بها عصفاً فلن تجد هدياً يخرجها مما هي فيه ويحقق لها السعادة إلا هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا بد أن تبرز معالم الاقتداء به عليه الصلاة والسلام . إن البشرية الضائعة في متاهات الضلال لم تدرك حق محمد صلى الله عليه وسلم ولم تعلم مدى الفلاح في السير على منهاجه .????جوانب من معالم الاهتداء في حياته صلى الله عليه وسلم :


1ـ العبادة في حياته :

للنبي صلى الله عليه وسلم شأن عظيم مع العبادة ومواصلة القلب بالله عز وجل . فهو لا يدع وقتاً يمر دون ذكر الله عز وجل وحمده وشكره . و قد كانت حياته كلها عبادة لله سبحانه ، خاطبه ربه بقوله تعالى : { يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * } [ المزمل : 1 ـ 4 ] . فاستجاب لربه فقام حتى تفطرت قدماه .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم يصلي حتى تنتفخ قدماه ، فيقال له : يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " .
وعن الأسود بن يزيد قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله بالليل فقالت : (( كان ينام أول الليل ويحيي آخره ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام فإذا سمع النداء الأول (قالت ) وثب ،( ولا والله ما قالت قام ) فأفاض عليه من الماء ( ولا والله ما قالت اغتسل . وأنا أعلم ما تريد ) و إن لم يكن جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة ثم صلى الركعتين )) البخاري ومسلم وهذا لفظ مسلم 1/510 . وكان يطيل صلاته بالليل ويناجي ربه ويدعوه ويستعين بهذا الورد الليلي في القيام بأعباء الدعوة وأمور الأمة .

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : (( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى ، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها ، يقرأ مترسلاً ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمد ، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع ، ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى قريباً من قيامه )) رواه مسلم 1/536.

والإمام القدوة صلى الله عليه وسلم كان وقته عامراً بالطاعة والعبادة . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه )) رواه مسلم .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " )) أبو داود . وكذا عن ابن عمر في الترمذي .

قال أبو هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " البخاري . وتقول أم سلمة رضي الله عنها عن أكثر دعاء الرسول إذا كان عندها : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " الترمذي .

ولنا بهذا الإمام أسوة حسنة : فعبادة الله من صلاة وصيام وصدقة وحج وعمرة وذكر وقراءة ... إلى آخرة يجب أن نقوم بها كما أمر الله ويجب أن نشعر أننا بحاجة ماسة إلى عبادة الله . إن الدرس الذي نستفيده من عبادة رسول الله هو :
أن العبادة هي الزاد الحقيقي الذي يحتاج إليه العبد في سيره إلى الله تعالى . والعبادة هي الطريق إلى ولاية الله للعبد الذي بموجبها يكون في حفظ الله ورعايته ويكون في أمان من أعدائه ففي الحديث : " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدى بأحب مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " وفي الحديث : " احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ......... "

وإذا كانت العبادة بهذه المكانة في الدين ففي هذه الأزمان التي تضطرب بالفتن والمغريات والشهوات أشد حاجة إليها لتثبيت الإيمان وترسيخ الأقدام على الطريق المستقيم . روى معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العبادة في الهرج كهجرة إلي " وفي رواية عند الإمام أحمد رحمه الله " العمل في الهرج والفتنة كالهجرة إلي "

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : (( وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً به متبعاً لأوامره مجتنباً لنواهيه ))??????ـ طبيعة بيت النبوة :

كان بيت النبي صلى الله عليه وسلم يمثل البساطة في جمالها وعلوها والزهد في قمته والاكتفاء بالقليل مع إمكان أن يحوز الدنيا بحذافيرها صلى الله عليه وسلم لو أراد ذلك . فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تصف عيش النبي صلى الله عليه وسلم قائلة : ( ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض ) البخاري .
وكانت تقول لابن أختها عروة بن الزبير : كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار فقال عروة : ما كان يعيشكم ؟ قالت : الأسودان التمر والماء إلا أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله من أبياتهم فيسقيناه .

هذا إمام الأمة وقائدها ، هذا أفضل الخلق الشفيع المشفع فيهم يعيش هذه الحياة ، لم يفكر في الدنيا ولم تكن همه أبداً ، بقدر ما هي وسيلة للعطاء للدار الآخرة . فرسول الله ربما ربط على بطنه الحجر من الجوع وربما أخرجه الجوع من بيته روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال خرج الرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال : " ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة " قالا الجوع يارسول الله قال : " وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا " فقاموا معه فأتى رجلاً من الأنصار .... فرح بهم وقال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني ثم قدم لهم عذقاً من بسر ورطب فأكلوا ثم أخذ مديته فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياك والحلوب " فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا ورووا فقال رسول الله لصاحبيه : " والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم " .
فهنا لم ينس صلى الله عليه وسلم أن يستغل الحدث فيذكر أصحابه ويربطهم بالآخرة !!! فأين نحن من هذا الأمر ونحن نتمتع برزق الله وأصناف الأطعمة والمأكولات ؟!! فهلا تذكرنا المساءلة عنها يوم القيامة لنقوم بشكرها ونحمد المولى على إنعامه ثم نستعين بها على طاعة الله وعبادته ؟! .

وصف لنا عمر رضي الله عنه فراش رسول الله وأثاثه فقال : ( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئ على وسادة من أدَمٍ حشوها ليف فسلمت ... ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر غير أهَبَة ثلاثة فقلت : ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله ، وكان مئكئاً فقال : " أوَ في شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا " فقلت يا رسول الله استغفر لي ) ا لبخاري.

هذا كله مع جوده وكرمه وسخائه فقد كان أكرم الناس وكان يجود بما يملك حتى كان أجود بالخير من الريح المرسلة ، ولو كان عنده خزائن الأرض لجاد بها في ليلة . يقول أبو ذر رضي الله عنه ( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة عشاء استقبَلَنا أحد فقال : " يا أبا ذر ما أحب أن أحداً لي ذهباً يأتي علي ليلة أو ثلاث عندي منه دينار إلا أرصده لدين ، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا " وأرانا بيده ) البخاري .

يخطئ كثير من الناس عندما يعتقد أن السعادة هي جمع الأموال ، وأن السعادة هي المراكب الوثيرة أو الأثاث الفاخر في البيوت أو الأرصدة المتكدسة في المصارف ، . ليست السعادة تلك التحف الجميلة التي تمتلئ بها ردهات المنزل .
إن السعادة المنزلية الحقة : هي أن يكون البيت إسلامياً ، يقوم فيه أهله وينامون على ذكر الله ، على قراءة القرآن ، على الخير والصلاح . يتعاون فيه الزوجان على القيام بالمسوؤلية الملقاة على عاتقيهما في تربية النشء على الخير والصلاح . هذا البيت الذي لا يعرف الأغنية الماجنة ولا الفلم الرخيص ولا المجلة الهابطة . هذا البيت الذي يتكاتف جميع أفراده على الخير والصلاح ، فيه يتلى كتاب الله وفيه يحتذى الهدي النبوي ، هذا البيت الذي تعيش فيه المرأة الصالحة التي عرفت رسالتها وأدت أمانتها في تربية النشء على حفظ كتاب الله وقراءة سيرة المصطفى ، هذا البيت الذي تتربى فيه تلك الفتاة الصالحة التي أدركت سر وجودها وعرفت خطط أعدائها فردت عليهم بالواقع العملي بالتزام الحجاب الشرعي ، هذا البيت الذي ينعم بمحبة الله ورسوله ويعيش على معنى المراقبة الحقة لله سبحانه وتعالى هذا البيت الذي يسود فيه التفاهم والحب والوئام . هذه الأمور الأساسية في السعادة المنزلية وما تحصل بعد ذلك من نعيم الدنيا المسخر في الخير فلا بأس .????ـ 3الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته :


هذا القائد إمام الأمة ، الذي يحمل هم أمة الإسلام قاطبة ، وقته كله عمل ودعوة : يقود الجيوش ، يعلم الأمة ، يجاهد المنافقين ، وينافح الكافرين ، ويعلم الجاهل ، ويأمر بالمعروف وينكر المنكر ، فهل أشغلته هذه الأعمال الجسام عن أهله وبيته ؟ كلا والله فقد كان نعم الزوج ونعم الأب ونعم المخدوم أعطى كل ذي حق حقه كان يقرر حقيقة : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " .

بيت الإنسان هو محكه الحقيقي الذي يبين حسن خلقه ، وكمال أدبه ، وطيب معشره ، فهو يتصرف في بيته على سجيته دون تكلف ولا مجاملات .

وإذا تأملنا في حال رسول هذه الأمة في بيته وجدناه نموذجاً فذاً للتواضع وعدم تكليف الغير . قيل لعائشة رضي الله عنها ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ؟ قالت : ( كان بشراً من البشر : يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه ) أخرجه أحمد والترمذي . وعنها قالت : (( كان يكون في مهن أهله فإذا سمع الأذان خرج )) مسلم .

كان صلى الله عليه وسلم يسعى في إدخال السرور على زوجاته فمن حسن عشرته كان ينادي أم المؤمنين بترخيم اسمها فيقول ( يا عائش ، هذا جبريل يقرئك السلام )) متفق عليه . بل كان يعرف لخد يجة رضي الله عنها فضلها ووقوفها منه وكان يذكرها دائماً بالخير حتى أن عائشة تقول ما غرت من أزواجه غيرتي من خديجة وقد توفيت قبلي لكثرة ما يذكرها وكان يقول : " صدقتني حين كذبني الناس وواستني بنفسها ومالها ولي منها الولد " . وكان يذبح الشاة ويتعاهد صويحباتها وكان يسابق عائشة ، وكان يراعي صغر سنها فيسرب إليها صويحباتها ليلعبن معها ، وكان يراها تلعب بلعب البنات فيقرها على ذلك . لما رجع من خيبر تزوج صفية بنت حيي فكان يدير كساء حول البعير الذي تركبه يسترها به ، ثم يجلس عند البعير فيضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب . كان هذا المشهد مؤثراً يدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم لقد كان وهو القائد المنتصر والنبي المرسل يعلم أمته أنه لا ينقص من قدره ومكانته أن يوطئ أكنافه لأهله وأن يتواضع لزوجته وأن يعينها ويساعدها . وما كان يفضل أحداً من أزواجه على الأخرى . إن هذه الشخصية العظيمة التي وسع وقتها أمور الأمة بكاملها ولم تشغلها عن أن تعيش الحياة السعيدة الحقيقة مع أسرتها . فإلى أولئك الرجال الذين ينظرون إلى المرأة نظرة دونية وإن التواضع معها ضعف ومهانة إلى أولئك نسوق هذه السيرة العطرة والحياة الزكية .

كان صلى الله عليه وسلم يقول : " الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة " صحيح الجامع الصغير .
بل هذا نبي الأمة عليه الصلاة والسلام وأكملها خلقاً وأعظمها منزلة يضرب صوراً رائعة في حسن العشرة ومعرفة الرغبات النفسية والعاطفية لزوجته وينزلها المنزلة التي تحبها كل أنثى لكي تكون محظية عند زوجها . قالت عائشة رضي الله عنها : (( كنت أشرب وأنا حائض ، فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيَّ ، وأتعرق العَرق << أي آخذ ما على العظم من اللحم >> فيتناوله ويضع فاه في موضع فيَّ )) رواه مسلم

إن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم درس للدعاة إلى الله الذين تختلط عندهم الأوراق فيرون عدم إمكان الجمع بين الدعوة وبين حقوق البيت وأهله ويدّعون ضيق الأوقات . إن الوقت الذي وسع رسول الله في دعوته هو نفسه الوقت ، لكن الخلل لدينا نحن في بعثرة أوقاتنا وبعدنا عن العبادة الحقة لله التي يبارك الله بسببها في الأوقات والطاقات .
إن هذا الرجل العظيم : لم ينشغل عن أن يصرف وقتاً من حياته المباركة لبناته ـ لأن أبناءه ماتوا صغاراً ـ فقد كان نعم الأب يبش لبناته ويفرح بهن ويدخل السرور عليهن ، فقد حظين منه بالحب الزائد والشفقة العظيمة والرحمة بشتى صورها كيف لا وهو الرحمة المهداة للبشرية .
(( كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مجلسها )) أبو داود والترمذي والنسائي .
ومن صور الترحيب والبشاشة لابنته ما روته عائشة رضي الله عنها قالت : (( كن أزواج رسول الله عنده فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فلما رآها رحب بها وقال: " مرحباً بابنتي " ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله )) رواه مسلم .

ومن عطفه ومحبته لبناته زيارتهن وتفقد أحوالهن وحل مشاكلهن والذهاب إليهن في بيوتهن لمعرفة حوائجهن . أتت يوماً فاطمة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى وتسأله خادماً فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها ثم انصرفت فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة ، قال علي رضي الله عنه فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال : " مكانكما " فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال : " ألا أدلكما على ما هو خير من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما فكبرا أربعاً وثلاثين ، وسبحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، فهذا خير لكما من خادم " )) البخاري .

إنك لتدهش من حياة المصطفى التي وسعت كل هذه الأمور فهذا قائد الأمة أتى من مهمة من مهام الأمة بلا شك فأخبرته عائشة بقدوم فلذة كبده فلم يصبر ولم يسوف بل ذهب مباشرة إلى ابنته ولم يقر له قرار حتى عرف شأنها وأخبرها بما هو أصلح لها .
درس عظيم يستفيده الآباء وهم يتعاملون مع أبنائهم : الرحمة والشفقة والعطف والحنان هو واجب الأبوة والأمومة والقائد هو الأسوة الحسنة في هذا المجال .

والرحمة والشفقة والعطف والحنان : لا يعني الدلال الزائد . فهذه فاطمة رضي الله عنها فلذة كبد المصطفى ويحبها حباً عظيماً ويدللها لكنها ، كانت امرأة عظيمة تخدم زوجها وتقوم بأعمال منزلها حتى آلمها كثرة الشغل في يديها ، فلما طلبت من والدها خادماً ، أرشدها إلى ما هو أصلح ، لم يكن بخيلاً ــ بأبي هو وأمي ــ ولم يستكثر على ابنته خادماً لكنه يريد لها الخير وما هو أصلح . فيرشدها إلى هذا الدعاء الذي سعدت به ونفعها الله به . وكان أيضاً فائدة للأمة من بعدها هذا النبي الرحيم وهذه المشاعر الفياضة . كانت أسوة حسنة في الصبر على أقدار الله وعدم الجزع . يموت أولاده جميعاً في حياته عدا فاطمة رضي الله عنها فيصبر صبراً جميلاً يقول عند موت ابنه إبراهيم : " إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون "?????

لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش في برج عاجي بعيداً عن أصحابه ومجتمعه بل كان يعيش معهم يخالطهم ويعيش معهم في آمالهم وآلامهم حتى أن من يقدم من خارج المدينة وهو لا يعرفه لا يميزه بين أصحابه . كان يعيش معهم كأنه أحدهم . فكان يبرز للناس وكان يبيع ويشتري لنفسه ومن ذلك قصة الأعرابي الذي اشترى منه صلى الله عليه وسلم فرساً وذهب إلى البيت لينقده فلوسه فطمع الأعرابي وأنكر البيع فشهد بذلك خزيمة بن ثابت رضي الله عنه والقصة مشهورة عند النسائي وغيره وكذلك . شراؤه جمل جابر رضي الله عنه .

وكان صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ويلاعب أطفالهم فعن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال : أحسبه كان فطيماً قال : فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال : " أبا عمير ما فعل النغير ؟ " . وكان صحابته يرجعون إليه في كل شئ حتى في مخالفات أطفالهم فيتعامل معها صلى الله عليه وسلم بأسلوب تربوي عظيم يتناسب مع سن الصغير ومرحلة الطفولة . روى أبو داود عن أبي رافع بن عمرو الغفاري قال : كنت غلاماً أرمي نخل الأنصار فأُتي بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا غلام لِمَ ترمي النخل ؟ قال آكل ، قال : " فلا ترم النخل وكل مما يسقط في أسفلها " ثم مسح رأسه فقال : " اللهم أشبع بطنه " وفي رواية للترمذي قال : " أشبعك الله وأرواك " .

يصف الصحابة رضوان الله عليهم مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم لهم في جميع حياتهم حضرها وسفرها ، وتفقده لأحوالهم الخاصة والعامة فيقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه : ( إنا والله قد صحبْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا ويغزو معنا ويواسينا بالقليل والكثير ) رواه أحمد .وكان يعمل معهم في حفر الخندق ، وفي بناء المسجد وغيره .

لم ينشغل هذا القائد العظيم عن تفقد حال امرأة كانت تقم المسجد فيفتقدها فيسأل عنها فيقال أنها ماتت فيقول هلا آذنتموني فيقال ماتت بليل فيذهب إليها ويصلي عليها في قبرها . ما أعظم هذا القائد ! وما أحسن عشرته !
كان صلى الله عليه وسلم يؤاكل أصحابه فربما حضر معه الأعرابي حديث العهد بالإسلام أو الغلام أو الجارية ممن لا يعرف آداب الطعام والشراب فيأخذ بأيديهم ويعلمهم ويربيهم . روى الإمام أحمد عن حذيفة قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُتي بطعام فجاء أعرابي كأنما يطرد فذهب يتناول فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده ، وجاءت جارية كأنها تطرد فأهوت فأخذ النبي بيدها فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الشيطان لما أعييتموه جاء بالأعرابي والجارية يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه ، بسم الله كلوا" ) .

وروى البخاري ومسلم عن عمر بن أبي سلمة قال : كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصفحة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك " فما زالت تلك طِعمتي بعد .
وربما أردف أحد أصحابه فعلمه وأرشده وربما أردف بعض الشباب واستغل ذلك بتعليمه وتربيته .
إن أتباع الرسول من العلماء والدعاة لا بد أن يعوا هذا الدرس ويخالطوا الناس ويفتحوا أبوابهم وصدورهم للأمة ولشبابها . ويحلوا مشاكلهم ويعلِّموا جاهلهم ويربوا صغيرهم . إن بقاء جفوة بين العلماء والناس خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وإن ازدياد بعد العلماء عن مخالطة الناس جدير بإيجاد حاجز عريض بين الأمة وعلمائها . العالم المؤثر هو ذلك الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ويحل مشاكلهم ويشعرهم بأنه معهم كما هو هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم .

إن فتح العلماء أبوابهم للناس جدير بإذن الله في حل كثير من الاشكالات والأفكار الخاطئة ، إن من أعظم الفتن في عصر مثل هذا العصر أن يبتعد العلماء المؤثرون عن واقع أمتهم . ويصعب أن تجدهم الأمة إذا احتاجتهم . فأين هذا من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ ولمن يترك توجيه الأمة ــ إذا قصر العلماء في ذلك ؟! .????

قد رزق الله نبيه صلى الله عليه وسلم قلباً رقيقاً وحناناً دافقاً فهو صاحب القلب الحنون تكسوه الرحمة وتحركه العاطفة الإيمانية ، أما أهل القلوب القاسية فإنهم لا يعرفون الرحمة وليس للعاطفة في صدورهم مكان إنهم كالحجارة الصماء جفاف في العطاء وبخل بأرق المشاعر . قبََّل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أبناء فاطمة وكان عنده رجل من الأعراب فقال تقبلون أبناءكم ؟! إن عندي عشرة من الولد ما قبلت منهم واحداً فقال صلى الله عليه وسلم وما يدرني لعل الله قد نزع من قلبك الرحمة .

عن أنس رضي الله عنه عنه : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ابنه إبراهيم فقبَّله وشمه )) البخاري . وهذه الرحمة ليست لأبنائه فقط بل هي عامة لأبناء المسلمين . قالت أسماء بنت عميس زوجة جعفر رضي الله عنها : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بني جعفر فرأيته شمهم وذرفت عيناه فقلت يا رسول الله أبلغك عن جعفر شئ ؟ قال : " نعم قتل اليوم " فقمنا نبكي ، ورجع فقال : " اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه قد جاء ما يشغلهم " الترمذي وابن ماجه.

ولما كانت عيناه صلى الله عليه وسلم تفيض لموتهم سأله سعد بن عبادة رضي الله عنه : يا رسول الله ما هذا؟ فيقول صلى الله عليه وسلم : " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " البخاري .
وعندما ذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم لوفاة ابنه إبراهيم قال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : وأنت يا رسول الله ؟ فقال: " يا ابن عوف ، إنها رحمة لمن اتبعها بأخرى " وقال : " إن العين تدمع، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون " البخاري .

وقد بلغ من رأفته ورحمته أن يصعد الصبي على ظهره وهو ساجد يصلي بالناس فيطيل السجود مخافة أن يعجل الصبي عن عبد الله بن شداد عن أبيه رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في احدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي : فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك ؟ قال : " كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته " النسائي وكان صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها .

وبلغت رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته أنه يخفف الصلاة بسبب بكاء طفل مراعاة لحال أمه . عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأدخل في الصلاة وإني أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم لوجد أمه ببكائه " ابن ماجه.

هذا الخلق العظيم مع الصغار يدعونا إلى التأسي به صلى الله عليه وسلم و أن نسير على خطاه في وقت فقدنا فيه الإحساس بمحبة الصغار وإنزالهم منزلتهم فهم الرجال غداً وآباء المستقبل وفجر الأمة المنتظر ، تعاملنا مع الأطفال بشئ أقرب إلى التعالي والكبرياء حتى في المسجد ننهرهم ونؤخرهم ولا نعتبر أحاسيسهم ، إن الأطفال لهم أحاسيس ومشاعر ورغبات وأهواء لا بد من إشباعها لتنطبع قلوبهم بالمحبة والإجلال ، المصطفى صلى الله عليه وسلم ملك بأسلوبه الرائع قلوب الأطفال فأصبحت كلماته وتعليماته تنطبع في قلوبهم مباشرة ، إنه صلى الله عليه وسلم ملك مفاتيح قلوبهم بيده ولسانه . حتى أصبح الصبي يحبه ويجله ويقدره وهو صلى الله عليه وسلم ينزل الناشئة منزلة رفيعة . " يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ... " " يا غلام سم الله "

كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم وهم يلعبون سلم عليهم ورب مازحهم ، وإذا مر بهم على بغلته أركبهم معه .
إن للأطفال مشقتهم وتعبهم وكثرة حركتهم إلا أن القدوة عليه السلام لا يغضب ولا ينهر الصغير ولا يعاتبه ، كان يأخذ بمجامع الرفق وزمام السكينة . عن عائشة رضي الله عنه قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم فأُتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله ) . إن الأطفال ليكونوا رجالاً بحاجة إلى يد حانية ترحم وتربي ولكي تكون التربية مؤثرة لا بد أن نشعر أبناءنا بالرجولة والاهتمام بهم وأن نتحمل أخطاءهم لأن هذا أقرب لتربيتهم وكسب قلوبهم . إن صغارنا يحتاجون منا أن ننزل من كبرياء شموخنا المزعوم وأن نبتعد عن الألفاظ البذيئة التي تهدم ولا تبني وإذا أدبنا يجب أن يكون ذلك التأديب مدروساً . الصغار لهم اهتماماتهم ولهم حياتهم فمن الخطأ أن نسعى إلى مصادرة ذلك أو نهمش ذلك الدور . الواجب أن ندرك أن هذا الشئ يعني الكثير للأطفال فلا بد إذً أن نلبي هذه الرغبة وأن نشبعها . فهل مازحنا صغارنا وهل سمعنا ضحكاتهم وجميل عباراتهم وبادلناهم شعوراً مماثلاً . يحسسهم بالحب والحنان والشفقة أم أشغلتنا أمور الحياة عنهم . فنبي هذه الأمة وقائدها كان يفعل ذلك . فكان يداعب الصغار ويمازحهم .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُدلع لسانه للحسن بن علي ، فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش له )) الصحيحة 70 وعن أنس رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة وهو يقول : " يا زُوينب ، يازوينب مراراً )) الصحيحة 2141 وعن محمود بن الربيع رضي الله عنه قال : (( عقلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي من دلو من بئر كانت في دارنا وأنا ابن خمس سنين )) مسلم .

نسوق هذه السيرة العطرة لعلنا نحيي بها قلوبنا ونقتفي أثرها ، فبيوتنا تُزهر بالصغار والأطفال الذين يحتاجون إلى حنان الأبوة وعاطفة الأمومة وإدخال السرور على قلوبهم الصغيرة . .. فينشأ الصغير سوي العاطفة سوي الخلق يقود أمة عند ما يصبح رجلاً ــ بإذن الله ــ صنعه الرجال والأمهات بعد توفيق الله تعالى .

ولقد عاش الخدم في بيت رسول الله عيشة السعداء فهاهو يقرر حقيقة هامة في هذا الجانب لينطلق الناس على ضوئها في التعامل مع الخدم ومن تحت أيديهم من العمالة يقول صلى الله عليه وسلم : " هم إخوانكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم " مسلم .
ثم نتأمل في خادم يروي عن مخدومه كلاماً عجيباً ويثني ثناء عطراً . عن أنس رضي الله عنه قال : " خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط ، وما قال لي لشئ صنعته لِمَ صنعته ؟ ولا لشئ تركته " مسلم .
عشر سنوات كاملة ليست أياماً ولا شهوراً إنه عمر طويل فيه تقلبات النفس واضطرابها ومع هذا لم ينهره ولم يزجره بل كان يكافئه ويطيب خاطره ويلبي حاجته وحاجة أهله ويدعو لهم . قال أنس رضي الله عنه قالت أمي : يا رسول الله خادمك ادع الله له فقال : " اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته " البخاري

إنه ليس من الشجاعة ولا من القوة ولا من الشهامة أن يظلم الإنسان من تحت يده من خدم أو عمال أو يتسلط عليهم بيده أو لسانه أو يهينهم تحت رحمة الحاجة التي جلبتهم من بلادهم . في الحكمة : إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك . إن هناك صوراً من الظلم والإهانة يعج بها المجتمع في تعامله مع الخدم والعمال صوراً بعيدة عن العدل والإنصاف فالإمام القدوة عليه الصلاة والسلام نهجه واضح في ذلك وتعليمه بين في هذا الأمر . رسول الله مع شجاعته لم يُهن ولم يضرب إلا في حق ، ولم يتسلط على الضعفاء الذين تحت يده من زوجة وخادم .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا ضرب خادماً ولا زوجة )) مسلم .بل كان ينادي بالرفق والأناة والحُلُم :" إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " متفق عليه .

هذا الإمام القائد وسع وقته وصدره جميع الأمة ولم يكن يترفع عن أي فرد في الأمة ، يتواضع لتلك المرأة المسكينة ويمنحها من وقته الملئ بالأعمال . فعن أنس رضي الله عنه قال : (( أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له : ( إن لي إليك حاجة فقال : " اجلسي في أي طريق المدينة شئت أجلس إليك " أبو داود . وكان من تواضعه الذي بلغ الغاية أنه كان يقول : " لو دعيت إلى ذراع أو كُراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت " البخاري .
هذا هو نبي الله خير من أقلته الغبراء وأظلته الخضراء ، الذي بلغ السؤدد والمكانة العالية كان دائم الإخبات والإنابة إلى ربه شديد الانكسار بين يديه :

يروح بأرواح المحامد حُسنُها **** فيرقى بها في ساميات المفاخر .
وإن فُض في الأكوان مسكُ ختامها **** تعطر منها كلُّ نجد وغـــائر .

فأين المتكبرون المتغطرسون ؟!! من هذه السيرة العطرة . ولهؤلاء في كل عصر وحين . يبقى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجزاً ورادعاً لكبرهم واستعلائهم . عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " مسلم .?????

أكرم المجالس مجلس العلم والذكر فما بالك إذا توسط المجلس إمام الأمة وسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام . كان من صفاء مجلسه ونقاء سريرته . أن يرد المخطئ ويصوب الجاهل وينبه الغافل ولا يقبل في مجلسه إلا الخير . وكان صلى الله عليه وسلم مستمعاً منصتاً لمحدثه إلا أنه لا يقبل غيبة ولا يرضى بنميمة ولا بهتان فهو يرد عن أعراض الآخرين ، ولا يقبل في مجلسه ما يخالف الشرع . عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فقال : " أين مالك بن الدخشم ؟" فقال رجل ذلك منافق لا يحب الله ولا رسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تفعل ذلك . ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟! وإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ! " متفق عليه .

وكن صلى الله عليه وسلم يحذر من شهادة الزور واقتطاع الحقوق . عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟" قلنا بلى يا رسول الله : قال : " الإشراك بالله وعقوق الوالدين " وكان متكئاً فجلس فقال : " ألا وقول الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " البخاري .

ومع محبته صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها إلا أنه أنكر عليها الغيبة وأوضح لها عِظَم خطرها . عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبُك من صفية كذا وكذا ــ تعني قصيرة ــ فقال : " لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيرته " أبو داود . وقد بشر صلى الله عليه وسلم من يذب عن أعراض إخوانه فقال صلى الله عليه وسلم : " من ذب عن عرض أخيه الغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار " أحمد

أين نحن في مجالسنا من هذا المجلس المبارك الذي يعلم فيه الجاهل ويذكّر فيه الغافل ويسكت فيه المغتاب وتحفظ فيه الحقوق . إن كثيراً من المجالس التي يجلسها الإنسان تكون عليه ترة وحسرة يوم القيامة ، وتكون عليه وبالاً . فهل وقفنا مع أنفسنا ونحن نقضي الساعات الطوال والدوريات المستمرة فحاسبناها وأوقفناها عند حدود الله ؟! . هل تذكرنا ونحن نتلذذ في مجالسنا بالكلام في الآخرين المساءلة من الله عن هذه المجالس ؟ .
أن أولئك الأقوام الذين ليس لهم هم في مجالسهم إلا الغيبة والنميمة والوقوع في الأعراض . إن أولئك آثمون متعدون لحدود الله مخالفون لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إن التقاء الأقارب والأحباب والجيران والأصدقاء أمر طيب وصلة وبر واجتماع حسن لكن لا بد أن يكون لقاء مثمراً . من الطيب والمحمود أن يجتمع هؤلاء على ذكر حسن وعلى فائدة منتقاة وعلى خير وبر . إن لقاء الجيران من الطيب فيه أن يتدارسوا أمور حيهم وأبناء الحي وكيف يفاد أهل الحي ؟ وعلاج المشكلات الموجودة والسعي في تكميل الخدمات الناقصة لدى المسؤولين . بهذا يكون لقاء مثمراً وكذلك دوريات الأقارب أو الأصدقاء وكذا تجمعات نسوة الحي أو الجارات يجب أن يبتعد فيه عن ما يسخط الله ، وأن يسعى فيه لتحصيل الفوائد .

بهذه الأمور وأمثالها نستطيع أن نستثمر تجمعاتنا ودورياتنا ونضيق الخناق على مداخل الشيطان وأعوانه الذين يريدون الشر والإفساد
وفي الختام أسأل الله أن نكون متأسين بهدي نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام .

صالح بن ساير المطيري
23 نوفمبر, 2008 04:22 ص
غير معرف يقول...

