٢٠‏/٠١‏/٢٠٠٩

معرض التنصير الدولي للكتاب 2009!!

تبدأ اليوم الأربعاء إن شاء الله فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال 41 وذلك على أرض المعارض بمدينة نصر .ويشارك في المعرض هذا العام 765 ناشر منهم 52 ناشراً أجنبياً و 185 ناشراً عربياً و 528 ناشراً مصرياً منهم أكثر من أربعين دور نشر نصرانية . وستكون بريطانيا هي ضيفة شرف هذا العام ، وستكون القدس هي عاصمة الثقافة العربية في المعرض . ولا أخفيكم سراً أن معرض الكتاب هو أكبر مكان وساحة للمنصرين يستطيعون فيه مزاولة عملهم في التنصير القذر بين المسلمين بكل سهولة وسلاسة دون اعتراض أحد من الأمن أو أحد من المسلمين . فالأمر يبدوا طبيعياً للغاية إنهم يبيعون الكتاب ومحدش ليه عندهم حاجه . الموضوع يا سادة في قمة الخطورة يتم تدعيم الكتب وبيعها بأقل من أسعارها في المعرض أو حتى توزيعها مجاناً وذلك لنشرها بسهولة بين المسلمين . وعلى سبيل المثال العام الماضي كان هناك مليون إنجيل كان من المرجح توزيعها على المسلمين مجاناً في المعرض لولا مصادرة الأمن لها . الإنجيل يبدوا من شكله أن سعر تكلفته وإنتاجه لا تقل بأي حال من الأحوال عن خمسة أو ستة جنيهات يتم بيعها للجمعور بسعر جنيه واحد فقط . وهناك الكثير من الكنائس التي تخصص دور نشر لها لعرض منتاجتها من الكتب لتوزيعها ونشرها بين المسلمين . لكم أن تتخيلوا أنه يتم بيع ثلاث كتب داخل غلاف واحد بقيمة 75 قرش وأيضاً معهم قلم فاخر هدية . إنهم يحاولون استقطاب المسلمين بأي طريقة وبأي شكل ، وكانوا في الأعوام الماضية يقومون باستيقاف المسلمين من خلال بنات الكنيسة والحديث معهم والكلام معهم عن إصدارات الكنيسة الفلانية وما تقدمه للناس من خدمات وهدايا . وكذا يقوم مجموعة من شباب الكنيسة باستيقاف الفتيات المسلمات لنفس الغرض .إنها أكبر ساحة مفتوحة للتنصير في مصر ، جيش جرار من المنصرين المدربين من الشباب والفتيات العاملين تحت غطاء العديد من الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية .يا سادة مرحباً بكم في معرض التنصير الدولي للكتاب .
جريدة بر مصر

هناك ٢٧ تعليقًا:

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((مقارنات بين المسيحية والديانات الوثنية الأخرى )))))))))))))))))))))))))))))

أ‌- بابل

حين فكرت بدراسة هذا الرمز المحوري للديانة المسيحية، وأعني التثليث، من وجهة نظر نفسانية فإنني كنت أعلم يقيناً بأنني أتجاوز حدود مملكتي وألِج تخوماً بعيدة نائية عن علم النفس، فكل مسألة دينية إنما تلامس شغاف الروح الإنسانية مما يجعل علم النفس خائباً حسيرأ، بل آخر من يستطيع أن يدلي بدلوه فيها. والمسألة الدينية- كمسألة التثليث- شديدة الالتحام بمملكة اللاهوت، مما يجعل التاريخ هو العلم الأوحد القادر على الاقتراب منها. ولكن لا بد من القول بأن معظم الناس قد أقلعوا اليوم عن التساؤل عن المعتقدات الدينية، وخاصة عن عقيدة التثليث. إن قلة قليلة من الذين يعلنون إيمانهم بالمسيحية ويعتقدون بالتثليث يعتبرونه موضوعا قابلاً للتفكير والبحث. إن عقيدة التثليث أو الآلهة المثلثة ظهرت مبكرا جدأ وعلى مستوى بدائي. إن التثليث في الأديان القديمة، وفي الشرق بشكل خاص، مسألة منتشرة شائعة إلى الحدود التي لا نستطيع أن نحصيها أو نذكرها جميعا، ولعل تنظيم الآلهة المثلثة من أبرز الظواهر في تاريخ الأديان. ولا شك في أن هذا النموذج الديني القديم قد كان وراء عقيدة التثليث في الديانة المسيحية. وغالبا ما كنا نجد أن هذه الآلهة المثلثة ليست آلهة ثلاثة مختلفة أو مستقلة عن بعضها، بل كانت هناك علاقة وثيقة بينها. وأذكر أنا مثلاً الآلهة البابلية المثلثة: أنو، بل، أيا، كان ” أيا” رمزا للمعرفة وكان والد بل (الآب) الذي كان يمثل النشاط العملي. وهناك ثلاثة آلهة بابلية أخرى هي سن (القمر)، وأداد (العاصفة)، وهنا نجد أن ” أداد ” هو ابن الآب ” أنو”. وفي حكم نبوخذ نصر صار ” أداد ” رب السماء والأرض، ثم اتضحت العلاقة بين الآب والابن في أيام حمورابي حيث نجد “مردوك بن أيا” يأخذ القوة من الإله ” بل” ويبعده إلى الظل. وكان ” أيا” والدا عامرا بالمحبة لابنه الذي يعطيه قوته وحقوقه. أما مردوك فهو أصلاً إله الشمس وكانت له مرتبة “الآب” بينما كان ” أيا ” وسيطا بين الآب وبين ابشر. وقد قال ” أيا” أن كل ما يعرفه هو يعرفه ابنه أيضاً. ثم يبرز مردوك في صراعه مع ” تياماتا” إلهاً مخلّصا، فهو الرب الذي يحب إيقاظ الموتى، والمخلص الحقيقي للبشرية. وكانت هذه الأفكار عن المخلص قد انتشرت في أرجاء البلاد البابلية كلها وما تزال منتشرة إلى الآن عند ورثة هذه الديانات. كذلك فإن هنالك آلهة بابلية مثلثة مثل: سن (القمر) وشمش (الشمس) ثم عشتار التي تحتل مكان الإله أداد. ولقد ثبت أن الآلهة المثلثة كانت عقيدة لاهوتية أكثر مما كانت قوة حية. والواقع أن التثليث أقدم المعتقدات الدينية الوثنية وأعرقها…

ب‌- مصر

والأفكار التي كانت بدائية في الدين البابلي تطورت كثيراً في الديانة المصرية القديمة. وهنا أريد أن أركز تركيزاً خاصاً على أن اللاهوت المصري القديم كان يصر على الوحدة الجوهرية التي كان فيها الفرعون المصري يجمع بين الأب والابن في الألوهة البابلية. وكان العالم الألماني جاكوبسون قد أشار إلى ذلك في دراسة مهمة، وذلك في كتابه “دراسة العقائد الدينية عند ملوك مصر”، وقال إن الشخص الثالث بين الأب والابن المجتمعين في شخص الملك هو “كع- موتف”، وهذه عبارة تعني ” ثور أمه”. و “كع” هي القوة الخلاقة، وبواسطتها يتحد الآب بالابن على شكل وحدة مؤلفة من الله والملك كع لا على شكل تثليث. هنا نستطيع الحديث، كما يقول جاكوبسون عن وحدة مثلثة يكون فيها الآب هو الله، والملك هو الابن، و كع هو حلقة الوصل بينهما. وفي نهاية كتابه يعقد جاكوبسون مقارنة بين هذه الفكرة المصرية وبين العقيدة المسيحية، ثم يستشهد بكاتب آخر يدعى بارت وكان قد درس التثليث المسيحي. ويقول جاكوبسون: “إن الروح القدس عند المسيحيين يوازي “كع” عند المصريين، وبه يتحد الآب بالابن. إن الولادة الإلهية للفرعون تتم عبر”كع”، وذلك من خلال أم بشرية للملك. غير أن هذه الأم، كما عند المسيحيين تبقى خارج إِطار التثليث. هكذا نجد عند الأقباط المصريين في فجر المسيحية هذا التأثر فقد نقلوا الأفكار المصرية القديمة حول “كع” وألبسوها لروح القدس. وفي بعض الكتب القبطية القديمة ككتاب ( Pistis Sofia) الذي اكتشف في نجع حمادي عام 1945، والذي يعود للقرن الثالث الميلادي أن الأقباط كانوا يسمون الروح القدس ب ” كع” كما كانوا يجعلونه أحياناً شبيهاً بالمسيح. وفي النصوص المصرية القديمة وصف لولادة الابن الإلهي يجعلونه أحياناً في حورس الإله وكيف يقول الأب عن الابن: لسوف يُمارس ملكا مباركاً في هذه الأرض لأني وضعت روحي فيه. ويقول للابن: ” إنك ابن جسدي الذي أنجبت “. وهنا لا بد من أن نقارن هذا مع ما ورد في رسالة بولس إلى العبرانيين (5/1): (أنت إبني أنا اليوم ولدتك”. وإذا كانت الشمس التي يرثها ابن حورس عن أبيه تبرز فيه من جديد ويقول: “إن عينيه هما الشمس والقمر وهما عينا حورس” فإننا نقرأ في ملاخي (2/4): “ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشقاء في أجنحتها”. ومن لا يفكر هنا بأجنحة قرص الشمس عند قدامى المصريين. لقد انتقلت هذه الأفكار إلى التوفيقية الهيلينية ثم انتقلت بعد ذلك إلى المسيحية عبر فيلون السكندري وبلوتارخ. لهذا لا بد من القول أنه لا صحة لما يقول اللاهوتيون المسيحيون المعاصرون حين يزعمون أن مصر القديمة لم يكن لها أثر على قيام الأفكار والعقائد المسيحية. وإنني لأرى الأمر على نقيض ما يقولونه فمن المستحيل أن تكون الأفكار البابلية هي الأفكار الوحيدة التي دخلت فلسطين، سيما وأن هذه الدولة (فلسطين) خضعت للسيادة المصرية فترة طويلة، وكانت لها علاقة وثيقة مع جارتها القوية (مصر)، وخاصة عندما كان هناك جالية يهودية في الإسكندرية قبل ولادة المسيح ببضعة قرون. إنني لا أفهم كيف أن البروتستانت اللاهوتيين يعملون المستحيل لإقناعنا بأن الأفكار المسيحية (الحالية) هبطت من السماء ولم تتأثر بشيء قبلها”.

ج- اليونان

وحين ندرس المصادر التي بحثت في التثليث قبل المسيحية لا نستطيع إلا أن نستعرض آراء الفلاسفة اليونان استعراضا ًسريعاً. وإننا لنعلم سلفاً أن
التفكير اليوناني الخاص بالتثليث موجود حتى في انجيل يوحنا المعروف بنزعته الغنوصية. أما لاحقاً في زمن آباء الكنيسة اليونان فإن هذه الروح الفلسفية اليونانية راحت توسع المضمون الأصيل للوحي وتشرحه انطلاقاً من أفكارها ومبادئها. وكان فيثاغورس ومدرسته قد أثرا تأثيراً كبيراً على صياغة الفكر اليوناني التثليثي. وبما أن جزءا من مبدأ التثليث يقوم على رمزية الأعداد فإن من اللازم علينا أن نفحص النظام الفيثاغوري للأعداد، وأن نرى ما يتضمنه هذا النظام وما يقوله عن الأعداد الثلاثة الرئيسية التي تعنينا هنا. يقول الكاتب الألماني زيللر في كتابه “تاريخ الفلسفة اليونانية”: ” الواحد هو الأول الذي تصدر عنه كل الأعداد، وبالتالي فإنه تتحد فيه الخصائص المتناقضة للأعداد المزدوجة والمفردة. والعدد اثنان هو أول عدد مزدوج. أما الثلاثة فإنه أول عدد مفرد كامل لأنه أول عدد يتضمن بداية ووسطاً ونهاية” (ص 429، المجلد الأول). ولقد أثرت آراء الفلاسفة الفيثاغورسيين بأفلاطون تاثيرا كبيرا، كما نرى ذلك في طيماوس. وبما أن هذا التأثير قد أوغل بعيدا في ترك بصماته على التصورات الفلسفية اللاحقة فإنه لا بد لنا من أن ندرس تصورات الأعداد لدى اليونان دراسة نفسية أعمق. إن للعدد واحد اعتبارا خاصا. وهذا ما نلحظه في الفلسفة الطبيعية للقرون الوسطي. ووفقا لهذه الفلسفة فإن الواحد ليس عددا على الإطلاق. إن العدد الأول هو الاثنان، ففيه حصل الافتراق والضرب، ثم إنه وحده جعل مسألة العد ممكنة. ومع ظهور العدد اثنين يظهر الآخر إلى جانب الواحد. وهذا حدث مثير بحيث أن كثيرأ من اللغات تستخدم كلمتي “الآخر” و “الثاني” بمعنى. ثم إن فكرة اليسار واليمين مرتبطة أيضاً بالعدد ” اثنين “، وكذلك الأمر بالنسبة للحسن والقبيح، والصالح والطالح. وقد يكون لي “الآخر” معنى ” مشئوم، أو أن المرء يشعر بأنه معاد، أو غير أليف. وهنالك سيميائي من القرون الوسطي كتب يقول انطلاقا من تلك النظرة: لهذا السبب لم يشأ الله أن يُمدح في اليوم الثاني للخلق لأنه في ذلك النهار (الاثنين، نهار القمر) خلق الشيطان. إن العدد اثنين يتضمن معنى الواحد المختلف (أي العدد الثاني: اثنين) ويتميز عن العدد الواحد اللاعددي. وبتعبير آخر فإنه حالما يظهر العدد فإن ثمة وحدة تصدر عن الوحدة الأصيلةً، وهي أصلاً الوحدة التي انشطرت إلى اثنين وتحولت إلى عدد. إن ” الواحد” والآخر يشكلان تضادا، أما الواحد والاثنين فمجرد أعداد لا تتميز إِلا بقيمتها الرياضية. غير أن الواحد يحاول أن يتمسك بوجوده الواحد بينما يناضل الآخر لأن يكون وجودا مضادا للواحد. والواحد يعمل على عدم إخراج الآخر لأنه إذا، فعل ذلك فإنه يفقد ميزته بينما نرى الأخر يدفع بنفسه بعيدا عن الواحد في محاولة من أجل أن يظهر في الوجود. وهنا يتأزم التضاد بين الواحد والآخر، غير أن كل تأزم بين التناقضات تتأوج في حل يخرج منه الثالث. وفي الثالث ينحل التناقض، وتعود الوحدة المفقودة. والوحدة، أي الواحد المطلق، لا يمكن عدها، فهي لا تعرف ولا تعرف. وهي لا تعرف إلا حين تبرز كوحدة Unit أي كالعدد واحد، وذلك لأن الآخر المطلوب من أجل فعل المعرفة هذا ناقص في شرط الواحد. والعدد ثلاثة هو كشف الواحد لوضع يمكن أن يعرف فيه. وبذلك تصبح الوحدة قابلة للمعرفة. والثلاثة أيضاً تظهر أيضا مرادفاً ملائما لعملية التطور في الزمن، وبالتالي فإنها تشكل ما يعين على الكشف الذاتي الألوهة باعتبارها الواحد المطلق الذي تم الكشف عنه عبر الثلاثة. وعلاقة الثلاثة بالواحد يمكن التعبير عنها من خلال مثلث متساوي الأضلاع، أي عبر تطابق الثلاثة. هذه الفكرة الذهنية للمثلث المتساوي الأضلاع ليست إلا نموذجاَ تخيليا للفكرة المنطقية حول التثليث. وبالإضافة إلى التأويل الفيثاغوري للأعداد فإن علينا أن نبحث في الفلسفة اليونانية عن مصدر أكثر مباشرة لعقيدة التثليث المسيحية، وأقصد كتاب ” طيماوس” لأفلاطون. ولأستشهد الآن بالحجة التقليدية من المقطعين 31 ب و32أ: ” وإذن فحين ابتدأ الله بصياغة جسد الكون راح يصنعه من النار والتراب. وبما أنه لا يمكن الجمع بين شيئين جمعا سليما بدون الاستعانة بثالث يربط بينهما ويشدهما إلى بعضهما. وأن أفضل هذه الروابط هي تلك التي تتحد مع العنصرين اللذين تجمع بينهما وتجعل من الثلاثة واحداً بكل معنى الكلمة. إن هذا الرابط ينتمي إلى طبيعة البعد الهندسي الذي يمكن أن يصنع هذا الكمال… “ولهذه الحجة أفكار ذات عواقب نفسية بعيدة المدى، فإذا كان مضادان بسيطان مثل النار والتراب مرتبطين برابط، و إذا كان هذا الرابط هندسيا، فإن رابطا واحدا يستطيع أن يربط بين الأشكال المسطحة فقط، بينما نحتاج إلى رابطين للربط بين جسمين صلبين. و إذا افترضنا أن جسد الكون مساحة مسطحة لا عمق لها فإن رابطا واحدا يكفي، لكن للعالم في الواقع شكلاً صلبا، والأجسام الصلبة بحاجة إلى رابطين. “ومن هنا فإن الرابط ذا البعدين ليس بحقيقة فيزيائية لأنه مسطح لا امتداد له في البعد الثالث (العمق) وهو تفكير مجرد، و إذا أراد أن يكون حقيقة فيزيائية فإن المطلوب ثلاثة أبعاد ورابطان. ” لكل هذا وضع الله الماء والهواء بين النار والتراب، وجعلهما متناسقين قدر الإمكان بحيث يمكن أن تكون النار للهواء كما يكون الهواء للماء، ويكون الهواء للماء كما الهواء للتراب. بذلك أحكم الله خلق هذا العالم المرئي المحسوس، وانطلاقاً من هذه الأسباب وهذه المركبات الأربعة (عدديا) خلق العالم بأحجام متناسبة. وانطلاقا من هذه الأحجام صار العالم مفهوماً، وصار متحدا مع نفسه، كما صار من المستحيل تفكيكه من قبل أية قوة أخرى إلاه” (انتهى كلام أ فلاطون). وإننا هنا نواجه طريقا مسدودا يصطدم فيه العدد ثلاثة للأقانيم المسيحية بالعدد أربعة للعناصر الأفلاطونية. وهذا هو مأزق الثلاثة والأربعة التي يشير إليها أفلاطون في مقدمة طيماوس. وكان غوتيه قد التقط هذا بالحدس أثناء حديثه عن البطل الرابع في فاوست: “لقد كان (هذا البطل الرابع في الترتيب العددي) هو الشخص المناسب الذي يفكر عنهم جميعا). كذلك فإنك “تستطيع أن تتساءل على جبل أوليمبوس (جبل الآلهة اليونانية) عن الثامن الذي لم يكن يفكر فيه أحد”.

ومن الجدير بنا هنا أن نشير إلى أن أفلاطون بدأ بحثه بأن صور لنا اتحاد الضدين في بعديهما، وعرض لنا هذه المشكلة باعتبارها مشكلة فكرية يمكن حلها بواسطة التفكير، لكن أفلاطون اكتشف أن حل هذه المشكلة لا يتماشى مع الواقع أبدأ، فالحالة الأولى تتعلق بتثليث قائم بحد ذاته، أما الحالة الثانية فخاصة بالتربيع. وتلك هي المعضلة التي حيرت السيميائيين أكثر من ألف سنة وكانت تُسمى ببديهية ” العرافة ماريا” (التي كانت يهودية أو قبطية)، وتظهر أيضاً في الأحلام الحديثة… من هنا يمكن فهم الكلمات التي افتتح بها أفلاطون طيماوس: ” واحد- اثنان- ثلاثة- ولكن أين هو الرابع يا عزيزي طيماوس”؟. ومثل هذه العبارة تبدو أليفة لسمع عالم النفس والسيميائي معا، ولا شك في أن أفلاطون كان بالنسبة لهؤلاء كما كان بالنسبة لغوتيه أيضاً يشير إلى سرّ دفين.. ولقد عرف أفلاطون من تجربته الخاصة صعوبة الانتقال من التفكير ببعدين إلى تحقيقه بثلاثة أبعاد واقعية. وكان قد اختلف في هذا الأمر مع صديقه ديونيزوس العجوز الطاغية السراقسي الذي احتال عليه وأراد أن يبيعه عبدا فلم ينج من هذه المكيدة إلا بعد أن افتداه أصدقاؤه. ولقد أخفق أفلاطون بعد ذلك في تطبيق نظرياته السياسية تحت حكم ديونيزوس الأصغر. ومن يومها تخلى عن طموحاته السياسية، وبدت له الميتافيزيقا أرحب من هذا العالم الذي لا يحكم. وإذن فقد كان يركز على عالم الفكر ذي البعدين، وهذا ينطبق بخاصة على طيماوس الذي كتبه أفلاطون بعد خيبة أمله السياسية. ومن المعروف أن طيماوس آخر أعمال أفلاطون. والواقع أن الكلمة التي افتتح بها كتابه هذا لم تكن دليلا على مرحه ولا تعزى إلى المصادفة وحدها، بل كانت تحمل معنى مأساويا. إن واحدا من العناصر الأربعة غائب لأنه ” غير مناسب”. على أن التاريخ في اقترابه من بداية عصرنا صار يرينا الآلهة تزداد تجريدا وروحانية. حتى يهوه نفسه انصاع لهذا التحول. وفي آخر قرن سبق ولادة المسيح رحنا نشهد في الفلسفة الإسكندرية على تبدل هذه الطبيعة وعلى ظهور مفهومين جديدين للألوهة هما “الكلمة” و” الحكمة” راحا يشاركان يهوه في ألوهيته. وقد ألف الثلاثة معا ثالوثا قدم سابقة واضحة جدأ للتثليث الذي تبنته المسيحية بعد المسيح.

الآب و الإبن و الروح القدس

93 - 95
وإذن فإن التثليث ليست فكرة مسيحية أساسا، وإنما جاءت من الأديان الوثنية القديمة، وما يهمنا هنا هو أن أفكار التثليث كانت تنبع من لا وعي الناس إلا في آسيا الصغرى وحدها)، وكانت هذه الأفكار تبرز هنا وهناك في أماكن مختلفة من الأرض. إن آباء الكنيسة لم يشعروا بالراحة إلى أن أعادوا بناء عمارة التثليث على غرار نموذجها المصري الأصيل. وهذا ما تم نقله أيضآ لمريم العذراء عندما أعلن مجمع أفسوس في عام 431 ميلادي أن مريم العذراء ” ولدت الإلة”. وقد تم إعلان ذلك في المكان الذي كان يشهد ترانيم المجد للمعبودة المتعددة الأثداء ” ديانا”. وهنا لا بد من ذكر الأساطير التي شاعت بعد المسيح، والتي كانت تقول أن مريم لجأت مع الحواري يوحنا إلى أفسوس حيث ماتت هناك. وأفسوس كانت تعبد ديانا. ويروي لنا الكاتب المسيحي أيبيفانيوس أن نحلة دينية جديدة ظهرت في تلك الفترة وراحت تعبد مريم على غرار عبادة الآلهة الوثنية القديمة، وكانت هذه النحلة تدعى الكولليديين. وأنتشرت عبادة مريم في بعض المناطق المعينة مثل الجزيرة العربية وتراقيا وسيثيا Scythia وكان معظم أتباع هذه النحلة من النساء. وهاجم الكاتب ايبيفانيوس أتباع هذه النحلة، ووجه لومه إلى النساء بخاصة فاتهمهن بأنهن ” صغيرات العقول”. ثم قال ايبيفانيوس ني كتابه ” نقض مبادىء الفكر الثمانية”: أنه كانت هناك معابد خاصة شيدت لمريم، كما كان لها كاهنات يحتفلن في أيام معلومة، فيزيّن العربات بالقطن ويضعن على مقاعد العربة لحماً مشويا يقدم لمريم، وبعد ذلك يتناولن الطعام معها. وكانت هذه الاحتفالات تشبه القرابين ويقدم فيها اللحم والخبز أيضاً. وهاجم ايبيفانيوس عبادة مريم بعنف وكتب قائلًا: ” أكرموا مريم ودعوها لشأنها ولا تعبدوا إلا الأب والابن والروح القدس. أما مريم فلا تدعوا أحدا يعبدها”. لقد رافقت عقيدة التثليث الفكر الإنساني وصارت جزءا منه. صحيح أنها تختفي فترة لكنها ما تلبث أن تظهر هنا حيناً وهنالك أحياناً بأشكال مختلفة. وأن علينا هنا أن نوضح أن التثليث المسيحي ليس نقلا عن الفلسفة اليونانية أو عن أفلاطون بخاصة. إن الصيغة الأفلاطونية للتثليث تتناقض مع التثليث المسيحي… الصيغة الأفلاطونية تقدم الخلفية الفكرية لمدلولات جاءت من مصادر مختلفة تمامآ. كانت صورة التثليث المسيحي أفلاطونية أما المحتوى فيعتمد تماماً على عوامل نفسية ومعلومات لا واعية. لهذا فإنه ينبغي علينا أن نميز بين منطقية التثليث وبين واقعه النفسي. هذا الواقع النفسي للتثليث هو بدون شك واقع مصر وبابل وآشور القديمة. ونجد في هذا التثليث آثاراَ واضحة عن رفض أن تكون المرآة عنصرا فيه. وكما كان ايبيفانيوس يدعو إلى طرد مريم من ملكوت التثليث وحصره بالآب والابن والروح القدس فإننا نجد في الأناجيل مثل هذا الموقف الذي وجدناه في أديان مصر القديمة: طرد الأمهات والأخوات والبنات من مملكة التثليث. وهذا يذكرنا بالرفض الفظ المفاجىء الذي واجه المسيح أمه مريم في عرس قانا حين قال لها: ” ما لي ولكِ يا امرأة ” (يوحنا 4/2). بل إنه قبل ذلك حين جاءته إلى المعبد وهو في الثانية عشرة من عمره قال لها وليوسف معها: ” لماذا كنتما تطلباني. الم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي” (لوقا 49/2). وإننا لا نخطىء أبدأ حين نقول أن المسيحية في هذا الموقف الخاص إنما تقلد الوثنيات القديمة التي كانت تقيم شعائر ذكرية خاصة. هكذا نجد أيضاً بعض القبائل في إِفريقيا وأستراليا ما تزال إلى اليوم تمنع النساء من مشاهدة احتضار الرجال كي لا يشاهدن آلام الموت. والمسيحية لا تختلف في موقفها عن هذه الأسرار الوثنية. هنالك عنصر آخر من التثليث مستوحى من الأديان الوثنية القديمة ويمثل التناقض بين الآب المضيء والابن المظلم. إن العالم السفلي الذي ينزل إليه الابن هو عالم مدنس وشرير، عالم الإنسان الذي لم ينضج بعد. ووظيفة الابن (الإلة المتجسد) هو أن يقدم نفسه ضحية من أجل أن يخلص العالم من الأذى. وهذه النظرية موجودة في التصور الفارسي القديم للإنسان الأول الملقب جيومارت. فجيومارت هذا هو ابن إلة النور. إنه يسقط في الظلمات، ويجب أن يخرج منها كي ينقذ العالم. مثل هذا الإله كان النموذج الأصلي للمخلص الذي تبنته المسيحية.

مطابقة النصرانية لديانة الهند الوثنية :

وسنقارن إنشاء الله اليوم بين ما قاله الهنود عن إلاههم كرشنا وما قاله ‏وافتراه النصارى عن عيسى عليه السلام .
وذلك بمقابلة النص الصريح ‏بين الكتاب المقدس وكتب الوثنيين، مع ذكر المصدر والصفحة .

بسم الله نبدأ :

مايقوله الهنود عن الههم

مايقوله النصارى عن المسيح
ولد كرشنة من العذراء ديفاكي التي اختاراها الله والدة لابنه كذا ‏بسب طهارتها.
كتاب خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى ،للعلامة دوان 278 ولد يسوع من العذراء مريم التي اختارها الله والدة لابنه بسبب ‏طهارتها وعفتها.
(انجيل مريم الاصحاح السابع)
قد مجد الملائكة ديفاكي والدة كرشنة بن الله وقالوا : يحق للكون ان ‏يفاخر بابن هذه الطاهرة.
كتاب تاريخ الهند المجلد الثاني ص 329 فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيها المنعم عليها الرب معك.
(لوقا الإصحاح الثالث الفقرة 28 و29.)
عرف الناس ولادة كرشنة من نجمه الذي ظهر في السماء .
(تاريخ الهند ، المجلد الثاني، ص317و236) لما ولد يسوع ظهر نجمه في المشرق وبواسطة ظهور نجمة عرف ‏الناس محل ولادته.
(متى الإصحاح الثاني ، العدد 3)
لما ولد كرشنة سبحت الأرض وأنارها القمر بنوره وترنمت الأرواح ‏وهامت ملائكة السماء فرحا وطربا ورتل السحاب بأنغام مطربة.
كتاب فشنوا بوراناص502 (وهو كتاب الهنود الوثنيين) المقدس) لما ولد يسوع المسيح رتل الملائكة فرحا وسوروا وظهر من ‏السحاب أنغام مطربة.
(لوقا الاصحاح الثاني العدد 13)
كان كرشنة من سلالة ملوكانية ولكنه ولد في غار بحال الذل ‏والفقر.
(كتاب دوان السابق ص379) كان يسوع المسيح من سلالة ملوكانية ويدعونه ملك اليهود ‏ولكنه ولد في حالة الذل والفقر بغار.
(كتاب دوان ص279)
وعرفت البقرة أن كرشنة إله وسجدت له .
(دوان ص 279) وعرف الرعاة يسوع وسجدوا له.
(إنجيل لوقا الاصحاح الثاني من عدد 8 إلى 10)
وآمن الناس بكرشنة واعترفوا بلاهوته وقدموا له هدايا من ‏صندل وطيب.
(الديانات الشرقية ص500، وكتاب الديانات القديمة المجلد الثاني ص353) وآمن الناس بيسوع المسيح وقالوا بلاهوته وأعطوه هدايا من ‏طيب ومر.
(متى الاصحاح الثاني العدد 2)
وسمع نبي الهنود نارد بمولد الطفل الإلهي كرشنة فذهب وزراه ‏في كوكول وفحص النجوم فتبين له من فحصها أنه مولود إلهي ‏يعبد.
(تاريخ الهند ، المجلد الثاني، ص317) ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذ ‏المجوس من المشرق قد جاؤوا إلى أورشليم قائلين أين هو المولود ‏ملك اليهود.
(متى الاصحاح الثاني عدد 1و2)
لما ولد كرشنة كان ناندا خطيب أمه ديفاكي غائبا عن البيت ‏حيث أتى إلى المدينة كي يدفع ما عليه من الخراج للملك.
(كتاب فشنو بورانا، الفصل الثاني،من الكتاب الخامس) ولما ولد يسوع كان خطيب أمه غائبا عن البيت وأتى كي ‏يدفع ما عليه من الخراج للملك.
(لوقا الاصحاح الثاني من عدد 1 إلى 17)
ولد كرشنة بحال الذل والفقر مع أنه من عائلة ملوكانية.
(التنقيبات الآسيوية ، المجلد الأول ص 259، وكتاب تاريخ الهند ، ‏المجلد الثاني ، ص310) ولد يسوع بحالة الذل والفقر من أنه من سلالة ملوكانية.
(انظر تعداد نسبه في إنجيل متى ولوقا وبأي حال ولد)
وسمع ناندا خطيب ديفاكي والدة كرشنه نداء من السماء ‏يقول له قم وخذ الصبي وأمه فهربهما إلى كاكول واقطع نهر جمنة ‏لأن الملك طالب إهلاكه.
(كتاب فشنو بورانا، الفصل الثالث) وأنذر يوسف النجار خطيب مريم يسوع بحلم كي يأخذ ‏الصبي وأمه ويفر بهما إلى مصر لأن الملك طالب إهلاكه.
(متى الاصحاح الثاني، عدد 13)
وسمع حاكم البلاد بولادة كرشنة الطفل الإلهي وطلب قتل ‏الولد وكي يتوصل إلى أمنيته أمر بقتل كافة الأولاد الذكور ‏الذين ولدوا في الليلة التي ولد فيها كرشنة.
(دوان ص280) وسمع حاكم البلاد بولادة يسوع الطفل الإلهي وطلب قتله ‏وكي يتوصل إلى أمنيته أمر بقتل كافة الأولاد الذكور الذين ‏ولدوا في الليلة التي ولد فيها يسوع المسيح.
(متى الاصحاح الثاني)
واسم المدينة التي ولد فيها كرشنة ، مطرا، وفيها عمل ‏الآيات العجيبة.
(تاريخ الهند، المجلد الثاني، ص318، والتنقيبات الآسيوية ، المجلد ‏الاول ص 259) واسم المدينة التي هاجر إليها يسوع المسيح في مصر لما ترك ‏اليهودية هي ، المطرية، ويقال أنه عمل فيها آيات وقوات ‏عديدة.
(المقدمة على انجيل الطفولية ، تأليف هيجين، وكذلك ‏الرحلات المصرية لسفاري، ص 136)
وأتى إلى كرشنة بامرأة فقيرة مقعدة ومعها إناء فيه طيب ‏وزيت وصندل وزعفران وذباج وغير ذلك من أنواع الطيب ‏فدهنت منه جبين كرشنة بعلامة خصوصية وسكبت الباقي على ‏رأسه.
(تاريخ الهند ، ج2، ص320) وفيما كان يسوع في بيت عتيا في بيت سمعان الأبرص تقدمت ‏إليه امرأة معها قارورة طيب كثير الثمن فسكبته على رأسه وهو ‏متكئ.
(متى الاصحاح 26،عدد 6و7)
كرشنة صلب ومات على الصليب.
(ذكره دوان في كتابه وأيضا كوينيو في كتاب الديانات القديمة) يسوع صلب ومات على صليب.
(هذا أحد مرتكزات النصرانية المحرفة)
لما مات كرشنة حدثت مصائب وعلامات شر عظيم وأحيط ‏بالقمر هالة سوداء وأظلمت الشمس في وسط النهار وأمطرت ‏السماء نارا ورمادا وتأججت نار حامية وصار الشياطين يفسدون ‏في الأرض وشاهد الناس ألوفا من الأرواح في جو السماء ‏يتحاربون صباحا ومساء وكان ظهورها في كل مكان.
(كتاب ترقي التصورات الدينية،ج1،ص71) لما مات يسوع حدثت مصائب متنوعة وانشق حجاب الهيكل ‏من فوق إلى تحت وأظلمت الشمس من الساعة السادسة إلى ‏التاسعة وفتحت القبور وقام كثيرون من القديسين وخرجوا من ‏قبورهم.
(متى الصحاح 22 ، ولوقا ايضا)
وثقب جنب كرشنة بحربة .
(دوان، ص282) وثقب جنب يسوع بحربة.
(أيضا من كتاب دوان السابق،ص282)
وقال كرشنة للصياد الذي رماه بالنبلة وهو مصلوب اذهب ‏أيها الصياد محفوفا برحمتي إلى السماء مسكن الآلهة.
(كتاب فشنو برونا ص612) وقال يسوع لأحد اللصين الذين صلبا معه : الحق أقول لك ‏إنك اليوم تكون معي في الفردوس.
(لوقا ، الاصحاح 23،عدد43)
ومات كرشنة ثم قام بين الأموات.
(كتاب العلامة دوان ،ص282) ومات يسوع ثم قام من بين الأموات.
(إنجيل متى ، الاصحاح 28)
ونزل كرشنة إلى الجحيم.
(دوان ص282) ونزل يسوع إلى الجحيم.
(دوان 282، وكذلك كتاب إيمان المسيحيين وغيره)
وصعد كرشنة بجسده إلى السماء وكثيرون شاهدوا الصعود.
(دوان ص282) وصعد يسوع بجسده إلى السماء وكثيرون شاهدوا الصعود.
(متى الاصحاح 24)
ولسوف يأتي كرشنة إلى الأرض في اليوم الأخير ويكون ‏ظهوره كفارس مدجج بالسلاح وراكب على جواد أشهب ‏والقمر وتزلزل الأرض وتهتز وتتساقط النجوم من السماء.
(دوان ،ص282) ولسوف ياتي يسوع إلى الأرض في اليوم الأخير كفارس ‏مدجج بالسلاح وراكب جواد أشهب وعند مجيئه تظلم الشمس ‏والقمر أيضا وتزلزل الأرض وتهتز وتتساقط النجوم من السماء.
(متى الاصحاح 24)
وهو (أي كرشنة) يدين الأموات في اليوم الأخير.
(دوان 283) ويدين يسوع الأموات في اليوم الأخير.
(متى الاصحاح 24، العدد 31، ورسالة الرومانيين، الاصحاح 14، العدد 10)
ويقولون عن كرشنة أنه الخالق لكل شئ ولولاه لما كان شئ ‏مما كان فهو الصانع الأبدي.
(دوان 282) ويقولون عن يسوع المسيح أنه الخالق لكل شئ ولولاه لما ‏كان شئ مما كان فهو الصانع الأبدي.
(يوحنا الاصحاح الاول من عدد 1 إلى 3 ورسالة كورنوس الأولى الاصحاح الثامن العدد 6 ورسالة أفسس الاصحاح الثالث ، العدد 9)
كرشنة الألف والياء وهو الأول والوسط وآخر كل شئ.
(لم يذكر الباحث المرجع، وأعتقد أنه موجود في كتاب دوان) يسوع الألف والياء والوسط وآخر كل شئ.
(سفر الرؤيا الاصحاح الأول العدد 8 والاصحاح 23 العدد 13 والاصحاح 31 العدد 6)
لما كان كرشنة على الأرض حارب الأرواح الشريرة غير ‏مبال بالأخطار التي كانت تكتنفه، ونشر تعاليمه بعمل العجائب ‏والآيات كإحياء الميت وشفاء الأبرص والأصم والأعمى وإعادة ‏المخلوع كما كان أولا ونصرة الضعيف على القوي والمظلوم ‏على ظالمه، وكان إذا ذاك يعبدونه ويزدحمون عليه ويعدونه إلها.
(دوان ،ص283) لما كان يسوع على الأرض حارب الأرواح الشريرة غير مبال ‏في الأخطار التي كانت تكتنفه، وكان ينشر تعاليمه بعمل ‏العجائب والآيات كإحياء الميت وشفاء الأبرص والأصم ‏والأخرس والأعمى والمريض وينصر الضعيف على القوي ‏والمظلوم على ظالمه، وكان الناس يزدحمون عليه ويعدونه إلها.
(انظر الأناجيل والرسائل ترى أكثر من هذا الذي ذكرناه)
كان كرشنة يحب تلميذه أرجونا أكثر من بقية التلاميذ.
(كتاب بها كافات كيتا) كان يسوع يحب تلميذه يوحنا أكثر من بقية التلاميذ.
(يوحنا الاصحاح 13 العدد 23)
وفي حضور أرجونا بدلت هيئة كرشنة وأضاء وجهه ‏كالشمس ومجد العلي اجتمع في كرشنة إله الآلهة فأحنى أرجونا ‏رأسه تذللا ومهابة تواضعا وقال باحترام الآن رايت حقيقتك ‏كما أنت وإني أرجو رحمتك يا رب الأرباب فعد واظهر علي في ‏ناسوتك ثانية أنت المحيط بالملكوت.
(كتاب دين الهنود، لمؤلفه مورس ولميس، ص215) وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد ‏بهم إلى جبل عال منفردين وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه ‏كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالثلج وفيما هو يتكلم إذا ‏سحابة ظللتهم وصوت من السحابة قائل هذا هو ابني الحبيب ‏الذي سررت له اسمعوا ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههخم ‏وخافوا جدا.
(متى الاصحاح 17 من عدد 1 إلى 9)
وكان كرشنة خير الناس خلقا وعلم باخلاص ونصح وهو ‏الطاهر العفيف مثال الإنسانية وقد تنازل رحمة ووداعة وغسل ‏أرجل البرهميين وهو الكاهن العظيم برهما وهو العزيز القادرظهر ‏لنا بالناسوت.
(دين الهنود لمؤلفه مورس ولميس ، ص144) كان يسوع خير الناس خلقا وعلم بإخلاص وغيره وهو ‏الطاهر العفيف مكمل الإنسانية ومثالها وقد تنازل رحمة ووداعة ‏وغسل أرجل التلاميذ وهو الكاهن العظيم القادر ظهر لنا ‏بالناسوت.
(يوحنا الاصحاح 13)
كرشنة هو برهما العظيم القدوس وظهوره بالناسوت سر من ‏أسراره العجيبة.
(كتاب فشنو بورانا، ص492، عند شرح حاشية عدد3) يسوع هو يهوه العظيم القدوس وظهوره في الناسوت سر من ‏أسراره العظيمة الإلهية.
(رسالة تيموثاوس الأولى الاصحاح الثالث)
كرشنة الأقنوم الثاني من الثالوث عند الهنود الوثنيين القائلين ‏بألوهيته.
(موريس ولميس في كتابه المدعو العقائد الهندية الوثنية، ص10) يسوع المسيح الأقنوم الثاني من الثالوث المقدس عند ‏النصارى.
(انظر كافة كتبهم الدينية وكذلك الأناجيل والرسائل، فهذه ‏العقيدة الوثنية أحدى ركائز النصرانية اليوم)
وأمر كرشنة كل من يطلب الإيمان بإخلاص أن يترك أملاكه ‏وكافة ما يشتهيه ويحبه من مجد هذا العالم ويذهب إلى مكان خال ‏من الناس ويجعل تصوره في الله فقط.
(ديانة الهنود الوثنية ص211) وأمر يسوع كل من يطلب الإيمان بإخلاص أن يفعل كما يأتي : وأما أنت فمتى صلبت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصل ‏إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك ‏علانية.
(متى الاصحاح 6 العدد 6)
وقال كرشنة لتلميذه الحبيب أرجونا إنه مهما عملت ومهما ‏أعطيت الفقير ومهما فعلت من الفعال المقدسة الصالحة فليكن ‏جميعه بإخلاص لي أنا الحكيم والعليم ليس لي ابتداء وأنا الحاكم ‏المسيطر والحافظ.
(موريس ولميس في كتابه ديانة الهنود الوثنيين ص212) فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا فافعلوا كل ‏شئ لمجد الله.
(رسالة كورنسوس الأولى الاصحاح العاشر عدد31)
قال كرشنة أنا علة وجود الكائنات في كانت وفي تحل وعلي ‏جميع ما في الكون يتكل وفي يتعلق كالؤلؤ المنظوم في خيط.
(موريس ولميس ، ديانة الهنود الوثنيين، ص212) من يسوع في يسوع وليسوع كل شئ ، كل شئ كان به و ‏غيره لم يكن شئ مما كان.
(يوحنا الاصحاح الأول من عدد 1 إلى 3)
وقال كرشنة أنا النور الكائن في الشمس والقمر وأنا النور ‏الكائن في اللهب وأنا نور كل ما يضيء ونور الأنوار ليس في ‏ظلمة.
(موريس ولميس في ديانة الهنود الوثنيين، ص 213) ثم كلمهم يسوع قائلا أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في ‏الظلمة.
(يوحنا الاصحاح 8، العدد 12)
قال كرشنة أنا الحافظ للعالم وربه وملجئه وطريقه.
(دوان، ص 283) قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي ‏الأب الأبي.
(يوحنا الاصحاح 14 العدد6)
وقال كرشنة أنا صلاح الصالح وانا الابتداء والوسط والأخير ‏والبدي وخالق كل شئ وأنا فناؤه ومهلكه.
(موريس ولميس وكتابه ديانة الهنود الوثنيي، ص 213) وقال يسوع أنا هو الأول والآخر ولي مفاتيح الهاوية والموت.
(رؤيا يوحنا الاصحاح الأول من عدد 17 إلى 18)
وقال كرشنة لتلميذه الحبيب لا تحزن يا أرجونا من كثرة ‏ذنوبك أنا أخلصك منها فقط ثق بي وتوكل علي واعبدني ‏واسجد لي ولا تتصور أحدا سواي لأنك هكذا تاتي إلي إلى ‏المسكن العظيم الذي لا حاجة فيه لضوء الشمس والقمر الذين ‏نورهما مني.
(موريس ولميس وكتابه ديانة الهنود الوثنيين، ص 213) وقال يسوع للفلوج ثق يا بني مغفورة لك خطاياك ، يا بني ‏اعطني قلبك والمدينة لا تحتاج إلى شمس ولا إلى قمر ليضيا فيهما ‏الخروف سراجهما.
(متى الاصحاح 9 عدد 2 وسفر الأمثال الاصجاج 23 عدد 26 ‏وسفر الرؤيا الاصحاح 12 العدد23)

وبعد هذه الحجج والبراهين، لا يؤمنوا ‏ويصروا على طغيانهم ، وإلا فبماذا يفسروا لنا هذا التطابق العجيب ‏بين وثنية الهنود القدامى وبين ما قالوه وافتروه على المسيح عليه ‏السلام كذبا وزورا .

هذا وآخر دعونا أن الحمد لله على نعمة الإسلام سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا إله إلا أنت استعفرك واتوب اليك؟؟؟؟

غير معرف يقول...

؟؟؟؟(((((((معجزات بالجملة)))))))معجزات للملاك ميخائيل (( بمناسبة تذكاره ))تعلن كنيسة الملاك ميخائيل عن توفير خدمة التوصيل للمنازل لمن يريد معجزة؟؟الخدمة24ساعة بما فيها العطلات الرسمية؟؟؟هالولويا يانصاري===========================================================

كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل – فى كفر النحال بالزقازيق – تقع قريبة جدا من المدافن . و هى فى منطقة فقيرة و معظم المساكن المجاورة للكنيسة يسكنها غير مسيحيين

بدايه القصيده كفر اختاروا تاريخ قديم علشان يقولوا كل اللى شافو الحدثه ماتوا

فى سنة 1946 كان يخدم الكنيسة راهب بسيط .. كان متوكلا على الله ، و كان بحسب إمكانات جيله يخدم الله ، يزور بعض العائلات ، و يصلى قداس الأحد كل أسبوع .. كانت الكنيسة وقتها مبنى صغير محاط بسور مبنى ، و الباب الخرجى للسور مصنوع من أسياخ حديدية ، و يقفل بقفل من الخارج .

كان هذا الأب يزور أسرة فى غروب أحد أيام الأسبوع ، و كانت من العائلات المتدينة . رب الأسرة رجل ميسور و زوجته إمرأة تقية و لم يكن لهما أولاد لمدة طويلة . و قد رزقهما الله بعد السنين الطويلة طفلا ، كان بالنسبة لهما كأنه نور الحياة ، و كانا شاكرين الله على صنيعه . جلس الأب الراهب مع الرجل و زوجته و طفلهما يتكلمون فى أعمال الله و عجائب قديسيه ، و كان على منضدة بحجرة الجلوس طبق صغير فيه قليل من حبات الترمس ، و كان الطفل الصغير إبن سنة يحبو حول المنضدة ، و يمسك بها تساعده على الوقوف . و فى غفلة من الكبار مد يده إلى الطبق و أخذ حبة ترمس و وضعها فى فمه ، حاول أن يمضغها تفتت فى فمه .. حاول أن يبتلعها فدخلت فى القصبة الهوائية ، و بلا مقدمات وجدوه ملقى على الأرض يسعل سعالا صعبا متلاحقا ، يكاد أن يختنق .

صرخ الأب و الأم منزعجين ، و وقف الراهب متحيرا ماذا يفعل ؟ خطر بباله أن يجرى إلى الكنيسة يحضر زيت قنديل أو ماء اللقان هوه مفيش زيت غير فى الكنيسه هما معندهمش بقال ولا ايه، لعله يسعف الطفل المسكين ، و فعلا جرى إلى الكنيسة .. و لكنها مقفولة بالقفل الحديدى .. ليس أحد بالداخل .. و قرابنى الكنيسة يبدو أنه أغلقها و ذهب . إحتر الأب ، حاول أن ينادى و لكن لا من مجيب . إنه يريد أن يأخذ أى شىء من الكنيسة و الوقت يمر و الولد فى خطر ، فلما لم يجد شيئا مد يده من بين أسياخ الحديد و أخذ بيده حفنة من التراب ، تراب الكنيسة .. و عاد مسرعا يجرى .. وصل إلى البيت و إذ زحام .. لقد تجمع الجيران على صراخ الأب و الأم كالعاده يقولوا ان المسلمين شافوا المعجزات ومحدش شاف حاجه اتكلم براحتك يا عم حد هيراجع وراك .. الطفل مازال حيا و لكنه لا يقدر على التنفس و قد بدا لونه أزرق .. دخل الأب الراهب بسرعة يكاد يلهث ، دخل إلى حيث الطفل و هو يقبض بيده على التراب ، كشف ملابس الطفل و عرى صدره ، و وضع تراب الكنيسة كعلامة صليب على صدر الطفل ، و صرخ إلى الله متشفعا برئيس الملائكة ميخائيل ، فعطس الطفل عطسات متكررة ، خرجت معها فتات حبة الترمس و للحال بدأ يتنفس طبيعيا .
ذهل كل الواقفين إذ رأوا عمل الله و كانوا يتحدثون بهذه الأعجوبة و يقولون حتى تراب الكنيسة مبروك يعمل به الرب آيات .

مبروك عليكم التراب
ربنا يشفى
كل ده والولد عايش
وبعدين هوه مينفعش يدعى من غير التراب

لم تكن هذه الحادثة الوحيدة

فقد تكررت القصص العجيبة فى هذه الكنيسة . فقد حدث أن قام غير المؤمنين قصده المسلمين برده فى سنة 1948 بالهجوم على الكنيسة و أحرقوا بعض مقاعدها و بدأ بعضهم يهدم الكنيسة من الداخل يا عم ارحمنا فيه حد بيهد حاجه من جوه علشان تقع على دماغه ، و قد تمجد رب الكنيسة يومها تعالى الله على مايدعون ، فسقط ماسك الفأس من أعلى حجاب الهيكل و إنشجت رأسه و خرج من الكنيسة مشدوخ الرأس ، ففزع الآخرين الذين كانوا يرمون كرات النار على الكنيسة كل ده والمسلمين جواها يبقى اكيد اللى كانوا عايزين يهدوها نصارى ههههههههههه و نجت الكنيسة بإعجوبة إذ كان رئيس الملائكة الجليل يحرسها .

سبحان الله وباقى الكنايس مبيحرسهاش ليه رئيس الملايكه
عنده نبطشيه
ربنا يشفى

و تذكر المؤمنون يومها
ما حدث لطفلة صغيرة بنت أحد الشمامسة ، كانت قد أرسلتها أمها تسأل عن والدها الذى كان فى غروب أحد الأيام مع مجموعة من الشمامسة يحفظون الألحان ، و إذ تأخر عن الحضور للمنزل ، أرسلت الأم الطفلة – 6 سنوات – ست سنين وصدقتوا كان الله فى عونكم فلما دنت هذه إلى الكنيسة ، رأت الملاك ميخائيل و كأنه إنسان كبير جدا واقف بباب الكنيسة و ساقاه بإرتفاع الباب الحديدى ، و يديه كجناحين ممتدين على مبنى الكنيسة حول قبابها ، فخافت الطفلة و صرخت إذ رأت هذا المنظر ، و لكنه إنحنى بقامته العجيبة نحوها يطمئنها ، و يقول لها " يا حبيبتى لا تخافى ، ماذا تطلبين ؟ " قالت له و هى مرتعبة سبحان الله طفله عندها ست سنين طلعلها عفريت هتتكلم معاه " أنا عاوزة بابا " قال لها " بابا مين ؟كل المعجزات دى وميعرفش ابوها مش غريبه عليكم فى الانجيل ربكم سال يعقوب عن اسمه " قالت " بابا فلان " قال لها " نعم كان ههنا مع الشمامسة ، و قد إنتهوا من درس الألحان و مضوا " فقالت " و أنت هنا ماذا تعمل ؟ " قال " أنا حارس الكنيسة " قالت الطفلة بسذاجة " إسمك أيه ؟ " قال لها " أنا ميخائيل " .ده ايه الشجاعه دى والروقان ده مخدتش رقم الموبيل كمان ليه هههههههههههه
و هكذا كان رئيس الملائكة الجليل سندا و حارسا لهذه الكنيسة ، بل بحسب فكر الآباء هو حارس كل كنيسة و لهذا كانوا يبنون فى كل الأديرة كنيسة على إسم رئيس الملائكة فى الحصن كدليل لقوة شفاعته و حراسته

ياراجل -- قول كلام غير ده

احتفال عيد الملاك

كان هناك رجل محب لله أسمه دوروسيس وإمرأته أسمها ثيؤبسته، كانوا يقيمون كل يوم 12 من كل شهر تذكار عيد رئيس الملائكة الجليل ميخائيل. ومرت هذه العائلة بظروف صعبة جداً ولم يكن لديهم أي أموال ليقوموا بالأحتفال بعيد الملاك. فأخذوا ملابسهم ليبيعوها وبثمنها يقيموا الأحتفال هو مش التقرب لله افضل ولا ايه. ولكن رئيس الملائكة ميخائيل ظهر لدوروسيس وأمره أن لايبيع ملابسه ولكن أن يذهب لراعي غنم ويشترى خروف بثلث دينار، ويذهب لصياد سمك ويشتري سمكة بثلث ديناراستنى هنا هى سمكه بسعر خروف ليه هيشترى حوت - وبعدين ايه اللى يخلينى اشترى سمكه تاكل واحد ماشترى خروف يوكل عيله ولا حبكم فى الخروف السبب. ولايفتح دوروسيس السمكة حتى يأتي له الملاك مرة أخرى ياترى ايه الحكمه فى كده - هنعرف . ثم في النهاية يذهب الى تاجر القمح ويأخذ منه ما يحتاج من دقيق.

قام دوروسيس وفعل كل ما أمره رئيس الملائكة ميخائيل. ثم دعى جميع الناس للأحتفال بتذكار رئيس الملائكة كعادتهم. وعندما ذهب لمخزن المنزل ليبحث عن خمر لتقديمه للمدعويين راجل تقى فعلا وجد جميع براميل الخمر في مخزن بيته مليئة وكذلك أشياء أخرى كثيرة - خدوا بالكم من يبحث دى - هوه مش كان هيبيع هدومه من شويه يبقى المفروض انه متاكد ان بيته فاضى
ُذهل الرجل وتعجب لما رآه ومجد الرب القدوس. وعندما إنتهوا من الأحتفال وأنصرف المدعوين، ظهر له رئيس الملائكة الجليل ميخائيل وأمره أن يفتح بطن السمكة ههههه امال الناس كلت ايه سكرت بس على لحم بطنها . فوجد بداخلها 300 دينار من الذهب وثلاث عملات معدنية كل منها ثلث دينار. وقال له الملاك "هذه العملات الثلاث للخروف والسمكة والدقيق، و 300 دينا ذهب له ولأولاده".

جنى بخيل صحيح مكنش قادر يخليها ورقه بخمسه
وبعدين سمكه تشيل فى بطنها تلاثمئه دينار دهب
ومحسش بالوزن

وبعد القصه العظيمه دى
تقدروا تقولو ايه الحكمه من وجود السمكه
اقولكم
فى فلم علاء الدين
فتح السمكه لقى خاتم
طبعا مش علاء الدين بتاع المنتدى ركزوا
طبعا كانت هتبقى بايخه قوى لو قالوا خاتم
هنا التغيير بقى يا جماعه

بركة وشفاعة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل الواقف أمام عرش النعمة، وجميع طغمات وروؤساء الملائكة تكون معنا جميعاً آمــين



الملاك ميخائيل والطفلين


حضرت عائلة مباركة تشمل الاسرة من الاب والام وطفلين ولد وبنت حوالى من ثلاث الى اربع سنين طبعا نفس السن الصغير علشان محدش يمسك عليهم حاجه بالاضافة لباقى الاسرة دخل الطفل واختة كنيسة السيدة الغذراء( بدير الملاك ميخائيل بمدينة اخميم بسوهاج ) فشاهد طفل مثلهما ولكنة كان منيرا ولة اجنحة بيضاء نورانية وتبادل الحديث وتبادل الحديث وخدين بالكم - ايه الناس اللى مبتخفش دى -التالى قال الولد .... هو انتة مركب نور فى جسمك ياترى كانت الكهربا ظهرت
قالت البنت ... هى مامتك عملت لك اجنحة من ريش الوز ؟....
على فكره الوزه بتلت دينار برده
انا هاخلى مامتى تعملى اجنحة زيك .
ثم سألا ه معا هوة انت اسمك اية ؟...
فرد عليهما انا ميخائيل رئيس جند الرب .
فاسرع الطفلان الى ابيهم الذى كان يقف امام هيكل الملاك ميخائيل وصرخ الطفلان بابا بابا ...... المرسوم على الستر دة شفناة جوة فى كنيسة السيدة العذرا وكلمناه
وصدقكم - ربنا يهنيكم ببعض


انتهت المعجزات للاسف

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((((((( اله ضائع يا ولاد الحلال ))))))))))))))

مريانا خرجت من بيتها وعلى صدرها إلهها ….وبعد عودتها اكتشفت ضياعه ….فهرولت مسرعة الي الخارج تبحث عنه
مريانا: :الهي ضاع مني يا ولاد الحلال .محدش لاقاه

عم عبدالله
خير تبكين ليه يابنتي ؟
مريانا
الهي ضاع ضاع منى
عم عبدالله
الهك مين ؟
مريانا
يسوع كنت وضعه على صدري وضاع منى
أم بولس
مسكينه يا أختي
عم عبدالله
هو لو كان اله كان ضاع منك…روحي دوري عليه بعيد عني
مريانا
هو اله ونص
عم عبدالله

ربنا يشفى ويهدي
مريانا
الهي ضاع مني يا ولاد الحلال ….محدش لاقاه
أبو احمد
هو كان لابس ايه ؟
مريانا
كان من غير هدمه
أبو احمد
اله من غير هدمه ؟
مريانا
هما صلبوه كده انا مالي
أبو احمد
بعقلك كده اله يقلعوه هدمته ويضربوه ويبصقوا عليه ويسخروا منه ويصلبوه ؟
مريانا
لأنه اله محبه …فدانا بدمه الطاهر من لعنة الخطيئة
أبو احمد
كنش قادر يخلصكم من اللعنه من غير بهدلته من اللي يسوى واللي مايسواش ؟
مريانا
هو حر انت مالك …اله ويعمل اللي هو عوزه حد مشاركه
أبو احمد
وأنا مالي وأنا مالي !! …. روحي دوري عليه بعيد عني

أم إسماعيل

ايه اللي ضاع منك ده يا شابه؟ ده ابنك ؟
مريانا
ده ..أبن العدراء
أم إسماعيل
عدراء!!! هي لسه عذراء مش هي تزوجت يوسف النجار وخلفت يعقوب ولوسي وبقية ال7اخوة ليسوع؟هي زوجة مين بالضبط يوسف واللا الروح القدس واللا الآب والللا يسوع؟مش برضوا يسوع هو والآب واحد؟يعني يسوع تزوج من امه لينجب نفسه؟انا مش متعلمة كتييير لكن بافهم برضوا؟؟؟؟
مريانا
أم الرب يسوع
أم إسماعيل
هو ايه اللي تاه منك يا شابه ؟ اصل انا ماوخداش بالي كويس
مريانا
الهي يسوع
أم إسماعيل
بعقلك كده اله مولود !!!!
مريانا
مولود غير مخلوق
أم إسماعيل
أزاي يعني يا شابه …..مش هو مولود يبقى جه زى وزيك …انا صح؟مش قعد في بطن امه 9 شهور وسط النجاسة وخرج من فرجها ؟ ازاي مش مخلوق ؟هو كان فين بالضبط قبل حمل امه به؟؟؟
مش متعلمه …لكن لي عقل يوزن بلد.. بفهم بيه كويس
مريانا
اصلي انت ماعرفاش هو ليه وجودين أزلي وميلادي
أم إسماعيل
اللي بتقوليه مش داخل دماغي
مريانا
ولاانا انا حاصلة علي الدكتوراة في الفلسفة لكن دا واجب علينا الإيمان بيه …هم قالوا لنا كده
أم إسماعيل
فين عقلك يا شابه ؟
مريانا
قالوا لنا استخدموه في كل حاجه الا في الدين والعقيدة واخلعوه علي باب الكنيسة
أم إسماعيل
طبعا أم الهك كانت مرتاحه …نسوان ربنا كتبلها الراحة ونسوان كتب عليها التعب والشقه زينا يا حسره علينا
مريانا
مرتاحه أزاي يا حاجه ؟
أم إسماعيل
ابنها اله ….مش محتجلها في حاجه …لا بيرضع …ولا بيأكل…ولابيشرب…ولا يتشال.. ولا بيوسخ هدمته ….ولا يعملها على روحه وتغيرله الكفوله كل شويه ..
مريانا

لا …ده كان بيرضع من ثدي أمه وياكل ويشرب ويتشال زيه زي أي مولود ويعمل بيبيييه وكل شوية تغير له البامبرز كان الملاك بيجيب البامبرز من "كارفور" السماوي مش من سوبرماركت عادي؟؟؟
أم إسماعيل
يا الهي !!! قوليلي يا شابه هو إنسان ولا اله
مريانا
هو إنسان كامل ليه كل صفات البشر …واله كامل ليه كل صفات الإله …فهو ناسوت ولاهوت
أم إسماعيل
طيب أكيد أمه ولدته في مكان يليق بكونه اله ….ولفوه بالحرير ووضعوه في مضطجع من ذهب وياقوت ..وأكيد شهد ميلاده العظماء
مريانا

الرب يسوع ولد في حظيرة حيوانات …ووضع في مذود وغطوه بالقش ..وشهد ولادته الحيوانات؟؟أصله من صفاته انه خروف بسبع عيون وسبع قرون الهنا يسوع خروف المحبة للفداء؟؟؟
م إسماعيل
الرب ولد في زريبة بهائم ….يا الهي يا لهي !!! وكمان يحطوه في البتاع ده اللي بيحطوا فيه الأكل للبهائم ….ويغطوه بالقش …ويشهد ميلاده البهائم …قلتي مولد بلعتها …قلتي ناسوت ولاهوت مشتها…قلتي يأكل ويشرب عدتها …لكن زريبه زريبه …يتولد في زريبه يا شابه ؟!!!!
مريانا
ايوه فهو تواضع من اجلنا …اله متواضع؟؟لكنه في العهد القديم كان اله مفتري خالص وكان بيسكر ويطلع نار من عينيه؟ وفي العهد الجديد طلع ندل لما أمه واخوته ويوسف راحوا يشوفوه وسط التلاميذ تبرأ منهم وقال لامه "مالي ومالك يامرأة ؟؟هؤلاء هم امي وأخوتي ؟؟انتي مش عارفة انه كان بيعمل خمرة من احسن الانواع؟المثل المصري بيقول "اليد البطالة نجسة؟؟؟وهو كان بيصدر الخمرة للاتحاد الاوربي بالعملة الصعبة؟لآن يوسف النجار طلع علي المعاش والمصاريف زادت؟؟؟
أم إسماعيل
الإله يتواضع ويجعل مولده في زريبة بهائم ؟ ربنا على المفتري
وان شاء الله مين اللي ولّد أم الإله….نزل ملاك واخرج الإله الجنين من بطنها ؟
مريانا

لا …هو اله خرج وحده مش محتاج حد يخرجه
أم إسماعيل
حيرتنني معاكي يا شابه …هو اللي أتولد من العدراء… ناسوت ولا لاهوت ؟
مريانا
الاتنين
أم إسماعيل
هما واحد ولا اتنين ؟
مريانا
اله واحد بطبيعتين …ناسوتيه ولاهوتيه …لا انفصال بنهم
أم إسماعيل
انا معكي يا شابه لأخر الخط …يسوع الإله الناسوتى خرج من بطن أمه ازاى ؟ مش ممكن يكون خرج زينا كده من مكان خروج الحيض النجس والبول
مريانا
الرب يسوع كانت ولادته طبيعية زيه زي أي إنسان
أم إسماعيل
و أكيد لما كان يحتاج يأكل ويشرب كان يخلق اللي نفسه فيه ويأكله أو يشربه …..طبعاً اله
مريانا
لا… كان زينا بيشتغل ويكسب ويصرف على نفسه فهو كان شغال نجار عند زوج امه يوسف النجاراللي تزوج مريم وهو في سن90سنة وهي في سن 12سنة وخطبها وعندها 6سنين ولمل دخل عليها ليلة الدخلة(الزفاف)وخلعت ملابسها امامه وجدها حبلي؟؟؟طبعا الكهنة قالوا كده ونقلوا هذا عن تمرجي كان يؤلف اناجيل اسمه(لوقا) وكان بيعمل اصحاحات سلامات علي الحبايب ؟وأنا بيني وبينك غير مقتنعة ازاي يزوجوا مريم الشريفة بنت الشرفاء من رجل عجوز اكبر منها ب80سنة ؟؟هي كانت وحشة ام بايرة لم يتزوجها احد وهي في 6 سنين؟حاجة تلخبط ياختي؟؟؟
أم إسماعيل
وهو صغير مين كان بيصرف عليه ؟
مريانا
جوز أمه يوسف النجار فهو كان متكفل بحمايته ورعايته مع امه وكمان الرعاة المجوس أهدوا يوسف ومريم ويسوع ذهب كثييير عيار 18 من الهند وكمان بخور وكولونيا وكان يدلهم علي مكان يسوع نجم فوق رؤوسهم أم اسماعيل :نجم ازاي قريب من الرؤوس ؟ده كان يحرق الدنيا؟انتي باين عليكي بتكذبي؟؟؟ مريانا: لالالالا الكهنة قالوا كده ويوسف النجار مع ان عنده 95 سنة كان يقدر يمشي من فلسطين الي صعيد "مصر"علي حمار واحد هو ويسوع والعذراء لحماية يسوع من الرومان طبعا ياختي أنا مش مقتعة بالكلام ده بس يجب الايمان به لتنالي بركة يسوع ولكن الظاهر يوسف الحداد ظظ اااسفة نسيت مهنته هم قالوا لي هو بيشتغل نجار بس نجار موبيليا زي بتوع دمياط كدة عقبال ما تجوزي بنتك وتجيبي الموبليا من دمياط ؟؟؟؟تركوا الذهب وخافوا من الرومان ؟؟؟؟؟؟؟ ؟
أم إسماعيل
حمايته …..بشر يحمي الرب يا شابه؟
مريانا
ايوه مش انا قلتلك انه كان زي وزيك ويحتاج زينا للرعاية والحماية …فقد كان هناك ملك يريد ان يقتله …فنزل ملاك من السماء وقال ليوسف اهرب بالإله لأنه في خطر
أم إسماعيل
ايه ؟!!!…..تقولي ان ملاك نزل وحذر يوسف جوز أم الإله.. بان الإله في خطر ويجب ان يهرب بيه طيب الملاك ما اخدش يسوع وامه ويوسف علي جناحه وطار مثل "علاء الدين" وكان اريح؟مش كدة حسن ياختي برضوا؟مش يسوع ابن الروح القدس اللي حبلت مريم منه ؟؟ حاجة تلخبط مش كده ؟؟؟؟
مريانا
ايوه
أم إسماعيل
طب مين بعت الملاك ليوسف ؟
مريانا
الأب
أم إسماعيل
اب مين يا شابه ؟
مريانا
الأب الإله
أم إسماعيل
الله !!!! امال مين اللي في خطر والملك كان عاوز يقتله ؟
مريانا
الابن الإله
أم إسماعيل
اب اله وابن اله…..هما واحد والا اتنين ؟
مريانا
هما واحد ….واحد …فالإله ليه تلاتة اقانيم …اب …وابن ….وروح قدس ….لكن دول كلهم واحد
أم إسماعيل
بتقولي ايه يا شابه تلاته لكن هما واحد … انا صح متعلمتش في مدارس لكن اعرف ان ….واحد ….وواحد …..وواحد…..يبقوا تلاته …..يمكن قصدك بالاقنوم اللي انت قلتي عليها ..حته…فالأب حته والابن حته والروح القدس حته وكلهم بيعملوا اله واحد
مريانا
لا….كل اقنوم اله في ذاته يتمتع بكامل صفات الألوهية
أم إسماعيل
يعني تلاتة آلهة !!!!
مريانا
لا……اله واااااااااااااااااااااااااااااااحد
أم إسماعيل

ماشي . إذا كان زي ما قلتي ان كل واحد من التلاته يتمتع بصفات الألوهية ..طاب ينفع يكون اله لو خدنا منه اقنوم الابن أو اقنوم الروح القدس ؟ريانا
اللي اعرفه وتعلمته انه الإله ثلاثة اقانيم متصلين غير منفصلين
أم إسماعيل
لما أرسل الأب ملاكه الي الابن …..كان فين ….والابن كان فين …والروح القدس كان فين ؟
مريانا
الأب كان في السماء …..والابن كان في الارض …والروح القدس معرفش كان فين
أم إسماعيل
انت قلتي كل واحد منهم كان في مكان يعني هما تلاته
مريانا

لا… هما واحد
أم إسماعيل

لا… تلاته
حبيبه
فيه ايه يا جماعه ….ايه اللي واحد وإيه اللي تلاته
أم إسماعيل
أنتي عندك كام سنه يا حببتي ؟
حبيبه
ست سنين
أم إسماعيل
واحد ….وواحد …..وواحد…..يبقوا كام ؟
حبيبه
تلاته
أم إسماعيل
سمعتي الطفله قالت تلاته مش واحد
مريانا
احنا اتعلمناها كده
أم إسماعيل
دى كلام ناس عقله ؟!!!
مريانا
سبيني في همي و الهي الي ضاع منى
عم حسن
ايه اللي ضاع منك قوليلي يمكن اقدر أساعدك
مريانا
الهي ضاع منى
عم حسن
مش انتم بتأكلوا لحم الرب ؟
مريانا
ايو
عم حسن
وبتشربوا دمه ؟
مريانا
ايوه؟وكمان بناكل لحمه ونشرب دمه في الفطيرة بتاعة القسيس
عم حسن
يبقى حد منكم طمع فيه كله وشرب دمه واكل لحمه؟طيب لم تدخلوا الحمام وتتبرزوا ؟هل ينزل الاله في المجاري؟أأأأه انا عرفت سبب سد المجاري كل شوية من أكل يسوع والبراز لاهوتي؟؟؟
مريانا
يا عقلك ….إيه الذكاء ده
عم حسن
من بعض ما عندكم
هادي
أنتي ضايع منك حاجه ؟
مريانا
الهي يسوع ؟
هادي
معلق على صليب
مريانا
ادي

لقد وجدته
مريانا
فين فين ؟
هادي
اسمعي الحكايه
مريانا
هو لسه في حكايه
هادي
انا كنت ماشي في الشارع ….وفجأة حدث زلزال عظيم
مريانا
وبعدين
هادي
وجدت ملاك نازل من السماء
مريانا
وبعددين احكي
هادي
ولما وصل للأرض دحرج حجر من على جانب الطريق
مريانا
وبعدين
هادي
وجدت شخص معلق على صليب قام وصعد الي السماء
مريانا
دي معجزة …..الهي قام بعد تلات ساعات من ضياعهالظاهر ان المعجزات في "مصر" كتيرة من ظهور العذراء فوق الكنايس وكمان يسوع قام من الموت مرة ثانية"أكيد المسلمين كلهم ح يتنصروا ؟يافرحتي؟؟؟ ….سوف اذهب وابشر الإخوة بالقيامة التانية للإله
هادي
المسيحيين دول غلابه كل حاجه يصدقوها
مريانا
بتقول ايه
هادي
ولا حاجه ….هذا هو الهك وجدته مرمي في الشارع …خلي بالك منه المرة التانيه
مريانا
شكرا على تعبكم؟؟؟؟بص يايسوع يابني و ياالهي وربي :خلي بالك من نفسك واوهي تتوه مرة تانية؟؟؟هالولويا؟؟؟المسلمين دول لا يفهمون يسوع بيعمل ايييييييه"؟؟؟؟؟؟؟؟؟ياأم جرجس من قضلك هاتي "كافولة" """بامبرز""عشان الرب يسوع عملها علي نقسه من ساعة ما تاااااه يا يسوع يا الهي "ننه هووووووه نام نام وانا اجيب لك جوز حماااام؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

3
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة صلب المسيح
لا شكّ أنّ كلّ مسلمٍ يعلَمُ أنّ رسالة الإسلام عالمية و أنّ رسول الله  فُضّلَ على غيره من الأنبياء أنّهم بُعِثوا لأقوامهم خاصّة و بُعِثَ إلى النّاس كافّة. لكن لِنَتَصَارح هل المسلمون اليوم في مستوى عالمية هذه الرسالة روحياً و خلُقياً و ثقافياً؟. و ما يهمّنا في هذا البحث هو المستوى الثقافي. تقول القاعدة الفقهية ما لا يتِمّ الواجب إلا به فهو واجب. و لنأخذ مسألة صلب عيسى عليه السلام التي هي موضوع كتابنا كمثال. كيف تستطيع أن تقنعَ أخاك الكتابي أنّ عيسى عليه السلام لم يُقتل و لم يُصلب؟
هذه المسألة حيوية بالنسبة للمسيحي . فهي النبأ السّار الذي تنبّأ به أنبياء بني إسرائيل و هي خلاصة الإنجيل و ذِروة سَنَام عَمَل المسيح و معنى البشارة بملكوت الله و لأجلها تجسّد ابن الله و نزل من السماء في شبه جسدٍ بشري ليموت على صليب العار مكفّرا عن خطايا البشر. و نُظّمت أصحاحات الإنجيل حولها. و كلّ إنسان غير مؤمنٍ بموت المسيح ليس له خلاصٌ و هو مُدان تحت عبودية الخطية. و قبل كلّ شيء فهذا حدثٌ تاريخي وقع على عهد بيلاطس البنطي والي الرومان على اليهودية. و قد شَهِدَ التلاميذُ بوقوعه و تنبّأ الأنبياء به و اتّفق الخصوم عليه. و دوّنته الإدارة الرومانية في وثائقها و نقله التاريخ لنا و احتمل آباء الكنيسة القدامى الموت حرقاً من أجله. و أبرزته جميع أسفار الإنجيل. و عاش به و من أجله ملايير المسيحيين منذ أكثر من ألفي عام. هذا ما يعتقدُه المسيحي و يراه. فكيف يصدّق الكتابي رجلا أمّيا خرج من برّية العرب
4
ليقول للنّاس :" و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبّه لهم و إنّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به من علم إلا اتّباع الظنّ و ما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه". ثم بعد كلّ هذا ما العيب أو الغريب في صلب عيسى ؟ ألم يذكر القرآن الكريم في عشر آياتٍ على الأقل أنّ اليهود قتـلوا أنبياءهم قال تعالى:" لقد سَمِعَ الله قول الذين قالوا إنّ الله فقيرٌ و نحن أغنياء سنكتب ما قالوا و قتلهم الأنبياء بغير حقّ و نقول ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدّمت أيديكم و أنّ الله ليس بظلاّم للعبيد.الذين قالوا إنّ الله عهِدَ إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النّار قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات و بالذي قلتــم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين "(آل عمران182-183).
أمام هذا البون الشاسع بين القرآن و الإنجيل بخصوص مسألة صلب يسوع، و في غياب الأبحاث من جانب المسلمين في هذا الشأن أو نُدرَتها وجد المسيحي الإجابة الشافية في الإنجيل: لم يكن المسلم أوّل من استعظمَ الصلبَ على المسيح المُخلِّص فلقد كبُرَ خبرُه أيضاً على تلميذه سمعان بطرس و قال له :" حاشا لك يا رب ! لن يكون لك هذا " . فأجابه يسوع حسب زعم الإنجيل: " و قال لبطرس اذهب خلفي يا شيطان! فقد صِرْتَ لي شكّاً لأنّك ترى كما يرى الناس،لا كما يرى الربّ"(متى 16/21 – 23 ؛ مر 8/31 – 9/1 ؛ لو9/22). نعمْ! لقد وسوسَ الشيطانُ، في رأي المسيحي، من قبل و أوحى إلى أمير الحواريين أنّ هذا الأمر مُمتنعُ الحدوث. هكذا يفسّرُ المسيحي موقفَ المسلم.
و مَنْ أراد مِنَ المسلمين أن يجد تفسيراً لماذا تستبيح القوى العظمى دماءنا و تنتهكُ
5
مقدّساتنا فليتأمّل جيّدا النص السالف الذكر. فتلاميذُ الشيطان لا حقّ لهم.
و إذا أردنا أن نستبِقَ مضمون هذا البحث لأجلِ أن نفسّرَ لماذا يرفضُ القرآنُ الكريم صلبَ عيسى عليه السلام فنقول يجب أن ننظرَ للمسألة في سياقها الدّيني الاجتماعي . فنبي النّاصرة عليه السلام إسرائيلي بعثه الله إلى شعبه إسرائيل. و الفكرة المحورية في هذه القضية هي أنّ شريعة التوراة التي هي ضمير الشعب لا تُعَلّقُ رجلا على خشبةٍ إلاّ إذا كان مُجرماً عاتياً أو كافراً بالله تعالى مُجدّفاً. فإذا نجحَ خصُومُه في صلبِه فقد مَسّوا بمصدَاقيته و أقنعوا النّاس من شعبِهم أنّ هذا الرجلَ ليسَ إلا تلميذا للشيطان ، لم يفعلْ عجيبةً من عجائبهِ إلا بقوة بعل زبول .و يعني هذا من بين ما يعنيه أنّ الله تعالى قد انهزمَ و رسولَه ( تعالى الله عن ذلك عُلُواً كبيراً ).
و إذا ثبتَ لنا يقيناً من التاريخ أنّ رسالة سيّدنا عيسى عليه السلام استمرّت و اشتدّ عودُها بعده فلا تفسير لها سوى أنّه لم يُصلبْ.ولتقريب الفكرة دعوني أضرِبُ هذا المثل. هبْ أنّ رجلا مسلماً ادّعى الصلاح و الكرامات بين المسلمين فتَبِعهُ البُسطاء و السذّجُ و استطاع أن يصنع لنفسه مكانة مقدّسةً بينهم. ثم بمرور الأيام بدأت تُرفعُ إلى النائب العام شكاوى مِن مريديه تتّهِمُه بالنصبِ و الاحتيال و خيانة الثقّة و الشعوذة و الأخلاق الفاحشة. و أُوكِلَ التحقيقُ للشرطة و القضاة و جُمِعت عناصرُ الجريمة و اعترفَ المتّهمُ بجرائمه و قضتِ المحكمة الشرعية برَجْمِه جزاء بما قدّمتِ يداه.
لا شكّ أنّ هذا الرجلَ سيسقطُ في عيني النّاس و لا ريبَ أنّ ادّعاءاته ستنفضح. و سيتّضحُ لأتباعه أنّه كان مُغرّراً بهم.و لنفرضْ أيضاً أنّ رجُلا قام بعدَه و قال
6
ماتَ هذا المرجومُ من أجلِ خطايانا . فهل تجدُ هذه الدعوى بين المسلمين آذانا مُصغيةً ؟ لا شكّ أنّ محاولةً مثلَ هذه ستفشلُ فشلا ذريعاً. إذ كيف يموت هذا الفاسقُ المجرِمُ من أجلِ خلاصنا؟؟ و إذا نجحت هذه الدعوة فإنّها ستنجحُ لا محالةً بين غيرِ المسلمين من وثنيين و غيرهم. و هذا ما حدثَ بالفعلِ ففكرةُ المسيح المصلوب نجحَت لا بين اليهود إنّما بين الوثنيين من الإغريق و الرومان لأنّها فكرةٌ قريبةٌ من عقائدهم لكنّها بين شعب يسوع عليه السلام فضيحةٌ و جهالةٌ .
و هكذا نستطيعَ تلخيص هذا البحث : يُسلِّمُ اليهودي المؤمنُ بمسيحٍ مصلوبٍ لمّـا يسلِّمُ المسلمُ بصلاح و تقوى رجلٍ مَرجُومٍ.هذا ملخّصُ البحث الذي أضعه أمامكم ، إخواني مسلمين و مسيحيين، ليحلّ الإشكالية في إطارها السيّاسي و الديني الاجتماعي الذي عاشت في ظلّه الأرض المقدّسة منذ أكثر من ألفي سنة.
ما أهمية الدراسات الكتابية للمسلمين؟
من الأسئلة الهّامة التي يطرحها عامّة النّاس ما ضرورة دراسة كتب محرّفة بإجماع المسلمين؟ ما مصلحة المسلم في ذلك ؟ ما هو هدي السلف الصالح بخصوص هذا الشأن؟
يجب ألا يغيب عن أذهاننا،نحن كمسلمين، أنّ القرآن الكريم يقصّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، و أنّه كتابٌ مصدّقٌ لما بين يديه و مهيمنٌ عليه. و على ضوء الهدي القرآني اعتبر المسلمون أنفسهم مخوّلين شرعا أن يدرسوا الكتاب المقدّس و يبيّنوا فيما أصاب و فيما زلّ. فلا غرابة أن نرى عبد الله بن عمر رضي الله عنه يقرأ من التوراة. و قد أورد إبن سعد في طبقاته أخبارا
7
مرفوعة إلى كعب الأحبار و عبد الله بن سلام و عبد الله بن عمر رضي الله عنهم تنعت رسول الله  بنصوص صريحة من التوراة.فحسب كعب الأحبار جاءت صفة النبي: " محمد عبدي المختار لا فظ و لا غليظ و لا صخّاب في الأسواق و لا يجزي السيئة بالسيئة و لكن يعفو و يغفر، مولده مكّة و مهاجره المدينة و ملكه الشّام". و نعته عبد الله بن سلام بمثل ذلك . قال: " يأيّها النبي إنّا أرسلناك شاهدا و مبشّرا و نذيرا و حرزا للأمييّن . أنت عبدي و رسولي سمّيتك المتوكل ، ليس بفظ و لا غليظ و لا صخّاب بالأسواق. و لا يجزي السيئة بالسيئة و لكن يعفو و يصفح. و لن أقبضه حتى أقيم الملّة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله. فيفتح أعينا عمياء و آذانا صمّاء و قلوبا غلفا".و قد أورد الإمام البخاري رضي الله عنه الحديثين في صحيحه. و هذا النص صريحٌ من نبوة أشعياء الأصحاح 42. و أقدم نصّ صريح ، مبشّر برسول الله  من الإنجيل، وصلنا عن طريق إبن هشام في سيرته الشهيرة1. و هو الأصحاحات 14؛ 16 ؛ 17 من إنجيل يوحنا الذي وعد بإرسال البارقليطس أو المنحمنّا، و لن يكون إلا النبي محمد  كما أجمع الباحثون.
و الضرورات التي تلزم الدّارسين من المسلمين للكتاب المقدّس تتلخص في النقاط التالية:
ـ ضرورة دينية: لمعرفة التفاصيل التاريخية و الجغرافية و البيوغرافية. فهذا ما
لا سبيل إليه إلا بالكتاب المقدّس. و قد أقرّ تعالى ذلك بقوله: "سل بني إسرائيل"
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- ( الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص 481)
8
( البقرة الإسراء110) و قد ورد في تفسير الفخر الدّين الرازي بشأن هذه الآية ما يلي: {ولقد ءاتينا موسى تسع ءايـات بينات } ـ إذ جاء بني إسرائيل فاسألهم ـ وعلى هذا التقدير فليس المطلوب من سؤال بني إسرائيل أن يستفيد هذا العلم منهم بل المقصود أن يظهر لعامة اليهود وعلمائهم صدق ما ذكره الرسول فيكون هذا السؤال سؤال استشهاد.. و قال رسول الله  في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: " حدّثوا عن بني إسرائيل و لا حرج". لكن حتّى لا نقع فيما وقع فيه سلف هذه الأمّة من أخذهم دون تمحيص الغثّ من السّمين، و لا فيما يحاول خَلفُها من تطهير التفاسير ممّا يُسمّى بالإسرائيليات و نخالف ما أمر به الله تعالى و رسوله فعلى المستأنس بروايات الإسرائيليات أن ينضبط بضابطي الشرع و العقل. فلا يمكن بحال أن تُقبلَ الإسرائيليات التي تنتقص من كمال الله تعالى و لا تلك التي تقدح في عصمة الأنبياء عليهم السلام. كما لا ينجسم في عقل عاقل تلك الروايات الفاقدة للمنطق ، أضف إلى ذلك ما أثبت التاريخ بطلانه. و من الروايات التي أرى لا محيصا عنها كتلك الروايات التي تذكر أسماء ملوك إسرائيل و أسماء الأنبياء الذين أشار إليهم القرآن الكريم و التفاصيل التاريخية و الجغرافية و الاجتماعية و الأزمات التي أحاطت بحياتهم عليهم السلام.
ـ ضرورة دعوية: يمثل المسيحيون أكثر من 35% من مجموع سكان العالم. و لو لم يكن غير هذا السبب لكان هذا كافيا لدراسة أدابهم و دينهم و ثقافاتهم لدعوتهم إلى دينهم دين التوحيد. فكيف إذا كانوا إلى جانب هذا القوة السياسية الأولى و التكنولوجية و العسكرية و الاقتصادية. و الكلّ يعلم أنّ رسالته للعالمين كافّة قال تعالى:" و قل للذين أوتوا الكتاب و الأمّيين أأسلمتم" ( آل عمران 20)
9
ـ ضرورة سياسية:غموض بعض المسائل الخلافية لدى المسلمين يجعلهم محلّ ريبة و شكّ من طرف المسيحيين. كمثال على ذلك يرى المسيحي أنّ صلب عيسى عليه السلام تمّ بترتيب إلهي منذ الأزل لخلاص البشرية إضافة إلى كون الحادثة ، في نظره، حادثة تاريخية أجمعت عليها المصادر المسيحية و اليهودية و الرومانية. لهذا يرون أنّ المسلمين أسّسوا هرطقة عن سبق إصرار لا لشيء سوى لهدم المسيحية رسالة الخلاص. و هذا الموقف المسيحي من المسلم قد أضرّ كثيرا بالمسلمين سياسيا. ففي نزاع العرب مع الكيان الإسرائيلي لا حقّ لهم. و بحكم أن المسيحيين يقتسمون مع إسرائيل الإيمان بأسفار العهد القديم و بإعتبار أن المسيح المخلص ابن الله خرج من إسرائيل، فإسرائيل في نظر المسيحيين شعب الله و المسلمون هراطقة معادين لرسالة الخلاص التي جاء بها عيسى.
اعتراضات المسيحي على أهم مسألة خلافية بين الإسلام و المسيحية:
لدى المسيحي ثلاث أسئلة مشروعة . و المسلم ملزم أخلاقيا و دينيا بالإجابة عنها لأنّه هو من ينفى مسألة الصلب.
ــ السؤال الأول: هل يوجد مسلمٌ واحدٌ يعتقد أنّ الله تعالى علوا كبيرا ضحك على عباده: يهيأ لهم أنّهم صلبوا عيسى و هم لم يصلبوه؟ فما بالكم، يعترض المسيحي، لو قلنا لكم: لقد هيأ الله تعالى للمسلمين أنّهم سمعوا القرآن من محمد
و ما سمعوه إنّما شبّه لهم؟ قولك، يا مسلم، بإلقاء الشبه سيشكّل مطعنا فيما تواتر عن النّاس؛ فلا تصحّ نبوة و لا أنبياء و لا شرائع و لا قانون.
ــ السؤال الثاني:لقد قرّر القرآن الكريم أنّ اليهود قتلوا أنبياءهم في أكثر من عشر
10
آيات فلماذا يستثنى عيسى ؟
ــ السؤال الثالث: لنفرض أنّ ما جاء به القرآن هو الصحيح من أنّه شبّه لهم أنّهم صلبوا عيسى لكن ما هي الحكمة من ذلك؟ اليهود ابتهجوا بتعليقهم جسد عيسى على الخشبة و اعتقدوا أنّهم انتصروا عليه . تلاميذُه رأوا بأمّ أعينهم أنّ معلّمهم عُذّب شرّ عذاب و انتهت حياته على الأرض بمأساة. السلطة الرومانية أصدرت قرارها بصلب يسوع. قد يعترض مسلم و يقول قد حصلت معجزة بنجاة عيسى و يقول المسيحي ليس في هذا أيّ معجزة. المعجزة تصحّ لو رُفع يسوع أمام أعينهم إلى السماء و هم جادّون في طلبه لكانت نجاته منهم بهذه الوسيلة حقا معجزة.
ما مصلحة رسول الله  من رفضه للصلب:
رسول الله  أمّيٌ خرج من قرية أمّية و كانت المسيحية منتشرة في ثلاث قارات:شمال إفريقيا ، أوروبا و آسيا. وجدهم متّفقين جميعا على أنّ عيسى مات مصلوبا تكفيرا عن خطايا البشر. و كان  حريصا على أن يؤمن به النّاس فهل من الدبلوماسية المعهودة في الحسابات البشرية أن يواجه وحده جميع المسيحيين و يخسر تعاطفا ممكنا إن لم يكن من الكلّ فعلى الأقل من البعض .
المنطق يقول أنّ رسول الله  لم يكن لديه أيّة مصلحة في نكران صلب عيسى و لو لم يكن لديه اليقين العميق من أنّ مصدره متين، أقوى من اعتقاد جميع المسيحيين آنذاك، ما أقدم على قول شيء قد يظهر خطئه بعد حين. خصوصا أنّه

11
عليه الصلاة و السلام لم يكن لديه أيّ دليل تاريخي أو نصّي أو أيّ شيء آخر يدعم به موقفه سوى اعتقاده أنّه ينقل خبرا من لدن الحكيم الخبير. و لتوضيح الأمر على ما يمكن أن تكون عليه خيبة المسيحي من عقيدة المسلم نضرب هذا المثل:لنفرض أنّ سياسيا من الصومال أراد أن يكسب الشعب الجزائري صديقا لقضيته ، فهل يجرؤ على التشكيك في أعزّ ما يفخرُ به الجزائريون و هو الثورة التحريرية التي هزمت ثاني قوة في العالم آنذاك و يقول لهم: ما ثرتم و لا استعمرتم إنّما شبّه لكم؟ فتصوّر أخي القاريء كيف يستحيل في منطق البشر و يتعذّر أن تجمع بين إرادتك في كسب أصدقاء مع تكذيبك لأعزّ ما يتمسّكون به.
و الحقيقة الجلية أنّ تكذيب القرآن لصلب عيسى كان من شأنه أن يصنع أعداءً لرسولنا  و لا يمكن أن يصنع له أصدقاء. و هذا دليلٌ حاسم في أنّ محمد  كان مُبلّغا عن ربّه ليس إلا،لا يرجو مصلحة خاصّة من ذلك.
معالجة القرآن الكريم لمسألة الصلب
من الأشياء التي تشدّ انتباه المحقّقين في مثل هذه المسائل، نجد أنّ ما تعتبره الكنيسة جوهر العقيدة و الذي أطنب في تفسيره سبع و عشرون سفرا في الإنجيل لم يَرُدّه القرآن الكريم إلا بآية وحيدة في سورة النساء 157. ما هي الدروس المستخلصة؟
ــ أمّية رسول الله : و هذا هو الدرس الأوّل . ليس من منطق البشر إذا أرادوا تفنيد شيء أن يكتفوا بالقول :" هذه القضية لم تحدث"، بل عليهم أن
يأتوا بالبيّنات و الدلائل على صدق ما يدّعون. و لو سألنا رسول الله  ما
12
دليلك على أنّ عيسى لم يُقتل و لم يُصلب فسيقول أخبرني العليم الخبير. و نِعمَ بالله، فلا علم و لا تاريخ و لا منطق يعلو فوق كلام الله تعالى.
ــ عدالة القرآن: و هو الدرس الثاني. و المسلم لمّا يستند إلى القرآن الكريم في تفنيد صلب المسيح عيسى عليه السلام سيُواجه من قِبَلِ المسيحي بنصوص إنجيلية تثبت العكس. و أمام هذه المعضلة سيحاول المتجادلان البحث عن مصدر مستقلٍّ يحتكمان إليه. لكن لا توجد وثائق تاريخية ذكرت أو حتّى أشارت إلى اسم يسوع عليه السلام. و لمفاجئة الجميع سنرى أنّ الأناجيل التي بين يدينا هي التي تفنّد صلبه. و بهذا تتحقّق عدالة القرآن الكريم في إقامة الحجّة على المنكرين من كتُبهم التي يطمئنون إليها. و لن يجد المسيحي خيرا له من نصوصه المقدّسة في علاج هذه المسألة. و هذا أسلوبٌ ربّاني.فقد احتجّ الله تعالى على اليهود بتوراتهم. قال تعالى: "قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين". و قد قال تعالى:" و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن". فلا شيء أحسن و لا أمضى حجّة من نصوص الكتاب المقدّس عند محاورة إخواننا أهل الكتاب.
ــ معجزة القرآن: من تصفّح ردود المسلمين في مسألة الصلب يتّضحُ جليا أنّ المسألة تتجاوزُهم. فلم يفهموا لماذا رفض القرآن الكريم صلب عيسى عليه السلام و لا أتوا بشيء جديدٍ يدعم إيمانهم . و إذا اتّضح من الأبحاث و الدراسات النقدية و التاريخ و الآثار التي اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر و القرن العشرين أنّ عيسى لم يصلب و لم يُقتل فهذه معجزة المعجزات.
أراء المسلمين في مسألة الصلب
اختلف المسلمون في هذه المسألة اختلافا كبيرا. و ليس في هذا عيبٌ ، بشرط ألا
13
يخرجوا عن مُحكَم النصوص . و لا يوجد فيما لم يرِدْ ذكرُه صراحة في نصوص الشرع رأيٌ مقدّسٌ. و إليك مذاهب المسلمين في هذا الخصوص.
ــ المذهب الأول: هو المذهب القائل بإلقاء الشبه. لكنّ اختلفوا في هوية من ألقي عليه الشّبه. فبعضهم يرى أنّه يهوذا الإسخريوطي ، و آخرون هو طيطانوس و بعضهم هو سرجس. و آخرون هو تلميذ غير معروف تطوّع ليموت مكان عيسى عليه السلام. و منهم من قال أنّه لمّا فشل اليهود في طلب عيسى عليه السلام ألقى اليهودُ القبضَ على رجلٍ و قتلوه و أوهموا الناس أنّهم قتلوا المسيح. و آخر هذه الآراء يتزعّمها السيّد رضوان السيّد: أنّ الظاهرة كلّها هُيّئت لهم. و لم يتمّ صلبٌ أو إلقاء شبهٍ على غيره. و نستطيع أن نقول ، بغض النظر عن هذه الاختلافات، أنّ هذا هو الرأي المعبّرُ عن المسلمين. لكنّ عيبَه أنّه لا يستطيع مواجهة رواية متّفقٍ عليها من النصارى. كما لم يبيّن ما الحكمة من إلقاء الشبه. و يبدو لأهل الكتاب أنّه طرح إشكالات أكثر ممّا حلّ ؛ فهل يجوز في حقّ الله تعالى أن يضلّ النّاس؟
ــ المذهب الثاني: يقول بصلب المسيح لكن بعدم موته. و هذا ما تقول به الطائفة القاديانية و هو ما حاول الشيخ أحمد ديدات رحمه الله إثباته . و يتخذ هذا المذهب من رأي الرازي و الزمخشري مُستندا له حيث قالا في سياق تفسير آية النساء157: "شُبّه" مُسندٌ إلى مَن؟ إن أسند إلى المسيح ، فالمسيح مُشبّهٌ به و إن أسنِدَ إلى المقتول فلم يجر له ذكرٌ."
و يعدّد هذا المذهب حججه في رفض إلقاء الشبه كما يلي: نظرية إلقاء الشبه على يهوذا وردت في انجيل بارنابا ، و لا يصحّ الاحتجاج به لأنه مـــن
14
أناجيل الأبوكريفا، التي لا يعترف بها المسيحيون. و لا دليل على نظرية إلقاء الشبه. و تنهض الأدلّة كلّها على عدم صحّتها. و إنكار وضع المسيح على الصليب يتعارض مع شهادة شهود العيان. أضف إلى ذلك عدم قدرة المفسرين على تحديد هوية الذي ألقي عليه الشبه. و هذا يشكّك، حسب هذا الرأي، في الفرضية إلى حدّ الانهيار. و ضمائر الغائب في الآية الكريمة، عند أصحاب هذا المذهب، يستحيل أن تُنسب كلّها للمسيح. فإذا وصلنا إلى قوله تعالى: و إن الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه" يستحيل أن تُنسب إلى المسيح. لأنهم لو شكّ اليهود فيه لتحرّوا الدقّة و الأمر سهلٌ ميسورٌ و يتحقّق بسؤاله فقط. لكن هذا لم يحدث. إذن ما معنى " شُبّه لهم": معناها أنه اختلط عليهم الأمر في شأن المسيح ؛ هل مات على الصليب أم لم يمت على الصليب. و يقول أيضا جدير بنا أن نُدقّق في معنى الصلب. لو وُضع شخصٌ على الصليب و لم يمت فلا يجوز أن نقول عنه أنّه صُلبَ.؟ و بهذا يعتقد هذا المذهب أنّه استطاع أن يوفّق بين تاريخية صلب المسيح و عدم إيمانه بالفداء.
و يُردّ على هذا الرأي إن كان التاريخ هو نصوص الإنجيل، فنصوص الإنجيل أكّدت موت يسوع على الصليب. فما مبرّر هذا الانتقاء؟. و إن كان يريد بالتاريخ مصادراً أخرى فلا نعلم أن هناك مصادرا مستقلة كتبت عن صلب المسيح. و كلّها متأثر بالنص الإنجيلي و منسوخ عنه.
و لو كان القرآن يدعم هذه النظرية لقال : و ما قتلوه و لكن شبّه لهم. لكن النصّ القرآني يميّز بين الصلب و الموت و يقول :" و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبّه لهم".و يعني أنّ عيسى عليه السلام لم يُسمّرُ أصلا على الصليب و لم يُقتل.
15
ــ المذهب الثالث:و هو القائل بصلب المسيح و موته مثل أراء د. عبد المجيد شرفي ، إخوان الصفا، و غيرهم كثير. و يرى أنّ مسألة الصلب مسألة تاريخية. و الآية " و ما قتلوه و ما صلبوه" قد تعني أنّ اليهود ما قتلوه و ما صلبوه لكن هذا لا يعني أنّه لم يصلب و لم يمت، بل صُلبَ و قُتِل على أيدي الرومان. و لا يستبعد د. عبد المجيد شرفي أن يكون نفي الصلب مقصود منه مجادلة اليهود لاستنقاص شأنهم لا غير1. كما يرى القائلون بهذا الرأي أنّ القصة القرآنية لم يُقصد بها التاريخ: و لا يلزم أن يكون هذا هو الحق و الواقع.و القرآن لا يطالب بالإيمان برأي معين في هذه المسائل. بل يمكن أن نخالفه إذا انتهى البحث و التاريخ إلى حقيقة تخالف ما جاء في القرآن. لأن القرآن يقصد العظات و العبر من هذا القصص لا غير. و دليله في هذا ما يلي:
ــ القصّة القرآنية تفتقد إلى مقومات التاريخ مثل المكان و الزمان.
ــ هناك أقوال لم ترد على لسان الأشخاص إنما أنطقهم بها القرآن. مثل: و بقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله" . فلا يصح في رأيه أن يكون اليهود قد قالوا هذا. و ينتهي إلى قوله: القرآن لم يطلب منا الإيمان بعدم صلب و
قتل المسيح. فإذا ثبت لنا من التاريخ و الكتاب المقدّس أنّ المسيح قُتل و صُلب وجب الإيمان بصلبه و قتله.
و الرأي هذا بعيدٌ جدّا عن الإسلام. و لا يجوز من مسلمٍ بأيّ حال أنّ يعتبر القصص القرآني غير تاريخي، و قد قال تعالى : " و إنّه لكتابٌ عزيزٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد" (فصلت 42) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص 119
16
ماذا يستهدف القرآن الكريم بنكرانه صلب المسيح
اختلف المسلمون أيضا في هذا الشأن. و لهم رأيان بهذا الخصوص .الرأي الأوّل يرى أنّ القرآن الكريم رفض الصلب من باب التكذيب التاريخي. يعني أنّه نفى وقوع هذه الحادثة. و أصحاب هذا الرأي ملزمون بتفسير حكمة هذا التكذيب. و لا أعتقد أنّهم سيستطيعون. و أصحاب الرأي الثاني يقولون أنّه شاءت سُنّة الله تعالى أن ينجّي عباده المؤمنين و ينصرهم على أعدائهم. و يُردّ عليهم بأنّ نصوص القرآن المستفيضة تذكر صراحة أنّ أنبياء الله يُقتلون و قد قُتِلَ الكثير منهم. و رأينا،و الله أعلم،أنّ القرآن الكريم يستهدف التالي:
• عيسى عليه السلام ليس ملعونا بل نبيا مُباركا. و هذا ردّ على اليهود.
• نفي عقيدة الخلاص، و إقرار أنّ كلّ إمرىء بما كسب رهين. و هذا ردّ على النصّارى.
• نفي عقيدة التجسّد القائلة ببنوة عيسى لله تعالى .
• نفي نسخ عيسى عليه السلام لشريعة التوراة.
• نفي أنّ الإنجيل هو العهد الجديد. بل هو آخر أسفار العهد القديم.
• أنّ عيسى لم يؤسّس مملكة الله ، بل بشّر بها فقط.
• عيسى عليه السلام ليس هو خاتم الأنبياء.
• إثبات أنّ الإنجيل عبثت به أيدي الضّالين.
كلّ هذه الأفكار التي عدّدناها تفسّرها حادثة الصلب. فإذا انهارت عقيدة الصلب ستنهار كلّ هذه الأفكار تباعا لها.
السياق السياسي و الدّيني الاجتماعي زمن عيسى
17
لفهم المسألة فهما جيّدا فعلى القاريء أن يستحضر جملة من القضايا السيّاسية الإدارية و الدّينية و الحالة النفسية لشعب إسرائيل التي شكّلت مضمار المعترك الذي عاش فيه النبي عيسى عليه السلام مع شعبه.
1- كانت فلسطين آنذاك مستعمرة رومانية. مقسمة إلى ولايتين. ولاية الجليل في الشمال تحت حكم هيرودس أونتيباس و ولاية اليهودية في الجنوب و يحكمها بيلاطس البنطي و عاصمتها أورشليم. و قد كانت السلطة الرومانية قد اتّفقت مع اليهود إثر أزمة ثورة المكابيين في القرن الثاني قبل الميلاد على أن تحترم معتقداتهم الدينية و أعيادهم و ختانهم و سبوتهم و أن يُنصّبوا كاهنا عليهم ممن يرضونه في مقابل ألا يطلبوا الإستقلال و ألا يُجنّدوا في الجيش الروماني و أن يدفعوا الضريبة لقيصر و ألا ينفذّوا وحدهم قرارات كبيرة من شأنها المساس بالأمن و الاستقرار كتنفيذ حكم الإعدام مثلا.
2- الحالة النفسية لشعب إسرائيل: كان شعب إسرائيل يعتقد أنّه شعب الله المختار. لكن الواقع يكذّب المعتقد، فقد كان يعيش تحت السلطات الوثنية منذ 600 سنة ، و كانوا يسمّون الأمم بالكلاب و الخنازير. فكان الشعب يغتلي شوقا لوعد الله بأن يرسل إليهم المسيح المخلّص الذي يبيد الظالمين و يردّ لهم سلطانهم و مجدهم المسلوب.
3- لقب المسيح و معناه في الثقافة الإسرائيلية: تنبّأ أنبياء إسرائيل منذ إبراهيم عليه السلام على أنّ الله تعالى وعد شعبه بأن يرسل إليه المسيح.و المسيح لشدّة قربه و مكانته عند الله تلقّبه الأسفار المقدّسة " ابن الله" مجازا. و من معانيه السياسية المَلِك. جاء عيسى عليه السلام و كان إسمه المسيح( و هذا مجرد إسم و
18
لم يكن عيسى عليه السلام لا أوّل و لا آخر من تسمّى به). و كان عليه السلام وُلد من غير أب وهذا من شأنه أن يترك التباسا يسهل استغلاله من طرف خصومه. فسهل جدّا أن يُلفق ضدّه أنّه يدّعي أنّه ابن الله بالمعنى الحقيقي.
4- الصدام بين تعاليم عيسى عليه السلام و كبرياء إسرائيل: أول شيء رفض عيسى عليه السلام هو الثورة ضد روما و قال قولته الشهيرة:" أعطوا و لقيصر ما لقيصر و لله ما لله " و يعنى أنّه على إسرائيل الصبر فوقت الخلاص لم يحن بعد. ثانيا: "قال سيؤخذ منكم ملكوت الله و يُعطى لشعب آخر" و يعني هذا أنّ الله قرّر ألا يكون إسرائيل شعبه بعد اليوم .ثالثا وصف السلطات الدينية بالمنافقين و المرائين و الجشعين و اليهود ككل بسلالة الأفاعي قتلة الأنبياء. لكن هذا العدّو الجديد لإسرائيل ما فتئت تزداد شعبيته يوما بعد يوم لأنّه يحيي الموتى و يبرأ الأكمه و الأبرص و يقيم المفلوجين و المقعدين و يطرد الأرواح الشريرة و يسكت الرياح و يٌكثّر الطعام. فما السبيل إلى التخلّص منه ومن بدعته ؟ كان أمام اليهود خياران. أوّلهما أسهل من شربة ماء، و هو اغتياله في شِعبِ أو واد أو في أحد طرق أسفاره الكثيرة. لكن الخطورة هي إن اغتالوه فسيعيش شهيدا في ذاكرة من آمن به. و هكذا لا يتمّ القضاء على بدعته، كما يراها اليهود. ثانيهما بالغ الصعوبة و هو تقديمه للعدالة أمام مجلس الشيوخ أولا ثم أمام بيلاطس البنطي ثانيا حتى يسمح لهم بقتله و تعليق جثّته على خشبة كما يُقتلُ المجرمون. و هذا هو الطريق الأمثل للتخلص منه و من دعوته.
إرهاصــات الأزمــة بين عيسى و شعبه
ما ميّز زمن عيسى عليه السلام هو الثورات و التمرّد و الفوضى في فلسطين.
19
و حادثة الصلب عنوان لذلك، فهي حادثة تاريخية أجمع عليها الإنجيل و القرآن1 وأيّدها التلمود البابلي 2 و لا خلاف فيها،إلاّ في هوية المصلوب. فهو يسوع الناصرى عند اليهود و كنيسة بولس3،و هو رجل ألقى الله عليه شبه يسوع4 عند المسلمين 5.و الشيء الذي يمكن أن نستخلصه بدون منازع هو:أنّ اليهود حرصوا على قتل يسوع صلباً.و لنبدأ مناقشة الفكرة من هنا .
ولفهم الحقيقة يجب علينا أن نحلّل الوضع السياسي و الدّيني الاجتماعي للأرض المقدّسة زمن صاحب البشارة عليه السلام. فلسطين في هذا الزمان كانت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-قال تعالى :" و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبّه لهم ً ( النساء 157 ) . فاليهود في نظرهم لم يصلبوا إلا يسوع ، رغم ما كان يعتري بعضهم الشك في أنّ هذا المقبوض عليه ليس يسوع. و قد إختلف الرعيل الأوّل من الكنيسة حول هوية المصلوب فالكنيسة الرسولية لم يكن لديها أدنى شك في أن المصلوب هو يهوذا الإسخريوطي الذي جازاه الربّ عز وجل بالعدل على خيانته كما تأثّرت بعض الكنائس بها ورفضت أن يكون المصلوب هو يسوع لكنها قالت أن المصلوب هو سمعان القيرواني حامل الصليب ومن أشهر القائلين بهذا القول هو بازليد صاحب الإنجيل الذي عرف بإسمه و الذي إكتشفه بعض علماء الأثار في نجع حمادي في صعيد مصر.
2- Le fondateur du christianisme. Avant p25
3-بولس هو الذي علّم أن يسوع صُلب لأجلنا كفارة عن الخطايا ، و كنيسته هي التي أدمجت تعاليمه في أسفار الإنجيل التي لم تعلّم أبداً أن يسوع صُلب و تم هذا الإدماج عند ترجمة الأسفار إلى اليونانية. وقد شهد مؤرخو النصارى أنّ نصوص آلام المسيح لم تكن موجودة أصلا في الأناجيل، إنما كانت في كتيبات مستقلة.
4- يتفق المسلمون على أن المصلوب هو رجل ألقى الله عليه شبه يسوع . و لم يختلفوا إلا في هويته . فعند بعضهم : هو تلميذ من تلاميذه إختار طواعية أن يلقى عليه شبه عيسى عليه السلام . و عند بعضهم لما رفع الله عيسى عليه السلام و لم يجدوه ، أخذوا رجلا من أصحابه فألبسوه ثيابه و ستروا وجهه ثم قتلوه و صلبوه و أو هموا الباقين أنهم قتلوا المسيح ( الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص 385 ) . و هذا الكلام غير مقنع من وجهة نظر قرآنية لان الله تعالى قال :" و مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين "(آل عمران 54 ) فلا معنى للمكر الذي مكره الله إن كان مصلوب رجلا بريئاً صُلب طواعية أو كرها .
5-أقصد بالمسلمين الذين إتبعوا عيسى عليه السلام بإحسان و هذا النبي الأمي صلى الله عليه و سلم .
20.
مستعمرة رومانية يحكمها في نصفها الشمالي الجليل،الملك هيرودس أونتيباس؛وفي
النصف الجنوبي، اليهودية، الوالي الروماني بيلاطس البنطي بمرسوم قيصري صادر عن السلطة المركزية في روما.
وقبل هذا تعاقبت عليها الادارات الوثنية منذ حملة نبوخذ نصّــر البابلي على رأس القرن السادس قبل الميلاد،مرورا بالفرس، فالإغريق و أخيرا الرومان سنة 63 ق،م. وقد عزّ على شعب الله المختار أن يعيش عيشة المهانة و الذلّ، يدفــع الجزية للخنازير و الكلاب.فاشتدّ شوقه وطال انتظاره إلى المسيح المخلّص ابن داوود. فظهر في هذا الزمان رجلٌ في ناصرة الجليل اسمه يشوع )الاسم العبراني( يبشّر شعبه بقرب مملكة يَهْوَهْ اله إسرائيل،وبقرب الفرج وينادي بعِتقٍ للمسبيين وتخلية للمأسورين وبِسَنَةِ الربّ المقبولة، وبانتقام الله ويعزّي جميع النائحين.وقد علّق عليــــــه الشعب أملا عظيما وظنّوا أنّه المسيح المخلّص. فرفض ذلك وانتهر الشعب ودعاهم لِمُسَالمة روما ودَفْعِ الجزية لها و دعاهم للصبر لأنّ وقت الخلاص
لم يحِنْ بعد، وفضح جشع ونفاق السلطة الدينية بالخصوص و الفرّيسيين على العموم.إذن فلاشكّ أنّ رجلا مثل يشوع سيشكّل خطرا، في أعين مَنْ نَصّبُوا أنفسهم أمناء و أوصياء على عقيدة وتقاليد الآباء، و متقاعسا عن انتزاع الاستقلال السياسي ومُهَدّدا لمصالح السلطة الدينية. فلا مناص من التخلّص منه بطريقة تكفل لهم الحيلولَة بينه و بين أتباعه وتمسَخُ اسمَهُ في ذاكرة الشعب.
ففكّر اليهود في قتلِ يسوع مصلوبا !؟… لكن لقتل رعية من رعايا الامبراطورية الرومانية بهذه الطريقة، و إقحام الوالي الروماني في قضية لا تعنيه مبدئيا، يجب للقضية أن تستند لِتُهمَة يُجرّمُـها القانــون الرومــاني، ولقتــل
21
إسرائيلي أمام الشعب يجب للقضية أن تستند لفتوى شرعية من مجلس الشيوخ )السنهدرين( . ومن غرائب الصُدَفِ أنّ اسم "المسيح"تتقاطع فيه التُهمَتَان السيّاسية و الدينية.
و لقد كان عليه السلام و تلاميذه فريسة سهلة لليهود لو أرادوا نَصْبَ كَمِينٍ له في أي مكان. فلقد كان عليه السلام رسولا مُتجوّلا و هذا ما يميّزه عن كثير من الرُسُل و الأنبياء.فكان لا يكاد يستقرّ في مكان حتى يغادِرَه إلى مكان آخر1 ليبشّرَ بمملكة الله . وكان يُحَرّم على نفسه و أصحابه حَمْلَ الزاد و النقود و السيف و حتى العِصِيّ2. فكان و الذين آمنوا به بدون سلاح . و اليهود جوّزوا لأنفسهم اغتيال المضايقين ، في أسفارهم المقدسة،و اعتبروه خلاصاً من الله و تخليصاً ممن اصطفاهم الربّ لهذه المهمة الجليلة3.و لو فعلوا ذلك في شِعْبٍ أو جَبَلٍ أو في أحد طُرُق أسفاره الكثيرة لَتَخلّصوا منه و خلّصوا الدهماء و السذّج و عامة إسرائيل من فتنة هذا الرجل الذي لم يكن في نظرهم سوى مضلاًّ(لو 23/2). و مشعوذًا ساحرًا4. أكَانَ خوفاً من السلطة الرومانية؟ كلاّ! فقد ثبت في الأناجيل الأربعة و سفر الأعمال أنّ الوالي الروماني كان متعاوناً مع اليهود إلى أقصى حدّ في لعبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تذكر الأناجيل أن يسوع كان كثير التنقل ليكرز بالبشارة . فيوم في الناصرة و آخر في كفرناحوم و منه إلى بحيرة طبرية،بيت صيدا ، المدن العشر السامرة بيت عانيا ، أورشليم ثم صور و صيدا.
2- متى 10/5 – 10 ، لو 9/3
3- لما صرخ بنو إسرائيل إلى الرب بعث لهم القاضي إيهود ليغتال عجلون ملك مؤاب (قض 3/20 – 21 ، قض 14/19 ، 15/5 ، 18/27 ، ويحكى أن أبناء دان أتوا إلى لايش إلى شعب مستريح مطمئن و ضربوهم بحدّ السيف و أحرقوا المدينة بالنار .
4-Le fondateur du christianisme pp20 ;140 et voir encore Jésus en son temps pp 67;68.
22
دخلت فيها الحسابات السياسية،وغاب عنها الضمير و الأخلاق و المشاعر الإنسانية.و رحم الله القائل:"إنّ السياسة لعبة قذرة !" فلقد استيقن بيلاطس البنطي من براءة المقبوض عليه- الذي ظنّوه يسوع – لكنّه رضخ أخيرا لإرادة اليهود و أسلمه للصلب.
فلماذا الإصرار على قتل عيسى مصلوبا ؟
لقد خاض المسلمون في هذه المسألة خوضا كبيرا و أجاب قديما القاضي عبد الجبار المعتزلي :" إنّ الأنبياء يجوز أن يُقتَلوا و يُصلَبوا ، بل قد قُتل قومٌ منهم ، و أيضا فليس في قتل المسيح طعناً عليه و لا قَدْحاً في أمرِه " . و علّق على كلامه الدكتور عبد المجيد شرفي منتقدا :" هذا يتعارض مع الرأي الشائع الذي مَفادُه أنّ إنكار الصلب راجعٌ أساسا إلى القالب الذي صَبّتْ فيه أخبار الأنبياء المتعاقبين ، و يكون الله في كلّ مرّة منقذاً لنَبيِّه من أعدائه"1. لكن مضمون الآية الكريمة:"و بكفرهم و قولهم على مريم بهتانا عظيما و قولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شّبه لهم" (النساء 157) ،لا تتّفق مع هذه الآراء.و قد شدّت انتباهي منذ زمنٍ بعيد!
ما هو الغريب في صلب يسوع،و هو لم يُصلب و لم يمت كمّا أكّد القرآن الكريم، حتىّ يتوعد الله اليهود بالعذاب الشديد : بقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله"،في الوقت الذي يذكرُ القرآن الكريم أنّ كثيراً من الأنبياء قتلهم اليهود و كأنّ الأمر عادي . قال تعالى :" و كأيّن من نبي قُتِلَ معه ربيون
ــــــــــــــــــــــــ
1-الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ( ص 386 )
23.
كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله و ما ضعفوا و ما استكانوا و الله يحب
الصابرين و ما كان قولهم إلا أن قالوا ربّنا اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا و
ثبت أقدامنا و أنصرنا على القوم الكافرين"(آل عمران 146 – 147).و قال تعالى:" إنّ الذين يكفرون بأيـات الله و يقتلـون النبئين بغير حقّ و يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم"1 (آل عمران 22). فَقتلُ الأنبياء يجوز في حقّهم عليهم السلام والاستشهاد في سبيل الله أسمى أمانيهم .
إذن لا شكّ أنّ وراء صلب يسوع سرّاً!
وصل بنو إسرائيل،في تجربتهم الطويلة مع قتل الأنبياء،إلى القناعة أنّ قتلهم لا يزيد إلاّ في تأجيج مشاعر الاعتزاز و الفخر بهم،و بالتالي،في زيادة شعبيتهم.
فكثيرٌ من الأنبياء لم يُقِمْ لهم اليهود في حياتهم وزنا لكنهم لمّا صبروا على ما أوذوا به و قُتلوا،انتصروا و التفّ حول مآثرهم الشعب و اعترف أنّهم كانوا قدّيسين.أذكر على سبيل المثال ارميا،أشعيا و زكرياء . فرؤساء الشعب لم يكونوا أغبياء حتىّ يكرّروا تجربةً ثبت فشلها من قبل ، و يُهدوا يسوع نصراً بعد موته، قد لا يدرِكُه حتى في حياته.و كان حرص السلطة الدينية شديدا للقضاء على دعوته، و إطفاء حماس الجماهير التي آمنت به و اجتثات اسمه نهائيا من ذاكرة الشعب . فما السبيل إلى ذلك ؟ ألم يكن اسمه المسيح ؟و أخيراً اهتدوا إلى حيلة غاية في المكر و الدهاء . لقد وجدوا في كلمة المسيح مُبتَغَاهم ـ يجب ألاّ يخفى على القارىء الكريم أنّ في كلّ دينٍ مُحكَمٌ و مُتشَابِهٌ و أنّ تأويل الكلم تحكمه النيّة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أنظر أيضاً آل عمران 183 . و قد ورد في السنة : أن شرّ الناس من قتل نبيا أو قتله نبي " فقتل الأنبياء جائز .
24
الحسنة أو السيئة ــ فمن الناحية الدينية تلقّبُ الأسفارُ المقدّسةُ العبرانية المسيحَ بابن الله مجازا1. و يسوع وُلِدَ من غير آب، فسهلٌ جدّا أن ينصرف المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي. وهذا ما أشاعه خصومُه وعلى رأســـــــهـم رئيس الكهنة ليجد مبرّرا لتكفيره ومن ثمّ قتله معلّقا على خشبة كما تأمر التوراة بقتل
المجرمين الملاعين. قالت التوراة:"إذا وُجِدت على إنسان جريمَةٌ حَقّهَا القَتلُ فَقُتِلَ و عُلِّقَ على خشَبةٍ فلا تَبِتْ جُثّتُه على الخشبة، بل في ذلك اليوم تَدْفِنْه لأنّ المُعَلّقَ مَلعُونٌ من الله فلا تُنَجِّسْ الأرضَ التي يُعطيك الرَبّ إلَهُك نصيبًا")تث21/22( .ولقد أجمعت الأناجيل الأربعة و الإجماع الرباعي نادر جدّا في أنّ يوسف الذي من الرّامة و هو عضــو في مجلــس السنهدرين، طلب الجثّة من بيـلاطس في اليـوم الـذي تمّ فيــه صَلْبَه و دَفنَـه (أنظر يو19/38، لو23/51، مر15/43،متى27/57(. لكن ليس حبّا في المصلوب كما ذهب إليه يوحنا اللاهوتي ومترجم متى )يو19/38،متى27/57( ،لكن لأجل ألاّ تتنجّس الأرض من إثم هذا الملعون.ودُفِن المصلوب في قبرٍ منعزلٍ في الصخر ولم يُدفن في مقابر اليهود ، كما يُوصي التلمود2 ،حتّى لا يتأذّى الموتى من اثمه، وهذا دليل آخر على أنّ المصلوب ملعون )أنظر يو19/41،لو23/53،مر15/46،متى27/60(.و أمّا من الناحية السياسية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1-أنظر II صم 7/14 ، أش 1 / 2 ، 43/6 ، 45/11 ، 63/16 ، 64/7 . إر 3 / 4 ، 3/19 ، 31/9 ، حز 16/20 ، 23/4 ، هو 2/1 ، 11/1 ، ملا 1/6 ، 2/10 ، 3/17 ، مز 89/27 ، 89/26 ؛أم 14/26 ، I أخ 17/13 ، 22/10 ، 28/6 ، 29/10 ، أس 8/16 ، يه 9/13 ، حك 2/13 ، 2/16 ، يش بن شيراخ 4/10 … و قد إختصرت الشهادات فهي أكبر من هذا بكثير .
Jesus en son temps(Daniel Rops) p 558 -2
25
فالمسيح معناه الملك1، وادّعاء الملك في القانون الروماني عقوبته الصلب معلّقا على خشبة.فإذا نجح اليهود في توريط السلطة الرومانية في قضية يسوع فإّنهم يضربون عصفورين بحجر : يتخلّصون منه من جهة ، و يصرفون الناس عن دعوته من جهة أخرى إذ بات في حكم اليقين أنّ هذا الملعون ، الذي ملأ الأرض من عجائبه ، لم يفعل واحدةً منها إلا بقوة بعل زبول2. فاللّعنةُ تُقصي يسوع حتىّ من أن يكون أبسط يهودي من عامة الشعب ، فكيف يدّعي أنّه نبّي مُرسلٌ3 ؟و يبدو أنّ اليهود استطاعوا لحدّ ما صرف فريق منهم عن بشارة ابن مريم عليه السلام.وتَجَرّأت ألسنَةُ الكُفرِ على لَعْنِ يسوع(أنظر I كو 12/3) . فلّم يغرّر – حسب اليهود – بنفسه فحسب بل حتىّ بتلاميذه و تناقل اليهود فيما بينهم أنّ الدعوة إلى مسيحٍ مصلوب جهالةٌ و فضيحةٌ( I كو 1/23 ). و لتلخيص اختيار اليهود الصعب و المكلف لصلب يسوع عليه السلام بدل من اغتياله بيُسرٍ في أيّ مكانٍ نقول أنّ اغتياله كان سيجعلُ منه شهيداً أمّا صلبه فيجعل منه ملعوناً.
بولس في مفترق الطرق.أيّ سبيل يسلُكُه ؟ ما هو الأيسر؟
أن يمشي باتجاه التّيار القائل أنّ يسوع الناصري صُلب،و هو ما شاع بين الوثنيين و اليهود بما فيهم يهودُ الشتات،أو أنّ المصلوب هو رجــل أُلـقي عـليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أتهم المقبوض عليه أمام السنهدرين بأنّه المسيح . و هي كلمة لا يعرف الوالي الروماني فحواها . أمّا في القصر فأتّهم بأنّه الملك . و هي تهمة سياسية ، لا تتسامح معها السلطات الرومانية .
2- هو اسم الشيطان . و اتّهم اليهود يسوع عليه السلام أنّه يعمل المعجزات بقوة الشيطان .
3-و هذا صدٌ عن سبيل الله :" فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات أحلت لهم و بصدّهم عن سبيل الله كثيرا و أخذهم الربا و قد نهوا عنه و أكلهم أموال الناس بالباطل و اعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما " ( النساء 160– 161 )
26
شبه يسوع،وهو ما يعتقده الحواريون عليهم السلام.و لا نشكّ أبداً أنّ بولس كان يعلم هذا من الرسّل على الأقل . فلا خصومة في أنّ تبنيّ الفكرة الشعبية أسهل و الرجل الذي جعل من نفسه رسول المسيح إلى الأمم لا يغامر مطلقا بأن يسبح عكس التيار . فما كان منه ، و هو ابن الثقافة الهِلِنْستية1 ، إلاّ أن يُطَعّم فكرة الصلب بمعتقدات الخلاص التي سادت في معظم ديانات آسيا الصغرى في زمانه ، لِيُقدّمها للأمم على أنّها خلاصةُ رسالة يسوع .و يجب أن نتوقّف لحظة لِنُسجّل واحدةً من أخطر عقائد بولس : " أنّ المسيحَ مات مِن أجل خَطايانا".و هو أهمّ تعليم في الكنيسة الناشئة( أنظر I كو 15/3).
المسيح عيسى عليه السلام ملعون أم مبارك؟
لكن الإيمان بيسوع مصلوباً يعني الإيمان به ملعوناً ! و قد كان أتباع بولس في كورينْتُسْ يَلعَنُونَه ، بشكل عفوي ، و نهاهم بولس عن ذلك في رسالته إليهم و التي كتبها في ربيع 56 م:" فَلِذَلك أعْلِمُكم أنْ ليس أحَدٌ يَنطِقُ بِروح الله و يقول يسوع مَلعونٌ 2 و لا يستطيعُ أحدٌ أن يقول يسوع رَبٌّ إلاّ بالرّوح القُدس"( أنظر I كو 12/3). ثم بعد أقل من سنة يَنقلِبُ بولس رأساً على عقب ، و يكتب إلى أهلا غلاطية في شتاء 57 م لِيُعْلِنَ بوجهٍ لا يقبَلُ التأويل ، أنّ المسيحَ يسوع ملعونٌ :" فالذي افتَدَانا مـن لَعـنةِ النَّامــوس هـو المسيـحُ الـذي
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الثقافة الهلنستية هي ثقافة العالم المتحضر في زمن الإغريق و لا يشترط فيها أن يكون المرء يوناني العرق. و هي تمثّل ما تمثّله الثقافة الغربية اليوم.
2- الترجمات العربية تتحرج شديد الحرج من الكلمة و تضع مكانها " أناثيما " أو " مبسل " و الكلمة الأولى
لا يعرفها العرب و الثانية لطيفة . أما في الترجمات الفرنسية السبع التي أملكها فتضع " ملعون " .
27
صَارَ لَعنَةً لأجْلِنَا بِحَسَب مَا كُتِب مَلعونٌ كُلّ مَنْ عُلّقَ على خشبةٍ لِتكون على الأمَم بَركةُ ابراهيم في المسيحِ يسوع "( غلا 3/13). هذه فضيحة! و بالخصوص أنّ يسوع هو الله المتجسّد في دين بولس . لا يوجد في كلّ أديان الدنيا منذ أن ذرأ الله ذرية آدم على الأرض دينٌ يلعن رّبه و إلهه إلا بولس و أتباعه. حتّى عابد البقر لا يلعنُ بقرتَه.
أخي الكتابي ! هل تعلم أنّ علماءَك لا يَجرؤون أن يُصارِحوك أنّك تَلعَنُ المسيح ؟ ! هل تعلم أنّ لاعِنَ المسيح عيسى ملعونٌ ، و مُبارِكَه مُباركٌ ، قياساً على قول الله لعبده ابراهيم " و أبَارِكُ مُبارِكِيك و ألعَنُ لاَعِنِيكَ "( تك 12/3؛ 27/29). و أوحى الله لبلعام بن باعور :" لا تَلعَن الشّعبَ ( إسرائيل ) لأنّه مُبَارَكٌ " ( عد 22/12).
هل وعيت أخي الكتابي ! أنّ اللعنة و البركة لا تجتمعان إلاّ في فكر بولس السقيم . و قد علّم يسوع عليه السلام في إشارة لطيفة إلى أولي الألباب الذين تنَفعُهم الذكرى أنّ اللّعنةَ طردٌ من رحمة الله ، و ذهابٌ بالبركة و أنّ لاعنيه في ضلال مبين . يذكر إنجيلا متى و مرقس أنّ يسوع جاع فرأى شجرةَ تينٍ من بعيد عليها ورقٌ . و وصل إليها لعلّه يجد فيها شيئا . فلمّا وصلها لم يجد شيئا لأنّه لم يكن وقت التين . فقال لها :" لا يَأكُل أحدٌ مِنك ثمرا بعدُ إلى الأبد " . و في اليوم الآخر إذ كان يسوع و تلاميذه مجتازين رأوا التّينة قد يَبِست من الأصول. فقال الحواري بطرس"يا سيدي أنظر التينةَ التي لَعَنتَها قد يَبِسَتْ"1.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-مر 11/12 – 14 ، 11/20 – 21

.28
كنت أتصفّح الكتاب المقدس مرة ، فوقعتْ عيني على هذه القصّة . و قدّرتُها للأول وهلة أنّها قصّة " سخيفة".جاء يسوع إلي تينة،و الوقت ليس وقت تين ليأكل ؟ لا! جاء ليلعن ! و عرفت بعد تمهّلٍ ، أنّ هذه القصّة التي لا تزيد مثقال ذرة إلى العجائب التي صنعها يسوع بإذن الله – فأين مكانها من معجزة إحياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص و العرج و العمي و تكثيره الطعام – أتت لتخبر أنّ لاعني المسيح ملعونون.و قد ذكرها متى و مرقس و تجنّبها لوقا تلميذ بولس لاعنُ المسيح . فمن هم أتباع المسيح أالذين يلعنونه أم الذين يباركونه !؟ قال تعالى في القرآن الكريم على لسان عيسى عليه السلام "قال إنّي عبد الله أتاني الكتاب و جعلني نبيا و جعلني مباركا أين ما كنت"( مريم 31 ).
و نعود إلى موضوعنا . ما هي دوافع بولس في تغيير موقفه من النهي عن لعن يسوع إلى الأمر به ؟ اقرأ، أخي، رسالة بولس إلى أهل غلاطية1 !.و تمعّن فيها جيدّاً تجد أنّ أول شيء استهلّ به رسالته هو توبيخ الغلاطيين الذين تحوّلوا إلى إنجيل آخر غير إنجيل النعمة2 الذي يعلّمُه بولس؛ ثانيا يُدافع عن رَسُولِيَته بأنّه ليس كاذبا، وثالثا يهاجم أمير الحواريين بطرس عليه السلام هجوما عنيفا.و أخيرا يؤكّد أنّ الشريعة نُسِخَت بنِعمة الصليب . و يحرّضهم للرجوع إلى إنجيله،بكلمات شديدة الوقع . فمن مضمونها نستطيع قراءة السّبب الذي كان من وراء كتابتها.إذ لكلّ ردّ فعلٍ فعلٌ سَبِقه ."و لا دخان بدون نار" كما يقول المثل
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أهل غلاطية هم أهل شمال تركيا الحالية
2- إنجيل النعمة يعني به بولس أنّ شريعة موسى نسخت بموت يسوع الكفاري فلا خطيئة تتبعنا . و لا محرّمات و لا قوانين و لا طقوس.و يذكره بولس في مقابل الإنجيل الذي يتمسك بشريعة موسى .
29
الفرنسي. لقد عرّج إمام الحواريين إلى غلاطية حاملا البشارة بملكوت الله، داعيا للإيمان بالله و رسوله و العمل الصالح الذي تأمر به شريعة موسى عليه السلام ، بما في ذلك الختان . مُكذِّبا صَلب يسوع، لأنّ صَلبه يعني لعنه . فلم يجد رسول الأمم مخرجاً من ورطته التي وقع فيها بتعليمه : " أنّ المسيحَ مات من أجل خطايانا " إلاّ أن يهرب إلى الأمام بقوله : "صَارَ لَعْنَةً لأجلِنَا بِحَسَبِ ما هو مَكتُوبٌ مَلعُونٌ كلُّ من عُلّقَ على خَشَبة لِتَكُونَ على الأمَمِ بَرَكَةُ إبرَاهيم في المَسيح يَسوع".و الكلام هذا فارغ المضمون .و لا يُقنع إلاّ من عَمِيَت بصيرتُه إذ كيف تتبارك الأمم في مَلعُونٍ مَمْحُوق البَركة ؟ !
الليـلة الحاســمة:
تروي الأناجيل الأربعة أنّه لمّا احتفل سيّدنا يسوع عليه الصلاة و السلام بعيد الفصح مع تلاميذه في بيت الحواري مرقس بأورشليم ،خرج إلى جبل الزيتون في العَتَمَة ليقضي ليله في بستان جتسيماني. وكان يأوي إلى هذا المكان حَذراً من غدر اليهود . و بطلبٍ من رئيس الكهنة أرسل بيلاطس جنده يصحبُهم يهوذا الإسخريوطي – و كان قد كفر برسول الله يسوع – لِيَدُلّهم عليه إذ لا أحدٌ يعرف أين اعتاد أنّ يبيت ليله و أصحابه غيره. ابتداء من اللحظة التي وصل فيها يهوذا بصحبة العسكر إلى بستان جتسيماني بجبل الزيتون في ظلمة الليل البهيم ، تحدث الحادثة العجيبة التي أشارت إليها الأناجيل! لقد أُلْقِي القبضُ على الرجل الذي ألقى الله عليه شَبَهَ يسوع! واقتيدَ إلى قصر الكاهن الأعظم .و تَبِعَهُم الحواري بطرس من بعيد و استطاع الدخول إلى فناء القصر و الحضور لجلسة المحاكمة . و كيفية دخول إمام الحواريين إلى القصر هي المفتاح الذي يحلّ اللغز
30
العجيب. لا تخبرنا الأناجيل المتشابهة كيف دخل بطرس .وتتّفق في أنّه لمّا قيل له أنّك أنت أيضا مع يسوع الناصري أنكر و لعن و حلف بالله أنّه لا يعرف هذا الرجل ( مر 14/71، متى 26/74). و تريد هذه الأسفار أنّ تقنعنا أنّ نكران بطرس كان بسبب الخوف على نفسه من أن يلقى نفس مصير مُعَلّمه .لكن القصّة ، في سفر يوحنا ، رغم ما تبديه من تشابه يكاد يكون مطابقا مع تلك التي ترويها الأناجيل الثلاثة الأولى فإنّها، في الحقيقة، بعيدةٌ عنها بعد المشرق عن المغرب. ففي هذا السفر ، يُفسّر دخول بطرس إلى فناء القصر بتدخلّ تلميذ آخر لدى رئيس الكهنة ، و الذي كان يعرفه جيدا ، ليسمح لأخيه – الذي كان واقفا لحدّ تلك الساعة عند الباب في الخارج – أن يدخل إلى القصر و يحضر للمحاكمة ( يو 18/15 – 17).
إذن لمّا أنكر بطرس معرفة هذا الرجل الذي يُحاكم أمام السنهدرين لم يكن بسبب الخوف على نفسه ، لإنّه كان سلفا معروفاً هو و التلميذ الآخر من قِبَلِ الكاهن الأعظم من أنّهما تلميذان ليسوع ! فبطرس الحواري لم يَكذِبْ و لم يَحْلِفْ باطلا ، فالرجل الذي أمامه ليس له من يسوع إلا الصورة ! و أدعوك أخي للتأمل في سؤال حاشية القصر لبطرس و جوابه : تقول له الجارية أنت كنت مع يسوع الناصري . و هو يجيب باليمين أنّه لا يعرف هذا الرجل.و لم يقل : لا أعرف يسوع الناصري. ( أنظر مر 14/67 ؛ متى 26/71-72) . و التاريخ يؤكد هذه الرواية . فلقد ظهر في الصدر الأول للمسيحية مذهبٌ عُرِف بالمذهب الدوكيتي. تشعّبت بأهله الأهواء لكنّها تجمع أنّه لم يُصلَب من يسوع إلاّ صورَتُه.و رفضت الكنيسة الاعتراف بالأناجيل المنسوبة للحواري بطرس لسبب
31
أنّ فيها مسحة دوكيتية 1.
و لقد تأثرت الكنائس القديمة بهذا الرأي القائل أنّ يسوع لم يُصلب حقيقة إنّما صُلبت صورته. و من بين القائلين بهذا القول كنيسة فالنتين و سيرانت و مرقيون و باسيليد2.و قد ظهر هذا المذهب قديما . و لقد ظهر يقينا قبل نهاية القرن الأول،و قبل كتابة الإنجيل الرابع . و تذرّع هذا المذهب، لدعم معتقده، بأنّ حامل الصليب هو سمعان القيرواني كما تروي الأناجيل المتشابهة( لو 23/26 ؛ مر 15/21 ؛ متى 27/32) . و المحكوم عليه بالموت صلبا ،في القانون الروماني، هو الذي يجب أن يحملَ صليبَه كما كان معروفا ( أنظر 2599 ؛2433 TOB pp). و لأجل تجريد خصُومه من السلاح الذي قد يدعمون به مُعتقدهم وجد يوحنا اللاهوتي كاتب الإنجيل الرابع نفسَه في مأزق و اضطرّ أن يُخَالف ما أجمع عليه الإنجيليون الثلاثة الذين سبقوه، و يكتب أنّ حامل الصليب هو يسوع نفسه ( يو 19/17). و كَشَفت الآثار في نجع حمادي بمصر سنة 1945 عن أناجيل من بينها إنجيل باسيليد التي تقول أنّ سمعان القيرواني هو الذي صُلِب مكان يسوع3 ، و تعترف الترجمة المسكونية قي هذا الصدد أنّ إنجيل يوحنا متأثرٌ بالمذاهب الدوكيتية حيث تكتب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- و يعترف دانيال روبس في كتابه " كنيسة الرسل و الشهداء " أن إنجيل بطرس كان منتشرا بين مجموعات كثيرة نصرانية . و ينقل عن أوسابيوس أنّ سيرابيون أسقف أنطاكية عُرض عليه إنجيل بطرس و سمح بتلاوته و لمّا عرف أنّه مصبوغ بالصبغة الدوكيتية حرّم قراءته.أنظر كتاب دانيال روبس الموالي . L’Eglise des Apotres et des martyrs p 310.
2- ظهر مرقيون و باسيليد في منتصف القرن الثاني للميلاد. بعني أنّه كان قريبا من مصادر الخبر. و هو الذي الذي إضطر الكنيسة لتحديد موقفها من الأسفار المقدّسة.
3- مقدمة د/عمار الطالبي لكتاب محضرات نصرانية ص 59 .
32
" حسب القوانين المعمول بها أيّام الرومان فإنّ المحكوم عليه يُكلّفُ بحمل صليبه ، و في الأناجيل المتشابهة فإنّ سمعان القيرواني هو حامل الصليب بينما في إنجيل يوحنا هو يسوع نفسه". و تتسآءل :" هل يمكن أن نفهمَ من التجَاهلِ المتعمّد ليوحنا الإنجيلي لسمعان القيرواني محاولةً منه لقطع الطريق على المذاهب الدوكيتية التي ترى إمكانية صلب سمعان القيرواني مكان يسوع "1. و هذه المذاهب ظهرت يقينا قبل نهاية القرن الأول و هو أمرٌ معروفٌ في التاريخ الكنسي كما جاء في الصفحة رقم 72 من كتاب شَعْبُ القرآن 2 – و هو كتاب للكنيسة الإنجيلية تقترحه على أتباعها في نقاشهم مع المسلمين لأغراضٍ تبشيرية ـ فمِنْ أين أتت فكرةٌ مثل هذه عند قـوم لم يَفصِلهم عن رفع يسوع إلى السماء إلاّ خمسون سنة على أقصى تقدير إن كان المصلوب هو يسوع ؟
و يعترف التاريخ من جهة أخرى أنّ قصّة آلام المسيح وصلبه لم تكـن في بادئ الأمـر في إنجيـلي مـــتىّ و مرقس بل كانت في كتيبات مستقلّة أُدمِجت للسفرين عند ترجمتهما إلى اليونانية . يقول دانيال روبس في كتابه كنيسة الرسل و الشهداء ما يلي:" بطلبٍ من جماعة المؤمنين في روما دوّن مرقس انجيـله كـمـا
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-"Selon la législation courante, le condamné devait porter lui même l'instrument de son supplice ; Jean omet intentionnellement la notice des synoptiques concernant l'intervention forcée, à un moment donné, de Simon de Cyrène ( Mt 27/32; Mc 15/21; Lc 23/26 ) ; jusqu'au bout, Jésus assume pleinement et seul sa Passion et sa mort. Faut-il voir ici une réaction contre une interprétation docète suivant laquelle Simon de Cyrène aurait été crucifié à la place de Jésus ? " voir Traduction oecumènique de la Bible p 2599 note t.
2-voir encore Le peuple du Coran p72.: "L'idée que Jésus aurait été remplacé sur la croix par un sosie a circulé bien avant l'Islam dans les cercles gnostiques.
33
سمعه من معلّمه الحواري بطرس. و أضاف إليه ما كان بحوزته من كتيبات مستقلّة تقصّ ألام المسيح"1. و من خلال هذه الشهادة من المؤرخين المسيحيين يتّضح أنّ بطرس الحواري لم يكن يعلم شيئا عن ألام المسيح و موته.
محـــــاكمة المقبوض عليه:
المقبوض عليه مثُلَ أمام محكمة جنائية حسب توصيف شريعة التوراة و القانون الروماني. و ككلّ قضية جنائية فإنّها تتركب من خمس عناصر، حتى و لو كانت السلط و الاختصاصات في ذلك الزمان غير مستقلّة بعضها عن بعض، هي الادّعاء العام و قاضي التحقيق و قاضي الحكم و المتّهم و التهمة. و لغرض التحقّق من سلامة الإجراءات علينا معرفة ما هي التُهمة و من هم قضاة المحكمة و المدّعي العام.
و نعود إلى سير المحاكمة لِنَثبُتَ أو نَنْفي أنّ الرجل هو يسوع أو غيره. تتّفق الأناجيل المتشابهة في أنّ اليهود لمّا لم يتّفِقوا على تُهمة معينة لإدانة الرجل الذي ألقي عليه القبض ، قام رئيس الكهنة ليسأل : " أأنت المسيح ابن الله الحي ؟ " ؛ لكنها تباينت جدًّا في الإجابة .و هذه إحدى الصعوبات الكبيرة التي تُقلِق علماء النصرانية ، كما يعترف بذلك شارل دود في كتابه مؤسس المسيحية 2 وقد أجمعت الأناجيل على أنّ المقبوض عليه أنكر أنّـه المسيـح،أمـام الكـاهن أوّلا إذ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-Daniel Rops rapporte dans son livre "l'Eglise des Apôtres et des martyrs"p 296: Sur la demande de la communauté romaine, entre 55 et 62, Marc met par écrit ce qu'il a entendu de Pierre. Il dispose, en outre, de quelques livrets aide-mémoire, notamment d'un récit de la Passion du Christ".
2-Le fondateur du christianisme. Apres p160
34
أجاب :"أنت الذي تقول هذا"1.و في نص لوقا: " أنتم تقولون أنّني أنا هُوَ". فعلّق اليهود:" إذن أنت ابن الله!". فقام الكاهن و مزّق ثيابه و قال :لقد كفر! ... لقد كفر! و ما حاجتنا إلى شهود". و الترجمة المسكونية التي أعدّها 139 عالماً يمثّلون مختلف الكنائس الناطقة بالفرنسية تكتب في الصفحة 2526 المذكرة d ، معلّقة على نص لوقا السالف الذكر و هو اعترافٌ لا يُقدّرُ بثمن:" مقبولٌ أن نُترجم : أنتم الذين تقولون هذا. ممّا يعني أنّ يسوع قد رفض هذا اللّقب"2. و يعني هذا أنّ المقبوض عليه لم يعترف أنّه يسوع ." أنت الذي تقول هذا !" تعني هذا ما تقوله أنت ! أمّا أنا فأقولُ لسْتُ المسيح!". و لا يوجد اسثناء الا في نص مرقس 14/62 حيث أجاب:" نعم أنا هو!" و الشّاذ لا يُقاس عليه.و قد أنكر شارل جينيبر وجود هذا النصّ في البدء في السفر. يجب ألا نمرّ حتى نبيّن العيوب الجوهرية في المحاكمة أمام الكاهن و التي تمسّ بمصداقتها من الأساس. حسب نصوص التوراة يجب أن يكون الحُكم مؤسّسا على التحقيق و الفحص العميق، و كما هو واضحٌ من تصريحات المحبوس أنّه لم يعترف بالتّهَم المنسوبة إليه بل لم يعترف أصلا أنّه من يريدون. و لقد كان الأولى أن يتحقّقوا من هويته أولا و هذا لم يتمّ. كما يبدو واضحا أنّ الكاهن ، و الذي لم يسبق له أن التقى مع يسوع و لا سمع منه مباشرة من قبل ، كان يمثّل الإدّعاء العام و قاضي الحكم و الخصم في نفس الوقت. و إذا كان الحال هكذا فلا يمكن للحكم أبدا أن يكون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- متى 26/ 63-64 ،لو22/70من الترجمة المسكونية أنظر النص الأصلي.
2-TOB p 2526 note d :on pourrait traduire : "C'est vous qui le dites; et cela signifierait que jésus refuse ce titre."
.35
نزيها. و أخيرا التّهمة التي انبنى عليها الحُكم بكُفر المتّهم و من ثمّ الإعدام لم تثبت على السجين، إنّما استنتجها الكاهن و مجلس شيوخ اسرائيل، كما هو واضح جليٌ من نصّ لوقا. و لهذا فالمحاكمة كانت صورية لا حقيقية. و قد كان اليهود بيّتوا النيّة الأكيدة سلفا على قتل من ظنّوه أنّه يسوع. و رغم المحاولات اليائسة للسجين في الدفع بأنّه ليس المسيح و لا ابن الله لكن من يُصدّقه!
ثمّ أجمعت الأناجيل مرّة أخرى أنّه أنكر أنّه المسيح أمام بيلاطس البنطي. قال الوالي الروماني للرجل :" أأنت ملِكُ اليهود؟".فأجاب:"أنت الذي تقول هذا!"
(متى27/11؛مر15/2؛لو 23/3 ،يو18/37.)1.الإجابة نفسها أمام رئيس الكهنة . وقد فَهِم بيلاطس هكذا بدليل أنّه برّأه ممّا نسبه إليه اليهود،فخرج ليقول : "إنيّ لا أجد في هذا الإنسان علّة ممّا تشتكون به عليه.و لا شيء يستحقّ الموت من أجله" (لو 23/4 ؛ مر 15/14 ؛ متى27/23 – 24،يو18/38). و لا أحدٌ يستطيع أن يُشكّكَ في نزاهة حكم بيلاطس. فهو المسؤول الأول عن الأمن و الإستقرار في اليهودية، أضف إلى ذلك أنّه لم يكن طرفا من هذه الشيعة و لا من تلك. و قد عمِل، بدافع الخوف من اليهود ، كلّ ما من شأنه حتى يعدلَ اليهود عن مشروعهم. فلمّا وجد من إصرارهم على قتله ما وجد،لجأ إلى حيلة قانونية حتى لا يكون مسؤولا عن سفك دمٍ برئٍ . و قال لهم لست مختصًّا إقليما،فهذا الرجل جليلي و الجليل من اختصاص هيرودس(لو 23/7) . و أرسله إلى والي الجليل و كان يومئذ في أورشليم .و لسوء حظّ بيلاطس رُدّ إليه الرّجلُ بعدما أُلبس لباساً يلخّص معاني الاحتقار و السخرية منه
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1-(C’est toi qui dit que je suis roi) Voir TOB
36
لكنّ الحاكم أعاد الكرّة لعلّ اليهود يثوبون إلى رُشدهم قائلا – بمناسبة عيد الفصح ،و كان من عادته أن يطلق لهم سراح مسجون في هذه المناسبة – " أفتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود" (يو 18/39 – 40 ؛ لو 23/16 – 18 ؛ مر 15/9 – 11 ؛ متى 27/20 – 22 ). فصرخوا جميعهُم لا نريد هذا بل باراباس !و أشتدّ الخلاف بين الوالي و اليهود إلى درجة نفَذَ فيها صبُرُه ، و خاف على نفسه و منصبه لما هدّدوه برفع شكوى إلى قيصر إن هو أطلق من ظنّوه يسوع ، لأنّ كلّ من يتسامح مع رجل يدّعي أنّه ملك اليهود فهو متآمر على مُلك قيصر و على إستقرار الإمبراطورية ( أنظر يو 19/12) . و ما كان منه أخيراً إلاّ أن أذعن لإرادة اليهود،و غسل يديه أمام الملأ.لِيُعلِنَ براءته من دم المقبوض عليه،وأسْلَمَهُ للصلب .(متى 27/24 ). وإدّعاء المُلكِ تُهمَة سيّاسية خطيرة من شأنها أن تزعزع استقرار الإمبراطورية الرومانية وتدعو إلى العصيان المدني.و هو الأمر الذي لم تتسامح معه روما أبدا1.
ما مبرر نكران المقبوض عليه أنّه المسيح ؟
فَلِمَ يُنكر يسوع أنّه المسيح أمام السنهدرين و بيلاطس إن كان المقبوض عليه هو يسوع حقا ؟!…وللإجابة عن هذا السؤال نفترض ثلاثة فرضيات .و لا أعتقد أنّه يوجد أكثر .ثم نناقش كلّ واحدة لِنَرَ أيّها أصحّ .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1- الصلب عقوبة السرقة والقتل والخيانة وزعزعة الإستقرار في القانون الروماني زمن المسيح عيسى عليه السلام .وفي فلسطين ,زمن الرومان ,أعدم ألفان من اليهود الثائرين من قبل القائد العسكري كوانتيليوس فاروس ¬¬¬¬¬¬(50ق م –9 م) بعد موت هيرودس الأكبر.وفي السنة 7م صلب يهوذا الجليلي الذي قاد حركة التمرد ضد الرومان.(أنظر2433TOBP ).
.37
ـ الفرضية الأولى: يسوع لم يدّع أبدا أنّه المسيح قبل موتـه كـما افترض لوقا في سِفْرَيه1 وهذه الفرضية باطلة من الأساس.لأنه لا نستطيع حينئذ أن نفسّر كيف أتت فكرة اتهام اليهود ليسوع بالمسيح،و لما تقاطعت التُهمَتان الدينية والسياسية في كلمة "المسيح". فمعناها الديني هو "إبن الله"ولقد جدّف بإدعائه أنّه "إبن الله "هو الذي وُلِدُ من غير أب –على كل حال هكذا أرادوا أن يفهموها -.ومعناها السياسي"الملك"وقد يثير الفوضى و اللاستقرار في الإمبراطورية .إذن خلاصة القول لو لم يقل عليه السلام أنّه المسيح بشكل أو بآخر) وهو اسمه الثاني( لما وجد اليهود مبرّرا لإتهامه بالتجديف على الله من جهة، ولما إستطاعوا إقحام الوالي الروماني في قضية لا تعنيه مبدئيا من جهة أخرى .
ـ الفرضية الثانية : أنّه تحت وطأة الخوف من السنهدرين وبيلاطس أنكر أنّه المسيـح أو اسمه المسيح .وهذه أيضا فرضية باطلة .ويستحيل حتى في حقّ رجل شهم كريم أن يتنكّر لمبادئه وتعاليمه التي من أجلها ناضل طول حياته ،‎ليتخلّى عنها في لحظة خوفه ،وبخاصة من رجل علّم الإتّكال على الله وحده والخوف منه وحده قال :"لاتخافوا ممن يَقتلُ الجسَدَ ولا يستطيعُ أن يفعلَ بعد ذلك شيئا ،بل خافوا مِمّن إذا قَتلَ عذّبَ في نار لا تنطفئ"(متى 10/28 ؛ لو 12/5).
وقال أيضا عليه السلام "أليسَ خمسَة عصافيرَ تُبَاع بِفَلْسَينِ.وواحدٌ منها ليس مَنسيا أمام الله.بل شعرَ رؤوسِكم أيَضا مُحصَى.فلا تخافوا! أنتم أفضل من عصَافيرَ كثيرَةٍ "( لو 12/6 – 7 ؛ متى 10/29 – 31 ).
ــــــــــــــــــــــــــ
1- أنظر لو 24/26؛ 46 و أيضا سفر الأعمال 2/36.
38.
ــ الفرضية الثالثة:إذا تبيّن بطلان الإحتمالين السابقين بقي الإحتمال الأخير وهو أنّ الرجل المقبوض عليه ليس له من يسوع الاّ الصورة. ويذكر إنجيلا متى ومرقس أنّ الرجل المقبوض عليه كان جباناً شارد الفكر مُشَتّت القُوى مُنهَارُ الأعصَاب ،لا يُجيب بأيّ كلمة كأنّه مجنون .وبيلاطس نفسُه جَزَم أنّ تَبَكّم الرجل لا يتّفق مع شخصية يسوع الجذّابة وخطاباته القوية التي كانت تؤذي الذين كفروا به ولهذا تَعَجّبَ عجبا شديدا !( أنظر متى 27/12-14؛ مر15/5) … كيف لا يتعجّب من رجل صنع به الله عجائب لم يصنعْها أحَدٌ قَبْلَهُ : أحيا الموتى ، أبرأ البرص و العمى و العرج… و ملأت تعاليمه الأرض المقدسة . و منذ يومين فقط دخل الهيكل في عيد الفصح و طَرَد البَاعَة و قَلَب موائد الصَيارِفَة و كراسي بَاعَة الحمَام و قال : "مكتوبٌ بيتي بيتُ الصلاة يُدعى و أنتم جعلتُموه مغارةً للّصوص ! " ( متى 21/13 ؛ مر 11/17 ؛ لو 19/46). منذ يومين فقط ، صَدَع بالحقّ و جَابَهَ الفرّيسيين و الكَتَبَة بأغلظ الكلمات : " و يلٌ لكم أيها الكتَبَة و الفِرّيسيون المُرآؤون و المنافقون لأنّكم تُغلقون مَلكوت السّماوات قُدّام النّاسِ فلا تَدخُلون أنتم و لا تَدَعُون الدّاخلين يَدخلون . ويل لكم أيّها الكتبة و الفريسيون المرآؤون لأنّكم تأكلون بيوت الأرامل و لِعِلّة تُطيلون صَلواتكم . لذلك تأخذون دَينونةً أعْظم . ويل لكم أيّها الكتبة و الفرّيسيون المراؤون لأنّكم تطوفون البحر و البرّ لِتَكسِبوا دَخيلا واحدًا و متى حصل تَصنعونه إبنًا لجهنّم أكثرَ مِنكم مُضَاعفا . ويل لكم أيّها القادة العميان القائلون من حَلف بالهيكل فليس بشىءٍ ، و لكن مَنْ حَلفَ بِذَهَب الهيكل يَلتزِمْ .
39.
أيّها الجُهّال و العُميان أيّهُما أعْظمُ الذّهَبُ أمِ الهيكَلُ الذي يُقدّس الذَهَب . و مَنْ حَلف بالمذبحِ فليس بشيء . و لكن مَن حلف بالقُربان الذي عليه يلتزم . أيها الجهّال العميان أيّها أعظم القربان أمِ المذبحُ الذي يُقدّس القُربانَ.فإنّ مَنْ حلَف بالمذبحِ فقد حَلَف بِهِ و بِكُلّ ما عليه.و مَنْ حَلَف بالهيكَلِ فَقد حَلَف بِه و بالسّاكِنِ فيه.و مَنْ حَلَف بالسماء فقد حَلف بعَرشِ الله و بالجَالِسِ عليه ويل لكم أيّها الكتبة الفرّيسيون المراؤون لأنّكم تُعَشّرون النَعنَع و الشِّبِثَّ و الكَموُّن و تَرَكْتُم أثقَلَ النّامُوس : الحّق والرحمة والإيمان .كان ينبغي أن تعمَلوا هذه و لا تَتْرُكوا تلك .أيها القادة العميان الذين يُصَفّون عن البعوضة ويَبْلَعون الجَمَل . ويل لكم أيّها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنّكم تُنَقّون خارج الكأس و الصَحْفَة وهما من داخل مملوآن إختطافا ودعارة .أيها الفريسي الأعمى نـَقّ أولا داخل الكأس والصَحْفَة لكي يكون خارجهما أيضا نقيّا.
ويل لكم أيّها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنّكم تُشبِهون قبورًا مُبيّضة تظهرُ من خارج جميلة وهي من الداخل مملوءة عظامُ أمواتٍ وكلّ نَجَاسةٍ .هكذا أنتـم أيضا من خارج تظهرون للناس أبرارًا ولكنّكم من داخل مشحونون رياء وإثما .ويل لكم أيّها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتُزيّنون مدافن الصدّيقين ,وتقولون لو كنّا في أيام آبائنا لما شاركناهم في دم الأنبياء فأنتم تشهدون على أنفسكم أنّكم أبناء قتلة الأنبياء. فاملأوا أنتم مِكيال آبائكُم .أيّها الحيّاتُ أولادُ الأفاعي كيف تهربون من دَينونَة جهنم .لذلك ها أنا أرْسِلُ إليكم أنبياء وحُكماء وكَتَبة فَمِنهم تقتُلون وتَصلبون ومنهم تَجلِدون في مَجَامعكم وتطرُدون من مَدينة إلى مدينةٍ .لكي يأتي عليكم كلّ دم زكّي سُفِكَ على الأرض مِن دم هابيل
40
الصِّديق إلى دَم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح"( متى23/13-36؛ لو11/39-52؛ مر12/40 ). فرجلٌ هذه شيّمه و خصالُه لا يخاف من الموت و لا يجزع منها.
من هو الذي صُلب مكان عيسى عليه السلام ؟
ينقل علي بوعمامة و د.شرفي عبد المجيد في كتابيهما1 عن أصحاب الردود المسلمين قولهم :" ألقِيَ الشَبَهُ على تلميذ من تلاميذ عيسى عليه السلام فظنّه اليهود أنهّ صاحبهم الذي يريدونه ".والفكرة هذه لا تُقنع . إذ كيف يخّلص الله يسوع ويُطهّره من الصلب لِيصلِبَ صِدِّيقا آخر مكانه ؟ أ هكذا يكون مكر الله؟ و إلقاء الشَبَه على رجل بريء ظُلمٌ ويستحيل الظلم على ربّ العالمين .وهو تعالى حرّم الظلم على نفسه ،وجعله محرمّا فيما بيننا… إذن يجب أن نصل مبدئيا ،على أساس الايمان بعدالة الله ،أنّ الذي ألقي عليه شبه يسوع يستحقّ الصلب واللعن جزاء بما كسبت يداه :"وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون") النحل33(. تذكر الأناجيل وسفر الأعمال بالإجماع أنّ تلميذًا من تلاميذ سيّدنا عيسى عليه السلام كفر بعد إيمانه وازداد كفرا،اسمه يهوذا الإسخريوطي . وتذكر أيضا أنّه اختفى .واختفاؤه يبدو من الأناجيل،أنّه كان لغزاً محيّراً.ولهذا السبب اختلفت الروايات وتضاربت الأخبار في هذا الشأن .وكان المفروض أن لا يُذكر خبر موته وجريمته لأنه لم يفعل إلاّ ما أراد الله في مشروعه الأزلي الذي قررّ أن يُرسل ابنه،ولا يشفق عليه،ليموت على الصليب كفّارة عن خطايا البشر حسب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-La littérature polémique musulmane contre le christianisme depuis ses origine jusqu’aux XIII siécle. P189 .
وأنظر أيضا الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص385
41
معتقد بولس فلماذا يُجهد لوقا و مترجم متّى نفسيهما لِيقُصّا خبراً متنا قضا عن نهاية هذا الخائن الأثيم ؟! يورد مترجم متىّ خبر موت يهوذا قبل خبر محاكمة يسوع أمام بيلاطس. ممّا يدلّ على أنّ اختفاءه كان متزامنا مع اختفاء يسوع.أمّا لوقا فيورد خبره في سفر الأعمال و يتناقض مع مترجم متىّ في أنّ الذي اشترى الحقل بدارهم الجريمة هو يهوذا نفسه الذي سقط فيه على رأسه و اندلقت أمعاؤه،و لهذا سمُيّ الحقل بحقل الدّم.أمّا في مترجم متىّ فالكهنة هم الذين اشتروا الحقل بدراهم الجريمة التي رماها يهوذا بعد ندمه ثم شنق نفسه (متى 27/3-8؛ أعمال 1 /18-19).
و يذكر شارل دود أنه كانت للكنسية الأولى قصّة أخرى مختلفة تماما عن هذه التي تروي نهاية هذا الشقي1. كلّ هذه الراويات المتناقضة،و معتقدات المذهب الدوكيتي القديم،و الحجج الإنجيلية التي أوردناها،و على أساس إيماننا بعدالة الله تعالى و مكره الشديد،نرشّح يهوذا أن يكون هو المصلوب و بالتالي الملعون الذي يستحقّ ذلك بعدل الله تعالى لأنّه أراد أن يسلم بارّاً للأثمة ، تكذبيا له و صدّاً عن سبيل الله .
و خبرُ صلب يهوذا الإسخريوطي مَكَانَ يسوع معروفٌ لدى المسلمين من أهل الكتاب الذين أسلموا- و الذين كانوا يقينا على غير مذهب بولس- منذ القرن الثالث للهجرة و ليس كما يدّعي المسيحيون منذ اكتشاف إنجيل بارنابا فقط حيث أورده إبن جرير الطبري المتوفي سنة 310 هجرية في تفسيره باسم " يودس زكريوطا" (الجزء السادس ص ص 11- 12.في تفسير قوله تعالى و مــا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 -Le fondateur du christianisme. P160
42
قتلوه وما صلبوه و لكن شبه لهم.) و واضحٌ إنّ ابن جرير رحمه الله كان ينقل الاسم مباشرة عن اللّغة اليونانية . لكن المسلمين المعاصرين أُشكِلَ عليهم هذا الاسم كأنّه لا يعني يهوذا الإسخريوطي. و الأمر يسهل تفسيره ذلك لأنّه في زمن الطبري لم تكن الترجمات العربية للكتاب المقدس1 إلا في بدايتها و لم يكن إجماع على ترجمة الأسماء. و مثل هذا حدث كثيراً عند المسلمين كاسم " يوحنّس" بدل "يوحنا" في سيرة ابن هشام.
و لو كان السنهدرين مُنصفاً عادلا خائفا من الله ، لكان هو القاضي بين يسوع و تلميذه المرتدّ ليقضي لصالح البارّ و يفعلَ بِشاهدِ الزّور مثلما نوى أن يفعل بالبريء بحسب حكم الله في التوراة:" إذا قام شاهدُ زورٍ على إنسان لِيشهدَ عليه بِزيغٍ . يقف الرجلان اللذان بينهما الخصومَة أمامَ الرَبّ أمَامَ الكَهنة و القُضاة الذين يكونون في تلك الأيام. فإنْ فَحَصَ القُضاة جيّداً و إذا الشّاهِدُ شاهدٌ كاذبٌ قد شَهِد بالكذبِ على أخيه. فافعلوا به كما نوى أن يفعلَ بأخيه فَتنزِعون الشَرّ مِن وَسَطِكم ".(تث19/16-20).
لكن لماّ يكون الحَكَمُ خصمًا فَمن يقضي بين الناس ؟ أليس هو الله العدل الذي يحبّ الاستقامة ويمقتُ الشرّ ؟ ! فالملعون وممحوق البركة و المطرود من رحمة الله هو يهوذا لا يسوع البارّ .
من أضلّ الله تعالى و ما الحكمة؟
ويتعجّب ويليام كامبل من هذا الإله الذي يضلّ! يهيئ للنّــاس أنهـم صَلـبوا يسوع وفي الحقيقة لم يصلبوه !… نعَمْ الله يَخدعُ ويُضلّ الظالمين لا المؤمنين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لا توجد ترجمة عربية للكتاب المقدس قبل 737م أنظر Le peuple du Coran p 137
43
"إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم "(النساء 142). .وقال تعالى:"ويضلّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"( إبراهيم 27.) .وورد مثل هذا في الكتاب المقدس .تقول الرسالة الثانية لأهل تسالونيكي: "و لأجلِ هذا سَيُرسِلُ إليهم الله عَمَلَ الضَلاّل حَتى يُصَدّقوا الكَذِبَ لكي يُدان الجميع الذين لم يُصَدّقوا الحّق بل سُرّوا بالإثم "( II تسا 2/11-12) . فلم يُشبّه للذين آمنوا بعيسى،لأنهم كانـوا يعرفـون أن المصلـوب هو يهـوذا الاسخريوطي .إنّما شُبّه للذين كفروا به ليزدادوا ضلالا و إثما.وقد شاءت حكمة الله أن يكون عبده عيسى عليه السلام حَجَرَة المَعْثَرَة التي وُضِعت في صِهيون لِسُقوطِ وقِيّام كثيرين في إسرائيل (1بط 2/8 ؛ لو 2/34) .كما تنبأ بذلك أشعيا النبي . " هاأنذا أؤسّس في صِهيون حجرًا ، حَجَر امتحانٍ حَجَرَ زَاوِيَة كَرِيمًا مُؤسسا مُوَثّقا مَن آمن به لا يتزعزع " ( إش 28/14-16 ). لكنّ اليهود كفروا به فتحتّم عليهم تصديق الكاذبين بعدما كذّبوا الصادقين. فظهر فيهم دجّالون و مسحاء كذبة سني 66 م و 132 م لعلّ أشهرهم سمعان باركوكبا الذي إدّعى أنّه المسيح و لقي إعترافا من الكاهن عقيبة بن يوسف، فقاد الثورة اليهودية ضد روما، التي انتهت بخراب أورشليم و زوال إسرائيل كشعب من فلسطين1 . . و دفعوا ثمنا باهضا لضلالتهم.
هل بشّـر يسـوع بصلـبه وقيـامته مـن بـين الأمـوات ؟
حسب تعاليم بولس أنّ المسيح نزل من السمّاء في شِبهِ بَشَر، طاعة لأبيه، ليموت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-Encyclopedia Judaica. Keter Publishing House, Jerusalem.
A History of the Jewish People. H.H Ben Sasson, Editor Harvard University press, Cambridge, Massachusetts, 1969
.44
على الصليب،لأجل مغفرة الخطايا .ونُظّمت كلّ أسفار الإنجيل حول هذه العقيدة والأناجيل بالخصوص ترتّب أحداث حياة يسوع بالشكل الذي تُبرز فيه موته الخلاصي في أورشليم. تبدأ بخبر اعتماده من يوحنا ، ثم كِرَازَتٍه في الجليل وسفره المفصّل إلى أورشليم لتبدأ أخبار ألآمه من ليلة الفصح الأخير حيث يّرسم سرّ الافخارستيا، فالقبض عليه،ومحاكمته ونكران بطرس له,و صلبه و قيامته من بين الأموات . و الأّناجيل تؤكّد بشدّة على أنّ المسيح عيسى بشّر بصلبه و قيامته من بين الأموات.فإنجيل متىّ يورد خبر هذه البشارة ثلاث عشرة مرّة؛مرقس تسع مرات،لوقا ثماني مرات،يوحنا ثلاث مرات . و أوّل إعلان، لهذا الخبر العظيم في معتقدات بولس،ورد في مترجم متىّ . حيث طلب الفرّيسيون من يسوع عليه السلام آية ليجرّبوه . فتنهّد و قال :" لا يُعطى لهذا الجيل آية إلاّ آية يونان . مثلما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام و ثلاث ليال كذلك ابن البشر يكون في الأرض ثلاثة أيام و ثلاث ليال"( متى 12/40).
و يقصد مترجم متىّ أنّ يسوع سيموت و يبقى في بطن الأرض ثلاث أيام و ثلاث ليال ثم يقوم قاهراً لألام الموت . إلا أنّ أول إعلان واضح و صريح كان في قيسارية فيليبُسّ حيث بدأ يسوع يبيّن لتلاميذه أنّه ينبغي أنّ يمضي إلى أورشليم و يتألّم كثيراً من المشايخ و الرؤساء و الكهنة و الكتبة،و يُقتل و يقوم في اليوم الثالث . فأخذه بطرس نحوه و بدأ يزجره قائلا حشا لك يا رب! لا يكون لك هذا.فألتفت و قال لبطرس اذهب خلفي يا شيطان ! فقد صِرْتَ لي شكّاً لأنّك ترى كما يرى النّاس،لا كما يرى الربّ"( متى 16/21 – 23 ؛ مر 8/31 – 9/1 ؛ لو9/22).ثم بعد ستة أيام بالتمام من هذا الإعلان العظيم ، صعِد يسوع عليه
45
السلام وتلاميذه إلى جبل في الجليل و أضاء وجهُه كالشمس و صارت ثيابُه بيضاء كالثلج.و تراءى له موسى و إيليا عليهما السلام . فلمّا نزلوا من الجبل أوصاهم يسوع ألاّ يقولوا لأحد شيئا مّما حدث حتى يقوم ابن البشر من بين الأموات (متى 17/9 – 12 ؛ مر 9/8 – 9).. و يزيد إنجيل مرقس: فَكَتَمَ التلاميذ هذا الكلام في نفوسهم سائلين بعضهم البعض ما يعني إذا قام من بين الأموات!بعد ستّة أيام فقط ينسى الحواريون أعظم خبر أخبره يسوع! خبرٌ نزل على الحواريين ،في شدّته، كأنّه طوفان نوح، ينساه التلاميذ بعد أسبوع واحد!...صحيح قد لا يتنبّه كثير من الناس للخلل في هذا الخبر. لكن الذي يعرف من هو المسيح في الكتب، ورجاء إسرائيل الذي تعلّق به و الحماسة التي تتّقد في قلب الشعب شوقا إليه و انتظارا له، لا يصدّق خبراً مثل هذا.
كان شعب إسرائيل ، زمن يسوع ، قد انتظر المسيح منذ ألف و خمس مئة سنة . و المسيح أعظم شخصية في أسفار الكتاب المقدس ؛ تنبّأ به كل الأنبياء ابتداءً من موسى عليه السلام .و لا يوجد إسرائيلي واحد قديما أو حديثا لم تُحدّثه نفسُه عن هــذه الشخصية التي تتمّ فيها بركات الله.و هو الذي يخلّص إسرائيل من مضايقيه ، و يكسر نير العبودية التي خضع لها شعب الله المختار منذ حملة نبوخذ نصّر البابلي إلى زمان يسوع، و يَرُدّ لهم سلطانَهم المغتصب، ويحكم من النهر إلى النهر و ينتقم الله على يديه من الظالمين و يكونون أمامه كالعُصَافة ، و تلحَسُ الدنيا غبار نعليه و تعطي له الأمم الجزية ، و يُزهر العدلُ و يَكثرُ الرّخاء في زمانه،و يقضي بالحقّ و يرفع الظلم عن البائسين،و يستحيي الوثني بوثنيّته و لا يُقال في زمانه : خَفِ الربّ! لأنّ الكلّ يعرف الربّ و
46
تمتلئ الدنيا بالأتقياء.فلو قال عيسى عليه السلام أنّه سيتألم ابن البشر من المشايخ و الكهنة و الكتبة و يُصلب،لكان هذا الخبر صدمة رهيبة على عقول الحواريين أشدّ من وقع قنبلتي ناغازاكي و هيروشيما على أبناء القرن العشرين، يستحيل نسيانه مدى الدهر.فكيف ينُسى بعد ستة أيام ؟!و ذلك للبون الشاسع بين المسيح الجبّار كما تنبّأت به الكتب و يسوع الذي يعلن عن نهايته الحقيرة الملعونة و يموت و شعبه يئنّ تحت وطأة الوثنيين . ولقد شدّ انتباهي مرّة على شاشة التليفزيون دخول الرئيس بيل كلينتون إلى محلٍّ في شرم الشيخ – و كان هناك بمناسبة القمة لأجل مكافحة الإرهاب – ليشتري بعض الهدايا . .. فخبرٌ مثل هذا رغم أنّه مضت على الحادثة أكثر من إثنتي عشرة سنة و أنّه لا يعنيني لا من بعيد و لا من قريب ، فإنيّ لازلت أذكره . و إنّي أتوقّع أنّ صاحب المحلّ لا ينسَ هذا مادام حيّاً و سيحكيها لأولاده ، و أولادُه لأولادِهم فكيف ينسى الحواريون خيبة الأمل في ملك الملوك على الأرض ألا و هو المسيح ؟!
و يذكر مترجم متىّ أنّ يسوع أعلن لرابع مرّة هذه البشارة في الجليل و يبدو من حزن الحواريين أنّه فهموا قصده جيّداً(متىّ 17/22 – 23 ؛ مر 9/30 – 31 ؛ لو 9/44 – 45). و لمّا بدأ رحلته الخلاصية إلى أورشليم أعلن لخامس مرّة هذا الخبر و يبدو من طلب أم ابني زبدى ، أن يجعل أحد ابنيها عن يمينه و الآخر عن يساره و مساءلة يسوع لها هل يستطيعان أن يشربا من الكأس التي هو مُزمعٌ أن يشربها ، أنّ التلاميذ فهموا جيدا(متىّ 20/20 – 24 ؛ مر 10/33 – 40 ؛ لو 18/31 - 34) . و قبل عيد الفصح بيومين فقط أعلن لهم لسادس مرّة أنّه يُصلب، و لمّا زار امرأةً في بيت عانيا سكبت طيبا على رأسه
47
و تقول الأناجيل أنّه قال : " إنما صَنعَت هذا لدفني"و هو سابع إعلان (متىّ 26/12 ؛ مر 14/8 ؛ يو 12/7 ؛ لو 7/36 – 37) .و من مكانه هذا أرسل تلميذين له إلى أورشليم لتحضير عشاء الفصح الأخير و قال لهم – كما تقول الأناجيل – "قولوا لصاحب الدار أنّ زماني قد اقترب " (متىّ 26/18 ). و هو ثامن إعلان له . و لما احتفل بعــيد الفصح مع خاصته عليهم السلام – تقول الأناجيل – أنّه قال : " إنّ ابن البشر ماضٍ كما هو مكتوبٌ عنه و لكن الويل لذلك الذي يُسلم ابن البشر "( متىّ 26/24 ؛ مر 14/21 ؛ لو 22/21) . و هو تاسع إعلان له . و رسّم سرّ الافخارستيا و هو أعظم سرّ بعد التعميد و لا يوجد اختلاف بين مسيحيين في أنّهما الرُّكنان الأساسيان في المسيحية و هو السرّ الذي يُذكّر المؤمنين بموته الخلاصي الذي جاء من أجله و لما خرج عليه السلام إلى جبل الزيتون ، بعد تناول عشاء الفصح تقول الأناجيل أنّه قال :"ولكن متى قُمْتُ سَبِقتكم للجليل"( متىّ 26/32 ؛ مر 14/27 – 28 ). وهو عاشر إعلان له. و نام أصحابه عليهم السلام ، و كان الليل قد لفّهم بظلامه البهيم و رَغِبَ عليه السلام في الصلاة ،وكان يصلّي في مكان بعيد بعض الشيء عن تلاميذه ، فلما رجع تقول الأناجيل أنّه قال : " ناموا الآن و استريحوا فقد اقتربت الساعة و ابن البشر يُسْلَمُ إلى أيدي الخطأة قوموا لِنَنْطلق فهو ذا قد قَرُبَ الذي يُسلمني"( متىّ 26/45 ؛ مر 14/41 – 42 ). و هو الإعلان الحادي عشر له و لما حضر يهوذا التلميذ الخائن تقول الأناجيل عن يسوع أنّه قال : " افعَلْ فِعْلَتك! "( متىّ 26/50) . و هو الإعلان الثاني عشر له . و استلّ أحد التلاميذ سيفه و ضرب أذن خادم الكاهن و تقول الأناجيل أنه قال:" أردُدْ سيفَك إلى غِمده
48
لأنّ كلّ من يأخذ بالسيف ، بالسيف يَهلك أتظن أنّي لا أستطيع أن أسأل أبي فَيُقيم لي في الحال أكثر من اثنتي عشرة جَوْقَةً من الملائكة و لكن كيف تتِمّ الكتبُ فإن هذا ما ينبغي أن يكون"(متىّ 26/54 ؛ مر 14/48 – 49). و هو الإعلان الثالث عشر عن موته مصلوبا و قيامته.و رغم أنّ السلطات الدينية اليهودية كانـت تخشى الجماهير الواسعة التي أتت مع يسوع من الجليل أو حضرت من كلّ مكان (مر14/1-2؛ لو 19/47 – 48)، لتحتفل بعيد الفصح – هذه الجماهير التي استقبلت يسوع لما دخل أورشليم استقبالا حاراً حيث فرشوا ثيابهم و قطعَ بعضُهم أغصانا من الشجر و هم يصرخون قائلين :"أوصنّا لابن داوود .مُباركٌ القادِمُ باسم الربّ،أوصّنا في الأعالي" (متى21/9 ؛مر11/9-10 ؛لو 19/38). إلاّ أن الأناجيل تتّفق في أنّ إلقاء القبض على الرجل كان في عيد الفصح .و رغم أنّ شعبية يسوع كانت واسعة ، لكنّ الأناجيل لم تذكر أيّ اضطراب حدث في تلك الليلة،و مرّت هادئة كأنّ شيئا لم يحدث.و الأعجب من هذا أنّ محاكمة الرجل لم يحضرها إلاّ اثنان من التلاميذ(متىّ 26/58 ؛ مر 14/54 ؛ لو 22/55 ؛ يو 18/15). ومحاكمة يسوع حسب عقيدة بولس ، هي بداية مَجْدِه الذي يبلغ أوُجّه على الصليب فهل هذا الموقف يتّفق و يتناسب مع الخبر الذي ما انفكّ يسوع أن بشّر به و الذي من أجله نزل من السماء؟!لاشكّ أنّ هذا الهدوء له ما يبرّره.فالمؤمنون علموا يقينا أّن المقبوض عليه ليس يسوع ... فهل نُصدّق بعد هذا أنّ يسوع بشّر بآلامه على يد المشايخ و الكهنة و الكتبة و صلبه و قيامته ؟! و المسيح الذي جاء خصّيصا ليتألّم على الصليب طواعية لا مُكرهًا ارضاءً للآب، وخلاصـا للبشريـــــة الــتي ورثـــــت
49
الخطيئة جزِعَ من الموت وصرخ وهو يقول : "إلهي …إلهي لماذا تركتني" فهل يقول هذا ابن الله الذي وَطّنَ نفسَه منذُ الأزل لهذه المهمّة. وقد تفطّن لوقا لخطر هذا الجزَعِ على عقيدة الخلاص فبدّل مقولة الضَجَر بمقولة الرِّضا وجعل في فم المصلوب قوله : "يا أبتاه اغفر لهم فإنّهم لا يعلمون" و لم يحضر له أحدٌ من الحواريين في آلامه لِيُعَاينَ ذِروة سنام عمله الخلاصي! … و لم يخص متىّ بالذكر إلاّ مريم المجدلية و مريم أم يعقوب و يوسي و أم ابني زبدى ؛ أمّا في نص يوحنا فلم يزد عدد الواقفين على صليبه عن أربعة : ثلاث نساء ، أمه السيدة مريم عليها السلام ؛ و أخت أمه زوجة كيلوبا و السيدة مريم المجدلية و التلميذ الذي يحبّه . ففي كلّ نصوص الأناجيل المتشابهة لم يحضر تلميذ واحد إلى خشبة الصليب ، إذا استثنينا إنجيل يوحنا الذي يذكر أنّه حضر تلميذ واحد مع ثلاث نسوة (متىّ 27/55 – 56 ؛ مر 15/40 – 41 ؛ لو 23/27 – 30 ، يو 19/25 – 26) .فهل نصدّق أنّه بشّر بموته كفارة عن خطايا البشر ؟ هذا الموت الذي فيه مُجّدَ الابن وصار ربّا و مسيحا،و إيذاناً بمجيء ملكوت الله!(اع 2/36 ). و تقول الأناجيل أنّ المسيح صُلب يوم الجمعة في عيد الفصح بعد الظهيرة ، و قُبِر في اليوم نفسه ، و مضى عليه السبت ميّتا و لكن كما بشّر أربع عشرة مرّة يجب أن يقوم في اليوم الثالث كما في الكتب أي (بعد ستا وثلاثون ساعة فقط).و هذا اليوم هو يوم ميلاده من الله بقوة روح القدس (رو 1/4) . لكن لسوء حظ كنيسة بولس ،أنه لم يحضر أحد من تلاميذه لمعاينة قيامة المسيح المجيدة ، ولم يحضر إلى قبره غير ثلاث نسوة : مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة، لا لمعانية مجد يسوع لمّا يقوم من بين الأموات، لكن
50
لأجل تحنيطه . ولم يذكر متّى إلا امرأتين ؛ وأمّا لوقا فذكر عددًا من النساء اللاتي زرن القبر وخصّ بالذكر منهن.: مريم المجدلية و يوّنا ومريم أم يعقوب لكن ليـس لمشاهدة قيامة المسيح ، لكن لتحنيطه.أما يوحنا فلم يذكر إلا زيارة مريم المجدلية لغرض الزيارة،لأنّها اندهشت لما رأت القبر فارغا . وكانت تبكي لأنّهم أخذوا سيّدها و لم تعلمْ أين وضعوه! (مر16/1-2؛ متى28/1 ؛ لو24/1 ؛يو20/1).و هذا يبّين بشكل قاطع أنّ فكرة قيامته لم تَدُر أبداً في خلدها . كلّ هذه النصوص تكذّب تكذيباً قاطعا أنّه بشّر بموته. و لمّا قام من بين الأموات وترآءى لمريم المجدلية و أخبرت التلاميذ لم يصدّقها أحد.و ترآءى لأثنين من الحواريين و لم يصدّقهما أحد. و لم يصدّق الحواريون كلّهم خبر ظهور يسوع للنساء.و مريم المجدلية نفسها لمّا ترآءى لها يسوع لم تصدّق هي أيضا عينيها. و توما هو أيضا لم يصدّق خبر قيامة يسوع حتى يضع أصبعه في موضع المسامير وحتى يلمس أضلعه (مر16/11-13؛ لو24/11؛ يو20/14؛ يو20/25-26) . كلّ هذا التكذيب من الحواريين لخبر قيامة يسوع كان بعد يومين فقط من ترسيم يسوع الرسم الأعظم في الكنائس كلّها ألا وهو رسم الأفخاريستيا، و بعد ستٍ و ثلاثين ساعةٍ فقط من صلبه . تقول الأناجيل: " وفيما هم (الحواريون) يأكلون أخـذ يسـوع خـبزاً وبـارَكَ و كَسّرَ و أعْطــاهُم وقال خُــذوا كُــلوا هذا هو جَسَدي.ثم أخَذَ الكأسَ و شَكَرَ و أعطاهُم فَشَرِبُوا منها كُلّهم وقال لَهُم هذا هو دَمي للعَهدِ الجديد الذي يُسفَكُ من أجل كثيرين"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-النص لمرقس14/22-23؛ متى26/26-30؛ لو22/15-20؛ يو6/51-54؛ 1كو11/23-25.