((((((((((((إن لم يكن رسول فماذا يكون؟؟؟



فكيف علم الحقائق العلمية التي اكتشفها العلم الحديث الآن وذكرها في القرآن ( كتاب المسلمين ) من 1400 سنة واعترف بهذا علماء الأجنة والفلك والفيزياء والأطباء . الدليل من القرآن كالتالي ( رقم السورة ، رقم الآية )
-كيف علم مراحل تكوين الجنين وتفاصيل خلقه ( نطفة ، علقة ، مضغة ، عظام ) (سورة رقم 23 ، آية 14 ) (22،5) (76،2) (39،6).
-كيف علم أن الانسان القديم كان كبير الحجم ووصف لنا العصر الجليدي القديم .
-كيف أخبرنا بحزام الصدوع الذي يمتد في القشرة الأرضية (سورة رقم 86 ، آية 12 ) .
-كيف علم بوجود البراكين تحت البحار ( سورة رقم 52 ، آية 6 ) .
-كيف علم أنواع السحب ووصفها بدقة ( طبقية ، ركامية ، معصرات ) ( سورة رقم 78 ، آية 14 ) (43,24) (48,30)
-كيف علم باهتزازه (مندل) التي تحدث لحبيبات التربة عند نزول المطر ( 22 ،5 )
-كيف علم الجبال وانغراسها العميق في باطن الأرض وتثبيتها للقشرة الأرضية(78،7).
-كيف علم أن الحديد نزل إلى الأرض على شكل شهب ونيازك في بداية تكوين الأرض وجعل العدد الذري وعدد الكتلة لذرة الحديد لهما علاقة برقم سورة وآية الحديد التي تصف هذه الحقيقة (25,57).
-كيف اكتشف علماء ناسا حزاما من الصخور المتحولة في القمر يدل على أنه يوما ما انقسم الى نصفين وهي من معجزاتــه (1,54) .
-كيف علم خصائص النجوم والثقوب السوداء ( 86،3 )( 56،75 )(86،3)(53،1)
-كيف أخبرنا بالاتساع اللامتناهي للسماء (51،47)(21،32)(50،6)
كيف علم أن الكون تكون من الدخان (Steam) (41،11) (21،30).
اذا لا بد أنه صادق وأنه رسول من الرب وما دام صادقا فأين تذهبون ؟
اعلم أن الاسلام نسخ الأديان السابقة كما نسخ المسيح اليهودية .
(من المدهش أن هذا النوع من المعلومات موجود في القرآن) ب.هيل من علماء البحار.
(هذا النبي يدلي بتصريحات علميه ودقيقه جدا من 1400سنه ولا أجد بدا من أن أوافق عقلي و أعترف أن هذا وحى أو الهام) تي في فان سان أستاذ أمراض نساء.


-ما قولك في هذه النصوص من التوراة والإنجيل (كلامه أحسن الكلام انه محمد العظيم ) مزامير داود اصحاح 16 الفقرة الخامسة .
(نبوه في جبال فاران )(نبيا من إخوانهم )،(انه النبي الذي يقال له اقرأ فيقول ما أنا بقارئ)
-لو قرأت القرآن فستعلم أنه ليس شعرا ولا نثرا وأنه يستحيل أن يكون من كلام البشر ولو قلت أنه من كلام البشر فكيف علم هذه الحقائق وكيف ذكر كلمة ( يوم ) في القرآن 365 مره بعدد أيام السنة وكلمة (شهر) 12 مرة بعدد شهور السنة .
وذكر كلمة (رجل) 24 مرة وكذلك ( امرأة ) 24 مرة .
وكلمة ( أخ ) 4 مرات وكذلك ( أخت ) 4 مرات .
وكلمة ( الدنيا ) 115مرة وكذلك (الآخرة) 115مرة .
وكلمة ( الحياة ) ومشتقاتها 145مرة وكذلك ( الموت ) ومشتقاته 145مرة .
فكيف يمكن لبشر أن يفعل كل هذا ؟
يولد الإنسان على دين ما وهذا لا يعني أن هذا الدين هو الدين الصحيح
وإنما يعرف الدين الصحيح بالحجة و البرهان و الدليل
*** (التفسير الوحيد أن هذه الحقائق أوحيت لمحمد من الرب) كيث مور من كبار علماء الأجنه
*** (لابد ان هذه الحقائق جاءت من خالق عليم بكل شيء واصبحت مسلما) تاجاسون عالم تشريح
*** (لا اختلاف بين هذا الوحي والمعرفة الطبية) جولي سمبسون أستاذ نساء و ولادة
*** (إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى) ألبرت كوهان جيولوجي
*** (ان هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطه في الوجود) يوشيدى كوزاى عالم فضاء يابانى
*** (نعم انه الوحي لا طريق أمام البشرية إلا أن تقر أن هذا القرآن من عند الرب) مارشال جونسون عالم أحياء

اذا كان النبى محمد صلى الله عليه و سلم كاذبا ً

فكيف علم من 1400 سنة وأخبرنا في القرآن بالحقائق العلمية التي اكتشفها العلم الحديث الآن واعترف بهذا علماء البحار والفلك والطب والجيولوجيا .
كيف علم تناقص حجم الأرض الذي يحدث من ملايين السنين ( الأنبياء ،44 )(الرعد،41) .
كيف أخبرنا بتناقص الهواء والضغط كلما صعدنا لأعلى ( الأنعام ، 125 ) .
كيف علم أن الجبهة ( الجزء الأمامي من المخ ) هي مركز اتخاذ القرار وأنها قد تكذب وقد تخطئ ( العلق ،16 ) .
كيف أخبرنا بالألوان الأساسية للصخور وقسمهم الى مجموعتين ثم اكتشفنا أن احداهما تمثل الخاصية القلوية ( القاعدية ) والأخرى تمثل الخاصية الحمضية ( فاطر ،27 ) .
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (( عجز الذنب منه خلق الانسان ومنه يركب الخلق يوم القيامة )) ، واكتشف علم الوراثة أن عجب الذنب به الشفرة والرمز الوراثي (DNA) للانسان .
أخبرنا الرسول أن الجنين اذا مر به 42 يوما نزل له ملك فصوره وقد يسر لك العلم الحديث أن ترى الجنين بعد 42 يوما وقبلها وستلاحظ الفرق بنفسك فكيف علم محمد بهذا ؟
بم تفسر انغراس قدم إسماعيل عليه السلام في الصخرة الصلبة التي كان يقف عليها لبناء الكعبة و هي باقية حتى يومنا هذا أمام الكعبة وتستطيع رؤيتها بنفسك ?? وبم تفسر توسط مكة للكره الأرضية و بقاء مياه زمزم حتى يومنا هذا و هو بئر لا مثيل له تأتيه المياه عبر الآلاف الأميال بالخاصية الشعرية ?? وبم تفسر علماء الجيولوجيا الذين سرقوا أجزاء من الحجر الأسود بالكعبة و لم يعلموا مادته و لا نوعه وقالوا انه فريد من نوعه .
*** ( باستطاعة تلك الأحاديث أن تسود المعرفة الطبية ) جولي سمبسون .
*** ( لا يمكن أن يكون من مصدر بشري لا بد أنه من الله ) بروفسور هيل .
*** ( إني أوافق أن هذا من عند الله؟؟؟؟بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته وسار على نهجه إلى يوم الدين
إخواني وأخواتي
اسمحولي بان اقدم نبذه قصيرة عن سيد هذه آلامه وحبيبها وهو المصطفى الصادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقد اخذتها من موسوعة الثقافة والمعلومات الطبعة الاولى للمؤلف /مهدي سعيد رزق كريزم
وانصح الجميع باقتناء الموسوعه فهي جديره بالقراءة وسعرها لايتجاوز 100ريال وفيها الشي الكثير من المعلومات

الموضوع : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

1-اسمه ونسبه :
هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب , من قبيلة قريش , ينتهي نسبه إلى قبيلة عدنا ثم إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام 0


2-ولادته:
ولد صلى الله عليه وسلم في مكة بشعب بني هاشم صبيحة يوم الاثنين 12ربيع الأول من عام الفيل الموافق 20أبريل عام 571- قبل الهجرة بثلاث وخمسين سنة 0


3-هجرته:
هاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة في يوم الاثنين 27 من شهر صفر عام 14 للبعثة المباركة الموافق 12 سبتمبر عام 622م ووصل إلى المدينة المنورة في يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 14 للبعثة الموافق 26 سبتمبر عام 622 .
وقيل وصل إلى المدينة المنورة في يوم الاثنين 8ربيع الأول عام 14 للبعثة الموافق 23 سبتمبر عام 622م ولعل هذا الاختلاف ناتج عن مدة الثلاثة أيام التي مكثها في الغار


4- وفاته :
توفى صلى الله عليه وسلم ضحى يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 11للهجرة الموافق 8 يونية عام 632 وذلك في المدينة المنورة ودفن في حجرة عائشة رضي الله عنها ,جنوب شرق المسجد النبوي.


5 كنيته :
كنيته : أبو القاسم


6- أسماؤه وصفاته وألقابه:
محمد,احمد,الماحي,العاقب , الحاشر,الخاتم,المقتفي ,نبي الرحمة,البشير,النذير ,الأمين,الصادق,المصطفى,طه,يس,السراج,المنير,رؤوف,
رحيم ,واوصاف أخرى كثيرة

7-زوجاته:

1-خديجة بنت خويلد

2- سوده بنت زمعة

3- عائشة بنت أبى بكر الصديق

4- حفصة بنت عمر بن الخطاب

5- زينب بنت خزيمة

6- هند بنت أبي أمية(ام سلمة

7- زينب بنت جحش

8- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان

9- ميمونة بنت الحارث

10- جويرية بنت الحارث

11- صفية بنت حيي بن أخطب

12- مارية القطبية

13- ريحانة بنت زيد من بني النظير


8-أولاده:

1-القاسم

2-عبدالله

3-إبراهيم

4-زينب

5-رقية

6-أم كلثوم

7-فاطمة,وجميعهم من ام المؤمنين خديجة بنت خويلد ماعدا إبراهيم فهو من مارية القطبية


9-أخواله:

أخواله : بنو زهرة, وبنو عدي بن النجار


10-عمـــــــلــــه:
كان صلى الله عليه وسلم قبل البعثة يرعى الغنم ثم عمل بالتجارة وبعد البعثة تفرغ لامر الدعوة والجهاد


11-أبوه من الرضاعة:
هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة 000من هوازن


12- أمــــه:

هي آمنة بنت وهب من بني زهرة


13- مرضعاته:

1-أ مــــه

2- ثوبية (جارية أبي لهب )

3- حليمة السعدية

14- أخوته من الرضاعة:
عبدالله بن الحارث ,أنيسة بنت الحارث, وحذافة بنت الحارث (الشيماء


15- أخوته من النسب
ليس له اخوة من النسب بل كان وحيد أبويه


16-أعمامه وعماته:

1-الحارث بن عبد المطلب

2- أبو طالب واسمه عبدمناف

3- حمزة

4- أبو لهب واسمه عبد العزى

5- العباس

6- الزبير

7- حجلا

8- المقوم

9- ضرار


عمــــــــــاته ست :

1-صفية

2- البيضاء

3- عاتكة

4-أميمة

5-أروى

6- بره

17-أصهاره

1-العاص بن الربيع زوج زينب

2-عتبة بن أبى لهب تزوج رقية ثم طلقها

3- عتيبة بن أبى لهب تزوج ام كلثوم ثم طلقها

4- عثمان بن عفان تزوج رقية ثم ماتت فتزوج أم كلثوم

5- علي بن أبى طالب تزوج فاطمة الزهراء


18- صاحبه:

هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه واسمه عبدالله بن أبى قحافة


19- سبطاه:
هم الحسن والحسين أبناء أبنته فاطمة


20-أمين سره :
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه


21- حواريه:
الزبير بن العوام رضي الله عنه


22- حبــه:
زيد بن الحارثة رضي الله عنه


23- ابن حبه:
أسامة بن زيد بن الحارث ويطلق عليه أيضا حبه وابن حبه


24 شعراؤه :
حسان بن ثابت , عبدالله بن رواحه, كعب بن مالك


25- خـــــــدمـــــــــــــــــه:

1-أنس بن مالك

2- هند وأسماء أبناء حارثة الاسلمي

3- أبو هريرة , سلمى, خضرة

4-رضوى

5- ميمونة بنت سعد

6-بركة أم أيمن

7- أنجشة

8- شقران

9- سفينة(مهران ثوبان

10- يسار النوبي

11-رباح,أسلم (أبو رافع فضالة

12-مدعم

13-رافع

14 -كركرة

26- حاضنته:

هي بركة أم ايمن


قابلته:
القابلة التي قامت على ولادته صلى الله عليه وسلم هي الشفاء والدة عبد الرحمن بن عوف


27- كافــــــــلــه:
كفله جده عبد المطلب ,وبعد وفاته عمه أبو طالب


28- عمره:
توفى صلى الله عليه وسلم وعمره 63عاما


29- ساعيه:
هو عمرو بن أمية الضمري


30- حارسه:
محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه


31- فارسه:
أبوقتادة الأنصاري رضي الله عنه


32- المؤذنون في عهده

1-بلال بن رباح

2-عبدالله بن أم كلثوم

3-أبومحذوره واسمه أوس بن معير الجمحي , اسلم بعد حنين وتوفى
عام 59هـ


33- حجاته:
حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحده وهي حجة الوداع عام 10هـ


34- عمراته :
اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات هن:

1-عمرة الحديبة عام 6هـ

2-عمرة القضاء عام7هـ

3-وعمرة الجعرانه عام 8هـ

4-وعمرته التي قرنها مع حجته عام 10هـ وكانت جميع تلك العمر في شهر ذي القعدة


35-أسماء سيوفه :

1-ذوالفقار

2-بتار

3-الحيف

4-رسوب

5-المخدم

6-مأثور(وهو السيف الذي ورثه عن والده )

7-العضب

8-القضيب


36-أسماء أقواسه:

1-الزوراء

2-الروحاء

3-الصفراء

4-الكتوم

5- السداد


37- أسماء دروعه :
ذات الفضول (وهي التي رهنها عند اليهود ذات الوشاح,ذات الحواشي , السعدية , فضة, البتراء ,الخرنق بكسر الخاء


38-أسماء خيوله:

1-السكب

2-المرتجز

3-اللحيف

4-اللزاز

5-الطرب

6-سبحة أو(سبخة بالخاء
7-الورد


39- أسماء نوقه وجماله ودوابه الأخرى:
كان له ناقة واحده هي القصواء وهي التي هاجر عليها من مكة إلى المدينة وكانت تسمى الجدعاء والعضباء


وكان عنده حمار يقال له عفير

واخر يسمى يعفور


البغال :

بغلة اسمها دلدل أهداها له المقوقس هي والحمار عفير

وبغلة أخرى اسمها فضة أهداها له فروة بن عمرو الجذامي ومعها الحمار يعفور وقد أهداها صلى الله عليه وسلم هذه البغله (فضة إلى أبي بكر الصديق

وكان عنده من منائح المعز سبعة هن :

1-عجوة

2-زمزم

3-سقيا

4-بركة

5-ورسة

6-أطلال

7-أطراف ومن النوق اللقائح ذات اللبن سبع لقائح.


40- رايته :

أسم رايته صلى الله عليه وسلم العقاب


41- أشباهه:

كان يشبه من الصحابة

1- الحسن بن على بن أبى طالب

2- جعفر بن أبى طالب رضي الله عنه

3- قثم بن عباس بن عبد المطلب

4- أبو سفيان بن الحارث

5- السائب بن عبيد بن عبد مناف

6- عبدالله بن جعفر بن أبي طالب


42- كتابه:

كان هناك كتاب للرسول صلى الله عليه وسلم يكتبون ما ينزل من القران الكريم أشهرهم :

1- أبو بكر الصديق

2- عمر ابن الخطاب

3- عثمان بن عفان

4- علي بن أبى طالب

5-معاذ بن جبل

6- زيد بن ثابت

7- معاوية بن أبى سفيان

8- ابي بن كعب

9- عبدالله بن مسعود

10- خالد بن الوليد

11- ثابت بن قيس

12- أبان ابن سعيد

وقد ذكر الحافظ العراقي اثنين واربعين كاتبا من كتاب الوحي 0


43- بيوته :

كان للرسول صلى الله عليه وسلم تسعة بيوت (حجرات وهن :حجرات زوجاته إضافة إلى حجرة فاطمة الزهراء ,وقيل إن هناك حجرة عاشره لاام المؤمنين ميمونة بنت الحارث ولم يرد في عبارات المتقدمين يحدد موقع هذه الحجرات ولعلها كانت في الجهة الشمالية الشرقية


44- جملة الغزوات التي كانت في عهده 29 غزوة والمشهور إن عدد غزواته 27 غزوة وذلك باعتبار صلح الحديبية ليست غزوة ,وباعتبار عدم خروجه في غزوة موتة ,فتكون الغزوات التي اشترك فيها وكان قائدها 27غزوة وجملة الغزوات 29غزوة وعدد الغزوات التي قاتل فيها بنفسه 9غزوات وعدد سراياه التي أرسلها : ستون سرية ,وعدها بعضهم 56 سرية بسبب عدم ذكرهم ليوم الرجيع وحدث بئر مؤنه وبعث أسامة بن زيد ,وهكذا
وكانت أول غزواته هي غزوة الأبواء (ودان في صفر عام 2هـ واخر غزوة غزاها غزوة ( تبوك جيش العسرةعام 9هـ


واول سرية أرسلها صلى الله عليه وسلم هي سرية حمزة بن عبد المطلب وكانت إلى ساحل البحر في رمضان عام 1 هـ0 وقد قال علماء السيرة إن الغزوة :هي الموقعة التي شهدها الرسول صلى الله وسلم سواء قاتل فيها ام لم يقاتل بنفسه 0


والسرية هي : الموقعة التي لم يشهدها الرسول صلى الله عليه وسلم ,وإنما أرسل غيره فيها 0 أقول : إن غزوة مؤته لم يشهدها الرسول بنفسه ومع ذلك سميت غزوة ,بل وهي غزوة ومعركة حقيقة كبيرة مع الروم , كما أن صلح الحديبية يعد من ضمن الغزوات رغم أنه كان صلحا واتفاقا 0

وعلى ذلك فاقول :إن الغزوة هي التي تضم جيشا بالمعنى المعروف للجيش حدث قتال ام لم يحدث هذا والله اعلم


شفاء المرضى بنفثه وريقه
ولما أرسل الله نبيه وكلمته المسيح عليه السلام، آتاه من الآيات ما يقيم به الحجة على بني إسرائيل، ومن ذلك إبراء الله الأكمه والأبرص على يديه ]وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني [ (المائدة: 110)، فكان برهاناً ساطعاً ودليلاً قاطعاً عند قومه على نبوته e.
وكذلك أيد الله خاتم أنبيائه وعظيم رسله بمثل هذا الدليل والبرهان ، حين شفى على يديه بعضاً من أصحاب النبي e.
ومن ذلك أنه ما جاء في الصحيحين من حديث سهل بن سعد t أن النبي e قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُ اللهَ ورسولَه، ويحبُه اللهُ ورسولُه))، قال: فبات الناس يدوكون (أي يتحدثون) ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غَدوا على رسول الله e كلهم يرجون أن يُعطاها.
فقال عليه الصلاة والسلام: ((أين عليُ بنُ أبي طالب؟)) فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، فقال: ((فأرسلوا إليه))، فأُتي به t، فبصق رسول الله e في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. قال الشوكاني: "فيه معجزة ظاهرة للنبي e ".
وفي رواية لابن ماجه أنه e تفل في عينيه وقال: ((اللهم أذهب عنه الحر والبرد)) قال علي: فما وجدت حراً ولا برداً بعد يومِئذ ، وكان أصحابه ربما رأوه يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف.
وقبل أن يغادر النبي e أرض خيبر حقق آية أخرى تدل على نبوته ورسالته، فقد شفى الله بنفثه ساق سلمة بن الأكوع الذي أصيب في الغزوة، فقد روى البخاري في صحيحه عن يزيد بن أبي عُبيد قال: رأيت أثرَ ضربةٍ في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أُصيب سلمة، فأتيت النبي e، فنفث فيه ثلاث نَفَثات، فما اشتكيتها حتى الساعة.
إن الجموع التي رأت ساق سلمة مضرجة بدمائها، ثم رأوه لا يشتكي منها ألماً ولا وجعاً ببركة ريق النبي e ونفثه عليها، إن هذه الجموع لا يسعها أمام هذه المعجزة الباهرة إلا أن تشهد للنبي e بالنبوة والرسالة، إذ مثل هذا لا يقدر عليه بشر، إنه دليل من دلائل نبوته e.
ويرسل النبي e عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لردع سلّامِ بنِ أبي الحُقَيق، وبينما هو راجع في الطريق وقع، فانكسرت ساقه، فعصبها بعمامة، يقول: فانتهيت إلى النبي e، فقال: ((ابسط رجلك))، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكِها قطّ.
لقد تكرر ذلك منه e مراراً وعلى مراى من الصحابة الكرام، ومن ذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت أبي يقول: إن رسول الله e تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله فبرأ. فهل كان هذا من فنون الطب أم معجزة وبرهاناً من براهين نبوته e.
ويروي الشيخان آية أخرى من آيات صدقه وبراهين نبوته، ففي الصحيحين من حديث السائب بن يزيد قال: ذهبت بي خالتي إلى النبي e فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجِع، فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، ثم توضأ، فشربتُ من وَضُوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحَجَلة.
وهذا الخبر فيه دليلان من دلائل نبوته e أولهما: شفاء السائب النبي e حين شرب من ماء وُضُوئه، والثاني رؤيته خاتم النبوة بين كتفي النبوة e.
ويروي الإمامان أحمدُ وابنُ ماجه عن أمُ جُندُب أنها رأت رسول الله e يرمي جمرة العقبة .. فأتته امرأة (خثعمية) بابن لها فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا ذاهب العقل، فادع الله له. قال لها: ((ائتيني بماء)). فأتته بماء في تَورٍ من حجارة، فتفل فيه، وغسل وجهه، ثم دعا فيه، ثم قال: ((اذهبي، فاغسليه به، واستشفي الله عز وجل)).
قالت أم جُندب: فقلت لها: هبي لي منه قليلاً لابني هذا، فأخذت منه قليلاً بأصابعي، فمسحت بها شِقَّة ابني، فكان من أبر الناس.
فسألت المرأة بعد: ما فعل ابنها؟ قالت: برئ أحسن بَرء.
قال السندي: "وفي الحديث معجزة عظيمة له e". أقول: لا، بل هما معجزتان : إحداهما شفاء ابن الخثعمية ببركة مجة النبي e في الماء الذي غسلته أمه فيه، والأخرى: هداية ابن أم جندب بمسح أمه وجهَه ببعض هذا الماء.
ويروي أحمد في المسند عن محمد بن حاطب دليلاً آخر من دلائل نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام، فقد أقبلت به أمه أم جميل إلى النبي e، وقد انكفأت قدر تغلي على ذراعه، تقول أم جميل: فأتيتُ بك النبي e فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، هذا محمد بن حاطب، فتفل في فيك، ومسح على رأسك، ودعا لك، وجعل يتفل على يديك ويقول: ((أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)) فقالت: فما قمت بك من عنده حتى برأت يدك.
ويمضي حديث الحديبية لينقل لنا دليلاً آخر من دلائل نبوته، يمكننا تلمسه من حال الصحابة مع النبي r كما يخبرنا عنه وفدُ قريش، يقول عروة - وهو يومئذ على الكفر -: فوالله ما تنخم رسولُ الله نخَامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهَه وجِلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحـدون إليه النظر تعظيماً له.
فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قومِ، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إنْ [أي ما] رأيت مَلكاً قط يعظِّمُه أصحابُه ما يعظـم أصحاب محمد e محمداً.
فوقوع هذه الأخبار غير معتاد ولا مألوف مع أحدٍ من الناس، وحتى الملوكُ لا يُصنَعُ لهم ذلك، وقد فعله أصحاب النبي r معه، لتحققهم من بركة النبي e، ولما عاينوه من آثارها، وهذا النوع من التبرك بشخص النبي r حال حياته مشروع أجمعت الأمة على مشروعيته، وهو دليل آخر من دلائل نبوته e.
و من أعلام نبوته ودلائل رسالته e أنه لما قدم المدينة كانت كما وصفتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أوبأَ أرض الله، فقال e: ((اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ، وصحِّحْها، وبارك لنا في صاعها ومُدّها، وانقل حُّماها، فاجعلها بالجُحفة)). لقد رفع الله الوباء والحمى عن المدينة بدعوة النبي e، فهي أطهر البقاع وأصحها وأبركها بدعوة النبي e.
قال النووي: "وفي هذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا e ، فإن الجحفة من يومئذ مُجتنبة، ولا يشرب أحد من مائها إلا حُمّ". وقد صدق رحمه الله، فهي مهجورة إلى يومنا هذا.

غير معرف يقول...

((((((((ماذا تعرف عن الإسلام ..))))))))))))

مش اللى سَمعتَه عن الإسلامِ؟ ولا اللى شفته في أعمالِ بَعْض المسلمين... ولا اللى سمعته أو شفته من خلال أجهزةِ الإعلام والكتابات اللى همها الوحيد هو التضليلِ الهادفِ والمُضَلِّلِ والخاطئِ ، وأنا لازم أَعترفَ هنا بأنّ .. بعض.. التضليلاتِ والمفاهيم الخاطئة عن الإسلام .. مصدرها برضه بعض المسلمين أنفسهم. عشان أكون صريح معاك .
في اختلاف بين الإسلامِ والمسلمين. أنا مأقدرش أحكم على المسيحيين من خلال تصرفات بعض المسيحيين زى البيشوب بتاع كنيسة لوس أنجيلوس اللى معروف انه لوطي لمدة 13 سنة وعايش مع راجل وأقول هي دي المسيحية .. أبقى ظالم لنفسي لو أنا عايز أعرف الحقيقة ...
فأنا عشان احكم على المسيحية حأقرا الإنجيل والتفاسير المسيحية .. والنقد المسيحي للإنجيل عشان أعرف .. وأنا عملت كده ... فهل أنت عملت كده مع الأسلام ؟؟ ما أظنش ... ويبقى السؤال...... إيه اللى حقيقي تعرفه أنت عن الإسلامِ ؟

الإسلام قاعدة وطلب. والمسلم اللى لا يؤدى القواعد دي ويقومِ بالطلبات بتاعة الإسلام ، يبقى مش مسلم جيد، مقصر، وعشان كده مش ممكن نقارن الإسلامِ بالمسلمين. دى أول حاجة .

ولكن لو كانت الإحصائيات الموثقة بتقول أن العالمِ اللى بيتكون مِنْ 6 بليون بنى آدم ، واحد من كُلّ 5 أشخاصِ في العالم ده شخصِ مسلم. واحد من كل خمس أشخاصِ في العالمِ مسلم.

ومدام الأمر كده فعلا ، فالسؤال هنا ... لو كان 1 من كل 5 أشخاصِ في العالمِ اللى بنعيشه النهارده مسلم، ومعظم المسيحيين العرب عايشين بين مسلمين ، فإزاى إنت من وجهة نظر الثقافة العامة ما تعرفش شيءَ عن الإسلامِ، وحقائق عن الإسلامِ ؟ غير اللى بتسمعه من بعض المضلين .؟ وليه ما قريتش من المصادر الإسلامية عشان تعرف أية هو الإسلام ؟ . وأنا بأدعو أى واحد دلوقتى وكل واحد أنه يعرف إيه هو الإسلامِ الحقيقي ؟

وإيه هو العامل المشترك اللى بيضم 37 أمةَ؟ وإيه هو اللى بيضمُّ الأمم دي والترتيبِ العالميِ ده اللى بيخليهم فى أخوة مشتركة؟ إيه اللى يخلى واحد مِنْ أستراليا أَخّي , وواحد مِنْ أمريكا أَخّي , وواحد مِنْ باكستان أَخّي , وأفريقيا، الصين، وروسيا وهلم جرا، إيه اللى بيخليهم اخواني ؟ وكل واحد منهم عنده خلفياتِه الثقافيةِ والنفسيةِ المختلفةِ. إيه هو الشيء اللى فى الإسلامِ اللى بيُعانقُنا آلياً ويخلينا كلنا أخوّة؟

وإيه هي الخصائصَ الدقيقةَ لطريقةِ الحياة المسلمة دي ، اللى كتير من الناس فى الغرب فاهمينها غلط ، واللي بيتبعها جزءِ كبير جدا مِنْ الإنسانيةِ؟

من ناحيتى فأنا حَأُحاولُ إنى أديك بَعْض الحقائقِ عن الإسلامِ. لكن بالإضافة للي أنا حعمله فأنت كمان حتعمل حاجة مهمة وضرورية علشان تفهمني كويس وتكون استفادت بوقتك .. إفتح عقلك و قلبك علشان تتدبر كلامي كويس ، لإن ببساطه كده .. لو أنا قلبت الكوباية من وضعها الطبيعي لما بنصب فيها مية خليت كعبها فوق وصبيت مية فيها ، عمرها ما حتتملى ولا ممكن أحصل على كوباية مية أبدا ، لإن الحقائق لوحدها عادة لا تُؤدّي إلى الفَهْم، ولكن باجتماع الحقائق مع الطموحِ للفهم مع القدرةِ على التَقدير وتَقْبلُ الحقيقةَ لما تَسْمعُها من حد ................حتفهم.

كلمة إسلامِ بتعنىَ .....استسلام وخضوع وطاعة …. الاستسلام والخضوع والطاعة إلى اللهِ - الله عز وجل . شوفنا فى العهد القديم أسماء أعطت للخالق عز وجل ... يهوة .. ألوهيم ... وفى الأناجيل المختلفة أختلف استخدام أسم الإله ... نسخة الملك جيمس تسميه JEHOVAH ، وكمان New World Translation of the Holy Scriptures ،
أما Bible New International Version فبيستخدم كلمة LORD لتعريف الإله ... وعند الكلام عن الإله فى الكنائس الغربيه مُمْكِنُ طبعا أَنْك تَقُولَ Creator أَو الله الأعلى Supreme God ، أو القوة العُليا Supreme Force، أو الحكيم All Wise ، كُلّ دول من أسمائَه وصفاته عز وجل .

ولكن بالعربي إحنا بنقول ( اللهَ ) .. لأن الكلمة دي فى اللغة العربية مالهاش معنى تانى غير انك بتتكلم عن الله سبحانه وتعالىفقط ، وكمان لا يُمْكن ان تطلق الكلمة دى على أيّ شيء مَخْلُوق. ولكن فى الكلمات والتعبيرات المستخدمة فى لغات تانية ،بتجد كلمات بستعمل مثلا كالعظيمِ Almighty، ولكن الناس بتستخدم نفس الكلمة دى لشىء من الأشياءِ المَخْلُوقةِ. almighty dollar مثلا ، وهكذا، وكلمة god ممكن تخليها جمع فتقول gods ، أو تخليها مؤنث فتقول goddess ، ولكن كلمةَ (الله) لا تجمع ولا تؤنث ولا تطلق على أى شىء مخلوق .. فقط على الخالقِ سبحانه وتعالى ، ولإن الكلمة دى أدق من كل الكلمات، فعلشان كده أنتم كمان كمسيحيين شرقيين بتستخدموا كلمة الله ... والتى جائت فى القرآن الكريم كأسم للخالق عز وجل . أذن أنت تستخدم تعبيرات القرآن بلا شعور ... فطريا .