51
ويجب أن نؤكّد أنّ يوحنا لم يذكر سرّ الأفخارستيا لكن ذكر ما يقابله في غير ليلة الفصح.حيث يضع في فم يسوع:" أنا هو خبز الحياة "…" هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان و لا يموت". فهل يُعقلُ أن ينسى جميع التلاميذ هذا الخبر بعد يوم و نصفٍ فقط؟ و هل تصمدُ هذه النصوص أمام النقد؟ .لا أشكّ من جانبي أنّ يسوع عليه السلام قد ترآءى للتلاميذ بعد حادثة الصلبِ و على رأسهم السيّدة مريم المجدلية و ذلك ليُكذبَ أنّه صُلبَ. و دلائلُ صدقِ الرواية قوية لأنّ الأتاجيل أجمعت على أنّ السيّدة مريم هي التي وقفت على الصليب ( يو 19/25 ؛ مر 15/40 ؛ متى 27/56) و هي التي زارت القبرَ في صبيحة يوم الأحد ( يو 20/1 ؛ لو 24/10؛ مر 16/1 ؛ متى 28/1) و هي التي ترآى لها يسوع ( يو 20/15-18 ؛ مر 16/9 ، متى 28/9). و يبدو أنّ القصّة منسجمة و متناسقة و تُفسّرُ بأنّ السيّدة كانت بالفعل تعتقدُ أنّ المصلوبَ هو يسوع ذلك أنّه لم يكن لديها علمٌ عن ملابسات القضية لأنّها قضت ليلتها في أورشليم و ليس مع يسوع و الإحدى عشر عليهم السلام في جبلِ الزيتون. لهذا كان واجبا على نبي الله أن يبيّن لتلاميذه أنّه لم يُصلب. إذ لو تُرِكَ الأمرُ كذلك لكفرَ التلاميذُ كلّهم بيسوع و وُئدَت دعوتهُ في المهدِ و هذا ما كان يريده خصومُه إذ يستحيلُ أن يؤمنَ يهوديٌ بصلاح و عدالة رجُلٍ مصلوبٍ مثلما يستحيلُ أن يؤمنَ مسلمٌ بصِدقية رجـــلٍ مرجومٍ.
هــل عـقيــدة الفــــداء كتــــابــــية؟
علّم بولس: "لأنّه بِمَا أنّ المَوتَ بإنسانٍ فَبإنسانٍ قِيامةُ الأمواتِ.فَكَمَا في آدم يَمُوت الجميعُ كذلك في المسيح يَحْيا الجميعُ".وهذه الفكرة الأساسية في معتقدات بولس
53
وقد وردت بوتيرة كبيرة في الإنجيل1.و يقصد بكلامه أنّ الجنس البشري وَرِثَ الخطيئة عن أبيه آدم.فالإنسان في المسيحية ليس مسؤولا عن خطيئته ولا عن تبريره…..فَخطىء لِخَطأ آدم و بُرّر بموت يسوع! و لو وَرِثَ البشَرُ خطيئةَ أبيهم آدم لكان أول من يَتَكَلّم عنها التوراة و الأنبياء و المزامير. فهل ورد شيء من هذا يؤكّد مقولة بولس؟ لا يوجد نبي واحد أو سفرٌ واحدٌ يقول أنّ الإنسانَ مَدينٌ منذ ولادته، بما فيهم يسوع عليه السلام. و تؤكّد التوراة على أنّ الإنسانَ مسؤولٌ عن خطيئتِه لوَحده؛ وأنّه لا يَحلّ أن يعاقب الأبناء بذنب أبائهم ؛أو الأباء بذنب أبنائهم:" لا يُقتَلُ الأباءُ بالبنين ولا يُقتَلُ البنون بالأباء بل كُلّ إمرِىء بَذنبه يُقتَل"( تث24/16). و يؤكّد النبي حزقيال هذه العقيدة العادلة بقوله: "مَا بَالُكُم تَتَمَثّلون بهذا المَثَلِ في أرض إسرائيل قائلين الأباءُ أكلوا الحِصْرِمّ و أسنانُ البَنينَ ضَرِسَتْ! حَيٌّ أنا يقول السيّد الربّ لا يكونُ لَكُم مِن بَعد أنْ تَتَمَثّلوا بهذا المَثَل في إسرائيل…..النفسُ التي تُخطِىء هي تَموت.الإبنُ لا يَحمِل إثمَ الأب و الأبُ لا يَحمِل إثْمَ الإبن .بِرّ البَارّ عليه يَعودُ، و نفِاقُ المنافِق عليه يَعود و المنافِق الذي تابَ مِن جميع خطاياه التي صَنَعَها وحَفِظَ جميع رسومي و أجْرَى الحُكمَ و العدلَ فإنّه يحيا حَيَاةً ولا يموت"(حز18/2-20) .و يُكذّب النبي داوود ادّعاء بولس الباطل، كأنّه عاَش في زمانه قال : "لا يَفْتَدي أحَدٌ أخاه أصلا ولا يُعطي كفّارةً عنه"(مز49/8 ) .
ــــــــــــــــــــــ
1- 1كو15/1-21؛ متى26/28؛ مر14/24؛ لو22/20؛أع13/27، أع13/38-39؛ رو3/25-26؛ 5/9؛ 15/12-13؛ 5/14؛ 5/19؛ 5/20؛ 6/6-7؛ 8/3؛ 8/32؛ 1كو10/16؛ 15/3-8؛ غلا1/4؛ 3/13؛ أف1/7؛ 5/2؛ يو1/29.
53
وهذا المزمور يدعّم ما جاء في التوراة و الإنجيل من أنّ الإنسان رهينٌ بما كسبَ، ولا يحمل خطيئة غيره.ففكرةُ الخطيئة و الفداء و الخلاص و المخلّص لا توجد رائحتها في الكتب المقدّسة مطلقا فمن أين أتت؟ يجب ألاّ ننسى أنّ مُعلّم النصرانية، التي تعيش اليوم، هو بولس الهِلِنِسْتي، لا يسوع الناصري عليه السلام. وقد استقى بولس من بيئته الوثنية في طرسوس و ما حولها من العالم الإغريقي الروماني المّادة الخام التي على ضوئها فسّر حياة يسوع حتى تلقى صدًا عند الوثنيين ويسهل عليه بالتالي تَلْمَذَتهم على يديه. و يعترف النصارى حتى الأقدمون منهم بوجود شَبَهٍ سَاطِعٍ بين عقيدتي التعميد و الإفخارستيا و شعائر الديانات التي عاشـت بين بلاد ما بين النهرين وآسيا الصغرى. وقد نقل جوستين الشهيد( 170م) أنّ أسرار ميثرا احتوت على نوع من الشعائر تفـرض
تقديم كأسٍ و قطعة خبزٍ إلى المؤمنين مع النُطق ببعض العبارات.و هو ما يفعله النصارى تماماً في تناول القربان. فالإله المنقذ في هذه الديانات يتعذّب و يموت لكنّه يقهر ألام الموت إذ يقوم من جديد. وحتى ينجو المؤمن يجب أن يشارك إلهه العذاب و الموت ثم القيامة ليجد معه الحياة الأبدية السعيدة1.
هــل بشّــر الأنــبيــاء بصــلــب المـسيــــح؟
قبل أن نبحث في هذا الباب، نقول أنّ القول بأنّ الكتب المقدّسة تنبّأت بصلب المسيح حماقةٌ و ليس خطأٌ. صلب يسوع عليه السلام مبادرة يهودية. فالحاكم الروماني لمّا اقترح لليهود بمناسبة عيد الفصح من يريدون أن يطلق سراحه يسوع أم بارباس، قالوا نريد باراباس . فسألهم و ماذا أفعل بيسوع الذي يدعى المسيح؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-المسيحية نشأتها وتطوّرها ص ص74،77.
54
فأجابوه أصلبه!...أصلبه!( أنظرمتى 27/15-16؛ مر15/6-15؛ لو23/13-25؛ يو18/39-19/16 ). فكيف يُعقلُ أنّ مجلس علماء اسرائيل و على رأسهم الكاهن الأعظم يصلُبُ يسوع، و قد كفروا به و عملوا كلّ ما من شأنه التشكيك في دعوته ،إن كانوا موقنين من التوراة و الكتب المقدّسة أنّ المسيح يُصلب؟ هل تصل بهم الغباوة و الحماقة حتّى يؤكّدوا بجريمتهم هذه أنّ يسوع هو بالفعل المسيح المنتظر؟ .
في تعاليم بولس و كنيسته، بشّر الأنبياء بصلب المسيح وقيامته. وهذه سخافة، إذ كيف يبشّر الأنبياء بنبي ملعون؟!…فالملعون لن يكون إلاّ مجرماً مفتريا كذّاباً على الله و حاشا لسيّدنا عيسى عليه السلام أن افترى على الله كذباً.بل كان مَرجِع الطُهر و الإيمان و خشية الله و كان مَثَلا لبني إسرائيل. فأين النصوص من العهد القديم التي تتنبّأ أنّ المسيح يُصلب و يقوم من بين الأموات في اليوم الثالث؟! قال لوقا: "أنّه يَمضي كما هو مكتوبٌ"(لو22/22). و تعلّق الترجمة المسكونية على هذا النصّ بقولها: " إنّ لوقا بهذه العبارة يفسّر فكرة اليهود عن الكتابات التي تتمّ"1. وبدل أن تذكر لنا الكتابات التي يمضي حسْبَها ابن الإنسان مصلوبا، آثرت أن تسلك هذا السبيل حتى تُغطّي على المشكلة القائمة. وإذا كان اليهود يعرفون من الكتابات أنّ المسيح سيموت مصلوبا،فلن يكونوا أبداً أغبياء لهذه الدرجة ليعطوا يسوع سلاحا يستعمله ضدّهم: وهو صلبه.و هم الذين كفروا به و عمِلوا المستحيل للصدّ عن سبيله.وتعترف الترجمة المسكونية أنّه لا يوجد نص في العهد القديم يمسّ خيانة ابن الإنسان من قِبَلِ تلميذه، ولكن –
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- TOB p2523
55
تقول – قد يشير المزمور41/10 إليها بشكل عام: "بل صاحِبَ سَلامي الذي اتّكَلْتُ عليه و أكَلَ خُبزِي هو رَفعَ عَليّ عَقِبَه " و لا أسهل من بتر النصوص مـن أيّ كتاب دون مراعاة لسياقها التاريخي و النصّي وتفسيرها كيف ما يروق لنا. و التفسير المعتسف للنصوص و التأويل الباطني لها حِرفةٌ يُتقنها بولس و أتباعه كما سنرى. و لكن إذا أكملنا النصّ نجد : " بهذا أعلم أنّ هواك فِيّ أن لا يُشمِتَ بي عدوّي". و النبي داوود يتكلّم عن تجربته التي خرج منها منتصراً بتأييد الله، لكن يسوع أُسْلِمَ و شمَتَ به أعداؤه حسب الأناجيل. و أشهر نص يستدلّ به النصارى على ألآم المسيح هو نص أشعيا53/1-13 : " منْ آمَنَ بما سُمِعَ مِنّا ولمن أُعلِنت ذراعُ الربّ. فإنّه ينبتُ كفرخٍ أمامه و كجَرثومة من أرضِ قاحلةٍ.لا صُورَة له و لا بَهَاء فنَنظرَ إليه و لا مَنظَرَ فَنَشْتهيه، مُزْدَرىً ومَخذولاً من النّاس رجلُ أوجاعٍ و مُتمرِّسٌ بالعاهاتِ و مَثلُ ساترٍ وجهَه عنّا.مزدرىً فلم نعبأْ به، إنّه لقد أخذَ عاهاتِنا و حمَِل أوجاعَنا فحَسِبْناه ذا بَرَصٍ مَضروبًا من الله و مُذلّلاً.جُرِح لأجل مَعَاصِينا و سُحق لأجلِ أثآمِنا، فَتأديبُ سَلامِنَا عليه و بشِدْخِه شُفينا.كُلّنا ضَللنا كالغنم كلّ واحدٍ مَالَ إلى طريقه. فألقى الربّ عليه إثمَ كلّنا.قُدِّم وهو خاضِعٌ ولم يفتَحْ فاه.كَشَاةٍ سِيقَ إلى الذَّبح و كَحَمَلٍ صامتٍ أمام الذين يجزّونه ولم يفتح فاه .من الضيق و القضاء أُخِذَ ومن يَصف مولدَه.إنّه انقطع من أرض الأحياء ولأجلِ مَعصِية شعبي أصَابَتْه الضَربة فمُنِح المنافقون بقَبْرِه و الأغنياء بَمَوته لأنّه لم يصنعْ جَوْراً ولم يوجد في فمه مكرٌ. و الربّ رَضِي أن يسحقه بالعاهات.فإنّه إذا جعل نفسَه ذبيحةَ إثمٍ بَرَى ذُرّية و تطولُ أيّامُه و مرضاة الربّ تنجحُ على يده لأجل عَنَاء نفسِه يَرَى و يَشبَعُ و بعلمِه يبرّر الصدّيق عَبدِي كَثيرِين وهو يَحْمِل
56
آثامَهم. فلذلك أجعلُ الكثيرين نصيبا له و الأعزّاءَ غنيمتَه لأنّه أفاضَ للموتِ نفسَه و أُحصِي مع العُصاة وهو حَمِل خطايا كثيرين و شَفِع في العُصَاة" .و هذا النصّ ورد كثيراً أو أشارت إليه أسفار الأناجيل. تقول الترجمة اليسوعية :" هذا النصّ يتنبّأ بإهانات المسيح و ألآمه وما يتلوها من تمجيد وعَقدِ مُلكِه على جميع الشعوب1". أمّا الترجمة المسكونية فتقول: "عند البعض و خاصة في التقليد اليهودي النص52/13-53/12 يتكلّم عن شعب إسرائيل الوفيّ الـذي سُحق في الجلاء ببابل ثم افتقده الربّ برحمته و كرمه. أمّا يوحنا المعمدان و التقليـد الكنسي فيطبّق هذا النصّ على يسوع خادم الربّ البارّ القادر على حمَلِ و تحمّلِ و مَحوِ الخطايا لجميع الناس و أخيراً مُنتَصِرًا على الموت و جاذبا إليه ناسا كثيرين لأجـــل خلاصهم"2. و في رأينا لا هو شعب إسرائيل و لا يسوع المتنبّأ به في هذا النصّ. و النصّ يرسم صورة متكاملة للنبي إرميا عليه السلام، و كثير من نصوص هذه البشارة نسبها النبي إرميا لنفسه. و حجّتنا أقوى إن شاء الله.و لنحلل هذه النبوة إلى جزئياتها و سنرى إذا كانت تنطبق على شعب إسرائيل أو عيسى أو النبي إرميا عليهما السلام." لا صورة له ولا بهاء فننظر إليه و لامنظر فنشتهيه مزدرى مخذولا من الناس" نصّ مثل هذا لا ينطبق على يسوع عليه السلام لأنّه كان ذائع الصيت و قد ثبت أنّه وُلِد ميلاداً معجزاً، و بَكّتَ علماء الشريعة وهو في السنّ الثانية عشرة من عمره. و عمل المعجزات العجيبة. فقد أطعم من أربعة ألاف إلى خمسة ألاف من خبزتين و خمس سمــكات، و أحيــا
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1-الترجمة اليسوعية ص537
2-الترجمة المسكونيةTOB p875
57
الموتى و أبرأ البُرص و العُمي و العُرج و مشى فوق الماء و أسكت الرياح. و من كلّ مكان أتت إليه الجموع لتطلب بركته و علمه. وكان الناس يسمّونه معلّما. فهل تصحّ هذه النبوة على عيسى عليه السلام؟بينما إرميا عليه السلام لم يفعل ولا معجزة واحدة. و كان يتنكّر له كلّ الشعب، وحتى خاصة أهل بيته( إر12/6)..ولمّا كتب نبوته إلى الملك مُنذرا له من العقاب المحُقّ على أورشليم مزّق كتابه و رماه في النار(إر36/23-26) . وكان الشعب كلّه يُهدّده بالموت، و أيضا سلطات الهيكل. وضُرب ضرباً مبرّحا1، وهُجّر بالقوة إلى مصر(إر43/6-7). " جُرِح لأجل معاصي شعبه وسُحق لأجل آثامهم". لأنّ الربّ قال لإرميا :"و ربّ الجنود الذي غرَسَكَ قد تكلّم عليك بِشَرّ لأجل شَرِّ آل إسرائيل و آل يهوذا الذي صنعوه لِيُسخِطُونَني بِتَقتيرِهِم للبَعل"( إر11/17) . وكان قد سمّاه الربّ عزّ و جلّ بالزيتونة الخضراء الجميلة ذات الثمر الأنيق. و يقول إرميا: "و لم أعلم أنّهم فكّروا عليّ أفكارًا أن لِنُتلِفِ الشجرة مع طعامها"( إر11/19) . ولهذا قال النبي أشعيا: " و كجرثومة أو جذرٍ في أرض قاحلَةٍ". جذرُ شجرة الزيتون في أرض قاحلة تمثّل جَفَاء إسرائيل الذي رفض الزيتونة الطيّبة المباركة التي يُستضاء بزيتها." كلّنا ضَلَلْنا كالغَنَم كلّ واحدٍ مَالَ إلى طريقه" لأنّ بني إسرائيل في زمانه انقسموا فئتين عظيمتين تجاه الخطر البابلي الذي يهدّد الأرض المقدّسة. فئة رأت من صالح إسرائيل أن تتحالف مع الفراعنة، و فئة أخرى تبنّت المقاومة الداخلية لإنتزاع الحرية و كان على رأسها إسماعيل بن نتانيا بن أليشاماع ، من عائلة ملكية. فإختلف بنو إسرائيل كالغنم التي ضلّت الطريق. و
ــــــــــــــــــــــــــ
1- أنظر على الترتيب إر12/1-6 ؛ إر26/6-12 ؛ إر37/15.
58
كان النبي إرميا وحده مع كاتبه باروك بن نيريا بن معسيا يريان في بابل عصا الربّ لتأديب شعبه، و لهذا فلا مناص من التسليم بها و قبولها. " لم يفتحْ فاهُ كَشَاةٍ سِيقَ للذَبحِ و كَحَمَلٍ صَامِتٍ أمَام الذين يجزّونه ولم يفتح فاه". وقد قال النبي إرميا عن نفسه مطبّقا كلام أشعيا عليه السلام: " وكنتُ أنا كَحَمَلٍ أليفٍ سيق إلى الذبح ولم أعْلَم أنّهم فَكّروا عليّ أفكاراً"( إر11/19). " إنّه إنقطع من أرض الأحياء و لأجل مَعصِية شعبي أصَابته الضَربة" وقد قال إرميا عليه السلام عن نفسه مصوّراً الظّالمين الذين تآمروا على قتله:" لِنُتلِفْ الشجرة مع طعامها و لِنَقطَعه من أرض الأحياء ولا يُذكر اسمُه بعد"( ار11/19). و الكلام غني عن كلّ تعليق." رَجُل أوجاعٍ و مُتَمِرّسٍ بالعَاهَات" . و قال ارميا :" ويلٌ لي يا أمي لقد ولدتيني إنسانَ خصامٍ و نِزاعٍ للأرض كلّها. إنّي لَم أقرِضْ و لم يُقرِضْني أحدٌ و كلّ واحِدٍ يَلعَنُني"(إر15/10) . وهذا الكلام يفسره قول أشعيا أيضا :" لم يصنع جوراً ولم يوجد في فمه مكرٌ "." و مَثَلُ ساتِرٍ وجهَه عنّا، مُزدرى لم نَعبأ به، إنّه قد أخَذَ عَاهَاتِنا و حَمِلَ أوجَاعنا فحَسِبنَاه ذا بَرصٍ مَضروبا من الله و مُذلّلا" كأنّه عليه السلام صاحب عاهة،انعزل عن الشعب،وحمل في قلبه ألآم شعبه الذي أراد له الخير لكنّه كافأه بالشَرّ. ولشدّة عزلته عن الشعب حتى كان كأنّه أبرص ـ و الأبرص نجِسٌ في شريعة التوراة لا يقربه أحد حتى لا يتنجّس ـ وقد أمره الربّ عزّ و جلّ أن ينعزل عن الشعب :" لا تتّخذ لك امرأة و لا يكن لك بنونا و لا بناتٍ في هذا الموضع.فإنّه هكذا قال الربّ على البنين و البنات المولودين في هذا الموضع وعلى أمّهاتهم اللاتي ولدنهم وآبائهم الذين ولدوهم في هذه الأرض. إنّهم سيموتون بالأمراض ولا يُندَبون و لا يدفنون بل يكونون زِبلا
59
على وجه الأرض"(إر16/1) . و أمره الربّ عزّ و جلّ أيضاً : " ولا تدخلِ بيتَ وَليمَة لِتَجْلِسَ معهم وتأكل و تشرب"(إر16/8) .وقال له أيضاً: " لا تدخل بيت صُياح و لا تنطلِق إليه لِلْنَدْبِ ولا تعزّهم فإنّي قد أزَلْتُ سَلامِي عن هذا الشعب"(إر16/5) .وهذا هو معنى نبوة أشعيا: " حسبناه ذا بَرَصٍ مَضروباً من الله و مُذلّلا" و يصف النبي صبره على إيذاء الظّالمين، و احتساب أجره عند الله بقوله :" إنّي لم أجلِسْ في جماعة اللاعبين ممازحاً،بل من أجل يدِك جَلستُ مُنفرِداً لأنّك ملأتني غضباً.لماذا صارت كآبتي مستديمة و ضَرْبَتي مُعضلةً تأبى الشفاء"(إر15/17-18).و :" صِرْتُ ضِحكَةً كلّ النهار فكلّ واحدٍ يستهزىء بي"( إر20/7). و تجربة النبي تفسّر قول أشعيا : "لأجل معصية شعبي أصابته الضربة ……و الربّ رضي أن يسحقه بالعاهات"." أفاض للموت نفسَه و أُحصِي مع العصاة " لأنّه مات في ظروف غامضة في مصر أين هُجّر بالقوة. و تحقّقت نبوته عليه السلام في أورشليم و الممالك المجاورة لها على يد بابل و اعترف الشعب أنّه كان بارّاً صدّيقاً فجزاه الله تعالى خير الجزاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخــلاصــــة
و إليكم مُلخّصاً للحجج الداحضة لصلب عيسى عليه السلام:
1-نكران المقبوض عليه أمام الكاهن أنّه المسيح، ممّا يدلّ على أنّه ليس يسوع ( أنظر ص33).
2-تبرئة بيلاطس البنطي للمقبوض عليه من التُهمة أنّه الملك يعني المسيح. و هذا تأكيدٌ للحجة الأولى و هذه حجّة قويةٌ لأنّه من صالح بيلاطس ألا يدخل في مواجهةِ مفتوحة مع اليهود (أنظر ص35).
3-نكران الحواري بطرس عليه السلام أنّه تلميذٌ للمقبوض عليه و لا يوجد ما يبرّر هذا النكران سوى أنّ المقبوض عليه ليس يسوع عليه السلام ( أنظر ص 30).
4-شخصية المقبوض عليه جبانة منهارة خرساء لا تتّفق مع شخصية يسوع ( ص 38).
5-ليلة القبض على المتّهم مرّت هادئة دون شغبٍ أو أي اضطراب (ص 48).
6-لم يحضر لمحاكمة المتّهم غير إثنان و هذا لا يتّفق مع تأكيده لخبر موته و قيامته (ص48).
7-لم يقف على الصليب إلا ثلاث نسوة و يوحنا (ص 49).
8- لم يذهب تلميذٌ واحدٌ إلى القبر صبيحة الأحد لمعاينة قيامة يسوع المجيدة (ص 49).
9- ثلاث نسوة فقط ذهبن إلى القبر لا لمعيانة قيامته بل لتحنيطه.(ص 49).
10-تكذيبُ السيّدة مريم المجدلية لعينها لمّا ظهر لها يسوع و تكذيب جميع التلاميذ لهذا الخبر بعد ستٍ و ثلاثين ساعة من الصلب و بعد يومين فقط من رسم الإفخارستيا.(ص 50).
11-المعلّق على خشبة ملعونٌ في شريعة التوراة. ( ص 24).
12-ظهور و شيوع المذاهب الدوكيتية في الصدر الأول للمسيحية و التي لا تعترف أنّ يسوع صُلِبَ بالحقيقة ، إنّما صُلِبت صورتُه.( ص 30).

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((((((((((((((((((((بالروح بالدم نفديك يا شارون .)))))))))))))))))

بقلم / محمود القاعود

يوم أن قام القس " "برسوم المحرقى " بالزنا مع خمسة آلاف امرأة نصرانية ( "وفى رواية أخرى ستة آلاف نصرانية ) وأنجب منهن مئات الأطفال ، وقام بتصوير نفسه ليبيع أفلامه بمئات الجنيهات إلى الشباب النصرانى المراهق الذى لا يملك عندما يقرأ نشيد الأنشاد و وفتحتى رجليك لكل عابر إلا أن يمارس العادة السرية أو يفكر فى اغتصاب محارمه .. وبعد أن وصلت الفضيحة إلى مقر مباحث أمن الدولة المصرية ، وبعد أن قامت جريدة " "النبأ " بنشر الفضيحة على عدة صفحات فى صيف "2001م .. يومها هبت الكلاب المسعورة لتشتم الإسلام وتدعو لقتل المسلمين !!
أى بدلاً من التظاهر ضد شنودة الثالث ومطالبته بمحاكمة هذا القس الذى صار له ولد فى كل عائلة نصرانية وأثبت أن رجال النصارى لديهم عجز جنسى .. راحوا يتظاهرون ضد الإسلام والوطن .. بدلاً من التنديد بالرجل الذى هتك أعراض نسائهم وشاركهم فى الجماع والأولاد ؛ هتفوا بأعلى صوت أمام الكاتدرائية المرقصية "" بالروح بالدم نفديك يا شارون " !!"
وكأن شارون رئيس وزراء كيان العصابات الصهيونية سيدارى فضيحتهم وإثبات عجزهم الجنسى الذى جعل خمسة آلاف سيدة نصرانية تشبع هذا الحرمان عند فريد عصره الراهب المشلوح " "برسوم المحرقى " قُدس سره !!"
لا يعنينى فى هذه الواقعة ما حدث لرئيس تحرير النبأ الذى قضى فى السجن ظلماً وعدواناً ولا غلق الجريدة – رغم معارضتى لصورها الإباحية وحديثها الدائم عن قميص نوم فلانة وكيلوت علانة – ولا ما صاحب هذه الواقعة من سفالات أدعياء الليبرالية ... ما يعنينى فقط هو الهتاف بحياة " "آرئيل شارون " الدموى النازى المجرم الجبان الذى قتل آلاف الأطفال والنساء وهدم آلاف البيوت فوق رؤوس أهلنا فى "فلسطين المحتلة الجريحة وارتكابه لجرائم حرب وإبادة جماعية ..
أن نقول : بالروح بالدم نفديك يا إسلام .. فنحن نعلن صراحة أننا على استعداد أن نموت فى سبيل الإسلام .. أن نموت فى سيبل الدفاع عن القرآن الكريم .. أن نموت دفاعاً عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم .. أن نتحمل العذاب والتنكيل والاتهامات والافتراءات من أجل الإسلام والدفاع عنه .. أن نضحى بأرواحنا من أجل نصرة الإسلام .. أن نحاول أن نقدم ذرة مما قدمه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لذا فعندما نهتف " بالروح والدم نفديك يا إسلام " فإننا نعى حقيقة هذا الشعار ونطبقه بحرفيته ولا نحيد عنه ..
أما أن يهتف نصارى مصر – لاحظ أنهم ليسوا نصارى المهجر – بحياة آرئيل شارون والإعراب عن فدائهم له بالروح والدم ، فهذا ما يثبت بالدليل القاطع كراهيتهم العميقة للإسلام والمسلمين وخيانتهم المتجذرة منذ التمردات المتوالية من أيام عهد الخليفة المأمون وحتى المعلم يعقوب الذى طلب من نابليون إبان الحملة الفرنسية الصليبية على مصر إخراج المسلمين من مصر ونفيهم إلى الجزيرة العربية .. وحتى عصر شنودة الثالث الذى أطلق كلاب الكنيسة لتشتم الإسلام وتدعو لإحتلال مصر وإقامة دولة صليبية فى جنوب مصر ..
من العار والخطأ أن نفصل بين اليهود والنصارى فى أى شئ ، وخاصة نصارى مصر .. نعم هناك نصارى فى سوريا على قدر من الاحترام .. وكذا فى الأردن ولبنان .. إلا نصارى مصر وحدهم دونا عن باقى نصارى العالم يتفردون ويتمتعون بكم هائل ورهيب من الحقد والكذب والغش والتدليس والكراهية .. وحدهم نصارى مصر الذين يتمنون زوال الإسلام اليوم قبل غد ..
أما أفلام التقية التى يجيدونها فلا تغنى عنهم أى شئ .. حتى كبيرهم شنودة الثالث الذى يهلل له بعض السذج من أبناء جلدتنا لكلامه الفارغ عن دخول القدس مع إخوانه المسلمين .. هذا الشنودة الثالث يحرض نصارى المهجر على السب الدائم والمتواصل للإسلام العظيم .. وكيل أقذر الشتائم للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم .. حتى فى آخر حوار له مع " "مفيد فوزى " يوم عيد ميلاد الإله "7 يناير 2009م ، سأله مفيد عن سر سكوته عن المدعو " "زكريا بطرس " فأجاب فاضحاً نفسه : أن "بطرس غير مشلوح ولكنه لا يعظ فى الكنائس !! وقد أكد شنودة بهذا الرد أنه المحرض الرئيسى لـ زكريا بطرس ليسب الإسلام ، فمن ناحية كذّب الذين يقولون أنه مشلوح لرفع الحرج عن الكنيسة ، ومن ناحية أخرى لم يدن ما يقوم به .. ولعلنا نذكر زيارة زكريا بطرس إلى شنودة فى مشفاه الأمريكى صيف 2008م لتلقى التحريض والنصائح لسب الإسلام والتنسيق مع الشتامين من نصارى المهجر ..
ما فائدة كلام سخيف عن القدس بينما قدس أقداسنا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يتعرض للسباب الذى يشجعه شنودة الثالث ؟؟
لقد نسبت صحافة " "الإفك " فى مصر قولا إلى فضيلة المرشد "محمد مهدى عاكف يقول فيه بزعمهم : طز فى مصر وأبو مصر !! وبفرض صحة هذا الكلام فهو لا يعنى أى شئ اللهم إلا الغضب من الأوضاع المتردية ومن يرى أنها كلمة خطيرة فليته يحيلنا إلى أى قاموس عربى لنرى ماذا تعنى " "طز " !؟ .. ولكن الصحافة المأجورة خرست عندما تعلق الأمر بهتافات " بالروح بالدم نفديك يا شارون " .. " بالطول بالعرض هنجيب الإسلام الأرض " .. " حسنى مبارك يا طيار الليلادى هتولع نار " .. " يا أمريكا فينك فينك الإسلام بينا وبينك " .. "
والسؤال : هل مهدى عاكف هتف بحياة شارون ؟؟ هل مهدى عاكف سب الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ؟؟ هل مهدى عاكف هدد حسنى مبارك بالنار ؟؟ هل مهدى عاكف نادى على أمريكا ؟؟
لقد نشرت الصحف العربية منذ أيام خبر هتاف نصارى الأردن الشرفاء " "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود " فقامت عدة مواقع تابعة لنصارى مصر بكتابة خبر مفاده أن "أردنيون حضروا المظاهرة وقالوا أن هذا الكلام كاذب ولم تأتى سيرة محمد فى المظاهرة !! تأملوا فى مدى الحقد الذى يملأ قلوبهم العفنة النتنة المليئة بالكراهية القاتلة .. لم يتحملوا أن يهتف نصارى فى الأردن باسم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ..
إن ما يفعله نصارى مصر وخيانتهم لمصر وشماتتهم فى ما يجرى الآن فى أرض غزة وكتابتهم المقالات التى يدعون فيها أولمرت ليمارس المزيد من القتل وتأييدهم للصهيونى " "أفيجدور ليبرمان " رئيس حزب " إسرائيل بيتنا " الذى دعا لإلقاء قنبلة نووية فوق" غزة .. كل هذا دليل على تردى أخلاقهم الناتجة عن قلتهم العددية وانتشار الإسلام بين العديد منهم ..
لقد نشرت صحف أمريكية تقارير- من مصادر استخباراتية - فى بداية 2009م تتحدث عن الوجود النصرانى فى العالم العربى ، وما جاء بهذه التقارير نهديه لنصارى مصر الذين يواجهون الانقراض كما قالت الصحف .. خاصة وأن معظم الذين يعتنقون الإسلام فى مصر هم سيدات .. والسيدات هن اللائى يحبلن ويلدن .. ومعنى ذلك أن أطفالهن مسلمون .. ومعنى ذلك أيضاً انقطاع نسل نصارى مصر بمشيئة الله تعالى :
كانوا صاروا الآن
نصارى العراق 10% سنة 1952م 3%
نصارى سوريا 20% سنة 1945م 8%
نصارى لبنان 60% سنة 1975م 27 %
نصارى فلسطين 17% سنة 1948م 1%
نصارى الأردن 4% سنة 1985م 3%
نصارى مصر 15% سنة 1950م 6%
بالإضافة إلى أن نصارى الخليج هم وافدون فتعد بلاد الخليج بأكملها خالية من النصارى .. أما المغرب وتونس والجزائر فتعدادهم الضئيل فى تناقص مستمر وأما الدول العربية الأخرى فيكاد يكون وجودهم معدوم تماماً كالصومال وجزر القمر وجيبوتى واليمن وأما السودان التى يسعى فيها النصارى للإنفصال بدولة فى الجنوب فتعدادهم لا يبلغ 5% من مجموع السكان .
وهذه النسب توضح حتمية الانقراض النصرانى وخاصة نصارى مصر .. ولست أنا من يقول هذا بل التقارير الأمريكية ، والأغرب كما تذكر التقارير هو فشل حملات التنصير فشلا ذريعاً .. يمنع وقف النزيف المسيحى فى بلاد العرب على حد قولهم ويقابل هذا النزيف مداً إسلامياً كبيراً فى أوروبا وأمريكا وشرق آسيا بالإضافة إلى انتشار الإلحاد بين نصارى الغرب بصورة غير مسبوقة .
والغريب أن التقارير تقول أن عدد نصارى العرب مجتمعين من المحيط إلى الخليج هو 15مليون نسمة .. لكن أعباط المهجر نصارى مصر يقولون أن تعدادهم فى مصر 16 مليونا !! ولما رأى شنودة أن العملية مكشوفة صرح أنهم 12 مليون !!
ولعل هذه الحقيقة الواضحة هى ما تجعل نصارى مصر يمارسون قلة الأدب والشتيمة وإعلان الابتهاج بقتل الفلسطينيين والسعادة باحتلال العراق و أفغانستان .. فهم بخيالهم المريض يرون أن نسبة المسلمين ستنهار مثلما انهاروا هم ! ولعل هذا ما يفسر افتعالهم المشاكل الطائفية واللعب بورقة البهائية وأهلنا فى النوبة بل ولا يجدون غضاضة فى قتل نصارى من بنى جلدتهم – كما حدث فى الكشح - لتحقيق مكاسب سياسية ، كالسطو على آلاف الأفدنة وبناء كنائس وأديرة والمطالبة بكوتة فى مجلسى الشعب والشورى وتعيين نصارى فى أمن الدولة والجيش وتغيير المناهج الدراسية وتخريب الأزهر وشن حملات اعتقال فى صفوف التيار الإسلامى ... إلخ ..
أجمل ما فى الأمر أن نصارى مصر يكشفون عن وجوههم الحقيقية فى الشدائد .. وما يفعلونه الآن هو عين ما فعلوه فى حرب تموز 2006م ، حينما شنعوا على حسن نصرالله ودعوا الصهاينة إلى قتله .. نفس السيناريو يقومون به مع غزة الصامدة الشامخة ..
إن هتاف نصارى مصر بحياة " "آرئيل شارون " المجرم النازى ، فى القرن "الحادى والعشرين ، يذكرنا بما فعله جدهم المعلم يعقوب فى القرن الثامن عشر .. ولكم أن تتخيلوا أن يهتف بعض الناس بحياة شخص دموى false قاتل سفاح .. بقر بطون الحوامل واغتصب النساء وهشم رؤوس الأطفال والشيوخ .. لكم أن تتخيلوا مدى الإجرام الذى وصل إليه هؤلاء الرعاع الذين لم يبرعوا سوى فى الردح وقلة الأدب والخيانة ..
يقول الحق سبحانه وتعالى : (( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )) ( البقرة : 120 ) .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) ( المائدة : 51 ).
خالق الخلق يحذرنا من اليهود والنصارى .. فهل يجرؤ متنطع من المحسوبين على الإسلام أن يقول بعكس ذلك ؟؟ هل يجرؤ سفيه أن يشيد بوطنيتهم وهم الذين يبدون شماتة منقطعة النظير فى أهلنا فى غزة بصورة فى منتهى الفجر والإجرام والخسة ؟؟ هل يجرؤ عميل للنصارى أن يشيد بهم وهم الذين يرقصون فرحاً بمشاهدة بقر بطون الحوامل وسحق الأطفال واغتصاب النساء من أهلنا فى غزة ؟؟
أو كما يقول النازى مؤلف الكتاب المقدس :
(( تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها . بالسيف يسقطون . تحطم أطفالهم ، والحوامل تُشق )) !! ( هوشع 13 : 16 ) .
لقد كشفت حرب غزة طبيعة التحالف بين اليهود والنصارى .. وأيضاً هتاف " "بالروح بالدم نفديك يا شارون " كشف عن حقيقة الإجرام الصهيونى الصليبى ."
ونسأل الله أن يخزى نصارى مصر فى الدنيا والآخرة .. إنه ولى ذلك والقادر عليه .
هامش :
فى ظل الموجة السائدة الآن فى الصحافة المصرية من عداء لـ غزة وحركة حماس .. أود أن أنبه القائمين على أمر هذه الصحافة إلى أنهم قد نسوا نقاطاً خطيرة جداً لم يستغلوها ضد غزة وشعب غزة ، وليحظوا برضى النصارى فى مصر ألا وهى – وأقترح نشرها فى مانشيتات عريضة :

" "أقباط غزة يدفعوة فاتورة تهور حماس " !"
" "أستاذ جامعى تابع لحماس يُكفر الأقباط " !"
"" شاب قبطى يقوم بعملة فدائية ويمر من أحد الأنفاق ويعبر إلى رفح " !"
" "كتائب الشهيد بولس تعلن عن إطلاق عدة هتافات تنادى بحياة أولمرت " !"
"" أقباط غزة تحت القصف الإسرائيلى " !"
" "رهبان أبو فانا يتطوعون للدفاع عن غزة " !"
" "إلى متى تهميش أقباط غزة " !"
" "الإحتلال يقصف عدة كنائس قبطية فى غزة " !"
" "العالم يدين قصف كنائس الأقباط فى غزة " !"
" "خالد مشعل يأمر باستخدام أقباط غزة كدروع بشرية " !"
" "إسماعيل هنية يزدرى عقيدة الأقباط " !"
" "كتب على أرصفة غزة تحرض على الأقباط " !"
" "العالم يدين مجزرة الكشح الفلسطينية " !"
" "متى تنتهى معاناة أقباط غزة " !"
" "البابا شنودة : الفلسطينين مش لاقيين حد يحكمهم " !"
" "يجب تخصيص وقت لبث قداس الأحد على فضائية الأقصى " !"
" "هوجو تشافيز يتآمر على أقباط غزة " !"
" "تصريحات رجب طيب أردوغان العنصرية تثير استياء أقباط غزة " !"
" "الإعلام الإسلاموى يتجاهل مأساة أقباط غزة " !"
" "ضرورة إنشاء مرصد خاص بالفتنة الطائفية فى غزة " !"
" "أقباط غزة مواطنون لهم جميع الحقوق وعلى هنية أن يعترف بذلك " !"
" "التحالف الإيرانى السورى القطرى اليمنى ضد أقباط غزة " !"
ولا أدرى كيف فاتت على الصحافة المصرية هذه المواضيع الخطيرة ؟؟ أرجو من القائمين على أمر صحافتنا الاهتمام بأقباط غزة فالموضوع جد خطير !! ??????????????)=================================================================((((((((تعساً لعملاء الكيان الصهيونى وتحية لأبطال قناة الجزيرة .))))))))))))))

بقلم / محمود القاعود

صورة لرئيس الوزراء الفلسطينى المجاهد البطل الفارس الشريف " إسماعيل هنية " وهو يجلس على الرصيف فى رفح بعدما رفض حرس الجاسوس محمود عباس السماح له بدخول غزة .. أهدى هذه الصورة وتواضع هنية إلى إعلام أحمد يا عمر الذى يدعى أن هنية يجلس فى فنادق خمس نجوم ويستخدم أهل غزة دروع بشرية .. يا إعلام أحمد يا عمر : دلنا على صورة لأى رئيس وزراء- بل حتى وزير - فى العالم جلس مثل هنية على الرصيف

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

سبق وأن أصيب الشواذ جنسياً من كتاب العرب بحالة شديدة من الهياج كتلك التى تنتابهم إن فات موعد الحقنة الشرجية ، عندما قام البطل العراقى " "منتظر الزيدى " بإلقاء حذائه فى وجه الطاغوت الصليبى السفاح " جورج دبليو بوش " .. وراح الشواذ جنسياً يتحدثون عن الطرق الأخرى للتعبير وكرم الضيافة والواجب والمفروض وميصحش وكده عيب .. إلخ "
السبب الرئيسى لهياجهم الشديد هو عدم تحمل رؤية سيدهم وإلههم الجديد يتعرض للضرب بالحذاء ، ومثل هذا العمل يجرح نفوسهم الشاذة .. لأنهم ينظرون للغربى – بصفة عامة - باعتباره المثل والقدوة بداية من اللواط وتبادل الزوجات وحتى العداء للإسلام والكيد لأهله .. وأن يتم ضرب زعيم إحدى الدول التى تجيز زواج قوم لوط .. فهذا عمل لا تحتمله نفوسهم الخبيثة وأحاسيسهم المرهفة .. خاصة أن جميعهم فى شهور الحمل الأولى ، ومثل هذا المشهد – مشهد ضرب بوش بالحذاء – قد يؤثر على الأجنة ..
الغريب أن الشواذ جنسياً الذين انتفضوا كالكلاب المسعورة والذين انتابتهم حالة شديدة من الهياج ، يباركون الآن ما يقوم به أحفاد القردة والخنازير من قتل وذبح للأطفال والنساء والشيوخ والشباب فى غزة .. يباركون إلقاء القنابل الفسفورية وغاز الأعصاب ( لا لون ولا رائحة له ) وأخطر الأسلحة المحرمة دولياً .. بل ويباركون هدم المساجد والمستشفيات ويرددون كلام أحفاد القردة والخنازير بأن الأقمار الصناعية تدلهم على مكان الصواريخ داخل هذه الأماكن !!
المضحك فى الأمر أن بعض هؤلاء الشواذ جنسياً يريد أن يصنع من نفسه شاذاً جنسياً على خلق وأن قلبه يتقطع حزناً لما يجرى فى غزة ، فيقول مثلاً : نعم نحن نحزن لما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية الوحشية الإجرامية وقتلها للأطفال والنساء ، ولكن حماس هى السبب فى ذلك وقادتها الذين يناضلون من فنادق الخمس نجوم ( أول مرة أعرف أن غزة بها فورسيزون وسيتى ستارز وهيلتون وشيراتون وإنتر كونتننتال ) واستخدامهم الأبرياء كدروع بشرية لتنفيذ المخطط الإيرانى السورى !!
وأقسم بالله العظيم أنى لا أمزح فى هذه الجملة التالية .. فبعد أن يحمل حماس المسئولية ويشهر بقادتها تجده يقول : إننا ندعو إسرائيل للتركيز على قادة حماس وقتل أكبركمية من هؤلاء الإرهابيين حتى تخرج " إسرائيل " بالنتيجة المطلوبة لتحرير هذا القطاع من أزلام على خامنئى وحسن نصرالله !! فقتل قادة حماس يعجل بالنصر وسيمنع قيام دولة إسلامية ترجم الزانى وتقطع يد السارق ...
ونسى الشاذ جنسياً أن يقول فى معرض تخوفه من الدولة الإسلامية : وترجم الشاذ جنسياً اللوطى .. لكنه خشى أن يُفتضح أمره والذى من أجله كتب هذا الخراء ..
الكلمات التى ذكرتها هى نموذج لمئات المقالات موجودة .. فلم أقصد كاتب بعينه ، ولكنى أقصد كل من يحمل مضمون هذه الأفكار الإجرامية .. فعندما تقرأ لكاتب يبرر عدوان كيان العصابات الصهيونية على الشعب الغزاوى الأعزل فاعلم يرحمك الله أنه يكتب مقاله من تحت وأن الذى ينام فوقه يملى عليه ما يكتب ..
ما دخل خامنئى و حسن نصرالله وإيران وقطر وسوريا بما يحدث ؟؟ هل لابد لـ إسماعيل هنية أن يقبل الأرض من تحت الجاسوس الصهيونى مغتصب السلطة الفلسطينية " "محمود عباس " حتى نقول أنه رجل وطنى وشهم ويجنب شعب غزة الدمار والهلاك ؟؟"
هل لابد لـ خالد مشعل أن يأخذ رأى صحافة " "أحمد يا عمر " حتى يعد من المناضلين الأبطال ؟؟"
هل لابد أن يقوم محمد نزال بتقبيل شفايف أولمرت حتى يعد معتدلاً ؟؟
هل يجب على أسامة حمدان أن يحتضن تسيبى ليفنى ليقولوا أنه شريف ؟؟
إن كيان العصابات الصهيونية لا يفهم غير لغة القوة ولن يرحل عن فلسطين إلا بالقوة .. ماذا أخذنا من المؤتمرات – أو بالأحرى المؤامرات – وغزة أريحا وأسلو و واى بلانتيشن وكامب ديفيد وأنابوليس ... إلخ
ماذا أخذنا من الموائد المستديرة والجلوس على طاولة المفاوضات ... ؟؟
ماذا أخذنا من الحكمة والحنكة والخبرة وبعد النظر لدى بعض زعماء العرب الذين ذهبوا بنا إلى الجحيم ؟؟
ماذا أخذنا من التطبيع والشراكة والاتفاقيات ؟؟
لم نأخذ إلا الضرب بالنعال والأحذية من قبل كيان القردة والخنازير .. لم نأخذ إلا قتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا وشبابنا .. لم نأخذ إلا التجويع والحصار والحرمان من مقومات الحياة .. لم نأخذ إلا غضب الله .. لأننا فرطنا فى حقوق أهلنا فى فلسطين ..
إن هذا الكيان الصهيونى الدموى الفاجر لا يعرف إلا لغة القوة .. لذلك فهم لا يحترمون أى ضعيف خانع مستسلم .. تابعوا رأى الشارع الصهيونى .. يخشى من ذكر اسم حسن نصرالله .. وفى المقابل اذكروا أمامهم اسم أى زعيم عربى .. ستجد الصهيونى يضحك لأن هؤلاء الزعماء فى نظره مجرد دُمى وخدم عند حكام هذا الكيان الغاصب ..
اليوم يرتعد الصهاينة من كل خطاب لـ إسماعيل هنية أو خالد مشعل لأن كلاهما فى نظرهم هو المسئول عن إطلاق الصواريخ .. لذا تجدهم مثل الفئران أمام أى خطبة لهنية أو مشعل .. ينقلون خطبهم مباشرة ويحللون فى الخطاب عدة ساعات .. ويقولون أنه كان يقصد كذا ويرسل إشارة إلى كذا ... إلخ .
الكيان الصهيونى لا يهتم بالشواذ جنسياً ولا بالمخنثين .. الكيان الصهيونى لا يخشى إلا الرجال .. لا يهتم بالجاسوس " "محمود عباس " .. لا يهتم بالسكير العربيد الفاحش " محمد دحلان " .. لا يهتم بالخائن " ياسر عبد ربه " ... "
الكيان الصهيونى لا يقدر سوى الأبطال .. لأنهم هم الذين يرعبونه ويُطيرون النوم من عيونه ..
الكيان الصهيونى يُشبه المرأة التى تبغض وتستهين بالرجل المخنث لكنها تبوس الأرض من تحت نعال الرجل الحازم القوى الغيور الذى يستطيع الدفاع عنها والقيام بمهامه تجاهها ..
كذلك الكيان الصهيونى لا يخاف ولا يرتعب إلا من أبطال المقاومة .. فى حين تراه يبصق فى وجه المخنثين من أنصار مائدة المفاوضات والمائدة المستديرة والمائدة المستطيلة والمائدة المربعة والمائدة المثلثة ..
إن تضامن الشواذ جنسياً مع غزة .. لم يقدم لهم سوى فضائح جديدة .. سوى تعرية حقيقتهم الشاذة أمام القراء .. سوى فضح ليبراليتهم المزعومة .. سوى فضح تآمرهم على الإسلام والمسلمين .. سوى فضح شماتتهم فى المسلمين وتحالفهم مع كيان القردة والخنازير .. سوى ازدواجيتهم المقيتة عندما يتعلق الأمر بنصارى مصر .. سوى الانتقام من كل من يدافع عن راية : لا إله إلا الله .. محمد رسول الله ..
هامش :
تحية إلى أبطال الإعلام : وائل الدحدوح – جيفارا البديرى – شيرين أبو عاقلة – إلياس كرام – تامر المسحال – هبة عكيلة - سمير أبو شمالة .. هؤلاء هم أبطال الإعلام العربى وجميعهم يعملون فى فضائية " "الجزيرة " .. تجدهم فى الليل والنهار .. فى عزّ البرد .. من داخل القصف والدمار والحصار .. فى كل وقت .. ينقلون التقارير المباشرة يتحدثون بلغة مهذبة بعيداً عن العمالة وقلب الحقائق ووصف الشهداء بـ القتلى كما تفعل قناة العبرية .. "اسأل الله أن يحميكم جميعاً يا طاقم الجزيرة فى غزة. ??????????????===================================================================?((((((((((ثبات أهل غزة وإعجاز القرآن الكريم))))))))))))))))))

بقلم / محمود القاعود

ما يحدث الآن فى غزة الصامدة المجاهدة الشامخة الأبية ، وتحملها للعدوان الصهيونى الصليبى - الذى بدء فى 27 ديسمبر 2008م والذى راح ضحيته حتى كتابة هذه السطور ما يقارب ألف شهيد وأربعة آلاف جريح فى حالة خطرة - ، واستبسالها فى مقاومة هذا العدوان الصهيونى الصليبى الغشوم ، هو إحدى ملاحم البطولة والمقاومة التى يعجز التاريخ عن وصفها .
صمود عجيب ونصر إلهى :
صمود أهل غزة أمام أقوى جيش فى العالم مزوّد بأحدث أسلحة الفتك والقتل وسفك الدماء ( الجيش الصهيونى ما هو إلا الجيش الأمريكى والأسلحة الصهيوينة هى أسلحة أمريكية لذا فمن المغالطة أن يقول البعض أن الجيش الصهيونى أقوى رابع جيش فى العالم ) ، ورغم هذا كله فإن الجيش الصهيونى لا يستطيع إلا أن يقتل الأطفال والنساء والشيوخ من أجل العجز والفشل والخيبة ..
لكن من أين يأتى أهل غزة بهذه القوة الخارقة ؟؟ من أين تأتيهم هذه القدرة على الصمود والشجاعة ؟؟ كيف يذل أبطال المقاومة الجيش الصهيونى برغم قتل الصهاينة عشرات الأطفال والنساء والشيوخ كل يوم تشرق فيه الشمس ؟
يقول الحق سبحانه وتعالى : " "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ " ( الأنفال : 9 ) . "
لعلنا جميعاً نشاهد كل يوم الاستغاثات التى تطلقها النساء عبر الفضائيات : يا الله .. يارب .. وكذا ما يقوله أى طفل فقد عائلته كلها: لم يبق لى سوى الله .. فكان لزماً على الله أن يلبى نداء من يستغيث به .
وعن سر هذا الثبات العجيب يقول الحق سبحانه وتعالى : " "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ " ( الأنفال : 12 ) ."
وهذه الآية الكريمة هى ما توضح لنا رعب الصهاينة القتلة وعجزهم عن مواصلة القتال البرى ، وأيضاً تمكن الأبطال فى غزة من رقاب القتلة الصهاينة .وإشارة الحق سبحانه وتعالى إلى ضرورة ضرب بنان القتلة لتعجيزهم عن حمل السلاح الذى يقتلون به الأطفال والنساء والشيوخ .
لماذا تختار المقاومة الاستشهاد فى سبيل الله ؟؟ لماذا يصمد أبطال المقاومة ؟؟ لماذا يستبسل الأشقاء فى غزة فى الدفاع عن بلدهم ؟؟ :
يقول الحق سبحانه وتعالى : " "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ " ( الأنفال : 15 – 16 ) . "
تحذير شديد من رب العالمين إلى المجاهدين فى كل مكان وزمان ومنذ غزوة بدر الكبرى : " "لا تولوهم الأدبار " .. لا تهربوا .. اصمدوا ورابطوا .. من يعصى هذه الأوامر سيبوء بغضب من الله .. ونعوذ بالله من غضب الله . واستثنى الحق سبحانه وتعالى المتحرف لقتال أى الذى يفر بوجهه كيداً للأعداء ليوقع بهم أو المتحيز إلى فئة من المؤمنين لينصرها .. ما عدا ذلك فإن غضب الله سيحل على من يولى الأدبار ومأواه جهنم وبئس المصير ."
الصواريخ العبثية .. كيف تذل كيان الصهاينة وتلقى فى قلوب الصهاينة الرعب ؟ :
من السذاجة أن نعتقد أن تلك الصواريخ البسيطة - التى يسميها المرجفون فى فلسطين " صواريخ عبثية " – وفعاليتها فى إرعاب الصهاينة ، التى تصل إلى المدن العربية التى يحتلها الكيان الصهيونى .. من السذاجة الاعتقاد بأنها تؤتى أكلها نتيجة خبرة ومهارة أبطال المقاومة .. ولكنها تؤتى أكلها نتيجة المدد الإلهى :
" "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " ( الأنفال : 17 ) ."
لكن من المسئول عن تبديد الإرهاب الصهيونى وتعجيزه أمام المقاومة ؟ :
"" ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ " ( الأنفال : 18 ) ."
كيف ترى المقاومة الجيش الصهيونى ؟ :
يجلس خبراء الحروب يتحدثون عن قدرات الجيش الصهيونى وقوته ، لكنهم لا يفسرون لنا سبب فشل الصهاينة أمام المقاومة ..
" "إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ " ( الأنفال : 43 – 44 ) "
أى تذكر يا محمد عندما أراك الله أعداءك قلة أثناء نومك .. وعندما أخبر الرسول الأعظم أصحابه بما رأى قويت شوكتهم رغم أنهم هم القلة الضعيفة .. واعلم يا محمد أن الله لو أراك عدوك كثيرا لخاف أصحابك وفروا من القتال " ولفشلتم " أى لفشل أصحابك واختلفوا فى القتال .. ولكن الله سلم ولم تفشلوا أو تتنازعوا .. إنه عليم بذات الصدور .. وطبيعة النفس البشرية وخوفها من الكثرة العددية .. وعندما يلتقى الرسول الأعظم وصحابته فى اليقظة وفى أرض المعركة مع الكفار .. يرى الرسول وصحابته الكفار قليلا .. حتى يحقق الله النصر للمسلمين ..
نصيحة إلهية :
" "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " ( الأنفال : 45 – 47 ) ."
ضرورة إعداد القوة لمواجهة الكفار وحماية أهلنا وديارنا :
" "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ " ( الأنفال : 60 ) ."
كيف يكون السلم مع الأعداء ؟ :
السلام عبارة نسمعها كثيراً دون أن ندرى ما هو هذا السلام المقصود ؟ فكثيراً ما نرى بلادنا العربية والإسلامية تُحتل وتُغتصب ثم نجد من يقول " "السلام " ويدعو للتخاذل والقبول بالاحتلال والأمر الواقع .."
يقول الحق سبحانه وتعالى : " "وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " ( الأنفال : 60 ) ."
أى وإن جنحوا للسلم .. لما فيه مصلحتكم .. لما فيه نفع لكم .. لكن بالله خبرونى أى نفع فى اتفاقية بين حماس والكيان الصهيونى تقنن الحصار والاحتلال .. وتقنن حرمان أهل غزة من الماء والدواء والغذاء ؟؟ أى سلام يدعو لاستمرار احتلال فلسطين ؟؟ أى سلام يدعو أن تظل تل أبيب مغتصبة ؟؟ أى سلام يسمح للصهاينة باغتصاب أرضنا العربية الإسلامية وتهجير أهلها وقتلهم وتعذيبهم ؟؟
إن السلام المقصود فى قول الحق سبحانه وتعالى .. هو سلام المنتصر .. هو سلام الجنوح للسلم بعدما نستعيد أراضينا وديارنا .. بعدما نتمكن من عدونا القاتل المجرم ونذله .. ونعفو عنه بإرادتنا .. فإن أراد أن يعيش بجوارنا وفى حمايتنا أهلا وسهلا .. وإن أراد الخروج على السلام فليس له إلا ما يستحق .. الآية الكريمة جاءت بعد الآية التى تحثنا على إعداد القوة ، وهذا يدل على أن السلام المقصود هو سلام الأقوياء لا سلام الأذلاء ..
نعم نقبل بوجود يهود فى فلسطين ، ولكننا لا نقبل بوجود هذا الكيان الصهيونى الممسوخ ، الذى أقامته الصليبية العالمية حقداً على الإسلام والمسلمين ..
الدفاع عن النفس وحتيمة النصر الإلهى :
يقول الحق سبحانه وتعالى : " "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " ( الأنفال : 65 – 66 ) ."
يا أيها النبى .. يا محمد حرّض المؤمنين على القتال .. – لا حظ أنه لم يقل حرضهم على القتل – حرّضهم على القتال .. حرّضهم على الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وأطفالهم ونسائهم وأموالهم .. حرضهم على استعادة عزتهم وكرامتهم .. ثم يوجه الحق سبحانه وتعالى خطابه للمؤمنين .. إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين .. وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا .. أى ستغلبون عشرة أمثال مهما كان عددكم .. حسناً .. تحتاجون لعون ومدد .. ترون أن القلة بحاجة إلى كثرة .. فالآن قد خفف الله عنكم .. فبدلاً من أن يكون مقابل مائتين من الكفار عشرة من المؤمنين .. صار النصر يستلزم مائة من المؤمنين مقابل المائتين .. وبدلاً من المائة مقابل الألفين صار النصر يستلزم ألفاً من المؤمنين ليشدوا من أزر بعضهم .
خريطة الجهاد :
يحدد رب العالمين للمؤمنين الخط الذى يسيرون عليه فى الجهاد وكيف يحاربون الكفار الذين لا عهد لهم وينقلبون على الهدنة .. الكفار الذين قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ :
" "فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُو false اْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " ( التوبة : 5 ) ."
اقتلوا المشركين .. نعم اقتلوهم مثلما قتلوا الآلاف منكم .. اقتلوا هؤلاء الفجار الذين يطربون لسفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ .. اقتلوهم .. وأسروا منهم واحبسوهم .. وتربصوا بهم فى كل مكان .. فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فاتركوهم .. فالله غفور رحيم يغفر لمن تاب توبة نصوحا .
" "كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " ( التوبة : 8 ) ."
استفهام يوضح غدر الكفار وعدم ثباتهم على العهد والإلتزام بالاتفاقيات .. كيف ؟ وهم الذين إن تمكنوا منكم لن يرحموكم أبداً .. يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم .. وأكثرهم فاسقون ..
تحريض للمؤمنين للدفاع عن النفس :
دائماً ما يكون رد فعل أى مسلم رداً على عدوان وقتال الكفار .. الكفار يتميزون بالغدر وسوء النية ، لذلك كانت آيات القرآن الكريم تذكر كل مؤمن بماضى الكفار وطبيعتهم وتعاملاتهم :
" "وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " ( التوبة : 12 – 13 ) ."
قاتلوا هؤلاء الكفار الذين نقضوا العهود والمواثيق .. إنهم لا أمان لهم لنقضهم العهود والمواثيق .. قاتلوهم لعلهم يرجعوا عنكم ويكفوا أذاهم عن إسلامكم و أطفالكم ونسائكم .. وتذكروا كيف نقضوا العهود وحاولوا إخراج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة .. أتخشونهم ؟ أتخافون من هؤلاء الكفار .. الله وحده فقط هو أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين .
انتصروا للمظلومين والأرامل والأيتام :
" "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " ( التوبة : 14 – 15 ) ."
فى الجهاد تنكشف الحقائق :
المحنة التى يتعرض لها أهل غزة الآن كشفت حقيقة أهل النفاق الذين يطعنون فى المقاومة وفى حركة حماس وفضحت من كان يدعى البطولة والكفاح .. وهذا ما تحدثت عنه الآية الكريمة :" "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " ( التوبة : 16 ) "
أى حسبتم أن تتركوا دون أى اختبار وبلاء وامتحان ؟! ولما يظهر المجاهد من المنافق ؟ والمقصود بقوله تعالى " "ولمّا يعلم الله ... " ليس العلم الغيبى .. فهو سبحانه وتعالى يعلم كل ذلك سلفاً ، ولكنه يظهر حقيقة الناس ليجازيهم على أعمالهم .. حتى لا يدعى مدع أنه لو تُرك يعمل فى الدنيا لكان زعيم المجاهدين ! فها أنت فى الدنيا فماذا فعلت ؟؟ فالمسألة هنا لإقامة الحجة على الجميع .. لتمييز الخبيث من الطيب .. ليعلم الذين جاهدوا ولم يتخذوا بطانة من الكفار " وليجة " من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين .."
التذكير بالنصر وتثبيت الله للمؤمنين :
" "لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ " ( التوبة : 25 – 26 ) ."
الدرس المستفاد من هذه الآية الكريمة هو نبذ الغرور والتعالى ، والإعجاب بالكثرة العددية .. فهذا كله لا يغنى من الله شيئاً .. الأهم هو الثبات والإيمان .. يذكر الحق سبحانه وتعالى عباده بما حدث يوم حنين ، عندما قال المسلمون : لن نغلب اليوم من قلة .. فلم تغنى هذه الكثرة العددية أى شئ وضاقت الأرض بما رحبت على المسلمين ثم فروا منهزمين .. وهذا يعنى أن النصر من عند الله لا بالكثرة العددية ..
لذلك ليس من العجيب أن نرى المجاهدين فى غزة برغم قلتهم العددية يمرغون أنوف عصابات أقوى جيوش العالم فى التراب ..
لقد فر غالبية الذين حضروا يوم حنين .. وبقى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم .. بقى الشجاع العظيم .. بقى البطل المقدام .. حاصره الكفار ، وهو يصيح فيهم من فوق فرسه :
أنا النبى لا كذب أنا ابن عبدالمطلب
فأخذ قبضة من التراب فرمى بها فى وجوه المشركين وقال : شاهت الوجوه ففروا .. فما بقى أحد إلا ويمسح القذى عن عينيه .. نزلت السكينة الإلهية على رسول الله والمؤمنين . وأرسل الله ملائكته الكرام .. وعذّب الكفار .. وهذا هو الجزاء الوفاق ..
دفع أذى الكفار لنشر الأمن ولأمان فى المجتمع :
" "قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " ( التوبة : 29 ) ."
قاتلوا هؤلاء الكفار من يهود وعباد صليب .. قاتلوهم مثلما يفعلون فيكم .. قاتلوهم مثلما رملّوا النساء ويتموا الأطفال .. قاتلوهم مثلما يلقون فوق رؤوسكم بالقنابل الفسفورية والعنقودية والكيماوية .. قاتلوهم وادفعوا آذاهم .. قاتلوهم دون هوادة حتى يستسلموا لكم ويعطوا الجزية وهم أذلاء يعترفون لكم بفضل حمايتهم والتعايش معهم .. قاتلوهم فهم حقراء لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون بالإسلام .. الزنا عندهم شريعة .. الفجور لديهم فضيلة .. سفك الدماء فى حكمهم صلاة .. قاتلوهم حتى ينتهوا عن إجرامهم وطغيانهم ..
قدرة الله على كل شئ وحتمية النصر للمؤمنين :
يقول الحق سبحانه وتعالى : " "وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا " ( الأحزاب : 25 – 27 ) ."
ردّ الله الأحزاب الذين اجتمعوا على غزو مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. رد الله الأحزاب خائبين خاسرين منهزمين .. ردهم بغيظهم وسخطهم .. لم ينالوا خيراً لا فى الدنيا ولا الآخرة .. وكفى الله المؤمنين القتال .. أرسل سبحانه وتعالى ملائكته والريح العاصفة حتى فرت الأحزاب منهزمة .. وكان الله قويا عزيزاً .. قادراً على كل شئ .. وأنزل يهود بنى قريظة من الذين نقضوا العهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم وتحالفوا مع الكفار ، أنزلهم من حصونهم وقلاعهم التى احتموا فيها .. والقى سبحانه وتعالى فى قلوبهم الرعب والهلع حتى استسلموا للمسلمين .. فريقاً تقتلون .. فريقاً من هؤلاء الخونة الذين طعنوكم وتحالفوا مع قريش بعدما عاهدتموهم .. فريقاً تقتلون من الذين نقضوا العهد والميثاق .. تعامل الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم مع يهود بنى قريظة الخونة وفق حكم " "سعد بن معاذ " الذى حكم بقتل رجالهم وسبى نساؤهم وذريتهم .. وتأسرون فريقاً .. النساء والأطفال .. فرق شايع بين الأمر بقتل الأطفال والنساء وشق بطون الحوامل وبين أسرهم وتعليمهم .."
وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم .. أى وأورثكم أرض بنى قريظة الخونة المتآمرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذه الأرض .. أرضاً أخرى لم تطؤوها .. إشارة إلى خيبر وجميع الأراضى الأخرى التى فتحها الإسلام .. وكان الله على كل شئ قديراً .. لا يعجزه أى شئ .. فإذا أراد شيئاً فيقول له كن فيكون .. قدرة الله سبحانه وتعالى تتجلى فى جميع ما نراه وما لا نراه .. ولكنه سبحانه وتعالى ضربها مثلاً لنا فى إخراج بنى قريظة الذين خانوا الله ورسوله وأرادوا القضاء على دعوة الإسلام .. فقد أرادوا كيداً .. ولكن كيد الله متين ..
يقول تعالى : " "فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ " ( محمد : 4 ) ."
أى إذا لقيتم الذين كفروا فى أرض النزال فى ساحات الوغى فاضربوا رقابهم لتجهزوا عليهم .. ومن يقع فى أيديكم من الأسرى فقيدوه وبعد انتهاء المعركة إما أن تفدوهم بالمال أو بالأسرى من المسلمين .. ولو شاء الله لانتصر على الكفار دون قتال أو حرب .. ولكنه يختبر إيمان المجاهدين .. وأما الذين قٌتلوا فى سبيل الله فلن يبطل أعمالهم .
الشكر لله وحده والثقة فى الله والصبر على البلاء :
أى انتصار للمسلمين فالفضل كله لله سبحانه وتعالى .. والشكر أيضاً له وحده .. هو الذى نحمده آناء الليل وأطراف النهار .. يقول الحق سبحانه وتعالى فى معرض تذكير المسلمين بنصر يوم بدر .. والمعجزة الإلهية التى جعلت بضعة عشرات يغلبون آلاف الكفار :
" "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لْيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَائِبِينَ " ( آل عمران : 123 – 127 ) ."
لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة لا عتاد ولا سلاح ولا كثرة عددية .. فاتقوا الله واشكروه على هذا النصر العظيم وهذا الفضل الكبير .. واذكر يا محمد عندما قلت للمؤمنين ألا يكفيكم أن يعينكم الله بثلاثة آلاف من الملائكة الذين أمرهم الله بالقتال – لا حظ أن الله فى سورة الأنفال وعدهم فى بادئ الأمر بألف من الملائكة مردفين عندما دعوا الله واستغاثوا به .. حتى لا يقول معترض أهم ألف أم ثلاثة آلاف أم خمسة آلاف ؟! فى البدء دعوا الله فأرسل لهم ألف ملك وعندما دعا الرسول الكريم أرسل الله ثلاثة آلاف ملك وعندما أمر الحق سبحانه وتعالى أرسل خمسة آلاف من الملائكة .. وهذا التتابع من إعجاز القرآن الكريم .. فلعل بعضنا يعرف الإمدادات العسكرية فى حروب هذه الأيام وكيفية إرسال الأفواج على دفعات .. فمن ناحية لا يحدث زحام ، ومن ناحية أخرى شحن الأرواح المعنوية للمقاتلين عندما يرون كل مدة أفواج تأتى لمؤازرتهم ، لذلك كان التتابع فى إرسال الملائكة - .. ويلبى الحق سبحانه وتعالى نداء حبيبه صلى الله عليه وسلم : بلى إن تصبروا وتتقوا يمدكم بالملائكة عندما يأتى الكفار لقتالكم من ساعتهم هذه ، فسيمددكم الله بالملائكة ويزيد عددها فيمددكم بخمسة آلاف من الملائكة مهمتهم القتال والدفاع عن المؤمنين .. وما جعل الله إمدادكم بالملائكة إلا بشرى لتثبتوا فى المعركة ولتطمئنوا ولتبددوا خوفكم من كثرتهم العددية وأسلحتهم الهائلة .. وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم .. فلا تعتقدوا أن النصر بكثرة العدد وقوة السلاح .. ولكنه من عند الله القادر على كل شئ .. ليقطع طرفاً من الذين كفروا .. ليهدم ركناً من أركان الكفر والشرك والتطاول على الله .. أو يكبتهم .. يخزيهم بالهزيمة الساحقة على يد قلة عددية .. فينقلبوا خائبين مهزومين لم يفلحوا فى القضاء على الدعوة وصاحبها صلى الله عليه وسلم ..
إن آيات القرآن الكريم تنطبق بشكل مذهل على أهل غزة الأبطال الذين لا يخشون من بأس جيش الصهيونية الصليبية العالمية .. الذين يصبرون على ما ابتلاهم به الله .. الذين يدافعون عن وطنهم وأولادهم ونسائهم وشيوخهم .. الذين يزيدهم الحصار والتجويع بطولة ومقاومة ..
إن ثبات أهل غزة لا يمكن تفسيره بأنه ثبات من عند أنفسهم .. ولكنه تثبيت من الله تعالى لهم أو كما قال :
" "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ " ( محمد : 7 – 11 ) ."
لقد صدق أهل غزة كلام الله .. وصبروا على البلاء والكرب .. فكان لزاماً على الله أن ينصرهم ويثبت أقدامهم ويجعلهم يواجهون عدوهم الصهيونى الصليبى بمنتهى الإقدام والشجاعة ؛ فالله مولاهم والكفار لا مولى لهم ..
إن أهل غزة يؤكدون إعجاز القرآن الكريم ، وما به من آيات كريمات نراها على أرض الواقع سواء فى المقاومة أو الصبر على البلاء والثبات فى مواجهة العدوان الغشوم ..
ولتذكروا يا أهل غزة دائماً قول الحق سبحانه وتعالى : " "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " ( القرة : 214 ) ."
فإن نصر الله قريب .. وصبراً آل غزة فإن موعدكم الجنة . ?????????====================================================================?((((((((((((((((((لصوص أبى فانا وشهداء غزة)))))))))))))))))))

بقلم / محمود القاعود

تذكرون بالقطع ما حدث فى دير أبى فانا الموجود فى محافظة المنيا المصرية فى شهر مايو 2008م .. لكن ما هى علاقة ماحدث فى أبى فانا بما يحدث الآن فى غزة من قتل وإبادة جماعية وطحن لعظام الأطفال وسحق لأجساد النساء ، ودهس لرؤوس الشيوخ .. وهدم المستشفيات وتفجير المساجد ، وكل ما يفعله أحفاد القردة والخنازير منذ 27 ديسمبر 2008م وحتى هذه الأيام وعلى مدار أسبوعين دون أن يتحرك مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو حلف الأطلنطى أو منظمات حقوق الإنسان ... إلخ ؟؟

إن العلاقين بين "" أبو فانا " و "غزة الصامدة علاقة توضح مدى ازدواجية الإعلام العربى والغربى بخصوص الحدث الأول والثانى .. علاقة توضح مدى الفجر والعهر الذى وصل له الإعلام المصرى على الأخص والعربى والغربى بصفة عامة .. علاقة توضح نفاق الإعلام وخوفه من النصارى وتحريضه وتشجيعه لهم ليخرجوا على القانون والدستور .. بينما تجدهم يهاجمون بكل قسوة ووحشية مليون ونصف المليون إنسان مسلم يتعرضون للإبادة الجماعية والمحارق الصهيونية النازية .

لصوص أبى فانا وموقف الإعلام منهم :

عندما نشبت أحداث أبى فانا بين اللصوص القتلة الإرهابيين من الرهبان ورجال الدين النصرانى وبين بعض العرب البسطاء .. لأن العرب تصدوا لتعديات الرهبان القتلة على أملاك الدولة وضم مساحتها إلى ديرهم .. قام الرهبان النصارى بقتل مسلم وإصابة العشرات من المسلمين الأبرياء .. وفى الجانب المقابل أُصيب بعض القتلة من الرهبان الإرهابيين بخدوش وجروح طفيفة .. فماذا حدث ؟؟

قامت قيامة النصارى ومعهم الإعلام المصرى ونصارى المهجر وقامت الحكومة بحملة شعواء ضد الإسلاميين خوفاً من النصارى ، وراحت ترسل الوفود للقيصر المريض الذى ذهب ليعالج فى الولايات المتحدة .. أعضاء مجلس شعب يذهبون .. وزراء .. السفير المصرى .. الرئيس مبارك يتصل .. الجميع يطلب الصفح والغفران من بابا القتلة .. من بابا اللصوص الذين سرقوا أراضى الدولة .. الصحف الحكومية والخاصة تهاجم الإسلام والمسلمين .. خدام النصارى يكتبون المقالات العريضة التى تنادى بمطالبهم غير المشروعة .. وفى ذات الوقت يتم التشهير بالإسلام وبجماعة الإخوان والدعوة لاعتقال أفرادها ليطمئن النصارى ..

قام نصارى المهجر بالتظاهر فى جل دول أوروبا وولايات أمريكا وطالبوا صراحة بإسقاط نظام الحكم فى مصر وتخليصهم من الإرهاب الإسلامى .. حثالة البشر فى الولايات المتحدة يقدمون مشاريع قرارات لحجب المعونة ولأمر الحكومة المصرية ببناء كنائس فى كل قرية وعزبة وكفر ونجع .. ولتعيين نصرانى نائباً للرئيس .. ولتعيين عدد من الوزراء النصارى .. وتغيير المناهج الدراسية وحذف آيات القرآن الكريم من مادة اللغة العربية .. وحذف آيات قرآنية من القرآن الكريم يقولون أنها تسيئ للنصرانية وتخصيص 12 ساعة من البث المتواصل على مدار اليوم للنصارى وسمعنا عن صفقات بين الحكومة المصرية والحثالة التى تقيم فى شيكاغو ، والسماح لنصارى المهجر بتأسيس منظمات وجمعيات داخل مصر .. وتعالوا نحل مشاكلنا فى بلدنا .. ويجب أن تقف حملة التشهير ضد مصر ... والغريب أن جميع ما قام به نصارى المهجر هو بتحريض من شنودة الثالث .. والذى يخرج المتحدث الإعلامى باسمه ليطالب بحذف المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الإسلام هو المصدر الرئيسى للتشريع ، ثم يحتفل الإعلام المصرى بعودة شنودة الثالث ، وتنشر الصحف التهانى .. بعد كل ما حدث من قبل النصارى ضد النظام ..

هياج النصارى تم من أجل الدفاع عن قتلة لصوص ، قتلوا مسلماً وسرقوا مئات الأفدنة .. رضخت الحكومة ولم تعاقب القتلة وأعطتهم الأرض المسروقة ..

غزة الصامدة وازدواجية الإعلام :

فى غزة الآن يتعرض شعب كامل للإبادة . .. لكن الإعلام المصرى سعيد بثلاجات الموتى ومشاهد الأشلاء وبالرؤوس المتطايرة .. وبالتجويع والحصار والخراب والدمار ..

انطلقت صحف الحكومة وبعض الصحف الخاصة لتهاجم من يتعرضون للإبادة الجماعية ، وهى نفس الصحف التى أصابتها نوبة من السعار عندما خدش الرهبان القتلة .. وظلت تؤيد وتناصر النصارى لأن ثلاثة رهبان خدشوا بعدما قتلوا مسلماً بالرشاشات ..

الإعلام المصرى سعيد بما يحدث لأهل غزة بل ويتطاول على الفلسطينيين بصفة عامة ، وتخرج المقالات التافهة التى تتحدث عن الخونة الذين باعوا الأرض لليهود .. وليت الإعلام المصرى اكتفى بهذا القدر .. بل راح يهاجم وسائل الإعلام الحرة التى تفضح العدوان الصهيونى النازى الدموى على غزة ..

والموضة الجديدة التى يتحدث بها كل تافه فى الإعلام المصرى هى : فتح معبر رفح سيؤدى إلى استيطان أهل غزة فى مصر وضياع القضية !!

حسناً يا من تخشون على مصر إلى هذه الدرجة – ويشهد الله أنكم كاذبون – فأين ألسنتكم الطويلة من قيام الرهبان بالسطو على مساحات شاسعة بآلاف الأفدنة كل عام وضمها إلى الأديرة ؟؟ ألا تخشون أن نستيقظ ذات يوم فنجد دولة صليبية فى جنوب مصر .. إننا لو حسبنا الأمر بمنطق العبط والسخف الإعلامى فمرحباً بأهل غزة فى مصر فهم أشقاء عقيدتنا وعروبتنا .. فهؤلاء أولى بالاستيطان بدلاً من الاستيطان الصليبى .

ألا ما أسخف وأسذج وأتفه الإعلام المصرى المعادى للإسلام ..

إن عدم فتح معبر رفح يهدف إلى خنق أهل غزة وقتلهم وإبادتهم أو كما قال السيد حسن نصرالله فغلق المعبر مشاركة فى الجريمة والتجويع والقتل والحصار ..

تتحدثون عن تصدير البترول الخليجى للولايات المتحدة والقواعد الأمريكية فى الخليج وحتى فى قطر صاحبة محطة " الجزيرة " ووجود " الجزيرة " بجوار قاعدة " السيلية " الأمريكية .. وترهنون فتح المعبر بإيقاف تصدير البترول وطرد القواعد الأمريكية !!

حسناً يا أولاد الأفاعى .. إن وجدت إنساناً يكاد يموت عطشاً وجاء ليطلب منى أن أسقيه .. هل أقول له : اجعل ابن عمك يحضر لى المائة دولار التى أخذها منى .. واجعل خالتك تترك الشقة التى استأجرتها منى حتى أسقيك !!

أهذا منطق يا أولاد الأفاعى .. ؟؟ المنطق والرجولة والشهامة تقول أن أغيث هذا المستغيث وأنقذه من الهلاك ثم أتحدث معه فى أى موضوع ..

ثم تطالبون إيران بإطلاق الصواريخ ! يا سبحان الله .. أليس هؤلاء هم الرافضة الذين يسبون الصحابة ويقولون بتحريف القرآن الكريم !؟ لماذا تطلبون منهم الغوث ؟؟ أين جيوش أهل السنة والجماعة ؟؟ أين جيوش أتباع الصديق والفاروق ؟؟ أين جيوش الذين يبجلون السيدة عائشة ؟؟

إن ما يحتاجه أهل القطاع هو مقومات الحياة .. يحتاجون للماء والدواء والغذاء .. وساعتها سيزلزلون كيان العصابات الصهيونية .. بل وسيحررون تل أبيب من أيدى القتلة ..

إن الإعلام المصرى المنافق وازدواجيته وتعامله بمنتهى الرقة مع الرهبان القتلة .. ثم تعامله بمنتهى الغلظة والفظاظة مع شعب غزة يدل على عمالته لدى الصهاينة وعباد الصليب ..

أرانى أرجع إلى ما قاله السيد حسن نصرالله لحكام العرب حينما حرّضوا ضده فى حرب " "تموز 2006م " : "فكوا عنا " ! أى دعونا وشأننا لسنا بحاجة لكم .. ونحن اليوم نطالب الإعلام المصرى أن يفك عن غزة وأن يكف عن سخافاته .. "فأولى له أن يصمت من أن يتكلم بالسخافات ويحول حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الخنازير الصهاينة إلى حرب بين مصر وفلسطين بأكذوبة الضابط الشهيد الذى قتله الصهاينة .. كفوا عن ازدواجيتكم .. وليتكم تمتلكون الشجاعة لتقفوا موقف شرف ورجولة من أهل غزة فالتاريخ لن يرحمكم .
???????((==========================================================================((((((بقلم / محمود القاعود))))))))))))))))))

ما من مصرى شريف إلا ويشعر بالخزى والعار من حال وسائل الإعلام الحكومية المصرية .. صارت الصحف الحكومية تبعث على الغثيان .. صار التعجب من حال صحف كبرى تاريخية مثل الأهرام وأخبار اليوم والأخبار والجمهورية .. بل والأغرب من هذا – دون أى مزاح – أن كثير من الناس يترحمون على أيام إبراهيم نافع وإبراهيم سعدة وسمير رجب .. وهم رؤساء تحرير الأهرام والأخبار والجمهورية على التوالى .. وقد غادروا مناصبهم فى العام 2005م ، ليأتى طاقم تافه لا يتمتع بأى حرفية أو مهنية ..
مهما قيل عن الطاقم القديم وفساد أفراده وثرواتهم .. ولكنهم كانوا أكثر حرفية ومراعاة لأصول العمل الصحافى ، لأنهم عاشروا وعايشوا عملاقة الصحافة منذ حسنين هيكل ومحمد زكى عبدالقادر ومصطفى وعلى أمين وغيرهم من هؤلاء المحترفين .. كانت لغة الطاقم القديم ( نافع وشركاه ) أكثر هدوءًا وعقلانية واتزاناً .. كانوا كتاب سلطة بتعقل .. لم يكونوا فى أى يوم من الأيام كلاب نابحة تنهش وتعض وتنبح .. أذكر أنه فى العام 2002م قام محرر فى جريدة الجمهورية بنشر خبر فى صفحة الحوادث عن اتهام صحافى مفصول بالأهرام لإبراهيم نافع بأنه سرق منه كتاب " "الصين عملاق القرن الواحد والعشرين " .. واعتُبر هذا الخبر حرباً خفية بين "سمير رجب وإبراهيم نافع .. فنشرت بعدها الأهرام جملة لا أزال أذكرها حتى الآن وردت ضمن خبر للرد على خبر الجمهورية فقالت : " "وقد نضطر آسفين إلى فتح ملف الزميل سمير رجب وما به من اتهامات وتجاوزات " .. لم يجند نافع كتيبة لسب وقذف رجب .. لم نسمع أن إصدارات الأهرام كلها تحركت لتنهش رجب .. لكن الرجل هدده بأدب ، فما كان من "سمير رجب إلا أن استفاق من غيه ، ولم يكررها مرة أخرى .
هكذا كان حال الطاقم القديم الذى كنا نلعنه ليلا ونهارا ونتمنى زواله ونقول أن جيل الشباب أحق من هؤلاء الشيوخ الذين انتشر فسادهم فى كل مكان ... وها نحن الآن نبكى على هذا الجيل ..
كانت مصر إن دخلت فى معركة كلامية أو صحفية .. كنت تقرأ الصحف برئاسة الطاقم القديم ، فتشعر بالإقناع فى الكلام حتى وإن كنت تعلم أنهم كتاب سلطة وعلى باطل .. لكن حرفيتهم تجعل كلامهم مقبولا ولو شكلا .
لكن ما نراه اليوم من صحافة الحكومة المصرية ، لم تشهده الصحافة المصرية منذ نشأتها فى أى يوم من الأيام .. وليتهم يفعلون هذه الحماقات فى ظل ظرف عربى يسمح بذلك .. لكن عفن أفكارهم لم يظهر إلا وشعب غزة يتعرض للإبادة الجماعية على يد أحفاد القردة والخنازير .. بدأ الهجوم العاتى واللا أخلاقى واللا مهنى من قبل الصحافة المصرية ضد دول مجاورة وضد شخصيات بعينها وضد حركة حماس بعد خطاب سماحة السيد حسن نصر الله يوم 28/12/2008م والذى استنكر فيه غلق الحكومة المصرية لمعبر رفح ، والمشاركة فى تجويع وحصار شعب غزة المسكين البائس الفقير .. لم يكفر نصر الله ، ولم يسب القرآن الكريم .. ولم يتظاهر فى فى واشنطن وباريس من أجل إسقاط النظام المصرى .. ولم يحرض أعضاء الكونجرس الأمريكى ليقطعوا المعونة عن مصر ، ولم يطالب بتعيين نواب شيعة فى البرلمان ، ولم يطالب بتعيين شيعة فى مناصب عليا ومراكز حساسة ، ولم يستولى على أراضى الدولة المصرية بالقوة .. ولم يحرض على قتل أى مسئول مصرى ... وكل هذه الأفعال وأكثر منها يقوم بها نصارى المهجر وبعض نصارى مصر .. ورغم ذلك قامت القيامة وبدأت الحملة المسعورة من قبل الإعلام المصرى الرسمى بالإضافة للإعلام العبرى متمثلاً فى قناة " "العبرية " وجريدة " الشرق الأوسط " وموقع " إيلاف " .. "
هذا هو كلام نص السيد حسن نصرالله أو بالحرى مقتطفات من خطابه الذى زلزل الإعلام المصرى الرسمى ، ومن منكم يرى فيه سباً أو تحريضاً على انقلاب فليقل أين يوجد ذلك :
" "بالأمس استمعنا إلى أحد المسئولين المصريين ليقول أن الذي يتحمل مسؤولية ما يجري هو الذي أجهض مساعي الحوار الوطني الفلسطيني وهو يقصد حماس، ثم يقول نحن من خلال قراءتنا وجّهنا تحذيرات ومن لا يصغي للتحذيرات عليه أن يتحمل بنفسه المسؤولية. هل يمكن أن يصدق إنسان أن كلاماً من هذا النوع يصدر عن إنسان عربي أو عن مسئول عربي وهو نفسه الذي قال في عز الحصار على عزة عندما كانت غزة تعاني الجوع والمرض إن من سيدخل إلى أرض مصر سنكسر قدمه " "
" الموقف المصري هو حجر الزاوية لما يجري في غزة "ولا أحد يطلب من مصر لا أن تفتح جبهة ولا أن تذهب إلى القتال، فقط أن تفتح المعبر ليصل الغذاء والدواء والماء وحتى السلاح لأهلنا في غزة، وفي غزة شعب ومقاومون ورجال ونساء جديرون بالمقاومة والصمود وصنع الانتصار، وقد أبلوا في كل المراحل السابقة بلاءً حسناً، نحن في لبنان حرب تموز لم نطلب من أي دولة عربية أن تفتح جبهة، نعم كنا نطلب فتح حدود، نحن عندما كنا نحتفظ ونقر لسوريا بالفضل وبالشراكة في صمودنا وفي انتصارنا في حرب تموز لأن سوريا لم تغلق الحدود بالرغم من تعرض المعابر الحدودية للقصف الجوي المتكرر والطرق الحدودية للقصف الجوي المتكرر. لا يطلب من مصر سوى أن تفتح المعبر وبشكل نهائي وللأحياء وليس للجرحى أو الشهداء. مصر ليست هلال أحمر، مصر أم الدنيا كان يقال عنها أم الدنيا ، وهي الدولة العربية الأكبر والأهم، هي ليست صليب أحمر أو هلال أحمر لتتصرف مع أهل غزة من خلال هذا الموقع. المطلوب من القيادة المصرية من النظام المصري أن يحسم هذه المسألة ، وأيضاً مطلوب منه سياسياً أن لا يستغل الحرب ليضغط على حماس وفصائل المقاومة في غزة للقبول بالشروط الإسرائيلية لوقف الحرب أو للتهدئة كما فعل البعض منا في الأيام الأولى لعدوان تموز بل يجب أن يساعدوا سياسيا أهل غزة ليقف العدوان بلا قيد وبلا شرط,هذه هي المسؤولية الحقيقية وما شعوبنا ففي العالم العربي والإسلامي يجب أن تنادي النظام المصري وتطالب النظام المصري .حتى الآن كنا نتكلم بلياقة ونتحدث عن مناشدة ، ولكن بعد الذي جرى بالأمس نقول للنظام المصري :
أيها المسئولون المصريون إن لم تفتحوا معبر رفح ، إن لم تنجدوا إخوانكم في غزة ، فأنتم شركاء في الجريمة ، شركاء في القتل ، شركاء في الحصار ، شركاء في صنع المأساة الفلسطينية ، هذا الخطاب يجب أن يسمعه المسئولون المصريون من كل شعوب العالمين العربي والإسلامي ، من العلماء والأحزاب والنخب والمثقفين والإعلاميين من شرائح مجتمعاتنا المختلفة ويجب أن يعرفوا أنهم موقع إدانة الأمة والتاريخ والأنبياء والشهداء إن لم يسارعوا من الآن إلى موقف إنساني وتاريخي بهذا الحجم ، وهنا يأتي الخطاب أولا وقبل كل شيء إلى شعب مصر ، إلى شعبها المسلم والعربي والأبي والكريم والمقاوم والشجاع والشريف والذي نعرف جميعا مكنونات قلبه وعقله ونعرف كيف يفكر ، فليخرج هذا الشعب المصري بالملايين إلى الشارع هل تستطيع الشرطة المصرية ملايين المصريين ؟ لن تستطيع ! كلنا ندعو الشعب المصري لأنه هو على هذا النظام الذي سيغلق معبر رفح ، يجب أن تفتحوا هذا المعبر يا شعب مصر بصدوركم وأنا لا أزايد على احد ، أنا أتحدث من موقع الانتساب إلى المقاومة التي قاتلت 33 يوما ، والى الشعب الذي قاتل وضحى وقدم الشهداء ، ما نعرفه وما نسمعه عن ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية أنهم ما زالوا على أصالتهم العروبية وعلى موقفهم المعادي للصهاينة وبالرغم من مضي عشرات السنين على كامب ديفيد ، هذا ما نعرفه عنهم ، أنا لا أدعو إلى انقلاب في مصر ، ولست في موقع من يدعو إلى انقلاب في مصر ، ولكن مع أن يأتي الجنرالات والضباط إلى القيادة السياسية ويقولوا لها : نحن يأبى علينا شرف بذلتنا العسكرية وانتمائنا العسكري والنجوم التي نحملها على أكتافنا أن نرى أهلنا في غزة يذبحون ونحن نحرس حدود إسرائيل " أ.هـ"
وعن قناة العبرية قال السيد نصرالله :
" "اليوم، نسمع نفس الكلام الذي سمعناه أيام حرب تموز 2006 وهي محاولة تحميل المقاومة في غزة مسؤولية هذه الحرب وتبعاتها، وهذا أمر معيب ومؤسف. حتى على المستوى الإعلامي، بعض القنوات الفضائية العربية التي يصح تسميتها بالعبرية وليس بالعربية أنا تابعتها أمس واليوم، كأن الذين قتلوا بالأمس في غزة ماتوا في حادث سير بالهند؟! ثم يُنقل الخبر وتنتقل إلى البرامج العادية والطبيعية وليس هناك فاجعة عربية وإنسانية كبرى تحصل في قطاع غزة. طبعاً، لأن هذه القنوات ستكون محرجة، ماذا تقول لمشاهديها؟ وهي التي ما زالت تصر أن تصف الذين يقتلون في غزة بالقتلى وليسوا بالشهداء " أ.هـ"
السؤال الآن : هل فى هذا الكلام سب أو قذف أو إعلان حرب على مصر ؟؟ الرجل يعترف بدور مصر ويشيد بها وبحضارتها وتاريخها وشعبها .. الرجل لم يقل أى شئ .. وإن كان قال شيئاً يمس الشعب أو البلد لكنا أول المباركين لهذه الحملة الضالة الغير مقبولة التى يشنها الإعلام المصرى الرسمى .. لكنه ما قال إلا صدقاً وحقاً ..
ولكن الصحافة المصرية هبطت إلى لغة " "أحمد يا عمر " ولغة أحمد يا عمر لمن لا يعرفها وخاصة من ليس من أبناء مصر ، مثل يضرب للردح وقلة الأدب ويرجع هذا المصطلح إلى المشاجرات بين النساء الشعبيات فى حوارى وأزقة مصر .. فتقول سيدة لجارتها أو من تتشاجر معها : " أحمد يا عمر " أى يا من تعرفين " أحمد عمر " .. والمقصود الطعن فى شرفها وفضحها وفضح حبيبها أو عشيقها على رؤوس الأشهاد .. وهى لغة فى منتهى الابتذال والانحطاط .. وهذه اللغة هى ذات اللغة التى استخدمها الإعلام المصرى فى حملته المجنونة ضد "سوريا وإيران وقطر وحزب الله وحماس وحسن نصرالله وخالد مشعل وقناة الجزيرة ..
لك أن تتخيل أن تخرج مانشيتات فى صحف رديئة صفراء بعناوين ضخمة " "سخافة السيد حسن نصرالله " و " سفالة السيد حسن نصرالله " و " العميل رقم 1 " و " حماس تبيح عمالة الأطفال والدعارة وتجارة المخدرات وحبوب السعادة وتجبى عشرة آلاف شيكل من كل صاحب نفق عن كل عملية غير مشروعة " و " الملف القذر لإمارة غزة الإسلامية " و " عناصر حماس تتحرش بالنساء وتضربهن وتلقى عليهن ماء النار " و " حماس وإسرائيل تخططان لهدنة طويلة بلا حل لاستمرار الحكم الإسلامى وفصل غزة عن الضفة " و " الخومينى هو الله عند حسن نصرالله " و " حل لغز التحالف الأسود بين حماس والجزيرة وإيران وإسرائيل " و " خالد مشعل ظهر فجأة بأصابع إسرائيلية ولمعته قطر ووظفته سوريا وإيران .. وعملية اغتياله الفاشلة كلمة السر " و " لماذا لا يعلن نجاد الحرب على إسرائيل ويضرب القواعد الأمريكية بالخليج " ... إلخ "
هجوم عاتى وأعمى ضد أى متضامن مع غزة .. افتراءات رخيصة بلا حدود .. تصديع رؤوسنا على مدار أسبوع بـ " "الضابط الشهيد " الذى قتلته القوات الصهيونية ، وإلصاق التهمة بحماس من أجل التغطية على الخيبة والفشل والعار .. "ابن الضابط الشهيد بيقول بابا فين يا ماما .. والد الضابط الشهيد : حماس تعادى الفلسطينيين ( هكذا تحول والد الضابط إلى محلل وخبير ) أم الضابط الشهيد حماس هى السبب !! بنت الضابط الشهيد : بابا هيجى امتى يا ماما .. هو راح الجنة !؟ .. كأنه منشور ووزع على صحف الحكومة .. فلما فشل هذا الفيلم الهندى السخيف .. اتجهوا للشتائم النابية والاتهامات التى لا يوجد سند أو دليل عليها ..
وليت هؤلاء الأشاوس فعلوا هذا مع الجنود الشهداء الذين يسقطون كل عام برصاص الكيان الصهيونى ويتم تجاهل نبأ استشهادهم وتكتفى الصحف بسطرين " "أولمرت يعتذر للرئيس عن الخطأ غير المقصود " !"
حملة أخرى عاتية ضد فضائية " "الجزيرة " وتشهير بالعاملين فيها .. وبالنسبة لهذا الموضوع .. سبق وأن هاجمت " الجزيرة " عدة مرات .. منذ استضافة "فيصل القاسم لعاهرة سبت الرسول الأعظم والإسلام ، وعندما حاول استضافة أحد الشواذ جنسياً من موقع "" الحوار المتعفن " وعندما تجاهلت الفضائية لعدة أيام ما يحدث للقطاع وكتبت عن تطبيعها الذى يأبى النسيان فى إشارة إلى زيارة "ليفنى لقناة " "الجزيرة " .. لكن ما قدمته قناة الجزيرة طوال الحرب الصهيونية الإجرامية على غزة منذ "27 ديسمبر 2008م يستحق الإشادة والتقدير .. مهما اختلفنا .. ومن الإنصاف أن نقول ذلك .. فمثلما نهاجمها عندما تخطئ وتأخذ منحى ضد الإسلام .. فالواجب أن نعرب عن خالص التقدير لموقفها البطولى من أحداث غزة .. وهو ما دعا الصهاينة أن يضجوا منها ويدعوا لطردها من كيان العصابات وإغلاق مكتبها .. ولعل هذا هو سبب استضافة ليفنى وباراك للتعليق كدليل على الرأي الآخر لتستمر الجزيرة هناك ولا يغلق مكتبها .
لقد كان من الغريب أن تنشر " "أخبار اليوم " تحقيقاً مسفاً عن الفضائية انتقاماً من الجزيرة لإذاعة خطب نصر الله وموقفها المشرف من الحرب الصهيونية الإجرامية على غزة .. ها هو ما جاء فى أخبار اليوم ، يوم" 3/1/2009م :
جريدة لندنية:
گتيبة فلسطينية معادية لمصر في "‬الجزيرة"


يؤكد الكثيرون أن قناة الجزيرة الفضائية لاتهدف إلا لزعزعة الاستقرار والأمن في ‬العالم الإسلامي ‬عامة والعربي ‬خاصة..‬وتنتهز الجزيرة كل فرصة ممكنة لشن هجماتها ضد مصر بالتحديد..‬هذا الموقف تتحمل مسئوليته قطر وهي ‬الدولة التي ‬تنطلق منها هذه القناة.‬وفي نفس الوقت هناك جوقة من الأصوات المشبوهة في الجزيرة والتي ‬لم ‬يعد لديها عمل سوي ‬الإساءة لمصر ومحاولة تشويه صورتها ومواقفها.
نظرة سريعة لما قدمته عن تلك الكتيبة المشبوهة برئاسة وضاح خنفر مدير القناة ‬صحيفة النخبة ‬التي ‬تصدر من لندن ربما تكفي ‬لفضح دوافعها وأهدافها المريبة..
فيصل القاسم:‬ وهو أكثر مذيعي ‬القناة تلونا مذهبه درزي وله علاقة متينة بإسرائيل، ‬وأبناء عمومته ‬يخدمون منذ سنين في ‬الجيش الإسرائيلي!!
والقاسم مواقفه مشهودة ومعروفة فهو ضد الإسلام والمسلمين، ‬ويحاول دائما في ‬برنامجه الاتجاه المعاكس ‬اختيار ضيوف ‬يحققون له رغبته..‬ولكن معظم الناس بدءوا فهم ألاعيبه وأهدافه.
‬إيمان بنورة : (*) ‬دعمها ارتباطها بشخصية خليجية!!
إيمان بنورة فلسطينية الجنسية مسيحية وكانت متزوجة، ‬لكنها إنفصلت أخيرا، ‬بعد أن إرتبطت بشخصية خليجية ثرية ومقيمة في قطر ومؤثرة، ‬ضمنت لها التواجد الدائم في ‬قناة الجزيرة، ‬ولذا فهي ‬تظهر متي ‬أرادت وتغيب متي ‬أرادت بعدما كانت مهددة بالفصل!!
جمال ريان : ‬فلسطيني ‬من طولكرم، ‬علماني ‬ومتهم بلعب دور إستخباراتي ‬لصالح دولة كبري.‬حاول خلال مقابلة أخيرة مع تسيبي ‬ليفني ‬وزيرة خارجية إسرائيل ان ‬يدفعها للتصريح بأنها أبلغت مصر بموعد العدوان علي ‬غزة ولكن ليفني ‬لم تستجب له ونفت هذا الكلام بشدة.
جميل عازر :‬ أردني ‬الجنسية ، ‬مسيحي ‬أمه ‬يهودية.. ‬وهو من المشرفين علي ‬القناة وله دور كبير، ‬وهو من أخطرهم حيث ‬يقوم بتوجيه أهم البرامج التي ‬تسيء لدول عربية عديدة في ‬مقدمتها مصر.
‬سامي حداد : ‬فلسطيني ‬مسيحي ، ‬وسبق أن شوهد وهو ‬يرتدي ‬القلنسوة الإسرائيلية في احتفال أقيم في ‬لندن .. ‬يظهر تعاطفه مع الشعب الفلسطيني ‬واهتمامه بقضية العدوان الإسرائيلي ‬علي ‬الشعب الأعزل في ‬ارض فلسطين ولكنه ‬يسعي ‬بشتي ‬السبل لمهاجمة مصر وسياساتها.
جيفارا البديري : ‬فلسطينية مسيحية تغطي الأحداث في ‬كل من لبنان والعراق وفلسطين من خلال تقاريرها المصورة.
أحمد منصور : ‬مصري الجنسية، ‬كان يعمل صحفيا في الكويت قبل الغزو، ‬ولكنه فشل، ‬وهرب إلي دبي وعمل مؤذنا في احد المساجد، ‬ثم وجد فرصته في قناة الجزيرة ليبث سمومه وحقده بشكل واضح ومفضوح ضد مصر بشكل خاص " أ.هـ "
http://www.akhbarelyom.org.eg/akhbar...3348/1300.html
والحقد الذى ينضح من التقرير لا يدل إلا على الإفلاس حتى وإن كانت معلوماته صحيحة مليون بالمائة .. لو كان جميع من يعملون فى الجزيرة ملاحدة .. فما يهمنا المادة المقدمة .. هل بها ما يسيئ للإسلام أو يتآمر على المقاومة أم لا ؟
ليت صحافة الحكومة قامت بهذه الأعمال مع نصارى المهجر وبعض نصارى مصر الذين يدعون صراحة لتقديم الرئيس مبارك إلى المحكمة الجنائية الدولية ويتهمونه فى منشوراتهم التى يوزعونها على المارة فى شيكاغو ونيويورك وواشنطن بأنه يأمر الضباط والجنود باغتصاب النصرانيات وإجبارهن على اعتناق الإسلام بعدما يحدث الحمل .. ليتهم وجهوا هذه الحملة إلى نصارى المهجر وبعض نصارى مصر الذين يسبون الإسلام والرسول الأعظم فى مواقع الإنترنيت وغرف الشات والفضائيات .. ليتهم وجهوا هذه الحملة إلى عدلى أبادير زعيم نصارى المهجر المقيم فى زيورخ الذى نشر تسجيلاً بصوته وموجود فى اليوتيوب ودعا فيه صراحة لقتل الرئيس مبارك .. ليتهم وجهوا هذه الحملة إلى من يقول أن عدد نصارى مصر 12 مليون نصرانى .. ليتهم وجهوا هذه الحملة إلى من يتظاهرون فى هولندا وإيطاليا وفرنسا واليونان وإنجلترا وإسبانيا وكندا ضد الرئيس مبارك ويقولون أنه إخوانى وهابى يضطهد الأقباط .. ليتهم وجهوا هذه الحملة ضد من يسرقون أملاك الدولة من النصارى ويبنون فوقها الكنائس والأديرة .. ليتهم وجهوا هذه الحملة ضد من يطالبون بإقامة دولة صليبية فى جنوب مصر ..ليتهم وجهوا هذه الحملة ضد من يطالبون بقتل المسلمين وطردهم من مصر ونفيهم إلى الجزيرة العربية ..
ولكن صحافة مصر كما يقول الشاعر :
أسد علىّ وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر

الردح وقلة الأدب لا تظهر إلا فى الحديث عن قطر وسوريا وإيران وحزب الله وحماس .. أما نصارى مصر والمهجر فصحافة مصر مثل النعامة أمامهم .
إن لغة " "أحمد يا عمر " التى استخدمتها الصحافة المصرية أساءت إلى مصر وشعبها ، وبقى أن يتذكر من يمارسون الردح منذ حوالى أسبوعين مع بداية الحرب الصهيونية على غزة ، أننا فى عصر ثورة معلوماتية يستطيع المرء فيه أن يعرف الحقيقة من أى مكان .. وليعلموا أن ردحهم لا يؤثر فى الحقيقة ."

_____________

(*) أشهرت إيمان بنورة الشهيرة بـ " "إيمان عياد " إسلامها فى العام "2004م وقد ذكرت جريدة الشرق القطرية هذا الخبر فى حينها وأنها أدت فريضة الحج فى نفس العام ، ولكن كاتب التقرير تجاهل ذلك عمداً للإساءة لها بأكبر قدر ممكن??????????=================================================================((((((صحافى فلسطينى يضرب تسيبى ليفنى بالحذاء .))))))))))))))

بقلم / محمود القاعود

بعد أن قتل مجرم الحرب الأمريكى جورج دبليو بوش أكثر من مليون مدنى عراقى جلهم أطفال ونساء بسبب حربه على العراق فى مارس 2003م ، وبعد أن رمل النساء ويتم الأطفال ، ونشر الفوضى والدمار والطائفية فى شتى أرجاء العراق ، وبعد أن قام علوجه باغتصاب شريفات العراق وتعذيب أحرار العراق ، وتدمير العراق بشكل تام وكامل وإعادته إلى العصور الحجرية .. بعد كل هذا وأكثر منه بما لا يتسع المجال لسرده فى عشرات الآلاف من الصفحات .. استكثر الشواذ جنسياً من حثالة البشر أن يقوم الصحافى العراقى البطل منتظر الزيدى بقذف المجرم الصليبى السفاح بوش ، بالحذاء فى وجهه أثناء مؤتمره الصحافى مع الصليبى القذر نورى المالكى – ما يطلقون عليه رئيس وزراء العراق المحتل – يوم 14/12/2008م ..
خرج عبدة الفرج والشرج بمقالات طويلة عريضة تستنكر ما قام به الصحافى البطل ، بل وهجاء ولعن من أشاد بهذا العمل .. بل وأيضاً التطاول على الإسلام والعروبة وإطلاق النكات السخيفة عن الأمة التى تحركها جزمة والشعوب المغيبة التى ترفض الديمقراطية الأمريكية .. والشعب العراقى النمرود الذى لا يستحق الديمقراطية الأمريكية ويعشق ديكتاتورية صدام .. وماذا لو كان هذا الصحافى فعلها مع حاكم عربى ؟ لتمت غربلة جسده بالرصاص ولأعدموه فى الحال ، لكن بوش المتحضر الراقى تفادى الحذاء برشاقة منقطعة النظير وابتسم ، وهذه هى الحضارة الأمريكية التى توضح تخلف الشعوب العربية .. نحن نعتذر للرئيس الأمريكى عن هذا العمل الجبان .. بوش محرر العراق .. لماذا تهللون للحذاء ونفس هذا الحذاء يموت به أفراد وجماعات فى سجون الأنظمة العربية .. يا أمة ضحكت من جزمتها الأمم .. مفروض أن الصحافى يتعامل بالمنطق والحكمة ولا يخرج عن عمله ويتحول إلى سافل ومنحط .. نشجب وندين ونستنكر هذا العمل اللا أخلاقى .. هذا عمل يتنافى مع كرم الضيافة .. كان من الممكن أن يحرجه الصحافى بسؤال يكون أقوى من الحذاء .. الصحافى يبحث عن الشهرة ومريض نفسياً .. الصحافى شيوعى شيعى .. الصحافى يسب الدين ويشرب الحشيش .. قطعان العرب المغيبة تفرح بنصر الجزمة .. الجزمة لا تحرر الأوطان .. بعض السفهاء يشبهون منتظر الزيدى بصلاح الدين الأيوبى .. منتظر الزيدى دليل على انحدار شعوب العرب .. ما أروع تعامل بوش مع هذا الصحافى النكرة .. نحن كصحافيين نرفض هذا العمل الذى ينم عن سوء تربية .. نعتذر لبوش عن هذا العمل ...
هذا نموذج بسيط فقط من مئات المقالات تمت كتابتها من قبل الشواذ جنسياً الذين يتحكمون فى وسائل الإعلام العربية فى زماننا هذا .. والحقيقة أن رد فعلهم هذا يدل على شذوذهم الجنسى .. ففى علم النفس يعتقد الشاذ جنسياً أنه على صواب والدنيا كلها على خطأ .. لا يجد أى مشكلة فى الشذوذ الجنسى .. بل يعتقد أن من يشجب عمله هو الذى يخالف المنطق والعقل والفطرة !! لذلك أجزم أن جميع من دافعوا عن بوش هم شواذ جنسياً منذ طفولتهم وحتى هذه اللحظة .. فشذوذهم الجنسى انتقل إلى أفكارهم العفنة ، وبالتالى جاءت أفكارهم فى منتهى التنطع والشذوذ والصفاقة والفجور .. ليدافعوا عن قاتل سفاح مجرم ويعتذروا له ويشيدوا بحكمته ويتحدثوا عن كرم الضيافة ..
ويكأن هذا المضروب بالحذاء لم يهدم آلاف المساجد والمنازل .. ويكأنه لم يلقى عشرات الآلاف من القنابل العنقودية والانشطارية والجرثومية والصواريخ فوق رؤوس العراقيين والأفغان .. ويكأنه لم يأمر زبانيته بتعذيب وهتك عرض العراقيين فى المعتقلات .. ويكأنه لم يجلب الخراب والدمار لدول العالم الإسلامى .. ويكأنه لم يُحرّض وما زال يحرّض على قتل الفلسطينيين الأبرياء ... صار كل هذا مقبولاً وعادياً ويستحق الإشادة والتقدير .. أما أن يقذفه صحافى بحذائه كذرة من التعبير عن الخراب الذى لحق ببلده .. فهذا هو العمل اللا أخلاقى والمنافى لللأديان والفطرة !!
ألم أقل لكم أنهم شواذ جنسياً .. وربما يكون كل خنزير فيهم يكتب مقالته وهو ينام تحت من يلوط به ..
ما ورد فى خاطرى الآن .. بعد هذه الحرب القذرة التى يشنها كيان العصابات الصهيونية وأحفاد القردة والخنازير على مدينة غزة الصامدة منذ يوم 27 ديسمبر 2008م وإزهاق أرواح الأطفال وقتل النساء وهدم المستشفيات والمساجد وشق بطون الحوامل واغتصاب النساء .. ما ورد فى خاطرى هو : ماذا لو قامت الخنزيرة المجرمة تسيبى ليفنى بعقد مؤتمر صحافى مع الصليبى الأفاق محمود عباس .. وأثناء هذا المؤتمر قام صحافى فلسطينى نجا بأعجوبة من القصف الصهيونى على غزة ، وخلع حذاءه ليقذفه فى وجه المجرمة ليفنى كتعبير عن نار موقدة فى قلبه وقلوب مئات الملايين من المسلمين والعرب .. ترى ما هو رد فعل الشواذ جنسياً الذين هاجموا منتظر الزيدى وقالوا فيه ما قاله مالك فى الخمر ؟؟ هل سيتحدثون عن كرم الضيافة ؟؟ هل سيتحدثون عن أن الصحافى كان يجب أن يسأل ليفنى سؤالا محرجاً أفضل من الحذاء ؟؟ ترى هل سيتحدثون عن حضارة وترقى ليفنى التى لم تقتل الصحافى وتركته حياً ؟؟ ترى هل سيتحدثون عن أن هذا العمل يتنافى مع أخلاق الصحافة وقواعد المهنة ؟؟ ترى هل سيتحدثون عن تحرير ليفنى لقطاع غزة ؟؟ هل سيعتذرون لليفنى عن هذا العمل المرفوض ؟؟ ترى هل سنرى الشواذ جنسياً فى إيلاف و العربية نت و الحوار المتعفن و الشرق الأوسط يتحدثون عن إنسانية تسيبى ليفنى ؟؟ هل سيتحدثون عن عشق الفلسطينيين للديكتاتورية ورفضهم للحرية التى جلبتها لهم ليفنى ؟؟
أقسم بمن رفع السماء بغير عمد أنه إن حدث هذا الأمر سنجد هؤلاء الشواذ جنسياً يدافعون عن ليفنى وينددون بالصحافى الفلسطينى الذى فعل هذا ، بل وسيشتمون من فرح بهذا العمل .. أى أنه نسخة مما حدث مع المجرم بوش .. كلاكيت تانى مرة .. فتخرج الردّاحات فى فضائحيات العهر والدعارة ومواقع إشاعة الفحشاء ليتحدثن عن هذا العمل المرفوض ، وليشدن بحنكة وحكمة تسيبى ليفنى وبعد نظرها ورؤيتها الثاقبة ، ومهارتها فى التعامل مع الحادث ..
أى أنه بعد كل هذا القتل والدمار والخراب الذى فعلته ليفنى فى فلسطين الجريحة .. بات قذف الحذاء فى وجهها جريمة منكرة تضاهى جريمة قتل الأطفال وهم نيام والنساء والشيوخ العزل ..
إن ما أطالب به - وأعتقد أن العديد من أبناء الأمة المسحوقة يوافقوننى فى ذلك - هو توقيع الكشف الطبى على كتاب هذه المقالات التى تدافع عن الصهيونية الصليبية .. ساعتها ستكتشفون .. كم أن هؤلاء الأنجاس غارقون حتى آذانهم فى مستنقع اللواط .. وأنهم يُعالجون من الإيدز الذى أصابهم نتيجة اللواط .. فنشروا هذا الإيدز فى مقالاتهم .
وإليك يارب وحدك المشتكى .. أنت حسبنا وأنت نعم الوكيل . ???????=======================================================================(((((((((ماذا لو كان أهل غزة يهود أو نصارى ؟)))))))))))))))

بقلم / محمود القاعود

أتذكرون ماذا حدث طوال شهر أكتوبر 2008م عندما فرت بعض العائلات النصرانية من مدينة الموصل فى العراق دون أن يصيبهم أى أذى ؟؟
أتذكرون كيف انتفض عبدة الفرج والشرج ونددوا بالإسلام والقرآن الكريم وقلبوا الدنيا رأساً على عقب ؟؟
أتذكرون كيف سُبت أمهاتنا ولُعن أجدادنا لأننا استنكرنا هذه الضجة المفتعلة التى تهدف إلى التغطية على ما يحدث للمسلمين فى كل مكان حول العالم ؟؟
أتذكرون كيف وقف طابور طويل من الشواذ جنسياً ( خاصة النوع السلبى منهم ) يكتبون المقالات الطويلة الركيكة السخيفة ليتحدثوا عن نصارى الموصل الذين يتعرضون لتطهير عرقى وإبادة جماعية .. لأنهم تركوا البلد وهاجروا إلى أوروبا !!
أتذكرون ازدواجية وسائل الإعلام العربى فى التعامل مع نصارى الموصل ؟؟ أتذكرون ماذا فعلت قناة العبرية إبان هذا الفليم السخيف ؟؟ أتذكرون ماذا فعل موقع الشواذ جنسياً والسحاقيات ومضاجعة العرائس الجنسية البلاستيكية واستخدام الأيور الصناعية والآلات الجنسية الكهربائية والرجل الحامل ، وأعنى موقع إيلاف .. أتذكرون ماذا فعل ؟؟
أتذكرون حديث المؤسسات الدولية والمنظمات العالمية التى هبت فجأة لتقلب حياتنا رأساً على عقب من أجل الذين فروا من النيران الأمريكية ؟؟
أتذكرون ؟؟
بالقطع تذكرون ...
حسناً .. فانظروا الآن ماذا يحدث من قبل وسائل الإعلام العربية والمنظمات الدولية والهيئات العالمية ، بعد أيام من الإبادة الجماعية التى يتعرض لها شعب غزة .. بعد أيام من هدم المساجد والمستشفيات .. بعد أيام من قتل الأطفال .. بعد أيام من ذبح الشيوخ .. بعد أيام من اغتيال النساء .. بعد أيام من إسالة أنهار الدماء .. بعد أيام من هولوكست أحفاد القردة والخنازير .. بعد أيام من تنفيذ النصوص الإجرامية الفاشية الواردة فى كتابهم المقدس ..
ماذا حدث من وسائل الإعلام التى ظلت تنتحب وتبكى وتذرف الدموع وتلطم الخدود وتشق الجيوب من أجل نصارى الموصل ؟؟؟
هذه الوسائل الإعلامية كانت السند والعون لكيان القردة والخنازير .. ودعوتهم لمواصلة القتل والذبح والهدم وإزهاق الأرواح ..
هذه الوسائل الإعلامية ويتحكم فيها شواذ جنسياً ، هاجمت البطل المغوار سماحة السيد حسن نصرالله ، لموقفه البطولى ودعوته لنصرة غزة ..
هذه الوسائل الإعلامية ، هاجمت حركة المقاومة الإسلامية حماس وحملتها مسئولية ما يحدث لغزة ..
هذه الوسائل الإعلامية .. هجت من يدافع عن أهل غزة ..
السؤال : ماذا لو كان أهل غزة من اليهود والنصارى ؟؟ ماذا لو كان أهل غزة عباد صليب ؟؟ ماذا لو كان المسلمون هم من يقوم بقتل اليهود والنصارى ؟؟ ما هو رد فعل وسائل الإعلام العربية ؟؟ ما هو رد الأمم المتحدة ؟؟ ما هو رد حكومة الصهاينة فى البيت الأبيض ؟؟ ما هو رد الاتحاد الأوروبى ؟؟ ما هو رد الإعلام الغربى ؟؟ ما هو رد الشواذ جنسياً الذين ينسبون ذواتهم الخسيسة إلى الليبرالية والعلمانية ؟؟ ما هو رد خنازير المهجر الذين يستعدون دول العالم لاحتلال مصر من أجل خدش تعرض له نصرانى ؟؟ ما هو ردكم يا أولاد الأفاعى ؟؟
منتهى الفاشية والإجرام والوحشية ..
منتهى العنصرية وقمة النازية ..
يعتقدون - قاتلهم الله – أن الدم المسلم أرخص من الدم اليهودى والنصرانى ..
يعتقدون أن اليهودى أو النصرانى له حق الحياة بينما المسلم يجب أن يقتل ..
يعتقدون أن اليهود والنصارى جنس أرقى من جنس المسلمين ..
عقلية إجرامية قذرة تكشف لنا حقيقة اليهود والنصارى ، وأنهم العدو الأول للإسلام ، وأنه لا آمان لهم ولا عهد لهم ..
عقلية نجسة منحطة توضح مدى الازدواجية التى يتعاملون بها مع الإسلام والمسلمين ، والكيل بمكيالين ..
رسالة إلى هؤلاء :
1- سماحة السيد حسن نصرالله : الشتيمة النابية التى يطلقونها ضدك وسام شرف على صدرك .
2- الكلب الأجرب الداعر صاحب وممول جريدة الشرق الأوسط : سمحت كلابك الضالة بنشر تعليق يسب أمين الوحى سيدنا جبريل – عليه سلام الله – والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم و السيدة عائشة والسيدة زينب .. لن أقول لك : هل تجرؤ أن تنشر كلابك مثل هذا التعليق فى حق زوجة أو عشيقة من يسرحك ويدفع لك .. ولكنى اسألك : هل تجرؤ كلابك الضالة أن تنشر هذا التعليق فى حق ناسنى عجرم أو دوللى شاهين ؟؟
3- شنودة الثالث : إدانتك للعدوان الصهيونى على غزة ، ووصفه بالـ عمل وحشى لا يتفق مع المبادئ الإنسانية ؛ إدانتك هذه إدانة للكتاب المقدس الذى تؤمن به ، والذى جاء فيه اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ ( حزقيال : 9:6 ) .
4- نصارى مصر : شماتتكم فى أهل غزة وتأييدكم ومباركتكم لعدوان أحفاد القردة والخنازير ليس بمستغرب ممن عبدوا الخروف وآمنوا بإله يحدثهم عن أيور تشبه أيور الحمير ومنى يشبه منى الخيول .. وهذه الشماتة تدل على أنكم أحقر خلق الله .. كما أنها تضاف لسجلكم الطويل فى الخيانة يا أحفاد المعلم يعقوب .
5- السفلة الذين يسبون حسن نصرالله : ها أنتم لستم من الرافضة .. وها أنتم من أهل السنة والجماعة كما تقولون .. فماذا فعلتم لفلسطين ؟؟ ماذا قدمتم لها ؟؟ ماذا قدم زعماء الدول السنية لفلسطين ؟؟ إن هذا الرافضى أشرف منكم مليون مرة يا أشباه الرجال ولا رجال . ??????
17 يناير, 2009 12:19 ص
غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((((((((( ((((((انقذوا "غزة")))))))))))))))))))))===========بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :

فإننا اليوم نمر بنكسة تعصف بأرضنا الإسلامية العربية , وإن ظن أحد أن إخواننا في غزة هم المعنيون بهذه النكسة فقد أخطأ , بل نحن الذين في نكسة , أما هم فأحسب أن الله تبارك وتعالى قد جعل أمرهم بين خيارين , إما النصر أو الشهادة , فربح بيعهم !

أما نحن , فلا حول ولا قوة إلا بالله !

إن النكسة التي أتحدث عنها , ليست نكسة هجوم العدو علينا , بل نكسة المسلمين حكامًا وشعبًا , أفراد وجماعات !

وأود قبل الإسترسال أن أعرض مقالاً , كنت قد قمت بتجميعه وترتيبه وإعداده , من مؤلفات فارس الإسلام , المجاهد الهمام , سيدي أحمد حسين ديدات , عليه من الله جزيل الرحمات , وواسع المغفرة والكرامات !

وهذا المقال موجود على الشبكة وعلى موقع العلامة ديدات , إلا أني أحببت أن أصدر به المشاركات , ليطلع عليه ذوي الألباب من أهل الدين والسياسة على السواء , ففيه خلاصة أمرنا مع اليهود , عليهم لعائن الله المتتالية .?????العرب وإسرائيل في خواطر الشيخ المجاهد أحمد ديدات !


* اليهود شعب الله الضال !


لا نستطيع إتهام اليهود بالغباوة فهم ماكرون دهاة , ولا نستطيع إتهامهم بالرخاوة فهم ناشطون مجتهدون , ولكنهم قوم يخدمون أنفسهم وحدها ولا يعرفون إلا مآربهم الذاتية , وعن هذا الموضوع يحدثنا العلامة ديدات , فإنه رحمه الله لم تنأى به المسافات وإن بعدت , ولم تبعده المشاغل وإن كثرت , عن الإهتمام بشئون إخوانه المسلمين في فلسطين , إيمانًا منه بأن المسلمين كالجسد الواحد , إذا اشتكى فيه عضو , تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى !

يقول ديدات : (( إنهم حقًا من اختارهم الله ليكونوا تجارب للبشرية كلها , تعلم من تاريخهم في القرآن الكريم والبايبل , دقق في فخرهم وغطرستهم وتمردهم الذي قادهم للعبودية , وقارن بين صبرهم ومثابرتهم وخططهم التي قادت فلسطين تحت سيطرتهم للمرة الثانية )) 1.

فعلاقة اليهود بالله تجعلهم يدركون أن الله تابع لهم وليسوا هم أتباعًا له , وأنه سبحانه ينبغي أن ينزل على رغباتهم لا أن ينزلوا عند أوامره , ورأيهم في الناس جميعًا أنهم خلقوا لخدمتهم , فالشعب المختار يعلو ولا يعلى , ويقود ولا يقاد !

ويبين ديدات المنهج القرآنى حول هذا الأمر قائلاً :

(( يقول القرآن الكريم : {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة47 . لماذا إختاركم الله يا بنى اسرائيل ؟ هل إختاركم بسبب اللون أو الجنس ؟! هل إختاركم لغرض خاص ولهدف معين ؟! نعم ! إن هذا الغرض الخاص والهدف المعين إنما هو لصالحكم , ولقد جاء بالتوراة ( إصطلاحًا ) : " فالآن إن سمعتم لصوتى وحفظتم عهدى تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب , فإن لي كل الأرض , وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة , هذه هى الكلمات التي تُكلِم بها بنو إسرائيل " ( سفر الخروج 19 :5-6 ) .

وهكذا يوصي الله بنى إسرائيل أن يتجهوا إلى الخير , وأن يرعوا الله , وأن يقودوا الناس إلى عبادة الله , ذلك هو دورهم الذي كان الله قد اختارهم له وأمرهم به , وعندما لم يحافظوا عليه حدث لهم كل ما حدث لهم فى ألمانيا , وحلت بهم الكوارث طوال ألفي عام مضت , لأنهم نسوا هذا الدور الذى كان الله قد إختارهم له ولم يقوموا به ولم يؤدوه على خير وجه , وهو يقول لهم في التوراة ( إصطلاحًا ) : " وإن كنتم مع ذلك لا تسمعون لي أزيد على تأديبكم سبعة أضعاف حسب خطاياكم " ( سفر اللاويين 26 : 18 ) .

ومعنى ذلك أن الله يقول لليهود : إنكم إن لم تطيعوني أيها اليهود فإنني سوف أعاقبكم , ولسوف يكون عقابي لكم سبعة أمثال العقاب الذي تستحقه خطاياكم )) 2 .


* " إسرائيل " الكذبة الكبرى !


لقد ظل اليهود مئات السنين مشردين , ولا يزال في عقولهم أنهم " شعب الله المختار " وأن سائر البشر إنما خلقوا لخدمتهم !

وقد إنتهى بهم هذا المنطق إلى أوضاع جعلتهم يهلكون الشعوب حينًا , وتهلكهم الشعوب حينًا أخر , وفي سعير هذا التحاقد نذكر لليهود موقفين خطيرين , فقد شاركوا في الثورة الفرنسية , وألهبوا الشعور الشعبي ضد الملكية المستبدة , وإستطاعوا تحت عناوين الحرية والمساواة والإخاء أن يقتلوا أكثر من مليوني شخص في أوربا وحوض البحر المتوسط , وأحدثوا الخراب والفتن كما قالوا في البروتكول الثالث لحكماء صهيون : " تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها الكبرى .. إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لدينا جيدًا , لأنها من صنع أيدينا , ونحن من ذلك الحين نقود الأمم من خيبة إلى خيبة " !

ذلكم هو الموقف الأول , أما الموقف الثاني فهو الثورة الشيوعية سنة 1917م , حيث قام يهود أمريكا بتمويلها , ومن هؤلاء : فيلكس وأوتو , وجيروم , وماكس وستيف , أما الزعماء الروس بعد " كارل ماركس اليهودي " فهم : لينين وهو ربيب اليهود وستالين وزوجته اليهودية , وتروتسكى وهو يهودي , وكذلك ماكييف وسوكنو لنكوف وزينوفيف ويبنوف , وشعار الشيوعية " لا إله والحياة مادة " وأسلوبهم الفذ القوة المبيدة , ولا يعرف التاريخ شبيهًا لحمامات الدم التي جرت في أرجاء العالم الشيوعي !

ولقد كان " هتلر " الحلقة الأخيرة في سلسلة الحكام المسيحيين الذين نكلوا باليهود على امتداد التاريخ , وقد ثأر اليهود لأنفسهم باختراع هذه الفلسفة المادية ومشاركة الناقمين في ترويجها ومساندتها , ولهذا شعر اليهود بعد كل هذه الصراعات أنهم في حاجة إلى وطن ولو بالكذب والتزيف ! فكانت " إسرائيل " !

يقول فارس الإسلام أحمد ديدات : (( إن أكبر نكتة في دولة إسرائيل الأخيرة هى أنك إذا سألت أي يهودي في إسرائيل من منحكم فلسطين ؟ كلهم برمجوا أنفسهم بفكرة وردت فى سفر التكوين (17 : 8) : " وأعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكًا أبديًا وأكون إلههم " .

فبدون أي إستخفاف أو تردد كل اليهود سيجيبون : الله هو الذي أعطى فلسطين لليهود !

ولكنك إذا سألت أكثر من 75% من اليهود الإسرائيليين : هل تؤمنون بالله ؟ إنهم في الحال سيردون بالنفي !

فقط هؤلاء الملحدون يستخدمون إسم الله في اغتصاب أرض فلسطين , وإذا سألت اليهودي : من هم نسل إبراهيم ؟ فإنه سيجيبك دون تردد : " نحن اليهود " !

لا ريب أنهم أبناء إبراهيم ونسله , ولكن هل هم نسله الوحيد ؟! يخبرنا السفر الأول من البايبل في إثنى عشر موضوعًا على الأقل أن إسماعيل عليه السلام أبو العرب وجد المسلمين كان إبن إبراهيم عليه السلام ومن نسله , وإذا كان الله ربنا لم يستنكف أن يعترف بإسماعيل كإبن ونسل لإبراهيم في التوراة ( إصطلاحًا ) فمن نحن لكي نجحد حقه وميراثه !

حقًا إن الله لن يسمح بتعريض حقوق " الإبن الأكبر " للخطر , حتى ولو كان هذا الإبن نسل الزوجة المكروهة ! : " إذا كان لرجل إمرأتان , إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة : فإن كان الإبن الأكبر للمكروهة , فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يقدم إبن المحبوبة بكرًا على إبن المكروهة البككر , بل يعرف إبن المكروهة بكرًا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته له حق البكورية " التثنية 21 : 15- 17 )) 3 .

ويُفهم من النص الذى إستشهد به فارس الإسلام أن لإسماعيل عليه السلام ضعف ميراث إسحاق عليه السلام حسب نصوص التوراة التي لدى اليهود والنصارى !

ويبين العلامة ديدات متعجبًا منطق اليهود الذين يكيلون بمكيالين , فهم يصدقون نصوصًا وينكرون أخرى , فالنص السابق يشير إلى أن ميراث إسماعيل ضعف ميراث إسحاق في كل شيء , فلماذا ينكر اليهود هذا النص ؟! أليس من باب أولى أن يعيشوا مع العرب أحفاد إسماعيل ويعطوهم ضعف ميراثهم كما يقول النص الذي في كتابهم على فرض صحته ؟!


* دور المسلمين في كشف الكذبة !


يقول فارس الإسلام أحمد ديدات : (( تذكر الفقرات من سفر التكوين ( 17 : 8 ) : " وأعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكًا أبديًا وأكون إلههم " . إنها ستكون برهانًا فائق القيمة ضد مزاعم المسيحين واليهود والصهاينة , هذه وثيقة الملكية المقدسة لليهود والتى يسعون لتحقيقها , والمسلمون لم يفعلوا أي شيء خلال مئات السنين الماضية لإزالة سوء الفهم , لقد كان عليهم إقناع اليهود والمسيحيين بحقيقة أن اليهود ليس لهم حق أخلاقي وأدبي في فلسطين )) 4 .


* ديدات وكشف الكذبة !


من خلال حديث فارس الإسلام مع بعض اليهود , إستدل أحد اليهود بنص سفر التكوين 17 :8 : " وأعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكًا أبديًا وأكون إلههم ".

لإثبات أحقيتهم في أرض فلسطين , فأفحمه فارس الإسلام قائلاً :

(( هل الكلام الذي إقتبسته من توراتكم نبوءة من الله وعد بها ابراهيم ونسله إلى الأبد ؟ قال : نعم , قلت إن الله أعطانا في التوراة اختبارًا يمكننا من خلاله الحكم إن كانت النبوءة التي نسبت إليه هى من كلامه حقًا أم لا , إنه يقول : " فإن قلت في نفسك كيف يُعرف القول الذي لم يقله الرب , فإن تكلم النبي باسم الرب ولم يتم كلامه ولم يقع , فذلك الكلام لم يتكلم به الرب , بل بطغيان تكلم به نبي فلا تخافوا " سفر التثنية 18 : 21 - 22 !

سألته بعدها : هل هذا إختبار شرعي ؟ فأجاب : نعم , قلت : دعنا نطبقها على النبوءة , إن التوراة تقول عن موت إبراهيم : " فدفنه إسحاق وإسماعيل إبناه في مغرة ... في الحقل الذي إشتراه إبراهيم من بني حث , هناك قبر إبراهيم وإمرأته سارة " التكوين 25 : 9 – 10 .

وجاءت شهادة الإنجيل لتؤكد عدم انجاز عهود الله لأبينا إبراهيم وشيوخ إسرائيل بهذه الكلمات : " وفي الايمان مات أولئك ( هابيل وأخنوخ ونوح وإبراهيم وسارة ) كلهم غير حاصلين على المواعد بل إنما نظروها وحيوها من بعيد , وإعترفوا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض " الرسالة إلى العبرانيين 11 : 13 .

" وقال ( الرب ) له ( إبراهيم ) إنطلق من أرضك وعشيرتك إلى الأرض التي أريك , حينئذ خرج من أرض الكلدانيين وأقام بحاران , ومن هناك نقله بعد وفاة أبيه إلى هذه الأرض التي أنتم مقيمون بها , ولم يعطه فيها ميراثًا ولا موطيء قدم , ولكنه وعد بأنه سيعطيه إياها له ونسله من بعده ولم يكن له حينئذ إبن " أعمال الرسل 7 : 3-5 .

سألت زواري اليهود إن كانت هذه الحقائق المبسطة حقائق صادقة , وكان مدهشًا لي أن الرئيس المتحدث بإسم المجموعة أجاب : " نعم " .... عندما وافق مستخدمي على حقيقة أن هناك وعود في البايبل لم تحقق , وأن هذه الحقيقة صحيحة حسب معلوماته , قلت في هذه الحالة : سبحانه وتعالى لا يعطى وعدًا كهذا , الله دائمًا يؤكد في القرآن أنه إذا أعطى وعدًا فإن وعده يجب أن يتحقق في المستقبل كما في التثنية 18 : 22 : " { وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122 " ... والنتيجة هى : أن وثيقة الإمتلاك اليهودية لليهود في فلسطين والتي مرت بنا في النبوءة الواردة في سفر التكوين17 : 8 قد تبين بطلانها من خلال الإختبار الذى أُعطي في آخر وصية موسى في سفر التثنية 18 : 22 )) 5 .


* دور البايبل في مسخ العقول ( نشأة الصهيونية ) !


في مناظرة العلامة ديدات مع القس الصهيونى " أنيس شورش " والتى كانت بعنوان " القرآن أم البايبل أيهما كلمة الله ؟ " . قام فارس الإسلام بإظهار دور " البايبل " في مسخ عقول اليهود والنصارى , وكثيرًا ما أشاهد هذا الجزء من المناظرة وأترحم على فارس الإسلام الذي تفرد بهذه الجزئية عليه رحمات الله , ولقد بين فارس الإسلام ذلك من خلال عرضه للعديد من النصوص من العهد القديم والتي يظهر فيها الذل الذي عاناه الفلسطنيين على يد بني إسرائيل !

ومن خلال تلك النصوص بين العلامة ديدات أن ما يقرأه اليهود والنصارى في كتابهم مسخ عقولهم وغسل أدمغتهم , ولذلك هم ( النصارى ) يوافقون على أن اليهود لهم الحق في فلسطين وأن ما يحدث لإخواننا وأمهاتنا وأخواتنا وأطفالنا في فلسطين هو وعد الله لليهود !

وفى هذا يقول فارس الإسلام : (( لقد ذكرت كيف أن البايبل يعطى إنطباعًا بأن الفلسطنيين يجب إذلالهم وقهرهم بواسطة اليهود , والصهاينة قد قاموا بعمل ناجح بغسلهم أدمغة النصارى لكي يعطوا لهم فلسطين , ولكي يؤمنوا بأن فلسطين ملك لليهود , ولنعترف بأن الصهاينة نجحوا في إتمام هذا العمل على أكمل وجه , والنصارى اليوم يشاهدون الأطفال الفلسطنيين يطلق عليهم الرصاص وهم يرمون بالحجارة , والنصارى يعلمون في قرارة أنفسهم أن ذلك باطل لا يصح , ولكنهم يقولون : " ماذا يمكننا أن نفعل إذا كانت إرادة الله أن يعطي اليهود فلسطين والفلسطنيون يمنعونهم من ذلك ؟! " .

إنه في عام 1982 م عندما غزت إسرائيل لبنان فإن هذا " الدكتور شورش " قال : " يا قوم لماذا تثيرون مشكلة ؟ أليست لبنان جزء من أرض الميعاد ؟! إن ما بين النيل والفرات هى أرض وعدها الله اليهود )) 6.

فالبرغم من أن هذا " الشورش " فلسطيني الجنسية إلا أنه نصراني قد تم مسخ عقله بواسطة البايبل !


* إسرائيل بنت الأمم المتحدة , حفيدة أمريكا !


يقول العلامة ديدات : (( إن الولايات المتحدة الأمريكية أجبرت الأمم المتحدة في 29 نوفمبر ( تشرين الثاني ) سنة 1947م على إتخاذ قرار بإنشاء الدولة الإسرائيلية وذلك بتقسيم فلسطين إلى دولة اسرائيلية وأخرى فلسطينية , ولكن لم يحصل القرار إبتداء على الأصوات الكافية لصدوره وبالطبع فقد صوتت مجموعة الدول الاسلامية ضد قرار تقسيم فلسطين , وقد تعاطفت دول أخرى رافضة قرار التقسيم , ولذلك لم يحصل القرار على أغلبية الأصوات , فالدول التي أيدت القرار الأمريكى كانت تشكل أقلية , وهنالك حذر الرئيس الأمريكى " ترومان " الدول الرافضة لقرار التقسيم من أنه سيلزمهم بدفع ثمن هذا الرفض , فقد إبتُزت بالتهديد كل من فرنسا واليونان وهايتى وليبريا والفلبين لكى يصوتوا في صالح قرار التقسيم , وقيل لهم إنكم إن لم تصوتوا في صالح هذا القرار فإننا سنجبركم على ذلك , فجميع هذه الدول فقيرة أو كانت تحتاج إلى المساعدة والعون من الأمريكيين , وقيل لهم إنكم إن لم تساندوني في هذه المسألة فسأقطع عنكم هذه المساعدة أو المعونة , وسنلزمكم دفع الثمن , وبذلك فقد استصدروا قرار التقسيم هذا بالقوة من خلال الأمم المتحدة , وهم يمنحون إبنتهم غير الشرعية ( الدولة الإسرائيلية ) ثلاثة مليار دولار سنويًا حتى يبنوها ويدعموها ويقوها بأموالنا ! إن أموالنا معهم وهم يساعدون بها اليهود حتى يقووهم ليقاتلونا ! )) 7 .


* أمريكا , الحصن اليهودي !


يقول فارس الإسلام أحمد ديدات : (( التدخل الأمريكي الفاضح ضد العرب أثبت أننا في جميع الأوقات لم نكن نقاتل اليهود , إننا لم نكن نحارب اليهود وحدهم بل الأمريكان أيضًا , ما الذي يجعل الأمريكان المسيحيين يحبون اليهود كثيرًا ؟! ما الذي يجعل أمريكا تتعاطف مع اليهود ؟ ! السبب هو اللوبى اليهودي أمريكا , هنالك ستة ملايين يهودي في أمريكا , إنهم يعرفون كيف يستخدمون أموالهم ونفوذهم وعددهم , لا يوجد أمريكي يمكن أن يفكر في أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة , بدون موافقة وتأييد اليهود ... علينا أن ندرك أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح أبدًا لأي عدد من المسلمين من أي مكان في العالم أن يدخلوا أراضيها , سواء كان هؤلاء من البلاد العربية , أو من نيجيريا , ماليزيا , باكستان , بنجلاديش , أو تركيا , إذًا كيف يمكننا تجنيد 6 ملايين مسلم لمقاومة اللوبي اليهودى ؟ والإجابة على ذلك تكون عن طريق هداية ستة ملايين أمريكى إلى الإسلام ! و الله ! إن هذا أسهل بكثير مما نعتقد , فالله سبحانه وتعالى يقول : { لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ }الزمر53 )) 8 .


* وصية ديدات : لنسترجع فلسطين !


لنستمع الأن إلى تلك النصائح من فارس الأمة :

1- (( إن الله سبحانه وتعالى يؤكد لنا في القرآن الكريم أنه إن لم نطعه ونستجب له ولرسوله في كل مشكلة فإننا لسنا مسلمين , إننا يجب أن نرجع إلى الله ورسوله )) 9 .

2- (( كل المحاولات التي جرت لتحرير فلسطين فشلت , لهذا فإن تحقيق السلام والإزدهار مرتبط بالإصغاء إلى نداء الوحي النهائى والأخير للإنسانية : {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }البقرة40 . فلسطين هناك لتعطى لأولئك الذين يتصفون بالإخلاص والتواضع ويوفون بعهدهم مع الله )) 10 .

3- (( إننا لم نخض معركة عقائدية مع أحد , إننا نستطيع أن نخوض معركة عقائدية مع اليهود, والشيء الذي يتعين عليك هو أن تعد نفسك لكي تتحدى خصمك , والله سبحانه قد أعطاك السر في القرآن الذي لا يقرأه أحد ! )) 11 .

رحمك الله فارس الإسلام , فلقد نصحت وبلغت ونحن على ذلك من الشاهدين !

________________________________


المراجع والمصادر :

1- العرب وإسرائيل صراع أم تسوية ص 2 .
2- محاضرة بعنوان ( العرب وإسرائيل شقاق أم وفاق ؟ ) بين الداعية أحمد ديدات وعضو الكونجرس بولي فندلي ص 40-41 , دار الفضيلة .
3- الحل الإسلامى للمشكلة العنصرية ص 29 – 30 , المختار الإسلامي .
4- العرب وإسرائيل صراع أم تسوية ص 11 .
5- المصدر السابق ص 11 –12 .
6- لقاء صحفي بجريدة " عرب نيوز " السعودية , نقلاً عن ( هل المسيح هو الله ؟ ) ص 104- المختار الاسلامي .
7- عاصفة الصحراء المبررات والدوافع ص 35-36 , المختار الإسلامي .
8- العرب وإسرائيل صراع أم تسوية ص 34 .
9- عاصفة الصحراء المبررات والدوافع ص 33- المختار الإسلامي .
10- العرب وإسرائيل صراع أم تسوية ص36 .
11- هل المسيح هو الله ؟ ص 106.???????لا حول و لا قوة الا بالله
حسبنا الله و نعم الوكيل

اللهم لك الحمد في كل حال و الاحوال

أخي ماذا نقول امام أسر تباد ؟؟؟ أمام أطفال تقتل ... أما نساء حوامل تستشهد
لو أخبرونى ان إبنى عمران حرارته مرتفع و انه مريض سأصاب بهلع !!

فماذا أقول أمام شاب الان رأيته على جزيرة و هو يقول أستشهد أربع من ولادي !!!! أربع ياللهول يا للهول هل الكلمات قادرة على ان تصف هكذا المشاعر
لو بكينا دما بدل الدمع ... و لو وصل صراخنا عنان السماء ... و لو اصبح غيضنا و غضبنا بركانا ... ما فعلنا شيئا ...

لك الله يا غزة العزيزة ... لك الله يا أرض الحياة ... لك الله يا أرض الشهادة ...
أنتي الان أقوى من دمارهم و اسلحتهم و بربريتهم ... أنتى المنتصرة بعون الله فلكي الله
المهزوم هو نحن الان قابعين في بيوتنا نبكى بكاء النساء و نموت موت البعير ... كل رصاصة تأتي عليكي يرفعك درجة الى بارئكي و في نفس الوقت وصمة عار في جبيننا أن لم نقدر أن ننصرك كما ينصر النصارى اليهود ... لم نقدم لكي ما يقدمه الظالمون لأخوانهم اليهود ...

أيتها الغزة العزيزة لا تهابي صولجان اليهود ... فلكي الله و انتى مع من قتلهم اليهود من الانبياء و الصالحين و العلماء ???????????في سنة 645 هـــ ، إن لم تخني الذاكرة ، شارك ابن الأحمر ، مقدم الدولة النصرية ، آخر دويلات المسلمين في الأندلس ، في حصار إخوانه في "إشبيلية" الحبيبة ، قصبة الجنوب الأندلسي حاضرة بني عباد ومن بعدهم بني عبد المؤمن ملوك المغرب ، شارك في ذلك تحت قيادة نصرانية استولت على المدينة بدعم مادي ومعنوي من ابن الأحمر ، والسؤال الذي يفرض نفسه ؟ ما الذي حمل ابن الأحمر على حصار بني جلدته في إشبيلية ؟!!! .

والجواب : أنه كأي ملك ميكيافيللي أراد الحفاظ على ملكه المحدود ، ومصلحته الخاصة ، ولو ضحى بأملاك المسلمين وفرط في المصلحة العامة ، وبالفعل احتفظ ابن الأحمر بملكه بل واحتفظ أبناؤه به من بعده ، ولكن السنة الكونية المطردة جرت على بني الأحمر فحان دورهم سنة 897 هـــ ، أي بعد نحو 250 سنة من جريمة الجد ، فطردوا من الأندلس ، وانتهت آخر دويلات الإسلام في الأندلس بعد نحو 805 سنة من الفتح المجيد ، وسنة الله ، عز وجل ، لا تتخلف وإن تأخرت .

واليوم يعمل كثير من المسلمين : حرس حدود للدولة العبرية اللقيطة ، فيشاركون في حصار إخوانهم ضنا بملكهم ، والسنة الكونية جارية بزوال ملك من هذا حاله ، فمن يعتبر ؟!!! ، والدول العربية بأسرها مرشحة لمصير دولة بني الأحمر على تفاوت بينها في المشاركة في جرم إسلام إخواننا في غزة لعدوهم بل والتآمر عليهم ، فمن مقل ومن مكثر لدرجة المشاركة في الحصار ، ومن من مصرح ومن ملمح ، ولكل نصيب من الخزي .

ومن جهة أخرى : ما تعيشه مصر الآن من ضعف سياسي وعسكري ، وتراجع في دورها الذي كان مؤثرا في المنطقة هو نتيجة طبيعة لمعاهدة : "كامب ديفيد" التي حيدت مصر ووضعتها في الثلاجة حتى يحين دورها ، ولقد كان "كارتر" في قمة الذكاء لما استدرج مصر لهذه المعاهدة التي خدرت قوى المصريين وأسلمتهم إلى الاسترخاء إذ حرب أكتوبر هي آخر الحروب !!! ، والسلام هو الخيار الاستراتيجي لشعوب المنطقة ، ونشأ جيلنا في ظل هذا الاسترخاء : جيل : "الشيبسي والكاراتيه" فالمعاهدة بطيئة المفعول : استغرقت جيلا بأكمله حتى آتت أكلها ، ولكنها : أكيدة المفعول ، فقد تم تسوية مصر على نار هادئة ، كما يقال عندنا في مصر ، فكانت الطبخة مسبوكة . فلا تقدر مصر اليوم على الاعتراض ، وإنما عليها السمع والطاعة وإلا انقطعت المعونة الأمريكية وجاع الشعب المصري الذي يقتتل أفراده أمام المخابز على رغيف العيش المدعم .

وإلى الله المشتكى من حالنا وضعفنا الروحي والمادي ، وتخاذلنا عن نصرة الدين ، وأتباع الدين .????????

لقد كان هدفي من وضع هذا المقال للعلامة ديدات , هو تنبيه المسلمين إلى النكسة الحقيقية التي نعيشها , فنحن نعيش نكسة فكرية أو قل جهل فكري على جميع الأصعدة , خاصة الصعيد الديني والسياسي عند الحكام والشعوب والدعاة !

وسأجعل مدخلي للحديث عن هذا الموضوع , ما رأيته على قناة CNN من خلال برنامج Last Eddition , حيث إستضاف مدير البرنامج عبر الأقمار الصناعية كلاً من : صائب عريقات , رئيس المفاوضيين الفلسطنيين , وكلب اليهود نتنياهو , رئيس الوزراء السابق , وزعيم حزب الليكود !

أخذ صائب عريقات بداية يعبر عن ضرورة وقف الحملة الإسرائيلية على غزة , مناشدًا المجتمع الدولي , والأمم المتحدة , والإتحاد الأوروبي , ومجلس الأمن !

ثم قال أن ما تفعله إسرائيل يخالف ما نصت عليه الإتفاقيات الدولية المعنية ... إلى أخر هذا الهراء الذي لا يطبقه الغرب إلا على المسلمين حين ينهضون للأخذ بثأرهم !

ولما سأل مدير البرنامج صائب عريقات عن موقف الحكومة من حماس وإطلاقها للصواريخ على المدنيين اليهود وضرورة وقف إطلاق الصواريخ , قال صائب : أنا أتحدث عن ضرورة وقف الحملة الإسرائيلية !

ثم جاء دور كلب اليهود نتنياهو , والذي أخذ يكيل بالإتهامات إلى حماس , وأنها تسعى في القضاء على إسرائيل نهائيًا , تلك الدولة التي لها حق شرعي في هذه البلاد , وأنها- أي حماس - تريد أن تمحو المدن الإسرائيلية من الوجود , وأنا ما تفعله إسرائيل هو ما كانت ستفعله أي دولة تعرضت لما تتعرض إليه إسرائيل من إرهاب فكري وحربي !

هؤلاء هم ساستنا !

لا يستطيعون حتى أن يعرضوا قضيتهم أمام العالم , في حين أن اليهود بارعون في خداع العالم !

متى نرى ذلك السياسي الفقيه الذي يكون على دراية شرعية وفكرية بمخططات اليهود وأسالبيهم ؟!

لقد كان حريًا بصائب عريقات , وقد فُتح له المجال أمام الشعب الأمريكي أن يعود إلى أصل القضية , وهى أن من لم يملك أعطى من لا يستحق !

هذه هى القضية إبتداء , هذه هى أصل القضية الفلسطينية , لقد عجز ساستنا على مدار أعمارهم أن يبينوا عور اليهود العقدي والفكري في إحتلالهم لفلسطين !

لقد كان حريًا بساستنا المتشدقين بالإتفاقيات الدولية , وضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات , والسلام خيار إستراتيجي , والحيلولة دون حدوث صدامات وصراعات , أن يكفوا عن هذا الهراء الذي تلاعب به اليهود والغرب الحاقد بحكامنا وساستنا على مر عصور الغثائية الحديثة !

إن الناظر المدقق لأحداث فلسطين منذ عام 1948م يجد أن إسرائيل عملت على حصر القضية وإختزالها في عدة زوايا أخرها مثلاً الحرب على الإرهاب , وهكذا إنساق السذج من الساسة والحكام وراء مخططاتها , فاليوم الحديث كله عن حماس وأنها المشكلة , وأنه يجب وقف العدوان الإسرائيلي على غزة , ثم ماذا بعد ؟!

حماس ليست المشكلة بل إحتلال فلسطين هو المشكلة !

أحمد ياسين لم يكن المشكلة , الرنتيسي لم يكن المشكلة , بل الإحتلال هو المشكلة !

أفيقوا أيها الساسة !

إن إسرائيل تحصر قضيتنا في أشخاص وأحداث , واهمين العالم أن القضية ليست في إحتلال فلسطين بغير وجه حق , بل القضية غير ذلك , فإذا ما زال الأشخاص وزالت الأحداث إنتهت المشكلة , والمشكلة الحقيقية تكمن في دولة إسرائيلية محتلة مهيمنة تُزيد في أراضيها وممتلاكاتها من ناحية , وفلسطينيين مشردين , نهايتهم إما التهجير أو الهلاك من ناحية أخرى !

وعلى هذا الهزال ترى تصريحات الحكام والساسة , فلقد نجح اليهود في مسخ عقولهم وتشويش أفكارهم حول أصل القضية , فترى حاكمنا مثلاً يهمز ويلمز حماس في أنها السبب فيما تصاب به غزة , داعيًا إلى وقف العنف من كلا الطرفين !! ونسى أن الإحتلال هو السبب , وأنه لولا الإحتلال ما ظهرت هذه المقاومة أصلاً !

وأصل القضية لن يحل بالإتفاقيات يا حكام العرب , وأنتم تعلمون ذلك قبل غيركم , فكفوا عن هذا الهراء الذي جعلكم أذل خلق الله في الأرض , تقبلون نعال الغرب , وتقفون على أبوابهم تسألونهم المعونة !

الحكام والساسة ينظرون إلى القضايا من باب المصالح الدنيوية دون أي إعتبار للجزاء الأخروي , بمعنى أن إغلاق معبر رفح أمام الفلسطينيين مثلاً وعدم إمدادهم بالسلاح والعتاد المعين لهم على بطش الصهاينة , فيه سلامة مصر من الدخول في صراعات لا دخل لها بها !

والرسول صلوات ربي وسلامه عليه حثنا على الإهتمام بأمر المسلمين وأن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم , وأن من جهز وأعان مغازيًا في سبيل الله فقد غزى , وأن من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من شعب النفاق , وما لنا نذهب بعيدًا فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بالحال الذي نعيشه : " إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر , ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد , سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" ! ( أخرجه الطبراني وصححه الألباني ) .

فكل هذا وغيره ليس عند الحكام والساسة محل تحكيم أو نظر , بل الإتفاقيات مع العدو التي نصت على التهدئة حتى وإن إغتصبت نساءنا وذبح أبناءنا وهدمت ديارنا هى محل التحكيم والنظر ، بل هى الحل النهائي ولا حل غيره !

وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الحل مع اليهود هو القتال لا غيره : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله. . إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود" (ذكره في: صحيح الجامع الصغير أيضًا -7427) .

والحكام والساسة يقولون أن الحل في السلام مع اليهود , وصار الحديث عن دولتين يهودية وفلسطينية !

فلماذا لا يعمل الحكام والساسة على تربية الشعوب على شرع الله , وتحقيق نبوءة هذا الحديث الشريف , خاصة وقد وعدهم الرسول بالنصر ؟!

أم السلطان محمد الفاتح رحمه الله عندما سمعت قوله صلى الله عليه سلم : ( لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش ) ( أخرجه أحمد في المسند ) . كانت تقرأ هذا الحديث في أذن صغيرها محمد الفاتح وتصعد به أعالي التلال لتريه القسطنطينية وتقول له : هذه القسطنطينية وأنت فاتحها !

أم السلطان صلاح الدين في صغره كانت إذا أرادت أن تداعبه , كانت ترفعه في الهواء كما نفعل مع الأطفال أحيانًا , وتقول له : يا فاتح بيت المقدس , يا فاتح بيت المقدس !

أما حكامنا وساستنا المصابون بالعقم الديني , يلقون بكل ذلك وراء ظهورهم , ويجعلون رزقهم في طاولة المفاوضات والحيلولة !

واليهود لا يتحركون إلا عن عقيدة , ولعل هذا ما جعلني أنقل مقال العلامة ديدات !

منذ أيام عرضت الجزيرة فيلمًا تسجيليًا عن فلسطين , وفيه وقفت الملعونة جولد مائير قائلة بعد إعلان قيام دولة اليهود عام 1948م وتجهيز العرب لجيوشها : يجب على العرب أن يدركوا أن قيام دولتنا هو حق أعطانا الله إياه , وهذا ما يجب عليهم أن يفهموه !

بالأمس مستوطن يهودي على قناة الجزيرة أيضًا يقول : الرب أعطاني في التوراة هذه الأراضي لأعيش فيها , لذا لا يستغرب العرب طردنا للفلسطينيين وهدم منازلهم وإقامة المستوطنات على أنقاض منازلهم وقراهم , فهذه أرضنا التي وعدنا الله بها !

مناحيم بيجن قال للسادات في كامب ديفيد أثناء المفاوضات : قد أقطع زراعي كله وأعطيك إياه , لكن لا تتوهم أني قد أعطيك القدس أو شبرًا مما أخذناه من فلسطين !

بنجورين الملعون صرح في العديد من المحافل : إن فلسطين حقنا الديني !

والحكام والساسة يحتكمون إلى المفاوضات والإتفاقيات !

بئس عقولكم وأفهامكم !

أما على مستوى الأفراد والشعوب العربية فالمصيبة أدهى وأمر !??????أشار الحبيب مهاجر , إلى إتفاقية " كامب ديفيد " وتقيديها لدور مصر , وأقول , إن إسرائيل لم تلتزم يومًا بأي معاهدة , فخرق الإتفاقية من اليسير جدًا لو كان حاكمنا يريد ذلك , خاصة وأن مواثيق جامعة الدول العربية تنص على الدفاع المشترك بين الدول العربية دون النظر إلى أي إتفاقيات أخرى !

أعود إلى بقية الموضوع , وحديثي عن نكسة الأفراد والشعوب !

أنظر إلى المظاهرات التي تملاء جنبات الأرض اليوم , معلنة رفضها لما يحدث في غزة , ستجد شبابًا على سبيل المثال في دولنا العربية يحملون صورة الشيخ أحمد ياسين وبجواره صورة لحسن نصر اللات !

هذا هو شبابنا إلا من رحم الله تبارك وتعالى !

نحن في أمس الحاجة إلى التربية الشرعية على منهاج الكتاب والسنة , نحن في أمس الحاجة إلى معرفة عقيدة الولاء والبراء , والجزم أنها مفتاح النصر حتمًا !

في إحدى مجالس العلم للشيخ الدكتور " عمر بن عبد العزيز " عن أصول الفرق الإسلامية , وكان الحديث عن فرقة الشيعة , قام العلامة القريشي عمر بتنبيه العوام إلى فساد عقائد القوم , وأن الشيعة دين مستقل بذاته لا يمت للإسلام بصلة , فقام أحد الحاضرين بالمسجد صارخًا بلغة عامية مصرية : لا يا شيخ الخميني غير كده , الخميني راجل !

فرد الشيخ عمر بلغة عامية مصرية متهكمًا : لأ .. راجل !

ثم أخذ العلامة عمر يبين فساد الخميني وحقيقة عقيدته المجوسية .... الشاهد , أن الثقافة الدينية عند عوام المسلمين مشوشة تمامًا , ولا سبيل لمحو هذا التشويش إلا بالرجوع إلى منابع الإسلام الصافية , القرآن والسنة بفهم سلف الأمة !

أمر أخر , السنن الكونية التي ألمح الحبيب مهاجر إلى شيء منها , أضيف عليه قائلاً :

تخيل معي أن إسرائيل أوقفت حملتها على غزة , ماذا سيكون الحال ؟!

سترى الجموع تفرقت , وسينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسير !

اليهود هم اليهود , ولقد أخبر القرآن الكريم بوضوح تام وبجلاء تستوعبه كافة الأفهام , طبائع الشخصية اليهودية التي تركن دائمًا إلى المكر والخداع وإشعال نار الحرب , وهذه سنة كونية لا بد من معرفتها عند عوام المسلمين !

لذا أنا أنصح وأهيب كل الإخوة والأخوات , قراءة هذا السفر العجيب , الماتع الفريد : " معركة الوجود بين القرآن والتلمود " للعلامة الدكتور / عبد الستار فتح الله سعيد , دار التوزيع والنشر الإسلامية , وتجدونه على هذا الرابط :

http://waqfeya.net/book.php?bid=88

وهذا الكتاب هو دراسة قرآنية تنهض في أرائها لترد معركتنا مع اليهود إلى خطها الصحيح بإعتبارها معركة دين وإعتقاد , لا قضية إتفاقيات ومعاهدات وأرض وإقتصاد !

هو بحق دراسة قرآنية تنبه الأفراد والشعوب إلى أن عودة اليهود إلى " كرة " عالمية من الإفساد والإلحاد لا سبيل إلى دحضها إلا بقوة مؤمنة , تنبعث من تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة , بعيدًا عن الإنتماءات الحزبية العلمانية والتيارات الفكرية الملحدة , التي عصفت بمجتمعاتنا العربية !

الأمر الأخير الذي أحب أن أنبه عليه هو : قراءة تاريخ المسلمين !

لا أبالغ إن قلت أن معلومات المسلمين عن تاريخهم المجيد " ZERO " !

إن تاريخ المسلمين ليس تاريخًا يُحكى ويُسرد فقط , بل هو تراث ومنهج وعبر لمن أراد العبرة فعلاً , لذا يجب علينا جميعًا أن ننهل من أمجاد تاريخنا , ولنتعلم كيف كانوا أئمة الدنيا والدين , وكيف صاروا منارات شامخة مضيئة , تنشر الحق والعدل في مشارق الأرض ومغاربها !??????السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

بارك الله في الحبيب جمال .

المقال الذي وضع الفاضل جمال رابطه , به بعض المداخل القرآنية الهامة لفهم الشخصية اليهودية , وسيجد القاريء الكريم المزيد حول هذا الأمر في كتاب " معركة الوجود بين القرآن والتلمود " الذي وضعنا رابطه أعلاه , وقد أوصى علامة مصر الشيخ " فوزي السعيد " حفظه الله شباب المسلمين بهذا السفر العظيم خيرًا , ففيه خلاصة الفهم الصحيح لحل القضية الفلسطينية .

فشباب المسلمين في حاجة إلى وعي تام بحدود القضية الفلسطينية وأسبابها ودوافعها والسبيل العلمي والعملي لحلها , ولن يكون ذلك إلا بالعودة إلى مصادر الإسلام الأصيلة , القرآن والسنة , وتجديد التوبة , وإخلاص الدعاء , لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا !

وهذا رابط لمحاضرات الشيخ أحمد ديدات باللغة الإنجليزية :

http://www.aswatalislam.net/DisplayFilesP....me=Ahmed_Deedat

وسيجد المطلع عليه محاضرات عديدة للعلامة ديدات , أرشح للمطلع على الرابط بعض المحاضرات الهامة لخدمة القضية الفلسطينية :

Ahmed Deedat - Arabs & Israel - Conflict or Conciliation

Ahmed Deedat - Is Israel Set Up For Destruction

Ahmed Deedat - Pro’s & Cons of Israel

المحاضرة الثانية على سبيل المثال هى عبارة عن لقاء مع عضو الكونجرس الأمريكي " بولي فندلي " وهو أحد المعارضين بشدة لسياسة إسرائيل في فلسطين , وله مؤلفات عديدة كشف من خلالها حقيقة دولة إسرائيل , لذا قامت إسرائيل بحملة شرسة ضد عضو الكونجرس , ولم أسمع أخبارًا عن " بولي فندلي " منذ فترة ولا أدري إن كان على قيد الحياة أم تُوفي .

لقد أثار العلامة ديدات بمؤلفاته ومحاضراته التي فضحت اليهود أمام العالم ضجة إعلامية عظيمة , خاصة كتابه " العرب وإسرائيل , صراع أم تسوية " مما دعا رؤساء اليهود في جنوب إفريقيا تحذير رعاياهم من نشاطات العلامة ديدات , وقد نشر العلامة ديدات صورة هذا التحذير , وقامت دار الفضيلة بترجمته ونشره في ملحق كتاب " العرب وإسرائيل شقاق أم وفاق " وهو ترجمة عربية لنص اللقاء بين ديدات وبولي فندلي .???????إن ما يميز مؤلفات العلامة ديدات حول " العرب واليهود " , هى أنها مؤلفات تهتم بالجانب العقدي عند اليهود وإبراز دور البايبل في مسخ عقول اليهود والنصارى , وقد إستطاع العلامة ديدات أن يثبت للعالم كله أحقية العرب في ورث فلسطين من خلال البايبل ذاته , داعمًا أدلته بآيات القرآن الكريم التي كشفت حقيقة الشخصية اليهودية .


نحن في أمس الحاجة لأمثال هذا الداعية المجاهد , الذي أظهر رعب اليهود من حجج الإسلام والمسلمين بقلمه فقط !??????خواطر من الأحداث اليومية لنازلة غزة وليست رصدا للأحداث فقد تكفل الأخ "كايند" حفظه الله وسدده ، بذلك على أكمل وجه فجزاه الله خير الجزاء :

ذكر الأستاذ محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن عدد قتلى العدو قد بلغ حتى الأمس : 30 قتيلا ، في الوقت الذي تروج دعايته الكاذبة إلى أن عدد لا يتجاوز 10 قتلى حتى اليوم ، وهو الأمر الذي حمل كثيرا من بني يهود على العزوف عن تلقي أخبار الحرب من وسائل إعلامهم ، فلجئوا إلى محطة الجزيرة !!! ، تماما كما تفعل بقية شعوب المنطقة التي سئمت من نشرات الأخبار السمجة التي لا تهتم إلا بأخبار الزعماء الملهمين أصحاب الرؤى السياسية الثاقبة !!!! .

&&&&&

وفي سياق الأحداث : روى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي على قناة الجزيرة : تفاصيل رحلة وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى عدد من دول المنطقة ، ومن أبرز ما جاء في تلك الرواية :
موافقة كل الدول التي وقع الاختيار عليها على استقبال الوفد بما فيها دولة محورية في المنطقة تحكمها أقلية نصيرية منحرفة عقديا سامت ولا تزال تسوم أهل السنة سوء العذاب ، فضلا عن كونها عضوا بارزا في محور : "دول الممانعة" الموهوم الذي اصطنعته أمريكا بخبث شديد لتعزف على وتر الاختلاف الجذري في الأصول بين أهل السنة وخصومهم من غلاة أهل البدع الذين أحسنت استغلالهم سياسيا وأمنيا في جبهات كثيرة ولعل أبرزها : الجبهة الأفغانية ثم الجبهة العراقية ، مع نجاحها في خداع مصر المغلوبة على أمرها التي تخشى التمدد الفارسي في ظل ضعفها الشديد الذي وصل في المرحلة الحالية إلى حد الغيبوبة وربما الموت السريري ، مع نجاحها في خداع مصر عن طريق إيهامها أن حركة المقاومة الإسلامية السنية في فلسطين هي رافد من روافد الممانعة المزعومة كالرافد اللبناني الذي يكيل النقد الآن كيلا لمصر في مزايدة مكشوفة يسعى من خلالها إلى تحقيق نصر "إعلامي" جماهيري لن يكلفه أكثر من الصراخ في يوم عاشوراء يوم مصيبة الأمة باستشهاد الحسين رضي الله عنه مستغلا الظرف العاطفي للمصيبة : متهما مصر بالتواطؤ ، وهو اتهام للأسف الشديد يشهد له بقوة : الموقف المصري الرسمي ، وقد مكن ذلك التخاذل أو التواطؤ المصري المكشوف مع يهود ومن ورائهم السيد الأمريكي الآمر للموظف المصري الغلبان الذي يعقد المؤتمرات ويتقدم بالمبادرات التي هي غالبا : ليست من كيسه ، والله أعلم بحقيقتها ، مكن كل ذلك لكل من هب ودب أن ينتقد مصر ويزايد عليها ويستغل عجزها لتحقيق أهدافه وما أسهل الترويج لأي فكر منحرف عقديا في مصر الآن ، لمجرد أنه يعارض الموقف المصري الرسمي المتخاذل ، وأي مدع للمقاومة الآن ولو كان كاذبا ، ستجد صرخاته "الميكروفونية" صدى في آذان المصريين الذين يشعرون بمرارة العجز والذل وهم يرون إخوانهم يذبحون ولا يملكون حتى التواصل معهم إلا ببضع شاحنات من باب ذر الرماد في العيون ، تماما كالشاحنات التي يسمح يهود بمرورها إسكاتا لألسنة المنتقدين ، فيتوقف الذبح ثلاث ساعات يوميا ، ليشتري المسلمون ما يحتاجونه قبل أن يذبحوا بعد انتهائها !!!! ، والتسوية بين قوة المقاومة السنية في غزة وقوة المقاومة في الجنوب اللبناني : تسوية بين مختلفين ، فلكل أهدافه ، ولكل مشروعه ، ولكل مرجعيته الدينية ، فالاشتراك بينهم أشبه ما يكون بــ : "الاشتراك اللفظي" إن صح التعبير فيجمعهما اسم المقاومة مع التباين الكامل في النوايا والأهداف ، فليسوا سواء ، وإن اجتمعوا على حرب إسرائيل فهو من باب : تقاطع المصالح لا تطابقها . وحسنا فعلت المقاومة اللبنانية لما نفت إطلاق الصواريخ أمس على شمال إسرائيل فهو شرف لم تدعه لنفسها ، فلا حاجة إلا أن ندعيه لها بالعافية !! .

الشاهد أن كل الدول قد وافقت على لقاء هذا الوفد ، ولو مجاملةً ، ما عدا الشقيقة الكبرى : مصر !!! التي تقف في طريق أي خطوة تحرجها وتطالبها رسميا بفتح المعابر المغلقة ، فلا مصلحة لها في عقد قمة عربية توقعها في حرج رسمي ، وإلا فالحرج الشعبي قد نالها منه أوفر قسط ، ولكنها لا تبالي بمشاعر المسلمين أصلا ، ولا مصلحة لها في أي لقاء رسمي مع أي وفد يطالبها بإنقاذ أهل غزة ، مع أنها جعلت شرم الشيخ : ورشة عمل للقاء : "ساركوزي" ، الطرف الثاني في المبادرة التي يراد بها تطويق المقاومة التي تمضي قدما في طريق إحراز نصر عسكري وسياسي كبير إن شاء الله ، ومن بعد : "ساركوزي" : "أولمرت" يوم الأحد القادم ، إن صح الخبر ، وهو غير مستغرب في ظل الموقف الرسمي المصري بحجة الضغط على إسرائيل لإيقاف عدوانها بطبيعة الحال !! ، كما استدعوا : "ليفني" من قبل لتقديم النصيحة المخلصة لها بعدم ذبح المسلمين في غزة !!! . وأما وفد من العلماء المسلمين فلا يتسع له صدر القيادة السياسية في مصر ، وإن اتسع لمن تقدم ذكرهم !!! .

والمشهد الثاني من لقاء الجزيرة مع الشيخ يوسف ، أخلص الله نيته ونية من معه من العلماء وسدد جهدهم ، فهو : مخاطبة الاتحاد للمدعو : "بيندكت" للضغط على إسرائيل ، مع أن كنيسته الكاثوليكية الحاقدة قد أبدت تعاطفا غير مسبوق مع بني يهود حتى برأتهم من دم المسيح عليه السلام في عهد سلفه جان بول ، مع أن سعي يهود في صلب المسيح عليه السلام أصل من أصول النصرانية الفضفاضة !!! ، ومع تطاول "بيندكت" على مقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا أدري ما فائدة مخاطبة مثل ذلك الحاقد الجاهل .
وبالأمس انتفضت الدولة العبرية اللقيطة لما صرح وزير خارجية الفاتيكان بأن غزة قد أصبحت معسكر اعتقال ، فاضطر الفاتيكان المتسامح !!! إلى تعديل صيغة خطابه ليدين إسرائيل والمقاومة معا ، فاستوى من يلقي القذائف على رؤوس النساء والأطفال ويحصد العشرات يوميا ، ومن يحمل السلاح دفاعا عن دينه ومقدساته بل ووجوده ، فقتاله على أقل تقدير من باب : دفع الصائل الذي عدا على أرضه ونفسه .

&&&&&

ومن الملامح البارزة للصراع الدائر الآن :
ما ردده ، مصدر عبري ، من أن مصر معنية بتوجيه ضربة للمقاومة في غزة لأن ذلك يخدم مصالحها ، باعتبار المقاومة في غزة رافدا من روافد إحدى الحركات الإسلامية الكبرى في مصر ، والتي لها اشتغال بأمور السياسة ، وهو نفس الدس الذي دسته ليفني لتستغل الخلاف بين الحكومة المصرية وخيارها علماني ، وهي لا تخجل من ذلك بل تفخر به باعتباره لازما من لوازم الدولة المدنية الحديثة : دولة المواطنة التي يستوي فيها المسلم والكافر ، بل يحظى فيها الكافر بامتيازات لا يحظى بها المسلم تحت شعار التسامح والحفاظ على حق الآخر في ممارسة شعائره وليتها تعطي المسلم نفس الحق بنفس القدر !!!! ، الشاهد أنها استغلت الخلاف بين الحكومة المصرية وتلك الجماعة ، وخيارها إسلامي إجمالا ، وإن خالفتها تيارات إسلامية أخرى في كثير من المسائل العلمية والعملية ، وليس المقام الآن : مقام تحرير لها ليعلم الفاضل من المفضول ، وإن كان الحق واحدا لا يتعدد ، فهي على أقل تقدير تتحد مع بقية الحركات الإسلامية السنية في الهدف الأكبر وإن اختلفت الرؤى في المناهج والتفاصيل ، والنازلة الآن لا تحتمل إثارة تلك المسائل طالما اتحد الهدف في نصرة الإسلام في أرض دهمها العدو و : عند الشدائد تذهب الأحقاد ، ومظلة أهل السنة عموما تجمع السواد الأعظم من المسلمين ولله الحمد في مقابل فئام من المبتدعة لا تشكل نسبة يعتد بها وإن شكلت خطرا يعتد به أيما اعتداد فما دهم العدو أرض الإسلام إلا بمعونتها ومباركتها . وذلك أمر مطرد من لدن الحملات الصليبية إلى يوم الناس هذا .

والصهاينة ليسوا بأهل ثقة ليتلقى خبرهم بالقبول ولكن القرائن الخارجية تشهد لصحته للأسف الشديد ، فالدور المصري لا يخرج عن دائرة : التواطؤ أو التخاذل ، وربما اجتمع فيه الأمران ، وكثير من الحكومات العربية ، بصراحة شديدة ، معنية بتحجيم قدرة المقاومة في غزة ، لأن الطرح الإسلامي : السياسي والعسكري لها قد أحرجها أمام شعوبها المتشوفة إلى نصرة الدين وظهوره على بقية الملل ظهور سيف وسنان بعد أن تكفل الله ، عز وجل ، بظهوره : ظهور حجة وبرهان .

وكأن الدولة العبرية تخوض حربا بالوكالة عن العلمانيين والمرجفين في المنطقة ضد المقاومة الإسلامية السنية التي اختارها الله ، عز وجل ، لتخوض المعركة بالوكالة عن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، فهي جولة لا تختلف كثيرا عن الجولة التي خاضتها المقاومة ضد العلمانيين من أذناب الدولة العبرية الذين فروا إلى الضفة الغربية فرار الجرذان ، بقيادة الملقب زورا وبهتانا بمستشار الأمن القومي الفلسطيني الذي اختبأ بعد تلك الحركة التصحيحية المباركة اختباء الفئران في قنوات الصرف الصحي !! .

&&&&&

ومن مظاهر عجز بني يهود في هذه المعركة : تشفيهم وتسليهم بقتل أكبر عدد ممكن من الموحدين عن هزيمتهم حتى الآن ، ولله الحمد ، في المعركة الفعلية ، فقد نجحت المقاومة ، ولله الحمد والمنة ، في امتصاص الصدمة الأولى التي غدر فيها العدو كعادته ، ومن ثم فشل في ضرب البنية التحتية للمقاومة على مستوى الأفراد أو العتاد ، باستثناء الشيخ الدكتور نزار ريان ، رحمه الله ، وعدد ضئيل من القادة الميدانيين وعناصر الكتائب ، رحم الله الجميع وألحقهم بركب الشهداء ، فراح ذلك العدو يشفي غليله الأسود بقتل الموحدين ، وهدم الدور والمساجد ، واستهداف أعضاء ومقار منظمات الإغاثة في خطوة جديدة ، كما وقع بالأمس مع أعضاء منظمة "الأنروا" لقطع أي رافد من روافد الدعم لإخواننا المحاصرين ، إذ سارعت المنظمة بطبيعة الحال إلى تعليق عملها حفاظا على أرواح العاملين فيها ، وكل ذلك مئنة من فشل بني يهود في تحقيق أي انتصار حقيقي رغم ما يمتلكونه من عتاد حربي ضخم في مقابل تسليح المقاومة المحدود المدعوم بدعوات الموحدين في الأسحار ونصرة رب العالمين لمن نصر دينه و : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) .

وهي فرصة : للعودة إلى الله ، عز وجل ، وتحرير عقيدة الولاء والبراء فيه ، بعيدا عن شعارات القومية والوطنية والإنسانية والوحدة الإسلامية على غير أساس من الكتاب والسنة .............. إلخ من الدعوات العاطفية الجذابة الخداعة ، فعند الشدائد تظهر المعادن ويتبين النفيس من الخسيس .

وكم محصت تلك المحن من قلوب فنفت خبثها وأخذت بنواصيها إلى رب العالمين .

&&&&&

ومن عجب أن يكون : "هوجو تشافيز" : "جيفارا الجديد" ، هو من يحوز قصب السبق في اتخاذ إجراء فعال ضد الكيان الصهيوني ، مع أنه غير مسلم أصلا ، وربما علق عليه المسلمون هو الآخر آمالا عريضة لنصرة الإسلام !!! ، كما علقوا على "أوباما" ، فقد أتى ، على كل حال ، بما لم نأت به ، فإما أن نضارعه وإما أن نسكت ، فلن يصدقنا أحد إن لم تتحول أقوالنا إلى أفعال ، ولن يتحول أحد عن إبداء الإعجاب به إلا إذا رأى قائدا مسلما رشيدا يصلح أن يملأ فراغ : "القدوة الحقيقية" وليست "الميكروفونية" ، الموجود في ذهن وقلب كل مسلم الآن ، فهذا زمان جفت فيه منابع الرجال فقلما تجد قدوة في العلم والعمل معا ، ولم يسمع أحد عن الشيخ الدكتور نزار ريان ، رحمه الله ، على سبيل المثال ، وهو ممن جمع بين الأمرين ، فكان قدوة في العلم والعمل ، لم يسمع به أحد إلا بعد مصرعه !!! ، بينما نسمع ونتابع يوميا أخبار الساسة والمليارديرات واللاعبين والفنانين وربما الراقصات !! .

ولن يصدقك أحد ، للأسف الشديد ، لو استحضرت سير السلف الصالح من تاريخ أمة الإسلام المجيد ، فقد قطعنا صلتنا بذلك التاريخ الزاهر ، ولسان حالنا أن ذلك التراث : حديث خرافة يا أم عمرو !!!! .

وإلى الله المشتكى .

روابط تتعلق بالموضوع :
http://www.islammemo.cc/2009/01/08/74839.html
http://www.islammemo.cc/2009/01/08/74827.html
http://www.islammemo.cc/2009/01/09/74847.html??????الاعتدال !!! : حيلة "العقل الجمعي" ، فالزن الآن ، كما يقال عندنا في مصر ، على أن المقاومة تسببت في جلب الويلات للشعب الفلسطيني المسكين الذي ابتلي بتلك القيادة المتشددة التي جلبت له الدمار والخراب بدلا من الأمن والاطمئنان في حضن "إسرائيل" كما هو حال المعسكر الانقلابي في الضفة الغربية ، وكما هو الحال عندنا في مصر "المسالمة" !!! .

وهي الحيلة التي روج لها رئيس التيار الانقلابي في زيارته أمس إلى مصر ، وقد انتهت ولايته ، إن صحت ابتداء ، يوم 9 يناير المنصرم ، فهو كالأغذية التي انتهت صلاحيتها ، فلا مكان لها إلا سلة المهملات ، فلا شرعية لتصريحاته ، إن أريد بها : الشرعية الإلهية ، أو حتى شرعية ديمقراطيتهم المزعومة التي انهارت مصداقيتها بعد الانقلاب على مقرراتها التي أوصلت الحركة الإسلامية إلى سدة الحكم ، فالإسلام ، ضيف ثقيل الظل ، ولو كان على قواعد لعبتكم الوضعية التي لا مستند لها من الشرع المنزل ، و : لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية !!! .
الشاهد أنه في سياق الترويج لنشر قوات دولية في قطاع غزة بحجة حماية الشعب الفلسطيني ، وهي في الحقيقة طوق نجاة يراد الآن استعماله لإنقاذ يهود من قبضة المقاومة التي تحكم سيطرتها على الموقف شيئا فشيئا ، بعد امتصاصها للضربات الأولى وصمود الموحدين في غزة صمودا يشهد بصحة هذا الدين الذي يصنع من المحن منحا ، ولله الحمد والفضل والمنة أولا وآخرا ، في سياق الترويج لذلك ارتدى قناع المشفق المتعقل صاحب التجربة العريضة ، الذي يعرف قواعد الترجيح بين المصالح والمفاسد !!! ، وربما درس شيئا من القواعد الفقهية وأصول الترجيح بين المصالح والمفاسد إن تعارضت !!!! ، فقال بأن المقاومة لا يجب أن تكون على حساب الشعب الفلسطيني ، فهدفها هو تحريره لا إبادته ، فصار سبب ما يجري الآن في القطاع هو المقاومة التي تدفع عن نفسها وعن أهلها عدوان يهود !!!! ، فهي : "اللي جابته لنفسها" كما يقال عندنا في مصر ، وهي حيلة يستعملها السذج عندنا في مصر للهروب من مسؤولية دعم إخواننا في غزة في النازلة الحالية ، أما يهود الذين دكوا منازل الموحدين بأسلحة جديدة زودهم بها خبراء التسليح الأمريكيين لتجربتها في إخواننا ، فضلا عن قذائف الفوسفور الأبيض ، وقد استخدمت من قبل في مجزرة "الفلوجة" في سنة 2004 من قبل المحتل الأمريكي ضد إخواننا أهل السنة هناك ، والقذائف المسمارية وهي مقذوفات صغيرة حادة الأطراف بطول 3.75 ملم تنطلق من القذائف التي تنفجر في الهواء وتنثر آلاف المقذوفات الصغيرة على مساحة تتخذ هيئة القوس ............. إلخ ، من أسلحة الدمار المحرمة دوليا ، أولئك ليسوا السبب فهم : "حمائم سلام" استفزتهم الصواريخ محلية الصنع التي يستعملها أفراد المقاومة للدفاع عن أنفسهم ، أولئك الذين حاصروا الموحدين طيلة الفترة الماضية بالتآمر مع التيار الانقلابي في الضفة ودول الجوار ، ليسوا السبب !!! ، وقد التزم إخواننا بالتهدئة طيلة الشهور الستة الماضية ، وكانت النتيجة أن غدر يهود ومع ذلك فإخواننا هم السبب في هذه المجزرة !!!! ، ولا تعليق .

وما أشبه هذه الحيلة الساذجة بحيلة رددتها الألسنة بلا وعي منذ نكبة فلسطين ، تنصلا من المسؤولية أيضا : فالفلسطينيون هم الذين باعوا أرضهم وخانوا أنفسهم فليتحملوا إذن نتيجة خيانتهم ، مع أن قائل هذه العبارة ينام في الشتاء غالبا تحت "قفة" من البطاطين ، إن صح التعبير ، ويملأ بطنه ، ويتجشأ مل فيه ، فلم يتعرض لما تعرض له المسلمون في فلسطين على أيدي عصابات الهاجاناه وأرجون ، التي ينتمي إليها أبو الست ليفني وحرمه المصون وكانت قاطعة طريق تسطو على القطارات أيام الاحتلال الإنجليزي لفلسطين !!! ، فمن يتهم المسلمين في فلسطين بالتفريط بعد كل هذا الصمود الذي نرى الآن صورة من صوره الباهرة فهو : بارد الدم ، قليل المروءة ، إن لم يكن قد عدمها ، وأحسن أحواله أنه جاهل يعيش في كوكب آخر !!! .
وقد اختار الله ، عز وجل ، الموحدين في فلسطين للدفاع عن الأقصى ، واختار آخرين ليأكلوا ويشربوا ويتناكحوا نكاح البهائم ثم يموتوا حتف أنوفهم !!! و : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) .

&&&&&

ومن الحيل أيضا : أن يسلي الإنسان نفسه بالتبرع مرة ، ثم ينفض يده من القضية ، وكأن ذلك هو كل المطلوب في هذه النازلة ، أو يتسلى بمتابعة الأحداث على فضائية الجزيرة متابعة المسلسلات الدرامية ، بحجة أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، فينشغل بذلك عن الدعاء لهم ، ومشاركتهم ولو باتصال هاتفي أو كلمة في مجلس ، أو ............. إلخ من صور المشاركة الممكنة في ظل هذا التضييق الذي نعاني منه ، حتى صار سقف طموحاتنا إيصال معونة إنسانية عاجلة إلى غزة عبر معبر تسلط عليه قوم جبناء يخشون غضب يهود وأمريكا أكثر من خشيتهم غضب الجبار عز وجل .

والتكليف على قدر الاستطاعة ، إذ هي مناطه ، فلا يجب على العاجز ما يجب على القادر ، ولا يجب على الفقير ما يجب على الغني ، ولا يجب على الجاهل ما يجب على العالم ، ولا يجب على المحكوم ما يجب على الحاكم ، فلكل تكليفه ، ولكل دور في نصرة الإسلام ، أو هكذا يفترض .

وإلقاء المسؤولية بأكملها على الحكومات المتخاذلة حيلة أخرى لتبرئة الذمة !! .

&&&&&

ومن الحيل أيضا : ما يردده بعض السذج الآن في مصر عن حكمة القيادة السياسية المحنكة في مصر !!! التي تعمل شرطيا مخلصا يحرص على الحفاظ على أمن الدولة اللقيطة ربما أكثر من حرصها على أمنها القومي ، فهي قيادة متعقلة لا تستجيب لمحاولات إقحامها في الصراع الحالي لتخوض حربا بالوكالة عن غيرها ، وكأن أحدا قد طالبها بذلك أصلا !!! ، وهل نصرة الموحدين إذا دهم العدو محلتهم استدراج للمسلمين ليخوضوا حروبا بالوكالة عن غيرهم ؟!!! ، ومع انحلال أوثق عرى الإيمان في القلب : عروة الولاء والبراء توقع أكثر من ذلك .

ولا زالت قيادتنا : "تمخمخ" كما مخمخت القيادة السابقة بعد حرب أكتوبر : "لحد ما ودت مصر في داهية بتوقيعها على معاهدة كامب ديفيد" ، ومخمخة اللاحق من جنس مخمخة السابق ، وهو أمر يستدعي القلق على مصر .

ووزير الخارجية المصري يلعب على نفس الوتر ، فإن من لم يستجب لمبادرتنا ، وهي ليست من كيسنا أصلا وإنما هي تعليمات من فوق ، كما يقال عندنا في مصر ، لإنقاذ يهود من ورطتهم في القطاع ، من لم يستجب لها فليتحمل مسؤولية الدمار الذي حل بالقطاع ، والأمين العام للمقاومة اللبنانية ، يصطاد كعادته في الماء العكر ، مطالبا بإمداد إخواننا في غزة بالسلاح ، وهو مطلب مشروع ، بل إنه من آكد صور النصرة لإخواننا في مقابل إمداد أمريكا المستمر ليهود بالسلاح والعتاد ، ولكن الأمين العام لم يقصد إلا المزايدة لإثارة مزيد من القلاقل في مصر : القوة السنية الكبرى في المنطقة ، وإن تراجع دورها السياسي في الآونة الأخيره لهزال قيادتها ، فدعوة الجيش المصري لتحدي القيادة السياسية ، وكلاهما قد عمه الفساد ، في ظل احتقان شعبي من موقف مصر المخزي في هذه النازلة ، هي دعوة لتخريب مصر من الداخل ، دون تدخل خارجي ، وذلك مما يمهد الطريق للمشروع الفارسي الطائفي الذي تمثله المقاومة اللبنانية في بلاد الشام ، وفي إيران يتوجه القادة السياسيون بالشكر إلى الشعب المصري على مواقفه الداعمة لأهل غزة داعين إلى مزيد من الضغط على الحكومة المصرية ، وهي دعوة أخرى لا تقل خبثا عن دعوة الأمين العام ، فهي دعوى إلى تخريب مصر دون نظر إلى المصالح والمفاسد الشرعية ، ولن يكلفهم الأمر سوى بضع تصريحات ماركة : "الجهاد عبر الميكروفونات" ، وهي ماركة معتمدة ، فليس لهم من الجهاد إلا الصراخ ، أو جهاد أهل السنة ، كما حدث في العراق ، والحكومة المصرية بتخاذلها بل ونصرتها ليهود بإمدادهم بالغاز بأسعار "خيالية" ، وتبني المبادرات التي تصب في قناتهم ، وحصار إخوانهم مجاملة لهم ........... إلخ من صور ضخ دماء الحياة في عروق ذلك الكائن اللقيط ، الحكومة المصرية بتلك التصرفات المستفزة هي التي أعطت الفرصة لكل من يزايد على دور مصر في الشرق المسلم .

وإلى الله المشتكى .????(((((((((((((((((((((((?وأين فلسطين في مناهجنا التعليمية؟ !!))))))))))))))
د. جابر قميحة


يعتمد نظام التعليم في إسرائيل على غرس القيم العدوانية في مناهج التعليم ومقرراته في المراحل التعليمية المختلفة ، وكانت ــ وما زالت ــ حقيقة الحقائق في نظرهم أن الوجود الصهيوني وقيام إسرائيل في فلسطين إنما هو تصحيح لخطأ دام قرونا ، واسترداد لحق انتهبه غير أهله . أي أن الوجود الفلسطيني على هذه الأرض وجود انتهاب واغتصاب يجب تحجيمه ، ثم إلغاؤه تدريجيا بشتى الوسائل .
وأكثر من ذلك يدرس الطلاب أن لليهود حقوقا تاريخية في جزيرة العرب ، وفي المدينة ( يثرب ) بصفة خاصة ، بدعوى أن أجدادهم كانوا يملكون مناطق أربعا شاسعة ، وهي : أرض بني قينقاع ، وأرض بني النضير ، وأرض بني قريظة ، وأرض خيبر ، وأن محمدا نبي المسلمين اغتصب هذه الأرض منهم ، وقضى على سكانها قتلا وتشريدا ، لذلك يجب استعادة هذه الأرض ، وإقامة مستوطنات يهودية اسرائيلية مستقلة فيها ، ذات حكم ذاتي ، وهو واجب على إسرائيل وأبنائها تحقيقه .
**********
بعد ذلك من حقنا أن نسأل : أين مكان فلسطين في مناهجنا ومقرراتنا الدراسية ؟ إن الإجابة تجابهنا بحقيقة مؤسفة خلاصتها : أن القضية لا تشغل في هذه المناهج و المقررات إلا مساحة ضيقة ضئيلة جدا ، وتكاد هذه تكون غائبة ، أو ملغاة في بلاد معينة .
ومن استقراء متأن طويل للمناهج والمقررات المدرسية في أغلب البلاد العربية خرجت ــ للأسف ــ بالمرئيات الآتية :
1- لا مكان لآيات الجهاد والقتال في مقررات التربية الدينية ، وكذلك لأحكام الجهاد في الفقه الإسلامي ، ومتى يكون فرضا كفائيا ، ومتى يكون فرضا عينيا .
2- لا مكان للسيرة الجهادية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه في مواجهة اليهود البغاة .
3- لا مكان لعرض جرائم اليهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل : كتاب الموادعة الذي كتبه الرسول صلى الله عليه وسلم كدستور للمعايشة بين المسلمين واليهود في المدينة وما حولها ، وكذلك مناصرتهم لكفار مكة ، ومحاولتهم عدة مرات اغتياله ، غير استحلالهم الربا والحرمات ، ونشر الإشاعات الكاذبة عن الدعوة الإسلامية .
4- إغفال عرض الآيات القرآنية التى تعرض جرائم اليهود على مدار التاريخ ضد أنبيائهم ، وعبادتهم العجل ، وكذبهم على نبيهم موسى ... الخ .
5- التركيز على موضوع دعوة الإسلام للسلام لتهيئة النفوس لتقبل ما يسمى " اتفاقيات السلام " مع إسرائيل ، ودعوى " الأرض مقابل السلام " ، ولا يجد أصحاب هذه الدعاوى عارا في الاستشهاد بصلح الحديبية لتبرير " اتفاقات السلام " وخصوصا " اتفاقية كامب ديفيد " مع اسرائيل . ويرتكزون على قوله تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " الأنفال 61 . ويفسرونه على أنه دعوة مطلقة للسلام ، وفي هذا التفسير إهدار للشرط "إن جنحوا " . والمعروف أن الصهاينة لم يجنحوا للسلام مرة واحدة ، ولم يحترموا اتفاقا واحدا بينهم وبين العرب ، ولم ينفذوا قرارا واحدا من قرارات الأمم المتحدة فأين جنوحهم للسلام ، حتى نجنح له ؟
6- كما أن أصحاب هذه الدعاوى يسقطون من حسابهم آيات هي الأولى بالاستشهاد في واقعنا الذي نعيشه حاليا ، ومنها : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " المنافقون 8 ــ " ولا تهنوا ولا تحزنوا و أنتم الأعلون " أل عمران 139 ــ " فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ، ويكفوا أيديهم ، فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئك جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا " النساء 91 .
7- وفي مادة التاريخ الحديث لا تأخذ القضية الفلسطينية حقها ، فلا تعرض إلا بإيجاز شديد جدا ، وهذا العرض يسقط من حسابه فترات متوهجة جدا في مسار القضية ، مع إقحام ايدلوجيات حزبية معينة في سياق هذا العرض ، والانتصار لهذه الايدلوجيات وإلباس أصحابها ثوب البطولة والفداء ، ومن أمثلة ذلك أن " كتابا " من كتب التاريخ المقررة على المرحلة الثانوية في سنتها الأخيرة في بلد عربي ــ عرض للقضية الفلسطينية من خلال زعيم هذا البلد وفكره و " نظريته " معللا ضياع فلسطين والهزائم التى نزلت ــ وتنزل ــ بالعرب بعدم الأخذ بفكر هذا الزعيم و " نظريته العالمية " .
8- إغفال أدب المقاومة الحقيقي في مقررات الأدب والنقد والنصوص ، أو ضيق المساحة المخصصة لهذا الأدب ، وأذكر في هذا المقام أنه كان من الموضوعات المقررة في الأدب على الفرقة النهائية بالمرحلة الثانوية سنة 1973 في بلد عربي موضوع من ثلاثين صفحة بعنوان " أدب المقاومة " ، وصدمت حينما اكتشفت أن الموضوع لا يدور إلا في شعر أصحاب الاتجاه اليساري الحاد ، وهذا الشعر رأيت فيه استهتارا بالقيم الأخلاقية ، والثوابت الإسلامية ، وأعانني الله على التصدي للموضوع بعدة مقالات إلى أن ألغي الموضوع كله .
9- وفي كتب القراءة " المطالعة " ، وكتب التربية الوطنية وكتب التربية القومية لا ذكر لأبطال الجهاد والفداء والشهداء الذين جاهدوا ، وانضموا لموكب الشهداء من أمثال : عز الدين القسام ، وفرحان السعدي ، وعبد الرحيم محمود ، وعبد القادر الحسيني ، وحسن ياسين ، وأحمد ياسين .
**********
هذا هو واقع المناهج والمقررات الدراسية في علاقتها بالقضية الفلسطينية ، ومكان هذه القضية بكل مفرداتها في هذه المناهج والمقررات . وأنا لا أدعي أن كل هذه النقائص والمثالب والسلبيات متوافرة برمتها في كل منهج ومقرر ، ولكن ما ذكرت له وجود لا ينكر ، مع اختلاف حظها من بلد إلى بلد بين القلة والكثرة والإسراف الذي يكاد يرقى إلى مستوى الظاهرة العامة ، وهي نتيجة خلصت إليها بعد استقراء ، ووقفات ميدانية مع هذه المناهج والمقررات .

(((((((((((((((((((((((((((
«ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ» سِفر أشعياء

كتب / عصام مدير – مشرف مدونة التنصير فوق صفيح ساخن:

طالعني وآلمني اليوم ما جاء في هذا الخبر:

حذرت رئيسة صندوق السكان بالأمم المتحدة ثريا عبيد الليلة الماضية من أن النساء الحوامل هن « ضحايا منسيات» للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة .. وقالت إن الصراع يتسبب في حدوث ولادات مبكرة ومبتسرة للنساء الحوامل ويمنعهن من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.وقالت عبيد في بيان لها إن: «النساء الحوامل وأطفالهن حديثي الولادة هم من الضحايا المنسيين للأزمة الحالية في غزة مع ورود تقارير تفيد بنحو 170 حالة ولادة في غزة كل يوم».

وحذر البيان من التقارير الواردة عن الارتفاع الكبير في حالات الولادة المبكرة قبل أوانها والولادات المبتسرة الناجمة عن الصدمة والإصابات والجروح بسبب القصف المتواصل.
كما أشار البيان إلى أن صحة الأطفال حديثي الولادة معرضة أيضا للخطر بسبب العمليات العسكرية الحالية. وأعرب عن القلق من تعرض الأطفال المبتسرين والحديثي الولادة لانخفاض درجة حرارة الجسم بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود وافتقاد المواطنين الذين شردوا من ديارهم بسبب الدمار والخوف من القصف المستمر إلى الملابس الثقيلة والأغطية والبطاطين.

170 حالة ولادة يوميا في ظل هذه المعاناة المتضاعفة في عشرين يوماً تكون نتيجتها 3400 رضيعاً يقمطون في لفائف من نار تحت قنابل الفوسفور الأبيض إذ يتنفسون دخان حرائقه التي تقتل الكبار قبل الصغار.

وفي اليوم العاشر على بدء الحرب على غزة [5 يناير 2009م] قرأت هذا الخبر في موقع صحيفة القبس الكويتية:

استشهدت أم حامل وأطفالها الستة في قصف جوي اسرائيلي، وانضمت الام وستة من ابنائها الى قائمة ضحايا العملية البرية المستمرة في قطاع غزة منذ يومين. وقالت مصادر فلسطينية ان المرأة من بيت عليوة، اصابتها شظايا القذائف الصاروخية داخل منزلها الواقع شرق حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وقد نقلت مع جثامين ابنائها الى مستشفى الشفاء في المدينة.


قتل بالجملة لأطفال من أسرة واحدة وتعددت الأسر وآلة قتلهم في غزة واحدة

أما ضيف مؤتمر «حوار الأديان» السعودي الأبرز في ملتقى نيويورك الأخير، الرئيس الإسرائيلي «شيمون بيريز» فقد نفى في تصريحات تلفزيونية أن تكون إسرائيل قد قتلت أطفالا أو دمرت مساجد في غزة خلال العمليات التي تقوم بها!! واتهم بيريز «حركة حماس» بوضع القنابل والوسائل القتالية في بيوت مدنية ومساجد ومستشفيات، وقال إن الحركة تعمل لخدمة المصالح الإيرانية وحزب الله اللبناني، على حد قوله [المصدر].

وفوق «العجز الرسمي العربي» وانحيار الغرب والأمم المتحدة للصهاينة المعتدين، فإن ما ينقص حوامل غزة الآن هو اتهام وقح آخر ولكن لهن باخفاء «صواريخ القسام» وقنابل «حماس» في أرحامهن ولا تتعجبوا إن فعلوا، {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ } سورة النحل 105

ومن أكاذيب اليهود، ومفتريات من آمن بأسفارهم من النصارى، قولهم أن الله أمرهم وأنبياءهم من قبل بارتكاب هذه المجازر وخصوصاً بحق الحوامل، وأنه أوجب عليهم اجهاض الأجنة في بطون أمهاتها، تعالى الله عما يصفون علواً كبيراً {… ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} سورة آل عمران 75

وما يسمى لدى اليهود والنصارى بـ «الكتاب المقدس The Holy Bible» إنما هو الكتاب الوحيد في الكون الذي يشرع شق بطون الحوامل وقتل الأجنة في الأرحام!! فمما ورد فيه، من وحي قساوة قلوب اليهود التي يطبقونها اليوم في غزة على الهواء مباشرة وبكل تفان متناه وحماسة دينية، هذه النصوص المقدسة لديهم:

1- في نبوءة سفر أشعياء 13: 18 بحق بابل / العراق يقول «يهوه»، معبود اليهود الدموي:
فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ.

Isaiah 13:18
Their bows also shall dash the young men to pieces; and they shall have no pity on the fruit of the womb; their eye shall not spare children.

2- وفي سفر هوشع 13 : 16 يقول هذا الإله بزعمهم :
تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ.

Hosea 13:16
Samaria shall become desolate; for she hath rebelled against her God: they shall fall by the sword: their infants shall be dashed in pieces, and their women with child shall be ripped up.


«وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ»: سيدة من غزة استشهدت في بيتها بعد قصفه – وكالات الأنباء

هل علمتم الآن من أين تعلم الصهاينة إذلال وتعذيب نساء غزة والضفة من الحوامل بل وقتلهن من قبل على الحواجز التي يقطعون بها الطرق بطول وعرض فلسطين المغتصبة؟ هل نرتجي أي سلام أو حتى شفقة ممن يحمل مثل هذه الأسفار الدموية ويقدسها؟! «حتى كتب النازية لم تأمر بقتل الأطفال الرضع أو شق بطون الأمهات وإخراج ما فيها من أجنة وقتلهم»!!

على ضوء هذه النصوص التوراتية يمكن لنا أن نفهم ما سبق من عناوين ومضامين الأخبار المروعة كمثل هذه مما سبق نشره:

اصابة اربعة فلسطينيين وحامل فلسطينية تضع مولودها ميتا على حاجز عسكرى
… وقالت الإذاعة الفلسطينية الرسمية إن سيدة فلسطينية اضطرت للولادة على حاجز عسكرى قرب بلدة الولجة بمحافظة بيت لحم بعد أن منعها الجنود الإسرائيليون من التوجه للمستشفى واحتجزوها لعدة ساعات مما أدى إلى وفاة مولودها [المصدر، 22 سبتمبر 2003].

أم هل نسينا السيدة «أم حمزة» التي ظلت حتى هذه الحرب على غزة نموذجا صارخاً على واقع مرير تفرضه الحواجز الإسرائيلية على ذوى الحالات المرضية المستعصية:

ولم تكن أم حمزة الدعمة (28)عاما من مدينة طولكرم، الوحيدة ولا الفريدة من نوعها لكنها حالة من بين العديد من الحالات التي لاتزال تلتقط أنفاسها في كل محاولة لها لاجتياز الحاجز وصولا الى مدينة القدس لمعالجة ابنها حمزة، و الذي يعاني من سرطان الغدد اللمفاوية نتيجة التهابات حادة في أذنيه ورئته ومعاناته من نقص الأوكسجين أثناء ولادته حيث تضطر الى مواجهة معاناة الحواجز في كل مرة يتم تحديد موعد لها مع «مستشفى هداسا» في القدس .

وقبل عدة أيام وأثناء وقوفها على حاجز زعترة شمال الضفة الغربية من أجل الوصول للمستشفى برفقة طفلها حمزة ورغم التقارير التي تم إبرازها للجنود المتمركزين على الحاجز إلا أن إجراءات الاحتلال كانت الأشد حيث تم منعها وطفلها من مرور الحاجز تحت حجج أمنية وتم إجبارها على الرجوع من حيث أتت، رغم توسلات الأم بضرورة اجتياز الحاجز حتى يتمكن صغيرها من تجرع الكيماوي الذي لا غنى عنه ضمن برنامجه العلاجي .

وأمام صيحات أم حمزة وقفت بكل تحدي لجنود الاحتلال قائلة لهم: «إن حمزة مريض بالسرطان وحرارته مرتفعة جدا وهو في حالة خطر، وأنا حامل ولن أبرح مكاني حتى أقطع الحاجز أو أقتل هنا» إلا أن جنود الاحتلال لم يبالوا وابنها يئن بين يديها [المصدر].

وتحت عنوان «مواليد الحواجز: 34 منهم تعرضوا للوفاة ومن نجا تعرض للإعاقة» في موقع شبكة فلسطين للاعلام والمعلومات نقرأ التالي:

تتحدث التقارير الحقوقية عن العشرات من حالات الولادة على الحواجز التي يقول المواطنون الفلسطينيون: «إن تعرض زوجاتنا لها يحط من كرامتنا وكرامتهن»، فضلا عن كونها ولادات تتم في ظروف لا صحية تتسبب أحيانا في وفاة المواليد، وأخرى في إعاقتهم، والنجاة من أخطارها ترافق المحظوظين. وتحولت ولادة الفلسطينيات الحوامل على الحواجز العسكرية إلى بصمة خاصة من بصمات الاحتلال على مجمل حياة الفلسطينيين.


غزة كلها صارت تنتظر على حاجز القتل بلا رحمة لاجهاض الحياة فيها والعدسات تسجل

أسوق قصة السيدة «أم حمزة» وأخواتها لكي ألطم بها صفاقة أكثر كتاب «صحيفة الشرق الأوسط» وأفواه المتشدقين في «قناة العربية»، وخربشات شرذمة الأوغاد في «موقع ايلاف الالكتروني» من الطابور الخامس والمارينز الإعلامي العميل الذي يهاجم اليوم وبكل خسة ونذالة صمود غزة العجيب ومقاومتها الشريفة، متجاهلاً واقع الاحتلال وجرائمه وحواجزه التي اجهضت على عتباتها مئات الحوامل الفلسطينيات من اللواتي لا بواكي لهن ولا لأطفالهن في هذه المواقع الاعلامية السعودية المشبوهة التي باتت لا تمثل البتة نبض وشعور شعب بلاد الحرمين، إذ تروج هذه الأبواق النشاز في الوقت نفسه لأكاذيب مفادها أن «اليهودية ديانة سماوية» أو «ابراهيمية» يجب احترامها، وأن «توراتهم كتاب سماوي» مقدس، لكي تنقلب صورة الصراع إلى مجرد «صراع أرض وحدود» بينما هو «صراع عقيدة ووجود».

أم هل تناسينا ما فعله الصهاينة بدعم من النصارى في مذابح «دير ياسين» في التاسع من ابريل1948م:

بدأ الصهاينة بحرق صبي حيا في بيت النار في مخبز والده، ثم قتلوا والده، بعدها بدأوا بنسف بيوت القرية بيتا بيتا، وما كانوا يعجزون عن نسفه، يحرقونه على من فيه، ثم وجه الصهاينة نداء للأهالي بالهروب او الموت، وصدّق الأهالي وخرجوا يطلبون النجاة، ولكن السفاحين سارعوا بحصدهم، وقاموا بصفهم على حيطان المنازل وقتلوهم ، كما دمروا مسجد القرية ومدرسة الأطفال وقتلوا معلمتهم، كما عثر على أيادي وآذان وأصابع نساء مقطوعة لتسهيل الأستيلاء على أساورهن وأقراطهن وخواتمهن، كما بقرت بطون النساء الحوامل، وكانوا يخرجون الأجنة ثم يقتلونها أمام أعين الأمهات ثم يذبحوهن بعد ذلك ، وكانوا يتراهنون على جنس الجنين قبل بقر بطن أمه، فما لا يقل عن خمس وعشرين امرأة حامل قتلن في المذبحة، واكثر من اثنين وخمسين طفلا لم تتجاوز اعمارهم العاشرة قتلوا وقطعت اياديهم وارجلهم ،وكانوا يتعمدون قتل الطفل أمام عيني أمه وتقطيع أوصاله حيا ومن ثم قتله كما عثر على فتاة مقطوعة الى نصفين، واخذ احد السفاحين يسمى «روبنسكي» سبعة شباب خارج القرية واجبرهم على حفر حفرة واجبرهم على النزول فيها ثم صب النفط فيها واحرقهم احياء، ثم امر بدفنهم فيها، وفي شهادة لأحد سفاحي المذبحة وهو «زفي انكوري»؛ آمر وحدة الهاجناة التي احتلت دير ياسين وردت في صحيفة دافار في 9-4-1982 قال: «دخلت عدة منازل بعد الحادث. و رأيت أشلاء لأعضاء تناسلية وأحشاء نساء مسحوقة. لقد كانت جرائم قتل مدبرة» [المصدر].

وما أشبه جرائم اليهود بفظائع نصارى علوج الأمريكان وما بينهما من ارث ديني توراتي يشتركون في تقدسيه وتطبيق نصوصه على الأرض بالدم والنار:

أعلن الجيش الاميركي فتح تحقيق في مقتل عراقيتين احداهما حامل كانت في طريقها الى المستشفى للولادة عندما اطلق جنود اميركيون النار عند نقطة تفتيش في وسط مدينة سامراء [المصدر 2 يونيو 2006م].

وهذا هو ديدن النصارى في حروبهم الصليبية والاستيطانية التوسعية على مر التاريخ وخلال فترات «الاستعمار» المعاصر لأنهم ما زالوا يقدسون هذه النصوص الوحشية التي تحرض على بقر بطون الحوامل وشقها وقتل الأجنة في بطون أمهاتها. فمما ذكره المطران النصراني المنصف «برتولومي» في كتابه «المسيحة والسيف: وثائق إبادة الهنود الحمر» من جرائم المستوطنين النصارى في أمريكا الشمالية قوله:


ص 41 من الكتاب [هذا الرابط] من موقع «مكتبة المهتدين» جزاهم الله خيراً

وتحت عنوان «محاكم التفتيش» الفاتيكانية، حدث ولا حرج عن أدوات التعذيب الشنيعة التي تفنن قساوسة ورهبان الأسبان في ابتكار أنواع منها خصصت لتنصير أو قتل مسلمات حوامل ممن بقي من مسلمي الأندلس بعد سقوطها. وكان من راهبات النصرانية سباقات في نيل «شرف وبركة» شق بطون نساء المسلمين وطبخ الأجنة في الزيت المغلي مما كتبوه في سجلات أديرتهم بكل زهو وافتخار!! و يكفي أن ننقل ما سطره المستشرق «غوستاف لوبون» في كتابه «حضارة العرب» حيث يقول عن محاكم التفتيش:

يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب و الاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين، فلقد عمدوهم عنوة، و سلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع. و اقترح القس «بليدا» قطع رؤوس كل العرب دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد، بما في ذلك النساء و الأطفال، و هكذا تم قتل أو طرد ثلاثة ملايين عربي.

بعد كل هذا الارث الديني المسطر بلون الدم في صفحات تاريخهم الأسود وسجلهم الاجرامي،هل ما زلتم تتعجبون من انحياز قادة أوروبا وعصابة أمريكا إلى صهاينة اليهود لوصف كل صنوف جرائم «اسرائيل» في غزة بأنه «دفاع مشروع عن النفس»!! هل تعرفون عدوكم حق المعرفة؟!

أيها السيدات والسادة، إن معظم قادة الغرب إنما هم من جماعة «فرسان الهيكل»، وصليبيون مثل أسلافهم حتى النخاع اذا تعلق الحدث – رغم فظاعة مشاهده – بالمسرح الجغرافي الكبير الذي يسمونه في خرائط نسخ «الكتاب المقدس» بـ «أراضي التوراة Bible Lands». هنا فقط لا «حقوق انسان» ولا مواثيق او اعراف دولية ولا معاهدات او «اتفاقيات جنيف» ولا قرارات «أمم متحدة» أو «مجلس أمن». هنا وهنا فقط لا تنفيذ إلا لارادة الاله «يهوه» ومشيئته في الأرض التي قالوا أنه يريد أن يتنزل فيها مرة اخرى ليسكن وسط «شعبه المختار» من بني صهيون!!

أقول: هنا وهنا فقط وعلى تراب هذه الديار المقدسة بكل من عليها من بشر، ظن من سطروا تلك الأسفار المزورة أنهم كتبوا علينا وللأبد أن نكون وأرضنا ومقدساتنا خارج الجغرافيا الحقيقية والتاريخ والانسانية إلى خانة «التحريم بحد السيف» أو في خانة «عبد العبيد لأسباط اسرائيل» بحسب التعبير التوراتي والانجيلي، وكذلك يفعلون… وسيفعلون مادام قادة الغرب الصليبي يقسمون اليمين على هذه الأسفار الدموية كما سيفعل الريئس الأمريكي الجديد خلال أيام قلائل… فهل ما زلتم ترجون من «باراك أوباما» خيرا طالما بقي هذا الكتاب على طاولة مكتبه البيضاوي؟!

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} (118) سورة آل عمران


من صور وكالات الأنباء: جنود الصهاينة على مشارف غزة يقرأون في توراتهم كل صباح:
«الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء. اقتلوا للهلاك» سفر حزقيال 9: 6??????????===============)))))))))))(((((((((((((((سياسة “الأرض المحروقة” في أسفار الصهاينة والصليبيين الجدد

أهدي هذا المقال* لملتقيات «حوار الأديان» الباطلة التي دُعي لها رئيس الصهاينة مؤخراً

كتب / عصام مدير – مشرف مدونة التنصير فوق صفيح ساخن:

ضع عبارة «الأرض المحروقة» في محرك «جوجل» للبحث في الأخبار لتطالعك هذه العناوين والمضامين حيال ما بات يجري في قطاع غزة على مرأى ومسمع العالم بأسره:

اسرائيل تلجأ لسياسة الارض المحروقة تمهيدا لاجتياح غزة
صحيفة الرأي الأردنية، 1 يناير 2009م [المصدر]

قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا، وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتبع سياسة الأرض المحروقة في عدوانها على أهلنا في قطاع غزة. وأضاف، في مؤتمر صحافي في مدينة القدس المحتلة، ان «ما يحصل في غزة الآن يتجاوز الكلمات، والمطلوب من العالم العربي والإسلامي العمل بكل قوة على وقف هذا العدوان، ووقف المحرقة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الأبرياء في غزة» [المصدر].
صحيفة البيان الاماراتية، 11 يناير 2009م

ويكتب الأستاذ جواد البشيتي في موقع دنيا الوطن عن «أفران الغاز وأفران غزة» [المصدر].

ويصيح فينا أو يلطمنا عنوان مقال الدكتور وائل الريماوي في نفس الموقع: «انه هولوكوست و امام اعين العالم» [المصدر]، الذي كتب يقول:

من الظلم والجور أن يتم ربط وقف إبادة شعب بطريقة ممنهجة تتنوع أساليبها بين الحصار وسياسة الأرض المحروقة بضرورة منع وجود نفق هنا أو هناك، فمن سنة الحياة أن يبحث الناس عن أسباب الحياة بشتى الطرق والوسائل، فكيف بشعب من مليون ونصف المليون يعيش في أكبر سجن في التاريخ يتهدد حياته خطر الموت جوعًا وقتلاً ولا يراد له أن يبحث عن ما يقيه شر الموت؟

إنها غزة التي تحترق بكل صواريخ الطائرات الحربية وقذائف المدفعية والدبابات ونيران الزوارق الحربية، وفوق هذا كله قنابل محرمة دولية عنوانها سلاح «الفوسفور الأبيض» الذي حمل الدكتور هاني العقاد على التساؤل في موقع شبكة فلسطين الاخبارية: «ماذا بعد الفسفور الأبيض؟» ليقول:

إنها الحرب القذرة بكل ما تحمل معها هذه العبارة من دلائل و معاني و أنها الحرب المجرمة التي ترتكب فيها جرائم حرب علنية و أمام مسامع و عيون العالم و هي تري الفلسطينيين يذبحون واحد تلو الأخر، الطفل قبل الرجل و الرضيع قبل الطفل و المرأة قبل المقاتل و الجميع سواء، أنها الحرب السابعة التي تخوضها إسرائيل ضد العرب و قد تكون من اقسي الحروب ضراوة و أكثرها استهدافا للمدنين الفلسطينيين. لقد استخدمت إسرائيل كل ما لديها من أنواع الأسلحة و عمدت إلى تجريبها سلاح بعد الأخر فقد استخدمت القنابل الانشطارية و الارتجاجية و قد تكون العنقودية و الفراغية و أخيرا الغاز الخانق و الفسفور الأبيض الذي يلهب مساحات واسعة من الأرض و المباني و يبث فيها ألسنة غريبة من اللهب الذي لا يمكن التعامل معه عبر الأدوات البسيطة التي يستخدمها الدفاع المدني بالقطاع.

ويضيف الدكتور والألم يعتصر عبارات مقاله:

بالرغم من تحريم استخدام هذا النوع من الأسلحة في الحروب و ورودها بالنص في البروتوكول الثالث من اتفاقية جنيف لما لها من قوة فتاكة على اللحوم البشرية و المباني إلا أن إسرائيل استخدمتها بالفعل في مناطق عديدة من القطاع فقد استخدمتها في بيت لاهيا و الشجاعيه و قرية خزاعة بمدينة خان يونس لدرجة أن المئات من العائلات الفلسطينية في هذه المناطق تركت بيوتها و هربت إلى داخل المدن طلبا للنجاة بأطفالهم و نسائهم و شيوخهم.بعد إن أصيب العديد من هذه العائلات بحروق خطرة في جميع أنحاء الجسم. أن من يستشهد نتيجة للإصابة بهذا النوع من السلاح يموت يكون أحسن حالا من الذين يبقون على قيد الحياة لان من يبقي حيا بعد إصابته يلاقي من الألم الشيء الذي لا يساويه أي الم في العالم كله حتى و إن قطع بالسكين من جسده.


قنابل الفوسفور الأبيض: أخطبوط النار

ولو وضعت عبارة «الفوسفور الأبيض» في محرك البحث للأخبار لطالعتك بعض العناوين والمضامين التالية:

«مسؤول فلسطيني: القذائف الفسفورية تجهز على الناجين من القصف» [المصدر].
صحيفة الشروق الجزائرية، 13 يناير 2009م

«قوات الاحتلال ارتكبت جريمة ابادة .. طبيب :ضحايا الفسفور الابيض بالمئات» [المصدر].
صحيفة الشرق القطرية، 13 يناير 2009م

«الفسفور الابيض.. السلاح الاشد فتكا: امريكا استخدامه في فيتنام والفلوجة» [المصدر]. صحيفة العرب اليوم الأردنية، 14 يناير 2009م

«إسرائيل تصعّد المحرقة والعرب يكرّسون الانقسام» [المصدر].
صحيفة الخليح الاماراتية، 14 يناير 2009م

ويقول الكاتب خيري منصور في مقال له بجريدة الدستور الأردنية تحت عنوان «كرامة الأحياء دفنهم»:

ان وشم الفوسفور الأبيض على ذراع الرضيع هو منبع نهر الدم التائه في الصحراء والذي يبحث عن مصب. لا «الجورنيكا» ولا سورياليات «دالي» ولا حكايات الغول ذات العين الحمراء ولا الالياذة والأوديسة أو حتى التغريبة الهلالية تتجاسر على المثول في حضرة هذا الدم [المصدر].

وسواء احترقت غزة وأهلها بالفسفور الأبيض أو بغيره، لا فرق، لأن الصحافة الفرنسية اعترفت بأن غزة قد تحولت إلى مختبر للأسلحة المحرمة [المصدر] أو «مسرحا للأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا» بحسب عنوان شبكة الجزيرة. تعددت مصادر النار والحريق واحد. وفوق كل هذا يتبجح الصهاينة إذ يزعم الجيش الاسرائيلي انه ملتزم بالقانون الدولي ردا على اتهامه باستخدام قنابل فوسفورية [المصدر]!!

جدير بالذكر أن مجلس حقوق الإنسان تبني مؤخراً، وبعد أيام من «المداولات العسيرة»، قراراً يدين العدوان الاسرائيلي على غزة، في صيغة امتنعت 13 دولة أوروبية عن التصويت عليها في حين كانت كندا الدولة الوحيدة التي اعترضت على القرار… وعقب ممثل الاتحاد الأوروبي على القرار بالقول: انه منحاز، وهو وصف كالته «اسرائيل» بدورها للقرار، مشككة في مصداقية المجلس ‏ [المصدر] بل وترفض قرار مجلس حقوق الانسان متحدية مرة أخرى العالم وقراراته الشرعية!!.

ازاء هذا الموقف الأوروبي، يصرخ الكاتب «محمد العريقي» في حيرة تحت عنوان «رسائل القنابل الفسفورية» في صحيفة الثورة اليمنية:

المجرمون يرتكبون جرائمهم تحت جنح الظلام أو في وقت لا يشهد عليه أحد بما في ذلك جرائم الحرب ، لكن إسرائيل خرجت عن هذا التقليد وصارت تمارس جرائمها تحت أضواء الشمس، وعندما يأتي المساء فإنها تستخدم كل ما يدل أنها تمارس الجرم والإجرام أمام أعين كل سكان الأرض، تستخدم القنابل الفسفورية المضيئة المحرمة دوليا… أمام كل العالم دون خجل أو خوف ولا يستطيع أحد أن يمنعها من ذلك، فالقوى المؤثرة في العالم ومعها على الدوام وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة وأوروبا… إنه عالم النفاق والكذب، لا يقدر حتى مشاعر المجتمعات الغربية التي خرجت منددة بالجرائم الإسرائيلية ، إنه أمر عجيب ونتوقع ما هو أغرب من ذلك.

السؤال الذي يطرح نفسه على مشهد الحدث بكل دخان حرائقه ولهيبها: كيف نفهم هذه الوقاحة والصلافة اليهودية؟ وكيف نفهم الدعم الأمريكي للصهاينة رغم مشاهد هذه المحرقة الأفظع؟ وكيف نفهم موقف غالبية الدول الأوروبية التي وصفتها صحيفة الراية القطرية بأنها «نمر بلا أنياب» [المصدر]؟ وما أشبه الليلة بالبارحة إذ يقول مراسل الصحيفة من برلين:

على مدى عمر النزاع العربي الإسرائيلي الذي هو نتيجة احتلال إسرائيل أرض فلسطين عام 1948لم تسمع إسرائيل الأوروبيين مرة واحدة ولم يتجرأ الأوروبيون على الضغط على إسرائيل رغم أن نسبة 70 بالمائة من المنتجات الزراعية التي تصدرها إسرائيل إلى الخارج تصل أسواق الاتحاد الأوروبي.

ويتساءل الكاتب شاكر الجوهري في مجلة العرب ببراءة الأطفال: «لماذا يقتلوننا؟». لكنه اقترب أكثر من غيره من اصابة كبد الحقيقة، على خلفية مشهد اخدود اليهود الجديد في غزة إذ كتب يقول:

ونحن بدورنا من حقنا أن نتساءل: لم يفعلون هكذا بأطفالنا ونسائنا وشيوخنا، بل وبالأجنة داخل أرحام أمهاتهم، كما نطقت الصور..؟! في التقدير هنالك عدة أسباب تقف وراء كل هذه الهمجية التي تمارس أمام عدسات الفضائيات: أولا: هذه هي المفردات العملية للعقيدة القتالية للجيوش الغربية عموما.. أقصى قدر من العنف والهمجية والدمار يلحق بالبشر والحجر والشجر، وكل ما يتحرك، وكل ما لا يستطيع أن يتحرك… ثانيا: إلى جانب العقيدة الغربية للجيش الإسرائيلي، فهو يستمد كذلك هذه الهمجية من “يوشع” [يشوع]، القائد العسكري اليهودي الذي دخل أريحا فاتحا قبل الميلاد، عابرا نهر الأردن، فسُمّوا بالعبرانيين، وهو الذي قتل البشر، واقتلع الشجر، ودمر الحجر..! وقد استند يوشع هذا في ارتكابه لجرائمه إلى نص مزور في التوراة ورد في سفر يوشع، حيث يخاطبه الرب قائلا “إذا دخلتم ايرتش “أريحا”، فاقتلوا من فيها من الرجال والنساء والأطفال والبهائم، واقلعوا الشجر واتركوا الزانية رحابيا”..!! وهذا ما يفعله أحفاده بالشعب الفلسطيني منذ ما قبل عام 1948 وحتى الآن.. إنهم يتركون لنا “الزانية رحابيا” لتواصل العيث فسادا بين صفوفنا [يقصد وزيرة الخارجية الاسرائيلية]، عبر تنظيرات سياسية، في هذه المرة..!!

وللتصحيح أقول: إن المعتمد في نسخ التوراة العربية أن اسم الزانية الوارد ذكرها في السفر هو «راحاب» وليس «رحابيا». كما لا يصح أن ينسب الكاتب غفر الله لنا وله هذه الأفعال الاجرامية – التي لفقها كتبة التوراة المحرفة – إلى نبي الله يوشع بن نون عليه السلام الذي صحب موسى عليه السلام في حياته، وحاشا لأنبياء الله الكرام أن يقوموا بارتكاب تلك الفظائع في حق البشر، لكنها النفسية اليهودية المنطوية على أحقاد قديمة هي التي سوغت لهم اضفاء هالة القداسة المزيفة على أمانيهم الدموية ضد الشعوب وبخاصة ضد أهل فلسطين والعرب حتى يطبقها الخلف عن السلف باسم الرب.

أخدود اليهود الجديد في غزة

وبعد هذا التمهيد المستطيل بحجم ألسنة حرائق غزة أقول والله المستعان: آن لنا أن نسلط الضوء على هذه النصوص «المقدسة» لدى أهل الكتاب وأثرها الخطير دينياً ونفسياً وسياسياً على مواقف أعوان الصهاينة من النصارى الذين قد يفوقون اليهود تطرفاً في الصهيونية، كما نرى ويرى العالم كله من حولنا، خصوصاً نموذج الموقف الأمريكي والأوربي الماثل أمامنا إزاء العدوان الغاشم المتواصل على غزة والقدس وسائر فلسطين وبلدان عربية وإسلامية شتى بهمجية ووحشية غير مسبوقة تتواضع أمامها جرائم النازيين والمغول.

هل ما زلتم تتعجببون؟! هذا لأننا لا نعرف عدونا حق المعرفة ولذا وجب أن نفتش أولاً عن نصوص ما يسمى ب، «الكتاب المقدس The Holy Bible»،يعنينا منها اليوم ما يشرع للقوم «سياسة الأرض المحروقة» وتطبيقاتها التوراتية النارية في غزة:

1– سفر العدد 31: 1-18 (لاحظ الفقرة التاسعة فيه)
وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: “انْتَقِمْ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَعْدَهَا تَمُوتُ وَتَنْضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ”. 3فَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: “جَهِّزُوا مِنْكُمْ رِجَالاً مُجَنَّدِينَ لِمُحَارَبَةِ الْمِدْيَانِيِّينَ وَالانْتِقَامِ لِلرَّبِّ مِنْهُمْ. . . . فَحَارَبُوا الْمِدْيَانِيِّينَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ؛ 8 وَقَتَلُوا مَعَهُمْ مُلُوكَهُمُ الْخَمْسَةَ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابِعَ، كَمَا قَتَلُوا بَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9 وَأَسَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ الْمِدْيَانِيِّينَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَغَنِمُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَسَائِرَ أَمْلاَكِهِمْ، وَأَحْرَقُوا مُدُنَهُمْ كُلَّهَا بِمَسَاكِنِهَا وَحُصُونِهَا، 11وَاسْتَوْلَوْا عَلَى كُلِّ الْغَنَائِمِ وَالأَسْلاَبِ مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ، . . . . فَخَرَجَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ وَكُلُّ قَادَةِ إِسْرَائِيلَ لاِسْتِقْبَالِهِمْ إِلَى خَارِجِ الْمُخَيَّمِ، 14فَأَبْدَى مُوسَى سَخَطَهُ عَلَى قَادَةِ الْجَيْشِ مِنْ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْقَادِمِينَ مِنَ الْحَرْبِ، 15وَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا اسْتَحْيَيْتُمُ النِّسَاءَ؟ إِنَّهُنَّ بِاتِّبَاعِهِنَّ نَصِيحَةَ بَلْعَامَ أَغْوَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِعِبَادَةِ فَغُورَ، وَكُنَّ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ، فَتَفَشَّى الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 17فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَاقْتُلُوا أَيْضاً كُلَّ امْرَأَةٍ ضَاجَعَتْ رَجُلاً، 18وَلَكِنِ اسْتَحْيَوْا لَكُمْ كُلَّ عَذْرَاءَ لَمْ تُضَاجِعْ رَجُلاً.


لا ندري كيف سيعرف المقاتلون الإسرائيليون المرأة العذراء من غيرها كي يستبقوها كما يطلب النص من دون اغتصاب جماعي واعتداء على إعراضهن؟!!!

Numbers 31:1-18


2– سفر التثنية 13: 15-16 (المتكلم في النص هو الله بزعمهم):
“إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلاً: 13 قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفُوهَا. 14 وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلتَ جَيِّداً وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ قَدْ عُمِل ذَلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ 15 فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16 تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ. 17 وَلا يَلتَصِقْ بِيَدِكَ شَيْءٌ مِنَ المُحَرَّمِ لِيَرْجِعَ الرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً. يَرْحَمُكَ وَيُكَثِّرُكَ كَمَا حَلفَ لآِبَائِكَ 18 إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْفَظَ جَمِيعَ وَصَايَاهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ لِتَعْمَل الحَقَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكَ”.


Deuteronomy 13:12-18


أثر قبلات قنابل الفوسفور على وجه الصغير – المصدر

3– سفر القضاة 1: 8
وَحَارَبَ بَنُو يَهُوذَا أُورُشَلِيمَ (القدس) وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَأَشْعَلُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ.

Judges 1:8
Now the children of Judah had fought against Jerusalem, and had taken it, and smitten it with the edge of the sword, and set the city on fire.

4 – سفر يشوع 11: 11
وَضَرَبُوا (الإسرائيليون) كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ (يشوع) حَاصُورَ بِالنَّارِ.

Joshua 11:11
And they smote all the souls that were therein with the edge of the sword, utterly destroying them: there was not any left to breathe: and he burnt Hazor with fire.

5– سفر حزقيال 23: 25
وَأَجْعَلُ غَيْرَتِي عَلَيْكِ فَيُعَامِلُونَكِ بِالسَّخَطِ. يَقْطَعُونَ أَنْفَكِ وَأُذُنَيْكِ, وَبَقِيَّتُكِ تَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. يَأْخُذُونَ بَنِيكِ وَبَنَاتِكِ, وَتُؤْكَلُ بَقِيَّتُكِ بِالنَّارِ.

Ezekiel 23:25
And I will set my jealousy against thee, and they shall deal furiously with thee: they shall take away thy nose and thine ears; and thy remnant shall fall by the sword: they shall take thy sons and thy daughters; and thy residue shall be devoured by the fire.

وكيف لا تكون «سياسة الأرض المحروقة» عقيدة دينية راسخة عندهم ومعبود اليهود والنصارى «يهوه» نار آكلة بحسب وصف «الكتاب المقدس»:

6– كاتب الرسالة إلى العبرانيين 12: 29
لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ.

Hebrews 12:29
For our God is a consuming fire.

وقد وصفوا الله بأوصاف لا تليق بجلاله وعظمته سبحانه فصوروه في سفر المزامير 18: 8 كالتنين الأسطوري ينفث ناراً: «صعد دخان من أنفه ونار من فمه أكلت. جمر اشتعلت منه»!! ثم نسبوا لله أنه يحب رائحة اللحم المشوي والمحارق «رائحة سرور للرب»، تعالى الله عما يصفون علواً كبيراً!!

وما أشبه ليالي غزة ببارحة «الصدمة والرعب» في سماء بغداد 2003م لما تصايح قساوسة من أمريكا فرحين مرددين أن تلك النيران المتصاعدة في مشاهد البث المباشر إنما كانت اتماماً لنبوءة كتابية مقدسة لديهم ضد العراق سموها «حريق بغداد الأخير» مستشهدين بهذا النص:

7- سفر أشعياء 30: 27-33
هُوَذَا اسْمُ الرَّبِّ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ. غَضَبُهُ مُشْتَعِلٌ وَالْحَرِيقُ عَظِيمٌ. شَفَتَاهُ مُمْتَلِئَتَانِ سَخَطاً وَلِسَانُهُ كَنَارٍ آكِلَةٍ 28 وَنَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ غَامِرٍ يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ. لِغَرْبَلَةِ الأُمَمِ بِغُرْبَالِ السُّوءِ وَعَلَى فُكُوكِ الشُّعُوبِ رَسَنٌ مُضِلٌّ. 29 تَكُونُ لَكُمْ (الخطاب من الرب لليهود) أُغْنِيَةٌ كَلَيْلَةِ تَقْدِيسِ عِيدٍ وَفَرَحُ قَلْبٍ كَالسَّائِرِ بِالنَّايِ لِيَأْتِيَ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ إِلَى صَخْرِ إِسْرَائِيلَ. 30 وَيُسَمِّعُ الرَّبُّ جَلاَلَ صَوْتِهِ وَيُرِي نُزُولَ ذِرَاعِهِ بِهَيَجَانِ غَضَبٍ وَلَهِيبِ نَارٍ آكِلَةٍ نَوْءٍ وَسَيْلٍ وَحِجَارَةِ بَرَدٍ. 31 لأَنَّهُ مِنْ صَوْتِ الرَّبِّ يَرْتَاعُ أَشُّورُ (العراق). بِالْقَضِيبِ يَضْرِبُ. 32 وَيَكُونُ كُلُّ مُرُورِ عَصَا الْقَضَاءِ الَّتِي يُنْزِلُهَا الرَّبُّ عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ وَالْعِيدَانِ. وَبِحُرُوبٍ ثَائِرَةٍ يُحَارِبُهُ. 33 لأَنَّ “تُفْتَةَ” مُرَتَّبَةٌ مُنْذُ الأَمْسِ مُهَيَّأَةٌ هِيَ أَيْضاً لِلْمَلِكِ عَمِيقَةٌ وَاسِعَةٌ كُومَتُهَا نَارٌ وَحَطَبٌ بِكَثْرَةٍ. نَفْخَةُ الرَّبِّ كَنَهْرِ كِبْرِيتٍ تُوقِدُهَا.

Isaiah 30:27-33

ونص مرعب في الأناجيل جعلوه على لسان المسيح عليه السلام لا ينكرونه:

8– (إنجيل لوقا 12: 49-53):
جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ 50 وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ 51 أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52 لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53 يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا.

Luke 12:49-53
I AM COME TO SEND FIRE ON THE EARTH; and what will I, if it be already kindled? 50 But I have a baptism to be baptized with; and how am I straitened till it be accomplished! 51 Suppose ye that I am come to give peace on earth? I tell you, Nay; but rather division: 52 For from henceforth there shall be five in one house divided, three against two, and two against three. 53 The father shall be divided against the son, and the son against the father; the mother against the daughter, and the daughter against the mother; the mother in law against her daughter in law, and the daughter in law against her mother in law.

تخيل أن يستفتح شخص مؤتمراً عن البيئة و «الاحتباس الحراري» لإنقاذ الأرض بـ «تلاوة عطرة» لهذا النص!! يا للهول!

أما «أفران الغاز» النازية أو «الهولوكوست» فجذورها ليست من كتاب «كفاحي» لهتلر المفتى عليه، ولكنك تجدها في نصوص أسفار اليهود والنصارى المقدسة أوقل «كتاب المحارق اليهودية»:

سفر الملوك الأول 13:1-2
فجاء رجل من يهوذا بأمر الرب إلى بيت إيل، ويربعام واقف على المذبح يحرق البخور 2 فتوجه إلى المذبح وقال: يا مذبح، يا مذبح، هذا ما قال الرب: سيولد لبيت داود ابن يسمى يوشيا، وهو سيذبح عليك كهنة الأصنام الذين يحرقون عليك البخور، وسيحرق عليك عظام بشر. [الترجمة العربية المشتركة].

1Kings 13:1-2
And, behold, there came a man of God out of Judah by the word of the LORD unto Bethel: and Jeroboam stood by the altar to burn incense. 2 And he cried against the altar in the word of the LORD, and said, O altar, altar, thus saith the LORD; Behold, a child shall be born unto the house of David, Josiah by name; and upon thee shall he offer the priests of the high places that burn incense upon thee, and men’s bones shall be burnt upon thee.

ساعة الحقيقة وتصحيح الخطأ

وختاماً أقول والله المستعان على ما يصفون: لقد آن أوان أن يتعرف أكثر دعاة الإسلام وشيوخه والمهتمون بالحوار مع أهل الكتاب منهم على هذه النصوص الدينية المشرعة للبغي والعدوان لدى اليهود والنصارى، وأن يكشفوا عنها في كل مناسبة وخطبة حتى يعرفوا بها سواد المسلمين الذين يقال لهم اليوم عبر منابر إعلامية مضللة أن كل الشرائع السماوية (ويقصدون بها اليهودية كذلك وفرقها) لا تجيز قتل الأبرياء!! وأقول لهم: هذا والله خلط وجهل فاضح بما بين يدي القوم من أسفار ونصوص مرعبة مر معنا منها نزر يسير.

من أين لكم يا قوم أن جل تعاليم اليهود والنصارى من شرائع السماء؟! هل تقصدون هذه النصوص مما جاء بالأسفار اليهودية والنصرانية التي ظنها بعض الدعاة والشيوخ المستغفلين في ملتقيات «حوار الأديان» كتباً سماوية مقدسة؟ يا ليتهم قرأوها أو سألوا العارفين بها أولاً قبل أن يتكلم الواحد منهم ليهرف بما لا يعرف هدانا الله واياهم وأصلح حال الجميع.

وإلا فأجيبوني: أين أصوات اليهود والحاخامات الذين شاركوا في مؤتمر الدوحة والأردن والقاهرة ومدريد ونيويورك عن انكار نسبة هذه النصوص لوحي السماء واعلان البراءة منها؟ وقساوسة النصارى – من الذين أخذتم معهم الصور التذكارية – أين هم من اتخاذ موقف صارم حيال هذه النصوص الشنيعة التي لو وجدوا نصاً واحداً مثلها في القرآن الكريم لأقاموا الدنيا ضد المسلمين ليل نهار بأكثر مما نراهم يفعلون في حملاتهم المسعورة على الإسلام العظيم!! والله لطبلوا ورقصوا بل ولأخذوا كتاب الله إلى الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الانسان لإدانة الذكر الحكيم!! أما نحن نقرأ كل هذا لديهم من أسفارهم مما يعترفون به ويستدعون نصوصه في حربهم جهاراً نهاراً ثم نخاف أن نظهره للناس ونكتم ما نعلم كأننا نحن قد صرنا الصم البكم العمي لا هم!! أعوذ بالله من حال بعض المسلمين، نسأل الله السلامة والعافية!!

أين «كبار» أحبار اليهود وقسس النصارى الذين سارعتم اليهم في مؤتمراتكم لماذا لا يردون لكم توددكم لهم؟! لماذا خذلوكم اليوم؟! ولا يكفي اعتراض بعض حاخامات اليهود المغمورين على الكيان الصهيوني أو احتجاجات نفر من قساوسة النصارى الصغار، وإن كنا نشكر لهم هذه المواقف المنصفة، لو أخذنا بظاهر كلامهم وانخدعنا لهم وتركنا نواياهم لله مع الحذر والحيطة.

إن رد الجميل لهولاء يقتضي منا دعوتهم أولاً إلى اعتناق الإسلام والتحول إلى هدي كتاب الله العزيز من أباطيل الكتب السابقة المحرفة وقد دخلها وخالطها كل هذا الزيف وذلك التحريض على كل هذا الاجرام وهذه الفظائع التي ننزه الله وأنبيائه الكرام عن الأمر بها مصداقاُ لقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (90) سورة النحل.

لا يمكن بأي حال من الأحوال اسقاط دعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام أولاً (مع تعريفهم به) في أي حوار معهم وإلا صار حواراً باطلاً بل هو «خوار أديان» وماخور فجار وكفار بغير ما أنزل الله.

وثانياً: لابد من توجيه الدعوة لأهل الكتاب صريحة واضحة لا مجاملة فيها ولا مداراة مطالبين أصحاب العقول والضمائر الحية والفطرة السوية منهم نزع صفة القداسة عن كل هذه النصوص الاجرامية، وذلك أضعف الكفر منهم، إن كانوا كارهين مشاركتنا أخوة الإيمان، وإن لم يرغبوا في تصديق وحي القرآن، الذي كان سباقاً إلى فضح وتعرية نصوص أسفارهم تلك قبل 14 قرناً.

إن حرائق غزة التي تشعلها توراة الصهاينة اليوم – والتي هي بين يدي النصارى مقدسة – لا يقدر على اخمادها إلا الله وحده بعد التمسك بحبله المتين وهو القرآن الكريم كما تفعل فصائل المقاومة الباسلة ولا نزكي رجالها على الله، القائل سبحانه في محكم التنزيل عن اليهود ومن شايعهم:

{…كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (64) سورة المائدة.

أقرأوا هذه الآية الكريمة كلما رأيتم نيران القصف المروع في مشاهد بث الأخبار المباشر من غزة.

وأذكر معشر النصارى أن القرآن الكريم لهو الكتاب الوحيد الذي أدان محرقة أتباع المسيح الحقيقيين في الزمن الأول، الذين أحرقهم اليهود أحياء في حادثة الأخدود المذكورة في سورة البروج وفيها الادانة الربانية التي صارت يتعبد بتلاوتها في جزء يحفظه أطفال المسلمين:

{قُتِلَ أَصحٰبُ الأُخدودِ ﴿٤﴾ النّارِ ذاتِ الوَقودِ ﴿٥﴾ إِذ هُم عَلَيها قُعودٌ ﴿٦﴾ وَهُم عَلىٰ ما يَفعَلونَ بِالمُؤمِنينَ شُهودٌ ﴿٧﴾ وَما نَقَموا مِنهُم إِلّا أَن يُؤمِنوا بِاللَّهِ العَزيزِ الحَميدِ ﴿٨﴾ الَّذى لَهُ مُلكُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ ۚ وَاللَّهُ عَلىٰ كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ ﴿٩﴾ إِنَّ الَّذينَ فَتَنُوا المُؤمِنينَ وَالمُؤمِنٰتِ ثُمَّ لَم يَتوبوا فَلَهُم عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُم عَذابُ الحَريقِ ﴿١٠﴾}.

وأنوه أن هذه الواقعة لم ترد في أسفار «العهد الجديد» لدى النصارى، ولم يذكرها كتبة الرسائل المضمنة فيه، إنما ذكرها الوحي الصحيح الذي تنزل على سيدي وحبيبي رسول الله الذي ينتقص أكثر النصارى من قدره ويطعنون في شخصه صلى الله عليه وسلم!! وكأن الأولى بالنصارى أن يذكروا اخوتهم الأولين من التابعين للمسيح لو كانوا هم من أتباعه كذلك كما يزعمون لكنهم نسوا حظاً مما ذكروا به.

ألا ليتهم كفوا ألسنتهم وأيديهم بالسوء عن المسلمين ونبيهم ثم تدبروا القرآن الكريم، سائلاً المولى لنا ولهم، ولأصحاب الضمائر الحية من اليهود على قلة عددهم، الهداية والرشاد والنجاة من النار على صراط الله المستقيم، بعد التضرع لله وحده لا شريك له ولا ند ولا ولد لنصرة أهل غزة، جعل الله نار أعدائهم برداً وسلاماً على جندهم، وأفرغ عليهم صبراً وثبتهم ونصرهم نصراً كبيراً مؤزراً، فوق تحملهم الأسطوري العجيب ما تحملوا في سبيل عزة دينهم وكرامة دنياهم وحريتهم على أرضهم المباركة، خلال 18 يوماً مضت وكأن قطاع غزة قد صار فيها أخدوداً كبيراُ جديداً لاحراق كل من فيه من المؤمنين، أو كأن غزة قد باتت «أم كل المحارق» لمن يتفرج!! فاللهم سلّم سلّمّ!

حسبنا الله ونعم الوكيل على الصهاينة وأعوانهم ومن شايعهم، حسبنا الله ونعم الوكيل على حكام العرب وأذنابهم وأبواقهم وشيوخهم… حسبنا الله…هو نعم المولى ونعم النصير!

* نصوص «الكتاب المقدس» نقلت من «نسخة الفاندايك» العربية وأما الانجليزية فمن «نسخة الملك جيمس» المعتمدة إلا ما اشير إليه في السياق.

لمزيد من المقالات ذات الصلة تصفح قسم «الحرب على غزة»

* يرجى الاشارة إلى المصدر عند النقل والاقتباس للأمانة والتوثيق.

“هناك أشخاص يقولون ان تصريحات رئيس الوزراء شديدة للغاية (بشأن اسرائيل) لكن كلماتي ليست أكثر قوة من القنابل الفوسفورية.”
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان

??????????(((((
غزة .. مختبر مفتوح للأسلحة المحرمة دولياً

طارق قابيل
Image

تستخدم إسرائيل في عدوانها على غزة أبشع الأسلحة التدميرية المحرمة دوليا، ويؤكد الأطباء العاملون في مجال الإغاثة في غزة من خلال معاينتهم لآثار الانفجارات على المصابين والشهداء أنهم لم يشاهدوا في حياتهم مثل هذه الأنواع من الإصابات، ويعتقدون أن إسرائيل جعلت من غزة حقل تجارب لصنوف من الأسلحة المحرمة دوليا، والتي تستخدم ربما لأول مرة.

وأبرزت صحيفة "لوموند" الفرنسية شهادة طبيبين متطوعين تابعين لهيئة الإغاثة النرويجية عن حالات إصابة بأسلحة جديدة يستخدمها الإسرائيليون ضد المدنيين في غزة؛ مما يؤكد التقارير المتواترة عن أن الجيش الإسرائيلي استخدم عدة أسلحة محظورة دوليا أقلها ضررًا قنابل الفسفور الأبيض التي تقتل أو تلحق أضرارًا فادحة بكل من يتعرض لها.

ونجح الطبيبان "مادس غيلبرت" و"إريك فوس" في نقل 15 فلسطينيا مصابين بجروح خطيرة جراء استخدام تلك الأسلحة إلى خارج القطاع عبر معبر رفح؛ بعدما تعرض موكبهما لنيران القوات الإسرائيلية، وأكدا أن الحالات التي عايناها أثناء وجودهما في مستشفى الشفاء بغزة تدعوهما إلى الجزم بأن إسرائيل استخدمت أنواعا جديدة من الأسلحة ضد سكان قطاع غزة.

ومن بين الأسلحة التي تحدث عنها الطبيبان سلاح (المعدن الكثيف الخامل) والمعروف اختصارا بـ "DIME" وهي عبارة عن كرات صغيرة تحتوي على واحد أو أكثر من عناصر عدة بينها الكربون والنيكل والحديد والكوبالت، وتخترق الجلد وتنفجر داخله، وأوضحا أن هذه الكرات الصغيرة ذات قوة تفجيرية هائلة، مؤكدين أنها تؤدي إلى انشطار جسم الضحية إذا انفجرت على مسافة مترين، أما إذا انفجرت على مسافة ثمانية أمتار فتتسبب في حرق الأرجل وبترها، وأشارا أيضا إلى أن حالات عديدة مماثلة سجلت خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006.

وأكد الطبيبان اللذان يقومان بمهمات في الشرق الأوسط منذ عشرين عاما مع منظمة "نورواك" النرويجية غير الحكومية، أن تجارب أجريت على فئران بينت أن جزيئات الكرات المتفجرة التي تظل في أجساد الضحايا تؤدي إلى إصابتهم بالسرطان، وتساءل الطبيبان في الختام عما إذا باتت غزة مختبرا لصانعي الموت، كما تساءلا عما إذا كان مسموحا -في القرن الحادي والعشرين- بمحاصرة 1.5 مليون إنسان وقصفهم بهذه الطريقة بزعم أنهم "إرهابيون".

الكيماوي النووي.. للتجربة على المدنيين

وكشفت مصادر إعلامية عن وجود إصابات غريبة بين الجرحى الفلسطينيين خلال القصف الصهيوني الإجرامي على قطاع غزة؛ مما يعني أن الاحتلال يستخدم أسلحة كيماوية رفعت من أعداد الشهداء والمصابين في فلسطين إلى أرقام غير مسبوقة.

وكانت قناة "الجزيرة" الفضائية قد نقلت بدورها صورًا لمصابين فلسطينيين تظهر على وجوههم علامات سوداء غريبة، أرجعها الفريق الطبي بمستشفى الشفاء إلى تعرضهم لقصف بأسلحة كيماوية، فيما هب الأطباء النرويجيون إلى أبعد من هذا في تصريحات لهم لقناة "العالم" الإيرانية، مؤكدين وجود آثار لليورانيوم المنضب على الأراضي التي نالها القصف الصهيوني بغزة؛ مما يعني أن الاحتلال استخدم مواد نووية في العدوان الإجرامي على القطاع.

وأكد الأطباء الفلسطينيون الذين باتوا خبراء بالآثار التي تخلفها الآلة العسكرية الإسرائيلية، مشاهداتهم لحالات غريبة لم يسبق أن شاهدوا مثيلا لها في الإصابات الناجمة عن ذخائر ومتفجرات منها ما يعرف باسم "ذخائر المعدن الكثيف الخامل"DIME، وقنابل الفسفور الأبيض.

وتأكيدًا على المشاهد السابقة، اتهمت منظمة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) وفقا لمجلة فايننشال تايمز الأمريكية، إسرائيل صراحة باستخدام قنابل الفسفور الأبيض الممنوع استخدامها بالمناطق الآهلة بالسكان، كما نقل مراسل "نيويورك تايمز" في غزة عن أطباء فلسطينيين مشاهدتهم حالات صعبة من الحروق؛ بسبب التعرض لعدة أنواع من الذخائر منها الفسفور الأبيض، والذي يسمح القانون الدولي باستخدامه فقط في عمليات التغطية والتمويه، أو عمليات إخلاء القتلى والمصابين من ميدان القتال.

ويقول الأطباء الفلسطينيون في غزة: إن نوعية الإصابات الناجمة عن هذه المتفجرات تتراوح ما بين الحروق العميقة التي تصل إلى العظم وبتر الأطراف، وتهتك الشرايين والأوردة التي لا تظهر حتى في صور الأشعة السينية؛ مما يؤدي لحدوث حالات نزف شديد تفضي إلى الموت.

واللافت للنظر أن الطائرات الإسرائيلية وربما المدفعية أيضا استخدمت متفجرات المعدن الكثيف الخامل التي لا تزال قيد التجريب، وهي تندرج تحت "الأسلحة شديدة القتل" ولها نماذج متعددة منها سبيكة الألمنيوم واليورانيوم المنضب اللذان استخدمتهما واشنطن بالعراق مرتين عام 1991 ثم الفلوجة 2004، وكانت قد نشرت جريدة "هاآرتس" الإسرائيلية أكثر من تقرير أكدت فيه استخدام نماذج أولية من هذه الذخائر في عدوان تموز/ يوليو 2006 على غزة.

أمريكا تقصف غزة بيد إسرائيلية

وذكر خبراء عسكريون أن إسرائيل استخدمت في قصفها لقطاع غزة أسلحة محرمة دوليًّا، إضافة إلى تجريب ثلاثة أنواع جديدة من الصواريخ والقنابل في ساحة القطاع،وأضاف الخبراء أن سلاح الجو الإسرائيلي استخدم قنابل ارتجاجية وفراغية في قصفه لبعض المباني ومنطقة الحدود بين مصر والقطاع، وأكدت المصادر وجود خبراء عسكريين أمريكيين في قيادة المنطقة الجنوبية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي دعمًا لإسرائيل، وتسجيلا لتأثيرات وقوة التدمير والتأثير الناتجة عن استخدام ثلاثة أنواع من الأسلحة الجديدة، وتجريبها للمرة الأولى في العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وأكدت تقارير أوروبية أن الولايات المتحدة الأمريكية متورطة بإرسال ذخائر وأسلحة إلى إسرائيل في الفترة الأخيرة وبعد بدء عدوانها على غزة من مخازن قواعدها بالعراق.

وذكرت مصادر مطلعة أن معلومات رصدتها أجهزة مخابرات غربية أكدت أن إسرائيل تقدمت بطلب عاجل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وثلاث من الدول الأوروبية لتزويدها بذخائر وأسلحة، وكشفت هذه التقارير أن ذخائر الفسفور الأبيض وذخائر أمريكية من نوع "DIME" تم نقلها من القواعد العسكرية الأمريكية في العراق إلى إسرائيل عبر دولة ثالثة؛ حيث نقلتها طائرات عسكرية للصهاينة إلى القواعد العسكرية الإسرائيلية.

وتأتي هذه التقارير في وقت تسعى واشنطن لنقل أكثر من 325 حاوية من إحدى قواعدها في اليونان تشمل ذخائر وأعتدة أمريكية إلى إسرائيل بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت إلى إلغاء إرسال شحنة من الذخيرة إلى إسرائيل عن طريق أحد المواني اليونانية؛ وذلك بسبب معارضة السلطات اليونانية في تفريغ هذه الشحنة في اليونان، ونقل راديو إسرائيل عن الناطق بلسان الوزارة الأمريكية قوله: إن الولايات المتحدة تبحث حاليا عن طرق بديلة لإرسال هذه الشحنة إلى هدفها.

وعلى الرغم من أن إسرائيل تنفي استهدافها للمدنيين، إلا أن الوقائع على الأرض تدحض المقولات الإسرائيلية، ويؤكد المواطنون أنفسهم أن المكان غير آمن في غزة، وأن المواطنين العزل هم أهداف مباشرة للطائرات والمدفعية والبوارج الإسرائيلية.

اليابان تشجب

وعرضت القناة الرابعة في التلفزيون الياباني برنامجًا خاصًّا عن الأسلحة الكيماوية الفسفورية التي تستخدمها إسرائيل في حربها ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، مطالبا الإسرائيليين بالتوقف عن قتل المدنيين في غزة بهذه الأسلحة.

وأظهر برنامج زيرو الإخباري الذي تبثه قناة اليوميوري الرئيسية كيف تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية التي حصلت عليها من الولايات المتحدة بقصف المناطق السكنية المكتظة بالسكان بالقنابل التي تنفجر في الهواء ثم تنتشر شظاياها على المنازل والبيوت، وقال مقدم البرنامج: "يبدو الأمر وكأنه ألعاب نارية احتفالية، لكنها في الواقع قنابل خاصة حديثة الصنع تستهدف البشر فقط، وأدت لمقتل وتشوه مئات الفلسطينيين المدنيين في غزة".

واستضاف البرنامج خبيرا يابانيًّا بالأسلحة الكيماوية شرح كيف تسبب تلك القنابل حروقًا على الجلد، وصعوبة في التنفس، ومشاكل صحية لا حصر لها، ونقل البرنامج تصريحات مسئولة عسكرية إسرائيلية تبرر استخدام تلك القنابل وتعتبرها أمرا طبيعيًّا يراعي القوانين والأعراف الدولية، حسب مزاعمها، وقال مقدم البرنامج: إن القانون الدولي يحظر مهاجمة المدنيين واستخدام الأسلحة الكيماوية، ومعظم الدول صادقت على هذا القانون، لكن إسرائيل تتذرع بظروفها الخاصة وتنفذ تلك الهجمات!.

وختم المذيع برنامجه بالقول: "يجب على إسرائيل أن تدرك أن المجتمع الدولي لن يسمح لها بمهاجمة الفلسطينيين بأسلحة كيماوية"، ولكن على ما يبدو أنه لا يوجد مستجيب له حتى الآن.

متخصص في علوم الوراثة الجزيئية والخلوية والتكنولوجيا الحيوية، عضو هيئة التدريس بقسم النبات –كلية العلوم– جامعة القاهرة.. يمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بالصفحة???????????((((("الاستشهاديون الأشباح".. من هم؟ وكيف يقضون يومهم؟

محمد الصواف
الاستشهاديون الأشباح خط الرباط الأول في غزة
الاستشهاديون الأشباح خط الرباط الأول في غزة
غزة - مرتلين آيات القرآن المنقوشة في صدورهم.. متبتلين بالتسابيح والأذكار والدعاء.. ينسجون خيوط الزمن الممتد لأكثر من 48 ساعة في خندق لا تزيد مساحته عن مترين.. وأفئدتهم تهفو إلى هدف واحد... "إنه جهاد.. نصر أو استشهاد".

إنهم فرق "الاستشهاديون المرابطون" في كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، والذين يُطلق عليهم وعلى نظرائهم في فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى التي تواجه حاليا عدوان الاحتلال بقطاع غزة "الأشباح".

إنهم أولئك الذين يكمنون لساعات وأيام في خنادقهم بانتظار تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي للتخوم الخالية للمناطق السكنية بالقطاع فينقضوا عليهم موقعين بين صفوفهم حالة من الرعب والارتباك تجلت منذ اللحظات الأولى للاجتياح البري يوم 3-1-2009 وحتى اليوم.
طالع أيضا:

* معضلة إسرائيل في غزة.. أين "الأشباح"!
* "الأشباح الاستشهاديون".. مفتاح صمود المقاومة في غزة

أبو معاذ أحد قادة "القسام" الذين يشرفون على فرق "الاستشهاديون المرابطون" قال في تصريحات خاصة لإسلام أون لاين.نت: "أؤكد بلا مبالغة، هؤلاء الاستشهاديون يتمتعون بقوة عزيمة وقدرة احتمال عالية وعقيدة صُلبة وروح معنوية مرتفعة، فقد اختيروا بعناية فائقة لينضموا لفرق الاستشهاديين المختلفة في كتائب القسام".

وتابع أبو معاذ: "ويعيش الاستشهادي كغيره من شباب فلسطين الملتزم في عبادته الظاهرة وسلوكه، ويتابع دراسته الجامعية بانتظام كأي طالب عادي إذا كان ملتحقا بإحدى الجامعات، لكي لا يلفت الأنظار إليه، إلا أن للاستشهاديين المرابطين برنامجا إيمانيا خاصا به لا يطلع عليه أحد من صلاة وصيام وقراءة قرآن وقيام ليل".

"ومنهم من ينتظر.."

{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}.. بتلك الآية الكريمة وصف أبو معاذ حال أعضاء فرق "الاستشهاديون المرابطون" خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم السابع عشر على قطاع غزة مخلفًا نحو 900 شهيد و4100 وجريح.

وتابع موضحًا: "معظم الاستشهاديين انقطعوا عن ذويهم خلال هذه الحرب ليرابطوا قرب المناطق التي تتوغل فيها قوات الاحتلال في انتظار دورهم للمرابطة في الخنادق التي على خط المواجهة بانتظار قدوم القوات الإسرائيلية".

"وفي مخابئهم المتقدمة يقضي الاستشهاديون أوقاتهم بمراقبة تقدم أي قوات إسرائيلية خاصة، متسلحين بالأدعية والتسابيح، أما عن كيفية أداء صلواتهم فيصلونها على هيئة صلاة الخوف (أي يصلي جزء منهم في جماعة نصف عدد الركعات المفروضة ويبقى الجزء الآخر يراقب، حتى ينتهي الأولون فينتقلون للمراقبة ويصلي الجزء الثاني مع الإمام باقي الركعات)"، بحسب أبو معاذ.

ويلفت القيادي بالقسام إلى أن: "معظم الاستشهاديين يحفظون كتاب الله أو أجزاء كبيرة منه، ويقضون أوقاتهم في مخابئهم يرتلون ما حفظوه من القرآن، ويبتهلون إلى الله أن يُمكنهم من عدوهم ويرزقهم الشهادة بعد أن يثخنوا به".

وعن كيفية اختيار أعضاء فرق الاستشهاديين، قال أبو معاذ إنهم: "ينتقون من الشباب حديثي السن من مقاتلي كتائب القسام البالغ عددهم عشرة آلاف مقاتل، فضلا عن بعض الفتيات".

انتقاء واصطفاء

{إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين}.. مستشهدا بهذه الآية راح القائد القسامي يشرح سبل انتقاء عناصر "الاستشهاديون المرابطون" من بين صفوف حركة المقاومة، وما يجب أن يتوفر فيهم من صفات لينطبق عليهم قوله تعالى "ويتخذ منكم شهداء".

وأردف: "يخضع أعضاء فرق الاستشهاديين عامة وخاصة (الاستشهاديون الأشباح) لعمليات اختيار دقيقة، تبدأ بعملية ملاحظة سرية لسلوك المرشح للانضمام، وقوة التزامه الديني، ومدى تحمله للمسئولية خلال عمله في صفوف الكتائب دون معرفته أنه مراقب".

وتابع: "وبعد اختيار المقاتل للانضمام لفرق الاستشهاديين يواجه عددا من الاختبارات النفسية واختبارات الذكاء وسرعة البديهة، ويوضع في اختبار تجريبي للعمل تحت الضغط ومراقبة ردود أفعاله".

وأضاف "ثم يخضع الاستشهادي لسلسلة من الدورات العسكرية المتخصصة يتدرب فيها المقاتل على معظم الأسلحة الشخصية التي يمتلكها الإسرائيليون، يتخللها دورات تعبئة إيمانية وعقائدية على يد نخبة من التربويين والدعاة".

وينوه أبو معاذ إلى أن أعضاء فرق الاستشهاديين لا يعرف بعضهم بعضًا فهم "يتلقون تدريباتهم في مناطق بعيدة عن سكناهم وبأعداد قليلة ووجوهم ملثمة، ولا يتم إطلاع أي عنصر على هويات باقي العناصر".

وبرر المسئول القسامي ذلك بقوله: "إن هؤلاء الاستشهاديين وبسبب طبيعة مهماتهم الخاصة أكثر عرضة للاعتقال؛ لكونهم يعملون داخل صفوف العدو، ولكي لا يتمكن العدو من انتزاع اعترافات منهم في حال إذا ما تعرضوا للاعتقال ممكن أن تكشف آخرين يصبح من الضروري الحذر في المعلومات التي يتم إطلاعهم عليها".

ويشير أبو معاذ إلى أن "لكل استشهادي عدة عسكرية خاصة به مكونة من عدة أسلحة مختلفة وحزام ناسف قد فصل على مقاسه".. ويتذكر في هذا السياق واقعة فيقول: "أحد الاستشهاديين الذين أشرف عليهم بعد أن تسلم حزامه الناسف طالب بحزام أثقل وزنا بالمتفجرات ليتمكن من الإثخان بالعدو أكثر".

ووفقا للمسئول القسامي فإن "جزءا كبيرا من الاستشهاديين مفرغون للعمل في المقاومة، ويتلقون بعض ما يعينهم على الحياة من خلال بعض المتبرعين الذين يكفلونهم، عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (من جهز غازيًا فقد غزا)".

استشهاديون مرحون

و"الاستشهاديون الأشباح" –حسب أبو معاذ- هم "خط الرباط الأمامي؛ حيث يرابطون على الخطوط المتقدمة جدا في مخابئ وخنادق مموهة لا تزيد مساحتها في معظم الأحيان عن المترين لفترة تراوح الـ 48 ساعة، تزداد في حال التوغل الإسرائيلي، معتمدين على التمر والماء في غذائهم".

ويستطرد أبو معاذ: "يتم التواصل مع الاستشهاديين من قبل المسئولين عنهم عبر أجهزة اتصالات منفصلة عن أجهزة باقي أعضاء كتائب القسام، ولا تخلو هذه الاتصالات من دعابات، تعكس نفسية الاستشهاديين العالية، إذ نحدثهم لنؤنس وحشتهم ونرفع معنوياتهم، إلا أنهم هم من يرفعون معنوياتنا لدرجة تضعنا في حيرة من صلابتهم".

وأضاف: "لا يترك الاستشهادي مكمنه حتى يكون استشهادي آخر قد حل محله، ويصل الاستشهاديون إلى مكامنهم عبر طرق خاصة لا يمكن الكشف عنها بعيدا عن الأعين وكاميرات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي لا تفارق سماء قطاع غزة".

و"الاستشهاديون المفخخون"

ويمضي القيادي في كتائب القسام موضحا المزيد عن هؤلاء فيقول إن "فرق الاستشهاديين التابعة لكتائب القسام لا تقتصر على مجموعات (الاستشهاديين الأشباح) فقط، فهناك مجموعات أخرى يطلق عليهم (الاستشهاديون المفخخون) ينتشرون في شوارع وأزقة قطاع غزة ينتظرون قدوم القوات الإسرائيلية ليفجروا أجسادهم في صفوفه".

ويستدرك "وفضلا عن هؤلاء هناك الوحدات الخاصة (الكوماندوز)، وهي فرق تجيد كافة أنواع القتال بما فيها حرب العصابات، ومهمتها القيام بهجمات واقتحامات للمناطق التي يتحصن بها جنود الاحتلال، وتعمل على نصب العبوات الناسفة على الخطوط المتقدمة، ويوكل إليها عمليات خطف الجنود الإسرائيليين".

وأكد أبو معاذ أن "الوحدات الخاصة هم فقط العاملون في هذه المرحلة في صد الاجتياحات الإسرائيلية بالإضافة لـ"لاستشهاديين الأشباح"، أما باقي فرق القسام المختلفة فتنتظر الإشارة من قيادتها لتصعيد المواجهات مع الاحتلال إذا ما دعت الحاجة لذلك".???????????ن تايمز: إسرائيل تحارب "خيال المآتة" في غزة

أحمد التلاوي - صحف
Image
القوات الإسرائيلية تبحث عن أشباح
"حرب كاملة من الفخاخ والخداع في غزة".. لم يكن هذا الوصف الذي أطلقته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا على قطاع غزة، لأحد القادة الفلسطينيين أو المحللين العرب، بل هو وصف إسرائيلي للحرب.

ونشرت الجريدة في عددها الصادر اليوم الأحد تقريرا مطولا لمراسلها في القدس ستيفن إيرلانجر عرض فيه بعضا من شهادات الصحفيين الإسرائيليين الذين رافقوا قوات الغزو البري الإسرائيلية إلى داخل قطاع غزة، عن الكيفية التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية بالتصدي للتوغلات البرية الإسرائيلية؟

كما عرض التقرير التكتيكات التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية لجمع المعلومات حول أماكن تمركز عناصر المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
طالع أيضا:

* "الأشباح الاستشهاديون".. مفتاح صمود المقاومة في غزة
* "طاقية الإخفاء".. تكتيك المقاومة لتضليل إسرائيل
* معضلة إسرائيل في غزة.. أين "الأشباح"!
* غزة المكشوفة تتسلح بالأفخاخ..الأنفاق والإرادة

وروى رون بن يشاي، المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية العديد من التفاصيل المثيرة، حول الآليات التي تتبناها المقاومة الفلسطينية في العمل لضرب طوابير الغزو البري الإسرائيلي في محاور تقدمها المختلفة، وخصوصا في شمال القطاع.

ومن بين هذه التكتيكات قيام المقاومين الفلسطينيين بوضع تماثيل وهياكل عليها اللباس العسكري المميز لعناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في مواقع سهلة الرصد في مداخل بعض الأبنية التي هجرها أهلها بفعل القصف العشوائي.

وعلى الإثر يقوم الجنود الإسرائيليون إما بإطلاق النار على هذه الهياكل التي تشبه "خيال المآتة"، أو محاولة الاشتباك معها عن قرب، وبالتالي يسهل قنصهم من جانب المقاومة.

في مرات أخرى قام المقاتلون الفلسطينيون بترك أكوام صغيرة من أسلحتهم في أعلى تلة في شمال غزة، وتلغيمها؛ بحيث إذا ما حاول الإسرائيليون رفعها للاستيلاء عليها أو فحصها، فإنهم يتعرضون لانفجار العبوة الناسفة التي زرعها مقاتلو المقاومة.

ويقول بن يشاي إنه في إحدى المرات كانت العبوة الناسفة ضخمة، وكان سيكون لانفجارها إذا ما وقع تأثير قاتل على الجنود الإسرائيليين، "إلا أنها لسبب ما لم تنفجر"، بحسب ما قاله "للنيويورك تايمز".

كما تتبنى كتائب المقاومة الفلسطينية حزمة أخرى من التكتيكات، مثل نشر الكمائن، وزرع العبوات الناسفة في النقاط التي يتوقع أن تتوغل منها القوات الإسرائيلية، وعلى تخوم الأحياء السكنية، وخصوصا حول مدينة غزة، وهو ما أدى إلى حصر تقدم الآليات والمدرعات الإسرائيلية في بعض المناطق إلى بضعة مئات من الأمتار، بحسب التقارير الميدانية.

وتعليقا على صعوبة المعارك التي تخوضها إسرائيل على الأرض في غزة، نقلت الصحيفة الأمريكية عن الباحث جوناثان فيجيل من المعهد الدولي الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب: "حرب المدن التي تخوضها إسرائيل في الوقت الراهن هي أكثر أنواع المعارك صعوبة؛ حيث لحماس والجهاد الإسلامي ميزات نسبية، ومن بينها المعرفة الكاملة بساحة المعركة".

كما أكد فيجيل على أنه من الصعوبة بمكان أن تحقق إسرائيل أهدافها السياسية والعسكرية من وراء حربها الحالية في غزة، وقال: "إن حماس عقيدة؛ هذه ليست عصابة"، وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يحاول أن يتبنى في المقابل تكتيكات تعتمد على المفاجأة.

وقال: "القوات الإسرائيلية تتحرك ببطء، ويأمل القادة الإسرائيليون في إمكان استدراج المقاتلين الفلسطينيين من مخابئهم، عن طريق تحريك الآليات العسكرية الإسرائيلية ببطء، أو البقاء في بعض الأماكن لمدد زمنية طويلة نسبيا؛ لإغراء مقاتلي حماس بالخروج".

وختم تصريحاته للجريدة الأمريكية بالقول: "هذه الحرب حرب قاسية، ولن تكون لها مدة زمنية محددة".

كما عرض المراسل الأمريكي في المقابل بعض تكتيكات الخداع التي تلجأ إليها المخابرات الإسرائيلية لتحديد أماكن اختفاء مقاتلي حماس والمقاومة الفلسطينية؛ حيث تقوم بعض عناصر المخابرات والاستطلاع الإسرائيلية بالاتصال بمواطني غزة، وانتحال شخصيات عربية وهمية "ترغب في الاطمئنان على الأهل في غزة"، ثم سؤال الغزاويين عن تحركات عناصر المقاومة بالقرب منهم.

إلا أن حكومة حماس في غزة كشفت ذلك، ودعت المواطنين الفلسطينيين إلى عدم الرد على مثل هذه الاتصالات، أو -على الأقل- عدم إعطاء معلومات عن المقاومين لمن يتصلون بهم.

وجاء الدعم المخابراتي الأهم الذي حصلت عليه إسرائيل خلال اجتياحها البري، بعد عثورهم على خريطة في أحد المنازل الفلسطينية في مدينة بيت لاهيا، تحتوي على توزيعات للفخاخ التي نصبتها المقاومة للقوات الإسرائيلية في الوسط المحيط بالمدينة، وكذلك بعض أماكن إخفاء الدعم اللوجستي التابعة لكتائب القسام في شمال غزة.

اتهامات؟!

وفي تقريره أيضا كرر إيرلانجر الادعاءات الأمريكية والإسرائيلية حول تلقي مقاتلي حركة حماس تدريبا في إيران وعلى أيدي مقاتلي حزب الله اللبناني، كما يكرر ما يقوله الإسرائيليون في شأن اتخاذ مقاتلي المقاومة الفلسطينية من الأهداف المدنية، مثل المستشفيات والمساجد ومنازل المواطنين، ملاذات آمنة لهم، أو مرتكزات لإطلاق الصواريخ وإخفاء الأسلحة.

وعرضت الصحيفة لتقرير رفعه رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" يوفال ديكسين إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر قال فيه: إن حماس استوعبت إلى حد كبير دروس حرب الصيف على لبنان في العام 2006، وقال: إن هناك تطويرا واسعا في أداء المقاومة في مجال حرب العصابات داخل المدن، واستخدام شبكة معقدة من الأنفاق لتسهيل حركة المقاتلين ونقل الأسلحة على محاور غزة المختلفة.

وزعم تقرير ديكسين أن قيادة حركة حماس اختارت لغرفة عملياتها الرئيسية في غزة مقرا أسفل مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات قطاع غزة، إلا أن الصحيفة الأمريكية قالت إن هذا الادعاء لا يمكن تأكيده.

وتحت مثل هذه الادعاءات قصفت إسرائيل منذ أيام قليلة مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة "الأونروا"؛ مما أدى إلى استشهاد 43 طفلا فلسطينيا، في مجزرة أدانها العالم كله، بحسب الجريدة.??????????????مأساة أطفال غزة لا تعني حتى منظمات حقوق الحيوان!

علا عطا الله
أم فلسطينية بجوار ابنها المصاب بعد غارة إسرائيلية جديدة على غزة
أم فلسطينية بجوار ابنها المصاب بعد غارة إسرائيلية جديدة على غزة
غزة- دموع ساخنة تنحدر بوجع على خدها، تهطل على قلبها الجريح فتزيد من خفقانه بعنف، تود لو أنها تنزع نبضاتها وتمنحها لقلب طفلها الصغير عمرو الذي يرقد على سرير المرض يحيط بجسده الهزيل الأسلاك والأجهزة من كل جانب.

"نبض قلبه في انخفاض".. يخبرها الطبيب وهي تنحني لكي تقبل جبينه المغطى بالشاش، وبحروف تموت على شفتيها للاستفهام على حال طفلها قائلة: "هل سيبقى حيًّا؟.. أرجوك أخبرني أنه سيتحسن"، بينما يحاول الطبيب أن يمهد لها النبأ الحزين.

فعمرو الحلبي صاحب الخمسة أعوام، دخل مرحلة الخطر الشديد ولم يعد قلبه قادرا على الخفقان بعد إصابته بشظايا اخترقت دماغه وشلت حركته وأسكتت ضحكاته.

عمرو لن يكون الرقم الأول ولا الأخير في قائمة الأطفال الشهداء، فالرصاص الإسرائيلي المسكوب على لحم الأطفال الحي سيزيد من أعداد الراحلين والراقدين فى أسرة المرض.
طالع أيضا:

* كيف تعيش عائلة "البنا" تحت نيران إسرائيل؟
* في غزة.. جنازات بلا موتى وموتى أحياء!

ومنذ بدء حرب تكسير الإرادة على غزة الأسبوع الماضي، غادر أكثر من 70 طفلا الحياة وأصيب أكثر من 100 آخرين، أغلبهم في حالات حرجة، وهي أرقام لم تحرك ساكن منظمات حقوق الإنسان الغربية "ولا حتى منظمات حقوق الحيوان" كما صرح محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة حماس مساء السبت بعد لحظات قليلة من بدء إسرائيل عدوانها البري.

هلا حمدان (11 عاما)، وشقيقتها لمى (10 أعوام)، وشقيقهما اسماعيل (8 أعوام) باغتتهم أحد الصورايخ الغادرة من طائرات العدو فمزقت أجسادهم واغتالت طفولتهم، فالشقيقتان رحلتا على الفور في رابع أيام الحرب على غزة، بينما ظل أخوهما إسماعيل يصارع الموت لساعات، وظنت الأم أنها كفيلة بمنحه وقود الحياة.

وفي منزل آخر ليس ببعيد، تزيل أم نائل ياسين الشاش وتضع واحدا جديدا على رأس طفلها المصاب الذي يصرخ من شدة الألم فتبدأ في احتضانه والتخفيف عنه، ثم يهز البيت انفجار شديد، فيبدأ صغيرها الآخر فى البكاء، فتترك الأول وتذهب لمعانقة الثاني.

وتقول الأم بصوت متعب لإسلام أون لاين: "أصيب طفلي بجروح متوسطة إثر دخول شظايا الزجاج الذي تتطاير من نوافذ منزلنا بعد قصف الطائرات الإسرائيلية لمقر حكومي بجوارنا".

وتضيف: "صغاري الآخرون يرتجفون خوفا، كلما سمعوا فقط صوت طائرة قادمة، وفي حال ألقت سمها (صواريخها) فبيتي يتحول إلى كتلة من الصراخ".

أما عائلة عبد الرحمن فقد تركت طعامها وهرولت إلى الخارج بحثا عن مكان آمن بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية الحي المجاور لمنزلهم مما أدى إلى خلع النوافذ والأبواب، وملء فطورهم الصباحي بالزجاج المتطاير والغبار الأسود الكثيف.

صغيرها تقي الدين صاحب الأعوام السبعة وباب بيتهم يطير، أخذ يصيح بخوف: "أمي.. أين سننام هذه الليلة"، فتضمه الأم إلى صدرها وتهمس بأذنه "اهدأ.. المهم أننا جميعا بخير".

تقي الدين الذي لم يترك وجبة حتى يصافحها بنهم شديد، ساء نظامه الغذائي ولم يعد يأكل أي شيء، وقد اصفر وجهه وبدا شاحبا وكأن ثمة عشر سنوات أضيفت إلى عمره.

حرب مسعورة

من جانبه، قال طبيب الأطفال، إبراهيم أبو غزالة، بصوت غائب لإسلام أون لاين: "لا شيء في الدنيا أصعب من أن تخبر أما أن طفلها فارق الحياة".

ويتنهد طويلا ثم ما يلبث أن يستدرك قائلا: "إنها حرب مسعورة، يقتلون الأطفال، ويشوهون أجسادهم، عشرة صغار رحلوا وأنا أتابع حالتهم الصحية (...) ما أقسى هذا الوجع".

ويتسائل الطبيب بحرقة: "ماذا فعل لهم الرضيع ذو الأشهر الخمسة؟ وما ذنب طفلة في الرابع من عمرها أن تبقى طوال حياتها على كرسي متحرك، هل حملوا مدفعا أو أطلقوا صاروخا؟!".

في نفس السياق، يقول مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة بغزة، الدكتور معاوية حسنين، لإسلام أون لاين أن ثلث ضحايا المحرقة الجديدة فى قطاع غزة هم من الأطفال.

وأضاف بألم "الصورة بشعة للغاية (...) أطفال بلا رءوس، أجساد محروقة متفحمة، عشرات من الجرحى والشهداء"، ويتابع: " لو أن طفلا إسرائيليا مات عن طريق الخطأ فستقوم الدنيا ولا تقعد، أما أطفال غزة فلا بواكي لهم".

أمراض نفسية

وتسببت صورايخ الموت وأصوات الدمار وطائرات الرعب التى لا تغادر سماء غزة فى سوء التغذية للأطفال وماعادوا يعرفون للنوم والراحة طريقا، حيث ازدادت معدلات الخوف والقلق وينكمش الصغار فى أحضان أمهاتهم وآبائهم.

خليل السيد وأمام صراخ طفله الوحيد أحمد لجأ إلى حيلة تخفف من رعبه ولو قليلا، حيث يقول له كلما قصفت إحدى الطائرات هدفا "عصفورك في القفص سيخاف وسيذهب للطبيب إذا علم أنك خائف".

يبكي أحمد للحظات وحين يتذكر عصفوره، يبدأ فى سكب دموع صامتة.

دارين في السادسة من عمرها تخبر أمها أنها خائفة على دميتها من القصف، أما شقيقها نزار فيبكي على بيت صديقه الذي دمرته طائرات الاحتلال، ويحاول عبثا الاتصال به للاطمئنان على حاله.

تفشي الأمراض

من جانبها، قالت جميعة حقوق الطفل الفلسطيني في بيان لـ"إسلام أون لاين" أنها تنظر ببالغ الخطورة لاستمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي تجاه أطفال غزة والذي دخل الأسبوع الثاني.

واستنكرت الجمعية ما يتعرض له الصغار من حملة همجية دموية، موجهة نداء استغاثة إلى العالمين العربي والإسلامي، ومطالبة المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية بالتدخل بشكل عاجل لإنقاذ طفولتهم من براثن الموت.

بدورها، حذرت مؤسسات صحية من تفشي الأمراض النفسية لدى الأطفال، وقالت إن القصف الدائم تسبب في قلة نوم الصغار وسوء التغذية والتبول اللارادي والقلق الدائم والصراخ والبكاء.

وطالب درداه الشاعر أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى بغزة، في حديث مع إسلام أون لاين الأهالى بعدم مفارقة أطفالهم والبقاء إلى جوراهم دائما.

وناشدهم بإبعادهم قدر الإمكان عن شاشات التلفاز لعدم رؤية دماء الجثث والأشلاء، مشددا على أن هذا الوضع الجنوني تسبب للأطفال بأمراض نفسية مزمنة ودائمة.

وللتخفيف من هذا الوضع ولو قليلا قال: "الأهالي مطالبون بالتحلي بكثير من الشجاعة والقوة، لأن ضعفهم وارتباكهم سينعكس سلبا على أطفالهم... وعليهم بالرغم من الظروف القاسية أن يرسموا البسمة على وجوه أطفالهم من خلال اللعب معهم والترويح عنهم بطرفة أو نكتة".

ويشكل الأطفال نسبة 60% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.5 مليون شخص، استشهد منهم منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 قرابة ألف طفل.

وبحسب إحصاءات حقوقية، يعاني 36% من هؤلاء الأطفال من أمراض صحية ونفسية خلفها الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عام.

ويخشى حقوقيون وأطباء على صغار غزة مما ستخلفه هذه الحرب الدائرة رحاها بقسوة منذ الأسبوع الماضي والتي راح ضحيتها حتى كتابة هذه السطور نحو 457 شهيدا وأكثر من 2300 جريح.???????????????((((((((STOP EMPTY TALK NOW AND START BOYCOTTING

Muslim in America - 2009-01-14 12:18 (غرينتش)

STOP BUYING ISRAELI GOODS NOW.
Boycott these ZIONIST companies that help Israel, WITH YOUR OWN MONEY, KILL PALESTINIANS.
More info here: http://www.inminds.co.uk/index.html
Coca-Cola
Fruitopia, Fanta, Kia Orange, Lilt, Sprite, Sunkist...

McDonald's , Starbucks, Carrefour Supermarkets

AOL Time Warner
Time Life magazine, CNN, ICQ

Nestle : Nescafé, Perrier, Vittel, Pure Life, Carnation, Libby's, Milkmaid, Nesquik, Maggi, Buitoni, Cross & Blac

Danone
HP foods, Evian, Volvic, Jacob

Delta Galil
Hema, Barbie, Carrefour, Auchan, Tchibo, Victoria's Secret, GAP, Banana Republic, Structure, J-Crew, JC Penny, Pryca, Lindex, DIM, DKNY, Ralph Lauren, Playtex, cK, Hugo Boss, M&S

Disney , IBM , Intel , Johnson & Johnson, Caterpillar, Motorola

Estée Lauder
Aramis, Clinique, DKNY, Prescriptives, Origins, MAC, La Mer, Bobbi Brown, Tommy Hilfiger, Jane, Donna Karan, Aveda, Stila, Jo Malone, Bumble & Bumble, Kate Spade

Home Depot
Villager's Hardware, Georgia Lighting, Apex Supply, EXPO Design Centres

Kimberly-Clark
Kleenex, Kotex, Huggies, Andrex

The Limited Inc
Express stores, Lerner New York, Structure, New York & Company, Mast Industries, Intimate Brands, Victoria's Secret, Bath & Body Works, White Barn Candle Company, Henri Bendel

L'Oreal
Giorgio Armani, Redken 5th Avenue, Lancome Paris, Vichy, Cacharel, La Roche-Posay, Garnier, Biotherm, Helena Rubinstein, Maybelline, Ralph Lauren, Carson

FULL LIST AT:http://www.inminds.co.uk/index.html?????????((((((بعد بحر البقر 1970.. مذبحة الفاخورة 2009

وكالات - إسلام أون لاين.نت
Image
بعض الشهداء بجوار مدرسة جباليا
غزة - بعد 39 عاما من ارتكابها مذبحة مدرسة "بحر البقر" في محافظة الشرقية شمالي مصر، عادت إسرائيل اليوم الثلاثاء لترتكب مذبحة مماثلة، لكن هذه المرة في قطاع غزة الذي تواصل عدوانها المكثف عليه من الجو والبحر والبر منذ يوم 27-12-2008.

فقد تفجرت الدماء وتناثرت الأشلاء والأحذية والملابس الممزقة في مدرسة الفاخورة، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في مخيم جباليا للاجئين في غزة، بعد أن قصفته دبابات الاحتلال مساء اليوم؛ مخلفة ما لا يقل عن 43 شهيدا وعشرات الجرحى.

وكانت المدرسة المقصوفة تأوي عائلات دمر الاحتلال منازلها في عدوانه الذي أسفر حتى مساء اليوم عن استشهاد أزيد من 700 فلسطينيا، معظمهم مدنيون، وإصابة نحو 3 آلاف بجروح.
طالع أيضا:

* مشعل للغرب: غزة.. أكبر سجن في العالم.. لن تنكسر

3 قذائف

وعبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قال جون جينج، مدير عمليات "أونروا" في غزة لصحفيين بمقر الأمم المتحدة في القطاع: إن "ثلاث قذائف مدفعية سقطت قرب المدرسة التي كان تأوي 350 شخصا".

وأضاف جينج أن "أونروا" تزود الجيش الإسرائيلي بانتظام بالإحداثيات الجغرافية الدقيقة لمواقع منشآتها، وأن المدرسة المقصوفة تقع في منطقة آهلة بالسكان.

من جانبها، قالت متحدثة باسم جيش الاحتلال إنها تتحرى المعلومات بشأن الحادث، الذي وقع في رابع أيام اجتياح بري بدأ يوم السبت الماضي بعد ثمانية أيام من ضربات جوية مكثفة فشلت في وقف إطلاق المقاومة للصواريخ على إسرائيل.

وكان الطيران الإسرئيلي قصف مدرسة "بحر البقر" بمحافظة الشرقية في مصر يوم 8-4- 1970 بخمس قنابل وصاروخين؛ مما أدى إلى مقتل 30 تلميذا، وإصابة أكثر من خمسين آخرين بجروح بالغة خلفت عددا من المعوقين، فضلا عن تسوية مبنى المدرسة بالأرض.???????(((((((( المجازر العائلية بغزة.. للإبادة وأشياء أخرى!!

أحمد التلاوي - علا عطا الله
Image
ثلاثة شهداء أطفال من عائلة واحدة
لم يكن كل شيء على ما يرام هذا الصباح بالنسبة لعائلة "الداية"؛ فالقصف الإسرائيلي متواصل، ولا يبدو أن الصباح الجديد يحمل أية علامة على توقف القصف الذي تقوم به المدفعية والطائرات والزوارق الحربية الإسرائيلية على حي الزيتون شرق مدينة غزة، أحد محاور الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع.

لم تكن عائلة "الداية" استيقظت بعد؛ لأنها لم تنم أصلا، إلا أنه ورغم كل شيء، عندما أشرقت شمس اليوم الثلاثاء، بدأت الأم في إعداد طعام الإفطار لأطفالها.. وبدءوا في تناول الطعام القليل، المكون من بقايا الخبز وبعض الزعتر.

وفجأة أصبح منزلهم، المكون من أربعة طوابق، كومة من الأنقاض؛ ليسقط 12 شهيدا، بينهم 7 أطفال، في قصف مدفعي.
طالع أيضا:

* مشعل للغرب: غزة.. أكبر سجن في العالم.. لن تنكسر
* غزة تصوم حفاظا على قطرة ماء

وليست "الداية" هي العائلة الفلسطينية الأولى التي يتم استهدافها بالكامل من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، بل هي الحلقة الأحدث حتى الآن في سلسلة من المجازر النوعية.

فخلال الأيام الأحد عشر للعدوان رصد مراسلونا في غزة مجازر عدة حصدت عائلات، وكانت أكثرية الشهداء من الأطفال والنساء.

من بينها عائلة أبو عيشة، التي استشهد منها سبعة أفراد؛ الأب والأم وخمسة أطفال، ليل الإثنين/ الثلاثاء، عندما سقطت قذيفة أطلقها زورق حربي على منزلهم في منطقة المشتل، شمال مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

في ذات الليلة، ولكن في حي الزيتون جنوب المدينة، أطلق الاحتلال نيرانه نحو منازل السكان؛ مما أدى إلى استشهاد طفلة من عائلة الحلو (5 أعوام)، كما استشهد جدها.

وفي الرابع من يناير، في مدينة رفح جنوب القطاع، استشهد 5 فلسطينيين، هم أب وأبناؤه الثلاثة، منهم طفلان، وأحد أقاربهم، بعدما قصفتهم طائرات الاحتلال بينما كانوا يكسرون الحطب أمام منزلهم في حي الشوكة شرق مدينة غزة.

في اليوم ذاته، استشهد خمسة فلسطينيين من عائلة بكر، بينهم فتاة (14 عاما)، في قصف من جانب دبابات متمركزة في الموقع السابق لمستوطنة "نتساريم" جنوب مدينة غزة، استهدف سيارتهم على الطريق الساحلي.

وفي الثاني من يناير، استشهد ثلاثة أطفال من عائلة الأسطل تقل أعمارهم عن 13 عاما، بقذيفة مدفعية سقطت قرب منزلهم في بلدة القرارة شمال محافظة خان يونس.

وأفادت التقارير الطبية بأن الأطفال الشهداء، وهم: محمد إياد عبد ربه الأسطل (13 عاما) وشقيقه عبد ربه إياد الأسطل (10 أعوام)، وابن عمهما عبد الستار وليد الأسطل (10 أعوام)، أصيبوا بشظايا القذيفة في جميع أنحاء الجسد؛ مما أدى إلى استشهادهم.

وفي التاسع والعشرين من الشهر الماضي، شن طيران الاحتلال عشرات الغارات الليلية؛ مما أدى إلى استشهاد سبعة فلسطينيين، بينهم أربع فتيات من عائلة واحدة تتراوح أعمارهن بين سنة و12 سنة يقطن قرب مسجد استهدفته الغارات.

الأكثر شهداء

أكبر مجاز العائلات حتى الآن هي المرتكبة بحق عائلة السموني، والتي لا يعرف حتى الآن عدد الشهداء الذين سقطوا منها، بعد قيام قوات الاحتلال في أول يوم للاجتياح البري، مساء السبت الماضي، بتجميعهم من منازلهم في منزل واحد من الطوب في حي الزيتون.

ثم قصف الاحتلال المنطقة كلها بما فيها المنزل الذي تجمع فيه أفراد العائلة البالغ عددهم 150 فردا، غالبيتهم من المزارعين، وترجح أوساط في العائلة سقوط قرابة 50 شهيدا، مع استمرار وجود العشرات تحت الأنقاض.

وتلي عائلة السموني في عدد الشهداء الذين قدمتهم، عائلة القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الدكتور نزار ريان، الذي استشهد وأفراد عائلته الـ15، وهم زوجاته الأربع وأبناؤه الـ11.

الأسباب

وتتعدد أسباب هذه المجازر الإسرائيلية النوعية، التي يقول مراقبون إنها "متعمدة"، ومن بين هذه الأسباب ما هو أمني، وما هو نفسي، وما هو سياسي.

وتعمدت بعض العائلات التي حصدتها المجازر البيات معا في غرفة واحدة من المنزل؛ خشية استهداف منازلهم، واستشهاد بعضهم، وبقاء البعض الآخر على قيد الحياة، يعانون من صدمة موت الأهل والأحبة.

على الجانب الآخر، يتعمد جيش الاحتلال استهداف منازل عائلات تنتمي لفصائل المقاومة، مثل عائلة ريان، وأحيانا يرمي الاحتلال إلى دفع الأهالي إلى ترك منازلهم، وتفريغ بعض المناطق الحدودية، سواء على البر، كما في شمال وجنوب غزة، أو على الشاطئ؛ لإيجاد مناطق غير آهلة بالسكان تسمح بتمركز آلياته.

وبحسب بعض السكان، فإن عاملا نفسيا يقف وراء هذه الجرائم "الممنهجة"؛ حيث ترغب إسرائيل في إيقاع أكبر قدر ممكن من الرعب في نفوس أهالي غزة، وترك ذكرى حزينة في القطاع بأكمله، بما يصعب على المقاومة أن تحتفل بأي انتصار كان حين ينتهي العدوان.

يضاف إلى ذلك أهداف سياسية، مثل تأليب الرأي العام في غزة على حماس؛ ليثور الغزاويون على حكم الحركة التي فازت في الانتخابات التشريعية يناير 2006، إضافة إلى محاولة الحكومة الإسرائيلية إيقاع أكبر أذى ممكن بالفلسطينيين، لكسب الرأي العام الإسرائيلي الداخلي.??????(((((

محمد جمال عرفة
Image
الدخان الأبيض.. دليل على استخدام هذا السلاح في غزة
القاهرة- كشف أطباء فلسطينيون ونرويجيون عن أن إسرائيل تستخدم أسلحة محرمة دوليا في عدوانها على قطاع غزة، أبرزها "القنابل الحرارية الحارقة" وقنابل "الفسفور الأبيض" الحارقة، التي سبق أن استخدمتها في حرب لبنان الأخيرة صيف 2006، واستخدمها أيضا الاحتلال الأمريكي على نطاق واسع في مدينة الفلوجة العراقية، بحسب صحف بريطانية.

ونقلت صحيفة "تايمز" في عددها الصادر الإثنين 5-1-2009 عن وفد طبي نرويجي بغزة قوله: إن "عددًا من القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال القصف الإسرائيلي لغزة منذ السابع والعشرين من الشهر الماضي، ظهرت على جثثهم وأجسادهم علامات غريبة، بعضها حروق بسبب الفسفور الأبيض، وبعضها يتمثل في تهتك أعضائهم الداخلية؛ نتيجة استخدام القنابل الحرارية الحارقة".

ولفت الوفد النرويجي إلى أن أجساد بعض الضحايا تحمل آثار اليورانيوم المخصب وغير المخصب، وهو من المواد الأساسية المستخدمة في إنتاج الأسلحة النووية.

ومنذ بدء محرقة غزة الثانية، والتي أسفرت حتى مساء اليوم الثلاثاء عن نحو 700 شهيدا و3 آلاف جريح، تستخدم قوات الاحتلال قنابل تنشر دخاناً أبيضً كثيفاً فوق المنطقة التي تلقى فوقها قذائفها تبين فيما بعد أنها "قنابل الفوسفور الأبيض"، التي تؤدي إلى أضرار بالغة على المدنيين، بحسب الصحيفة.

آثار تدميرية

وحاول مسئول عسكري إسرائيلي أن يبرر للصحيفة اللجوء إلى تلك القنابل بالقول إنها "تستخدم للتمويه على تحركات القوات؛ لأنها لا تسمح للعدو برؤية الجنود القادمين، وبالتالي تمنح ستارا واقيا لجنودنا".

لكن وزارة الصحة بالحكومة المقالة في غزة ذكرت في تقارير بثتها مؤخرا أن "الآثار التدميرية لتلك القنابل تتجاوز كونها قنابل تمويهية، حيث تسبب حروقا بالغة للمصابين وتخترق عظامهم وتترك روائح كريهة في جثث الشهداء".

ونقلت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية عن مدير العلاقات العامة في مستشفى الشفاء بغزة، جمعة السقا، قوله: إن "الإصابات التي تصل للمستشفى منذ بدء العدوان غريبة جدًّا".

وأضاف السقا: "من بين الإصابات احتراق جميع أجزاء الجسد حتى العظام، وكذلك تمزق وانفجار بعض الأعضاء الداخلية دون أنْ توجد جروح قطعية أو حادة في جسد المصاب أو الشهيد تبرر تلك الأضرار".

ونقلت وكالات أنباء عديدة عن مصاب فلسطيني في مستشفى الشفاء، يدعى غسان، قوله: "أشعر بتأثير المواد الكيميائية، وأشعر بحرارة مرتفعة، وبألم شديد بعد تعرضي للقصف".

من جهتها، أكدت مؤسسة (global security) البحثية الأمريكية في تقرير لها قبل أيام أن "إسرائيل استخدمت الفوسفور الأبيض في غزة خلال عملية (الرصاص المتدفق)" المتواصلة، مشيرة إلى أن الفوسفور الأبيض يؤدي إلى نتائج مؤلمة وحروق كيميائية تبدو كنخر لونه أصفر في الجسم ذي رائحة كريهة تشبه الثوم.

وتلك ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل ذلك النوع من القنابل المحرمة دوليا، إذ شددت وزارة الصحة على أنها استخدمت من قبل في الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ عام 2006، وأنه عثر في مارس 2008 عقب إحدى الهجمات الجوية التي قتلت وأصابت العشرات على شظية كتب عليها "تجربة"، في إشارة إلى تجريب هذه الأسلحة على الفلسطينيين.

والفسفور الأبيض " White Phosphorus (WP) والمعروف بـ"ويلي بيت"، كما يقول خبراء في الأسلحة الكيماوية، عبارة عن مادة دخانية كيماوية تخترق الجلد والعظام وتحرقها، وهي تتحول إلى مادة مشتعلة بمجرد تعرضها للأوكسجين، مخلفة سحابة بيضاء كثيفة هي التي تظهر على الفضائيات أثناء القصف الإسرائيلي.

وتسبب القنابل الفسفورية حروقا قاتلة، ويغطي الجثث المصابة بها رماد أسود، ويميل الجلد للون الداكن.

سوابق..

وسبق لإسرائيل أن استخدمت هذا السلاح في حربها ضد لبنان عام 2006، ورصدت منظمات طبية ألمانية حالات حروق كبيرة وإصابات بالغة بسبب هذا السلاح.

كما سبق للولايات المتحدة أن استخدمت هذه القنابل الفسفورية، التي تطلق عليه اسم "مارك 77 "، في غزو العراق عام 2003، ثم استخدمته على نطاق واسع في هجومها على مدينة الفلوجة شمالي العراق يوم 8-11-2004، بزعم القضاء على أتباع أبو مصعب الزرقاوي، زعيم "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" آنذاك.

ونشرت وكالات الأنباء العالمية صورا بشعة تظهر الحروق البالغة على أجساد مصابين عراقيين لم يتعافوا من آثارها حتى الآن.

واستخدمت قنابل الفوسفور الأبيض لأول مرة في الحرب العالمية الثانية، كما استخدمت في الحرب الأمريكية في فيتنام.

محظورة

وتحظر اتفاقية اتفاقية جنيف الدولية استخدام الفوسفور الأبيض في الحروب، وخاصة ضد المدنيين، ولكن لم تتم معاقبة إسرائيل أو الولايات المتحدة على تلك الجرائم.

أما القنابل الحرارية الفراغية (Thermo baric) المحرمة دوليا، فتحتوي على ذخيرة من وقود صلب يحترق بسرعة فائقة متحولا إلى غاز أو رذاذ ملتهب وتولد حرارة عالية وضغطا عاليا يستهلك الأوكسجين في المنطقة التي يستهدفها.

ولا تؤدي تلك القنابل إلى إصابات ظاهرة على الجسم، ولكنها تؤدي فعليا إلى انفجار طبلات الأذن، وسحق الأذن الداخلية، وتمزق في الرئتين والأعضاء الداخلية، وربما العمى، بحسب "ذي إندبندنت".??????

غير معرف يقول...