وكلمة الإسلام مشتقة من الأصل اللى هو السلامة، ومعناها انك تكون فى سلام وأمن ، وعلشان كده فأى مسلم هو إنسان بيستسلم ويخضع لقوانين الله سبحانه وتعالى، ومن خلال الإستسلامِ دة بيَحْصلُ على السلام والأمنِ لنفسه.

ومن خلال التعريف ده فممكن نشوف فوراً ان تعريف كلمة الإسلام بتوصف نفس الأسلوب والسلوكِ لكل الأنبياء المعروفين لناِ، والرُسُلِ اللى أرسلهم الله عز وجل.
كلّهم - آدم ونوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وإسحاق وإسماعيل ويعقوب ويوحنا المعمدان والسيد المسيح ومحمد عليهم السلام أجمعين وبركات اللهِ يُمكنُ أَنْ ينطبق عليهم كلهم ؟

كُلّ الأنبياء والرُسُل دول أرسلهم الله عز وجل بنفس الرسالةِ، وأوحى اليهم ، وكلهم قالوا شيءَ واحد: أطيعواُ الله ، أعبدواْ الله سبحانه وتعالى، وبذلك تكون أديت الغرض من الحياةِ، ولو فعلتْ خير سَتُكافئُ بالحياةِ الأخرى. هو ده جوهر الديانات السماوية وجوهر رسالتهم أجمعين ، بغض النظر عن جنسياتهم أو لغاتهم َأو زمانهم اللى جم فيه أو لأى قوم أرسلهم الله سبحانه وتعالى... هو ده جوهر كل اللى قالوه .

لو قَرأتَ ما يطلق عليه مجازا الكتاب المقدّس بعناية، بدون تفسيرِكَ الخاصِ ، أَو بدون إضافة أي فبركه من شخص تانى ، حتلاقى بنفسك ِإَنَّ هى دي كَانتْ الرسالةَ البسيطةَ مِنْ كُلّ الأنبياء اللى كل واحد منهم أكد الآخر.
يوحنا الإصحاح 17 عدد 3 : وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته

ولا واحد من الأنبياء دول قالً أَنا الله ، أَعْبدُوني . ولا الممسيح

ومش لازم تفكر كتير لإنك مش حتلاقى دَه في أيّ كتاب عِنْدَكَ ، يعنى ولا فى العهد القديمَ ولا فى العهد الجديدَ، ولا فى المزاميرَ .. مش حتلاقيه في أيّ كتاب . ومش حتلاقيه فى كلام أيّ نبي. رجاءً .. افحصَ كُلّ صفحات الإنجيل وأنا أَضْمنُ ك بأنّك لَنْ تَجدَه مرّة فى أي مكان.

ولا قال آنا ناسوت ولاهوت .... واجتمع الناسوت واللاهوت فيه... ولا تلاقى ذكر فى الأنجيل تماما لكلمة الناسوت والاهوت جت مع بعض فى جملة واحده مفيده , ولا قال انه أقنوم ... ولا تلاقى كلمة أقنوم اطلااقا في الإنجيل .. ولا قال انه جه عشان يتصلب عشان أخلصكم من خطية آدم , ولا عمره أتكلم عن آدم , ولا قال انه حينزل لقاع الجحيم يجيب مفتاح الموت من الشيطان عشان يخلص الأرواح الطاهرة بتاعة الصالحين والأنبياء من الجحيم ...

كلها ابتدت بكدبه .. ان المسيح كان اله .. طيب وازاى اله ويتصلب .. يبقى لازم يجى سبب وجيه للصلب ... طيب نطلع نظرية الخطيه .. طيب الألاه ما يموتش .. يبقى نعمله ناسوت ولاهوت

أكبر كدبه فى تاريخ البشرية واللى ضل بيها الشيطان بلايين.

ويبقى السؤال..منين جه ده ؟ هو ده الشيء التانى اللى يَجِبُ أَنْك تُحقّقَ فيه. التاريخ لَهُ طريق فريده فى تقليب كُلّ حجر علشان الحقيقة تبان . ويمكننا فورا اننا نشوف انه بتعريفِ (الإسلام) بإنها الكلمةَ العربيةَ اللى بتصف اللى عمله كُلّ الأنبياء ، كلهم جاؤوا وقدّموا أنفسهم إلى الله، سلّمَوا أنفسهم إلى الله، ودَعوا الناسَ إلى الله، وأصرَّوا على الناسِ ان تكون أحقية أعمالهم لله .

الـ10 وصايا من موسى - كانت إيه ؟ صحف إبراهيم - كانت ايه ؟ مزامير داود - كانت ايه ؟ حكم سليمان – ايه اللى قالهَ؟ أقوال السيد المسيح اللى فى الأناجيل – بتقول أيه ؟ ايه اللى قاله يوحنا المعمدان َ؟ وايه اللى قاله إسحاق وإسماعيل َ؟ عليهم السلام أجمعين .. وايه اللى قاله محمد (r) ؟ ولا حاجة أكثر مِنْ كده .
والقرآن الكريم بيقول ...

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) سورة البينة

ونأجيل يوحنا 4 عدد 23 بيقول عن لسان المسيح أنه قال : 23ولكِن تَأتي ساعةٌ - وقد حَضَرتِ الآن - فيها العِبادُ الصادِقون يَعبُدونَ الآبَ بِالرُّوحِ والحَقّ فمِثْلَ أُولِئكَ العِبادِ يُريدُ الآب. 24إِنَّ اللهَ رُوح فعَلَى العِبادِ أَن يَعبُدوهُ بِالرُّوحِ والحَقّ)).

الرسالة بسيطة. وبنفس المفهوم دة ، يَكُونُ من الملائمَ جدا إعتِبار كل الأنبياء والرُسُلِ كمسلمين لإن ايه هو المسلمَ ؟ ما تُفكّرشْ بشأن المصطلحِ العربيِ، ولا تُفكّرُ بشأن المملكة العربية السعودية أو مكة أو المدينه أَو مصر. فكّرْ بشأن المعنى العام الصحيح لكلمة مسلم .

المسلم هو اللي يَستسلمُ إلى الله عز وجل،ِ ويَطِيعْ قوانينَ الله عز وجل، سواء كانت طاعة طبيعيه أَو عملية ، وكُلّ شيء يُذعنُ لقانونِ الله سبحانه وتعالىفهو.. مسلم.

وعلشان كده الطفلُ لما يخرج مِنْ رحمِ الأمّ ...ِ في الوقت اللى أمر بيه الله سبحانه وتعالى– بيكون إيه هو؟ مسلمُ.
ولما تدور الشمس في مدارِها – بتكون إيه؟ مسلمُ.
ولما يدور القمر حولين الأرضَ – بيكون إيه ؟ مسلمُ.
قانون الجاذبيةِ - إيه هو؟ القانون الإسلامي.
قوانين الطبيعة والفيزياء والكيمياء .. قوانين مسلمة ... أوجدها الله تعالى وتعمل حسب أمره .

يبقى كُلّ شيء بيخضع لله عز وجلِ ويعمل حسب أمره هو مسلم. وعلشان كده لما نَطِيعُ الله سبحانه وتعالى بشكل إختيارى راغبين ، فنكون .. مسلمين.

السيد المسيح كَانَ مسلم، أمّه المباركة كَانتْ مسلمه، إبراهيم كَانَ مسلم، موسى كَانَ مسلم، كُلّ الأنبياء كَانوا مسلمين، لَكنَّهم جاؤوا إلى ناسِهم واتَكلّموا لغاتَ مختلفةَ. النبي محمد تَكلّمَ لغةَ عربيةِ وفي اللغةِ العربيةِ الاستسلامَ والخضوع تعنى مسلم ، أي واحد بيستسلم لله فهو مسلم.

و كُلّ نبي ورسول أرسله الله عز وجل، جاء بنفس الرسالة الأساسية. اعبدوا الله عز وجل وحدهَ وَكُونَوا مخلصين له. ولو َفْحصُنا رسالةَ كُلّ نبي مِنْ الأنبياء المعروفين لنا ، مُمْكِنُ نَستنتجَ الحقيقةِ دي بسهولة.

ولكن فيه نزاع، والنزاع ده نتيجة مزاعمِ خاطئةِ، وإفتراءات، ومبالغات، وأضفاءَ الطابع الشخصي لآراء بعض المفسرين للكُتّابِ والمؤرخين والعلماءِ والأفرادِ. وعلى سبيل المثال، خليني ألقى الضوء لك على نقطه جوهرية ممكن أنت ما انتبهتش لها قبل كده :

في كافة أنحاء العهد القديمِ دايما نلاقى، الله دائماً بيرجع اليه كواحد ، السيد، اللورد وملك الكونِ .. وبعدين في الوصيةِ الأولى اللى أعطيتْ لموسى من الله، نجد انه عز وجل لَمْ يَسْمحْ لأي شخص لعِبادَة أيّ صور مَحْفُورة أَو للإنحِناء لأيّ شئِ في السماواتِ أَو الأرضِ أَو تحت البحرِ . لم يسمح الله عز وجل بذلك. وكُلّ الأنبياء قالوا ان الله واحد، .. في كافة أنحاء العهد القديمِ، وده متكرّر مراراً وتكراراً في كل الأماكنِ. بعدين فَجْأة نَلاقى أربعة شهاداتِ متى ومرقص ولوقا ويوحنا .. بتقول شىء مختلف !!

متى مين ؟ ومرقص مين؟ ولوقا مين؟ ويوحنا مين؟ .. أربع أناجيلِ مختلفة، اتكتبت بفرق عن بعضها عشرات السنين ، وأول إنجيل منهم إتكتب بعد موت السيد المسيح بعشرات السنين، وبينهم اختلافات أساسية وجوهرية ، وجمع من الأخطاء العلمية ، والتاريخية ، والمتناقضات ، والتحريفات بجميع أنواعها ما يعلم به الا الله ... وباعتراف علماؤكم .
ولا واحد منهم كتب على أنجيله اسمه بالكامل ، ولا اسم العائله أو حتى اسمه التانى!

لو أديتك شيكّ تصرفه من البنك وَكْتبُت اسمَي الأولَ فقط، وقلت لك روح اصرفه، هَلْ تَقْبلُ الشيك ده ؟ لا مش حتقبل طبعا .
لو وقّفتك الشرطةَ لكسر اشارة مرور، واديت للشرطى اللى بيعمل لك المخالفة اسمَكَ الأولَ فقط ، هَلْ ده حييَكُونُ مقبول له؟
هَلْ ممكن تصدر لك السلطات جواز سفر بموجب اسمك الأول فقط ؟
هَلْ أمّكَ وأبّوك أعطوَك اسمَ واحد بس ؟
وفى تاريخ البشرية كله فين ممكن نلاقى ان وثيقة تحمل اسم واحد فقط تعتبر مصدر توثيق معتد بيه .. فين ؟ ولا فى أي مكان ولا زمان ... ماعدا في الإنجيل ..

وإزاى تُسندُ إيمانَكَ على أربعة أناجيل إتكتبت مِن قِبل أربع رجالِ على ما يبدوا إنهم ماكانوش يعرفوا اسمِهم الأخيرِ!
وبعد الأربعة أناجيل دول ، نلاقى 14 كِتاب كمان إتكتبت بواسطة راجل كان فريسى .. قَتلَ المسيحيين، وعذّبَ المسيحيين ،وبعد كده قال انه رأى فى المنام السيد المسيح وانه كلفه كحواري للسيد المسيح.

لو قلت لك ان هتلر بعد ما قتل 6 مليون يهودي، وبعدين خاف على نفسه ، فحب ينقذ نفسه ، وبعدين قابلَ سيدنا موسى على الطريقِ وبقى يهودي ، وبعدين كَتب 15 كِتابَ وأضافَهم إلى التوراةِ . هَلْ حيقبل من اليهود ده ؟ لا! أنت كمان مش ممكن بالعقل كدة تَقْبلَ دة .

طيب إزاى تيجى دي بقى ... !! 4 كُتُبِ مش معروف حتى الاسمِ الأخيرِ لكتابهم ، و14 كِتابِ تانيه إتكتبت مِن قِبل راجلِ آخرِ ماكانوش اللى كتبوها يعرفوا ان الكتابات دى حتستخدم لأن تكون الهية ... وبعدها نلاقى ان دي هي المرة الأولى اللى فيها الله عز وجل بيسمى ويدعى رجل، ودي المرة الأولى الله بيُدْعَى بثلاثة صور ، وإنّها المرّة الأولى اللى فيها بيعطى لله إبن – إزاى ده مقبولُ عندكم انتم يا مسيحيين؟ إزاى ؟ ُفكّرُ في الموضوع ده. أنا مش حاجادلك فيه ، أنا بس باديلك نقطه أساسية للتَفكير فيها .

ووصول النبي محمد (r) لَمْ يَجْلبْ دين أَو طريقة حياة جديدة زى ما بَعْض الناسِ بيَدّعوا، بالعكس، النبي محمد (r) أَكّدَ حياةَ ورسالةَ كُلّ الأنبياء والرُسُل السابقين له، كلاهما من خلال تصرّفِاته الشخصيةِ وبالإيحاءِ القدسيِ الذي إستلمَ مِنْ اللهِ. والكتاب المقدّسَ اللى أوحاه الله عز وجل به الى محمد (r) هو القرآنَ .

والقرآن يَعْني المَقْرُوءُ. سيدنا محمد (r) لَمْ يَكْتبْ القرآنَ، و لَمْ يُؤلّفْ القرآنَ، ولم يأخذه عن أحد بالأدعاءات الوهمية اللى بتتقال لكم , ولا أحد ساعدَه لكِتابَة القرآنِ ، أَو لتَأليف القرآنِ. ولا أحد تَعاونَ مَعه في دة، ولكن الملاك جبريل قَرأَ إليه ، والله سبحانه وتعالىجَعلَ قلبَه إناء لاستقبال القرآن ،وحفظه، وتبليغه بالظبط زى ما أوحى اليه به ، وعشان أقرب لك الصوره ، فكر فى طبق القمر الصناعي اللى بيستقبل الموجاتِ ويَديك الصورة فى التلفزيونَ . النبي محمد (r) قلبه كَانَ إناءَ لاستقبال الإيحاءِ، وكنتيجة لكدة فلدينا الآن القرآنُ، اللي بقى بحفظ الله لأكثر من 1400 سنة بدون تغييرِ ولا تبديل .. حتى نقطة واحده . هل فيه أى كتاب آخرمنزل في العالمِ تَعْرفُ عنه تم حفظه لمدة 1400 سنه بدون تغيير حتى ولو نقطه صغيرة َ؟ ولا كتابَ – القرآن بس .

روح للمكتبةِ واقَرأَ موسوعةَ Britannica وماذا تَقُولُ ، أَو الموسوعة العالمية ، أَو موسوعة Americana أَو أيّ موسوعة عالمية أخرى مِنْ العالمِ اللي لَمْ تُكْتَب مِن قِبل المسلمين - واقَرآ ما يَقُولُ حول الإسلامِ والقرآن ومحمد (r). إقرأْ ايه اللى قاله غير المسلمينَ ، وبعدين سَتَقْبلُ أنت بأنّ اللي باَقُولُه له تُوثّقُ عالمي وواضح. قالوا فى الموسوعات دى وكتابات تانية مشهورة
(ان محمد (r) هو الفردُ الأكثر عمقاً وتأثيرا في تأريخِ الإنسانيةِ جمعاء . ) وموضوع على رأس قائمة الرجال الذين أثروا فى حياة البشرية ... كأول اسم .

وليه وصفوا شخصيته صلى الله عليه وسلم بالعمق ، ليه ؟ اقَرأَ اللى بيقولوه .... (ان القرآن هو الأكثر دهشة، وأكثر كتب الأدبِ عمقا في سجلاتِ التاريخِ. إقرأْ ما يَقُولونَ... ان طريقة الحياة الإسلامية مُصنّفُه ودقيقة ودينامكية جداً، وانها لم تتغير أبداَ. إقرأْ ما يَقُولونَ.)

وزى القرآن اللى أوحى الى محمد (r) ، فيه أنبياء و رُسُل إستلموا كتب مقدّسةَ أيضاً. وفي القرآنِ حتلاقى أنباء بالتفصيلِ العميقِ عن الأنبياء دول، وكتبهم المقدّسة، وقصصهم، ومبدأ مهمّتِهم .. هل قابلهم محمد (r)، َأو َتعاونُ مَعاهم لكِتابَة سيرهم الذاتيةِ؟ بالطبع لا
ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران : 44]

وتجد في القرآنِ، ان سيدنا محمد (r) مدعو باسم رسولِ الله وخاتمِ الأنبياء والمرسلين، ودة هو دورِه كإنسان. المسلمون لا يَعْبدونَ محمد. أحنا مش محمديين , و لا نَمتلكُ الحقّ لأَخْذ الاسمِ كمحمد ونَقُولُ بأنّنا محمديين , ولا كَانتْ الناسَ اللى تَلوا موسى - اسمهم موسويين أَو الناس اللي تَلوا يعقوب ما كَان يطلق عليهم يعقوبيين ، أَو الناس اللي تَلوا إبراهيم ما كَانوش أبراهيميين أَو الناس اللي تَلوا داود ما كَانتْ داووديين , لا.لا .. كانوا مسلمين ... أن الدين عند الله الإسلام ..

وهنا أنا باستغرب .. ازاى انتم سميتوا نفسكم مسيحيين؟ التسمية اللى جائت على لسان الوثنيين فى أول مرة عام 42 ميلادية ، السيد المسيح لَمْ يَدْعُ نفسه مسيحي! ازاى الناس يَدْعونَ أنفسهم مسيحيين؟
السيد المسيح قال :
فى يوحنا 7 عدد 16-18 : اجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي ارسلني، 17 ان شاء احد ان يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله ام اتكلم انا من نفسي. 18من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه.وأما من يطلب مجد الذي ارسله فهو صادق وليس فيه ظلم. (SVD)

وقال فىيوحنا 8 عدد 40 : ولكنكم الآن تطلبون ان تقتلوني وأنا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله.هذا لم يعمله ابراهيم. (SVD)

وده معناه واضح ... أن السيد المسيح قال بأنّ أى شىء يستلم من الله هو كلمةُ الله، والي سَمعَه هو اللى قاله َ. هو ده اللى عمله. طيب ازاى تسموا نفسكم مسيحيين؟ يَجِبُ أَنْكم تكُونَا زى السيد المسيح . وماذا كان السيد المسيح ؟ كَانَ خادم لله العلى العظيمَ، لذا أنت يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خادمَ لله العلى العظيمِ. هو ده كل الموضوع . والكتاب المقدّس النهائي والإيحاء الألهى الخالص وهو القرآن بيَجْعلُ بيان ده واضح ومصغّر جداً:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا سورة المائدة 3

لذلك خلال القرآنِ، الكلمة إسلام جاءَت ككلمة - إسلام، وجاءَت في القرآنِ، لأن لما بيكتمل البناء بتسميه منزل .. ولما تكون السيارة على نظامِ التجميع، لا تكون سيارةً بعد ، ولكنها في عملية التجميع . لما يكتمل التَجميع ويعتمد ويتم اختبارها كويس .. تصبح الآن سيارةُ. ولما الإسلام أُكتملَ كوحى و كتاب، وعبرات وأمثال من خلال حياة النبي محمد (r)، بعدين أصبحَ إسلاماً. أصبحَ طريقة كاملة لحياة الأفراد .. دين الإسلامِ. وهذا هو فضل الله عز وجل علينا كمسلمين ان تسمى الديانة باسم الدين ..

لذا فان الكلمةُ فقط كديانه هي اللى كَانتْ جديدةَ، ولكن مش الدين ولا الممارسةَ، مش النبي، مش الطلبَ مِنْ الله، مش اله جديد، مش إيحاء جديد، لكن فقط اسمِ جديد .. (الإسلام) .. وزى ما قُلنَا قبل كدةً – الأنبياء كلهم كانوا ايه ؟ كَانوا كُلّهم مسلمين.

الامتياز الهام جدا اللي جدير بالذكر هو إن النبي محمد (r) ليس كسابقيه، هو لَمْ يَجيءْ إلى العرب أَو ناسِه الخاصينِ بشكل خاص. لا. عشان كده الإسلام مش دين العرب فقط ، مش للعرب فقط ... أيوة ، سيدنا محمد (r)، إبن عبد الله إتولد في مكة , مدينة في شبهِ الجزيرة العربيةِ، لذا بالتأكيد كَانَ عربي بِالوِلادَةِ ، اختيار اللهِ. إضافة إلى كدة القرآن أوحى به باللغةِ العربيةِ لحِمايتها، وتصفيتها وجعلها أكثر دقة ، ولأنها أغنى لغة على وجه الأرض ( فالغة العربيه بها 12 مليون كلمة ويأتى بعدها اللغة الصينية التى فيها مليون ومائتين الف كلمة بينما الأنجليزية بها 800000 كلمه فقط ) ، ورغم ذلك فان القرآنُ يُبدّدُ أيّ ميول أَو مزاعم بان رسالة محمد (r) حُدّدتْ أَو عُنِيتْ للعرب فقط ، يقول الله عز وجل فى القرآن:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .... سباء 28
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ... الأنبياء 107
وبكدة يكون سيدنا محمد (r) فى حد ذاته هو آخر الأنبياء العظماءِ والرُسُل قبله .

وحيث اننا نُشيرُ إلى القرآنِ لدَعْم تقديمِنا، فيَجِبُ أَنْ نَعطي بَعْض المعلومات المساعدةِ على القرآنِ نفسه.

أولاً، القرآنَ بيعطى الإدّعاءَ بإِنَّهُ مُنتَجُ الإيحاءِ القدسيِ ، اى انه قد أوحى إلى محمد (r) مِنْ الله عز وجل . يقول الله تعالى فى القرآن :
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) ... النجم

دة بيان واقرار من اللهِ سبحانه وتعالى. لو أردنا أَنْ نُقنعَ شخص ما حول أصالةِ القرآنِ، فيَجِبُ أَنْ نُثبتَ له بأنّه كَانَ مستحيلَ لسيدنا لمحمد (r) تأليف أو فبركة مثل هذا الكتابِ .
ثانياً، يَجِبُ أَنْ نُثبتَ بأنّه كَانَ مستحيلَ على حد سواء لأيّ أنسان آخر أنْ يؤلف مثل هذا الكتاب . وهنا خلينا نقف و نُفكّرُ فى هذا الشأن شوية .. القرآنُ بيبين فى آياته َ:

خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) .... العلق

والعلق هو قطعة الدمِّ المُتَخَثّرِ السميكِ

ازاى عَرفَ النبي محمد (r) بأنّ الجنينَ يبَدأَ كقطعة دم متَخثّرَ ومعلقة بجدار رحمِ الأمِّ ؟ هَلْ كَانَ عِنْدَهُ ميكروسكوب ؟ هَلْ كَانَ عِنْدَهُ سماعة؟ أَو هَلْ كَانَ عِنْدَهُ نوع من رؤية اشعة سينيةِ؟ ازاى أستلم الحقيقة والمعرفةِ دى ، واللي تم اكتشفاها بس قبل حوالي 50 سنةً؟

ازاى عرف بأن الأرض أتخلقت بعد الشمس وأنها بتدور حوالين نفسها وحوالين الشمس .. واللى أثبته العلم ... على عكس ما قال لنا العهد القديم
ازاى عَرفَ بأنّ الشمسِ والقمرِ والكواكبِ جميعاً يَسْبحونَ في المدارِ الذي أُمِرَ لهم؟
ازاى عرف ان الضغط الجوى بيزداد مع الارتفاع عن سطح الأرض؟
ازاى عَرفَ بأنّ المحيطاتَ فيَها فاصل بين مسار الماء المالحِ والماء العذبِ؟
ازاى عرف ان تحت مياه البحار والمحيطات بيوجد أمواج داخلية؟
ازاى عرف ان اصل الكون كان كتلة غازية انفجرت فكونت الكواكب ... والاكتشاف دة اللى بتسميه ناسا ( وكالة الفضاء الأمريكية) اكتشاف القرن العشرين .. وسموه the big bang ) )
ازاى عَرفَ دة؟ ووووووو. ازاى عَرفَ بعشرات الحقائق العلمية و اللى تم اكتشافها فقط خلال العصر الحديث يعنى ال 100 سنةً الأخيرة ؟

التقنية والعِلْم المتطوّر اللي أَعْرفُ منه أنا وأنت يادوب إكتشفَ الأشياءِ دى . ازاى َعرفَ محمد (r) هذه الأشياءِ قَبْلَ أَكْثَرِ مِنْ 1400 سَنَة؟ أنسان أمى , لم يتعلم القراءة والكتابة ، تربى ونشاء في الصحراءِ.. ، ازاى يَقُولُ شيءاً مثل هذا (القرآن)؟ ازاى يُنتجُ شيءاً مثل هذا (القرآن)؟
وازاى يأتي شخص ما .. عاش معاه، أو قبله أَو بعده، يأتى بالشّيء اللى تم اُكتَشَافُه مؤخراً؟ ازاى لرجل مَا تَركَ شبهَ الجزيرة العربيةَ، ومَا أبحرعلى سفينة، وعاش قبل 14 قرناً، يُوضّحُ مثل هذه الأوصاف والحقائق المُدهِشة التي إكتشفتْ مؤخراً.

كمان ، لو دة غير كاف، خلينى أقول لك أنّ القرآنَ فية 114 سورة ، فيهم أكثر من 6000 آية . وكان هناك مئات مِنْ الناسِ أثناء زمن النبي محمد (r) الى حفظوا هذا الكتابِ كليَّاً. وعلشان كدة القرآن كان محفوظ فى الصدور قبل الكتب ... هل الناس دى كانت عباقرة، ازاى حَصل دةَ ؟
هل حفظ أي واحد الإنجيلِ وفيه العهد القديم والعهد الجديد، أو مزامير داوود ؟ ولا أحد, ولا حتى البابا، لكن هناك ملايين المسلمين اليوم ومنهم أطفال لم يتعدى عمرهم 8 سنوات حافظين القرآن بالكامل . هو دة طموحُ كُلّ مسلم. لَيسَ بَعْض، كُلّ.

كام عدد المسيحيين اللى قابلتهم في حياتِكَ اللي حفظوا الأنجيل عن ظهر قلب ؟ ولا واحد . إنت ما قابلتش أيّ مسيحي حافظ الأنجيل بالكامل !! ودة ليه ؟ لأنك مَا قابلتش مسيحي عَرفَ حتى ماهو الأنجيل بالكامل - لأن المسيحيين بأنفسهم عِنْدَهُمْ أكثر من 2000 طائفةِ مختلفةِ، وفيه نسخ مختلفةَ مِنْ الأنجيل بالمئات ، روح متحف لندن وشوف ، والأناجيل المختلفة عند الطوائف المختلفة بتشتمل على كُتُبِ مختلفةِ ونسخِ مختلفةِ، وكمية مختلفة مِنْ الأعداد والفصولِ، وهم لا يتفقوا على ذلك ، طائفة تقول العدد دة موحى بية والطائفة الأخرى تقول لأ، ازاى ممكن يَحفظوا حتى اللى هم انفسهم لا يَتّفقونَ عليه؟

الناس اللى كانوا مسيحيين ودخلوا فى الإسلام اكتشفوا الأشياءِ دى بنفسهم من خلال البحث والتحقيق الخاصِ. أي شخص منكم عرف أو سمع المعلومات دى دلوقتى أو قبل كدة .. عليك دور مهم أنت كمان .. تعمله كخدمة لنفسك ، وهو انك تقلب فى الحقايق وتقلب بَعْض الأحجار و تنَظْر تحتها . ويعود الأمر لك.

أخيراً، يَفترضُ بأنّني أخبرتُك بِأَنَّ القرآن حفظ عالمياً، بدون أقل تعديلِ من أيّ نوع في مدى 14 قرناً. لو كُلّ دة كان حقيقيُ - كُلّ اللى َقُولُته، لو كان صدق، هل تُوافقُ بِأَنَّ الكتابِ دة عميق وفريد جداً ّ، هَلْ تَرغَبُ انت فى أَنْ تَكُونَ صادقَ بما فيه الكفاية مع نفسك وتقول كدة ؟ بالطبع وفقط لو كُنْتَ صادق مع نفسك .. ولا شك بانك كذلك .

من خلال نفسك أنت يَجِبُ أَنْ تصل للنتيجة دى . زى ما وصلها العديد مِنْ غير المسلمينِ الآخرينِ قبلك . على سبيل المثال: بنيامين فرانكلين، توماس جيفيرسن، نابليون بونابرت، وينستن تَشِرشِل والعديد مِنْ الآخرين. أنا مُمْكِنُ أَنْ أعطى أسماء لا نهائية .. كلهم انتهوا إلى نفس الخاتمةِ. سواء قَبلوا الإسلام بشكل مفتوح أَو لا ، توصلوا إلى تلك النتيجة ِ،
بأنه ليس هناك كتاب أدبى آخر في العالمِ، أعمقُ من القرآن وكمصدر للحكمةِ والاستشفاء الروحي والاتجاه .

وبما اننا حَللنَا قضيةَ أصالةِ القرآنِ، دلوقتى خلينا نتجهُ إلى مادةِ البحث الأخرى – وهى المواضيع الأساسية للقرآنِ، زى الوحدانية العُليا لله العلى العظيمِ، واللي بتَتضمّنُ أسمائَه، وصفاته ، والعلاقة بين اللهِ ومخلوقاتِه، وكيفية أعمال الإنسان للإبقاء على العلاقةِ دي قوية مع ربة .
قصص الأنبياء والرسائلِ، حياتهم ورسائلهم اللى الأقوام اللى أرسلهم الله عر وجل فيهم، ومهمّتهم العامّة.
والإصرار على اتباع المثالِ النهائيِ والعالميِ سيدنا محمد (r) - خاتم الأنبياء والرُسُلِ.
وتَذكير البشرِ بقِصَرِ الحياةِ دى ، ودْعوتهم نحو الخلودِ فيما بعد الحياة الدنيوية ، الحياة الآخرة الأبدية .

الحياة الآخرة هنا تعنى أنك بعد ما تَتْركُ هنا، ستَذْهبُ في مكان ما، وقد يحدث هذا اليوم ، اللّيلة. ولا نقول ياسيدى بعد أن تَمُوتُ وتَتْركُ الأرضِ دى، أنت ذاهبُ الى مكان ما، سواء قْبلُته أَم لم تقبلة ،رايح رايح ، وسَتُحمّلُ مسؤوليةَ أعمالَكَ. وأنت أُخبرتَ وعلمت بالحقيقة دى .. ولَكنَّك رَفضتَ.

لأن الغرض من الحياةِ مش الجُلُوس هنا وبعد كدة ما تَعمَلُش شيءُ وكأن الحقائق اللى أنت عرفتها ما لهاش تأثيرُ. كُلّ سبب لَهُ مسبب. وإحنا جِينَا للحياةِ دي لسبب وغرض ، ويَجِبُ أَنْ يكونَ له تأثيرُ.

أنت مابتروحش المدرسةِ عشان تقعد فيها بس، ولا بتَبْني بيت وماتروحش تسكن فية ، أنت ما بتفصلش بدلة وما تلبسهاش ، أنت ما بتشتغلش بدون ما تُتَوقِّع جائزة عن عملك، ولا تَستطيعُ العَيْش بدون تَوَقُّع المَوت، ولا تَستطيعُ المَوت بدون توقّعِ القبرِ ، ولا تَستطيعُ تَوَقُّع أن القبرُ هو النهايةُ، لأن دة يَعْني أنّ الله خَلقَك لغرض أحمق. وأنت مَا ذَهبتَ للمدرسةِ أَو اشتغلت لغرض أحمق. فازاى تُنسب إلى الله عز وجل شىء أقل مِنْ نفسك. أنّ الله خَلقَك لغرض أحمق ... لأ طبعا

نرجع للقرآن .. نلاقى ان القرآنُ بيذهب بعمق عظيمِ ويبسط معلومات عن المحيطاتِ والأنهارِ، الأشجار والنباتات، الطيور والحشرات، البرية والحيوانات الأليفة، الجبال والوديان، توسّعات السماواتِ، الكون، والحياة المائية، عِلْم التشريح وعِلْم الأحياء الإنساني، الحضارة والتأريخ الإنساني، وصف الجنةِ والجحيمِ، تطور الجنينِ الإنسانيِ، مهمّة كُلّ الأنبياء والرُسُل وغرض الحياةِ على الأرضِ. ودى بعض المواضيع اللى تكلم عنها القرآن الكريم .

وازاى لرجل ولد في الصحراءِ , رجل كان أمى ... لا يقَرأَ وكَانَ يُرعى الغنم ، يلقى الضوء على المواضيعِ اللى لم يتعرض أحدا لها من قبل .. ويبينها بإعجاز تام ؟

والسمةِ الفريدةِ فى القرآنِ ... أنّه مصدرِ لتَأكيد كُلّ الكتب المقدّسة المنزّلة سابقاً.

ولو أذن الله سبحانه وتعالىوأعطاك الجرأة على القرار انك تُصبحَ مسلم، فمش من الضروري أن تَعتبرُ نفسك بتُغيّرُ دينَكَ، أنت لا تُغيّرُ دينَكَ .... لو زاد وزنك أو قل ، وعِنْدَكَ بدلة غالية ، وبتحب البدلةِ دى ، يبقى مش من الضروري أنك تَرْمي البدلة – مش كدة؟ لا! خُذْها للخيّاطِ وقول له يعمل لك بَعْض التعديلاتِ ويظبطها على مقاسك إلى حدٍّ ما لأنك بتَحْبُّ البدلةِ دى .
وبإعتقادِكَ، وشرفكَ، وحب الفضيلة َ، وحبّكَ للسيد المسيح، وإرتباطكَ بالله، وعبادتكَ، واخلاصك إلى الله عز وجل، أنت مش ضروري أنك تُغيّرُ وتَرْمي دة بعيد - َتمسّكُ بدة ، لَكنَّك يَجِبُ أَنْ تَعمل شوية تعديلاتَ لما تَعْرفُ بأنّ الحقيقةَ اتكُشِفتْ لك. هو دة بس .

ولازم كمان أَنكْ تَكُونَ صادق مع نفسكَ بما فيه الكفاية لمعْرِفة بأنّك فَقدتَ بعضَ الوَزنَ وتحتاج تعدل البدلة .

الإسلام بسيطُ . إشهدْ ان لا اله الا الله لا شريك له. وأشهد أن محمدا رسول الله ... لو طلبت منك انك تشهد "بأنّ أبي هو أبّي"، حا تشهد ، أو إبني هو إبنُي "،" زوجتي هى زوجتُي " حتشهد طبعا ... يبقى ازاى تَتردّدُ في شَهادَة ان لا اله الا ولا شريك له وأن محمدا رسول الله ،ُ وربنا هو اللى خلقُكَ. لِماذا؟ هَلْ أنت متغطرس؟ هَلْ أنت ممجد؟ هَلْ تَمتلكُ شّيء لا يملكه الله ! أَو هَلْ أنت مشوّش؟ هو دة السؤالُ اللي لازم عليك تَسْألَه لنفسك.

لو إعتقدتَ بأنّك حَتَمُوتُ اللّيلة ، وكُانْتَ أمامك الجنةً وخلفك نارَ الجحيم، وعِنْدَكَ الفرصة لتصحيح ما هو خطاء بضميرِكَ واعتقادك وتصحيح أمورك مع الله عز وجل ، ولسُؤال الله لقُبُول أفضل أعمالِكَ، لو كَانَ عِنْدَكَ الفرصة تَعمَلُ كدة لأنك اعتقدتَ بأنّك حَتَمُوتُ اللّيلة، يبقى لَنْ تَتردّدَ في شَهادَة بأنّ هناك إله واحد وحيد، لَنْ تَتردّدَ في الشَهادَة ان محمد (r) رسولُ الله وممثل كُلّ الأنبياء وآخر الأنبياء. ولَنْ تَتردّدَ فى دة لأنك وأحد من اللي عايزين يتُكْتَبوا في كتابِ الله .. واحد من اللي عايزين يقدّمُوا إخلاصهم وولائهم لله .. لَنْ تَتردّدَ، لَكنَّك بتَعتقدُ أنّك حَتَعِيشُ أكتر شوية ، عايز تتَمَتُّع بأشياءِ أكثر شوية ، عايز تنبسظ بَشْربَ خمرة أكثر شوية كمان ، عايز تعاشر صاحبتك وبناتِ تانية أكثر قليلاً، عايز ترَقْص شويه ، وتغنى شوية اكثرِ. وهوب ... جت ساعتك يا حلو.

وبالطبع أنت مش مستعدَّ للصَلاة كُلّ يوم، لأنك بتَعتقدُ أنّك حَتَعِيشُ فترةَ. لكن قد إيه؟ تقدر تعرف ؟ مش ممكن ... البعض مِنْكم أُصبحَ أصلعَ . تفتكر امتى كان شَعرُك كاملُ؟ واللى شَعرهُ رماديُ. تفتكر امتى كان شَعركَ كُله أسود؟ عِنْدَكَ أوجاعُ وآلامُ في رُكَبِكِ وأماكن تانيه .. من امتى كان إيه ... أنت كُنْتَ طفل تركض وتلعب ؟ من اد ايه كان ده ؟ كَانَ أمس، نعم! وأنت حتَمُوتُ بكره . فعايز تستنى أد أيه ، وليه ، وهل تضمن تعيش ؟؟ الى متى النتظار ؟؟؟؟

الإسلام أشهد أَنْ لا اله الا اله لا شريك له
الإسلام أَنْ تَقرَّ بوجودِ الملائكةِ اللى أُرسلَوا بواجبِ كَشْف المفاجئاتِ والوحى إلى الأنبياء، اللى َحْملُوا الرسالةَ إلى الأنبياء، وبيُسيطرُوا على الرياحِ بأمر الله، والجبال والمحيطات , وبيَأْخذواِ حياةَ الناس اللى أمر الله ان تنتهى حياتهم . وانك تعترفْ بأنّ كُلّ الأنبياء ورُسُل الله كَانوا رجالَ مستقيمينَ . وتَعترفُ بالحقيقة بأنّ حيكون فى يوم الحساب لكُلّ المخلوقات ويجازى كل أمرىء على حسب عملة .
وإعترفْ بأنّ كُلّ الخير والشر قدر من الله العظيمِ.
وإعترفْ بأنّ فيه بالتأكيد إحياء بعد الموتِ.

الواجباتَ الأساسيةَ لكُلّ مسلم بسيطةُ؛ خمسة أشياءِ.
الإسلام هو البيت الكبير. وكُلّ بيت يَجِبُ أَنْ يُبْنَى بالأعمدةِ والأساسات ِ. ولازمْ تَبْني البيتَ بالقواعدِ. ولما تَبْني بيتَكَ .. فيَجِبُ أَنْ تَتْبع القواعدَ.

أوّل الخمسة مِنْ قواعدِ الإسلامِ أَنْ تُؤيّدَ رمزَ التوحيدِ الصارمِ وبمعنى آخر:
أَنْ لا تقْبلَ أيّ شركاء مَع الله
لا تعْبدَ أيّ شئَ سويّة مع الله
أَنْ لا يتقُولَ أيّ شئَ حول الله لَيْسَ من حقّك ان تقوله .

أَنْ لا تقُولَ بأنّه عِنْدَهُ أبّ أَو إبن أَو بنت أَو أمّ أَو عمّ أَو عمّة أَو مجلس أمناء
أَو أي شخص لا يَجِبُ أَنْ يَسْألَ أَو يقَول أيّ شئِ على الله لَيْسَ لَكَ الحقُّ فى قَوله

الآن انت تَحْكمُ على نفسك. ولك الأختيار ، تَحْكمُ على نفسك للسلامِ والجنةِ أَو َتحْكمْ على نفسك بالتشويشِ والاحباطِ والعقاب بنارِ الجحيم الأبدية .
و تَسْألُ نفسك. هَلْ أَشْهدُ بأنّ لا اله الا الله الواحد ؟ لو َسْألُت نفسك السؤالِ ده، حَتَقُولُ، نعم أَشْهدُ.
هل أَشْهدُ بأن محمد (r) كما هو واُضّحَ، هَوْ رسول الله؟ نعم أنا أَشْهدُ.

لو َشْهدتُ بكده ، حتكون زينا مسلم .. ونكون كلنا مسلمين. وتبقى أخويا فى الله ، وزى ماقلت لك قبل كده ... انك تبقى مسلم لا يعنى انك بتغير ما كنت عليه ولكنك فقط بتجرى تعديلَ في ما كُنْتَ عليه ، وبمعنى آخر: . في تَفْكيركَ وممارستِكَ.

كم منكم يَختلفُ مع ما قُلتُ حول الله، حول محمد، حول خَلْقِ الحياةِ؟ كم منكم يَختلفُ جوهرياً مَع الذي أَقُولُ؟
كل اللى وافق على ما قُلتُ إرفع يديكَ. وقول أَشْهدُ لا اله الا الله و أَشْهدَ ان محمد رسول الله. آمين! آمين! آمين!

ونسأل الله البركة ، ونسأله ان يُساعدُنا ويُوجّهُنا. Truth_Gate

غير معرف يقول...

((((((((خدعة القيام من بين الاموات كيف حدثت ؟

متى27عدد 59: فاخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي. (60) ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة ثم دحرج حجرا كبيرا على باب القبر ومضى. (61) وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الاخرى جالستين تجاه القبر (62) وفي الغد الذي بعد الاستعداد اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون الى بيلاطس (63) قائلين.يا سيد قد تذكرنا ان ذلك المضل قال وهو حيّ اني بعد ثلاثة ايام اقوم. (64) فمر بضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا للشعب انه قام من الاموات.فتكون الضلالة الاخيرة اشر من الاولى. (65) فقال لهم بيلاطس عندكم حراس.اذهبوا واضبطوه كما تعلمون. (66) فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر (SVD)

أريد أن أسأل سؤال واحد فقط .. لماذا لا يكون تلاميذه قد أخرجوه بعد أن دحرج يوسف الحجر على القبر يعني في نفس الليلة ؟؟ خاصة أن مريم المجدلية ومريم الأخرى كانتا جالستين عند القبر ؟؟ ليس هذا فقط ؟ ولكن السؤال هو ما الدليل على أن يوسف قد دفنه من الأساس ؟ يوسف أخذ الجسد وذهب ليدفنه في قبر منعزل جديد ويقولون أنه وضع الجسد في القبر بعد أن لفه بالكتان والقبر لم يختم إلا ثاني ليلة كما يقول صاحب إنجيل متى , فأي دليل على أن يوسف وضعه في القبر ؟ ومن الذي رآه ؟ ولماذا لا يكون التلاميذ قد سرقوا جسده في نفس ليلة الصلب أو حتى في الصباح ثاني يوم ؟؟ وهذا بالفعل ما حدث كما يقول في متى 28عدد 13 هكذا :
متى28عدد 13: قائلين.قولوا ان تلاميذه أتوا ليلا وسرقوه ونحن نيام. (SVD)
و لو قرأت قصة قيامه من الأموات في يوحنا لأدركت أنهم بالفعل هم أنفسهم لا يعلمون عن الأمر شئ ولكنهم يتمسكون بكلام قساوستهم ورهبانهم ولا يحاولون أبداً البحث عن الحق ولكني أعذرهم لأن الكتاب عندهم من الممنوع عليهم قراءته أو النظر فيه لذلك من النادر جداً أن تجد نصراني قد قرأ كتابه كاملاً او تدبر معانيه أو تفقه فيه إنما هجروه وتركوه ولم يفكروا أبدا في أن يبحثوا في أمر كتابهم أنظر ماذا يقول يوحنا عن هذه القصة المكذوبة وقارن بين ما جاء في متى وما جاء في يوحنا لتعلم وتتأكد أن الجميع يكذبون ولم يتفقوا على رأي واحد , فأنظر ما جاء في إنجيل يوحنا 20عدد 1-23 أنقله كما يلي :
1. وفي اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية الى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر.
2 فركضت وجاءت الى سمعان بطرس والى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما اخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم اين وضعوه. فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا الى القبر. 4 وكان الاثنان يركضان معا.فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء اولا الى القبر 5 وانحنى فنظر الاكفان موضوعة ولكنه لم يدخل.
6 ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الاكفان موضوعة 7 والمنديل الذي كان على راسه ليس موضوعا مع الاكفان بل ملفوفا في موضع وحده. 8 فحينئذ دخل ايضا التلميذ الآخر الذي جاء اولا الى القبر ورأى فآمن. 9 لانهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب انه ينبغي ان يقوم من الاموات.10 فمضى التلميذان ايضا الى موضعهما 11. اما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجا تبكي.وفيما هي تبكي انحنت الى القبر 12 فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدا عند الراس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا. 13 فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين.قالت لهما انهم اخذوا سيدي ولست اعلم اين وضعوه. 14 ولما قالت هذا التفتت الى الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم انه يسوع. 15 قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين.من تطلبين.فظنت تلك انه البستاني فقالت له يا سيد ان كنت انت قد حملته فقل لي اين وضعته وانا آخذه. 16 قال لها يسوع يا مريم.فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلّم. 17 قال لها يسوع لا تلمسيني لاني لم اصعد بعد الى ابي.ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم. 18 فجاءت مريم المجدلية واخبرت التلاميذ انها رأت الرب وانه قال لها هذا 19. ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو اول الاسبوع وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم. 20 ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه.ففرح التلاميذ اذ رأوا الرب. 21 فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم.كما ارسلني الآب ارسلكم انا. 22 ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس. 23 من غفرتم خطاياه تغفر له.ومن امسكتم خطاياه أمسكت (SVD)
وهذا قول متى في نفس الموضوع أنقله من إنجيل متى 28عدد 2-9 كما يلي :
: وبعد السبت عند فجر اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الاخرى لتنظرا القبر. (2) واذا زلزلة عظيمة حدثت.لان ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه. (3) وكان منظره كالبرق ولباسه ابيض كالثلج. (4) فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كاموات. (5) فاجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخافا انتما.فاني اعلم انكما تطلبان يسوع المصلوب. (6) ليس هو ههنا لانه قام كما قال.هلم انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعا فيه. (7) واذهبا سريعا قولا لتلاميذه انه قد قام من الاموات.ها هو يسبقكم الى الجليل.هناك ترونه.ها انا قد قلت لكما. (8) فخرجتا سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه. (9) وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه اذا يسوع لاقاهما وقال سلام لكما.فتقدمتا وامسكتا بقدميه وسجدتا له. (SVD)
الكثير من الاختلافات والتناقضات بين الروايتين وعلى سبيل المثال لا الحصر هل مريم ورفيقتها كانتا عند القبر أم أنهما جائتا في اليوم التالي؟ هل وجدت الحجر مرفوعا أم إنتظرت حتى رأت ملاك الرب يرفع الحجر من على القبر ؟ هل رأيتا ملاك الرب داخل القبر أم خارجه ؟ هل أمرهما الملاك أن يذهبا ويبلغا التلاميذ ام أنهما ذهبتا من نفسيهما ؟ ومئات الاسئلة تدور حول هذا الأمر ولكني لا اريد أن أطيل حقيقة فأمامك النصين وأتمنى ان تقارن بين الأناجيل الاربع حول هذه القصة المكذوبة الملفقة التي لا تمت إلى الدين بشئ ولكنها اقرب إلى الخرافات

غير معرف يقول...

(((((((المفهوم الخاطىء للروح القدس عند النصارى))))))))

من أين جاء الأعتقاد بالتثليث ...
مما نقله سعيد بن البطريق عما حدث في المجمع الثالث حيث اجتمع الوزراء والقواد الى الملك وقالوا : أن ما قاله الناس قد فسد وغلب عليهم ( آريوس ) و ( اقدانيس ) فكتب الملك الى جميع الأساقفة والبطارقة فاجتمعوا في القسطنطينية فوجدوا كتبهم تنص على أن الروح القدس مخلوق وليس باله فقال بطريق الإسكندرية
: ليس روح القدس عندنا غير روح الله , وليس روح الله غير حياته ، فإذا قلنا أن روح الله مخلوقة فقد قلنا أن حياته مخلوقة ، وإذا قلنا حياته مخلوقة فقد جعلناه غير حي وذلك كفر .
فاستحسنوا جميعا هذا الرأي ولعنوا ( آريون ) ومن قال بقولته هذه , واثبتوا أن ( روح القدس اله حق من اله حق ثلاثة اقانيم بثلاثة خواص) !!.
ومن هنا بدأت القصة ياساده ... الفهم الخاطىء ... أدى إلى انحراف العقيدة حتى أن أقروا خالق ثالث .... وهو الروح القدس !!!!
وكما قال البوصيري : جعلوا الثلاثة واحدا ولو اهتدوا لم يجعلوا العدد الكبير قليلا

فلنبين المفهوم الإسلامي للروح أولا
فقد ورد بالقران والسنة النبوية أن المسيح روح الله ، وذلك كقوله تعالى عن سيدنا جبريل (( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه دخل الجنة ) .
وقام علماء المسلمين بتوضيح هذه النصوص لازالة ما يلبس من الخطأ في الفهم , فقالوا : ان الله عز وجل منزه عن الامتزاج باي مخلوق ، والامتزاج هو الحلول والاتحاد , الذي يمثل أساس النصرانية , حيث قالوا بحلول الله في جسد عيسى عليه السلام وهو ما بنى الصوفية عليه اعتقادهم حيث يجعلون الله يحل في كل شيء , وان الأقطاب تصير آلهة على الأرض ويعتبر من كمال التوحيد عند الصوفية اعتقاد أن الله يحل في كل شيء .(( تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا )) .
وتضاف كلمة روح القدس وروح منه الى الله ليس لاتحادها به , وإنما نسبة تشريف فهي إضافة تشريف وليست تبعيض ( أي جزء منه ) كما يقال ناقة الله وبيت الله . . . الخ . فمن المعلوم انه ليس المراد من ناقة الله : الناقة التي يركبها الله , وبيت الله ليس بمعنى البيت الذي يسكنه الله . فروح الله أي روح من الأرواح التي خلقها الله , وأضيفت إليه بقصد التشريف كقوله تعالى : (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )) يقصد به إضافة تشريف ... هذا عن الأعتقاد الإسلامي .
ولكن ... ما هو مفهوم الثالوث من وجهة نظر العقيدة المسيحية ؟
فلنبدأ بتعريف منقول من موقع مسيحي عن مفهوم كلمة أقنوم .. يقول بالضبط ما يلى ..
ثالثاً: ما معنى كلمة اقنوم؟
كلمة أقنوم كلمة سريانية معناها " الذات المتميزة غير المنفصلة" وهي باليونانية " هيبوستاسيس “ وهي تحمل المعنى الحقيقي للتمايز بين اقانيم اللاهوت، وهي الاصطلاح الذي يطلق على كل من الآب والإبن و الروح القدس.
ويخطئ من يظن أن الأقانيم الثلاثة مجرد صفات أو ألقاب عادية لأننا نرى الاقنوم الواحد يكلم الآخر ويتحدث عن نفسه، ويرسل الواحد منها الآخر، وهكذا ... وبديهي أن الصفات أو الألقاب العادية لا يمكن أن يخاطب بعضها أو أن يتكلم أحدهـا عن الآخر.
وهذه الأقانيم ثلاثة في وحدة جوهرية خاصة بكيان الله ، فهو واحد في جوهره مثلث في أقانيمه.
وكل أقنوم يدعى الله ، فالآب يدعى الله كما يقول الكتاب (يع 1 عدد 27) ، والابن يدعى الله ( تي 3 عدد 16) ، والروح القدس يدعى الله (أع 5 عدد 3 ، 4).
والمقصود بهذه الأسماء تقريب المعنى للعقل البشري المحدود، ولا يخفى على أحد أنه ليس مقصوداً بالإبن والآب العلاقة الناتجة عن التزاوج أو التناسل، إنما هي أسماء تقريبية أعطاها الله ليفهم البشر الحديث عن الله الكائن بذاته، الناطق بكلمته ، الحي بروحه.

ولكن ما لم يقله كاتب هذا التعريف أن المعنى الصحيح لكلمة أقنوم هو ( شخص ) ... نعم شخص ... نحن نتحدث عن أشخاص ... حتى لا توجد كلمة يمكنها ان تثبت معنى التثليث إبتدائا من الكلمة التي أستخدمها النصارى لإثبات المعنى .... !!!!
وأصل الأيمان المسيحي فى التثليث هو أن : كل واحد من الأقانبم شخص بمفرده ، ولكن ألوهية كل منهم هي نفس الألوهية ، ونفس العظمة ، ونفس الجلال الأبدي ، فالآب مثل الأبن ، والإبن مثل الروح القدس . وأى من الأقانيم ليس مخلوقاً ، ولهم نفس الأزلية ، والخلود ، والقدرة ، والعظمة
وبالرغم من ذلك فهم ليسوا ثلاثة قادرين على كل شيء بل واحد فقط هو القادر على كل شيء !!
وبالمثل فإن الآب إله والإبن إله والروح القدس إله
وبالرغم من ذلك فهم ليسوا ثلاثة آلهة بل هم واحد فقط !!!
وبنفس الطريقة فالزعم المسيحية يُحتِّم عليهم الاعتراف بكل شخص على حدة كإله ورب ولكن يمنعهم إيمانهم أن يذكروهم كثلاثة آلهة أو ثلاثة أرباب
فالآب ليس مصنوعاً أو مخلوقاً أو مولوداً ، وكذلك الإبن ، والروح القدس ليس مصنوعاً أو مخلوقاً أو مولودا من الآب أو الإبن ولكنه منبثق منهما.
وبين هؤلاء الأشخاص لا يوجد الأول أو الاخر ولا الأصغر أو الأعظم وإنما الأزلية والعظمة للثلاثة مجتمعين . . . .
فالمسيح إله من جوهر الآب ، ولد قبل الزمن ، وإنسان من جوهر الأم ولد عندما جاء الوقت ، وإله كامل ، وإنسان كامل ، يتكون من الروح الحكيمة واللحم الادمي .
وهو يساوي الآب في ألوهيته إلا أنه يصغره نسبة لآدميته . وعلى الرغم من كونه إلهاً وإنساناً إلا أنهما ليسا بإثنين بل هما المسيح . . . "

كما أن هناك أضطراب وتناقض عظيم في قولهم : إن الروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب ـ حسب عقيدة الارثوذكس ـ أو المنبثق من الأب والابن ـ حسب عقيدة الكاثوليك والبروتستانت .

وموضوع الثالوث في العقيدة المسيحية ذو أهمية وخطورة بالغة، ذلك لأن قول الكنيسة بوحدانية الله، وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر، ومساواتها في الجوهر، ونسبة أحدها إلى الآخر، كل ذلك لم يرد فيه جملة واحدة بالتصريح في الكتاب المقدس ، ونحن كمسلمين نعجب كيف يؤمن المسيحيون بعقيدة تعتبر لبّها ومحورها الاساسي ولا نرى لها نصاً صيحاً في الكتاب المقدس ؟!
و يعترف المسيحيين أن هذا لا سبيل لفهمه و إدراكه بالعقل و يسمونه "سرّ التثليث". با ان هناك قصة شهيرة عن القديس سانت أوغسطين تروى انه كان يتمشى على شاطىء البحر فرأى طفلا صغيرا يحفر حفرة ويضع فيها ماء البحر ... فسأله ماذا تفعل .. فقال أضع البحر فى الحفرة ... فتعجب سانت أوغسطين من رد الطفل وقال له ... هل تضع كل البحر فى هذه الحفرة ... ثم تبين لأوغسطين ان هذا الطفل ملاك .. ورد عليه وقال ان كنت لم تدرك اننى ممكن ان أضع ماء البحر فى هذه الحفرة .. فكيف تدرك بالعقل ان تفهم التثليث !!!!!

والروح القدس عندهم يمثل عنصر الحياة في الثالوث المقدس ، ويعتبر أقنوم قائم بذاته ، وإله مستقل بنفسه ، والثالوث المقدس ثلاثة أقانيم هي : الذات والنطق والحياة ، فالذات هو الله الآب ، والنطق أو الكلمة هو الله الابن، والحياة هي الله الروح القدس ، ويعتقدون أن الذات والد النطق أو الكلمة ، والكلمة مولودة من الذات ، والحياة منبثقة من الـذات أو من الذات والكلـمة على خـلاف بين الكنـائس .
... ويلزم من ذلك أن يكون المسيح فيه لاهوتان : الكلمة ، وروح القدس ، فيكون المسيح من ناحية الناسوت : أقنومين أقنوم الكلمة ، وأقنوم روح القدس ،

ويقول بعض مفسرى النصارى أنهم لم يسموا الله بهذه الأسماء من ذات أنفسهم ، ولكن الله سمى لاهوته بها ، والغريب انه ليس فيما ذكره النصارى عن الأنبياء أن الله سمى نفسه ، ولا شيئاً من صفاته روح القدس ، ولاسمى نفسه ولا شيئاً من صفاته ابناً ، فبطل تسميتكم لصفته التي هي الحياة بروح القدس، ولصفته التي هي العلم بالابن . وأيضاً فأنتم تزعمون أن المسيح مختص بالكلمة والروح ، فإذا كانت روح القدس في داود عليه السلام والحواريين وغيرهم بطل ما خصصتم به المسيح ، وقد علم بالاتفاق أن داود عبد الله عز وجل ، وإن كانت روح القدس فيه ، وكذلك المسيح عبد الله وإن كانت روح القدس فيه ، فما ذكرتموه عن الأنبياء ، حجة عليكم لأهل الإسلام ، لا حجة لكم )) .

ويدل أيضاً على عدم خصوصية الروح القدس بالمسيح ـ عليه السلام ـ ولا بغيره ، أن النصارى يقرون أن الروح القدس ناطق في الأنبياء ، إذ قالوا في قانون إيمانهم المقدس : (( الناطق في الأنبياء )) ، ويسمى ـ في زعمهم ـ حياة الله ، وإذا كان كذلك فهذا باطل ، إذ يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : (( وحياة الله صفة قائمة به لا تحل في غيره ، وروح القدس الذي تكون في الأنبياء والصالحين ليس هو حياة الله القائمة به ، ولو كان روح القدس الذي في الأنبياء هو أحد الأقانيم الثلاثة لكان كل من الأنبياء إلهاً معبوداً قد اتحد ناسوته باللاهوت كالمسيح عندكم !!!

فإن المسيح لما اتحد به أحد الأقانيم صار ناسوتاً ولاهوتاً ، فإذا كان روح القدس الذي هو أحد الأقانيم الثلاثة ناطقاً في الأنبياء كان كل منهم فيه لاهوت وناسوت كالمسيح ، وأنتم لا تقرون بالحلول والاتحاد إلا للمسيح وحده مع إثباتكم لغيره ما ثبت له ))


وقال ـ رحمه الله ـ في موضع آخر : (( وهم إما أن يسلموا أن روح القدس في حق غيره ليس المراد بها حياة الله ، فإذا ثبت أن لها معنى غير الحياة ، فلو استعمل في حياة الله أيضاً لم يتعين أن يراد بها ذلك في حق المسيح ، فكيف ولم يستعمل في حياة الله في حق المسيح ، وأما أن يدعوا أن المراد بها حياة الله في حق الأنبياء والحواريين ، فإن قالوا ذلك لزمهم أن يكون اللاهوت حالاً في جميع الأنبياء والحواريين ، وحينئذٍ فلا فـرق بين هـؤلاء وبين المسيح )) .
قصة متى فى الحمل بالمسيح ..متى 1عدد 18
(أَمَّا يَسُوعُ الْمَسِيحُ فَقَدْ تَمَّتْ وِلادَتُهُ هَكَذَا: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ؛ وَقَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا مَعاً، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ )
والغريب فى الموضوع هو ... هل حرف من كما يتغنى النصارى يعنى انه من الله يعنى الله نفسه , وحبلى منه كما هو معروف وواضح ومفهوم يظهر لنا ان ؟ بهذا القول يكون يسوع هو الذي حبل أمه عشان تولده ..... لانه هو الروح القدس والابن والآب فى نفس الوقت متحدين .إذا المسئول حسب عقيدة النصارى عن تحبيل أم يسوع هو يسوع نفسه !!!
فلنقرأ الآن لوقا 1 : 26-35 لنعرف القصة...
26 وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله الى مدينة من الجليل اسمها ناصرة . 27 الى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف.واسم العذراء مريم .28 فدخل اليها الملاك وقال سلام لك ايتها المنعم عليها.الرب معك مباركة انت في النساء . 29 فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى ان تكون هذه التحية . 30 فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لانك قد وجدت نعمة عند الله . 31 وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع . 32 هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسي داود ابيه . 33 ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية . 34 فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا . 35 فاجاب الملاك وقال لها.الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.
فما معنى حلول الروح القدس .. هل معناها من حلت عليه الروح القدس يكون حامل؟؟ فلنقرأ أعمال الرسل 1 : 8
لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض
أذن قوة العلى هى التى تأتى من حلول الروح القدس ... أذا لم يقصد لوقا إطلاقا ان الحمل كان من الروح القدس .... مثلما قال متى
وكيف يحل ويظل ابن أمه ؟؟؟ حلول الولد فى بطن أمه وان تحبل منه بنص الإنجيل , يوضح لنا ويثبت ان يسوع فى الواقع قد ارتكب اكبر خطيه فى تاريخ البشرية وأغتصب أمه .فالأقنوم الثالث حل في بطن مريم لتلد الأقنوم الثاني (الابن) .