(((((((((((((((100 ضحكة وابتسامة
للنبي
صلى الله ع1- الاقتراع على الغلام
لما كان علي باليمن أتاه ثلاثة نفر يختصمون في غلام فقال كل منهم هو ابني فأقرع بينهم فجعل الولد للقارع وجعل عليه للرجلين الآخرين ثلثي الدية فبلغ ذلك النبي  فضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي  .
( أضواء البيان ج4/ص194)

2- صليت بأصحابك وأنت جنب
روى أبو داؤد والدارقطني عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله  فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله عز وجل يقول( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فضحك نبي الله  ولم يقل شيئا فدل هذا الحديث على إباحة التيمم مع الخوف لا مع اليقين.
(تفسير القرطبي ج5/ص217)
3- فتمرغت في التراب
عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن بن أبزى قال كنا عند عمر فأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين إنما نمكث الشهر والشهرين ولا نجد الماء فقال عمر أما أنا فإذا لم أجد الماء لم أكن لأصلي حتى أجد الماء فقال عمار بن ياسر أتذكر يا أمير المؤمنين حيث كنت بمكان كذا وكذا ونحن نرعى الإبل فتعلم أنا أجنبنا قال نعم فأما أنا فتمرغت في التراب فأتيت النبي  فضحك وقال إن كان الصعيد لكافيك وضرب بكفيه إلى الأرض ثم نفخ فيهما ثم مسح وجهه وبعض ذراعيه قال اتق الله يا عمار قال يا أمير المؤمنين إن شئت لم أذكره قال لا ولكن نوليك من ذلك ما توليت .
(سنن النسائي الكبرى ج1/ص133)

4- كلمات تذهب السقم والضر
عن أبي هريرة  قال خرجت أنا ورسول الله  ويده في يدي أو يدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال أي فلان ما بلغ بك ما أرى قال السقم والضر يا رسول الله قال ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر قال لي ما يسرني أن شهدت بها معك بدرا أو أحدا قال فضحك رسول الله  وقال وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القانع قال فقال أبو هريرة يا رسول الله إياي فعلمني قال فقل يا أبا هريرة (توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) قال فأتى علي رسول الله  وقد حسنت حالي قال: فقال لي مهيم قال: قلت يا رسول الله لم أزل أقول الكلمات التي علمتني. (تفسير ابن كثير ج3/ص71)

5- فتبارك الله أحسن الخالقين
وعن عامر الشعبي عن زيد بن ثابت الأنصاري قال أملى علي رسول الله  هذه الآية ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ... إلى قوله خلقا آخر ) فقال معاذ فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله  فقال له معاذ مم تضحك يا رسول الله فقال بها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين . (تفسير ابن كثير ج3/ص242) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

6- فعنكن كنت أناضل
روى مسلم والنسائي عن أنس بن مالك قال كنا عند النبي  فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال أتدرون مم أضحك قلنا الله ورسوله أعلم قال من مجادلة العبد لربه يقول يارب ألم تجرني من الظلم فيقول بلى فيقول لا أجيز علي إلا شاهدا من نفسي فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام عليك شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل . (تفسير ابن كثير ج3/ص278)
6- نحوا عنه كبار ذنوبه
قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر  قال قال رسول الله  إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة يؤتى برجل فيقول نحوا عنه كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها قال فيقال له عملت يوم كذا كذا وكذا وعملت يوم كذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا فيقال فإن لك بكل سيئة حسنة فيقول يا رب عملت أشياء لا أراها ها هنا قال فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه (أخرجه مسلم).
(تفسير ابن كثير ج3/ص328)

7- أتستهزئ مني وأنت رب العالمين
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس عن بن مسعود أن رسول الله  قال آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين فترفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله عز وجل يا بن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول لا يا رب ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول يا بن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها فيقول لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها فيقول يا بن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها قال بلى يا رب هذه لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليها فيدنيه منها فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول أي رب أدخلنيها فيقول يا بن آدم ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها قال يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين فضحك بن مسعود فقال ألا تسألوني مم أضحك فقالوا مم تضحك قال هكذا ضحك رسول الله  فقالوا مم تضحك يا رسول الله قال من ضحك رب العالمين حين قال أتستهزئ مني وأنت رب العالمين فيقول إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر.
(صحيح مسلم ج1/ص174)

8- ولكن الله يهدي من يشاء
وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبي راشد قال كان رسول قيصر جاء إلي قال كتب معي قيصر إلى رسول الله  كتابا فأتيته فدفعت الكتاب فوضعه في حجره ثم قال ممن الرجل قلت من تنوخ قال هل لك في دين أبيك إبراهيم الحنيفية قلت إني رسول قوم وعلى دينهم حتى أرجع إليهم فضحك رسول الله ونظر إلى أصحابه وقال إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. (تفسير ابن كثير ج3/ص396)

9- فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة
وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت لما نزلت آية التخيير بدأ بي رسول الله  فقال يا عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان رضي الله عنهما فقلت يا رسول الله وما هو قال:  قال: الله عز وجل (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) قالت : فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ولا أؤامر في ذلك أبوي أبا بكر وأم رومان رضي الله عنهما فضحك رسول الله  ثم استقرأ الحجر فقال إن عائشة رضي الله عنها قالت كذا وكذا فقلن ونحن نقول مثل ما قالت عائشة رضي الله عنهن كلهن . (تفسير ابن كثير ج3/ص481)


10- المرآتان اللتان تظاهرتا على النبي 
عن بن عباس رضي الله عنهما قال لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي  فجعلت أهابه فنزل يوما منزلا فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال عائشة وحفصة ثم قال كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن يدخلهن في شيء من أمورنا وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لها وإنك لهناك قالت تقول هذا لي وابنتك تؤذي النبي  فأتيت حفصة فقلت لها إني أحذرك أن تعصي الله ورسوله وتقدمت إليها في أذاه فأتيت أم سلمة فقلت لها فقالت أعجب منك يا عمر قد دخلت في أمورنا فلم يبق إلا أن تدخل بين رسول الله  وأزواجه فرددت وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله  وشهدته أتيته بما يكون وإذا غبت عن رسول الله  وشهد أتاني بما يكون من رسول الله  وكان من حول رسول الله  قد استقام له فلم يبق إلا ملك غسان بالشام كنا نخاف أن يأتينا فما شعرت إلا بالأنصاري وهو يقول إنه قد حدث أمر قلت له وما هو أجاء الغساني قال أعظم من ذاك طلق رسول الله  نساءه فجئت فإذا البكاء من حجرهن كلها وإذا النبي  قد صعد في مشربة له وعلى باب المشربة وصيف فأتيته فقلت استأذن لي فأذن لي فدخلت فإذا النبي  على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه مرفقة من آدم حشوها ليف وإذا أهب معلقة وقرظ فذكرت الذي قلت لحفصة وأم سلمة والذي ردت علي أم سلمة فضحك رسول الله  فلبث تسعا وعشرين ليلة ثم نزل .
(صحيح البخاري ج5/ص2197)



11- هن حولي يسألنني النفقة
عن جابر قال أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله  والناس ببابه جلوس والنبي  جالس فلم يؤذن له ثم أقبل عمر  فاستأذن فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فدخلا والنبي  جالس وحوله نساؤه وهو  ساكت فقال  عنه لأكلمن النبي  لعله يضحك فقال عمر  يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي  حتى بدت نواجذه وقال هن حولي يسألنني النفقة فقام أبو بكر  إلى عائشة ليضربها وقام عمر  إلى حفصة كلاهما يقولان تسألان النبي  ما ليس عنده فنهاهما رسول الله  فقلن والله لا نسأل رسول الله  بعد هذا المجلس ما ليس عنده.
(تفسير ابن كثير ج3/ص482)

12- ابن الذبيحين
حدثني عبد الله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم كنا عند رسول الله  فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا بن الذبيحين فضحك رسول الله فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان فقال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل ( تفسير ابن كثير ج4/ص19)

13- فرس له جناحان
حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني عمارة بن غزية إن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم رسول الله  من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة رضي الله عنها لعب فقال  ماهذا يا عائشة قالت رضي الله عنها بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال  ماهذا الذي أرى وسطهن قالت رضي الله عنها فرس قال رسول الله  ما هذا الذي عليه قالت رضي الله عنها جناحان قال  عليه وسلم فرس له جناحان قالت رضي الله عنها أما سمعت أن سليمان عليه الصلاة والسلام كانت له خيل لها أجنحة قالت رضي الله عنها فضحك  حتى رأيت نواجذه  (تفسير ابن كثير ج4/ص34)

14- والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة
عن عبد الله بن مسعود  قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله  فقال يا محمد إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السماوات على أصبع و الأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على أصبع وسائر الخلق على أصبع فيقول أنا الملك فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله  (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) .
(تفسير ابن كثير ج4/ص63)

15- ركوب الدابة
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله  ثلاثا وحمد ثلاثا وسبح ثلاثا وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه وضحك ثم أقبل عليه فقال: ما من امرئ مسلم يركب دابة فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله عز وجل عليه فضحك إليه كما ضحكت إليك .
(تفسير ابن كثير ج4/ص125)

16- سبحان الذي سخر لنا هذا
عن المنهال بن عمرو عن علي بن ربيعة أنه كان ردفا لعلي  فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله فلما استوى على ظهر الدابة قال الحمد لله ثلاثا والله أكبر ثلاثا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الآية ثم قال لا إله إلا أنت سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم مال إلى أحد شقيه فضحك فقلت يا أمير المؤمنين ما يضحكك قال أني كنت ردف النبي  فصنع رسول الله  كما صنعت فسألته كما سألتني فقال رسول الله  إن الله ليعجب إلى العبد إذا قال لا إله إلا أنت أني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال عبدي عرف أن له ربا يغفر ويعاقب(صحيح مسلم).
(المستدرك على الصحيحين ج2/ص108)

17- حكاية سواد بن قارب
عن البراء  قال بينما عمر بن الخطاب  يخطب الناس على منبر رسول الله  إذ قال أيها الناس أفيكم سواد بن قارب قال: فلم يجبه أحد تلك السنة فلما كانت السنة المقبلة قال أيها الناس أفيكم سواد بن قارب قال :فقلت يا أمير المؤمنين وما سواد بن قارب قال: فقال له عمر رضي الله عنه إن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئا عجيبا قال فبينما نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب قال فقال له عمر  يا سواد حدثنا ببدء إسلامك كيف كان قال سواد  فإني كنت نازلا بالهند وكان لي رئي من الجن قال فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ جاءني في منامي ذلك قال قم فافهم واعقل إن كنت تعقل قد بعث رسول من لؤي بن غالب ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وتحساسها وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأنحاسها
فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى رأسها
قال : ثم أنبهني فأفزعني وقال يا سواد بن قارب إن الله عز وجل بعث نبيا فانهض إليه تهتد وترشد فلما كان من الليلة الثانية أتاني فانبهني ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس قداماها كأذنابها
فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى قابها
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ثم قال:
عجبت للجن وتخبارها وشدها العيس بأكوارها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى ليس ذوو الشر كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ما مؤمنو الجن ككفارها
قال: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة وقع في قلبي حب الإسلام من أمر رسول الله  ما شاء الله قال فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي فما حللت تسعة ولا عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله  فإذا هو بالمدينة يعني مكة والناس عليه كعرف الفرس فلما رآني النبي  قال مرحبا بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جاء بك قال قلت يا رسول الله قد قلت شعرا فاسمعه مني قال  قل يا سواد فقلت :
أتاني رئي بعد ليل وهجعة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ساقي الإزار ووسطت بي الدعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيل إلى الله يا بن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال فضحك النبي  حتى بدت نواجذه وقال لي أفلحت يا سواد فقال له عمر  هل يأتيك رئيك الآن فقال منذ قرأت القرآن لم يأتني ونعم العوض كتاب الله عز وجل من الجن. (تفسير ابن كثير ج4/ص169)

18- ألا تبايع يا سلمة
حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عكرمة بن عمار اليمامي عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الأكوع  قال قدمنا الحديبية مع رسول الله  ونحن أربع عشرة مئة وعليها خمسون شاة لا ترويها فقعد رسول الله  على جباها يعني الركى فإما دعا وإما بصق فيها فجاشت فسقينا واستقينا قال ثم إن رسول الله  دعا إلى البيعة في أصل الشجرة فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط الناس قال  بايعني يا سلمة قال: قلت يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس قال  وأيضا قال ورآني رسول الله  عزلا فأعطاني حجفة أو درقة ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال  ألا تبايع يا سلمة قال: قلت يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم قال :  وأيضا فبايعته الثالثة فقال رسول الله  يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك قال قلت يا رسول الله لقيني عامر عزلا فأعطيتها إياه فضحك رسول الله  ثم قال إنك كالذي قال الأول اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي. (تفسير ابن كثير ج4/ص188)

19- بيعة النساء
وعن عبادة بن الصامت قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله  على بيعة النساء- وذلك قبل أن يفرض الحرب- على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف وقال فإن وفيتم فلكم الجنة رواه بن أبي حاتم وقد روى بن جرير من طريق العوفي عن بن عباس أن رسول الله  أمر عمر بن الخطاب فقال :قل لهن أن رسول الله  يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة متنكرة في النساء فقالت إني إن أتكلم يعرفني وإن عرفني قتلني وإنما تنكرت فرقا من رسول الله  فسكت النسوة اللاتي مع هند وأبين أن يتكلمن فقالت هند وهي متنكرة كيف تقبل من النساء شيئا لم تقبله من الرجال فنظر إليها رسول الله  وقال لعمر قل لهن ولا يسرقن قالت هند والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنات ما أدري أيحلهن لي أم لا قال أبو سفيان ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال فضحك رسول الله  وعرفها فدعاها فأخذت بيده فعاذت به فقال أنت هند قالت عفا الله عما سلف فصرف عنها رسول الله  فقال ولا يزنين فقالت يا رسول الله وهل تزني امرأة حرة قال لا والله ما تزني الحرة قال ولا يقتلن أولادهن قالت هند أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر قال ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن قال ولا يعصينك في معروف قال منعهن أن ينحن وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه ويقطعن الشعور ويدعون بالويل والثبور . (تفسير ابن كثير ج4/ص354)

20- الخيط الأبيض من الخيط الأسود
حدثنا أبو كريب قال ثنا بن نمير وعبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن سعيد عن عامر عن عدي بن حاتم قال أتيت رسول الله فعلمني الإسلام ونعت لي الصلوات كيف أصلي كل صلاة لوقتها ثم قال إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتم الصيام إلى الليل ولم أدر ما هو ففتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما عند الفجر فرأيتهما سواء فأتيت رسول الله فقلت يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال وما منعك يا بن حاتم وتبسم كأنه قد علم ما فعلت قلت فتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء فضحك رسول الله حتى رئي نواجذه ثم قال ألم أقل لك من الفجر إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل.
(تفسير الطبري ج2/ص172)

21- إبليس يضع التراب على رأسه
وعن العباس بن مرداس السلمي قال :قال رسول الله دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها فأجابني أن قد غفرت إلا ذنوبها بينها وبين خلقي فأعدت الدعاء يومئذ فلم أجب بشيء فلما كان غداة المزدلفة قلت يا رب إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته وتغفر لهذا الظالم فأجابني أن قد غفرت قال فضحك رسول الله قال فقلنا يا رسول الله رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه قال ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع إذا هو يدعو بالويل والثبور ويضع التراب على رأسه .
(تفسير الطبري ج2/ص294)

22- آمنت بالله وكذبت البصر
وروى عن عكرمة قال كان ابن رواحة مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة فوقع عليها وفزعت امرأته فلم تجده في مضجعه فقامت فخرجت فرأته على جاريته فرجعت إلى البيت فأخذت الشفرة ثم خرجت وفرغ فقام فلقيها تحمل الشفرة فقال مهيم قالت مهيم لو أدركتك حيث رأيتك لوجأت بين كتفيك بهذه الشفرة قال وأين رأيتني قالت رأيتك على الجارية فقال ما رأيتني وقد نهى رسول الله  أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب قالت فاقرأ وكانت لا تقرأ القرآن فقال أتانا رسول الله يتلو كتابه كما لاح مشهور من الفجر ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع فقالت : آمنت بالله وكذبت البصر ثم غدا على رسول الله  فأخبره فضحك حتى بدت نواجذه  . (تفسير القرطبي ج5/ص209)

23- ثلاث من كن فيه فهو منافق
عن سعيد بن جبير عن بن عمر وبن عباس قالا أتينا رسول الله  في أناس من أصحابه فقلنا يا رسول الله إنك قلت ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مؤمن إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ومن كانت فيه خصلة منهن ففيه ثلث النفاق فظننا أنا لم نسلم منهن أو من بعضهن ولم يسلم منهن كثير من الناس قال فضحك رسول الله  وقال ما لكم ولهن إنما خصصت بهن المنافقين كما خصهم الله في كتابه أما قولي إذا حدث كذب فذلك قوله عز وجل إذا جاءك المنافقون الآية أفأنتم تفسير كذلك ؟ قلنا :لا قال: لا عليكم أنتم من ذلك براء وأما قولي إذا وعد أخلف فذلك فيما أنزل الله علي ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله الآيات الثلاث أفأنتم كذلك ؟ قلنا لا والله لو عاهدنا الله على شيء أوفينا به قال: لا عليكم أنتم من ذلك برآء وأما قولي إذا اؤتمن خان فذلك فيما أنزل الله علي إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال الآية فكل إنسان مؤتمن على دينه فالمؤمن يغتسل من الجنابة في السر والعلانية والمنافق لا يفعل ذلك إلا في العلانية أفأنتم كذلك ؟ قلنا لا قال لا عليكم أنتم من ذلك برآء. (تفسير القرطبي ج8/ص213)

24- أرم فداك أبي وأمي
عن جابر بن سمرة وقيل له أكنت تجالس النبي  قال نعم كثيرا كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم وفيه عن سعد قال كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال له النبي  أرم فداك أبي وأمي قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته فضحك رسول الله  حتى نظرت إلى نواجذه فكان عليه السلام في أكثر أحواله يتبسم وكان أيضا يضحك في أحوال أخر ضحكا أعلى من التبسم وأقل من الاستغراق الذي تبدو فيه اللهوات وكان في النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتى بدت نواجذه .
(من تفسير القرطبي ج13/ص175)

25- رأيت بياض خلخالها
روى جماعة من الأئمة منهم بن ماجة والنسائي عن بن عباس أن رجلا ظاهر من امرأته فغشيها قبل أن يكفّر فأتى النبي  فذكر ذلك له فقال ما حملك على ذلك فقال يا رسول الله رأيت بياض خلخالها في ضوء القمر فلم أملك نفسي أن وقعت عليها فضحك النبي  وأمره ألا يقربها حتى يكفّر.
(تفسير القرطبي ج17/ص277)

26- يا رسول الله هلكت
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة  قال بينما نحن جلوس عند النبي  إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال ما لك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله  هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا فقال فهل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا قال فمكث النبي  فبينا نحن على ذلك أتي النبي  بعرق فيه تمر والعرق المكتل قال أين السائل فقال أنا قال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها- يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي  حتى بدت أنيابه ثم قال أطعمه أهلك .
(صحيح البخاري ج2/ص684)

27- اضربوا لي معكم بسهم
عن أبي سعيد  قال انطلق نفر من أصحاب النبي  في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلُدِغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة قال :فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال :بعضهم اقسموا فقال:الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي  فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله  فذكروا له فقال وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما فضحك رسول الله  .
(صحيح البخاري ج2/ص795)

28- وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع
عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة  أن النبي  كان يوما يحدث وعنده رجل من أهل البادية , أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له: ألست فيما شئت قال :بلى ولكني أحب أن أزرع قال :فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده فكان أمثال الجبال فيقول الله دونك يا بن آدم فإنه لا يشبعك شيء , فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع فضحك النبي  .
(صحيح البخاري ج2/ص826)

29- وفاء الدين ببركة الرسول 
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال توفي أبي وعليه دين فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا ولم يروا أن فيه وفاء فأتيت النبي  فذكرت ذلك له فقال إذا جددته فوضعته في المربد آذنت رسول الله  فجاء ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه ودعا بالبركة ثم قال ادع غرماءك فأوفهم فما تركت أحدا له على أبي دين إلا قضيته وفضل ثلاثة عشر وسقا سبعة عجوة وستة لون أو ستة عجوة وسبعة لون فوافيت مع رسول الله  المغرب فذكرت ذلك له فضحك فقال ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما فقالا لقد علمنا إذ صنع رسول الله ما صنع أن سيكون ذلك .
(صحيح البخاري ج2/ص964)

30- أدع الله أن يجعلني منهم
عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري قال سمعت أنسا  يقول دخل رسول الله  على ابنه ملحان فاتكأ عندها ثم ضحك فقالت لم تضحك يا رسول الله فقال ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله مثلهم مثل الملوك على الأسرة فقالت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال اللهم اجعلها منهم ثم عاد فضحك فقالت له مثل أو مم ذلك فقال لها مثل ذلك فقالت ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين ولست من الآخرين قال قال أنس فتزوجت عبادة بن الصامت فركبت البحر مع بنت قرظه فلما قفلت ركبت دابتها فوقصت بها فسقطت عنها فماتت .
(صحيح البخاري ج3/ص1055)

31- غلظ الأعرابي وحلم الرسول 
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك  قال كنت أمشي مع النبي  وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه جذبه شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي  قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء.
( صحيح البخاري ج3/ص1148)

32- إنا قافلون غدا إن شاء الله
عن عبد الله بن عمر  قال: لما حاصر رسول الله  الطائف فلم ينل منهم شيئا قال: إنا قافلون إن شاء الله فثقل عليهم وقالوا :نذهب ولا نفتحه وقال مرة نقفل فقال: اغدوا على القتال فغدوا فأصابهم جراح فقال: إنا قافلون غدا إن شاء الله فأعجبهم فضحك النبي  وقال سفيان مرة فتبسم.
(صحيح البخاري ج4/ص1572)

33- استسقاء النبي 
عن قتادة عن أنس  أن رجلا جاء إلى النبي  يوم الجمعة وهو يخطب بالمدينة فقال قحط المطر فاستسق ربك فنظر إلى السماء وما نرى من سحاب فاستسقى فنشأ السحاب بعضه إلى بعض ثم مطروا حتى سألت مثاعب المدينة فما زالت إلى الجمعة المقبلة ما تقلع ثم قام ذلك الرجل أو غيره والنبي  يخطب فقال غرقنا فادع ربك يحبسها عنا فضحك ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا مرتين أو ثلاثا فجعل السحاب يتصدع عن المدينة يمينا وشمالا يمطر ما حوالينا ولا يمطر منها شيء يريهم الله كرامة نبيه  وإجابة دعوته.
( صحيح البخاري ج5/ص2261)



34- أرضعيه
حدثنا عمرو الناقد وبن أبي عمر قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي  فقالت يا رسول الله إني أري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال النبي  ارضعيه قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله  وقال قد علمت أنه رجل كبير زاد عمرو في حديثه وكان قد شهد بدرا وفي رواية بن أبي عمر فضحك رسول الله  . (صحيح مسلم ج2/ص1076)

- وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت :جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى رسول الله  فقالت :إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي قال: أرضعيه قالت :وهو رجل كبير فضحك وقال: ألست أعلم أنه رجل كبير قالت: فأتته بعد وقالت ما رأيت في وجه أبي حذيفة بعد شيئا أكرهه . فقد رواه عروة بن الزبير عن عائشة وقال في الحديث فقال: رسول الله  أرضعيه فأرضعته خمس رضعات وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة فبذلك كانت عائشة تقول وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي  أن يدخلن عليهن الناس بتلك الرضاعة حتى يرضعهن في المهد وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها رخصة لسالم .
( السنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي) ج6/ص514)

35- بايع يا سلمة
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وهذا حديثه أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا عكرمة وهو بن عمار حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال قدمنا الحديبية مع رسول الله  ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها قال فقعد رسول الله  على جبا الركية فإما دعا وإما بصق فيها قال فجاشت فسقينا واستقينا قال ثم إن رسول الله  دعانا للبيعة في أصل الشجرة قال فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من الناس قال بايع يا سلمة قال: قلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس قال وأيضا قال: ورآني رسول الله  عزلا يعني ليس معه سلاح قال فأعطاني رسول الله  حجفة أو درقة ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال ألا تبايعني يا سلمة قال: قلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس قال وأيضا قال فبايعته الثالثة ثم قال لي يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك قال قلت يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلا فأعطيته إياها قال فضحك رسول الله  وقال: إنك كالذي قال الأول اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي . (صحيح مسلم ج3/ص1433)

36- سلمة بن الأكوع
قلت أنا سلمة بن الأكوع والذي كرم وجه محمد  لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ولا يطلبني رجل منكم فيدركني قال: أحدهم أنا أظن قال فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله  يتخللون الشجر قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي قال: فأخذت بعنان الأخرم قال :فولوا مدبرين قلت: يا أخرم أحذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله  وأصحابه قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة قال فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن قال فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه ولحق أبو قتادة فارس رسول الله  بعبد الرحمن فطعنه فقتله فو الذي كرم وجه محمد  لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد  ولا غبارهم شيئا حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له ذا قرد ليشربوا منه وهم عطاش قال فنظروا إلى أعدو وراءهم فخليتهم عنه يعني أجليتهم عنه فما ذاقوا منه قطرة قال ويخرجون فيشتدون في ثنية قال فأعدو فألحق رجلا منهم فأصكه بسهم في نغض كتفه قال قلت:
خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
قال :يا ثكلته أمه أكوعه بكرة قال: قلت نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة قال: وأردوا فرسين على ثنية قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله  قال ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت ثم أتيت رسول الله  وهو على الماء الذي كلأتهم عنه فإذا رسول الله  قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم وإذا هو يشوي لرسول الله  من كبدها وسنامها قال قلت يا رسول الله خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته قال: فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه في ضوء النار فقال يا سلمة أتراك كنت فاعلا قلت نعم والذي أكرمك فقال إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان قال فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزورا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا فقالوا أتاكم القوم فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال:رسول الله  كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة قال: ثم أعطاني رسول الله  سهمين سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعا ثم أردفني رسول الله  وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة قال فبينما نحن نسير قال وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا قال فجعل يقول ألا مسابق إلى المدينة هل من مسابق فجعل يعيد ذلك قال فلما سمعت كلامه قلت أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا قال لا إلا أن يكون رسول الله  قال :قلت يا رسول الله بأبي وأمي ذرني فلأسابق الرجل قال إن شئت قال: قلت اذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت فعدوت قال: فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي ثم عدوت في إثره حتى ألحقه. (صحيح مسلم ج3/ص1437)

37- رأيت كأن رأسي قطع
حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال جاء رجل إلى النبي  فقال يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي قطع قال: فضحك النبي  وقال إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس . (صحيح مسلم ج4/ص1777)
38- فداك أبي وأمي
حدثنا محمد بن عباد حدثنا حاتم يعنى بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي  جمع لسعد بن أبي وقاص أبويه يوم أحد قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال له النبي  ارم فداك أبي وأمي قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته فضحك رسول الله  حتى نظرت إلى نواجذه.
(صحيح مسلم ج4/ص1876)

39- لا كبر سنك
حدثني زهير بن حرب وأبو مغن الرقاشي واللفظ لزهير قالا حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك قال كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأى رسول الله  اليتيمة فقال آنت هيه لقد كبرت لا كبر سنك فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم ما لك يا بنية قالت الجارية دعا على نبي الله  أن لا يكبر سني فالآن لا يكبر سني أبدا أو قالت قرني فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله  فقال لها رسول الله  ما لك يا أم سليم فقالت يا نبي الله أدعوت على يتيمتي قال وما ذاك يا أم سليم قالت زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها قال فضحك رسول الله  ثم قال يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي أنى اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة. (صحيح مسلم ج4/ص2009)
40- بسم الله في أوله وفي آخره
عن ابن صبح عن المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي عن عمه أمية بن مخشي وكان قد صحب النبي  قال كان رجل يأكل والنبي جالس فلم يسم فجعل الشيطان يأكل معه فلما لم يبق من طعامه إلا لقمة قال بسم الله في أوله وفي آخره قال فضحك النبي  فقال إن هذا لم يزل الشيطان يأكل معه فلما ذكر الله استقاء الشيطان ما في بطنه.
(الأحاديث المختارة ج4/ص342)

41- أمضغ من الجانب الآخر
قال ثنا ابن المبارك قال حدثني عبدا لحميد بن يزيد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده عن صهيب قال أتيت النبي  وبين يديه تمر يأكل فقال أصب من هذا الطعام فجعلت آكل من التمر فقال: تأكل من التمر وأنت رمد فقلت إنما أمضغ من الجانب الآخر فضحك رسول الله  .
(الأحاديث المختارة ج8/ص68)

42- عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي 
عن ابن عباس قال أراد رسول الله  الحج فقالت امرأة لزوجها احججني مع رسول الله  فقال ما عندي ما أحجك به عليه قالت أحججني على جملك فلان فقال ذاك حبيس في سبيل الله قالت أحججني على ناضحك قال ذاك نعتقبه أنا وأنت قالت فبع ثمرتك قال ذاك قوتي وقوتك فلما قدم رسول الله  أرسلت زوجها إليه فقالت أقرءه السلام ورحمة الله وسله ما يعدل حجة معك فأتى رسول الله  فقال يا رسول الله امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله وأنها كانت سألتني الحج معك فقلت ما عندي ما أحجك عليه فقالت أحجني على جملك فلان فقلت ذاك حبيس في سبيل الله قال أما أنك لو أحججتها عليه كانت في سبيل الله قالت فأحجني على ناضحك قلت ذاك نعتقبه أنا وأنت قالت فبع ثمرتك قلت ذاك قوتي وقوتك فضحك رسول الله  من حرصها على الحج قال فإنها أمرتني أن أسألك ما يجزئ حجة معك فقال رسول الله  أقرءها السلام ورحمة الله وأخبرها أنه تعدل حجة معي عمرة في رمضان (رواه أبو داود) .
(الأحاديث المختارة ج9/ص513)

43- إن الله لم يبعث نبيا إلا أعطاه دعوة
عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي عن عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي قال قدمت على رسول الله  في وفد ثقيف فعلقنا طريقا من طرق المدينة حتى أنخنا بالباب وما في الناس رجل أبغض إلينا من رجل نلج عليه منه فدخلنا وسلمنا وبايعنا فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس رجل أحب إلينا من رجل خرجنا من عنده فقلت يا رسول الله ألا سألت ربك ملكا كملك سليمان فضحك وقال لعل لصاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان إن الله لم يبعث نبيا إلا أعطاه دعوة فمنهم من اتخذ بها دنيا فأعطيها ومنهم من دعا بها على قومه فأهلكوا بها وإن الله أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة .
(المستدرك على الصحيحين ج1/ص138)


44- والله لا يفيء الله على أسد من أسده
عن أنس بن مالك  أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإبل والغنم فصفوهم صفوفا ليكثروا على رسول الله  فالتقى المسلمون والمشركون فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى فقال رسول الله  أنا عبد الله ورسوله وقال يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله فهزم الله المشركين ولم يطعن برمح ولم يضرب بسيف فقال النبي  يومئذ من قتل كافرا فله سلبه فقتل أبو قتادة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم فقال أبو قتادة يا رسول الله ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع له فأعجلت عنه أن آخذ سلبه فانظر من هو يا رسول الله فقال رجل يا رسول الله أنا أخذتها فأرضه منها فأعطنيها فسكت النبي وكان لا يُسئل شيئا إلا أعطاه أو سكت فقال عمر لا والله لا يفيء الله على أسد من أسده و يعطيكها فضحك رسول الله  .
( المستدرك على الصحيحين ج2/ص142)

45- بركة رسول الله 
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عيسى اللخمي حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال حدثني المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري حدثني أبي قال كنا مع رسول الله  في غزوة فأصاب الناس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله  في نحر بعض ظهورهم وقالوا يبلغنا الله بهم فلما رأى عمر بن الخطاب رسول الله  قد هم بأن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم قال يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو الناس ببقايا أزوادهم فجعل الناس يجيئون بالحفنة من الطعام وفوق ذلك فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر فجمعها ثم قام فدعا بما شاء الله أن يدعو ثم دعا الجيش بأوعيتهم ثم أمرهم أن يجيشوا ما بقي من الجيش فما تركوا وعاء إلا ملئوه وبقي مثله فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بها إلا حجب عن النار. (المستدرك على الصحيحين ج2/ص675)

46- أبو أيوب على باب النبي 
أنبأ خالد الحذاء عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة  قال لما دخل رسول الله  بصفية بات أبو أيوب على باب النبي  فلما أصبح فرأى رسول الله  كبر ومع أبي أيوب السيف فقال يا رسول الله كانت جارية حديثة عهد بعرس وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها فلم آمنها عليك فضحك رسول الله  وقال له خيرا . ( المستدرك على الصحيحين ج4/ص30)

47- أما إنك لا يفجع بطنك بعده أبدا
عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن أم أيمن رضي الله عنها قالت قام النبي  من الليل إلي فخارة من جانب البيت فبال فيها فقمت من الليل وأنا عطشى فشربت ما في الفخارة وأنا لا أشعر فلما أصبح النبي  قال يا أم أيمن قومي إلى تلك الفخارة فأهريقي ما فيها قلت قد والله شربت ما فيها قال فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه ثم قال أما إنك لا يفجع بطنك بعده أبدا .
(المستدرك على الصحيحين ج4/ص70)

48- حد شرب الخمر
أخبرني محمد بن علي بن ركانة أخبرني عكرمة عن بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله  لم يوقت في الخمر حدا قال بن عباس: شرب رجل فسكر فثمل في الفج فانطلقنا به إلى النبي  فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه فذكر ذلك للنبي  فضحك وقال أفعلها ولم يأمر فيه بشيء .
(المستدرك على الصحيحين ج4/ص415)

49- مفاتيح الغيب
عن عبد الله بن حاجب بن عامر عن أبيه عن عمه لقيط بن عامر أنه خرج وافدا إلى النبي  ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق قال فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب فصلينا معه صلاة الغداة فقام رسول الله  في الناس خطيبا فقال يا أيها الناس أني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام لأسمعكم فهل من امرئ بعثه قومه ؟ قالوا أعلم لنا ما يقول رسول الله  ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضلال ألا أني مسؤول هل بلغت ألا فأسمعوا تعيشوا ألا فأسمعوا تعيشوا ألا اجلسوا فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت يا رسول الله أني أسألك عن حاجتي فلا تعجلن علي قال سل عما شئت قلت يا رسول الله هل عندك من علم الغيب فضحك لعمر الله وهز رأسه وعلم أني أبتغي بسقطة فقال ضن ربك بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله وأشار بيده فقلت وما هن يا رسول الله قال علم المنية قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه وعلم يوم الغيث يشرف عليكم آزلين مشفقين فظل يضحك وقد علم أن فرجكم قريب قال لقيط قلت يا رسول الله لن نعدم من رب يضحك خيرا وعلم ما في غد وقد علم ما أنت طاعم في غد ولا تعلمه وعلم يوم الساعة قال وأحسبه ذكر ما في الأرحام .
( المستدرك على الصحيحين ج4/ص605)

50- ماذا فعل النبي  مع الأعرابي الذي بال في المسجد
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال دخل أعرابي على رسول الله  المسجد وهو جالس فقال اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا قال فضحك رسول الله  ثم قال لقد احتظرت واسعا ثم ولى الأعرابي حتى إذا كان في ناحية المسجد فحج ليبول فقال الأعرابي بعد أن فقه في الإسلام فقام إلي رسول الله فلم يؤنبني ولم يسبني وقال إنما بني هذا المسجد لذكر الله والصلاة وإنه لا يبال فيه ثم دعا بسجل من ماء فأفرغه عليه . (صحيح ابن حبان ج3/ص265)

51- يوم وفاة النبي 
أخبرنا معمر ويونس عن الزهري قال وأخبرني أنس بن مالك إن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله  وقد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم ثم تبسم فضحك فنكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف وظن أن رسول الله  يريد أن يخرج إلى الصلاة قال أنس وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله  حين رأوه فأشار إليهم رسول الله  أن اقضوا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي  ذلك اليوم. (صحيح ابن حبان ج14/ص587)

52- ما لقيك الشيطان سالكا فجاً إلا سلك فجاً غير فجك
عن الزهري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال دخل عمر بن الخطاب  علي رسول الله  وعنده نسوة من قريش يسلنه ويستكثرنه رافعات أصواتهن فلما سمعن صوت عمر انقمعن وسكتن فضحك رسول الله  فقال عمر : يا عديات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله  فقال رسول الله  يا عمر ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك .
(صحيح ابن حبان ج15/ص316)

53- حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه قال أنبأنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله  فقالت إن رفاعة طلقني فأبت طلاقي وإني تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدية الثوب فضحك رسول الله  وقال لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة , لا ,حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته . (سنن النسائي الكبرى ج3/ص323)

54- عرق الرسول 
أخبرنا محمد بن معمر قال حدثنا محمد بن عمر بن أبي الوزير أبو مطرف قال حدثنا محمد بن موسى عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن النبي  اضطجع على نطع فعرق فقامت أم سليم إلى عرقه فنشفته فجعلته في قارورة فرآها النبي  قال ما هذا الذي تصنعين يا أم سليم قالت أجعل عرقك في طيبي فضحك النبي  .
(سنن النسائي الكبرى ج5/ص506)

55- لعن الله اليهود
عن ابن عباس  قال رأيت رسول الله  جالسا عند الركن قال فرفع بصره إلى السماء فضحك فقال لعن الله اليهود ثلاثا إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه .
( سنن أبي داود ج3/ص280)

56- لماذا يحثو إبليس التراب على رأسه
حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي ثنا عبد القاهر بن السري السلمي ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي أن أباه أخبره عن أبيه أن النبي  دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم فإني آخذ للمظلوم منه قال أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم فلم يجب عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل قال فضحك رسول الله  أو قال تبسم فقال له أبو بكر وعمر بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك قال إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه. ( سنن ابن ماجه ج2/ص1002)


57- مزح الصحابي سويبط بن حرملة مع نعيمان رضي الله عنهما
عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة قالت خرج أبو بكر في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي  بعام ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة وكانا شهدا بدرا وكان نعيمان على الزاد وكان سويبط رجلا مزاحا فقال لنعيمان أطعمني قال حتى يجيء أبو بكر قال فلأغيظنك قال فمروا بقوم فقال لهم سويبط تشترون مني عبدا لي قالوا نعم قال إنه عبد له كلام وهو قائل لكم إني حر فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي قالوا لا بل نشتريه منك فاشتروه منه بعشر قلائص ثم أتوه فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلا فقال نعيمان إن هذا يستهزئ بكم وإني حر لست بعبد فقالوا قد أخبرنا خبرك فانطلقوا به فجاء أبو بكر فأخبروه بذلك قال فاتبع القوم ورد عليهم القلائص وأخذ نعيمان قال فلما قدموا على النبي  وأخبروه قال فضحك النبي  وأصحابه منه حولا. ( سنن ابن ماجه ج2/ص1225)

58- الملاك ميكائيل يضحك للرسول 
عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا نصلي مع رسول الله  في غزوة إذ تبسم في صلاته فلما قضى صلاته قلنا يا رسول الله رأيناك تبسمت قال مر بي ميكائيل وعلى جناحه أثر غبار وهو راجع من طلب القوم فضحك إلي فتبسمت إليه.
(سنن البيهقي الكبرى ج2/ص252)

59- يوم يؤخذ للمظلوم من الظالم
عن محارب عن بن بريدة عن أبيه قال لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة لقيه النبي  فقال أخبرني بأعجب شيء رأيته بأرض الحبشة قال مرت امرأة على رأسها مكتل فيه طعام فمر بها رجل على فرس فأصابها فرمى به فجعلت أنظر إليها وهي تعيده في مكتلها وهي تقول ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فضحك النبي  حتى بدت نواجذه فقال كيف تقدس أمة لا تأخذ لضعيفها من شديدها حقه وهو غير متعتع.
(سنن البيهقي الكبرى ج6/ص95)

60- شَرِبَ دم النبي 
أخبرنا أبو سعد الماليني أنبأ أبو أحمد بن عدي ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار وإبراهيم بن أسباط قالا ثنا سريج بن يونس ثنا بن أبي فديك ثنا برية بن عمر بن سفينة عن جده قال احتجم النبي  ثم قال لي خذ هذا الدم فادفنه من الدواب والطير أو قال الناس والدواب شك بن أبي فديك قال فتغيبت به فشربته قال ثم سألني فأخبرته أني شربته فضحك .
(سنن البيهقي الكبرى ج7/ص67)


61- الدجال
حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن نبي الله  صعد المنبر فضحك فقال إن تميما الداري حدثني بحديث ففرحت فأحببت أن أحدثكم حدثني أن ناسا من أهل فلسطين ركبوا سفينة في البحر فجالت بهم حتى قذفتهم في جزيرة من جزائر البحر فإذا هم بدابة لباسه ناشرة شعرها فقالوا ما أنت قالت أنا الجساسة قالوا فأخبرينا قالت لا أخبركم ولا استخبركم ولكن ائتوا أقصى القرية فإن ثم من يخبركم ويستخبركم فأتينا أقصى القرية فإذا رجل موثق بسلسلة فقال أخبروني عن عين زغر قلنا ملأى تدفق قال أخبروني عن البحيرة قلنا ملأى تدفق قال أخبروني عن نخل بيسان الذي بين الأردن وفلسطين هل أطعم قلنا نعم قال أخبروني عن النبي هل بعث قلنا نعم قال أخبروني كيف الناس إليه قلنا سراع قال فنز نزوة حتى كاد قلنا فما أنت قال إنه الدجال وإنه يدخل الأمصار كلها إلا طيبة وطيبة المدينة . (سنن الترمذي ج4/ص521)

62- لئن صدق ليدخلن الجنة
أخبرنا محمد بن يزيد ثنا بن فضيل ثنا عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد عن بن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي  فقال السلام عليك يا غلام بني عبد المطلب فقال عليك وقال إني رجل من أخوالك من بني سعد بن بكر وأنا رسول قومي إليك ووافدهم وأني سائلك فمشدد مسألتي إليك ومناشدك فمشدد مناشدتي إياك قال خذ عنك يا أخا بني سعد قال: من خلقك وخلق من قبلك ومن هو خالق من بعدك قال: الله قال: فنشدتك بذلك أهو أرسلك قال :نعم قال من خلق السماوات السبع والأرضين السبع وأجرى بينهن الرزق قال: الله قال فنشدتك بذلك هو أرسلك قال: نعم قال: إنا وجدنا في كتابك وأمرتنا رسلك أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات لمواقيتها فنشدتك بذلك أهو أمرك قال: نعم قال: فإنا وجدنا في كتابك وأمرتنا رسلك أن نأخذ من حواشي أموالنا فنردها على فقرائنا فنشدتك بذلك أهو أمرك بذلك قال: نعم ثم قال أما الخامسة فلست بسائلك عنها ولا أرب لي فيها ثم قال: أما والذي بعثك بالحق لأعملن بها ومن أطاعني من قومي ثم رجع فضحك النبي  حتى بدت نواجذه ثم قال والذي نفسي بيده لئن صدق ليدخلن الجنة.
(سنن الدارمي ج1/ص172)

63- هل نتوضأ من ماء شربت منه امرأة حائض
حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن الحسن انه سئل عن امرأة حائض شربت من ماء أيتوضأ به فضحك وقال نعم.
(سنن الدارمي ج1/ص265)

64- من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله
قال عبد الله بن عمر خرج النبي  وهو معصوب الرأس من وجع فضحك فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ما هذه الكتب التي تكتبون أكتاب غير كتاب الله يوشك أن يغضب الله لكتابه فلا يدع ورقا ولا قلبا إلا أخذ منه قالوا يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات يومئذ قال من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله .
(تفسير القرطبي ج10/ص326)

65- رأيت في المنام
أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا عمر بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي  فقال رأيت رأسي في المنام ضرب فرأيته يتدهده فضحك وقال يعمد الشيطان إلى أحدكم فيتهوله ثم يغدو ويخبر به الناس.
(سنن النسائي الكبرى ج6/ص227)


66- أنفست ؟
حدثنا أحمد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا سالم بن نوح عن عمر بن عامر عن قتادة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت بينما أنا مع رسول الله  في الخميلة إذ حضت فانسللت آخذ ثياب حيضتي فضحك رسول الله  وقال: أنفست قلت :نعم قالت :وكان النبي يقبل وهو صائم ويغتسلان من إناء واحد .
(المعجم الأوسط ج2/ص195)

67- اكتبوا لعبدي عمله الذي كان يعمل في يومه وليلته
حدثنا يحيى بن أبي الحجاج البصري عن محمد بن أبي حميد عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه عن جده قال قال رسول الله  عجب للمؤمن وجزعه من السقم ولو يعلم ما له في السقم أحب أن يكون سقيما الدهر ثم إن رسول الله  رفع رأسه إلى السماء فضحك فقيل يا رسول الله مم رفعت رأسك إلى السماء فضحكت فقال رسول الله  عجبت من ملكين كانا يلتمسان عبدا في مصلى كان فيه ولم يجداه فرجعا فقالا يا ربنا عبدك فلان كنا نكتب له في يومه وليلته عمله الذي كان يعمل فوجدناه قد حبسته في حبالك فقال الله تبارك وتعالى اكتبوا لعبدي عمله الذي كان يعمل في يومه وليلته ولا تنقصوا منه شيئا وعلي أجر ما حبسته وله أجر ما كان يعمل .
(المعجم الأوسط ج3/ص14)

68- الشاتان
عن أبي ذر أن رسول الله  كان جالسا وشاتان تعتلفان فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها فضحك رسول الله  فقيل له ما يضحكك فقال عجبت لها والذي نفسي بيده ليقادن لها يوم القيامة .
(المعجم الأوسط ج6/ص173)


69- الخمر حرام شراؤها وثمنها
حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا زيد بن أخزم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن تميم الداري إنه كان يهدي إلى النبي كل عام راوية خمر فلما كان عام حرمت أهدي له راوية فضحك النبي  فقال إنها قد حرمت قال فأبيعها قال إنه حرام شراؤها وثمنها.
( المعجم الكبير ج2/ص57)

70- كيف وجدت الإمارة
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو كريب ثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عطاء بن السائب عن مالك بن الحارث عن رجل قال الحضرمي في كتاب أبي كريب عن حميد قال عن رجل فقال استعمل النبيرجلا على سرية فلما مضى ورجع إليه قال له كيف وجدت الإمارة فقال كنت كبعض القوم كنت إذا ركبت ركبوا وإذا نزلت نزلوا فقال رسول الله  إن صاحب السلطان على باب عنت إلا من عصم الله عز وجل فقال الرجل والله لا أعمل لك ولا لغيرك أبدا فضحك النبي  حتى بدت نواجذه.
(المعجم الكبير ج4/ص47)

71- يساقون إلى الجنة وهم كارهون
حدثنا عبدان بن أحمد ثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ثنا فضيل بن سليمان ثنا محمد بن يحيى الأسلمي عن العباس بن سهل عن أبيه سهل قال كنت مع النبي  بالخندق فأخذ الكرزين فحفر به فصادف حجرا فضحك فقيل ما يضحكك يا رسول الله قال ضحكت من ناس يأتونكم من قبل المشرق ويساقون إلى الجنة وهم كارهون.
(المعجم الكبير ج6/ص128)

72- من جمعهن دخل الجنة
عن أبي أمامة  أن رسول الله  قال يوما لأصحابه هل أصبح منكم اليوم صائما فسكتوا فقال أبو بكر  أنا يا رسول الله ثم قال هل عاد أحد منكم اليوم مريضا فسكتوا فقال أبو بكر  أنا يا رسول الله ثم قال هل تصدق أحد منكم اليوم بصدقة فسكتوا فقال أبو بكر  أنا يا رسول الله فضحك رسول الله  حتى استعلى به الضحك ثم قال والذي نفسي بيده ما جمعهن في يوم واحد إلا مؤمن وإلا دخل بهن الجنة . ( المعجم الكبير ج8/ص204)

73- إن الحسنات يذهبن السيئات
حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن بن عباس أن رجلا أتى عمر بن الخطاب  فقال إن امرأة أتتني أبايعها فأدخلتها الدولج فضربت بيدي إليها وراودتها وصنعت بها كل شيء غير الجماع فقال له عمر ويحك لعلها مغيب قال: نعم قال ائت أبا بكر فسله فأتاه فقال له ما قال لعمر فقال: ويحك لعلها مغيب فأتى رسول الله  فقال له مثل ما قال لأبي بكر وعمر فقال له رسول الله  ويحك لعلها مغيب في سبيل الله قال أجل فسكت رسول الله  ونزل القرآن (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) إلى آخر الآية فقال الرجل يا رسول الله لي خاصة أم للناس عامة فرفع عمر يده فضرب صدره فقال لا والله ولا كرامة ولكن للناس عامة فضحك رسول الله  وقال صدق عمر. (المعجم الكبير ج12/ص215)

74- مبايعة أهل المدينة للرسول 
حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال وكان أول من بايع رسول الله  يوم العقبة أبو الهيثم بن التيهان وقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا والحبال الحلف والمواثيق فلعلنا نقطعها ثم ترجع إلى قومك وقد قطعنا الحبال وحاربنا الناس قال فضحك رسول الله  من قوله وقال الدم الدم الهدم الهدم فلما رضي أبو الهيثم بما رجع إليه رسول الله  من قوله أقبل على قومه فقال يا قوم هذا رسول الله  أشهد أنه لصادق وإنه اليوم في حرم الله وأمنه وبين ظهري قومه وعشيرته فاعلموا أنكم إن تخرجوه برتكم العرب عن قوس واحدة فإن كانت طابت أنفسكم بالقتال في سبيل الله وذهاب الأموال والأولاد فادعوه إلى أرضكم فإنه رسول الله حقا وإن خفتم خذلانا فمن الآن فقال عبد الله قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطانا وقد أعطيناك من أنفسنا الذي سألتنا يا رسول الله فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الله  فلنبايعه فقال أبو الهيثم أنا أول من بايع ثم تبايعوا كلهم وصاح الشيطان من رأس الجبل فقال يا معشر قريش هذه الخزرج والأوس تحالف محمدا على قتالكم ففزعوا عند ذلك وراعهم فقال رسول الله  لا يرعكم هذا الصوت فإنما هو عدو الله إبليس ليس يسمعه أحد ممن تخافون وقام رسول الله  فصرخ بالشيطان فقال يا بن أرب هذا عملك فسأفرغ لك
(المعجم الكبير ج19/ص250)

75- ابني والله حقا
حدثنا محمد بن العباس الأخرم الأصبهاني ثنا عبيد الله بن الحجاج بن المنهال حدثني أبي عن يزيد بن إبراهيم عن صدقة بن أبي عمران عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة قال انطلقت أنا وأبي قبل رسول الله  فلما كان في بعض الطريق تلقاني فقال أبي تدري من هذا قلت لا قال هذا رسول الله  وكنت أحسب أن رسول الله  لا يشبه الناس قال وإذا رجل ذو وفرة بها ردع من حناء عليه بردان أخضران فكأني أنظر إلى بريق ساقيه فقال لأبي من هذا الذي معك قال ابني والله حقا فضحك رسول الله  بحلف أبي علي ثم قال صدقت أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه وتلا رسول الله  هذه الآية (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
( المعجم الكبير ج22/ص282)


76- حديث الإفك
حدثنا عبدان بن أحمد ثنا زيد بن الحريش ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا أبو سعد البقال عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه الأسود قال :قلت يا أم المؤمنين أو يا أمتاه ألا تحدثيني كيف كان يعني أمر الإفك قالت تزوجني رسول الله  وأنا أخوض المطر بمكة وما عندي ما يرغب فيه الرجال وأنا بنت ست سنين فلما بلغني أنه تزوجني ألقى الله علي الحياء ثم أن رسول الله هاجر وأنا معه فاحتملت إليه وقد جاءني وأنا بنت تسع سنين فسار رسول الله مسيرا فخرج بي معه وكنت خفيفة في حدجة لي عليها ستور فإذا ارتحلوا جلست عليها واحتملوا وأنا فيها فشدوها على ظهر البعير فنزلوا منزلا وخرجت لحاجتي فرجعت وقد بادروا بالرحيل فجلست في الحداجة وقد رأوني حين حركت الستور فلما جلست فيها ضربت بيدي على صدري فإذا قد نسيت قلادة كانت معي فخرجت مسرعة أطلبها فرجعت فإذا القوم قد ساروا فإذا أنا لا أرى إلا الغبار من بعيد فإذا هم قد وضعوا الحداجة على ظهر البعير لا يروني إلا أني فيها لما رأوا من خفتي فإذا رجل آخذ برأس بعيره فقلت من الرجل قال صفوان بن المعطل السلمي , أم المؤمنين أنت قلت : نعم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون قلت :أدر عني وجهك وضع رجلك على ذراع بعيرك قال أفعل ونعمة عين وكرامة قالت: فأدركت الناس حين نزلوا فذهب فوضعني عند الحداجة فنظر إلي الناس ولا أشعر قالت: وأنكرت لطف أبوي وأنكرت رسول الله ولا أعلم ما قد كان قيل حتى دخلت خادمتي أو ربيبتي فقالت كذا قالت وقال لي رجل من المهاجرين ما أغفلك فأخذتني حمى نافض فأخذت أمي كل ثوب في البيت فألقته علي فاستشار رسول الله أناسا من أصحابه فقال ما ترون فقال بعضهم ما أكثر النساء وتقدر على البدل وقال بعضهم أنت رسول الله وعليك ينزل الوحي وأمرنا لأمرك تبع وقال بعضهم والله ليبيننه الله فلا تعجل قالت وقد صار وجه أبي كأنه صب عليه الزرنيخ قالت فدخل علي رسول الله فرأى ما بي قال ما لهذه قالت أمي مما لهذه مما قلتم وقيل فلم يتكلم ولم يقل شيئا قالت فزادني ذلك على ما عندي قالت وأتاني فقال اتقي الله يا عائشة وإن كنت قارفت من هذا شيئا فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات قالت :وطلبت اسم يعقوب فلم أقدر عليه فقلت غير أني أقول كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون قالت فبينا رسول الله مع أصحابه ووجهه كأنما ذيب عليه الزرنيخ حتى نزل عليه الوحي وكان إذا أوحي إليه لم يطرف فعرف أصحابه أنه يوحى إليه وجعلوا ينظرون إلى وجهه وهو يتهلل ويسفر فلما قضي الوحي قال أبشر يا أبا بكر قد أنزل الله عذر ابنتك وبراءتها فانطلق إليها فبشرها قالت وقرأ عليه ما نزل في قالت وأقبل أبو بكر مسرعا يكاد أن ينكب قالت فقلت بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي جئت من عنده فجاء رسول الله فجلس عند رأسي فأخذ بكفي فانتزعت يدي منه فضربني أبو بكر وقال أتنزعين كفك من رسول الله أو برسول الله تفعلين هذا فضحك رسول الله قالت: فهذا كان أمري.
(المعجم الكبير ج23/ص118)

77- لتأكلن أو لألطخن وجهك
حدثنا إبراهيم حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عائشة قالت أتيت النبي  بخزيرة قد طبختها له فقلت لسودة والنبي  بيني وبينها كلي فأبت فقلت لتأكلن أو لألطخن وجهك فأبت فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها فضحك النبي  فوضع بيده لها وقال لها ألطخي وجهها فضحك النبي  لها فمر عمر فقال يا عبد الله يا عبد الله فظن أنه سيدخل فقال قوما فاغسلا وجوهكما فقالت عائشة فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله  .
(مسند أبي يعلى ج7/ص449)

78- ما يضحكك يا رسول الله
أخبرنا عبد الرزاق ثنا بكار بن عبد الله بن وائل قال سمعت بن أبي مليكة يقول سمعت عائشة تقول كانت عندي امرأة تسمعني فدخل رسول الله  على تلك الحال ثم
دخل عمر فقعدت فضحك رسول الله  فقال عمر ما يضحكك يا رسول الله فحدثه فقال والله لا أبرح حتى أسمع رسول الله  فأمرها فأسمعته.
(مسند إسحاق بن راهويه ج3/ص664)


79- كنت رجلا مذاءً
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن على  قال كنت رجلا مذاء فإذا أمذيت اغتسلت فأمرت المقداد فسأل النبي  فضحك وقال فيه الوضوء.
( مسند أحمد بن حنبل ج1/ص108)


80- هكذا يسفل الترس
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا بن عون عن محمد بن محمد بن الأسود عن عامر بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم الخندق ورجل يترس جعل يقول بالترس هكذا فوضعه فوق أنفه ثم يقول هكذا يسفله بعد قال فأهويت إلى كنانتي فأخرجت منها سهما مدما فوضعته في كبد القوس فلما قال هكذا يسفل الترس رميت فما نسيت وقع القدح على كذا وكذا من الترس قال وسقط فقال برجله فضحك نبي الله  أحسبه قال حتى بدت نواجذه قال قلت لم قال لفعل الرجل.
(مسند أحمد بن حنبل ج1/ص186)


81- رفقاً بالقوارير
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ثابت قال سمعت أنس بن مالك يقول بينما رسول الله  يسير , وحاد يحدو بنسائه فضحك رسول الله  فإذا هو قد تنحى بهن قال فقال: يا أنجشة ويحك ارفق بالقوارير.
( مسند أحمد بن حنبل ج3/ص172)

82- سواران من نار
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن شهر بن حوشب أن أسماء بنت يزيد كانت تخدم النبي  قالت فبينما أنا عنده إذ جاءته خالتي قالت فجعلت تسائله وعليها سواران من ذهب فقال لها النبي أيسرك أن عليك سوارين من نار قالت قلت يا خالتي إنما يعنى سواريك هذين قالت فألقتهما قالت يا نبي الله إنهن إذا لم يتحلين صلفن عند أزواجهن فضحك رسول الله  وقال أما تستطيع إحداكن أن تجعل طوقا من فضة وجمانة من فضة ثم تخلقه بزعفران فيكون كأنه من ذهب فان من تحلى وزن عين جرادة من ذهب أوجر بصيصه كوى بها يوم القيامة.
(مسند أحمد بن حنبل ج6/ص459)

83- اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك
حدثنا محمد بن معمر قال ثنا أبو عاصم قال ثنا إسماعيل بن عبد الملك قال أخبرني علي بن ربيعة قال أردفني على خلفه ثم سار في جبانة الكوفة ثم رفع رأسه إلى السماء فقال اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ثم التفت إلي فضحك فقلت ما هذا فقال أردفني رسول الله  خلفه ثم رفع رأسه فقال اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ثم التفت إلي فضحك فقلت يا رسول الله استغفارك ربك والتفاتك إلي تضحك فقال ضحكت من ضحك ربي تبارك وتعالى بعبده إنه علم أنه لا يغفر الذنوب غيره.
(مسند البزار ج3/ص23)

84- أم مبشر الأنصارية
عن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم مبشر الأنصارية عن النبي  قال لها وهي في بعض حالاتها وكانت امرأة البراء بن معرور فتوفي عنها فقال أن زيد بن حارثة قد مات أهله ولن آلو أن أختار له امرأة فقد اخترتك له فقالت يا رسول الله أني حلفت للبراء أن لا أتزوج بعده رجلا فقال رسول الله  أترغبين عنه قالت أفأرغب عنه وقد أنزله الله بالمنزلة منك إنما هي غيره قالت: فالأمر إليك قال: فزوجها من زيد بن حارثة ونقلها إلى نسائه فكانت اللقاح تجيء فتحلب فيناولها الحلاب فتشرب ثم يناوله من أراد من نسائه قالت: فدخل على وأنا عند عائشة فوضع يده على ركبتها وأسر إليها شيئا دوني فقالت بيدها في صدر رسول الله  تدفعه عن نفسها فقلت مالك تصنعين هذا برسول الله  فضحك رسول الله  وجعل يقول رسول الله  دعيها فإنها تصنع هذا وأشد من هذا.
(التاريخ الكبير ج8/ص285)

85- حدود طاعة الأمير
ما روى أن رسول الله  استعمل علقمة بن مجزز المدلجي على جيش فبعث سرية واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي وكان رجلا فيه دعابة وبين أيديهم نار قد أججت فقال لأصحابه أليست طاعتي عليكم واجبة فقالوا بلى قال فاقتحموا هذه النار فقام رجل فاحتجز حتى يدخلها فضحك وقال إنما كنت ألعب فبلغ ذلك رسول الله  فضحك فقال أو قد فعلوا هذا فلا تطيعوهم في معصية الله عز وجل فلما أخرج من ذلك طاعتهم في المعصية دل على أن طاعتهم فيما ليست بمعصية واجبة عليهم .
(معتصر المختصر ج2/ص15)

86- فضالة بن عمير
أن فضالة بن عمير بن الملوح يعني الليثي أراد قتل النبي وهو يطوف بالبيت عام الفتح فلما دنا منه قال رسول الله أفضالة قال نعم فضالة يا رسول الله قال ماذا كنت تحدث به نفسك قال لا شيء كنت أذكر الله قال :فضحك النبي ثم قال استغفر الله ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه فكان فضالة يقول والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه قال فضالة فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها فقالت :هلم إلى الحديث فقال: لا وانبعث فضالة يقول :
يأبى عليك الله والإسلام
أو ما رأيت محمدا و قبيله
بالفتح يوم تكسر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى بينا
والشرك يغشى وجهه الإظلام
( البداية والنهاية ج4/ص308)

87- وما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك
عن عائشة قالت دخل علي رسول الله وهو يصدع وأنا أشتكي رأسي فقلت وارأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وارأساه ثم قال وما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك وصليت عليك وواريتك فقلت والله إني لأحسب لو كان ذلك لقد خلوت ببعض نسائك في بيتي من آخر النهار فضحك رسول الله  .
(البداية والنهاية ج5/ص225)

88- وفد بني فزارة وطلب السقيا
عن عبد الله بن محمد بن عمر بن حاطب الجمحي عن أبي وجرة يزيد بن عبيد السلمي قال لما قفل رسول الله من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة فيهم بضعة عشر رجلا فيهم خارجة بن الحصين والحر بن قيس وهو أصغرهم ابن أخي عيينة بن حصن فنزلوا في دار رملة بنت الحارث من الأنصار وقدموا على إبل ضعاف عجاف وهم مسنون فأتوا رسول الله مقرين بالإسلام فسألهم رسول الله عن بلادهم قالوا يا رسول الله أسنتت بلادنا وأجدبت أحياؤنا وعريت عيالنا وهلكت مواشينا فادع ربك أن يغيثنا وتشفع لنا إلى ربك ويشفع ربك إليك فقال رسول الله سبحان الله ويلك هذا ما شفعت إلى ربي فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه لا إله إلا الله وسع كرسيه السموات والأرض وهو يئط من عظمته وجلاله كما يئط الرجل الجديد قال رسول الله إن الله يضحك من شفقتكم وأزلكم وقرب غياثكم فقال الأعرابي ويضحك ربنا يا رسول الله قال نعم فقال الأعرابي لن نعدم يا رسول الله من رب يضحك خيرا فضحك رسول الله من قوله فقام رسول الله فصعد المنبر وتكلم بكلام ورفع يديه وكان رسول الله لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه اللهم اسق بلدك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء فقام أبو لبابة بن عبد المنذر فقال يا رسول الله إن التمر في المرابد فقال رسول الله اللهم اسقنا فقال أبو لبابة التمر في المرابد ثلاث مرات فقال رسول الله اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده بإزاره قال فلا والله ما في السماء من قزعة ولا سحاب وما بين المسجد وسلع من بناء ولا دار فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت وهم ينظرون ثم أمطرت فوالله ما رأوا الشمس ستا وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره لئلا يخرج التمر منه فقال رجل يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فصعد النبي المنبر فدعا ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت السحابة عن المدينة كانجياب الثوب.
(البداية والنهاية ج6/ص91)

89- فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة
عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن العباس قال جاءني رسول الله  فخرجت إليه فوجدته موعوكاً قد عصب رأسه فقال خذ بيدي فضل فأخذت بيده فانطلق حتى جلس على المنبر ثم قال ناد في الناس فلما اجتمعوا إليه حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذه ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ولا يقولن أحد إني أخشى الشحناء من رسول الله  ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ألا وإن أحبكم إلي من أخذ شيئا كان له أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس وإني أرى أن هذا غير مغن عني حتى أقوم فيكم مرارا ثم نزل فصلى الظهر ثم جلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها فقام رجل فقال إذن والله لي عندك ثلاثة دراهم فقال أما أنا لا نكذب قائلا ولا نستحلف فبم كانت لك عندي فقال يا رسول الله تذكر يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم قال أعطه يا فضل فأمر به فجلس ثم قال أيها الناس من كان عليه شيء فليؤده فلا يقولن رجل فضوح الدنيا فإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة فقام رجل فقال يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال ولم غللتها قال كنت محتاجا قال خذها منه يا فضل ثم قال رسول الله  أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم فلندع له فقام رجل فقال والله يا رسول الله إني لكذاب إني لفاحش وإني لنوام فقال اللهم ارزقه صدقا وأذهب عنه النوم إذا أراد ثم قام آخر فقال والله يا رسول الله إني لكذاب وإني لمنافق وما من شيء من الأشياء إلا وقد جنيته قال عمر فضحت نفسك أيها الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يابن الخطاب فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ثم قال اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير قال فتكلم عمر رضي الله عنه بكلام فضحك رسول الله  وقال عمر معي وأنا مع عمر والحق مع عمر حيث كان .
(المنتظم ج4/ص29)

90- ثاني اثنين
أخبرنا أبو القاسم الحريري أخبرنا أبو إسحاق البرمكي أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أبو محمد المدائني حدثنا أبو بكر بن أبي النضر حدثنا شبابة قال حدثني أبو العطوف قال سمعت الزهري يقول :قال رسول الله  لحسان بن ثابت هل قلت في أبي بكر شيئا فقال نعم فقال قل وأنا أسمع فقال :
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد
طاف العدو به إذ صعد الجبلا
وكان ردف رسول الله قد علموا
من البرية لم يعدل به رجلا
فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه ثم قال صدقت يا حسان هو كما قلت.
(المنتظم ج4/ص57)

91- أبو بكر الصديق  لا يدخل بطنه إلا طيبا
حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا المسعودي عن القاسم قال كان لأبي بكر  غلام يأتيه بكسبه كل ليلة ويسأله من أين أصبت فيقول أصبت من كذا فأتاه ذات ليلة بكسبه وأبو بكر قد ظل صائما فنسي أن يسأله فوضع يده فأكل فقال الغلام يا أبا بكر كنت تسئلني كل ليلة عن كسبي إذا جئتك فلم أرك سألتني عنه الليلة قال فأخبرني من أين هو قال تكهنت لقوم في الجاهلية فلم يعطوني أجري حتى كان اليوم فأعطوني وإنما كانت كذبة فادخل أبو بكر في حلقه فجعل يتقيأ فذهب الغلام فأتى النبي  فأخبره فقال إني كذبت أبا بكر فضحك النبي  أحسبه قال ضحكا شديدا وقال إن أبا بكر يكره أن يدخل بطنه إلا طيبا.
(الورع لابن أبي الدنيا ج1/ص84)

92- من كنز الرحمن تحت العرش
أخبرنا الحسن بن الجهم أخبرنا إسماعيل بن عمرو أخبرنا بن مريم حدثني يوسف بن أبي الحجاج عن سعيد عن بن عباس قال كان رسول الله  إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي ضحك وقال إنهما من كنز الرحمن تحت العرش وإذا قرأ من يعمل سوءا يجز به وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى استرجع واستكان. (تفسير ابن كثير ج1/ص342)

93- خذ بيد أخيك فادخلا الجنة
عن أنس رضي الله عنه قال بينا رسول الله  جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي فقال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما يارب خذ لي مظلمتي من أخي قال الله تعالى أعط أخاك مظلمته قال يارب لم يبق من حسناتي شيء قال رب فليحمل عني من أوزاري قال ففاضت عينا رسول الله  بالبكاء ثم قال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال يارب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا لأي صديق هذا لأي شهيد هذا قال هذا لمن أعطى ثمنه قال رب ومن يملك ثمنه قال أنت تملكه قال ماذا يارب قال تعفو عن أخيك قال يارب فإني قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فادخلا الجنة ثم قال رسول الله  فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
(تفسير ابن كثير ج2/ص286)


94- الأرض يوم القيامة
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال النبي  تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة فأتى رجل من اليهود فقال بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال بلى قال تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي  فنظر النبي  إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال ألا أخبرك بإدامهم قال إدامهم بالأم ونون قالوا وما هذا قال ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا.
(صحيح البخاري ج5/ص2389)


95- عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة
عن حذيفة عن أبي بكر الصديق قال أصبح رسول الله  ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله  ثم جلس مكانه حتى إذا صلى الأولى والعصر والمغرب كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ثم قام إلى أهله فقال الناس لأبي بكر سل رسول الله  ما شأنه صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط فسأله فقال نعم عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة.
(الأحاديث المختارة ج1/ص121)

96- غنيمة المسلمين غداً
حدثنا معاوية يعني بن سلام عن زيد يعني بن سلام أنه سمع بن سلام قال حدثني السلولي أنه حدثه سهل بن الحنظلية أنهم ساروا مع رسول الله  يوم حنين حتى كانت عشية فحضرت الصلاة مع رسول الله  فجاء رجل فارس فقال يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشياههم فتبسم النبي  وقال تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله.
( تفسير ابن كثير ج1/ص447)

97- أو في شك أنت يا بن الخطاب
قال عمر بن الخطاب  فجئت الغلام فقلت له استأذن لعمر , فلما وليت منصرفا فإذا الغلام يدعوني قال أذن لك رسول الله  فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئ على وسادة من آدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم طلقت نساءك فرفع بصره إلي فقال لا ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره فتبسم النبي  ثم قلت لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى النبي  يريد عائشة فتبسم أخرى فجلست حين رأيته تبسم ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة فقلت ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله وكان متكئا فقال أو في شك أنت يا بن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت يا رسول الله استغفر لي. (صحيح البخاري ج2/ص872)

98- هذه لله فما لي
عن ثابت عن أنس قال جاء أعرابي إلى النبي  فقال يا رسول الله علمني خيرا فأخذ النبي  بيده فقال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال فعقد الأعرابي على يده ثم مضى فتفكر ثم رجع فتبسم النبي  وقال تفكر البائس فجاء فقال يا رسول الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذه لله فما لي فقال النبي  يا أعرابي إذا قلت سبحان الله قال الله صدقت وإذا قلت الحمد لله قال الله صدقت وإذا قلت لا إله إلا الله قال الله صدقت وإذا قلت الله أكبر قال الله صدقت فإذا قلت اللهم اغفر لي قال الله فعلت فإذا قلت اللهم ارحمني قال الله فعلت وإذا قلت اللهم ارزقني قال الله قد فعلت قال فعقد الأعرابي على سبع في يده ثم ولى.
(الأحاديث المختارة ج5/ص12)

99- أول من ولد في الإسلام بالمدينة
أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ثنا جدي ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير حدثني هشام بن عروة عن أبيه قال خرجت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما حين هاجرت إلى رسول الله  وهي حامل بعبد الله بن الزبير فنفسته فأتت به النبي  ليحنكه فأخذه رسول الله  فوضعه في حجره وأتي بتمرة فمصها ثم مضغها ثم وضعها في فيه فحنكه بها فكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله  قالت ثم مسحه رسول الله  وسماه عبد الله ثم جاء بعد وهو بن سبع سنين أو بن ثمان سنين ليبايع النبي أمره الزبير بذلك فتبسم النبي  حين رآه مقبلا وبايعه وكان أول من ولد في الإسلام بالمدينة مقدم رسول الله  وكانت اليهود تقول قد أخذناهم فلا يولد لهم بالمدينة ولد ذكر فكبر أصحاب رسول الله  حين ولد عبد الله وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب حين سمع تكبير أهل الشام وقد قتلوا عبد الله بن الزبير الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله .
(المستدرك على الصحيحين ج3/ص632)

100- صوما يوما مكانه.
عن عائشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين فأهدي لنا طعام والطعام محروص عليه فأكلنا منه ودخل علينا النبي  فابتدرتني حفصة وكانت بنت أبيها فقالت يا رسول الله أصبحنا صائمتين فأهدي لنا طعام فأكلنا منه فتبسم النبي  وقال صوما يوما مكانه.
(سنن البيهقي الكبرى ج4/ص280)

101- إنها ابنة أبي بكر
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام أن عائشة زوج النبي  قالت أرسل أزواج النبي  فاطمة بنت النبي  فاستأذنت والنبي  مع عائشة في مرطها فأذن لها فدخلت عليه فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة فقال النبي  أي بنية ألست تحبين ما أحب فقالت بلى فقال فأحبي هذه لعائشة قالت فقامت فاطمة فخرجت فجاءت أزواج النبي  فحدثتهن بما قالت وبما قال لها فقلن لها ما أغنيت عنا من شيء فارجعي إلى النبي  فقالت فاطمة عليها السلام والله لا أكلمه فيها أبدا فأرسل أزواج النبي  زينب بنت جحش فاستأذنت فأذن لها فدخلت فقالت يا رسول الله أرسلني إليك أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة قالت عائشة ثم وقعت بي زينب قالت عائشة فطفقت انظر إلى النبي  متى يأذن لي فيها فلم أزل حتى عرفت أن النبي  لا يكره أن أنتصر قالت فوقعت بزينب فلم أنشبها إن أفحمتها فتبسم النبي  ثم قال إنها ابنة أبي بكر.
(مسند أحمد بن حنبل ج6/ص88)

102- فأعط ولا تخش من ذي العرش إقلالا
جاء رجل إلى النبي  فسأله فقال ما عندي شيء أعطيك ولكن استقرض حتى يأتينا شيء فنعطيك فقال عمر ما كلفك الله هذا أعطيت ما عندك فإذا لم يكن عندك فلا تكلف قال فكره رسول الله  قول عمر حتى عرف في وجهه فقال الرجل يا رسول الله بأبي وأمي أنت فأعط ولا تخش من ذي العرش إقلالا قال فتبسم النبي  وقال بهذا أمرت.
(مسند البزار ج1/ص396)
ليه وسلم))

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((أحوال من أعظم ما جاء في مدح النبي  قول الله تعالى :  وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] .
و في المراد من قوله تعالى : خلق عظيم ثلاثة أقوال :
الأول : دين الإسلام .
الثاني : أدب القرآن .
الثالث : الطبع الكريم ( ).
ومن المقرر في علم التفسير أنَّ المفسرين إذا اختلفوا في معنى آية وأمكن حمل الآية على جميع المعاني التي قيلت فيها فهذا هو الأولى ( ).
فرسول الله  على أحسن الأديان، دين الإسلام، بل هو أول المسلمين كما قال تعالى : وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام :163] . وهو  على خلق القرآن الكريم، ففي مسند الإمام أحمد ( ) عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَتْ : "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " .
وحقيقة «الخُلُق» : ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب ، فسمي خُلُقاً ، لأنه يصير كالخِلْقة في صاحبه .
وفي هذه الآية الكريمة لم يقل الله : وإنك لذو خلق، بل قال: لعلى خلق ؛ لأن كلمة (على) للاستعلاء ، فدل اللفظ على أنه  مستول على الأخلاق الفاضلة العظيمة متمكنٌ منها، وأنه بالنسبة إلى هذه الأخلاق الجميلة كالأمير بالنسبة إلى المأمور ( ) . يقول سيد قطب رحمه الله :" تجيء الشهادة الكبرى والتكريم العظيم : وإنك لعلى خلق عظيم  .. وتتجاوب أرجاء الوجود بهذا الثناء الفريد على النبي الكريم؛ ويثبت هذا الثناء العلوي في صميم الوجود! ويعجز كل قلم ، ويعجز كل تصور ، عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود ، وهي شهادة من الله ، في ميزان الله ، لعبد الله ، يقول له فيها : وإنَّكَ لعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ . ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين. ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة محمد  تبرز من نواح شتى :
تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعال ، يسجلها ضمير الكون ، وتثبت في كيانه ، وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله .
وتبرز من جانب آخر ، من جانب إطاقة محمد  لتلقيها . وهو يعلم من ربه هذا، قائل هذه الكلمة : ما هو؟ ما عظمته؟ ما دلالة كلماته؟ ما مداها؟ ما صداها؟ ويعلم من هو إلى جانب هذه العظمة المطلقة ، التي يدرك هو منها ما لا يدركه أحد من العالمين " ( ).
وإذا أردتُّ الحديث عن أخلاق النبي  أرى كأنني أقف أمام بحر لا ساحل له، ينتابني ما ينتاب فقيراً خيّم الجوع على أحشائه وقد دُعي إلى مأدبة ملك لا يدري من أين يبدأ!!
ولعلي أبدأ بحاله  مع الصغار ..

هذه جملة مباركة من المواقف النبوية التي ترشد إلى حال نبينا  مع الصغار ، وكيف كان يعاملهم ..
فقد كان نبينا  يصبر عليهم ولا يضجر ..
فعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ رضي الله عنها قَالَتْ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«سَنَهْ سَنَهْ» - وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ - قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أَبِي، فَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«دَعْهَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي». فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ( )-يَعْنِي مِنْ بَقَائِهَا-( ) .
إنَّ الانشغال بالعبادات ، ومناجاة رب الأرض والسماوات ، لم يكن ليمنع رسولنا  من الإحسان إلى الطفل والترفق به ..
فعن شداد بن الهاد  قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ  فِي إِحْدَى صَلَاتَيْ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ  فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ فَصَلَّى، فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ  وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَجَعْتُ إِلَى سُجُودِي، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ  الصَّلَاةَ قَالَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ؟ قَالَ :«كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ» ( ) .
فهنا نرى أنَّ نبينا  يكره أن يُعجل هذا الصغير ، بل تركه حتى قضى نهمته من اللعب ..
إنّ الحسن أو الحسين لم يكن ليفعل ذلك لولا أنْ اعتاد حسن المعاملة والصبر من النبي  ، لقد كان من الممكن أنْ يزيحه رسول الله  حتى يفرغ من الصلاة ثم يلتفت إليه بعدُ .. ولكن لم يرد نبينا  أن يكسر بخاطر طفل حتى في حالٍ يناجي فيها ربه.
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ  قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ  يَؤُمُّ النَّاسَ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ -وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ  - عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا ( ) .
مع أنّه  قال عن الصلاة :«جُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» ( ) . أي : لم يكن له حال أهنأ من حاله وهو يصلي . ولهذا كان إذا قام إليها قال :« يَا بِلَالُ ، أَقِمْ الصَّلَاةَ ، أَرِحْنَا بِهَا» ( ) . ومع ذلك كلِّه لم يترك هديه في معاملة الأطفال وهو متلبس بها .
ولقد كان رسولنا  يخطب في الناس ، إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ، يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ  مِنْ الْمِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ :«صَدَقَ اللَّهُ : إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ( ) ، فَنَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا» ( ) .
إنّه لم يكن أرحم بالصبيان من محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ..
فعن أنس  أَنَّ النَّبِيّ  قَالَ : «إِنِّي لَأَدْخُل فِي الصَّلَاة أُرِيد إِطَالَتهَا ، فَأَسْمَع بُكَاء الصَّبِيّ ، فَأُخَفِّف مِنْ شِدَّة وَجْد أُمّه بِهِ» ( ) . والْوَجْد يُطْلَق عَلَى الْحُزْن وَعَلَى الْحُبّ أَيْضًا وَكِلَاهُمَا سَائِغ هُنَا، كما ذكر النووي رحمه الله ( ) .
وبين أنَّ من لا يرحم الصغير فليس منه بقوله : «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» ( ).
ولقد تجسدت هذه الرحمة بهم في أسمى صورها في هذه الحادثة التي أخبر بها صاحبه أنسٌ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ » ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ ، امْرَأَةِ قَيْنٍ ( ) يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ ، فَانْطَلَقَ يَأْتِيهِ ، وَاتَّبَعْتُهُ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى أَبِي سَيْفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ قَدْ امْتَلَأَ الْبَيْتُ دُخَانًا ، فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ  فَقُلْتُ : يَا أَبَا سَيْفٍ أَمْسِكْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ  ، فَأَمْسَكَ ، فَدَعَا النَّبِيُّ  بِالصَّبِيِّ ، فَضَمَّهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، قَالَ أَنَسٌ : لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ( ) بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ  ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ  ، فَقَالَ :«تَدْمَعُ الْعَيْنُ ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ»( ).
وأذكر أنّ عالماً قيل له : فقد الفضيل بن عياض رحمه الله بنته فضحك، فلما سئل قال : رضيت بما قضى الله به ، وفقد رسول الله  ابنه فبكى ؟ والمراد : هل كان الفضيل أصبر من رسول الله  ؟
فقال : إن الفضيل اتسع قلبه لعبودية واحدة ، هي عبودية الرضا بمرِّ القضا ، أما النبي  فلقد اتسع قلبه لأنواع من ذلك ، عبودية الرضا وعبودية الرحمة لهذا الصغير.
وكان  يمازحهم :
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ  فَرَآهُ قَالَ :«أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»؟( ).
ومن تأمل العبارة التي تفوه بها أنسٌ  :" فَكَانَ إِذَا جَاءَ" علم أنّ ممازحة النبي  لهذا الصغير كانت متكررة .. وهذا يدل على تجذر هذه الأخلاق فيه عليه الصلاة والسلام، فما كان مُتَكَلَّفاً فلا يمكن أن يكون مستمراً ، قال الرازي رحمه الله :" المتكلف لا يدوم أمره طويلاً ، بل يرجع إلى الطبع " ( ).
"والنغير -بالتصغير - هو طائر يشبه العصفور" ( ) .
وكان من هديه  إذا مرّ على الصبيان في الطريق سلَّم عليهم ..
فقد حَدَّثَ أَنَسٌ  أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  ، فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ " ( ) . وهنا أجدني أسائل نفسي : من منّا –أيها القارئ الكريم - يتواضع ويفعل ذلك اليوم؟!
وكان عليه الصلاة والسلام يقبِّل الأطفال ..
فعن أمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَدِمَ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالُوا : أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ . فَقَالُوا : لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ»( ) .
وحدَّث يَعْلَى بْنُ مُرَّةَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ  إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ، فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ، فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ  أَمَامَ الْقَوْمِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَا هُنَا وَهَا هُنَا وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ  حَتَّى أَخَذَهُ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ:«حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ»( ) .
ومن المهم هنا أن نعلم : أنّ عدم إعطاء الطفل نصيباً وافياً من الحنان والعطف –والتقبيل من مظاهر هذه المحنة- ربما تسبب في انحراف سلوكه ..
يقول الدكتور على الزهراني ( ) –في رده على أحد المرضى المنحرفين الشاذين-: "أعود لمشكلتك الجنسية وتعلقك بكبار السن للقيام بالعملية الجنسية، حيث يرى بعض علماء النفس أن الطفل الذي لم يحظ بالحنان الكاف من والده فإنَّ هذا الأمر سيلازمه للأبد بمطاردته لكبار السن بطلب الحنان منهم فهو، أحياناً يجد رغبة في مجامعتهم، لكنه في الواقع يبحث عن الحنان الذي طالما بحث عنه لكنه لم يجده في طفولته، حتى أن بعض العلماء يرى أن يقوم الأب بملامسة جسد الطفل في الصغر ؛ لإعطائه الحنان الذي يبحث عنه، وفي المراحل المتقدمة من الطفولة يقوم الأب بممازحة الطفل واللعب معه ؛ للتغلب على ظهور مثل هذا الانحراف، بل أن هناك دراسات وجدت أن الانحرافات الجنسية تكثر بين الأطفال الذين عاشوا بدون آباء، إما لانشغالهم المستمر خارج المنزل، أو لسفرهم لفترات طويلة، أو لفقدهم بالموت، أو الانفصال" ( ) .

عجباً لأهل الكفر الذين يطعنون في دين الإسلام ، بدعوى أنه انتهك حقوق الإنسان ، أما قرأ أولئك عن حال النبي  مع الحيوان ؛ لتستبين لهم حرمة الإنسان في دين الإسلام ؟!
ومن ذلك ..
أنّه  نهى عن اتخاذ شيء فيه الروحُ غرضاً يُرمى ..
فقد مَرَّ عبد الله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَنْ فَعَلَ هَذَا ؟ لَعَنْ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَعَنَ مَنْ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا ( ).
وفي البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلَامٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا ، فَمَشَى إِلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّهَا ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَبِالْغُلَامِ مَعَهُ ، فَقَالَ : ازْجُرُوا غُلَامَكُمْ عَنْ أَنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَّيْرَ لِلْقَتْلِ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ  نَهَى أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْقَتْلِ ( ) .
والتصبير : أن يحبس ويرمى كما هو ظاهر.
ونهى عليه الصلاة السلام أن يحولَ أحدٌ بين حيوانٍ أو طيرٍ وبين ولده ، ونهى عن حرق كل ذي روح ..
قال عبد الله بن مسعود  : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ ، فَرَأَيْنَا حُمَرَةً ( ) مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ ( ) ، فَجَاءَ النَّبِيُّ  فَقَالَ:«مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا». وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ :«مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ»؟ قُلْنَا :نَحْنُ. قَالَ :«إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» ( ).
ونهى عن المُثْلة بالحيوان ولعن من فعلها
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النبي  لعن مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ ( ).
والمعنى : أن يُقطع شيء من أطرافه وهو حي ( ) .
وعن جَابِرٍ  أَنَّ النَّبِيَّ  مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ ( ) ، فَقَالَ :«لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» ( ) .
وأبان  لنا أنّ الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة ..
ففي الصحيحين ( ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ :«بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَوَجَدَ بِئْرًا ، فَنَزَلَ فِيهَا ، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ . فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي . فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَا خُفَّهُ مَاءً فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا ؟ فَقَالَ :«فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ » .
وأعجب من ذلك هذه القصة :
عن أبي هريرة  قال: قال رَسُولُ اللَّهِ  :«بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ ( ) قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» ( ) .
امرأة زانية غفر الله لها بسقيا كلب .. ما أعظم رحمة ربنا بنا !
وأوضح حبيبنا  أنّ الإساءة إلى البهائم ربما أودت بالعبد إلى النار والعياذ بالله..
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَ :«دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ، رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا» ( ) .
قال ابن حجر رحمه الله :" وفيه وجوبُ نفقةِ الحيوان على مالكه " ( ) .
وأراد  مرةً أن يشتري بعيراً ؛ لأن صاحبه أساء إليه ، ولقد شكا البعير هذه الإساءة للنبي  ..
فعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ  قَالَ:بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مع النبي  إِذْ مَرَرْنَا بِبَعِيرٍ يُسْنَى( ) عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ الْبَعِيرُ جَرْجَرَ ( ) وَوَضَعَ جِرَانَهُ ( )، فَوَقَفَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ  فَقَالَ:«أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ»؟ فَجَاءَ، فَقَالَ: «بِعْنِيهِ». فَقَالَ: لَا بَلْ أَهَبُهُ لَكَ. فَقَالَ:«لَا، بِعْنِيهِ». قَالَ: لَا بَلْ أَهَبُهُ لَكَ؛ وَإِنَّهُ لِأَهْلِ بَيْتٍ مَا لَهُمْ مَعِيشَةٌ غَيْرُهُ. قَالَ :«أَمَا إِذْ ذَكَرْتَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ شَكَا كَثْرَةَ الْعَمَلِ وَقِلَّةَ الْعَلَفِ ؛ فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ» ( ) .
واستصعب جمل على أصحابه ، فأعاده النبي  إلى حاله الأولى بالرفق واللين ..
فعن أنس بن مالك t قال كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يَسنون عليه ، وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله e فقالوا : إنه كان لنا جمل نَسني عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل فقال e لأصحابه :«قُومُوا»، فقاموا ، فدخل الحائط ، والجمل في ناحيته ، فمشى النبي e نحوه، فقالت الأنصار : يا رسول الله ، قد صار مثل الكلب ، نخاف عليك صولته . قال :«لَيْسَ عَليَّ مِنْه بَأسٌ»، فلما نظر الجمل إلى رسول الله e أقبل نحوه حتى خرَّ ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله e بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه : يا رسول الله هذا بهيمة لا يعقل يسجد لك ، ونحن نعقل ، فنحن أحق أن نسجد لك ؟ قال:«لا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أنْ يَسْجُدَ لبَشَرٍ، ولَو صَلُحَ لِبَشَرٍ أنْ يَسْجُدَ لبَشَرٍ لأمَرْتُ المَرْأةَ أنْ تَسْجُدَ لزَوْجِها لعِظَمِ حَقِّه عَلَيْها» ( ) .
وأمر  الإحسان إلى البهيمة حال ذبحها ، وأثنى على من فعل ذلك ..
فَعنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ  ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَ :«إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» ( ) .
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ  أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا.فَقَالَ :«وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ» ( ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أضجع شاةً وهو يحدُّ شفرته، فقال له النبي  :«أَتُريدُ أن تُميتَها مَوْتَاتٍ هَلاَّ أحددتَ شَفْرَتَك قبل أن تُضْجِعَهَا» ؟ ( ).
ونهى  عن قتل الطيور لمجرد القتل ..
فعن ابن عمر رضي الله عنهما يَرْفَعُه قال: «مَا مِنْ إِنْسَانٍ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا» . قيل : يا رسولَ الله فما حَقُّها ؟ قال : «أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا ، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا» ( ).

وأما حاله وخُلقه  مع الجاهل فقد كان :
رفيقاً بهم ..
قال أنس  بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ  :مَهْ مَهْ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«لَا تُزْرِمُوهُ ( )، دَعُوهُ». فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ :«إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ». فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ ( ) عَلَيْهِ ( ) .
وعند أهل السنن أنّ الأعرابي قال : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا . فَقَالَ النَّبِيُّ  :«لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا». ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ  وَقَالَ :«إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ، صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ» ( ) .
ولو لم ينه النبي  الناس عن زجر هذا الرجل لكان من المتوقع أن تحدث هذه المفاسد :
• عدم اجتماع النجاسة في مكان واحد ، وتفرقها هنا وهناك .
• تضرر الأعرابي بقطعه للبول .
• صده عن الدين بسبب سوء المعاملة .
• إبداء عورته إذا قام ولم يكمل بوله .
فما أعظمَ حكمةَ رسول الله  ، فسبحان من كمّله !
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ  قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ ( ). فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ  فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي ( ) ، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ :«إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» ( ) .
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ  قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا. فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ، قَالُوا: مَهْ مَهْ. فَقَالَ رسول الله  :«ادْنُهْ». فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، فَجَلَسَ. قَالَ :«أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ»؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ:«وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ». قَالَ :«أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ»؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ:«وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ». قَالَ:«أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ»؟ قَالَ:لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ :«وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ». قَالَ :«أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ»؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ :«وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ». قَالَ :«أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ»؟ قَالَ :لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ :«وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ». ثم وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ :«اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ ( ) .
وكان  يستر عليهم..
فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها أنّ بَرِيرَةَ أتتها تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا ، فَقَالَتْ : إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي ، وَقَالَ أَهْلُهَا : إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَنَا ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ  ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ  :«ابْتَاعِيهَا ، فَأَعْتِقِيهَا ؛ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ  عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ :«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ( ) .
وعن أَنَسٍ  أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ  سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ  عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا آكُلُ اللَّحْمَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ :«مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ( ) .
وقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: صَنَعَ النَّبِيُّ  شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ، فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» ( ).
وكان  يصحح أخطاءهم ..
فعن أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ  :«سُبْحَانَ اللَّهِ ! هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»( ).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ:جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ؟ فَقَالَ: «ارْجِعْ عَلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» ( ).

لقد عامل النبي  أعداءه في معامع القتال ومواقع النزال بالشجاعة والقوة ..
ينعت علي بن أبي طالب  حالَه  وشجاعته وإقدامه في يوم بدر فيقول :لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ  وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا" ( ) .
ولما أراد أبي بن خلف أن يلحق به بُعيد القتال في أحد لما انحاز إلى الجبل، أخذ  الحربة من الحارث بن الصِّمَّة وقام وانتفض انتفاضةً تطاير منها شعره، ثم رماه في تَرْقُوَتِه ، فانقلب من على فرسه، فَلَمّا رَجَعَ إلَى قُرَيْشٍ وَقَدْ خَدَشَهُ فِي عُنُقِهِ خَدْشًا غَيْرَ كَبِيرٍ احتقن منه الدم ، قَالَ: قَتَلَنِي وَاَللّهِ مُحَمّدٌ. فقَالُوا لَهُ: ذَهَبَ وَاَللّهِ فُؤَادُك وَاَللّهِ إنْ بِك مِنْ بَأْسٍ. قَالَ: إنّهُ قَدْ كَانَ قَالَ لِي بِمَكّةَ :«أَنَا أَقْتُلُك» ، فَوَاَللّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيّ لَقَتَلَنِي. فَمَاتَ عَدُوّ اللّهِ وَهُمْ قَافِلُونَ بِهِ إلَى مَكّةَ ( ) .
قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  يوم حُنَيْنٍ؟ قَالَ : لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ  فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ  يَقُولُ:«أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» ( ) .
وعاملهم نبينا  –أيضاً - بالرحمة ..
فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ:«اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا» ( ) .
ووجد امرأةً مقتولة في بعض المغازي –كما ثبت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ  قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ( ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. فقَالَ :«إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» ( ) .
هذا هو الأصل، وإلا فقد دعا  على من استطال شره كقتلة القراء، دعا عليهم شهراً كاملاً ، قال أنسٌ : "إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ  بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا ، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا إِلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ  عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ – يعني بعدما قتلوهم- شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ"( ) .
ولقد كان سيدنا ورسولنا  حريصاً على هدايتهم ..
قال تعالى له : فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا [الكهف:6] .
أي: لعلك قاتل ومهلك نفسك حزناً، من بعد توليهم عنك، بسبب عدم إيمانهم بك ( ) .
وقال : لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ  [الشعراء : 3] ، وقال:فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر:8] ، وقال: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ  [النحل:127].
وتأمل هذه القصة التي تبين عظيم عنايته بهم وحرصه عليهم : عَنْ أَنَسٍ  قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ  يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ:«أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ - -فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ  وَهُوَ يَقُولُ :«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ» ( ) .
ولما أسلم عبد الله بن سلام قال للنبي  يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَجَاءَتْ الْيَهُودُ، فَقَالَ النَّبِيُّ  :«أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ»؟ قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا. فَقَالَ النَّبِيُّ  :«أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ»؟ قَالُوا : أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ، قَالَ : هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ( ).
وإنما فعل النبي  ذلك طمعاً في هدايتهم وحرصاً عليهم .
عاملهم النبي  بالعفو والحلم ..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ، يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ  وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهُمْ سِلْمًا، فَاسْتَحْيَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الفتح :24] ( ) .
وبعث  خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَالَ :«مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ»؟ فَقَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ  حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فجاءه وكرر سؤاله وكرر ثمامة كلامه، حَتَّى كَانَ مِنْ الْغَدِ فكرر رسول الله  سؤاله وأجاب ثمامة بما أجاب به من قبل، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ  وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ. فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ : أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ( ).
ولما اجتمع المشركون في المسجد بعد دخوله  مكة فاتحاً ظافراً قال لهم : «ما تَرَوْنَ أنَّي صانِعٌ بِكُم»؟ قالوا : خيراً ، أخٌ كريمٌ ،وابنُ أخٍ كريم. قال : « اذهَبُوا فَأنْتُمُ الطُّلَقَاء » ( ).
قَالَتْ له عائشة رضي الله عنها : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ :«لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ( )، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ :إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ»؟ فماذا كان رد رسول الله  ؟ قال :«بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»( ).
لا إله إلا الله ! بعد كل ذلك تعفو عنهم يا نبي الله ؟!
لا عجب .. لا غرو ..
فهو من قال الله له :  وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
ولِننتقل سوياً – أيها القارئ الكريم – إلى نموذج آخر من النماذج المبينة لعظيم أخلاق النبي  ، ولكيفية معاملته لأعدائه وحاله معهم لابد من ذكر شيء من تاريخ ابن سلول المليء بالغدر والخيانة ..
إنّ رأس المنافقين ، عبد الله بن أبي ابن سلول ( ) أشاع الإفك وطعن في عرضه ، هو الذي تولى كبر إشاعة الفاحشة، قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:11] ..
لا خلاف بين المفسرين في أنّ الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي .
وهو وقومه من قال الله عنهم : هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ  [المنافقون:7-8] ..
هو من قال الله تعالى عنه : وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ [آل عمران: 167] .
قال الطبري رحمه الله :" يعني تعالى ذكره بذلك عبدَ الله بن أبيّ ابن سلول المنافق وأصحابَه، الذين رجعوا عن رسول الله  وعن أصحابه، حين سار نبي الله  إلى المشركين بأحد لقتالهم، فقال لهم المسلمون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم إليهم، ولكنا معكم عليهم، ولكن لا نرى أنه يكون بينكم وبين القوم قتالٌ! فأبدوْا من نفاق أنفسهم ما كانوا يكتمونه" ( ).
ولما حلّ الشيطانُ بساحة مهاجري وأنصاري ونادى كلٌّ منهما قومه وخرج عليهم النبي  قائلاً :¬«مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ ( ) رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ :«دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» ( ). لما حدث هذا وبلغ الخبرُ رأس النفاق قال:"ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمنْ كلبَك يأكلْك"( ).
هذا نذر يسير من تاريخ ذاك الرجل ، إنه تاريخ أسود قاتم .. ومع كل ذلك –وهنا الشاهد الذي نريده- يهلك هذا اللعين، ويأتي ابنه –وهو من خيار الصحابة- إلى النبي  يطلب إليه أن يصلي على أبيه ، ويكفنه في ثوبه فيستجيب رسول الله  ..
أي خلق هذا الذي كان عليه رسول الله  !!؟
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ، فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ  لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  : «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ:اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ». قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ؟ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ( ) .
وأيم الله، لا يمكن أن يفعل هذا إلا رسول الله  .
هذه الأخلاق جعلت الناس يدخلون في دين الله فرادى وجماعات، هذا عبد الله بن سلام يقول : "إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ هُدَى زَيْدِ بن سَعْنَةَ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: مَا مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلا اثْنَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَلْطَفُ لَهُ إِلَى أَنْ أُخَالِطَهُ، فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِهِ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ، وَمَعَهُ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِقِرَايَ قَرْيَةَ بني فُلانٍ، قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ، وَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا، وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سِنَةٌ وَشِدَّةٌ وَقُحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ، فَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الإِسْلامِ طَمَعًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُغِيثُهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ أُرَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، فاستدان من زيدٍ بعدما طلب زيدٌ إليه ذلك ، قال زيد : فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ، وَدَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ، أَتَيْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلا تَقْضِينِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكُمْ بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِمُطْلٍ، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ. وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ وَإِذَا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ مَا أَسْمَعُ، وَتَصْنَعُ بِهِ مَا أَرَى، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، لَوْلا مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ ( ) ، لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ. وَرَسُولُ اللَّهِ  يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ، ثُمَّ قَالَ:«يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا، أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ اتِّبَاعِهِ، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَأَعْطِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رَعَبْتَهِ». قَالَ زَيْدٌ: فَذَهَبَ بِي عُمَرُ فَأَعْطَانِي حَقِّي، وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أَمَرَنِي بِهَا رَسُولُ اللَّهِ  أَنْ أَزِيدَكَ مَكَانَ مَا رَعَبْتُكَ، قَالَ: وَتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ؟ قَالَ: لا، فَمَا دَعَاكَ أَنْ فَعَلْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ  مَا فَعَلْتَ ، وَقُلْتُ لَهُ مَا قُلْتُ؟ قُلْتُ: يَا عُمَرُ، لَمْ يَكُنْ مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ، إِلا وَقَدْ عَرَفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ  حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلا اثْنَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا، فَقَدِ اخْتَبَرْتُهُمَا، فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ شَطْرَ مَالِي صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، قَالَ عُمَرُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَإِنَّكَ لا تَسَعُهُمْ، قُلْتُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ. فَرَجِعَ عُمَرُ، وَزَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَتَابَعَهُ، وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي غَزْوَةَ تَبُوكٍ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ، رَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا" ( ).
ومن صور حلمه وعفوه عنهم ما رواه جابر بن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ  قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ ( ) فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ  وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ  تَحْتَ سَمُرَةٍ ( ) فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، فَنِمْنَا نَوْمَةً ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ  يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ» ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ  ( ).
وفي المسند ( ) : فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَالَ :«مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي»؟ قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ:«أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ.
وكان نبينا  يدعو لهم بالهداية والمغفرة ( ) ..
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود  قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ:«رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» ( ) . وهذا حدث يوم أُحد.
يأتي إليه الطُّفَيْلُ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، فَقَالَ :«اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ» ( ) .
كان  يعاملهم بالرفق ..
سَارَ النَّبِيُّ  -لما أراد العمرة التي منع فيها - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ ( ) ، فَأَلَحَّتْ ( ) ، فَقَالُوا: خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ ( ) ، فَقَالَ النَّبِيُّ  :«مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ». ثُمَّ قَالَ :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا» ( ) .
ولما أرادوا أن يكتبوا بنود صلح الحديبية وأملى رسول الله  على علي  :«هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ»، قال المشركون : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنْ اكْتُبْ :مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَرِنِي مَكَانَهَا»، فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا ( ) .
وتأمل هذه الحادثة : عن أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ. فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«فَقَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ» ( ) .
وعاملهم نبينا  بالوفاء ..
فلقد قال في أُسَارَى بَدْرٍ :«لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ» ( ) . قالها وفاءً له ؛ فإنّ النبي  لما انصرف عن أهل الطائف ، ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه من تصديقه ونصرته صار إلى حراء ، ثم بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره ، فقال : أنا حليف والحليف لا يجير . فبعث إلى سهيل بن عمرو ، فقال : إن بني عامر لا تجير على بني كعب . فبعث إلى المطعم بن عدي فأجابه إلى ذلك ، ثم تسلح المطعم وأهل بيته وخرجوا حتى أتوا المسجد ، ثم بعث إلى رسول الله  : أن ادخل فدخل رسول الله  ، فطاف بالبيت ، وصلى عنده ، ثم انصرف إلى منزله .
ولما ذهب حُيَي بْنُ أَخْطَب النّضْرِيّ إلى كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ الْقُرَظِيّ الذي عاهد النبي أراد حيي يوم الأحزاب من كعب أن ينبذ عهده ، فكان فيما قاله له كعب : " وَيْحَك يَا حُيَيّ فَدَعْنِي وَمَا أَنَا عَلَيْهِ ؛ فَإِنّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمّدٍ إلّا صِدْقًا وَوَفَاءً " ( ) .
ولما فتح مكة أخذ المفتاح من عثمان بن طلحة، وصلى في جوف الكعبة، جَلَسَ رَسُولُ اللّهِ  فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَامَ إلَيْهِ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمِفْتَاحُ الْكَعْبَةِ فِي يَدِهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، اجْمَعْ لَنَا الْحِجَابَةَ مَعَ السّقَايَةِ صَلّى اللّهُ عَلَيْك ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ  :«أَيْنَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ» ؟ فَدُعِيَ لَهُ ، فَقَالَ : «هَاكَ مِفْتَاحَك يَا عُثْمَانُ ، الْيَوْمُ يَوْمُ بِرّ وَوَفَاءٍ»( ).
ولما جاء إليه سراقة بن مالك بعد دخوله مكة بالكتاب الذي أمر بأن يُكتب له في طريق الهجرة قال  :«هذا يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ» ، فأسلم سراقة ( ) .
فياليتنا عاملنا إخواننا وأحبابنا بما عامل به رسول الله  أعداءه وأعداءنا .

قال تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران :159] .
قال ابن كثير رحمه الله :" أي: برحمة من الله ، وقال الحسن البصري: هذا خُلُقُ محمد  بعثه الله به. وهذه الآية الكريمة شبيهة بقوله تعالى :  لَقَدْ جَاءَكُمْ رسولٌ من أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ  [التوبة:128]" ( ) .
وقال السعدي رحمه الله :" أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترفقت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك. ولو كنت فظاً أي: سيئ الخلق  غليظ القلب  أي قاسيه،  لانفضوا من حولك  لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ. فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟! أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداء بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به  ، من اللين وحسن الخلق والتأليف؛ امتثالاً لأمر الله، وجذباً لعباد الله لدين الله؟ ثم أمره الله تعالى بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه  ، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله، فيجمع بين العفو والإحسان" ( ) .
ولقد كان نبينا  متواضعاً مع أصحابه ..
أمره الله بذلك فقال :  وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ  [الحجر:88] ، وقال : وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ  [الشعراء:215] ، وقال:وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف:28] ، وقال : وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنعام:52] .
" جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري وغيرهما، فوجدوا رسول الله  مع صهيب، وبلال، وعمار، وخباب، قاعداً في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي  حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت ... فنزلت الآية : ولا تطرد... " ( ) .
عاتبه الله تعالى لأنه تولى عن عبد الله بن أم مكتوم  بسبب أنه شغله عن دعوة المشركين .
وهذه بعض صور تواضع النبي  مع أصحابه ، منها :
أنه كان لا يرضى أن يقومَ له أصحابُه..
روى أنسُ بنُ مالكٍ  قَالَ : لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا؛ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ ( ) .
كان  يمشي مع ذي الحاجة حتى يقضيَ له حاجته ..
ثبت في الصحيح أنه جاءت إليه امرأة كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. فَقَالَ :«يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ»، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا ( ) .
وكانت الأمة من إماء أهل المدينة تأخذ بيد رسول الله  فتنطلق به حيث ( ) .
يقول عبد اللَّهِ بن أَبِي أَوْفَى في نعته :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ الْحَاجَةَ ( ) .
وكان لا يعجبه أن يُبالغ أصحابه في مدحه، أو أن ينزل منزلةً لا تَليق ببشرٍ ..
قال عمر  : سَمِعْتُ النَّبِيَّ  يَقُولُ :«لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ( ) .
وعَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ  غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبائها يَوْمَ بَدْرٍ، فقَالَتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ:«لَا تَقُولِي هَكَذَا، وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ» ( ) .
وكان  يجيب دعوة أصحابه ..
حدث  عن نفسه فقال:«لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ»( ) . والكُرَاع: ظِلْف البهيمة، فيجيب الدعوة ولو كانت كريمةً أو وضيعةً؛ فالذِّراع أحب الطعام إليه .
قال أنس بن مالك  :كان النبي  يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السَّنِخَة فيُجيب، ولقد كان له درع عند يهودي فما وجد ما يفكها حتى مات( ) .
"والإهالة السنخة : أي الدهن المتغير الريح "( ) .
فمن منّا مثلُ رسول الله  ؟!
حدَّث عنه ابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما فقال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَجْلِسُ عَلَى الأَرْضِ, وَيَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ, وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ, وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ( ) .
ويعتقل الشاة أي :" يجعل رجليه بين قوائمها ؛ ليحلبها ، إرشاداً إلى التواضع ، وترك الترفع " ( ) .
بالله عليك أيها القارئ الكريم : من منَّا يرضى أن يُدعى على خبزٍ فقط؟ من منَّا يجيب دعوة رقيق إن وجد؟
من صور تواضعه أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ ، فَسَأَلَ عَنْهَا،فَقَالُوا مَاتَت. قَالَ:«أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي» ؟ فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا فَقَالَ : «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِها»، فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ :«إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» ، فجاء قبرَها فصلى عليها ( ) .
ومن هديه  أنّه كان يزورهم ..
فعن سهل بن حنيف  قال : كان رسول الله  يأتي ضعفاء المسلمين ، ويزورهم ويعود مرضاهم ، ويشهد جنائزهم( ).
وعن أنس  قال كان رسول الله  يزور الأنصار، فيسلِّمُ على صبيانهم، ويمسح برؤوسهم، ويدعو لهم( ).
وزار سعد بن عبادة  واستأذن عليه فقال :« السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله، ولم يُسمِع النبيَّ  حتى سلَّم ثلاثاً وردَّ عليه سعدٌ ثلاثاً ولم يسمعه ، فرجع النبي  واتَّبعه سعد ، فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أُسمِعْك ؛ أحببتُ أن أستكثر من سلامك ومن البركة. ثم أدخله البيت فقرَّب له زبيباً فأكل نبي الله  فلما فرغ قال :« أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ» ( ) .
كان  لا يحب أن يُدفعَ عنه الناس ..
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان  لا يُدفععنه الناس ولا يُضربوا عنه( ) .
كان إذا صافحه رجل لم يبدأ بنزع يده ..
فعن أنس بن مالك  : كان النبي  إذا صافحه رجل لَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْزِعُ ( ) .
كان  لا يحب من أصحابه أن يهابوه ..

فعن أَبِي مَسْعُودٍ  قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ  رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ؛ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ ( ) » ( ).
اسْتَأْذَنَ عليه عُمَرُ  وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ  وَرَسُولُ اللَّهِ  يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:«عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ». قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي، وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ . قُلْنَ: نَعَمْ ؛ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ  .قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» ( ) .
وقولهن لعمر  : "أنت أفظ وأغلظ" أفعل التفضيل هنا على غير بابها، كقول الله تعالى : آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:59] ؛ فإنّ رسول الله  ليس بالفظ ولا بالغليظ كما جاء في القرآن والكتب السابقة، والمراد: أنت فظ غليظ يا عمر.
وكان  عادلاً بينهم لا يحابي أحداً بغير حق ..
قريشٌ أهمتها المرأة المخزومية التي سرقت في غزوة الفتح، فقالوا: من يُكلِّم فيها رسول الله  ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حِبُّ رسول الله ؟ فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله  فقال:«أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»؟ ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ كلمته الخالدة :«إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ( ) .
وكان  يسليهم ، ويعزيهم ..
من صور ذلك ما رواه أنس  قال : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  إِلَى الْخَنْدَقِ، فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنْ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ:
«اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ»
فقالوا مجيبين له:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا ( ) .
وقال قُرَّةُ بنُ إياس  : كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ  إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَهَلَكَ، فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ؛ لِذِكْرِ ابْنِهِ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ  فَقَالَ :«مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا»؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ. فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ  فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ، فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:«يَا فُلَانُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ: أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ، أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ»؟ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ. قَالَ :«فَذَاكَ لَكَ». فقالوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ :«بَلْ لِكُلِّكُمْ» ( ) .
وهكذا كان  يجعل لهم من محنهم منحاً ، ومن الغموم فرحاً ، ومن الألم أملاً.
وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ  قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  -وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ- قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ :«كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» ( ) .
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما :" لقيني رسول الله  فقال لي :« يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا» ؟ قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي ، قتل يوم أحد وترك عيالاً وديناً. قال :« أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ» ؟ فقلت : بلى يا رسول الله . قال:« مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا ، فَقَالَ : يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً . قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ» ( ) .
من أحوال رسول الله  مع أصحابه أنه كان يستشيرهم ..
إعمالاً لقول ربه : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] .
ومن ذلك أنّ النبي  لما علم أنه سيقاتل في بدر -وكان الصحابة قد خرجوا للعير- استشارهم ، قال ابن هشام:" قَالَ رَسُولُ اللّهِ  :«أَشِيرُوا عَلَيّ أَيّهَا النّاس»، وَإِنّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ؛ وَذَلِكَ أَنّهُمْ عَدَدُ النّاسِ وَأَنّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا بُرَاءٌ مِنْ ذِمَامِك حَتّى تَصِلَ إلَى دِيَارِنَا ، فَإِذَا وَصَلْتَ إلَيْنَا ، فَأَنْتَ فِي ذِمّتِنَا نَمْنَعُك مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ  يَتَخَوّفُ أَلّا تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نَصْرَهُ إلّا مِمّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوّهِ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إلَى عَدُوّ مِنْ بِلَادِهِمْ . فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ  قَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : وَاَللّهِ لَكَأَنّك تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ :«أَجَلْ». قَالَ: فَقَدْ آمَنّا بِك وَصَدّقْنَاك، وَشَهِدْنَا أَنّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقّ، وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَا أَرَدْتَ فَنَحْنُ مَعَك، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَك مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا ، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ . لَعَلّ اللّهَ يُرِيك مِنّا مَا تَقَرّ بِهِ عَيْنُك، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللّه . فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ  بِقَوْلِ سَعْدٍ وَنَشّطَهُ ذَلِكَ . ثُمّ قَالَ :«سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنّ اللّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ، وَاَللّهِ لَكَأَنّي الْآنَ أَنْظُرُ إلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ» ( ) .
وفي حادثة الإفك لما فتر الوحي استشار النبي  علياً وأسامة بن زيد وبريرة رضي الله عنهم جميعاً ( ) .
وكان عليه الصلاة والسلام يجود عليهم مما عنده، مع شدة الحاجة ..
ولابد من لفت الانتباه إلى ما كان ينزل بالنبي  من الحاجة والعوز أولاً ، ثم التذكير ببعض النصوص المبينة لجوده وكرمه ؛ فالنفقة من الحاجة دليل على صدق إيمان صاحبها ، وكمال ثقته بالله ، وعظيم شهامته ..
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ، ثُمَّ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ  نَارٌ. فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ؛ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ( ).
بالله عليكم من منّا بلغ هذه الحال التي بلغها نبينا  ؟
وكان  يربط على بطنه الحجر من الغَرَث ( ) ، وهو حديث حسن يشهد له حديث أبي طلحة :شكونا إلى رسول الله  الجوع، و رفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله  عن حجريْن ( ).
وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ  ذَاتَ يَوْمٍ : «يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ»؟ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ . قَالَ :«فَإِنِّي صَائِمٌ». قَالَتْ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  ، فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ  قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا . قَالَ :«مَا هُوَ»؟ قالت: حَيْسٌ ( ). قَالَ :«هَاتِيهِ». فجاءت بِهِ فَأَكَلَ ، ثُمَّ قَالَ :« قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا » ( ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ : إِنِّي مَجْهُودٌ . فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ : لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ . فَقَالَ : « مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ » ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَقَالَ : لِامْرَأَتِهِ هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ قَالَتْ : لَا ، إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي . قَالَ : فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ . فَقَعَدُوا ، وَأَكَلَ الضَّيْفُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ  فَقَالَ :« قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ » ( ) .
عجيب أن يصدر هذا الفعل من ذلك الصحابي ، وعجيب أن تكون الزوجة مثله في الكرم ، وأعجب من ذلك أن تخلو بيوت رسول الله  من كل شيء إلا من الماء ، وهو سيد من لو أقسموا على الله لأبرهم .
إن نبينا  كان لا يَجِدُ مِنْ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ ( )، والدقل رديء التمر.
مع ذلك كان إذا وجد خيراً كان هذا الخير لأصحابه رضي الله عنهم ..
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ  أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ " ( ) .
وحدَّث جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ  فقال : بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ  الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَالَ :«أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا كَذُوبًا وَلَا جَبَانًا» ( ).
وكان يغدق في العطاء لمن يتألفه ..
فقد كان  يتألف قلب من كان حديث عهد بكفر، قَالَ أنس  مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ  عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ ( ).
ومن أحق بهذا البيت من رسول الله  :
ما قال (لا) قطُّ إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعمُ ( ) .
قال الإمام مسلم:" باب ما سئل رسول الله  شيئاً قط فقال : لا" ( ) .
ولتستمع إلى الصحابي الجليل أنس بن مالك  وهو يخبر عن أثر هذه السياسة الرشيدة، يقول: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا، فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى يَكُونَ الْإِسْلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ( ).
وغَزَا رَسُولُ اللَّهِ  غَزْوَةَ الْفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَاقْتَتَلُوا بِحُنَيْنٍ، فَنَصَرَ اللَّهُ دِينَهُ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ  صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنْ النَّعَمِ، ثُمَّ مِائَةً، ثُمَّ مِائَةً. فقَالَ صفوان: وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ  مَا أَعْطَانِي وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ( ).
وإذا حلَّ الجوع بأصحابه فاعلم أنّ قد مرَّ قبلهم برسولهم  ..
هل سمعتم بأكرم ثلاثة على الله أخرجهم الجوعُ من بيوتهم؟
قال أبو هريرة  : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ :«مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ»؟ قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:«وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا»، فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ  :«أَيْنَ فُلَانٌ»؟ قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ:الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي. فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ  :«إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ»، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ» ( ).
كان  إذا أرسل الناس إليه بصدقة جعلها في الفقراء من أصحابه، وإن أُهديت إليه هدية أصاب منها وأشركهم فيها..
لما أهدت إليه يهوديةٌ شاةً أكل منها وأكل أصحابه ( ) .
وجاء إليه سلمان الفارسي حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب ، فوضعها بين يديه، فقال رسول الله  :«ما هذا يَا سَلْمانُ» ؟ قال : صدقة عليك وعلى أصحابك .قال : «ارْفَعْهَا فَإِنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» ، فرفعها ، فجاء من الغد بمثله ، فوضعه بين يديه يحمله ، فقال :« ما هذا يَا سَلْمانُ » ؟ فقال : هدية لك . فقال رسول الله  لأصحابه : «ابْسُطُوا» ( ) .
وهذا أبو هريرة  يحدث عن نفسه فيقول: والله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنْ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمْ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ. ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ. ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ  فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي. ثُمَّ قَالَ :«يَا أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : «الْحَقْ»، وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ:«مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ»؟ قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ. قَالَ:«أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ :«الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي» قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا. فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ  بُدٌّ. فَأَتَيْتُهُمْ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنْ الْبَيْتِ. قَالَ :«يَا أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:«خُذْ فَأَعْطِهِمْ». قَالَ: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ  وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ :«أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:«بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ». قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : «اقْعُدْ فَاشْرَبْ»، فَقَعَدْتُ، فَشَرِبْتُ. فَقَالَ :«اشْرَبْ»، فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ :«اشْرَبْ»، حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ :«فَأَرِنِي»، فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ ( ).
لم يكن  عنيفاً على أصحابه..
جاءه رجلٌ فَقَالَ: هَلَكْتُ. قَالَ:«وَلِمَ»؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ؟ قَالَ:«فَأَعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي. قَالَ:«فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ. قَالَ:«فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» - لم يعنفه وأرشده إلى ما فيه خلاصه من عذاب الله - قَالَ: لَا أَجِدُ. فَأُتِيَ النَّبِيُّ  بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:«أَيْنَ السَّائِلُ»؟ قَالَ: هَا أَنَا ذَا. قَالَ :«تَصَدَّقْ بِهَذَا». قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. فَضَحِكَ النَّبِيُّ  حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ قَالَ :«فَأَنْتُمْ إِذًا» ( ).فلما رجع إلى قومه – وكأني بهم قد وبخوه- قال لهم : وَجَدْتُ عِنْدَكُمْ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ  السَّعَةَ وَحُسْنَ الرَّأْيِ ( ).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ  بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ:«اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي». قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي-وَلَمْ تَعْرِفْهُ-. فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ  فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ:«إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» ( ).
فراعاها النبي  ولم يعنفها.
في الحديبية أمر علياً  أن يكتب :«هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ»، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنْ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« أَرِنِي مَكَانَهَا»، فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا ( ).
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  لِأَصْحَابِهِ :«قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»، فمَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ. حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ( ).
وكان  أرفق بهم من أنفسهم ..
فعن كَهْمَسٍ الْهِلالِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجْتُ عَنْهُ، فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ حَوْلٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَعْرِفُنِي؟، قَالَ:«لا»، قُلْتُ: أَنَا الَّذِي كُنْتُ عِنْدَكَ عَامَ أَوَّلٍ، قَالَ:«فَمَا غَيَّرَكَ بَعْدِي»؟، قَالَ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا بنهَارٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ. قَالَ:«فَمَنْ أَمَرَكَ بِتَعْذِيبِ نَفْسِكَ، صم شهر الصبر، ومن كل شهر يوماً». قلت : زدني . قال : «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، ومن كلِّ شَهْرٍ يَومَيْنِ » . قال : زدني؛ فإني أجد قوة. قال :«صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، ومِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثةَ أَيَّامٍ» ( ).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ  فَقَالَ :«إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ زَمَانٌ أَنْ تَمَلَّ، اقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي. قَالَ :«اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي. قَالَ :«اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي. قَالَ :«اقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي. فَأَبَى ( ).
آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ : كُلْ . قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ فَصَلَّيَا. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ  فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ  :«صَدَقَ سَلْمَانُ» ( ).
صدق سلمان ، وصدق الله .. إذ يقول : لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة :128] .
كان  ينزل –كثيراً- عند رغباتهم ..
وإذا لم يفعل فلمصلحتهم : وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [الحجرات: 7] .
ففي غزوة أحد قَالَ لِأَصْحَابِهِ:«لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِيهَا قَاتَلْنَاهُمْ». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا دُخِلَ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ يُدْخَلُ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ:«شَأْنَكُمْ إِذًا». فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: رَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  رَأْيَهُ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، شَأْنَكَ إِذًا. فَقَالَ :«إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ» ( ).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ  أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ:«إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». قَالَ أَصْحَابُهُ: نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ  :«اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ»، فَغَدَوْا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ  :«إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا». قَالَ: فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ  ( ).
لقد كان نبينا  حريصاً على تعليمهم ..
أساء رجل في صلاته ، فعلمه صفتها وسُمِّي حديثه بحديث المسيء صلاته، وقال : «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ( )، وفي حجة الوادع قال :«لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي، لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» ( ). قال أبو ذر: تَرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ  وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ إِلا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا،فَقَالَ :«مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةِ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ، إِلا وَقَدْ بُيِّنَ لَكُمْ»( ).
وكان يصبر على أسئلتهم ويجيب عنها باذلاً نفسه لهم..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ  بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ : رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ؟ فَقَالَ :«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ». قَالَ :عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ:«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ». قَالَ:عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ :«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجِكَ». قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ:«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ». قَالَ:عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ :«أَنْتَ أَبْصَرُ» ( ).
وكان  يمزح معهم ..
وليس معنى ذلك أنّه كان يقول ما لا وجود له ! هذا كذب لا يمكن أن يصدر عن مؤمن فضلاً عن رسول الله  ، ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  أَنَّهُ قَالَ :«إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا». قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ :فَإِنَّكَ تُدَاعِبُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ :«إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا» ( ).
ومن صور مزاحه  مع أصحابه :
أنّه رأى صهيباً وهو يأكل تمراً ، وبعينه رمد، فقال :« أتأكُلُ التَّمْرَ وبِكَ رَمَدٌ»؟ فقال-وكان حسن البديهة- : إنما آكل على شقي الصحيح ليس به رمد. فضحك رسول الله  ( ).
وعَنْ أَنَسٍ  أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا كَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ  الْهَدِيَّةَ مِنْ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ  :«إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ»، وَكَانَ النَّبِيُّ  يُحِبُّهُ، وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ  يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ  فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ  حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ  يَقُولُ :«مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ»؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ  :«لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ» ( ).
وأتت إليه عجوز فقالت : يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال :«يا أمَّ فُلانٍ ، إنَّ الجنَّةَ لا تَدْخُلُها عَجُوْزٌ» قال : فولَّت تَبْكِي فَقَال :«أخْبِرُوها أنَّها لا تَدْخُلُها وهي عَجُوزٌ، إن الله تعالى يقول : إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا»[الواقعة: 35-37] ( ).
ومن أحواله معهم أنّه  كان يضاحكهم ..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  أَنَّ النَّبِيَّ  اضْطَجَعَ عَلَى نَطْعٍ، فَعَرِقَ، فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى عَرَقِهِ فَنَشَّفَتْهُ فَجَعَلَتْهُ فِي قَارُورَةٍ، فَرَآهَا النَّبِيُّ  قَالَ :«مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ»؟ قَالَتْ: أَجْعَلُ عَرَقَكَ فِي طِيبِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ  ( ) .
وكَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ مُضْطَجِعًا إِلَى جَنْبِ امْرَأَتِهِ، فَقَامَ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، وَفَزِعَتِ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَجِدْهُ فِي مَضْجَعِهِ، فَقَامَتْ وَخَرَجَتْ فَرَأَتْهُ عَلَى جَارِيَتِهِ، فَرَجَعَتْ إِلَى الْبَيْتِ، فَأَخَذَتِ الشَّفْرَةَ ثُمَّ خَرَجَتْ وَفَرَغَ، فَقَامَ فَلَقِيَهَا تَحْمِلُ الشَّفْرَةَ فَقَالَ : مَهْيَمْ ( ) ؟ فَقَالَتْ: مَهْيَمْ ! لَوْ أَدْرَكْتُكَ حَيْثُ رَأَيْتُكَ لَوَجَأْتُ بَيْنَ كَتِفَيْكَ بِهَذِهِ الشَّفْرَةِ. قَالَ: وَأَيْنَ رَأَيْتِنِى؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ عَلَى الْجَارِيَةِ. فَقَالَ: مَا رَأَيْتِنِى، وَقَالَ: قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ  أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُنَا الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ. قَالَتْ: فَاقْرَأْ. فَقَالَ :
أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُـو كِتَابَهُ كَمَا لاَحَ مَشْهُورٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ
أَتَى بِالْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِـــعُ
يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
فَقَالَتْ : آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ الْبَصَرَ. ثُمَّ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَأَخْبَرَهُ فَضَحِكَ حَتَّى بدت نَوَاجِذَهُ  ( ).
ومما لا ريب فيه أنّ مجيء عبد الله بن رواحة إليه ليحدثه بذلك دليل على أنسهم به، وبساطته معهم ، وبشاشته ، وخفة فؤاده .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ  قَالَ: أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَالْتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا. قَالَ: فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ  مُتَبَسِّمًا ( ).
وعَنْ أَنَسٍ  قَالَ: جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ  مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ مُتَقَلِّدَةً خِنْجَرًا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ  :«مَا تَصْنَعِينَ بِهِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ»؟ قَالَتْ أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنْهُمْ طَعَنْتُهُ بِهِ ( ).
وفيه : كريم معاملة النبي لأصحابه ؛ رجالاً ونساءً ، وأنه لا بأس من تسلح المرأة لتدافع عن نفسها.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ:«أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. قَالَ: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ. فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا؛ فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ  ( ).
فكان الصحابة يمازحونه؛ لعلمهم بتواضعه وكريم أخلاقه معهم .. قال عوف بن مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ، وَقَالَ:«ادْخُلْ». فَقُلْتُ :أَكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:«كُلُّكَ». فَدَخَلْتُ ( ).
لقد كان  لا يرضى لأحدٍ أن يحتقر أو يسبَّ أحداً من أصحابه ولو كان صحابياً مثله ..
فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ  كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ  قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ؛ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ  :«لَا تَلْعَنُوهُ؛ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ( ) .
وهو دليل على أنّ الكبائر لا تخرج أصحابها من الإيمان ، وعلى حكمة النبي  ، فإن المراد استصلاح المخطئ لا إقصاؤه وإبعاده ، فما أعظم شفقته على أمته !
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ  أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنْ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتْ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«مِمَّ تَضْحَكُونَ»؟ قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ. فَقَالَ :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ» ( ).
وعن أبي سعيد  قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله  :« لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» ( ).
وفي هذه الأخبار دليل على أنّ الذب عن الصحابة هدي سيد الأولين والآخرين، بل وهدي القرآن الكريم .. أما تجد فيه قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ [البقرة :13] ، فلما نال المنافقون منهم – وهكذا لا ينال منهم إلا منافق – ذبَّ الله عنهم ( ).
وكان  يغضب إذا أُغضب أبو بكر  ، قال أبو الدَّرْدَاءِ  :كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ ، حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  -قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ :وَنَحْنُ عِنْدَهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ( )». وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ ، وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ  ، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  الْخَبَرَ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء:ِ وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ: يَقُولُ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ» ( ).
وكان َبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وبين ربيعة الأسلمي كَلَامٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلِمَةً كَرِهَهَا وَنَدِمَ، فَقَالَ: يَا رَبِيعَةُ رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا. قَالَ : لَا أَفْعَلُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَتَقُولَنَّ أَوْ لَأَسْتَعْدِيَنَّ عَلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ . فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ  إِلَى النَّبِيِّ ، قال ربيعة: وَانْطَلَقْتُ أَتْلُوهُ، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ فَقَالُوا لِي : رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ  وَهُوَ قَالَ لَكَ مَا قَالَ؟ فَقُلْتُ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، هَذَا ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَهَذَا ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ، إِيَّاكُمْ، لَا يَلْتَفِتُ فَيَرَاكُمْ تَنْصُرُونِي عَلَيْهِ؛ فَيَغْضَبَ، فَيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ  فَيَغْضَبَ لِغَضَبِهِ، فَيَغْضَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِغَضَبِهِمَا، فَيُهْلِكَ رَبِيعَةَ. قَالُوا: مَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ارْجِعُوا. قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ  إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَتَبِعْتُهُ وَحْدِي حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ ، فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ كَمَا كَانَ، فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ فَقَالَ :«يَا رَبِيعَةُ، مَا لَكَ وَلِلصِّدِّيقِ»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ كَذَا كَانَ كَذَا، قَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهَهَا، فَقَالَ لِي: قُلْ كَمَا قُلْتُ؛ حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا، فَأَبَيْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَجَلْ، فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قُلْ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ». فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، قَالَ الْحَسَنُ: فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ  وَهُوَ يَبْكِي ( ).
فعلى المسلم أن يعرف لذاك الشيخ قدره .. فوالله لا يفضله أحد إلا رسول الله .
وكان  يثني عليهم ..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» ( ).
ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث أَبِي بَكْرَةَ  الذي قال فيه : أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ  فَقَالَ :«وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ -مِرَارًا- مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ» ( ). فالحي إن كان ممن يخاف عليه الفتنة بذكر ما فيه من المحاسن فهو ممنوع ، وإلا فلا بأس به . وإنما قال :« قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ » ؛ لأن في قطع العنق موت البدن، وفي المدح موت الدين بالعجب الذي يورثه المدح .
وكان  ناصحاً لهم ..
قالت فاطمة بنت قيس للنبي  : إنّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ»، قالت : فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ :«انْكِحِي أُسَامَةَ»، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ ( ).
أي: اغْتَبَطَتْنِي النِّسَاء لِحَظٍّ كَانَ لِي مِنْهُ .
قال النووي رحمه الله :" قوله  :« فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ» : فيه تأويلان مشهوران : أحدهما أنه كثير الأسفار، والثاني أنه كثير الضرب للنساء ، وهذا أصح ، بدليل الرواية التي ذكرها مسلم بعد هذه أنه «ضَرَّابٌ للنِّسَاءِ» ، وفيه دليل على جواز ذكر الإنسان بما فيه عند المشاورة وطلب النصيحة ، ولا يكون هذا من الغيبة المحرمة ، بل من النصيحة الواجبة" ( ) .
وكان  يصلح بينهم ..
والله تعالى يقول : لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء :114] .
فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ؛ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ ( ).
وعن جابر  قال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ  ، وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ ( ) ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا (2) ، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ  فَقَالَ :«مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ» ( ).
كان  يقوم على حمايتهم ..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ  رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ :«لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا» ( ).
قال ابن حجر رحمه الله :" وقوله :«لم تراعوا»: هي كلمة تقال عند تسكين الروع؛ تأنيساً، وإظهاراً للرفق بالمخاطب" ( ).
وربما تحامل على نفسه  ؛ لئلا يؤذيهم ..
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ  [الأحزاب: 53] .
قال السعدي رحمه الله :" يأمر تعالى عباده المؤمنين، بالتأدب مع رسول اللّه  في دخول بيوته فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ أي: لا تدخلوها بغير إذن للدخول فيها، لأجل الطعام. وأيضًا لا تكونوا نَاظِرِينَ إِنَاهُأي: منتظرين ومتأنين لانتظار نضجه، أو سعة صدر بعد الفراغ منه. والمعنى: أنكم لا تدخلوا بيوت النبي إلا بشرطين: الإذن لكم بالدخول، وأن يكون جلوسكم بمقدار الحاجة، ولهذا قال: وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ  أي: قبل الطعام وبعده. ثم بين حكمة النهي وفائدته فقال: إِنَّ ذَلِكُمْ  أي: انتظاركم الزائد على الحاجة، كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ أي: يتكلف منه ويشق عليه حبسكم إياه عن شئون بيته، واشتغاله فيه فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ  أن يقول لكم: اخرجوا كما هو جاري العادة، أن الناس -وخصوصًا أهل الكرم منهم- يستحيون أن يخرجوا الناس من مساكنهم، و لكن اللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ؛ فالأمر الشرعي، ولو كان يتوهم أن في تركه أدباً وحياءً، فإن الحزم كل الحزم اتباع الأمر الشرعي، وأن يجزم أنَّ ما خالفه، ليس من الأدب في شيء. واللّه تعالى لا يستحي أن يأمركم، بما فيه الخير لكم، والرفق لرسوله كائنًا ما كان " ( ).
وانظر إلى هذا الحس المرهف ، والتعامل الراقي ، الذي لا يريد صاحبه أن يخدش كرامة أحد من أصحابه .. يقول أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  : دخل النبي  المسجد فَرَأَى رَجُلًا جَالِسًا وَسَطَ الْمَسْجِدِ مُشَبِّكًا بَيْنَ أَصَابِعِهِ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ  فَلَمْ يَفْطِنْ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَقَالَ :«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ؛ فَإِنَّ التَّشْبِيكَ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ»( ).
إني لأعجب كيف لقلب رجل أن يستوعب كل هذه الحكمة والرحمة والرفق والشفقة؟!
كان  لا يرضى أن يجد أحد منهم في نفسه عليه ..
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  قَالَ: لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ  مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ الْقَالَةُ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ  قَوْمَهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ؛ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ، قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ. قَالَ: «فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ»؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي. قَالَ :«فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ» ، فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ، فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا، وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ: قَدْ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ  فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمَّ قَالَ : «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ؟ وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ»؟ قَالُوا: بَلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ. قَالَ :«أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ»؟ قَالُوا : وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ. قَالَ :«أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ، أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ. أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ ( ) مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ، أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ  فِي رِحَالِكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ». قَالَ : فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ  وَتَفَرَّقوا ( ).
وأما حال النبي  مع أزواجه فهذا ما تقف عنده العبارة لنعته على عتبة الحيرة أمداً ، ولئلا أزجَّ بنفسي في امتحان بلاغة وتعبير أكتفي بسرد النصوص الدالة على حسن معاشرته لهم ، وكريم أخلاقه معهم .
وكيف لا يكون حاله كذلك وهو القائل في يوم عرفة :
«اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ؛ فإنَّكمْ أخَذْتُمُوهنَّ بأمَانِ اللهِ ( ) ، واسْتَحْلَلْتُم فُرُوْجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ ( )»( ).
وهو القائل  : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» ( ) . ولفظ مسلم :«إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ» . وعن سمرة بن جندب  قال : قال رسول الله  : «إن المرأةَ خُلِقت مِن ضِلَع، فإنْ أقَمْتَها كسرتَها ، فدارِها تَعِشْ بِها» ( ).
لقد كان النبي  وفياً لأزواجه ..
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلَائِلِهَا ( ) .
وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ  مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا رَأَيْتُهَا ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ  يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ : كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ ؟! فَيَقُولُ : «إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ» ( ) .
وعَنْ مَسْرُوقٍ رحمه الله ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ  إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ ، فَغِرْتُ يَوْمًا ، فَقُلْتُ : مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ ! قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا . قَالَ :«مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا ، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ» ( ) .
ما أعظمَ وفاءَ نبيِّنا  ! لقد كان من الممكن أن يُمِرَّ مقالة عائشة رضي الله عنها، أو يسكت عن ذلك ، ولكنه آثر الذب عن زوجه الأولى ، وهذا من وفائه صلوات الله وتسليماته عليه . وأرسل إلى أصدقاء خديجة مرةً من شاة ذبحها ، فأسمعته عائشة –رضي الله عنهما- ما يغضبه ، فقال :«إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا» ( ) .
الوفاء .. لا يعجب الإنسان منه بقدر ما يعجب من لغة حوت معناه بكلمة ، هو رأس النبل ، وبه تستمد معاني الإنسانية بقاءها ، وحياة بدونه يفضلها انقطاعها ، قلِّب نظرَك حيث شئت ، فهل تجد من أهله إلا عظيماً كريماً ؟!
وكان  يسأل عن حاجتهن ويتفقد أحوالهنَّ كل يوم ..
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا انْصَرَفَ مِنْ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ من غير مَسِيْسٍ ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا" ( ) .
كان رسولنا  يلاعب نساءه ..
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ  فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ :« تَقَدَّمُوا » ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ لِي :«تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ » ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقْتُهُ ، فَسَكَتَ عَنِّي ، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ :« تَقَدَّمُوا » ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ :« تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ » ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ :« هَذِهِ بِتِلْكَ » ( ) .
وهو القائل عليه الصلاة والسلام :« إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ ، إِلَّا رَمْيَةَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ » ( ) .
وكان  يمازحهنَّ ..
فلقد تدافع يوماً مع عائشة للخروج من الباب على سبيل الممازحة ( ) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ  ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي وَأَنَا أَقُولُ : وَا رَأْسَاهْ . قَالَ : «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ» ، قَالَ:« مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ » . قُلْتُ : لَكَأَنِّي بِكَ وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ . قَالَتْ : فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ  ثُمَّ بُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ( ).
وكان عليه لصلاة والسلام يعين نساءه في عمل البيت ..
سئلت عائشةُ : مَا كَانَ النَّبِيُّ  يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ :" كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ( ).
وسئلت : مَا كَانَ النَّبِيُّ  يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَكَانَ يَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ ( ).
وكان  يصبر على أذيتهنَّ ..
ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله  ، فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم ، قال : فأذن لأبي بكر فدخل ، ثم أقبل عمر فاستأذن ، فأذن له ، فوجد النبي  جالساً حوله نساؤه واجماً ساكتاً ، قال : فقال : لأقولن شيئاً أضحك النبي  ، فقال : يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فَوَجأْتُ ( ) عنقَها . فضحك رسول الله  وقال : «هنَّ حَولي كما تَرى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ» فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، فنهاهما رسول الله  ، كلاهما يقول : تسألن رسول الله  ما ليس عنده ؟ فقلن : والله لا نسأل رسول الله  شيئاً أبداً ليس عنده . ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين ، ثم نزلت عليه هذه الآية :يا أيها النبي قل لأزواجك حتى بلغ للمحسنات منكن أجراً عظيماً ، فبدأ بعائشة فقال : « يَا عَائِشَةُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ». قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية ، قالت : أفيك يا رسول الله أستشير أبوي ؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة ، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت . قال :«لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَخْبَرْتُهَا ؛ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» ( ) .
وتأمل هذه القصة ، مع أنّ النبي  قد تأذى من سؤالهنّ صبر عليهنّ ، وقام أبو بكر وعمر على ليقرع كل واحد منهما بنته فمنعهما رسول الله  ، وتسأله عائشة أن لا يخبر واحدةً منهنّ بما اختارته فيعارضها؛ حرصاً منه على ما ينفعهنّ ..
إني لأسأل مراراً : كيف لقلب أن يتسع لكل هذه الرحمة ؟! وأيم الله إنّ التأمل في مثل هذه القصص لَمن أكبر ما يحمل على الرجاء في رحمة الله ، فإذا كان هذا حال من خلقه الله ، فكيف برحمة الله بعباده ؟!
كان  سهلاً ليناً هيناً معهنَّ ..
لما أرادت عائشة أن تأتي بالعمرة بعد الحج أذن لها النبي  ، قال جابر  : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ  رَجُلًا سَهْلًا إِذَا هَوِيَتْ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ ، فَأَرْسَلَهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مِنْ التَّنْعِيمِ ( ).
لم يكن  بالعنيف عليهنّ ..
فعَنْ أَنَسٍ  : أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتْ يَدَ الْخَادِمِ ، فَسَقَطَتْ الْقَصْعَةُ ، فَانْفَلَقَتْ ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ  فَضَمَّ الْكَسْرَيْنِ وَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ :«غَارَتْ أُمُّكُمْ، غَارَتْ أُمُّكُمْ» ، وَيَقُولُ لِلْقَوْمِ :«كُلُوا» . وَحَبَسَ الرَّسُولَ حَتَّى جَاءَتْ الْأُخْرَى بِقَصْعَتِهَا ، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ رَسُولُ اللَّهِ  إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ قَصْعَتُهَا وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةُ لِلَّتِي كَسَرَتْ ( ).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : عَثَرَ أُسَامَةُ بِعَتَبَةِ الْبَابِ ، فَشُجَّ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :«أَمِيطِي عَنْهُ الْأَذَى» . قالت : فَتَقَذَّرْتُهُ ، فَجَعَلَ يَمُصُّ عَنْهُ الدَّمَ وَيَمُجُّهُ عَنْ وَجْهِهِ ( ).
والشاهد مراعاته لها وعدم تعنيفه إذ لم تطق فعل ذلك .
وما كان  يضرب نساءه ..
فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ  شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّه ( )
وقال عليه الصلاة والسلام :« بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْفَحْلِ أَوْ الْعَبْدِ ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا » ( ) .
لوام رخّص النبي  فِي ضرب النساء أَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ  نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ  :« لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ » ( ) .
كان  يعدل بينهنّ ..
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ ، وَيَقُولُ :«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» ( ).
وقالت : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا" ( ).
ومن عدله أنه كان إذا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا سافر بها( ).
وكان  يوجِّهُهن ، ويأمرُهن بالمعروف ، وينهاهنّ عن المنكر ..
فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ النَّبِيَّ  اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ :«سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتْنَةِ ؟ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ ؟ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ» ( ).
والمراد فتح الدنيا على العباد ، مما يفضي إلى تنافسهم فيها، والمراد بصواحب الحجر نساؤه، وإيقاظهن للصلاة في جوف الليل ( ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ  : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا - تَعْنِي قَصِيرَةً - فَقَالَ :«لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» ( ).
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها : أَنَّ النَّبِيَّ  خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ ، فَقَالَ :«مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا»؟ قَالَتْ : نَعَمْ . فقال النَّبِيُّ  : «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَا نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» ( ).
وكان  يحوطهن ويغار عليهنَّ ..
فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ  أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَّبِيِّ  وَالنَّبِيُّ  يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالْمِدْرَى ( ) ، فَقَالَ :«لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ ، إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْأَبْصَارِ» ( ).
وكان عليه الصلاة والسلام يشاور نساءه ..
لما فرغ من قضية الكتاب في الحديبية قال لأصحابه :«قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»، فمَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ. حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ( ).
وبالجملة فقد كان  أحسن الناس خلقاً في بيته ..
ولم لا يكون كذلك وهو القائل : «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ» ( ) .
ومما يجلي ذلك :
أرادت صفية رضي الله عنها مرة أن تركب على ظهر بعيرها ، فوضع رجله على الأرض ، وصعدت صفية على ركبته إلى البعير ( ) .
وكان ينادي عائشة رضي الله عنها ويقول : «يا عائش» بالترخيم ( ).
وكان يسرب الجواري إلى عائشة رضي الله عنها لما كانت جارية ليلعبن معها ( ).
تقول أمنا عائشة رضي الله عنها : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ  مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّتْ رِيحٌ ، فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لُعَبٍ ، فَقَالَ :«مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ»؟ قَالَتْ : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ فَقَالَ :«مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ» ؟ قَالَتْ : فَرَسٌ . قَالَ :«وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ» ؟ قَالَتْ : جَنَاحَانِ . قَالَ :«فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ»؟! قَالَتْ : أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ قَالَتْ : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ ( ).
وعنها قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ( ).
وتقول كذلك : كان النبي  يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ ( ).
وعَنْ شُرَيْحٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلْتُهَا : هَلْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَهِيَ طَامِثٌ ( ) ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَدْعُونِي فَآكُلُ مَعَهُ وَأَنَا عَارِكٌ (4) ، وَكَانَ يَأْخُذُ الْعَرْقَ ( ) ، فَيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ فَأَعْتَرِقُ مِنْهُ ثُمَّ أَضَعُهُ ، فَيَأْخُذُهُ ، فَيَعْتَرِقُ مِنْهُ ، وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنْ الْعَرْقِ ، وَيَدْعُو بِالشَّرَابِ فَيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ ، فَآخُذُهُ ، فَأَشْرَبُ مِنْهُ ، ثُمَّ أَضَعُهُ ، فَيَأْخُذُهُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ ، وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنْ الْقَدَحِ ( ).
تدخل عائشة على زينب رضي الله عنهما وهي غضبى ، وتقول زينب للنبي  : أَحَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا ( ) ، فقال النبي  لعائشة :«دُونَكِ فَانْتَصِرِي» ، قالت : فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا وَقَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا ( ) فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ  يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ ( ).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ  يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ ( ).
وَكَانَ الصحابة قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ  عَائِشَةَ ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  أَخَّرَهَا ، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، فقلن أزواجه لأم سلمة : كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ  يُكَلِّمُ النَّاسَ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ . فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا ، فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا . فَقُلْنَ لَهَا : فَكَلِّمِيهِ . فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا . فَسَأَلْنَهَا ، فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا . فَقُلْنَ لَهَا : كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ . فَدَارَ إِلَيْهَا ، فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ لَهَا :«لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ ؛ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ » . فَقَالَتْ : أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بنته رضي الله عنها ، لتكلمه فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ :«يَا بُنَيَّةُ ، أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»؟ قَالَتْ : بَلَى . فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ . فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، فَأَتَتْهُ ، فَأَغْلَظَتْ ، وَقَالَتْ : إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا ، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ ، فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ  إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ :« إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ » ( ).
ودعا  مرةً أبا بكر ، فاستعذره من عائشة ، فبينا هما عنده قالت : إنك لتقول : إنك لنبي ، فقام إليها أبو بكر فضرب خدها، فقال النبي : «مَهْ يَا أبَا بَكْرٍ ! مَا لِهَذَا دَعَونَاك» ( ) .
وأستسمح القارئ الكريم أن أطرح هذا السؤال قبل أن أغادر إلى محور آخر : لو تمثلنا بهذه الأخلاق في بيوتنا فهل يمكن للمشاكل الزوجية أن تعرف طريقاً إلى حياتنا؟
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وأما معاملة النبي  لمن يخدمه وحاله معهم :
فإنه  لم يكن يلوم ويعاتب خدمه ..
فعَنْ أَنَسٍ  قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ  الْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا ، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا ( ) .
فهل يمكن للواحد منّا أن يمر عليه يومٌ واحد فقط بدون أن يتوجه فيه بالعتاب للخادم ؟!
وكان  يقيل عثراتهم ، ويضاحكهم ..
قَالَ أَنَسٌ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَخَرَجْتُ حَتَّى مررت عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فلعبت معهم ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ  قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ:«يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ»؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ( ) .
وكان  يسأل الخادم عن حاجته ..
فعَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ خَادِمٍ لِلنَّبِيِّ  رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ  مِمَّا يَقُولُ لِلْخَادِمِ: «أَلَكَ حَاجَةٌ»؟ قَالَ: حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَاجَتِي. قَالَ :«وَمَا حَاجَتُكَ»؟ قَالَ: حَاجَتِي أَنْ تَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ :«وَمَنْ دَلَّكَ عَلَى هَذَا»؟ قَالَ: رَبِّي. قَالَ :«إِمَّا لَا فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» ( ) .
وكان  يراعي مشاعر من يخدمه ..
ومما يبين ذلك حديث أبي هريرة  عن النبي  قال :«إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» ( ) .
العجيب أن يلتفت إلى هذه المسائل التي نعدها أموراً صغيرةً، ولكنْ لها أثر كبير في النفس، وهو مشغول بقضايا أمة بأكملها !
وكان  لا يرضى أن يُضرب الخادم والمملوك ..
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي :«اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمْ الصَّوْتَ مِنْ الْغَضَبِ. فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ:«اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ». قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ :«اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ». فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا ( ) .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله  يقول:«مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ» ( ) .
وأوصى  بهم خيراً ..
فمن آخر وصاياه وهو في فراش الموت :«الصلاةَ وما ملكت أيمانكم» ( ) .

وأما حاله  مع أرحامه فقد كان  ناصحاً لهم ..
نزلت الآية عليه : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]، فصَعِدَ النَّبِيُّ  عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي : «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ» - لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا ؛ لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ:«أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ»؟ قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا. قَالَ :«فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ:تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَب [أول سورة المسد] ( ) .
كان يتجاوز عنهم وعن كل من أساء إليه ..
وقد سبق معنا أثر ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بالأبواء ( ) .
وانظر كيف كان  يعامل بنته فاطمة رضي الله عنها ..
تقول عائشة رضي الله عنها: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا مِنْ فَاطِمَةَ، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا ( ) .
ومن يشابه أبه فما ظلم .
ولكن هذه المحبة لم تكن لتحمله على أن يؤثرها بما ليس لها، فعنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ  أنّه دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها، وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ يَبْكِيَانِ، فَقَالَ:«مَا يُبْكِيهِمَا»؟ قَالَتْ: الْجُوعُ ( ) .
وكلنا يعلم أَنَّ قُرَيْشًا لما أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ وشفع فيها أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ  ، قال رسول الله  كلمته الخالدة :« أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»؟ ثُمَّ قَامَ ، فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ :« إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ( ) .
وكان  يبكي إذا فقد عزيزاً من أقربائه ..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دخل النبي  على ابنه إبراهيم وهو يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ  تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ  :وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ :«يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ»، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ  :«إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» ( ).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ  -وهي أم كلثوم- وَرَسُولُ اللَّهِ  جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، قَالَ : فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ ( ).
وعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ  إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ:«إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ فَقَالَ :«هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» ( ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ  قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ : «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ» ( ).

وأما حاله مع إخوانه من الأنبياء فقد كان النبي  يذكر فضلهم ويُذكِّر أمته بذلك ، متواضعاً عند ذكره لهم ..
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود  قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ  قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ : إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ  فَسَارَرْتُهُ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا وَاحْمَرَّ وَجْهُهُ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَذْكُرْهُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ :«رَحِمَ اللهُ أَخِي مُوْسَى، قَدْ أَوُذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» ( ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ :«نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوْ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي، وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» ( ).
ومما لا ريب فيه أنّ الأنبياء متفاضلون عند الله ؛ لقول الله تعالى : تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [البقرة :253] ، ولقوله:  وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ [الإسراء :55] .
كما أنَّ مما لا شك فيه ألبتة أنّ نبينا  أفضل الأنبياء، وهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام .
قال الحافظ في الفتح: " إِذَا لَمْ نَشُكّ نَحْنُ فَإِبْرَاهِيم أَوْلَى أَنْ لَا يَشُكّ ، أَيْ لَوْ كَانَ الشَّكّ مُتَطَرِّفًا إِلَى الْأَنْبِيَاء لَكُنْت أَنَا أَحَقّ بِهِ مِنْهُمْ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكّ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَمْ يَشُكّ . وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا مِنْهُ ، أَوْ مِنْ قَبْل أَنْ يُعْلِمهُ اللَّه بِأَنَّهُ أَفْضَل مِنْ إِبْرَاهِيم» ( ).
وفِي حَدِيث أَنَس عِنْد مُسْلِم " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ  : يَا خَيْر الْبَرِّيَّة. قَالَ :«ذَاكَ إِبْرَاهِيم» ( ).
وعن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ :«لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» ( ).
قال النووي رحمه الله :" قال العلماء : هذه الأحاديث تحتمل وجهين : أحدهما أنه  قال هذا قبل أن يعلم أنه أفضل من يونس، فلما علم ذلك قال :«أنا سيد ولد آدم» ولم يقل هنا إنَّ يونس أفضل منه أو من غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
والثاني أنه  قال هذا زجراً عن أن يتخيل أحد من الجاهلين شيئاً من حط مرتبة يونس  من أجل ما في القرآن العزيز من قصته. قال العلماء : وما جرى ليونس  لم يحطَّه من النبوة مثقال ذرة، وخصَّ يونس بالذكر لما ذكرناه من ذكره في القرآن بما ذُكِر"( ).

الحمد لله الذي وفق لإكمال هذا البحث ، وإن أردت أن ألخصه في جملة واحدة لأمكن ذلك ، ليس لبلاغةٍ ولا لقوةِ لغةٍ، ولكن لأن الله أجمل ذلك كلّه بقوله : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
فرسولنا  كان أحسن الناس خلقاً ، يوقر الكبير ، ويرحم الصغير ، كان يلاعب الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، أرحم بهم من أمهاتهم ، يقبلهم ، ويزجر من لا يفعل ذلك بولده ..
كان رحمةً بالإنسان والحيوان .. نهى أن يُتخذ شيء فيه الروح غرضاً ، وأن يحول أحد بين البهيمة وبين ولدها ، وعن المُثْلَةِ به ، وأنبأنا بأنَّ الإحسان إلى البهيمة من أسباب مغفرة الذنوب ، وأن الإساءة إليها قد تلقي بالعبد في نار جهنم ، فدين الإسلام منهج كامل لحياتنا ما فرط الله فيه من شيء ..
كان رفيقاً بالجاهلين ، يستر على المخطئ لا يفضحه ، ينصح ويوجه ويرشد ويأمر بالتي هي أحسن ..
عامل أعداءه بالقوة في معامع القتال ومواقع النزال ، وعاملهم بالرحمة في غيرها ، فحبَّب الكثيرين في الدِّيْن ، فازدحموا على باب الإسلام بعدما علموا صدقه وكريم خلقه ، كان حريصاً على هدايتهم ، يدعو لهم بالهداية ، يعفو عنهم ويحلم ، وفياً معهم ..
وإذا كان هذا حاله مع أعدائه فماذا يمكن أن أقول لبيان حاله مع أصحابه ؟!
ولقد كان  خير الأزواج ، يكرم نساءه، وفياً معهنّ ، يمازحهنّ ويلاعبهنّ ويضاحكهنَّ ، يعفو ويتجاوز عن أخطائهنَّ ، ويصبر على أذيتهنَّ ، لم يكن عنيفاً عليهنَّ، شهد له أصحابه بأنه كان يتساهل معهنَّ في كل أمر ليس فيه معصية لله ، لا يضرب ، ولا يحقر ، ولا يشتم ، ولا يكثر اللوم والعتاب ، يعدل بينهن ، ويرشدهن إلى ما فيه صلاحهنَّ، ويشاورهن في كثير من أموره
وبالجملة .. فإنَّ الكلمة لتقف حائرة إذا أُريد منها نعت سيد الأولين والآخرين ، والله المسئول أن يسلك بنا سبيله ،،،
هذا ، وإني أتشوف لكل نقد يراد به إصلاحه ، وهذا عنوان مراسلتي
qqoopp231@gmail.com
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((حبه .. والصلاة والسلام عليه .. ونسبه الشريف
صلى الله عليه وعلى آله وسلم

لم يحب الناس أحداً من البشر كما أحبوا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ولكن لماذا ؟ لقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ، وعلى قدر الإحسان تكون المحبة . ولذلك كانت المحبة هنا لامتناهية وليس لها حد ، لأن الإحسان الذي تلقته من الهادي البشير صلى الله عليه وسلم إحسان إليها في كامل دنياها ودينها ، أحبته أكثر مما أحبت نفسها وأولادها ، افتدته بأرواحها وبذلت أنفسها رخيصة دفاعاً من أجل مجرد كلمة سمعتها عنه . ويحق لها ذلك ، فإن الإحسان الذي أحسنه إليها ليس أحسان بشر عادي ، صحيح أنه بشر ولكن ليس كالبشر إنه قمة القمم حيث حاز الكمال في كل الفضائل ، كما أن الشيء الذي جاء به إليها ليس إحسانا بشرياً بل سعادة الدنيا والآخرة . لذلك أحبه المسلمون ، لقد كان أفضل نبي ورسول ، وكان أفضل أب وأفضل مولود وأفضل حاكم وأفضل معلم وخير زوج وخير صهر وخير جار ، كان صلى الله عليه وسلم خير الأخيار .

إن المؤلفين عندما يكتبون عن أحد العظماء فإنهم يزيدونه عظمة ، إلا عندما تكون الكتابة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهنا يختلف الأمر وينعكس حيث أننا بالكتابة عن عظمته صلى الله عليه وسلم نتشرب ونقتبس جزءا قليلاً من أي عظمة من جوانب عظمته التي نكتب عنها . يصبح الكلام جميلا عندما نتكلم عن جماله الشريف ، ويصبح الكلام عذباً عندما نتكلم عن أخلاقه الطاهرة ، أما عندما نتكلم عن عبادته وعلاقته بربه فهنا يكون أعظم الكلام .

لقد استحق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم بجدارة المنزلة العالية الرفيعة فأحب الله فاستحق حب الله سبحانه له ، وكان عبداً شكوراً ، وهذه هي السبيل لكل مسلم أن يسلكها .
ونحن المسلمين علينا أن نحمد الله سبحانه ونشكره أن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فالله عز وجل أرسل خير رسول لخير أمة . فعلينا بالحب الصادق له والإيمان به وطاعته واتباعه ، علينا بالشوق إليه والذكر الدائم له ، لكي يرزقنا الله جواره ورؤيته ومرافقته في الجنة ، بل إن من أعظم أمانينا أن نحلم برؤيته في المنام في الدنيا . إن حب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من حب رب محمد عز وجل .

أما الصلاة والسلام عليه فهي من أجمل أنواع ذكره فمع أنها عبادة لله ومع فضائلها في الدين والدنيا إلا أنها لون جميل رائع من ألوان حبه ، حيث تحلو الصلاة والسلام عليه دائماً وأبدا ، في كل حين وفي كل مكان ، وإن كان في أزمنة وأمكنة معينة أكثر فضلاً . الصلاة والسلام عليه يحلو تكرارها وتردادها حتى وكأنها قد أصبحت مثل التنفس أو أعظم . صلى عليه المسلمون نثراً وشعراً ، صلوا عليه لتعطير مجلسهم ، صلوا عليه ليجلي الله همومهم وغمومهم ، صلى عليه التجار والباعة حيث لم يجدوا لترويج بضائعهم أجمل منها . صلى عليه المسلمون عند أفراحهم وأعراسهم إذ لم يجدوا أجمل ولا أحلى ولا أجلب للسعادة في ليلة العرس من التلذذ بذكره والصلاة عليه ، صلت عليه الأمهات عند ملاعبة أطفالهم ، حيث لم تجد الأم شيئاً أفضل لرضيعها ليدخل أذنه وقلبه من الصلاة والسلام على هذا الحبيب . إن الصلاة والسلام عليه هي خير ما ترنمنا وتعطرنا واحتفينا به .

أما نسبه الطاهر الشريف فخير وأعز نسب ، لم يكتب الله سبحانه لأحد من طهر النسب والعفاف ما كتب له ، وذلك ليجمع الله سبحانه له خير ما جمع لأحد من مخلوقاته من الفضل والأخلاق ومن الجمال ومن النسب . فجمع الله تعالى له جمال الباطن وجمال الظاهر وجمال النسب .

اللهم ارزقنا في الدنيا حبه ، وبلغنا زيارته ، وارزقنا في المحشر شفاعته ، وفي جنتك جواره ومرافقته . اللهم آمين .

حسن بن عبيد باحبيشي؟؟؟؟؟؟؟؟
جدة
الآيات الكريمات في فضل سيد الكائنات
صلى الله عليه وعلى آله وسلم

هذه آيات عطرة من كتابه عز وجل في المدح والثناء على خاتم الأنبياء ، عليه أفضل الصلوات وأتم التساليم والثناء . إنه سبحانه أعلم بنبيه ، وهو أحب إليه . إن كلامه عز وجل معجز في كل شيء ، ومعجز أيضاً في وصف سيد الأولين والآخرين ، صلى الله عليه وآله وسلم . إن كلامه هو الأول والآخر ، ولن نجد أي كلام آخر مهما بلغ سيوفي الحبيب المصطفى حقه من الفضل صلى الله عليه وآله وسلم .

1- ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم البقرة 129
2- قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم آل عمران 31
3- فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين آل عمران 129
4- لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين آل عمران 164
5- فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً النساء 41
6- فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً النساء 65
7- من يطع الرسول فقد أطاع الله النساء 80
8- وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً النساء 105
9- وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون الأنفال 33
10- لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم التوبة 128
11- ولقد ءاتيناك سبعاً من المثاني والقرءان العظيم الحجر 87
12- سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من ءاياتنا إنه هو السميع البصير الإسراء 1
13- عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً الإسراء 79
14- طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى طه2
15- وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين الأنبياء 107
16- النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم الأحزاب 6
17- إن الله وملآئكته يصلون على النبي يأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً الأحزاب 56
18- يس والقرءان الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم يس 4
19- إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته
عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصراً عزيزاً الفتح 3
20- إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً الفتح 9
21- إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم الفتح 10
22- محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود الفتح 29
23- يأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم يأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون الحجرات 2
24- والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى النجم 4
25- يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر المجادلة 12
26- وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب الحشر 7
27- هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين الجمعة 2
28- ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجراً غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم القلم 4
29- إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون التكوير 22
30- والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ، ألم نشرح لك صدرك ورفعنا لك ذكرك ، إنا أعطيناك الكوثر

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((رعاية الرسول  للضعفاء
الفقراء . الخدم . العبيد . المعاقين . المسنين المبحث الأول
رحمته للفقراء
المطلب الأول : فضل محمد على الفقراء :
كان النبي  رحمة حقيقة للفقراء ..
رحمة لهم كمشّرع، رحمة لهم كحاكم، ورحمة لهم كغني ، ورحمة لهم كنبي قبل كل شيء!
يقول المستشرق الإسباني جان ليك:
" وقد برهن [] بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف ، ولكل محتاج إلى المساعدة ، كان محمد [] رحمة حقيقة لليتامى والفقراء وابن السبيل والمنكوبين والضعفاء والعمال وأصحاب الكد والعناء" .
وكان - كما تقول كوبولد -: "كريمًا بارًا كأنه الريح السارية، لا يقصده فقير أو بائس إلا تفضل عليه بما لديه، وما لديه كان في أكثر الأحايين قليلاً لا يكاد يكفيه" .
"ومن يجهل أنه [] لم يعدل، إلى آخر عمره، عما يفرضه فقر البادية على سكانها من طراز حياة وشظف عيش؟ وهو لم ينتحل أوضاع الأمراء قط مع ما ناله من غنى وجاه عريض.. وكان [] حليمًا معتدلاً، وكان يأتي بالفقراء إلى بيته ليقاسمهم طعامه" .
وذات مرة " أوحى الله تعالى إلى النبي [] وحيًا شديد المؤاخذة لأنه أدار وجهه عن رجل فقير أعمى ليخاطب رجلاً غنيًا من ذوي النفوذ" .
ويلخص واشنجتون إيرفنج السلوك المالي للنبي  بقوله :
"كان الرسول [] ينفق ما يحصل من جزية أو ما يقع في يديه من غنائم في سبيل انتصار الإسلام، وفي معاونة فقراء المسلمين، وكثيرًا ما كان ينفق في سبيل ذلك آخر درهم في بيت المال.. وهو لم يخلف وراءه دينارًا أو درهمًا أو رقيقًا.. وقد خيره الله بين مفاتيح كنوز الأرض في الدنيا وبين الآخرة فاختار الآخرة !" .
وفي يوم ازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزعت رداءه فقال : "أيها الناس، ردوا علي ردائي ! فو الذي نفسي بيده لو كان عندي عدد شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً " .
ورد على هوازن سباياهم وكانت ستة آلاف، وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله!
وحُملت إليه تسعون ألف درهم فوضعت على حصير !! فقام إليها يقسمها، فمارد سائلاً حتى فرغ منها !.
وأعطى صفوان بن أمية غنماً ملأت وادياً بين جبلين فقال صفوان: أرى محمداً  يعطى عطاء من لا يخشى الفقر !
وفي ذلك؛ نرى في شخص رسول الله  نموذج الحاكم المسلم العفيف، الذي يتعفف عن المغانم والأموال في سبيل سد أبواب الفقر في المجتمع الإسلامي، كما أنه  بهذا المسلك يكون قدوة وأسوة للأغنياء، فيكون محفزاً لهم على البذل والإنفاق فوق الزكاة المفروضة..

المطلب الثاني : نظام الزكاة – نموذجًا:
وفي نظام الزكاة رحمة عملية للفقراء ..
فالحكومة الإسلامية تحّصل زكاة المال من الأغنياء لتردها إلى فقراء الشعب..
فلما بَعث النبيُ  معاذَ بن جبل إلى اليمن ، أوصاه الرسول  قائلاً : " أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" ..
وتعرف الزكاة بأنها الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغنى . وتحسب الزكاة كنسبة 2.5% من المدخرات السنوية إذا تعدت قيمة معينة تعرف بالنصاب .
والزكاة مشتقة في اللغة العربية من زكا والتى تعنى النماء والطهارة والبركة. فإخراج الزكاة طهرة لأموال المسلم وقربة إلى الله تعالى يزداد بها ومجتمعه بركة وصلاحًا .
إذ ينظر الإسلام إلى مال المسلم الغني كأمانة استأمنه الله عليها ينبغي عليه أن يؤدى حقها ويستعملها فيما يرضى الله تعالى .

والزكاة في الإسلام هى أول نظام عرفته البشرية لتحقيق الرعاية للمحتاجين والعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع حيث يعاد توزيع جزء من ثروات الأغنياء على الطبقات الفقيرة والمحتاجين .
وخول "الفقراء حق أخذها إذا امتنع الأغنياء من دفعها طوعاً"، كما بين "ليورودتن" .

وتؤدى الزكاة إلى زيادة تماسك المجتمع وتكافل أفراده والقضاء على الفقر وما يرتبط به من مشاكل اجتماعية واقتصادية وأخلاقية إذا أحسن استغلال أموال الزكاة وصرفها لمستحقيها .
وفي الزكاة يقول "ول ديورانت" :
".. لسنا نجد في التاريخ كله مصلحًا فرض على الأغنياء من (الضرائب) ما فرضه عليهم محمد [] لإعانة الفقراء.." .
ويفصِّل "جاك ريسلر" القول في فضائل الزكاة فيقول :
"كانت الزكاة قبل كل شيء عملاً تعاونيًا حرًا وإداريًا ينظر إليه على أنه فضيلة كبرى. "وفي تنظيم جماعة (المدينة) اعتد النبي [] هذا العمل الخير كضريبة شرعية إجبارية لصالح الفقراء والمعوزين. وسيتحول فيما بعد هذا النظام وسيتولد عنه هيئة من موظفين وبيت مال.. لكن إذا كانت الدولة قد صنعت هذا العمل الخيّر مصدرًا لمواردها، فإن مبدأ الزكاة ظل – بفضل القرآن – فضيلة مارسها المسلمون تلقائيًا بوصفه واجبًا دينيًا. وينبغي أن نزجي الثناء لمحمد [] فقد كان أول من شرع ضريبة تجبى من الأغنياء للفقراء، هكذا أوجد القرآن الرحمة الإجبارية !" .
وما أجمل ما قاله بنكمرت في وصفه لنظام الزكاة، حين قال : "لم أجد دينًا وضع للزكاة تشريعًا شاملاً كالإسلام. والمجتمع الإسلامي الذي يحرص على إخراج الزكاة يخلو من الفقر والحرمان والتشرد.. إنني أتصور لو أن العالم كله اهتدى إلى الإسلام لما بقي على ظهر الأرض جائع أو محروم ! ! والمجتمع المسلم الذي يلتزم بأحكام الإسلام وآدابه مجتمع نظيف سعيد تنعدم فيه الجرائم بكافة ألوانها."
من ناحية أخرى ، فقد حذر سيدنا محمد من مغبة منع الزكاة وتوعد مانع الزكاة بالعذاب الشنيع يوم القيامة، فقال 
"من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع [ نوع من الثعابين ] له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه ( يعني شدقيه ) ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك ".. ثم تلا النبي [] ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة  [آل عمران : الآية 180] " .
وقال مرغبلاً في فريضة الزكاة :"من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره" .
وقال  "ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان : من عبد الله وحده، وعلم أن لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره" .
وقال: "من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، ومن منعها فأنا آخذها وشطر ماله غرمة من غرمات ربنا . لايحل لآل محمد منها شيء" .

المطلب الثالث: دوره  في مكافحة البطالة :
أولاً : ترسيخ قيم العمل والانتاج :
لقد رسخ سيدنا محمد  في المجتمع بتعاليمه الغزيرة قيمًا اجتماعية وتنموية جليلة كالانتاجية والعمل.
فكرس في نفوس المسلمين بغض العطلة، وحب التكسب من عرق الجبين..
فكان رسول الله  يمقت أن يرى الرجل لا شغل له، وقد فضل  ثواب العامل من أجل لقمة العيش على العابد العاكف في المسجد، بل عد الساعي على إطعام بطنه وبطون أهله من الحلال كالخارج في سبيل الله . ونراه في أكثر من موضع يحبذ لكل مسلم فقير أن يحفظ ماء وجهه من سؤال الناس والأفضل له أن يخرج يتكسب من أي وسيلة مشروعة، ولو في جمع الحطب ..
فقال  - مشجعاً على العمل منفرًا من البطالة ـ :"لأن يأخذ أحدكم أحبله، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره؛ فيبيعها فيكف بها وجهه؛ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه" .
قال العلامة القرضاوي :
"فبين الحديث أن مهنة الاحتطاب على ما فيها من مشقة، وما يحوطها من نظرات الازدراء، وما يرجى منها من ربح ضئيل، خير من البطالة وتكفف الناس" .
ثانيًا : قضاء حوائج العاطلين :
تجده  يفكر ويخطط لشاب فقير بحيث يوفر له فرصة عمل يتكسب منها ..
فعن أنس بن مالك: أن رجلاً من الأنصار أتى النبي يسأله (الصدقة)، فقال " أما في بيتك شىء ؟ " قال: بلى ، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه ، وقعب نشرب فيه من الماء . قال " ائتني بهما " قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله  بيده وقال " من يشتري هذين " ؟ قال: رجل أنا آخذهما بدرهم. قال :" من يزيد على درهم ؟ " مرتين أو ثلاثا . قال رجل :" أنا آخذهما بدرهمين ". فأعطاهما إياه ، وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري. وقال " اشتر بأحدهما طعامًا فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوما فأتني به " فأتاه به. فشد فيه رسول الله عودًا بيده ثم قال له: "اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يومًا " . فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا . فقال رسول الله : " هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة . إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع [ الفقر الشديد ] أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع " .
فانظر كيف خطط النبي لهذا الشاب ، بحيث يوفر له النبي فرصة عمل يتكسب منها.
ثالثًا: تحريمه البطالة :
هذا، ولقد حارب سيدنا محمد  كل مظاهر البطالة، والإخفاق عن التكسب، بشتى الطرق، ليسد كل باب أمام انتشار الفقر في المجتمع ..
فقلد حرم النبي  البطالة مع القدرة على العمل، والحاجة إلى الكسب لقوته وقوت من يعوله، وفي هذا يقول النبي  : "إن الله يكره الرجل البطال"، " والبطالة تقسي القلب" .
رابعًا: ترغيبه في الزراعة :
ونراه يرغب في الزراعة في أحاديث مباركة ، مثل قوله :
"مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَزْرَعُ زَرْعًا أَوْ يَغْرِسُ غَرْسًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ" .
خامسًا: ترغيبه في الصناعة :
ويرغب في الصناعة، فيقول:
" مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ- عَلَيْهِ السَّلَام -كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" .
سادسًا: ترغيبه في التجارة :
ويرغب في التجارة، قائلاً:
" التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ" .
وقد صنف الإمام البخاري باباً، تحت عنوان : بَاب الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى" فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ " .

المبحث الثاني
رحمته للعبيد والخدم
تتمثل رحمته للعبيد في عدة جوانب، أهمها أنه ساهم بشكل كبير تحرير العبيد، فضيق مصادر الاسترقاق ووسع منافذ التحرير، كما جعل للعبيد حقوقًا وواجبات وأمر بالرفق بهم وبالخدم، فهم على أقل الأحوال إخوننا في الإنسانية .

المطلب الأول : تحرير العبيد
لقد كانت دعوة النبي  دعوة لحرية الإنسان ، والقضاء على العبودية ، فقرر الحرية الإنسانية وجعلها من دلائل تكريم الخالق للإنسان، ولذا رأيناه يول عناية خاصة لتحرير الأرقاء ، عن طريق إلغاء مصادر الرق أولاً ، و تشجيع المسلمين على تحرير عبيدهم، انطلاقاً من قاعدة أن من أعتق عبداً أعتق الله له بكل عضو عضواً من أعضائه من عذاب النار .
ومن ثم نظم الإسلام أحكام الرق، بحيث تضيق في أسباب حدوث الرق، وتوسع في أساليب العتق، ولذلك - كما يقول إميل درمنغم : - "عُدّ فك الرقاب من الحسنات ومكفرًا لبعض السيئات" .
ويذكر آدم متز أهم أساليب العتق في الإسلام – مبيناً أن العتق يعد مبدأ من مبادىء الإسلام - ، فيقول : "كان في الإسلام مبدأ في مصلحة الرقيق، وذلك أن الواحد منهم كان يستطيع أن يشتري حريته بدفع قدر من المال، وقد كان للعبد أو الجارية الحق في أن يشتغل مستقلاً بالعمل الذي يريده.. وكذلك كان من البر والعادات المحمودة أن يوصي الإنسان قبل مماته بعتق بعض العبيد الذين يملكهم" .
وكان الرسول في مجتمعه الإسلامي إماماً في إقرار مبدأ تحرير العبيد ، حتى أن أسرى الحرب لم يعتبرهم عبيدًا ، وسمح لهم بدفع الفدية أو تعليم أبناء المسلمين لفك أسرهم .
فلم يبق [] أيما عبد على عبوديته . فما إن يؤول إليه عبد رقيق، حتى يسارع إلى إعتاقه .
بل رفع  من شأن العبيد حتى جعل النبي -كما يقول نظمي لوقا - "العبدان والأحابيش سواسية وملوك قريش !" .
ومن هنا وقفت قيادات قريش الأرستقراطية في وجه الدعوة التي ترنو إلى تحرير العبيد وتنادي بالمساواة التامة بينهم وبين السادة، ولقد كانت قيادات مكة تساوم قائد الدعوة على طرد هؤلاء العبيد مقابل إقرار قيادات مكة بالإسلام، ومن ثَم نزل القرآن الكريم محذرًا رسول الله أن يترك العبيد أو أن يطردهم، وهم الذي بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الدعوة، ويدعون ربهم الواحد الأحد صباحًا ومساءً، يريدون ببذلهم وجه الله تعالى، لا يبتغون منصبًا أو جاهًا كما يبتغي غالبية السادة.. فقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف: 28]، إن هؤلاء العبيد -في الشرع الإسلامي السمح- هم أعظم قيمة وأكثر بركة وأرق أفئدة وأطهر نفسًا، من هؤلاء السادة الذين يستعبدون الناس، ويتجبرون في الأرض بغير الحق.. هؤلاء العبيد نزل من أجلهم الأمر من السماء إلى رائد الدعوة بأن يضعهم في عينيه! بل نزل التحذير من الله لرسوله من أن يلتفت عن العبيد إلى زينة الكبراء، أو أن يتلهى عن العبد ويطيع السيد المارق.
أما العبيد فقد وجدوا الكرامة والحرية، في تعاليم الإسلام الإصلاحية، وفك رقابهم من طوق الفقر والذل، وخلصهم من عبادة الحجارة وسياط السادة. بل جعل منهم سادات المسلمين، حتى أُثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعليقًا على حادثة شراء أبو بكر لبلال بن رباح رضي الله عنهما ليعتقه من الرق فقال: "سيدنا وأعتق سيدنا!".
المطلب الثاني : فرية سن الإسترقاق:
ورغم جهود محمد  في تحرير العبيد إلا أن بعض الحاقدين زعموا أن محمداً  سن الاسترقاق!
ونحن نترك العلامة" لايتنر" يرد على هذه الفرية، فيقول:
".. إنا نرى الأغبياء من النصارى يؤاخذون دين الإسلام كأنه هو الذي قد سنّ الاسترقاق، مع أن محمدًا [] قد حضّ على عتق الرقاب، وهذه أسمى واسطة لإبطاله حقيقة" ..
كذلك يتحدث الكاتب الفرنسي "فانسان مونتييه" ، مستنكراً هذه الشبيهة على أصحابها، فيقول:
" إنهم يتهمون الإسلام بظاهرة الرَقّ التي وُجِدَتْ قبل الإسلام وليس بعده، بل حين انتشر الإسلام وطُبقت تعاليمه كان يسعى لإلغاء الرّق، بل إن كثيراً من الكفَّارات للذنوب التي يقدم عليها المرء هو تحرير الرقاب الذي عَدَّه الإسلام تقرباً وطاعة لله" ..
ويتحدث كويليام عن هذه الرويات التي اختلقها الحاقدون، وزعموا أن محمداً، سن الإسترقاق والخناسة .. فيقول :
"إن روايات كهذه مجردة بالمرة عن الحقيقة، لا يمكن تصديقها وتصور وقوعها" .. ويدلل على حقيقة أن محمداً  له الفضل في القضاء على النخاسة في الجزيرة العربية، فيضرب مثالاً بمناطق شرق ووسط أفريقيا، التي تفشت فيها مظاهر النخاسة والاسترقاق، ويبين أن السبب في تفشي هذه المظاهر في هذه المناطق هو "لأن الإسلام لم يدخل فيها ! ! وبرهان ذلك أن الإسلام من خصائصه إبطال النخاسة إبطالاً دائمًاً" ..
رغم أن تجار النخاسة والرق – كما يقول ادوار بروي – كانوا "من الأوربيين" .. ومن ثم.. "توقفت حركة التطور في البلدان [الأفريقية] على أثر العبث الذريع الذي أحدثه في تلك الأرجاء تجار النخاسة والرق من الأوربيين " .
وإذا قيل: إن الإسلام لم يلغِ الرق والاتجار بالبشر إلغاءً كاملاً رغم عظم مجهودات نبي الإنسانية  في مكافحة الاسترقاق.. فجواب ذلك أن الدولة الإسلامية وحدها لا تستطيع أن تقضي تمامًا على عادة الاسترقاق والاتجار بالبشر، وذلك لعدة أساب وجيهة ومنطقية..
السبب الأول: أن مظاهر الاسترقاق والاتجار بالبشر كانت متأصلة ومنتشرة في المجتمعات الإنسانية، العربية وغير العربية، منذ قديم الزمن، فكان على الشرع الإسلامي -كعادته- أن يستخدم التدرج في القضاء على المنكرات والأعراف الفاسدة، فضيّق منافذ الاسترقاق ووسع أبواب العتق.
السبب الثاني: أن هذه العادات كانت قبل ظهور الإسلام بمثابة الأعراف الدولية، فقد كانت جميع الدول والإمبراطوريات -دون استثناء- تمارس الاسترقاق والاتجار بالبشر، ومن ثَم فإن القضاء على الرق يحتاج إلى اتفاق دولي عام، يلزم الجميع بمنع الاسترقاق أو الاتجار بالبشر.. ومعلوم أن الدولة الإسلامية أيام النبي  لم تكن من القوة والانتشار بالقدر الذي يسمح لها بمنع هذه العادات.
السبب الثالث: أن الناس كانوا حديثي عهد بالإسلام، وإذا أصدرت الدولة قرارًا بمنع الرق؛ فسوف يقع حرج شديد على هؤلاء الناس الذين أصبحت تجاراتهم وأعمالهم تقوم على كاهل هؤلاء العبيد.. فكان على النظام الإسلامي أن يأخذ بمبدأ التدرج في منع الاسترقاق والاتجار بالبشر.
السبب الرابع: أن الدولة الإسلامية لم تكن تمتلك من الإمكانيات الاقتصادية والمالية بحيث تتمكن من كفالة هؤلاء العبيد بعد تحريرهم، أو حتى توفير فرص عمل لهم جميعًا، فمن المعروف أن العبيد كانوا في كفالة أسيادهم، يطعمون من مال السادة، ويحترفون لهم في مهنهم..
المطلب الثالث : نماذج رحمته للعبيد :
إن المتأمل في التوجيهات النبوية يجدها تشي بالجهد الجهيد الذي بذله نبي الإنسانية في سبيل تحسين أوضاع العبيد والإماء ويعرف بحق كيف كانت مكرمة العبيد في الإسلام. وهذه بعض التوجيهات النبوية التي نذكر بعضًا منها على سبيل المثال لا الحصر.
أولاً : وصيته  بالعبيد والإماء :
كان آخر كلمات النبي  وهو يجود بروحه الشريفة، وقد حضره الموت، الوصية بالعبيد والإماء.. فعن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان آخر كلام رسول الله : "الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم" !
إنه يوصي بالعبيد، وهو في سكرات الموت! فهو الذي احتضنهم حيًّا، وأوصى بهم بعد مماته خيرًا، فكان خير معلم لهم وخير أب وخير محرر .
ثانيًا: تحذيره  من إيذاء العبيد والإماء:
فكان يغضب أشد الغضب من ضرب العبيد أو إيذائهم، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قال: كنت أضرب غلامًا لي؛ فسمعتُ مِنْ خَلْفِي صوتًا: "اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ.. لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ"! فالتفتُ فإذا هو النبي! فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله تعالى. قَالَ: "أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَعَتْكَ النَّارُ أَوْلَمَسَّتْكَ النَّارُ" .
كذا كان رسول الله يربي تلاميذه، ويفقه شعبه، على احترام آدمية الناس، وخاصة الضعفاء منهم والعبيد والخدم والأجراء.
ويمتد هذا النداء الأبوي إلى حكام المسلمين في كل زمان ومكان؛ فيلزمهم بحماية العبيد من التعذيب أو الاضطهاد، فضلاً عن السعي الجاد لتحريرهم.
ثالثًا: أمره  بالإحسان إلى العبيد
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألطف الناس بالعبيد، وأرفق الناس بالإماء، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله من أشد الناس لطفًا! والله ما كان يمتنع في غداة باردة من عبد ولا من أمة ولا صبي أن يأتيه بالماء فيغسل وجهه وذراعيه!! وما سأله سائل قط إلا أصغى إليه أذنه فلم ينصرف حتى يكون هو الذي ينصرف عنه، وما تناول أحد بيده إلا ناوله إياها فلم ينزع حتى يكون هو الذي ينزعها منه .
وعن المعرور قال : لقيت أبا ذر بالربدة، وعليه حلة وعلى غلامه حله [يعني من نفس الثوب ]فسألته عن ذلك . فقال : إني ساببت رجلاً، فعيرته بأمه[قال لبلال : يابن السوداء ]فقال لي النبي : "يا أبا ذر ! أعيرته بأمه ! ؟ إنك امروء فيك جاهلية ! إخوانكم خولكم [العبيد والإماء والخدم والأسرى هم إخوانكم في الدين والإنسانية]، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده: فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم " .

فحرم السخرية من العبيد أو الاستهزاء بألوانهم أو أنسابهم، كما حرم إجهاد العبد في الخدمة، وأوجب مساعدته إذا كُلّف ما يغلبه.. وحذر الفقهاء من استعمال العبيد على الدوام ليل نهار، فقالوا: إذا استعمل السيدُ العبدَ نهارًا أراحه ليلاً، وكذا بالعكس، وقالوا: يريحه بالصّيف في وقت القيلولة، ويمنحه قسطه من النّوم، وفرصة للصّلاة المفروضة. وإذا سافر به يجب عليه أن يحمله معه على الدابة أو يتعاقبان على البعير ونحوه.
بل قالوا: "إن كان العبد ذمّيًّا فقد ذكر بعض الفقهاء أنه لا يمنع من إتيان الكنيسة، أو شرب الخمر، أو أكل لحم الخنزير؛ لأن ذلك دينه، نقله البنانيّ عن قول مالكٍ في المدوّنة"
وتأمل معي قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن عيّر العبد: "إنك امرؤ فيك جاهلية".. دلالة على أن صفة من يهينون العبيد ويؤذونهم بالقول أو الفعل، فوصفهم بالجهل، وربطهم بعصور الجاهلية، وعهود التخلف.
رابعًا: التعاون في تحرير العبيد :
شغل الرقُ سلمانَ الفارسي حينًا من الزمن .. فقد كان مولى عند أحد الوجهاء، حتي فات سلمان عدد من المشاهد مع الرسول الكريم ، منها بدر وأحد.
فذهب إلى النبي 
فأشار عليه النبي  أن يكاتب سيده، فكاتبه علي ثلاثمائة نخلة يغرسها له وأربعين أوقية من ذهب.
وشارك المسلمون في أداء هذا الدين عن سلمان، فأحضروا له النخل وحفروا معه أماكنها وقدم رسول الله  ووضعه بيده الشريفة وعُتق سلمان.
وكانت أول مشاهده غزوة الأحزاب، وكان هو صاحب فكرة إنشاء خندق عظيم حول المدينة لتحصينها من الغزاة .. ولما نجحت الفكرة، زاد تقدير الناس لسلمان نظرًا لرجاحة عقله، وجهده في خدمة دولة الإسلام بفكرة الخندق، فقال الأنصار : سلمان منا ! وقال المهاجرون: سلمان منا !
فقال النبي  : "سلمان منا أهل البيت !!" .
وهكذا ارتفع شأن العبيد في دولة الإسلام بجهدهم وخدمتهم للمجتمع، ولم تكن عبوديتهم أيما يوم من الأيام تشينهم بين إخوانهم المسلمين.وفي ذلك أيضًا النموذج العملي الذي حشد فيه النبي  جهود شعبه من أجل تحرير عبد. وهو بذلك يلزم المجتمع بضرورة تضافر الجهود الشعبية لفك الإنسان من الرق .

خامسًا: سن قاعدة : "كفارة ضرب العبد عتقه":
شرع الإسلام منفذًا لتحرير العبيد عن طريق سن قاعدة "كفارة ضرب العبد عتقه" والذي لم يكن موجودًا أيام الجاهلية، فمنح حق الحرية للعبد إذا ضربه سيده.
فعن أبي صالح ذَكْوَانَ عن زَاذَانَ قال: أتيتُ ابن عمر، وقد أعتق مملوكًا له، فأخذ من الأرض عودًا أو شيئًا، فقال: مالي فيه من الأجر مَا يَسْوَى هذا.. سمعتُ رسول الله  يقول: "مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أو ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ" .
سادسًا: كفالة الدولة الإسلامية للعبد المعاق أو المريض:
فلقد كان لِزِنْبَاعٍ أبو روح رضي الله عنه -أحد الصحابة- عَبْدٌ يُسَمَّى سَنْدَرَ بْنَ سَنْدَرٍ، فوجده يقبل جارية له، فقطع ذَكَرَهُ وَجَدَعَ أَنْفَهُ، فأَتَى الْعَبْدُ النبي  فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزنباع: "مَا حَمَلَك عَلَى مَا فَعَلْت؟" قَالَ: فَعَلَ كَذَا وَكَذَا. فذكر له ما فعل بالجارية!.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعبد: "اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ" فقال العبد: يا رسول الله فمولى من أنا؟ فقال: "مولى الله ورسوله".. فأوصى به المسلمين؛ فلما قُبض جاء العبد إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: وصية رسول الله  ، فقال: نعم، تجري عليك النفقة وعلى عيالك، فأجراها عليه حتى قبض.. فلما استخلف عمر رضي الله عنه جاءه فقال: وصية رسول الله  قال: نعم، أين تريد؟ قال: مصر، قال: فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه أرضًا يأكل منها" .
فالدولة -في الشرع الإسلامي- تكفل أصحاب الإعاقات من العبيد، -كما رأيت- كالمواطنين الأحرار، وقرر لهم الراتب المالي الدوري الذي يغنيهم عن التسول أو سؤال الناس.
المطلب الرابع: تحريم الاتجار بالبشر
ومن دلائل مكافحة الاسترقاق في الشرع الإسلامي، تحريمه لكافة صور ومظاهر الاتجار بالبشر، وخاصة النساء والأطفال الأحرار.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: "قَالَ اللَّهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ"
فجعل الاتجار بالبشر من أبواب الخيانة والغدر والظلم، والله عز وجل خصم لجميع الغادرين إلا أنه أراد التشديد على هذه الأصناف الثلاثة، فقد ارتكبوا جرمًا شنيعًا يتعلق بحقوق الإنسان، فأحدهم غدر بأخيه الإنسان، فعاهده عهدًا وحلف عليه بالله ثم نقضه، والثاني باع أخاه الإنسان الحر، والثالث أكل مال أخيه الإنسان الأجير، وهو داخل في إثم المتاجرة بالبشر كالثاني؛ لأنه استخدمه بغير حق، وخالف الأمر النبوي: "أَعْطِ الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ"
وجريمة الاتجار بالبشر -التي حرمها الشرع الإسلامي الفضيل- تتسربل بصور عديدة مارستها المجتمعات الجاهلية في القديم والحديث.. فمارستها قبائل العرب ودول الفرس والرومان قبل بعثة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، فكانوا يقطعون الطرق على الأحرار، فيسرقون أموالهم ويبيعونهم في أسواق النخاسة على أنهم عبيد.. وفي العصر الحديث مارس الأمريكان هذا السلوك الجاهلي مع الزنوج، فخصصوا الهيئات التي تبيع وتشتري فيهم، وهم أحرار، ومارسوا أبشع صور التمييز العنصري في حقهم. إضافة إلى ظهور جماعات المتاجرة بالأطفال والنساء؛ لغرض الاستغلال الجنسي التجاري، ناهيك عن استغلال هذه الجماعات للكوارث الطبيعية والحروب لممارسة نشاطها، وخير شاهد ما حدث في كارثة تسونامي وما أعلنته الصحف عن أرقام مفزعة للنساء والأطفال الذين تم الاتجار بهم في ظل هذه الكارثية الإنسانية، الأمر نفسه حدث مع ضحايا الشعب المسلم في البوسنة والهرسك بعد ما أعمل فيه الجيش الصربي الذبح، فتم بيع آلاف الفتيات والأطفال على مرأى ومسمع من العالم (المتحضر).. وتحولت البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية إلى مراكز كبرى للاتجار بالبشر من جانب العصابات المنظمة التي تحصد سنويًّا ما بين 8 و10 مليارات دولار من الاتجار بالأطفال والنساء، وذلك وفقًا لإحصائيات وزارة العدل الأمريكية... بيد أن الشرع الإسلامي الكريم حرّم بيع الأحرار، وناهض تجارة البشر بالبشر، وحرم إكراه الفتيات على ممارسة البغاء فقال الشارع الحكيم: "وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: 33].
إلى جانب أن جريمة الاتجار بالبشر تنتهك حق الإنسان في الحرية، وتنتهك حقوق الأطفال والنساء في العيش في بيئة آمنة صالحة، فهي تنزعهم من أسرهم ومن بين آبائهم وأمهاتهم إلى جحيم الاستغلال الجنسي والسخرة والتعذيب النفسي والجسدي.. وكلها مظاهر حرمها الإسلام وحاربها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.
هكذا كان المنهج النبوي في التعامل مع مظاهر الاسترقاق والاتجار بالبشر؛ ليسجل أمام الله تعالى ثم التاريخ أن النظام الإسلامي هو أول نظام في تاريخ البشرية ناهض الاسترقاق وحارب المتاجرة بالبشر
المطلب الخامس – رفقه وعطفه على الخدم
أولاً: سلوكه  مع خادمه :
خادمه أنس  يحدثنا عن رحمته وشفقته  بالخدم..
وإن شهادة الخادم عن سيده لصادقة، وخاصة من رجل كأنس الذي خدمه تسع سنين، ونقل عنه إلى الأُمة آلاف الأحاديث، وكان معه كظله..
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ أَحْسَنَ النّاسِ خُلُقاً. فَأَرْسَلَنِي يَوْماً لِحَاجَةٍ.
فَقُلْتُ: وَاللّهِ لاَ أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيّ اللّهِ ، فَخَرَجْتُ حَتّىَ أَمُرّ عَلَىَ صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللّهِ  قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ:" يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟" قُلْتُ: نَعَمْ ! أَنَا أَذْهَب يَا رَسُولَ اللّهِ. قَالَ أَنَسٌ: وَاللّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ، مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ: هَلاّ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا ..
وإذا لام أحدٌ الخادم لتقصيره في خدمة سيدنا محمد ، قال  : "دعوه ! فلو قُدر أن يكون كان!" .
ثانيًا: حثه على العفو عن الخادم :
كان سيدنا محمد  يوصي أصحابه بالعفو عن الخدم ..فعن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت. فلما كان في الثالثة قال: "اعفوا عنه في كلِّ يومٍ سبعين مرَّةً " .
ثالثًا: توبيخه مَنْ ضرب الخادم:
كان لدى بني مقرّن خادمة، فلطمها أحدهم، فجاءت تشتكي إلى رسول الله باكية، فاستدعى الرسول مالكها قائلاً له: "أَعتِقوها"، فقالوا: ليس لهم خادم غيرها. قال: "فليستخدموها، فإذا استغنوا عنها، فليخلّوا سبيلها .
وعن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما ولا امرأة قط
رابعًا: ترغيبه في إطعام الخادم :
فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ" .
خامسًا: نهيه عن الدعاء على الخادم :
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ" .

المبحث الثالث
رحمته بذوي الاحتياجات الخاصة

أخيرًا ًًالتفت العالم المتحضر في هذا القرن إلى ذوي الاحتياجات الخاصة !! بعدما نحى جانبًا نظريات عنصرية، فاسدة، تدعو إلى إهمالهم ، بزعم أن هؤلاء – أمثال الصم والبكم والعمي والمعاقين ذهنيًا– لا فائدة منهم ترتجى للمجتمع .. ولقد قدرت منظمة العمل الدولية في تقرير لها عام (2000م ) عدد ذوي الاحتياجات الخاصة بأكثر من (610) مليون نسمة ، منهم (400) مليون نسمة في الدول النامية، وفي تقرير للبنك الدولي، تمثل هذه الفئة 15 % تقريبًا من نسبة السكان في كل دولة من دول العالم .

المطلب الأول : الفئات الخاصة في المجتمعات الجاهلية:
وإذا نظرنا – سريعًا- إلى تاريخ الغرب مع ذوي الاحتياجات الخاصة، نجد مجتمعات أوربا القديمة، كروما وإسبرطا شهدت إهمالاً وإضهادًا صارخًا لهذه الفئة من البشر، فلقد كانت هذه المجتمعات – حكامًا وشعوبًا – تقضي بإهمال أصحاب الإعاقات، وإعدام الأطفال المعاقين عقب ولادتهم، أو تركهم في الصحراء طعاماً للسباع والطيور..
وكانت المعتقدات الخاطئة والخرافات هي السبب الرئيسي في هذه الانتكاسة، فكانوا يعتقدون أن المعاقين عقليًّا هم أفراد تقمصتهم الشياطين والأرواح الشــريرة. وتبنّى الفلاسفة والعلماء الغربيون هذه الخرافات، فكانت قوانين (ليكورجوس) الإسبرطي و(سولون) الأثيني تسمح بالتخلص ممن بهم إعاقة تمنعه عن العمل والحرب، وجاء الفيلسوف الشهير (أفلاطون) وأعلن أن ذوي الاحتياجات الخاصة فئة خبيثة وتشكل عبئًا على المجتمع، وتضر بفكرة الجمهورية.. أما (هيربرت سبنسر) فقد طالب المجتمع بمنع شتى صور المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، بزعم أن هذه الفئة تثقل كاهل المجتمع بكثير من الأعباء دون فائدة.
بيد أن العرب -وإن كانوا يقتلون البنات خشية العار- كانوا أخف وطأة وأكثر شفقة على أهل البلوى والزمنى، وإن كانوا يتعففون عن مؤاكلة ذوي الاحتياجات الخاصة أو الجلوس معهم على مائدة طعام.
وفي الوقت الذي تخبط فيه العالم بين نظريات نادت بإعدام المتخلفين عقليًّا وأخرى نادت باستعمالهم في أعمال السخرة اهتدى الشرق والغرب أخيرًا إلى "فكرة" الرعاية المتكاملة لذوي الاحتياجات الخاصة.. في ظل هذا كله نرى رسولنا المربي المعلم صلى الله عليه وسلم كيف كانت رحمته لهذه الفئة من بني البشر، وهذا غيض من فيض رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

المطلب الثاني : رعاية النبي  لذوي الاحتياجات الخاصة:
فعن أنس أن امرأة كان في عقلها شيىء ، فقالت : يا رسول الله إن لي إليك حاجة ! فَقَالَ: فَقَالَ: " يَا أُمّ فُلاَنٍ! انظري أَيّ السّكَكِ شِئْتِ، حَتّىَ أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ " فَخَلاَ مَعَهَا فِي بَعْضِ الطّرُقِ، حَتّىَ فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا .
وهذا من حلمه وتواضعه  وصبره على قضاء حوائج ذوي الاحتياجات الخاصة ..
وفي هذا أيضاً : " بيان بروزه  للناس وقربه منهم ليصل أهل الحقوق إلى حقوقهم ويرشد مسترشدهم ليشاهدوا أفعاله وحركاته فيقتدي بها وهكذا ينبغي لولاة الأمور وفيها صبره  على المشقة في نفسه لمصلحة المسلمين واجابته من سأله حاجة" .

وفي هذا دلالة شرعية على وجوب تكفل الحاكم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، صحيًا واجتماعيًا، واقتصاديًا، ونفسيًا، والعمل على قضاء حوائجهم، وسد احتياجاتهم .
ومن صور هذه الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة :
-توفير الحياة الكريمة لهم
- العلاج والكشف الدوري لهم
- تأهيلهم وتعليمهم بالقدر الذي تسمح به قدراتهم ومستوياتهم
- توظيف مَن يقوم على رعايتهم وخدمتهم .
ولقد استجاب الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز – رضي الله عنه – ، لهذا المنهج النبوي السمح، فأصدر قرارًا إلى الولايات:
"أن ارفعوا إلىَّ كُلَّ أعمى في الديوان أو مُقعَد أو مَن به فالج أو مَن به زمانة تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة. فرفعوا إليه " وأمر لكل كفيف بموظف يقوده ويرعاه ، وأمر لكل اثنين من الزمنى – من ذوي الاحتياجات – بخادمٍ يخدمه ويرعاه .
وعلى نفس الدرب سار الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك – رحمه الله تعالى -، فهو صاحب فكرة إنشاء معاهد أو مراكز رعاية – لذوي الاحتياجات الخاصة ، فأنشأ [عام 707م- 88 هـ]مؤسسة متخصصة في رعايتهم، وظّف فيها الأطباء والخدام وأجرى لهم الرواتب، ومنح راتبًا دوريًا لذوي الاحتياجات الخاصة ، وقال لهم : " لا تسألوا الناس " ، وبذلك أغناهم عن سؤال الناس ، وعين موظفًا لخدمة كل مقعد أو كسيح أو ضرير .

المطلب الثالث: الأولوية لهم في الرعاية وقضاء احتياجاتهم:

وإذا كان الإسلام قد قرر الرعاية الكاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، والعمل على قضاء حوائجهم، فقد قرر أيضًا أولوية هذه الفئة في التمتع بكافة هذه الحقوق، فقضاء حوائجهم مقدم على قضاء حوائج الأصحاء، ورعايتهم مقدمة على رعاية الإكفاء ، ففي حادثة مشهورة أن سيدنا محمد  عبس في وجه رجل أعمى – هو الصحابي الفاضل عبد الله ابن أم مكتوم - جاءه يسأله عن أمرٍ من أمور الشرع، وكان يجلس إلى رجالٍ من الوجهاء وعلية القوم، يستميلهم إلى الإسلام، و رغم أن الأعمى لم ير عبوسه، ولم يفطن إليه، إلا أن المولى تبارك وتعالى أبى إلا أن يضع الأمور في نصابها، والأولويات في محلها، فأنزل - سبحانه آيات بينات تعاتب النبي الرحيم عتاباً شديداً:
عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ] [عبس: الآيات 1-12]
يقول الباحث الإنجليزي "لايتنر " معلقًا على هذا الحادث :
".. مرة، أوحى الله تعالى إلى النبي [] وحيًا شديد المؤاخذة لأنه أدار وجهه عن رجل فقير أعمى ليخاطب رجلاً غنيًا من ذوي النفوذ، وقد نشر ذاك الوحي، فلو كان [] كما يقول أغبياء النصارى بحقه [] لما كان لذاك الوحي من وجود !" .
وقد كان النبي  يقابل هذا الرجل الأعمى، فيهش له ويبش، ويبسط له الفراش، ويقول له:
" مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي " !
ففي هذه القصة، نرى علة المعاتبة، لكونه انشغل بدعوة الوجهاء عن قضاء حاجة هذا الكفيف، وكان الأولى أن تُقضى حاجته، وتقدم على حاجات من سواه من الناس .
وفي هذه القصة دلالة شرعية على تقديم حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة على حاجات من سواهم.

المطلب الرابع: عفوه  عن سفهائهم وجهلائهم :
وتجلت رحمة الحبيب  بذوي الاحتياجات الخاصة، في عفوه عن جاهلهم، وحلمه على سفيههم ، ففي معركة أحد[ شوال 3هـ- أبريل624 م]، لما توجه الرسول  بجيشه صوب أحد، وعزم على المرور بمزرعة لرجل منافق ضرير، أخذ هذا الأخير يسب النبي وينال منه ، وأخذ في يده حفنة من تراب وقال – في وقاحة - للنبي: والله لو أعلم أنى لا أصيب بها غيرك لرميتك بها ! حَتَّى هم أصحاب النبي بقتل هذا الأعمى المجرم، فأبي عليهم -نبي الرحمة- وقال:
" دعوه ! فهذا الأعمى أعمى القلب، أعمى البصر " .

ولم ينتهز رسول الله  ضعف هذا الضرير، فلم يأمر بقتله أو حتى بأذيته، رغم أن الجيش الإسلامي في طريقه لقتال، والوضع متأزم، والأعصاب متوترة، ومع ذلك لما وقف هذا الضرير المنافق في طريق الجيش، وقال ما قال، وفعل وما فعل، أبى رسول الله إلا العفو عنه، والصفح له، فليس من شيم المقاتلين المسلمين الاعتداء على أصحاب العاهات أو النيل من أصحاب الإعاقات، بل كانت سنته معهم؛ الرفق بهم، والاتعاظ بحالهم، وسؤال الله أن يشفيهم ويعافينا مما ابتلاهم .
المطلب الخامس : تكريمه وموساته  لهم :
فعن عائشة أنها قالت : سمعت رسول الله  يقول : " إن الله عز وجل أوحى إلى أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة ومن سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة... " .
وعن العرباض بن سارية ، عن النبي  ، عن رب العزة - قال : " إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين ، لم أرض له ثوابًا دون الجنة، إذا حمدني عليهما"
ويقول النبي لكل أصحاب الإصابات والإعاقات : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ"
ففي مثل هذه النصوص النبوية والأحاديث القدسية، مواساة وبشارة لكل صاحب إعائقة؛ أن إذا صبر على مصيبته، راضيًا لله ببلوته، واحتسب على الله إعاقته، فلا جزاء له عند الله إلا الجنة .
وقد كان النبي  يقول عن عمرو بن الجموح ، تكريمًا وتشريفًا له: " سيدكم الأبيض الجعد عمرو بن الجموح "وكان أعرج ، وقد قال له النبي  ذات يوم: " كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة "، وكان – رضي الله عنه - يولم على رسول الله  إذا تزوج .
و عن أنس بن مالك : أن رسول الله  استخلف بن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى .
وعن عائشة أن ابن أم مكتوم كان مؤذنا لرسول الله  وهو أعمى .
وروى الزهري عن سعيد بن المسيب أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم، وكانوا يسلمون إليهم مفاتيح أبوابهم، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا .
وعن الحسن بن محمد قال: دخلت على أبي زيد الأنصاري فأذن وأقام وهو جالس قال: وتقدم رجل فصلى بنا، وكان أعرج أصيب رجله في سبيل الله تعالى .
وهكذا كان المجتمع النبوي، يتضافر في مواساة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتعاون في تكريمهم، ويتحد في تشريفهم، وكل ذلك اقتضاءً بمنهج نبي الرحمة  مع ذوي الاحتياجات الخاصة . .
المطلب السادس : زيارته لهم
وشرع الإسلام عيادة المرضى عامة، وأصحاب الإعاقات خاصة، وذلك للتخفيف من معاناتهم .. فالشخص المعاق أقرب إلى الإنطواء والعزلة والنظرة التشائمية، وأقرب من الأمراض النفسية مقارنة بالصحيح، ومن الخطأ إهمال المعاقين في المناسابات الاجتماعية، كالزيارات والزواج ..
وقد كان رسول الله  يعود المرضى، فيدعو لهم ، ويطيب خاطرهم، ويبث في نفوسهم الثقة، وينشر على قلوبهم الفرح، ويرسم على وجوهه البهجة، وتجده ذات مرة يذهب إلى أحدهم في أطراف المدينة، خصيصًا، ليقضي له حاجة بسيطة، أو أن يصلي ركعات في بيت المتبتلى تلبية لرغبته .. فهذا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ- وكان رجلاً كفيفًا من الأنصار- يقول للنبي : إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر، وأنا أصلي لقومي فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم؛ لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، ووددتُ يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى.
فوعده  بزيارة وصلاة في بيته قائًلا : "سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" ..
قال عتبان فغدا رسول الله  وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله  فأذنتُ له فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ"، فأشرتُ له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله  ،فكبر فقمنا، فصفنا، فصلى ركعتين، ثم سلم .
المطلب السابع: الدعاء لهم :
وتتجلى – أيضًا - رحمة نبي الإسلام  بالفئات الخاصة - من ذوي الاحتياجات- عندما شرع الدعاء لهم، تثبيتًا لهم، وتحميسًا لهم على تحمل البلاء .. ليصنع الإرادة في نفوسهم، ويبني العزم في وجدانهم .. فذات مرة ، جاء رجل ضرير البصرِ إلى حضرة النبي .. فقَالَ الضرير: ادعُ اللَّهَ أنْ يُعافيني..
قَالَ : "إنْ شِئتَ دَعوتُ، وإنْ شِئتَ صبرتَ فهوَ خيرٌ لك".
قَالَ: فادعُهْ.
فأمرَهُ أنْ يتوضَّأ فيُحسنَ وُضُوءَهُ ويدعو بهَذَا الدُّعاءِ:
" الَّلهُمَّ إنِّي أسألكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ مُحَمَّد نبيِّ الرَّحمةِ إنِّي توجَّهتُ بكَ إِلى رَبِّي في حاجتي هذِهِ لتُقْضَى لي، الَّلهُمَّ فَشَفِّعْهُ فيَّ " .
وعن عطاء بن أبي رباح، قال لِي ابْنُ عَبَّاس: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ : بَلَى .
قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ .. أَتَتْ النَّبِيَّ  فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي !
فقَال النبيَ :" إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ".
فَقَالَتْ :أَصْبِرُ . فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا .
هذا، وقد كان رسول الله يدعو للمرضى والزمنى عامة، فعن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى مريضا أو أتي به قال : " أذهب الباس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما"
وهكذا المجتمع الإسلامي؛ يدعو -عن بكرة أبيه- لأصحاب الإعاقات والعاهات وما رأينا مجتمعًا على وجه الأرض يدعو بالشفاء والرحمة لأصحاب الاحتياجات الخاصة، غير مجتمع المسلمين، ممن تربوا على منهج نبي الإسلام!.
المطلب الثامن : تحريم السخرية منهم
كان ذوو الاحتياجات الخاصة، في المجتمعات الأوربية الجاهلية، مادة للسخرية، والتسلية والفكاهة، فيجد المعاق نفسه بين نارين، نار الإقصاء والإبعاد، ونار السخرية والشماتة، ومن ثم يتحول المجتمع - في وجدان أصحاب الإعاقات- إلى دار غربة، واضهاد وفرقة .. فجاء الشرع الإسلامي السمح، ليحرّم السخرية من الناس عامة، ومن أصحاب البلوى خاصة، ورفع شعار " لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك " . وأنزل الله تعالى آيات بينات توكد تحريم هذه الخصلة الجاهلية، والتي نبتت في من نتن العصبية، والنعرات القبائلية، فقال عز من قائل :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[الحجرات:11]
كما ثبت عن النبي  أنه قال: "الكِبْر بطر الحق وغَمْص الناس" ،"وغمط الناس" : احتقارهم والاستخفاف بهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المبتلى أعظم قدرًا عند الله، أو أكبر فضلاً على الناس، علمًا وجهادًا، وتقوى وعفة وأدبًا .. نهيك عن القاعدة النبوية العامة، الفاصلة :" فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ"
ولقد حذر النبي  أشد التحذير، من تضليل الكفيف عن طريقه، أو إيذاءه، عبسًا وسخرية، فقال :
"مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ "
وقال : " لَعَنَ اللَّهُ مَنْ كَمَّهَ أَعْمَى عَنْ السَّبِيلِ "
فهذا وعيد شديد، لمن اتخذ العيوب الخلقية سببًا للتندر أو التلهي أو السخرية، أوالتقليل من شأن أصحابها، فصحاب الإعاقة هو أخ أو أب أو إبن امتحنه الله، ليكون فينًا واعظًا، وشاهدًا على قدرة الله، لا أن نجعله مادة للتلهي أو التسلي.
المطلب التاسع : رفع العزلة والمقاطعة عنهم:
فقد كان المجتمع الجاهلي في القديم- سواءً في الجزيرة العربية أو أوربا الرومانية أوأسيا الفارسية - يقاطع ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعزلهم ويمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، كحقهم في الزواج، والاختلاط بالناس، وزيارتهم والأكل والشرب معهم..
فقد كان أهل المدينة قبل أن يبعث النبيّ  لا يخالطهم في طعامهم أعرج ولاأعمى ولا مريض، وكان الناس يظنون بههم التقذّر والتقزّز. فأنزل الله تعالى:
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون }[النور: 61 ] .
أي ليس عليكم حرج في مؤاكلة المريض والأعمى والأعرج، فهؤلاء بشر مثلكم، لهم كافة الحقوق مثلكم، فلا تقاطعوهم ولا تعزلوهم ولا تهجروهم، فأكرمكم عند الله أتقاكم، "والله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أشكالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم " .
وهكذا نزل القرآن، رحمة لذوي الاحتياجات الخاصة، يواسيهم، ويساندهم نفسًيا، ويخفف عنهم . ويتقذهم من أخطر الأمراض النفسية التي تصيب المعاقين، جراء عزلتهم أو فصلهم عن الحياة الاجتماعية .
وبعكس ما فعلت الأمم الجاهلية، فلقد أحل الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة الزواج، فهم – والله – أصحاب قلوب مرهفة، ومشاعير جياشة، وأحاسيس نبيلة، فأقر لهم الحق في الزواج، ما داموا قادرين، وجعل لهم حقوقًا، وعليهم واجبات، ولم يستغل المسلمون ضعف ذوي الاحتياجات، فلم يأكلوا لهم حقًا، ولم يمنعوا عنهم مالاً، فعن عمر بن الخطاب أنه قال :
" أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا..." .
المطلب العاشر: التيسير على ذوي الاحتياجات الخاصة :
ومن الرحمة بذوي الاحتياجات الخاصة مراعاة الشريعة لهم في كثيرٍ من الأحكام التكليفية، والتيسير عليهم ورفع الحرج عنهم، فعن زيد بن ثابت أن رسول الله أملى عليه: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله". قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها "علي" – رضي الله عنه - (لتدوينها)، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان رجلا أعمى، قال زيد بن ثابت: فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله  ، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي [من ثقل الوحي]، ثم سري عنه- فأنزل الله عز وجل: ‏غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ .
وقال تعالى – مخففًا عن ذوي الاحتياجات الخاصة - : {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً }[الفتح:17 ].
فرفع عنهم فريضة الجهاد في ساح القتال، فلم يكلفهم بحمل سلاح أو الخروج إلى نفير في سبيل الله، إلا إن كان تطوعًا .. ومثال ذلك، قصة عمرو بن الجموح – رضي الله عنه – في معركة أحد [ شوال 3هـ/إبريل624 م]، فقد كان – رضوان الله عليه - رجلا أعرج شديد العرج ، وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله  المشاهد فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه ، وقالوا : له إن الله عز وجل قد عذرك ! فأتى رسول الله  فقال:إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه . فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ! فقال نبي الرحمة  : "أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك "، ثم قال لبنيه : "ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة" فخرج مع الجيش فقتل يوم أحد .
بيد أن هذا التخفيف، الذي يتمتع به المعاق في الشرع الإسلامي، يتسم بالتوازن والاعتدال، فخفف عن كل صاحب إعاقة قدر إعاقته، وكلفه قدر استطاعته، يقول القرطبي :
"إن الله رفع الحرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الاعرج فيما يشترط في التكليف به من المشى، وما يتعذر من الافعال مع وجود العرج، وعن المريض فيما يؤثر المرض في إسقاطه، كالصوم وشروط الصلاة وأركانها، والجهاد ونحو ذلك." ومثال ذلك الكفيف والمجنون، فالأول مكلف بجل التكاليف الشرعية باستثناء بعض الواجبات والفرائض كالجهاد .. أما الثاني فقد رفع عنه الشارع السمح كل التكاليف، فعن عائشة أن رسول الله  قال :" رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ " .
فمهما أخطأ المجنون أو ارتكب من الجرائم، فلا حد ولا حكم عليه، فعن ابن عباس قال: أتي عمر – رضي الله عنه - بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناسًا فأمر بها عمر أن ترجم، فمر بها على علي بن أبي طالب -رضوان الله عليه- فقال: ما شأن هذه؟
قالوا : مجنونة بني فلان زنت، فأمر بها عمر أن ترجم .
فقال: ارجعوا بها !
ثم أتاه، فقال : يا أمير المؤمنين ! أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة ، عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل ؟ قال : بلى. قال: فما بال هذه ترجم ؟ !قال لا شيء. قال علي: فَأَرْسِلْهَا. فَأَرْسَلَهَا . فجعل عمر يُكَبِّرُ .
هكذا كان المنهج النبوي في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، في وقت لم تعرف فيه الشعوب ولا الأنظمة حقًا لهذه الفئة، فقرر – الشرع الإسلامي- الرعاية الكاملة والشاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، وجعلهم في سلم أولويات المجتمع الإسلامي، وشرع العفو عن سفيههم وجاهلهم . وتكريم أصحاب البلاء منهم، لاسيما من كانت له موهبة أو حرفة نافعة أو تجربة ناجحة، وحث على عيادتهم وزيارتهم ، ورغب في الدعاء لهم، وحرّم السخرية منهم، ورفع العزلة والمقاطعة عنهم، ويسر عليهم في الأحكام ورفع عنهم الحرج. فالله الله في شريعة الإسلام ونبي الإسلام !
المبحث الرابع
رحمته للمسنين
يشهد العالم في السنوات الأخيرة اهتمامًا ملحوظًا بالمسنين، وقد شهد المجتمع الدولي أكثر من فعالية دولية، من مؤتمرات وندوات عالمية، لتناول قضايا المسنين، وشهد عام 1982 أول إشارة من العالم المتحضر لرعاية المسنين، حيث أعلنت الأمم المتحدة، في اجتماع لمندوبي 124 دولة، أن العقد التاسع من القرن العشرين عقد المسنين، ورفعت منظمة الصحة العالمية عام 1983 شعار "فلنضف الحياة إلى سنين العمر"، وقد تبنى مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في مدريد عام 2002م خطة عمل لمعالجة مشاكل المسنين في مختلف بلدان العالم ..
والحق أن هذه المؤتمرات كانت شبيهه بالملتقيات الفكرية النظرية، فلم يطبق لها قراراً، ولم تُفعل لها خطة !
وكان الأولى لهذه الفعاليات والمؤتمرات أن تقرأ في منهج نبي الإسلام ، وكيف رسم المنهج العملي في رعاية المسنين .
لقد كان نبي الرحمة سباقًا في هذا الميدان، ومرجعًا مهمًا – ينبغي أن يُأخذ به - لكل فعالية أو نشاط يهدف إلى رعاية المسنين .
وينطلق منهج رعاية المسنين – في الإسلام – من منطلق إنساني سامق، بعيدًا عن التمييز بين فئات المسنين على أساس الجنس أو اللون أو الدين . فالإسلام لا يقرر قواعد الرعاية للمسنين من منطلق عنصري أو عرقي كما هو الحال في العالم " المتحضر " في هذا الوقت الراهن .
فالمسن الفرنسي ذو البشرة البيضاء له الرعاية الشاملة والحقوق الكاملة، أما المسن الأسود والذي يحمل نفس الجنسية لا يتمتع بمعشار ما يتمتع به المسن الأبيض، رغم أنهم أصحاب وطن واحد ودين واحد ولغة واحدة.. !
فياليت هذا العالم " المتحضر" ينظر إلى منهج نبي الإسلام مع المسنين، كل المسنين، البيض والسود، العرب وغير العرب، المسلمين وغير المسلمين .
وإليكم بعض تعاليمه  في رعاية المسنين ..
المطلب الأول : حثه على إكرام المسنين والرفق بهم:
أولاً: مناشدة الشباب لإكرام المسنين :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ" .
وهكذا أوصى شباب المجتمع بشيوخه، وشباب اليوم هم شيوخ الغد، وتبقى الوصية المحمدية متواصلة ومتلاحقة مع حقب الزمن، توصي الأجيال بعضها ببعض، وفيه بشارة بطول العمر وبالقرين الصالح الذي يكرم من أكرم شيخًا، والجزاء من جنس العمل .
وانظر إلى هذا التعميم : " مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ" .. أي شيخ مسن، مهما كان لونه، ومهما كان دينه، فالمسلم مطالب بإكرام المسن دون النظر إلى عقيدته أو بلده أو لونه ...

كما في حديث أنس بن مالك ، أن رسول الله  قال: "والذي نفسي بيده ، لا يضع الله رحمته إلا على رحيم" ، قالوا : يا رسول الله ، كلنا يرحم ، قال :" ليس برحمة أحدكم صاحبه .. يرحم الناس كافة " . فيرحم الناس كافة، والأطفال كافة، والمسنين كافة، بعجرهم وبجرهم، مسلمهم وغير مسلمهم .
ثانيًا: إكرام المسن من إجلال الله :
فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أن رَسُولُ اللَّهِ  قال "إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ" .
فجعل إكرام المسنين من إجلال الله . . وربط بين توقير الخالق وتوقير المخلوق ، وإجلال القوي سبحانه وإجلال المسن الضعيف، وذكر علامة، يُكرم بها صاحبها، هي الشيب، فكان حقًا على كل من رأي هذه العلامة في إنسان إن يكرمه ويجله .
ثم انظر كيف جمع بين المسن وحامل القرآن والسلطان، وقدم المسن، كأنه يقول لك وقرْ المسن كما توقر السلطان والرئيس والحاكم، وعظم المسن كما تعظم حامل القرآن الحاذق.
وتحت لفظ " إكرام ذي الشيبة المسلم "، تأتي كل صور الرعاية والإكرام للمسنين، كالرعاية الصحية، والرعاية النفسية، والرعاية الاجتماعية والاقتصادية، ومحو الأمية، والتعليم التثقيف، وغيرها من صور العناية التي ينادي بها المجتمع الدولي الآن .
ثالثًا: ليس من المسلمين من لا يوقر الكبير :
فعن عبد الله بن عمرو : أن رَسُولُ اللَّهِ  قال : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا " .
فجعل من الذين لا يوقرون الكبراء والمسنين عناصر شاذة في مجتمع المسلمين، بل وتبرأ منهم ! إذ ليس من المسلمين من لا يحترم كبيرهم، وليس من المجتمع من لم يوقر مشايخه وأكابره من المسنين . وتأمل – هداك الله – لفظة النبي " يوقر كبيرنا " – هكذا بضمير الجمع ، تعظيمًا للكبير والمسن - ، ولم يقل " يوقر الكبير"، ليقرر أن الاعتداء على الكبير أو المسن بالقول أو الفعل أو الإشارة هو اعتداء على جناب رسول الله ، الذي نسب المسن إليه وانتسب إليه، بقوله .." كبيرنا" .
رابعًا: تسليم الصغير على الكبير :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنْ النَّبِيِّ قَالَ: " يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ" .

فقرر النماذج العملية البسيطة ، فيما يتعلق بجوانب الذوقيات الاجتماعية العامة، وبدأ بأهم هذه المظاهر الأخلاقية والذوقية، وهو مظهر توقير الكبير واحترام المسن، فهو البند الأول في " الإتيكيت الإسلامي ".. ولما كان الصغير هو المبادر في مثل هذه الأحوال، كان عليه فيما دون ذلك ، فيبدأ بالمساعدة، ويبدأ بالملاطفة، ويبدأ بالزيارة، ويبدأ بالنصيحة، ويبدأ بالاتصال .. الخ
خامسًا : تقديم المسن في وجوه الإكرام عامة:
قال النبي  : " أمرني جبريل أن أقدم الأكابر " .
وهذه قاعدة عامة في تقديم الكبير والمسن في وجوه الإكرام والتشريف عامة ..
وقد أمر النبي  أن يُبدأ الكبير بتقديم الشراب ونحوه للأكابر..فقال : "أبدؤا بالكبراء - أو قال – بالأكابر" .
ولقد مارس هذا الخلق عمليًا، فتقول عائشة : " كان  يستن وعنده رجلان، فأُوحي إليه : أن أعط السواك أكبرهما ! " .
وعن عبدالله بن كعب :"كان  إذا استن أعطى السواك الأكبر، و إذا شرب أعطى الذي عن يمينه" .
قال ابن بطال : فيه تقديم ذي السن في السواك ، و يلتحق به الطعام والشراب و المشي والكلام . ومن ثم كل وجوه الإكرام .
كما أمر  بتقديم المسن في الإمامة :
ففي الصحيح من حديث مالك بْنِ الْحُوَيْرِثِ أن النَّبِيِّ قال :" .. فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ " .
وهو لا يتعارض مع تصريح النبي  بتقديم الأحفظ لكتاب الله.
وجد جمع بينهما في حديث أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ حين قَال رَسُولُ اللَّهِ : " يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَة،ً فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا ..." .
كما أن الكبير – في الهدي النبوي – أحق بالمبداءة في الكلام، والحوار، فعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْل،ِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ  فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِم،ْ فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ :
"كَبِّرْ الْكُبْرَ " ..
قَالَ يَحْيَى يَعْنِي لِيَلِيَ الْكَلَامَ الْأَكْبَرُ .. الحديث
سادسًا : التخفيف عن المسنين في الأحكام الشرعية :
فالأحكام الشرعية في الإسلام دائما تأخذ في الاعتبار مبدأ التخفيف عن صاحب الحرج، كالمسن .. نرى ذلك بوضوح في جل التشريعات الإسلامية .. فقد خفف الشرع عن المسن في الكفارات والفرائض والواجبات..
أما التخفيف عن المسن في الكفارات، فقصة المجادلة (خولة بنت ثعلبة) في القرآن خير دليل، عندما وقع زوجها (أوس بن الصامت) – وهو الشيخ المسن – في جريمة الظهار، ونزل الحكم الشرعي العام : " وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)" [ المجادلة ]..
وقال رسول الله  لخولة المجادلة: "مُريه فليعتق رقبة"، فسألت التخفيف عن زوجها .فقال: "فليصم شهرين متتابعين". فقالت: والله إنه شيخ كبير، ما به من صيام. قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تَمر". فقلت: يا رسول الله، ما ذاك عنده ! فقال نبي الرحمة : "فإنا سنعينه بعَرَقٍ من تمر" ! ولم ينس الرسول الجليل والأب الرحيم أن يوصي المرأة الشابة بزوجها الشيخ فقال:"استوصي بابن عمك خيرًا".
وفي الفرائض : أجاز للمسن أن يفطر في نهار رمضان - ويطعم - إذا شق عليه الصيام، وأن يصلي جالسًا إذا شق عليه القيام، وأن يصلي جالسًا إذا شق عليه الجلوس .. وهكذا..
ولقد عنّف الرسول  معاذ بن جبل، ذات يوم، لما صلى إمامًا فأطال فشق على المأموم، قائلا :
"يَا مُعَاذُ ! أَفَتَّانٌ أَنْتَ ! [ ثَلَاثَ مِرَارٍ] ! فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ !"
ورخص للمسن أن يرسل من يحج عنه إن لم يستطع أن يمتطى وسيلة النقل . فعَنْ الْفَضْلِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ لها النَّبِيُّ  :" فَحُجِّي عَنْهُ". .
المطلب الثاني : نماذج رحمته  للمسنين :
أولاً: إنصاته لعتبة وتلطفه معه :
جاء عتبة بن ربيعة - أحد شيوخ المشركين في مكة- يتحدث إلى النبي ، بحديث طويل يريد أن يثنيه عن دعوته، وكان من بين ما قال:
أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ فسكت النبي، تأدبًا وإعراضًا عن الجاهلين !
فواصل عتبة قائلاً : إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فقل يسمع لقولك، لقد أفضحتنا في العرب حتى طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، ما تريد إلا أن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى .. فلما عاين عتبةُ هذا الأدب الجم من رسول الله، خفف من حدة الحديث، وقال : يا بن أخى، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيًا [ يعني جنون أو مس ] تراه لا تستطيع رده عن نفسك؛ طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه.
و لا زال عتبة يتحدث إلى النبي، بهذا الحديث الذي لا يخلوا من التعريض أو من التجريح، ورسول الله  في أنصات واستماع بكل احترام للشيخ ..
حتى إذا فرغ عتبة، قال له النبي - في أدب ورفق -: " أفرغت يا أبا الوليد ؟ " قال: نعم.
قال: "اسمع منى".
قال: أفعل.
فقرأ عليه النبي أول سورة فصلت .
ثانيًا: سعيه لفك أسر شيخ كبير:
فلما أُسر عمرو بن أبي سفيان بن حرب، في معركة بدر، ووقع أسيرا في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقيل لأبي سفيان: افد عمرًا ابنك ! قال: أيجمع علي دمي ومالي، قتلوا حنظلة وأفدي عمرًا، دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم.
فبينًا هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله  إذ خرج شيخ كبير مسلم إلى مكة لأداء العمرة، وكان اسمه سعد بن النعمان بن أكال - أخو بني عمرو بن عوف- فخرج معتمرًا، رغم أن الظروف السياسية عصيبة لاسيما بعد بدر .. ولم يظن أنه يحبس بمكة، وقد كان عهد أن قريشًا لا يعرضون لأحد جاء حاجًا أو معتمرًا إلا بخير، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة، فحبسه بابنه عمرو ..
ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله  فأخبروا خبره، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان، فيفكوا به الشيخ، ففعل رسول الله  ، وأفرج عن ابن أبي سفيان على الفور، دون فداء، فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلى سبيل الشيخ .
ثالثًا:رفقه بأبي قحافة وتوقيره له :
لما دخل رسول الله  مكة فاتحًا (في رمضان 8هـ/ يناير 630 م)، ودخل المسجد الحرام، أتى أبو بكر بأبيه يقوده إلى حضرة النبي ، ليتعرف عليه، لعله أن يسلم . فلما رآه رسول الله  قال:
" هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟ ! " .
قال أبو بكر: يا رسول الله، هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه! !
فأجلسه النبي  بين يديه، وأكرمه، ثم مسح على صدره، ثم قال:" أسلم"
فأسلم.
ودخل به أبو بكر وكان رأسه كالثغامة بياضًا من شدة الشيب.
فقال رسول الله - في تلطف جم وذوق رفيع -: " غيروا هذا من شعره ! " .
وأخيرًا، يمكن أن نلخص الهدي النبوي في التعامل مع المسنين في عدة نقاط هي :
1-مسؤولية المجتمع بكامله – خاصة الشباب - عن شويخه ومسنيه، علمًا بأن رعاية المسنين واجب عيني على الأنظمة والحكومات والشعوب . ويمتد الواجب إلى حشد الجهود الفردية والجماعية والرسمية وغير الرسمية لرعاية المسنين .
2- الرعاية الكاملة والشاملة للمسن، صحيًا نفسيًا وعقليًا واجتماعيًا، وغيرها من صور العناية وقد جمعها اللفظ النبوي في جملة " إكرام ذي الشيبة " ..
3-توقير المسنين في المعاملات الاجتماعية اليومية المختلفة .
4-تقديم المسنين في وجوه الإكرام عامة، كالإمامة والطعام والشراب .
5-التخفيف عن المسنين في الأحكام الشرعية، ومراعاة الفتوى الشرعية لهم .

غير معرف يقول...

((((((((((((((((المعاني الأربعة المهمة
هذه الأربع الكلمات التي ينبغي لكل مسلم أن يحفرها في قلبه ، وأن يرددها في كل حين وان يعرف معانيها ، لارتباطها بالله سبحانه وتعالى ولارتباطها بنيه ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

معاني كلمة الله ( سبحانه وتعالى ) الستة :
1- الإله . 2- المعبود . 3- المحبوب . 4- المحير .
5- المحتجب . 6- المعتمد عليه .

معاني كلمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) التسعة :
1- صاحب الثناء الكثير . 2- صاحب الفضائل الكثيرة . 3- الممدوح كثيرا . 4- صاحب الخصال المحمودة .
5- المشكور كثيرا . 6- الذي يكرر ويعاد شكره .
7- الذي يبالغ في شكره . 8- الممجد . 9- المعظم .
معاني كلمة الصلاة الأربعة عشر :
1- الرحمة . 2- الدعاء . 3- التزكية . 4- الغفران . 5- التمجيد . 6- التبريك . 7- الثناء . 8- الحمد . 9- العبادة عموما . 10- بيت الصلاة .11- عبادة مخصوصة . 12- دخول النار . 13- إشعال النار . 14- الدخول .
معاني كلمة السلام الستة عشر :
1- اسم من اسماء الله تعالى . 2- السلامة من الآفات . 3- الاستسلام . 4- التحية . 5- الثناء . 6- الصلح . 7- الرضا . 8- السبب . 9- الطاعة والانقياد . 10- الهدوء والطمأنينة . 11- الإخراج والإعطاء . 12- الاعتراف . 13- شجر عظيم . 14- الحجارة الصلبة . 15- الدين والإخلاص . 16- الخير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع : المفردات وقاموس القرآن ، للراغب الأصفهاني وللفقيه الدامغاني رحمهما الله .

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إبراهيم خليل الله ، وموسى نجي الله ، وعيسى روحه وكلمته ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر .

ولكن كيف تكون صلاتي عليه ؟(مقياس الحب)
الأسئلة الأربعة عشر لمقياس الحب لسيد البشر
إن كل مسلم يتمنى صادقاً أن يبلغ أعلى درجات حب النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وعليه أن يستعين بالله سبحانه في ذلك . فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم المرء مع من أحب . رزقنا الله حبه .
صلى الله عليه وعلى آله وسلم
1- هل أشتاق إلى الصلاة عليه؟
2- هل أتلذذ عندما أصلي عليه؟
3- هل أصلي عليه في كل مجلس؟
4- هل أصلي عليه بتأن وروية؟
5- هل أصلي عليه بأدب وخشوع؟
6- هل أصلي عليه بحب وشوق؟
7- هل دمعت عيني مرة وأنا أصلي عليه؟
8- هل أشعر بأن الصلاة عليه أحب إلي وأهم من نفسي وتنفسي؟
9- هل شعرت وأنا أصلي عليه أني قريب إليه؟
10- هل أحس بأني مقصر في حقه مهما أكثرت من الصلاة عليه؟
11- هل شعرت بأن الصلاة عليه تطيب وتعطر لساني ومجلسي؟
12- هل أتلفت أو أتحرك أو ينشغل فكري بشيء آخر أثناء الصلاة عليه ؟
13- هل أكثر من الصلاة عليه ليرزقني الله رؤيته في الفردوس الأعلى؟
14- هل أكثر الصلاة عليه مساءً ليرزقني الله عز وجل رؤيته في المنام؟

أخي أيها المحب للحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم !
هذه التساؤلات لا تحتاج منك إلى إجابات ، بل تحتاج إلى أن تستعين بالله لكي تحققها .
يا رسول الله ! كيف أتأدب معك ؟
الأدب معه ، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم السلام ( 33 طريقة )
قال عز وجل : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم .
عن صفوان رضي الله عنه قال يا رسول الله إني أحبك ، فقال عليه الصلاة والسلام : المرء مع من أحب متفق عليه .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد ولد آدم أجمعين ، وعلى آله الطاهرين وصحابته الغر الميامين وعلى من تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد : التأدب وحسن الخلق واجب وحق لأدنى مسلم على أخيه المسلم ، وهي من أهم ما نتعبد الله تعالى به ، فما بالك إن كان هذا المسلم هو سيد المسلمين وأعظم الأنبياء والمرسلين ، وأحب الخلائق أجمعين إلى رب العالمين .
وهذه أهم النقاط التي ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لها :
1. أكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، تعظيماً لشأنه ومعرفة بقدره وجاهه عند الله تعالى ، وحباً فيه وشوقاً إليه .
2. أذكر الصلاة والسلام عليه كاملة ، ولا أختصرها نطقا ولا كتابة .
3. أحفظ وأنتقي أفضل الصلوات والتساليم لعظم الأجر من الله تعالى .
4. أنتقي أجمل الألفاظ والأساليب في مخاطبته والتحدث عنه صلى الله عليه وآله وسلم .
5. أن أحمد الله تعالى على نعمة التأدب العظيمة معه صلى الله عليه وآله وسلم .
6. تخطئة نفسي أنا عند عدم فهم أي قول أو فعل له صلى الله عليه وآله وسلم .
7. أحمل أي قول أو فعل له صلى الله عليه وآله وسلم ، على أفضل وأكرم معنى .
8. عدم الإكثار من النظر إليه صلى الله عليه وآله وسلم إجلالاً له .
9. عدم دعائه ومناداته صلى الله عليه وآله وسلم ، مثلما ننادي بعضنا بعضاً .
10- إكرام أهل بيته والإحسان إليهم وإجلالهم ففي ذلك إكرام له صلى الله عليه وآله وسلم .
11- إكرام زواره وجيرانه صلى الله عليه وآله وسلم من أهل المدينة المنورة .
12- إكرام زوجاته الطاهرات وصحبه ومحبتهم إكراماً له صلى الله عليه وآله وسلم .
13- التسمي باسمه وأسماء أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم حباً فيهم .
14- التلذذ بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم .
15- الخشوع والخضوع والتوقير عند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم .
16- استشعار عظمته وأن يمتلأ قلبي بحبه وهيبته كأني أراه ، لتكثر طاعاتي وتقل مخالفاتي .؟؟؟؟؟؟؟؟
17- أن أتأسف على فوات رؤيتي له في الدنيا صلى الله عليه وآله وسلم .
18- أن أتمنى أن يعوضني الله سبحانه وتعالى عن ذلك في الآخرة .
19- أن يكون حزني على فراقه في الدنيا أعظم من فراق أبوي وجميع أحبابي .
20- الطهارة عند قراءة حديثه وسيرته صلى الله عليه وآله وسلم .
21- لا نذكر المتخاصمين والمتنازعين بالصلاة عليه أثناء نزاعهم .
22- عدم الاتكاء على الكتب التي فيها سيرته العطرة صلى الله عليه وآله وسلم وتبجيلها .
23- عدم رفع الصوت على صوته الشريف صلى الله عليه وآله وسلم ، بل أخفضه عنه .
24- عدم رفع الصوت في مسجده الشريف وقرب قبره صلى الله عليه وآله وسلم .
25- عدم رفع الصوت عند قراءة أحديثه الشريفة أو سيرته .
26- عدم الإكثار عليه بالأسئلة صلى الله عليه وآله وسلم .
27- التشبه به في أحواله وأفعاله وأقواله صلى الله عليه وآله وسلم .
28- احترام وتبجيل كل كلمة منه صلى الله عليه وآله وسلم .
29- زيارته مسجده الشريف وقبره المنيف صلى الله عليه وآله وسلم ، وعدم إضاعة الوقت في غير الزيارات المشروعة .
30-أدعو الله تعالى وأتضرع إليه أن يرزقني الأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم .
31- الاهتمام بنظافة مسجده الشريف ومدينته المنورة صلى الله عليه وآله وسلم .
32- أن أجدد التوبة وأن أسأل الله سبحانه أن يجعلها توبة نصوحاً ، وأكثر من والاستغفار ، وألا يكون هذا آخر العهد به صلى الله عليه وآله وسلم .
33- أن أكثر من الدعاء لله سبحانه وأن أتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بأن يرزقني شفاعته ورؤيته ، وأن يميتني على سنته ومحبته ، وأن يحشرني في زمرته وأن يسقيني بيده الشريفة من حوضه .
ندعوه عز وجل وهو القائل سبحانه وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، أن يرزقنا التأدب وحسن الخلق مع كل المسلمين عامة ، ومع الحبيب المصطفى الهادي الشفيع صلى الله عليه وآله وسلم خاصة . اللهم آمين اللهم آمين .

يا رسول الله ! يا سيد الأنام ! كيف أراك في المنام ؟
( 20طريقة )
كيفية رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم
قال صلى الله عليه وآله وسلم :1- من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي .2- وفي رواية : من رآني فقد رأى الحق . 3- وفي رواية : من رآني في المنام فقد رآني .4- وفي رواية : فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَة . 5- وفي رواية : فَقَدْ رَآنِي فِي الْيَقَظَة . (في فتح الباري) . 6- وفي رواية الترمذي الصحيحة : من رآني فإني أنا هو .

اللهم لك الحمد يا من وفقتنا لأن نكون من المسلمين ، وصل اللهم وسلم على خير خلقك أجمعين ، وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين وبعد :
من أهم ما يجلب السعادة والسرور ويثلج القلوب والصدور ، ومن أهم ما يزيح الغموم ويبعد الهموم ، أن يرى الإنسان من يحب ويعيش كل حياته هانئاً سعيداً منشرح الصدر مرتاح البال بقربه ، فكيف إن كان هذا الإنسان هو مصدر كل سعادة وخير وبركة في الدين والدنيا ، فإن لم نتمكن من رؤيته الآن بأعيننا فلنستعن بالله سبحانه لكي نراه في المنام أولاً ثم ندعوه عز وجل أن نراه ونرافقه ونجاوره في الفردوس الأعلى . إنه جواد كريم .
وهذه أهم النقاط التي ندعو الله أن يوفقنا لها :
1. النية والإخلاص لله في ذلك .
2. معرفة أهمية وفضل رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم .
3. أن أحمد الله سبحانه على هذه النعمة .
4. الطهارة الدائمة ، وأن أصلي صلاة الحاجة عدة مرات ، وأتحرى الأمكنة والأزمنة والأوقات الفاضلة .
5. أنام نوم السنة .
6. التمني والدعاء والتضرع إلى الله تعالى والاستغفار الكثير .
7. قراءة الآيات الكريمات والأحاديث الشريفة والأذكار بنية ذلك ، وخاصة ما يتعلق منها بالصلاة عليه وفضائله .
8. أن أطلب الدعاء من الغير .
9- إكثار الصلاة عليه نطقاً وكتابة ، وانتقاء أفضل الصلوات صلى الله عليه وآله وسلم .
10- الصدقة بنية ذلك .
11- زيارة الأماكن التي يوجد بها شيء من أشيائه صلى الله عليه وآله وسلم .
12- زيارة مسجده النبوي وقبره الشريف والبقيع .
13- نصح الناس بالإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم .
14- أن أزور من رآه صلى الله عليه وآله وسلم .
15- أن أتشبه به في كل أحواله صلى الله عليه وآله وسلم .
16- الإحسان إلى آل بيته صلى الله عليه وآله وسلم وإكرامهم ومعرفة حقهم .
17- قراءة سيرته صلى الله عليه وآله وسلم .
18- ألا أستعجل رؤيته في المنام مهما تأخرت .
19- أن أحب رؤيته من أعماق قلبي صلى الله عليه وآله وسلم .
20- أن أتعلم كيفية ذلك ، وأقرأ صفة خلقته الشريفة .
فإذا فعلت كل ذلك فقد يكرمني الله سبحانه وتعالى ويمن علي برؤية المصطفى المختار في المنام ، ويا لها من سعادة ما بعدها سعادة .
أما إذا لم أحظ برؤية وجه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ، فيكفيني فضلاً علي من الله تعالى أنه :
1- وفقني إلى ذكره وتلك الأعمال الصالحة .
2- إلى تلاوة كتابه الكريم .
3- إلى الإكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم .
4- إلى الشوق إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
5- إلى العمل بالأسباب التي تؤدي إلى رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم .

وعلي بأن أحمد الله على كل تلك الخيرات ، فهو فضل عظيم اختصني الله سبحانه به ، وعلي اللجوء مرة أخرى إلى الله عز وجل ولكن بعزم أصدق وبابتهال إليه سبحانه . إنه سبحانه وتعالى جواد كريم رؤوف رحيم سميع عليم .

اللهم . . يا الله
- اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترزقنا النظر إلى وجهك الكريم .
- اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغفر لنا وترحمنا ووالدينا وكل مسلم ومسلمة .
- اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترزقنا جواره في جنات النعيم .
- اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب من يده الشريفة من حوض الكوثر شربة لا نظمأ بعدها أبداً .

رحم الله حسان بن ثابت ورضي عنه وهو القائل :
أغر عليه للنبوة خاتم
من الله من نور يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه
إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
وقال رضي الله عنه
وأفضل منك لم تر قط عين
وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء

وقال رضي الله عنه
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها
على طلل القبر الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت
بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا
عليه بناء من صفيح منضد

ورحم الله ورضي عمن قال :
بـلـغ الـعـلا بكمـاـلـه كشف الدجى بجماله
حسنت جميع خصاله صــلوا عـليـه وآلــه

وغفر الله لي ورضي عني حيث أقول :
رسول الله قد أعطاك ربي
شمائل تحتوي خير المزايا
حباك الله كل الفضل يا من
علوت وسدت يا خير البرايا
علا بك فضله فسموت قدرا
فجاءتك المحبة والعطايا
وأرسلك الإله بخير هدي
فهدي محمد خير الهدايا

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ،
أحدهما أعظم من الآخر ،
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض
وعترتي أهل بيتي ،
ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .
وأخيراً

فصلاتي وسلامي على الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله هي : عبادة جليلة لله وطاعة له ، هي محبة ورفعة لي عنده سبحانه، وأجر وغفران وجنة عدن ، وأمن وأمان في الدنيا والآخرة ، هي قرب منه صلى الله عليه وسلم ، وشوق إليه وحنين إليه ولهج دائم بذكره .
إن الصلاة والسلام على الهادي البشير ، على السراج المنير ، على الرحمة المهداة والنعمة المسداة ، على صاحب الجبين الأزهر والوجه الأنور ، فيها خير الدنيا والآخرة . فيها صفاء القلب وبرد اليقين وطمأنينة النفس وراحة البال ، فيها حب له وسبيل لرؤيته في الدنيا ومجاورته في الآخرة .

ولئن فاتنا لذة العيش والحياة معه حياً ونصرته ، فإن زيارته ، والإكثار من الصلاة والسلام عليه ، والإكثار من قراءة سيرته العطرة ، لهي حياة كاملة معه ورؤية لخلقته الشريفة ولأخلاقه الطاهرة .

والحذر الشديد ثم الحذر الشديد من عدم اللهج بالصلاة والسلام عليه عند ذكره صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، أو اختصار الصلاة والسلام عليه بالرمز بالحروف بدلاً من كتابتها كاملة ، حيث أن ذلك بخل ونقص في محبته وتوقيره وتكريمه صلى الله عليه وسلم ، وحرمان للعبد من ذكر الله تعالى له .

إنه ليس جميلاً أبداً أن تفعل ذلك مع أحبابك أو مسؤوليك ، فمن باب أولى ألا تفعله مع سيد الأحباب وسيد المسؤولين ، أفضل صلوات الله تعالى وأتم تسليماته عليه ، عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته .









يا الله
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .
اللهم صل عليه صلاة تسعد بها قلبه في مثواه ، وترضي بها روحه في علاه ، وتكرم بها آله ومن والاه .
اللهم اجعل أفضل صلواتك وخير بركاتك وأجمل تحياتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين .
اللهم صل وسلم وبارك عليه كلما ذكره الذاكرون ، وصل وسلم وبارك عليه كلما غفل عن ذكره الغافلون .

اللهم
اللهم تقبل شفاعته ، وارفع درجته ، وأعل رايته ، واجزه اللهم عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته . فنحن نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشفت به الغمة . يا أرحم الراحمين يا رب العالمين يا الله .
حسن بن عبيد باحبيشي
أمين جمعية القرآن الكريم بمنطقة مكة المكرمة
مشرف تربية إسلامية - تعليم جدة
خريج كلية الشريعة الإسلامية بمكة المكرمة 1397هـ
عضو في جمعية القرآن الكريم بجدة منذ1398هـ

غير معرف يقول...

((((((((إسلام أستاذ التشريح العالمي)))))))))))))))
* بدأت صلتنا بالبروفيسور تاجاتات تاجاسون عندما عرضنا عليه بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتصلة بمجال تخصصه فى علم التشريح وبعد أن أجاب على تساؤلاتنا قال:
- نحن كذلك يوجد فى كتبنا البوذية المقدسة أوصافاً لأطوار الجنين .
- نحن فى شوق لأن نقف على ما جاء فى تلك الكتب .

فى لقائنا القادم
* فى العام التالي عندما جاء ممتحناً خارجياً لطلاب كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز سألنا عما وعدنا به وفى أمانة علمية جديرة بالاحترام أجاب
- أقدم لكم اعتذارى عن معلوماتي السماعية لقد أجبتكم دون أن تثبت من هذه المعلومات ولكنى بالرجوع إلى تلك الكتب لم أجد شيئاً حول ذلك الموضوع .
عندئذً قدمنا له محاضرة كان قد أعدها البروفيسور كيث مور أستاذ علم التشريح بجامعة تورنتو بكندا وعنوانها مطابقة علم الأجنة لما فى القرآن والسنة وسألناه هل تعرف البروفيسور مور ؟

- بالطبع إنه من كبار العلماء المشهورين فى هذا التخصص وهو مرجع عالمي وإني لمندهش مما سجله هنا فى هذه المحاضرة .
* ثم سألناه عدداً من الأسئلة فى مجال تخصصه كان من بينها ذلك السؤال المتعلق بالجلد :
- هل هناك مرحلة ينعدم عندها الإحساس بألم الحرق ؟؟
- نعم إذا كان الحرق عميقاً ودمر عضو الإحساس بالألم
- حسناً ما رأيك إذن أن القرآن الكريم الذي عند تاريخ نزوله على محمد صلي الله عليه وسلم لأكثر من ألف وأربعمائة عام . قد أشار إلى تلك الحقيقة العلمية عندما ذكر الطريقة التي سيعاقب الله به الكافرين يوم القيامة حيث يقول :
(إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب )
فالقرآن هنا يقرر أنه عندما ينضج الجلد يخلق الله للكفار جلداً جديداً كى يتجدد إحساسهم بالألم وذلك تأكيد من جانب القرآن على أن الأطراف العصبية التى تجعل الإنسان يشعر بالألم موجودة فى الجلد .
- هذا أمر يدعو للدهشة والغرابة حقيقة فتلك معرفة مبكرة جداً عن مراكز الإحساس والأعصاب فى الجلد ولا أدرى كيف ذكر قرآنكم هذا !!
- ترى أيمكن أن تكون هذه المعلومات قد استقاها محمد نبى الإسلام من مصدر بشرى ؟
- بالطبع لا ففى ذلك الوقت لم تكن هناك معارف بشرية حول هذا الموضوع .
- من أين إذن وكيف عرف ذلك .
- المؤكد عندي هو استحالة المصدر البشرى ولكنى أسألكم أنتم من أين تلقى محمد صلي الله عليه وسلم هذه المعلومات الدقيقة .
- من عند الله .
- الله !! ومن هو الله ؟
وبعد أن شرحنا له المفهوم الإسلامي للفظ الجلالة الأعظم راقته تلك الرؤية وعاد الى بلاده ليحاضر عن هذه الظاهرة القرآنية التى عايشها وتأثر بها حتى جاء موعد المؤتمر الطبى السعودي الثامن واستمع فى الصالة الكبرى التي خصصت للإعجاز على مدى أربعة أيام لكثير من العلماء ولاسيما غير المسلمين يحاضرون عن ظاهرة الإعجاز العلمي وفى ختام جلسات المؤتمر وقف البروفيسور (تاجاتات تاجاسون) يعلن .

- بعد هذه الرحلة الممتعة والمثيرة فإنى أؤمن أن كل ما ذكر فى القرآن الكريم يمكن التدليل على صحته بالوسائل العلمية وحيث أن محمداً نبى الإسلام كان أمياً إذن لابد أنه قد تلقى معلومات عن طريق وحى من خالق عليم بكل شئ . وإننى أعتقد أنه حان الوقت لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
(ويرى الذين أتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد)

غير معرف يقول...

(((((((((أستاذ اللاهوت المسئول عن تنصير مصر)))))))))))
حصل على دبلوم كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة عام 1948، ثم ماجستير في الفلسفة واللاهوت من جامعة "برنستون" بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1952.
ثم عاد إلي مصر مكلفاً بالعمل راعياً بالكنيسة الإنجيلية وأستاذاً للعقائد واللاهوت بكلية اللاهوت بمدينة أسيوط جنوب مصر, حتى عام 1953.
ثم ترقى إلى منصب سكرتيراً عاماً للإرسالية الألمانية السويسرية بمدينة أسوان ، ومنصراً بين المسلمين في المنطقة المحصورة بين محافظتي أسيوط وأسوان حتى عام 1955.
و يتحدث "إبراهيم خليل أحمد" عن قصة دخوله الإسلام فيقول :
" في إحدى الأمسيات من عام 1955 , سمعت القرآن مذاعاً بالمذياع، وسمعت قوله تعإلى:
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [الجن:1 ، 2]
كانت هاتان الآيتان, بمثابة الشعلة المقدسة التي أضاءت ذهني وقلبي للبحث عن الحقيقة.
في تلك الأمسية, عكفت على قراءة القرآن حتى أشرقت شمس النهار، وكأن آيات القرآن نورٌ يتلألأ، وكأنني أعيش في هالة من النور, ثم قرأت القرآن مرة ثانية فثالثة فرابعة حتى وجدت قوله تعإلى:
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157]
من هذه الآية, قررت أن أقوم بدراسة متحررة للكتاب المقدس، ولأكون صادقاً مع نفسي وواجداً الوقت الكافي لدراستي وتحرير ما علق في ذهني بالإنجيل من شبهات, فقررت الاستقالة من عملي كقسيس ومن عملي كسكرتير عاماً للإرساليتين الأمريكية والألمانية بأسوان .
ولما نفذت قراري, وبدأت بوادر نور الحق تسطع في عقلي, تآمر عليّ مجموعة من الأطباء المكلفين من الكنيسة التي أتبعها, وكانت ترعاني وأرعاها منذ أيام قليلة, وأتولى شئون المئات من شعبها, وأشاعوا أنني مختل العقل، فصبرت وصمدت بكل ثقة في الله، وسافرت إلى القاهرة حيث عملت نصركة "استاندرد ستاشينري" للأدوات المكتبية والهندسية، وفي أثناء عملي بها, طلب مني مدير الشركة, النصراني العقيدة, طبع تفسير جزء عم باللغة الإنجليزية كعمل تجاري، فتعهدت له بإنجاز هذا العمل، وكان يظنني مسلماً، وحمدت الله أنه لم يفطن لنصرانيتي ، فكان هذا التكليف بالنسبة لي, دراسة إسلامية, متحررة من ثياب الدبلوماسية, حتى شرح الله صدري للإسلام، ووجدت أنه لابد من الاستقالة من العمل كخطوة أولى لإعلان إسلامي ، وفعلاً قدمت استقالتي في عام 1959, وأنشأت مكتباً تجارياً خاصاً في نفس تخصص عملي بالأدوات المكتبية والمدرسية والهندسية, ونجحت في عملي الجديد والحمد لله.
فلما استقرت أموري وأحسست بصدق تحولي من الشرك إلى التوحيد, وتمكنت من ديني الجديد وتمكن هو مني, فأرسلت برقية في 25 ديسمبر عام 1959 للإرسالية الأمريكية التي كنت أتبعها بمصر الجديدة, وأخطرتها بأنني آمنت بالله الواحد الأحد وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ثم قدمت طلباً إلى المحافظة للسير في الإجراءات الرسمية لإشهار إسلامي, وتم تغيير اسمي من "إبراهيم خليل فيلبس" إلى "إبراهيم خليل أحمد"، وتضمن القرار تغيير أسماء أولادي على النحو التالي : إسحاق إلى أسامة، وصموائيل إلى جمال، وماجدة إلى نجوى.
ثم يستطرد الشيخ قائلاً:
" فارقتني على الفور زوجتي, بعد أن استنكرت عليّ وعلى أولادي أن نعتنق الإسلام ونعلن الإيمان بالتوحيد، كما قررت البيوتات الأجنبية التي تتعامل في الأدوات المكتبية ومهمات المكاتب عدم التعامل معي, إذ كانت كلها ملكاً لنصارى أجانب أو مصريين، ومن ثم أغلقت مكتبي التجاري، واشتغلت كاتباً في شركة براتب شهري 15 جنيهاً شهرياً, وكان دخلي من قبل لا يقل عن 80 جنيهاً.
وفي هذه الأثناء, درست السيرة النبوية، وكانت دراستها لي عزاء ورحمة, إذ أن الحرب أعلنتها الإرسالية المنتشرة بنفوذها في كل مكان من أنحاء القطر المصري, وتم فصلي من هذه الوظيفة المتواضعة، فقد استطاع العملاء الأمريكان أن يوغروا صدر القائم على الشركة ضدي حتى فصلني، وظللت بعدها ثلاثة أشهر بلا عمل, حتى عينت في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وذلك إثر محاضرة قد ألقيتها, وكان عنوانها: لماذا أسلمت؟
ثم يضحك ابراهيم خليل أحمد بمرارة شديدة وسخرية أشد, وهو يقول:
أتاح لي عملي الجديد, الفرصة الكبيرة لخدمة ديني الجديد والزود عنه وفضح ماعليه ديني السابق من وثنية وشرك وضلال وإضلال,وقمت بإلقاء عشرات من المحاضرات العلمية المدعمة بالأسانيد الشرعية والأكاديمية في علم الأديان المقارن, متجولاً بمساجد الله في الإسكندرية والمحلة الكبرى وأسيوط وأسوان وغيرهم من محافظات ومدن مصر, مكفراً عن ذنوبي السابقة, أواصل الليل بالنهار داعياً في سبيل الله، فاهتزت أركان الكنيسة من حولي لهذه المحاضرات, بعد أن علمت أن كثيراً من الشباب النصراني قد اعتنق عن قناعة بدين الإسلام.
وعلى الفور تولت الكنيسة إثارة الجهات المسئولة ضدي، حتى أن وزارتي الأوقاف والداخلية طلبتا مني أن أكف عن إلقاء المحاضرات, وإلا تعرضت لتطبيق قانون الوحدة الوطنية, متهماً بإثارة الشغب وإثارة الفتنة.
ثم يصمت في أسى ليقول بعدها:
هذا الاختناق دفعني دفعاً إلى أن أقرر الهجرة إلى المملكة العربية السعودية, حيث أضع كل خبراتي في خدمة كلية الدعوة وأصول الدين هناك.
ثم يعود مستدركاً وموضحاً لما سبق أن أشار إليه عن أسباب اعتناقه للإسلام، فيقول:
" إن الإيمان لابد أن ينبع من القلب أولاً، والواقع أن إيماني بالإسلام تسلل إلى قلبي خلال فترات طويلة كنت دائماً أقرأ فيها القرآن الكريم, وأقرأ تاريخ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, وأحاول أن أجد أساساً واحداً يمكن أن يقنعني أن محمداً, هذا الإنسان الأمي الفقير البسيط يستطيع وحده أن يحدث كل تلك الثورة التي غيرت تاريخ العالم ولا تزال.
استوقفني كثيراً نظام التوحيد في الإسلام, وهو من أبرز معالم الإسلام: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [الشورى:11] ، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ } [الإخلاص:1 ، 2]
ويرفع الشيخ رأسه متأملاً في السماء ويقول:
نعم, التوحيد يجعلني عبداً لله وحده، ولست عبداً لأي إنسان, التوحيد هنا يحرر الإنسان ويجعله غير خاضع لأي إنسان، وتلك هي الحرية الحقيقية ، فلا عبودية إلا لله وحده .. عظيم جداً نظام الغفران في الإسلام ، فالقاعدة الأساسية للإيمان تقوم على الصلة المباشرة بين العبد وربه ، فالإنسان في الإسلام يتوب إلى الله وحده، لا وجود لوسطاء، ولا لصكوك الغفران أو كرسي الاعتراف؛ لأن العلاقة مباشرة بين الإنسان وربه.
و يختتم كلامه وقد انسابت تعابيره رقراقةً:
" لقد شعرت براحة نفسية عميقة وأنا أقرأ القرآن الكريم, فأقف طويلاً عند الآية الكريمة:
{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } [الحشر:21]
كذا الآية الكريمة:
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة:82 ، 83]
لذلك كله اتخذت قراري بإشهار إسلامي، بل وعليّ القيام بالدعوة لدين الإسلام الذي كنت من أشد أعدائه، يكفي أنني لم أدرس الإسلام في البداية إلا لكي أعرف كيف أطعنه وأحاربه، ولكن النتيجة كانت عكسية, فبدأ موقفي يهتز, وبدأت أشعر بصراع داخلي بيني وبين نفسي, واكتشفت أن ما كنت أنصر به وأقوله للناس, كله زيف وكذب وخيال.

غير معرف يقول...

القُمُّص المصري "عزت إسحاق معوَّض" الذي صار داعية مسلماً
كان أحد الدعاة للالتزام بالنصرانية ، لا يهدأ و لا يسكن عن مهمته التي يستعين بكل الوسائل من كتب و شرائط و غيرها في الدعوة إليها ، و تدرج في المناصب الكنسية حتى أصبح "قُمُّصاً" .. و لكن بعد أن تعمق في دراسة النصرانية بدأت مشاعر الشك تراوده في العقيدة التي يدعو إليها في الوقت الذي كان يشعر بارتياح عند سماعه للقرآن الكريم ... و من ثم كانت رحلة إيمانه التي يتحدث عنها قائلاً :
" نشأت في أسرة مسيحية مترابطة و التحقت بقداس الأحد و عمري أربع سنوات ... و في سن الثامنة كنت أحد شمامسة الكنيسة ، و تميزت على أقراني بإلمامي بالقبطية و قدرتي على القراءة من الكتاب المقدس على النصارى .
ثم تمت إجراءات إعدادي للالتحاق بالكلية الأكليريكية لأصبح بعدها كاهناً ثم قُمُّصاً ، و لكنني عندما بلغت سن الشباب بدأت أرى ما يحدث من مهازل بين الشباب و الشابات داخل الكنيسة و بعلم القساوسة ، و بدأت أشعر بسخط داخلي على الكنيسة ، و تلفت حولي فوجدت النساء يدخلن الكنيسة متبرجات و يجاورن الرجال ، و الجميع يصلي بلا طهارة و يرددون ما يقوله القس بدون أن يفهموا شيئاً على الإطلاق ، و إنما هو مجرد تعود على سماع هذا الكلام .
و عندما بدأت أقرأ أكثر في النصرانية وجدت أن ما يسمى "القداس الإلهي" الذي يتردد في الصلوات ليس به دليل من الكتاب المقدس ، و الخلافات كثيرة بين الطوائف المختلفة بل و داخل كل طائفة على حدة ، و ذلك حول تفسير "الثالوث" ... و كنت أيضاً أشعر بنفور شديد من مسألة تناول النبيذ و قطعة القربان من يد القسيس و التي ترمز إلى دم المسيح و جسده !!! "
و يستمر القُمُّص عزت إسحاق معوض ـ الذي تبرأ من صفته و اسمه ليتحول إلى الداعية المسلم محمد أحمد الرفاعي ـ يستمر في حديثه قائلاً :
" بينما كان الشك يراودني في النصرانية كان يجذبني شكل المسلمين في الصلاة و الخشوع و السكينة التي تحيط بالمكان برغم أنني كنت لا أفهم ما يرددون ... و كنت عندما يُقرأ القرآن كان يلفت انتباهي لسماعه و أحس بشئ غريب داخلي برغم أنني نشأت على كراهية المسلمين ... و كنت معجباً بصيام شهر رمضان و أجده أفضل من صيام الزيت الذي لم يرد ذكره في الكتاب المقدس ، و بالفعل صمت أياماً من شهر رمضان قبل إسلامي " .
و يمضي الداعية محمد أحمد الرفاعي في كلامه مستطرداً :
"بدأت أشعر بأن النصرانية دين غير كامل و مشوه ، غير أنني ظللت متأرجحاً بين النصرانية و الإسلام ثلاث سنوات انقطعت خلالها عن الكنيسة تماماً ، و بدأت أقرأ كثيراً و أقارن بين الأديان ، و كانت لي حوارات مع إخوة مسلمين كان لها الدور الكبير في إحداث حركة فكرية لديّ ... و كنت أرى أن المسلم غير المتبحر في دينه يحمل من العلم و الثقة بصدق دينه ما يفوق مل لدى أي نصراني ، حيث إن زاد الإسلام من القرآن و السنة النبوية في متناول الجميع رجالاً و نساءً و أطفالاً ، في حين أن هناك أحد الأسفار بالكتاب المقدس (سفر نشيد الإنشاد الجنسي) ممنوع أن يقرأها النصراني قبل بلوغ سن الخامسة و الثلاثين ، و يفضل أن يكون متزوجاً !! "
ثم يصمت محمد رفاعي برهةً ليستكمل حديثه بقوله :
" كانت نقطة التحول في حياتي في أول شهر سبتمبر عام 1988 عندما جلست إلى شيخي و أستاذي "رفاعي سرور" لأول مرة و ناقشني و حاورني لأكثر من ساعة ، و طلبت منه في آخر الجلسة أن يقرئني الشهادتين و يعلمني الصلاة ، فطلب مني الاغتسال فاغتسلت و نطقت بالشهادتين و أشهرت إسلامي و تسميت باسم "محمد أحمد الرفاعي" بعد أن تبرأت من اسمي القديم "عزت إسحاق معوض" و ألغيته من جميع الوثائق الرسمية . كما أزلت الصليب المرسوم على يدي بعملية جراحية .. و كان أول بلاء لي في الإسلام هو مقاطعة أهلي و رفض أبي أن أحصل على حقوقي المادية عن نصيبي في شركة كانت بيننا ، و لكنني لم أكترث ، و دخلت الإسلام صفر اليدين ، و لكن الله عوضني عن ذلك بأخوة الإسلام ، و بعمل يدر عليّ دخلاً طيباً " .
و يلتقط أنفاسه و هو يختتم كلامه قائلاً :
" كل ما آمله الآن ألا أكون مسلماً إسلاماً يعود بالنفع عليّ وحدي فقط ، و لكن أن أكون نافعاً لغيري و أساهم بما لديّ من علم بالنصرانية و الإسلام في الدعوة لدين الله تعالى " .

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((بولص لا يوحى له


1Cor:7:25: 25. وأما العذارى فليس عندي امر من الرب فيهنّ ولكنني اعطي رأيا كمن رحمه الرب ان يكون امينا. (SVD)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص اضطهد المسيح


Acts:9:4: 4 فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. (SVD)
Acts:9:5: 5 فقال من انت يا سيد.فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده.صعب عليك ان ترفس مناخس. (SVD)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص حرامي كنائس ومحتال ومكار


Acts:8:3: 3 وأما شاول فكان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت ويجر رجالا ونساء ويسلمهم الى السجن (SVD)
1Cor:2:2: 2 لأني لم أعزم ان اعرف شيئا بينكم الا يسوع المسيح واياه مصلوبا. (SVD)
Rom:16:25: 25. وللقادر ان يثبتكم حسب انجيلي والكرازة بيسوع المسيح حسب اعلان السر الذي كان مكتوما في الازمنة الازلية

2Cor:12:16:
16 فيلكن.انا لم اثقل عليكم لكن اذ كنت محتالا اخذتكم بمكر. (SVD)

بولص يتقاسم مع العصابة
Gal:2:9:9 فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون انهم اعمدة اعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للامم واما هم فللختان. (SVD)
Gal:2:11:11. ولكن لما أتى بطرس الى انطاكية قاومته مواجهة لانه كان ملوما. (SVD)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟مدلس والشيطان يسيطر عليه
2Cor:12:7:
7 ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات اعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع. (SVD)
Rom:7:9:
اما انا فكنت بدون الناموس عائشا قبلا.ولكن لما جاءت الوصية عاشت الخطية فمتّ انا. (SVD)
Rom:7:14:
14. فإننا نعلم ان الناموس روحي وأما انا فجسدي مبيع تحت الخطية. (SVD)
Rom:7:15:
لأني لست اعرف ما انا افعله اذ لست افعل ما اريده بل ما ابغضه فإياه افعل. (SVD)
Rom:7:16:
16 فان كنت افعل ما لست اريده فاني اصادق الناموس انه حسن. (SVD)
Rom:7:17:
17 فالآن لست بعد افعل ذلك انا بل الخطية الساكنة فيّ. (SVD)
Rom:7:18:
فاني اعلم انه ليس ساكن فيّ اي في جسدي شيء صالح.لان الارادة حاضرة عندي وأما ان افعل الحسنى فلست اجد. (SVD)
Rom:7:19:
لأني لست افعل الصالح الذي اريده بل الشر الذي لست اريده فإياه افعل. (SVD)
Rom:7:21:
21 اذا اجد الناموس لي حينما اريد ان افعل الحسنى ان الشر حاضر عندي. (SVD)
Rom:7:23:
23 ولكني ارى ناموسا آخر في اعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني الى ناموس الخطية الكائن في اعضائي. (SVD)
Rom:7:24:
24 ويحي انا الانسان الشقي.من ينقذني من جسد هذا الموت. (SVD)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولس غبي ومختل عقليا


2Cor:11:17:17 الذي اتكلم به لست اتكلم به بحسب الرب بل كأنه في غباوة في جسارة الافتخار هذه. (SVD)
2Cor:11:1:1. ليتكم تحتملون غباوتي قليلا.بل انتم محتملي. (SVD)
2Cor:11:2 فاني اغار عليكم غيرة الله لاني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح. (SVD)
2Cor:12:11:11. قد صرت غبيا وانا افتخر.انتم الزمتموني لانه كان ينبغي ان امدح منكم اذ لم انقص شيئا عن فائقي الرسل وان كنت لست شيئا. (SVD)
2Cor:12:6:6 فاني ان اردت ان افتخر لا اكون غبيا لاني اقول الحق.ولكني اتحاشى لئلا يظن احد من جهتي فوق ما يراني او يسمع مني. (SVD)
المشكلة أنه يظن أن الناس هم الأغبياء !!!!!!
Gal:3:1:1. ايها الغلاطيون الاغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق انتم الذين امام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوبا. (SVD)
Gal:3:3:3 أهكذا انتم اغبياء.أبعد ما أبتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد (SVD)
يا لعبك يا بولص
Gal:3:27:27 لان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح. (SVD)

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Gal:2:21:-21 لست أبطل نعمة الله.لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح إذا مات بلا سبب (SVD)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص يغتاب الناس


2Cor:10:1:
1. ثم اطلب اليكم بوداعة المسيح وحلمه انا نفسي بولس الذي في الحضرة ذليل بينكم وأما في الغيبة فمتجاسر عليكم.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص الملعون يلعن المسيح


Gal:3:13:13 المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة. (SVD)
ويؤكد بولس على تميزه عن سائر التلاميذ وانفراده عنهم ،و يصفهم بالإخوة
" الكذبة المدخلين خفية، الذين دخلوا اختلاساً…الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة، فإن هؤلاء المعتبرين لم يشيروا علي بشيء، بل على العكس إذ رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان" (غلاطية 2/4-7).
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولس يسئ الادب مع الله





" لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كورنثوس(1)1/25)



" لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (كورنثوس(1) 2/10).

ويقول مستحلاً المحرمات: " كل الأشياء تحل لي" (كورنثوس(1)6/12).
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص كاذب وشريك وشرير


كاذب
Rom:3:7: 7 فانه ان كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان انا بعد كخاطئ. (SVD)

شريك
1Cor:9:23: 23 وهذا انا افعله لأجل الانجيل لأكون شريكا فيه. (SVD)

شرير
Rom:7:23: 23 ولكني ارى ناموسا آخر في اعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني الى ناموس الخطية الكائن في اعضائي. (SVD)
2Cor:12:7: 7 ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات اعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع. (SVD)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص أصله غير معروف


Acts:22:3 3. انا رجل يهودي ولدت في طرسوس كيليكية ولكن ربيت في هذه المدينة مؤدبا عند رجلي غمالائيل على تحقيق الناموس الابوي وكنت غيورا للّه كما انتم جميعكم اليوم
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟تناقض رواية رؤيته للمسيح


Acts:26:14: 14 فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني.صعب عليك ان ترفس مناخس. (SVD)
Acts:9:7: 7 وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون احدا. (SVD)
Acts:22:9: 9 والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني. (SVD)
Acts:26:14: 14 فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني.صعب عليك ان ترفس مناخس.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟على مزاجه

Heb:6:1: 1. لذلك ونحن تاركون كلام بداءة المسيح لنتقدم الى الكمال غير واضعين ايضا اساس التوبة من الاعمال الميتة والإيمان بالله
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟يعلم الردة


Acts:21:21: 21 وقد أخبروا عنك انك تعلّم جميع اليهود الذين بين الامم الارتداد عن موسى قائلا ان لا يختنوا اولادهم ولا يسلكوا حسب العوائد.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟التلاميذ يعرفون خبثه


Acts:19:30: 30 ولما كان بولس يريد ان يدخل بين الشعب لم يدعه التلاميذ.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص يدين الملائكة


1Cor:6:3: 3 ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة فبالأولى أمور هذه الحياة. (
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟من أقوال بولص

2Cor:11:4:
4 فانه ان كان الآتي يكرز بيسوع آخر لم نكرز به او كنتم تأخذون روحا آخر لم تأخذوه او انجيلا آخر لم تقبلوه فحسنا كنتم تحتملون. (SVD)
2Cor:11:6:
6 وان كنت عاميا في الكلام فلست في العلم بل نحن في كل شيء ظاهرون لكم بين الجميع. (SVD)
2Cor:11:7:
7 ام اخطأت خطية اذ اذللت نفسي كي ترتفعوا انتم لأني بشرتكم مجانا بانجيل الله. (SVD)
2Cor:11:8:
8 سلبت كنائس اخرى آخذا اجرة لأجل خدمتكم.وإذ كنت حاضرا عندكم واحتجت لم اثقل على احد. (SVD)
2Cor:11:9:
9 لان احتياجي سده الاخوة الذين أتوا من مكدونية.وفي كل شيء حفظت نفسي غير ثقيل عليكم وسأحفظها. (SVD)
2Cor:11:10:
10 حق المسيح فيّ.ان هذا الافتخار لا يسد عني في اقاليم اخائية. (SVD)
2Cor:11:11:
11 لماذا.ألاني لا احبكم.الله يعلم. (SVD)
2Cor:11:12:
12 ولكن ما افعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجدوا كما نحن ايضا في ما يفتخرون به. (SVD)
2Cor:11:13:
13 لان مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون مغيّرون شكلهم الى شبه رسل المسيح. (SVD)
2Cor:11:14:
14 ولا عجب.لان الشيطان نفسه يغيّر شكله الى شبه ملاك نور. (SVD)
2Cor:11:15:
15 فليس عظيما ان كان خدامه ايضا يغيّرون شكلهم كخدام للبر.الذين نهايتهم تكون حسب اعمالهم (SVD)
2Cor:11:16:
16. اقول ايضا لا يظن احد اني غبي.وإلا فاقبلوني ولو كغبي لافتخر انا ايضا قليلا. (SVD)
2Cor:11:17:
17 الذي اتكلم به لست اتكلم به بحسب الرب بل كأنه في غباوة في جسارة الافتخار هذه. (SVD)
2Cor:11:18:
18 بما ان كثيرين يفتخرون حسب الجسد افتخر انا ايضا. (SVD)
2Cor:11:23:
23 أهم خدام المسيح.اقول كمختل العقل.فانا افضل.في الاتعاب اكثر.في الضربات اوفر.في السجون اكثر.في الميتات مرارا كثيرة. (SVD)

نعم؟؟؟؟؟؟
Gal:4:6:6 ثم بما انكم ابناء ارسل الله روح ابنه الى قلوبكم صارخا يا ابا الآب. (SVD)

الاستاذ بيتمخض !!!!
Gal:4:19:19. يا اولادي الذين اتمخض بكم ايضا الى ان يتصور المسيح فيكم. (SVD)
Gal:4:20:20 ولكني كنت اريد ان اكون حاضرا عندكم الآن واغيّر صوتي لاني متحيّر فيكم (SVD)
بيقولك لا تختتن
Gal:5:3:3 لكن اشهد ايضا لكل انسان مختتن انه ملتزم ان يعمل بكل الناموس. (SVD)

الرجل يرفض الناموس
Gal:5:4:4 قد تبطلتم عن المسيح ايها الذين تتبررون بالناموس.سقطتم من النعمة (SVD)

هذا الرجل يخرف ولا شك في ذلك النص التالي ولن أعلق عليه
Heb:6:2:2 تعليم المعموديات ووضع الايادي قيامة الاموات والدينونة الابدية. (SVD)
Heb:6:3:3 وهذا سنفعله ان اذن الله. (SVD)
Heb:6:4:4 لان الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس (SVD)
Heb:6:5:5 وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي (SVD)
Heb:6:6:6 وسقطوا لا يمكن تجديدهم ايضا للتوبة اذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه. (SVD)
Heb:6:7:7 لان ارضا قد شربت المطر الآتي عليها مرارا كثيرة وأنتجت عشبا صالحا للذين فلحت من اجلهم تنال بركة من الله. (SVD)

بولص يدعوا علي الرجل !!! لماذا لم يطبق حبوا أعدائكم؟؟؟
2Tm:4:14:
14 اسكندر النحّاس اظهر لي شرورا كثيرة.ليجازه الرب حسب اعماله. (SVD
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟بولص يكفر النصارى


Rom:1:22: 22 وبينما هم يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء (SVD)
Rom:1:23: 23 وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الانسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات. (SVD)
Rom:1:24: 24 لذلك اسلمهم الله ايضا في شهوات قلوبهم الى النجاسة لإهانة اجسادهم بين ذواتهم. (SVD)
Rom:1:25: 25 الذين استبدلوا حق الله بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك الى الابد آمين. (SVD)

غير معرف يقول...

((((كل عام والمسلمون الموحدون الله الاحد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولد والمنزه عن الشريك والحلول وله الصفات العليا والذي شرع لنا ذبح الخروف في عيد الاضحي بدلا من عبادته في الديانات الوضعية""هم يحاربون الخروف رب الارباب(((سبحان الله)) والخروف يغلبهم؟؟؟والخروف العجيب المعبود له سبعة قرون وسبعة عيون((طبعا من الهندسة الوراثية))))؟؟؟هل هذا كلالالام عاقلييين يانصاري؟؟؟ارجوكم افيقوا واعبدوا الله الواحد الغني عن الخلق جميعا وأولهم المسيح بن مريم وامه والروح القدس ؟؟؟؟؟ دأب النصارى في ايامنا تلك على ممارسة كذبة حقيرة في محاولة يائسة لزعزعة عقيدة المسلم الا و هي انه كان مسلم و اكتشف اخيرا النور و الخلاص على يد يسوع الرب فرجع و عاد و ترك دين الجاهلية و اتبع دين الخروف
لذا وجب التنبيه لهذه الظاهرة و التصدى لها بحزم حتى لا يفتن بها ضعاف النفوس
و بما اني في الأصل زجال و بما ان المثل المصري يقول يموت الزمار و صوابعة بيلعب فما املكه هو الزجل لذا على سبيل التغيير فقد كتبت لكم قطعة زجل تعبر عن هذا الموقف اتمنى ان تحوز على اعجابكم




انا كنت مسلم زمـان =قبل ما اشوف الخروف
عجبنـي فيـه ليتـه= و شياكته لابس صوف
حسيت معاه بالأمـان= و كمان شوية كسوف
يمكن كسوفي عشـان= حلوف عبـد حلـوف
كداب يا عبد الصليب= كدبك عبيط مكشـوف
الـي عبـد الـقـوي= عمره ما يعبد خروف؟؟؟؟؟((((رؤية القس زكريا كأنه خروف بقرنيين..هل من مفسر ؟
http://www.3hood.org/uploaded-3/pinksadcheeeep.gif

{1}لقد رأيت في المنام. خيراللهم اجعله خير {2} ان القس زكريا بطرس كأنه خروف بقرنيين
وصوف اسود قطران {3}ينطح صخره كبيرة علي حافة جبل شاهق {4} وكلما يحاول نطح
الصخرة لتسقط من علي الجبل {5} ترجع عليه فيهرب {6} فيعود ثانية وينطح الصخرة فترجع
عليه فيهرب {7} وهكذا حتى استيقظت من النوم {8} حدث هذا كله ليتم ما قاله فلان
{9} (( ان أم زكريا تتزوج أبو زكريا ليخلفوا زكريا ليكذب ويدلس ويكون ملعون ليخلص أتباعه
من أي عقل باق}} .{سفر الرؤية لأبوتسنيم الناسوتي 1/1: 9؟؟؟؟؟(((((((((بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
وبعـــــــــــــد

والله يا اخي يابو تسنيم أنا مش ضليع في تفسير الأحلام والكوابيس .
بس حلمك ده له تفسير عندي .

ان القس زكريا بطرس كأنه خروف بقرنيين

القرنين دول هما العهدين القديم والجديد وظهروا في الحلم علي شكل قرنين علشان هما لازقين في مخه لزقه بغراء .

وصوف اسود قطران


طبعا الصوف ده هو لباسه الهباب عليه وعلي اللي يصدقوه وهي دي نهايته ونهاية كل من يتمسك بالقرنين قصدي العهدين .هباب من سواد نار جهنم وبئس المصير .

ينطح صخره كبيرة علي حافة جبل شاهق


هي محاوله منه للنيل من الدين العظيم الظاهر للعالمين وهو يحاول جاهدا أن يخفي هذا الدين .

وكلما يحاول نطح لصخرة لتسقط من علي الجبل {5} ترجع عليه فيهرب


وده واضح لأنه كلما حاول الكذب علي الله والرسول يظهر له من يبين كذبه وتدليسه.


فيعود ثانية وينطح الصخرة فترجع عليه فيهرب



فيحاول مرة ثانيه بالكذب والتدليس ( مابيتعلمش ......... ) فيعرض عليه المناظرة فيهرب هروب الجرزان .
هذا والله أعلم ؟؟؟؟((((الجبل رجل والصخرة رجل
إن كانت رؤيا حقا وليست فكاههة
فالجبل محمد صلى الله عليه وسلم
والصخرة أحد أتباعه من الأشداء على أهل الكفر بعلمهم
والسواد علامة على شرف الخروف بين قومه فهم يعجبون بمخازيه
والقرنين باطله وكذبه وقد بدا ضعفهما أمام تابع الحق

وإن كانت فكاهه فالخروف يذبح؟؟؟(((أعتقد أن التفسير الواضح أنك كنت " متقل فى العشا شوية " و " مش متغطى كويس "
ابقى أتغطى كويس المرة الجاية

هذا و الله تعالى أعلم

ملحوظة ...
ردى هذا بسبب أن الموضوع فكاهى من الدرجة الأولى
و لا يحمل كلامى أى صبغة شخصية أو دينية

الزميلة العزيز ة / نادية
أنا سعيد بمشاركتك في الموضوع
واسمحي لي بالتعقيب عليها
أعتقد أن التفسير الواضح أنك كنت " متقل فى العشا شوية " و " مش متغطى كويس "ابقى أتغطى كويس المرة الجاية
هل لكوني حلمت أن القس زكريا خروف........إلي أخر الرؤية
أكون تقلت في العشاء شوية ونمت بدون غطاء كويس
يا سبحان الله
لماذا لا تقولي انه وحي من الروح القدس ؟ ....وأنها رؤية حق
ثم لماذا لا يكون { يوحنا} في { سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي }....كان " متقل في العشا شوية " و " مش متغطى كويس "
بالأخص أن الرؤية لا تتفق مع عظمة الخالق جل جلاله غير إنها متناقضة

يقول يوحنا أنه سمع صوت ........... يقول.......... أَنَا هُوَ ...... الأَوَّلُ وَالآخِرُ. .....{ يريد أن يوهمنا إن هذا الصوت لرب العالمين كما يدعي لان الأول والأخر هو الله !!!
وقد شاهد يوحنا صاحب هذا الصوت وقص لنا صفاته وصفات المكان المتواجد به
المشهد كما رآه يوحنا
شاهد ..........................................سبع منابر من ذهب
في وسط هذه المنابر ......................شبه ابن إنسان
ثيابه
يرتدي ........ثوب يصل إلي الرجلين ........متمنطقا عند ثدييه ..........بمنطقة من ذهب
صفاته
رأسه وشعره ............................... فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ
عيناه ....................................... كَلَهِيبِ نَارٍ
ورجلاه ..................................... شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ
صوته ....................................... كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ
وجهه ....................................... كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا
ما في حوزته
في يده اليمنى ............................سبع كواكب
يخرج من فمه .............................. سيف ماض ذو حدين
الحديث الذي تحدث به إلي يوحنا
لا تخف .................. أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ
وَالْحَيُّ وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.............. آمِينَ
وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ
فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هَذَا.
الكواكب والمنابر
السبع الكواكب .............................هي ملائكة السبع الكنائس
السبع المنابر ................................ هي السبع الكنائس

«أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَالَّذِي تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثَِيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ». 12فَالْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي. وَلَمَّا الْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ، 13وَفِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ، وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. 14وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ، وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. 15وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ، كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 16وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ، وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا. 17فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، 18وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ. 19فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هَذَا. 20سِرُّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي، وَالسَّبْعِ المنابر الذَّهَبِيَّةِ: السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ، وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ».{ سفر الرؤيا الإصحاح الأول الفقرة من 11 الي 20 }
ونلاحظ التالي :
{1} في بداية الإصحاح قال سمعت صوت عظيماً .................كَصَوْتِ بُوقٍ ( الرؤيا 1 /10}
ثم قال أن صوته ............................................. كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ ( الرؤيا 1 /15}
إذن من
" متقل في العشا شوية " و " مش متغطى كويس "
{2} صفات الرب كما شهدها يوحنا
انه يشبه الرب بصورة إنسان ولكنه يصفه بصفات الإنسان الشرير .......عيناه كَلَهِيبِ نَارٍ .........
ورجلاه شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ كَأَنَّهُمَا............مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ ..... فشكله مخيف !!!!
أليس يوحنا هنا
" متقل في العشا شوية " و " مش متغطى كويس "
{3} هذه الصفات تخالف صورة المسيح التي تدعون إنها صورته إنها صورته وتناقض كذلك صورة التماثيل التي نحتوها للمسيح وتعبدونها
{4} يقول في يده اليمنى ............... سبع كواكب ....... ويقول في فمه ..................... سيف ماض ذو حدين ................ لماذا يضع السيف في فمه ؟ فان كانت يده اليمنى مشغولة بالسبع كواكب فيده الاخري شاغرة لماذا لم يمسك السيف بها ؟ وعندما تحدث مع يوحنا ..........هل تكلم معه والسيف في فمه ؟ أم كان يخرج السيف من فمه عندما يتحدث ؟

قال لي احد الأشخاص عندما قرأ الفقرة السابقة ...أن رب الكتاب المقدس كان مدمن شرب سيجار ...لدرجة أن أي شيئا يكون في يده يضعه في فمه كأنه سيجار {تفسير منطقي وآلا ما هو تفسير وضع الرب السيف في فمه ؟

لقد وضح أن الكواكب ترمز إلي ملائكة الكنائس ،والمنابر إلي الكنائس......في إلي أي شيء يرمز وضع السيف في فم الرب بالأخص أنه سيف ذو حدين ؟

يجوز العهدين القديم والجديد مثلما فسر أخي { المهندس الدخاخني } قرنيين زكريا بطرس بالعهد القديم والعهد الجديد

{5} صورة الرب كما يصورها يوحنا في رؤيته ..... تشبه صورة اله الإغريق التي تحكي عنه الأساطيل والخرافات
أظن أن يوحنا هذا قبل أن يحلم بربه كان سهران أمام التلفاز يشاهد فيلم من الأفلام الخيالية الإغريقية ، أو ان احد قص عليه حكاية أمنا الغولة قبل النوم

{6} يقول ان عيناه ....... كَلَهِيبِ نَارٍ......وجهه .... كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا ....تشبيه خطأ ........لأنه من الصعب ان تنظر إلي الشمس وتبصر ما بداخلها فكيف شاهد عيناه كلهيب نار من وسط وجهه الذي يضيء في قوة الشمس ؟!!!
وهل عيناه المحدودة التي لا تقدر ان تبصر الشمس لشدة الضوء المنبعث منها تبصر خالق هذه الشمس ؟!!!
{7} قال له ........... وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ............. كنت ميت هل الله يموت................. أي رب هذا ......... فالموت مخلوق من مخلوقات الله فكيف يغلب الموت{ المخلوق } ..... الله{ الخالق } ...... ومن الذي أمات الرب ؟! ومن الذي احي الرب ؟!
ويقول ...............وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ ............ ان كانت معه مفاتيح الموت من اخذ منه المفتاح و اماته به ؟
هل هذا كلام يوحي به الله ؟ أي عاقل يمكن ان يتصور ان هذه الرؤيا من الله الخالق العظيم
ونأتي إلي المصيبة الكبرى
انه رأي الرب ....................حمل {خروف } بسبع قرون
وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ حَمَلٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ { الرؤية 5/6 }
أنت قلتي عني إني ..... تقلت في العشاء شوية ونمت بدون غطاء لأني حلمت أن القس زكريا بطرس خروف
وتصدقي ان رؤية يوحنا من وحي الله .....مع انه قال علي الله { خروف }........أين العقل هنا ؟
لذا أرجو من حضرتك حل هذه المعادلة
في العهد القديم
..........(( لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا. كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ يَوْمَ يَكُونُ فِي وَسَطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ, هَكَذَا أَفْتَقِدُ غَنَمِي وَأُخَلِّصُهَا مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَشَتَّتَتْ إِلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ))
والمسيح يقول ....... ((خرافي تسمع صوتي وأنا اعرفها فتتبعني))
ويقول كذلك
(( فالإنسان كم هو أفضل من الخروف ))
ثم يقول يوحنا
.((... وَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُ فِي الْوَسَطِ بَيْنَ الْعَرْشِ وَالْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الأَرْبَعَةِ وَالشُّيُوخِ خروف قائم كَأَنَّهُ مذبوح. وَكَانَتْ لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ، وَسَبْعُ أَعْيُنٍ تُمَثِّلُ أَرْوَاحَ اللهِ السَّبْعَةَ الَّتِي أُرْسِلَتْ إِلَى الأَرْضِ كُلِّهَا))

بالله عليك كيف يكون الرب يشبه نفسه ........ براعي الغنم .... أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا. كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي.....ثم يوحي إلي يوحنا في الرؤيا انه ...... خروف ........... خروف قائم كَأَنَّهُ مذبوح .....!!!!!

معدلة صعبة فعلاً نحلها معا

الإنسان أفضل من الخروف .......................... (( فالإنسان كم هو أفضل من الخروف )) متي 12/12
المسيح ـ الله كما يقولون ـ خروف ............... ((خروف قائم كَأَنَّهُ مذبوح)) رؤية يوحنا اللاهوتية5/6
الحل
بما ان الإنسان أفضل من الخروف
والمسيح خروف
إذن الإنسان أفضل من المسيح
وبما ان المسيح هو الرب { طبقا لاعتقادكم }!
أذن الإنسان أفضل من الرب !

بالله عليكم أي عاقل يقبل بان يكون ..................المخلوق ......................أفضل من....................الخالق
أليس هناك إنسان علي وجه الكرة الأرضية يقبل ان يلقب .......بالخروف ......... فهو في النهاية حيوان لا يعقل... مسخر للإنسان لينتفع به ................. فان كان الإنسان لا يقبل ان يلقب بهذا هل نقبل ان نلقب رب العزة بهذا ............{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (159) سورة الصافات
غريب أمر ك يا صديقتنا .
تصدقون رؤيا مثل هذه تسئ إلي الله عز وجل......من وحي الله ............ وتكذبون كتاب عظيم مثل القران الكريم لا يقول علي الله إلا الحق ولا يخبرنا عن شيءً الا كان يتفق مع العقل والمنطق
انظر ي واسمعي ماذا يقول الكتاب الخالد {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (103) سورة الأنعام
{فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى
ولا نملك الا ان قول
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} (43) سورة الإسراء

هذا و الله تعالى أعلم

هذه العبارة إسلامية .....من اختلاطكم بالمسلمين أصبحتم تتحدثون بعباراتهم
فعلا الله تعالي أعلم
وانتم تقولون ان المسيح .....هو الله ...........مع انه لا يعلم

لا يعلم قيام الساعة
واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا ملائكة السموات الا أبي وحده مت 24: 36
لا يعلم إذا كانت شجرة التين مثمرة ...بل يجهل أوقات الإثمار
18 وفي الصبح اذ كان راجعا الى المدينة جاع.19 فنظر شجرة تين على الطريق وجاء اليها فلم يجد فيها شيئا الا ورقا فقط.فقال لها لا يكون منك ثمر بعد الى الابد.فيبست التينة في الحال.{ متي 21/18 : 19 }
ولا يعلم أين دفنوا الرجل
وقال أين وضعتموه.قالوا له يا سيد تعال وانظر. يو 11: 34
ولا يعلم من لمسه
جاءت من ورائه ولمست هدب ثوبه.ففي الحال وقف نزف دمها. فقال يسوع من الذي لمسني.. لو 8/44 : 45



أرشح لك الإطلاع علي هذه المواضيع
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050419015613d1d2f825.gif
قصة الشجرة واللي أكل منها واللي قال هات حتة
(http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=919)
فيلم هندي... بالكتاب المقدس (http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=950)
ماذا يفعل بابا يسوع في السماء !!!.؟؟؟ (http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=978)
إما أن لوقا كاذبا وإما أن بولس فاجرا ....أيهما تختار؟!!! (http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=904)؟؟؟؟(((((صدق ولا تصدق .....الرب يغسل أرجل عبيده !!
http://www.uaekeys.com/fwasel/www.uaekeys.com93.gif

يعتقد النصارى ان المسيح هو الله الخالق
انظر ماذا فعل المسيح.......... بعد العشاء { نعم بعد ان تناول وجبة العشاء }
خلع ثيابه .....واخذ منشفة {فوطة او بشكير } ولفها حول وسطه
ثم صب ماء في مغسل {طشت بالبلدي } واتجه نحو تلاميذه.. وجلس بالطبع أسفلهم..وقام بوضع أرجلهم في { الطشت } وابتدا يغسلها ... لا ليس كلهم مرة واحدة بل انتقل من قدم هذا الي قدم هذا ثم قام بمسحها بالبشكير الذي حول وسطه

ولكن سمعان بطرس.. الله يكرمه.. لم يقبل ذلك واستنكر ان يقوم يسوع ان يغسل رجله
وقال له........ يا سيد انت تغسل رجلي!!!
فكان رد يسوع ...انك لم تفهم ما انا اصنعه الان ولكن فيما بعد ستفهم
فقال له ....... لن تغسل رجلي أبدا
قال يسوع .....انت حر ولكن يكون في علمك ان لم أغسل رجلك فليس لك معي نصيب
قال له ......ان كان ذلك أقولك اغسل مش بس رجلي بل اغسل يدي وراسي ايضا
فقال يسوع ...... الذي قد اغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله و انتم طاهرون و لكن ليس كلكم
{وهنا يقول الكاتب انه يقصد مسلمه يهوذا }
وبعد ان انتهى يسوع من غسل أرجلهم اخذ ثيابه واتكأ ثم تسأل هل فهمتم ما اقصده من غسل أرجلكم ؟
ان كنت انا السيد والمعلم كما تدعوني وأنا كذلك .. قد غسلت أرجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم أرجل بعض
الحق أقول لكم انه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله ..فان عملتم ذلك فطوبا لكم
بالله عليكم أي عاقل يمكن يتصور...... ان اله هذا الكون العظيم يتصرف بهذه التصرفات. !!
مستحيل فان ذلك يتعارض ويتنافى مع عظمة وكبرياء الله تعالي {وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (37) سورة الجاثية وأين البشر من عظمة الله تعالي فالإنسان لم يكن شيئا مذكوراً {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا} (1) سورة الإنسان
اما إذا صح وقام بهذه التصرفات نبي الله عيسي عليه السلام فهو دليل واضح علي بشريته التي لا نشك فيها فهو بشراً رسول {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (75) سورة المائدة فالمسيح أراد ان يثبت انه بشرا مثلهم وعلي الرغم انه سيدهم ومعلمهم ... الا انه متواضع وبسيط وانه لا يجوز لأي من البشر ان يتكبر فقد اعلمه الله جزء المتكبرين {فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (29) سورة النحل فأراد ان يكون قدوة لهم
ملاحظات هامة
هذه القصة ذكرها انجيل يوحنا فقط ولم تذكرها باقي الأناجيل لا من قريب ولا من بعيد
المسيح قال (انتم تدعونني معلما و سيدا و حسنا تقولون لاني انا كذلك يوحنا 13/ 13)
فلم يقل لهم إنكم تدعوني اله وأنا كذلك
المسيح غسل أرجل جميع تلاميذه الاثني عشر بما فيهم يهوذا مسلمه.. كما يزعمون ..وقد سبق ان توعده المسيح بالويل وقال في شانه خيرا له ان لم يولد {وَلَكِنِ الْوَيْلُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي عَلَى يَدِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُوْلَدْ! {متي 26/24 } وقد استثنائه من الطهارة { لستم كلكم طاهرين } فلماذا لم يسثنائه من غسيل الأرجل ؟ بالأخص مع قول المسيح....... الذي لم يغسل رجله ليس له نصيب معه وبمفهوم المخالفة بان الذي سوف يغسل رجله سوف يكون له نصيب معه ..وقد غسل رجل يهوذا فهل سوف يكون له نصيب معه ؟!

4 قام عن العشاء و خلع ثيابه و اخذ منشفة و اتزر بها 5 ثم صب ماء في مغسل و ابتدا يغسل ارجل التلاميذ و يمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها 6 فجاء الى سمعان بطرس فقال له ذاك يا سيد انت تغسل رجلي 7 اجاب يسوع و قال له لست تعلم انت الان ما انا اصنع و لكنك ستفهم فيما بعد 8 قال له بطرس لن تغسل رجلي ابدا اجابه يسوع ان كنت لا اغسلك فليس لك معي نصيب 9 قال له سمعان بطرس يا سيد ليس رجلي فقط بل ايضا يدي و راسي 10 قال له يسوع الذي قد اغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله و انتم طاهرون و لكن ليس كلكم 11 لانه عرف مسلمه لذلك قال لستم كلكم طاهرين
12 فلما كان قد غسل ارجلهم و اخذ ثيابه و اتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم 13 انتم تدعونني معلما و سيدا و حسنا تقولون لاني انا كذلك 14 فان كنت و انا السيد و المعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض 15 لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا 16 الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده و لا رسول اعظم من مرسله 17 ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه {انجيل يوحنا 13/4:17 }

شكراً علي المرور والمتابعة ....أبو تسنيم
؟؟؟؟؟((((أخوتي الأحبة
إليكم شهادتي أنا محب عيسى المتنصر الذي رأى طريق الحق والفضل كله للآب رب الأقباط المسيح الروح القدس
أنا هحكيلكم حكايتي علشان تعرفوا أنني مش بكذب عليكو.. وأني كنت مسلم متشدد وبدرس في الأزهر وبعدين شفت النور...

أنا لم شفت البابا شنودة بيبكي وبيروح يقعد في خلوة في كل مرة بتأسلم فيها بنت قبطية وبتتجوز واد مسلم من الجماعات الارهابية كان في نور في نفسي بيشعل جوايه
أكيد البابا ده بيحبهم أوي... يعني لازم يكون فيه روح المسيح اللي أتصلب علشاننا.. وإا ماكنش عمل بنفسه الحاجات دي..ولا طبق كل العذاب ده..

وأنا هحكيلكم على قصتي مع الشماس زكريا بطرس ... أصل أنا عرفت الحقيقة على أيديه

وبشكر الله ابن الإنسان المسيح الروح القدس ربنا اللي خلانا بنوره وهدايته نتعرف على الحقيقة وعلى الله المسيح اللي هو ابن الله .. واللي كله محبة!
لما شفت الحقيقة في قصة كريستين وكيف إن الجماعات الإرهابية خطفوهم واغتصبوهم وغلسلولهم دماغاتهم وأجبروهم على إنهم يصبحوا مسلمين أنا قلت الإسلام اللي أنا بقالي مصدقه أكثر من ثلاثين سنة ده كله إرهاب
ازاي بيقول لا إكراه في الدين وبعدين بيجي وبالطريقة البشعة دي بيخليهم يسلموا وينجبوا أطفال ويلبسوا اسود في اسود... لا وبيغسلهم دماغهم وبيخليهم يقولوا أنهم مسلمين على قناة العربية
والدليل الإرهاب في العراق... شوف أمريكا بتعمل إيه في العراق والانسانية الراقية في التعامل معهم وشوف الإرهابيين بيعملوا إيه في الشرطة!!
لذلك قررت أشوف بنفسي
ودلخت قناة الحياة وسمعت كلام كتير... وقررت أشوف القمص زكريا بنفسي
ورحتله في مكان سري كان مستخبي فيه علشان الإرهابيين ما يقتلهوش
وسألته:
يا أبونا... أنا مسلم وعايز أتعرف على الطريق الصحيح طريق الله المسيح ابن الله الروح القدس الحق
قلي: يا ابني المسيح محبة.. المسيح أتصلب علشانا
قلتله: طيب اعمل ايه علشان أصير مسيحي؟
قاللي: اعترف إن المسيح ابن الله هو ربنا وانه هو طريق الخلاص وانه أتصلب علشان يخلصنا من الخطيئة الأولى خطيئة آدم
قلت: آدم؟؟؟ وأنا مالي بخطيئة آدم...!هو أنا ناقص خطايا!!!
قال: هو أنت مش من أبناءه؟
قلت: آه؟
قال: طيب لو إن أبوك كان عليه دين... ومات.. مش أنت بتدفعه
قلت : ايوه
قال: وبالتالي عليك تدفع من دين آدم!
قلت: يا لهوي؟ كل ده وانأ مش عارف إن علي دين... الحمد لله انك عرفتني قبل ما تجي الضرايب وتحجز علي! طيب يا أبونا فيه حاجة تانية لازم اعرفها؟
قال: الثالوث المقدس
قلت يعني إيه ثالوث؟
قال: الأب الابن الروح القدس
قلت: مش فاهم...ممكن تشرح لي عقيدتكم؟
قال: بالحقيقة نؤمن بإله واحد .الله الأب ضابط الكل .خالق السماء والأرض .ما يري وما لايري

نومن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد .المولود قبل كل الدهور . نور من نور .إله حق من إله حق .مولود غير مخلوق .واحد مع الأب في الجوهر .الذي به كان كل شئ............

نعم نؤمن بالروح القدس .الرب المحي المنبثق من الأب .نسجد له ونمجده مع الأب والأبن الناطق في الأنبياء .............
المجد للأب والابن والروح القدس . الآن وكل أوان والي دهر الدهور أمين

هو دة إيمانا "قانون الإيمان"
فنحن نؤمن إن الله واحد مثلث الأقانيم
واحد هو الأب القدوس . واحد هو الابن القدوس . واحد هو الروح القدس
ثالوث واحد نسجد له ونمجده

قلت: يا أبونا انأ أتحولت!

أنت قلت:نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد!!
هو مين الأب ومين الابن؟ لله أبو المسيح وإلا المسيح أبو المسيح؟؟ ومين الروح القدس!!
قال: أنت بستهزئ حضرتك؟
قلت : لا والله.. اشرحهالي ربنا يبارك فيك!
قال: الروح القدس هو روح الله فالله له روح وهذه الروح لها لفظة الروح القدس
قلت: والاقانيم؟
قال: كلمة اقنوم هى كلمة سريانيه يطلقها السريان على كل من تميز عن سواه دون استقلال.. وهى تعنى شخصا متحدا بآخر أو آخرين في امتزاج متميز ودون انفصال. والآن يمكن بعد هذه المقدمه أن نوضح ما تعلنه المسيحيه عن الله.. المسيحيه تعلن ان الله الذى لا شريك له هو واحد فى الجوهر موجود بذاته... ناطق بكلمته.. حى بروحه.. ويمكن ان نقول ان ( الله واحد فى ثلاثة أ قانيم) والثلاثة هم واحد...هم الله... بدون انفصال او تركيب.. متساوون لأنهم جميعا الله وكل اقنوم منهم هو الله...وهو ما تعلنه المسيحيه بوضوح.
قلت: ابونا... انا اتحولت.... ممكن تشرح اكثر!! يعني هم زي بعضيهم ولا لأ!
قال: التساوي لان الأب و الابن و الروح القدس تعني:
*فالله موجود بذاتـه: أي أن الله كائن له ذات حقيقية وليس هو مجرد فكرة بلا وجود. وهذا الوجود هو أصل كل الوجود. ومن هنا أعلن الله عن وجوده هذا بلفظة (الآب) ...ولا تعنى هذه اللفظة أي معنى مادي أو جسدي بل لأنه مصدر الوجود.
*والله ناطق بكلمته: أي أن الله الموجود بذاته هو كائن عاقل ناطق بالكلمة وليس هو إله صامت، ولقد أعلن الله عن عقله الناطق هذا بلفظة (الابن) كما نعبر عن الكلمة الخارجة من فم الإنسان: بقولنا "بنت شفة" ولا تعنى هذه اللفظة أي معنى مادي أو جسدي بل لأنه مصدر الوجود.
* والله أيضا حي بروحه: إذ أن الله الذي يعطي حياة لكل بشر لا نتصور أنه هو نفسه بدون روح! ولقد أعلن الله عن روحه هذا بلفظة )الروح القدس(
ولا يصح أن نفهم من هذه التسميات وجود أية علاقة جسدية تناسلية كما في المفهوم البشرى، وإنما دلالاتها روحية كما سبق الإيضاح وليست هذه التسميات من وضع إنسان أو اختراع بشر وإنما هي كلمات الوحي الإلهي في الكتاب المقدس
اي هو الله واحد لا ثلاثة فالله بذاته مساوي لروحه فهو اله واحد

قلت: ممكن دليل على تساويهم؟!!
قال: تساويهم يشهد له الكتاب المقدس في عدت نصوص منها:

اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ".
(متي 28 :19 (
هنا الاب ذكر اولا ، ثم الابن ، ثم الروح القدس .

" نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله ( الاب ) وشركة الروح القدس مع جميعكم امين " (2 كورنثوس 13 :14 )
هنا ذكر الابن ، ثم الاب ، ثم الروح القدس .

" أما انتم آيها الأحباء فابنوا أنفسكم علي إيمانكم الأقدس مصلين في الروح القدس واحفظوا أنفسكم في محبة الله (الأب ) منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" (يهوذا 20 : 21 )
هنا ذكر الروح القدس في الأول ، ثم الأب ، ثم الابن .

اذن ليست هناك أفضلية بين الاقانيم الثلاثة .فكلهم متساوون!

قلت: بس انا مش مقتنع ان الرب ممكن يتجسد في جسد بشر
قال: ليه ..هو مش رب قادر
قلت له : ايوه
قال: خلاص !!..يبقة قادر يعمل اللي على مزاجه...ما تصدقش وسوسة نفسك... ده الشيطان بيعمل فيك كده.
قلت: والحل؟
قال: لازم اعمدّك
قلت: ازاي يعني؟
قال: لازم تغتسل بالمياه المقدسة ونمسح جسمك بزيت الميرون
قلت: طيب دلني الحمام فين؟
قال: لأ انا لازم اكون حاضر
قلت: يا خبر ابيض؟ وتشوفني كده رب كما خلقتني؟
قال:ايه يا ابني.. انا مش انا.. ولا انت انت ...انا الروح القدس وروح المسيح حلت فيني .. والمسيح مش هيبصبص عليك!
قلت:طيب ومراتي ..كمان هتـ...؟
هز براسه مؤكدا!
قلت: طيب....زي ما انت عاوز

طبعا انا بتكسف و مش هشرح لكم حصل ايه جوه
المهم.. وانا طالع قلي بص؟
قلت :فين؟
قال هناك ..على الحيط...شوف السيدة مريم متجلية ازاي بترحب فيك!
بصيت هناك وشفتها...كانت بتلوح بايديها المقدسة بترحب بيا.. وبعدين لمعت بقوة واختفت... وطلعت ريحة شياط... الظاهر اللمبة بتاعت القديسة اتحرقت!
المهم ابونا ركض واتصلت بالمطافي تجي تطفي القديسة ..
وخدني وخرج ورحنا مكتبه.. وأداني الكتاب المقدس
قلت له: مين كتب الكتاب المقدس
قال: وحي المسيح لتلاميذه
فتحت الكتاب وشفت مكتوب فيه انجيل مرقص
سالت ابونا : مين مرقص ده؟
قالي: هو من تلاميذ المسيح
قلت: بس الراجل ما بيقولش في كتابه انه مرقص ولا بيقول حاجة عن انه من تلاميذ حد
قال: هو تاريخيا مش ممكن نثبت انه مرقص اللي كتب الكتاب ده.
قلت: امال اعتبرته الكنيسة ازاي؟
قاللي: هو وحي من الله ..وكلمة الله لا تتغير
قلت:طيب اتكتب امتى الكتاب ده؟
قال: مش ممكن تاريخيا نثبت امتى اتكتب، بس فيه ناس بتقول انه في عام 70 ميلادي، وفيه ناس بتقول انه في 60 ميلادي.. وفيه ناس بتقول انه في القرن الثاني ميلادي!
قلت:طيب وعرفت ازاي انه مرقص؟
قال: مش ممكن نثبت انه مرقص لأنه ما فيش توقيع..
قلت: واثبتتوا ازاي انه وحي لمرقص؟
قال: هو يسوع ربنا أرسله بالوحي.. وكلمة ربنا لا تتغير!
قلت: طيب ولوقا؟ ومتى؟ ويوحنا؟
قال: كمان مش ممكن نثبت أنهم كتبة الأناجيل..بس أنت لازم تآمن بيهم لأن كلمة الله لا تتغير..
قعدت اقلب في الإنجيل حبتين.. وبعدين سألته: وبولس ورسايله؟
قال: دول وحي كمان!
قلت: بس ده بيطلب في رسايل من صديقه يبعتله كتب ومن صديقه التاني يشتريله حاجات..ناقص يقول لمراته تحضر له الحمام كمان لأنه واصل بكره ؟
قال: كل ده وحي..و أنت لازم تآمن بيه ..ومش هتآمن إلا لما يحل الروح القدس بيك!

قلبت كمان في العهد القديم وقرأيت فيه:
سفر الرؤيا14:17 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعون ومختارون ومؤمنون.
قلت للقمص زكريا: يعني ايه خروف؟
قال: ما تسألش يا بني.. هو ربنا مش قادر يتجلي في أي حاجة؟
قلت: ايوه
قال: خلاص... ما تخليش الشيطان يلعب بعقلك.. ويبعدك عن مجد الرب المسيح ابن الله
قلت: بس مكتوب هنا انه ابن الإنسان
قال: ده ناسوته
قلت: ما تلخبطنيش ..يعني ايه؟
قال: انت شفت لمابتسخن الحديد بالنار؟
قلت: آه
قال: الحديد بيختلط بالنار .. بس الحديد ما بيصرش نار ولا النار بيصير حديد
قلت: وبعدين
قال: وكمان لاهوت المسيح ما بيختلطش بناسوته

حسيت انه فهمت كل كلمة قالها القمص (مش عارف اذا كنتم فهمتم ولا لأ)
وخرجت من عنده وانا افكر بالخروف والناسوت واللاهوت.. والجماعة الارهابيين المسلمين اللي مش قادرين يفهموا حقيقة المسيح وقد ايه هو بيحبنا... اتخيلو يا جماعة..1400 سنة مش قادرين يفهموا حاجة انا فهمتها بدقيقتين!!!
وانا ماشي وبفكر..شفته من بعيد...كان لطيف خالص ,, ابيض وبياكل من شوية برسيم قدامه
قلت في نفسي: ياه ما اجمله... ده جميل خالص
كان خروف صغنن مولود ما بقلوش يا دوب يومين .. يمكن علشان كده الهندوس بيحبو يعبدو البقر.. أصل ربنا قادر يتجسد في كل حاجة

ودلوقت انا بقلكم انا خلاص.. شفت النور وبقيت مؤمن حقا
ومستغرب أزاي ماريان وكريستين سابو الدين الواضح ولحقوا خزعبلات الناس مصدقينها بقالهم 1400 سنة!!
و مستغرب كمان من المجانين دول اللي بيسيبوا مجد المسيح وبيروحو بيأسلمو...
ادي حكايتي بكل صراحة
ودلوقت سيبوني اروح لخلوتي:
تعال يا إلهي.. يا رب الأرباب بتاع العهد القديم.... تعال اوديك برة في الجنينة ترعى شوية؟؟؟؟(((((هههههههههههههههه والله لم اتمالك نفسى من الضحك
الظاهر انك يا اخ محب سوف تنافس الاخ ابو تسنيم فى كتابة السيناريو المقدس

الفيلم دة كان بمناسبة العيد الكبير صح؟

هنيئا لك و طوبا مع المسيح ذلك افضل .!!

عجبنى اوى المقطع دة

قال: مش ممكن تاريخيا نثبت امتى اتكتب، بس فيه ناس بتقول انه في عام 70 ميلادي، وفيه ناس بتقول انه في 60 ميلادي.. وفيه ناس بتقول انه في القرن الثاني ميلادي!
قلت:طيب وعرفت ازاي انه مرقص؟
قال: مش ممكن نثبت انه مرقص لأنه ما فيش توقيع..
قلت: واثبتتوا ازاي انه وحي لمرقص؟
قال: هو يسوع ربنا أرسله بالوحي.. وكلمة ربنا لا تتغير!
قلت: طيب ولوقا؟ ومتى؟ ويوحنا؟
قال: كمان مش ممكن نثبت أنهم كتبة الأناجيل..بس أنت لازم تآمن بيهم لأن كلمة الله لا تتغير..
قعدت اقلب في الإنجيل حبتين.. وبعدين سألته: وبولس ورسايله؟
قال: دول وحي كمان!
قلت: بس ده بيطلب في رسايل من صديقه يبعتله كتب ومن صديقه التاني يشتريله حاجات..ناقص يقول لمراته تحضر له الحمام كمان لأنه واصل بكره ؟
قال: كل ده وحي..و أنت لازم تآمن بيه ..ومش هتآمن إلا لما يحل الروح القدس بيك

وحى غريب و عجيب!!!؟؟؟((((الحمد لله على نعمة العقل
والحمد لله على نعمة الإسلام

بداية أقول أن هذا الموضوع لا يحترم عقل القارىء وسأبين ذلك...........


إليكم شهادتي أنا محب عيسى المتنصر الذي رأى طريق الحق والفضل كله للآب رب الأقباط المسيح الروح القدس
أنا هحكيلكم حكايتي علشان تعرفوا أنني مش بكذب عليكو.. وأني كنت مسلم متشدد وبدرس في الأزهر وبعدين شفت النور...

أنا لم شفت البابا شنودة بيبكي وبيروح يقعد في خلوة في كل مرة بتأسلم فيها بنت قبطية وبتتجوز واد مسلم من الجماعات الارهابية كان في نور في نفسي بيشعل جوايه
أكيد البابا ده بيحبهم أوي... يعني لازم يكون فيه روح المسيح اللي أتصلب علشاننا.. وإا ماكنش عمل بنفسه الحاجات دي..ولا طبق كل العذاب ده..

وأنا هحكيلكم على قصتي مع الشماس زكريا بطرس ... أصل أنا عرفت الحقيقة على أيديه

وبشكر الله ابن الإنسان المسيح الروح القدس ربنا اللي خلانا بنوره وهدايته نتعرف على الحقيقة وعلى الله المسيح اللي هو ابن الله .. واللي كله محبة!
لما شفت الحقيقة في قصة كريستين وكيف إن الجماعات الإرهابية خطفوهم واغتصبوهم وغلسلولهم دماغاتهم وأجبروهم على إنهم يصبحوا مسلمين أنا قلت الإسلام اللي أنا بقالي مصدقه أكثر من ثلاثين سنة ده كله إرهاب
ازاي بيقول لا إكراه في الدين وبعدين بيجي وبالطريقة البشعة دي بيخليهم يسلموا وينجبوا أطفال ويلبسوا اسود في اسود... لا وبيغسلهم دماغهم وبيخليهم يقولوا أنهم مسلمين على قناة العربية
والدليل الإرهاب في العراق... شوف أمريكا بتعمل إيه في العراق والانسانية الراقية في التعامل معهم وشوف الإرهابيين بيعملوا إيه في الشرطة!!


إليكم شهادتي أنا محب عيسى المتنصر الذي رأى طريق الحق والفضل كله للآب رب الأقباط المسيح الروح القدس
أنا هحكيلكم حكايتي علشان تعرفوا أنني مش بكذب عليكو.. وأني كنت مسلم متشدد وبدرس في الأزهر وبعدين شفت النور...

الله لا يحب من يشرك به
ولا يحب أن يخلق عباده ويعبدوا غيره
ولا يحب أن نشهد الزور فيقول إليكم شهادتى وهى شهادة زور
فالمسلم الذى عرف خالقه لا يعبد أحدا من خلق الله فالله خالق المسيح أولى بالعبادة من المخلوق عبد الله المسيح عيسى ابن مريم الذى لا يستنكف أن يخضع لخالقه ويعبده
والمسيح عيسى بن مريم يعلم أنه لا يملك لأحد الأحياء ضرا ولا نفعا
فهو عبد لله مثلنا تماما
غير أنه عبد صالح يعبد الله وحده
ونحن تثقلنا آثامنا

ما هو طريق الحق
أن تعبد الله الذى خلقك مباشرة أو أن تعبده عن طريق العباد؟
الطريق المستقيم أقصر الطرق بين نقطتين
وهو أقصر الطرق للوصول إلى الحق
أما طرق الأمم المعوجة الذين لا يعبدون الله إلا وهم مشركون فهم من عبدوا الله عن طريق عبادة الحجر والبقر والبشر
وهؤلاء لن يقبل الله منهم
فهم من ضلوا الطريق إلى الله
وتاهوا فى عبادة المخلوقات
أما حكايات النصارى الذين يدخلون المنتديات ليقولوا أنهم كانوا مسلمين وألحدوا أو كانوا مسلمين وتنصروا فنحن نعلم جيدا أنها من الأكاذيب التى يغطون بها رعبهم من الإسلام الذى ينتشر بقوة بين أهلهم فى كل مكان
حيث لا يوجد حى من أحياء القاهرة خالى من المرتدين وفق كلمات رهبانهم وأحد الأحياء الصغيرة ( المعادى) أسلم به 9 خلال أسبوعين فقط
وهؤلاء هم المهتدون
أما عباد المسيح فممن ضلوا طريقهم إلى الله
ولا يقبل الله عمل المفسدين


أنا لم شفت البابا شنودة بيبكي وبيروح يقعد في خلوة في كل مرة بتأسلم فيها بنت قبطية وبتتجوز واد مسلم من الجماعات الارهابية كان في نور في نفسي بيشعل جوايه
أكيد البابا ده بيحبهم أوي... يعني لازم يكون فيه روح المسيح اللي أتصلب علشاننا.. وإا ماكنش عمل بنفسه الحاجات دي..ولا طبق كل العذاب ده..

ياحرام
البابا شنودة بيبكى ويقعد فى خلوة من أجل إسلام تصرانية !!!!!!!!!!!!
البابا شنودة بيبكى لأن هناك انقراض للنصارى لصالح الإسلام
لو كانت امرأة واحدة لأمر بتعذيبها حتى الموت كما يفعلون دائما فى أديرتهم
ولكن اتسع الخرق على الراقع
يترك النصرانية كل يوم عشرات من الرجال والنساء
وعلمت النصرانيات والنصارى أن من يسلم منهن سيلقى ما لا يطيقه البشر من ظلم النصارى له فأصبحوا لا يعلنون إسلامهم للنصارى قبل أن يؤمنوا خطواتهم لأن النصارى غير أمناء على من يسلم منهم
تعللوا بخطف البنات واغتصابهم والضغط عليهم ثم اعترفوا بأن ذلك كله أكاذيب ولا يعلمون أن المسلم لا يستحل فرج الكتابية بدون زواج وأن الزناة لسنا منهم وليسوا منا وأمرنا ألا نتزوج منهن وألا نزوجهم
وقالوا أن ال*****ين يدفعون لهم لإغرائهم بالمال فتبين من الحالات الفعلية للمسلمين الجدد أن الأغلبية من الأغنياء ويضحون بالمال من أجل الإسلام ولا يوفر لهم المسلمون هذه الأموال التى يدعون عليهم وعليهن بالكذب وأخيرا اعترف بعضهم بأن المال ليس هو سبب الإرتداد كما يزعمون ويقصدون بذلك الإهتداء للإسلام ومعرفة أنهم ما كانوا يعبدون إلا عبدا صالحا من عباد الله لا يملك لهم ضرا ولا نفعا
أما الكلام العاطفى عن الروح القدس فهذا ما يمكن أن يلحق به الكثير من الأكاذيب
فاعلم أن الروح القدس قد حل على وأخبرنى أنك شاهد زور وأنك لم تكن يوما مسلما
هل يستطيع قائل هذا الكلام أن يكذبنى
نعم يستطيع
وأستطيع أن أكذبه أيضا وأن أكذب بولس نفسه فيما يتعلق بالرح القدس وما يتأتى عن طريقها
فهو باب مفتوح لكل من هب ودب ليقول ما يخالف شريعة الله
وقد خالف بولس الشريعة بما لم يخالفها المسيح
فأتى بدين ليس من دين المسيح
لست مثلكم مولودا فى النصرانية
وأحب أن أحترم عقلى
فافعلوا ما تشاءون بعقولكم وتقبلوا ما لا يقبله العقل السليم ولكن لا يكذب هذا الأفاق ويقول كنت مسلما فكل عضو هنا يعلم أن هذا كاذب
ومن وصايا الله عدم الكذب
هدم بولس هذه الوصية وصدقتموه ولم تأخذوا بوصايا الله فى عدم الكذب وغيره من الوصايا التى ارتددتم عنها باعتناقكم البولسية متسترين فى المسيحية والمسيح منكم بريء
تركنم الختان
هل تعرفون شيئا عن عهد الختان مع إبراهيم فى كتابكم الذى تقدسونه
هذه أيضا ردة أمر بها الضال بولس وصدقوه
وغير ذلك كثير
إنه الإرتداد العظيم الذى حدثكم عنه كتابكم ولكنكم لم تعرفوه



وأنا هحكيلكم على قصتي مع الشماس زكريا بطرس ... أصل أنا عرفت الحقيقة على أيديه

وبشكر الله ابن الإنسان المسيح الروح القدس ربنا اللي خلانا بنوره وهدايته نتعرف على الحقيقة وعلى الله المسيح اللي هو ابن الله .. واللي كله محبة!


هذا كلام عاطفى لا يقنع من كان يفكر بعقله
وأنا أحب أن أحترم عقلى


ودلخت قناة الحياة وسمعت كلام كتير... وقررت أشوف القمص زكريا بنفسي
ورحتله في مكان سري كان مستخبي فيه علشان الإرهابيين ما يقتلهوش
لما شفت الحقيقة في قصة كريستين وكيف إن الجماعات الإرهابية خطفوهم واغتصبوهم وغلسلولهم دماغاتهم وأجبروهم على إنهم يصبحوا مسلمين أنا قلت الإسلام اللي أنا بقالي مصدقه أكثر من ثلاثين سنة ده كله إرهاب
ازاي بيقول لا إكراه في الدين وبعدين بيجي وبالطريقة البشعة دي بيخليهم يسلموا وينجبوا أطفال ويلبسوا اسود في اسود... لا وبيغسلهم دماغهم وبيخليهم يقولوا أنهم مسلمين على قناة العربية


هاتين المرأتين الأختين كريستين وماريان تكذبانك بالصوت والصورة :
http://rudood.com/iv2/details.php?linkid=535
تردان على أكاذيب الأم والقس الكاذب
الإرهاب هو إرهاب الكنيسة للمسلمات والمسلمين التاركى الكفر النصرانى والعائدين إلى الله الواحد الأحد


لذلك قررت أشوف بنفسي

والدليل الإرهاب في العراق... شوف أمريكا بتعمل إيه في العراق والانسانية الراقية في التعامل معهم وشوف الإرهابيين بيعملوا إيه في الشرطة!!

سأريك ما رأيته بنفسى
أما هم
فليذهبوا ويفعلوا فى بلادهم ما يحبون ويتركوا المسلمين فى حالهم

وأما ما فعله الأمريكيون:
1) موت مليون طفل أثناء الحصار قبل حربهم ضد العراق وأفغانستان بالجوع ونقص الألبان والتشوهات بسبب استخدام اليورانيوم الذى يقولون أنه منضب المصنعة به قنابلهم غير تفشى الأمراض السرطانية فى الشعب العراقى وهذه بعض الصور لنماذج من هذه المآسى :

http://www.albasrah.net/images/uranim/2.jpg

http://www.albasrah.net/images/uranim/2_1.jpg

http://www.albasrah.net/images/uranim/5.jpg

http://www.albasrah.net/images/uranim/3.jpg

هؤلاء لم بأتوا لنشر الحرية
فنحن نعلم ما علمهم بولس من الكذب

هذه الصور قبل حرب العراق

من يقاتلهم يحرر بلاده من أذاهم وهى حرب مشروعة ضد غزوة صليبية جديدة متسترة بالحرية والديموقراطية
لم يأتوا إلا بالقتل والدمار والإساءة لمقدسات المسلمين وبث الفرقة بين فرق المسلمين من سنة وشيعة وأكراد
لم يحدث هذا الصراع فى أيام صدام ولكنه يحدث فى وجود الأمريكيين
ونحن نعلم ما تحت السطور
لأن الله أنار قلوبنا بمعرفة الحق
ألم يقل المسيح من ثمارهم تعرفونهم
هذه ثمار الأمريكيين الذين تنتمى إليهم بقلبك ضد مصلحة الأمة التى تعيش فيها ولا تنتمى إليها


ودلخت قناة الحياة وسمعت كلام كتير... وقررت أشوف القمص زكريا بنفسي
ورحتله في مكان سري كان مستخبي فيه علشان الإرهابيين ما يقتلهوش

هذا الكاذب زكريا بطرس ؟
ومن يشهد للقرد غير أمه
ومستخبى ليه زكريا بطرس هذا
زكريا بطرس كارت محروق لا يساوى ثمن الرصاصة
فما بالك من الرجل الذى يروح فيه
زكريا بطرس معجون بالكذب لا يؤبه لما يقول
وكما قلت لك كارت محروق
أعلى الصفحة رابط بحث
أكتب زكريا بطرس واضغط لتعلم أكثر عن هذا الأفاق

وسألته:
يا أبونا... أنا مسلم وعايز أتعرف على الطريق الصحيح طريق الله المسيح ابن الله الروح القدس الحق


أبوك أنت وليس أبونا بالجمع
الله الذى خلق السماوات والأرض بما فيها من نجوم وكواكب ومجموعات نجمية ومجرات ومجموعات مجرات وووووو
هذا الخالق العظيم له إبن ولدته امرأة من كوكب الأرض الذى لا يكاد يرى فى خريطة المجرة؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
فما بالك من هذا الكون
ألا أقول لك أننى أحترم عقلى
وافعل أنت بعقلك ما تشاء من تخاريف الأمم المعوجة التى عبدت الله عن طريق وسطاء
أعبد أنت العبد
أما نحن فلا نعبد إلا الله
نحن نؤمن بالوصية الأولى التى آمن بها كل الأنبياء بما فيهم المسيح بن مريم
لا تجعل لك إلها آخر أمامى
وهى لا إله إلا الله
وهل آدم عليه السلام يحتاج للمسيح لكى يكفر عنه خطيئته
خطيئة آدم غفرها الله قبل أن يولد المسيح بن مريم بألوف السنين
وهل نحن مسئولون عن خطيئة آدم؟
فماذا عن خطايا السابقين؟
أليسوا آبائنا
وماذا عن خطايانا نحن ؟
هل سيسأل عنها أبناؤنا ؟
إعلم أن الله عادل ولن يحاسبنا إلا عن أخطائنا
ألا أقول لك أنك لا تحترم عقلى
ولكننى بحمد الله لأننى أحترمت قلبى وعقلى لا أقبل هذا الهراء

حررت المشاركة بمعرفتى
؟؟؟سيف الكلمة

غير معرف يقول...