وماذا يقول العهد القديم والجديد عن كلمة الروح ؟

وعند دراسة العهدين القديم والجديد نجد ان كلمة الروح جاءت دائما مضافة إلى الله ، وإلى القدس ، وبدون إضافة ، و قد يكون المراد منها الوحي الإلهي ، أو القوة والثبات والنصرة التي يؤيد الله بها من يشاء من عباده المؤمنين ، أو جبريل ـ عليه السلام ـ أو المسيح ـ عليه السلام ـ حسب مناسبة ورودها في التوراة والإنجيل والقرآن ،

ويبقى السؤال هنا.. هل الروح القدس غير جبريل ـ عليه السلام ـ كما يعتقد النصارى ؟؟؟ وعلى اعتقادهم خصوصية حلول الروح القدس على المسيح وعلى المؤمنين من أتباعه وأنه يلهمهم ، فلنرى ...

جبريل والروح القدس :
يستدل النصارى فى أعتقادهم بأن الروح القدس ليست هى جبريل عليه السلام وان هناك فرق بينهما ببعض النصوص فى الكتاب المقدس ، وهذه النصوص والأعداد تذكر ملاك الله جبريل أنه يأتي بالبشارة لمن يرسله الله إليهم ، وأنهم بعد هذه البشارة يحل عليهم الروح القدس ، واستناداً على هذا الفرق بينهما فإن جبريل في تعريفهم هو : (( ملاك ذي رتبة رفيعة ، أرسل ليفسر رؤيا لدانيال ، وبعث مرة في زيارة لنفس النبي ليعطيه فهماً ، وليعلن له نبوة السبعين أسبوعاً ، وقد أرسل إلى أورشليم ليحمل البشارة لزكريا في شأن ولادة يوحنا المعمدان ، وأرسل أيضاً إلى الناصرة ليبشر العذراء مريم بأنها ستكون أماً للمسيح ، وقد وصف جبرائيل نفسه بأنه واقف أمام الله )) .

فما هى النصوص التي ذكرت بشارة ملاك الله جبريل لمن أرسله الله إليهم ، ثم حلول روح القدس عليهم :

بشارة جبريل لزكريا بميلاد يوحنا وقوله له : (( ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس )) ، وبشارة جبريل لمريم بميلاد المسيح وقوله لها : (( الروح القدس يحل عليك )) ، وحينما قامت مريم بزيارة إليصابات زوجة زكريا وسلمت عليها : (( فلما سمعت إليصابات سلام مريم ارتكض الجنــين في بطنها ، وامتلأت إليصــابات من الروح القدس )) ، وكذلك زكريا : (( وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس )) .
فهذه النصوص من أدلتهم على الفرق بين جبريل والروح القدس ، ثم بعد حين من الزمن اعتقدوا ألوهيته وقالوا في قانون إيمانهم إنه : (( الرب المحيي المنبثق من الآب ، المسجود له والممجد مع الآب والابن ، الناطق في الأنبياء )) ، واستدلالهم بتلك النصوص مخالف للعقل والنقل للأسباب التالية :
1 ـ أن الروح القدس في عقيدتهم هو الإله الذي حبلت منه العذراء مريم ببشارة جبريل لها لتلد المسيح (الابن) ، فالأقنوم الثالث حل في بطن مريم لتلد الأقنوم الثاني (الابن) ، فكيف يتجسد الإله الأقنوم الثاني وهو المسيح ، من الإله الأقنوم الثالث وهو الروح القدس ، في بطـن الإنسـان المخلوق مريم ، وكـيف يكون الروح القـدس جبريل ـ عليه السلام ـ وهو أحد الملائكة المخلوقين من الله يبشر مـريم الإنسان المخلوق ، بحلول الإله الروح القدس عليها ، لتلد الإله المسيح ، فهـذا يتنافى مع مقام الإله سبحانه وتعالى الذي له الخلق والأمر ، وهذا افتراء على الله ، تعـالى الله عن قولهم .

2 ـ كما أن الروح القدس الإله ـ على زعمهم ـ هو الذي حل في أناس مختارين لكتابة الوحي الإلهي ، فكيف يكون الوحي الإلهي من الله الأب ، إلى الله الروح القدس ، ومن ثم إلى أناس مختارين ؟ وهذا أيضاً من التناقض والافتراء .

3 ـ كما أن في الإنجيل أن سيدنا زكريا أبا يحيى امتلأ من الروح القدس : (( وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس )) , وكذلك أم يحيى حين زارتها مريم أم المسيح وسلمت عليها : (( فلما سمعت إليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت إليصابات من الروح القدس )) ، فهل يعني هذا أن الروح القدس ، وهو الإله ـ حسب عقيدتهم ـ حل أيضاً في هؤلاء ؟ تعالى الله عن قولهم .

4 ـ وإذا كان الروح القدس الإله في عقيدتهم ، له كل هذه الأفعال والأعمال ، أليس من الواجب على النصارى حينئذ أن يتوجهوا في دعائهم إلى الروح القدس بدلاً من المسيح الذي على زعمهم : (( صعد إلى السموات وجلس عن يمين الأب )) ، والذي على زعمهم أيضاً : (( يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات الذي ليس لملكه انقضاء )) ، وزعمهم هذا يخالف صريح المعقول ، وصحيح المنقول ، فالمسيح ـ عليه السلام ـ أمرهم أن يتوجهوا في صلاتهم إلى الله وحده الذي له الملك والقـوة والمجد إلى الأبد ، قال عليه السلام :(( فصلوا أنتم هكذا : أبانا الذي في السموات ، ليتقدس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لتكن مشيئتك ، كما في السماء كذلك على الأرض ، خبزنا كفانا اعطنا اليوم، واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن للمذنبين إلينا، ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير ، لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين )) .

ثم قال لهم المسيح : (( فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي، وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم )) ، وفي الإنجيل : (( ونعـلم أن الله لا يسمع للخطاة ، ولكن إن كان أحـد يتقي الله ويفعـل مشيئته فلهذا يسمع )) ،

وقال المسيح عليه السلام : (( ليس كل من يقول لي يارب يدخل ملكوات السموات ، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات )) .
هذه النصوص وغيرها ، تفيد أن المسيح ـ عليه السلام ـ كان يأمر تلاميذه بالتوجه إلى الله في الصلاة وطلب المغفرة ؛ لأن الله لا يستجيب لأحد مالم يتقه ويفعل مشيئته ، ولا أحد يدخل ملكوت السموات ما لم يفعل إرادة الله وحده .

ولو كان المسيح نفسه ، أو الروح القدس ، لهم شيء من هذه الصفات الإلهية ، لكان المسيح أولى بها من الروح القدس ، فكيف وأن المسيح نفسه يأمر تلاميذة وكل المؤمنين به أن يكون توجههم لله دون سواه ، قال المسيح عليه السلام : (( لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد )) ، وقال أيضاً : (( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي أرسلته ، أنا مجدتك على الأرض ، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته )) .

فالمسيح ـ عليه السلام ـ عبد الله ورسوله ، وكذلك الروح القدس هو ملاك الله جبريل ـ عليه السلام ـ فهو رسول الله بالوحي للأنبياء ، وبالنصر والتأييد لهم ولغيرهم من أولياء الله الصالحين ، كما تبين لنا ذلك عند الحديث عن حقيقة الروح القدس .
المسيح والروح القدس

أهل التوراة وهم اليهود يعلمون أن روح القدس هو جبريل عليه السلام : ولكنهم تمردوا وأحزنوا روح قدسه ، فتحول لهم عدواً وهو حاربهم ، لذلك حرص اليهود على سؤال الأنبياء عن الروح الذي يأتي بالوحي من السماء ، فإن كان جبريل أعرضوا عن هذا النبي ولم يسمعوا دعوته ، لأن هناك عداوه بين اليهود وسيدنا جبريل عليه السلام ، وعن سؤالهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، عن الذي يأتيه بالوحي ، فلما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه جبريل ، قالوا : ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ، ذاك عدونا ، لو قلت : ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك ، فأنـزل الله تعالى : (( قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك )) إلى قوله : (( فإن الله عـدو للكافرين )) .

2 ـ أن جبريل عليه السلام هو روح الله الذي جاء في الإنجيل أن مريم :
(( وجدت حبلى من الروح القدس )) ، وهو العلامة التي عرف بها يحيى عليه السلام المسيح أنه يرى : (( الروح القدس نازلاً ومستقراَ عليه )) ، وهو الذي أخبر الله عنه أنه أيد به المسيح عليه السلام ، قال تعالى : (( وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس )) ، وقوله تعالى: (( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس )) ، وهو الذي بأمر الله نفخ الروح في مريم ، قال تعالى : (( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها مـن روحنا وجعـلناها وابنها آية للعالمين )) .
وهو أيضاً الذي نزل بالوحي على النبي صلى الله عليه وسـلم ، قال تعـالى: (( قل نزله روح القدس من ربك بالحق )) ، وقوله تعالى : (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) ، وغير ذلك من الأعمال التي أوكل الله بها جبريل عليه السلام ، كما تقدم بيان ذلك .

3 ـ أن الروح القدس يسمى أيضاً روح الله ، ويسمى الروح ـ بـدون إضافة ـ ورد ذكر ذلك في التوراة والإنجيل والقرآن :

1. ففي التوراة أنه يهب القوة كما جاء فى قضاة 3 عدد 10: (( فكان عليه روح الرب وقضى لإسرائيل وخرج للحرب )) ، وجاء أيضاً فى قضاه 14 عدد 6 : (( فحل عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء )) ، وجاء أيضاً فى قضاه 14 عدد 19 : (( وحل عليه روح الرب فنزل إلى أشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلاً وأخذ سلبهم )) ، وأنه يهب الحكمة والفهم والمعرفة كما فى الخروج 31 عدد 3 : (( وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة )) ، وأنه يهـب قلباً جديداً وروحاً جديداً فى حزقيال 36 عدد 27 : (( وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جـديداً في داخـلكم ... وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها)) ، وغير ذلك من النصوص .

2. كما جاء في الإنجيل أن الروح القدس مؤيد للمسيح في دعـوته ومعجزاته ، إذ جاء في لوقا 4 عدد 1 : (( وأما يسوع فرجع من الأردن ممتلئاً من الروح القدس ، وكان يقتاد بالروح في البرية )) ، وجاء فيه : (( ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل... وكان يعلم في مجامعهم )) ، ويقول المسيح عليه السلام : (( روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأبشر المساكين ، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب )) ، وأن الروح هو الذي أيد المسيح في إجراء المعجزات ، ففي سفر أعمال الرسل : (( يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه )) ، فالروح القدس في هذه النصوص هي القوة التي أيَّد الله بها المسيح ـ عليه السلام ـ والتي استطاع بها صنع المعجزات وشفاء الأمراض ، وهذه القوة العلوية التي تسمى الروح القدس ليست قوة مادية منظورة ، وليست إلهاً قائماً بذاته ـ كما يعتقد النصارى ـ وإنما هي قوة روحية قدسية من لدن الله تعالى ، كما أيد بها من سبقه من أنبيائه ورسله وأوليائه الصالحين ، وهذا هو المعنى الذي دل عليه قول المسيح عليه السلام : (( إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله )) ، فالمسيح ـ عليه السلام ـ يشفي الأمراض ويخرج الشياطين بروح الله ، أي بقوة من الله، ولا يتصور أحد أن روح الله التي يقصدها المسيح هنا هي الله ذاته ، أو أنها جزء من الله .

كما جاء في الإنجيل أن المسيح ـ عليه السلام ـ أخبر تلاميذه أن روح الله يهب القوة والتأييد فقال : (( وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد ، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه )) ، وأنه يهب العلم : (( وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم )) ، وأنه الذي يلهم للحق : (( لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم )) ، وأنه يجب الإيمان به وعدم الكفر به : (( لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس ، وأما التجديف على الروح فلن يغفر للناس ، ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له ، وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي )) .

فهذه النصوص من التوراة والإنجيل تفيد أن حلول الروح القدس ليس خاصاً بالمسيح ـ عليه السلام ـ ولا بمن يزعم النصارى أنه يلهمهم ويحل عليهم ، وإنما الروح هو الذي يؤيد الله به من يشاء من عباده ، وهذا دليل على أن الروح ليس إلهاً كما يعتقد النصارى ، وإنما هو ملاك من ملائكة الله ، وهو جبريل عليه السلام .

3. كما جاء في القرآن الكريم ما يصدق ما جاء في الكتب الإلهية السابقة عن حقيقة الروح القدس ، وصفاته ، والأعمال الموكولة إليه ، كما ثبت في السنة النبوية ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لحسان بن ثابت : (( إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن نبيه )) ، وقوله : (( اللهم أيده بروح القدس )) ، ويستشهد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في هذا الحديث على عدم خصوصية المسيح بتأييد الروح القدس له دون سواه ، فيقول : (( فهذا حسان بن ثابت واحد من المؤمنين لما نافح عن الله ورسوله ، وهجا المشركين الذين يكذبون الرسول أيده الله بروح القدس وهو جبريل عليه السلام ، وأهل الأرض يعلمون أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يجعل اللاهوت متحداً بناسوت حسان بن ثابت ، فعلم أن إخباره بأن الله أيده بروح القدس لا يقتضي اتحاد اللاهوت بالناسوت ، فعلم أن التأييد بروح القدس ليس من خصائص المسيح ، وأهل الكتاب يقرون بذلك ، وأن غيره من الأنبياء كان مؤيداً بروح القدس ، كداود وغيره ، بل يقولون : إن الحواريين كانت فيهم روح القدس ، وقد ثبت باتفاق المسلمين واليهود والنصارى أن روح القدس يكون في غير المسيح ، بل في غير الأنبياء )) .

وحيث ان الروح القدس ليست خاصة بالمسيح فقط كما هو واضح من النصوص أعلاه ...لأن روح القدس حلت في غير المسيح ، في داود ، وفي الحواريين ، وفي غيرهم ، لأن سيدنا داود عليه السلام قال فى العهد القديم : (( وروح قدسك لا تنزعه مني )) ،


وحينئذٍ فإن كان روح القدس هو حياة الله ، ومن حلت فيه يكون لاهوتاً ، لزم أن يكون إلهاً ، ولزم أن يكون كل هؤلاء فيهم لاهوت وناسوت كالمسيح ، وهذا خلاف إجماع المسلمين والنصارى واليهود .



وبهذا يتبين حقيقة الروح القدس وأنه جبريل ـ عليه السلام ـ وبطلان اعتقاد النصارى ألوهيته ، وبطلان اعتقادهم خصوصية المسيح بحلول الروح القدس عليه أو على غيره دون سواهم .


وبهذا نأتي على اعتقاد النصارى ألوهية الروح القدس وأنه الرب المحيي ، بالنتائج الآتية :

1 ـ أن الروح القدس في الكتب الإلهية هو ما يؤيد الله به أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين من النصر والتأييد ، ويأتي بمعنى الوحي الإلهي ، وبمعنى جبريل عليه السلام ، لكن أهل الكتاب لا سيما اليهود حرفوا معنى الروح القدس عن جبريل عليه السلام لزعمهم أنه عدوهم ، ثم تابعهم النصارى ، وبعدها اختلفوا في تأويله ، وآل أمرهم في نهاية الأمر إلى تأليهه ، لأن تأليههم للمسيح ـ عليه السلام ـ هو الذي قادهم لتأليه الروح القدس ، لأنهم تصوروا أنه حين حبلت مريم بحلول الروح القدس فيها ، أنها حبلت بالإله المسيح من الإله الروح القدس .

2 ـ إن إقرار ألوهية الروح القدس ، حدث بعد رفع المسيح ـ عليه السلام ـ بعدة قرون ، وهو من ابتداع الأحبار والرهبان الذين قاوموا عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح عليه السلام ، وكان إقرارهم لهذا الاعتقاد على مراحل عديدة وبعد النزاع والصراع بين التوحيد والوثنية التي تؤيدها الأباطرة الذين كانوا ما زالوا على وثنيتهم ، فجاءت قرارات مجامعهم تبعاً لبدعهم وأهوائهم التي ضلوا فيها عن الحق .

3 ـ أن اعتقادهم ألوهية الروح القدس نتيجة لتأويلهم النصوص المتشابهة وجعلها دليلاً على معتقدهم ، وتركهم النصوص المحكمة التي ترد باطلهم وإعراضهم عنها، رغم أنها صريحة في معانيها تؤيدها نصوص الكتب الإلهية السابقة ، وأناجيلهم المقدسة، وشهادة القرآن الكريم لما ورد فيها من الحق ، ورده لما فيها من الباطل .

4 ـ أن الروح القدس هو جبريل عليه السلام ، وكان سبب ضلالهم أنهم زعموا أن الروح القدس غير جبريل ، لأنهم حينما رأوا نصوصهم تارة تذكر الروح القدس، وتارة تذكر جبريل ظنوا أنهما شيئان مختلفان ، فنسبوا إلى الروح القدس الصفات الإلهية التي جعلتهم يعتقدون ألوهيته ، ولو تدبروا الأمر لوجدوهما شيئاً واحداً كما تشهد بذلك نصوصهم المقدسة .

5 ـ أن الروح القدس ليس خاصاً بالمسيح فقط ولا بمن زعموا حلوله عليهم ، بل إن الله أيد به الأنبياء والرسل السابقين وعباده المؤمنين ، ونصوصهم شاهدة في أن روح القدس حل في كثير من الأنبياء ، وفي الحواريين وفي غيرهم ، وأن روح القدس يأتي بمعنى القوة والنصر والتأييد، وبمعنى الوحي ، وهو أيضاً اسم لجبريل عليه السلام ، وهذا يرد باطلهم في الاعتقاد بألوهيته خلاف ما أخبر الله عنه في الكتب الإلهية .

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((((((((((((((((((( المسيح بلا أدب ولا أخلاق!!))))))))))))))))))))))

من المفترض أو من المنطقيّ أن يكون الأنبياء ذوي أخلاق سامية، وأن يكون الرّسل أصحاب شيم عالية وصفات معنويّة تميّزهم عن خير النّاس فضلاً عن أراذلهم، هذا إذا قلنا إنّهم مجرّد أنبياء ورسل من البشر، فما بالك لو كانوا آلهة، كما يزعم النّصارى والإنجيل في حقّ المسيح!
فالخلق الحسن والأدب الجميل إذن من خصائص النّبلاء والأفاضل والحكماء، ولعلّ هاتين الصّفتين لازمتان وواجبتان في حقّ من يدعون إلى دين سماويّ ويزعمون أنّهم حملة رسائل إلهيّة إلى البشر، فهذه المكانة ترفعهم بحيث تحميهم من السّقوط في وهدة الخطأ والغلط والشّطط، فالرّسل والأنبياء ليس لهم وليس من حقّهم الوقوع في الخطأ كغيرهم من أبناء البشر، خصوصًا الخطأ المهين لشخصيّتهم، أو ذلك الغلط الذي يقدح في رسالتهم أو في المصدر الذي أوكل إليهم الرّسالة التي يحملونها، فهم يحملون دعوة الهداية، نور الوحي ويوقّعون بممارستهم وتصرّفاتهم عن ربّ العالمين، لا سيّما إذا كانت تلك الممارسات والتصرّفات جزءًا من الرّسالة أو أسلوبًا في الدّعوة أو منهجًا في تعبيد النّاس لربّهم.
هذا هو المفروض
وهذا هو الطّبيعيّ
وهذا هو المنطقيّ.
ولكن الإنجيل المحرف كعادته دائمًا لا يعترف بما هو مفروض أو منطقيّ أو طبيعيّ، وككلّ مرّة يشذّ عن قواعد العقل وينأى جانبَا عن النّقل، فهو بدل أن يبرز المسيح في صورة الرّسول -أو حتّى ابن الله أو الله جدلاً- الملتزم بسلوك دعويّ قويم وتصرّفات حكيمة مستقيمة ومنهج متّزن رصين، مؤدّب، ذي أخلاق عالية، يفعل العكس تمامًا، فالإنجيل المحرف يهين المسيح كعادته حينما يصوّر المسيح بأنه -من حيث يدري أو لا يدري- سيئ الخلق قليل الأدب، سليط اللّسان، عديم الرّفق، قليل الحلم، متهوّرا، متفلّت اليد، ومنفلت اللّسان، يطلق الشّتائم، ويتفّوه بالسّباب اللاّذع، ويلعن مخالفيه، ويطعن في أعدائه، ويهزأ بمن ليس معه، فمن ليس معه فهو بالضّرورة ضدّه كما يزعم( )، ويدعو على غيره بالثّبور وعظائم الأمور.
ولم يسلم من لسانه السّليط أصحابه وأتباعه بل أمّه وإخوته، فما بالك بالأعداء من الرّوم واليهود وغيرهم؟!
إنّ الإنجيل يرسم لنا صورة إنجيليّة مهينة طاعنة في أخلاق المسيح وشخصه وأسلوبه الدّعويّ بشعور أو بدون شعور.
ما هي أخلاق المسيح مع اليهود، الذين بُعث لهدايتهم؟
هذا بعض ما نطق به في حقهم، جاء في إحدى الآيات قوله لهم (أنتم أولاد أبيكم إبليس)( )
وفي أخرى (الويل لكم يا معلّمي الشّريعة والفَرّيسيّون المراؤون)( ).
وأخرى (الويل لكم أيّها القادة العميان!)( )
وأخرى (أيّها الجهّال العميان)( )
وأخرى (أيّها الفرّيسي الأعمى)( )
وفي آيات عدّة كان يصف المسيح اليهود من الكتبة وعلماء الشّريعة الموسويّة بأولاد الأفاعي، منها قوله:
(أيّها الحيّات أولاد الأفاعي كيف ستهربون من عقاب جهنّم)( ) وفي أخرى (يا أولاد الأفاعي، كيف يمكنكم أن تقولوا كلامًا صالحًا وأنتم أشرار)( ).
ويتوالى السّباب فلا يترك أحدًا إلاّ ووصفه بكلمات شديدة لا توحي بالرّحمة أو الشّفقة أو الأدب مع المخاصم، يقول الإنجيل إنّ المسيح وبّخ جموعًا من النّاس عندما جاءته تطلب منه آية على صدق دعوته فردّ عليهم (جيل شرّير فاسق يلتمس آية)( ).
ويقول المسيح في أحد أمثاله لأعدائه (ابتعدوا عنّي يا ملاعين إلى النّار الأبديّة المهيّأة لإبليس وأعوانه)( )
وجاءت طائفة الصّدوقيّين، وهم يهود يسألون ويستفتون المسيح في امرأة تزوّجت سبعة رجال واحدًا تلو الآخر، فلمن تكون يوم القيامة فردّ عليهم (أنتم في ضلال … فما أعظم ضلالكم)( ).
ومع أنّ الرّياء مسألة قلبيّة فقد كان المسيح -ولا ندري لعلّه جانبه اللاّهوتيّ- يعرف المرائين، وهم كثر، فيفضحهم في الشّوارع والمجامع فيخاطبهم: (يا مراؤون)( ).
في أحد الأيّام دعاه أحد الفرّيسيّين من اليهود إلى بيته ليكرمه بطعام وشراب احترامًا وتقديرًا له، لكن المسيح كما يصوّره الإنجيل المحرف لا يعرف آداب الضّيافة ولا يعترف بجميل صنعه من استضافه، فراح يتّهم ويلعن ويقبّح ويوبّخ مضيفه (أنتم أيّها الفرّيسيّون تظهرون ظاهر الكأس والصّحن وباطنكم كلّه طمع وخبث، يا أغبياء…الويل لكم يا معلّمي الشّريعة، والفرّيسيّون المراءون أنتم مثل القبور المجهولة، تمشي النّاس عليها وهم لا يعرفون فقال له أحد علماء الشّريعة: يا معلّم بقولك هذا تشتمنا نحن أيضًا، فقال الويل لكم أيضًا أنتم يا علماء الشّريعة)( ).
وماذا كان سبب هذا الخطاب العدائيّ العنيف؟
إنّه سبب غريب حقًّا فقد رأى الفرّيسيّ الذي دعا المسيح إلى الغداء أنّ المسيح يأكل دون أن يغسل يديه، وهذا في مجرّد قلبه، لكن المسيح علاّم الغيوب والمطّلع على القلوب، لم يفوّت تلك الفرصة السّانحة لسبّ خصومه، والحطّ من قدر غيره حتّى ولو كان ضيفًا على موائدهم.
ويخاطب المسيح بعض المجهولين في طريق أورشليم ويخبرهم بأنّه سينكرهم يوم القيامة ويقول (ابتعدوا عنّي كلّكم يا أشرار)( ) (أنتم الأشرار)( ).
فكان المسيح يدعو جيله بالجيل الشرّير كما في إنجيل متّى( ).
لم يترك إهانة إلاّ وألصقها بأعدائه اليهود، فالعلماء عنده (عميان قادة عميان، وإذا كان الأعمى يقود أعمى كلاهما يسقط في حفرة)( ) ، وهم فسّاق وفاسدون، لأنّهم يطلبون منه آيات محكمات على صدق نبوّته وصحّة ما ينسبه لنفسه، (جيل فاسد فاسق يطلب آية)( )
والتّأكيد هنا على هذه الآيات، التي ذكرنا مثلها في ما مضى، بسبب أنّ المسيح كان إلهًا لا تعجزه الآيات، فلماذا يرفض إبراز الآيات البيّنات التي تقيم الحجّة على الخصم دون سبّه وإهانته ووصفه بالفاسق الفاسد؟، فالمسيح في موضع بيان ودعوة، وليس موضع خصام وصراع.
وهذه أمثلة قليلة من الكثير بين دفتّي الإنجيل المحرف نتجاوزها إلى أخرى، فالمسيح يستمرّ في أسلوب الوعيد والسبّ، ولا يترك بسلام حتّى المدن والقرى يقول (ويل لكوزين وبيت صيدا وأنت يا كَفْر ناحوم! أترتفعين إلى السّماء؟ لا، إلى الجحيم ستهبطين)( ).
هذا هو حال اليهود من علماء وكتاب وعامّة مع المسيح، فما حال غيرهم؟
يفصح المسيح عن يهوديّته فلا يكتمها فيقول لامرأة سامريّة (أنتم السّامرّيّين تعبدون من تجهلونه، ونحن اليهود نعبد من نعرف لأنّ الخلاص يجيء من اليهود)( ).
فالسّامريّون عند المسيح جَهَلة، يعبدون إلهًا يجهلونه، وأمّا اليهود فهم سبيل الخلاص، مع أنّ اليهود قبل قليل كانوا أشرارًا، وحيّات ملعونة!!
ورغم أنّ المسيح كان يزعم بأنّ ما لقيصر لقيصر وما لله لله، حتّى لا يصطدم مع السّلطة الرّومانيّة الحاكمة في فلسطين، إلاّ أنّه ينسى في بعض الأحيان ذلك ويطلق العنان للسانه في سبّ الرّوم ورموزهم ويتوعّدهم بالويل والثّبور وعظائم الأمور.
يقول المسيح (لابدّ من حدوث ما يعرّض النّاس للخطيئة، ولكن الويل لمن يكون حدوثه على يده، فخير له أن يعلّق في عنقه حجر طحن ويرمى في البحر)( ).
ويتحدّث المسيح بلسان ملك من الملوك ضاربًا بذلك مثلاً لأصحابه، والأمثال تدلّ على نزعة لاشعوريّة تخرج من الأعماق (أمّا أعدائي الذين لا يريدون أن أملك عليهم فجيئوا بهم إلى هنا، وأقتلهم أمامي)( ).
ويقول (اجلس عن يميني حتّى أجعل أعداءك موطئًا لقدميك)( ).
كان الإنجيل ينظر إلى المسيح على أنّه ملك اليهود، لذلك نرى تصرّفات ملك جبّار لا ملك وديع كما يزعم الإنجيل في قوله (وكان هذا ليتمّ ما قاله النبيّ قولوا لابنة صهيون ها هو ملكك قادم إليك وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان)( ).
وهذا المشهد كان يوم دخوله أورشليم القدس.
ولمّا كان الإنجيل المحرف مسرحيّة يهوديّة صهيونيّة فلم يكن المسيح إلاّ يهوديًّا وذلك منذ البداية (فستحبلين "مريم" وتلدين ابنًا تسمّينه يسوع فيكون عظيمًا وابن الله يُدعى ويعطيه الربّ الإله عرش أبيه داود، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية)( ).
جاء في دائرة المعارف البريطانيّة "إنّ أسبق حواريّ المسيح ظلّوا يوجّهون اهتمامهم إلى جعل النّصرانيّة دينًا لليهود، وجعل المسيح أحد أنبياء بني إسرائيل إلى إسرائيل".
لم يرض اليهود أن يكون المسيح نبيًّا ورسولاً إليهم فحسب، بل يجلس ملكًا على عرش أبيه وجدّه داود، ليحرّرهم من الاضطهاد الرّومانيّ، لذلك نراهم يحرّفون الإنجيل من أجل ذلك ويفصلون الآيات لأجل ذلك، مهما كانت تلك الآيات مهينة أو غير مهينة، فالمسيح الملك اليهوديّ كما رأيناه في السّابق ونراه لا يتّفق مع تـلك النّصوص التي تقول أنّه إله العالم، وإنّه جاء بالسّلام إلى البـشر وأنّه محبّة، وأنّه مسالم لأبعد الحدود وأنّه وأنّه ....
ولا بأس من ذكر بعض تلك الآيات المسالمة، لكن سنرى أنّ الإنجيل ينسفها بعد ذكرها نسفا، فما أكثر الخلاف والتّناقض في الإنجيل!!
(طوبى لصانعي السّلام، لأنّهم أبناء الله يُدْعَون)( ).
(سمعتم أنّه قيل: عين بعين وسنّ بسنّ، أمّا أنا فأقول لكم: لا تنتقموا ممّن يسيء إليكم، من لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر، ومن أراد أن يخاصمك ليأخذ ثوبك فاترك له رداءك أيضًا، ومن سخّرك أن تمشي معه ميلاً واحدًا فامش معه ميلين)( ).
وهناك آية أخرى كثيرًا ما خالفها المسيح وتركها في الهامش وهي (أحبّوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدوكم)( ).
وجاء في الإنجيل (فإن كنتم تغفرون للنّاس زلاّتهم يغفر لكم أبوكم السّماويّ، وإن كنتم لا تغفرون للنّاس زلاّتهم لا يغفر لكم أبوكم السّماوي زلاّتكم)( ).
(... دنا بطرس وقال ليسوع يا سيّد كم مرّة يخطئ إليّ أخي وأغفر له؟ سبع مرّات؟
فأجابه يسوع: لا سبع مرّات بل سبعين مرّة سبع مرّات)( )
كـان المسيح يدعو حسب الكنيسة إلى الرّحمة بالأعداء والتّجاوز عن الأخطاء، وفي حقّ الرّوم كان يقول أدّوا ما لقيصر لقيصر، لكنّنا نراه في موقف غريب يقول عن هيرودوس الرّومانيّ (اذهبوا قولوا لهذا الثّعلب)( ).
فهيرودوس الرّومانيّ لم ينل غفرانًا من المسيح ولا مباركة من المسيح ولا إحسانًا من المسيح، بل وصفه بالثّعلب، والوصف غنيّ عن كلّ تعليق، هذه أخلاق المسيح السبّاب، الشتّام، اللّعاّن، الذي يعطي دروسًا في التّسامح والإحسان والحلم والأدب مع المخالف، ومباركة الأعداء!
إنّ المسيح الذي يتظاهر في مواقف باحترام السّلطة الرّومانيّة ثمّ يصف هيرودوس في موقف بأنّه ثعلب لدليل على نفاق، خصوصًا أنّ المسيح كما وصفه إنجيل متّى عندما حوكم أمام هيرودوس، سكت كالنّعجة التي تساق إلى الذّبح، فلماذا لم يقل المسيح له يا ثعلب، ولماذا لم يواجهه. أكان المسيح جبانًا لينافق خوفًا على نفسه، والإنجيل المحرف يزعم كله أنّ المسيح جاء ليموت على الصّليب ليخلّص البشريّة من الخطيئة الأصليّة!؟
هذا مسلك المسيح الدّعويّ مع أعدائه من اليهود والرّوم وغيرهم فهل اختلف مسلكه مع الذين آمنوا به، ومع أقرب النّاس إليه؟
يفاجئنا المسيح الإنجيليّ بأنّه انتهج المسلك نفسه وخطا الخطوات الدّعويّة ذاتها المريضة مع تلاميذه وأسرته وأتباعه، وهي إهانة أخرى أشدّ من الأولى، لأنّه قد يكون مقبولاً نوعًا ما أن يسبّ ويلعن ويقبّح المرء أعداءه، لكن هل من المنطقيّ أن يستعمل الغلظة والفظاظة والشدّة وقلّة الأدب مع من آمن به، واتّبعه في الشدّة وأيّام المحنة؟
قال الله تعالى في القرآن فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر آل عمران الآية 159
ويقول المسيح في هذا الصّدد (لا تدينوا فلا تدانوا، لا تحكموا على أحد فلا يحكم عليكم، اغفروا يغفر لكم )( ).
فحال الإنجيل مع تلاميذ المسيح لا يحسد عليه، فالمسيح في مواضع عدّة سنختصر بعضها، يسبّ تلاميذه، ويوبّخهم توبيخا شديدا، بل ينعتهم بنعوت الكفر والفسق و الضّلال … الخ وهاك بعض الأمثلة.
أعطى المسيح سلطانًا عظيمًا لتلاميذه الاثني عشر بأن يُخرجوا الشّياطين، ويحيوا الموتى ويشفوا المرضى ويحلّلوا ما يريدون ويحرّموا ما يريدون، إنّهم مثله تمامًا في القدرة، لكن الإنجيل ينسى كلّ هذا في لحظات فيقول: (ولمّا رجعوا إلى الجموع، أقبل إليه رجل وسجد، وقال له ارحم ابني يا سيّدي، لأنّه يصاب بالصّرع ويتألّم ألمًا شديدًا، وكثيرًا ما يقع في النّار والماء، وجئت به إلى تلاميذك فما قدروا أن يشفوه فأجاب يسوع -مخاطبًا تلاميذه-: أيّها الجيل الكافر الفاسد إلى متى أبقى معكم؟ وإلى متى أحتملكم؟ قدّموا الصّبيّ إلى هنا!)( ).
كانت ثمرة دعوة المسيح خلال سنين كاملة هؤلاء التّلاميذ الاثنى عشر، الذين أعطوا كلّ التّعاليم ورأوا كلّ معجزاته، ومنحهم قدرات إلهيّة هائلة، في لحظة واحدة عجزوا عن شفاء مريض، فقابلهم المسيح ليس بالنّصيحة، ولا بالكلمة الطيّبة، ولا بالتّشجيع، ولا بتطييب قلوبهم الجريحة، أمام الجموع وأمام النّاس، يصف وبكلّ وقاحة تلاميذه بالكفر والفساد، ويقول لهم بأنّه نفذ صبره فإلى متى يبقى يحتملهم، فكأنّما كانوا حملاً ثقيلاً على ظهره فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
وفي آية أخرى يقول لتلاميذه (يا قليلي الإيمان)( ).
ويوبّخ أحـد تلاميذه (يا مرائي أخـرج الخشبة مـن عينـك أوّلاً )( ).
ومرّة أخرى يصف المسيح تلميذين من تلاميذه بقلّة الإيمان والغـباء، (فقال لهما يسوع ما أغباكما وأبطأكما عن الإيمان بكلّ ما قاله الأنبياء )( ).
ويلمز أحـد تلاميـذه وهو يهوذا الإسخَريوطيّ بأنه شيطان، (فقال لهم يسوع: أما اخترتكم، أنتم الاثني عشر؟ لكن واحـد منكم شيطان )( ).
قد نفهم أنّ المسيح الرّؤوف الرّحيم المحبّ لأعدائه المبارك لمبغضيه يرفض التّسامح مع يهوذا الإسخَرْيوطيّ الذي سيسلمه للروم واليهود فيما بعد، لكن كيف نفهم ما يقوله لبطرس، وهو أكبر وأعظم تلاميذه على الإطلاق والبابا الأوّل للكنيسة الكاثوليكيّة، يروي الإنجيل وما أكثر رواياته، (قال المسيح لبطرس أنت الصّخرة وعليك تُبنى كنيستي … فالتفت المسيح وقال لبطرس: ابتعد عنّي يا شيطان! أنت عقبة في طريقي)( ).
هذا هو الإنجيل، وهؤلاء هم كُتّابوه النّجباء الأدباء الفطاحلة الذين يجعلون من بطرس بابا الفاتيكان الأوّل الصّخرة تبنى عليها الكنيسة والنّصرانيّة، ثمّ بعد أسطر قليلة تصير الصّخرة عقبة في طريق المسيح وشيطانًا مريدًا، وتجعل من المسيح، في كلّ هذا التراث الديني الأسود، لعّانًا شتّامًا، يوزّع ألقاب الشّياطين من هنا وهناك، ولا يسلم من ذلك حتّى البابا الأوّل.
وقد يحار النقّاد والأدباء في أيّ مذهب أدبي يمكن أن يصنّفوا فيه هذا النّوع من الأدب، هل في المدرسة الرّومانسيّة أو الكلاسيكيّة أو السرياليّة أو السكيزوفرينيّة ...!!!
لكنني أقول: إنّها ليست كلّ ذلك، إنّها مدرسة الأدب الإنجيليّة.