شفرة دافنشى والمؤسسة الكنسية)))))))))))))))))))))))))) )))))))))))))))))))))))

المتابع لأخبار رواية " شفرة دافنشى " لا بد وان يصاب بالدهشة والفضول من كثرة ما اثارته من ردود أفعال فى الساحة الإعلامية الدولية بعامة، وخاصة فى المجال الإعلامى للمؤسسة الكنسية الفاتيكانية ، التى انتابها رد فعل كاد يصل - وفقا لما يقال فى الصحف و المواقع الإلكترونية - الى درجة الهلع بين رجالها.
وعلى الرغم من ان رواية دان براون قد ظهرت عام 2003 إلا ان ردود الأفعال التى أثارتها ، خاصة فى المجال الكنسى، لم تبدأ إلا بعد ان انتشر توزيعها و تعددت ترجماتها و تناولتها اقلام النقاد بالتعريف والتعليق على اهم ما جاء بها كقضية قادرة على ان تهز أركان الكيان الكنسى إن لم تكن قادرة على أن تأتى عليه برمته - على حد قول العديد من النقاد.. أى ان الرواية ، فى بداية مشوارها ، قد أفلتت من لجنة محاكم التفتيش ، المعروفة حاليا باسم : لجنة عقيدة الإيمان ، الخاصة بمراجعة ومتابعة كافة الإصدارات لكى تتصدى لمن يحاول المساس بما فرضته المؤسسة الكنسية عبر المجامع على على مر العصور .. ويرجع سبب إفلات الرواية إلى العنوان الذى لم يكن يدل على أن محتواه قادر على هدم أوصال ذلك الكيان العتيد..

وقد تمت ترجمة الرواية إلى 44 لغة ، وبيعت منها ست و أربعين مليون نسخة ، بحيث أصبحت تمثل اكثر الروايات بيعا فى العالم ، او لعله رقم لم تحققه أية رواية أخرى .

واذا ما تأملنا كمّ ما أثارته من ردود أفعال لرأينا انه قد صدر بشأنها بالفرنسية فقط ودونا عن اللغات الأخرى أكثر من عشرة كتب ، ثلاثة منها على الأقل بأقلام كنسيين ، ومنهم القس كلود هود الذى أصدر كتابا بعنوان : "أكاذيب شفرة دافنشى" ، والباقى لأشخاص تابعين للكنيسة أو كتبوها بإيعاذ منها .. وتعدت المداخلات الإلكترونية المليونين مداخلة وموقع على شبكة الياهو الفرنسية ، اضافة الى المواقع الثابتة التى أضافتها المواقع الكنسية فى أبوابها الثابتة .. وقامت مؤسسة " اوبس داى" وتعنى : "عمل الرب "، وهى من كبرى المؤسسات الكنسية السياسية تدخلا وسيطرة بالطلب من شركة سونى كولومبيا ، المنتجة للفيلم المأخوذ عن الرواية ، أن تضع على إعلانات الفيلم لافته تقول أنه لا علاقة لهذه الأحداث بالحقيقة ، إلا أن الشركة لم تعر تلك المؤسسة اى إلتفات .. كما قامت المجلة التبشيرية الفرنسية المعروفة باسم : "إيل إيه فيفان" أى : "أنه حىّ " التابعة لمنظمة عمانويل ، بطباعة 350000 نسخة من كتيب مكون من ستة عشر صفحة توزعه مجانا لمن يطلبه ليساعد فى الحملة التى تقودها المؤسسة الكنسية للتصدى للفيلم قبل ظهوره ، وذلك للحد من تأثيره على الأتباع ، وهو فى نفس الوقت كتيب تبشيرى يقوم بتسهيل المهمة على من يقبل القيام بها !..

كما تطالب المؤسسة الكنسية الفاتيكانية وكافة منظماتها الأتباع بأن يندمجوا فى حملة التبشير الواسعة الى تقودها للتعريف " بحقيقة " المسيحية وما تقوم به من نشاطات تبشيرية ومساعدات رامية الى التبشير خاصة فى إفريقيا وغيرها من البلدان..

وكانت آخر المحاولات المستميتة من الجانب الكنسى للتصدى لهذا الفيلم قبل ظهوره ، ما أعلنه موقع "inXL6" المسيحى عما قام به بعض دارسى اللاهوت فى مدينة كان الفرنسية والتى سيقام بها المهرجان السينمائى الدولى ، من عمل اسطوانة" دى فى دى " ، عبارة عن فيلم يردّون فيه على الفيلم المأخوذ عن الرواية ويدافعون فيه عن العقيدة الكاتوليكية بالرد على كافة الأسئلة التى قد تتبادر إلى ذهن أى شخص ، وذلك بالتعاون مع كبار اساتذة اللاهوت لتفنيد ما يقال حول العلاقة بين السيد المسيح ومريم المجدلية ، وحول حقيقة الأناجيل التى استبعدتها الكنيسة ، وحول مسألة تأليه السيد المسيح التى تمت فعلا فى مجمع نيقية عام 325 م، وحول حقيقة دور منظمة "عمل الرب" الشهيرة بتدخلاتها السياسية . وقد قام مركز الدراسات اللاهوتية بمدينة كان بانتاج هذا الفيلم وتوزيعة بالتعاون مع مواقع اخرى ..

وباختصار شديد يمكن القول إجمالا أنه ما من جريدة أو مجلة فى العالم سواء أكانت عامة أم متخصصة إلا وتدخلت بصورة ما فيما يطلقون عليه بحق " معركة شفرة دافنشى " ، وذلك بكتابة مجرد مقال إخبارى ،أوعدة مقالات ، أو بتخصيص ملزمة أو عددٍ بأسره لتناول هذه الرواية بالتأييد او بالنقد.

وفى نبأ صادر عن وكالة الانباء الفرنسية يوم 12 أبريل 2005 ، بقلم بارى جيمس ، والموضوع اساساً كان عن منظمة "عمل الرب" ، ينتهى بعبارة : "أن الفاتيكان قد اسند حديثا الى كبير الأساقفة ترشيازو برتونى مهمة محاربة الهرطقات الواردة فى رواية شفرة دافنشى ، اكثر الروايات تحقيقا لأرقام قياسية ، والتى يقول فيها أن أحد اساقفة منظمة "عمل الرب" قد أمر أحد الرهبان من نفس المنظمة بالقيام بعملية إغتيالات" ..

وفى 15 أبريل 2005 ، نشرت مجلة " نوفل أوبسرفاتير" الفرنسية قائلة : " بينما الكرادلة يعدّون لإجتماع المجمع فى اكبر سرية ممكنة ، توجد منظمة كاتوليكية تلعب دورا ضخما فى إنتخاب البابا الجديد : انها منظمة "اوبس داى" (عمل الرب) الشديدة التأثير والشديدة التعصب ، التى صورها دان براون ، الكاتب الأمريكى ، فى أحسن الروايات تحقيقا للمبيعات : شفرة دافنشى". وبعد أن أوضح دانييل وولز كاتب المقال أن اثنان من الكرادلة المجتمعين لإختيار البابا الجديد ينتميان الى هذه المنظمة التى وضعت هدفا يرمى الى اسناد دور اكثر فعالية للعلمانيين فى عمليات التبشير(...) وفى تعيين احد أعضائها ، خواكيم نفارو-فالس ،فى المنصب الشديد الحساسية كمتحدث رسمى باسم الفاتيكان" !!

وفى الثامن والعشرين من أبريل 2006 قام الرجل الثانى فى الفاتيكان ، الأسقف أنجيلو آماتو بعقد مؤتمر صحفى طالب فيه الأتباع بمقاطعة الفيلم وعدم الذهاب لمشاهدته لأنه : " شديد المعاداة للمسيحية وملىء بالفريات والإهانات والأخطاء التاريخية واللاهوتية ضد يسوع و ضد الأناجيل وضد الكنيسة".. ثم انهى مؤتمره الصحفى مطالبا الأتباع بمقاطعة الفيلم مثلما سبق وقاطعوا فيلم مارتن سكورسيز عام 1988 المعنون : " آخر إغراء ليسوع " الذى تعرض بصورة اخرى لنفس علاقة السيد المسيح بمريم المجدلية.

وفى 8/5/2006 أعلن الكاردينال آرنزى ، وكان من المرشحين لمنصب البابوية بعد وفاة يوحنا بولس الثانى ، قائلا : " ان المسيحيين لا يجب ان يقفوا مكتوفى الأيدى مكتفين بالتسامح والنسيان ، ولا بد من القيام بشىء إيجابى كاللجوء إلى القضاء ، وهى وسيلة يمكن الرجوع إليها لكى يحترم الآخرين حقوقنا " .. والمقصود بالآخرين هنا هو كل من لا يتعاطف مع تلك المؤسسة سواء أكان من الأتباع أم من غيرهم !

وفى استطلاع للرأى نقلته مجلة "نوفل اوبسرفاتير" الفرنسية عن مجلة " العلم والحياة " خبر يؤكد ان 31 % من الفرنسيين مقتنعون تماما بأن رواية شفرة دافنشى مستوحاه من حقائق واقعية ..

أما موقع دراسات ألفا الإلكترونى التبشيرى فقد أصدر كتيباً من 32 صفحة أورد فيه المداخلة التى قام بها القس نيكي جومبل المسؤل عن ذلك الموقع فى لندن ، وهو يرد فيه على ما اورده دان براون من معلومات وحقائق مزعجة للكيان الكنسى . كما تم وضع نفس الكتيّب على شبكة النت لمن يرغب فى طبعه او قراءته.. إضافة الى الإعلان عن توزيعه على الطوابير التى تقف او ستقف لحجز مكان لمشاهدة الفيلم !..

ومن المفترض أن يفتتح مهرجان كان السينمائى التاسع والثلاثين يوم 17 مايو الحالى ، أى بعد بضعة أيام ، بعرض فيلم "شفرة دافنشى" ، وسوف يعرض فى الدور الفرنسية فى نفس ذلك اليوم ، واعتبارا من 19 مايو ، أى بعد ذلك بيومين ، سيتم عرضه على الجمهور فى قاعات العرض الأمريكية و العالمية .

واذا ما كانت قصة الفيلم تتناول أساسا فكرة ان السيد المسيح لم يُصلب ولم يُقتل وإنما عاش وامتد به العمر وتزوج من مريم المجدلية ، فإن هذه الفكرة تحديدا ليست من بنات أفكار دان براون وانما هى ترجع إلى إنجيل فيليب الذى تم اكتشافه مع العديد من الوثائق الأخرى فى نجع حمادى بصعيد مصر سنة 1945، وتم التعتيم عليه فترة ثم تم نشره منذ بضعة سنوات .. أى انه فى واقع الأمر من الأناجيل المتعددة التى استبعدتها الكنيسة لأنها تناقض او لا تتمشى مع المنظومة التى فرضتها على الأتباع منذ القرن الرابع الميلادى. وهو نفس الشىء الذى حدث مع إنجيل يهوذا الذى تم اكتشافه آنذاك ثم تعرض للعديد من المتاهات قبل ان تقوم مجلة " ناشيونال جيوجرافيك " العالية بترجمته ونشر نصه الشهر الماضى كما تصدر غلاف عددها الصادر فى مايو 2006.

أما القس السابق لويجى كاتشيولى ، الذى كان اول من قام برفع قضية على الكنيسة الكاتوليكية فى إيطاليا بسبب ترويجها الأكاذيب وفرضها على الأتباع وبسبب إحلالها شخصية مزيفة باسم يسوع المسيح ، وقامت المحكمة الإيطالية بحفظها ، فاضطر الى القيام برفع نفس الدعوى الى محكمة حقوق الإنسان فى مدينة ستراسبور ، فى 6 مارس 2006 ، والقضية برقم 14910/2006 ، فقد نشر تعليقا بموقعه الألكترونى حول ما تطرحه رواية دان براون من معلومات ، مؤكدا ان السيد المسيح كان متزوجا من مريم المجدلية ، مستشهدا على ذلك بما ورد فى إنجيل فيليب الذى نطالع فيه أن : " مريم ، التى كانت زوجة السيد يسوع ، كانت دائما بصحبته. وكان السيد يسوع يحب مريم المجدلية اكثر من الأتباع الآخرين وكثيرا ما كان يقبلها على فمها " . كما يستشهد كاتشيولى بما ورد بالبردية رقم 8502 فى برلين ، المسماه إنجيل مريم ، والتى تشير الى الغيرة والبغضاء بين الحواريين ، وخاصة سمعان / بطرس ، مؤكدا ما كان السيد المسيح يكنه من تمييز لمريم المجدلية إذ نطالع : " ترى هل يسوع قد تحدث سراً إلى زوجته قبل ان يحدثنا صراحة ؟ هل يتعيّن علينا جميعا ان نهان وان نخضع لها ؟ ترى هل يكون قد فضّلها علينا ؟ " ..

ويشير كاتشيولى الى أن إنجيل فيليب يتضمّن إشارة اخرى ، إذ يقول سمعان / بطرس الى باقى الحواريين : " يجب على مريم المجدلية ان ترحل عن جماعتنا لأن النساء لسن جديرات بالحياة " .. إلا ان السيد المسيح الذى سمع قوله أجابه قائلا : " سأقودها لتصبح رجلا كى يمكنها ان تكون مناضلا مثلنا " ! وذلك اضافة الى باقى التفاصيل التى يوردها فى كتابه..

وبذلك يكون كاتشيولى اول من اشار فى الفصل الثانى عشر من كتابه المعنون : " خرافة يسوع" الى لوحة العشاء الأخير التى رسمها الفنان ليوناردو دا فنشى وصور فيها مريم المجدلية عن يمين يسوع. . وهى اللوحة التى استشهد بها دان براون فى روايته مشيرا الى ان فنان عصر النهضة المبدع كان على علم بزواج السيد المسيح من مريم المجدلية. وهى اللوحة التى علّق عليها احد المداخلين قائلا : " لابد وان يكون الإنسان أعمى لكى لا يرى ان هذا الوجه يمثّل امرأة بكل وضوح"

ولعل القارىء يتساءل عن كل ردود الأفعال هذه التى اُثيرت حول رواية " شفرة دافنشى" ، وهل تستدعى فكرة زواج السيد المسيح من مريم المجدلية كل هذه الجهود المضنية من جانب المؤسسة الكنسية ؟ فهى جهود تحرّك الآلاف من جحافل المبشرين والكنسيين والأتباع الذين ينساقون لقيادتهم وتوجيهاتهم .. وهنا لابد لنا من توضيح أن الرواية ، التى يصل عدد صفحاتها فى الترجمة الفرنسية الى 570 صفحة ، تتضمن ما يكوّن حوالى خمسين صفحة من المعلومات والحقائق المتعلقة بالمسيحية وبالكيان الكنسى ، نورد منها على سبيل المثال لا الحصر مجرد ما يلى :

* انتقاد مجمع الفاتيكان الثانى الذى خرج عن التعاليم الراسخة للكنيسة والمسيحية وفتح الباب على مصراعيه لليبرالية فى الكنيسة لتغيير العقائد وإعادة صياغتها (صفحة 186).. ولا يسع المجال هنا لسرد كل ما تم من تغيرات فى العقيدة لصالح الصهاينة وغيرها كثير - ولعل ذلك هو ما ساعد على تزايد موجة الإلحاد فى الغرب المسيحى .* اتهام الكيان الكنسى بقيادة حروب صليبية لإقتلاع الديانات الوثنية وعبادات الآلهة الأخرى فى القرون الأولى ، وانه خلال هذه القرون وطوال ما عرف بعصر الظلمات تم إحراق خمسة ملايين امرأة على المحارق بأمر من الكنيسة (صفحة 252).. ولا نقول شيئا عن الملايين الأخرى التى تم حرقها أو قتلها من الرجال والأطفال إذ تورد العديذ من المراجع الحديثة رقم 68 مليونا من البشر..

* أن الكتاب المقدس عمل بشرى كتبه العديد من الأشخاص فى فترات مختلفة ، وكثيرا ما كانت مضللة ، وتطوّر خلال العديد من الترجمات والإضافات والتعديلات (صفحة 289) .. ولعل المقدمة التى كتبها القديس جيروم ، فى القرن الرابع ، للعهد الجديد ، بعد ان قام بتبديل و تغيير نصوص العشرات من الأناجيل لكى يقوم بعمل العهد الجديد الحالى بأمر من البابا داماز لهو اكبر دليل على ما يطرحه دان براون من معلومات. وللعلم : فإن هذه المقدمة توجد ترجمتها فى عدة مواقع إلكترونية!

* انه كان هناك حوالى سبعين إنجيلا لكن الكنيسة استبعدت كل ما يخالف روايتها واحتفظت بأربعة منها فقط ، وانها خلقت بذلك ديانة هجين مكونة من عدة نصوص واساطير ( صفحة 290) .. ولا شك فى ان الإصدارات العلمية الحديثة والتى بدأ تيارها منذ اكثر من مائة عام تثبت بالتفصيل ما تم اخذه او نقله من تلك النصوص والأساطير ..

* انه كان من مصلحة الكنيسة آنذاك ان يتم الإعتراف بيسوع على انه المسيح الذى أعلن الأنبياء اليهود عن قدومه وانها سرقته من اتباعه الأوائل وحرّفت تعاليمه ووظفتها لفرض نفوذها (صفحة 292) .. ولا شك فى ان الإصدارات العلمية الحديثة وخاصة ما صدر منها بعد مجمع الفاتيكان الثانى ، يؤكد ذلك ، والكثير من هذه الأبحاث بأقلام كنسيين سابقين..

* ان الغالبية العظمى من المثقفين فى الغرب يعرفون هذه الحقائق ويعرفون تماما تاريخ عقيدتهم صفحة 292).. ولعل التعليق المُقنع على هذه المعلومة هو تزايد موجة الإلحاد بين الأتباع أو ابتعاد الكثيرين منهم خاصة من هم من رجالها والذين يطلق على خروجهم : النزيف الصامت للكنيسة !

* ان ما يضايق هؤلاء المثقفين هو ان يتم تأليه يسوع بعد وفاته بأكثر من ثلاثة قرون ، علما بأن هناك المئات من النصوص التى تحكى حياته كإنسان بشرى ، وان الإمبراطور قسطنطين قد أمر وقام بتمويل كتابة عهد جديد يستبعد كافة الاناجيل التى تتناول الجانب الإنسانى وتعديل ما تجعله يبدو الهياً وحرق الأناجيل الأخرى (صفحة 293) .. وهو ما دفع بواحد مثل جوزيف هويليس ، وكان من كبار رجال القانون فى الولايات المتحدة وبينما كان فى منصبه القانونى ، الى كتابة ذلك الكتاب الذى هز اركان المؤسسة الكنسية عند صدوره عام 1920 ، وكان بعنوان : " التحريف فى المسيحية " ..

* ان بعض هذه الأناجيل الأخرى قد أفلت من الإبادة وانه قد تم العثور على عدد منها فى الوثائق والمخطوطات التى تم العثور عليها فى كل من نجع حمادى بصعيد مصر ومنطقة قمران بالبحر الميت ، وان التناقضات والإختلافات الجذرية الواردة فى الأناجيل الحالية تؤكد انها عبارة عن نصوص متراكمة وتمت صياغتها من اجل برنامج سياسى هو : تعميم عملية تأليه يسوع وتدعيم السلطة القائمة آنذاك (صفحة 294) .. لقد باتت هذه المعلومة من الحقائق الدارجة إذ تورد موسوعة بريطانيكا ان هناك مائة وخمسون الف تناقض و تحريف فى الكتاب المقدس ، بينما رفع العلماء حديثا هذا الرقم الى ثلاثمائة الف فى كلا العهدين ..

* ان روما تريد اقناع العالم بأن النبى يسوع كان إلها أو انه الله ، لذلك استبعدت كل ما ينفى ذلك (صفحة 306) ، وتلك هى القضية الحقيقية بكل مرارتها أو الخلاف الرئيسى بين المسيحية والإسلام ، وهاهى قد أصبحت أيضا بين العلماء والأتباع ..

* كان يسوع يهوديا وفى أيامه كانت العذوبية مدانة وكان على كل أب يهودى ان يبحث عن زوجة صالحة لإبنه. واذا لم يتزوج يسوع فكان لا بد من الإشارة الى ذلك على الأقل فى أحد الأناجيل الأربعة ومعه تبريرا لهذا الوضع غير المألوف (صفحة 307) .. وهى حقيقة تاريخية عقائدية لفى الشرع اليهودى الذى كان السيد المسيح يتبعه و خلاف عليها .

* ان اللوحة رقم 107 بند 32 من انجيل فيليب تقول : " كانوا ثلاثة يمشون دائما مع المعلم: مريم أمه ، وأخت أمه ، ومريم المجدلية المعروف أنها كانت رفيقته (koinonos ) لأن مريم بالنسبة له كانت أختاً وأماً وزوجة " .. وفى اللوحة رقم 111 بند 55 نطالع ".. رفيقة الإبن هى مريم المجدلية والمعلم كان يحب مريم اكثر من كل التلاميذ " والمعروف ان كلمة "رفيقة" koinonos بالآرامية تعنى " زوجة" (صفحة 308) ، وهذه المعلومة تتفق وما هو معروف حول وجود قبر للسيد المسيح فى بلدة سريناجار فى الهند ، أى انه عاش وسافر حتى استقر به المطاف هناك ورفعه الله اليه عند انتهاء عمره ولم يقتل ولم يصلب .. وهو ما تتناوله العديد من الأبحاث منذ كتاب جيرارد ميسادييه المعنون : "الرجل الذى أصبح الله " !

* ان أحد أسباب الحروب الصليبية كان البحث عن أية وثائق تتضمن معلومات عن مريم المجدلية التى كانت تمثل خطرا داهما على الكنيسة آنذاك ، فقد كان يسوع قد اسند اليها هى تكملة الرسالة وليس الى بطرس، بل كانت تمثل الدليل المادى علىان "ابن الله " الذى اخترعته الكنيسة قد انجب خلفا بشرياً ! وانه لكى تحمى نفسها من وضع مريم المجدلية قامت الكنيسة بفرض صورتها كعاهرة ومحت أثر زواجها بيسوع .. إذ كان من المحال للكنيسة ان تستمر بعد ذياع خبر زواج يسوع وإنجابه.. ولكى يمكن للمؤسسة الكنسية إعلان أنها وحدها هى طريق الخلاص والحياة الأبدية ، كان لا بد لها من فرض وتأكيد الوهية المسيح (صفحة 318) .. والدليل على أن السيد المسيح لم يشأ أن يكون بطرس هو خليفته ، كما فعلت المؤسسة الكنسية ، ما نطالعه فى إنجيل متى عندما وصفه السيد المسيح بأنه " قليل الإيمان "(متى 14:31) وعندما التفت : " وقال لبطرس إذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لى لأنك لا تختم بما لله لكن بما للناس" (متى 26:23) ..

واذا ما تأملنا كل هذه النقاط وغيرها كثير ، لوجدنا أنها عبارة عن حقائق أصبحت واردة فى معظم الأبحاث التى بدأت تظهر منذ عصر التنوير ، بشق طريقها بصعوبة فائقة ، وتواصلت حتى يومنا هذا ، فى تزايد لافت للنظر ، بحيث أصبحت مثل هذه المعلومات ، فى الإصدارات التى ظهرت فى العقود القليلة الماضية ، تبدو وكأنها عبارة عن معلومات دارجة بين العلماء والباحثين من كثرة ما صاحبها من دراسات قائمة على الوثائق والتحليلات اللغوية ومراجعة الترجمات السابقة. وهو ما دفع بأحد العلماء ليقول أن الفرق الذى يوجد بين ما توصل اليه العلماء والباحثين فى أصول المسيحية وتاريخها و بين عامة الجمهور هو جهل يصل الى درجة الأمية ! فما يعرفه العلماء فى وادٍ ، وما يُسمح بنشره للعامة فى وادٍ آخر - وهى بكل أسف حقيقة نعيشها فى العديد من المجالات وليس فى تاريخ المسيحية وحدها !..

أى ان ما قام به دان براون فى الواقع هو دمج بعض المعلومات والحقائق أو المعطيات العلمية التاريخية فى قصة روائية رائعة الحبكة ، من خلال حوار مختصر ، واضح ، وبسيط بين ابطالها. .

ويبقى التساؤل مطروحا حتى ظهور الفيلم وعرضه على الجمهور : ترى هل نجح العاملون فى المجال السينمائى فى نقل كل تلك الحقائق الثابتة علميا وتاريخيا ، والتى أوردها دان براون بوضوح، أم ان مقص الرقباء قد لعب دورا بين الكواليس ؟! وإن كان هذا التساؤل التقليدى فى حد ذاته لا يمنع من أن نتأمل كل تلك ردود الأفعال التى دبّت بين أرجاء المؤسسة الكنسية للحيلولة دون وصول هذا الفيلم الى الجمهور أو للتعتيم و التشويش على ما يقدمه من حقائق ..

فإن كان ما تتضمنه رواية " شفرة دافنشى " مجرد فريات وإدعاءات وأكاذيب ، كما تررد كافة المؤسسات الكنسية والمواقع الإعلامية والإلكترونية التابعة لها ، هل كان الأمر يتطلب كل تلك الجهود المستميتة التى لم نُشر إلا إلى جزء ضئيل منها مما تم فى فرنسا وحدها ؟! بل هل كانت تلك الأكاذيب والفريات تستدعى أن يتم مصادرة الترجمة العربية للرواية ومنع تداولها فى بعض البلدان العربية والإسلامية التى يتألق فيها نفوذ المؤسسة الكنسية ؟!

وتبقى علامات الإستفهام مطروحة؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ..

غير معرف يقول...

شفرة دافنشي)))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))
ان ما يدور بالساحة الإعلامية والإجتماعية ، فى مصر ، بحاجة إلى وفقة لتأمل ما بها من خلط فى المفاهيم . وبغض الطرف عن كل ما كتب أو اُثير حول المؤلف الأمريكى دان براون وروايته المعروفة باسم "شفرة دافنشى" ، والفيلم المأخوذ عنها ، فإن ما تم اتخاذه من قرارات سواء أكانت كنسية أو برلمانية يثير العديد من التساؤلات و يستوجب شىء من التوضيح والمراجعة.

ففى يوم الأربعاء الموافق 31/5/2006 نشرت جريدة الأهرام فى صفحتها الأخيرة خبر يقول : " أن رؤساء الكنائس بمصر يصدرون بيانا حول فيلم شفرة دافنشى " . ويقول البيان وفقا لما هو منشور فى الجريدة : انهم اتفقوا على ان الفيلم يزيف التاريخ وعلم الآثار وبنيت قصته على اباطيل ليس لها اساس من الصحة العلمية. وقد اثبت العلماء هذا التزوير بصورة وثائقية. وان الفيلم وراءه فكر صهيونى يهدف الى الإزدراء بالدين وقيمه الأخلاقية والروحية. وان الفيلم ينتهى بنجمة صهيون ويروج للفكر الصهيونى وان الفيلم يغلب عليه العنف والقسوة ..

ولم يصدر بهاذا البيان المنشور اى تلميح أو اشارة لمنع عرض الفيلم، وانما مجرد اتهامات.

ويوم الأربعاء الموافق 14/6/2006 نشرت نفس الجريدة فى صفحة المتابعات خبر افترش نصف الصفحة تقريبا عن ثورة غضب واعتراضات واسعة من جميع النواب على دخول الفيلم والكتاب الى مصر ، وان وزير الثقافة قد اعلن عدم السماح بعرض الفيلم وتعهد بمنع الكتاب ومصادرته !! وقبل تناول الموضوع تجب الإشارة الى الصورة الرئيسية المنشورة مع المقال من جلسة مجلس الشعب ، وان عبارة " جميع النواب" تثير بسمة لها مغزاها فالصورة ليس بها إلا بضعة افراد لا يتعدوا أصابع اليدين وباقى المقاعد فارغة تماما..

واول ما يجب توضيحه ، مع تقديرى لرجال الدين الكنسيين ، ان الفيلم أو الرواية لا يزدريان الدين المسيحى وقيمه ، وإنما يختلفان مع المؤسسة الكنسية فيما تقدمه وتفرضه على الأتباع وعلى العالم. والفرق جد شديد بين النقطتين.

والخلاف الأساسى فيما يقدمه دان براون هو تبنّيه خط ينادى به العديد من العلماء الكنسيين الغربيين منذ عصر التنوير وحتى يومنا هذا ، وهو : ان السيد المسيح لم يقتل ولم يصلب وانما امتد به العمر .. وهو ما يتفق والقرآن الكريم الذى يقول بوضوح شديد : ".. ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبه لهم ، وان الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ، ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ، وما قتلوه يقينا " ( 157 / النساء) . وكلام الله عز وجل فى القرآن الكريم يقين ، وحينما يؤكد الله سبحانه وتعالى هذا اليقين ، فلا نملك إلا أن نؤمن بما يقوله إيمانا قاطعا.. وعلى اخواننا الكرام مراجعة كتبهم وأناجيلهم عملا بما قاله السيد المسيح عليه الصلاة والسلام : فتشوا الكتب .. فهى تشهد لى !

ومن باب العلم ، فإن دان براون ليس أول من تناول حياة يسوع من هذه الزاوية ، فما اكثر الذين كتبوا عن حياة يسوع من ناحية انه لم يصلب وانما عاش و امتد به العمر ، واشهرها كتاب جيرار ميسادييه " الرجل الذى أصبح الله "، الصادر سنة 1988. وانما هو أول من قال أنه تزوج بمريم المجدلية ، وهوالأمر الذى ينسف العقيدة الكنسية . غير أن دان براون لم يأت بهذه الفكرة من فراغ وإنما أخذها من إنجيل فيليب الذى تم استبعاده لأنه يناقد الخط الكنسى.

وقضية إثبات العلماء للتزوير المزعوم فى شفرة دافنشى كما يقول القرار الجماعى ، لها اكثر من ملمح : فأى علماء هم المقصودين ؟ الذين عليهم مواصلة الحفاظ على ما فرضته المؤسسة الكنسية عبر المجامع على مر العصور بواسطة محاكم التفتيش والتعذيب والقمع والقتل طوال الف عام من التعتيم حتى سمى "عصر الظلمات".. أم ذلك التيار من العلماء واغلبهم من الكنسيين ، ومنهم من وصل الى أعلى الرتب والمناصب العلمية مثال ريشار سيمون وارنست رينان و رودلف بولتمان والفريد لوازى وروبير بترينييه والمئات غيرهم، ولم يمكنهم الصمت على ما يوجد من عدم دقة وتحريف فى النصوص وفى ترجماتها ؟

وفيما يتعلق بمريم المجدلية فهى ليست بتهمه أو سبة فى حق السيد المسيح ، فلا يوجد ما يشينها فى العهد الجديد. والمعروف تاريخيا ووثائقيا هو أن البابا جريجوريوس الكبير هو الذى ادانها بهذه التهمة سنة 591 ، ثم برأها الفاتيكان من هذه التهمة سنة 1969 ، وفى سنه 1988 اعتبرها البابا يوحنا بولس الثانى " مبشرة المبشرين" فى وثيقة رسمية يمكن الرجوع اليها فى كتابات هذا البابا المنشورة. وهو ما يقوله العالم اللاهوتى المعاصر ريمون براون ، وهو من أشهر الكتاب المتخصصين فى الأناجيل فى أمريكا ، والذى يضيف فى أبحاثه أنها هى التلميذ المفضل عند يسوع وهى التى كُتب عن تعاليما الأنجيل الرابع المنسوب خطأ الى يوحنا..

إن الرواية والفيلم لم يبنيا على الأباطيل و انما على وجهة نظر مختلفة لها مئات العلماء والباحثين الذين يؤيدونها. ومنع الفيلم من العرض أو منع الرواية من التداول هو موقف يدخل تحت مسمى السيطرة على العقول والحكر عليها ، كما يدخل تحت بند التحكم فى حرية الرأى والتعبير، خاصة ان دان براون لم يسب أحدا وإنما تناول وجهة نظر مخالفة ، والإختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية !. أم ترى هل إيمان المسيحيين بدينهم - فى نظر قادتهم - من الوهن والهشاشة بحيث ان مجرد أى فيلم أو رواية يمكنها أن تهز عقيدتهم ؟!

أما قول أن الفيلم يغلب عليه العنف والقسوة لمجرد أن المؤلف قد كشف جانبا مما يدور فى منظمة "أوبس داى" أو "عمل الرب" سواء أكانت عملية اغتيال أم اشارة الى طقس من طقوسها كاستخدام السوط والجلد الذاتى من باب إماتة الجسد ، وهى حقائق تدخل فى صميم تنظيم هذه الجماعة ، فالسوط وحزام العقوبة المدجج بالشوك من أدوات هذه المنظمة المعروفة بتدخلاتها السياسية والإجتماعية. وتكفى الإشارة هنا إلى ما أعلنه راديو الفاتيكان فى 4/9/1979 " أنه من الصعب انكار أن منظمة أوبس داى لا تمتلك نفوذا عاليا فى العديد من البلدان أو انها لا تمتلك تأثيرا كبيرا فى المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية " - وقد أغفل الإشارة إلى فضائح الإختلاسات وغسيل الاموال أو فضيحة قضية رويز ماتيوس فى مطلع الثمانينيات فى اسبانيا.. وهو ما يمكن مطالعته فى عدد مجلة "جولياس" الفرنسية المسيحية التى تتصدى للإنحرافات الكنسية ، فى عددها رقم 30 فى صيف 1992 ، وهو عدد خاص ضم مائتى صفحة عن هذه المنظمة بمناسبة اعتراض المجلة على قيام الفاتيكان بتطويب رئيس المنظمة اسكريفا دى بلاجير يوم 17/5/1992 الى درجة السعداء توطأة لإضفاء رتبة القداسة عليه ! وبالمناسبة يوجد بها مقال ساخر لاذع عن كيفية صناعة القديسين ..

وهنا لا بد وان نسأل ممثلى الكنيسة الأجلاء لماذا لم يعترضوا على عرض فيلم "آلام المسيح" ، وهو فيلم يخرج عن نصوص الأناجيل بكل المقاييس خاصة وأن كل إنجيل يحكى قصة الآلام بصورة متناقضة، وكانت القسوة والعنف به مبالغ فيهما بفظاظة غير مسبوقة ، بحيث سخرت منها كل التعليقات التى تركزت حول "ساعة ونصف من الدماء المسكوبة بقرف واشمئزاز " .. أم إن المطلوب آنذاك كان مجرد التباكى و استجداء التعاطف مع السيد المسيح عليه السلام ؟! وللعلم : إن إيمان المسلم لا يكمل إلا إذا آمن بأن المسيح عليه الصلاة والسلام نبى من أنبياء الله المرسلين .. فما من مسلم ولا أعتقد ما من مسيحى كان بحاجة إلى هذا الكم من التعذيب اللامنطقى وهذه الدماء المسكوبة بكل هذه المغالطة الفظة ليتعاطف معه !

أما عن الأخطاء التاريخية والأثرية ، فوفقا لما درسناه فى مادة الحضارة بقسم اللغة الفرنسية وما طالعناه آنذاك وحتى يومنا هذا من كتب و روايات أن أخوية صهيون (وليس سيون كما يكتبها لجميع تقريبا) كان من أهدافها إنشاء امبراطورية أوروبية مقدسة ، و إقامة دولة دينية قائمة على الأسرار بالكشف عن الكأس لمقدسة، الأمر الذى يثبت صحة وجهة نظر الإبيونيين وغيرهم من الرافضين لفكرة صلب المسيح ، إلى جانب إقامة دولة اسرائيل العظمى . وإن أخوية صهيون هذه ترجع إلى ايام الحرب الصليبية الاولى ، وقد انشأت تنظيم فرسان المعبد كجبهة عسكرية ومالية ، من أهدافها إعادة أسرة الميروفنجيان التى حكمت أوروبا من 447 إلى 751م .. وأن الكنيسة الكاثوليكية الرومية قتلت من تبقى من هذه الأسرة وحراسها، وهم جماعة الكاتار وفرسان المعبد. وكان الكاتار يقطنون فى جنوب شرق فرنسا و قد أرسل لهم البابا حملة صليبية أتت عليهم بكل جبروت ، وكلها وثائق موجودة تملأ الأرفف ..

أما عن اشارة دان براون إلى الأناجيل المحتجبة أو الغنوصية واتهام المؤسسة الكنسية بإخفاء أو حرق ما لا يروقها ، فتكفى الإشارة الى استبعاد إنجيل برنابا ، علما بأنه كان من الحواريين وأن الروح القدس كان قد اختاره للتبشير مع بطرس. فهل سلطة المؤسسة الكنسية أعلى من الله أو من أحد اقانيمه كما تقولون ؟ واستبعاد انجيل برنابا لم يمنع مؤلفو كتاب التعليم الدينى الجديد الصادر سنة 1992عن الفاتيكان من الإستشهاد بأيات من إنجيل برنابا المستبعد ، لكن يبدو أن للضرورة أحكام.. و لقد تم استبعاد الغنوصية عند نشأة المسيحية الحالية لأنها تقول إختصارا أنه على الإنسان ان يعلو ويتقدم ليصل الى الله ، اما المؤسسة الكنسية فتقول ان الله قد تجسد بشرا لنصبح جميعا أرباباً !! مجرد إختلاف فى الرأى وليس سب و ازدراء..

ولم نتناول هذا الموضوع ثانية ولم نعرض لبعض هذه الشذرات من القضايا الخلافية ، وما أكثرها ، إلا لتوضيح أن قرار منع الفيلم والكتاب من الجانب الكنسى مبنى على أساس خلافات عقائدية بين الكنائس والمذاهب ، وهو قرار يمس بكرامة الأخوة المسيحيين كما يمس بالمسلمين، و إن كان من مفهوم مختلف ، خاصة إذا ما ربطنا الاحداث و رأينا أنه قد تم منع الفيلم فى كل من جزر فيدجى و باكستان والهند والصين ولبنان ، أى أنه تم منعه فقط فى البلدان التى بها أقليات مسيحية ، وهذا وحده يجب ان يجعل السادة المسؤلين فى مختلف المجالات يعيدون النظر فى هذا القرار الذى لا يمثل فى واقع الأمر إلا اضافة جديدة لشحن النفوس المفعمة بالضغوط ، خاصة وان الأحداث المؤلمة المتراكمة والمتتالية ليست ببعيدة.. إذ أن شكل هذا القرار يكشف عن سلطة تحكمية فى غير مكانها .

واذا كان ما قدمه دان براون مجرد اكاذيب وفريات ، خاصة ما قاله عن احدى اشهر المنظمات التبشيرية قوة ونفوذا ، وهو ما يدخل من مفهوم ما تحت بند السب العلنى : لماذا لم تقم هذه المنظمة برفع دعوى قضائية على دان براون ، ولماذا لم تقم المؤسسة الكنسية بعمل ذلك بما أنه يروج اكاذيب و فريات ؟ الا يعنى هذا الموقف وحده أن لديه من الوثائق ما يفحم به من يتجرأ على رفع دعوى قضائية ؟! وقد أوضح ذلك فى مقدمة كتابه قائلا أن الوثائق موجودة.

وسؤال أخير موجه الى المسؤلين ، الكنسيين منهم و المدنيين : لماذا لم يقم الفاتيكان بصفته أقوى و أكبر مؤسسة دينية فى العالم بمنع عرض الفيلم فى العالم أو على الأقل حتى فى إيطاليا ؟ ألا يعنى ذلك أن هناك ما هو أقوى ؟ أم ان احترام حرية التعبير مسموح بها لدى البعض وممنوعة لدى البعض الآخر ؟!

ان كل ما عمله الفاتيكان ومؤسسة عمل الرب هو: الطلب من الأتباع مقاطعة الفيلم و قدموا بيانات تؤكد صحة مواقفهما .. ولم تجرؤ أى من المؤسستين على العودة الى أساليب محاكم التفتيش ووسائلها القمعية كما حدث عندنا و فى البلدان المغلوبة على أمرها. ?????????? PDF طباعة إرسال إلى صديق
الاثنين, 17 نوفمبر 2008 14:28

HTML clipboard

بعد عام تقريبا من بداية الحملة المُحكمة الأركان والحصار ، التى اطلقت عنانها مؤسسة الفاتيكان ، لملاحقة رواية شفرة دافنشى والفيلم المأخوذ عنها ، وذلك باسناد البابا بنديكتوس السادس عشر مهمة هذا الحصار الضارى إلى منظمة " أوبس داى " أى "عمل الرب "


HTML clipboard
نشرت صحيفة "لا كروا " الفرنسية المسيحية بتاريخ 27 / 12 / 2006 مقالا بعنوان: "أوبس داى تجنى ثمار حملتها الإعلامية " .. أى أنها تجنى ثمار تلك الحملة المكثّفة الشديدة الدهاء ، والتى تم بها ترسيخ التحكم فى التغطية الإعلامية الشاملة التى طالت الإذاعة والصحافة والتليفزيون فى أروبا ، للتقليل من وقع الحقائق التاريخية التى أوردها دان براون فى روايته المعروفة باسم "شفرة دافنشى " والحد من تأثيرها الشديد على الأتباع ..
وقد أعلنت منظمة عمل الرب هذه أن " استراتيجية الحملة اعتمدت على الشفافية والتصرف على المكشوف " ! و يقال ان هذه المنظمة لم تحط علما بصناعة الفيلم المبنى على رواية دان براون إلا من العدد الذى خصّته مجلة "نيوز ويك " الأمريكية الصادرة فى 26 / 12 / 2005 عن الفيلم المأخوذ عن رواية شفرة دافنشى ، وانه ستتم الإشارة فى ذلك الفيلم إلى تلك المنظمة .
و يوضح أرنو جينسى ، المسؤل الإعلامى لمنظمة أوبس داى فى فرنسا قائلا : " أنه حتى ذلك الوقت لم يكن أحد يعرف شيئا حول هذا الفيلم والذى تقوم فكرته على مؤامرة تحيكها الكنيسة الكاثوليكية اعتمادا على بعض القتلة التابعين لمنظمة أوبس داى " ! ومن المعروف أن الرواية عند بداية ظهورها كانت قد أفلتت من سياج وبراثن لجنة متابعة الإصدارات، وهو مسمى احدى اللجان التابعة لمحاكم التفتيش او ما يطلقون عليها حاليا لجنة الدفاع عن العقيدة . وقد أفلتت الرواية فى بداية إصدارها بفضل اسمها الذى ينسبها تلقائيا إلى مجال تاريخ الفن وليس إلى المجال الكنسى . وما أن انتشر توزيعها حتى بدأ الحصار غير المعلن ، لكن ما ان ذاع خبر صناعة الفيلم حتى تغيّر الموقف..
لقد اهتز الكيان الكنسى إلى درجة جعلته يقوم بواحدة من أعتى الحملات التى قادها علنا فى العصر الحديث ، دفاعا عن كل ما نسجه من عقائد ومعلومات عبر المجامع على مر التاريخ . ففى العاشر من شهر يناير 2006 اجتمع جميع المسؤلين عن الإعلام والتابعين لمنظمة أوبس داى فى كل من مدينة روما ونيو يورك وباريس وكولونيا ولاجوس ومونتريال ، فى مقر المنظمة قى روما ، فى إجتماع طارىء من تلك الإجتماعات التى يطلقون عليها "إجتماع الأزمات " .. وذلك بحضور خواكيم نافارو- فالس عضو المنظمة والذى كان سابقا المتحدث الرسمى باسم البابا الراحل يوحنا بولس الثانى ، ثم المتحدث الرسمى باسم البابا الحالى قبل أن يقيله من منصبه.
وتوضح كلير ليسجريتان ، كاتبة المقال ، أن هذا الإجتماع الخاص بالأزمات االحادة قد أسفر عن تبنى خطة تسمى " تكتيك الليمونادة " ، أى كيفية تحويل حمضية الليمون اللاذعة إلى شراب حلو المذاق ! أو بقول آخر : كيفية تحويل عملية الهجوم على المؤسسة الكنسية إلى حملة لصالحها . وبالتالى تم اتخاذ كافة التدابير للقيام بحملة إعلامية عالمية إذ ان عرض الفيلم من المفترض أن يكون على الصعيد العالمي وتأثيره على جمهور المشاهدين اوسع بكثير من الناحية العددية واكثر مباشرة ، فالمجال السينمائى من المجالات التى تتميز بامكانية تخطى الزمان والمكان بواقعية اشد تأثيرا واسرع من القراءة .
والمعروف أن الرواية تثير الريبة حول تلك المنظمة وسرية تعاملاتها المغلقة ، وتشكك فى أفعالها ونواياها ، إضافة إلى العديد من النقاط الأخرى مثل عمليات التحريف التى طالت النصوص المقدسة عبر التاريخ ، و عصر الظلومات المواكب لمحاكم التفتيش التى لا تزال سارية المفعول ، وإن تغيرت مسمياتها ، ورفض عملية تأليه السيد المسيح التى تمت سنة 325 م ، والإشارة إلى زواجه من مريم المجدلية إعتمادا على ما هو وارد فى بعض الأناجيل المحتجبة ، أى تلك التى لا تتمشى مع ما نسجته المؤسسة الكنسية من خط لاهوتى وعقائد لا يعرف السيد المسيح عنها أى شىء ، إضافة إلى الكثير غيرها . وكلها قضايا قد هريت بحثا وصارت من الموضوعات المسلّم بها بين العلماء والباحثين المحايدين فى علم اللاهوت فى جميع أنحاء العالم.. إلا أن التعتيم عليها و ترك الأتباع فيما وصفه روبرت فانك ، رئيس ندوة عيسى ، انه جهل يصل إلى درجة الأمية ، هو الذى يكسبها استمرار بقائها ..
وندوة عيسى هى تلك الندوة التى خرج بعدها اكثر من مائتين من العلماء المسيحيين العاملين فى المجال اللاهوتى ، بأن 82 % من الأقوال المنسوبة إلى السيد المسيح فى الأناجيل لم يتفوه بها ! الأمر الذى يكشف مدى عمق الصراع الدائر فى المؤسسة الكنسية للحفاظ على كيانها. كما يكشف عن أهمية كل تلك الجهود التى تبذلها لمواجهة أية محاولات تؤدى إلى فضح المغالطات التى قامت عليها.
لذلك قرر المجتمعون لتناول تلك الأزمة الطارئة أن تكون الحملة مفتوحة الشفافية ، علنية ، مهذبة الطابع ، أى دون اللجوء إلى أعمال عدائية صريحة او تقديم اية أعمال مباشرة النقد ، أو حتى مطالبة الأتباع بمقاطعة الفيلم . أى انهم تفادوا عمل أية مواجهة موضوعية علمية علنية ، فالخاسر فيها معروف ، وتم تحديد الإعتماد على كافة وسائل الإعلام ، والتركيز فى نفس الوقت على مختلف مواقع الإنترنت المسيحية وما اكثرها!.. وهو ما تولت القيام به شبكة زنيت الإلكترونية الكاثوليكية التابعة للفاتيكان..
وتشرح كاتبة المقال انه بدلا من نقل الموضوع الى ساحات المحاكم ، فالخاسر فيها معروف والفضيحة وسرعة وصول المعلومات إلى الجمهور ستكون اسرع وادل سبيلا ، وبدلا من مقاضاة شركة سونى العالمية التى تولت انتاج الفيلم بكل إمكانياتها المالية ، على ان ذلك يدخل تحت بند السب العلنى للمنظمة ، تم اتخاذ القرار الأكثر امناً و حيطة وحفاظا على البنيان الهش ، بتحويل الحملة التى سيثيرها الفيلم ، بكل ما يقدمه من انتقادات وحقائق تهز اركان الكيان الكنسى ، ألى حملة إيجابية لصالح المسيحية الكاثوليكية وإحدى أهم أدواتها التنفيذية لعمليات التبشير المعروفة باسم منظمة " أوبس داى " ! وهو ما أطلق عليه ماركو كارّوجيو ، المسؤل الإعلامى الإطالى للمنظمة عبارة : " تكتيك الليمونادة " ..
وبعد ذلك الإجتماع الطارىء بقليل اجتمع المسؤلون الإعلاميون فى كل من فرنسا و بلجيكا وسويسرا لعرض الخطط الإعلامية التى تبنوها. وكان من بينها عمل منشورات ترد على كل النقاط الأساسية التى أثارتها الرواية وسيضطر الفيلم الى عرضها ، خاصة بعد ان قرأ الرواية اكثر من خمسين مليون نسمة ، مما لا يسمح للمخرج بالتغيير فى مجريات الأحداث . إضافة الى استغلال هذه الفرصة للتعريف بالأعمال الخيرية فى المجالات التبشيرية التى يقوم بها أعضاء المنظمة.
وفى شهر مارس 2006 تم افتتاح الموقع التابع لمنظمة أوبس داى ، باثنين وعشرين لغة عالمية ، بعد تزويده بالعديد من المعلومات حول الكنيسة الكاثوليكية و المنظمة التابعة لها وحول نشاطاتهما التبشيرية فى جميع أنحاء العالم ، وخاصة فى البلدان الأفريقية ، وذلك من خلال مختلف المنظمات والهيئات الرسمية وغير الرسمية والجمعيات الأهلية التابعة لها و العاملة فى تلك البلدان..
وبعد صدور أول مقال كنتيجة لهذه الحملة المدبّرة ، خصصت مجلة التايمز الأمريكية إفتتاحيتها للتعريف بمنظمة أوبس داى ، وتبعتها مجلة فيجارو ماجازين الفرنسية ، فى عددها الصادر فى 22/ 4 / 2006 بحوار مع خافير إيكيفاريا ، رئيس المنظمة ، مفتتحين بذلك مجموعة من الملفات حول هذا الموضوع فى مختلف المجلات ، ومنها مجلة نوفيل اوبسيرفاتير ومجلة اكسبريس الفرنسيتان ، فى العددين الصادرين فى 18 / 5 / 2006 .
و تقول كاتبة المقال أن المنظمة قامت بنشر اربعمائة مقالا بوسائلها فى مختلف الجرائد والمجلات العالمية قبل صدور العرض الأول للفيلم باسبوعين . وذلك إضافة إلى الأحاديث الإذاعية والتليفزيونية التى تولاها كبار المسؤلين فى المنظمة بكل وضوح وشفافية وبراءة فى التعمل مع الحدث ..
كما قامت المنظمة بترتيب ما يسمى بلقاءات اليوم المفتوح فى التليفزيون ، أى تخصيص يوما بطوله لموضوعات وبرامج حول المنظمة و أعمالها المجيدة ، فى 11 / 5 / 2006 ، فى تلفزيون ستراسبورج وتولوز بفرنسا. وهو ما يؤكد ما طرحه دان براون فى روايته عن توغل تلك المنظمة فى المجتمعات والتى يطلقون عليها فى بلدها الأم ، اسبانيا ، لقب " الأخطبوط " ! فقد أوضح كيفية توغلها من أجل تحقيق أهدافها، وذلك بتواجدها فى أعلى المستويات المالية والحكومية والتعليمية والإعلامية. وهى الركائز الأساسية التى يمكن من خلالها التلاعب بعقليات الجماهير وتوجيهها إلى حيث يبغون ..
ويؤكد أرنو جينسى ، المسؤل الإعلامى "الديناميكى " للمنظمة فى باريس أن الحملة قد نجحت تماما فى الحد من مفعول الفيلم وانعكاسه على المنظمة ، وهو ما راح يؤكده أيضا خوان مانويل مورا ، المسؤل الإعلامى العالمى للمنظمة حتى يونيو الماضى ، قبل ان تتم ترقيته مكافأة له ، ليصبح أستاذ الإعلام و الإتصال فى جامعة أوبس داى ببلدة نافار باسبانيا . ثم راح يوضح قائلا :" إذا ما استمرت هذه الجهود ، وواصل الصحفيون إلتزامهم وإدراكهم وتحرروا من المعلومات النمطية المسبقة والتعامل مع أعضاء المنظمة على أنهم أناس بسطاء وطبيعيون ، فقد نشهد عهدا جديدا أكثر احتراما واقل صراعا للتعريف بالكنيسة فى مختلف وسائل الإعلام " ..
وحول رأيه فى نتيجة تلك الحملة المدبّرة بإحكام للحد من وقع الفيلم وآثاره على المشاهدين ، وكان الهدف الأهم عندهم هو محاولة إسقاط الفيلم ، يقول أرنو : " نحن الكاثوليك ، يمكننا أن نشكو من الذين ينشرون معلومات نمطية مغلوطة حول الكنيسة ، لكنه من الأفضل والأكثر فعالية أن نواجههم بالمعلومات الصحيحة ، والشفافية ، والإنفتاح ، والترابط المنطقى " ..
ويالها من معلومات وشفافية ، وياله من ترابط منطقى ذلك الذى يعتمد على التعتيم ولىّ الحقائق وفرضها بدهاء وإحكام. . ومع عدم نجاح منظمة أوبس داى الإخطبوطية النزعة – كما يصفونها ، فى منع عرض الفيلم أو فى إسقاطه فى كافة البلدان الغربية أو الحد من عرضه ، فقد نجحت فى تلجيم وسائل الإعلام التى استقبلت الفيلم بأفواه مكممة ، ولم يشز عن هذه القاعدة إلا النفر القليل من النقاد ليتناولوه بكليمات معدودة ، على استحياء ، ذرا للرماد فى الأعين ..
والملاحظة المؤسفة المحزنة فى آن واحد هى : ان المنظمة بكل جبروتها وبكل سلطانها ، لم تنجح فى منع الفيلم من العرض إلا فى كافة البلدان التى بها أقليات مسيحية. وهو ما يكشف المكانة التى تحتلها منظمة أوبس داى هى و عملاؤها فى تلك البلدان ، من جهة ، ومن جهة أخرى تكشف تضامن تلك الأقليات مع مخططات الغرب الكنسى التبشيرية وولائهم له وليس للبلد الذى يعيشون فيه..
وما نخرج به من ذلك المقال المنشور فى إحدى الصحف الفرنسية المسيحية ، وكشفه عن جزء ولو ضئيل من ذلك المخطط الإعلامى الذى قادته منظمة أوبس داى لإسقاط فيلم شفرة دافنشى ، فإن ذلك وحده يؤكد، بلا أدنى شك ، صحة ما طرحه عنها دان براون فى روايته وكشفه لنفوذها المتغلغل فى مختلف المجالات العليا والأساسية فى المجتمع ، كما تكشف صحة ما أورده عنها من تورطها فى عمايات القتل وغسيل الأموال والتعامل مع المافيا – وكلها وقائع تحدثت عنها الصحافة العالمية فى حينها ، ولا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر إلا واقعة بنك أمبروزيانو فى إيطاليا وثبوت تورط الفاتيكان فيها وما ضمّته هذه الفضيحة من إغتيالات .. إضافة إلى تلك المراجع التى صدرت حديثا لتكشف حقيقة أبعادها وأهدافها..
ومن المعروف أو المعلن رسميا أن الفاتيكان يعتبر هذه المنظمة أداته الأولى والأساسية فى مساندة وتنفيذ عملية تنصير العالم ، تلك العملية التى تم إتخاذ قرارها فى مجمع الفاتيكان الثانى سنة 1965 . وكان البابا يوحنا بولس الثانى قد أعلن أيام تربعه على قمة الفاتيكان : " أنه قرار لا رجعة فيه " .. وهو نفس الموقف الذى يتبناه البابا الحالى بنديكتوس السادس عشر..
وإذا ما كانت منظمة أوبس داى تتغنى بانتصاراتها إعتمادا على القهر والقمع ولى الحقائق – مهما وصفتها بالشفافية والصراحة والردود المنطقية ، فإن ذلك لم يمنع كاتبة المقال فى جريدة لاكروا االفرنسية من أن تختتمه قائلة : " بقى أن نعرف إذا ما كانت صورة منظمة أوبس داى قد تغيرت بعد هذه الحملة حتى بين المسيحيين " .. ومن الواضح أن الصورة لن تتغيّر بل سوف تزداد قبحا بفضل الحقائق التى تتكشف يوما بعد يوم ، وبفضل الأبحاث التى تتواصل بحثا عن الحق والحقيقة؟؟ ..

غير معرف يقول...

"عزازيل" للدكتور يوسف زيدان
الرواية التى أثارت الزوابع
تخاريف صائم، وشخابيط ناقد
د. إبراهيم عوض


فى لقاء تلفازى فى برنامج "العاشرة مساءً" خاص بمناقشة رواية "عزازيل" للدكتور يوسف زيدان قدمته قناة دريم" منذ عدة أسابيع يفاجأ المشاهدون فى بداية الحلقة بالدكتور محمد الجوادى يتحدث "من منازلهم" متناولا الرواية بالنقد مؤكدا أن صاحبها قد خانه التوفيق، فهى فى نظره رواية دون المستوى، وتسىء إلى الكنيسة الأرثوذكسية. وكنت أشعر شعورا قويا، وأنا أتابع كلماته وتعبيرات وجهه وتلوينات صوته وحركات رقبته ونظرات عينيه، أنه لا يتحدث بما انتهت إليه دراسته للرواية، بل يقول ما يتصور أنه يرضى بعض الأطراف، وهو ما دفع المؤلف، بعد كلمتين عن لطف الجوادى وحلاوة شخصيته وما إلى هذا، إلى أن يمطره بأشد مما قاله هو فى الرواية، إذ كان رأيه أن الجوادى ليس ناقدا ولا أديبا، بل مجرد طبيب، وعليه ما دام الأمر كذلك أن يلتفت إلى عمله فى الطب وأن يترك الأدب للأدباء والنقاد، وبخاصة أنه، كما قال، لم يقرأ الرواية أصلا.
وقد كان الدكتور زيدان، والحق يقال، رابط الجأش حاضر البديهة، فلم يؤخذ بكلام الجوادى المباغت، أو بالأحرى: بكلامه الذى بدا لى مباغتا، إذ هو صديق للمؤلف حسبما فهمنا منه، فلم يكن من المتوقع أن يهاجم الصديق صديقه على مرأى ومسمع من ملايين المشاهدين بهذه الطريقة، وفى وقت تحتاج الرواية إلى من يدافع عنها، على الأقل: بإبراز أنها لا تسىء إلى النصارى الذين قيل إن كنيستهم تنوى مقاضاة المؤلف وجَرْجَرته فى المحاكم شأنها مع كل مسلم يبدى رأيًا لا يرضيها حتى لقد علق بعض الساخرين بأن الأمر بهذه الطريقة سوف ينتهى بوضع كل الكتاب المسلمين فى السجن إلى أن يتم إعدامهم على بكرة أبيهم كى تستريح الكنيسة فلا يفكر أحد فى أن يقول مما يعتقده فى ضميره كلمة ولا حرفا واحدا، ليتلوها تطهير مصر من المسلمين جميعا باعتبارهم أجانب غرباء جاء أجدادهم من الجزيرة العربية واحتلوها وأكرهوا النصارى المصريين على اعتناق الإسلام كما نسمع هذه الأيام فى كل مكان، فينبغى من ثم إخراجهم من أرض الكنانة وإعادتهم من حيث جاؤوا والقضاء على كل ما يمت بأية صلة لهم وللغتهم وللدين الذين جلبوه وفرضوه على أهل مصر. ومن هنا ندرك معنى قولى آنفا إن المؤلف كان رابط الجأش. وكان هذا شأنه أيضا فى الحلقتين التلفازيتين اللتين شاهدتهما فى قناتين مصريتين أخريين، وهو ما أعجبنى منه بغض النظر عن العوامل المسؤولة عن ذلك، وهل رباطة الجأش نابعة منه هو ذاته أو راجعة إلى اطمئنانه إلى مساندة بعض الجهات القادرة على تعضيده وعدم تركه وحيدا فى هذه المواجهة. كما أعجبنى أن ممثل الكنيسة فى هذا اللقاء، وهو القمص عبد المسيح بسيط، كان هو أيضا هادئا ضابطا لنفسه فلم يكن متشنجا أو غاضبا أو مقعقعا بالتهديد، وإن كان قد اختلف مع المؤلف فى بعض المضامين التى تتعلق بتاريخ الكنيسة وتطورات العقيدة النصرانية، مع حرصه فى ذات الوقت على أن يبدأ كلامه بالإشادة بالجانب الإبداعى فى الرواية إشادة بالغة، وهو ما شاركه فيه الضيفان الآخران: د. يحيى الجمل ود. وسيم السيسى، مما ارتاح له المؤلف بطبيعة الحال ارتياحا عظيما ولقى منه الرضا والابتهاج، ناسيا أن يعلق على كلامهما بما علق به على كلام الجوادى من أنه كلام لشخصين غير أديبين وغير ناقدين.
وهى قفشة أخذتها من قبل على الأستاذ رجاء النقاش، الذى كان قد كتب مدافعا عن نجيب محفوظ وروايته: "أولاد حارتنا" ضد التقرير الذى كتبه ضدها فى آخر الخمسينات الشيخ أحمد الشرباصى والشيخ محمد الغزالى، إذ قال إن قراءتهما للرواية إنما هى قراءة دينية لا تصلح لتناول الأعمال الأدبية لأنهما ليسا أديبين ولا ناقدين، وفى ذات الوقت قَبِلَ شهادة د. أحمد كمال أبو المجد ود. محمد سليم العوا فى حق الرواية رغم أنهما أيضا ليسا أديبين ولا ناقدين، ورغم أن الغزالى كان شاعرا، فضلا عن أنه صاحب أسلوب أدبى لا يجارَى فى حلاوته وحرارته، وأن الشرباصى كان متخصصا فى الأدب العربى ونقده وليس شيخا من شيوخ الدين كما أراد النقاش الإيحاء، على خلاف الدكتورين الفاضلين اللذين لا نعرف لهما مشاركة فى الأدب ولا يتسم أداؤهما الكتابى بشىء من خصائص الأساليب الأدبية رغم احترامنا لهما كرجلى قانون وكاتبين فى الشؤون العامة، وهى الصفة التى يشاركهما فيها د. الجمل، أما الدكتور السيسى فطبيب متخصص فى المسالك البولية، فلا علاقة له بهذا المعنى بالأدب ولا النقد هو أيضا. وبالمناسبة فقد أفلتت منه فى الحلقة كلمة تساوى مليارات الجنيهات، إذ كان الدكتور زيدان يشرح كيف أنه ما من شخصية أو فكرة على طول التاريخ لم تتعرض للانتقاد، ثم ساق دليلا على ما يقول أنه قد انتقد عمرو بن العاص ذاته، وهو (حسبما قال) "جَدّه"، فما كان من الدكتور السيسى إلا أن رد على البديهة ودون تفكير قائلا: إنه ليس جَدّك، فأنت مصرى. وقيمة هذه الكلمة العارضة تكمن فى أننا، مسلمى مصر الذين نشكل نحو خمسة وتسعين فى المائة من سكان المحروسة، كثيرا ما نسمع من رفقاء الوطن النصارى أننا عرب محتلون، وينبغى أن نعود من حيث أتينا، أى إلى الجزيرة العربية ونترك مصر لهم أو ندخل فى النصرانية إن استحببنا البقاء معهم فى بلاد اللبن والعسل بدلا من بلاد الشظف والقشف، ناسين أن الجزيرة العربية لم تعد بلاد جدب وفقر، بل بلاد بترول وألماس وياقوت وذهب ومرجان... أحمدك يا رب! وسلِّمْ لى من فضلك على مرزوق العُتَقى! وبطبيعة الحال لم يكن زيدان يريد المعنى المباشر لكلمة "جَدِّى"، بل يقصد المعنى الثقافى والدينى والحضارى، إذ نحن نَدِين لعمرو بن العاص دَيْنًا كبيرا، إذ لولا هو لكان لخريطة مصر التاريخية والثقافية والروحية شأن مختلف تمام الاختلاف. وهذا ما أراده الدكتور زيدان، وهو محق فى هذا كل الحق رغم أهمية الكلمة التى خرجت من فم السيسى تدوى كطلقة الرصاص. يسلم فُمّك يا دكتور: يا دكتور سيسى، ويا دكتور زيدان كليكما!
إلا أننا نعود فنقول إن موقف د. زيدان بوجه عام هو موقف أملته الطبيعة البشرية التى تعمل ما فى وسعها لإحراز النصر على الخصوم بكل وسيلة متاحة، وبخاصة أنه لم يكن لديه فى البث التلفازى المباشر على الهواء وقت للمراجعة والتأنى. ذلك أن كلام الشخص فى حلقة تلفازية غير كلامه حين يكتب فتكون أمامه فرصة للتحقق من صحة ما يقول ودقته وما إلى هذا، أما فى اللقاءات التلفازية، وبالذات المذاع منها على الهواء، فإن نصف مخ المتكلم يكون غائبا فى العادة، اللهم إلا من رحم الله فيكون ثلث مخه فقط ضائعا، "وليس الثلث بقليل" كما قال رسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام، علاوة على قلة الوقت المتاح ومقاطعة مقدم البرنامج له بغية إعطاء الأطراف كلها نصيبا متساويا من هذا الوقت القليل، وشعوره بأن خصمه يصوب إليه نظرات التربص وينتظر الفرصة كى ينقض على ما يتفوه به ليفنّده، ودعنا من إحساسه بأن هناك ملايين تشاهد البرنامج وقد أرهفت الآذان وأحدّت الأبصار وركّزت الأعصاب فى كل كلمة يلفظها، وكأن كلا منهم قد تحول إلى "الرقيب العتيد" الذى يحدثنا عنه القرآن، هذا الإحساس الذى يضغط هو أيضا على أعصابه ضغطا شديدا.
وإلى القارئ ما سبق أن قلته فى هذا الموضوع ضمن دراستى التى نشرتها منذ عدة أسابيع بعنوان: "قضية خاسرة ودفاع متهافت: رجاء النقاش يترافع عن أولاد حارتنا" بمناسبة صدور كتاب النقاش عن "دار الهلال" فى هذا الموضوع: "ونحن نقول للأستاذ النقاش، وإن كان انتقل إلى ذمة الله، إلا أنه حاضر معنا بكتاباته وآرائه ومواقفه، وبخاصة فى كتابه هذا الذى يدور عليه حديثنا الآن: إنك قد استفتيت بشأن "أولاد حارتنا" الدكتور محمد سليم العوا والدكتور أحمد كمال أبو المجد وطرت بما قالاه حتى لامست النجوم التى نراها فوق رؤوسنا، بل حتى تجاوزتها إلى نجوم المجرّة التى فوقها مما لا نراه الآن، وقد نراه فى مقبل الأيام إن كتب الله لنا عمرا طويلا ندرك به عصر المناظير الفلكية العملاقة التى سوف يتم اختراعها فى تلك الأثناء لترينا نجوم المجرات الأخرى، مع أنهما ليسا ناقدين بالمعنى الذى تريد، فكيف كان منك ذلك؟ إنهما أقرب إلى أن يكونا عَالِمَىْ دينٍ، وليسا ناقدين أدبيين. فلماذا قَبِلْتَ منهما ما قالاه عن الرواية المحفوظية وأثنيت عليه وطنطنت به، ورفضت أن يكون لأمثالهما ممن ليسوا بنقاد، أى ممن لم يدرسوا النقد مثلى ومثلك فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب أو أى قسم آخر يناظره، رأى يَرَوْنَه فى تلك الرواية؟ وهل كل النقاد الذين يملأون الساحة النقدية هذه الأيام وقبل هذه الأيام بزمن طويل هم من المتخصصين فى النقد الأدبى؟ بطبيعة الحال لا، فلم إذن تخص من تسميهم: "علماء دين" ممن لا يَحْسُن رأيهم فى رواية نجيب محفوظ بالحرمان، وكأننا فى محكمة من محاكم التفتيش؟
ألا يكفى أن يكون لدى الشخص اطلاع جيد على الأعمال الأدبية ومعرفة بالطريقة التى ينبغى التعامل معها من خلالها؟ وهل يفعل الدارسون فى أقسام اللغة العربية والأدب العربى شيئا آخر غير هذا؟ صحيح أن الدراسة المنظمة قمينة أن تكون أفضل، إلا أن ثم كثيرا من النقاد استطاعوا تكوين شخصياتهم النقدية بالقراءة الحرة والعكوف على الكتب والدراسات التى من شأنها إعانتهم على أداء هذه المهمة. وهل كان سليمان البستانى مثلا أو إبراهيم اليازجى أو جبران خليل جبران أو أمين الريحانى أو روحى الخالدى أو شكيب أرسلان أو الرافعى أو العقاد أو الزيات أو محمد لطفى جمعة أو محمد عبد الغنى حسن أو مصطفى عبد اللطيف السحرتى أو جورج طرابيشى أو لطفى الخولى أو محمد دكروب أو محمود أمين العالم أو حتى نجيب محفوظ ذاته من خريجى أقسام اللغة العربية الذين درسوا النقد الأدبى دراسة منظمة، ودعنا من الفُسُول من أصحاب الدبلومات الضِّحَال الثقافة والذوق الذين لا يستطيع الواحد منهم أن يكتب أو يقرأ جملة واحدة سليمة، فضلا عن أن يفهم النص الذى أمامه فهما صحيحا، وهم الذين يتصدرون مجالس الأدب والنقد هذه الأيام ويمدد الواحد منهم رجليه فى وجوهنا وكأنه جالس على المصطبة الملاصقة لبيتهم فى القرية ثم يفتى فى كل شىء وفى أى شىء، وهو يجهل كل شىء جهلا فاحشا يبعث على القىء، بل هو أجهل من الجهل ذاته إن كان هناك جهل يتجاوز ما نعرفه من جهل، وكل بضاعته كَمْ مصطلحًا من مصطلحات الخردة النقدية الغربية يرددها دون وعى ودون ذوق ودون عقل متصورا أنه قد جاء بالذئب من ذيله؟ الجواب هو "كلا" بالثلث. فلماذا لا تنكر على أى من هؤلاء قيامهم بمهمة الناقد الأدبى وحديثهم عن رواية محفوظ التى نحن بسبيلها؟ أقول لك السبب؟ إنه رفضك أن يكون هناك رأى فى رواية "أولاد حارتنا" يخالف ما ترتئيه. هذا هو السر، ولا سر سواه!".
وهو نفسه ما نقوله تعقيبا على نصيحة يوسف زيدان لمحمد الجوادى، وإن كنا نتفهم الدوافع التى حدت به إلى الرد عليه بهذه الشاكلة، فقد شعرتُ، وبعض الشعور إثم، وإن كان بعضه الآخر حقا كل الحق، أن الجوادى يريد توصيل رسالة ما إلى جهة ما لا أن يقول رأيه فى الرواية، التى جزم الدكتور زيدان بأن صديقه لم يقرأها. وأنا أميل إلى تصديق زيدان لأكثر من سبب: فلو كان الجوادى قرأ الرواية لاتصل بمقدمة البرنامج عقب سماعه هذا الكلام ونقض ما قاله زيدان. بل لو كان قرأ الرواية لكان اتصل قبل ذلك بصاحبها وناقشه فيها، وبخاصة أنهما صديقان كما فهمنا من كلام الدكتور زيدان. وفوق هذا فهو لم يخصّ بالحديث شيئا معينا فى الرواية، بل كان حريصا على أن يكون هذا الحديث عاما لا يمكن الإمساك بشىء منه ومناقشته. ومن هنا شعر يوسف زيدان، فيما أظن، أن عليه رد التحية بأحسن (!) منها، فنفى عنه بكلمة واحدة القدرة على فهم الأعمال الإبداعية وتذوقها، ومن ثم العجز عن نقد الإبداعات الأدبية. ونقرة بنقرة، بل بثلاث نقرات، والبادئ أظلم. وهذا عكس ما قاله يحيى الجمل، ود. صلاح فضل، الذى اتصل هاتفيا بالبرنامج على ما هو متبع فى مثل تلك الحلقات بترتيب مسبق، إذ وصفا الرواية بأنها تتسم بالعذوبة والرقة والشاعرية.
ومما له صلة بفنية الرواية ما أثير من حديث عن صحة ما قاله مؤلفها فى بدايتها من أنها عبارة عن مذكراتٍ مخطوطةٍ كتبها راهب مصرى من أتباع نسطور فى أحد الديارات بمنطقة حلب ثم دفنها هناك حيث ظلت خافية عن الأنظار أكثر من ستة عشر قرنا، إلى أن قيض الله لها فى الفترة الأخيرة من اكتشفها بالمصادفة كما يقع فى مثل تلك الظروف، وقام الكاتب بترجمتها من السريانية التى كُتِبَتْ بها إلى اللسان العربى. ولم يكتف د. زيدان بهذا، بل زاد فأضاف إلى الرواية عِدّةً غير قليلة من الهوامش يُفْهَم من كل منها على نحو أو على آخر أنه ليس إلا مترجما لتلك المذكرات التى خلفها وراءه الراهب هيبا. وقد لاحظت أن كثيرا ممن قرأت ما كتبوه عن الرواية قد تكلموا عنها بوصفها مخطوطا سريانيا ترجمه الدكتور زيدان إلى العربية. وقد تباهى الدكتور زيدان فى الحلقة المشار إليها قائلا إن كل من قرأها جازت عليه الحيلة الفنية التى احتالها وظن فعلا أنها مخطوط سريانى، وأن كل دوره ينحصر فى الترجمة. وممن ذكرهم فى هذا السياق د. أحمد عتمان، الذى قال عنه إنه، بعد أن ألقى كلمته عن الرواية وأخذ راحته فى تحليلها فى إحدى الندوات، مال على أذنه وسأله هامسا: الرواية بطبيعة الحال مخطوط سريانى؟ أليس كذلك؟ وهو ما يدل، فى نظر زيدان، على استيلاء الرواية على أذهان من قرأوها بحيث إنهم استغرقوا فيها ولم يكتشفوا أنه هو مؤلفها وأن الراهب هيبا المصرى ليس إلا خَلْقًا من صنع خياله دون أن يكون له أى وجود تاريخى. ومن الطريف رغم هذا أن يعكس عبد المسيح بسيط المسألة مائة وثمانين درجة فيقول، فى حلقة "العاشرة مساء"، إن كل النقاد قد خطّأوا الكاتب لأنه أوحى للقراء أن الرواية حقيقية وأنها فعلا مذكرات تركها الراهب هيبا وراءه. أما الأنبا بيشوى فيقول إن زيدان "يتخذ من أحد المخطوطات السريانية سندا لروايته، مع مزجها بخياله الروائى". أى أن هناك فى رأيه مخطوطا سريانيا فعلا، وكل ما فى الأمر أن المؤلف قد مزجه بشىء من الخيال (انظر ما كتبه رامى النجار فى جريدة "المصريون" بتاريخ 19/ 9/ 2008م تحت عنوان "بيان منسوب للأنبا بيشوي ينتقد فيه رواية "عزازيل" ويتهم مؤلفها بمحاولة تدمير الأرثوذوكسية وبيان آخر ينفي عزله من المجمع المقدس").
ومماله صلة بتلك المذكرات التى قال الكاتب إن البطل هيبا قد تركها وراءه موحيا بهذه الطريقة أنها مذكرات حقيقية وأن دوره هو ينحصر فى نقلها من السريانية إلى العربية أن شماسا من الدقهلية يُدْعَى: هانى اتصل بحلقة "العاشرة مساء" على الهواء مطالبا المؤلف أن يوضح للمشاهدين أين وجد هذه المخطوطة. أما الأستاذ جمال أسعد فكان واعيا بأن المسألة لا تعدو أن تكون حيلة فنية، إذ كتب فى مقال نشره فى 2/ 9/ 2008م بجريدة "المصريون" عنوانه: "الإبداع الفني والرقابة الدينية" قائلا إن رواية "عزازيل" "هي عمل أدبي أوهم فيه المؤلف القارئ بأن أحداثه استقاها من خلال مخطوطات سريانية". بل إنه زاد فدافع عن حق المؤلف فى كتابة ما يشاء على النحو الذى يشاء، مؤكدا أن "هذا الإيهام جائز حتى أن العمل يدخل تحت بند الإبداع الأدبي ولا علاقة له بالعقيدة الدينية".
فأما فيما يخصنى فقد أقبلت، والحق يقال، على الرواية بوصفها مخطوطا سريانيا ترجمه يوسف زيدان، وإن كنت استغربت أن يعرف الدكتور يوسف اللسان السريانى، وهو المتخصص فى الفلسفة، لكنى رددت على نفسى بأن ذلك ربما يكون راجعا إلى اهتمامه بالمخطوطات، التى من بينها مخطوطات سريانية كثيرة تهم دارس النصرانية فى تلك العصور، ومن ثم قد يكون تعلَّمها ببادرة ذاتية لا من خلال التخصص. إلا أننى ما إن مضيت قليلا فى القراءة حتى تيقظ عفريت الشك فى صدرى، إذ إن بناء الرواية بناء عصرى تماما، كما أن لفتات الذهن والاهتمامات العقلية والوجدانية التى تحرِّك الكاتب هى لفتات واهتمامات عصرية أيضا. وكان من بين ما حاك فى قلبى ولم أتقبله بسهولة أن يُقْدِم راهب فى تلك العصور فيكشف ستر الله الذى ستره به ويتحدث عن ممارسته للفاحشة مع الخادمة التى رآها على شاطئ الإسكندرية أول ما وصل إليها من بلده إخميم وعام فى بحرها وكاد أن يغرق لولا لطف الله به، فكانت أول إنسان يتعرف إليه. وفضلا عن ذلك فالرواية فى هذه النقطة تقوم على المصادفات الساذجة التى يستبعد الذهن أن تحدث فى الواقع على هذا النحو السلس الذى وقعت به فى الرواية. صحيح أن القَصَص القديم كان يقوم فى كثير من الأحيان على هذا اللون من المصادفات، بيد أننا هنا لسنا بإزاء قصة خيالية نسجتها يد أحد المؤلفين القدماء، بل تلقاءَ حكايةٍ المفروضُ أنها قد حدثت فعلا. أضف إلى هذا أن الكنيسة المصرية أبدت غضبها وقيل إنها بسبيلها إلى رفع دعوى قضائية ضد الدكتور زيدان لإهانته العقيدة النصرانية. فلو كانت الرواية مترجمة لما كان هناك مجال للكنيسة كى تغضب وتفكر فى مقاضاة الدكتور، إذ هو مجرد ناقل لنص موجود فعلا لا منشئ له. وهذا إن كان هناك أى أذى فى الكتاب للكنيسة أو لأتباعها. وكنت، كلما مضيت فى القراءة، تيقّن لدىّ أننى أمام رواية ألفها د. زيدان لا مخطوط سريانى اقتصر دوره على ترجمته... إلى أن استمعت إليه، فى تسجيل للحلقة المذكورة فى موقعه المشباكى، يقول إنه فى الواقع مؤلف الرواية لا مترجمها، فلم يكن لإقراره هذا أى تأثير لدىّ، إذ كنت قد وصلت إلى ذلك منذ وقت مبكر من مطالعتى لــ"عزازيل".
وهناك فى أدبنا الحديث من أراد أن يحتال على قرائه قبل د. زيدان ذات الحيلة التى احتال هو بها على قرائه، فقد كتب الفيلسوف الجزائرى مالك بن نبى، فى مقدمة سيرته الذاتية التى أصدرها فى جزأين بعنوان "مذكرات شاهد القرن"، أنها مخطوط وجده بجواره بعد أن فرغ من صلاة العصر منفردا فى ركن ناء بمسجد قسنطينة، الذى كان المستعمرون الفرنسيون قد حولوه إلى كاتدرائية طوال قرن كامل، وذلك عقب الاستقلال عن فرنسا بثلاثة أعوام. وكان قد شعر، وهو مندمج فى صلاته، بشخص يتسلل فى خفة وسكون إلى جانبه حيث ترك لفافة من الأوراق عن يمينه وانصرف من فوره، فاضطر هو فيما بعد إلى فتحها، ليكتشف أنها مخطوطٌ جِدُّ هامًّ ألفاه جديرا بالنشر فنشره. وفى الآداب الأجنبية يمكن أن نشير إلى رواية "دون كيشوت"، التى ألفها فى السجن الكاتب الإسبانى سرفانتس وادعى أنها فى الأصل مخطوط خلّفه مسلم إسبانى (موريسكى)، وانحصرت مهمته هو فى نشره للقراء. وقد أشار د. صلاح فضل إشارة سريعة إلى شىء من هذا فى مداخلته على الهواء فى الحلقة المومإ إليها، كما أشار أيضا إلى قيام رواية "وردة" لألبرتو إيكو على مثل هذه الحيلة.

وفى مادة "Don Quixote" من النسخة الإنجليزية من الموسوعة المشباكية الحرة: "الويكيبيديا: Wikipedia" نقرأ أن "Cervantes created a fictional origin for the story based upon a manuscript by the Invented historian, Cide Hamete Benengeli". وهو ما نجد شيئا من التفصيل له فى النسخة الفرنسية من ذات الموسوعة حيث نجد ما يلى: "Cervantès déclare que les premiers chapitres sont tirés des «Archives de La Manche» et le reste traduit depuis l’arabe de l’auteur morisque Cid Hamet Ben Engeli, l’enchanteur qui tire les ficelles de don Quichotte tout au long du roman".
وفى "أولاد حارتنا" نرى نجيب محفوظ يتبع خطة قريبة من هذه، إذ يقول على لسان الرواى: "هذه حكاية حارتنا، أو حكايات حارتنا، وهو الأصدق. لم أشهد من واقعها إلا طوره الأخير الذى عاصرته، ولكنى سجلتها جميعا كما يرويها الرواة، وما أكثرهم! جميع أبناء حارتنا يروون هذه الحكايات. يرويها كلٌّ كما يسمعها فى قهوةِ حيِّه أو كما نُقِلت إليه خلال الأجيال، ولا سند لى فيما كتبتُ إلا هذه المصادر... شهدتُ العهد الأخير من حياة حارتنا وعاصرت الأحداث التى دفع بها إلى الوجود "عرفة" ابن حارتنا البارّ. وإلى أحد أصحاب عرفة يرجع الفضل فى تسجيل حكايات حارتنا على يده، إذ قال لى يوما: "إنك من القلة التى تعرف الكتابة، فلماذا لا تكتب حكايات حارتنا؟ إنها تُرْوَى بغير نظام، وتخضع لأهواء الرواة وتحزباتهم، ومن المفيد أن تسجَّل بأمانة فى وحدة متكاملة ليحسن الانتفاع بها. وسوف أمدّك بما لا تعلم من الأخبار والأسرار". ونشطتُ إلى تنفيذ الفكرة اقتناعًا بوجاهتها من ناحية، وحبًّا فيمن اقترحها من ناحية أخرى. وكنت أول من اتخذ من الكتابة حرفة فى حارتنا على رغم ما جره ذلك علىَّ من تحقير وسخرية. وكانت مهمتى أن أكتب العرائض والشكاوى للمظلومين وأصحاب الحاجات. وعلى كثرة المتظلمين الذين يقصدوننى فإن عملى لم يستطع أن يرفعنى عن المستوى العام للمتسولين فى حارتنا، إلى ما أطلعنى عليه من أسرار الناس وأحزانهم حتى ضيّق صدرى وأشجن قلبى. ولكن مهلاً، فإننى لا أكتب عن نفسى ولا عن متاعبى، وما أهون متاعبى إذا قيست بمتاعب حارتنا، حارتنا العجيبة ذات الأحداث العجيبة: كيف وُجِدَتْ؟ وماذا كان من أمرها؟ ومن هم أولاد حارتنا؟". ولعل الفرق الوحيد بين الحيلتين أن محفوظ لم يقل بصريح العبارة إنه مجرد ناشر لما كتبه ذلك الرواى، الذى من الواضح أن كاتبنا قد عمل بكل قواه على إيهام القراء أنه شخص آخر غيره. أى أننا، فى ظاهر الأمر، أمام مخطوط كتبه شخص ما غير نجيب محفوظ، ثم وصل هذا المخطوط إلى يده فأداه إلينا كما وقع له، كما أن البيئة والناس اللذين ينتمى إليهما يختلفان عن البيئة والناس اللذين ينتمى إليهما كاتبنا الكبير، وإن لم يعبر هو عن هذه النقطة الأخيرة تعبيرا واضحا مباشرا كما فعل الدكتور زيدان فى مقدمة روايته.
وككل عمل أدبى سوف نتناول رواية "عزازيل" من الناحتين: الفنية والمضمونية، رغم وعينا بأن هذا التقسيم لا وجود له فى واقع الأمر، وإلا لصار العمل الأدبى من ناحيةٍ مجموعةً من الأفكار العادية جدا يستطيع أن يقولها كثير من الناس دون أن يكون لها أى وقع على النفس، ولوجدنا أنفسنا من الناحية الأخرى أمام شكل مجرد لا يمكن الإمساك به ولا الإحساس بتميزه. ولنا هنا فى الإنسان أسوة، فما إن تفارق الروح الجسد حسبما نعتقد نحن المؤمنين بالله وبالآخرة حتى يئيض الجسد بعد قليلٍ جثة منتنة سرعان ما يعيث فيها الدود فتستحيل رمادا وينتهى أمرها بالنسبة للدنيا ومن فيها بعد أن كانت كائنا حيا يملأ الدنيا صخبا وضجيجا ويمتلئ بالآمال والآلام والأفكار والمخاوف والمطامح ويدفع من حوله إلى الانشغال به واتخاذ المواقف المختلفة نحوه ونحو ما يرمز إليه ويمثله... إلخ. أما الروح فأين هى حتى يمكن التعامل معها، فضلا عن الشعور بها؟ إنها هناك عند ربها لا ندرى من أمرها شيئا. ومع هذا كله مما يعرفه النقاد ويرددونه كثيرا إلى درجة الإملال فإننا نشعر برغبةٍ مُلِحّةٍ فى التذكير بهذه الفكرة التى تبين أننا حين نتعامل مع النصوص الأدبية فلا بد أن نتعامل معها باعتبارها شكلا ومضمونا، وإلا صعب علينا، بل ربما عجزنا فى الحقيقة، عن أن نقول فيها شيئا. وكلنا رجاء ألا تضيق صدور القراء بهذه التذكِرة.
ولقد سبق أنْ وَصَفَ ضيوفُ الحقلة المذكورة روايةَ زيدان بأنها بالغة العذوبة والرقة. وهى بالفعل كذلك إلى حد بعيد. وسببه أن الراوى راهب غير تقليدى، فهو لا يؤدى الفروض ويقوم بواجبات الرهبنة كما ينبغى أن يؤديها كل راهب سواء اقتنع بما يصنع أولا، وسواء كان لهذا الذى يصنع وقع فى قلبه أو لا. كما أن هذا الراهب، واسمه: "هيبا"، لم يكن يعطى دائما ظهره للحياة متجسدة فى المرأة بوجه خاص، بل كان يقدر حلاوتها ويتشهاها، وإذا ما أتيح له أن يتذوقها لم يتردد فى أن يمد يده ويقطف ثمارها ويملأ بها فمه دون تردد، ويظل طول الوقت يصف هذه الحلاوة ويصف إحساسه بها، ناسيا أثناء ذلك أن هذه الثمرة ثمرة حرام، وأن السبيل القويم أمامه هو هجران الرهبنة والإقرار بأن لنداء الحياة قوة وجاذبية لا تقاوَم مثلما أَفْهَمَ الإسلامُ أتباعَه وحرّم من ثم الرهبنة ولم يكلفهم من الأمر عنتا لا تستطيعه الفطرة ولا يصلح لها بل يفسدها إفسادا شنيعا، وهو ما صنعه هيبا فى آخر المطاف. ومن العجيب أن المؤلف لم يضع هيبا فى هذا الموقف إلا مع امرأتين اثنتين ليس غير على مدى عشرات السنين مع أن النساء موجودات حوله طوال الوقت، وصراخ الغريرة فى الجسد والنفس لا يعرف الصمت، وبخاصة فى جسد هيبا ونفسه كما أرتنا الرواية. ونضيف إلى كل ما مر أن الرواية مكتوبة بضمير المتكلم، وهذه الطريقة تقرّب البطل من نقوس القراء وتضفى على ما يكتبه شاعرية، أو مزيدا من الشاعرية إذا كان الموضوع بطبيعته شاعريا. وهيبا من جهة أخرى إنسان متفتح العين والأذن لكل ما هو جميل فى الطبيعة أيضا، فهو دائما ما يصف السحاب والحقول والشروق والغروب والجبال والسهول وما إلى ذلك. ثم لا ننس أن هذا جميعه قد صاغه يراع زيدان، وهو شاعر كما ربما لا يعلم كثير من القراء، وفوق هذا فهو متمكن من الصياغة اللغوية إلى حد كبير كما هو بين جلىّ.
ولعل هذا العامل الأخير هو السبب فى أن كثيرا من ألفاظ الرواية مشكولٌ على غير عادة قصاصى عصرنا، الذين يتسم نتاج كثير منهم بالضعف الشائن فى اللغة ونحوها وصرفها، وبالتالى فإن تشكيل الألفاظ فى كتاباتهم أمر غير وارد بالمرة، وإلا كانت فضيحة، اللهم إلا إذا أوعزوا لبعض المتضلعين من اللغة وقواعدها وآدابها أن يُعْمِلوا قلم الإصلاح والتهذيب فيما يكتبون، وهو أمر لا يخطر لهم ببال لضحولة ثقافتهم اللغوية بل لضحولة ثقافتهم عموما، وإن ظن القراء الطيبون أن تحت قبابهم شيوخا مطمطمين، أما غير الطيبين من القراء، وهم فئة النقاد المطلعين على حقائق الأمور فيقولون: لا شيخ تحت القبة ولا يحزنون، لأننا قد دفنّا هذا الذى تحت القبة معا، فنحن نعرف أصله وفصله. وبالمناسبة فقد فوجئت بمقدمة البرنامج الأستاذة منى الشاذلى، وهى تقرأ فقرة من كتاب "عزازيل" لتثبت أنه يخلو من الإساءة إلى أحد، أنها قد قرأت الفقرة قراءة سليمة غاية السلامة، وهو أمر لم نتعوده من مقدمى أو مقدمات مثل هذه البرامج. وحتى لو كانت قد ضبطت مسبقًا الفقرةَ التى كانت تنوى أن تقرأها على الجمهور أو استرشدت بمن قرأتْها عليه وصححها لها فإن ذلك يُحْسَب لها بكل تأكيد، إذ يدل على حرصها على الظهور فى برنامجها فى أحسن صورة، كما يدل على احترامها للغة بلدها وحضارتها مما لا يفقه معناه كثير من المثقفين أو ممن يقال عنهم إنهم مثقفون رغم أن الثقافة لا تصح لمن يهملون شأن لغتهم، إذ الثقافة تشمل اللغة، بل تأتى اللغة على رأس مكوناتها كما يدرك العالمون. ولقد كنت، وأنا لا أزال بالجامعة، أضيق صدرا بقصص يوسف إدريس مثلا، التى بدأتُ التعرف إليها فى ذلك الوقت ورأيت كثيرا من النقاد يهللون لها أيما تهليل رغم امتلائها بالأخطاء التى من هذا النوع، وكأن تلك الأخطاء من الهوان وقلة القيمة بحيث لا تقدم ولا تؤخر. وكنت أقول: يجب على الكاتب، حتى لو كان ضعيفا فى اللغة كضعف يوسف إدريس بل فقره المعيب، أن يتقن لغته قبل أن يمتشق حسامها. أما إذا ما ابتلاه الله بالكسل واللامبالاة بهذا الضعف فعلى الأقل ينبغى أن يعهد بها إلى أحد المصححين يجيل فيها قلمه وينفى عنها ما فيها من وضر لا يليق. لكن على من تلقى مزاميرك يا داود؟ ولهذا السبب يرانى القارئ فى كتابى: "فصول من النقد القصصى" قد ألهبت ظهر إدريس وتهكمت على كثرة أخطائه اللغوية تهكما شديدا. ومع هذا يقتضينا الحق أن نقول إننى قد لاحظت فى المرحلة الأخيرة من كتاباته قبل وفاته اختفاء تلك الأخطاء البشعة واستقامة لغته كثيرا. ولعل لانضمامه إلى كُتّاب جريدة "الأهرام" دخلا فى ذلك، ففى "الأهرام"، كما فى الصحف المحترمة، مصححون لغويون ينظرون فى كل ما يُتْشَر فيها ولا يتركونه يخرج إلى القراء بعُجَره وبُجَره، أو كما نقول فى مصر بالعامية، وهو فى ذات الوقت مقبول فصحويا: "بِعَبَلِه"، وإن اكتسح التبلد السائد فى بلادنا فى جميع مناحى الحياة هذا الميدان أيضا فصرنا نقابل أخطاء كثيرة حتى فى كبريات الصحف.
وما حادثة الدويقة إلا مظهر من مظاهر هذا التبلد وتلك اللامبالاة.
ولا شك أن أمثال تلك الكارثة سوف تتكرر كثيرا كثيرا كثيرا كثيرا كما تكررت من قبل رغم تأكيدات المسؤولين الكذابين بأنها لن تتكرر بعد ذلك أبدا، ويأبى الله فى كل مرة يصرحون فيها بذلك إلا أن يخزيهم فتقع دائما كارثة أشنع عقب تلك التصريحات مباشرة. ولكنْ لا المسؤولون الكذابون يستحون فيكفون عن تصريحاتهم النارية العنترية، ولا الكوارث تستحى فتكفّ عن ترويعنا وإفعام قلوبنا بالرعب والحزن واليأس من صلاح الحال. والمضحك فى الأمر كله أن الناس تدعو الله دائما بالستر. ولأنى أحب الوضوح والصراحة أرانى لا أسكت، بل أنبرى فى الحال قائلا: لا أظنه تعالى سوف يستر علينا أبدا لأننا لا نستحق الستر: لا الحكومات ولا الشعوب. كما أن الله سبحانه لن يلغى سنن كونه من أجل كسلنا وإخلادنا فى كل أمورنا إلى "البَكَش والفهلوة وطريقة سلق البيض وشغل الثلاث ورقات"، فنحن ليس على رأسنا ريشة، بل نحن بعض خلقه يجرى علينا ما يجرى على غيرنا. ومن هنا أجدنى بوجه عام متشائما منذ زمن بعيد إلى حد بعيد، ولا أنتظر فى العادة خيرا من تلك الأحوال لمعرفتى بعيوب مجتمعاتنا القاتلة وحساسيتى لأوضاعنا المقلوبة فى كل ميادين الحياة ووعيى الحاد بأننا نعيش فى هذه المرحلة الحضارية خارج التاريخ والجغرافيا وخارج كل ما هو صحيح مستقيم! وما ظَنُّك بأممٍ ليس لها من عمل تقريبا فى الحياة إلا أن تأكل وتشرب وتتناسل، شأنها فى ذلك شأن الأبقار والطيور والأسماك والديدان والحشرات لا شأن البشر، وإلا فلم نحن متخلفون فى ميدان السياسة والاقتصاد والحرب والعلم والإبداع كل هذا التخلف؟ ولم نحن أذلاء وتافهون كل هذه المذلة والتفاهة حتى فى مجال الرياضة واللعب؟ وليست بعيدةً عنا فضيحةُ أوليمبياد بكين، وهذا مجرد مثال واحد فقط لا غير، وإلا فالفضائح والكوارث لا تكاد تنتهى!
كنت منذ بضعة أعوام فى أحد المؤتمرات النقدية ببلد عربى، وبعدما انتهيت من إلقاء ملخص بحثى الخاص بشعر المستشار حسن نجم رحمه الله عن قضية فلسطين، وهو البحث المتاح فى صيغته الكاملة فى موقعى وفى منتداى بموقع "واتا" وغيرهما من المواقع والمنتديات والذى أحمل فيه على الشعوب العربية حملة شعواء وأعلّق برقبتها قبل الحكومات مسؤولية ما هى فيه من تخلف ومذلة، قامت زميلة لا أدرى من أى بلد عربى قائلة فى استنكار: إلى متى سنظل نمارس جلد الذات بهذه الطريقة؟ فقلت لها: الواقع أننا قد تجاوزنا مرحلة الجلد، الذى ثبت فشله فى إيقاظ شعوبنا النائمة فى الـ... (ولا داعى لإكمال الجملة)، وأصبحت الشعوب بحاجة إلى إِرْزَبَّةٍ ينهال بها المصلحون على يوافيخها: فإما أيقظوها من بلادتها وخمولها، وإما حطموا هذه اليوافيخ العفنة تحطيما! والواقع أننى، مهما أَجَلْتُ النظر حولى، لا أستطيع أن أجد لتلك الشعوب نظيرا فى رضاها بالبؤس الذى هى فيه ولا بالخنوع الذى تمارسه باقتدار باهر وعبقرية فريدة، وأمام من؟ أمام حكام لا يساوى العشرة منهم فى سوق السياسة والإدارة والدهاء مليما صدئا! والمصيبة بل الكارثة أن هذا كله إنما يحدث فى القرن الحادى والعشرين وليس فى العصور القديمة ولا فى العصور الوسطى، أى بعد أن تنورت الشعوب وعرفت حقوقها وسحلت حكامها المستبدين التافهين من كل شاذ النفس والفكر لئيم الطبع مجرم السلوك لم يحسن أبوه وأمه ولا حتى الأيام والليالى ذاتها تربيته، ونصَّبت بدلا منهم من يعرف أنه إنما أتى إلى كرسى الحكم كى يخدمها لا ليبنى السجون فوق الأرض وتحت الأرض وفى الفضاء الخارجى وعلى سطح القمر والمريخ حتى يغيّب فيها زهرة شبابها ويقمع أية بادرة تحرُّك لدى القلة التى شذت عن أمتها ففكرت فى التغيير، على حين نرى سائر الشعب مشغولا بمتابعة أخبار الراقصات العاميات الجاهلات ومشاهدة مباريات الكرة المتخلفة ككل شىء تمسه أيدينا! ولا ننس أن من يساعدون الحكام فى فتكهم بشعوبهم إنما هم أبناء تلك الشعوب. بل إن الحاكم ذاته هو بعض نتاج تلك البيئة. أليس ابنا من أبناء تلك الشعوب؟ أم تُرَاه وارد الخارج؟
حين انتهيت من الفقرة السابقة بدأتْ بغتة "دون إحم ولا دستور" أغنية شريفة فاضل: "أمانة يا بكرة"، التى كان مذيع محطة الأغانى فى المذياع الموجود أمامى على المكتب قد أعلن عنها قبل نحو ساعة، وإن لم يحدد وقتها بالضبط، فقمت فى الحال وأطفأت النور وبقيت فى الظلام أغسل عن نفسى أوضارها وأقذاءها إلى أن انتهت الأغنية سريعا مثل أى شىء بهيج فى الحياة. ثم قلت فى نفسى وقد قمت لأشعل الضوء مرة أخرى كى أستأنف الكتابة: نعم، أمانة يا بكرة، أمانة يا غد العرب والمسلمين، لا تأت أبدا، لأنى موقن أنك لن تحمل إلينا الفرحة. ثم سرعان ما تذكرت أننى لست فى مناحة، بل فى نقد أدبى استطردتُ وابتعدتُ عنه طويلا وآن أن أعود عن طريق هذه الأغنية البديعة التى لا أدرى لِمَ لَمْ تستمر المطربة على النهج الراقى المصقول الذى كانت تتبعه فى أدائها وفضلت عليه اللُّوثة التى تسمى: "الغناء الشعبى". أجل، آن أن أعود إلى ما كنت فيه من نقد وأدب، فسرعان ما عدتُ أدراجى، والعَوْد أحمد، إلى الدكتور زيدان وروايته التى وصفها، كما سبق القول، ضيوف حلقة "العاشرة مساء" بأن فيها رقة وعذوبة (وشاعرية أيضا. لن يضر!)، وهو ما حاولت آنفا أن أعلله. غير أن هذا لا يعنى أبدا أن الرواية تَعْرَى من العيوب فى هذا المجال رغم تأكيد د. يحيى الجمل أنها من الناحية اللغوية أيضا عمل ليس له نظير. بل لقد قد أثنى القمص بسيط فى ندوتين تلفازيتين عليها من هذه الناحية أيضا، ولم ير فيها عيبا رغم أنه أشد المعارضين لها، وكتب يفند ما جاء فيها.
ونبدأ باللغة، وقد قلت إن أسلوب الكاتب محكم إلى حد بعيد، مرافئا بذلك ضيوف الحلقة المذكورة على أن فى الرواية شاعرية واضحة فى كثير من المواضع. إلا أن ثم ملاحظات عليها من ناحية اللغة والأسلوب رغم هذا. وأنا، حين أفتح هذا الباب، لا أفتحه تعالما، فالمسألة لا تستأهل، وبخاصة فى مثل سنى، كما أننى دائم القول بأن اللغة أوسع من أن يحيط بها إنسان كائنةً ما كانت عبقريته فيها واطّلاعه عليها وتضلعه منها وفراغه لها. كذلك فأنا ممن لا يسدّون بابا أبدا فى وجه أى استعمال ما دام له وجه من الصواب. ودائما ما أنبه الذين يحفظون بعض المقولات الشائعة عن خطإ ذلك اللفظ أو هذا الاستعمال مثلا ويعملون على تطبيقها بحرفيتها دون فهم ومراجعة، إلى أن من السهل القول بصحة لفظة أو عبارة، لكن الصعوبة فى تخطئتهما. ذلك أنه يكفى أن تجد عددا معقولا من الشواهد حتى يصح الاستناد إليها فى قبولهما، أما إذا أردتَ التخطئة فلا بد من تفلية اللغة كلها من "طقطق" إلى "سلام عليكم" كى تتأكد من عدم وجود الكلمة أو الاستعمال الذى تريد تخطئته بتاتا. وأَنَّى لإنسان ذلك؟ بل لو افترضنا أن شخصا ما قد حفظ المعاجم كلها على سبيل المثال وأنه فوق ذلك لا يمكن أن ينسى منها شيئا، وهو المستحيل بعينه، فيبقى أن اللغة لا تستوعبها المعاجم أبدا، إذ ما أكثر ما فات المعجميين من أمور. هذا بالنسبة إلى الصحة المعجمية، أما القواعد النحوية فإننى أرى وجوب احترامها وعدم إحياء اللهجات القبلية القديمة، اللهم إلا إذا كان هناك سبب قوى يدعو إلى ذلك، ويكون هذا على سبيل الاستثناء العارض.
من هنا لا أجدنى أخطِّئ من يكررون مثلا "بين" مع اسمين ظاهرين، ولا أشترط أن يكون أحد الطرفين اللذين تربط بينهما على الأقل ضميرا. ذلك أن ثم سياقات لا بد من تكريرها حتى مع الاسمين الظاهرين، وهذا كاف لنسف تشدد المتشددين فى هذا السبيل. وذلك من الناحية النظرية وحدها، فإذا ما علمنا أننى قد عكفت خمس ليال منذ نحو خمس عشرة سنة فى مدينة الطائف على كتاب "معجم البلدان" أستقرئ شواهده الشعرية حتى خرجت وفى كفىّ أكثر من عشرين شاهدا من عصور الاحتجاج على صحة ذلك التكرير تبين لنا أن من خطأوا تكرار "بين" مع الاسمين الظاهرين غير مصيبين. وبالمثل وجدت بضعة عشر شاهدا على مجىء جواب "كلما" فعلا مضارعا لا ماضيا كما يشترط المشترطون. بل لقد وجدت فى بعض تلك الشواهد أن فعلها ذاته قد أتى مضارعا. وهذا وذاك مما ينكره ويرفضه أولئك المتنوِّقون، أو إذا أحببت فقل: "المتنيِّقون"، فهناك من يقول إن "تنوَّق" بالواو خطأ، وهناك من يخطِّئ هذا المخطِّئ مؤكدا أنه استعمال صحيح، أما العبد لله فيجيز الاثنين. وإذا كان هناك من يخطّئ مجىء "واو" العطف" بعد "بل" بحجة أنه لا يصح تتالى حرفَىْ عطف، فإنى لا أرى فى هذا من بأس، إذ أُقَدِّر معطوفا قبل "الواو": وحده أو مع عامله، وذلك كما لو قال قائل: "لـَمْ آكل التفاح وحده، بل والكمثرى أيضا"، فإن تقديره هو : "بل (أكلت) التفاح والكمثرى أيضا". وبذلك تنحل المشكلة ببساطة. ومما يخطئونه أيضا، ولا أرى فيه ما يشين، مجىء "لا" بعد "قد"، وكذلك استعمال "يعتبر" بمعنى "يَعُدّ"، وإنْ قَلَّ لجوئى إلى هذين الاستعمالين. وقد صوب الأستاذ محمد العدنانى فى معجمه الاستعمال الأول استنادا إلى شاهد شعرى وعبارة وردت فى بعض كتب النحو القديمة على ما أذكر. وأضفت أنا بعض الشواهد الشعرية الأخرى. أما الثانى فقد وجدت العقاد على جلالة قدره يستعملها. أفلا يكفى هذا؟ ثم إن من الممكن لمح معنى "يَعُدّ" فى الفعل المغضوب عليه دون أية حساسيات لا داعى لها. وعلى هذه الشاكلة لا أرى خطأ فى قولنا: "العشرينات" و"الأربعينات" والتسعينات" دون "ياء نسب" بالضرورة، بل أرى أنها هى الأصل. وكذلك لا أرى أدنى خطإ فى استعمال كلمة "أثناء" الظرفية دون أن يسبقها الحرف: "فى"، إذ إن الظروف تتضمن دائما معنى "فى"، بالإضافة إلى أن القرآن استخدم "آناء" دون هذا الحرف، ولا فرق بين هذا وذاك، كما وجدت العرب القدماء قد استعملوا مفرده: "ثِنْى" عاريا عن هذا الحرف الجار، فما الـخَطْب إذن؟ وفى كلامى فى الندوات والمحاضرات ومناقشات الرسائل العلمية كثيرا ما أستخدم كلمة "فقرة" بفتح القاف ثم أعقبها بكسرها قائلا إننى أرى أن كلتيهما صحيحة. وليس هذا موضع بسط حجتى فيما أوردته هنا من مسائل، فكل ما أريده هو تحريك الأذهان ونفى إرادة التعالم عن الملاحظات التى أحب أن أوردها حتى يتنبه إليها القراء ويفكروا معنا فيها، ولعل أحدا منهم يهتدى إلى وجه من وجوه الصواب فيها أو فى بعضها فأتراجع عما قلته بشأنها رغم حرصى ألا أبتعد عما تقرر واستقر وأضحى قواعد راسخة. ومن المضحك أن كثيرا من الأساتذة الذين يناقشون الطلاب فى رسائل الماجستير والدكتورية يقعون أثناء المناقشة ذاتها فيما يؤاخذون عليه الطالب المسكين ويكررونه مرات دون أن يتنبهوا إلى هذه المفارقة الطريفة.
والآن مع الملاحظات اللغوية والأسلوبية التى ألفيتها فى الرواية. فمن هذه الملاحظات قول المؤلف على لسان هيبا: "أُلْهِمْتُ بأبيات أخرى (بدلا من "أُلهمت أبياتا أخرى"/ ص291). ذلك أن الفعل: "ألهم" هو من الأفعال المتعدية إلى مفعولين، ومن ثم لا حاجة به إلى أن نستخدم حرف جر مع مفعوله الثانى. ولقد وقعت يوما فى خطإ مشابه سببه أننى كتبت ما كتبته وأنا مرهق مريض، فضلا عن أننى لم أكن قد نمت كفايتى فى تلك الليلة العصيبة، وكان ذلك فى آخر مراجعة لى فى الكتاب الذى وقع الخطأ فيه فلم يتسن لى تصحيح ذلك الخطإ إلا بعد صدور الكتاب، إذ نبهت إليه وفضحت نفسى فى مقال لى مشهور بعنوان "أخطائى". أما الخطأ الذى وقعت فيه فهو تعديتى الفعل: "آتى" إلى مفعوله بحرف جر، إذ قلت: "يُؤْتِى بثمرةٍ طيبة" أو شيئا قريبا من هذا، وكان المفروض أن أقول: "يَأْتِى بثمرةٍ طيبة" أو "يُؤْتِى ثمرةً طيبة"، أما الجمع بين "آتى" والباء فهو خطأ. والقارئ النبيه لن يقوم فى رُوعه أننى كنت مريضا مرهقا فى غير حالتى الطبيعية حين كتبت ما كتبت، وبالتالى فلن يعذرنى، وله الحق كل الحق، فهو لا يشمّ على ظهر يده.
وفى موضع آخر يكتب المؤلف "العتّة" (ص398) بدلا من "العُثّ"، وهى فى الأناجيل بالمناسبة: "غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ" (رسالة يعقوب/ 5/ 2)، فلا عذر له إذن، فهو يتناول فى روايته الديانة النصرانية وتفسيرات كنائسها المختلفة لتلك الأناجيل، فضلا عن أنه شاعر ينبغى أن تكون معرفته باللغة أدق من هذا. وليس من المقبول أن يجهل واحد كالدكتور يوسف زيدان مثل تلك الصيغة الفصحوية. وعلى كل حال فالمفروض أن يجعل الكاتب مجموعة من المعاجم المختلفة بجواره وطوع يمينه، حتى إذا شك فى كلمة أو بدا له أن من الممكن أن يخطئ فيها أو ما إلى ذلك فتح تلك المعاجم واستشارها فأشارت عليه، وما خاب من استشار كما قال مولانا رسول لله صلى الله عليه وسلم. وكثيرا ما ألفيت المعاجم تقول شيئا آخر غير ما كنت أظنه هو الصواب. ولا يعيبنى أبدا أن أتكئ عليها، فأنا لست كاملا، وعلىّ أن أكتمل بها. ولا يصدق هذا علىّ أنا وحدى، بل على الجميع. بل ربما كان العبد المسكين أفضل من كثيرين غيره لاهتمامه الشديد باللغة منذ وقت مبكر وتخصصه فيها وحرصه على معرفة دقائقها وغرائبها والحديث بالفصحى فى المناسبات العلمية المختلفة: سواء فى المذياع أو المرناء أو المحاضرات أو الندوات أو المناقشات العلمية، حتى إننى لأجد نفسى فيها حينئذ ولا أجدها أبدا فى العامية، التى لا يسلس لسانى بها ساعتها البتة. وهنا أود أن أقول إننى كنت أوثر لو تكلم الدكتور زيدان ومناقشوه فى الحلقة المشار إليها بالفصحى حتى لو وقعوا فى أخطاء الإعراب، كما هو الحال فى قناة الجزيرة مثلا حيث يحرص الجميع على استعمال الفصحى مهما كان الأمر، ورغم وقوع مذيعيها أحيانا فى الخطإ حين يرتجلون. والزمن كفيل بسدّ هذه الثُّغْرة، كما أن الفصحى تضمن أن يفهم عنهم جميع المشاهدين أيا كان بلدهم، بخلاف العامية التى لن يفهمها (فهما كاملا على الأقل) فى تلك الحالة إلا أهل بلد المتحدث فقط.
ومما لاحظته على لغة الكاتب رغم ما تتمتع به من رقة وعذوبة فى غير قليل من المواضع أننى ألفيته يخطئ أحيانا فى إعراب اسم "إن" المتأخر فيرفعه بدلا من نصبه. وهى ملاحظة تصدق على كثير ممن يكتبون ولهم أسماء مشهورة. ولا بد أن أعترف أن هذه الملاحظة بالذات تشكل لى ما يمكن أن يلحق بما يسمى: "العقد النفسية"، إذ ما زلت أذكر تلك اللحظة التى قال لى أستاذ الفقه فيها بمعهد طنطا الدينى، وأنا طالب بالإعدادية قبل أن أترك الأزهر فى العام التالى إلى مدرسة الأحمدية الثانوية بنفس المدينة، وكان ساعتها يقرأ مجلة الحائط التى كنت علقتها خارج فصلى والتى كنت كتبت فيها مقالا أخطأت فيه ذلك الخطأ، إنه سوف يخبر الأستاذ صديق عوض أستاذ النحو بأنى أخطئ فى إعراب اسم "إن" المتأخر عن خبره. ولقد شعرت وقتها بالخجل الشديد، وأضحيت من يومها متنبها تنبها استثنائيا لهذه النقطة.
ومن الملاحظات اللغوية التى تكررت فى الرواية للأسف التركيب التالى الذى يجرى فيه الكلام على الأسلوب العامى: "صارت بيوت الشارع متباعدة عن بعضها" (ص78)، بدلا من "متباعدة بعضها عن بعض"، إذ المعنى هو أن بيوت الشارع "كلها" قد تباعدت عن "بعضها"، وهو مستحيل، إذ كيف يتباعد الكل عن البعض، وذلك البعض متضمن فى كله بما يعنى أن هذا البعض سوف يتباعد عن نفسه؟ ولقد حاولت أن أجد لهذا الأسلوب بابا من القبول فلم يستطع ضميرى تسويغه ولو بحجة قياسه على قوله تعالى: "لا نفرق بين أحد من رسله"، والمقصود: "لا نفرق بين أحد من رسله وغيره"، أو قوله عز شأنه: "مذبذبين بين ذلك" بمعنى "بين ذلك وهذا"، إذ من الواضح أن الأمرين مختلفان، علاوة على أننى لم أجد فى نص عربى قديم مثل هذا التركيب الذى انتشر فى كتابات المحدثين انتشار النار فى الهشيم، وأرجو ألا تسألونى ما هو الهشيم.
كذلك أعيذ شاعرنا وروائينا أن يقع فيما يقع فيه أولئك المسمَّوْن: كتابا، وما هم عندى بكتاب ولا قراء، من عدم الالتفات إلى بعض صور الممنوع من الصرف كما فى قوله: "وتدغدغ فىّ حواسًّا منسية" (ص80) عوضا عن "حواسَّ". وأغلب الظن أنه لم يتنبه إلى أنها كــ"مساجد" وغيرها مما جاء على صيغة "مفاعل" أحد صيغ منتهى الجموع، وذلك لما أصابها من تضعيفٍ أخفى شبهها بــ"مساجد" وغيرها من الكلمات التى لم تأت مضعَّفة. ولا أظن مثل هذا الخطإ قد تكرر فى الرواية. أقول هذا وأنا أعرف أن كثيرا من شعراء العربية القدامى، حتى الفطاحل منهم بما فيهم شعراء جاهليون، كانوا كثيرا ما ينونون الممنوع من التنوين، وبالذات من هذه الصيغة، وأن من عرب الجاهلية من كانوا لا يمنعون من التنوين شيئا من الأسماء بتاتا. ذلك أن الشعراء، كما يعلم هو قبل غيره، يجوز لهم أحيانا من التصرف فى اللغة ما لا يجوز لسواهم. إلا أننا لن نقف طويلا عند تلك القبائل المنونة على الدوام رغبةً منا فى توحيد القواعد النحوية والصرفية بقدر الإمكان، ولا أظنه إلا حريصا على هذا العنصر المهم من عناصر الوحدة العربية الكبرى التى كان عرب الجاهلية يفتقرون إليها، إذ كانوا قبائل متشرذمة متطاحنة إلى أن أتاهم رسول الله فوحدهم وخلق منهم دولة سرعان ما استحالت إمبراطورية فى زمن إعجازى. صحيح أن عرب قبل المبعث كانوا، إذا ما شعروا أو خطبوا أو تمثلوا الأمثال، ينحون نحو تلك اللغة الموحَِّدة التى اصطنعوها لتلك المناسبات والتى تعلو فوق القبلية الضيقة، إلا أن هذا لم يمح اللهجات الصغيرة، فنرجو بقدر الإمكان ألا نعيد إحياء تلك اللهجات.
ومما تكرر كذلك فى الرواية قول المؤلف على لسان راهبنا العفريت المحب للدنيا والمخلد للأرض والمتبع هواه والعاقد مع إبليس اللعين الظريف رغم ذلك صفقة شيطانية ظريفة تتلخص فى أنه لا مانع من نزول الإنسان بين الحين والحين على حكم غرائزه، وبخاصة الجنسية منها، دون أن يحبّكها ويعمل فيها عفيفا شريفا: "وعلى رغم كذا إلا أنه..."، وهو تركيب بُحَّتْ أصوات أهل اللغة، الذين أعترف وأقر أننى لست منهم، بأنه تركيب غير صحيح، ولهم كل الحق، فإن عبارة "على رغم كذا" تحتاج إلى ما يتعلق بها، وهو ما لا وجود له، كما أن الجملة تخلو من مستنى منه نستطيع أن نستثنى منه ما بعد إلا. أقول هذا وأنا واعٍ بأن للعادة فعلها القاهر، وما منا إلا وله مثل تلك الاستعمالات، غير أن مداومة الاطلاع على كتب اللغة ومعاجم التخطئة والتصويب وقرارات المجامع اللغوية وما إلى هذا كفيلة بتنبيه الناسى.
وقد وجدت المؤلف فى موضعين على الأقل يجمع فى نفى المضارع الذى يُتَوَقَّع أو يُرْجَى أن يقع فيما بعد، وإن لم يقع حتى الآن، "لـمّا" و"بَعْد": "لمّا تصل بعد إلى أذنها" (ص95)، و"لما أقرأ الرسالة بعد" (ص256). وهذا غريب، وإن كان غير قليل فى كتابات المحدثين. ذلك أن علينا فى مثل تلك الحالة أن نقول: "لم أقرأ ذلك بعد" أو "لما أقرأ ذلك". أما الجمع بين "لما" و"بعد" فهو استعمال لا تعرفه العرب، بل يناقض ما استعملوا له "لما"، التى تقوم مقام "لم" و "بعد" معا، فلا معنى للجمع بينها وبين "بعد" إذن". وهذا يشبه بالضبط ما وجدته على قلة فى بعض الكتابات المعاصرة من الجمع بين "سوف" و"لن" فى مثل قولنا: "سوف لن أفعل هذا".
ومما ينبغى التنبيه إليه كذلك فى لغة الرواية كلمة "بيضاويّة" (ص102، 148، 249، 394)، والصواب "بيضيّة"، وهى ما يشبه شكلها شكل البيضة. أما "بيضاوية" فهى النسبة إلى "بيضاء" لا "بيضة"، اللهم إلا إذا قيل: "خطأ مشهور خير من صواب مهجور"، فعندئذ سأسكت وأغلق فمى لا اقتناعا بل بسبب إرهاق الصيام. ومنها قوله: "كانت درجاته عشرة" بدلا من "عَشْرًا" بحذف التاء، وقوله: "لا أريد أن أعرف إلا أنت" (ص114)، وصوابها: "لا أريد أن أعرف إلا إياك" لأن الضمير هنا منصوب على المفعولية، فلا يمكن أن نستخدم ضمير رفع، بل ضمير نصب. وبالمناسبة فقد سألنى منذ قريب بعض قرائى عن تنوع حكم المستثنى وحيرتهم أمامه، فقل له: يمكنك، وأنت مرتاح البال والضمير، أن تنصب المستثنى فى كل الأحوال، إلا إذا كان الاستثناء مفرغا وكان المستثنى فى حالة رفع أو خفض. أما فى مثالنا الحالى فنجد أن المستثنى فى حالة نصب، وهو الحكم العام للمستثنى كما قلت (ومثلها " "لا أريد إلا أنت (إياك)"/ ص359).
ومن ذلك كذلك قوله: "لم يطل صمت هيباتيا... إلا ثوانٍ (ثوانىَ) معدودات" (ص146)، و"سوف أُعِدُّ (أَعُدُّ) ما سمعته منك مزاحا ثقيلا" (ص154)، و"ين الرهبان والقسوس والشمامسة... وأبناءُ (وأبناءِ) التائبين" (ص156)، و"عَمَت (عَمِيَت) العقول" (ص164)، و"شَيِّقا (ص189، وصوابه: "شائقا/ مُشَوِّقا"، أما "شَيِّقا" فمعناها: "مشتاق" كما فى قول شوقى رحمه الله عن عروس النيل مخاطبا النهر العظيم فى قصيدة "النيل" التى تتغنى بها أم كلثوم: "وأتتكَ شَيِّقةً حواها شَيِّقُ"، أى أتتك مشتاقة هى وما يحملها من محفة أو هودج لترمى بنفسها فى مائك)"، و"جلسنا ساعاتٍ طوالٍ (طوالا. ويبدو أنه سها فظن أن الكسرتين تحت "ساعات" كسرتا جَرٍّ، فَجَرَّ أيضا كلمة "طوالٍ" بدورها على اعتبار أن النعت يتبع المنعوت فى الإعراب، فى حين أن الكسرتين المذكورتين هما فى الواقع علامة نصب لأن كلمة "ساعات" مجموعة بالألف والتاء. هذا ما أظنه، والله أعلى وأعلم)" (ص194)، و"الشوك الوخّاذ (وخّاز. أما الفعل "وَخَذَ" (بالذال)، الذى يُعَدّ "وخّاذ" أفعل تفضيل منه، فهو لغةٌ فى "أخذ")" (ص212)، و"صِخْتُ (أَصَخْتُ) سمعى لنصائحه" (ص244)، و"فى شوق لرؤياك (لرؤيتك، لأن "الرؤيا" تختص عادة بالمنام، أما "الرؤية" فلليقظة)" (ص253)، و"آتون (أى فرن) الإسكندرية (والصواب: "أَتُّون: بالتشديد، والجمع: أتاتين، ويمكن تخفيفها أيضا: "أَتُون")" (ص275)، و"امتنانى (الصواب: "شُكْرِى"، لأن الامتنان هو الإنعام أو التذكير بذلك الإنعام، وهو هنا يقصد شعور الشخص بجميل المنعم، فهو الشكر إذن)" (ص276. ومنها "ممتن" (شاكر)/ ص303، و"امتنانها" (شكرها)/ ص306، و"يتلهُّون (يتلهَّوْن)" (ص283)، و"رأيت مرتا وعمتها واقفتين... ينظران (تنظران)" (ص307)، و"كان واحدًا (واحدٌ) من رهبان الدير يجلس معى حين جاءت" (ص319)، و"لا بد أن تُقَاد ناره ثلاثة أيام (توقَد)" (ص322)، و"كان ما أنوى زراعته من أعشاب لن يحتاج مياها كثيرة (وهى ركاكة، وكان يمكن أن يكتبها هكذا مثلا: "ولم يكن ما أنوى زراعته ليحتاج...)" (ص329).
ولدينا كذلك العبارة التالية التى وردت فى حديث مرتا جارة الدير الحلبية إلى هيبا وهى تحكى له ما وقع لها مع زوجها السابق: "دَبَّ إصبعه فىّ" (ص339). ومعنى"دَبَّ" فى سياقنا الحالىّ هو "غَرَز"، إشارة إلى افتضاض زوجها بكارتها. والكاتب هنا يستخدم التعبير العامى الذى لا يعرفه إلا المصريون، أو بعض المصريين فقط، ومن ثم قد يكون من الصعب على غيرهم أن يفهموه. كذلك قد جرى العرف على أن تُكْتَب الروايات التاريخية باللسان الفصيح، فما بالنا بالروايات التاريخية المترجمة؟ المترجمة شكلا لا حقيقة كما نعرف. وفضلا عن هذا وذاك فإن الفعل: "دَبَّ" هو فعل لازم لا متعدٍّ على النحو الذى استعمله الكاتب، إلى جانب أنه لا يدل فى الفصحى على المعنى الذى قصده الكاتب من قريب أو من بعيد، إذ يدل فيها على الحركة الهينة أو الخفية وما أشبه. كما أن الجو الذى يغلف هذا التعبير لا يناسب جو الرواية الجاد الراقى، إذ التعبير تعبير بلدى قد يليق بجو الهزل أو بكلام الشوارعية ومن يشبههم. أما إذا كان لا بد من استخدام مثل ذلك التعبير العامى بعد ذلك كله فلعله كان من الأفضل لو أن المؤلف وضعه بين علامتى تنصيص إشارةً إلى أنه استعمال غير عادى على الأقل.
ومن هذه الملاحظات اللغوية أيضا: "مزقوه إِرَبا (وصحتها: "مزقوه إِرْبًا إِرْبًا"، أى شِلْوًا شِلْوًا. أما "إِرَبًا" فقائمة على الظن بأنها جمع "إرْبة" بمعنى "شلو"، وهو خطأ أبلق، إذ "الإِرْبة" هى "المطمع" وما إلى هذا، ولا علاقة لها بالأشلاء)" (ص353)، و"لا خَلاَق لهنّ (أى للنساء. والصحيح "لا أخلاق لهن"، أما "الـخَلاَق" فهو "النصيب". وفى القرآن الكريم مثلا عمن يدعو الله أن يرزقه الدنيا ولا يبالى بالآخرة: " وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ"، أى ليس له نصيب من رحمة الله/ ص381) ، و"مُغْمِضًا عيناى (عينىّ، وإن كان هناك لهجة قبلية قديمة تعرب المثنى بالألف فى كل الأحوال. إلا أن ذلك تاريخ قديم مضى وانقضى)" (ص386).
وثم شىء آخر هو أننى لست أوافق المؤلف على إهدار هذه الرقة والعذوبة الأسلوبية على وصف المواقف الجنسية التى من شأنها إثارة الشهوات والإغراء بمواقعتها حتى لو لم يرم الكاتب إلى ذلك كما سوف يدعى كثير من أصحاب الأقلام. وكعادتى فى الصراحة لن أتوانى عن التصريح بأن للجنس لذته وبهجته، وإلا فلِمَ يظل الواحد منا حيران مؤرقا لا يستقر له قرار حتى يتزوج أو يعثر على من تعيش معه فى الحرام يقارفان المتعة الجنسية دون مبالاة بدين أو خلق كريم. نعم للجنس لذته وبهجته. أليس يقول القرآن: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (آل عمران/ 14)"؟ على أن هذا الأمر لا يحتاج فى معرفة مدى خطورته إلى أن نكون على علم بتلك الآية، فهو شىء مغروس بل مغروز فى الفطرة بحيث يجرى من ابن آدم (الذى هو أنت وأنا وهو وهى) مجرى الدم فى العروق، ومن ثم كان لوصف المواقف الجنسية لذته وبهجته بالتبعية، ومن هنا خطورته كما سبق القول. سيقول بعض المؤلفين: وماذا فى ذلك؟ والجواب هو أن وصف مثل تلك المواقف يشعل الشهوات ويقترب بالقراء من حافة الحرام فى كثير من الأحيان. سيقولون: إن للإبداع قوانينه التى لا تخضع للخلق والدين. وجوابنا هو أن هذا كلام فارغ، إذ لا يعقل أن يبنى المجتمع شيئا فيأتى مؤلف فيهدمه بحجة أنه مبدع. إن الإبداع الفنى والأدبى ليس هو إلهنا، بل إلهنا هو الله سبحانه، الذى حذر من مقارفة الحرام وتوعد عليه، وأمر بألا نحوم حول الحِمَى حتى لا نقع فيه، فحُسِمت المسألة. وأنا دائما ما أردد أن المؤلفين الذين يجادلون عن عملهم من هذا المنطلق هم فى العادة ممن لا يؤمنون بقيم الإسلام، وإلا لالتزموها أو على الأقلك لشعروا بالخجل إن نبههم منبِّهٌ إلى خروجهم عليها وعملوا على ألا ينتهكوها مرة أخرى، وإلا كانوا مصابين بانفصام فى شخصياتهم، فهم يؤمنون بشىء، ويتصرفون بعكس ما يوجبه ذلك الإيمان، ويزيدون على هذا بالمجادلة فيما لا يصح الجدال فيه. سيقولون: إن فى التراث مؤلفات جنسية تثير الشهوات. وجوابى: هذا صحيح. ولكن من قال إن التراث طاهر كله؟
وبالنسبة إلى ما فى الرواية من مشاهد جنسية فالمقصود المشاهد التى تسبق وقوع هيبا فى الزنا مع أوكتافيا الخادمة السكندرية ومرتا المطلقة الحلبية، إذ يرى القارئ كيف أفرغ الكاتب كل ما فى وسعه فى إضفاء هالة براقة على ذلك الصنيع بحيث إن أعتى الأعفّاء يجد نفسه مخدرا إزاء هذا الوصف الذى يحوله الكاتب إلى شىء مرفرف لا عيب له. لا نكران، كما قلت، لحلاوة الجنس ووصفه، ولكن تداعيات ذلك الوصف وثماره شديدة الخطورة كما قلت أيضا. سيقولون: لكن المشباك (النت) يكسر كل الحدود وينتهك كل المحاذير والمحاظير، فلا فائدة من الكلام فى هذا الموضوع لأننا مهما تكلمنا وحذّرْنا ومنعْنا فلن يجدى ذلك بشىء. وجوابى هو أننا لو اتبعنا هذا المبدأ فلن نعمل خيرا أبدا ولن نتجنب شرا أبدا، بل علينا أن نصنع ما فى وسعنا ولا نَأْلُو، أما ما يفعله الآخرون فهم يبوؤون بإثمه ويتحملون نتائجه أمام ربهم. سيقال: وهل ما زلت تؤمن بالله؟ وجوابى: تعجبنى هذه الصراحة التى كان من شأنها، لو روعيت منذ البداية، أن تريحنا من عناء الكلام السابق وما استلزمه من لف ودروان يبرع فيه صنف من الناس لا يصرح بما فى قلبه بسهولة. بلى أنا ما زلت مؤمنا بالله. سيقال: لكننا لا نشاركك هذا الإيمان. وجوابى هو أنكم أحرار فيما تؤمنون به أو لا تؤمنون، أما أنا فإيمانى يقتضينى أن أقف هذا الموقف الذى وقفت، وأقول هذا القول الذى قلت. والقراء يقررون مع أى من الجانبين يقفون. ولا أحسب إلا أن هذا غاية العقل والعدل والإنصاف. وهناك روايات وأشعار وأفلام كثيرة جدا جدا جدا جدا تخلو من هذه التوابل المثيرة للعاب، ومع ذلك فقد بلغت غاية الروعة والإبداع، مثلما أن هناك روايات وأشعارا وأفلاما تفيض بالإثارة الجنسية، وهى مع ذلك قد تَدَهْدَتْ إلى الدرك الأخير من الانحطاط الفنى وليس لها مستقبل فى دنيا الإبداع، بل سرعان ما ينساها الجمهور، فكأنها ألقيت فى الزُّبالة. والكاتب المبدع الحقيقى يمكنه فى هذا الميدان أن يقول دون أن يقول. وله فى الرمز والإيحاء وما يسمونه: "المعادل الموضوعى" مندوحة، وأى مندوحة!
وما كتبه المؤلف فى هذا الصدد يدخل بكل جدارة فى باب ما أسميه: "الكتابة الاستمنائية"، وإن لم يوغل إيغال صنع الله إبراهيم، الذى صككتُ هذا المصطلح وأنا أكتب عن روايته: "العمامة والقبعة". بيد أنه، والحق يقال، قد حرص على توشية المشهد بالجو الشاعرى كما فعل حيدر حيدر فى "وليمة لأعشاب البحر" رغم أن ما كتبه حيدر يخلو من هذه الاستمنائية المقيتة، وإن كانت روايته قد أثارت الضجيج والعجيج وقامت ضدها التظاهرات الملتهبة وسُحِبت من الأسواق وعوقب من كانوا وراء طبعها ونشرها فى "هيئة الكتاب" الحكومية، وذلك بسبب تهجمها السفيه على الله والرسول والإسلام، وهى معاقبة يقول المعارضون إنها شكلية، فإن أحد الذين عوقبوا سرعان ما عُيِّن رئيسا لأخطر المؤسسات الثقافية فى البلاد، وكأنهم يكافئونه على دوره فى نشر الرواية.
وقد تكررت الإشارة فى الرواية إلى أن فُحْش أوكتافيا، الخادمة التى قابلت هيبا بطل الرواية أول إنسان فى الإسكندرية على شاطئ البحر ومارس معها الزنا عقب هذا فى مغارة هناك، يرجع إلى أنها وثنية. ولكن هل عصمت البطلَ من الاستجابة إلى ذلك الفحش أخلاقُه النصرانية؟ ثم لقد كانت المرأة الجاهلية تحافظ على طهارتها وعرضها وشرفها رغم كل ارتكاسات الوثنية. ولست أقول هذا كى أنتقد الكاتب، بل رغبة فى تمحيص الأمر، فقد درجنا على ترديد هذه المقولة وكأنها حقيقة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، حتى إن كاتبا كبيرا كالعقاد قد اتكأ عليها فى روايته: "سارة" وصفا لبطلته وتعليلا لعدم التفاتها إلى أى من المناهى الدينية التى تتعلق بالجنس أو مبالاتها بحلال أو حرام. وهذا نص ما قاله العقاد فى بطلته تحديدا: "عاشت بعد ذلك تنظر إلى خطايا الأديان نظرة المرأة الوثنية التى نشأت قبل أن ينشأ الأنبياء، فهى ليست كالمتدينة التى خامرها الشك فى دينها، ولكنها كالمرأة التى لم تتدين قط ولا قِبَل لها بالتدين"، "هى وثنية فى مقاييس الأخلاق كما هى وثنية فى التدين. لا تؤمن بالعصمة الإنسانية فى أحد ولا فى صفة، وشديدة الإيمان بضعف الإنسان مع أضعف المغريات" (العقاد/ سارة/ العدد 108 من سلسلة "اقرأ"/ ط2/ 1964م/ 84، 92). ولا تعليق لى على هذا سوى أن أقول: ترى هل دَرَجَ على البشر زمان لم يكن قد ظهر أنبياء بعد؟ ذلك أننى أفهم من القرآن أن أبا البشر كان نبيا، بما يعنى أن النبوة قد واكبت موكب الحياة الإنسانية منذ لحظتها الأولى. ومن هنا فإنى أفهم كلام العقاد عن الأنبياء على نحو مجازى لا ينبغى قياسه بالمسطرة والفرجار كما يقولون.
وثم سؤال يثور فى نفسى كثيرا، وهو: هل "عزازيل" هو العنوان المناسب للرواية؟ ذلك أن دور إبليس فيها غير بارز، إذ لا نكاد نحس به إلا عندما يظهر للبطل وهو يكتب مذكراته، وذلك قليل. اللهم إلا إذا كان يقصد أن كل ما يفعله البشر، حتى لو ارتدى أطهر الثياب، هو من وحى عزازيل رغم أننا لا نتنبه إلى ذلك بل ندعى عادةً خلافه. لكن ذلك بدوره غير بارز هو أيضا. ومع هذا فلا مشاحة فى العناوين. ولقد كان لذلك العنوان دوىٌّ مُضِجٌّ حتى لقد عرفت جماهير القراء المسلمين، بسبب هذا الضجيج، أن المقصود بــ"عزازيل" هو الشيطان. وقد تكون هذه أول مرة يعرف فيها المسلم العادى ذلك، إذ إن هذه التسمية لا وجود لها فى ديننا ولا فى تراثنا، بل لا وجود لها فى العهد الجديد نفسه. إنما يجدها القارئ فى سفر "اللاويين" من العهد القديم وفى تراث اليهود. وهذه نقطة أخرى تلفت الانتباه لأن الرواية تدور حول النصرانية وعقائدها وأساقفتها فى القرن الرابع الميلادى، ولا علاقة بينها وبين اليهود، اللهم إلا حين تعرضت لذكرهم فى الإسكندرية حيث كانوا يخضعون لعَنَتٍ كبيرٍ من جانب النصارى فى ذلك الحين.
ونورد أولا ما قاله الإصحاح السادس عشر من سفر "اللاويين" فى هذا الشأن، وهو ما أورد الأحمقُ السفيه المتخفى تحت قناع "الأب يوتا" بعضا منه فى تقديمه لروايته التافهة: "تيس عزازيل فى مكة": "1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ابْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَا أَمَامَ الرَّبِّ وَمَاتَا. 2وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «كَلِّمْ هَارُونَ أَخَاكَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى الْقُدْسِ دَاخِلَ الْحِجَابِ أَمَامَ الْغِطَاءِ الَّذِي عَلَى التَّابُوتِ لِئَلاَّ يَمُوتَ، لأَنِّي فِي السَّحَابِ أَتَرَاءَى عَلَى الْغِطَاءِ. 3بِهذَا يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى الْقُدْسِ: بِثَوْرِ ابْنِ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشٍ لِمُحْرَقَةٍ. 4يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّسًا، وَتَكُونُ سَرَاوِيلُ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَتَنَطَّقُ بِمِنْطَقَةِ كَتَّانٍ، وَيَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةِ كَتَّانٍ. إِنَّهَا ثِيَابٌ مُقَدَّسَةٌ. فَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَلْبَسُهَا. 5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيًّا أَمَامَ الرَّبِّ، لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.
11«وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَيَذْبَحُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ، 12وَيَأْخُذُ مِلْءَ الْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ عَنِ الْمَذْبَحِ مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ، وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُورًا عَطِرًا دَقِيقًا، وَيَدْخُلُ بِهِمَا إِلَى دَاخِلِ الْحِجَاب 13وَيَجْعَلُ الْبَخُورَ عَلَى النَّارِ أَمَامَ الرَّبِّ، فَتُغَشِّي سَحَابَةُ الْبَخُورِ الْغِطَاءَ الَّذِي عَلَى الشَّهَادَةِ فَلاَ يَمُوتُ. 14ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى وَجْهِ الْغِطَاءِ إِلَى الشَّرْقِ. وَقُدَّامَ الْغِطَاءِ يَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنَ الدَّمِ بِإِصْبَعِهِ.
15«ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لِلشَّعْبِ، وَيَدْخُلُ بِدَمِهِ إِلَى دَاخِلِ الْحِجَابِ. وَيَفْعَلُ بِدَمِهِ كَمَا فَعَلَ بِدَمِ الثَّوْرِ: يَنْضِحُهُ عَلَى الْغِطَاءِ وَقُدَّامَ الْغِطَاءِ، 16فَيُكَفِّرُ عَنِ الْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ. وَهكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ الْقَائِمَةِ بَيْنَهُمْ فِي وَسَطِ نَجَاسَاتِهِمْ. 17وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ مِنْ دُخُولِهِ لِلتَّكْفِيرِ فِي الْقُدْسِ إِلَى خُرُوجِهِ، فَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ وَعَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ. 18ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ. يَأْخُذُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَمِنْ دَمِ التَّيْسِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 19وَيَنْضِحُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّمِ بِإِصْبَعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيُطَهِّرُهُ وَيُقَدِّسُهُ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 20«وَمَتَى فَرَغَ مِنَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْقُدْسِ وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَعَنِ الْمَذْبَحِ، يُقَدِّمُ التَّيْسَ الْحَيَّ. 21وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ التَّيْسِ الْحَيِّ وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكُلِّ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ، وَيَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ التَّيْسِ، وَيُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلاَقِيهِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، 22لِيَحْمِلَ التَّيْسُ عَلَيْهِ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، فَيُطْلِقُ التَّيْسَ فِي الْبَرِّيَّةِ. 23ثُمَّ يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَيَخْلَعُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ الَّتِي لَبِسَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ وَيَضَعُهَا هُنَاكَ. 24وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَيَخْرُجُ وَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَمُحْرَقَةَ الشَّعْبِ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الشَّعْبِ. 25وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ يُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. 26وَالَّذِي أَطْلَقَ التَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَدْخُلُ إِلَى الْمَحَلَّةِ. 27وَثَوْرُ الْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ الْخَطِيَّةِ اللَّذَانِ أُتِيَ بِدَمِهِمَا لِلتَّكْفِيرِ فِي الْقُدْسِ يُخْرِجُهُمَا إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ، وَيُحْرِقُونَ بِالنَّارِ جِلْدَيْهِمَا وَلَحْمَهُمَا وَفَرْثَهُمَا. 28وَالَّذِي يُحْرِقُهُمَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَدْخُلُ إِلَى الْمَحَلَّةِ.
29«وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَل لاَ تَعْمَلُونَ: الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ. 30لأَنَّهُ فِي هذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ. 31سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. 32وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ الَّذِي يَمْسَحُهُ، وَالَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ، الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ، 33وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ الْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ الْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ الْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ. 34وَتَكُونُ هذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ». فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى".
ثم إلى القارئ ثانيا ما كتبته "دائرة المعارف المشباكية الحرة" (الويكبيديا: Wikipedia) فى مادتها المسماة: "Azazel" عن ذلك الموضوع، وخلاصته أنه يوجد فى الروايات اليهودية شيطان أو روح شرير يبعث له اليهود بكبش فداء فى يوم الغفران يحمل عنهم آثامهم حيث يختارون لذلك الأمر كبشين يخصصون أحدهما للرب، والآخر لعزازيل، فيطلقون الأخير فى البرية ويقذفون به من فوق جبل كى يموت آخذا معه سيئات الشعب:
"In Jewish legends, a demon or evil spirit to whom, in the ancient rite of Yom Kippur (Day of Atonement), a scapegoat was sent bearing the sins of the Jewish people. Two male goats were chosen for the ritual, one designated by lots “for the Lord,” the other “for Azazel” (Leviticus 16:8). The ritual was carried out by the high priest in the Second Temple and is described in the Mishna. After the high priest symbolically transferred all the sins of the Jewish people to the scapegoat, the goat destined “for Azazel” was driven into the wilderness and cast over a precipice to its death. Azazel was the personification of uncleanness and in later rabbinic writings was sometimes described as a fallen angel."
ويذكر كاتب مادة "Azazel" فى "دائرة المعارف اليهودية: Encyclopedia Judica" أن هذه التسمية تعانى من الاضطراب والغموض بحيث يصعب معرفة المعنى الدقيق لها، وإن ذكر فى ذات الوقت أن اللفظ اسم لموضع "القوة" الذى يرسَل إليه بأحد الكبشين على ما مرت الإيماءة إليه: "Name of the place or the “power”… to which one of the goats in the Temple service of the Day of Atonement was sent. There is a great deal of confusion regarding the exact meaning of the word".
وفى ذات المادة بــ"jewish Encyclopedia" نقرأ أن كلمة "عزازيل" إما أن تكون مشتقة من "Az" و"El"، فيكون معناها "الجبل الوعر" دلالة على الجبل أو الحرف الذى يُلْقَى من فوقه الكبش ليموت، وإما أن تكون مشتقة من "Uza" و"Azael" إشارةً إلى الملاكين الساقطين المظنون أن ثم إشارة إليهما فى سفر "التكوين" من العهد القديم. وهو ما فصلته "دائرة المعارف اليهودية: Encyclopedia Judica" فى السطور التالية التى تبين لنا أن الأمر ليس بالبساطة التى عرضتها وسائل الإعلام فى تغطيتها للرواية المثيرة للجدل:
"The exact meaning of Azazel was a point of dispute already in the times of the talmudic sages: some held that it is the name of the place to which the goat was sent, while others believed that it was the name of some “power.” According to the first opinion, the word Azazel is a parallel to “a land which is cut off” (Lev. 16:22), meaning (according to the rabbinic interpretation) an area of rocks and cliffs, i.e., inaccessible. The word Azazel is also interpreted as meaning strong and hard as though it were written עזז אל, namely, hardest of the mountains (Yoma 63b; cf. Sifra Aḥarei Mot 2:8; Targum Jonathan to Lev. 16:10). It does appear, however, that this is an attempt to reconcile the meaning of the word Azazel with the actual usage in the time of the Second Temple, namely to bring the goat to a cliff and to push it over. The interpretation does not quite fit the written form of the word עזאזל. The second opinion, which sees Azazel as a supernatural power, also treats the word as though it were written עַזָזֵאל. This opinion is based on Leviticus (16:8): “One lot for the Lord and the other lot for Azazel,” i.e., just as the first goat is set aside for the Lord so the second is set aside for Azazel, Azazel being a parallel to the Lord (cf. P Re ch. 46, p. 111a). God gets a burnt offering while Azazel gets a sin offering. This view is reinforced by the widespread belief that the wilderness was the habitat of demons (see Lev. 13:21; 34:14; esp. Lev. 17:7). The demonic identification would indicate that the original purpose of the ritual was to get rid it to its original source."
وقد أدلت الرواية هى أيضا بدلوها فى هذا المضمار فكتب هيبا: "فى أصل عزازيل، آراءٌ وأقاويل. بعضها مذكورٌ فى الكتب القديمة، وبعضها منقولٌ عن ديانات الشرق. لاتؤمن كل الديانات بوجوده، ولم يعرفه المصريون القدماء، العرفاء. ويُقال إن مولده فى وَهْمِ الناس، كان فى زمن سومر القديمة، أو كان أيام الفرس الذين يعبدون النور والظلام، معا، ومنهم عرفه البابليون. ثم كان ذكره الأشهر، فى التوراة التى كتبها الأحبار بعد عودة اليهود من السبى البابلى. أما فى ديانة المسيح، فالمذاهب كلها تؤكِّده، ولاتقبل الشك فيه. فهو دوما فى مقام عدو الله، وعدو المسيح، ولا يُعرف مقامه من الروح القدس! روى عنه القدماءُ، أنه خلق الطاووس، فقد ورد فى نقشٍ قديم، إنهم عَيرَّوا عزازيل بأنه لايفعل إلا القبائح، ولا يدعو إلا إليها، فأراد أن يثبت لهم قدرته على فعل الجمال، فخلق هذا الطائر. قلتُ ذلك يوما لعزازيل، فابتسم وهَزَّ كتفه اليمنى متعجِّبا. سمعتُ صوت عصافير تملأ الأفق، وكان باب الصومعة مفتوحا، وعزازيل يجلس صامتا عند الباب. أحببتُ أن أسمع منه صوتى، فسألته أىُّ أسمائه أحبُّ إليه؟ فقال: كلها عندى سواء، إبليس، الشيطان، أهريمان، عزازيل، بعلزبوب، بعلزبول. قلتُ له إن بعلزبول تعنى فى العبرية: سيد الزبالة، وبعلزبوب تعنى: سيد الذباب، فكيف لايكترث بالفروق التى بين أسمائه، ويراها كلها سواء؟ قال: كلها سواسية، فالفروق فى الألفاظ ، لا فى المعنى الواحد" (ص374- 375).
هذا، وتشبه قصة هيبا، فى بحثه عما يريح ضميره وفى تنقله بين الدول، قصة سلمان الفارسى، فضلا عن أن كليهما يروى قصته بضمير المتكلم. ولم يكن يبقى إلا أن يعلن هيبا إسلامه مثلما صنع سلمان، لولا أنه لم يعاصر الإسلام للأسف. والرواية قائمة على الرحلة، وتحديدا: الرحلة الدينية، وهى رحلة يبغى هيبا من ورائها البحث عن الحق بغض النظر عما إذا كان الذى انتهى إليه هو الحق أو لا. ومعروف أن الرحلات ضروب مختلفات: فهناك الرحلة السياسية، وهناك الرحلة الترفيهية، وهناك الرحلة العلاجية، وهناك الرحلة العلمية، وهناك الرحلة الاقتصادية، وهناك الرحلة الدينية... إلخ. ومن هذه الأخيرة رحلة النبى إلى الطائف حين شعر أن مكة قد ازدادت تصلبا وعنادا وقسوة ولم يعد سهلا أن تمد الإسلام بالمزيد من المؤمنين، وكذلك رحلتا عبد الغنى النابلسى الدمشقى فى القرن الثانى عشر الهجرى، وهما الرحلتان اللتان خلّف عنهما كتابيه: "الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية" و"الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز"، مع الفارق الرهيب بين الراحِلَيْن والرحلتين. وليست رواية "عزازيل" أول رواية تقوم: كلها أو جزء منها على الرحلة، فلدينا فى أدبنا مثلا رواية "جلال حامد" لمحمود أحمد السيد (العراقى)، و"جولة حول حانات البحر المتوسط" لعلى الدوعاجى (التونسى)، و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم، وهناك "قنديل أم هاشم" ليحيى حقى، و"الحى اللاتينى" لسهيل إدريس (اللبنانى)، و"جسر الشيطان" لعبد الحميد جودة السحار، و"رحلة ابن فطومة" لنجيب محفوظ، و"حب فى كوبنهاجن" لمحمد جلال، و"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح (السودانى). ومما أذكر أنى قرأته، وأنا فى أوكسفورد قبل نحو ثلاثين عاما، رواية دينية تستخدم فى عنوانها كلمة "رحلة: Progress"، ألا وهى الرواية التى ألفها الكاتب البريطانى الشهير جون بانيان (John Bunyan) عام 1678م وهو فى السجن بعنوان "رحلة الحاج: The Progress of the Pilgrim "، وقد ترجمت إلى العربية فيما أعرف. ومما يحضرنى الآن من هذا اللون أيضا روايتان إنجليزيتان أُخْرَيَان تقومان على الرحلة وتحملان أيضا فى عنوانيهما كلمة "رحلة"، وهما من إبداع كاتب واحد هو الروائى البريطانى إدوارد مورجان فورستر (E. M. Forster)، وعنواناهما: "The Longest Journey"، و"رحلة إلى الهند: A Passage to India". وهذه الأخيرة قد تُرْجِمَتْ أيضا إلى العربية، كما حولها البريطانيون إلى فلم سينمائى.
وتقوم الرحلة فى روايتنا على المصادفات وعدم التخطيط بحيث لا نقتنع بأن خطها الذى اتخذته مسألة حتمية، إذ كان البطل يغير مسار رحلته من الإسكندرية إلى القدس إلى حلب القريبة من أنطاكية حسب الظروف المفاجئة التى لم تكن فى الحسبان، وإن كان واضحا أن المؤلف قد قصد الخط الذى اتخذته الرحلة قصدا كى يتناول النصرانية ومذاهبها المختلفة فى عواصمها الشرقية الشهيرة: الإسكندرية والقدس وأنطاكية.
أما اسم البطل: "هيبا" فمأخوذ من اسم الفيلسوفة الإغريقية "هيباتيا"، التى كان مفتونا بها، من بعيد، فتنة لا حدود لها: بعلمها وجمالها ومكانتها ودمائة طبعها وتواضعها وما تحظى به لدى الجميع من تبجيل واحترام، لم يمنعه من ذلك فقره وهوانه ورثاثة ملابسه وقتئذ. وقد اتخذ هذا الاسم لَدُنْ تعمّده بنفسه فى بحيرة شرقى الإسكندرية عقب فراره من تلك المدينة ومن الكنيسة التى كان يقيم بها هناك إثر مقتل هيباتيا البربرى نفورا من المذهبية الضيقة بعد الذى عاينه من وحشية تصرف الجموع التابعة للمذهب الأرثوذكسى، مما جعله يشق رداء الكهنوت ويلقيه عنه ويكتفى بملابسه العادية ثم يتجه إلى الله بدعاء حار نابع من أعماق قلبه، وإن بدت عليه سيماء الفكر الفلسفى مع ذلك (ص177).
وبالنسبة إلى تصوير شخصية البطل الذهنية والوجدانية فالملاحظ أنه يُرْجِع كل شىء يراه أو يقع له أو منه إلى مشيئة الله وترتيبه. لا أقصد أن هذا خطأ، فأنا من المؤمنين بهذا وموقن به تمام الإيمان والإيقان، بل أقصد أنه واع بذلك طول الوقت حتى حين يشكّ أو يكره شيئا فى النصرانية، التى كان راهبا فيها يوما. فهل هو من المجبّرة الذين لا يرون أن للإنسان مشيئة فيما يقع منه أو له، وأن كل شىء إنما يتم على نحو لا يقبل تغييرا أو تعديلا مهما بدا للناس أن الأمر ليس كذلك؟ أما أنا فأومن بأن للبشر مشيئة، لكنها مشيئة متضمنَّة فى المشيئة الإلهية ومتولدة منها. ذلك أن المشيئة الإلهية تتجلى فى القوانين التى يجرى عليها الكون: ما ظهر من تلك القوانين وما خفى، وفى داخل هذه الشبكة الشديدة التعقيد من هذه القوانين تقف المشيئة البشرية: تخضع لها فى جانب، وتحاول أن تجد لها مسارا بينها مستعينة بها فى جانب آخر، فهناك إذن تفاعل بين الإرادة البشرية وبقية القوانين الكونية، وكل ذلك هو مجلى الإرادة الربانية. وهذه المشيئة البشرية محدودة جدا، وتكاد ألا تكون شيئا إزاء المشيئة الكبرى الشاملة، إلا أنها رغم محدوديتها قادرة على صنع المبهرات، وكل إنجازات البشر العجيبة فى جميع ميادين الحياة على مدار التاريخ إنما هى ثمرة تلك المشيئة الصغيرة. ومن هذا الإحساس الطاغى لدى البطل بالمشيئة الإلهية فإنه يرى الله فى كل شىء حتى فى أشكال السحاب وفى الحوادث العَرَضِيّة التى لا يتوقف الشخص عادة أمامها، فضلا عن أن يرى فيها معنى غير عادى. كذلك كثيرا ما يتفلسف راهبنا ويتكلم عن الدنيا على أنها دار أحزان وأن هذه طبيعتها التى لا يمكن أن تفارقها. وهذا الشعور كان يلازمه دائما حتى عندما كان شابا صغير السن. وقد يكون شعوره الحاد بالحزن راجعا إلى المقتل الشنيع لأبيه الوثنى على يد النصارى فى طرف مصر الجنوبى وتزوُّج أمه من أحد قَتَلته بما يدل على أنها تآمرت معهم، فضلا عن غربته فى البلاد وفقره وجوعه وحرمانه من أوكتافيا الخادمة الوثنية الإسكندرية التى أفاض فى وصف جمالها وفتنتها وغزوها لقلبه غزوا لا تصلح معه أية مقاومة، إن كان هناك موضع للمقاومة أصلا، والتى أنفق معها أياما وليالى فى قصر سيدها الغائب فى رحلة تجارية له خارج الديار يمارسان المتعة دون حسيب أو رقيب، وكذلك إلى مشاهدته هيباتيا الفيلسوفة الإغريقية السكندرية الأنيقة الفخيمة الشامخة الباهرة الجمال وهى تُقْتَل على يد الغوغاء ورجال الدين النصارى وتُسْحَل ويُكْشَط لحم جسدها من عَظْمه على حجارة الطريق الحادة ثم يمزَّق هذا الجسد وتُشْعَل فيه النار على الشاطئ، كل ذلك بتحريض من كيرلس أسقف الإسكندرية، ورؤيته أيضا مقتل أوكتافيا على يد أولئك الغوغاء والرهبان حين أرادت الدفاع عن هيباتيا واستنقاذها من أيديهم، مضافا إلى هذا كله إحساسه الحاد بما كان من عجزه البائس عن صنع شىء يدفع به عن أيتهما ما وقع لها من العذاب الشنيع.
كذلك يميز هيبا أنه لم يكن فى أعماقه مستعدا استعدادا حقيقيا للتدين بالنصرانية على الوضع الذى عرفها عليه، فهو يستعمل عقله فى كل شىء ولا يتلقى الأمور تلقى الرضا والسكون، بل يعرضها على عقله، ذلك العقل الذى لا يستطيع التوافق مع الإيمان حسبما تقول الكنيسة من أنه شىء لا صلة بينه وبين العقل، بل بالعكس من ذلك يحسن إلغاء العقل تماما. وقد ظل هيبا طول حياته يقلب فى ذهنه أمور الدين والكنيسة والرهبنة والانشقاقات المذهبية ويترك نفسه لتيارات الشك والحيرة ويحاور إبليس فى كل حين، وبالذات فى المنعطفات الهامة والحاسمة من حياته حتى انتهى أمره معه إلى أنْ عقد معه اتفاقا يخصص له بمقتضاه من نفسه نصيبا، وللدين ونواهيه نصيبا آخر بحيث لا يجور أحد النصيبين على عديله. ليس هذا فقط، بل كان هيبا من ذلك الصنف من البشر الذى يحب الدنيا ويتذوقها ويهش لما فيها من جمال ويستجيب لفتنة المرأة بكل كيانه ولا يرى فيها شهوة جسدية تُشْبَع وينتهى الأمر، بل يجد فيها إلى جانب ذلك إشراقات وجدانية وتجليات جمالية، ويريد أن يكرع الدنيا كرعا لولا ما يحجزه عن ذلك من نظام الترهب الذى كان يخضع له فى الظاهر، فيما كانت نفسه تمور بتيارات شهوية وجدانية جمالية لا يطلع عليها الآخرون ولا تجد سانحة يمكنها إرواء ظمئها إلا اهتبلتها ورشفت من رحيق المرأة التى يضعها القدر فى طريقه دون تفكير فى دين أو مجتمع ما دامت تفعل ذلك فى السر من غير أن يطلع عليها أحد. ومن هنا كان لا بد أن ينتهى إلى نبذ الرهبنة والخروج من شرنقتها الخانقة إلى الحياة الرحبة. كان هيبا إذن يتسم بسمتين لا تتسقان مع ذلك النظام الذى يراه الإسلام نظاما مضادا للفطرة التى فطر الله عباده عليها والتى لا يمكن أن تستمر فى الخضوع له أمدا طويلا دون أن تقع فى الإثم وترتكب الفواحش خضوعا لناموس الحياة ما دام الشخص لا يشبع ذلك النزوع فى الحلال.
على أن ما أستغربه هو أن هيبا، وهو من يهمنا وحده من بين الرهبان الذين فى الرواية جميعا، لم يقارف الفاحشة إلا مع امرأتين اثنتين فقط، ولمدة جد محدودة فى كل مرة. فهل يعقل أن يبلغ مثلُه السنَّ التى بلغها ثم يقدر على كظم غرائزه ومشاعره كل تلك السنين الطويلة تجاه نصفه الآخر، النصف الفاتن الساحر الباهر الذى "يبرجل" عقول الرجال ويُسِيل لعابهم ويطير النوم من جفونهم ويحول حياتهم إما إلى جنة وإما إلى نار ويلهب العقول ويطلق الخيال ويخلق الأدب والشعر خلقا، دون أن يروى عطشه إلى المرأة إلا تينك المرتين العابرتين المتباعدتين: الأولى فى الإسكندرية فى شبابه الأول، والثانية بالقرب من حلب فى آخر الرواية حين أضحى كهلا؟ ألا إن هذا لغريب! ولا ينبغى أن يقال إنه لم يكن يرى النساء إلا فى فترات جد متباعدة، إذ حتى لو كان ذلك صحيحا، وهو غير صحيح، لأن المرأة كانت حوله فى كل مكان، فإن الشهوة إنما تجرى فى دمائنا ما دامت شيئا مركوزا فى أصل الخلقة. ولو لم يجد الرجل المرأة لتحول إلى وسائل أخرى محرمةٍ أو شاذةٍ أو على الأقل: غير اعتيادية ولا ترضى النفس الرضا الصحيح. وهذه الشهوة لا تعترف برهبنة ولا غير رهبنة لأنها عابرة للأنظمة والأديان والقوميات والقارات والثقافات والطبقات والأجناس البشرية، بل الأجناس الحيوانية أيضا على اختلاف أنواعها. وهل الرهبان أكظم لشهواتهم من أنبياء العهد القديم وأهليهم، ومنهم من تعددت زوجاته تعددا كبيرا، ومنهم من ارتكب الفاحشة، ومنهم من سقته ابنتاه خمرا ونامتا معه الواحدة تلو الأخرى، ومنهم من مورس نكاح المحارم فى بيته... إلخ؟
وليوسف إدريس قصة ذات دلالة هامة فى سياقنا هذا بطلها رجل سجين قيل له إن البناء الملاصق للسجن الذى هو فيه هو سجن للنساء، فكان يضع أذنه على الجدار ويتنصت متوهما أنه يسمع على الناحية الأخرى من الجدار مَنْ تناجيه، وإن لم تكن المناجاة واضحة تماما، مما حدا به إلى أن يحضر علبة صفيح فارغة أخذ يضعها على الجدار لتكبير الأصوات القادمة من سجن النساء، وكانت عبارت غزل وحب وهيام من امرأة ظلت تشغل وتشعل خياله فيحاول تصور ملامحها، وانشغلت حياته تماما بسب ذلك... إلى أن تبين له عن طريق المصادفة أنه لا وجود لأى بناء ملاصق لسجنهم، بل أرض فضاء.
وأحسب أن المعنى واضح لا يحتاج إلى مزيد شرح، فالسجين فى كل ما كان يصنع إنما كان يصغى إلى ذلك الصوت الملحاح الصادر من عمق أعماق نفسه، ألا وهو صوت الغريزة الجنسية، الذى لو لم يجد المرأة لخلقها بخياله خلقا. إنها سنة الحياة القاهرة التى لا يمكن الإنسان أن يتجاهلها، وإلا فرمته فرما أو حولت حياته إلى شقاء لا يحتمل، اللهم إلا إذا كان هذا الجانب فى كيان الشخص خامدا أو خاملا أو ميتا، وهو وضع لا يقاس عليه. أما القول بأن الإنسان يستطيع قهر تلك الغريزة وإماتتها عن طريق الرياضات العنيفة وممارسة ألوان الزهد والجوع والعطش والسهر وما إلى ذلك فلا أدرى كيف يكون، إذ المرأة فى الحقيقة إنما تكمن بداخلنا وتسكن منا العقول وتحتل القلوب قبل أن تكون كيانا قائما بذاته مستقلا عنا يعيش خارجنا.
لكن هناك أمرا حيرنى ولا يزال يحيرنى فى مسألة العلاقة الجنسية بين هييا وكل من الخادمة الإسكندرانية والفتاة الحلبية، وهى أنه كان يمارس الجنس معهما دون أن يخشى افتضاح ثمرة تلك الممارسة متمثلة فى الحمْل، وهى ثمرة متوقعة جدا فى مثل تلك الحالة، بل دون أن يتخذ هو والمرأة التى يواقعها شيئا من الاحتياطات التى تمنع ذلك الحمل، بل حتى دون أن يُثَار بينهما هذا الموضوع أصلا، وكأنه لا وجود له. ولا أظن المجتمع المصرى فى حينه كان لا يبالى بهذا الأمر، ولا أظن أوكتافيا الوثنية كانت لا تبالى به أيضا. صحيح أن الوثنيين لا يعرفون الحلال والحرام كما نعرفهما نحن المتدينين، لكن لهم رغم ذلك حواجزهم وموانعهم الأخلاقية، وإن كانت مرجعيتها اجتماعية لا دينية، وإلا كانت الأمور فوضى لا ضابط لها ولا رابط، وهو ما لا يتحمله أى مجتمع يحرص على تماسكه ويحاول تجنب الانهيار، حتى لو تم ذلك دون وعى كامل بأبعاد الأمر. ولنفترض أن أوكتافيا، بسبب من وثنيتها (رغم عدم اقتناعى بذلك كما سبق القول)، لم تكن تبالى بتلك المسألة لا هى ولا سيدها ولا المحيط الوثنى الذى كانت تعيش وتتحرك فيه، فما القول فى الفتاة الحلبية التى كانت تسكن هى وخالتها بجوار مسكن هيبا فى الدير هناك، وهى فتاة نصرانية لا وثنية؟ ولنفترض أننا غضضنا الطرف عن هذا وذاك، فكيف فات هيبا، وهو الراهب الذى لو انفضح ما كان يأتيه مع تلك الفتاة لكانت قاصمة الظهر بالنسبة له، كيف فاته أن يتخذ شيئا من الاحتياطات التى من شأنها منع الحمل عن عشيقته، وبخاصة أنه قد درس الطب، وكان طبيبا بارعا لم يحدث أنْ عجز عن مداواة أى مريض، فكان أسهل شىء عليه أن يحاول تلافى ذلك الأمر مسبقا حتى لا يحدث؟ هذا ما لا أفهمه!
وفى الصفحة السابعة والثمانين يكتب هيبا واصفا شعوره تجاه نَهْدَىْ أوكتافيا حين رآها لأول مرة على شاطئ البحر فالتجآ إلى مغارة هناك حيث أكلا وشربا مما كانت تُحْضِر مثلَه معها إلى الشاطئ على مدار العامين السابقين من طعام ونبيذ، وهو ما لا يقنعنى أبدا، ولكن علينا أن نفوّتها للمؤلف، وإلا فلن ننتهى، فالمهم الآن هو تصوير هيبا لمشاعره نحو نَهْدَىْ أوكتافيا، وكأن هذه أول مرة يتنبه فيها إلى أن للنساء نهودا، وأن نهودهن مثيرة. ترى هل من الممكن أنه لم يشعر بأية شهوة تجاه صدر المرأة قبل أن يرى أوكتافيا ويتنبه فى المغارة إلى بروز نهديها فيعى لأول مرة أن الثديين خُلِقا، على حد تعبيره، لشىء آخر إلى جانب الرضاعة؟ إذن فهو ليس بشرا. الواقع أن هذا أمر غير معقول.
ثم لقد انتصب ذَكَرُه لمجرد رؤيتها تمشى بدلال أمامه. أفلم ير امرأة قبل ذلك وينتصب ذكره إلا هذه المرة؟ ولنفترض أنه لم ير امرأة من قبل، وهو ما لا يمكن أن يكون، فيبقى أن هذا أيضا أمر غير معقول. ذلك أن المرأة تعيش فى دمنا قبل أن تعيش معنا وحولنا. إن المرأة هنا هى الغريزة والشهوة، وهما يجريان فينا مجرى الدم فى العروق حتى لو كان الواحد منا يعيش فى قمقم، وأين يجرى هاربٌ من دمه كما يقول إبراهيم ناجى؟ وكان هيبا قد قال فى أول الفصل ما معناه أنه كان قبل ذلك يكتفى بتخيل الأشياء والاستمتاع بها ذهنيا. وعلى هذا فلا بد أنه كان يتخيل نهود النساء ويتلذذ بذلك ولم ينتظر حتى رأى نهدى أوكتافيا فى المغارة (الله يخرب بيت المغارة وسنينها. لقد غلبت مغارة على بابا والأربعين حراميا)، مع أن هذا غير صحيح، إذ لا يعقل أنه لم ير امرأة قبل ذلك ولا أن النساء اللاتى رآهن لم يكن لهن نهود. وإذن فماذا كان لهن؟ أم هل هناك نساء فى أى مكان فى الدنيا قد حُرِمْن كلهن من النهود؟ وهل يُسَمَّيْن فى تلك الحالة: نساء؟ يا عيب الشُّوم!
وفى هذا السياق أيضا يؤكد راهبنا العفريت أنه لم يكن يعرف معنى القبلة قبل أن تقبّله أوكتافيا ويدخل دنيا، وإن كانت دنيا حراما، ولكن تلك قضية أخرى، ومع هذا ينسى بعد قليل ما قاله فى هذا الموضوع فيكتب (ص102) أنه كانت يثيره منظر سفاد العصافير (ونكاح الدواب أيضا بالمرة!). وأنا لا أذكر، رغم ولوعى بالعصافير وغرامى بصيدها فى طفولتى وصباى، أننى رأيت عصفورين يتسافدان. ومعنى هذا أننا أمام شخص "مقطّع السمكة وذيلها" حتى إنه ليلاحظ سفاد العصافير الذى قلما يلتفت له أحد، ثم يزعم رغم هذا أنه لم يكن يعرف معنى القبلة! بالذِّمّة أهذا كلام؟ يا رجل، قل كلاما غيره. أتريد أن أصدقك، وأنا أراك تمارس الفاحشة دون أن تبدى أى قدر من التردد أو المقاومة أو التحرج كلما واتتك الفرصة ناسيا أن الزنا حرام، وبالذات فى حالتك أنت أيها الراهب المحيِّر؟ ومع من؟ مع امرأة وثنية! ثم تقول لى إنك لم تعرف "معنى" القبلة من قبل؟ وحتى لو لم يقع لك أنْ قبّلت امرأة قبلا، وهذا أمر أستبعده كثيرا، فإن هذا شىء، وقولك إنك لم تكن تعرف "معنى" القبلة شىء آخر. ذلك أن "طعم" القبلة أمر يختلف عن "معناها". وهل فى الدنيا كلها من شرقها إلى غربها، ومن غربها إلى شرقها، من لا يعرف مثل ذلك المعنى؟ إنه معنى عالمى يا أخا الرهبان!
كذلك هل من المعقول أن يفكر شاب عنده 23 عاما أثناء ممارسة الجنس مع امرأة لأول مرة فى حياته فى الأمر الذى طرد الله آدم بسببه من الجنة وهل هو عصيان آدم له أو لأنه حين عرف سر أنوثة حواء أدرك رجولته واختلافه عن الله مع أنه خلقه على صورته؟ ألا ترى أنه تنطع منك، يا أيها الراهب الفلاتى، أن تفكر فى أمر كهذا فى وقت كهذا فى وضع كهذا؟ ثم يا دكتور زيدان، أوهذا هو الفرق بين الإنسان والله؟ طيب، فإذا كانت الرجولة من نصيب آدم، فماذا كان نصيب الله سبحانه، أستغفره جل وعلا؟ أرجو ألا تقول إن هذه فكرة هيبا لا فكرتك أنت، فهيبا إنما هو من صنع يديك وعقلك ووجدانك وخيالك. وهذا هو النص:
"كان لكلمة الطب وَقْعٌ سحرىٌّ عليها! رفعتْ حاجبيها، وأشرق وجهها ببسمةٍ بدتْ معها أسنانها الناصعة، وقد زادها نورُ القمر بياضاً وألقاً. مالت بوجهها، بل بجسمها كله، ناحيتى. حتى أعادتنى إلى استلقائى الأول، بارتماءتها المتوهِّجة بالاشتياق. كنتُ أظن قبلها أن الرجل إذا خلا بالمرأة، فإنه يعتليها. لكن الذى جرى لحظتها، هو أنها اعتلتنى. لن أستطيع تدوين بقية ما جرى بيننا فى ليلتنا الأولى هذه، ليلتنا. كانت حافلة بالشهوات المحرَّمة التى أهبطت آدم من الجنة. تُرى، هل طرد اللهُ آدم من الجنة لأنه عصى الأمر. أم لأنه حين عرف سِرَّ أنوثة حواء، أدرك رجولته واختلافه عن الله، مع أنه خلقه على صورته!" (ص97).
ويتعلق بهذا ما كتبه هيبا فى مذكراته وصفا لأوكتافيا، الخادمة الإسكندرانية الجميلة المثقفة التى تذكرنى بــ"هنادى" خادمة المهندس الأمية فى "دعاء الكروان"، تلك التى استطاعت تعلم القراءة والكتابة وأصبحت من مدمنات القراءة الجادة، وصارت تتحدث الفصحى بطلاقة عجيبة حتى إنها لتروى لنا قصتها بأسلوب طه حسين ذاته، كما تعلمت الفرنسية "فوق البيعة" وأتقنتها من مجرد استماعها لحصص الدرس الخصوصى لابنة الأسرة التى كانت تعمل لديهم، مما استفزنى وجعلنى أقول ما معناه أن رواية طه حسين "تعلمنا الفرنسية فى ثلاثة أيام بدون معلم". وسبب تهكمى أن الظروف لم تكن كافية لكى تصل خادمة جاهلة فقيرة بائسة وهاربة من أسرتها التى كانت تبحث عنها ويريد خالها أن يقتلها لهروبها وعيشها مع مهندسٍ عَزَبٍ شاب فى شقة واحدة، خادمة آتية من قلب الصعيد وتعمل لدى أسرة مصرية فى وقت لا أظن الخادمات كان لهن فيه أى اعتبار، إلى هذا المستوى الراقى الذى نعجز نحن الأساتذة فى المدارس والجامعات فى الوصول بطلابنا وطالباتنا إليه بعد كل تلك الأعوام التى يقضيها هؤلاء الطلاب فى العملية التعليمية ومع ما نبذله وتبذله الدولة فى هذا السبيل، وهو ما لم تحظ هنادى بشىء منه: لا فى الوقت ولا فى الإمكانات. ثم لا يكتفى طه حسين بذلك، بل تنتهى روايته بتزوج المهندس من الخادمة رغم ما وصفها به فى أول الكتاب من دمامة وقبح شديدين، وإن كان قد نسى فى نهايته فقال على لسانها إن عيون الناس كانت ترمقها بإعجاب فى المشرب الذى ذهبت تتناول الشاى فيه عصرا كأية سيدة من سيدات المجتمع الراقى، ثم زاد الطين بلةً فأوقع فى غرامها المهندس ابن الأكابر الذى كانت تشتغل عنده والذى كان قد أغوى أختها من قبل وتسبب فى قتل خالها لها حفاظا على العرض والشرف، وكان أن اتخذها زوجة. وهو ما استفزنى مرة أخرى فقلت إن طه حسين هو على كل شىء قدير، مما أزعج بعض الطلاب الضيّقى العَطَن ظنا منهم أننى أشبهه بالله سبحانه، أستغفر الله، وفاتهم لضيق عطنهم أننى، بهذا الأسلوب، لا أمجده بل أسخر من طريقته فى القصّ! ويمكن القراء أن يقرأوا الفصل الذى خصصته لنقد "دعاء الكروان" كاملا فى كتابى: "فصول من النقد القصصى".
لقد كان من الممكن أن تلم أوكتافيا ببعض الألفاظ والأفكار التى يرددها سيدها ومتبنيها التاجر المثقف الذى يحرص على اقتناء الكتب وعلى الخلوّ فى مكتبته يقرؤها ويعلق بما يعنّ له على هوامش صفحاتها تعليقات تدل على ثقافة عميقة، لكن دون أن تتعمق فى شىء من ذلك. أى أن تكون معرفتها بتلك الألفاظ والأفكار "من شواشيها" كما نقول فى العامية. أما أن تبلغ ثقافتها المدى الذى يجعلها من المتشيعين لهيباتيا والمولهين بعقلها وفكرها وفلسفتها حتى لتخرج وتتحدى الجماهير الغوغائية التى كانت تسحل تلك الفيلسوفة على أرض الشارع حيث كُشِط جلدها ولحمها عن عظامها كما تقول الرواية التى أوردها هيبا فى مذكراته (وإن كانت هناك رواية أخرى تقول إن أولئك الوحوش قد كشطوا الجلد بأطراف المحار الذى وجدوه على الشاطئ، وثالثة تقول: بل تم الكشط بما استخدموه من حجارة حادة الأطراف) وتحاول الدفاع عنها وحمايتها من القتل فكان أن قُتِلَتْ هى أيضا. الحق أن الرواية هنا قد "زادتها حبيتن". لكن هذا لا يمنعنى من القول بأننى استمتعت، رغم ما يسود الأمر كله من لاواقعية كلاواقعية "دعاء الكروان"، بوصف المؤلف على لسان هيبا تلك الخادمة فى ملابسها البالغة الأناقة وجمالها الناضج الفتان وتصرفاتها الأرستقراطية وصرة الطعام الفخمة التى كانت تحملها معها عند الشاطئ حين التقت بهيبا لأول مرة ووقع كلاهما فى غرام الآخر من النظرة الأولى ومارسا الجنس هناك ببساطة متناهية يُحْسَدان عليها (على الأقل: من جانبى أنا لأننى من الذين يخافون ويمشون جنب الحائط، وأخاف أن آتى بحركة "كذا أو كذا" حتى لا أضيع فى شربة ماء، إن لم يكن خشية لله، وليست خشيتى لله بالشىء القليل، فخوفا من التبعات الاجتماعية والفضيحة والجُرْسَة وشماتة من يساوى ومن لا يساوى)، وكأنهما قد رتبا الأمر كله ترتيبا من "طَقْ طَقْ لسلامٌ عليكم"، وإن لم تَسْلَمْ أفكارها رغم ذلك كله من نزعة عامية تمثلت فى تصديقها للعرافة التى تنبأت لها قبل عامين بأنها سوف تلقى حبيبها قادما من البحر بعد نقطتين. قل: يومين! قل: أسبوعين! قل: شهرين! قل: عامين! لكن من فضلك لا تقل: قرنين، لأنها واسعة شوية! فكانت تخرج كل يوم على مدار العامين إلى الشاطئ (يا قوة الله! عامين كاملين؟) تترقب ورود حبيب القلب، ومعها صرة الطعام وزجاجة النبيذ المعتق (الذى لم أذقه ولا ذقت أى شراب فى حياتى نفورا طبيعيا من الخمر حتى لو لم يحرمها الله)... إلى أن لقيتْ هيبا وهو يكاد يغرق أثناء سباحته هناك فوقع فى خاطرها للتو واللحظة أن هذا هو حبيب القلب الذى ذكرته لها الكاهنة، وهوما يذكرنا بالمعالجات الساذجة التى تقوم عليها بعض الأفلام المصرية القديمة، فكان ما كان مما لست أتحرج من ذكره، بل لقد ذكرته، وأفاض فيه الكاتب إفاضة جعلتنى أخاف على نفسى من الفتنة وأنا الشيخ الكبير (كدت أقول مثل محمد رشدى فى أغنية "عَدَوِيّة": وأنا الشاب الفقير!)، فما بالنا بالشاب، وبالذات الشاب الفقير الذى لا أمل عنده فى الزواج قريبا أو بعيدا، وبالذات بالذات فى ظل الاحتكار الجلف البشع حاليا للحديد المصرى وارتفاع أسعاره إلى أرقام فلكية تحطّم العقول والقلوب والجيوب تحطيما وتجعل شراء شقة حلما مستحيلا، اللهم إلا فى المشمش... أو فى الجنة، التى لن يدخلها بطبيعة الحال كل محتكر لئيم، وبخاصة إذا لم يكن معروفا من أين حصل هذا المحتكر على أمواله؟ أى أن هيبا نجا من الغرق فى بحر الإسكندرية فغرق فى بحر أوكتافيا. نعم لقد نجا من البحر المالح ليغرق فى بحر العسل! عسل أسود ومطين بستين نيلة، لكنه فى نهاية المطاف عسل، ياناس يا عسل!
وعلى ذكر "عدوية" محمد رشدى فقد كانت شخصية حقيقية تشتغل خادمة لدى الموسيقار عبد العظيم عبد الحق، وكان الأبنودى يراها كلما كان فى زيارة للموسيقار الكبير، إذ كانت تحضر لهما ما يحتاجه الضيف ومضيفه، وكان عبد الحق لا يكف عن ندائها كى تلبى هذا الطلب أو ذاك: روحى يا عدوية! تعالى ياعدوية! أنت يا بنت يا عدوية! إلى أن لَفَتَ جَرْس الاسم وغرابته أذن الأبنودى وانتباهه فنظم فيها أغنيته المشهورة. وحينئذ عرضها على الأستاذ عبد الحق فرفض قائلا إنه لا يليق به أن يلحن أغنية تتغنى باسم خادمته، فأعطاها الشاعر لبليغ حمدى ونجحت الأغنية وكسّرت الدنيا، فكان عبد الحق كلما فتح الإذاعة سمع الأغنية وفيها اسم "عدوية"، وكلما مشى فى الشارع سمع الناس تردد الأغنية وفيها اسم "عدوية"، فكان يضحك قائلا وهو يكاد يشد شعره: منك لله يا أبنودى!
ويرتبط بموضوع أوكتافيا وممارسة هيبا الفاحشة معها فى المغارة قول راهبنا، الذى لا أستطيع أن أفهمه فى كل حالاته ولا أستطيع متابعته فى بدواته العجيبة، إن تسجيله الكتابىّ لما وقع من فاحشة بينه وبين أوكتافيا قد دنّس روحه، ليعود بعد أسطر قليلة فيقول إن الاعتراف، أى الكتابة فى هذا الموضوع، يطهرنا من كل الخطايا (ص108). حيرتنا معك يا عمّ هيبا! يدنّس أم يطهّر؟ أو بالبلدى الفصيح: نفتح الشباك أم نغلق الشباك؟ ومثل ذلك فى التناقض ما نلاحظه من أن فكره وعقيدته مضطربان ويتناقضان من لحظة إلى لحظة، ففيما كان يقول إن الله معاقبه لا محالة على ارتكابه الفاحشة مع أوكتافيا، إذا به عقب ذلك يقول إن الله سوف يغفر للجميع مؤمنين ووثنيين لأنه رحيم (ص104- 105). مرة أخرى: حيرتنا يا عم هيبا! يغفر أو لا يغفر؟ اُرْسُ لك على بَرّ، الله لا يسوؤك! ومن التناقضات المضحكة فى تصرفاته وكلامه أيضا قوله إنه ألقى جلبابه على جسمه العارى خجلا من نظرات أوكتافيا. والحق أنه لا معنى لهذا الخجل بعدما قضى الليل وأول النهار يجامعها ويطّلع منها وتطّلع منه على كل شىء وتحمّمه وتدلكه بالليفة، وهو ما تكرر كثيرا طوال كل يوم، إلى أن عرفت أنه نصرانى لا وثنى مثلها فطردته من جنة الشياطين هذه بلا عودة. بالله عليكم، أيها القراء، أو تصدقون ذلك العفريت حين يقول إنه كان خجلان من عريه أمام الخادمة فتغطى؟:
"نسيتُ ذاتى ساعتها، وغاظنى أنها غالبا ما تبدأ الأمر، فدعتنى نفسى إلى البدء تلك المرة، حتى أشعرها بقوتى! كنتُ صغيرا، ومندفعا. أدرتها من كتفيها حتى وَلَّت وجهها نحو الجدار، ثم أزحتها بضغطَّةٍ من كفىَّ على جانبىْ ظهرها، فانزاحتْ مستسلمةً لى. نفختُ شعلة القنديل فانطفأت، ولفَّنا الظلامُ. كان صدرها إلى الجدار الرطب، وصدرى إلى ظهرها الدافئ. تحسَّستُ فى الظلام جسمها، فوجدتها مستسلمةً تماماً وقد أسندتْ يديها إلى الحائط، ومالت برأسها قليلاً إلى الإمام. رفعتُ عنى جلبابى، وأنزلتُ السروال، ورفعتُ عنها ثوبها، ولم يكن تحته شيئ لأُنزله. صرنا عاريين تماما. علا صوتها، وهى تئنُّ طالبةً منى شَقَّها لنصفين. يا إلهى. لايصح هذا الذى أتذكره وأذكره بعد مرور هذه السنين الطوال" (ص125- 126).
ولا أدرى لماذا "نصفين" فقط مع أن الأغنية تقول: "قطّعنى حتت وارمينى فى الزيت"، أى حتتا كثيرة لا حتتين فقط. وما ضَرَّها أو ضَرَّه لو طلبت منه أن يقطّعها أكثر من ذلك، وليس شرطا أن يرميها فى الزيت، لأن ما تكون فيه ساعتها أشد لهيبا من الزيت والزفت المغلى ذاته؟ هل الكلام فى مثل تلك الظروف عليه جمرك أو يأخذه أحد على محمل الجِدّ؟
كذلك هل يعقل أن نصرانيا مثل هيبا، الذى كان راهبا لا نصرانيا عاديا ويبدو فى غير قليل من الأحيان متحرجا جدا فيما يخص أمور عقيدته، يمكن أن يقول فى حديثه عن أوكتافيا: "على طرف سريرها جلستْ وهى تمد ذراعيها نحوى مثل ربة مانحة، ربة حنون وطيبة ومرحة" (ص128)؟ الواقع أن هذا كلام لا يقوله إلا الوثنيون المؤمنون بتعدد الأرباب. لكن لا ينبغى أن نحاسبه على كلامه فى تلك الظروف التى تطير أبراج العقول جميعا لا بُرْجًا واحدا كما يقال، أو بُرْجَيْن كما تقول صباح فى إحدى أغانيها! وإذا كان المثل الشعبى يقول: "بلدك من أين جحا؟ - بلدى التى فيها امرأتى"، فيمكننا بدورنا أن نقول فى سياقنا هذا: "ما هى عقيدتك يا هيبا؟ ليرد علينا قائلا: فأما عقيدتى مطلقا فهى النصرانية، وأما فى السرير فهى العقيدة التى عليها حبيبتى. على كل حال فإن هذا التناقض فى تصرفات وكلام هيبا ينال من عنصر رسم الشخصية فى الرواية، وقد كنا نود لو برئ رسم الشخصيات فيها من هذه الملاحظة، وبالذات رسم شخصيتها الأولى.
ثم تعرف أوكتافيا، كما قلنا، أن هيبا نصرانى فتطرده فى الحال من فردوسها الشيطانى غاضبة غضبا بركانيا مزلزلا، وتكون تلك هى الفاصلة الأبدية. لكن هل من المقنع أن أوكتافيا، بعدما ذاقت عُسَيْلته وذاق عُسَيْلتها أياما وليالى فى المغارة (ولا مغارة على بابا!) وفى قصر سيدها، لا تعرف ولا يعرف هو تحرجا ولا ترددا ولا تخلّج ضمير، بل عاشا فى بُلَهْيِنَةٍ لا تتاح عادة للبشر فى هذه الأرض المزعجة التى لا تترك لذة من اللذات إلا بترتْها أو كدرتها أو شابتها بالتوتر والخوف من المجهول، وكانت تنتظره منذ عامين بالطعام والنبيذ كل يوم عند الشاطئ، هل من المقنع أن تفعل أوكتافيا هذا مع حبيب القلب وحبيب غير القلب ثم لا تتراجع فى موقفها منه ودون أى تلجلج أو تندم أو تفكير فيما كان بينهما، وهو ليس أبدا بالشىء القليل، وكأن قلبها قُدَّ من حديد؟ لقد كل كل ما يهمها هو الشهوة وإشباعها، والشهوة لغة عالمية عند الزناة والفلاتية، وكان البطل يعطيها ذلك بغزارة وثرارة وصفاء ونقاء إن كان لنا أن نصدق ما تقوله الرواية فى هذا الصدد، فماذا تريد تلك "الجاحدة" أكثر من ذلك؟ ثم إنها خادمة فى نهاية المطاف، ولا موقف عقيدىٌّ لها صُلْبٌ كما يريد المؤلف أن يوهمنا. ولا ننس أنها كانت تنظر إليه (إلى هيبا طبعا لا إلى المؤلف) بوصفه عطيةً من الآلهة حسبما ذكرتْ له. كذلك فالمسائل العاطفية والجنسية لا تُحْسَم بهذه السهولة، بل لا بد أن يقوم بشأنها صراع فى نفس الشخص طويل قبل أن تستقر الأمور على وضعها الأخير (انظر ص132- 133). ولعل القارئ يتساءل: وإلى أين ذهب هيبا فى تلك المدينة التى لم يكن يعرف فيها أحدا ولا كان له من المال ما يمكنه أن يكترى به مسكنا مثلا؟ فهل هناك سوى المغارة والجوع والعطش؟ تستأهل يا هيبا يا من استحللت قصر الرجل الطيب الغائب فعِثْتَ فيه زنا ودعارة وأكلا وشربا وقراءة كتب من مكتبة الرجل دون حساب ولا عتاب. يعنى: أكل ومرعى وقلة صنعة! لكن الله سرعان ما اقتص منك فطردتك المجنونة بنت المجنونة شر طردة لترجع إلى الشارع حيث البرد والجوع والتشرد والعويل واصطكاك الأسنان! تستأهل. هل قال لك أحدٌ: ازْنِ!
لقد كان أمامك الزواج، وهو الطريق الشرعى لنيل ما تريده من المرأة وما تريده منك المرأة، لكنك تنكرت له وترهبت، ولم تسلم الجـََرّة فى أية مرة. ولقد قالت لك مرتا البنت الحلبية الحلوة: تزوجنى، فأجبتها، خيبة الله عليك، بأنك راهب، ولا يمكن الراهب أن يتزوج. فما كان منها، نوَّر الله عليها وعلى بديهتها الحاضرة وفصاحتها المفحمة، إلا أنْ صفعتْك بقولها: وهل الرهبنة تجيز لك ما كنا نفعله الآن؟ تقصد الفاحشة التى كانا يمارسانها فى بيتها بجوار الدير. وهذا ما حذر منه نبينا العبقرى وأنكره مؤكدا أنه لا رهبانية فى الإسلام. ذلك أنه عليه الصلاة والسلام يعرف أن الرجال لا يستغنون تحت أى ظرف عن النصف الحلو، كما أن النصف الحلو لا يمكن أن يستغنى عن النصف الخنشورى، وأن من يحاول ذلك فهو كناطحِ صخرةٍ يوما ليوهنها، فلم يضرها فى شىء، ولم يَنُبْه إلا إدماء قرنه وعودته فاشلا يجرجر أذيال الفشل. وفى رأيى أن الرجل، أى رجل، إما أن يتزوج أو يزنى أو يظل طول حياته يجاهد غرائزه، ومن ذا الذى يستطيع ذلك؟ إنه، إن نجح فى مجاهدة تلك الغرائز، ولا أظنه ينجح أبدا، فلسوف يبقى سائر عمره يعانى من مشاكل نفسية رهيبة تربك شخصيته وأوضاعه كلها، اللهم إلا أن تكون غريزة الجنس لديه ميتة أو يكون تركيبه الذكورى غير طبيعى. وكم نسبة الرجال من هذا الصنف؟ لهذا ولغير هذا كان نبى الإسلام، صلى الله عليه وسلم، حاسما حين نهى عن الرهبانية وحَضَّ كل مستطيع على الزواج دون إبطاء، وإلا فعليه بالصوم فإنه له وِجَاءٌ إلى أن ييسر الله الأمور. وإنى لأتصور أنْ لو أدرك هيبا عصر النبى لكان من أوائل المسلمين، ولكنا ذكرنا اسمه الآن مع بلال الحبشى وصُهَيْب الرومى وسلمان الفارسى فقلنا: "سيدنا هيبا المصرى رضى الله عنه". لكنه لم يفز بها، وسبقه بها أكثر من عكاشة!
كذلك فالاعتراف طقس لا يعرفه الإسلام، وهو طقس لا معنى له سوى فضح الإنسان لنفسه ولمن شاركه الإثم وإعطاء الكاهن الفرصة لاستغلال المعترف، وبخاصة إذا كان طفلا أو امرأة كما هو معروف فى كل مكان. ثم إن الغافر هو الله لا الكاهن. كما أن هذه الفلسفة من شأنها أن تجرئ الشخص على التمادى فى ارتكاب الخطايا ما دام الاعتراف جاهزا، والغفران حاضرا. أما الإسلام فيأمر الشخص بالاستتار بالبلايا وعدم هتك الستر الذى ستره الله به، وأن يعود عن المعصية ويضع أمله فى الغفران فى الله. كما أن الإسلام لا يعتبر ما يسمى: الخطيئة الأصلية ولا يضعها فى الحساب لأن آدم قد نال ما استحقه وانتهى الأمر، ونحن (ذريته) شىء آخر.
أما لماذا غضبت الكنيسة من هذه الرواية، فالأسباب متعددة: ذلك أن الرواية قد فضحت نظام الرهبنة متمثلا فى هيبا، الذى كان يشك فى عقيدته ويمارس الخطيئة دون تردد أو تلجلج كلما أتيحت له فرصة ممارستها. ثم هو لا يكتفى بها، بل يأخذ فى وصف ما وقع وصفا من شأنه إضرام نار الشهوة فى العروق، وبخاصة أنه يضفى على الفاحشة غلالة رومانسية عذبة تسهّل لهذا الوصف التغلغل إلى النفوس والقيام بتأثيره فى خفاء ويسر يصعّبان مقاومته. كذلك فهيبا، الذى لا شك أنه يعبر عن أفكار المؤلف، وإن كان ذلك بطريقة فنية، لا يدع أية فرصة إلا وعرض شكوكه فى النصرانية وفى الكنيسة ورجالها، وبالذات كنيسة الإسكندرية رغم أنه مصرى، وكان يُتَوَقَّع أو يُرْجَى منه على أقل تقدير أن يؤازرها ويعمل على التغطية على عيوبها، لكنه أخلف الرجاء والظن وكشف كثيرا من عوراتها وصور رجالها تصويرا لا يسر عدوا ولا حبيبا. فمثلا نراه يحمّل كيرلس أسقف الإسكندرية فى عصره ورهبان كنيستها مقتل الفيلسوفة الإغريقية الجميلة هيباتيا، ذلك المقتل المتوحش الذى يدل على أن مرتكبيه لا يمكن أن ينتموا إلى جنس الإنسان، وإن تقنعوا بقناع الدين والغيرة عليه. وقد أدان نسطور مقتل هيباتيا واتهم كيرلس برشوة القضاة حتى انتهى البحث إلى لاشىء ولم تتم إدانة أحد (ص188). وجدير بالذكر أن نقول إن القمص بسيط، فى حلقة "العاشرة مساءً"، قد أثنى على هيباتيا وعلمها ومكانتها وذكر أن بعض رجال الدين النصارى قد تتلمذوا على يديها، إلا أنه أنكر مع هذا أن يكون لكيرلس أى دخل على الإطلاق فى مقتلها، مضيفا أن الذى ألصق هذه التهمة بكيرلس مؤرخ وثنى صدّقه الكتاب اللاحقون.
ولقد كان من الممكن إلى حد ما أن نجد بعض العذر لمن قتلها لو أنها كانت تعذب النصارى مثلا. أما وهيباتيا لم تسئ إلى النصارى بشىء فلا أظن من الممكن أن يكون لقاتليها عذر أى عذر. بل حتى لو شاركتت هيباتيا فى محاربة النصرانية والنصارى فإن الطريقة الرهيبة البشعة التى قُتِلَتْ بها لا مسوغ لها أبدا. ولندع هيبا، أو بالحرى: المؤلف، يرسم لنا ذلك المشهد الفظيع الذى لا أظن كاتبا آخر قد ساواه فى رسمه. أقول هذا وقد قرأت وصف مقتلها فى عدد من الكتب ودوائر المعارف باللغات الثلاث: العربية والإنجليزية والفرنسية، فأنا حين أقول ذلك لا أقوله من فراغ. وسبب ذلك أن المؤلف، أو هيبا: لا فرق، قد وصف المشهد بأسلوب أدبى تفنن فيه وفى توبلته بكثير من التفاصيل المثيرة التى تبرز جريمة المتوحشين البرابرة إبرازا. لقد أراد إدانة التعصب الكنسى وحشد لذك كل قواه التعبيرية والوجدانية، فكان هذا النجاح الفريد. ولنقرأ، ولكن ليس قبل تحذير القراء الذين لا يستطيعون الصمود أمام مشاهد القتل العنيف من الاستمرار معنا فى الصفحات التالية:
"فى الأعوام الرتيبة التى قضيتها بالإسكندرية، كنتُ أحضر دروس الطب واللاهوت بانتظام. واشتهرتُ بين أهل الكنيسة بكثرة الصلاة وقلة الكلام، فحسن اعتقادهم فى صلاحى وورعى. ومع كَرِّ الأيام والشهور، نسيتُ ما كان من أمر أيامى الأولى بالمدينة، ولم أعد أسمع أخباراً عن هيباتيا، ولا عن غيرها. حتى جاءت تلك الأيامُ العصيبة من شهور سنة خمس عشرة وأربعمائة للميلاد المجيد، إذ سَرَتْ أولاً بين رجال الكنيسة، همهماتٌ عن احتدام الخلاف بين البابا كِيرُلُّس وحاكم الإسكندرية أورستوس. ثم شاعت أخبارٌ كثيرةٌ عن اعتراض جماعة من شعب الكنيسة، المؤمنين، طريقَ الحاكم أوريستوس، ورجمهم له بالحجارة. مع أنه فى الأصل رجلٌ مسيحىٌّ، ومعروفٌ أن عماده أيام شبابه، كان فى أنطاكية على يد يوحنا فم الذهب. ومع أن يسوع المسيح فى بدء بشارته، نهى اليهود عن رجم العاهرة، فى الواقعة المشهورة التى قال فيها: مَنْ كان منكم بلا خطية، فليرجمها بحجر .
غير أن هذا الخلاف الثائر بين الأسقف والحاكم، لم يكن أيامها يعنينى فى شئ! ومن ثم، انشغلت عنه بهمومى اليومية وصلواتى ودروسى المملَّة، فلم أحرص على التقاط الهمهمات أو تتبُّع الأخبار. حتى بدأ اسم هيباتيا يجرى على الألسنة فى أكثر الجلسات. كنتُ أظن أننى نسيتها تماماً، ثم وجدتنى كلما سمعت اسمها، أضطربُ ويخفق قلبى لذكرها.
تاقت نفسى لمعرفة ما يدور وراء أسوار الكنيسة، فتتبعتُ الحكايات ومحدثات الأمور. بدأتُ بسؤال القَسّ يوأنَّس الذى نهرنى، وأمرنى بعدم الانشغال بغير ما جئت من أجله. بعد أيام عاودتُ سؤاله بلطفٍ، فنصحنى بالابتعاد عن الموضوع، والاهتمام بما أنا موجودٌ فى الكنيسة من أجله. سألتُ غيره، فلم أهتد منهم إلى خبرٍ يطمئن له قلبى. غير أننى تأكَّدت من همهمات الخدم الذين يتردَّدون بين المدينة والكنيسة، أن كراهية البابا لهيباتيا كانت قد بلغت المدى. كانوا يقولون إن الحاكم أوريستوس طرد رجلا مسيحيا من مجلسه، فغضب البابا. ويقولون إن الحاكم يعارض ما يريده البابا من طرد اليهود بعيدا عن الإسكندرية، بعدما طردهم الأسقف ثيوفيلوس إلى رَبْع اليهود الكائن بالجهة الشرقية، وراء الأسوار. ويقولون إن الحاكم كان يُفترض فيه أن يصير نصيرا لأهل ديانتنا، إلا أن الشيطانة هيباتيا تدعوه إلى غير ذلك. ويقولون إنها تشتغل بالسحر، وتصنعُ الآلات الفلكية لأهل التنجيم والمشعوذين. قالوا أشياء كثيرة، لم يطمئن إليها قلبى .
مرت الأيام مترعةً بالتوتر، حتى كان يوم الأحد المشؤوم. المشؤوم بكل ما فى الكلمة من معنى عميق. ففى صبيحة ذاك اليوم، خرج البابا كِيرُلُّس إلى مقصورته ليلقى على الجموع عظته الأسبوعية، وكان على هيئته الحزنُ. لم ينظر إلى مستمعيه فرحاً بشعبه كعادته ، وإنما أطرق لحظةً طويلة، ثم أسند صولجانه الذهبى إلى جدار المقصورة، ورفع يديه إلى السماء حتى انسدلت أكمامه الواسعة وبدت ذراعاه النحيلتان. انشرعت أصابعه فى الهواء، فكأنها أطراف المذراة. وبصوت جهيرٍ هادر،ٍ راح يقرأ الصلاة المذكورة فى إنجيل متى: أبانا الذى فى السماوات، ليتقدَّس اسمُك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئك فى السماء، وكذلك فى الأرض.
أخذ الأسقفُ يعيد الصلاة، حتى أخذ الناسَ النشيجُ وهم يردِّدون الدعاء وراءه. ثم صار صوته نارياً متأججاً وهو يقول لهم: يا أبناء الله، يا أحباء يسوع الحى، إن مدينتكم هذه، هى مدينةُ الرَّبِّ العظمى. فيها استقر مُرقس الرسول، وعلى أرضها عاش الآباء، وسالت دماءُ الشهداء، وقامت دعائم الديانة. ولقد طهَّرناها من اليهود، المطرودين. أعاننا الرَّبُّ على طردهم، وتطهير مدينته منهم. ولكن أذيال الوثنيين الأنجاس، مازالت تثير غبار الفتن فى ديارنا. إنهم يعيثون حولنا فسادا وهرطقة، يخوضون فى أسرار كنيستنا مستهزئين، ويسخرون مما لايعرفون، ويلعبون فى مواطن الجد ليشوهوا إيمانكم القويم. يريدون إعادة بيت الأوثان الكبير الذى انهدم على رؤوسهم قبل سنين، ويودون تعمير مدرستهم المهجورة التى كانت تبثُّ الضلال فى العقول، ويفكِّرون فى إعادة اليهود من الرَّبْع الذى سكنوه إلى داخل أسوار مدينتكم . لكن الرَّبَّ ، ياجند الرَّبِّ ، لن يرضى بذلك أبداً. ولسوف يُحبط مساعيهم الدنيئة، وسوف يبدِّدُ أحلامهم المريضة، وسوف يرفع قَدْر هذه المدينة العظمى، بأيديكم أنتم. مادمتم بحقٍّ، جنودَ الرب. مادمتم بحقٍّ، جنود الحق. لقد صدق ربنا يسوع المسيح، حين نطق بلسانٍ من نورٍ،ِ فقال: الحقُّ يطهِّركم! فتطهَّروا يا أبناء الرب، وطهِّروا أرضكم من دنس أهل الأوثان. اقطعوا ألسنة الناطقين بالشَّرِّ. ألقوهم مع معاصيهم فى البحر، واغسلوا الآثام الجسيمة. اتَّبعوا كلمات المخلِّص، كلمات الحق، كلمات الرَّبِّ. واعلموا أن ربنا المسيح يسوع، كان يحدثنا نحن أبناءه فى كل زمان، لما قال : ماجئتُ لأُلقى فى الأرض سلاما، بل سيفا!
اهتزت الجموعُ مهتاجةً، حتى كاد اهتياجُها يبلغ الغاية. وراح كِيرُلُّس يكرِّر بهديره الحماسىِّ الآسر، قول يسوع المسيح: ماجئتُ لأُلقى فى الأرض سلاما، بل سيفا! فيزداد هياجُ الجموع، ويقارب بحدَّته حدود الجنون. بدأ الناس يردِّدون وراءه العبارة، ولم يكفوا إلا حين قَطَعَ التردادَ بصرخةٍ كالرعد، ذلك الضخمُ المعتادُ على إنهاء خطب يوم الأحد النارية، أعنى بطرس قارئ الإنجيل بكنيسة قيصرون الذى انفجر من بين الجموع قائلاً: بعون السماء، سوف نطهِّر أرض الرب من أعوان الشيطان. سكت الأسقف، فسكن الناسُ إلا بطرس القارئ. ثم أخذ بعضهم يعيد وراءه عبارته، وأضاف إليها أحدهم الترنيمة المرعبة: بسم الإله الحى سنهدم بيت الأوثان، ونبنى بيتاً جديداً للرب. بعون السماء سوف نطهر أرض الربِّ من أعوان الشيطان. بسم الإله الحى سنهدم بيت الأوثان.
استدار الأسقفُ، فتناول صولجانه، ورفعه فى الهواء ليرسم به علامة الصليب، فاجتاح الكنيسة هوسُ الجموع. تداخلت الهتافاتُ واصطخبت، عَمَتِ العقولُ، وعمَّتِ القلوب فوضى منذرةٌ بحادثٍ جسيم. كان بطرس القارئ أول مَنْ تحرَّك نحو الباب، ثم تحرَّك من خلفه الناس جماعاتٍ وهم يرددون عبارته الجديدة: بعون السماء سوف نطِّهر أرض الرَّبِّ.
كادتْ ساحةُ الكنيسة تخلو، وكانت أصواتُ الهاتفين وراء بطرس القارئ تأتى من خارج الأسوار. دخل الأسقفُ من شرفته ووراءه القسوس، ولم أدرِ ساعتها إلى أين أذهب؟ هل أعود لصومعتى وأغلق بابى علىَّ، مثلما أفعل دوما؟ أم أظل فى ساحة الكنيسة، حتى يظهر ما سوف يظهر من مشيئة الرب؟ أم أخرج وراء الجموع؟ ومن دون تدبيرٍ منى، أو بتدبيرٍ خفىِّ عنى، خرجتُ مدفوعا بتوجُّسى خلف الجموع، فلحقت بهم. ولكننى بالطبع، لم أكن أردِّد وراءهم ما يقولون .
اتجه بطرس قائدُ الجموع إلى الشارع الكانوبى الكبير، ومن خلفه سار مئاتُ الهاتفين. كانت شمسُ الظهيرة مُتَّقدةً، والرطوبةُ العالية تخنق الأنفاس. البيوتُ ارتجَّت مع حركة المؤمنين ومن علو الهتافات، كان بعضها مغلقَ النوافذ والأبواب، وبعضها يقف ساكنوه على سطحه يلوِّحون بالصلبان. ثار غبار الطرقات، وهربت الملائكة الرحيمة من السماء، وحَدَّثنى قلبى بقرب وقوع حَدَثٍ مروع. كنتُ أسيرُ مأخوذا بما يجرى من حولى، وكأننى أعيش واحدةً من رؤى سفر حبقوق المنذرةِ بفناء العالم وزوال الدنيا.
بعد حينٍ، تناقص الهاتفون المهلِّلون، وتفرَّقوا فى الطرقات مع طول الجولان فى أنحاء المدينة. صاروا عشرات موَّزعة فى الشوارع، وساروا يردِّدون الهتافات ذاتها. فى لحظةٍ ما، اعتقدتُ أن غرض هذا الصخب، تبيانُ أن المسيحيين هم الأظهرُ والأقوى بالمدينة. هى إذن، رسالةٌ ضمنيةٌ إلى الحاكم، وتنبيهٌ صريحٌ لكل السكان. ولكن الأمر انقلب إلى ماهو أعمق من ذلك، وأبعد، وأبشع .
شمسُ الظهيرة حَمَّ شعاعُها، وازدادتْ رطوبةُ الهواء حتى ثقلت علىَّ أنفاسى اللاهثة وراء الجماعة الهاتفة الباقية وراء بطرس القارئ. كدتُ أستدير راجعاً إلى أسوار الكنيسة، إلى حصنى الحصين، لولا أننى انتبهت إلى ذلك الرجل النحيل، طويل الرأس، الذى جاء من أقصى الشارع يجرى، وهو يصيح لبطرس والذين معه:
- الكافرةُ ركبتْ عربتها، ولا حُرَّاس معها .
خفق قلبى بشدة، واعترانى فزعٌ مفاجئ لما رأيتُ بطرس يجرى وهو يصرخُ، نحو الجهة التى أشار إليها الرجل ذو الرأس الطويل، وتبعه الآخرون. جريتُ خلفهم، وليتنى ما فعلتُ. عند الكنيسة الصغيرة التى فى منتصف الشارع الواسع المؤدى من المسرح الكبير إلى الميناء الشرقى، بدت من بعيدٍ عربة هيباتيا ذات الحصانين، العربة ذاتها التى رأيتها تركبها، وترحلُ بها عنى، قبلها بثلاثة أعوام. العربةُ هى هى، والحصانانِ هما هما، أنا وحدى الذى ما كنتُ أنا. بطرسُ القارئ انطلق ببدنه الضخم ليلحق بالعربة وهو يصرخ، ويصرخ وراءه أتباعه بألفاظٍ غير مفهومة. قبل أن يصل إليها، بأمتارٍ، وقف فجأةً وتلفَّت؛ فاندفع إلى ناحيته أحدهم وهو يصيح صيحةً هائلة ويُخرج من تحت ردائه الكنسى سكينًا طويلاً.. صدئاً.. أيضًا.. السكين..
╬ ╬ ╬
لن أكتب حرفًا واحدًا. لا..
╬ ╬ ╬
يارب. شُلَّ يدى.. خذنى إليك. ارحمنى.
╬ ╬ ╬
سأمزقُ الرقوق، سأغسلها بالماء. وسوف..
- اكتبْ يا هيبا، اكتبْ باسم الحقِّ المختزن فيك.
- يا عزازيل، لا أقدر.
- اكتبْ ولا تجبُن، فالذى رأيته بعينك لن يكتبه أحدٌ غيرك، ولن يعرفه أحدٌ لو أخفيته.
- حكيته لنسطور فى أورشليم، قبل سنين.
- ياهيبا، حكيتَ يومها بعضا منه، فاكتبه اليوم كاملاً، اكتبه الآن كله.
╬ ╬ ╬
آه. لما التقط بطرسُ السكين الطويلة الصدئة، رآه سائقُ عربة هيباتيا، فقفز كالجرذان وجرى متواريا بين جدران البيوت. كان بإمكان السائق أن يُسرع بحصانيه فى الشارع الكبير، وما كان لأحدٍ أن يلحق بالعربة. لكنه هرب، ولم يحاول أحدهم أن يلحق به! ظل الحصانان يسيران مُرتبكين، حتى أوقفهما بطرس بذراعه الملوِّحة بالسكين. أطَلَّت هيباتيا برأسها الملكى من شُبَّاك العربة، كانت عيناها فزعةً مما تراه حولها. انعقد حاجباها، وكادت تقول شيئاً، لولا أن بطرس زعق فيها: جئناك يا عاهرة، يا عدوَّة الرَّبِّ .
امتدتْ نحوها يدُهُ الناهشةُ وأيدٍ أخرى، ناهشةٌ أيضًا، حتى صارت كأنها ترتقى نحو السحاب فوق أذرعهم المشرعة. وبدأ الرعبُ فى وضح النهار. الأيادى الممدودة كالنصال، منها ما فتح باب العربة، ومنها ما شدَّ ذيل الثوب الحريرى، ومنها ما جذب هيباتيا من ذراعها فألقاها على الأرض. انفلت شعرُها الطويل الذى كان ملفوفاً كالتاج فوق رأسها، فأنشب فيه بطرس أصابعه، ولوى الخصلات حول معصمه، فصرختْ، فصاح: باسم الرَّبِّ، سوف نطهِّر أرض الرَّبِّ.
سحبها بطرسُ من شعرها إلى وسط الشارع، وحوله أتباعه من جُند الربِّ يهلِّلون. حاولت هيباتيا أن تقوم، فرفسها أحدهم فى جنبها، فتكوَّمت، ولم تقو على الصراخ. أعادها بطرس إلى تمدُّدها على الأرض، بجذبةٍ قويةٍ من يده الممسكة بشعرها الطويل. الجذبة القوية انتزعت خصلات من شعرها، فرماها، نفضها من يده، ودَسَّ السكين فى الزُّنَّار الملفوف حول وسطه، وأمسك شعرها بكلتا قبضتيه، وسحبها خلفه. ومن خلفه أخذ جُنْدُ الرَّبِّ يهتفون هتافه، ويهلِّلون له وهو يجرُّ ذبيحته.
كنتُ لحظتها واقفًا على رصيف الشارع، مثل مسمارٍ صدئ. لما وصلوا قبالتى، نظر بطرس ناحيتى بوجه ضبعٍ ضخم، وتهلل وهو يقول: أيها الراهب المبارك، اليومَ نطهر أرض الرَّبِّ. وبينما هى تتأرجح من ورائه على الأرض، تقلَّبت هيباتيا، استدار وجهها نحو موضعى. نظرت إلىَّ بعينٍ مصعوقة، ووجهٍ تكاد الدماءُ منه تنفجر. حدقت فىَّ لحظتها، فأدركتُ أنها عرفتنى، مع أننى كنتُ فى الزِّىِّ الكنسى! مدَّت ذراعيها ناحيتى، وصاحتْ مستصرخةً بى: يا أخى. تقدمتُ إلى منتصف الشارع خطوتين، حتى كادت أصابعى تلمس أطراف أصابعها الممدودة نحوى. كان بطرس القارئ يلهثُ منتشياً، وهو يمضى ناحية البحر ساحبًا غنيمته. وكان البقيةُ يتجمَّعون حول فريستهم، مثلما تجتمع الذئاب حول غزالٍ رضيع. لما أوشكتْ أصابع هيباتيا أن تعلق بيدى الممدودة إليها، امتدت يدٌ نهشت كُمَّ ثوبها، فتطوَّحت كَفُّها بعيداً عنى، وتمزَّق الثوبُ فى اليد الناهشة، فرفعه الناهشُ ولَوَّح به، وهو يزعق بعبارة بطرس: باسم الرَّبِّ، سوف نطهِّر. العبارة التى صارت يومها أنشودة للمجد الرخيص. من بعيدٍ، أقبلت امرأةٌ حاسرةُ الرأس، كانت تصرخ وهى تُقبل نحونا مسرعةً فزعةً ، قائلةً:
- يا أختاه. ياجنود الرومان. أغثنا يا سيرابيس!
المرأة المسرعة نحونا كان ثوبها وشعرها يرفَّان وراءها، وكنا قد اقتربنا من ناحية البحر. أقبلت المرأةُ تجرى نحو الجمع، حتى ارتمت فوق هيباتيا، ظانةً أنها بذلك سوف تحميها. فكان ما كان متوقَّعًا. اندستْ فيها الأذرع، فرفعتها عن هيباتيا، وألقتها بقوة إلى جانب الطريق. اصطدم رأسها بالرصيف، وانسحج وجهها، فتلطَّخ بالدم والتراب. حاولت المرأةُ أن تقوم، فضربها أحدهم على رأسها بخشبةٍ عتيةٍ، بأطرافها مسامير، فترنَّحت المرأةُ وسقطت من فورها على ظهرها، أمامى، والدم يتفجَّرُ من أنفها وفمها، ويلِّطخ ثوبها. عند سقوطها أمامى، صرختُ من هول المفاجأة، فقد عرفتها. هى لم تعرفنى، فقد كانت تنتفضُ وهى تلفظ آخر أنفاسها . وهكذا ماتت أوكتافيا، يوم الهول، تحت أقدامى، من دون أن ترانى.
رجعتُ خطواتٍ حتى التصق ظهرى بجدار بيتٍ قديم، لم أستطع انتزاع عينى عن جثة أوكتافيا التى أهاجتْ دماؤها الصخبَ، فاشتدت بجند الربِّ تلك الحمى التى تتملَّك الذئاب حين تُوقع صيدًا. صارت عيونهم الجاحظة مثل عيون المسعورين، وهاجت بواطنهم طلباً لمزيدٍ من الدم والافتراس. تجمعوا فوق هيباتيا، حين وقف بطرس ليلتقط أنفاسه. امتدت إلى يدها يدٌ مازعةٌ، ثم امتدت أيادٍ أخرى إلى صدر ردائها الحريرى الذى تهرَّأ، واتَّسخ بالدماء والتراب. أمسكوا بإطار الثوب المطرَّز وشَدُّوا فلم ينخلع، وكاد بطرس يقع فوق هيباتيا من شِدَّةِ الشَّدَّة المباغتة، لكنه سرعان ما عاد واستعاد توازنه، ومضى يجرُّ ذبيحته، ومن ورائه انحنى أتباعه محاولين اقتناص رداء هيباتيا. هيباتيا. أستاذة الزمان. النقية. القديسة. الربة التى عانت آلام الشهيد، وفاقت بعذابها كل عذاب.
على ناصية الطريق الممتد بحذاء البحر، صاحت عجوزٌ شمطاء وهى تلوِّح بصليب: اسْحِلوا العاهرة. وكأن العجوز نطقت بأمرٍ إلهى! توقف بطرس فجأة، وتوقف أتباعه لحظةً، ثم تصايحوا بصرخاتٍ مجلجلة. تركتُ جثة أوكتافيا ورائى، ولحقتُ بهم مبهوتًا، آملاً أن تفلت هيباتيا من أيديهم، أو يأتى جنودُ الحاكم فيخلِّصوها منهم، أو تقع معجزة من السماء، أو... كنتُ غير بعيدٍ عنهم وغير قريب، فرأيتُ نتيجة ما أوحت به المرأة الشمطاء. رأيتُ... انهالتْ الأيدى على ثوب هيباتيا فمزَّعته. الرداءُ الحريرى تنازعوه حتى انتزعوه عن جسمها، ومن بعده انتزعوا ما تحته من ملابس كانت تحيط بجسمها بإحكام. كانوا يلتذُّون بنهش القطع الداخلية ويصرخون، وكانت العجوزُ تصرخ فيهم كالمهووس: اسحلوها! وكانت هيباتيا تصرخ: يا أهل الإسكندرية! وكان البعيدون عن الوصول إلى جسمها، يصرخون: العاهرة، الساحرة ! وحدى، أنا، كنتُ صامتًا.
صارت هيباتيا عاريةً تمامًا، ومتكوِّمةً حول عريها تمامًا، ويائسةً من الخلاص تمامًا، ومهانةً تمامًا. لا أعرف من أين أتوا بالحبل الخشن الذى لفوُّه حول معصمها، وأرخوه لمترين أو ثلاثة، ثم راحوا يجرُّونها به وهى معلَّقةٌ من معصمها. وهكذا عرفتُ يومها معنى كلمة السحل التى أوحت به المرأةُ إلى بطرس القارئ وأتباعه.
شوارعُ الإسكندرية تفترشها بلاطاتٌ حجرية متجاورة، تحمى الطرقات أيام الشتاء من توحُّل الأرض بسبب المطر. البلاطات متجاورة لكنها غير متلاحمة، وحوافها حادة بفعل طبيعتها الصلبة، فإذا جُرَّ عليها أىُّ شئ مزَّقته، وإن كان ذا قشرٍ قشَّرته، وإن كان إنساناً كشطته. وهكذا سحلوا هيباتيا المعلَّقة بحبلهم الخشن، الممددة على الأرض، حتى تسحَّج جلدها وتقرَّح لحمها.
وسط الصخور المتناثرة عند حافة الميناء الشرقى، خلف كنيسة قيصرون التى كانت فى السابق معبدا، ثم صارت بيتاً للرب يقرأ فيه بطرس الإنجيل كل يوم! كانت هناك كومةٌ من أصداف البحر. لم أر أول مَنْ التقط منها واحدةً، وجاء بها نحو هيباتيا، فالذين رأيتهم كانوا كثيرين. كلهم أمسكوا الصدف، وانهالوا على فريستهم. قشَّروا بالأصداف جلدها عن لحمها. علا صراخُها حتى تردَّدت أصداؤه فى سماء العاصمة التعيسة، عاصمة الله العظمى، عاصمة الملح والقسوة.
الذئابُ انتزعوا الحبل من يد بطرس وهم يتصايحون ، وجَرُّوا هيباتيا بعد ما صارت قطعةً، بل قطعًا، من اللحم الأحمر المتهرِّئ. عند بوابة المعبد المهجور الذى بطرف الحىِّ الملكى البرخيون ألقوها فوق كومةٍ كبيرة من قطع الخشب، وبعدما صارت جثةً هامدة... ثم... أشعلوا النار. علا اللهبُ، وتتطاير الشرر. وسكتت صرخاتُ هيباتيا، بعدما بلغ نحيبها من فرط الألم، عنانَ السماء. عنانَ السماء، حيث كان الله والملائكة والشيطان يشاهدون ما يجرى ولايفعلون شيئًًا.
هيبا، ما هذا الذى تكتبه ؟
اسكتْ يا عزازيل، اسكتْ يا ملعون" (ص161- 171).
وكان لمقتل هيباتيا فى كتب التاريخ والأدب صدى صاخب عنيف بسبب من الوحشية التى تم بها، وبخاصة أن القتلة كانوا من النصارى، الذين يرفعون شعارات المحبة والتسامح وإدارة الخد الأيسر لمن لطمك على خدك الأيمن... وممن يشار إليهم فى هذا السياق سقراط المدرسى (Socrates Scholasticus)، وهو أول من وصلت كتابته عن مأساتها إلينا، وداماسيوس وسويداس، وإدوارد جيبون المؤرخ البريطانى الشهير (الذى نطق الدكتور السيسى والقس عبد المسيح بسيط اسمه فى حلقة "العاشرة مساءً" المشار إليها بتعطيش الجيم، والصواب جعل هذه الجيم قاهرية جافة)، وبروشيه ولاكروز وباسْناج الفرنسيون، وكونت دى ليل وجيرار دى نوفال، وفولتير، الذى كتب مادة كاملة فى "قاموسه الفلسفى" باسمها، وتشارلز كنجزلى، الكاتب البريطانى الذى كتب رواية عنها، وول ديورانت، وماريو لوزى (Mario Luzi)، كاتب المسرح الإيطالى، ورين جروف (Rinne Groff)، الكاتبة الأمريكية التى استوحت من حياتها وشخصيتها عملا مسرحيا عصريا، فضلا عن الرسامين الذين صوروها فى أشكال ومناسبات مختلفة، ومنها تلك الصورة التى نراها لها فى الكتب والصحف والمجلات ودوائر المعارف وما إلى ذلك. وهناك أعمال قصصية كُتِبَتْ للصعار خِصِّيصًا سُمِّيَتْ شخصياتها الأولى: "هيباتيا". بل لقد أُطْلِق اسمها على بعض المواضع المشهورة فى العالم، ومنها موضعٌ فوق سطح القمر. كما قرأت مؤخرا فى عدد السادس من أكتوبر 2008م من صحيفة "المصريون" الضوئية، تحت عنوان "مسيحيو مصر ذبحوها ومثلوا بجثتها"، أن شركة اسبانية للإنتاج السينمائى تستعد حاليا لإنتاج فيلم عن العالمة هيباتيا، وأنه قد تقرر أن يقوم ببطولة الفيلم ممثل إسرائيلى هو أشرف برهوم، على أن تشاركه البطولة الممثلة البريطانية راشيل ويس. وما ذلك إلا قليل من كثير، علاوة على أنه لا يشمل شيئا من الدراسات والكتب التى تتناول فكرها وفلسفتها وإنجازاتها العلمية، بل يقتصر على الإبداعات الأدبية والفنية فقط. وها هو ذا المؤلف المصرى، فى جانب من عمله، يكتب بوحى من ميتتها الشنيعة ويدين المجرمين القتلة المتوحشين، وكذلك الذين حرضوا على مقتلها، متظاهرين بأن ذلك إنما يقربهم من رب السماء ويرضيه عنهم وعن فعلتهم.
وهؤلاء نحن نسوق ما جاء فى كتاب "Hypatia of Alexandria"، ولعله أقدم مرجع أشار إلى الحادثة الوحشية التى وقعت لهيباتيا، وهو متاح فى موقع "ALEXANDRIA on the Web": "Such was Hypatia, as articulate and eloquent in speaking as she was prudent and civil in her deeds. The whole city rightly loved her and worshipped her in a remarkable way, but the rulers of the city from the first envied her, something that often happened at Athens too. For even if philosophy itself had perished, nevertheless, its name still seems magnificent and venerable to the men who exercise leadership in the state. Thus it happened one day that Cyril, bishop of the opposition sect [i.e. Christianity] was passing by Hypatia's house, and he saw a great crowd of people and horses in front of her door. Some were arriving, some departing, and others standing around. When he asked why there was a crowd there and what all the fuss was about, he was told by her followers that it was the house of Hypatia the philosopher and she was about to greet them. When Cyril learned this he was so struck with envy that he immediately began plotting her murder and the most heinous form of murder at that. For when Hypatia emerged from her house, in her accustomed manner, a throng of merciless and ferocious men who feared neither divine punishment nor human revenge attacked and cut her down, thus committing an outrageous and disgraceful deed against their fatherland. The Emperor was angry, and he would have avenged her had not Aedesius been bribed. Thus the Emperor remitted the punishment onto his own head and family for his descendant paid the price. The memory of these events is still vivid among the Alexandrians".
ثم نثنى بما خطه قلم سقراط المدرسى عن الفيلسوفة الجميلة فى كتابه: "Ecclesiastical History": "THERE WAS a woman at Alexandria named Hypatia, daughter of the philosopher Theon, who made such attainments in literature and science, as to far surpass all the philosophers of her own time. Having succeeded to the school of Plato and Plotinus, she explained the principles of philosophy to her auditors, many of whom came from a distance to receive her instructions. On account of the self-possession and ease of manner, which she had acquired in consequence of the cultivation of her mind, she not unfrequently appeared in public in presence of the magistrates. Neither did she feel abashed in going to an assembly of men. For all men on account of her extraordinary dignity and virtue admired her the more. Yet even she fell victim to the political jealousy which at that time prevailed. For as she had frequent interviews with Orestes, it was calumniously reported among the Christian populace, that it was she who prevented Orestes from being reconciled to the bishop. Some of them, therefore, hurried away by a fierce and bigoted zeal, whose ringleader was a reader named Peter, waylaid her returning home, and dragging her from her carriage, they took her to the church called Caesareum, where they completely stripped her, and then murdered her with tiles. After tearing her body in pieces, they took her mangled limbs to a place called Cinaron, and there burnt them. This affair brought not the least opprobrium, not only upon Cyril, but also upon the whole Alexandrian church. And surely nothing can be farther from the spirit of Christianity than the allowance of massacres, fights, and transactions of that sort. This happened in the month of March during Lent, in the fourth year of Cyril's episcopate, under the tenth consulate of Honorius, and the sixth of Theodosius".
ثم ها هو ذا ما كتبه فولتير، الذى اتبع أسلوب التمثيل والتقريب، فتحدث عن أسقف باريس ومدام داسييه جميلة باريس والرهبان الذين ينظمون التراتيل السطحية التافهة منتظرين أن يقال إنها تفوق الإلياذة، وهو فى الواقع إنما يقصد إلى الحديث عن كيرلس ورهبانه المتعصبين وهيباتيا فيلسوفة الإسكندرية. ثم انتقل إلى الحديث المباشر الصريح عما وقع فى القرن الرابع بالإسكندرية على يد الرهبان والغوغاء الفاقدى العقل والقلب والضمير بتحريض من كيرلس أسقف الإسكندرية آنذاك، الذى وصفه الفيلسوف الفرنسى بأنه فى الواقع لم يكن إلا رجلا حزبيا ترك نفسه فريسة فى يد التعصب تصنع به ما تشاء، مؤكدا أنه كان أحرى به أن يستغفر الله لو نما إلى علمه أن أحدا قام بتعرية امرأة جميلة فى الشارع لا يبغى من وراء ذلك إلى قتلها بل لمجرد التعرية ليس إلا. يريد أن يقول: فما بالنا إذا تبع التعريةَ قتلُ تلك السيدة بسحلها وسلخها كأنها ذبيحة، ثم تقطيع جسدها إِرْبًا إِرْبًا، ثم حرقه على الشاطئ بعد ذلك فى نشوة بهيمية لا تليق بالبشر، فضلا عن أن يكون أولئك البشر أتباع دين يقدمونه للناس بوصفه دين التسامح والمرحمة، لا لشىء إلا لأنهاكانت تتناول بالدرس هوميروس وأفلاطون؟:
"Je suppose que Mme Dacier eût été la plus belle femme de Paris, et que, dans la querelle des anciens et des modernes, les carmes eussent prétendu que le poème de la Magdeleine, composé par un carme, était infiniment supérieur à Homère, et que c’était une impiété atroce de préférer l’Iliade à des vers d’un moine; je suppose que l’archevêque de Paris eût pris le parti des carmes contre le gouverneur de la ville, partisan de la belle Mme Dacier, et qu’il eût excité les carmes à massacrer cette belle dame dans l’église de Notre-Dame, et à la traîner toute nue et toute sanglante dans la place Maubert; il n’y a personne qui n’eût dit que l’archevêque de Paris aurait fait une fort mauvaise action, dont il aurait dû faire pénitence.
Voilà précisément l’histoire d’Hypatie. Elle enseignait Homère et Platon dans Alexandrie, du temps de Théodose II. Saint Cyrille déchaîna contre elle la populace chrétienne: c’est ainsi que nous le racontent Damascius et Suidas: c’est ce que prouvent évidemment les plus savants hommes du siècle, tels que Brucher, La Croze, Basnage, etc.; c’est ce qui est exposé très judicieusement dans le grand Dictionnaire encyclopédique, à l’article Éclectisme.
Un homme, dont les intentions sont sans doute très bonnes, a fait imprimer deux volumes contre cet article de l’Encyclopédie.
Encore une fois, mes amis, deux tomes contre deux pages, c’est trop. Je vous l’ai dit cent fois, vous multipliez trop les êtres sans nécessité. Deux lignes contre deux tomes, voilà ce qu’il faut. N’écrivez pas même ces deux lignes.
Je me contente de remarquer que saint Cyrille était homme, et homme de parti; qu’il a pu se laisser trop emporter à son zèle; que quand on met les belles dames toutes nues, ce n’est pas pour les massacrer; que saint Cyrille a sans doute demandé pardon à Dieu de cette action abominable, et que je prie le père des miséricordes d’avoir pitié de son âme. Celui qui a écrit les deux tomes contre l’Éclectisme me fait aussi beaucoup de pitié."
أما كنجزلى فقد صور الأمر فى روايته على النحو التالى:
"A dark wave of men rushed from the ambuscade surged up round the car .... swept forward .... she had disappeared! and as Philammon followed breathless, the horses galloped past him madly homeward with the empty carriage.
Whither were they dragging her? To the Caesareum, the Church of God Himself? Impossible! Why thither of all places of the earth? Why did the mob, increasing momentarily by hundreds, pour down upon the beach, and return brandishing flints, shells, fragments of pottery?
She was upon the church steps before he caught them up, invisible among the crowd; but he could track her by the fragments of her dress. Where were her gay pupils now? Alas! they had barricaded themselves shamefully in the Museum, at the first rush which swept her from the door of the lecture-room. Cowards! he would save her!
And he struggled in vain to pierce the dense mass of Parabolani and monks, who, mingled with the fishwives and dock-workers, leaped and yelled around their victim. But what he could not do another and a weaker did--even the little porter. Furiously--no one knew how or whence--he burst up as if from the ground in the thickest of the crowd, with knife, teeth, and nails, like a venomous wild-cat tearing his way towards his idol. Alas! he was torn down himself rolled over the steps, and lay there half dead in an agony of weeping, as Philammon sprang up past him into the church.
Yes. On into the church itself! Into the cool dim shadow, with its fretted pillars, and lowering domes, and candles, and incense, and blazing altar, and great pictures looking from the walls athwart the gorgeous gloom. And right in front, above the altar, the colossal Christ watching unmoved from off the wall, His right hand raised to give a blessing--or a curse?
On, up the nave, fresh shreds of her dress strewing the holy pavement--up the chancel steps themselves--up to the altar—right underneath the great still Christ: and there even those hell-hounds paused.
She shook herself free from her tormentors, and springing back, rose for one moment to her full height, naked, snow-white against the dusky mass around--shame and indignation in those wide clear eyes, but not a stain of fear. With one hand she clasped her golden locks around her; the other long white arm was stretched upward toward the great still Christ appealing--and who dare say in vain?--from man to God. Her lips were opened to speak: but the words that should have come from them reached God's ear alone; for in an instant Peter struck her down, the dark mass closed over her again .... and then wail on wail, long, wild, ear-piercing, rang along the vaulted roofs, and thrilled like the trumpet of avenging angels through Philammon's ears.
Crushed against a pillar, unable to move in the dense mass, he pressed his hands over his ears. He could not shut out those shrieks! When would they end? What in the name of the God of mercy were they doing? Tearing her piecemeal? Yes, and worse than that.
And still the shrieks rang on, and still the great Christ looked down on Philammon with that calm, intolerable eye, and would not turn away. And over His head was written in the rainbow, 'I am the same, yesterday, to-day, and for ever!' The same as He was in Judea of old, Philammon? Then what are these, and in whose temple? And he covered his face with his hands, and longed to die.
It was over. The shrieks had died away into moans; the moans to silence. How long had he been there? An hour, or an eternity?
Thank God it was over! For her sake--but for theirs? But they thought not of that as a new cry rose through the dome.
'To the Cinaron! Burn the bones to ashes! Scatter them into the sea!' And the mob poured past him again....
He turned to flee: but, once outside the church, he sank exhausted, and lay upon the steps, watching with stupid horror the glaring of the fire, and the mob who leaped and yelled like demons round their
Moloch sacrifice.
A hand grasped his arm; he looked up; it was the porter.
'And this, young butcher, is the Catholic and apostolic Church?'
'No! Eudaimon, it is the church of the devils of hell!' And gathering himself up, he sat upon the steps and buried his head within his hands. He would have given life itself for the power of weeping: but his eyes and brain were hot and dry as the desert.
Eudaimon looked at him a while. The shock had sobered the poor fop for once.
'I did what I could to die with her!' said he.
'I did what I could to save her!' answered Philammon.
'I know it. Forgive the words which I just spoke. Did we not both
love her?'
And the little wretch sat down by Philammon's side, and as the blood dripped from his wounds upon the pavement, broke out into a bitter agony of human tears.
There are times when the very intensity of our misery is a boon, and kindly stuns us till we are unable to torture ourselves by thought.
And so it was with Philammon then. He sat there, he knew not how long.
'She is with the gods,' said Eudaimon at last.
'She is with the God of gods,' answered Philammon: and they both
were silent again".
والآن إلى ما خطه كاتب مادة "هيباتيا" فى النسخة الفرنسية من الموسوعة المشباكية الحرة (ويكيبيديا: Wikipedia):
"


En mars 415, elle meurt lapidée en pleine rue par des chrétiens fanatiques qui lui reprochaient d'empêcher la réconciliation entre le patriarche Cyrille d'Alexandrie et le préfet romain Oreste à la suite de conflits sanglants entre diverses communautés religieuses d'Alexandrie. D'après l'historien chrétien Socrate le Scolastique:
«Contre elle alors s’arma la jalousie ; comme en effet elle commençait à rencontrer assez souvent Oreste, cela déclencha contre elle une calomnie chez le peuple des chrétiens, selon laquelle elle était bien celle qui empêchait des relations amicales entre Oreste et l’évêque. Et donc des hommes excités, à la tête desquels se trouvait un certain Pierre le lecteur, montent un complot contre elle et guettent Hypatie qui rentrait chez elle : la jetant hors de son siège, ils la traînent à l’église qu’on appelait le Césareum, et l’ayant dépouillée de son vêtement, ils la frappèrent à coups de tessons ; l’ayant systématiquement mise en pièces, ils chargèrent ses membres jusqu’en haut du Cinarôn et les anéantirent par le feu. Ce qui ne fut pas sans porter atteinte à l’image de Cyrille et de l’Eglise d’Alexandrie ; car c’était tout à fait gênant, de la part de ceux qui se réclamaient du Christ que des meurtres, des bagarres et autres actes semblables. Et cela eut lieu la quatrième année de l’épiscopat de Cyrille, la dixième année du règne d’Honorius, la sixième du règne de Théodose, au mois de mars, pendant le Carême".
ولم تكتف الرواية بسرد مقتل هيباتيا دليلا على قَتَلَتها لا يطبقون الشعارت الجميلة التى يتغنَّوْن بها ويرفعون أعلامها عالية أمام الأبصار، إذ سبق أن روى هيبا مقتل أبيه فى جنوب مصر على أيديهم. وها هى ذى أوكتافيا أيضا تروى لِهِيبا خبر مقتل زوجها على أيديهم. ولنقرأ: "فهمتُ من كلامها، أن رجلها الميت كان فيه شئٌ من الحمق والضلال. أذابتْ قلبى جلستها الحزينة وهى تحكى، وقد حَفَّ شعرها بجانبى وجهها، فكأنها زهرةٌ آلت إلى الذبول. كان يجب علىَّ ساعتها أن أحتضنها، وأعدها بأننى سأكون لها خير زوج. قلتُ فى نفسى: هى على كل حالٍ لم تكن تحب زوجها الأول، وهى تقول إنها تحبنى. فربما أخذ الربُّ زوجها، ليعطيها أفضل منه! كان عقلى غائبا فى خَدَره، وكانت تكمل حكايتها، فتخبرنى أن زوجها خرج ذات صباح ليضع البخور فى المعبد الصغير الذى كان قائماً بشرق الميناء، فحوصر هناك، تقصدُ حاصرَه أهلُ ديانتنا.أجهشتْ وهى تقول : قتله المجرمون وقادتهم من الرهبان، وهم يدمِّرون المعبد.
- ما هذا الذى تقولين ؟ الرهبانُ لايقتلون!
- رهبانُ الإسكندرية يفعلون. باسم ربهم العجيب، وببركات الأسقف ثيوفيلوس المهووس، وخليفته كِيرُلُّس الأشد هوسًا.
- أرجوكِ يا أوكتافيا.
- طيب، ما علينا من هذا الكلام الآن. ولكن لماذا تبدو يا حبيبى متألماً هكذا، ومنحازًا لهم؟ إنهم يطاردوننا فى كل مكان، ويطردون إخوانهم اليهود، ويهدمون المعابد على رؤوس الناس، ويصفوننا بالوثنيين الأنجاس. إنهم يتكاثرون حولنا كالجراد، ويملأون البلاد مثل لعنة حَلَّت بالعالم" (ص131- 132).
ولم تتوقف تلك الوحشية عند اضطهاد غير النصارى، فها هو ذا أحد القساوسة الموحّدين من أتباع آريوس يمزقه الرهبان المثلِّثون بالسواطير فى الشارع. ولنسمع لهيبا وهو يقص علينا الأمر:
"مضت علىَّ الأيامُ فى الكنيسة المرقسية رتيبةً، باستثناء أيام الآحاد الصاخبة. أسلمت نفسى، شيئً فشيئا، إلى مشيئة الرب. وكان القَسّ يوأنَّس يرعانى من بعيد، ويوصينى دومًا بأن أتجنَّب الاندماج مع الرهبان الإسكندرانيين، خاصةً الذين يسمون أنفسهم جماعة محبى الآلام. كان منهم راهبٌ طاعنٌ فى السِّنِّ، يرهبونه كثيرا، عرفتُ بعد شهور سِرَّ نفورى من نظرته القاسية. الراهبُ المسنُّ أصله من الصعيد، ومع ذلك لم يكن يحب الوافدين إلى الإسكندرية من هناك! لقينى ذات يوم فى ساحة الكنيسة، وكان قد مَرَّ على وجودى هناك قرابة العام. دعانى إليه بإشارةٍ من عصاه التى تتكئ عليها سنواته السبعون، ولما اقتربت منه قال لى هامساً: عُدْ سريعاً إلى بلدتك، فالإسكندريةُ ليست مكانك! كان صوته أقرب لفحيح الأفاعى، وكانت لهجته لاذعةً كلسع العقارب. لم أفهم إشارته، وقد نصحنى القَسّ يوأنَّس لما أخبرته بالأمر، بالابتعاد عنه. بعدها بأيام أخبرنى خادم المضيفة بسرٍّ دفين، قال بعدما تلفَّتَ حوله: هذا الراهبُ المسنُّ، محبُّ الآلام، هو أحدُ أبطال الكنيسة ! فقد كان فى شبابه واحداً من الجماعة الذين فتكوا بأسقف الإسكندرية جورج الكبادوكى ومَزَّقوه بالسواطير فى شوارع الحى الشرقى. أضاف الخادم هامسا، بعدما تلفَّت ثانيةً: جرى ذلك قبل ثمانٍ وأربعين سنة، فى العام السابع والسبعين للشهداء! يقصد سنة إحدى وستين وثلاثمائة للميلاد. سألته:
- ولماذا فعلوا ذلك بأسقف المدينة؟
- لأنه كان مفروضا علينا من روما، وكان مارقا يميل إلى آراء آريوس الملعون" (ص160).
كذلك فالرواية تصور عالم رجال الدين النصارى فى عواصم النصرانية الكبيرة الثلاث كما هم فى الواقع: فمنهم الذى يخشى الله، ومنهم المغرور المتكبر، ومنهم الذى ارتكب الخطايا مثل هيبا مثلا، ومنهم، ومنهم. أما آراؤهم ومعتقداتهم فهى مجرد نظرات أو أفكار أو تفسيرات خاصة يريدون أن يفرضوها على الآخرين بوصفها كلام السماء، ومن هنا تبدأ النزاعات المذهبية والمعارك الطاحنة والاضطهادات والاضطهادات المضادة وتسيل الدماء، مع أنه ثبت مرارا وتكرارا أن ما يقال اليوم قد يُرْجَع عنه ويُغَيَّر غدا، بل قد يُعْتَقَد نقيضه. وعلى هذا ينبغى أن يكون الإنسان أوسع أفقا، وإن لم يَعْنِ هذا أن يقف أمام الاختلافات لا رأى له ولا موقف، أو لا ينصر الرأى الذى يؤمن به، بل المراد هو ألا يغلو فى هذا بحيث يتصور أنه لا يحق لغيره أن يعيش أو يكون له رأى مخالف لرأيه. وما نقرؤه فى الرواية ليس شيئا انتهى وأصبح ماضيا، بل ما زلنا نرى من حولنا فى المحروسة انقسامات واتهامات عقيدية تذكّرنا بتلك الحقبة التى تدور حولها الرواية يتبادلها شنودة والبياضى ومتى المسكين وماكسيموس، ثم الإكليروس والعلمانيون، فضلا عما عندنا من مجامع وبيانات ومحاكمات كنسية...
ولننظر الآن فى الصورة التى يرسمها هيبا لكيرلس أسقف الإسكندرية فى ذلك العصر، وكيف يستنكر بطل الرواية مظهر هذا الأسقف الذى يتناقض مع كل ما يمثله المسيح من بساطة وزهد. ولنلاحظ أن كيرلس فى تلك المناسبة إنما كان يحرض على هيباتيا، مما كان من ثمرته أن انطلق الغوغاء والرهبان فمزقوها وسلخوها وأحرقوها دون أى مسوغ على الإطلاق:
"أفقتُ من جَوَلان أفكارى على صوت الأجراس تدعو لخطبة الأسقف كِيرُلُّس، فخرجتُ مع الخارجين من صوامعهم، وانحشرتُ مع مئات الداخلين إلى الكنيسة . الساحة الداخلية امتلأت ، فلم تعد هناك أصلاً فرصةٌ للخروج، ولا للحركة من الموضع الذى كنت محشوراً فيه، بين الرهبان والقسوس والشمامسة وقُرَّاء الإنجيل والموعوظين الكبار والصغار، والمصارعين القدامى الذين صاروا مؤمنين، وأفراد جماعة محبى الآلام، وأبناءُ التائبين المنخرطين فى سلك الديانة، وأتباع الأخوة طوال القامة الحائرين، وجماعات من رهبان أديرة وادى النطرون .. كنتُ محاطاً من كل الجهات، بجيش الرب. هتافهم المزلزل الذى يملأ الساحة ويهزُّ الجدران، يُنبئ عن قُرب نبأَّ عظيم وحدثٍ جلل .. لما بلغ الهتاف غايته القصوى، وكادت الحناجرُ تتشرَّخ، أطلَّ علينا الأسـقف كِيرُلُّس مـن مقصورته .
هيئةُ الأسقف المهيبة أثارت استغرابى، وهيَّجت حيرتى . كانت المرة الأولى التى أراه فيها، وقد ظللتُ بعدها أراه صباح كل يوم أحد، لمدة عامين أو ثلاثة من دون استثناء، ورأيته أيضاً يوم اللقاء الخاص الذى سوف أذكره إن جاءت مناسبةٌ للكلام عنه .. لما رأيتُ الأسقف أول مرة، استغربتُ واحترتُ؛ لأنه أطلَّ علينا من مقصورةٍ مُذهَّبة الجدار بالكامل، هى شرفةٌ واحدةٌ، فوقها صليبٌ ضخمٌ من الخشب، معلقٌ عليه تمثال يسوع المصنوع من الجصِّ الملوَّن. من جبهة المسيح المصلوب ويديه وقدميه، تتساقط الدماءُ الملوَّنة بالأحمر القانى.
نظرتُ إلى الثوب الممزَّق فى تمثال يسوع، ثم إلى الرداء الموشَّى للأسقف! ملابسُ يسوع أسمالٌ باليةٌ ممزقةٌ عن صدره ومعظم أعضائه، وملابسُ الأسقف محلاةٌ بخيوط ذهبية تُغطيه كله، وبالكاد تُظهر وجهه. يَدُ يسوع فارغة من حطام دُنيانا، وفى يد الأسقف صولجان أظنه، من شِدَّةِ بريقه، مصنوعاً من الذهب الخالص. فوق رأس يسوع أشواكُ تاج الآلام، وعلى رأس الأسقف تاجُ الأسقفيةِ الذهبىُّ البرَّاق. بدا لى يسوع مستسلمًا وهو يقبل تضحيته بنفسه على صليب الفداء، وبدا لى كِيرُلُّس مقبلاً على الإمساك بأطراف السماوات والأرض.
نظر الأسقفُ فى شعبه ورعاياه، وأجال عينيه فى الحشد الذى انحشر فى ساحة الكنيسة، فهدأوا. رفع صولجانه الذهبى، فصمتوا. ثم تكلم فقال: يا أبناء المسيح، باسم الإله الحى أبارك يومكم هذا، وكل أيامكم. وأبدأ كلامى بالحق الذى تكلَّم به بولس الرسول فى رسالته الثانية إلى تيموثاوس، حيث يقول له، ولكلِّ مسيحىٍّ فى كل زمان ومكان: احتمل المشقات كجندى صالح للمسيح يسوع، فالذى يتجنَّد لاينشغل بهموم الحياة حتى يُرضى الذى جَنَّده، والمجنَّد لن ينال إكليل النصر حتى يُجاهد الجهاد الشرعى" (ص156- 157).
ويضاف إلى ما سبق من أسباب غضب الكنيسة على الرواية وصاحبها ما كتبه المؤلف على لسان عزازيل عن عقيدة موت المسيح على الصليب، إذ نراه يجادل هيبا حول موت المسيح متسائلا فى استغراب وإنكار: هل يمكن بشرا أن يقتل الإله؟ وإذا كان المسيح الإله قد مات فداء للبشر من خطاياهم، فهل كفت البشرية عن ارتكاب الخطايا؟ فما فائدة موته إذن؟ وما الفرق بين موته وعدمه؟ (ص390- 391).
ولكن لا بد من القول بأن كل ما صنعه المؤلف فى روايته إنما هو طرح أفكار، وهو حر فى هذا، ومع هذا ثارت الكنيسة الأرثوذكسية كأن الرجل قد اعتدى على النصرانية رغم أنه إنما يثير أسئلة ويدير حوارا ليس إلا. فهو ليس كحيدر حيدر مثلا، الذى شتم الرسول والله والإسلام وكذب فقال إن الرسول كان عنده عشرون محظية، علاوة على أن رواية حيدر المسيئة إنما طُبِعَتْ على نفقة الشعب، الذى يسب دينه ويتطاول على إلهه ورسوله وقرآنه، أما هنا فالرواية مطبوعة فى دار نشر خاصة، وهى تنشر لكل الاتجاهات، ولا يُعْرَف عنها انحياز للاتجاه الإسلامى بالذات. وعلى كل حال فالرد على الفكر والأدب إنما يكون بالفكر والأدب. وقد وعد بعض رجال الدين النصارى بأن يكتبوا ردودا علمية على الرواية يفندون فيها رؤية الكاتب، وإننا لمنتظرون حتى نقرأ الرؤية المقابلة لما طرحه المؤلف من أفكار، إذ بهذا يتجدد الفكر وتتبلور الحقيقة. ونرجو ألا يطول الانتظار كثيرا. وإنى لأنتهز هذه الفرصة فأكرر أنى لست من القائلين بأن الروائى لا يعرض أفكاره وآراءه، بل يصور الواقع ليس غير، إذ لا ريب عندى فى أن الروائى،حين يؤلف رواية، إنما يعبر عن موقفه ووجهة نظره، ويستخدم الخامات التى فى يده لهذا الغرض. المهم ألا يسب أو يحقر أحدا أو دينه، ولا أظن زيدان قد فعل. وعلى أية حال ففى الرد الكتابى، أى الرد من نفس جنس عمل المؤلف، كفاية. فأنا من مبدإ "كتابةٌ بكتابةٍ"، اللهم إلا إذا خرج المؤلف عن حدود القانون فشتم وحقّر، وهو ما لم يصنع زيدان منه شيئا.
وقد عضد الكاتبَ فى موقفه كل من جمال أسعد والروائى والناقد يوسف الشارونى، وهما نصرانيان، إذ قال الأول عن الرواية إنها "عمل أدبي أوهم فيه المؤلف القارئ بأن أحداثه استقاها من خلال مخطوطات سريالية. وهذا الإيهام جائز حتى أن العمل يدخل تحت بند الإبداع الأدبي ولا علاقة له بالعقيدة الدينية حتى ولو كان للمؤلف رأي أو أن المؤلف قد استقى آرائه من مؤرخين غربيين أو من مصادر أخرى. تلك الآراء التي أزعجت بعض القساوسة وهي أن المسيحيين في بداية عهدهم قد قاموا بتعذيب غير المسيحيين، وهنا فلا أحد ينكر واقعة قتل وتعذيب العالمة هيباتيا. ولكن كون أن هذا قد تم عن طريق وبمعرفة كيرلس عامور الدين من عدمه فهذا طبيعي جدا حيث أنه كمسلم هو اقرب للنسطورية بلا شك والتي تقول أن المسيح رسول. أي أن ما جاء بالقصة لم يكن إساءة للمسيحيين ولكنها آراء موجودة في العقائد الأخرى غير المسيحية. فهل عندما تذكر في إطار أدبي وإبداعي تصبح إساءة ويتم مصادرتها". وهذا الكلام موجود فى مقال له بجريدة "المصريون" الضوئية بتاريخ 2/ 9/ 2008م تحت عنوان "الإبداع الفني والرقابة الدينية". أما الثانى فقد أدلى برأيه فى الاستطلاع الصحفى الذى قامت به الصفحة الثقافية فى موقع "إخوان أون لاين"، إذ نقرأ فى تلك الصفحة ما يلى: "من جانبه أكد الأديب والروائي الكبير يوسف الشاروني أنه قرأ رواية "عزازيل" للدكتور يوسف زيدان، مُشيدًا بمستواها الفني، وأنها لا تمس العقيدة المسيحية، بل تناول فترة تاريخية معينة، واعتمد في ذلك على وثائق، وتقول الرواية عن فترة في التاريخ إن الوثنيين كان يضطهدون المسيحيين، ولما سيطر المسيحيون مارسوا الاضطهاد مع مَن سبقهم شأن جميع الدول والتاريخ في مختلف الأماكن، والأقباط كشطوا الرسوم الفرعونية، وموجود ذلك في معابد الأقصر وآثار النوبة القديمة. وقال: "لا أعتقد أن الرواية فيها هجوم على المسيحيين، وما أُثير حولها من جانب الأقباط إنما يتم تناولها من غير أهل التخصص، ومن قام بتأليف رواية مضادة ليس أديبًا (المقصود رواية "تيس عزازيل فى مكة"، التى يتطاول فيها كاتبها الخنزير لعنه الله على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتهم أمه فى شرفها). المسألة لا بد أن تُناقَش من منظور أدبي، ولا يدلي برأيه إلا شخص متمرس بالأدب، أما أن يقوم رجال دين برفع قضايا ضد المؤلف فهذا يعتبر من التخلف؛ لأن من يقرأ لا يفرق بين العمل الأدبي والمقال أو الكلام المنشور". يضيف الشاروني أن الأدب يحمل رسالةً إنسانيةً بوجه عام، ولا ينبغي أن تكون بشكلٍ وعظي، بل في إطار الحدث، والقارئ هو الذي يستخلص ما يفيد".

وأخيرا نختم بهذه الملاحظات الفنية: فأحداث الرواية وشخصياتها تتتابع فى غزارة، ومع ذلك فكثير من الشخصيات لا علاقة لها ببناء القصة، والعنصر الوحيد الذى يربط بين هذه الشخصيات وكذلك الأحداث التى تقع منها أو لها هو البطل فقط فى الغالب، وهو رباط لا يكفى. ومن ناحية المعقولية هل يمكن السفر من دمنهور إلى الإسكندرية على القدم فى ساعات معدودة من نفس اليوم ودون توقف مع بعد المسافة بينهما كما نعرف؟ كذلك هل من الممكن التقاء الخادمة والبطل على شاطئ البحر واصطحابها إياه إلى القصر فى غيبة مخدوميها وقضاؤهما عدة ليال معا يمارسان الجنس فى هذه الجنة بهذه السهولة؟ إلا أن ما يجعل القارئ يغض الطرف عن نقطة الضعف هذه هو اللذة التى يجدها فى قراءة تلك التفاصيل، فضلا عن أنه يتصور واهما بخداع من المؤلف أن القصة قد كتبت فى الماضى، ونحن عادة ما نتسامح مع أدب الماضى.
ترى مثلا ما الذى أخرج الخادم إلى البحر فى هذه البقعة المنعزلة فى ذلك الوقت؟ ولماذا أحضرت معها كل ذلك الطعام؟ وكيف تقع فى غرام شاب نوبى فقير قشف وزرى الهيئة من أول نظرة؟ وهل يمكن أن تكون مثقفة على هذا النحو؟ سوف نعرف بعد قليل أن العرافة أخبرتها أن حبيبها سوف يأتى من البحر، وكان ذلك قبل عامين. أيعقل أنها كانت تجىء إلى هذا المكان على مدى العامين السابقين ومعها الطعام والنبيذ والفِرَاش فى كل مرة؟
ومما يؤخذ على الرواية أيضا لجوء المؤلف إلى المصادفة فى حل مشكلة ضياع البطل فى الإسكندرية بعدما طردته أوكتافيا من جنتها، إذ جعله يقابل، على حين بغتة، بعضا من أترابه من نجع حمادى (ص151). ثم هل يعقل فى غمرة التعصب الجنونى أن يكتفى الراهب والمرأة والصبى بإعلان دهشتهم من خلع البطل لصليبه ورميه على الأرض عقب سحل هيباتيا وسلخها وحرقها؟ (ص173). كذلك يؤخذ على الرواية أن البطل رغم حبه الشديد لنسطورس لم يصاحبه مَرْجِعَه إلى بلده أنطاكية حين عرض عليه الذهاب معه، بل اعتذر رغم نفوره من أورشليم، والدليل على ذلك أنه يقبل اقتراحه الذهاب إلى حلب حيث يعيش فى دير تابع لكنيسة أنطاكية. فأى لخبطة هذه؟ ليس ذلك فقط، فهو يتخلف عن السفر فى قافلة نسطورس رغم أنه سوف يذهب إلى حلب، التى كان من الأفضل أن يرافق نسطورس فى طريقه الذى يمر بها فيستمتع بصحبته ما دام يحبه كل هذا الحب (ص200- 201).
وهناك مشهد يظهر فيه الحَمَام على مرأى من هيبا وأحد زملائه الرهبان فى الدير القريب من حلب وذكوره تسافد إناثه، ولكن السؤال هو: هل للحمام دور فى الرواية غير ما لاحظه عليه هيبا من حب السفاد وما إلى ذلك؟ لقد شغل هذا الأمر البطل كثيرا، كما كان هناك راهب يكره الحمام وركز عليه هيبا الكلام طويلا، فتوقعْنا أن يقول هيبا عن الحمام شيئا، لكن الطير اختفى فجأة كما ظهر فجأة، وكان الله بالسر عليما (ص383 وما بعدها).كذلك فكلام البطل عن الموسيقى من أنها صوت سماوى مقدس، وأنها مع هذا يمكن أن تستعمل فى الخير أو فى الشر كلام فيه تناقض (ص289). وبالمثل يلفت النظر فى الرواية جرأة مرتا الجنسية والعاطفية منذ البداية على هيبا الراهب، وهو تصرف غير مقنع، إذ يأخذ مثل هذا الأمر وقتا ويحتاج إلى مواقف يتبلور من خلالها ولا يمكن أن يتم هكذا بسرعة، وبخاصة أنها فتاة فى العشرين، وهو راهب مشهور، ولم يُعْرَف عنه أنه رجل منحرف حتى تجرؤ عليه كل تلك الجرأة وبهذه السرعة (ص316). ومن الغريب أنه يسألها فى هذه الصفحة عن عمرها مع أنها سبق أن قالت له فى الصفحات الماضية إنه عشرون.
والملاحظ أن عزازيل موجود مع البطل كلما شرع يكتب مذكراته وينخسه نخسا كى يواصل الكتابة. ولا أدرى ما دخل عزازيل هنا؟ يمكن أن يدفعه إلى الشك مثلا، أما الكتابة فما السبب؟ وإذا كان البطل على وعى تام بأن إبليس يريد منه ذلك وكان يكرهه كما يفهم من ردوده عليه، فلم كان يصيخ إليه وينفذ طلبه دائما؟ وبالمناسبة فالمفروض، عند كتابة هيبا فى مذكراته عن المشاعية فى النساء وإعلانه أنه يحبذ ذلك، أن يبتهج عزازيل بهذا الذى يقوله هيبا، لكننا نفاجأ بأنه يزجره حتى لا يكتب كلاما يتنافى مع تدينه ورهبانيته (ص287 مثلا).
لكن يُحْمَد للرواية مع ذلك استطاعتها رسم صورة حية واضحة للجو الجدلى الدينى آنذاك وكيفية انعقاد المجمع المسكونى، وتحويلها الشخصيات الكنسية كنسطور وكيرلس إلى كائنات حية لا مجرد أسماء وأفكار وكلمات فى الكتب. ذلك أننا نلقى كيرلس مثلا ونسمعه ونقرأ أخباره ونعرف ما يكتبه فى رسائله الدينية دفاعا عما يعتقده وهجوما على ما يعتقده الأساقفة الآخرون، ونتسقط ما يقوله هيبا ونسطورس عنه كلاما حيا طازجا لا كلاما باردا مودعا بطون الكتب يفصل بيننا وبين من يدور حوله قرون وقرون. أما نسطورس فهو أقرب إلينا من كيرلس لأنه هو وهيبا بطل الرواية وراوى أحداثها كانا صديقين، وكثيرا ما تجادلا بمحضر ومرأى ومسمع منا، وكان نسطورس يبدى رأيه فى غريمه السكندرى ويتحدث أمامنا إلى هيبا بما ينوى أن يصنعه حين يسافر إلى أفسوس للمجادلة عن مذهبه فى وجه كيرلس وشيعته. لقد أخذَنا الراوى، أو فى الحقيقة: لقد أخذَنا المؤلف، فى رحلة طويلة من أخميم إلى الإسكندرية إلى القدس إلى حلب، وأكمل جميله فكان يتتبع أخبار نسطورس فى أنطاكية، وقام بكل هذا كى يطلعنا على الأوضاع السائدة فى العالم المسيحى أوانذك، فأشعرنا، أو أشعرنى أنا على الأقل بأننى أعيش فعلا فى ذلك الزمان وفى تلك الأمكنة، وليس هذا بالشىء القليل رغم الملاحظات والتحفظات التى أخذتها على الرواية، وهى أيضا ليست بالشىء القليل. ولم يكتف المؤلف بهذا، بل عرض فى تفصيلٍ حارٍّ وقع هذا كله على عقل هيبا، الذى أدت به تلك الانقسامات والمجادلات والمشاحنات بين كبار الأساقفة إلى الشك فى كل شىء يتعلق بتلك الخصومات العقيدية، إن لم يكن فى النصرانية ذاتها، ومن ثم ترك الرهبنة وأطاع صوت عزازيل فى غير قليل من الأشياء. ومن هذا كله يتبين لنا أن المجامع البشرية هى التى تصوغ قانون الإيمان، وهذا القانون يتغير ويتطور من حين إلى آخر (ص383، 392مثلا). وكان هذا أحد العوامل المسؤولة عما اعتور عقل هيبا وقلبه من شكوك وملل وانصراف تدريجى عن النصرانية وإسلامه نفسه إلى عزازيل، الذى كان يصحبه دائما، وإن لم يكن يظهر له إلا فى الأوقات الحرجة والانعطافات الحادة. ومن هنا انتهى هيبا إلى أن الله والإيمان هما فى القلب لا فى المجامع ولا فيما يقوله رؤساء الكنائس. ليس ذلك فقط، بل إن فى الأناجيل ذاتها أشياء منسوبة إلى السيد المسيح نفسه لم ترض عقل هيبا، فهو مثلا غير مقتنع بالسبب الذى على أساسه نَفَى المسيح إمكان دخول الأغنياء ملكوت السماوات (ص179). كما فكر فى حقيقة وجود الآلهة متسائلا: هل هى موجودة وجودا مستقلا حقا أو تابعة فى وجودها لمن يؤمن بها؟ (ص209- 210). يريد أن يقول: هل الله موجود حقا؟ أم هل هو مجرد فكرة تدور فى أذهان المؤمنين به؟
وفى ضوء هذا الجدل العنيف الرهيب وما نشأ عنه من انقسامات ومذاهب يفسر الراهب الفريسى لهيبا القول المنسوب للمسيح فى الأناجيل: ما جئت لألقى سلاما بل سيفا (ص352. و من قبل أكد ذلك كيرلس فى إحدى رسائله التى كتبها مفندا آراء نسطور/ ص258- 259). والحق أن هذه أول مرة أصادف هذا التفسير الذى يبدو أنه تفسير المؤلف نفسه، بصفته خالقا لشخصية ذلك الراهب الفريسى وكل الشخصيات فى الرواية. وهو تفسير وجيه، وإن لم يستغرق كل الأبعاد المتعلقة بمعنى ذلك القول المنسوب للسيد المسيح فى الأناجيل. ليس هذا فحسب، بل إن هذا الراهب الفريسى قد أقر بأن الثالوث يمثل مشكلة شائكة لا مفر منها كيفما نظرنا إليه لأنه لا يتسق مع العقل (ص352- 353). كذلك نجح الكاتب نجاحا فائقا فى صياغة خطبة البطرك، فكأن القارئ يسمع البطرك فعلا يتكلم (ص157- 159).
والمعروف أن المؤلف متخصص فى الفلسفة الإسلامية، ويهتم بالمخطوطات، وله موقع خاص بذلك. وقد اجتهد فى تقديم صورة للعصر، وجعلنى أتخيل أنى أعيش فيه: بسبب الوصف التفصيلى البيئى والمكانى والشخصى، واللجوء إلى المصطلحات الطبية والدينية التى كانت معروفة فى ذلك العصر أو نتصور أنها كانت، والتوقيت بالشمس لا بالساعة كما هو الحال الآن، والقضايا الدينية التى كانت تستولى على الناس فى ذلك الوقت. وطريقته فى بناء الرواية تشبه، فى بعض نواحيها، طريقة جرجى زيدان، إلا أن أسلوبه أكثر شاعرية وأحكم وأجمل، وفيه تأملات فى الكون والنفس البشرية، كما أنه يحكى روايته على لسان البطل، مما يجعله قريبا من نفوسنا، ويقوى إيهامنا بأننا نعيش فى ذلك العصر، وهو ما لم يفعله صاحب "الهلال" البتة.
(ملحوظة هامة: أرقام صفحات الرواية المذكورة هنا هى أرقامها فى النسخة التى تكرم المؤلف مشكورا، بناء على طلبى، بإرسالها لى بالبريد الضوئى فى ملف "وِرْد: word" قائلا إنها هى النسخة الأصلية الأولى).























HOME

غير معرف يقول...

(((((موضوع مهم؟؟؟))))السلام عليكم

الأستاذ متعلم وضع هذا الرد على علاقته بحوار الأديان بالجامع

وأردت ان أنقله للأعضاء هنا لما له من قيمة ممتازه

--------

بدأت معرفتي بالنصرانية على المستوى الاجتماعي ، منذ سن السادسة تقريبًا ، وحتى عشر سنوات بعدها .. دخلت بيوتهم .. اطلعت على أحوالهم .. شاركت في أعيادهم .. زرت كنائسهم .. وعلى سبيل المثال : أذكر أني في سن العاشرة ، دعاني صديق نصراني لحضور زواج أخته في الكنيسة . وأثناء الإجراءات ، وبعد تلاوة أحد الكهنة لمقاطع ذات صبغة دينية ، بدأ الإنشاد ، ثم فوجئت – وحدي فوجئت – برجل في ملابس الكهنوت ، في يديه "الصاجات" ! يضرب بها مميلاً رأسه بكل رضا ! .. بعد الحفل ، أفهمني صديقي – بعدما وبخني على ضحكي ساعتها – أن هذا يقابل عندنا "الإنشاد الديني" لكن تصاحبه المعازف ، وأن الكهنة عندهم يضربون على المعازف دون أدنى حرج .

وعلى مستوى القراءة ، فحتى سن الخامسة عشر ، كنت قد قرأت كتبًا كثيرة للنصارى وكثيرًا من البايبل الذي لم أستطع إكماله آنذاك للملل الذي كان يصيبني منه بسرعة ، بالإضافة إلى مئات الساعات من السماع لإذاعة تبشيرية معروفة وعشرات المراسلات معها و"الهدايا" منها .
في المقابل ، كنت قد طالعت كثيرًا من الكتابات الجدلية والردود للمسلمين . لكن القراءة شيء والعلم شيء آخر . وأرجو أن ينتبه الأحبة إلى هذا الأمر المهم : القراءة شيء والعلم شيء آخر . قد توصلك القراءة إلى العلم وقد لا توصلك .
لكن بعد الخامسة عشر ، منّ الله علينا بطلب العلم من بابه ، أعني بطريقة منهجية مرتبة .. كانت بداية "الصحوة" خطبة جمعة في مسجد الشيخ فوزي السعيد ، شرح فيها معنى لا إله إلا الله ، وأن معناها ألا محبوب لذاته إلا الله .. فكأنما كنت في سُبات وانتبهت ، وكأنما كان قلبي ميتًا فتنسم نسمة الحياة ..

وأما على مستوى جدال النصارى أو دعوتهم ، فكان منذ الصغر أيضًا ، لكن لم يأخذ طابع "الخصومة" إلا بعد سن العاشرة .. بدأ ذلك عندما أسلم أحد نصارى شارعنا القديم ، ولم يستسلم ساعتها قساوسة كنيسته بسهولة ، كما لم يستسلم في المقابل "إخوة مسجد الشيخ فوزي السعيد" .. انتبهت بعدها للنشاط التبشيري الذي كان يُمارس بكل خسة على الفقراء القاطنين في منطقة سكنية - أمامنا مباشرة - مشهورة بفقرها المدقع .. كان الشمامسة يجولون في شوارعها بكل حرية ، ويقفون أمام البيوت جهارًا يكلمون أصحابها .. شاركت في كثرة كاثرة من هذه الجدالات ، ولم أكن أملك "علمًا" ساعتها ، لكن كنت قد "قرأت" كثيرًا من كتب الردود ونقد النصرانية .

كان كثير من الفقراء يسايرهم لينال المال ، وبعضهم يوهمهم فعلاً بأنه ترك الإسلام لنفس الغرض . الجدير بالذكر أن القساوسة ما كانوا مخدوعين بهذا ، وكانوا يعرفون الواقع ، وكانوا راضين بهذه الحال لأمرين : الأول : أن هذا الوضع على تهافته يفيدهم في الناحية الدعائية أمام أبناء ملتهم . والثاني وهو الأهم : أنهم وإن خسروا الآباء لكن يأملون في اكتساب أطفالهم عن طريق تولي تعليمهم في مدارسهم ومتابعتهم .

خفت الجدالات مع النصارى – نسبيًا - في مرحلة الدراسة الثانوية . ثم عادت بقوة في بداية مرحلة الدراسة الجامعية . كان لي صديق مسلم يعمل في "سنترال" حكومي . وكان على زهد وعبادة وشيء من العلم ، لكن ليس عنده موهبة الجدل على الإطلاق . وكان له زميل عمل نصراني يبلغ أربعين سنة يدرس دراسات عليا في القانون . فلم يكن النصراني يدع صديقي يومًا دون جدال . فشكى لي زميلي الحال ، فقلت له : هذا خير ساقه الله إلينا . بعد فترة أدرك النصراني أن الحال تغيرت ، وسأل صديقي عمن يلقنه فأخبره . بعدها استعان النصراني بأحد قساوسة كنيسة العباسية متخصص في جدال المسلمين . بعدها طلب القس مقابلتي شخصيًا . وقد كان .

في السنوات الأخيرة ، انتبهت إلى فائدة الإنترنت في الدعوة ، فدخلت عالم الإنترنت ، ولم أنقطع – بفضل الله – عن دعوة النصارى في عالم الواقع .. لكن دخلت الإنترنت ..

ألزمت نفسي في البداية شهورًا طويلة بعدم الدخول في أي حوار على الإنترنت ، حتى أتعلم جيدًا قواعد الأمر في عالم الإنترنت ..

تعلمت من (برسوميات) وغيره الكثير .. ونفعني الله بكتابات الإخوة الكبار كالأخت (مسلمة) والأخ (eeww) وغيرهما ..



عالم الإنترنت مختلف تمامًا عن عالم الواقع .. في عدة أمور :

أولاً : قلة الأدب هي الصفة الغالبة على نصارى الإنترنت .. أما في عالم الواقع فمحاورك النصراني يسيل أدبًا ورِقَّة ، لا سيما الشمامسة والقساوسة .. في عالم الواقع ، غالبًا يكون هدف محاورك النصراني إثبات صحة دينه وخطأ دينك .. أما على الإنترنت ، فهدفه غالبًا التشفي والتنفيس عن غيظه وكمده الذي يحرق صدره على هذا الدين وأهله .. في عالم الواقع ، غالبًا يكون محاور النصراني مؤمنًا بعض الإيمان بدينه .. أما على الإنترنت ، فالشهرة لأقباط المهجر ، وأقباط المهجر أكثرهم علمانيون أو ملاحدة ، ثم "المتدين" منهم ترك الأرثوذكسية إلى البروتستانتية تقربًا لوطنه الجديد .. والمؤمن يحاول الالتزام ببعض الخلق والأدب ، أما بنو علمان وبائعو المذهب فالمسألة عندهم سياسة لا دين .

ثانيًا : الجهل هي الصفة الغالبة على نصارى الإنترنت .. بالطبع الجهل صفة فاشية في النصارى وقساوستهم سواء في عالم الواقع أو على الإنترنت ، لكن الإنترنت منبر الجهلاء بلا منازع .. فالإنترنت منبر مَن لا منبر له ، ويمكن لأي جاهل أن يضع المشاركات وينشئ المواقع .. وأي أحمق يمكنه أن يقول « أنا أرى .. وأعتقد .. وبلا شك » فيصير في عين نفسه عظيمًا ويتوهم أنه صار هكذا عند الناس .. وهذا غير خاص بالنصارى فقط ، وإن كان لهم أطول باع في صفة الجهل والضلال ، لكن هو أيضًا للملاحدة وغيرهم ، بل هو في المسلمين أيضًا وإن قلت النسبة .. لأن في عالم الواقع ، نشر الكتب له مشاكله المادية ، وهذه المشاكل تكون بمثابة المصفاة التي تغربل الغثاء ليصفو لك أفضل الغثاء . وبعض الشر أهون من بعض . وأما سهولة الكتابة على الإنترنت ففتحت الباب لكل جاهل وأحمق أن "يشارك" .. عندنا في مصر يقولون : « هبلة ومسكوها طبلة » ! .. وأي "أهبل" يستطيع الآن الإمساك باللاقط على البالتوك مثلاً "ليطبل" كيفما شاء !

فإذا امتلك هذا الجاهل أو الأحمق إشرافًا في منتدى ، أو في غرفة بالتوكية ، فهي المصيبة الكبرى .. فيحذف لهذا ، ويمنع ذاك ، ويطرد هؤلاء .. محاولاً أن يشفي غليله من المسلمين من ناحية ، وأن يتعالم على بني ملته من ناحية أخرى ..

وأنا أشمل بكلامي كثير من المسلمين أيضًا وأسأل الله العافية ..

أكثر قراء الإنترنت – مسلمين أو نصارى أو غيرهم - ليسوا بقراء أصلاً .. فما كانت هوايتهم القراءة قبل الإنترنت ولا بعدها .. وليسوا بأهل سماع ومحاورة أصلاً .. فما كانوا يطيقون سماعًا يطول أو يصبرون على حوار يمتد لا قبل الإنترنت ولا بعدها .. لكن وجدوا على الإنترنت فرصتهم في التعالم والظهور بمظهر "القارئ" و"المحاور" .. واضطرتهم الإنترنت للقراءة بسبب طبيعة المنتديات بها ، فيرتكبون هذه الضرورة ولكن بقدرها ! .. فيقرأ وما هو بقارئ .. يظن القراءة مجرد مس النظر للكلام (أو بعضه) ، ولا صبر عنده على فهم بضعة سطور أو التأمل فيها .. وقل مثل ذلك في مهارات الحوار المسموع ..

ثالثًا : الحوار على الإنترنت ليس ثنائيًا في الغالب .. فمحاورك النصراني في منتداك أو منتداه يكتب كلامًا يراه الذكي والغبي .. وهذه مشكلة تخص المسلم الواعي ، لأنه يعلم أن ترك الهذيان بلا تعقيب قد يغر الجهلاء والساذجين ، والتعقيب على كل هذيان سيضيع الموضوع الأصلى .. مشكلة قَلّ مَن يحسن التعامل معها .

وهي وإن كانت مشكلة للمسلم ، فهي مكسب للنصراني .. لأن النصراني لا يأمل كثيرًا في إثبات صحة دينه كما يرجو المسلم ويعزم .. النصراني كل همه أن يوضح - لبني ملته لا للمسلم - أن الإسلام به "مشاكل" .. هذا قصارى همه .. يريد أن يقول لهم : لا تتركوا النصرانية بسبب مشاكل عقيدتها أو كتابها فالإسلام أيضًا له مشاكله ، فاصبروا على مشاكلكم أفضل .. وعلى هذا يكفي النصراني تمامًا أن يخرج من الموضوع بلا إثبات لصحة دينه أو خطأ صريح للإسلام .. يكفيه تمامًا أن يكون الموضوع تغبيشًا وتشويشًا على الإسلام .. وهو يعلم أن هذه النتيجة تكفي لخداع بني قومه الذين مردوا على التقليد الأعمى .. هذا بالطبع بخلاف هدف التشفي الذي أسلفنا بيانه .

ومع الأسف كثير من المحاورين المسلمين في مجالنا لا ينتبهون لهذه المسألة ، فلا يُحكمون قبضتهم على محاورهم النصراني ، ويتركونه ليتفلت ببعثرة المسائل هنا وهناك ، ويضيع الموضوع ويضيع القارئ ويضيع الوقت ..

كذلك ، فإن النصراني يكون همه التهجم على الإسلام أكثر من إثبات صحة النصرانية ، لأن أكثرهم يائس من هذا الأخير .. أو قل إن النصراني يائس من إثبات صحة دينه بمجرد عرضه ، لكنه يأمل دومًا أن يحقق ذلك بإثبات خطأ الإسلام ..

وقد أدى هذا إلى إعراض أكثر النصارى عن الكلام حول عقيدته أو كتابه ، لأنه يعلم من المشاكل حول عقيدته وكتابه أكثر مما تعلم أنت ! .. فترى واحدهم يقول لك إذا ألزمته بكتابه : دعك من كتابي وديني وأنا من الملحدين ! .. وليس بعد هذا الخزي من خزي !

ومع الأسف ، بعض المسلمين – على البالتوك - يقلد النصارى في مثل هذا ، وإن بدرجة أخف ، وإن لم يكن بنفس اللفظ الفاجر .

والشاهد أن غياب ثنائية الإنترنت مشكلة أمام المسلم الفاهم .. ولذلك أرجو ألا يكتفي الأحبة بالحوارات العلنية على الإنترنت .. بل ينبغي أن يصطادوا كثيرين إلى الحوارات الثنائية ، حيث يستطيعون التركيز أكبر والتوضيح أكثر وعرض الإسلام بطريقة أوضح .. لا سيما والنصراني تأخذه العزة بالإثم في الحوارات العلنية ، فيخشى إن ترك مشاركة دون سب الإسلام أن يعيره إخوانه بالخنوع ، فيلجأ لقلة الأدب مضطرًا في أحيان كثيرة .

رابعًا : الخفاء .. فشخصية محاورك تكون مخفية على الإنترنت ، ومكشوفة بشكل أكبر في عالم الواقع .. وهذا قد يؤدي إلى ضياع أوقات كثيرة على الإنترنت .. فقد يطول حوارك مع خصمك النصراني ، ويشتد عجبك من شدة غبائه ، ولا تكتشف أن محاورك وقع على رأسه وهو صغير مما أدى إلى خلل في عقله يمنعه الفهم والحوار ! .. وقد يطول حوارك مع خصمك النصراني ، ويشتد عجبك من شدة عناده ، ولا تكتشف أن محاورك مأجور يؤدي واجبًا كنسيًا لم يطالبوه بالانتصار في حوار فذاك أمل بعيد ، لكن طالبوه بحوارات "فعالة" في خدمة الرب يسوع له المجد !

خامسًا : سهولة النسخ واللصق .. فالنصراني على الإنترنت عنده كم كبير من الكتب التي يستطيع أن ينسخ منها ويلصق .. فيفتح الموضوع ويبدأ بلصق ما عنده تباعًا ، وهو يوهم نفسه قبل إيهامك والقارئ أنه بذلك النسخ واللصق قد "حاور" ! .. فإذا انتهى مخزونه الإنترنتي انتهى الموضوع وحان الوقت ليقول الكلمة المعروفة : « انتهى الموضوع بالنسبة لي وأترك الحكم للقارئ » !!

وهو حتى لا يكلف نفسه أن ينسخ ويلصق من كتب خارج الإنترنت .. هذا عبث وضياع للأوقات ينزه نفسه عنه !

بالطبع قد يكون سؤال المسلم المطروح لا وجود لإجابة عليه مباشرة في "مخزون" الأفندي النصراني .. لا مشكلة .. سيحاول تطويع الموضوع للمخزون لا العكس ! .. إما بأن يجر المسلم إلى مسائل موجود إجابتها المباشرة في "المخزون" .. أو بنظام "التعامي" فيترك المسلم يكتب ويلصق له أقرب ما في "المخزون" ، مع الادعاء الدائم أثناء ذلك وبعده ، أنه رد على كل ما أثاره المسلم ، ووضع كل الأدلة التي تقنع أي عاقل ، وفعل كل شيء ، لكن المسلم معاند لا أكثر ! ..



بالنسبة للكتب ، فأعظم كتابين لطالب العلم المجتهد – والله أعلم – : كتاب "الجواب الصحيح" وكتاب "إظهار الحق" .

لكن ينبغي ألا ننظر للكتابين على أنهما يقدمان "معلومات" ، وإنما هما يقدمان "منهجًا" في هذا المجال ..

وهذا الأمر واضح جدًا مع كتاب "الجواب الصحيح" .. فابن تيمية يصرح باللفظ الصريح أن "طريقة" الرد تكون هكذا .. ويعلمك ما أفاض الله عليه من علمه ..

و"إظهار الحق" وإن كان لا يصرح بمثل هذا اللفظ ، لكن منهجه واضح جدًا ..

وبالرغم من وجود كتابات كثيرة جيدة تلت "إظهار الحق" إلا أن في "إظهار الحق" مزايا لا يستطيع جمعها أكثر المحدثين ..

على سبيل المثال : مسألة التوثيق .. كثير من كتابات المسلمين على الإنترنت ينقصها التوثيق المفيد للقارئ ..

ثم إن الشيخ "رحمت الله" ما كان ينقل عن مراجع وسيطة في الاحتجاج ، وإن فعل يكون المرجع الوسيط حجة على المخالف .. انظر الآن إلى رسالات الماجستير والدكتوراة في مجالنا .. أكثرها – إلا ما رحم ربك – لا يعرف إلا المراجع الوسيطة التي ليست بحجة على المخالف .. فتجدهم يوثقون عقائد النصارى من كتب الشيخ أبي زهرة وغيره من المسلمين ..

والشيخ "رحمت الله" ما كان يحتج على النصارى بقول غيرهم ، بل ما كان يحتج على طائفة منهم بقول الأخرى .. مع الأسف فإن أكثر الأكاديميين مولعون بالاحتجاج على النصارى بقول أي مايكل وأي جورج لمجرد أن اسمه مايكل أو جورج ، غير منتبهين أن من يحتجون بقوله ملحد لا نصراني .. وحتى لو كان نصرانيًا فالحجة تشترط أن يكون من علمائهم على الأقل .

وكثير من الأكاديميين يحتجون على النصارى بقول أستاذ اللاهوت فلان بالكلية العلانية .. ولا ينتبهون أن الغرب عج بزخم هائل من كليات لاهوتية لا يعترف بها جمهور النصارى .. بل أكثر هؤلاء الأساتذة ملاحدة أصلاً أو يفهمون النصرانية بطريقتهم الخاصة ..

وهذه إشارة عابرة إلى ميزة واحدة في كتاب "إظهار الحق" .. واللبيب بالإشارة يفهم .

أعتذر بشدة عن الإطالة .. وأرجو الله أن ينفع بنا وبكم .
توحيد

ثالثًا : الحوار على الإنترنت ليس ثنائيًا في الغالب .. فمحاورك النصراني في منتداك أو منتداه يكتب كلامًا يراه الذكي والغبي .. وهذه مشكلة تخص المسلم الواعي ، لأنه يعلم أن ترك الهذيان بلا تعقيب قد يغر الجهلاء والساذجين ، والتعقيب على كل هذيان سيضيع الموضوع الأصلى .. مشكلة قَلّ مَن يحسن التعامل معها .

وهي وإن كانت مشكلة للمسلم ، فهي مكسب للنصراني .. لأن النصراني لا يأمل كثيرًا في إثبات صحة دينه كما يرجو المسلم ويعزم .. النصراني كل همه أن يوضح - لبني ملته لا للمسلم - أن الإسلام به "مشاكل" .. هذا قصارى همه .. يريد أن يقول لهم : لا تتركوا النصرانية بسبب مشاكل عقيدتها أو كتابها فالإسلام أيضًا له مشاكله ، فاصبروا على مشاكلكم أفضل .. وعلى هذا يكفي النصراني تمامًا أن يخرج من الموضوع بلا إثبات لصحة دينه أو خطأ صريح للإسلام .. يكفيه تمامًا أن يكون الموضوع تغبيشًا وتشويشًا على الإسلام .. وهو يعلم أن هذه النتيجة تكفي لخداع بني قومه الذين مردوا على التقليد الأعمى .. هذا بالطبع بخلاف هدف التشفي الذي أسلفنا بيانه

:x029::x029::x029::x029::x029::x029:


الحقيقة المقال كله اكثر من رائع .. ويحلل الأمور بامتياز ... ولكن هذه الفقرة بالذات .. جاءت على الجرح
باحث سلفى

ولا تكتشف أن محاورك وقع على رأسه وهو صغير مما أدى إلى خلل في عقله يمنعه الفهم والحوار !

ما معنى هذه هل معناها التعميد
الشرقاوى
-
ما معنى هذه هل معناها التعميد

المعنى اخي الكريم أنك ستكتشف بعد وقت طويل وجهد كبير أن غباؤه وتعنته الظاهر بسبب أنه مغسول المخ ومأجور الجيب ولهذا فهدفهم ليس الحوار???????====

غير معرف يقول...

(((((((((((((((قصتي السودااااء مع زكازيكووو)))))))))============================وأنا هحكيلكم على قصتي مع الشماس البهلوان القاطن شقة تحت الارض خوفا من الارهابيين المسلمين زكازيكوبطرس ... أصل أنا عرفت الحقيقة على أيديه

وبشكر الله ابن الإنسان المسيح الروح القدس ربنا اللي خلانا بنوره وهدايته نتعرف على الحقيقة وعلى الله المسيح اللي هو ابن الله .. واللي كله محبة!
لما شفت الحقيقة في قصة كريستين وكيف إن الجماعات الإرهابية خطفوهم واغتصبوهم وغلسلولهم دماغاتهم وأجبروهم على إنهم يصبحوا مسلمين أنا قلت الإسلام اللي أنا بقالي مصدقه أكثر من ثلاثين سنة ده كله إرهاب
ازاي بيقول لا إكراه في الدين وبعدين بيجي وبالطريقة البشعة دي بيخليهم يسلموا وينجبوا أطفال ويلبسوا اسود في اسود... لا وبيغسلهم دماغهم وبيخليهم يقولوا أنهم مسلمين على قناة العربية
والدليل الإرهاب في العراق... شوف أمريكا بتعمل إيه في العراق والانسانية الراقية في التعامل معهم وشوف الإرهابيين بيعملوا إيه في الشرطة!!
لذلك قررت أشوف بنفسي
ودخلت قناة الحياة وسمعت كلام كتير... وقررت أشوف القمص زكريا بنفسي
ورحتله في مكان سري كان مستخبي فيه علشان الإرهابيين ما يقتلهوش
وسألته:
يا أبونا... أنا مسلم وعايز أتعرف على الطريق الصحيح طريق الله المسيح ابن الله الروح القدس الحق
قلي: يا ابني المسيح محبة.. المسيح أتصلب علشانا
قلتله: طيب اعمل ايه علشان أصير مسيحي؟
قاللي: اعترف إن المسيح ابن الله هو ربنا وانه هو طريق الخلاص وانه أتصلب علشان يخلصنا من الخطيئة الأولى خطيئة آدم
قلت: آدم؟؟؟ وأنا مالي بخطيئة آدم...!هو أنا ناقص خطايا!!!
قال: هو أنت مش من أبناءه؟
قلت: آه؟
قال: طيب لو إن أبوك كان عليه دين... ومات.. مش أنت بتدفعه
قلت : ايوه
قال: وبالتالي عليك تدفع من دين آدم!
قلت: يا لهوي؟ كل ده وانأ مش عارف إن علي دين... الحمد لله انك عرفتني قبل ما تجي الضرايب وتحجز علي! طيب يا أبونا فيه حاجة تانية لازم اعرفها؟
قال: الثالوث المقدس
قلت يعني إيه ثالوث؟
قال: الأب الابن الروح القدس
قلت: مش فاهم...ممكن تشرح لي عقيدتكم؟
قال: بالحقيقة نؤمن بإله واحد .الله الأب ضابط الكل .خالق السماء والأرض .ما يري وما لايري

نومن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد .المولود قبل كل الدهور . نور من نور .إله حق من إله حق .مولود غير مخلوق .واحد مع الأب في الجوهر .الذي به كان كل شئ............

نعم نؤمن بالروح القدس .الرب المحي المنبثق من الأب .نسجد له ونمجده مع الأب والأبن الناطق في الأنبياء .............
المجد للأب والابن والروح القدس . الآن وكل أوان والي دهر الدهور أمين

هو دة إيمانا "قانون الإيمان"
فنحن نؤمن إن الله واحد مثلث الأقانيم
واحد هو الأب القدوس . واحد هو الابن القدوس . واحد هو الروح القدس
ثالوث واحد نسجد له ونمجده

قلت: يا أبونا انأ أتحولت!

أنت قلت:نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد!!
هو مين الأب ومين الابن؟ لله أبو المسيح وإلا المسيح أبو المسيح؟؟ ومين الروح القدس!!
قال: أنت بستهزئ حضرتك؟
قلت : لا والله.. اشرحهالي ربنا يبارك فيك!
قال: الروح القدس هو روح الله فالله له روح وهذه الروح لها لفظة الروح القدس
قلت: والاقانيم؟
قال: كلمة اقنوم هى كلمة سريانيه يطلقها السريان على كل من تميز عن سواه دون استقلال.. وهى تعنى شخصا متحدا بآخر أو آخرين في امتزاج متميز ودون انفصال. والآن يمكن بعد هذه المقدمه أن نوضح ما تعلنه المسيحيه عن الله.. المسيحيه تعلن ان الله الذى لا شريك له هو واحد فى الجوهر موجود بذاته... ناطق بكلمته.. حى بروحه.. ويمكن ان نقول ان ( الله واحد فى ثلاثة أ قانيم) والثلاثة هم واحد...هم الله... بدون انفصال او تركيب.. متساوون لأنهم جميعا الله وكل اقنوم منهم هو الله...وهو ما تعلنه المسيحيه بوضوح.
قلت: ابونا... انا اتحولت.... ممكن تشرح اكثر!! يعني هم زي بعضيهم ولا لأ!
قال: التساوي لان الأب و الابن و الروح القدس تعني:
*فالله موجود بذاتـه: أي أن الله كائن له ذات حقيقية وليس هو مجرد فكرة بلا وجود. وهذا الوجود هو أصل كل الوجود. ومن هنا أعلن الله عن وجوده هذا بلفظة (الآب) ...ولا تعنى هذه اللفظة أي معنى مادي أو جسدي بل لأنه مصدر الوجود.
*والله ناطق بكلمته: أي أن الله الموجود بذاته هو كائن عاقل ناطق بالكلمة وليس هو إله صامت، ولقد أعلن الله عن عقله الناطق هذا بلفظة (الابن) كما نعبر عن الكلمة الخارجة من فم الإنسان: بقولنا "بنت شفة" ولا تعنى هذه اللفظة أي معنى مادي أو جسدي بل لأنه مصدر الوجود.
* والله أيضا حي بروحه: إذ أن الله الذي يعطي حياة لكل بشر لا نتصور أنه هو نفسه بدون روح! ولقد أعلن الله عن روحه هذا بلفظة )الروح القدس(
ولا يصح أن نفهم من هذه التسميات وجود أية علاقة جسدية تناسلية كما في المفهوم البشرى، وإنما دلالاتها روحية كما سبق الإيضاح وليست هذه التسميات من وضع إنسان أو اختراع بشر وإنما هي كلمات الوحي الإلهي في الكتاب المقدس
اي هو الله واحد لا ثلاثة فالله بذاته مساوي لروحه فهو اله واحد

قلت: ممكن دليل على تساويهم؟!!
قال: تساويهم يشهد له الكتاب المقدس في عدت نصوص منها:

اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ".
(متي 28 :19 (
هنا الاب ذكر اولا ، ثم الابن ، ثم الروح القدس .

" نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله ( الاب ) وشركة الروح القدس مع جميعكم امين " (2 كورنثوس 13 :14 )
هنا ذكر الابن ، ثم الاب ، ثم الروح القدس .

" أما انتم آيها الأحباء فابنوا أنفسكم علي إيمانكم الأقدس مصلين في الروح القدس واحفظوا أنفسكم في محبة الله (الأب ) منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" (يهوذا 20 : 21 )
هنا ذكر الروح القدس في الأول ، ثم الأب ، ثم الابن .

اذن ليست هناك أفضلية بين الاقانيم الثلاثة .فكلهم متساوون!

قلت: بس انا مش مقتنع ان الرب ممكن يتجسد في جسد بشر
قال: ليه ..هو مش رب قادر
قلت له : ايوه
قال: خلاص !!..يبقة قادر يعمل اللي على مزاجه...ما تصدقش وسوسة نفسك... ده الشيطان بيعمل فيك كده.
قلت: والحل؟
قال: لازم اعمدّك
قلت: ازاي يعني؟
قال: لازم تغتسل بالمياه المقدسة ونمسح جسمك بزيت الميرون
قلت: طيب دلني الحمام فين؟
قال: لأ انا لازم اكون حاضر
قلت: يا خبر ابيض؟ وتشوفني كده رب كما خلقتني؟
قال:ايه يا ابني.. انا مش انا.. ولا انت انت ...انا الروح القدس وروح المسيح حلت فيني .. والمسيح مش هيبصبص عليك!
قلت:طيب ومراتي ..كمان هتـ...؟
هز براسه مؤكدا!
قلت: طيب....زي ما انت عاوز

طبعا انا بتكسف و مش هشرح لكم حصل ايه جوه
المهم.. وانا طالع قلي بص؟
قلت :فين؟
قال هناك ..على الحيط...شوف السيدة مريم متجلية ازاي بترحب فيك!
بصيت هناك وشفتها...كانت بتلوح بايديها المقدسة بترحب بيا.. وبعدين لمعت بقوة واختفت... وطلعت ريحة شياط... الظاهر اللمبة بتاعت القديسة اتحرقت!
المهم ابونا ركض واتصلت بالمطافي تجي تطفي القديسة ..
وخدني وخرج ورحنا مكتبه.. وأداني الكتاب المقدس
قلت له: مين كتب الكتاب المقدس
قال: وحي المسيح لتلاميذه
فتحت الكتاب وشفت مكتوب فيه انجيل مرقص
سالت ابونا : مين مرقص ده؟
قالي: هو من تلاميذ المسيح
قلت: بس الراجل ما بيقولش في كتابه انه مرقص ولا بيقول حاجة عن انه من تلاميذ حد
قال: هو تاريخيا مش ممكن نثبت انه مرقص اللي كتب الكتاب ده.
قلت: امال اعتبرته الكنيسة ازاي؟
قاللي: هو وحي من الله ..وكلمة الله لا تتغير
قلت:طيب اتكتب امتى الكتاب ده؟
قال: مش ممكن تاريخيا نثبت امتى اتكتب، بس فيه ناس بتقول انه في عام 70 ميلادي، وفيه ناس بتقول انه في 60 ميلادي.. وفيه ناس بتقول انه في القرن الثاني ميلادي!
قلت:طيب وعرفت ازاي انه مرقص؟
قال: مش ممكن نثبت انه مرقص لأنه ما فيش توقيع..
قلت: واثبتتوا ازاي انه وحي لمرقص؟
قال: هو يسوع ربنا أرسله بالوحي.. وكلمة ربنا لا تتغير!
قلت: طيب ولوقا؟ ومتى؟ ويوحنا؟
قال: كمان مش ممكن نثبت أنهم كتبة الأناجيل..بس أنت لازم تآمن بيهم لأن كلمة الله لا تتغير..
قعدت اقلب في الإنجيل حبتين.. وبعدين سألته: وبولس ورسايله؟
قال: دول وحي كمان!
قلت: بس ده بيطلب في رسايل من صديقه يبعتله كتب ومن صديقه التاني يشتريله حاجات..ناقص يقول لمراته تحضر له الحمام كمان لأنه واصل بكره ؟
قال: كل ده وحي..و أنت لازم تآمن بيه ..ومش هتآمن إلا لما يحل الروح القدس بيك!

قلبت كمان في العهد القديم وقرأيت فيه:
سفر الرؤيا14:17 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعون ومختارون ومؤمنون.
قلت للقمص زكريا: يعني ايه خروف؟
قال: ما تسألش يا بني.. هو ربنا مش قادر يتجلي في أي حاجة؟
قلت: ايوه
قال: خلاص... ما تخليش الشيطان يلعب بعقلك.. ويبعدك عن مجد الرب المسيح ابن الله
قلت: بس مكتوب هنا انه ابن الإنسان
قال: ده ناسوته
قلت: ما تلخبطنيش ..يعني ايه؟
قال: انت شفت لمابتسخن الحديد بالنار؟
قلت: آه
قال: الحديد بيختلط بالنار .. بس الحديد ما بيصرش نار ولا النار بيصير حديد
قلت: وبعدين
قال: وكمان لاهوت المسيح ما بيختلطش بناسوته

حسيت انه فهمت كل كلمة قالها القمص (مش عارف اذا كنتم فهمتم ولا لأ)
وخرجت من عنده وانا افكر بالخروف والناسوت واللاهوت.. والجماعة الارهابيين المسلمين اللي مش قادرين يفهموا حقيقة المسيح وقد ايه هو بيحبنا... اتخيلو يا جماعة..1400 سنة مش قادرين يفهموا حاجة انا فهمتها بدقيقتين!!!
وانا ماشي وبفكر..شفته من بعيد...كان لطيف خالص ,, ابيض وبياكل من شوية برسيم قدامه
قلت في نفسي: ياه ما اجمله... ده جميل خالص
كان خروف صغنن مولود ما بقلوش يا دوب يومين .. يمكن علشان كده الهندوس بيحبو يعبدو البقر.. أصل ربنا قادر يتجسد في كل حاجة

ودلوقت انا بقلكم انا خلاص.. شفت النور وبقيت مؤمن حقا
ومستغرب أزاي ماريان وكريستين سابو الدين الواضح ولحقوا خزعبلات الناس مصدقينها بقالهم 1400 سنة!!
و مستغرب كمان من المجانين دول اللي بيسيبوا مجد المسيح وبيروحو بيأسلمو...
ادي حكايتي بكل صراحة
ودلوقت سيبوني اروح لخلوتي:
تعال يا إلهي.. يا رب الأرباب بتاع العهد القديم.... تعال اوديك برة في الجنينة ترعى شوية؟؟؟؟(((((هههههههههههههههه والله لم اتمالك نفسى من الضحك
الظاهر انك يا اخ محب سوف تنافس الاخ ابو تسنيم فى كتابة السيناريو المقدس

الفيلم دة كان بمناسبة العيد الكبير صح؟

هنيئا لك و طوبا مع المسيح ذلك افضل .!!

عجبنى اوى المقطع دة

قال: مش ممكن تاريخيا نثبت امتى اتكتب، بس فيه ناس بتقول انه في عام 70 ميلادي، وفيه ناس بتقول انه في 60 ميلادي.. وفيه ناس بتقول انه في القرن الثاني ميلادي!
قلت:طيب وعرفت ازاي انه مرقص؟
قال: مش ممكن نثبت انه مرقص لأنه ما فيش توقيع..
قلت: واثبتتوا ازاي انه وحي لمرقص؟
قال: هو يسوع ربنا أرسله بالوحي.. وكلمة ربنا لا تتغير!
قلت: طيب ولوقا؟ ومتى؟ ويوحنا؟
قال: كمان مش ممكن نثبت أنهم كتبة الأناجيل..بس أنت لازم تآمن بيهم لأن كلمة الله لا تتغير..
قعدت اقلب في الإنجيل حبتين.. وبعدين سألته: وبولس ورسايله؟
قال: دول وحي كمان!
قلت: بس ده بيطلب في رسايل من صديقه يبعتله كتب ومن صديقه التاني يشتريله حاجات..ناقص يقول لمراته تحضر له الحمام كمان لأنه واصل بكره ؟
قال: كل ده وحي..و أنت لازم تآمن بيه ..ومش هتآمن إلا لما يحل الروح القدس بيك

المهم ياأخي بعدهذه التجربة االسودااء من عمايل زكازيكو لا استطيع رفع عيني امام زوجتي او اولادي ؟؟؟؟؟؟؟؟

غير معرف يقول...