(((((((((((((((((((((((((((((((( المسيح عدو الطبيعة!!))))))))))))))))))))

جاء في إنجيل مرقس.
(ولمّا خرجوا -المسيح وتلاميذه- في الغد من بيت عِنيا أحسّ بالجوع ورأى عن بُعْد شجرة تين مُورقة، فقصدها راجيًا أن يجد عليها بعض الثّمر، فلمّا وصل إليها، ما وجد عليها غير الورق، لأنّ وقت التّين ما حان بعد، فقال لها: لا يأكل أحد ثمرًا منك إلى الأبد.
وسمع تلاميذه ما قال، وجاءوا إلى أورشليم...وبينما هم راجعون في الصّباح رأوا شجرة التّين يابسة من أصولها، وتذكر بطرس كلام يسوع فقال له: أنظر يا معلّم! التّينة التي لعنتها يبست.
فقال لهم يسوع: آمنوا بالله، الحقّ أقول لكم: من قال لهذا الجبل: قم وانطرح في البحر، وهو لا يشكّ في قلبه، بل يؤمن بأنّ ما تقولونه سيكون)( ).
يمشي المسيح كعادته متنقّلاً من مدينة إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى، وذات مرّة، في بيت عِنيا وهي قرية قرب أورشليم أحسّ بالجوع، ومع أنّ المسيح هو الله إلاّ أنّه جاع، بعد أن فرغت معدته من الطّعام، فيا عجب من إله يجوع ويعطش ويأكل ويشرب ويأتي بلازم ذاك !
وقد يقول قائل من القساوسة لكن الذي جاع هو الجانب النّاسوتي من المسيح، إنّه الإله المتجسّد، وهذا مخرج ذكيّ، فالمسيح له طبيعتان لاهوتيّة وناسوتيّة، فتذكّروا هذا الكلام إلى حين.
ورأى عن بُعْد شجرة تين مورقة، فقصدها لعلّه يجد فيها من التّين ما يسدّ جوعته، لكن فوجئ المسيح أنّ الشّجرة ليس فيها تينة واحدة، فاشتط غضبه فتحوّل إلى إله، وتسربل باللاّهوتيّة فلعن الشّجرة، فيبست في الحال كما جاء في رواية متّى.
المسيح هنا يصبح ربًّا يلعن، ويدعو على شجرة فيستجاب أمره ويتحقّق مراده، فهو القادر على كلّ شيء، المسيح هكذا دائمًا عبر صفحات الإنجيل المحرف يحمل قبّعتين، يرتدي قبّعة اللاّهوت فيصبح إلهًا قديرًا عزيزًا، ثمّ يضع قبّعة النّاسوت فيصير في الحال عبدًا ضعيفًا ذليلاً.
والمهمّ في هذه الآية الغريبة، أنّ المسيح لعن شجرة التّين وحوّلها إلى خشبة يابسة هامدة في بضع ثوان.
وليت شعري، ما ذنب الشّجرة؟
وما اقترفته من إثم حتّى تبوء بهذا المصير القاسي؟
وما فعلته حتّى تنال لعنة الإله الأبديّة؟
هل هي التي حرمته ثمارها، أم هو اللّه الذي لم يخلق تلك الثّمار فيها، فهو بذلك يلعن نفسه بنفسه؟
الإنجيل المحرف يصوّر الشّجرة كأنّها مستقلّة بذاتها تعطي وتمنع ثمرها كيفما تشاء، والمسيح يلعن شجرة لا حول لها ولا قوّة، فما ذنبها؟
والغريب أنّ الإنجيل يستمرّ في غرائبه فيقول (لأنّ وقت التّين ما حان بعد)، أليس عجيبًا أن يجوع المسيح ويطلب ثمر التّين في غير وقته وزمانه.
ألا يعرف الإله أنّ للأشجار أوقاتا مخصّصة تثمر فيها، وتتكاثر؟ كلّنا تعلمنا في دروس العلوم وعلى مقاعد الدراسة أن للأشجار فصولا تثمر فيها، لكن الإنجيل المحرف لا يعترف بالعلوم!!
كان المسيح نجّارًا حسب الإنجيل، وهو يعرف الخشب والأشجار، والنّاس كلّهم يعرفون الفصل السّنويّ الذي يثمر فيه التّين، وأبسط فلاّح في قرية قد يعطينا محاضرات في ذلك.
ويذكر لنا الإنجيل أنّ المسيح يعرف التّين وشجرها، فقد ضرب مثلاً في إنجيله بشجرة التّينة في متّى ولوقا ومرقس.
يقول (خذوا من شجرة التّين عبرة: إذا لانت أغصانها وأورقت عرفتم أنّ الصّيف قريب)( ).
كيف خفي على المسيح -وهو الذي يعظ النّاس بعبرة التّينة- أمر هذه الشّجرة الملعونة؟ وكيف يدعو عليها بلعنة أبديّة وقد وصف الإنجيل المسيح بالرّحيم المحبّ، الواسع القلب.
جاء في بعض الأناجيل تصوير المسيح بأنّه (قصبة مرضوضة لا يكسر، وشعلة ذابلة لا يطفئ)1، ولم يمنعه ذلك من لعنه شجرة التين فتيبس في الحال وتصبح خشبة هامدة.
أراد الإنجيليّون أن يُضيفوا معجزة أخرى إلى قائمة معجزات المسيح، فهل هذه معجزة!؟ إنّها عجز بمعنى الكلمة، فالمعجزة كانت أعظم وأبلغ لو دعا أمام الشّجرة في غير وقت التّين فأثمرت الكثير الكثير وأكل هو وتلاميذه وبقيت تلك التّينة مباركة إلى يومنا هذا، بل إلى الأبد، كما فعل في معجزة إطعام آلاف النّاس ببضعة أسماك وقليل من الخبز، هذا هو الإعجاز، أمّا أن يحرق الشّجرة بدعائه ولعناته فهذا يأس وخور.
ويذكر بعض المفسّرين، عندما كانت مريم حبلى بالمسيح -- أنّها كانت تأكل ثمر الصّيف في موسم الشّتاء، وتأكل ثمر الشّتاء في موسم الصّيف، وذلك في قول الله تعالى في القرآن الكريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا، قالت هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، هذا هو الإعجاز الإلهي في القرآن، أمّا الإنجيل فيصرّ في إهانة المسيح بتجهيله وتسفيهه.
والإنجيل المحرف يجعل كذلك المسيح متعدّيًا على حقّ غيره، فالتّينة لا شكّ أنّها ملك لأناس فأفسدها عليهم، أمّا إن كانت ملكًا مشاعًا على الطّريق ولم تكن ملكًا لأحدٍ بعينه، فقد حرم من يمرّ من هناك إلى الأبد من الاستفادة من ثمرها، وهذا غير لائق بالرّحماء والودعاء.
المسيح يفسد الشّجرة، والشّجرة هي الطّبيعة، فالمسيح يلعن ويدعو على الطّبيعة فيهلك جزءًا منها، كما فعل بالخنازير فيما مضى، إنّ المسيح كما يبدو لنا كائن خطير على الطّبيعة، ولا أدري إذا كانت جماعات الحفاظ على البيئة والطّبيعة قد سمعوا بهذه القصّة، خصوصًا جماعة السّلام الأخضر Green peace، فربما وضعوا المسيح في قائمة أعداء البيئة، ولرفعوا عليه قضيّة في المحاكم... هذا هو الإنجيل المحرف، وهذه هي حكايات الإنجيليّين العبثيّة الفوضويّة التي تتلذّذ في إيذاء المسيح ووصمه بشتّى النّقائص باسم الإعجاز.
أمّا في الإسلام فلعن الطّبيعة حرام، فلم يُبعث الرّسول لعّانًا، كما قال، وقد نهى  عن سبّ الرّيح ونهى عن سبّ الدّهر، ونهى عن سبّ الدّيك، كما حرّم لعن الحيوان، ونهى عن قطع الشجر والنخل في الحرب إلا لضرورة .
وأكّد رسولنا  على حماية الطّبيعة، فقال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، ونهى جنده من الصّحابة في مواقع الحرب والجهاد عن قطع الأشجار وإفساد النّخيل، فالإسلام دين الحياة، وهو دين الطّبيعة لأنّ الطّبيعة من أعظم آيات الله.
ودفاعًا عن المسيح، لأنّه حبيب إلى قلوبنا، فهو رسول الله  وصفيّه، فحبّه دين وعقيدة، وإهانته كفر ونفاق، فإننا نقول: إنّ القصّة التي أوردها مرقس عن لعن شجرة التّين، لا بدّ أن يكون قد اختلقها محرّفو الأناجيل، إذ إنّ المسيح منزّه عن فعل ذلك القبح، والذي يثبت ذلك أنّ رواية متّى للقصّة، تقول إنّ الشّجرة يبست في الحال أمام أعين التّلاميذ (وبينما هو راجع إلى المدينة في الصّباح، أحسّ بالجوع فجاء إلى شجرة تين رآها على جانب الطّريق، فما وجد عليها غير الورق، فقال لها لن تثمر إلى الأبد!، فيبست التّينة في الحال، ورأى التّلاميذ ما جرى فتعجّبوا وقالوا كيف: يبست التّينة في الحال؟)( ).
أمّا رواية مرقس فتذكر أنّ الشّجرة يبست بعدما رجع التّلاميذ من هناك في الغد، فهذا الاختلاف دليل على الاختلاق، فالرّواية مكذوبة مفبركة بجميع فصولها.


(((((((((((((((((((((((((( المسيح لا يحترم حقوق الحيوان!!)))))))))))))))))))))))))))))))

قَبْل البدء في هذه الجزئية لابد من الإشارة إلى أنني في هذا الكتاب لا أتحدث بمنطق الشريعة الإسلامية، وبما يجب أن يتفق مع مبادئ الإسلام، وإنما في كل مرة أؤكد على إهانة المسيح في الإنجيل المحرف بمنطق الإنجيل نفسه، وبالعقل الذي يؤمن به القسس والغربيون عموما من العالم النصراني.
جاء في إنجيل مرقس الإصحاح الخامس (ووصلوا -المسيح وتلاميذه- إلى الشّاطئ الآخر من بحر الجليل في ناحية الجرّاسيّين، ولمّا نزل من القارب استقبله رجل خرج من المقابر، وفيه روح نجس -شيطان- وكان يقيم هناك، ولا يقدر أحدٌ أن يربطه حتّى بسلسلة، فكثيرًا ما ربطوه بالقيود والسّلاسل، فكان يقطع السّلاسل ويكسّر القيود، ولا يقوى أحدٌ على ضبطه، وكان طوال اللّيل والنّهار في المقابر والجبال يصرخ ويجرح جسده بالحجارة.
فلمّا شاهد يسوعَ عن بعد، أسرع إليه وسجد له وصاح بأعلى صوته: ما لي ولك، يا يسوع ابن الله العليّ؟ أستحلفك بالله، لا تعذّبني، لأنّ يسوع قال له: أيّها الرّوح النّجس أخرج من هذا الرّجل! فسأله يسوع: ما اسمك، فأجاب: اسمي جيش لأنّنا كثيرون، وتوسّل كثيرًا إلى يسوع أن لا يطرد الأرواح النّجسة من تلك المنطقة، وكان هناك قطيع كبير من الخنازير يرعى قرب الجبل، فتوسّلت الأرواح النّجسة إلى يسوع بقولها: أرسلنا إلى تلك الخنازير لندخل فيها، فأذن لها، فخرجت الأرواح النّجسة ودخلت في الخنازير فاندفع القطيع من المنحدر إلى البحر، وعدده نحو ألفين، فغرق فيه وهرب الرّعاة ونشروا الخبر في المدينة والقرى، فخرج النّاس … فطلبوا إلى يسوع أن يرحل عن ديارهم) ( ).
يا لها من معجزة إجراميّة!!
المسيح يخرج الشّياطين ويدخلها في الخنازير ويلقيها في البحر فتغرق آلاف الخنازير!
المسيح هنا يقتل ألفي خنزير حيّ، ويميتها غرقًا، إنّها المحبّة الإلهيّة والخلاص الربّانيّ!
المسيح يستمع وينصت للشّياطين ويطيعها ويأذن لها باحتلال أجساد الخنازير، ويتفرّج عليها وهي تنزل من المنحدر واحدًا تلو الآخر لتنتهي غرقًا في البحر، ولماذا هذا كلّه لإنقاذ رجل واحد!
وإذا لم يكن ألفا خنزير بقيمة رجل واحد، وكان لزامًا إنقاذ الإنسان قبل الخنازير، وإن بلغ عددها الملايين، ألم تكن هناك طريقة أخرى ووسيلة غير هاته!؟، ألم يكن المسيح، الربّ، ابن الله العليّ، كما وصفته الشّياطين قادرًا على إخراج الشّياطين وإطلاقها في الهواء أو القضاء عليها بقوله كن فيكون، أو بإغراقها دون أن تجرّ معها الخنازير البريئة!؟
إنّ القتل أو المشاركة في قتل حيوان بريء يرعى في الحقل ويأكل الحشيش، دون سبب هو إزهاق لروح الحيوان ومن ثمّ إزهاق لحقّه الطّبيعيّ.
أين المسيح من حقوق الحيوان؟
أين الإنجيل من حقوق الحيوان؟
ولا مجال لاعتراض مسلم على هذا المنطق، من حيث إن الخنزير حيوان مفسد، وأن الرويات تواترت عن قتل المسيح للخنزير في آخر الزمان، وذلك أن ما نؤمن به نحن المسلمين لا يمكن الاحتجاج به على النصارى من جهة، ومن جهة ثانية فإن الخنزير عند النصارى والكنيسة والغرب عموما يُعد ثروة حيوانية لا يستهان بها، ولا يختلف الخنزير عندهم عن الغنم والبقر، كما أن لحم الخنزير من اللحوم المفضلة لديهم حتى أنهم يتناولونها على موائد أفراحهم وأعيادهم الدينية، وبهذا المنطق، وهو منطقهم يهينون المسيح لأنه يخرب ثروتهم الحيوانية ويفسد أشهى مأكل لديهم.
وإذا عدنا إلى القصة مرة أخرى، نُصدم بألف شيطان وروح نجس يسكنون بدن رجل واحد!!!، ولا أدري كيف كانت تتحرّك تلك الشّياطين داخل هذا الجسد المزدحم بالسكّان غير العاديّين، لا علينا، فأزمة السّكن لا تزال تزعجنا إلى اليوم، لكن قتل آلاف الخنازير بسبب الشّياطين جعل من تلك الخنازير ضحيّة خاسرة في مؤامرة سمّيت معجزة، وليتها كانت كذلك لأنّها «عجز لا إعجاز».
فهذا كلّه إذا صدّقنا القصّة التي تبدو خرافيّة، وغير معقولة والدّليل على ذلك أنّ الرّواية ذَكرت في إنجيل متّى تفصيلاً آخر، وهو وجود رجلين وليس رجل واحد، يقول متّى (ولمّا وصل يسوع إلى الشّاطئ المقابل في ناحية الجرّاسيّين استقبله رجلان خرجا من المقابر وفيهما شياطين ...) ( )، إلى آخر القصّة بنفس التّفاصيل، ممّا يثبت التّناقض والغلط، وأنّ القصّة مزوّرة ومختلقة، ويثبت تزوير وتحريف الأناجيل التي بين أيدينا اليوم.
هذا من جانب ومن جانب آخر، فالمسيح الحقيقيّ، الرّحيم، العطوف، الرّؤوف، المسالم، المحبّ، رقيق القلب..لا يمكن أن يتسبّب في إهلاك آلاف الخنازير بهذه الفذلكة الإعجازيّة التي لا معنى لها، إلاّ معنى التّخريب والإفساد في الأرض -بمنطقهم- والاعتداء على الرّعاة وقتل حيواناتهم والإضرار بثروتهم الحيوانية، وهذا بدوره سبب في رفض أولئك الرّعاة لدعوته، وعدم قبول رسالته، لأنّه مفسدٌ في الأرض وليس مصلحًا ولا مخلصًا، لذلك لا نرى غرابة عندما يطرد الرّعاة وسكّان تلك المنطقة المسيح من أرضهم، كما جاء في الرّواية "فخرج النّاس...فطلبوا إلى يسوع أن يرحل عن ديارهم".
وفي زماننا هذا تأتي جمعيّات حقوق الحيوان لتعطي الإسلام دروسًا في الحفاظ على حقّ الحيوان واحترامه والرّأفة به، وإذا كانت هذه الجمعيّات تلمز كثيرا من المسلمين في تخلّفهم في هذا الجانب فهم صادقون محقّون، فكثير من المسلمين اليوم آفة الإسلام، وعلى هذا نحمل ما قاله محمّد عبده "الإسلام محجوب بالمسلمين"، وكذلك ما قاله الأفغانيّ حين يعلن "إنّ أهمّ ما يمكن أن نقنع به الغرب بتبنّي الإسلام هو أن نقنعهم أنّنا نحن المسلمين لسنا مسلمين".
العديد من المسلمين اليوم لا يحترمون حقوق الحيوان، ولا يملكون ثقافة حبّ الحيوان، لكن هل هم موافقون أم مخالفون للإسلام في ذلك؟
هل الإسلام هو الذي دعاهم إلى مثل هذا السّلوك البغيض المريض؟
إن الإسلام في هذا المجال في واد وأولئك المسلمون في واد آخر، كما هو دائمًا، إن احترام الحيوان في الإسلام شريعة ودين، والحفاظ على حقّ الحيوان وعدم الاعتداء عليه خلق إسلاميّ وعبادة يتُقرّب بها إلى الله.
يقول الرّسول الكريم  معبّرًا عن الوحي الإلهي "دخلت امرأة النّار في هرّة حبستها فما أطعمتها وما تركتها تأكل من خشاش الأرض".
هذا خبر عقائديّ غيبيّ أطلع الله عليه رسوله، يخبره بأنّ دخول النّار لا يقتصر على المشركين والكفّار وكبار الفسّاق والمجرمين، بل قد لا يستثني من يضرّ قطّة صغيرة بمنع الطعام عنها ولا يتركها تأكل من خشاش الأرض، فما بالك بمن يهلك الحيوان، كما فعل المسيح!؟
وأخبرنا الرّسول الكريم  أنه "دخلت بغيّ الجنّة في كلب أصابها عطش فنزلت بئرًا لتشرب، فلمّا خرجت وجدت كلبًا يلهث ويأكل الثّرى من العطش...فنزلت وأخذت ماء في حذائها فسقت الكلب فشكر الله لها وأدخلها الجنّة...".
هذه المرأة ليست امرأة قدّيسة، إنّها بغيّ تحترف أقدم مهنة في العالم وهي الزّنى، مع ذلك غفر الله لها وتجاوز عنها فجورها لأنّها سقت كلبًا شربة ماء.
والنصوص الشرعية التي تأمر بالحفاظ على الحيوان في الأحاديث متوافرة ومتواترة، وكلها تقرر أنّ عبادًا سيدخلون الجنّة وآخرين سيدخلون النّار بسبب إحسانهم أو إساءتهم إلى الحيوان، فما أعظم هذا الدّين وما أسعد مستقبل الحيوان لو طُبّق الإسلام في دنيا النّاس، فما بالك لو طُبق في كل الأمور.

غير معرف يقول...

((((((((((((صعود المسيح إلي السماء حيا ))))))))))))))
السؤال هنا ... هل الصعود للسماء كان منفرد بيه المسيح فقط عشان تقولوا إنه إله ،
هو مش الكتاب المقدس بيقول في سفر الملوك الثاني 2 أعداد 11 ، 12 أن النبي إيليا صعد إلي السماء حي وترك أليشع خلفه يبكي ... و إنه إلي الآن حي فيها ؟
النص بيقول : ** وفيما هما _ أي إيليا وأليشع _ يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما ، فصد إيليا في العاصفة إلي السماء **
هو مش الكتاب المقدس كمان بيقول في سفر التكوين 5 عدد 24 أن أخنوخ صعد حي إلي السماء وأنه حي فيها ؟
بيقول النص : ** وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد ، لأن الله أخذه **
فلو كان الصعود إلي السماء دليل على الألوهية .. يبقى لازم أخنوخ وإيليا كمان يكونوا إلهين . وهذا ما لم يقل به أحد .
ثم أن المسيح عليه السلام لم يصعد من ذاته إلي السماء .. بل أُصْعِدَ إلي السماء ، يعنى فى قوة أخرى قامت بإصعاده أو رفعه إلي السماء ... والدليل نلاقيه فى إنجيل لوقا 24 عدد 51 : ** وَبَيْنَمَا كَانَ يُبَارِكُهُمْ، انْفَصَلَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ **
والسؤال المهم هنا ... لو كان الله تجسد في جسد المسيح ، فمين اللي قام بعملية الإصعاد دي ؟؟؟ حتقولى الآب... إيه دليلك ... وليه ... هو الأبن ماكانش قادر يعملها من نفسه ؟؟
يا سبحان الله في العقول ..؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

((((صح النوم يانصراااني))))؟؟؟
أكثر ما شغلنا في هؤلاء القوم وما يُحيرني حقيقة فيهم أن هؤلاء الناس دينهم في منتهى العجب فهؤلاء الناس تركوا الكتاب فلا تكاد تجد منهم من فتح كتابه وقرأه كاملاً ولو لمرة واحدة في حياته إلا ما ندر ثم أنهم تركوا أمر الدين للقساوسة والرهبان ولا يبحثون عن أصل ما هم عليه من العقيدة ولا يقتنعون إلا بما يقوله القسيس فقد سلموا كل أمرهم للقسيس هو المسئول عن كل شئ فأصبح المرجع الوحيد لهم هو القسيس يحلل ويحرم لهم دون ضابط أو سند يُعتمد عليه أو نص يرجع إليه وذلك مصداقاً لقول رب العزة سبحانه وتعالى ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) التوبة
فهؤلاء الناس قوم أضلهم الشيطان وفقدوا الثقة في كتابهم والقساوسة والرهبان خدعوهم وطعنوا في الأنبياء والرسل ليُفقِدوهم الثقة ويَبقى عوام النصارى يتبعون فقط ما يقوله القساوسة والرهبان ولذلك تجد العجب في عقيدة هؤلاء الناس الذي تركوا النصوص الواضحة الجلية في كتابهم واتبعوا ما يقوله لهم القساوسة والرهبان الذين يُفْتُون لهم بما يخالف تماماً ما جاء في الكتاب فتراهم متناقضين متفرقين لا يستوون ولا يستقيمون على طريقة واحدة فلا حدود عندهم ولا شرائع ولكن مجرد أفكار وهمية وتعريفات غريبة لا تعتمد على أي نص موجود في الكتاب كقصة الأقانيم الثلاثة وعبادتهم ليسوع دون أن تجد نص واحد في الكتاب المقدس كله قد قال لهم يسوع فيه أنا إله أو أنا الله أو أنا لاهوت وناسوت ولكنك تجد أنه أعلنها لهم صريحة وقوية وفي غير ذي موضع أنه عبد مرسل كما قال يوحنا17/3: وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته. (SVD) ,, وصرخ بها يسوع صرخة مدوية كما هو وارد في إنجيل يوحنا يوحنا:20/17:قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد الى ابي.ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وأبيكم والهي والهكم. (SVD) وهذا مصداقاً لقول الله U((( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) المائدة *)) ولكن لا عقول تفكر و لا تتدبر وكأن هذه النصوص وأمثالها الكثير لا تعنيهم وإذا عرضتها عليهم يخرجون لك بكل عجب في التفسير مع أن النص واضح ولا يحتاج إلى تفسير وهم حقيقة لا يفسرون ولكنهم يبتدعون في النصوص ويحملونها مالا يمكن لعاقل أن يُحَمِْلَها من معاني.
وقصة ميراث خطيئة آدم وأن الرب تجسد خصيصاً من أجل هذا الموضوع, أراد الرب أن يحمل عن البشر خطيئة آدم في تمثيلة تشبه الخيال العلمي لا يقبلها مَن عنده أدنى ذرة من العقل والتفكير , إستطاع القساوسة والرهبان أن يُقنعوا عوام النصارى بهذه الأكاذيب لمئات السنين والتي ذُكِر أيضاً ولمئات المرات في الكتاب المقدس أنه باطل الأباطيل وفكرة وهمية ليس لها أساس إللا في خيال بولس فتجد في الكتاب حزقيال18/20: النفس التي تخطئ هي تموت.الابن لا يحمل من اثم الاب والاب لا يحمل من اثم الابن.بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون. (SVD) وهؤلاء مصممون تصميماً عجيباً أن آدم أخطأ وأننا يجب أن نُعَاقَب على الخطيئة التي أخطأها آدم ولأن الرب لا يريد أن نُعَاقَب على الخطيئة التي أخطأها آدم في حقه فماذا فعل ؟؟ تخيلوا الرب حل في بطن جارية صغيرة في الثالثة أو الرابعة عشر من عمرها إسمها مريم وبدون موافقتها أو إرادتها وهو أمر أشبه بالإغتصاب فحل في بطنها وصار نطفة وعلقة ثم تحول إلى جنين ونفخ في الجنين الروح وذلك الجنين هو الرب نفسه , فالرب نفخ في نفسه الروح ثم بعد تسعة أشهر من البقاء بين الدم والبول وما في بطن الفتاة خرج لنا رضيعاً صغيراً وُلد من فرج تلك الفتاة ثم كان يبول ويغوط ويُضْرَب ويُهان ويأكل ويشرب إلى أن أخذه اليهود وصلبوه ثم قتلوه وبقى ثلاثة أيام في القبر , وكل هذا من أجل ماذا ؟ من أجل أن يغفر للناس خطيئة لم يرتكبوها من الأساس , الإله يا عباد الله حل في بطن فتاة لتحبل بالإله ثم يولد إله يغفر للعباد خطيأة لم يرتكبوها في حق الإله , ضرب من ضروب الجنون وقمة الباطل ما يعتقده هؤلاء الناس في الرب , وهي مسبة لله ما سبه بها أحد من خلقة غير هؤلاء القوم .
وقصة الإتحاد والانفصال فيقولون أنه إتحد في بطن مريم مما يستوجب لكل عاقل أن يكون هو زوج مريم لأنه باتحاده في بطنها تسبب في حملها فهي أولى بأن تكون زوجة الإله وهي أولى أن تُعبد لأن الإله إتحد بها ثم أنه إذا إتحد الإله بها إستوجب ولادتها لإله معبود فحق أن يعبد كل ما إتحد الإله به وحل فيه فمثلاً إتحاده بالعلقة في بطن أمه قبل نفخ الروح فيه يستوجب عبادة العليقة التي حل الرب فيها ليكلم موسى وعبادة عمود النار الذي كان يظهر ليلاً لبني إسرائيل وتقديس عمود السحاب الذي كان يظهر لهم نهاراً لأن الرب حل فيهما وهو أمر آخر لا يقبله عاقل , فتناقضات وأفكار تدعوا إلى الجنون لا يقبل بها إنسان . والكثير غير ذلك من الأمور التي يضيع الزمان بكتابتها وقد أوردنا مثلها الكثير في كتابنا هذا فهم في تشتت وإضطراب شديد لأنهم لا يجدون من النصوص الصريحة ما يدعم كلامهم وصدق من قال قديماً لو جئت بعشرة نصارى تسألهم في العقيدة لوجدت عندهم إحدى عشر رأياً , وهم يعلمون أن من قال هذه الأقاويل وإدعى بها هم القساوسة فروجوا لتلك الأفكار بين مُتبعيهم ومُقَلديهم , ومنشأ تلك الأفكار وأصلها لما إجتمعوا فيما يسمى بالأمانة الكبرى في عهد قسطنطين في القرن الرابع الهجري وقد أورد غير واحد من المؤرخين والعلماء ما حدث في هذا المَجْمَع والذي يطلقون عليه الأمانة الكبرى فَمِن علمائهم من يسمى سعيد بن البطريق (بترك الإسكندرية ) قد أورد ذلك في كتابه (نُظُم الجوهر) وغيره الكثير, فمن هذا التاريخ إنتخبوا يسوع إله وإتفقوا على تأليهه وعبادته ووضعوا ما يسمى بقانون الإيمان وأحرقوا كل الأناجيل التي تُخالف رأيهم فأحرقوا مئات الأناجيل وطمسوا رأي كل من يخالفهم في هذا الزمان وإضطهدوا المسيحيين الحقيقيين أشد الإضطهاد وأعملوا فيهم السيف حتى لم يبقى منهم إلا القليل , فاستقام الأمر على ما ترونه الآن من أمور تدعوا إلى الإلحاد خير منها إلى عبادة إله ولما إكتشف العامة أنهم خُدعوا في هذه الأمور تركوا ما كانوا عليه وإتجهوا لغيره .لذلك تجد أن كل المذاهب الإلحادية الكفرية كان منبعها المجتمعات النصرانية وما ظهرت المذاهب الإلحادية والشيوعية والماركسية وغيرها إلا في المجتعات النصرانية.
إذا فما أود قوله إن هؤلاء لهم عقيدة مُؤلفة مِن وضع البشر ولا يتبعون ما جاء في كتابهم أبداً ولكني أقول ما فائدة ان يكون عندك كتاب ولا تجد فيه أهم ما تنادي به ومحور عقيدتك وهو ألوهية الرب الذي تعبده أو قصة الأقانيم التي تدعيها وغيرها الكثير من الأفكار التي تنادي بها غير موجودة في كتابك فأنا أعتقد أنهم قوم بلا كتاب من الأساس فهم حتى لا يُطَبِقون الكلام الوارد في ذلك الكتاب ولا تجد في الكتاب ما ينادون به من افكار فربما كان كتاب قوم غيرهم , فهؤلاء قوم وصلوا إلى أقصى مراحل الضلال وطعن الشيطان فيهم طعنات قاتله لا شفاء منها إلا ان يشاء رب العالمين .
فما الفائدة إذاً من كتاب أولاً لا تجد فيه ما تدعيه من عقيدة فلم يقل لك يسوع ولا مرة واحدة أنا الله أو أنا الاله المعبود بحق أو أنا خالق السماوات والأرض أو غيره مما يدل على أنه إله بالفعل ؟ وما الفائدة من كتاب فيه عكس ما تقول أنت من عقائد وتنادي بها ؟ فهو يَرُّد ويضحد تماماً الكثير من الأفكارى التي تنادي بها من ألوهية ليسوع وقصة الخطيئة الموروثة وغيرها الكثر ؟وما الفائدة من كتاب لا تطبق انت ما فيه من حدود وشرائع قد أنزلها ربك ؟؟ أليس هذا عجيب ؟
العقيدة هي الأمر الذي لا يقبله اللهU إلا منك أنت فلن ينفعك قسيس ولا راهب ولن ينفعك أي إنسان مهما كان يوم الحساب
وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) البقرة
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) الحج
ولن يغني عن الإنسان يومئذً أن يقول هذا ما وجدنا عليه آبائنا فما وهبنا اللهI العقل إلا لنفكر به ونتدبر في آيات اللهI وخلقه
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) المائدة
ويقول تعالى (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان
عليك الآن أن تختار بين الكفر والإيمان بين الباطل والحق ويجب عليك في إختيارك أن تتخلى عن المشاعر والتعصب أُترك كل ما يقوله لك القساوسة والرهبان وما ربوك عليه من عقيدة مشوهة في الله U, ودين ليس فيه حدود ولا شرائع وإقترب من نفسك خاطب ذاتك , وإستفت قلبك وحكم عقلك هل ما أنت عليه من عقيدة هي الحق ؟ لا تتهاون ولا تتجاهل ولا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وكنت لها فاحصاً ممحصاً إبحث فالأمر أشد وأعظم من أن تتجاهله أو تتركه غير عابئ به , إن ما أخاطبك به هنا هو نداء لذاتك دعوة للتفكير وتحكيم الضمير , لا أريد منك شيئاً ولا أسألك عليه جزاءً ولا شكورا ولن تضرني أو تنفعني فيما تعتقده , ولكنها دعوة منا من أجل الحق , دعوة للأننا نخاف على الناس من عذاب النار لا نريد أن ينتصر الشيطان علينا بني البشر فلا النصارى أعدائنا ولا حتى اليهود إلا من بغى علينا وإعتدى علينا يقول الله U (( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة ))ولكن عدونا وعدوكم هو الشيطان يقول الله U((* وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً (53) الاسراء.
ويقول أيضاً *((يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) الأعراف . بل إننا جميعاً بني آدم , وخير عندي أن تكون مسلماً من أن تكون كافراً , والنصراني اقرب إلينا من اليهودي , وأهل الكتاب أقرب عندنا من الكفار , والنصارى بنص القرآن هم أقرب الناس لنا يقول سبحانه وتعالى (( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) المائدة , فما أدعوك إليه ليس عن بُغض أوكُره ولكننا ندعوك إلى الحق فهل أنت من المهتدين ؟
ولتعلم إن كنت لا تعلم أن المسيح عندنا من أكرم الأنبياء وأفضلهم وأننا نحبه ونعزه ونقدره وأننا نعترف أنه من الأنبياء الخمس أولي العزم وأن أمه صديقة طاهرة شريفة وأن اللهI طهرها وإصطفاها على نساء العالمين وأنها من سيدات نساء أهل الجنة , فلا تجد مسلم على وجه الأرض إلا وهذه عقيدته في المسيح وأمه ولا تجد طعن في المسيح عليه السلام ولا أمه ولا كلمة تنتقص من حقهما عندنا ومن سب سيدنا المسيح فهو كافر ولكننا لا نغالي فيهما كما فعلتم أنتم ولا نقول عن المسيح عليه السلام أنه إله ولا عن السيدة مريم أمه انها إله كما تزعم بعض طوائفكم , فنجد في كتابكم تارة طعن فيهما حتى وصل الأمر إلى أن يُلعن المسيح كما في رسالة بولس إلى أهل غلاطية 3/13 هكذا : غلاطية3/13: المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة. (SVD)
وتارة غلو فيهما , وما أنزل اللهI بذلك من سلطان , فمن العجب أن تعبدوا بشراً لم يأمركم حتى بعبادته ولم يصرح لكم بأنه إله ولا حتى لمرة واحدة بل كما طالعت ورأيت في ذلك الكتاب فعن فمه مئات النصوص التي يعترف فيها بأنه عبد الله ورسوله وأنه مرسل من اللهY وهذا ما تقتضيه اللغة وهذا ما يقتضيه العقل أن المُرسِل لا يُرسِل نفسه , فعن من تأخذون دينكم وعقيدتكم , وعن من تنقلون أنه إله ؟ وهو يعترف أنه عبد للإله وقال إلهي وإلهكم , فهل هذا من العقل ؟ وهل هذا من الإنصاف ؟ إن المسيح لم يقل لكم أنه إله ولم يعبده أحد في زمانه وكل الناس قالوا عنه أنه نبي وأنه إنسان بل حتى هناك من لم يكن يصدقه في قوله أنه نبي فمتى عبد الناس المسيح ؟ ألا ترى أنها بدعة لم تظهر إلا بعد المسيح عليه السلام ؟ ألم تفكر ولو لمرة واحدة وتحاسب نفسك كيف أنك تعبد المسيح وهو لم يقل لك إعبدني ولم ينقل أحد من الناس عنه أنه إله ولم يعبده من عاصروه في زمانه ؟ أين العقول ؟ أين الضمائر ؟ ألا تخاف على نفسك من حساب اللهI ؟ ألا تفكر في حسابك ؟ أم أنك ممن قال عنهم الله I ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف )) هل أنت منهم ؟.
يا نصارى ليس للمرأ دار بعد الموت ساكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها , وإنكم لتؤمنون بالبعث والحساب والثواب والعقاب فأي إله سيحاسبكم هل هو الأب أم الإبن أم الروح القدس ؟ يا نصارى العالم إستيقظوا و فكروا وتدبروا ولا تسلموا عقولكم لمن يفكر لكم , إن منكم العلماء والمفكرين والأدباء والأطباء , ولكن عند موضوع الدين تتركوا عقولكم للكنائس لماذا ؟ ألم تفكر ولو لمرة واحدة فيما جلبته عقيدتك على العالم وعلى البشرية ؟ ألم تقرأ هذا النص ولو لمرة واحدة في كتابك وتتفكر فيه ؟
متى3/10:والآن قد وُضِعَت الفاس على اصل الشجر.فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار. (SVD)
أنظر إلى كل العالم ستجد أن أعلى نسبة للزنا هو في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة للقتل هو في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة للشذوذ الجنسي في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة لإدمان المخدرات في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة للسرقة والفساد في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة لتجارة المخدرات والعصابات المنظمة في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة للإنتحار في المجتمعات النصرانية (إقتداءً بالرب يسوع فالرب قتل نفسه) , أعلى نسبة لإنتهاك الأعراض والزنا في الأماكن الدينية هو في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة للعنف الأسري في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة للتجارة بالأطفال وإستغلالهم جنسياً في المجمتعات النصرانية , أعلى نسبة لإدمان الخمور في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة لظهور الأمراض الفتاكة نتيجة الإنحلال في المجتمعات النصرانية ( كالايدز والزهري وباقي لستة الأمراض الجنسية ), أعلى نسبة للطلاق في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة لعقوق الوالدين وإستعمال العنف معهم في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة لتجارة الرقيق في المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة في التفكك الأسري هي المجتمعات النصرانية , أعلى نسبة لخروج المذاهب الكفرية والإلحادية كالشيوعية والماركسية والنازية والمادية وغيرها كان منبتها المجتمعات النصرانية , هذه هي الشجرة النصرانية ولا فخر , هذه هي ثمارها العفنة فهل تستحق هذه الشجرة أن تبقى أم تقطع وتلقى في النار كما يقول كتابك ؟
أمّا عن أنَّ إلهكم محبة فافتح كتب التاريخ وأنظر في تاريخ المذابح التي حدثت في تاريخ البشرية لتجد أن جُلَّ المذابح التي حدثت على مر التاريخ كانت على أيدي من يدعون أن الله محبة أتباع الصليب , أنظر في تاريخ الحروب الصليبية وأنظر في هيروشيما ونجازاكي وتأمل في أن أتباع الصليب إنهم أول من أنتج السلاح النووي الذي يُفْني ما على الأرض من أخضر ويابس ويشوه الأجنة في بطون أمهاتهم ويبقي الأرض خربة لا تذرع لمئات السنين بل ويورث في أصلاب الرجال وأرحام الأمهات أمراض لا تزول فيولد الطفل بعد مائة عام وهو مشوه أو ميت بسبب ما فعله أتباع الصليب وهم أول من إستخدموه تذكر إبادة شعب كامل من الهنود الحمر على يد أتباع الله محبة , تذكر الحرب العالمية الأولى والثانية وإفناء وإبادة مئات الآلاف من البشر , تأمل ,أما ما عانيناه نحن المسلمين من ثمار هذه الشجرة فحدث ولا حرج , مذابح الحروب الصليبية في القدس والشام وإبادة أكثر من ثمانين ألف من الحجاج المسلمين وقتل أكثر من مائة ألف مسلم في القدس حتى ينقل المؤرخ النصراني أنهم أعملوا السيف في الرجال والنساء والشيوخ والأطفال حتى وصل الدم إلى ركب الخيل , يقول الله U((كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلّاً وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) التوبة )) وما زلنا نعاني من ثمار هذه الشجرة النصرانية في كشمير وفي الفلبين وفي البوسنة والهرسك وفي كوسوفو والهند وكازخستان وفي أفغانستان وفي العراق , تذكر المذابح والإبادات الجماعية للمسلمين في آسيا ومحاكم التفتيش في أسبانيا ومن نتاج هذه الشجرة تم صنع ما يسمى باسرائيل ليستمر القتل في المسلمين في فلسطين , هذا بعض من ثمار هذه الشجرة النصرانية , فهل تستحق هذه الشجرة أن تبقى ام تُقطع وتلقى في النار ؟؟؟ مرة أخرى إقرأ النص الإنجيلي الذي يقول
متى3/10:والآن قد وضعت الفاس على اصل الشجر.فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار. (SVD)
أليس من العجب أن تجد أن فضائح الكنائس تتوالى وتملأ الجرائد وصفحات الإنترنت والفضائيات ؟ إغتصاب أطفال , إنتهاك أعراض نساء , إغتصاب راهبات , قساوسة شواذ جنسياً , تعيين أساقفة من مثلي الجنس ( شواذ جنسياً ) , قسيس مصري ( برسوم المحرقي ) يزني بأكثر من خمسة آلاف إمرأة في قلب الهيكل وفي بيوتهن , هذا غير شذوذه مع الفتيان والفتيات الصغار , وتصوير تلك الفضيحة على أشرطة فيديو وفي المجلات والصحف , هؤلاء هم قساوستكم ورهبانكم , هؤلاء هم من ينقلون لكم الدين وهم من تحل عليهم الروح القدس , هؤلاء هم من تُسَّلِمون لهم عقولكم في أمر الدين , أليس هذا عجيب ؟ هل تستحق تلك الشجرة أن تبقى على وجه الأرض ؟ هل يُسعدك أن تكون أحد أغصان تلك الشجرة النصرانية ؟ يقول رب العزة في سورة الأنعام
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الأنعام
يقول رب العزة في كتابه الكريم وهو خير القائلين بسم الله الرحمن الرحيم
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52) إبراهيم
ولا يخدعنك القائل أن من ثمار هذه الشجرة هو العلم والتقدم والحضارة والطب وغيرها فهذه العلوم بريئة تماماً من النصرانية بل إنها بعد أن ثبت لها فشل العقيدة النصرانية في التقدم بالأمم فصلوا الدين عن الدولة وفصلوا الحضارة عن النصارى بعد أن علموا أن الكتاب يخالف العلم وأن الشريعة تقيدهم فتركوها خلفهم بكل صراحة ونبذوها شر نبذة وكل قسيس يخرج من باب كنيسته تقطع قدمه على باب الكنيسة وليبقى الكتاب حبيس الداخل ولتفتي الكنيسة بما يناسب هذه الحضارة التي تخلت عن الأخلاق والمثل الكريمة , لكن ما نقوله ليس هو أخذ السيئ من هذه الحضارة وإشهاره أمام الناس وترك الحسن وحجبه عن العيون فيصير حكمنا حكم أعوج ظالم , ولكن ما نشير إليه من خراب ومذابح هي من قوم ملتهم النصرانية ومبدأهم في الحروب هو عقيدتهم , وما الحروب الصليبية إلا تحت رعاية القساوسة وتحت ظل الصليب وحتى الحروب الحاضرة أعلنها قائدهم جورج بوش الملعون أنها حرب صليبية جديدة وما حربهم على المسلمين خاصة وعلى الإسلام إللا من منطلق صليبي نصراني بحت , وما الخراب المنتشر في هذا العالم إلا من أتباع هذا الصليب , وحتى لو فرضنا جدلاً أن التقدم الحاضر في العلوم والطب هو سببه النصرانية فيجب أن نحسب الإنحلال الخلقي الناشئ في هذا العالم ودمار الأخلاق والمبادئ وفساد العقيدة التي واكبت تلك الحضارة فوجب علينا حسابه أيضاً من ثمار الشجرة والله سبحانه وتعالى لن يحاسبك لماذا تأخرت في صناعة الطائرة بقدر ما سيحاسبك لماذا زنيت وقتلت وسرقت , لماذا نشرت الفسق والفجور , أليس هكذا يكون ؟ لم نقرأ في أي كتاب ينسب إلى السماء عن الإهتمام بالعلم على حساب العقيدة والأخلاق والسلوك , لذا فلا فضل أبداً للنصرانية في تقدم علمي , إنما أهل العلم تبرأوا من هذه العقيدة وتركوها خلفهم وفصلوها تماماً عن الحضارة والتقدم ولم يستخدها أتباعها إلا في القتل والحروب ليهيجوا أتباعها على الإبادة والقتل .
هذا وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان وما كان من توفيق فمن الله سبحانه وتعالى, والله من وراء القصد وإليه المصير وأُشْهِد الله وملائكته والناس أجمعين أني لم أضع هذا الكتاب إلا دعوة للناس ليتبينوا الحق وخوفاً عليهم من الهلاك في العذاب ودحراً للشيطان الرجيم فجعلناه تنبيهاً وتبليغًا للغافلين بما في هذه العقيدة من الباطل والزيغ والضلال المبين , وإظهاراً للحق ورداً على المُنَصرين والمستشرقين الذين أول ما يُضِّلون يُضَّلون قومهم من خلفهم , وإسكاتاً لمن يطعنون في دين الإسلام قبل أن يبحثوا في دينهم وعقديتهم إن كان يصح أن يسمى ما هم عليه بدين , فأنا وربي لا أخاف على المسلمين بقدر ما أحزن على هؤلاء النصارى الحيارى الذين تاهوا خلف القساوسة والرهبان ضياعاً وتشتتاً وهم لا يعلمون , أخاف أن يقولوا يوم الحساب ربنا ما جائنا من نذير, ووالله إن الحق لواضح بَيّن وماله من زوال , وإن الحق أوضح من الشمس في كبد السماء والباطل أظلم من الليل البهيم الأليلِ , فمن بقي منكم على الأرض لا يخرج عن كونه إمّا جاهل لا يعلم فعليه البحث والإطلاع طلباً للحق وإما عالماً بالأمر ومدركاً للحق ولكنه منكرُُ له ظالم لنفسه ولمن خلفه وحينها لا مفر ولا مهربُ يقول رب العزة((( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) النحل )) وإن من بلغته دعوة محمد بن عبد اللهr ولم يؤمن بها فقد كفر كما كفرت اليهود حينما بلغتهم دعوة عيسى uولم يؤمنوا به فبإنكارهم لعيسىu كفروا وهكذا كل أهل الأرض كل من بلغته دعوة المصطفى r ولم يؤمن بها فقد حكم على نفسه بالكفر وما أدعوكم إلى شرك أو بهتان أو عبادة غير اللهI إنما أدعوكم لترك الباطل والضلال والشرك باللهI, أدعوكم إلى ترك عبادة البشر وعبادة رب البشر , أدعوكم إلى التوحيد , أدعوكم إلى عبادة الله وحده لا تشركون به شيئاً , وإلى ترك كل قول أو فعل فيه شرك بالله , أدعوكم إلى تنزيه الله Iعمَّ تصفونه بهI من صفات لا يرضاها عاقل في إله يُعبد , أدعوكم إلى ترك الجهل والطعن في أنبياء الله ورسله وإتباع كل ناعق زاعق بالجهل والبهتان العظيم , أدعوكم إلى ملة لا إله إلا الله محمد عبد الله ورسوله وعيسى عبد الله ورسوله , أدعوكم إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين , أدعوكم إلى الفرار من النار ومن عذاب الجحيم
وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) غافر
والله يحكم بيننا وبينكم فيما إختلفنا فيه والله من وراء القصد وإليه المصير فيا قوم توبوا إلى الله وفروا إليه وإلجأوا إليه وبادروا بالأعمال وأهجروا الشرك والضلال .
وأدعوا الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح وأن يجعل هذا الكتاب سبباً لهداية النصارى وأن ينظروا ما فيه بعين العدل والإنصاف عسى الله أن يهديهم سواء السبيل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلاماً على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبيى الامينe

جمعه وكتبه / العبدين الفقيرين للمولى القدير: خطاب المصري (ayoop2) . khatap7@hotmail.com
و أبو هادى Truth_Gate
ولا تنسونا بحسن دعائكم , عتق الله رقابنا ورقابكم من النار , وندعو الله عز وجل أن ينصر إخواننا المجاهدين في كل مكان وأن يُعلي رايتهم ويثبتهم ويلحقنا وإياكم وإياهم بالشهداء والصديقين ..
وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان وما كان من توفيق فمن الله رب العالمين .
لا إله إلا الله محمد عبد الله و رسوله وعيسى عبد الله و رسوله .
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
لكل شئ إذا ماتم نقصانٌ

غير معرف يقول...

(((((((((تسمية المسيح بابن الله
هل كلمة ابن الله تعنى إن المسيح اله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ طبعا لا ..
الرد السريع
لفظ ( ابن الله ) أطلق في الكتاب المقدس على كل من له صلة بالله من الأنبياء والشرفاء والمؤمنين وعلى كل مستقيم بار .لو كل من أطلق عليه لفظ ابن الله يكون الاه ... يبقى لازم نقول كمان إن سيدنا يعقوب و سليمان وإسرائيل وداود وأفرايم كلهم آلهة ... والدليل على ده :
الخروج 4 عدد 22 أن الرب يقول عن إسرائيل ** إسرائيل ابني البكر **
إرميا 31 عدد 9: ** لأني صرت لإسرائيل أبا، و أفرايم هو بكري ** .. وبالمناسبة ... هو مين الأبن البكر فيهم ... إسرائيل ولا أفرايم ؟؟؟؟؟؟؟؟
الرب بيقول عن سيدنا سليمان فى صموئيل الثاني 14 عدد 7: **أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً **
إشعياء63 عدد 16: فانك أنت أبونا وان لم يعرفنا إبراهيم وان لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب أبونا ولينا منذ الأبد اسمك (SVD)
وفي المزمور 29 عدد 1 :** قدموا للرب يا أبناء الله . . . قدموا للرب مجداً وعزاً **
وفي المزمور 2 عدد 7 : إن الرب قال لداود ** أنت ابني وأنا اليوم ولدتك **
وفي العهد الجديد يقول المسيح في انجيل متى الإصحاح الخامس ** طوبى لصانعي السلام لأنهم ابناء الله يدعون **

والمسيحيين يقولون أن بتعريف مفهوم الوحى عندهم أن كل كاتب من الكتبه عبر بأسلوبه عن نفسى المعنى ... فلنطبق هذا على ما جاْء في إنجيل مرقص 15 عدد 39 : و لما رأى قائد المائة، الواقف مقابله ، أنه صرخ هكذا ، و أسلم الروح، قال: حقا كان هذا الإنسان ابن الله ............ نفس هذا الموقف أورده لوقا في إنجيله فنقل عن قائد المائة أنه قال عن المسيح : بالحقيقة كان هذا الإنسان بارَّ اً ، فما عبر عنه مرقص في إنجيله بعبارة ( ابن الله ) عبر عنه لوقا بعبارة ( باراً ) ، مما يبين أن المراد من عبارة ابن الله ليس إلا كونه بارا صالحا .
وهذا يفيد بأن عبارة ( ابن الله ) في الأناجيل هى تعبير يقصد به معنى الصالح البار الوثيق الصلة بالله و المتخلِّق بأخلاق الله.
ان كل الذين ينقادون بروح الله هم ( ابناء الله )و روميه 8 عدد 14 بيؤكد هذا ** لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم ابناء الله **

وكل من يعمل الخطايا والآثام ، فقد اطلق عليه ( ابن ابليس ) فقد جاء في أعمال الرسل 13 عدد 10 أن بولس قال عن الساحر اليهودي الذي يدعي النبوة كذباً ** أيها الممتلىء كل غش وكل خبث يا ابن ابليس **

وإنجيل يوحنا 8 عدد41-44 حكى لنا وقال :
انتم تعملون اعمال ابيكم.فقالوا له اننا لم نولد من زنا.لنا أب واحد وهو الله. (42) فقال لهم يسوع لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني خرجت من قبل الله وأتيت.لاني لم آت من نفسي بل ذاك ارسلني. (43) لماذا لا تفهمون كلامي.لانكم لا تقدرون ان تسمعوا قولي. (44) انتم من اب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا.ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق.متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لأنه كذاب وابو الكذاب. (SVD)

فكما هو واضح معنى بن الله أي المطيع لله الذي يعمل أوامر الله ويأتي حلاله ويحرم حرامه فذاك يطلقون عليه في مفهومهم بن الله , ومن هو على عكس ذلك أي مطيع للشيطان ويعمل أعمال الشيطان ويكذب ويسرق إلخ فهو بن الشيطان , هكذا فسرها كاتب يوحنا وهكذا مسطورة في كتابهم وهذا ما فهمناه من النص , ولم نجد أي معنى آخر في كتابهم غير هذين المعنيين الموضحين سابقاً , إما ان يكون إبن بمعنى النسب والنسل ناتج عن عملية جنسية بين رجل وإمرأة , وإما أن يكون بن بمعنى الانتساب أي الطاعة والرعاية وهكذا . فنريد الآن أن نعرف من النصارى ما معنى بن الله غير هذا ؟ وما معنى أن المسيح هو بن الله ؟ هل من مجيب ؟


فمن هنا نرى انه من كان قريباً من الله منقاداً له ويعمل بمشيئته ويمتثل أمره فهو ابنه ومن كان قريباً من إبليس ويعمل المعاصي والآثام فهو ابن له .



و بهذا المعنى كان يستخدم اليهود ـ مخاطَبي المسيح ـ لفظة ( ابن الله ) ، التي لم تكن غريبة عليهم ، بل شائعة و مستخدمة لديهم بالمعـنـى الذي ذكرناه ، و لده نجد مثل أن أحد علماء اليهود و اسمه " نتنائيل" لما سمع من صديقه فيليبس، عن نبيٍّ خرج من مدينة الناصرة، استنكر ده في البداية، لكنه لما ذهب ليرى عيسى بنفسه، عرفه عيسى و قال فيه * هو ذا اسرائيلي خالص لا غش فيه *، فقال له نتنائيل * من أين تعرفني ؟ * ، أجابه يسوع * قبل أن يدعوك فيليبس و أنت تحت التينة، رأيتك! * فأجابه نتنائيل * رابِّي! أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل ** يوحنا 1 عدد 5 ـ 49 و مما لا شك فيه، أن مقصود نتنائيل ، كإسرائيلي يهودي موحد، عالم بالكتاب المقدس، من عبارة ابن الله هذه، لم يكن : أنت ابن الله المولود منه و المتجسد! و لا مقصوده : أنت أقنوم الابن المتجسد من الذات الإلهية !! لأن هذه الأفكار كلها لم تكن معروفة في الوقت ده ، و لا تحدث المسيح نفسه عنها، لأن هذه الحادثة حدثت في اليوم الثاني لبعثة المسيح فقط، بل من الواضح المقطوع به أن مقصود نتنائيل من عبارته أنت ابن الله : أنت مختار الله و مجتباه، أو أنت حبيب الله أو من عند الله، أو أنت النبي الصالح البار المقدس، و نحو ذلك. هذا و مما يؤكد ده، أن لقب ( ابن الله ) جاء بعينه، في الإنجيل، في حق كل بارٍّ صالح غير عيسى ز

كما استعمل ( ابن إبليس ) في حق الإنسان الفاسد الطالح. ففي إنجيل متى 5 عدد 9 : ** طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناءُ الله يُدْعَوْنَ ** ،
و فيه أيضا: ** و أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم ، و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم، و يطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات ** متى 5 عدد 44 ـ 45.
و في إنجيل لوقا 6 عدد 35 : بل أحبوا أعداءكم و أحسنوا و أقرضوا و أنتم لا ترجون شيئا فيكون أجركم عظيما و تكونوا بني العـَلِيِّ فإنه منعم على غير الشاكرين و الأشرار .
فسمَّى الأبرار المحسنين بلا مقابل المتخلِّقين بـخُلُقِ الله بـِ ( أبناء العلي ) و ( أبناء أبيهم الذي في السموات) ....
و في الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا يقول : ** و أما الذين قبلوه ( أي قبلوا السيد المسيح ) ، و هم الذين يؤمنون باسمه ، فقد مكَّنهم أن يصيروا أبناء الله ** 1 عدد 12

كل هذا مما يوضح أنه في لغة مؤلفي الأناجيل و اللغة التي كان يتكلمها السيد المسيح ، كان يُعَبَّرُ بـ ِ : ابـن الله : عن كل : رجل بار صالح وثيق الصلة بالله مقرب منه تعالى يحبه الله تعالى و يتولاه و يجعله من خاصته و أحبابه ، و وجه هذه الاستعارة واضح، و هو أن الأب جُـبِلَ على أن يكون شديد الحنان و الرأفة و المحبة و الشفقة لولده ، حريصا على يجلب له جميع الخيرات و يدفع عنه جميع الشرور، فإذا أراد الله تعالى أن يبين هذه المحبة الشديدة و الرحمة الفائقة و العناية الخاصة منه لعبده فليس أفضل من استعارة تعبير كونه أبا لهذا العبد و كون هذا العبد كابن لـه.

و قد جاء في بعض رسائل العهد الجديد ما يوضح هذا المجاز أشد الإيضاح و لا يترك فيه أي مجال للشك أو الإبهام :
فقد جاء في رسالة يوحنا الأولى 5 عدد 1 ـ 2 قوله : ** كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله. و كل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضا. بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله و حفظنا وصاياه . ** و في آخر نفس هذه الرسالة : ** نعلم أن كل من ولد من الله لايخطئ بل المولود من الله يحفظ نفسه و الشرير لا يمسه ** 5 عدد 18 .
وأيضا في الإصحاح الثالث من نفس تلك الرسالة، يقول يوحنا: **كل من هو مولود من الله لا يفعل خطيَّة لأن زرعه يثبت فيه و لا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله، بهذا أولاد الله ظاهرون و أولاد إبليس... الخ ** رسالة يوحنا الأولى: 3 عدد 9ـ10.
و في الإصحاح الرابع من تلك الرسالة أيضا : ** أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا لأن المحبة هي من الله و كل من يحب فقد ولد من الله و يعرف الله ** رسالة يوحنا الأولى 4 عدد 7
و في رسالة بولس إلى أهل رومية 8 عدد 14 ـ 16: ** لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولـئك هم أبناء الله. إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله .**
و في رسالة بولس إلى أهل فيليبس 2 عدد 14 ـ 15 : ** افعلوا كل شيء بلا دمدمة و لا مجادلة. لكي تكونوا بلا لوم و بسطاء أولاد الله بلا عيب في وسط جيل معوج و ملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم .**

ففي كل هذه النصوص استعملت عبارات : ابن الله ، أبناء الله ، أولاد الله ، و الولادة من الله ، بهذا المعنى المجازي الذي ذكرناه .



ولو قالوا إن الإنجيل سمى المسيح "الابن الوحيد " لله مما يفيد أن بنوَّته لله بنوَّة فريدة متميزة لا يشاركه فيها أحد فهي غير بنوَّة أنبياء بني إسرائيل، لِـلَّه، وغير بنوَّة المؤمنين الأبرار الصالحين عموما أو بنوَّة شعب بني إسرائيل لله.. الخ، .

فجوابه:
أولاً : إن الكتاب المقدس جاء فيه أن الله سبحانه وتعالى قال لموسى : ** إسرائيل ابني البكر ** خروج 4 عدد 22 و في إرميا 31 عدد 9 ** لأني صرت لإسرائيل أبا، و أفرايم هو بكري ** ومن المعروف أن البكر أولى وأفضل عند أبيه من غير البكر ، فالبكر أجل قدراً عند والده من غير البكر على مالا يخفى ، والكتاب المقدس يشهد بأن للولد الأكبر سهمين في الميراث ولغيره سهم واحد تثنية 21 عدد 15 ، 17 .

ثانيا : بما ان البنوة لله تعني الانقياد لله والعمل بمشيئته ** لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولـئك هم أبناء الله. ** رومية 8 عدد 14 فتكون عبارة "الابن الوحيد " للمسيح هي كناية عن شدة قرب المسيح لله من بين قومه وده لطاعته وانقياده له وهو المبلغ عنه.

ثالثاً : إن عبارة "الابن الوحيد" في الكتاب المقدس لا تعني بالضرورة الانفراد و الوحدانية الحقيقية بل قد يقصد بها الحظوة الخاصة و المنزلة الرفيعة، يدل على ده أن التكوين من التوراة يحكي أن الله تعالى امتحن إبراهيم فقال له: ** يا إبراهيم ! فقال: هأنذا. فقال: خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، اسـحق، و اذهب إلى أرض المـريا…** تكوين: 22 عدد 1ـ2
فأطلق الكتاب المقدس على اسحق لقب الابن الوحيد لإبراهيم، هذا مع أنه، طبقا لنص التوراة نفسها، كان اسماعيل قد وُلِد لإبراهيم، قبل إسحق، كما جاء في التكوين : ** فولدت هاجر لأبرام ابنا و دعا أبرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر: اسماعيل. كان أبرام ابن ست و ثمانين لما ولدت هاجر اسماعيل لأبرام ** تكوين: 16 عدد 15 ـ 16 ، ثم تذكر التوراة أنه لما بلغ إبراهيم مائة سنة بشر بولادة إسحـق التكوين: 17 عدد 15 إلى 20 ، و بناء عليه لم يكن اسحق ابناً وحيداً لإبراهيم بالمعنى الحقيقي للكلمة، مما يؤكد أن تعبير " الابن الوحيد " لا يعني بالضرورة ـ في لغة الكتاب المقدس ـ معنى الانفراد حقيقة، بل هو تعبير مجازي يفيد أهمية هذا الابن و أنه يحظى بعطف خاص و محبة فائقة و عناية متميزة من أبيه، بخلاف سائر الأبناء، و لا شك أن محبة لله تعالى للمسيح و عنايته أعظم من عنايته جميع من سبقه من الأنبياء لذا صح إطلاق تعبير : ** ابني الوحيد ** عليه.
رابعاً : ان الكتاب المقدس قد أطلق على غير المسيح أوصافاً وأسماء لا تليق إلا بالله وحده وهي أكبر وأعظم من اطلاق عبارة الابن الوحيد في حق المسيح ومع ده لم يقل أحد من الناس أنهم آلهة ، فعلى سبيل المثال :
* ورد في القضاة 13 عدد 21 ، 22 إطلاق لفظ الله على الملك : يقول النص (وَلَمْ يَتَجَلَّ مَلاَكُ الرَّبِّ ثَانِيَةً لِمَنُوحَ وَزَوْجَتِهِ. عِنْدَئِذٍ أَدْرَكَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ. فَقَالَ مَنُوحُ لاِمْرَأَتِه نموت موتاً لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ. ) وواضح أن الذي تراءى لمنوح وامرأته كان الملك .
** ورد في الخروج 22 عدد 8 إطلاق لفظ الله على القاضي :يقول النص : ** وإن لم يوجد السارق يقدم صاحب البيت إلى الله ليحكم ، هل يمد يده إلى ملك صاحبه ** فقوله : إلى الله ، أي : إلى القاضي .
*** وكذلك أيضاً جاء في الخروج 22 عدد 9 إطلاق لفظ الله على القاضي :
يقول النص ** في كل دعوى جنائية من جهة ثور أو حمار أو شاة أو ثوب أو مفقود ما ، يقال : إن هذا هو ، تقدم إلى الله دعواها ، فالذي يحكم الله بذنبه يعوض صاحبه باثنين ** فقوله إلى الله ، أي إلى القاضي نائب الله .
**** كما اطلق الكتاب المقدس لفظ إله على القاضي فقد ورد في المزمور 82 عدد 1 : ** الله قائم في مجمع الله ، في وسط الآلهه يقضي **
*****وأطلق الكتاب المقدس لفظ الآلهه على الأشراف فقد ورد في المزمور 138 عدد 1 قول داود عليه السلام :** أحمدك من كل قبلبي ، قدام الآلهه أعزف لك ** .

و أما إطلاق عبارة " أبناء الله و بناته " أو " أولاد الله " أو " ابني البكر" على جميع بني إسرائيل فقد تكرر مرات عديدة في كتاب " العهد القديم " و فيما يلي بعض النماذج على ذلك:

** في التثنية من التوراة خطاباً لبني إسرائيل: " أنتم أولاد للرب إلـهكم " تثنية: 14 عدد 1.
** و في نفس السفر: " فرأى الرب و رذل من الغيظ بنيه و بناته" تثنية: 32 عدد 19
** و في المزامير (الزبور) لداود عليه السلام: " أنا قلت إنكم آلهة، و بني العلـيِّ كلكم. لكن مثل الناس تموتون و كأحد الناس تسقطون " المزامير 82 عدد 6 ـ7.
** و في إشعيا يقول الرب عن بني إسرائيل: " ربيت بنين و نشَّأْتهم. أما هم فعصوا علي " إشعيا 1 عدد 2.
** و فيه أيضا: "و قد قال حقا إنهم شعبي، بـنـون لا يخونون " إشعيا 63 عدد 8.
** و في هوشع " لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال و لا يعد و يكون عوضا عن أن يقال لهم لستم شعبي يقال لهم أبناء الله الحي" هوشع 1 عدد 10.
** و في نفس السفر أيضا " لما كان إسرائيل غلاما أحببته و من مصر دعوت ابني" هوشع 11 عدد 1.


وهنا يبقى ان نعرف اين وردت تسمية المسيح بأبن الله واللى تكررت في الإنجيل كثيرا و جاء ذلك على أنحاء متعددة :
* منها إطلاق عيسى نفسه على نفسه لقب " ابن الله "، و هذا أكثر ما جاء في إنجيل يوحنا، كما في آخر قصة الأعمى من الولادة الذي شفاه المسيح عليه السلام في إنجيل يوحن 9/ 35 ـ 37 و 5/ 19 ـ 26 و 10/ 36 و 17/ 1.
* و منها قول الحواريين لعيسى عليه السلام" إنك حقا ابن الله " أو قولهم " أنت هو المسيح ابن الله الحي"، كما في إنجيل متى 14 / 33، و 16 / 16.
* و منها مناداة الله تعالى في السماء " هذا ابني الحبيب الذي عنه رضيت " كما في إنجيل متى 3 / 17 و 17 / 5.
* و منها إطلاق جبريل لقب " ابن العلي "و " ابن الله " على المسيح، كما في إنجيل لوق 1 / 32 و 35.
قالوا: فإذا ثبت أن المسيح هو ابن الله، ثبتت إلـهيته، لأن الابن لا يكون إلا من نفس جوهر أبيه الذي ولد منه!.

غير معرف يقول...

((((((((خدعة القيام من بين الاموات كيف حدثت ؟

متى27عدد 59: فاخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي. (60) ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة ثم دحرج حجرا كبيرا على باب القبر ومضى. (61) وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الاخرى جالستين تجاه القبر (62) وفي الغد الذي بعد الاستعداد اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون الى بيلاطس (63) قائلين.يا سيد قد تذكرنا ان ذلك المضل قال وهو حيّ اني بعد ثلاثة ايام اقوم. (64) فمر بضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا للشعب انه قام من الاموات.فتكون الضلالة الاخيرة اشر من الاولى. (65) فقال لهم بيلاطس عندكم حراس.اذهبوا واضبطوه كما تعلمون. (66) فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر (SVD)

أريد أن أسأل سؤال واحد فقط .. لماذا لا يكون تلاميذه قد أخرجوه بعد أن دحرج يوسف الحجر على القبر يعني في نفس الليلة ؟؟ خاصة أن مريم المجدلية ومريم الأخرى كانتا جالستين عند القبر ؟؟ ليس هذا فقط ؟ ولكن السؤال هو ما الدليل على أن يوسف قد دفنه من الأساس ؟ يوسف أخذ الجسد وذهب ليدفنه في قبر منعزل جديد ويقولون أنه وضع الجسد في القبر بعد أن لفه بالكتان والقبر لم يختم إلا ثاني ليلة كما يقول صاحب إنجيل متى , فأي دليل على أن يوسف وضعه في القبر ؟ ومن الذي رآه ؟ ولماذا لا يكون التلاميذ قد سرقوا جسده في نفس ليلة الصلب أو حتى في الصباح ثاني يوم ؟؟ وهذا بالفعل ما حدث كما يقول في متى 28عدد 13 هكذا :
متى28عدد 13: قائلين.قولوا ان تلاميذه أتوا ليلا وسرقوه ونحن نيام. (SVD)
و لو قرأت قصة قيامه من الأموات في يوحنا لأدركت أنهم بالفعل هم أنفسهم لا يعلمون عن الأمر شئ ولكنهم يتمسكون بكلام قساوستهم ورهبانهم ولا يحاولون أبداً البحث عن الحق ولكني أعذرهم لأن الكتاب عندهم من الممنوع عليهم قراءته أو النظر فيه لذلك من النادر جداً أن تجد نصراني قد قرأ كتابه كاملاً او تدبر معانيه أو تفقه فيه إنما هجروه وتركوه ولم يفكروا أبدا في أن يبحثوا في أمر كتابهم أنظر ماذا يقول يوحنا عن هذه القصة المكذوبة وقارن بين ما جاء في متى وما جاء في يوحنا لتعلم وتتأكد أن الجميع يكذبون ولم يتفقوا على رأي واحد , فأنظر ما جاء في إنجيل يوحنا 20عدد 1-23 أنقله كما يلي :
1. وفي اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية الى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر.
2 فركضت وجاءت الى سمعان بطرس والى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما اخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم اين وضعوه. فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا الى القبر. 4 وكان الاثنان يركضان معا.فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء اولا الى القبر 5 وانحنى فنظر الاكفان موضوعة ولكنه لم يدخل.
6 ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الاكفان موضوعة 7 والمنديل الذي كان على راسه ليس موضوعا مع الاكفان بل ملفوفا في موضع وحده. 8 فحينئذ دخل ايضا التلميذ الآخر الذي جاء اولا الى القبر ورأى فآمن. 9 لانهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب انه ينبغي ان يقوم من الاموات.10 فمضى التلميذان ايضا الى موضعهما 11. اما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجا تبكي.وفيما هي تبكي انحنت الى القبر 12 فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدا عند الراس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا. 13 فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين.قالت لهما انهم اخذوا سيدي ولست اعلم اين وضعوه. 14 ولما قالت هذا التفتت الى الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم انه يسوع. 15 قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين.من تطلبين.فظنت تلك انه البستاني فقالت له يا سيد ان كنت انت قد حملته فقل لي اين وضعته وانا آخذه. 16 قال لها يسوع يا مريم.فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلّم. 17 قال لها يسوع لا تلمسيني لاني لم اصعد بعد الى ابي.ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم. 18 فجاءت مريم المجدلية واخبرت التلاميذ انها رأت الرب وانه قال لها هذا 19. ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو اول الاسبوع وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم. 20 ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه.ففرح التلاميذ اذ رأوا الرب. 21 فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم.كما ارسلني الآب ارسلكم انا. 22 ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس. 23 من غفرتم خطاياه تغفر له.ومن امسكتم خطاياه أمسكت (SVD)
وهذا قول متى في نفس الموضوع أنقله من إنجيل متى 28عدد 2-9 كما يلي :
: وبعد السبت عند فجر اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الاخرى لتنظرا القبر. (2) واذا زلزلة عظيمة حدثت.لان ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه. (3) وكان منظره كالبرق ولباسه ابيض كالثلج. (4) فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كاموات. (5) فاجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخافا انتما.فاني اعلم انكما تطلبان يسوع المصلوب. (6) ليس هو ههنا لانه قام كما قال.هلم انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعا فيه. (7) واذهبا سريعا قولا لتلاميذه انه قد قام من الاموات.ها هو يسبقكم الى الجليل.هناك ترونه.ها انا قد قلت لكما. (8) فخرجتا سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه. (9) وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه اذا يسوع لاقاهما وقال سلام لكما.فتقدمتا وامسكتا بقدميه وسجدتا له. (SVD)
الكثير من الاختلافات والتناقضات بين الروايتين وعلى سبيل المثال لا الحصر هل مريم ورفيقتها كانتا عند القبر أم أنهما جائتا في اليوم التالي؟ هل وجدت الحجر مرفوعا أم إنتظرت حتى رأت ملاك الرب يرفع الحجر من على القبر ؟ هل رأيتا ملاك الرب داخل القبر أم خارجه ؟ هل أمرهما الملاك أن يذهبا ويبلغا التلاميذ ام أنهما ذهبتا من نفسيهما ؟ ومئات الاسئلة تدور حول هذا الأمر ولكني لا اريد أن أطيل حقيقة فأمامك النصين وأتمنى ان تقارن بين الأناجيل الاربع حول هذه القصة المكذوبة الملفقة التي لا تمت إلى الدين بشئ ولكنها اقرب إلى الخرافات

غير معرف يقول...

صورة حقيقية لسيدنا رسول الله؟؟؟(((((((((((((((((((صورة الرسول صلى الله عليه وسلم ا.)))))))))).
خلق أفضل الخلق يقول عنه ربه تبارك وتعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم)وتقول عنه أم المؤمنين عندما سئلت عن خلقه فقالت ( كان خلقه القرآن)
وإن المسلم ليشتاق لرؤيته صلى الله عليه وسلم وكذلك لمعرفة خلقه وليستمع لتوجيهه وأقواله ليقتدي به ويقتفي أثره , ولن أطيل عليكم وسأنقل لكم هذه الأحاديث التي جمعتها من صحيح الجامع فلعلها تذكرنا بخلقه صلى الله عليه وسلم وكذلك كيف كانت هيئته وصورته التي صوره الله عليه فنشتاق إليه أكثر ونحبه أكثر بأبي هو وأمي ... فتعالوا معي واقرأوا هذه الأحاديث
كان ابغض الخُلق إليه الكذب
كان ابيض ، كأنما صيغ من فضه ، رجِل الشعر
كان ابيض ، مشرباً بحمره ، ضخم الهامة ، أهدب الأشفار
كان ابيض ، مشربا بيض بحمره ، و كان اسود الحدقة ، أهدب الأشفار
كان ابيض مليحا مقصدا
كان احب الألوان إليه الخضرة
كان احب الثياب إليه الحبرة
كان احب الثياب إليه القميص
كان احب الدين ما داوم عليه صاحبه
كان احب الشراب إليه الحلو البارد
كان احب الشهور إليه إن يصومه شعبان [ ثم يصله برمضان ]
كان احب العرق إليه ذراع الشاه
كان احب العمل إليه ما دووم عليه و إن قل
كان احسن الناس خلقا
كان احسن الناس ربعه ، إلى الطول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، اكحل العينين ، أهدب الأشفار ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ، ليس له أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضه
كان احسن الناس ، و أجود الناس ، و أشجع الناس
كان احسن الناس وجها ، و أحسنهم خلقا ، ليس بالطول البائن ، و لا بالقصير
كان أخف الناس صلاه على الناس ، و أطول الناس صلاه لنفسه
كان أخف الناس صلاه في تمام
كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، و لكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، و يقول : السلام عليكم ، السلام عليكم
كان إذا أتى مريضا ، أو أتي به قال : اذهب البأس رب الناس ، اشف و أنت الشافي ، لا شفاء ألا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما
كان إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، و إذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال
كان إذا أتاه الرجل و له اسم لا يحبه حوله
كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه ، فأعطى الأهل حظين ، و أعطى العزب حظا
كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان
كان إذا أتى بباكورة الثمرة وضعها على عينيه ثم على شفتيه ، ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان
كان إذا أتى بطعام سال عنه اهديه أم صدقه ؟ فان قيل : صدقه ، قال لأصحابه : كلوا و لم يأكل و إن قيل : هديه ، ضرب بيده ، فأكل معهم
كان إذا اخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، و كان يقول : انه ليرتو فؤاد الحزين ، و يسرو عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها
كان إذا اخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن
كان إذا اخذ مضجعه قرا { قل يا أيها الكافرون } حتى يختمها
كان إذا اخذ مضجعه من الليل قال ( بسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي و اخسأ شيطاني ، و فك رهاني ، و ثقل ميزاني ، و اجعلني في الندى الأعلى))

كان إذا اخذ مضجعه من الليل ، وضع يده تحت خده ثم يقول ( باسمك اللهم أحيا ، و باسمك أموت ،)) وإذا استيقظ قال ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور ))

كان إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد
كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع
كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك ، يوم تبعث عبادك ( ثلاث مرات )
كان إذا أراد إن يستودع الجيش قال : استودع الله دينكم ، و أمانتكم ، وخواتيم أعمالكم
كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة
كان إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ وضوءه للصلاة، و إذا أراد أن يأكل أويشرب و هو جنب غسل يديه ، ثم يأكل و يشرب كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه
كان إذا أراد غزوه ورى بغيرها

كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد ، و أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره ، و خير ما صنع له ، و أعوذ بك من شره ، و شر ما صنع له
كان إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفه : و يأتيك بالأخبار من لم تزود
كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك و بهائمك ، و انشر رحمتك ، و أحيي بلدك الميت
كان إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم و بحمدك ، و تبارك اسمك ، و تعالى جدك ، و لا اله غيرك
كان إذا استن أعطى السواك الأكبر ، وإذا شرب أعطى الذي عن يمينه
كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة
كان إذا اشتدت الريح قال : اللهم لقحا لا عقيما
كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، و إذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء
كان إذا اشتكى رقاه جبريل قال : بسم الله يبريك ، من داء يشفيك ، و من شر حاسد إذا حسد ، و من شر كل ذي عين كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات و مسح عنه بيده
كان إذا اصبح و إذا أمسى قال : أصبحنا على فطره الإسلام ، و كلمه الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، و مله أبينا إبراهيم ، حنيفا مسلما و ما كان من المشركين
كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبه ، لم يزل معرضا عنه حتى يحدث توبة
كان إذا اعتم سدل عمامته بين كفتيه
كان إذا افطر عند قوم قال : افطر عندكم الصائمون ، و أكل طعامكم الأبرار ، و تنزلت عليكم الملائكة
كان إذا افطر قال : ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق و ثبت الأجر أن شاء الله
كان إذا افطر عند قوم ، قال : افطر عندكم الصائمون ، و صلت عليكم الملائكة
كان إذا اكتحل اكتحل وترا ، و إذا استجمر استجمر
كان إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذى أطعم و سقى ، و سوغه و جعل له مخرجا
كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث
كان إذا أكل لم تعد أصابعه بين يديه
كان إذا انزل عليه الوحي كرب لذلك و تربد وجهه
كان إذا انزل عليه الوحي نكس رأسه و نكس أصحابه رؤوسهم ، فإذا اقلع عنه رفع رأسه
كان إذا انصرف انحرف
كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ، ثم قال : اللهم أنت السلام ، و منك السلام ، تباركت ياذا الجلال و الإكرام
كان إذا أوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذى أطعمنا ، وسقانا ، و كفانا ، و آوانا فكم ممن لا كافي له ، و لا مؤوي له
كان إذا بايعه الناس يلقنهم : فيما استطعت
كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : بشروا و لا تنفروا ، و يسروا و لا تعسروا
كان إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل : ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا و كذا
كان إذا تضور من الليل قال : لا اله إلا الله الواحد القهار ، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار
كان إذا تكلم بكلمه أعادها ثلاثا ، حتى تفهم عنه ، و إذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم عليهم ثلاثا
كان إذا تهجد يسلم بين كل ركعتين .......
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وال سيدنا محمدنا محمد صلى الله عليه وسلم

غير معرف يقول...

(((((((((((إلى أهل غزة الفضلاء بعض حكم نزول المصائب والبلاء



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فهذه تذكرة إلى كل مسلم عامة و إلى أخواني و أحبابي أهل غزة - فك الله كربهم و نصرهم على أعدائهم – خاصة ببعض حكم نزول المصائب و المحن والبلاء فالكل معرض لمصيبة له أو لعزيز عليه فقد يمرض الشخص أو يمرض حبيب له أو يحدث به مجاعة أو فقر أو يحدث لعزيز عليه فيجول في خاطر الإنسان سؤال ألا وهو لما يحدث الله هذه المصائب لما يحدث الله هذه المحن أليس الله رحيما بنا فكانت هذه الكلمة تذكير لكل مسلم بالإجابة على هذا السؤال الذي يدور في الخاطر .


و بداية نحن خلق الله قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾[1] و الخالق له أن يفعل في خلقه ما يشاء قال تعالى : ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[2] فمن حكم في ماله ما ظلم فكيف بمن حكم في خلقه ؟!!و ثانيا الله


أرحم بنا من أنفسنا ، قال تعالى : ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[1] و الله أرحم بنا من أمهاتنا فإذا كان جزء واحد من الرحمة في الأرض ومن هذا الجزء تراحم الأمهات على أولادهن فكم هي رحمة الله إذا!! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه »[2] و عن عمر بن الخطاب قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟ فقلنا لا وهي تقدر على أن لا تطرحه فقال لله أرحم بعباده من هذه بولدها[3] .

و ثالثا الله لا يظلم أحدا حتى و لو مقدار ذرة قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً‌ ﴾[4] و قال تعالى : ﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾[5] قال الألوسي : والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده من غير ذنب من قبلهم ، والتعبير عن ذلك بنفي الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم قطعاً على ما تقرر من قاعدة أهل السنة فضلاً عن كونه ظلماً بالغاً لبيان كمال نزاهته تعالى بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى من الظلم[6] ، وليس في الآية نفي كثرة الظلم فالآية لا تعني أن الله يظلم بحال بل هي باعتبار كم الذين لا يظلمهم من قولك : فلان ظالم لعبده وظلام لعبيده قال ابن عادل في نفي صيغة المبالغة ظلام عن الله أنها للكثرة ، ولكنه لما كان مقابلاً بالعباد -وهم كثيرون- ناسب أن يقابلَ الكثيرَ بالكثيرِ[7] .

ورابعا الله حكيم في أفعاله فكل فعل يفعله له حكمة و الله لا يخلق شيئا عبثا حتى الذبابة يذل الله بها أنوف الجبابرةو كل أمر يأمر به له حكمة و كل نهي ينهي عنه له حكمة عرفناها أو لم نعرفها قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [8] و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾[9] و قال تعالى : ﴿ و َإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[10] . الله


يبتلينا بالمصائب كما يبتلينا بالنعم اختبارا لنا و امتحانا قال تعالى : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾[1] .

و الله يبتلينا بالمصائب كي يرى منا عبادة الصبر ففي المصائب يجب أن نصبر بحبس أنفسنا عن التسخط في المقدور و نحبس ألسنتنا عن الشكوى لغير الله قال تعالى : ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾[2] و هنيئا لمن صبر قال تعالى : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾[3] و الله مع الصابرين بعونه و توفيقه وتسديده لهم قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾[4] و هنيئا لمن صبر فالله يحبه قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾[5] ، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له » [6].

و الله يبتلي غيرنا بالمصائب كي يرى منا عبادة الشكر و ذكر الله بالحمد على معافة الله لنا و ابتلاء غيرنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء »[7]و كي نتعظ فأيها المسرف في المعاصي ألا تخشي أن يحل بك بلاء من الله مثل ما أنزله على غيرك قال تعالى : ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون ﴾[8]أي : وضرب الله مثلا بلدة "مكة" كانت في أمان من الاعتداء, واطمئنان مِن ضيق العيش, يأتيها رزقها هنيئًا سهلا من كل جهة, فجحد أهلُها نِعَمَ الله عليهم, وأشركوا به, ولم يشكروا له, فعاقبهم الله بالجوع, والخوف من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيوشه, التي كانت تخيفهم; وذلك بسبب كفرهم وصنيعهم الباطل[9].

و بالمصائب يفيق الغافلون عن الله فكم من فاسق اهتدى بسبب بلاء نزله به أو نزل بغيره و كم من ضال اهتدى بسبب بلاء نزله به أو نزل بغيره أرأيتم عارضة الأزياء الفرنسية فابيان التي أعلنت اعتناقها الإسلام بعد أيام قليلة من اندماجها في صفوف المجاهدات الأفغانيات فعندما رحلة إلى بيروت أثناء العدوان عليها رأت مستشفى للأطفال تنهار و في ظرف دقيقة أصبحت كومة تراب فصرخت و انقشعت الغمامة و الغشاوة عن عينيها و اندفعت نحو أشلاء الأطفال الأبرياء كانت تحاول ما في وسعها أن تنقذ من بقي منهم على الحياة ثم تركت بيروت و سافرت إلى باكستان و عند الحدود الأفغانية عاشت ثم ما لبثت سنة و هي ترعى الأسر الأفغانية إلا و اعتنقت الإسلام فرب ضارة نافعة ، و ما خبر توبة المغنية شادية منا ببعيد فقد أبتليت ببعض الأمراض الخطيرة و التي استدعت كل منها إجراء جراحات خطيرة و لما من الله عليها بالشفاء أفاقت من غفلتها و عرفت أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ، و كم من متبرجة ارتدت الحجاب بعد مرض أو حادثة حدثت لها .

و بالمرض تعرف نعمة العافية و الصحة كما أن بالموت تعرف نعمة الحياة فالكثير منا لا يشعر بنعمة الصحة إلا لما تنزع منه .

الله يبتلينا بالمصائب و المحن كي يرى منا عبادة الدعاء و الابتلاء فكم من إنسان لا يعرف الدعاء إلا عند الابتلاء مع أن الله أمرنا بأن ندعوه قال تعالى : ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾[10] و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الدعاء هو العبادة »[11]

الله يبتلينا بالمصائب و الأمراض كي يرفع درجاتنا في الجنة و يحط من خطايانا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الصالحين يشدد عليهم وإنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة »[12] . الله يبتلي


المسلمين بالأعداء حتى يرجعوا إلى الإسلام و يتوبون إليه ‌ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم »[1]

الله يبتلينا بالعدو حتى يرى الله منا عبادة الجهاد بالنفس و المال و الصبر على قتال الأعداء قال تعالى : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾[2] و ما نراه من عدوان أهل الكفر من صلبيين ويهود على المسلمين إلا لنرجع لديننا ونوحد صفنا و نجاهد في سبيله فالدعاء وحده دون بذل النفس و المال لله ضرب من التواكل فأين العمل و أين العمل بقوله تعالى : ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ﴾[3] و سنة الله ألا ينصر إلا من ينصره قال تعالى : ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ﴾[4] .

و في غارات العدو على أراضي المسلمين من يموت من المسلمين فهو شهيد و من يؤذى فيصبرفله أجر عظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله عز وجل المطعون شهيد والمبطون شهيد والغريق شهيد وصاحب الهدم شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد وصاحب الحرق شهيد والمرأة تموت بجمع شهيدة »[5] فقتلى المسلمين في الجنة فاصبروا يا عباد الله و رابطوا في سبيل الله؟؟؟؟؟؟؟؟فالله حكيم في ما قدره في نيل العدو من المسلمين حين من الدهر فلا نسيء بالله الظنون بل علينا أن ندعوه و نبتهل إليه ابتهال المسكين الخائف الذليل و نرجع إلى الله بالتوبة إليه و التذلل بين يديه و نصبر على قضائه و قدره قال تعالى : ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾[b][1] و بالاستغفار يزيد الله قوتنا قال تعالى : ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ﴾[2] و بالاستغفار يدفع الله البلاء قال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾[3] و لنترك المعاصي فهي من مؤخرات النصر و لنوحد صفنا نواجه العدو يدا واحدة لا الفلسطنيين وحدهم هم الذين يقفون أما الغزو الصهيوني بل كل المسلمين معهم بالدعاء و العدة و ليرسل رأساء البلاد الإسلامية بعض جيوشهم لنصرة أهل فلسطيين فهذا واجب المسلم لنصرة أخيه المسلم و لنقبل على الله بقلوب راجية هذا هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد سيد [/b]بكالوريوس الطب والجراحة الثلاثاء 2 محرم 1430 هـ 30 /12 / 2008 م