(((((((((((((خواطر كاذبة للنصاري))))))))))))===============================نصارى المهجر فى الأسبوع الماضى برسالة مشباكية (مكتوبة بلغة إنجليزية لا بأس بها، وإن لم تخل من الأخطاء) يعقّب فيها على مقالى: "إعلان سيد القمنى الاعتزال: خواطر وتساؤلات"، الذى نُشِر بجريدة "الشعب" الضوئية يوم الجمعة الموافق 20/ 8/ 2005م، لكنه ترك تقريبا كل ما قلته فى مقالى المشار إليه فلم يردّ على شىء منه، اللهم إلا ما كتبته عن المعجزات وأن غيابها عن النسق العقيدى عندنا لا يضر الإسلام فى شىء، ورغم هذا جاء تناوله للموضوع على نحو لم أجد معه داعيا إلى الخوض فيه كَرّةً أخرى، وبخاصة أنه لم يحقِّق جيدا ما كتبته فى هذه النقطة. ثم ثنَّى فتحدَّى المسلمين أن يستطيعوا الرد على ما يوجَّه للقرآن من انتقادات علمية منها ما يتعلق مثلا بما جاء فى الآية 86 من سورة "الكهف" عن ذى القرنين ومشاهدته الشمس وهى تغرب فى عين ماء، مما يخالف حقائق علوم الفلك كما قال. وفى نهاية الرسالة لم ينس أن يرجو لنا أن نفيق من الغاشية التى تطمس على أبصارنا منذ أربعة عشر قرنا من الظلام وأن نعود إلى المسيح بعد أن بيَّن لنا هو وأمثاله مقدار الجهل الكبير الذى يتصف به الله ومحمد حسبما قال. يا شيخ، فأل الله ولا فألك! أتريدنا أن نرتد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ونعود إلى العصر الحجرى فى مسائل العقيدة والعبادة، ونترك التوحيد إلى التثليث، وندع الاحترام والتقدير العظيم الذى نكنّه فى أعماق قلوبنا للسيد المسيح عليه السلام بوصفه رسولا وجيهًا فى الدنيا والآخرة ومن المقرَّبين ونتخذه وثنا نشركه مع الله سبحانه وتعالى كما يفعل الكافرون؟ ألم تقرأ قول الحق تبارك وتعالى: "وقالت اليهود: عُزَيْرٌ ابنُ الله، وقالت النصارى: المسيحُ ابنُ الله! ذلك قولهم بأفواههم، يضاهئون قول الذين كفروا من قبل. قاتلهم الله! أَنَّى يُؤْفَكون؟" (التوبة/ 30)؟ لا يا عم، يفتح الله! خّلِّك فيما أنت فيه، ولْنَبْقَ نحن أيضا فى النور والهدى الذى أكرمنا الله به على يد سيد النبيين والمرسلين، صلَّى الله وسلَّم عليه وعليهم أجمعين. وقد كتبتُ هذه الكلمة على الطائر وأنا على جناح سفر، ولم يرنِّق النوم فى عينى طوال الليل إلا لساعة أو أقلّ دون سببٍ واضح، فلم يتسنّ لى تدقيق مراجعتها، ولعلى لم أخطئ فيها أخطاء فاحشة، وإلا فإنى أعتذر مقدما من الآن.
والآية التى يشير إليها صاحب الرسالة هى قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ (أى ذو القرنين) مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا...". وأَدْخُل فى الموضوع على الفور فأقول: من المعروف فى كتب اللغة أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، بمعنى أن هناك توسعا فى استعمالها، بل إن فى اللغة توسعات كثيرة فى غير حروف الجر أيضا، وإن لم تكن هذه التوسعات دون ضوابط حتى لو لم نستطع فى بعض الأحيان أن نتنبه لها، أو على الأقل حتى لو لم نتفق عليها. وقد تُسَمَّى هذه التوسعات بــ"المجاز"، وهو ما يعنى أن الكلام لا ينبغى أن يؤخذ على ظاهره أو حرفيته. وهذا، كما سبق القول، معروف عند دارسى اللغات. ولْنأخذ حرف الجرّ "فى" (الموجود فى الآية) لنرى ماذا يقول النحاة فى استعمالاته: فهم يقولون إنه يُسْتَخْدَم في عشرة معانٍ‏:‏ الأول‏:‏ الظرفية، زمانًا أو مكانًا، حقيقةً أو مجازًا، ومن الزمانية: "حضرتُ إلى الاجتماع فى العاشرة مساء"، ومن المكانية: "سكنتُ فى هذا البيت أعواما طوالا". الثاني‏:‏ المصاحبة، نحو قوله تعالى: "ادخلوا فى أُمَمٍ"، أى بمصاحبتها ‏(الأعراف‏/ 38‏)‏‏.‏ الثالث‏:‏ التعليل، نحو‏:‏ ‏"فذلكم الذى لمتُنَّنى فيه"، أى بسببه (يوسف‏/ ‏32). الرابع‏:‏ الاستعلاء، نحو قوله تعالى: "ولأُصَلِّبَنَّكم فى جذوع النخل"، أى عليها (طه/ 71‏). الخامس‏:‏ مرادفة الباء، نحو: "فلان بصير فى الموضوع الفلانى"، أى بصير به‏.‏ السادس‏:‏ مرادفة ‏"إلى‏" نحو قوله تعالى: "فرَدّوا أيديهم فى أفواههم"، أى مَدَّ الكفار أيديهم إلى أفواه الرسل ليمنعوهم من الدعوة إلى الهدى والنور ‏(إبراهيم‏/ ‏9). السابع‏:‏ مرادفة ‏"‏مِنْ‏".‏ الثامن‏ :‏المقايسة، وهي الداخلة بين مفضولٍ سابقٍ وفاضلٍ لاحقٍ، كما فى قوله سبحانه: "فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل"، أى أن متاع الحياة الدنيا بالقياس إلى الآخرة قليل ‏(التوبة‏/‏ 38). التاسع‏:‏ التعويض،‏ كما فى قولنا: "دفعتُ فى هذا الكتاب عشرين جنيها".‏ العاشر‏:‏ التوكيد، وأجازه بعضهم في قوله تعالى: "وقال: اركبوا فيها"، أى أن الركوب لا يكون إلا فى السفينة، ولذلك لا ضرورة للنص على ذلك إلا من باب التوكيد (انظر فى ذلك مثلا "مغنى اللبيب" لابن هشام).
وفى القرآن الكريم نقرأ قوله عز وجل: "يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت" (البقرة/ 19)، والمقصود أن كلا منهم يضع طرف إصبع واحدة من أصابعه عند فتحة الأذن، لا فى داخلها. ونقرأ: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة" (البقرة/ 30)، وطبعا لم يجعل المولى الإنسان خليفة فى الأرض، أى فى باطنها، بل على سطحها. ونقرأ: "وأُشْرِبوا في قلوبهم العِجْل بكفرهم" (البقرة/ 93)، وليس المقصود العجل نفسه بل عبادته، وهى لا تُشْرَب ولا تدخل فى القلب بالمعنى الذى نعرفه. ونقرأ: "قل: أتحاجّوننا في الله، وهو ربنا وربكم" (البقرة/ 139)، أى أتحاجّوننا بشأن الله؟ ونقرأ: "قد نرى تقلُّب وجهك في السماء، فلنولينَّك قِبْلَةً ترضاها" (البقرة/ 144)، أى صوب نواحى السماء، وليس فى السماء فعلا. ونقرأ: "ليس البِرَّ أن تُوَلُّوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب، ولكن البِرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حُبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب" (البقرة/ 177)، والإنسان لا ينفق ماله فى الرقاب، بل يعتق به الرقاب. ونقرأ: "يا أيها الذين آمنوا، كُتِب عليكم القِصَاص في القتلى" (البقرة/ 178)، أى مقابل جريمة القتل وتعويضا لأهل القتيل. ونقرأ: "وإذا تولَّى سَعَى في الأرض ليُفْسِد فيها" (البقرة/ 205)، أى فوقها. ونقرأ: "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُلَلٍ من الغمام والملائكةُ وقُضِيَ الامر؟" (البقرة/ 217)، أى يقع بهم عقاب الله فى هيئة ظلل من الغمام. ونقرأ: "والذين يُتَوَفَّوْن منكم ويَذَرُون أزواجا وصيةً لأزواجهم متاعًا إلى الَحْول غيرَ إخراج. فإن خرجن فلا جُناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف" (البقرة/ 234)، أى فعلن بأنفسهن. ونقرأ: "وكتبنا له في الألواح من كل شيءٍ موعظةً وتفصيلاً لكل شيء" (الأعراف/ 145)، أى على الألواح. ونقرأ: "وإذ يُريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقلِّلكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا" (الأنفال/ 44)، أى أمام أعينكم وأعينهم. ونقرأ: "يا أيها النبي، قل لمن في أيديكم من الاسرى: ..." (الأنفال/ 70)، ولا يمكن إنسانا أن يكون فى يد إنسان آخر بالمعنى الحرفى كما هو واضح. ونقرأ: "الذين كانت أعينهم في غطاءٍ عن ذِكْرِي" (الكهف/ 101)، والعيون لا تكون فى الغطاء، بل تحت الغطاء. ونقرأ: "وأَذِّنْ في الناس بالحج يأتوك رجالا" (الحج/ 27)، أى أذِّن بحيث يسمعك الناس. ونقرأ: "... وتقلُّبك في الساجدين" (الشعراء/ 219)، أى معهم. ونقرأ: "فإذا أُوذِيَ في الله جَعَل فتنة الناس كعذاب الله" (العنكبوت/ 10)، أى أُوذِىَ بسبب إيمانه بالله. ونقرأ: "لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ: جنتان عن يمينٍ وشِمال" (سبأ/ 15)، والجنتان لم تكونا فى مساكن سبإ، بل حولها أو قريبا منها. "أَوَمَنْ يُنَشَّا في الحِلْيَة وهو في الخصام غير مُبِين؟" (الزخرف/ 18)، والنساء لا ينشأن فى الحلية بل مرتديات لها ومستمتعات بها. ونقرأ: "إن المتقين في جنّات ونَهَر" (القمر/ 94)، والمتقون فى الآخرة سيكونون فعلا فى الجِنَان، لكنهم بكل تأكيد لن يكونوا فى الأنهار، بل ستجرى الأنهار فى الجِنَان. ونقرأ: "في سِدْرٍ مخضود" (الواقعة/ 28)، وهم لن يكونوا فى الجنة فى شجر السِّدْر، بل سيأكلون منه. ونقرأ: "أولئك كَتَب في قلوبهم الإيمان" (المجادلة/ 22)، ولا كتابة فى القلوب بالمعنى الظاهرى بطبيعة الحال ولا حتى فوقها. ونقرأ: "ثم في سلسلةٍ ذَرْعُها سبعون ذراعا فاسلكوه" (الحاقة/ 32)، أى اربطوه بها. ونقرأ: "في جِيدها حبلٌ من مَسَد" (المسد/ 5)، أى حَوْل جيدها... وهكذا.
وفى الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى أمثلة كثيرة على ما نقول، وهو أمر طبيعى، فهذه هى طبيعة اللغة، سواء فى كتاب الله أو فى كلام أهل الكتاب أو فى أى كلام آخر. وهذه بعض الأمثلة من الكتاب المذكور: " كل شجر البرية لم يكن بعد في الارض" (تكوين/ 2/ 5)، " وكان قايين
عاملا في الارض" (تكوين/ 4/ 2)، "واما نوح فوجد نعمة في عيني الرب" (تكوين/ 6/ 8)، " كان نوح رجلا بارا كاملا في اجياله" (تكوين/ 6/ 9)، "تنجح طريقي الذي انا سالك فيه" (تكوين/ 24/ 42)، "فوضعت الخزامة في انفها" (تكوين/ 24/ 47)، "فاحب اسحق عيسو لان في فمه صيدا" (تكوين/ 25/ 28)، "فتعاظم الرجل وكان يتزايد في التعاظم" (تكوين/ 26/ 13)، "فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما انا آمرك به" (تكوين/ 27/ 8)، "ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الارض" (تكوين/ 28/ 14)، "وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف والبسه ثياب بوص ووضع طوق ذهب في عنقه" (تكوين/ 41/ 42)، "فتقدموا الى الرجل الذي على بيت يوسف وكلموه في باب البيت" (تكوين/ 43/ 19)، "أليس هذا هو الذي يشرب سيدي فيه؟" (تكوين/ 44/ 5)، "وحمل بنو اسرائيل يعقوب اباهم واولادهم ونساءهم في العجلات التي ارسل فرعون لحمله" (تكوين/ 46/ 5)، "ومرّروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل" (خروج/ 1/ 14)، "خرج الى اخوته لينظر في اثقالهم" (خروج/ 2/ 11)، "ما بالكنّ اسرعتنّ في المجيء اليوم" (خروج/ 2/ 18)، "وقال الرب لموسى: عندما تذهب لترجع الى مصر انظر جميع العجائب التي جعلتها في يدك واصنعها قدام فرعون" (خروج/ 4/ 21)، "فذهب والتقاه في جبل الله وقبّله" (خروج/ 4/ 27)، "هما اللذان كَلّما فرعون ملك مصر في اخراج بني اسرائيل من مصر" (خروج/ 6/ 27)، " الدمامل كانت في العرّافين وفي كل المصريين" (خروج/ 9/ 11)، "تخبر في مسامع ابنك وابن ابنك بما فعلتُه في مصر وبآياتي التي صنعتها بينهم" (خروج/ 10/ 2)...إلخ، وهى بالمئات، إن لم تكن بالألوف. ومن هنا كان من السهل أن ندرك معنى قول القرطبى مثلا فى الآية المذكورة: "وَيَجُوز أَنْ تَكُون الشَّمْس تَغِيب وَرَاءَهَا (أى وراء العَيْن الحَمِئَة) أَوْ مَعَهَا أَوْ عِنْدهَا، فَيُقَام حَرْف الصِّفَة مَقَام صَاحِبه". يقصد أن حروف الجر قد ينوب بعضها عن بعض، بمعنى أن يُسْتَعْمَل بعضها فى مكان بعضها الآخر. وفى نفس المجرى يجرى ما نجده عند البغوى وأبى حيان، إذ نقرأ فى تفسير الأول نقلا عن القتيبى أنه بجوز أن يكون المعنى هو أنه كان "عند الشمس" أو "فى رأى العين" عين حمئة، أما الثانى فقد ذكر أن بعض البغداديين يفسر قوله تعالى: "فى عين حمئة" بمعنى "عند عين حمئة".
بل إن فى الكتاب المقدس عبارات كثيرة من نوع الآية القرآنية التى بين أيدينا بل أَوْغَل فى مضمار الاستخدامات المجازية، ويقرؤها هؤلاء الذين يرددون تخطئة القرآن كما تفعل الببغاوات الغبية، لكن دون فهم أو تمييز، ومن ثم لا يخطر فى بالهم أن يقفوا ويتدبروا ويفكروا فى أمر هذا التشابه فى الاستعمالات الأسلوبية وأنه مسألة عادية جدا لأنه هكذا كانت اللغة وهكذا ستظل إلى يوم يبعثون. وهم فى هذا كالكلب الذى ربّاه صاحبه على نباح المارة وعضِّهم، فكلما رأى شخصا مارًّا من أمام البيت نبحه وعضه دون تفكير. لنأخذ مثلا الشواهد التالية: "اما هما في عبر الاردن وراء طريق غروب الشمس في ارض الكنعانيين..." (تثنية/ 11/ 30)، "هكذا يبيد جميع اعدائك يا رب. واحباؤه كخروج الشمس في جبروتها" (قضاة/ 5/ 31)، "هكذا قال الرب: هانذا اقيم عليك الشر من بيتك وآخذ نساءك امام عينيك واعطيهنّ لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس" (صموئيل 2/ 12/ 11)، "وقلت لهما: لا تفتح ابواب اورشليم حتى تَحْمَى الشمس" (نحميا/ 7/ 3)، "قدام الشمس يمتد اسمه" (مزامير/ 72/ 17)، "ثم رجعت ورأيت كل المظالم التي تجرى تحت الشمس" (الجامعة/ 4/ 1)، "ويخجل القمر وتَخْزَى الشمس" (إشعيا/ 24/ 23)، "واظلمت الشمس وانشقّ حجاب الهيكل من وسطه" (لوقا/ 23/ 44)، "انك قد طردتني اليوم عن وجه الارض ومن وجهك اختفِي واكون تائها وهاربا في الارض. فيكون كل من وجدني يقتلني" (تكوين/ 4/ 14)، "وفسدت الارض امام الله وامتلأت الارض ظلما" (تكوين/ 6/ 11)، "الآن قم اخرج من هذه الارض" (تكوين/ 31/ 13)، "وادخِلكم الى الارض التي رفعت يدي ان اعطيها لابراهيم" (خروج/ 6/ 8)، "واستراحت الارض من الحرب" (يشوع/ 14/ 15)، "دور يمضي ودور يجيء والارض قائمة الى الابد" (جامعة/ 1/ 4)، "فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية. على العين التي في طريق شور" (تكوين/ 16/ 7). ومن الواضح أن هذا كله على خلاف الواقع وينبغى ألا يأخذه القارئ مأخذا حرفيا، وإلا لم يكن للكلام معنى: فمثلا ليس هناك للشمس تحتٌ ولا فوقٌ، وإنما هو تعبير بشرى، فنحن أينما كنا على الأرض نتصور أن الشمس فوقنا، ومن ثم فنحن تحتها، على حين أنه لو كان الأمر كذلك لكان ينبغى إذن أن نكون "فوق" الشمس بعد ستة أشهر من ذلك حين تدور الأرض نصف دورتها السنوية، وهذا لا يصير. كذلك فليس للشمس عين (ولا أذن ولا أنف) أصلا حتى نكون أوْ لا نكون فى عينها، كما أنها ليس لها طريق تسير فيه على الأرض، ودَعْك من أننا يمكن أن نسير نحن فيه أيضا. وبالنسبة لقول قابيل إنه هرب فى الأرض، فهو مجرد تعبير بشرىّ، وإلا فقولنا: "فى الأرض" إنما يعنى حرفيا: "داخل الأرض"، وهو ما لا يقصده قابيل ولا أى إنسان آخر فى مثل وضعه... وهكذا.
وقبل كل ذلك فإن الكلام هنا ليس كلاما فى علم الطبيعة أو الجغرافيا أو الجيولوجيا، بل هو كلام أدبى يقوم فى جانب منه على التعبيرات المجازية والتجسيدية والتشخيصية وما إلى ذلك. باختصار: هذه هى طبيعة اللغة، أما الكلاب التى تنبح المارة وتعضهم لا لشىء سوى أنه قد قيل لها: انبحى أىّ مارٍّ من هنا وعضّيه، فإنها لا تفهم هذا ولا تفقهه ولا تدركه ولا تتذوقه، إذ متى كانت الكلاب تستطيع أن تتذوق شيئا غير العظم المعروق الذى أُكِل ما عليه من لحم، ثم أُلْقِىَ به لها تعضعضه وتمصمصه تحت الأقدام؟ وعلى هذا فليس هناك أى متعلَّق لأى إنسان كائنا من كان كى ينتقد الآية القرآنية إلا إذا كان يريد النباح والعضّ والسلام، ولا يبغى فهما أو معرفة. فالحرف "فى" فى الآية الكريمة لا يعنى "داخل العين الحمئة" لأن الآيات القرآنية التى تذكر الشمس (كما سنوضح لاحقا) تتحدث عنها على أنها جِرْمٌ موجودٌ فى الفضاء لا يغادره أبدا، بل يعنى أنه قد تصادف وقوع غروب الشمس حين كان ذو القرنين فى ذلك المكان عند العين الحمئة، وإن كان ما شاهده بعينه يوحى أنها قد غربت فى تلك العين. وحتى لو قيل إنها لم تغرب فى العين بل وراء العين أو عند العين أو ما إلى ذلك، فإن هذا كله لا يصح من الناحية العلمية، فالشمس لا تبتعد ولا تختفى، بل الأرض هى التى تتحرك حولها، فتبدو الشمس وكأنها هى التى تغيب. لكنى قد عثرت أثناء تقليبى فى المشباك بمن يقول معترضا على الآية إن مثل هذا التوجيه كان يمكن أن يكون مقبولا لو أن الآية فالت إن ذا القرنين "رأى" أو "شاهد" الشمس تغرب فى العين، أمّا والآية تقول إنه "وجدها" تغرب فى عينٍ حمئةٍ فمعنى هذا أن المقصود هو أنها كانت تغرب فى العين فعلا. وقد جعلنى هذا أفكر فى استعمال هذا الفعل فى مثل ذلك السياق فى العربية لأرى أهو حقا لا يعنى إلا أن الأمر هو كذلك فى الواقع لا فى حسبان الشخص وإدراكه بغضّ النظر عما إذا كان هذا هو الواقع فعلا أو لا. وقد تبين لى أن الأمر ليس كما ذهب إليه ذلك المعترض الذى سمى نفسه: "جوتاما بوذا" أو شيئا كهذا، فنحن مثلا عندما يُسْأَل الواحد منا السؤال التالى عن صحته: "كيف تجدك اليوم؟" (أى "كيف حالك؟") يجيب قائلا: "أجدنى بخير وعافية"، وقد يكون هذا القائل مريضا لكنه لا يدرى لأن أعراض المرض ليست من الوضوح أو لأنه من الاندماج فى حياته اليومية بحيث لا يتنبه لحالته الصحية الحقيقية. وبالمثل يمكن أن يقول الواحد منا (صادقا فيما يظن) إنه وجد فلانا يضرب ابنه عند البيت، بينما الحقيقة أنه كان يداعبه أو كان يضرب ابن الجيران مثلا، لكن المتكلم توهم الأمر على ما قال. كذلك فالمصاب بعمى الألوان قد يقول إنه وجد البطيخة التى اشتراها خضراء على عكس ما أكد له البائع، ثم يكون العيب فى الشارى لا فى البائع ولا فى البطيخة. أما المتنبى فى قوله:
ومن َيكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ ** يجدْ مُرًّا به الماءَ الزُّلالا
فقد كفانا مؤنة التوضيح بأنّ وجْداننا الشىء على وضعٍ ما لا يعنى بالضرورة أنه على هذا الوضع فى الحقيقة والواقع. وفى القرآن مثلا: "فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه" (الكهف/ 77)، وليس هناك فى أى مكان فى الدنيا جدار عنده إرادة: لا للانقضاض ولا للبقاء على وضعه الذى هو عليه، لأن الجدران من الجمادات لا من الكائنات الحية ذوات الإرادة. كذلك فعندنا أيضا قوله عز شأنه: "والذين كفروا أعمالُهم كسرابٍ بقِيعَةٍ يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه" (النور/ 39)، ولا يمكن القول أبدا بأن الآية على معناها الحرفى، فالله سبحانه لا ينحصر وجوده فى مكان من الأمكنة، بل الكون كله مكانا وزمانا وكائنات فى قبضته عز وجل، ومن ثم لا يمكن أن ينحصر وجوده عند السراب، وهذا من البداهة بمكان لأنه سبحانه وتعالى هو المطلق الذى لا يحده حد. والطريف أن بعض المفسرين الذين رجعت إليهم بعد ذلك قد وجدتهم يقولون إنه لو كانت الآية قالت إن الشمس "كانت تغرب" فى العين فعلا لكان ثم سبيل لانتقادها، أما قولها إن ذا القرنين "وجدها تغرب" فى العين فمعناه أن ذلك هو إدراكه للأمر لا حقيقته الخارجية. ومن هؤلاء البيضاوى، وهذه عبارته: "ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء، ولذلك قال: وجدها تغرب، ولم يقل: كانت تغرب"، وهذا الذى قاله أولئك المفسرون هو الصواب. وفى الكتاب المقدس لدى اليهود والنصارى شىء مثل ذلك، ومنه هذا الشاهدان: "واما نوح فوجد نعمة في عيني الرب" (تكوين/ 6/ 8)، "فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية. على العين التي في طريق شور" (تكوين/ 16/ 7). فالنعمة لا توجد فى عين الرب على سبيل الحقيقة، فضلا عن أن الله لا يمكن أن يُرَى ولا أن تُرَى عينه (إن قلنا إن له سبحانه عينا لكنها ليست كأعيننا). كما أن المرأة التى وجدها ملاك الرب لم تكن "على" العين، بل "عند" العين. أى أن الحقيقة الخارجية فى كلا الشاهدين لم تكن على حَرْفِيّة ما جاء فى العبارتين.
وعلى هذا النحو يمكننا أن نقرأ الشواهد الشعرية التالية: قال الأسعر الجعفى:
إِنّي وَجَدتُ الخَيلَ عِزّاً ظاهِراً ** تَنجي مِنَ الغُمّى وَيَكشِفنَ الدُجى
وقال الحارث بن عباد:
وَاِمتَرَتهُ الجَنوبُ حَتّى إِذا ما ** وَجَدَت فَودَهُ عَلَيها ثَقيلا
وقال امرؤ القيس:
أَلَم تَرَياني كُلَّما جِئتُ طارِقاً ** وَجَدتُ بِها طيباً وَإِن لَم تطَيَّب؟ِ
وقال الدحداحة الفقيمية:
* مِنْ معشرٍ وجدتهم لئاما *
وقال حاتم الطائى:
إِذا أَوطَنَ القَومُ البُيوتَ وَجَدتَهُم ** عُماةً عَنِ الأَخبارِ خُرقَ المَكاسِبِ
وقال سلامة بن جندل:
فَإِن يَكُ مَحمودٌ أَباكَ فَإِنَّنا ** وَجَدناكَ مَنسوباً إِلى الخَيرِ أَروَعا
وقال النابغة الذبيانى:
مَتى تَأتِهِ تَعشو إِلى ضَوءِ نارِهِ ** تَجِد خَيرَ نارٍ عِندَها خَيرُ مَوقِدِ
وقال مالك بن عمرو:
متى تفخَرْ بزَرْعَةَ أو بحِجْرٍ ** تجدْ فخرا يطيرُ به السناءُ
وقال الحصين بن الحمام الفزارى:
تَأَخَّرتُ أَستَبقي الحَياةَ فَلَم أَجِد ** لِنَفسي حَياةً مِثلَ أَن أَتَقَدَّما
ذلك أن وِجْدانك الشىء على وضع من الأوضاع إنما يعنى إدراكك له على هذا الوضع رؤيةً أو سماعًا أو شمًّا أو لمسًا أو شعورًا باطنيًّا أو استدلالا عقليًّا كما فى العبارات التالية: "نظرتُ فوجدتُه قائما"، أو "حينما اقتربتُ من الحجرة وجدتُه يغنى"، أو "قرّبت الزهرة من أنفى فوجدتها مسكيّة العبير"، أو "احتكت يدى بالحائط فوجدته خشن الملمس"، أو "وجدتُ وقع إهانته لى عنيفا"، أو "أعاد العلماء النظر فى هيئة الأرض فوجدوها أقرب إلى شكل الكرة"، ثم سواء عليك بعد هذا أكان هو فعلا فى الواقع والحقيقة كذلك أم لا. وفى ضوء ما قلناه نقرأ قول الزبيدى صاحب "تاج العروس": "وقال المُصَنّف في البصائرِ نقلاً عن أَبي القاسم الأَصبهانيّ: الوُجُودُ أَضْرُبٌ، وُجُودٌ بِإِحْدى الحَوَاسِّ الخَمْسِ، نحو: وَجَدْتُ زَيْداً وَوَجَدْتُ طَعْمَه ورائحتَه وصَوتَه وخُشُونَتَه، ووجُودٌ بِقُوَّةِ الشَّهْوَةِ نحو: وَجَدْتُ الشبع ووجوده أيده الغضب كوجود الحَرْبِ والسَّخَطِ، ووُجُودٌ بالعَقْل أَو بِوسَاطَة العَقْلِ، كمَعْرِفَة الله تعالى، ومَعْرِفَة النُّبُوَّةِ. وما نُسِب إِلى الله تعالى مِن الوُجُود فبمَعْنَى العِلْمِ المُجَرَّدِ، إِذ كان اللهُ تعالَى مُنَزَّهاً عن الوَصْفِ بالجَوَارِحِ، والآلاتِ، نحو قولِه تَعالى: "وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ"، وكذا المعدوم يقال على ضِدّ هذه الأَوْجُهِ. ويُعَبَّر عن التَمَكُّنِ من الشيءِ بالوُجُودِ نحو: "فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" أَي حَيْثُ رَأَيْتُمُوهُم، وقوله تعالى: "إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ"، وقوله: "وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ للشَّمْسِ" وقوله: "وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ"، ووجود بالبصيرة، وكذا قوله: "وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا" وقوله: "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا"، أَي إِن لم تَقْدِروا على الماءِ".
ولقد كفانا مؤنة المضىّ أبعد من ذلك (على كفايته فى حد ذاته) كاتبان ألّفا بحثا عثرت عليه فى المشباك بعنوان: "Islam and the Setting of the Sun: Examining the traditional Muslim View of the Sun’s Orbit" يهاجمان فيه القرآن ويزعمان أن الرسول حين قال ما قال فى الآية التى نحن بإزائها هنا إنما كان يقصد فعلا أن الشمس تغرب فى عينٍ حمئةٍ على حرفية معناها، ومع هذا فقد بدءا كلامهما بالقول بما معناه أن تعبيرا مثل التعبير الذى فى الآية الكريمة لا يدل بالضرورة على أن صاحبه قد اجترح خطأ علميا أو أنه يعتقد أن الشمس تغرب فعلا فى العين. ثم أضافا أننا، حتى فى عصرنا هذا حيث يعرف الجميع تمامًا أن الشمس فى الواقع لا تشرق ولا تغرب، ما زلنا نقول إنها تشرق وتغرب. والكاتبان هما: Sam Shamounn و Jochen Katz، وهذا نَصّ ما قالاه:
we do need to make it clear that statements about the sun rising or setting do not, in and of themselves, prove that a person or author held to erroneous scientific views, or made a scientific error. One can legitimately argue that the person or author in question is using everyday speech, ordinary language, or what is called phenomenological language. From the vantage point of the person who is viewing the sun from the earth, the sun does indeed appear to be rising and setting. In fact, even today with all our advanced scientific knowledge we still refer to sunrise and sunset .Hence, an ancient book or writer may have not intended to convey actual scientific phenomena when describing the sun as rising or setting any more than today’s meteorologists, or newscasters, are speaking scientifically when referring to the rising and setting of the sun.
وقد أخذتُ أنقّر فى النصوص الإنجليزية والفرنسية الموجودة فى المشباك حتى عثرتُ على طائفة من الشواهد النثرية والشعرية يتحدث فيها أصحابها لا على أن الشمس تشرق وتغرب فحسب، بل عن سقوطها أو غوصها أو غروبها فى البحر أو فى السهل أو ما إلى هذا. وإلى القارئ عينةً مما وجدته من تلك النصوص: "Alone stood I atop a little hill, And beheld the light-blue sea lying still, And saw the sun go down into the sea " (من قصيدة بعنوان: "AN EPISTLE" لـ Numaldasan)، "The sun sinks down into the sea" (من رواية "The Water-Babies" لــCharles Kingsley)، " The Sun came up upon the left, out of the sea came he! And he shone bright, and on the right Went down into the sea " (من قصيدة "The Rime of the Ancient Mariner" لكوليردج)، "The red sun going down into the sea at Scheveningen" (من "Letter from Theo van Gogh to Vincent Gogh van Auvers-sur-Oise, 30 June 1890")، "The sun sank slowly into the sea" (من مقال "The Light Of The Setting Sun" لـRocky)، " Just then the sun plunged into the sea it popped out from behind the gray cloud screen that had obscured the fiery disk" (من مقال بعنوان "Taps for three war buddies" فى موقع "sun-herald.com")، "le soleil descendre dans l'ocean…" (من " L'ILE DES PINGOUINS" لأناتول فرانس)، " Le soleil, disparu dans la mer, avait laissé le ciel tout rouge, et cette lueur saignait aussi sur les grandes pierres, nos voisines" (من " En Bretagne" لجى دى موباسان)، "Spectacle saisissant, que le soleil couchant dans ces dunes impressionnantes" (من مقال "RAID EN LIBYE " لـRoger Vacheresse)، "On comprend aussi que la blessure de Réginald a quelque chose du Soleil plongeant dans la mer" (من "LES CHANTS DE MALDOROR " لــle comte de Lautréamont ).
هذا، ومن معانى "العين" فى العربية (فيما يهمنا هنا) حسبما جاء فى "لسان العرب": "عين الماء. والعين: التي يخرج منه الماء. والعين: ينبوع الماء الذي ينبع من الأرض ويجري... ويقال: غارت عين الماء. وعين الركية: مَفْجَر مائها ومنبعها. وفي الحديث: "خير المال عينٌ ساهرةٌ لعينٍ نائمة"، أراد عين الماء التي تجري ولا تنقطع ليلا ونهارا، وعين صاحبها نائمة، فجعل السهر مثلا لجريها... وعين القناة: مصب مائها... والعين من السحاب: ما أقبل من ناحية القبلة وعن يمينها، يعني قبلة العراق... وفي الحديث: إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عينٌ غديقة... والعين: مطر أيام لا يُقْلِع، وقيل: هو المطر يدوم خمسة أيام أو ستة أو أكثر لا يُقْلِع، قال الراعي:
وأنآء حيٍّ تحت عينٍ مطيرةٍ ** عظام البيوت ينزلون الروابيا
... والعين: الناحية". وعلى هذا فعندما يقول عبد الفادى (اقرأ: "عبد الفاضى") مؤلف كتاب "هل القرآن معصوم؟" (وهو جاهل كذاب من أولئك الجهلاء الكَذَبة الذين يَشْغَبون على كتاب الله المجيد) إن القرآن، بناء على ما جاء فى تفسير البيضاوى، يذكر أن الشمس تغرب فى بئرٍ، فإننا نعرف فى الحال أنه يتكلم بلسان الكذب والجهل: فأما الجهل فلأن المسألة، حسبما رأينا فى "لسان العرب"، أوسع من ذلك كثيرا بحيث تَصْدُق كلمة "العين" على البحر والسحاب والمطر أيضا. ولذلك وجدنا من المترجمين من يترجمها بمعنى "بحر" أو "بحيرة"، فضلا عن أنه من غير المستبعد أن يكون المعنى فى الآية هو ذلك النوع المذكور من السحاب أو المطر. وأما الكذب فلأن البيضاوى لم يقل هذا، بل قال: "حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ: "ذات حمأ"، من "حَمِئَتِ البئر" إذا صارت ذات حمأة. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: "حامية"، أي حارة، ولا تنافي بينهما لجواز أن تكون العين جامعة للوصفين، أو "حَمِيَة" على أن ياءها مقلوبة عن الهمزة لكسر ما قبلها. ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء. ولذلك قال: "وجدها تغرب"، ولم يقل: "كانت تغرب"...". فكما ترى ليس فى البيضاوى أنها غربت فى بئر، بل كل ما فعله المفسر الكبير أنه اتخذ من "البئر" مثالا لشرح كلمة "حمئة"، لكنه لم يقل قط إن معنى "العين" هو "البئر"، بل قال ما نصه: لعل ذا القرنين قد بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك. وحتى لو قال ذلك فإن كلامه يبقى مجرد اجتهاد منه قد يصح أو لا يصح، ولا يجوز حمله على القرآن أبدا، وبخاصة أن كثيرا من المفسرين كذلك لم يفسروا العين بهذا المعنى. بيد أننا هنا بصدد جماعة من الطَّغَام البُلَداء الرُّقَعاء الذين كل همهم هو الشَّغْب بجهل ورعونة، إذ هم فى واقع الأمر وحقيقته لا يعرفون فى الموضوع الذى يتناولونه شيئا ذا بال، ومع هذا نراهم يتطاولون على القرآن الكريم! فيا للعجب! إن الواحد من هؤلاء الطَّغَام يتصور، وهو يتناول الكلام فى كتاب الله، أنه بصدد كراسة تعبير لطفل فى المرحلة الابتدائية، بل إن معلوماته هو نفسه لا تزيد بحال عن معلومات طفل فى تلك المرحلة كما تبين لى وبينته للقراء الكرام فى كتابى: "عصمة القرآن الكريم وجهالات المبشرين"، الذى فَنَّدْتُ فيه كلام هذا الرقيع، ومسحت به وبكرامته وكرامة من يقفون وراءه الأرض!
وهأنذا أسوق أمام القارئ الكريم بعض ما جاء فى كتب التفسير القديمة: ففى القرطبى مثلا: "وَقَالَ الْقَفَّال: قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الشَّمْس مَغْرِبًا وَمَشْرِقًا ووَصَلَ إِلَى جُرْمهَا وَمَسّهَا، لأَنَّهَا تَدُور مَعَ السَّمَاء حَوْل الأَرْض مِنْ غَيْر أَنْ تَلْتَصِق بِالأَرْضِ، وَهِيَ أَعْظَم مِنْ أَنْ تَدْخُل فِي عَيْن مِنْ عُيُون الأَرْض، بَلْ هِيَ أَكْبَر مِنْ الأَرْض أَضْعَافًا مُضَاعَفَة، بَلْ الْمُرَاد أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى آخِر الْعِمَارَة مِنْ جِهَة الْمَغْرِب وَمِنْ جِهَة الْمَشْرِق، فَوَجَدَهَا فِي رَأْي الْعَيْن تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة، كَمَا أَنَّا نُشَاهِدهَا فِي الأَرْض الْمَلْسَاء كَأَنَّهَا تَدْخُل فِي الأَرْض. وَلِهَذَا قَالَ: "وَجَدَهَا تَطْلُع عَلَى قَوْم لَمْ نَجْعَل لَهُمْ مِنْ دُونهَا سِتْرًا"، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تَطْلُع عَلَيْهِمْ بِأَنْ تُمَاسّهُمْ وَتُلاصِقهُمْ، بَلْ أَرَادَ أَنَّهُمْ أَوَّل مَنْ تَطْلُع عَلَيْهِمْ. وَقَالَ الْقُتَبِيّ: وَيَجُوز أَنْ تَكُون هَذِهِ الْعَيْن مِنْ الْبَحْر، وَيَجُوز أَنْ تَكُون الشَّمْس تَغِيب وَرَاءَهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ عِنْدهَا، فَيُقَام حَرْف الصِّفَة مَقَام صَاحِبه. وَاَللَّه أَعْلَم". وفى ابن كثير: "وَقَوْله: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِب الشَّمْس"، أَيْ فَسَلَكَ طَرِيقًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَقْصَى مَا يُسْلَك فِيهِ مِنْ الأَرْض مِنْ نَاحِيَة الْمَغْرِب، وَهُوَ مَغْرِب الأَرْض. وَأَمَّا الْوُصُول إِلَى مَغْرِب الشَّمْس مِنْ السَّمَاء فَمُتَعَذِّر، وَمَا يَذْكُرهُ أَصْحَاب الْقَصَص وَالأَخْبَار مِنْ أَنَّهُ سَارَ فِي الأَرْض مُدَّة، وَالشَّمْس تَغْرُب مِنْ وَرَائِه،ِ فَشَيء لا حَقِيقَة لَهُ. وَأَكْثَر ذَلِكَ مِنْ خُرَافَات أَهْل الْكِتَاب وَاخْتِلاق زَنَادِقَتهمْ وَكَذِبهمْ. وَقَوْله: "وَجَدَهَا تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة"، أَيْ رَأَى الشَّمْس فِي مَنْظَره تَغْرُب فِي الْبَحْر الْمُحِيط. وَهَذَا شَأْن كُلّ مَنْ اِنْتَهَى إِلَى سَاحِله يَرَاهَا كَأَنَّهَا تَغْرُب فِيه،ِ وَهِيَ لا تُفَارِق الْفَلَك الرَّابِع الَّذِي هِيَ مُثْبَتَة فِيهِ لا تُفَارِقهُ". وفى الجلالين: "..."حَتَّى إذَا بَلَغَ مَغْرِب الشَّمْس": مَوْضِع غُرُوبهَا "وَجَدَهَا تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة": ذَات حَمْأَة، وَهِيَ الطِّين الأَسْوَد. وَغُرُوبهَا فِي الْعَيْن: فِي رَأْي الْعَيْن، وَإِلاّ فَهِيَ أَعْظَم مِنْ الدُّنْيَا". وأرجو ألا يغيب عن ناظر القارئ الحصيف كيف أن ابن كثير يلقى باللوم فى أمر التفسيرات الخرافية فى الآية على زنادقة أهل الكتاب وكذابيهم، مما يدل على أن القوم هم هكذا من قديم لم تتغير شِنْشِنَتهم، وأن فريقا من علمائنا كانوا واعين بالدور الشرير الذى كانوا يضطلعون به لتضليل المسلمين بإسرائيلياتهم، وكانوا يعملون على فضح سخفهم ومؤامراتهم.
أما الرازى فإنى أود أن نقف معه قليلا لنرى كم يبلغ جهل عبد الفاضى وبلادته وتدليسه هو وأشباهه، إذ إن مفسرنا العظيم قد أشبع القول فى هذا الموضوع بما يكفى لقطع لسان كل زنديق كذاب. قال العلامة المسلم عليه رضوان الله: "{حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا: يا ذا القرنين، إما أن تعذِّب وإما أن تتخذ فيهم حُسْنا* قال: أما من ظَلَم فسوف نعذبه ثم يُرَدّ إلى ربه فيعذبه عذابا نُكْرا* وأما من آمن وعمل صـالحا فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يُسْرا* ثم أَتْبَعَ سببا}: اعلم أن المعنى أنه أراد بلوغ المغرب فأتبع سببا يوصله إليه حتى بلغه، أما قوله: {وجدها تغرب فى عينٍ حَمِئَة} ففيه مباحث: الأول: قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم "في عين حامية" بالألف من غير همزة، أي حارة... وهي قراءة ابن مسعود وطلحة وابن عامر، والباقون: "حمئة"، وهي قراءة ابن عباس ... واعلم أنه لا تنافي بين "الحمئة" و"الحامية"، فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعا. البحث الثاني: أنه ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها، ولا شك أن الشمس في الفلك، وأيضا قال: {ووجد عندها قوما}، ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود، وأيضا الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض؟ إذا ثبت هذا فنقول: تأويل قوله: {تغرب فى عين حمئة} من وجوه. الأول: أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عينِ وهدةٍ مظلمةٍ، وإن لم تكن كذلك في الحقيقة، كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط، وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر. هذا هو التأويل الذي ذكره أبو علي الجبائي في تفسيره. الثاني: أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها، فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية، وهي أيضا حمئة لكثرة ما فيها من الحمأة السوداء والماء، فقوله: {تغرب فى عين حمئة} إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به البحر، وهو موضع شديد السخونة. الثالث: قال أهل الأخبار: إن الشمس تغيب في عين كثيرة الماء والحمأة، وهذا في غاية البعد، وذلك لأنا إذا رصدنا كسوفا قمريا فإذا اعتبرناه ورأينا أن المغربيين قالوا: "حصل هذا الكسوف في أول الليل"، ورأينا المشرقيين قالوا: "حصل في أول النهار"، فعلمنا أن أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحوة في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس. وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلاما على خلاف اليقين. وكلام الله تعالى مبرَّأ عن هذه التهمة، فلم يبق إلا أن يُصَار إلى التأويل الذي ذكرناه. ثم قال تعالى: {ووجد عندها قوما}. الضمير في قوله: "عندها" إلى ماذا يعود؟ فيه قولان: الأول: أنه عائد إلى الشمس، ويكون التأنيث للشمس لأن الإنسان لما تخيل أن الشمس تغرب هناك كان سكان هذا الموضع كأنهم سكنوا بالقرب من الشمس. والقول الثاني: أن يكون الضمير عائدا إلى العين الحامية، وعلى هذا القول فالتأويل ما ذكرناه ".
ومع هذا كله يريد الكاتبان المذكوران آنفا ( Sam Shamounو Jochen Katz) أن يعيدانا مرة أخرى إلى المربع رقم واحد، إذ يقولان إن مؤلف القرآن (يقصدان بالطبع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. نعم عليه الصلاة والسلام رغم أنفهما وأنف رشاد خليفة وتابِعه قُفّة) قد ذكر أن ذا القرنين وجد الشمس تغرب فى عين حمئة، ولم يقل إنها كانت تبدو له كذلك. وهذا رغم قولهما إننا لا نزال حتى الآن، ورغم كل التقدم العلمى والفلكى والجغرافى، نقول إن الشمس تشرق وتغرب، ولم يقولا إن على الواحد منا أن يوضح أن الأمر إنما يبدو فقط كذلك. فلماذا الكيل بمكيالين هنا؟ ترى أى خبث هذا الذى أتياه حين أرادا فى البداية أن يتظاهرا بالموضوعية والحياد والبراءة كى يخدّرا القارئ ويوهماه أنهما لا يريدان بالقرآن شرا ولا تدليسا، ثم سرعان ما يستديران بعد ذلك ويلحسان ما قالاه؟
ثم يمضى العالمان النحريران فيقولان إن القرآن يؤكد أن ذا القرنين قد بلغ فعلا المكان الذى تغرب فيه الشمس، وهو ما لا وجود له على الأرض، مما لا معنى له البتة إلا أن مؤلف القرآن قد ارتكب خطأ علميا فاحشا بظنِّه أن القصة الخرافية التى وصلت إلى سمعه هى حقيقة تاريخية: "However, the Quran goes beyond what is possible in phenomenological language when it states that Zul-Qarnain reached the place where the sun sets, i.e. the Quran is speaking of a human being who traveled to the place of the setting of the sun. Such a statement is wrong in any kind of language, since such a place does not exist on this earth. This is a serious error that was introduced into the Quran because the author mistook a legend to be literal and historical truth". أى أن سيادتهما يريان أن كلمة "مغرب الشمس" لا تعنى إلا مكان غروب الشمس، وأن معنى الكلام لا يمكن أن يكون إلا ما رأياه بسلامتهما. فلننظر إذن فى هذا الكلام لنرى نحن أيضا مبلغه من العلم أو الجهل: فأما أن "غروب الشمس" لا تعنى هنا إلا المكان الذى تغرب فيه الشمس فهو كلامٌ غبىٌّ كصاحبيه، إذ إن صيغة "مَفْعل" (التى جاءت عليها كلمة "مغرب") قد تعنى المكان، أو قد تعنى الزمان، بل قد تعنى المصدرية فقط، وهو ما يجده القارئ فى كتب الصرف والنحو فى بابَىِ "اسم الزمان والمكان" و"المصدر الميمى". أى أن الآية قد يكون معناها أن ذا القرنين قد بلغ مكان غروب الشمس أو أن يكون قد بلغ زمان غروبها، إذ البلوغ كما يقع على المكان فإنه يقع على الزمان أيضا (فضلاً عن الأشياء والأشخاص). جاء فى مادة "بلغ" من "تاج العروس": "بَلَغَ المَكَانَ، بُلُوغاً، بالضَّمِّ: وَصَلَ إليْهِ وانْتَهَى، ومنْهُ قوْلُه تعالى: لَمْ تَكُونُوا بالغِيهِ إلا بشِقِّ الأنْفُسِ. أو بَلَغَه: شارَفَ عليْهِ، ومنه قولُه تعالى: فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ. أي قارَبْنَهُ. وقالَ أبو القاسِمِ في "المُفْرَداتِ": البُلُوغُ والإبْلاغُ: الانْتِهَاءُ إلى أقْصَى المَقْصِدِ والمُنْتَهَى، مَكَاناً كان، أو زَماناً، أو أمْرَاً منَ الأمُورِ المُقَدَّرَةِ. ورُبَّمَا يُعَبَّرُ بهِ عن المُشارَفَةِ عليهِ، وإن لم يُنْتَهَ إليْهِ، فمنَ الانْتِهَاءِ: "حتى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغ أرْبَعِينَ سنَةً"، و"ما هُمْ ببالغِيه"ِ، "فلما بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ"، و"لَعلِّي أبْلُغُ الأسْبَاب"َ، و"أيْمانٌ عَلَيْنَا بالِغَةٌ"، أي مُنْتَهِيَةٌ في التَّوْكيدِ، وأمّا قَوْلُه: "فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فأمْسِكُوهُنَّ بمَعْرُوفٍ"، فللمُشارَفَةِ، فإنّهَا إذا انْتَهَتْ إلى أقْصَى الأجَلِ لا يَصِحُّ للزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا وإمْسَاكُها. وبَلَغَ الغُلامُ: أدْرَكَ، وبَلَغَ في الجَوْدَةِ مَبْلَغَاً، كما في "العُبَاب"ِ، وفي "المُحْكَمِ": أي احْتَلَمَ، كأنَّهُ بَلَغَ وَقْتَ الكِتابِ عليْهِ والتَّكْليفِ، وكذلكَ: بَلَغَتِ الجارِيَةُ...".
فإذا كان بلوغ الزمان (أو حتى بلوغ الحدث، أى المصدر) هو المقصود فى الآية الكريمة فلا مشكلة، إذ سيقال حينئذ إن ذا القرنين حين أتى عليه وقت المغرب قد وجد كذا وكذا. لكن ماذا لو كان مكان غروب الشمس هو المراد؟ والجواب هو أن الكاتبين الألمعيين أنفسهما قد ذكرا ما معناه أنه لا غضاضة فى أن يقول المتكلم حتى فى عصرنا هذا إن الشمس قد غربت فى البحر أو فى السهل أو فيما وراء الجبل...إلخ. أليس كذلك؟ فهذا إذن هو مغرب الشمس طبقا لما تجيزه اللغة الظاهراتية (phenomenological language) حسب تعبيرهما، وعليه فإنه يجوز أيضا أن يقال إن فلانا أو علانا أو ترتانا قد بلغ مغرب الشمس، أى وصل إلى البحر أو الجبل أو السهل الذى رآها تغرب عنده. وعلى هذا أيضا فلا مشكلة! وأنا أحيلهما إلى ما سقتُه فى هذا المقال من تعبيرات مشابهة فى الكتاب المقدس، ومنها ما هو أبعد من الآية القرآنية فى انتجاع هذه الاستعمالات المجازية! فما قول سيادتهما إذن؟ ألا يرى القارئ معى أن الأسداد قد ضُرِبت عليهما تماما فلا يستطيعان أن يتقدما خطوة ولا أن يتأخرا؟ وبالمناسبة فقد تكرر الفعل "بلغ" فى صيغتى الماضى والمضارع هنا سبع مرات، وهو ما لم يتحقق لأية سورة أخرى غيرها. كما تعددت صيغة "مفعل" فيها: "مسجد، موعد (مرتين)، موبق، مصرف، موئل".
والعجيب أنهما يُورِدان بعد ذلك عددا من النصوص القرآنية المجيدة التى تتحدث عن لزوم الشمس والقمر مسارا سماويا دائما لا يخرجان عنه، وهو ما يعضد ما قلناه من أن الأمر فى قصة ذى القرنين إنما هو استعمالٌ مجازىٌّ أو وَصْفٌ لما كان يظنه ذلك الرجل فى نفسه بخصوص غروب الشمس لا لما وقع فعلا خارج ذاته لأن القرآن يؤكد وجود مسارات سماوية دائمة لهذين الجِرْمَيْن، بَيْدَ أنهما كعادتهما يحاولان عبثا لىّ الآيات الكريمة عن معناها كى تدل على ما يريدان هما على سبيل القسر والتعنت! وعلى هذا فقول المؤلفين إنه إذا كان المفسرون المسلمون يشرحون الآية القرآنية بما يصرفها عن معناها الحرفى فذلك لأنهم يعرفون أن الشمس أكبر من الأرض، ومن ثم يستحيل أن تسعها أى عين فيها، ولأنهم أيضا يؤمنون بعصمة القرآن مما يدفعهم من البداية إلى تأويل الآية بحيث لا تدل على أن ثمة خطأ علميا قد ارتُكِب هنا، أكرر أن قول المؤلفين هذا هو قول متهافت بناء على ما أورداه هما أنفسهما من آيات قرآنية تنص على أن لكل من الشمس والقمر مسارا فلكيا دائما لا يفارقه، ومن ثم فمن المضحك أن نتمسك بحرفية المعنى فى الآية المذكورة بعد كل الذى قلناه وقالاه هما أيضا. والعجيب أيضا أن المؤلفين يَعْمَيَان، أو بالحرى: يتعاميان عن أنه كان أولى بهما، بدلا من تضييع وقتهما فى محاولتهما الفاشلة لتخطئة القرآن الكريم، أن يحاولا إنقاذ الإنجيل مما أوقعه فيه النص التالى مثلا من ورطة مخزية ليس لها من مخرج. قال متى: "ولما وُلِد يسوع في بيت لحم في أيام هيردوس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين. أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له… وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي، فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جدا" (متى/ 2/ 1- 10)، فها نحن أولاء إزاء نجمٍ حجْمه ضِعْف حجم الأرض مراتٍ ومراتٍ ومراتٍ...يتحرك من مكانه فى الفضاء ويهبط مقتربا منها إلى حيث البيت الذى كان فيه الطفل الرضيع مع أمه وخطيبها السابق يوسف النجار، وهذا هو المستحيل بعينه، ولا يمكن توجيهه على أى نحوٍ يخرج كاتبه من الورطة الغبية التى أوقعه سوء حظه العاثر فيها. إن النص لا يقول بأى حال إن النجم قد صدر منه مثلا شعاع اتجه إلى المكان المذكور، بل قال إن النجم نفسه هو الذى اقترب من البيت، كما أنه لم يقل إن جماعة المجوس وجدوا النجم يقترب أو بدا لهم أنه يقترب، بما قد يمكن أن نقول معه إنهم كانوا يُهَلْوِسُون، ومن ثم ننقذ كاتب الإنجيل من ورطته ولو على حساب جماعة المجوس المساكين، وأمْرنا إلى الله، بل كان الكلام واضحا قاطعا فى أن النجم هو الذى تحرك هابطًا حتى بات فوق المكان تماما!
وإلى القارئ شيئا من النصوص القرآنية التى تبين أن هناك مسارا سماويا دائما للشمس والقمر: "فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا" (أى بنظام وحساب دقيق: الأنعام/ 96)، "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ (يونس/ 5)، "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَار" (إبراهيم/ 33)، "وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى" (لقمان/ 29)، "لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَار" (يس/ 40)، "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا" (أى فى السماوات السبع)، "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ" (أى خُلِعَتْ من مسارها يوم القيامة، بما يعنى أنها لا تفارق هذا المسار قبل ذلك الحين: التكوير/1). وقد صادفتُ بحثا فى المشباك بعنوان " Orbits of Earth, Moon, & Sun: 18 RELEVANT VERSES REGARDING THE SUN’S & MOON’S: ORBIT, ROTATION AND LIFE " لكاتب وقَّع باسم "Frank" يستشهد بهذه الآيات وأمثالها على ما قلناه هنا، ويردّ من خلالها على من يتهمون القرآن بأن ثمة أخطاء علمية فى حديثه عن الشمس والقمر والأجرام السماوية. ثم إنه يؤكد أيضا أننا ما زلنا نقول حتى الآن إن "الشمس غربت فى البحر" كما جاء فى الآية التى يدور حولها هذا المقال: "we still use expressions such as the sun set into the sea, as is used in verse 18:86". وفى النهاية أحب أن أقول للقارئ إن هناك وجها آخر فى تفسير الآية الكريمة يجنِّبها كل هذا اللغط رأيت ابن حزم فى كتابه العبقرى العظيم: "الفِصَل فى الملل والنِّحَل" يقول به ويرفض كل ما سواه، وهو أن الذى كان فى "عينٍ حمئةٍ" ليس هو الشمس، بل ذو القرنين نفسه. والمعنى حينئذ هو أن الرجل قد أدركه المغرب (أو أدرك هو المغرب) وهو فى العين الحمئة. وتركيب الجملة يسمح بهذا بشىء غير قليل من الوجاهة، وإن لم يكن هو المعنى الذى يتبادر للذهن للوهلة الأولى. وشِبْه جملة "فى عين حمئة" فى هذه الحالة سيكون ظرفًا متعلقًا بفاعل "وجدها" وليس بالمفعول، أى أنه يصور حال ذى القرنين لا الشمس، وإن كان من المفسرين من يرفض هذا التوجيه كأبى حيان فى "البحر المحيط"، إذ يرى فيه لونا من التعسف. وسأضرب لهذا التركيب مثلا أَبْسَط يوضح ما أقول، فمثلا لو قلنا: "ضرب سعيدٌ رشادًا واقفا" لجاز أن يكون المعنى هو أن سعيدا ضرب رشادا، وسعيد واقف، أو أن يكون المعنى هو أن سعيدا ضرب رشادا، ورشاد واقف. والسياق هو الذى يوضح ما يراد.
وأخيرًا أختم المقال بإيراد نص الرسالة التى بعث بها الأخ النصرانى المهجرى إلى العبد لله، والتى يصلنا منها الكثير منه ومن أمثاله لكننا نُغْضِى عنها عادة ولا نحب أن نشير إليها حتى لا يتحول الأمر إلى مسألة شخصية. وهذا هو النص المذكور:
Mr. Ibrahim Awad
Articles Writer
Online El Shaab Newspaper August 24,2005
Cairo, Egypt.
In your article titled, 'Sayed Qumni retires', in the 8/20/05 issue of the Online El Shaab Newspaper. Even though the article subject was a critical review of Mr. Qumni's response to a threat on his life, you could not help but inject your venomous hate to Christianity, Christians and the West at large. What concerns me here is that you made two, equally absurd, Claims.
First claim : Christianity needs Islam ,because it is the only religion that witness to the legitimacy of the lord Jesus Christ.
Second claim : Denying miracle occurrence, matters not to Islam, Muhammad or the Quran because of its absence in their make up. Unlike Christianity with it's theology that relies heavily on belief in miraclesهاهاها)))؟؟؟؟

غير معرف يقول...

مقال في فضح الكنائس راهبات يمارسون الجنس مع الرب والعذراء))))))))))))))))) ((((((((((((((( ا
الكاتب/ Administrator





بسم الله الرحمن
الرحيم
تحذير هام
هذا الموضوع يحتوي على ألفاظ تخدش الحياء وصور أيضا ولهذا ننبه على عدم الإطلاع عليها إلا للإقامة الحجة على النصارى إن أقتضى الأمر
وإدارة الموقع تبرىء زمتها بعد هذا التنبيه من الإطلاع على هذا الموضوع لسبب غير السابق ذكره





الحمد لله مولانا حمداً لا يجوز لأحد سواه والصلاة والسلام على آله وصحبه ومن ولاه أما بعد :
يقتصر جهدي في هذا العمل على الترجمة و محاولة التنقيح و تورية الكلام الصريح و حذف ما لا يمكن توريته ليتماشى مع مستوى الأخلاق الإسلامي الشرقي لذا فإن المقال يحتوي على صور ورسومات خادشة للحياء ( وقد حذفناه فمن أراد أن يطالعها فليراجع الموقع وأنا بريئ من ذنبه فقد حذرت ) وكلمات لا يجوز أن يتفوه بها إنسان لذا سامحوني إن بدا بعض الكلمات في المقال جرحت أو خدشت حيائكم فلقد أشرت إلى النقاط التي تغاضيت عن إيرادها في مواضعهاوكل لبيب بالإشارة يفهم.
كاتب المقال هو قسيس ايطالي سابق خرج على الكنيسة و رفع دعوى قضائية في إيطاليا بتهمة التدليس
المصدر:

http://www.luigicascioli.it/sesso_eng.php
فقرة: Sex and Christianity
----------------------------------------------------------
لو أن آدم و حواء لم يرتكبا خطيئة العصيان من خلال الأكل من الفاكهة المحرمة، وفقاً للمسيحية فإن البشر كانوا ليتناسلوا من خلال "متعة مقدسة" حيث أن تدخّل الأعضاء المنتجة يتم فقط من خلال الروح. لهذا تم منحهم التصريح (أي للناس) لاستخدام أعضائهم بعيداً عن خطيئة الشهوة القاتلة التي تعتبر أساسية في المتعة الجنسية. و الدليل على ذلك أن الاستسلام لإغواءات الجسد يستوجب الإدانة أو التوبيخ من قبل الرب. المؤمنون بالأخلاق المسيحية يخبروننا أن آدم و حواء ستروا عوراتهم بأوراق التين بعد اقترافهم للخطيئة نتيجة لخجلهم.
و نتيجة للجماع الأول بين آدم و حواء بعد إغوائهم من قبل الأفعى، كان هنالك تباين بين "الخير" الذي أجبر البشر للتناسل بعيداً عن أي بحث عن المتعة، و بين "الشر" الذي نبه البشر للاستمتاع بالمتعة الجنسية أكثر من أي وقت مضى. و تظهر حقيقة أن الكنيسة كانت دائماً ضد أي علاقة جنسية منذ تأسيسها من خلال سماحها لأتباعها بالزواج فقط بعد النبوؤة المؤسوف عليها عن "نهاية العالم" الوشيكة، و ذلك قد دفع الكنيسة لملاحظة أن منع كافة أشكال التزاوج سيؤدي بالنتيجة لانقراض الجنس البشري.
لهذا و من خلال دورها كحارس للأخلاق، قامت الكنيسة - المجبرة على إدراك ضرورة التوالد – بإباحة الزواج بشرط التزام الزوجين بشرائعها الأخلاقية بشكل تام. فيما بعد تم وضع القوانين الكنسية لتفريق الخطأ من الصواب و تأكدت الكنيسة من احترام هذه القوانين من خلال الفرض على اتباعها بالاعتراف بخطياهم حيث تتحدد العقوبة باسم الرب من قبل الآباء المُعترف لهم بناءً على مدى صرامة الخطيئة التي قد تكون طفيفة أو مُهلكة (قاتلة). [كان الأعتراف سلاحاً شرعياً للمسيحية لبناء مستعمرتها، لأنه من خلال أجبار الملوك و الإمبراطوريين المسيحيين على الاعتراف يتحقق لهم السيطرة على قرارات الدولة].
لهذا يمكن للمرء أن يفهم تماماً ظلامية و بلادة الأخلاق المسيحية، و سندرج هنا مقتطفات من النظام الأخلاقي فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية:
1- لا يكون هنالك خطيئة لو أنه كان اتصال جنسي بين الزوجين دونما وجود للمتعة. (casuistry) يتبع هذه الوصية أنه كي تتجنب المرأة خطيئة الشهوة الجنسية إثناء الإتصال الجنسي – و التي يتوجب عليها الاعتراف بها (من المرجح وجود بعض النساء إلى اليوم يمارسن ذلك) – فإن عليها أن تردد: ((إني لا أقوم بهذا لمتعتي الشخصية و لكن لأمنح الله إبناً)) – تعالى الله عما يقولون- .
2- لو حدث خلال الاتصال الجنسي أن رغب أحد الزوجين الآخر بشدة، فإنه بذلك يرتكب بذلك خطيئة مهلكة (قاتلة). S. Geronimo – theologian))
3- (حذفتها لخروجها عن مستوى الأخلاق والأدب)
4- على الزوج و الزوجة ألا يقيمان إتصالاً جنسياً أكثر من أربع مرات في الشهر الواحد (Sanchez – theologian)
5- لا يعبر خطيئة لو أن الزوجين أقاما إتصالاً جنسياً أثناء النهار و تم تكرار ذلك في اليلة التالية (Sant’Alfonso de Ligueri – theologian)
6- يعتبر خطيئة لو أن أحد الزوجين انسحب قبل القذف [كان هذا بسبب الاعتقاد أن المرأة تنتج المني أيضاً] (Sanchez – Theologian)
7- نظراً لضعف الرجل أمام المرأة فإنه يعتبر خطيئة لو قبلت المرأة الاتصال الجنسي مرتين متتاليتين. (Zacchia – theologian)
8- (حذفتها لخروجها عن مستوى الأخلاق والأدب)
9- (حذفتها لخروجها عن مستوى الأخلاق والأدب)
10- الإشباع الذاتي النسائي يعتبر خطيئة طفيفة لو تمت خارجياً فقط، و تعتبر خطيئة مُهلكة (قاتلة) لو تطرق الأمر إلى الأحشاء. (Debrayne – theologian)
11- بما أن الاستلقاء على الظهر ليس أمراً طبيعياً، فيجب على المرأة أن تقيم الاتصال الجنسي بأن تدير ظهرها للرجل و إلا فإنها ترتكب بذلك خطيئة (casuistry)
12- عندما تدعي إمرأة أنها قد اغتصبت من قبل الشيطان، يجب عمل فحص دقيق لفرجها و دبرها لتقييم الأثر. لأخذ فكرة عن كيفية أداء هذه الفحوص من قبل الفاحصين على راهبات الأديرة اللواتي يزعمن اغتصابهن من قبل الشيطان، يمكننا أن نقرأ بعض التقارير التي أعدها شهود:
((إن صوت الفاحصين لهو دليل على المراسم الفاحشة المروعة)) Margaret Murray
((لقد كان فضول الحكام لا ينتهي، حيث أرادوا أن يعرفوا كل شيء عن الاتصال الجنسي الذي تعرضن له الراهبات من قبل الشيطان بأدق التفاصيل)) Henry Lea
و هذا الأخير لايزال يحدث في كرسي الاعتراف.
و كتب Jacques Fines – صحفي من جريدة تايمز – أنه شاهد الفاحصين أنفسهم يغتصبن الراهبات أثناء إشرافهم هذا. (عملياً فقد استخدم الفاحصون أعضاءهم للفحص).
13- حتى لا يكون الجماع خطيئة، يجب عدم استخدام العزل(Zacchia – theologian)
14- للتخلص من الفتور الناتج عن قلة الانتصاب، اعتقد Sanchez أنه من الضروري حضور ثلاثة قداس، لاهوتيون آخرون اعتقدوا انه من المفضل اللجوء إلى تعويذة أو ممارسة طقوس العشاء الرباني.
15- الإتيان في الدبر لا يعتبر خطيئة مُهلكة (قاتلة) إن لم يحدث العزل في النهاية. (Sanchez – theologian)
16- (حذفتها لخروجها عن مستوى الأخلاق والأدب)
17- خلافاً للقذارة القسرية الذي لا يتولد عنها خطيئة، فإن الإشباع الجنسي الذاتي يجب اعتباره خطيئة خطيرة لأنه يمكن اعتباره زنا، أو زنا محارم، أو اغتصاب – و يتوقف ذلك على الشخص الذي يتم تخيله في ذلك الموقف. و يصبح الأمر تدنيساً رهيباً للمقدسات إن كانت مريم العذراء هي محط الشهوة. Sanchez – theologian
و حقيقة اعتراف القساوسة امكانية قيام أحدهم بمثل هذا العمل أمام صورة مريم العذراء لهو كاف لنا لفهم المستوى الذي يمكن أن تصله الأخلاق المسيحية من الانحراف!
الحفاظ على هذه الوصايا، المفروضة خلال كراسي الاعتراف، عرضت المسيحيين للاختناق، و تجنباً للتمرد أجبرت الكنيسة على السماح بقيام احتفال أو عيد مرة في السنة لإطلاق سراح كبتهم. ((كل الرجال بحاجة للاستمتاع مرة واحد في السنة على الأقل لإطلاق سراح غرائزهم الطبيعية التي يمكن كبتها حتى مستوى محدد. إنهم يشبهون براميل الخمر التي يمكن أن تنفجر إن لم يقم أحدهم بنزع الغطاء من فترة إلى أخرى لإزالة الضغط. يمكن للرجال أن ينفجروا أيضاً إن كان الشيء الوحيد الذي يغلي في داخلهم هو إخلاصهم للرب)) من رسالة كتبها الآب Tillot لكلية في اللاهوت سنة 1444 و هي كلية اللاهوت في باريس.
هذه الاحتفالات الجنسية التي قبلتها الكنيسة للسماح لأتباعها تفريغ الضعط المكبوح من خلال قمعهم الجنسي الذي استمر حتى عام 1700 غالباً ما كانت ذات طبيعة مدنّسة أو مجدّفة و خاصة إذا أقيمت داخل الكنائس. بعيداً عن المناطق العامة، شارك بالاحتفالات أيضاً قساوسة ذوي ضعف كهنوتي. غالباً ما يصل القساوسة بعد ابتداء الاحتفال فيغنون و يرقصون على أعداد فاحشة (من الكتاب المقدس) يرتدون في أغلبهم ملابس نسائية. يتم التهكم بالمراسم الدينية من خلال تقديم النقانق بدلاً من خبز القربان المقدس، و حرق أحذية قديمة بدلاً من البخور. كانوا يشربون المسكرات دونما حدود و يختلطون مع الحشود يتجشّؤون و يتقيؤون ، و يظهرون استياءهم من الكبت الكنسي من خلال سخريتهم من التهيج الجنسي و تمثيل مشاهد عن الجماع أو الاستمنان، و كان هنالك قساوسة يمتطون قساوسة آخرين متنكرين في لباس الراهبات. في مثل هذه المناسبات كل شيء كان مسموح به، و كان هؤلاء القساوسة يمتعون أنفسهم بشكل دنس في رقصات كنسية هادئة و التي كانوا يجدونها أكثر إمتاعاً لو صوحبت بمعزوفات جنائزية. لقد كانت هذه الاحتفالات صخباً حقيقياً، و بصريح العبارة فقد تجلت ردة فعل الناس تجاه كبت الأخلاق المسيحية من خلال تعظيم الشيطان.
((هذه الاحتفالات التي سمحت بها الكنيسة لم تكن ترخيصاً ناتجاً عن تسامح مجرد، بل كانت مطلباً يشجع لها لمنح تحرير مدروس للخميرة البشرية)) من
JOURNAL POUR TOUS بتاريخ 7-2-1863
إلا أن الكبح الجنسي الذي يتم تخفيفه بهذه الطريقة في العالم الديني الخارجي من خلال تنظيم عربدة مختارة كان سبباً لحدوث مشاكل في الأديرة حيث لم يسمح فيها التفريغ الجسدي، لذا فقد حاول القساوسة و الراهبات إشباع رغباتهم الجنسية من خلال تخيل أنفسهم يمارسون الجنس مع شركاء روحيين: الراهبات مع يسوع المسيح و القساوسة مع مريم العذراء.
هؤلاء التائبون كانوا يدعون "روحانيين" وفقاً للتسمية الدينية، ملزمين أنفسهم باعتقاد صارم ناتج عن السرقة الأدبية (انتحال الشخصيات)، و محافظين على أخلاق تؤسس كمال روحي مبني على رفض كل متعة للجسد في أكثر الأساليب صرامة حيث لا يقدر إلا المتعصبين المضللين على كبح هذه القوانين الطبيعية و التي تفرض التوالد من خلال إبعاد الغرائز الجنسية.
هذه الدراما التي عاشوها الناتجة عن التقشف الجنسي المتواصل المصحوب بالتعذيب المستمر الموجه لأجسادهم كعقاب لكون هذه الاجساد مصدر الشهوة (هذا التعذيب جعل منهم ماسوشيين – يتلذذون بالتعذيب)، خلقت في أنفسهم حالة من الاضطراب العقلي و كانت الكنيسة تعتقد أنها "نشوة" بينما المحللون النفسيون يسمون هذه الحالة "هلوسة تأتي من الاضطراب النفسي الناتج عن الكبت الجنسي".
يقول الدكتور Caufeinon ((عدم إشباع الرغبة الجنسية هو أحد الأسباب الرئيسية للهيستيريا)) و في موضوع حياة الأديرة يضيف فيقول: ((إن كانت حياة الأديرة تستحسن هذا الاضطراب العقلي فإنه لم ينتج عن التقشف الجنسي فحسب بل و عن الصلاة الدائمة التي تقدمها الراهبات، و عن الحياة التأملية و الإثارات العصبية الناتجة عن الخوف الدائم من العقاب الأليم الذي تستوجبه العدالة الإلهية لخطاياهم))
يشرح مطولاً كلاً من العالمين النفسيين Dupré و Logre بأن "النشوة" كانت مجرد نموذج عن الاضطراب الروحي الناتج عن الاضطراب في المخيلة، و يبين لنا الدكتور Murisier كيف أن ((حب القساوسة و الراهبات و تعلقهم بالرب، و يسوع المسيح و مريم العذراء ناتج و بشدة عن طبيعة جنسية)) و ذلك في كتابه:
أمراض العاطفة الدينية - The diseases of religious sentiments
James Leuba المتخصص في علم النفس الديني يتهم الكنيسة بوضوح في كونها السبب وراء الجنون حيث يصرح: ((إن ذروة الهيجان الجنسي الذي يصل إليه القديسون عندما يتزاوجون روحياً – كونه زواج خيالي فقط – تتركهم في حالة من عدم الإشباع الجنسي الدائم المسبب لاضطراب عصبي يدعى "النشوة"))
مع عدم القدرة على تجنب العواقب الوخيمة التي تطرأ مباشرة على الجماهير من خلال التصريح بالعربدة الدورية، فقد تجنبت الكنيسة كل اتهام يمكن تجنبه عن أخلاقياتها الباطلة من خلال تحويل الجنون إلى قداسة.
لقد كان احمرار البشرة المنتشر بين العذراوات و الأرامل و كل هؤلاء اللواتي عشن حياة منعزلة أول أعراض عدم الإشباع الجنسي. هذه الدراما ذات الطبيعة الجسدية المريضة تظهر في الالتهاب الجلدي الذي يمكن توجيهه إلى أعضاء الجسد حيث تتركز فيها الرغبة الملطوبة، مثل حالة الزاهدين الذين يرمون إلى تقليد المسيح، ويتوقون إلى إحياء معاناة آلام المسيح مركزين تفكيرهم على آلام جروح الصلب. (أنظر الصورة )



هذه العلامات الحمراء هي مجرد تمدد للعروق ناتج عن تمركز الدم الذي يمكن أن يسبب نزيفاً ناتجاً عن تمزق الأنسجة ، هذا بعيداً عن الألم. أفضل مثال لهذه الظاهرة هو العلامات التي تظهر على يدي و قدمي الزاهدين الكبار كحالة Padre Pio الذي زعم أن علامات جروحه قد سبقها علامات حمراء مصحوبة بألم كبير.
من ناحية أخرى، يوجد الكثير من الأمثلة عن خروج الرغبة من خلال ظهورات جسدية، ليس فقط انتصاب العضو الذكري عند الرجال و الحيوانات الناتج عن الأفكار، و لكن أيضاً ظاهرة البشرة التي تجعل الحيوانات تحاكي الطبيعة في بشرتها. و الهيستيريا الناتجة عن الكبت الجنسي الموروث في الأديرة يؤكد عليها القول الشعبي:
((تحتاج إلى شيطان واحد لأشباع فساد أخلاق قرية ، ولكنك تحتاج إلى أكثر من ألف لتشبع فساد أخلاق دير))
كلما كانت القوانين أكثر صرامة على جماعة ما، كلما انتشر الانحراف بين أفرادها، و كذلك في مزيج من رائحة الورود و الكبريت يبدأ الناس بممارسة العربدة المختارة فتنسبها الكنيسة إلى أعمال الشيطان و تحاول بدهاء طرد الأرواح الشريرة عوضاً عن إرسالهم إلى علماء النفس.
بين الحالات اللانهائية المنتقلة إلينا عبر سجلات التاريخ، لننقل مثالاً لكي نبين الظلامية الموجودة في الإيمان المسيحي. تقرير موقع من أربعة أساقفة كانوا حاضرين أثناء إخراج الأرواح الشريرة:
في دير Auxonne : ((لقد تلفظت الراهبات بكلمات فظيعة مهرطقة أثناء الفوضى و تم تنفيذ الطقوس لتحريرهن من الشيطان. كان على جسدهن علامات خارقة للطبيعة من صنع الأرواح الشريرة. لقد اتخذت الراهبات أوضاع خارقة خلال عملية طرد الأرواح مثل التوازن على بطونهن على شكل قوس، او الانحناء إلى الاسفل كثيراً حتى تلامس رؤوسهن أصابع أقدامهن.. إلخ))
و أيضاً: ((في دير Nazaret في مدينة Cologne،:
استلقت الراهبات على الأرض و كأن هناك رجلاً فوقهن و قمن بحركات النكاح))



صورة مقتبسة من خارج المقال ولكني أوردتها كتوضيح (AYOOP2)
((في دير Louviere في بلجيكا:
أنجزت العربدة المختارة في حالات نشوة متناوبة، حيث نادت الراهبات المسيح جاثين على ركبهن و تعرضن للإنهيار العصبي فكشفن عن مؤخراتهن للشيطان يتوسلن إليه أن يستحوذ عليهن))
إلى هنا ، و بعد أن أخذنا فكرة عن الاضطراب النفسي الذي رفضت الكنيسة تحمل أي مسؤولية مستمدة من فرضها للتقشف الجنسي مصرحة بقولها: ((من أعمال الشيطان))، لنلقي نظرة على حقائق أخرى مخزية حيث تحولت نوبات الصرع إلى نشوة مقدسة:
القديسة Margherita Maria Alacoque :
أخذت على نفسها عهداً بالطهارة و هي في سن الرابعة، و دخلت الدير في سن الثامنة و تلقت أول اتصال نشوة بيسوع "خطيبها" في سن الخامسة عشر. نقرأ من سيرتها الذاتية:
1- ((عندما كنت أمام يسوع ذبت كالشمعة في اتصال عشقي معه)).
2- ((لقد كنت أعاني من طبيعة حساسة جداً حتى أن أقل الأوساخ عرضتني للمرض. فوبخني يسوع بقسوة على هذا الضعف و تفاعل في ذلك بقوة حتى أني في يوم من الأيام نظفت الأرض بلساني حيث كان أحد المرضى قد تقيأ عليها. لقد جعلني يسوع أشعر ببهجة كبيرة حتى أنني أرغب أن أفعل ذلك كل يوم لو أمكنني ذلك..)) – تلذذ جنسي بأذية النفس ناتج عن الاضطراب الهيستيري.
3- ((مرة عندما أظهرت ممانعة معينة في الاعتناء بمريضة بالزحار، وبخني يسوع بشدة ، لهذا ولكي أكفّر عن ذلك، ملأت فمي ببرازها و كنت على استعداد لابتلاعه لولا أن القوانين قد حرمت الأكل بين الوجبات)) - تلذذ جنسي بأذية النفس ناتج عن الاضطراب الهيستيري.
4- ((في أحد الأيام استلقى يسوع فوقي و عندما أبديت اعتراضي أجابني: "دعيني أستخدمك لمتعتي لأن هنالك وقت مناسب لكل شيء. و الآن أريدك أن تكوني محط حبي، استسلمي لإرادتي دونما مقاومة منك، حتى يتسنى لي الحصول على المتعة منك")) –اختبرت الجماع الجسدي من خلال الخيال.
حدوث التلذذ الجنسي عن طريق أذية النفس مصحوبة بالنشوة كثيراً ما كان يتكرر مع Maria Alacoque التي كانت تعيش بشهوتها من خلال الاتصالات الجنسية مع يسوع الذي تلقبه بالخطيب، لدرجة أنها كانت حالة حقيقة لهيستيريا العشق الجنسي.
قامت الكنيسة – التي استفادت من السذاجة و الجهل البشريين - بتشييد القلب المتعبد الرسولي بناء على تصريحات امرأة تعاني من رغبة جنسية شدية غير سوية و التي كانت ظهورات النشوة عندها ليست إلا نوبات تصلب نتجت عن الكبت الجنسي.
ظهرت مريم العذراء لـ Margherita Alcoque كما ظهرت لقديسين روحانيين آخرين:
5- ((كثيراً ما كانت العذراء المقدسة تظهر لي و تضمني و تعدني بحمايتها لي.))
هذا التدخل من مريم العذراء في علاقة الحب بين القديسات و يسوع كان يُبرر أنهم بحاجة إلى قبول أمّ الذي أحبوه سراً عبر نشوتهم. علاقة الحب هذه، ذات الطبيعة الجنسية و بالتالي الآثمة، أعطت عقدة الذنب التي أردن التخلص منها كي يتمكن من الحصول على المتعة من تزاوجهن، ليس فقط من خلال أخذ موافقة أم عشيقهن بل من خلال نشرها في سير حياتهن.
و حقيقة أن سيرهن الذاتية كانت وسيلتهن للتطهير يحررهن من الشعور بالذنب، تظهر من خلال استخدامهن لهذه السير كوسيلة للاعتراف المحرر من الذنب حيث أن وصفن ذروة هياجهن الجنسي في تفاصيل دقيقة تكفي لجعلها مبحثاً في الفسق. القديسة Mary of Incarnation بعد أن شجعت يسوع – زوجها – أن يمارس الجنس معها مستخدمة ألفاظاً بعيدة عن الروحانيات: ((إذاً يا حبيبي المهيم، متى سنتزاوج؟)) تقول لنا سيرتها الذاتية عن شعورها في هيذانها أثناء النشوة: ((أثناء نشوتي ظننت أن هناك أذرعاً بداخلي فمددت ذراعي لأعانق الرجل الذي رغبت فيه بشدة))
القديسة Guyon، زاهدة و تائبة، كتبت أنه في إحدى النشوات أخذها يسوع إلى غابة من الأرز حيث كان هناك غرفة بسريرين و أنها سألته لمن كان السرير الآخر فأجابها: ((واحد لك يا زوجتي، و الآخر لأمي)) و بالإشارة إلى المتعة الجنسية التي بحثت عنها أثناء نشوتها كتبت تقول: ((لم استحوذ على يسوع بالطريقة الروحية عن طريق الأفكار فحسب بل بطريقة محسوسة أكثر حتى أنني شعرت حقيقة بمشاركة الجسد)) فتأمل
عندما عادت إلى الواقع ، و بما أنها كانت تؤمن أن جسدها كان مسؤولاً عن خطاياها فقامت بتوجيه تعذيب وحشي لجسدها فقالت: ((و لكي أهلك جسدي لعقت أقرف البصقات.. وضعت الحجارة في أحذيتي.. قمت باقتلاع أسناني حتى ولو كانت بصحة جيدة..))
من سيرة حياة القديسة Angela من مدينة Foligno :
((خلال النشوة كنت و كأنني مهووسة بأداة كانت تخترقني و تقطع لحمي.. لقد كنت ممتلئة بالحب و مكتفية باكتمال لا يصدق.. تكسرت أطرافي و تحطمت عندما ضعفت و ذبت للحب.. و عندما تعافيت من نشوتي شعرت بخفة و رضى حتى كنت قادرة على حب الشيطان نفسه..)) – وصف رائع للسكون الذي يلي ثورة الهيجان الجنسي!-.
القديسة Angela من مدينة Foligno :
قد علمت أن المتعة التي شعرت بها أثناء النشوة كانت من طبيعة جنسية حتى صرحت أنها كانت ضحية لـ ((الفساد التي لا أجرؤ على ذكره))، (( لعلها تقصد ما يحدث من القساوسة كشبه قصة برسوم المحرقي الشهيرة )) فساد الشهوة الجنسية التي حاولت أن تحرر نفسها منه بوضع ((فحم أحمر محترق على فرجها لتتخلص من رغبتها)).
القديسة Rose of Lima :
حتى تتمكن من تجربة المتعة الجنسية بأسلوب أكثر حرية دونما شعور بعقدة الذنب، قامت بمعاقبة جسدها قبل النشوة بأسلوب يجعلها ترتعد خوفاً من الإثارة: ((على الرغم من أن أب الاعتراف أخبرها ألا تبالغ إلا أنها وجهت خمسين ألف جلدة من السوط إلى جسدها في أربعة أيام..))
القديسة Giovanna of the angels :
التي كانت رئيسة لدير راهبات Ursuline، نقلت الهيستيريا إلى كافة أفراد جماعتها بنشواتها المتكررة. من سجل تاريخ التايمز: ((في دير Ursuline في مدينة Loudun، الذي كانت فيه الأم Giovanna of the angels رئيسة له، كل الراهبات بدأن بالصراح و سيلان اللعاب و أخذن بالتعري كاشفين عريهن تماماً))
أحدهم يدعى Robbins، صحفي لجريدة التايمز كان حاضراً لإحدى هذه النوبات المختارة، في وصفه للحقائق أبرز إحداهن بالذات:
((الأخت Clare سقطت على الأرض مغشياً عليها و استمرت بممارسة العادة السرية و هي تصرخ: "fuck me، fuck me.. ( إفعل معي كذا , إفعل معي كذا )" إلى أن أخذت صليباً و استخدمته بطريقة تحرم علي حشمتي أن أذكرها)).
أحد آباء الاعتراف يدعى Surin تم تكليفه من قبل محكمة الأساقفة لممارسة التعويذات في الدير، و لكنه سرعان ما تورط في العربدة فكتب يقول: ((لقد تذوقت الرب بلساني عندما شربت النبيذ المصنوع من الفاكهة أو عندما أكلت المشمش)). – لا حاجة للشرح بعد أن بحث هذا الرجل عن الرب بلسانه!
الأب Surin تم استبداله بكاهن تعويذات آخر يدعى Ressés، الذي نجح بعد مقاومة كافة الإغواءات في تحرير الدير من الأرواح الشريرة. فجعلوا من إجهاض الأم رئيسة الدير دليلاً على نجاح التعويذة الذي أجهض طفلها على حد قوله بعد أن حررها من الشيطان بمياه مقدسة.
بعد تصريحها بأنها قد شفيت من قبل القديس Joseph الذي ظهر لها أثناء تنفيذ التعويذة، استفادت الكنيسة من هذا و نجحت في قلب عربدة دير Louden إلى ظاهرة تهذيب و أطلقت عليها اسم المعجزة.
الضمادات و الخرق التي استخدمتها Giovanna of the angels لمعالجة جراحها الناجمة عن الجلد، تحولت بعد ذلك إلى ضمادات مباركة، حيث استعملت لمعالجة المرضى الذين بدؤوا يترددون على الدير في رحلات منتظمة.
و باعتبارها قديسة شافية بدأت Giovanna of the angels رحلتها في فرنسا لمعالجة المرضى و أصبحت مشهورة لدرجة أن الكاردينال Richelieu دعاها لتأتي إليه لإزالة الألم الشديد الذي تسببت فيه البواسير. في سجل تاريخ التايمز كُتب تقرير أنه حتى Anna of Austria كانت من بين المشاهير الذين "أبرؤوا" من قبلها. كانت Anna تعاني من ولادة معقدة، و الظاهر أنها شعرت بارتياح شديد عندما لامست طرف قميص Giovanna. عندها نجحت الكنيسة مرة أخرى باستخدام فن الغموض بدهاء في قلب الهيستيريا الناتجة عن الكبت الجنسي إلى قداسة. (إقرأ كتاب" خرافة المسيح")


من الصور التي يهواها القساوسة أثناء تفريغ مرضهم الجنسي مع أم الرب والعياذ بالله (AYOOP2 )
القديسة Teresa of Avila :
بالذات إحدى أفضل ممثلي الشهوة الجنسية المكبوتة غير السوية في العالم التي تزاحمت في الفردوس المسيحي. يمكن أن تكون مثالاُ كلاسيكياً في كتب علم الجنس كتوضيح للتلف الدماغي الناتج عن الكبت الجنسي.
من سيرتها الذاتية: ((لقد أصبح مرضي خطير جداً لدرجة أصبحت فيها على وشك الإغماء بشكل مستمر، لقد شعرت بالنار تحترق بداخلي... لقد كان لساني ممزقاً من العض عليه)).
((بينما كان المسيح يكلمني كنت أتأمل جمال بشريته الرائع ... لقد شعرت بمتعة كبيرة لا يمكن أن أشعر بها في أوقات أخرى من الحياة))
((أثناء النشوة يتوقف الجسم عن الحركة، يصبح التنفس أبطأ و أضعف، و تتنهد فقط و تأتي المتعة على شكل أمواج..)) – وصف رائع لذروة الهيجان الجنسي!
((أثناء النشوة ظهر لي ملاك في هيئته الجسمية و قد كان جميلاً. رأيت سهماً طويلاً في يده، كان مصنوعاً من الذهب و رأسه محمى على النار. فقام الملاك بطعني بالسهم مروراً بأحشائي و عندما أخرجه تركني أحترق بحب الرب.. لقد كان الألم الذي تركه السهم ظريفاً جداً لدرجة أنني لم أتمكن إلا من التنهد قريباً من الإغماء، و لكن هذا التعذيب الذي لا يوصف أعطاني بهجة حلوة في نفس الوقت بهجة لا يحتملها الجسد حتى ولو اشترك فيها بالكامل..))
((لقد كنت قريبة من حالة الاضطراب العقلي التي جعلتني أعيش في إثارة دائمة لم أجرؤ على اعتراضها بطلب ماء مقدسة كيلا أقلق الراهبات الأخريات اللواتي أدركن السبب و الأصل)) – دليل على الشعور بالذنب.
((ربنا، وهو زوجي، أعطاني زيادة في المتعة منعتني من الكلام حتى أن كافة حواسي في أقصى هيجانها..)) - دليل على الشعور بالذنب.


صورة لرضاعة الجماهير من أم الرب المزعوم ويتضح مدى الشبق الجنسي عند فناني الكنيسة ( AYOOP2 )
هذه الفقرات مأخوذة من السير الذاتية لنساء على شرفات الجنون الناجم عن الكبت الجنسي و اللواتي حولتهن الكنيسة إلى أمثلة تهذيب، و لكنهن في الحقيقة الدليل الأكبر على زيف الأخلاق المسيحية.
إن البشر بحاجة للجنس كحاجتهم للطعام. التقشف الطويل الأمد يسبب تشويشاً عقلياً كما يفعل الجوع و الذي يدفع الإنسان للتصرف بشكل خطر على نفسه و على الآخرين. كثير من الرذيلة و الفساد تجدها في المجتمع ناتجة عن الحرمانية التي تقف في المسار العادي للطبيعة. عندما يتم مخالفة الطبيعة، فإنها ستقاوم عاجلاً أم آجلاً بشكل أكثر عنفاً من الكبت الذي يجري عليها.
في مجتمع يعتبر فيه الجنس حاجة بشرية و ليس مصدراً للرذيلة و الخطيئة، فإن كل الإنحراف سيتقلص إلى ما يقارب العدم كما يتقلص الاغتصاب و القتل اللذين غالباً ما ينتجان عن البغض تجاه النساء و اللواتي يتعبرن مسؤولات أمام الرجال عن الألم الجسدي و النفسي الناتج عن الكبت. في مجتمع يعتبر فيه الجنس غير محرم (و أشير هنا إلى الزواج الطبيعي- المترجم) يمكن أن يخلق جواً من الاسترخاء و التناغم، و لكن عالماً من الإحباط يقود فقط إلى البغض و الضغينة.
----------------------------------------
فسبحان الذي أحل لنا الحلال وحرم علينا الحرام والعقل أيها السادة يشهد على عظمة الإسلام وتشريعات الله سبحانه وتعالى التي راعت طبيعة الإنسان وإحتياجاته , فانظروا إلى ما وصل إليه أمرهم من فجر وفحش وزنا وأمراض نتيجة تشرعيات بشرية ما أنزل الله بها من سلطان يقول رب العزة في كتابه الكريم وهو خير قائل :
ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد : 27]
فتأمل
والجميع يعلم علم اليقين أن الغرب قد أباح الزواج والطلاق بعكس ما يقوله كتابهم المدعوا خطأالكتاب المقدس فالكتاب المقدس يقول في إنجيل متى هكذا :
مت 5:32 واما انا فاقول لكم ان من طلّق امرأته الا لعلّة الزنى يجعلها تزني.ومن يتزوج مطلّقة فانه يزني
وليس الغرب وحده بل أنظر إلى قرار المحكمة المصرية التي عارضت هذه التشريعات الظالمة والخبر منشور في المصدر ( موقع قناة العربية الفضائية ) هكذا :
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/03/15/21971.htm
وعلى هذا فإن معظم النصارى الآن هم (( أولاد زنى )) لأنهم بتحليلهم الطلاق لغير علة الزنى يلزمهم أمران لا مفر منهما :
الأول : أنهم خالفوا أمر الرب وحللوا ما حرمه الرب ولزوم هذا الأمر أمور أخرى كثيرة منها على سبيل المثال الآتي بحسب كاتب إنجيل يوحنا هكذا :
يو 14:15 ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي.
ويفهم منه أن المخالف لا يحب الرب فالقائل هو يسوع على حسب الكتاب .
وإن لم يفعلوا فالمفروض أن يكون جزائهم كما قال كاتب اللاويين26 هكذا :
وان رفضتم فرائضي وكرهت انفسكم احكامي فما عملتم كل وصاياي بل نكثتم ميثاقي
16 فاني اعمل هذه بكم.اسلّط عليكم رعبا وسلا وحمى تفني العينين وتتلف النفس وتزرعون باطلا زرعكم فياكله اعداؤكم.
17 واجعل وجهي ضدكم فتنهزمون امام اعدائكم ويتسلط عليكم مبغضوكم وتهربون وليس من يطردكم
18 وان كنتم مع ذلك لا تسمعون لي ازيد على تأديبكم سبعة اضعاف حسب خطاياكم.
19 فاحطم فخار عزكم واصير سماءكم كالحديد وارضكم كالنحاس.
20 فتفرغ باطلا قوتكم وارضكم لا تعطي غلتها واشجار الارض لا تعطي اثمارها
21 وان سلكتم معي بالخلاف ولم تشاءوا ان تسمعوا لي ازيد عليكم ضربات سبعة اضعاف حسب خطاياكم.
22 اطلق عليكم وحوش البرية فتعدمكم الاولاد وتقرض بهائمكم وتقللكم فتوحش طرقكم.
وثانياً:
أن يكون كلهم زناة رجال ونساء وكل من يتولد من علاقة زنى فهو ولا شك ( إبن ----- ) .
وإختصرت حتى لا أطيل ففي الإطالة ملل فسامحونا على ما كان منا والسلام عليكم في البدء والختام .

نقله وعلق عليه راجي عفو ربه الخائف من تحمل ذنب ما ورد في هذا المقال : خطاب المصري AYOOP2
فأسألكم أن تدعوا الله لي ولوالدي بالمغفرة والعفو
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلاماً على أشرف المرسلين .

غير معرف يقول...

هل زار عيسى عليه السلام مصر مع أمه ويوسف النجار؟)))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))

يقول متى: (13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدّاً فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُون بِحَسَبِ الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودين فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 13-23».

لقد لفق متى هذه الرواية (لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».) ، ولم يعلم أن كذبه لا يُروَّج إلا على سخيفى العقول، لأن المراد بالنبى القائل هو هوشع عليه السلام، ونصه: (1«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَماً أَحْبَبْتُهُ وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.) هوشع 11: 1، ولا علاقة لعيسى عليه السلام بهذه الفقرة مطلقاً ، فهى تبين إحسان الله على بنى إسرائيل فى عهد موسى عليه السلام. مع الأخذ فى الاعتبار أن كلمة ابنى كانت فى طبعة 1811 (أولاده).

أما النبوءة الثانية التى لفقها متى فهى: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) وهى لا توجد فى أى كتاب من كتب العهد القديم. ومثل هذه الفقرة احتج عليها اليهود احتجاجاً كبيراً ، فيتعجبون كيف يسكن يهودى فى منطقة السامرة ويدرس فى معبدهم؟ ومن المعروف أن بين اليهود والسامرة عداء شديد ، حتى إن المرأة السامرية فى إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع لم تعطه ليشرب لمجرد أنه يهودى وهى سامرية.

وعند متى فقد أخذ يوسف مريمَ وعيسى عليه السلام إلى مصر بعد ولادة عيسى مباشرة، فى الوقت الذى كانت أمه ما تزال تعانى آلام الولادة. فكيف يتسنى لإمرأة أن تسافر زمناً طويلاً ومسافة شاقة وكبيرة فى صحراء مصر الشرقية وهى فى هذا الضعف؟ بينما كانت عند لوقا فى بيت لحم إلى أن تمت أيام تطهيرها ثم انتقلت إلى أورشليم ، وكانوا يذهبون كل سنة إلى أورشليم فى عيد الفصح إلى أن تمَّ 12 سنة. فكيف كان فى مصر وهو فى نفس الوقت فى أورشليم؟

وتواجهنا مشكلة أخرى ، وهى إن هيرودس هذا لم يمت إلا بعد موت يسوع: (6فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ ذِكْرَ الْجَلِيلِ سَأَلَ: «هَلِ الرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ؟» 7وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيم8 وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدّاً لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَنْ يَرَاهُ لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَتَرَجَّى أَنْ يَرَاهُ يَصْنَعُ آيَةً. 9وَسَأَلَهُ بِكَلاَم كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. 10وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ 11فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ وَأَلْبَسَهُ لِبَاساً لاَمِعاً وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.) لوقا 23: 6-11

مع الأخذ فى الإعتبار أن: هيرودس الكبير حكم كل فلسطين من 37 - 4 قبل الميلاد. وفى عصره ولد عيسى عليه السلام ، وقام بقتل أطفال بيت لحم والتخوم المجاورة. (قاموس الكتاب المقدس 589) وكان يطلق عليه فى الكتاب المقدس لقب - الملك

حكم Archelaus من 4 قبل الميلاد إلى 6 ميلادية منطقة السامرة واليهودية، وأقيل عام 6 ميلادية ، وضُمَّت مناطق حكمه إلى الإمبراطورية الرومانية حتى عام 41 م.

فإن كان عيسى عليه السلام قد وُلِدَ سنة واحد ميلادية ، فهو لم يولد إذن فى عصر ملك يُدعى هيرودس الكبير كما يقول الكتاب المقدس. وفى عام 33 ميلادية (موعد الصلب) لم يكن يحكم الجليل حاكم يدعى هيرودس.

حكم هيرودس أجريبا الأول من 37 بعد الميلاد إلى عام 41 بالتدريج كل فلسطين وحصل على لقب (الملك) ومات عام 44م.

ولم يحكم فلسطين من عام 4 قبل الميلاد إلى عام 36 ميلادية ملك أو حاكم يُدعَى هيرودس.
هذا وقد حكم هيرودس أنتيباس الجليل و Per?a وأقيل عام 39 ميلادية.

هيرودس أجريبا الثانى وُلِدَ عام 27 ميلادية، وتولى الحكم فى عام 48 ميلادية، وحصل أيضاً على لقب (الملك)، وحكم الأجزاء الشرقية من فلسطين ، كما تولى الإشراف على أورشليم ، وكان له الحق تعيين رئيس الكهنة أو عزله، وقد وسع الإمبراطور نيرو مناطق حكمه لتشمل عدة مدن فى الجليل و Per?a بينما ظلت منطقة السامرة والجليل واليهودية إقليمان يتبعان الإمبراطورية الرومانية مباشرة.

فى الحقيقة فهو وأمه لم يبرحا بيت لحم ، وذلك نستخلصه من كذب متى فى مجىء المجوس والتى ترتب عليها قتل هيرودس لكل أطفال اليهود ، ونبوءاته الكاذبة ، التى لفقها لتنطبق على عيسى عليه السلام

وقد عرضنا هذا فى السؤالين السابقين وكذلك مصداقا لقول لوقا: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ ... 39وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. 40وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئاً حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. 41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 44وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. 45وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. 46وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ جَالِساً فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ.) لوقا 2:

غير معرف يقول...

(((((((((أخوتي المسلمون ؟؟أنتبهوا)))))============ليست العربات والحافلات فقط هي المفخخة ، لكن الكلمات أيضا يمكن أن تكون مفخخة وإذا كان عدد الضحايا في حالة السيارة المفخخة لا يتجاوز العشرات ، ففى حالة الكلمات المفخخة يتجاوز الآلاف بل الملايين



, وإذا كان الدم الذي يسيل على الأرض هو خلفية المشهد المأساوى للسيارة المفخخة ؛ فإن الدين والوطن والتاريخ هو الذي يسيل على الأرض ويتبعثر في الهواء في مشهد الكلمات المفخخة.

لقد جاء الإسلام و العالم يومئذ مشوه الملامح سكب الجميع على وجهه ماء النار ففقد الإنسان هويته ووجهه الحقيقي ، كان الإنسان يترنح وهو يلفظ أنفاسه ما بين مجوسية ملحدة لا تعبد إلا النار، ويهودية منحلة تدعى انتظار المخلص وتزعم أنها الشعب المختار ، ووثنية ضالة جعلت من الإنسان إلها ومن خرافات تعدد الآلهة عقيدة في ظل فراغ روحي , والروح لا تعرف الفراغ لابد أن تعتنق ديانة ما.
جاء الإسلام والرياح تعصف بالجميع جاء بخارطة النجاة وأعاد للإنسان ذاكرته المفقودة..
جاء الإسلام كالسحاب الذي يحمل الأمطار إلى الارض القاحلة فاخضر المشهد وتغنت مفردات الكون لما تعرفت على ذاتها ..
لقد وجد الإنسان نفسه التى أخفتها جراثيم الوثنية في سراديب الضلال..
ووجد الإنسان إلهه الحقيقى الذي حاول المنتفعون أن يحجبوه عن عباده ..
ووجد الإنسان طريقه بعد أن اغتيلت خارطته ..

القرآن كلام الله أسكت الألسنة المزيفة وأخرس الأساطير الباطلة وصاغ إنسانا جديدا ، فقامت دولة أدهشت الجميع ولم يستفق المدهوشون والمحرفون إلا والإسلام في حجراتهم بين أولادهم وبناتهم وزوجاتهم , لقد وجدوا الإسلام وجها لوجه في بيوتهم..
اعتنقه الكثيرون وقبلوا وجهه كما يقبل الابن أباه بعد طول سفر.
لم يستطع أحد من هؤلاء أن يقف أمام كلمة الله لم يكن ثمة شيء إلا التشويه والسب واللعن.

كانوا يتناقلون الأخبار في أوروبا في عصور تخلفهم وانحطاطهم والتى تعرف بعصور الظلام Dark ages عن محمد بأنه كذا وكذا وأن القرآن كذا وكذا وأن المسلمين قتلة، ومصاصو دماء ، لقد فعل البابوات ذلك خوفا على مصالحهم الشخصية لأنه في ظل الأسلام يتساوى الجميع ويصبح البابا رجلا عاديا كبقية الناس ولا يمكن لهؤلاء الذين عبدوا الشهرة والمنصب من دون الله لا يمكن لهم أن يقبلوا ذلك فليس ثمة شيء غير التشويه .
ومع الاحتكاك والحروب الصليبية ، فوجيء هؤلاء المخدوعون بان المسلمين شرفاء نبلاء أصحاب حضارة وثقافة متميزة ، فتغيرت الكثير من الأفكار والرؤى، لديهم غير أن الحقد الذى عشش في نفوس المنتفعين ألجأهم إلى وسائل جديدة لمحاربة الإسلام ، فلجأوا إلى التشكيك
والطعن في الإسلام أملا في أن تضعف جذوته في قلوب أتباعه وتخبو أنواره في قلوبهم وساعتها يمكن القضاء عليهم.

وهذه هي مهمة التنصير الآن
إما تنصير المسلم
أو على الأقل رده عن دينه فلا يهتم به ولا يدافع عنه.

وعلى الرغم من أن القرآن حذرنا من ذلك.. فقال تعالى ..
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ )) [آل عمران : 100]

غير أن ذاكرة المسلمين أصابتها سهام هؤلاء المسمومة فأخذ الوعى والهوية والتاريخ يتسرب من خلال تلك الثقوب وأوشك المسلمون على فقدان الذاكرة ، الكلمات المفخخة الآن في مخادعنا وفوق أسرتنا وخلال حوائطنا عبر الفضائيات والإنترنت..
حقول الألغام تحت أقدامنا فما العمل؟
إن دخول معركة ما بغير سلاح هو الجنون بعينه لكنا لم ندخل المعركة , المعركة هي التى فاجأتنا في غرف نومنا ،
وكنا نخاف نزول حمام السباحة فباغتنا محيط هائل وطوفان رهيب يكتسح أكواب الشاى والمقاعد التى نجلس عليها , لابد من التسلح إذن وإلا أغرقنا الطوفان .
لقد بدأ المنصرون حربا جديدة وشبابنا غير مسلح إلا بأغانى الفيديو كليب و صور الفنانين ونجوم الكرة ، فإذا ما فاجأهم أحد هؤلاء الأوغاد بشبهة جعله يترنح كريشة في مهب الريح ، وما لم نتخذ رد الفعل السريع والمناسب، فلا تبكوا على ضياع شبابكم وأبنائكم ولا تسألوا عنهم إذا دهسهم قطار التنصير!
هذه رسائل مختصرة لبيان شبهات هؤلاء القتلة والرد عليها لتكون سلاحا فعالا في يد أبنائنا ولتكون دافعا لهم على مراجعة مواقفهم فلقد بدأت مرحلة الفرز قال تعالى "
(( مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )) [آل عمران : 179]

وتأمل في هذه الآية العجيبة هذا الانتقال المفاجئ من ضمير الغائب يذر المؤمنين إلى المخاطب على ما أنتم عليه ولم يقل على ما هم عليه إنه عنصر المفاجأة والمباغتة في التمحيص بدون سابق إنذار وبدون توقع ولذلك قال سبحانه وما كان الله ليطلعكم على الغيب .

أخي المسلم انتبه
لقد اتبعوا منهجا غير علمى في تشويه الحقائق ‘ لكنى لن أذكر هنا ملامح هذا المنهج الجرثومى وعناصره إلا بعد الانتهاء من هذه الرسائل .

يريدون تأليه عيسى من خلال القرآن كيف ؟
يقولون لك إن القرآن قال عن نفسه بأنه مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل نعم ..
والقرآن طالب بتحكيم الإنجيل وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه نعم ..
وإن كثيرا من علماء الإسلام قالوا إن هذه الكتب هي كلام الله كما أنزلت : (لا تبديل لكلمات الله ) سنقول نعم ..مجاراة لهم .
وأن عيسى ولد بمعجزة نعم ..
وأنه يخلق ويحيى الموتى نعم ..
يقولون لك : فلماذا لا تتبع كتبنا المقدسة التى نزل القرآن مصدقا لما فيها وفيها ألوهية المسيح والصلب وغير ذلك؟
فإن قلت لهم :
لكن القرآن نفى هذه الألوهية المزعومة والصلب المزعوم .

يقولون لك: القرآن مليء بالأخطاء التاريخية والجغرافية والعلمية واللغوية ويقولون لك القرآن مليء بالخرافات التى تتعارض مع العلم ويسوقون لك من الأمثلة المغلوطة ما قد يخدعك ويشوش عليك ويفقدك اتزانك وساعتها سيقولون لك لماذا ترفض فكرة أن الله يتجسد يا أخى لقد قال القرآن ذلك ..!
ألم يتجل الله للجبل؟؟
ألم يتكلم الله من خلال شجرة الطور الأيمن مع موسى ؟؟
فكيف يتجسد الله من خلال الجماد ويترك الإنسان الذى خلقه في أحسن تقويم ؟
-وهذا قياس فاسد لأن الشجرة كانت موجودة بالفعل ولم يتجسد الله شجرة و كذلك الجبل - عند ذلك تحدث الخلخلة لبعض الناس والتخدير النصفى فيتقبل ما يلقى عليه وقد وقع في الفخ وهو لا يدرى !

ما هذا الفخ ؟
فخ أنه شكك في القرآن من خلال أخطائه المزعومة وتناقضاته العلمية ثم يريدك أن تؤمن بمعجزة عيسى وأنه هو الله رغم أنك لم تؤمن بهذه المعجزة إلا من خلال القرآن فما الحل ؟

إنك حاورته من خلال خلفية إيمانك بمعجزة عيسى من نصوص القرآن وهذا خطأ منهجى ،
قل له أنت تقول إن في القرآن أخطاء علمية وخرافات تتعارض مع العلم إذن هيا نحتكم إلى العلم و-اترك خلفيتك الإيمانية قليلا- العلم يرفض أن يولد إنسان ما من أنثى دون ذكر فكيف تريدنى أن أقبل خرافة معجزة عيسى مع أن العلم يقول بأنها أم الخرافات ؟
سيقول لك إنها معجزة في الكتاب المقدس قل له أنا لا أومن بالكتاب المقدس لأنه يتحدث عن خرافة ميلاد شخص بلا أب !
يقول لك لكن القرآن ذكر ذلك , قل له نحن اتفقنا أن نحتكم إلى العلم سيقول لك إن عيسى كان يحيى الموتى قل له العلم يرفض ذلك سيقول لك وماذا كان عيسى إذن ؟ فقل له بمقاييس علمك كان دجالا ومشعوذا ولا يوجد دليل علمى على ولادته إلا بطريقة غير شرعية .
فسيخرس هؤلاء الذين يدعون الاحتكام إلى العلم ويزعمون وجود خرافات في القرآن و هم أكثر الناس اتباعا للخرافة وأصل دينهم بنى على عدد من الخرافات من وجهة نظر العلم .

نحن لم نؤمن بمعجزة المسيح إلا من خلال القرآن الكتاب الوحيد الذي يؤيده العلم وخير لهم أن يؤمنوا به ليثبت لهم معجزة ولادة عيسى،
هناك الكثير من الأمثلة ولكن لأنه ليس ثمة وقت فإننى أحاول فقط أن أضع لك أخى المسلم منهجا للرد على هؤلاء.

يقولون لك:
فلماذا سمانا القرآن أهل كتاب ولماذا قال عن نفسه بأنه مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل؟
ولماذا قال فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ألسنا نحن أهل الذكر ؟

فقل له:
بلى أنتم أهل الذكر لكنا لسنا نحن الذين سوف نسألكم ، بل أبو جهل وأبو لهب لأن المخاطب في الآيه هم كفار مكة ، لأن الحديث فيما قبلها وما بعدها موجه إلى هؤلاء المنكرين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكونه بشرا فقال لهم الله سبحانه:
َمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [الأنبياء : 7]

يقولون لك لكن فلانا من المفسرين قال وفلانا قال .. ، قل لهم ليس لأحد قداسة إلا القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم
يقولون لك لكن القرآن يقول فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك أى في حالة شك محمد فليسأل أهل الكتاب
فقل له:
وهذا أحد أمراضكم أنكم لا تعرفون لغتنا وتريدون أن تعلمونا إياها لو ذهبت أنا إلى لندن وقلت إن الإنجليز لا يعرفون الإنجليزية فلا يمكن أن يقول الناس عني شيئا سوى أنى مجنون !
ففى علم البلاغة العربية الذي يقسم إلى بيان وبديع ومعاني.
يوجد في الخطاب ما يسمى بالتعريض وهو أن المخاطب ليس هو المقصود بالكلام ،ما المقصود غيره على طريقة الكلام لك يا جارة
المقصود بالكلام هنا هو أهل الكتاب الذين إذا سمعوا هذه الآية وسكتوا فمعنى ذلك أن هذا الرجل صادق وفي ذلك حجة عليهم وعلى أهل مكة وهم كذلك مقصودون لأنهم سيسألون أهل الكتاب بالفعل هل هذا الرجل صادق أم كاذب وفي ذلك حجة للجميع.
فإن قالوا المفسر الفلانى قال فقل لهم ليس بحجة على القرآن هو يقول فهمه هو لا مقصود القرآن لأن للنص مستويات دلالية متعددة .
يقولون ولماذا سمانا القرآن أهل كتاب ؟ فقل لهم ليقيم الحجة عليكم فلا عذر لكم لأنه لا يوجد في التوراة ولا الإنجيل ما يثبت ألوهية المسيح ولا صلب المسيح.

اخي المسلم.. لم تعرف قيمة نفسك بعد!!
لقد اصطفاك الله مسلما موحدا لا لكى تشرب الشاى وأنت تتضجع على فراشك وكوب الشاى في يمينك وربما سيجارة كذلك في يسارك وإذا كان نبيك صلى الله عليه وسلم قد أبى أن يتنازل في مقابل وضع الشمس في يمينه والقمر في يساره , فما بالك انت تنازلت هكذا ببساطة دون مقابل أو على الأقل بمقابل تافه جدا لا يتناسب مع قدرك الحقيقى , اتحسب أنك شيء حقير ؟كلا لم تخلق السماوات والارض إلا من أجلك أنت من أجل أن تعفر وجهك لله الواحد فهل فعلت ؟

كم مثلك عاشوا من قبل ؟ وكم مثلك سيعيشون من بعد ؟ هل تحس منهم من أحد وكذلك أنت لن يشعر بك أحد وحينما توضع هناك في تلك البقعة البعيدة عن أهلك وأحبائك لن يكون لك من ملجا إلا الله هل تشك أنك ستوضع وحدك في مكان ما ؟ ساعتها لن تتمنى أن ترى راقصة أو ممثلة ممن أفسدوا عليك دينك وسيفسدون عليك آخرتك

ساعتها تتمنى أن تجعلهما تحت قدميك !
ليس ثمة وقت المطلوب منك شيء بسيط جدا ان تكون مسلما لا كلمة ولكن احساس ومشاعر
ليس مطلوبا منك أن تنزوى أو تغلق الباب لأن الطوفن الآن في بيتك وفوق موائدك ومقاعدك
المطلوب منك ان تتسلح إيمانا وفكرا حتى لا تتزعزع..
إنهم يلقون بالشبهات والشكوك في كل شيء في خيوط ملابسك
وفي صنبور مياهك ويحشونها في مخدات نومك لا تندهش
قد تجيد أن تعوم في حمام السباحة لكن إياك أن تلقي بنفسك في المحيط سوف تبتلع فى لحظة خاطفة.
والمحيط الآن في بيتك فضائيان وإنترنت..
لابد من التسلح إذن .


كيف شككوا في القرآن ؟

قاموا بوضع كتاب يسمى
هل القرآن معصوم؟

ادعوا فيه وجود أخطاء تاريخية وجغرافية وعلمية وحتى لغوية!!! تصور

وبطريقة الأفاعي استطاعوا تحويل الكلمة التي تدل على معجزة استطاعوا تحويلها إلى خطأ لغوي أو تاريخى أو علمى ، لكن قبل ضرب الأمثلة لابد أن لا تعطيهم الفرصة لاصطيادك..
كيف؟
لابد أن تحترم ذاتك وتعلم جيدا أنك لست مؤهلا للرد بنفسك..

قال تعالى..
((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )) [التوبة : 122]

ولابد أن تعلم كذلك أن ما تعلمته ليس هو كل العلم ، فإذا فوجئت بشيء على خلاف ما تعلمته فليس لأنه خطأ ولكن لأنه في دائرة أوسع من دائرتك.

مثال على ذلك
أنت تعلمت حروف الجر وأن ما بعدها مجرور فإذا جاءك جاهل من هؤلاء وقال لك..

يوجد خطأ في قوله تعالى
((إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)) [الأحزاب : 10]

بفتح لام أسفل لا بكسرها... باعتبارها مجرورة..! فاعلم شيئين:
أولاً: انه جاهل
وثانياً: أنك لا تعلم هذه النقطة ، لا تخجل من قول لا أعرف وخصوصا في هذا الزمن الذى صار رموزه ونجومه هم من دمرواالقيم والأخلاق!

قل سأسأل ، وحينما تسأل تعرف أن هناك في النحو ما يسمى بالممنوع من الصرف وأنه يجر بالفتحة لا بالكسرة وأن له صورا متعددة وشروطا كذلك

وقس على ذلك ما ادعاه هؤلاء الجهلة من أخطاء في كافة الاتجاهات الأخرى..

مثال آخر يقولون إن في القرآن أخطاء تاريخية
قال تعالى:
((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)) [الأنعام : 74]

ويقولون من المعروف تاريخيا أن أبا إبراهيم يسمى تارح لا آزر ،فماذا تفعل إذن؟؟

هل ستقول له ما قاله بعض المفسرين من أن آزر كان عمه وهو الذى تولى تربيته ويجوز ان يسمى العم والدا ؟

لا تفعل ذلك ودعك من أقوال المفسرين فليست كلها حقا ولم يدخل علينا هؤلاء إلى من أخطاء وتجاوزات بعض المفسرين , ليس معنى ذلك استبعاد كل أقوالهم , وإنما غربلتها وفحصها وليس المفسر معصوما.

و لكن استخدم المنهج الآخر في الرد وكن واثقا من نفسك ومن كلام ربك هو أن تنفي أنت أن اسم أبى إبراهيم تارح وقل له بل آزر فإن اعترض وقال إنه مخالف لكتابه المقدس فقل له ومن قال لك إن كتابك المقدس حجة هذا خطأ من كتابك المقدس وقل له أيضا وإن شئت أن أعطيك عشرات الأمثلة على خطأ كتابك المقدس لفعلت!!

وسنكتب رسالة موجزة لأخطاء الكتاب المقدس هذا تكون سلاحا فتاكا في وجه هؤلاء

مثال آخر مريم أم المسيح
يقولون إن القرآن أخطأ وجعل مريم أم المسيح جعلها أخت موسى و أن موسى ابن عمران أما مريم فهى ابنة يهوقايم ، عندها قل له لا مريم ابنة عمران وليست ابنة يهوقايم وما في كتابكم المقدس هو الخطأ وسنثبت ذلك لاحقاً في رسالة أخرى.

المهم لا تجعله ينطلق من قاعدته الباطلة أن كتابه هو الحق ومن خلاله يحاكم القرآن

بل من خلال قاعدتك أنت : القرآن هوالحق وهو المهيمن وهو المرجع الذي يحاكم غيره وابدأ أنت في إثبات الأخطاء في كتابه من خلال كتابه الذي يؤمن به

فإذا ثبت خطؤه فلا يمكن الاستشهاد به!

كيف حولوا الإعجاز العلمى إلى خطأ لغوى ؟

في سورة الكهف يقولون يوجد خطأ لغوى في هذه الآية
((لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً )) [الكهف : 25]

قالوا:
إن تمييز العدد ثلاثمائة يجب أن يكون مفردا فالقواعد تقول ثلاثمائة كتاب لا كتب لذلك يجب أن يقال ثلاثمائة سنة لا سنين
القرآن أخطأ !!! تصور!
ألم أقل لك إنه أسلوب الأفاعى

تذكر أنك تعلمت في دائرة ضيقة وأن هناك دوائر أوسع ، القرآن هو الذي يحاكم اللغة وليست اللغة هي التىتحاكم القرآن

كيف أولا سنين ليست تمييزا بل هى عطف بيان (بدل) لأن ثلاثمائة منونة وشرط التمييز هنا أن يكون مضافا إليه وأن يكون ما قبله غير منون

وثانيا الآية هنا إعجاز علمى باهر كيف ؟
القرآن يتحدث عن فتية ناموا نوما ليس عاديا بل نوما خارقا 309 سنة..!

لكن هل حينما استيقظوا علموا أنهم ناموا هذه المدة الزمنية ؟

كلا بل كانوا يعتقدون أنهم ناموا يوما أو بعض يوم ، إذن القرآن هو الوحيد القادر علىإثبات شيئين نسبيين بلفظة واحدة ! فيثبت المدة الزمنة كحقيقة ويثبت إحساسهم بمدة أخرى زمنية على خلاف الحقيقة فاستخدم العدد ثلاثمائة الدال عليها كعدد فقط وليس كإحساس لذلك حذف التمييز ثم جاء بالبدل سنين لبيان أنها سنوات وليس لحظات ليس هذا فحسب بل قال كلمة عددا أي عددا فقط وليس إحساسا .

ثم أضاف إعجازا علميا جديدا عندما ذكر كلمة وازدادوا ولم يقل ثلاثمائة سنين وتسعا ما فائدة ازدادوا ؟

وعلى من تعود على المدة ؟

لا لأنه لم يقل ازدادت بل تعود على الفتية النيام (ولبثوا) لماذا لبين أن هذه المدة بتقويمهم الرومانى أو الميلادي300 وبتقويمكم القمرى العربى309

فالمدة ثابتة لذلك لم يقل ازدادت لكن الذي يختلف هو التقويم

فقال : ازدادوا

أرأيت كيف حولوا الإعجاز إلى خطأ ؟!

من شبهاتهم السخيفة كذلك - وكل شبهاتهم سخيفة - اعتراضهم على قوله تعالى :

وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطاً.. في الآية:
(( وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )) [الأعراف : 160]

وقالو: أن تمييز اثنتي عشرة هنا يجب أن يكون مفردًا نكرة اتباعاً للقاعدة ، ولأنهم لا يعرفون العربية ،

تماماً مثل عدم معرفتهم للوطنية ، نقول لهم :
ومن قال إن كلمة اثنتي عشرة هنا تمييز؟ ( راجع ما قلناه في سورة الكهف في قوله تعالى ثلاثمائة سنين )

لو قال القرآن بقولكم أنتم هنا لذهب المعنى المراد توصيله …. وقبل بيان ذلك نبين :
الآيات القرآنية التي جاء فيها التمييز بعد العدد - مراعاة لفهم هؤلاء - نبدأ أولا بجملة في نفس الآية وبالتحديد الجملة التي تليها مباشرة..

َأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً
هنا تعرب عينًا تمييز ، لأن عدد العيون اثنتا عشرة.

و في سورة يوسف..
(( إذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ )) [يوسف : 4]
أحد كوكبًا تعرب تمييز لأنهم عدد إخوة يوسف، وهكذا في بقية الآيات.
أما هنا فكلمة أسباطا ليست تمييزا بل هى بدل من اسم محذوف تقديره فرقة وقد فات هؤلاء الجهلة وجود كلمة
اثنتي المؤنثة وليس اثني المذكرة لبيان جهلهم ، لكن لماذا حذف القرآن التمييز وجاء بالبدل ؟
السياق من خلال السياق ( ولا تنس أبدا السياق ) راجع ما قلناه في رسالة من أين تأتي المشكلة ؟
الآية هنا تتحدث عن انتشار بني إسرائيل في الأرض في عهد محمد صلى الله عليه وسلم

(راجع الآيات التي قبلها ) .. فقال تعالى :
(( الَذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) [الأعراف : 157]

ثم :
(( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) [الأعراف : 158]

ثم :
(( وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ )) [الأعراف : 159]

ثم:
(( وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )) [الأعراف : 160]

أرأيت سياق الآيات ؟
إنها تتحدث عن شيئين في وقت واحد عن الكثرة العددية والتمزق والتشتت في الأرض بعد السبي البابلى
وبعد تدمير الرومان لهيكلهم سنة 71 ميلادية ، فلو استخدم القرآن كلمة سبطا لما كان هناك كثرة ولا كان
هناك تمزق وتشتت فحذف التمييز ووضع البدل.
فهل يسمع القرآن كلام هؤلاء الجهلة ويضيع المعنى إرضاء لجهلهم ؟


من أين تأتي المشكلة ؟

حينما تنظر من نافذة جانبية في بيتك فإنك ترى كل المفردات المواجهة لك لكنك لا تستطيع أن ترى الأشياء
في الجانب المقابل ، وإذا أردت أن ترى ما في الجانب المقابل فإنك تتجه إلى النافذة المعاكسة ،
لكن حينما تريد أن ترى المشهد بكامله فيجب عليك الصعود إلى أعلى المنزل ، نحن غالبا ما نرى جزءًا واحدا من الحقيقة ، لماذا لا نحاول أن نتعامل من منظور علمي من خلال ما يسمى الميكرو والماكرو

أو النظرة الجزئية والكلية في نفس الوقت ؟
لابد من فهم النص في سياقه .. أكبر المشاكل التى تواجه كثيرا من الباحثين مشكلة اجتزاء النص أو عدم فهم النص من خلال سياقه .
كنت أستمع إلى أحد العلماء البارزين في الإعجاز العلمي في القرآن ، فقال له أحد المشاهدين:
" أنت تعارض القرآن لأن القرآن يقول..
(( مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)) [الكهف : 51]"

فماذا قال العالم ؟
قال : ولكن الله أيضا قال:
(( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ))

ولقد صدمت جدا من السؤال و من الرد !!
لأن الذي سأل نصب نفسا مفسرا وجعل نفسه هو المرجع مع أنه كان ينظر من نافذة جانبية واحدة والعالم صدمنى لأنه هرب من الآية بآية أخرى ولم يرد على الاعتراض ، و كلاهما ليس على صواب.. ما الحل إذن ؟

السياق ، العودة إلى السياق..
فالضمير في ما أشهدتهم يعود على إبليس وذريته في الآية التي تسبق آية 51 المذكورة سابقاً في سورة الكهف..
(( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً )) [الكهف : 50]

فكيف تجعلون البشر والعلماء أبالسة ؟
والدليل أنه قال وما كنت متخذ المضلين عضدا ولم يقل الضالين، ومعنى الآية كيف تتخذون إبليس وذريته أولياء وأنا لم أشهدهم خلق السموات والأرض بل لم أشهدهم خلق أنفسهم ، هل هؤلاء يستحقون العبادة وهم أصلا لم يشهدوا عملية الخلق ؟ فضلا عن أن يقوموا هم بعملية الخلق.

كانت هذه مقدمة أرى من الضروري أن أبدأ بها ردًا على المنصرين الجدد الذين أفلسوا أمام الضربات الفكرية المتتالية التى وجهها الملاكم الإسلامي لنصرانيتهم في عقر دارهم ، فلم يعترفوا بالهزيمة رغم وضوحها إنها أشبه بالملاكم الذي انهزم بالضربة القاضية فقام ليضرب المشاهدين !!

هذا ما فعله هؤلاء .. اتجهوا إلى شبابنا ها هنا في بلادنا تشكيكًا وطعنا في كتاب المسلمين رغم أن شبابنا
يعتبرون من المشاهدين , إنهم ليسوا ملاكمين محترفين لكننايجب أن نشكرهم .
يجب أن نشكر ناهد متولي والأب زكريا ، لأنهم أيقظوا كثيرا من النائمين عندما جعجعوا بأصواتهم
القبيحة في غرفنا الهادئة ، يدعى هؤلاء أن في القرآن أخطاء لغوية !!!
ومنعا من تكرار كلام قلته من قبل ، سأعرض الخطأ الذي يدعونه والرد الذى لا يفهمونه ،
بشرط تطبيق النظرية الكلية وفهم السياق.

فهم يعترضون على قوله تعالى :
(( إنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) [المائدة : 69]

ويقولون:
كان الصواب أن يقول والصابئين كما جاء في سورة أخرى لأنها معطوف على منصوب ..!

ففي سورة البقرة..
(( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) [البقرة : 62]

والإجابة كالآتى..
يجب ملاحظة الفروق الدقيقة الآتية:
أولاً : هذه الكلمة الصابؤون جاءت في سورة المائدة وهى من آخر السور المدنية أما الصابئين فجاءت في سورة البقرة وهى من أوائل السور المدنية.

ثانيًا: في سورة البقرة جاء الترتيب هكذا إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ،
في سورة المائدة جاء الترتيب هكذا إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى ،
كان يمكن أن يكون الاعتراض وجيها لو أن الترتيب كان واحدا ولكن ولأنهم جهلة باللغة ودائما ما يصطادون في الماء العكر تسرعوا - والتسرع هو عادة الحمقى - وادعوا وجود الخطأ..!

ثالثًا : استخدم القرآن الفعل مع آمنوا ومع هادوا ولم يقل المؤمنين واليهود ، لكنه استخدم الأسماء مع النصارى والصابئين ولم يقل الذين تنصروا والذين صبؤا ، هل بعد كل هذه الفروق يطالبون بمساواة الحكم الإعرابي في الموضعين ؟ إذا كان الشكل قد اختلف فكيف يتفق الحكم ؟

لكن لماذا فعل القرآن ذلك ؟
في سورة البقرة كان التركيز على ذكر اليهود ، وفي سورة المائدة كان التركيز على النصارى ،
فبين سبحانه في سورة البقرة حكم الجزاء والثواب عمومًا ، وأنه لا يفرق في الجزاء بين كل هؤلاء بشرط الإيمان لذلك قال من آمن منهم بالله …

أما في سورة المائدة ، فكان التركيز على ذكر مدى تقارب الفرق المذكورة من الحق الكامل أي بيان صحة الاعتقاد ومعقوليته ومنطقيته ، وذلك بعد ذكر عقائد النصارى الفاسدة وبذلك تكون الصورة النهائية قد اكتملت .

فتم التعرف على ملامح اليهود في سورة البقرة ، وتم التعرف على النصارى في سورة المائدة ،

والآن يتم إعلان الحكم النهائي لملامح هذه الفرق :
المؤمنون في المقدمة
ثم اليهود
ثم الصابئون
ثم النصارى !!
إنها هزيمة ساحقة للنصارى أن يأتوا بعد الصابئين كيف إنهم أهل كتاب ؟

نعم الصابؤن أقرب من النصارى لأنهم معذورون في عبادة النجوم والكواكب لأنها أمور غائبة عنهم ، لكن النصارى ليسوا معذورين في عبادة البشر ، لأنهم شاهدوهم وهم يأكلون ويشربون وينامون وأشياء أخرى ، وكل من يعبد البشر يكون مثل هؤلاء أبعد الناس عن الحق .

ومع ذلك فلم تحدث مساواة بين اليهود ( وهم موحدون مثل المؤمنين ) وبين المؤمنين ،

لذلك فإن معنى الآية:
إن الذين آمنوا وكذلك الذين هادوا والصابؤن والنصارى ، لقد تمت المغايرة بعد الذين آمنوا مباشرة .

لكن..
ألا يمكن الاعتراض بآية:
(( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ )) [المائدة : 82] ؟؟

لا يمكن !!
لماذا؟؟
لأن القرآن هنا ركز على العداوة والمودة ولم يركز على الاعتقاد ولذلك لم يستخدم هنا.
ولماذا قال هنا الذين قالوا إنا نصارى ولم يقل النصارى مباشرة؟؟

لأنه سبحانه لا يتحدث عن كل النصارى لأن أغلبهم يحقدون على الإسلام تماما مثل اليهود هو هنا يتحدث عن طائفة منهم ذكر ملامحهم بعده مباشرة تعبير الذين هادوا - الذي استخدمه في سورة البقرة - ولكن

قال اليهود فتأمل الفروق . وبذلك يتضح أن الآية التى استغلوها انقلبت ضدهم وهذا وعد الله لنا ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.

موقع صيد الفوا

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((اخي النصراني الحبيب هذه اسئلة لتربح الجنة )))))=========((((((أسئلة تبحث عن أجوبة)))))))))
السؤال الأول
( التجسد) هل تجسد الله . أم أرسل أبنه الوحيد ؟
يعتقد الأرثوذكس أن الله سبحانه وتعالى قد أخذ جسد بشري وأتى بنفسه للعالم بينما نجد أن كاتب إنجيل يوحنا يقول : لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد . 3 عدد 16 و قال يوحنا في رسالته الأولى : إن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به .. يوحنا 4 عدد 9
ونحن نسأل : هل الله قد تجسد كما تزعمون وأتى بنفسه للعالم أم انه أرسل للعالم ابنه الوحيد كما تزعم النصوص؟ ومما لا شك فيه أن الراسل غير المرسل والباعث غير المبعوث . وهناك العديد من النصوص التي تنص على أن الله لم يتجسد وينزل ولكنه أرسل ابنه للعالم انظر الرسالة الأولى ليوحنا 4 عدد 14
السؤال الثاني
( الصلب والفداء ) لماذا استمرار العقوبات حتى بعد الفداء ؟
يؤمن النصارى بعدل الله وأنه إله عادل . وقد ذكر كتابهم المقدس العقاب الذي شمل آدم وحواء والحية بعد قصة السقوط وهذا العقاب قد شملهم بالآتي :
( 1 ) أوجاع الحمل والولادة لحواء . [ تكوين 4 عدد 2 ]
( 2 ) دوام العداوة بين نسل المرأة والحية
( 3 ) لعنة التربة التي يعتمد عليها الإنسان في حياته على الأرض [ تكوين 3 عدد 17 - 19 ]
( 4 ) عقوبة الرب للحية التي أغوت حواء بأن جعلها تسعى على بطنها [ تكوين 3 عدد 14 ]
والسؤال المطروح هو : بما أن الله عادل . . وقد صالحنا بصلب المسيح المزعوم . . فلماذا لم تنتهي هذه العقوبات . ؟ لماذا ما زالت الحية تسعى على بطنها ؟ لماذا ما زالت المرأة تصاب بأوجاع الحمل والولادة ؟ لماذا لم تنتهي العداوة بين نسل المرأة والحية ؟
ألستم تقولون أن الله صالحنا بموت المسيح على الصليب فلماذا ما زالت المرأة تلد بالأوجاع - لدرجة أن البعض منهن يستخدمن المخدر من شدة الألم - ولماذا عقاب الاشتياق ما زال موجوداً منها ومن الرجل ؟ ولماذا ما زال عقاب الرب للحية بأن تمشي على بطنها مستمراً ( تكوين 3 عدد 14 ) ؟؟!
أين هو عدل الله بحسب إيمانكم ؟؟ ونلاحظ أيضا أن الله أعطى عقوبة لآدم " بعرق وجهك تأكل خبزاً .. ملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها " ( تكوين 3عدد 19،17) فإذا كانت قصة الخلاص المسيحية هي حقيقة فلماذا ما تزال هذه العقوبات قائمة ؟! أم أنها باقية للذكرى كما قال البابا شنودة في إحدى كتاباته ؟!!!
هل من عدل الله بعد أن خلصنا المسيح وصالحنا أن يُبقي هذه العقوبات ؟


السؤال 3:
( صفات الرب ) هل الله ينقض عهده أم لا ينقض عهده ؟
مزمور89 عدد 34: لا انقض عهدي ولا اغيّر ما خرج من شفتيّ. (SVD)
هذا هو الطبيعي وهذا هو المقبول في صفات الله سبحانه وتعالى أن الله ليس بناقض للعهد كما في المزمور 89 عدد 34 وهو كلام الله لداوود ولكننا نجد أن الرب نقض عهده في موضع آخر فانظر ماذا يقول في زكريا الإصحاح 11 عدد10-11
زكريا11 عدد10: فأخذت عصاي نعمة وقصفتها لانقض عهدي الذي قطعته مع كل الأسباط. (11) فنقض في ذلك اليوم وهكذا علم أذل الغنم المنتظرون لي إنها كلمة الرب. (SVD)

السؤال 4 :
( الصلب والفداء ) السبب الرئيس هو إبليس فلماذا لم يمت إبليس ؟
لقد ادعى بولس مؤسس المسيحية المحرفة بأن أجرة الخطية الموت ، فإذا كانت أجرة الخطية الموت فلماذا لم يمت إبليس المتسبب الرئيسي للخطية والذي هو صاحب كل خطية في العالم ؟ نريد إجابة مقنعة بحسب عدل الله الذي تدعونه . ومع العلم أن الله إختار أن يفدي آدم أو ذرية آدم ولم يفدي إبليس مع أن إبليس كان من أبناء الله كما في سفر أيوب 1عدد 6 : وكان ذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب وجاء الشيطان ايضا في وسطهم. (SVD) وغير هذا في أيوب 2 عدد 1 وإستمرت علاقة الشيطان بالرب وتكليف الرب للشيطان بمهام كما كلفه بضرب أيوب بقرح ردئ وغيره من الأمور , مما يعني إستمرار العلاقة بين الرب والشيطان فلماذا لم يعاقبه الله كما عاقب آدم ؟ أو يكفر عنه كما كفر عن آدم ؟ حقيقة نحتاج إلى إجابة .

السؤال 5 :
( الأقانيم والتثليث ) تدَّعون أن الأب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم متحدة ، فهل تعتمد هذه الأقانيم على بعضها البعض؟ وهل لكل منهم وظيفة لا يستطيع الآخر أن يقوم بها؟ فإن كانوا يعتمدون على بعضهم فليس أي منهم إله، لأن الإله لا يعتمد على غيره. وإن كانوا لا يعتمدون على بعضهم، فيكونون حينئذٍ ثلاثة آلهه وليس إلهاً واحداً. وبالمثل إن كان لكل منهم وظيفة لا يستطيع الآخر القيام بها ، لا يكون أى منهم إله ، لأن الله كامل ، وعلى كل شيء قدير. وإن كان لكل منهم وظيفة محددة ، يكون كل منهم إله ناقص ، ولا يُقرُّ دينكم هذا.


السؤال 6 :
( التجسد ) أين الدليل على انه إنسان كامل ؟
هل قال المسيح لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل ؟ نطالب النصارى بالأدلة النقلية من الكتاب المقدس على لسان المسيح التي تثبت ذلك .
وإذا كان المسيح إنسان كامل فهل يعني هذا انه يشتهي النساء كأي إنسان كامل وان قضيبه الذكري كان ينتصب كأي إنسان كامل ؟!
ثم إذا كان الناسوت واللاهوت هو ركيزة أساسية في النصرانية وسبب من أسباب الانقسام والحروب والاضطهاد والكراهية بين النصارى. فماذا قال المسيح عنها؟ كيف شرحها لهم؟
وإذا كان هذا من البدع التي ابتدعوها بعد السيد المسيح عليه السلام فكيف يكون أساس الدين وأكثر الأمور جدالا حولها لم يشرعه الله ولم يتكلم عنها المسيح؟

السؤال 7 :
( أخطاء ) هل أنجبت ميكال بنت شاول أم لا ?

(وَلَمْ تُنْجِبْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ وَلَداً إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا( [صموئيل الثاني 6 عدد23].
نفهم من النص السابق أنها لم تنجب أبداً حتى يوم مولدها , لكن نجد العكس في النص التالي :
(فَأَخَذَ الْمَلِكُ، أَرْمُونِيَ وَمَفِبيُوشَثَ ابْنَيْ رِصْفَةَ ابْنَةِ أَيَّةَ اللَّذَيْنِ وَلَدَتْهُمَا لِشَاوُلَ، وَأَبْنَاءَ مِيكَالَ ابْنَةِ شَاوُلَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ أَنْجَبَتْهُمْ لِعَدْرِيئِيلَ ابْنِ بَرْزِلاَيَ الْمَحُولِيِّ [صموئيل الثاني 21 عدد 8].
فهل أنجبت ميكال بنت شاول أم لم تنجب ؟ نريد إجابة أيها العقلاء .
السؤال 8 :
( أخطاء الشريعة ) هل القتل حرام أم حلال ؟
قال الرب لموسى في الوصايا العشر : لا تقتل . لا تزني . لا تسرق . . خروج 20 عدد 13
إلا أننا نجد في سفر العدد 31 عدد 1 - 17 أن الرب يناقض الوصية بعدم القتل :
وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى . . 17فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَاقْتُلُوا أَيْضاً كُلَّ امْرَأَةٍ ضَاجَعَتْ رَجُلاً، 18وَلَكِنِ اسْتَحْيَوْا لَكُمْ كُلَّ عَذْرَاءَ لَمْ تُضَاجِعْ رَجُلاً.
وجاء في سفر يشوع 6 عدد 16 :
قَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ وَهَبَكُمُ الْمَدِينَةَ. 17وَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ وَكُلَّ مَا فِيهَا مُحَرَّماً لِلرَّبِّ، . . . . أَمَّا كُلُّ غَنَائِمِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ، فَتُخَصَّصُ لِلرَّبِّ وَتُحْفَظُ فِى خِزَانَتِهِ. 20فَهَتَفَ الشَّعْبُ، وَنَفَخَ الْكَهَنَةُ فِي الأَبْوَاقِ. وَكَانَ هُتَافُ الشَّعْبِ لَدَى سَمَاعِهِمْ صَوْتَ نَفْخِ الأَبْوَاقِ عَظِيماً، فَانْهَارَ السُّورُ فِي مَوْضِعِهِ. فَانْدَفَعَ الشَّعْبُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ كُلٌّ إِلَى وِجْهَتِهِ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا. وَدَمَّرُوا الْمَدِينَةَ وَقَضَوْا بِحَدِّ السَّيْفِ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَشُيُوخٍ حَتَّى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْحَمِيرِ.
وفي سفر هوشع 13 عدد 16 يقول الرب : (( تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها . بالسيف يسقطون . تحطم أطفالهم ، والحوامل تشق ))
وفي سفر إشعيا 13 عدد 16 يقول الرب : (( وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم ))

السؤال 9 :
( صفات الرب ) هل الرب يتراجع عن كلامه ؟ ولا يوفي بوعده ؟
إرميا33 عدد17: لأنه هكذا قال الرب.لا ينقطع لداود إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. (SVD)

ما نفهمه من النص السابق في ارميا 33 عدد17 هو على كلام النبي ارميا أنه لا ينقطع نسل داود من الملوك الجالسين على كرسي حكم إسرائيل ولكن لنراجع سفر ارميا الإصحاح 33 عدد21 كما يلي :

إرميا33 عدد21: فان عهدي أيضا مع داود عبدي ينقض فلا يكون له ابن مالكا على كرسيه ومع اللاويين الكهنة خادمي. (SVD)
فنجد أن الرب ينقض عهده مع داوود فلا يكون لداود إبن يحكم على شعب إسرائيل كما قال من قبل .لن أطيل في التعليق على هذه التناقضات ولكن ليس أمامنا هنا إلا اختياران لا ثالث لهما :
أولاً هو كذب أحد الخبرين , ثانياً كذب الخبرين معاً .ولك الاختيار .

السؤال10 :
( الأقانيم والتثليث ) لماذا الأب أب ؟ ولماذا لا يكون إبن ؟
يزعم النصارى أن المسيح مولود من أبيه أزلاً .......... ونحن نقول : إذا كان الأمر كما تقولون فيكونان موجودان أزليان الله الأب أزلي والله الابن أزلي فإن كان الأب قديماً فالابن مثله وإن كان الأب خالقاً كان الابن خالقاً مثله ، والسؤال هو :
لم سميتم الأب أباً والابن ابناً ؟
فإذا كان الأب استحق اسم الأبوة لقدمه فالابن أيضاً يستحق هذا الاسم بعينه لأنه قديم قدم الأب ، وإن كان الأب عالماً قديراً فالابن أيضاً مثله ، فهذه المعاني تبطل اسم الابوة والبنوة ، لأنه إذا كان الأب والابن متكافئين في القدرة والقدم فأي فضل للأب على الابن حتى يرسله فيكون الأب باعثاً والابن مبعوثاً ؟
ألم يقل يوحنا أن الأب أرسل الابن للعالم ؟ ولا شك أن الراسل هو غير المرسل.
السؤال 11 :
( أخطاء ) ؟؟؟هل يستطيع الإنسان رؤية الله
على حسب كلام يوحنا 1عدد18 الله لم يره أحد أبداً اقرأ :
يوحنا 1 عدد18: الله لم يره احد قط.الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر (SVD)
لكننا نجد عكس ذلك كما يلي :
موسى رأى الله وجهاً لوجه
خروج 33 عدد11: ويكلم الرب موسى وجها لوجه كما يكلم الرجل صاحبه.وإذا رجع موسى إلى المحلّة كان خادمه يشوع بن نون الغلام لا يبرح من داخل الخيمة (SVD)

وأيوب رأى الله بعينه :
أيوب42 عدد 5: بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني. (SVD)

وداود رأى الله في قدسه :
مزمور63 عدد2: لكي أبصر قوتك ومجدك كما قد رأيتك في قدسك. (SVD)

وإبراهيم رأى الله عندما ظهر الله له :
أعمال7 عدد2: فقال أيها الرجال الإخوة والآباء اسمعوا.ظهر اله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران (SVD)
ونعيد السؤال كالمعتاد , هل الله رآه أحد غير الابن أم لم يراه أحد ؟ رجاً ادعم إجابتك بنصوص الكتاب المقدس

السؤال 12 :
(هل معقول ؟ ) ما قصة هؤلاء الملائكة ؟
يعلّمنا كتاب الله أن الملائكة هم عباده المعصومون عن الخطأ والزلل إلا أن كتبة الأسفار زعموا أن من الملائكة من سار وراء رغباته وضل ، ولم يبتعد عن هوان المعصية فاستحق بذلك العذاب المهين . . فقد جاء في رسالة بطرس الثانية 2 : 4 قوله : الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء
وجاء في رسالة يهوذا 1 : 6 الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الي دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام

والعجب العجاب أن بولس - مؤسس المسيحية الحالية - يزعم أنه سيحاكم وسيحاسب ملائكة الله في يوم الحساب.
فهو القائل : ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم . ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة . . كورنثوس الاولى 6 : 2 _ 3

فهل يعقل هذا الكلام ؟

السؤال 13 :
( الكتاب المقدس ) أين ذهبت تلك الكتب ؟؟ أليست من كلام الله ؟ كيف اختفت ؟؟؟
عدد 21عدد 14: لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفه وأودية ارنون (SVD)
يشوع 10 عدد 13: فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه.أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر.فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. (SVD)
وها هو سفر ياشر مرة أخرى
2صموائيل1 عدد 18: وقال إن يتعلم بنو يهوذا نشيد القوس هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر (SVD)
إذا كانت ليست وحياً إلهياً فكيف يستشهد الكامل بالناقص ؟ كيف يستشهد الله بكلام بشر ويعلم أن هذا الكلام سيختفي من العالم ؟
اعلم : يقول قاموس الكتاب المقدس عن سفر ياشر تحت حرف الياء ثم الاسم ياشر هكذا :
اسم عبري معناه (( مستقيم )) وهو ابن كالب ابن حصرون ( 1 أخبار 2: 18 ).
سفر ياشر ( سفر هياشار ):يلوح للمتعمق في العهد القديم أن ترنيمة يشوع ( يش 10: 13 )، ومرثاة داود لشاول ويوناثان ( 2 صم 1: 18- 27 )، مقتبسة عن هذا السفر المفقود. ولربما كان خطاب سليمان عند تدشين الهيكل ( 1 مل 8: 12 الخ. ونشيد دبورة ( قض 5 ) مستقيان منه أيضاً. ويظهر أن هذا السفر كان مجموع قصائد، قُدم له بديباجة نثرية، وتخللته تفاسير وشروحات نثرية، واختتم بها على غرار المزمور 18 و 51، أو كسفر أيوب، الذي يفتتح ( أي 1: 1- 3: 1 ) نثرا ويختتم ( ص 42: 7- 17 ). نثراً. إن جمال هذا السفر الذي نلمسه في القطع المقتبسة منه في العهد القديم يبعث على الرجاء بأنه سيعثر عليه كاملاً في النهاية، سيما وأنه لا يمكن أن يكون قد كتب قبل عصر داود وسليمان.

السؤال 14 :
(الألوهية ) لماذا إحتاج إلى من يدحرج الحجر ؟
قال متى في إنجيله 28 عدد 2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ
والسؤال هو : إذا كان المسيح إله فهل الإله يحتاج الي ملاك من السماء ليزيح ويدحرج الحجر الذي كان بباب قبره ؟
وهذا الأمرفيه مسائل لا يمكن أن يتخطاها باحث عن الحق , فلو راجعت نفس القصة في الأناجيل الأربعة وجدت العجب من التناقضات والإختلافات ما عليك إلا أن تأتي بالأربع أناجيل وتراجع نفس القصة ذاتها وهي قصة قيام يسوع من القبر وإعتبر كل ما تجده من إختلاف هو سؤال يحتاج إلى إجابة منك .

السؤال 15 :
(الألوهية ) إن كان المسيح هو الله فلماذا نفى عن نفسه الصلاح ؟
هل هناك أحد صالح غير الله ؟؟؟
متى19 عدد17: فقال له لماذا تدعوني صالحا.ليس احد صالحا الا واحد وهو الله.ولكن ان اردت ان تدخل الحياة فاحفظ الوصايا. (SVD)
عجباً أن نجد في الكتاب أناس صالحين ولا يكون الله وحده هو الصالح كما قال يسوع :
إقرأ: يوسف كان رجلاً باراً وصالحاً :
لوقا23 عدد50: وإذا رجل اسمه يوسف وكان مشيرا ورجلا صالحا بارا. . (SVD)
إقرأ : برنابا كان رجلاً صالحاً وممتلئاً من الروح القدس :
أعمال11 عدد22: فسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى إنطاكية. (23) الذي لما أتى ورأى نعمة الله فرح ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب. (24) لأنه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟((((((((((((((((((الإلحاد .. للخروج من المأزق
ليس من الصعب ـ على الإطلاق ـ البرهنة على وثنية وخرافة الديانة المسيحية ، ولكن الصعب ـ كل الصعب ـ أن نجعل المسيحية تنصت إلينا .. كما سنرى في هذه المقالة ..!!!

*******

الإلحاد .. للخروج من المأزق [1]
دكتور مهندس / محمد الحسيني إسماعيل

[ .. لقد عز عليّ أن أهجر دين آبائي وأسلم لدين مازال عندي يمثل دين الخصوم الذي طـالما سمعت ولقنت بأنه دين غير سماوي ، رغم إعجابي به ورغم الحقائق الذي عرفتها عنه . فكان عنادي وتعصبي يغلبان على عقلي واقتناعي .. وفي نفس الوقت لم استسغ أن استمر في خداع نفسي بالانتساب إلى المسيحية وأنا غير مقتنع بها .
ولهذا ؛ رأيت أن أخرج من تلك الدوامة بإنكار الدين جملة وتفصيلا وإنكار وجود الخالق سبحانه وتعالى .. وسولت لي نفسي بأن الدين خرافة كما كنت أسمع من الأفكار الشيوعية والإلحادية وقد ساعد على استساغة هذا الاتجاه صبوة الشباب والرغبة في التحرر من القيود التي يفرضها الدين ..
كان أول ما استهوته نفسي هو الإلحاد .. فأعلنت لنفسي إنني ملحد . استخف بكل ما جاءت به الأديان .. فلا حرام ولا حلال .. ولا خطيئة ولا حتى عيب .. فكل ذلك أصبح عندي من وضع البشر ..
كنت أخادع نفسي بالإلحاد ولكني لم أتعمد ذلك ، فقد كنت مدفوعا إلى ظني ذلك دفعا نتيجة الصراع النفسي الذي كنت أعيشه وأعانيه .. وقد كان قاسيا جدا .. فكان لابد الخروج من الأزمة بقرار ما .. وبحل يريحني من الصراع والتأرجح بين المسيحية : الدين العزيز على قلبي لأني ورثته وألفته ولم أعد مقتنعا به عقليا .. وبين الإسلام : الدين العزيز على عقلي لأني اقتنعت به .. ولكنه بغيض إلى نفسي بالوراثة .. وكان الخيار أمامي أحلاهما مر ..!!!
وقد بدا لي لأول وهلة .. أن اللجوء إلى الإلحاد هو المنقذ لي من الصراع الذي كان دائرا في نفسي . وظننت ـ واهما ـ أن الذي يكذب بوجود الخالق يعفى من المسئولية . أو أن الذي يعتقد بأن ليس هنـاك حساب ولا عقاب في الآخرة ينجو منه لمجرد اعتقاده في هذا .. كما يظن ذلك الملحدون . ورغم أنني اتجهت إلى الإلحاد كمخرج .. إلا أنني كنت صادقا مع نفسي وجادا في بحثي عن الحقيقة . لذا عزمت على تطبيق ما اعتقد ( أي الإلحاد ) في حياتي اليومية لأنني أريد تطبيق ما اعتقد بشجاعة .
وقبل أن أشرع في التطبيق فكرت فيما يدور حولي من أمور . وجدت أن تحريم الزنا والقتل والسرقة والظلم .. قد جاءنا عن طريق الدين . فأخذت أتخيل مجتمعا يعيش في الإلحاد على أنه حقيقة الحياة . فلم أجد ما يمنع أحدا من أحد في عقيدة الإلحاد . كما لم أجد فيها ما يصون حرمات الناس ولا حتى حرمة الأم والأخت ولا دم الجار أو ماله أو عرضه .
وعلى هذا النحو من الافتراضات تصورت مجتمعا صاخبا مائجا غارقا في أقذر الجرائم التي تمجها النفس البشرية . وتشابكت الأفكار في رأسي حتى ضقت ذرعا بها وخفت من هولها . فأدركت في ثلاثة أيام فقط أنني مخطئ ولا يمكن أن تكون تلك هي الحقيقة التي تبنى عليها الحياة الإنسانية . كما لم يقبل عقلي خرافة عدم وجود الخالق .. ولم تطمئن نفسي إلى هذا الافتراض السيئ لأنه مغالط للفطرة ومناف للعقل السليم . ]
( انتهى )
كانت هذه كلمات الكاتب ” عبد الله سعد ” قبل تحوله من المسيحية إلى الإسلام [2] . فـ ” عبد الله سعد ” نشأ في أسرة مسيحية ملتزمة .. وبدأ حياته التعليمية في مدارس التبشير الأمريكية . وعلى إثر خلاف حدث بين والده وبين المدرسة نقله أبوه إلى أحد مدارس الأقصى وفيها بدأت صلته بالدين الإسلامي والسماع عنه .. بعد أن تغير الوسط المحيط به ليشمل مسلمين ومسيحيين معا .. بعد أن كان الوسط الذي يحيا فيه من المسيحيين فقط في مدارس التبشير .
وتتلخص قصة هداية الكاتب ” عبد الله سعد ” إلى الإسلام في محاولته البحث عن الله سبحانه وتعالى .. في الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام . وقد نهج الكاتب في بحثه الجانب المنطقي والعقلاني البحت .. وانتهى منه إلى أن ” الله ” ( عز وجل ) لا يوجد بمعناه المنزه إلا في الدين الإسلامي . ولم يتعرض ـ عبد الله سعد ـ لكل ما هو أسطوري وخرافي .. على النحو الذي بينته في الكتاب الأول من هذه السلسلة .. بل اكتفى بالتحليل المنطقي لما ينبغي أن يكون عليه ” الله ” ( عز وجل ) من صفات وكمالات . واعتقد أنه لو عرف عبد الله سعد .. منذ بداية بحثه ـ عن الله ـ بالفكر الأسطوري والخرافي الوارد في الديانة المسيحية على النحو الذي بينته في الكتاب الأول من هذه السلسلة .. ما تكبد كل هذا العناء الذي بذله في الانتهاء إلى رفض اليهودية والمسيحية كديانتين سماويتين بشكلهما الحالي .
وقد رأيت أن أعرض لقصة إسلام الكاتب ” عبد الله سعد ” ـ كذلك ـ لما فيها من رؤية شخصية وصراع نفسي عميق يمكن أن يكون صورة متكررة لكل من ترقى نفسه لاعتناق الدين الإسلامي بعد أن يتبين له الحق خصوصا وأن هذا الحق سهل المنال . وقد انتاب عبد الله سعد كثيرا من الهواجس النفسية العنيفة .. كما اجتاحته المعاناة النفسية الشديدة والتأرجح والتردد قبل أن يتخذ قراره النهائي باعتناق الإسلام .
ويؤكد عبد الله سعد على أن نشأة الطفل المسيحي تتسم ليس فقط بالخوف من الدين الإسلامي .. بل تتسم أيضا برفض وكراهية الإسلام . وبالتالي فإن الطفل المسيحي ينشأ على رفض الحوار على نحو قطعي مع المسلمين .. كما يكره الإنصات إليهم . ومن هذا المنظور لم يتوجه عبد الله سعد بقصته هذه ( في كتابه السابق الإشارة إليه ) إلى المسيحيين لعلمه المسبق بموقفهم من الإسلام .. ولكن توجه بقصته هذه إلى كل من يوفقه الله على الاطلاع عليها سواء كان من المسلمين أو المسيحيين . ولهـذا جاءت مقدمته في كتابه ” كنت نصرانيا .. “[3] على النحو التالي ..
[ ولم أر توجيه القصة لغير المسلمين أمرا مجديا إذ تكفي كلمة واحدة أو إشارة عابرة إلى أن القصة تتعلق بالإسلام كي يصد عنها المسيحيين إلا القليل النادر . لأن من عادتهم الإعراض عن كل شيء يتطرق إلى فضل الإسلام أو الحديث عنه إجمالا بسبب ما ورثوا من مخاصمة للدين الإسلامي بلا دليل ولا إثبات إلا من دعوى سمعوا بها من أسلافهم لا يسندها عقل ولا نقل ويعوزها كل دليل ] .
( انتهى )
ويرى ـ الكاتب عبد الله سعد ـ أن حزن المخالفين لمفارقته لهم .. هو من قبيل حزن إبليس على مفارقة من كان يوما أحد أوليائه . كما يؤكد على أن القائمين على التبشير بالديانة المسيحية يكذبون ويحتالون كي يستميلوا الآخرين إلى الديانة المسيحية بأساليب وضيعة لينتسب إليهم الناس .
ويبين كيف يضيقون العيش على فقراء المسلمين في بعض بقاع الأرض ويسدون في وجوههم طرق الكسب ليضطروهم إلى اتباع ما يسمونه ظلما : ” المسيحية ” مقابل لقمة العيش ..!!! ويقارن هذا بين موقفهم .. وبين موقف الخليفة العادل عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه ) عندما وضع الجزية عن اليهودي العاجز وأمر له من بيت مال المسلمين بنفقة .. ليبين أن الإسلام هو الدين عند الله .. وأنه يكفل حرية الاعتقاد للذميين ويعاملهم بشهامة ونبل .

ويقول عبد الله سعد :
[ لقد تعلمت من الإسلام حرية التفكير وأسس التفكير العقلي السليم وحرية الاختيار ( وهو يتفق في هذا مع الدكتور القس إكرام لمعي / مدير كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة ) . كما تعلمت أن اتخذ القرار الذي اقتنع به .. وأن أناقش نفسي فيما تفعل ولماذا تفعل ؟ لم أعد أقبل أن يكون عقلي مستسلما لما ألفت ولما ورثت دون اقتناع ( ص : 53 ) . وبعد هذه المؤهلات الجديدة لم أعد مقتنع بالمسيحية وما فيها من الطلاسم والأسرار والتثليث .. و " ابن الله " و " أم الله " .. والاعتراف للخوري ( الكاهن أو القس ) بالذنوب .. وبلع الخبز المغموس في الخمر ليتحول إلى دم المسيح .. لمغفرتها . وإحراق الشموع أمام التماثيل التي نصبوها للمسيح وللعذراء أو الصليب .. وأشياء كثيرة يسمو العقل عن قبولها إلا أن يكون مكنونا بغشاوات من التعصب والتقليد الأعمى . وإذا سأل سائل عن تلك الأمور جاء الجواب إما هذا سر [4] لا يعلمه إلا الله .. وإما هذا رمز لكذا وكناية عن كذا .. وكذا ..!!!
كما خوّل حق التحليل والتحريم إلى الكنيسة .. وهي في اعتقادهم أنها معصومة من الخطأ . وكيف تكون الكنيسة معصومة ؟ يقولون هذا سرّ عصمة الكنيسة . كما كان لا يجرؤ أحدنا على الشك في شيء أو مناقشته لئلا يتهم بالكفر .. فعلى المسيحي أن يتلقى كل ما يفرض عليه من معتقدات دون مناقشة أو وزنها بميزان العقل قبل تصديقها .
وفي المقابل .. نجد أن الإسلام دين مفتوح لجميع خلق الله . دين علني ليس فيه أسرار تكتم عن عامة الناس ولا حتى عن خصوم الإسلام . فقد كنت نصرانيا بين المسلمين لم أحس يوما ما .. أن هناك شيئا من الدين يمكن أن يكتم عن أي إنسان .
لقد كان واضحا لي أن نظرة الإسلام للمسيحيين نظرة رأفة يرمقها القوي الواثق إلى الضعيف المغرر به . وبالعكس فموقف المسيحيين من المسلمين موقف الضعيف المهزوز الذي يخاف على عقيدته وكيانه من أي شيء . بل ويخشى حتى من القشة التي تهب بها الريح .. فيحسبها صاعقة نزلت عليه لأنه يدرك مدى ضعفه وإمكانية تقويض أساسه بسهولة ( ص : 45 ) . فكيف لا يخشى المسيحي من الإسلام العظيم الذي يمثل كل الخطر الحقيقي على باطله وفساد طويته ..؟!!! ]
( انتهى )
وفيما يلي سوف أعرض باختصار لفكر الكاتب عبد الله سعد ـ وعلى لسانه ـ لرحلة البحث عن الله ( عز وجل ) في الأديان الثلاثة .. اليهودية والمسيحية والإسلام .. أي رحلة البحث عن الله في الكتاب المقدس والقرآن المجيد ..

البحث عن الله .. في اليهودية ..
بعد خطيئة آدم وحواء بأكلهما من شجرة المعرفة ..
[ (22) وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر . والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد . ] [5]
( الكتاب المقدس : التكوين : {3} : 22 )
قد صار كواحد منا .. في العلم وفي معرفة الخير والشر . وهذه تتمة في المشابهة في الظاهر . ثم دون سابق تمهيد أو إشارة إلى أبناء الله وبنات الناس .. فوجئت بما يلي ..
[ (1) وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات . (2) أن أبناء الله (the sons of God ) رأوا بنات الناس ( the daughters of men ) أنهنّ حسنات . فاتّخذوا لأنفسهم نساء من كل مـا اختـاروا . (3) فقال الرب لا يدين روحي ( لن يمكث روحي مجاهدا [6] ) في الإنسان إلى الأبد . لزيغانه هو بشر وتكون أيامه مئة وعشرين سنة . (4) كان في الأرض طغاة في تلك الأيام . وبعد ذلك أيضا إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولادا . هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم . (5) ورأى الرب إن شر الإنسان قد كثر في الأرض . وان كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم . (6) فحزن الرب انه عمل الإنسان في الأرض . وتأسف في قلبه . (7) فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته.الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء . لأني حزنت أني عملتهم . (8) وأما نوح فوجد نعمة في عيني الرب . ]
( الكتاب المقدس : سفر التكوين : {6} : 1 - 8 )
كان عدم التسلسل المنطقي أو القصصي في سرد تلك الأخبار وترك فجوة واسعة بين الإصحاحات الأول إلى الخامس .. وبين الإصحاح السادس مزعجا لي للغاية . وكان ذلك يوحي بنقص في توفر المعلومات لذلك المصدر ( أي التوراة ) مما يوهن الثقة فيه .
فكرت في أبناء الله .. من هم ؟ وبنات الناس ـ هنا ـ يردن لأول مرة بهذا اللفظ . فأي ناس وأي بنات لهم .. وأي أبناء مزعومين لله ؟ هل لله ذرية كذرية آدم ؟ وليس ببعيد من يصف الله بأنه كالإنسان أن يقول على الله كلاما كبيرا كهذا .
وعدت إلى الصفحات أو الإصحاحات السابقة لتلك المقالة فلم أجد أي أثر لأبناء الله .. ولا أي تلميح إلى اتخاذ الله ذرية مخصوصة أسماهم أبناء الله حتى ولو على سبيل المجاز [7] . وذلك يدل على أن كون الإنسان على صورة الله حقيقة لا مجرد مجاز في نظر التوراة .. لأن اتخاذ أبناء الله بنات الناس نساء لهم ودخولهم بهم .. وأكثر من ذلك ولدن لهم أولادا كل ذلك يعني أنهم من طبيعتهن ومن جنسهن وعلى صورتهن . وعليه فالله في نظر التوراة ـ وهو أبو الأبناء المزعومين ـ أيضا على صورة البشر حقيقة .. فتعالى الله عما يصفون .
كما أن ما تقدم [ فحزن الرب انه عمل الإنسان في الأرض . وتأسف في قلبه ] .. فيه الدلالة الواضحة على نفي صفة العلم المسبق عن الله علام الغيوب .. وكأن الإله خلق الإنسان مجربا .. ولم يعرف عاقبة خلقه مسبقا فكانت العاقبة تدعو إلى الأسف والحزن مما دعا الله لمحو جنس بني آدم عن الأرض [ فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته .. ] ندما على خلقهم .. لا عقابا على طغيانهم ..!!!
ولما كان ميزاني في البحث يعتمد على ما تقوله الأديان في الله ( سبحانه وتعالى ) .. اكتفيت بهذا القدر من التوراة . ففي الصفحات الأولى التي صدّرت بها التوراة وجهت اتهامات لله ( سبحانه وتعالى ) بصفات نقص ونفي صفات الكمال . وكان في ذلك ما يكفي لصدي عن الاستمرار في القراءة والبحث في التوراة . كما تأكدت أن الديانة اليهودية لا يمكن أن تكون ديانة سماوية بشكلها الحالي على الإطلاق .

البحث عن الله .. في المسيحية ..
كنت أعلم أن التوراة هي جزء أساسي من الديانة المسيحية .. بل هي أصل الديانة المسيحية .. وإنما جاء المسيح ليتم الناموس لا لينقضه ..
[ (17) لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل . ]
( الكتاب المقدس : إنجيل متى {5} : 17 )
واعتماد المسيحية على التوراة كأصل للديانة كان كافيا لرفضي للمسيحية ( بمعنى أن المبني على باطل فهو باطل ) .. ولكن ذلك لم يخطر لي ببال . وهكذا ؛ انتقلت إلى الأناجيل . فالنصارى تعتقد بأن الله تجسد في المسيح الإنسان . فالمسيح هو الله في قالب بشري وأن له طبيعتين .. طبيعية لاهوتية ( أي إلهية ) .. وطبيعة ناسوتية ( أي إنسانية ) . ويقولون أن الله واحد في ثلاثة أقانيم هم :
الآب ( الله ) والابن ( المسيح الإنسان ) والروح القدس ( حمامة ) [8]
وهؤلاء الثلاثة .. هم الله .. كيف ؟ هذا هو سر الثالوث الأقدس الذي لا يستوعبه عقل بشري لأنه فوق مستوى إدراكه . ما هذا ؟ وكيف يقبله عقلي ..؟ وأنا مصر أن تقنعني به النصرانية أولا ثم تملي علي ـ بعد ذلك ـ أسرارا .. وتحل لي رموزا ..!!! أما أن يكون الأساس نفسه مكنونا وأسرارا فوق مستوى العقل ويجب التسليم به دون أدنى مسحة من عقل أو منطق .. فهذه دعوى يستطيع كل أحد أن يدعيها بلا دليل أو برهان .
بل ويمكن أن يقوم أي دين على مثل هذه الدعوة .. فيمكن لدين ما .. أن يدعو لعبادة أدنى المخلوقات ( بقرة .. أو حمار مثلا ) .. على أنه الخالق وإذا طلب إيضاحا .. قيل هذا سر عميق لا يمكن لبشر أن يدركه مهما بلغ من العلم والفهم .. لأنه فوق مستوى إدراكه ..!!! إن المسيحية غير مقنعة أو على الأقل لم تكن مقنعة لي خاصة مع إصراري على استعمال عقلي .
ويقول عبد الله سعد : وتجدر الإشارة ـ هنا ـ إلى أن الأناجيل كلها أغفلت حياة الرب المسيح منذ بلغ اثنتي عشرة عاما حتى بلغ الثلاثين ..
[ (23) ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي (24) بن متثات بن لاوي .. ]
( الكتاب المقدس : إنجيل لوقا : {3} : 23 )
فهل رواة الأناجيل ليسوا على علم بما تم أثناء ثمانية عشر عاما ( من 12 إلى 30 سنة ) من حياة ربهم ومخلصهم على الأرض ؟ هل كان مجرد عابد زاهد يعبد نفسه أو أبـاه لأنهما هما ” الله ” ( مع الروح القدس ) ولم يفعل شيئا يستحق الذكر خلال تلك الفترة ، في حين أنهم ـ من وجهة نظرهم ـ نقلوا كل كلمة قالها عندما كان يعلم الناس بعد سن الثلاثين ؟ أم ماذا ؟
فإن قالوا أن التلاميذ أو الرسل ( كما يسمونهم ) الذين كتبوا الأناجيل لم يعلموا كيف سارت حياة المسيح في تلك الفترة ، فقد سقطت دعواهم بأن الأناجيل معصومة من الخطأ ( لأن الرسل يجهلون هذه الفترة ) .. وبطل ادعاؤهم بأن التلاميذ إنما كتبوا الأناجيل بوحي من الروح القدس الذي حل عليهم ذلك لأن الروح القدس لا يمكن أن ينسى أو أن لا يطلع على مثل هذا الأمر من حياته الشخصية ..!!! فكيف ..؟!!! وهم يقولون أن الروح القدس هو الآخر هو الله نفسه أو الأقنوم الثالث من الثالوث القدوس .
وإن قالوا أنه لم يعمل شيئا يستحق الذكر فقد قالوا شيئا عجبا [9] ..!!! فكيف يدعون أن المسيح هو ” الله ” .. ثم يقولون أن ” الله ” قد مكث على أرضنا هذه وفي معابد اليهود لمدة ثمانية عشر سنة لم يأت خلالها بعمل ولا حتى بكلمة تستحق الذكر ..؟!!!
وبعد العناد الطويل والمشادة بين عاطفتي وهواجس نفسي قررت احترام عقلي والأخذ بقناعاته فقلت : ” إن الله الذي أبحث عنه في الكتب ليس موجودا في الإنجيل ” . وعليه تركت أو أوقفت البحث عن الله (عز وجل ) في النصرانية وأنا أعتقد أنها ليست ديانة سماوية .. ولا يعقل أن تكون صادرة عن الله العظيم لكثرة ما في عقيدتها من الخلل والاضطراب وما لا يقبله العقل من تشبيهات تنم عن محدودية تفكير مخترعيها ..!!!

البحث عن الله .. في الإسلام ..
بديهي ؛ لن أتعرض لبحث عبد الله سعد في الدين الإسلامي عن الله فما تم كتابته هنا في هذه السلسلة فيه ما يكفي . ولكني سأكتفي بذكر تعليقه على سورة الإخلاص . فالمولى ( عز وجل ) يقول لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ..
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) }
( القرآن المجيد : الإخلاص {112} : 1 - 4 )
ويقول عبد الله سعد :
” وسورة الإخلاص [10] فيها إجمال ووضوح وتعبر عن العقيدة الإسلامية ولو كنت أعرف معاني هذه السورة في بداية بحثي لكفتني . ولكن يبدو أنني لم أعمل عقلي فيها بالقدر الكافي ولم استوعب معناها رغم بساطتها فالتمست المزيد من التفاصيل ” .. في كتب أخرى مثل كتاب ” عقيدة المسلم ” للشيخ محمد الغزالي . وهكذا ؛ وجدت التنزيه لله ( عز وجل ) ضالتي المنشودة في الإسلام . وعرفت أن الإسلام يقول في الله ما يقبله كل عاقل .

الصراع النفسي .. والبحث عن الإسلام في النصرانية
فكرت جديا في اعتناق الإسلام .. ولكن النصرانية دين آبائي وأجدادي وكل أقربائي .. كانت قد انغرست في أعماقي وكانت جزء من تكويني النفسي . وقد أدت تلك الأحاسيس إلى ترددي في الإقدام على اعتناق الإسلام . وبدأت أثير لنفسي مخاوف وتساؤلات .. وأفكار شتى تجول في خاطري ..!!! وكأنى بالشيطان قد أدرك جدية قصدي هذه المرة فحشد كل طاقاته ووساوسه ليحزنني ويثنيني عن عزمي . ثم كيف أجهر بإسلامي في وسط يحـارب الإسلام بشتى الطرق وإن كان لا يجهر بهذا ..؟!! أخذت أبحث عن مبرر أبرر به مخاوفي من اعتناق الإسلام .. لما يترتب على ذلك من عواقب دنيوية وخيمة أقلها أنني سأنبذ من المجتمع ..!!!
وفجأة تذكرت أن الإسلام يعترف بالنصرانية كدين [11] .. وأصبح هذا هو المخرج . فلماذا لا اتخذ المسيحية دينا لي ..؟!!! وذلك لا يكلفني سوى أن أبقى على نصرانيتي كما كنت .. ولكن من منطلق جديد لا شرك فيه ولا ضلال . وإبقائي على المسيحية كدين ظاهري هو أسلم حل أو بديل من حيث تلافي المشاكل . وقلت أرضي عقلي وقناعتي بصحة الإسلام بأن آخذ من النصرانية ما يقره الإسلام منها فقط .. لأنه هو الميزان الحق . وبهذه الطريقة لا عقبات أو عواقب تنتظرني أو تهددني .. ما لو اتبعت الإسلام مباشرة ..!!!
وعدت أتصفح الأناجيل مرة أخرى .. وأتمعن في عبـاراتها كنصراني يلتمس هداية من كتابه . وكنت كلما أعثر بما لا يقبله العقل أو يتنافى مع المفهوم الصحيح للدين عزوت ذلك إلى التحريف ومضيت . كنت بلا شك .. أنشد الدعة والاستقرار والطمأنينة .. وكنت أبحث عن الحق والحقيقة في نفس الوقت ..!!! وكان الصراع قويا ..!!! وانتهيت إلى استحالة الجمع بين المسيحية والإسلام . فالمسيحية ترتكز على الصليب فهو شعارها .. والتثليث والإصرار على ألوهية المسيح وصلبه والخطيئة الأصلية .. هو مناط عقيدتها .. فلو جردناها من ذلك لا يبقى شيء اسمه الديانة المسيحية .. لأنها بهذا التجريد سوف يصبح كل ما يتعلق بها محرفا .

التسليم لصوت الحق ..
لم تحقق عودتي إلى النصرانية أي نوع من الطمأنينة .. كما لم أجد عذرا واحدا كي أتمسك بها بعد الذي رأيته فيها . كان هذا هو صوت عقلي أما صوت عاطفتي فكانت لا تزال تقول أن الإنجيل عزيز إلى نفسي .. وأتمنى أن أجد فيه ما يبرر لعقلي قبوله . وتابعت تقليب الصفحات ..
وتوقفت مرة أخرى لأتأمل كلمات السيد المسيح ..
[ (15) احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة (16) من ثمارهم تعرفونهم : هل يجتنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا . (17) هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة . وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارا رديّة . (18) لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارا رديّة ولا شجرة رديّة أن تصنع أثمارا جيدة . (19) كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار . (20) فإذًا من ثمارهم تعرفونهم ]
( الكتاب المقدس : إنجيل متى : {7} : 15 - 20 )
فهذه العبارة لا تعني أن كل الأنبياء الذين يأتون بعد المسيح كذبة .. بل تعني أنه سيكون من ضمن الأنبياء الذين يـأتون من بعده أدعياء كذابون فاحذروهم [12] . كما تعني حتما بأنه سيكون هناك أنبياء صادقون . وأن ميزان التمييز والتفرقة بينهم هو ما يأتون به من ثمار .. وهي الشرائع والأعمال .. وأكـد السيد المسيح النص مرتين [ من ثمارهم تعرفونهم ]
لقد وجدت أن العقيدة الإسلامية قد جاءتنا بأنقى وأوضح مفهوم عن الله ( سبحانه وتعالى ) .. الواحد المنزه عن النقائص والتشبيهات .. والمنزه عن كل شرك . وجدت الإسلام يشرع للناس حسب مقتضيات فطرتهم . يشرع للروح والجسد .. ويضمن للجميع حقوقهم بالعدل والرحمة على اختلاف ألوانهم وطبقاتهم وجنسياتهم .. بل وأديانهم . وهو دين يخاطب العقل ويحث على التفكير .. بل ويعطي الأدلة والبراهين .
وبوجود كل تلك الميزات للإسلام .. لم يكن بوسعي إلا أن أقول أن الإسلام ثمرة صالحة .. وثمرة جيدة لا تقدر أن تعطيها إلا شجرة جيدة .. وشجرة صالحة . وهكـذا ؛ وجدت في فقرات السيد المسيح السابقة دليلا قاطعا على أن الإسلام رسالة سماوية .. وأن محمدا بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) رسول الله حقا وصدقا .. وعليه فكل ما جاء به صحيح . والآن ؛ أصبح لا خيار لي بعد هذه اللحظة .. وبأي عذر أقابل ربي يوم القيامة .. إذا لم أسلم .. فإما الإسلام .. وإما جهنم فقلت :
” أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمدا رسول الله “

وانقشعت الغمامة ..
وانقشعت الغمامة بعد نطقي بالشهادة .. سبحان الله .. لقد تبينت حقيقة موقفي في هذه الحياة .. وفي هذا الكون وأبصرت طريقي . شعرت بالارتياح التام .. هدأت نفسي واطمأنت إلى حد لا أعرف له وصفا أعبر عنه بالكلمات . وصلت إلى نهاية الحقيقة .. وبلغت قمة ما كنت أطلبه وأرجوه . وكأن الإسلام بالذات كان غايتي وهدفي منذ بداية الرحلة .. كل ذلك حدث في غضون دقائق عقب إسلامي .. عقب نطقي بالشهادة ..
كان موقفا مذهلا حقا ولا يوصف . وكانت تجربة يستحيل أن يحس بها غير الذي ذاق حلاوتها وأحس بالفارق الهائل بين شعوره الآني في تلك اللحظات وبين شعوره في لحظات سبقت ذلك .
فلو قلت إنني كنت كالعجماء ( كالحيوان ) وعقلت فجأة فأصبحت آدميا عاقلا .. ولو قلت أنني كنت في ظلمة حقيقية ـ أعمى ـ لا أعرف عما حولي سوى ما يوصف إلي أو أحسه بيدي دون إبصار حقيقي فأبصرت فجأة ورأيت كل شيء حولي على حقيقته .. ولو قلت بأن كل ما مضى من حياتي كان وهما وحلما فأفقت منه .. لو قلت كل ذلك لما وفيت الموقف حقه من التعبير والوصف . فسبحان مقلب القلوب .. فكيف ينقلب الإنسان بين لحظة وأخرى .. من حال إلى حال .. وما بين الحالين كما بين الأرض والسماء ..
لقد أحسست بإنسانيتي وبوجودي .. وأبصرت نفسي . لقد أذهلني الموقف .. أذهلني التغير الهائل المفاجئ .. لقد أدركت مبلغ الضياع الذي كنت فيه .. وإهدار ما مضى من العمر في ظلمات أو سبات عميق فانفلق الصبح .. وأفقت من الوهم إلى الحقيقة .. أحسست أن كل شيء في نفسي بدأ يتغير ويتبلور ويتضح .
لم أكن أتوقع أن يحدث قراري الأخير باعتناق الإسلام كل هذه التغيرات في نفسي وفي مشاعري في غضون دقائق قليلة ..!!! تلاشت الهواجس .. وتلاشت المخاوف التي كانت تجول في رأسي .. وأصبح لدي من الشجاعة ما يكفي لمواجهة كل الاحتمالات . فقد تضاءلت أمام عيني كل القوى الأرضية .. وكنت واثقا أن ما فعلته هو الصواب .. وهو ما يريده مني خالق الكون العظيم .. فأي قوى تخيفني بعد ذلك ..!!!
أصبحت أرى أن أول الأولويات هو أن يهتدي الإنسان إلى الصواب الذي لا شك فيه ولا لبث .. وأن يحدد هدفه وطريقه إلى الجنة قبل فوات الأوان . فاطمئنان الإنسان على مصيره والعمل لأخرته هو ضرورة عاجلة .. فلا أحد يدري متى يموت .. فلا علامات .. ولا مهلة .. ولا إنذار في نظام الموت . فإذا جاء الموت فلا استدراك .. ولا يفيد الندم .. فأي عمل أولى من العمل للآخرة ..
{ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) }
( القرآن المجيد : المؤمنون {23} : 93 - 94 )

وهرب رجل الدين ..
عقب إسلامي ؛ تملكتني رغبة جارفة في الدعوة إلى الإسلام .. وأشفقت كثيرا على أولئك الذين لا يزالون يجهلون حقيقة دين الإسلام .. ويكتفون بتلقي الأكاذيب والافتراءات ضده والتي يطلقونها عليه هم بأنفسهم حسدا .. ثم يصدقونها صامين آذانهم عن الحق متعامين عنه .. ليأتي قوله تعالى دليل الصدق عليهم ..
{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) }
( القرآن المجيد : البقرة {2} : 109 )
ولقلة خبرتي .. بدت لي الدعوة أمرا ميسورا .. لأن الإسلام دين حق .. واضح لا مراء فيه والأدلة على ذلك لا حصر لها .. وما على غير المسلم إلا أن يطلع على الإسلام فيسارع إلى اعتناقه .. ونسيت أو تناسيت عنادي ومماطلتي في الاستسلام إلى الدين الحق ..!!!
ويضيف عبد الله سعد : سألت أحد القساوسة ـ وكان معروفا بأنه علامة وصاحب حجة ـ وكنت أناقشه في المسيحية ، وقد علم باعتناقي الإسلام قلت : تقولون أن الله نزل من السماء ، وتجسد في صورة المسيح ، وصُلب من أجل التكفير عن خطايا البشر ، في حين أن الله سبحانه وتعالى قادر على مغفرة ذنوب عباده ويستطيع أن يقول من فوق العرش العظيم : ” غفرت لكم يا عبادي ” .. فما الذي يحوجه إلى إرسال ابنه كما تعتقدون أو أن ينزل هو إلى الأرض .. ويترك اليهود يعلقونه على الصليب ، فيبصقون عليه ويقتلونه حتى يكون فداء لذنوب الناس فيغفر لهم فلماذا اختار هذا الأسلوب ؟ فكان جوابه : لأنه يجب أن يكون في مقابل كل خطيئة دم حتى تغفر تلك الخطيئة [13] .
قلت : ومن أسس هذه القاعدة ..؟! ( كما رأينا من التذييل السابق أن الذي أسسها هو بولس الرسول ) .. وما هو الدليل عليها ؟ أحب أن تثبت لي صحة القاعدة أو الفرضية ( ومن فرضها على الله ) عن طريق العقل ثم تبني عليها ما شئت من نتائج .
كان ذلك خاتمة أسئلة ونقاش دام ساعة واعتذر القس بأن وراءه ارتباطا بالكنيسة .. وانصرف ولم يدر بماذا يجيب . وقد بنى كل نقاشه على قواعد موصوفة له للتسليم بها أولا .. ودون مناقشة ..!!!
وهكذا هرب رجل الدين .. ورفض المواجهة ..!!! إن طريق الدعوة شاق وطويل ويحتاج إلى الصبر وتحمل الأذى .. لأن سلعة الله غالية . وبعد عدة مقارعات ومناقشات مع أصناف من الناس .. ازددت يقينا بأن ربي سيملأ جهنم من الكافرين .. ليتحقق قوله تعالى ..
{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) }
( القرآن المجيد : ق {50} : 29 - 30 )
وأن ذلك كله كائن بمقتضى عدل الله المطلق .. وهو القائل سبحانه وتعالى ..
{ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) }
( القرآن المجيد : القلم {68} : 35 - 36 )
وهكذا تنتهي قصة عبد الله سعد .. وتحوله للإسلام .
وفي نهاية قصته يقول عبد الله سعد ..
[ لقد ركزت في هذه القصة على أسباب اعتناقي للإسلام وأغفلت أحداث ما بعد الإسلام .. لظني أنها تقتصر على الجوانب الشخصية .. حيث كنت أريد أن تكون القصة موضوعية أكثر منها شخصية . وقد اعتبرت أن الصعوبات التي يواجهها المسلم الجديد والتضحيات التي يبذلها هي زكاة الإيمان وسجية الإسلام . وأن ما واجهته أنا كان أقل كثيرا مما يمكن أن تفتدي به نفس من النار . فالله أسأل أن يشملني برحمته .. وأن يحتسب لي من عملي ما كان خالصا لوجهه .. وأن يتجاوز لي عما خالطه من رياء وسمعة .. إنه هو السميع المجيب ] .
ولا يبقى سوى أن نذكر .. بقوله تعالى ..
{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) }
( القرآن المجيد : الزمر {39} : 71 - 73 )

****************

هوامش المقالة :

[1] هذه المقالة مأخوذة عن كتاب : ” الحوار الخفي / الدين الإسلامي في كليات اللاهوت ” لنفس المؤلف . يطلب من مكتبة وهبة .
[2] ” كنت نصرانيا ..! ” ؛ عبد الله سعد . دار اليقين للنشر والتوزيع .
[3] المرجع السابق .
[4] أسرار الكنيسة السبع هي : (1) المعمودية (2) الميرون (3) التوبة (4) الإفخارستيا (5) مسحة المرضى (6) الزيجة (7) الكهنوت [ وللتفاصيل أنظر الكتاب الأول من هذه السلسلة : " الإنسان والدين .. ولهذا هم يرفضون الحوار " ] .
[5] سبق شرح قصة الخلق هذه من منظور مخالف تماما لما جاء من منظور عبد الله سعد .. في مرجع الكاتب السابق : ” الحقيقة المطلقة .. الله والدين والإنسان ” لنفس المؤلف . مكتبة وهبة .
[6] مثل هذه الشروح تأتي في الترجمة الحديثة للكتاب المقدس ـ كتاب الحياة .. وليست من عندي .
[7] تم التثبت من هذه المعلومة أيضا باستخدام النسخة الإلكترونية للكتاب المقدس .
[8] تستند هذه الصورة إلى النص الإنجيلي التالي : [ (21) .. وإذ كان يصلي ( أي عيسى ) انفتحت السماء (22) ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا أنت ابني الحبيب بك سررت ] ( إنجيل لوقا { 3 } : 21 - 22 ) . ويتكرر هذا المعنى في الأناجيل الثلاثة الأخرى : متى (3 : 16) / مرقص (1 : 10) / يوحنا (1 : 32 ) .
[9] صدر حديثا عن المكتبة المسيحية كتاب : ” السنوات المجهولة من حياة المسيح ” للدكتور : فريز صموئيل . والكتاب مكون 195 صفحة .. أنفق الكاتب منها 168 صفحة ( لاحظ الخروج عن الموضوع ) في إثبات أن المسيح في هذه الفترة : لم يكن في أحد الأديرة البوذية في الهند .. كما لم يكن في وادي قمران مع الأسينيين ( جماعة رهبانية يهودية ) .. بل كان في الناصرة في فلسطين مع أهله وعشيرته .. يتعلم في المدرسة اليهودية أي الكتّاب اليهودي ( ص : 172 ) .
ثم انتهى الكاتب ( ص : 170 ) إلى أن : ” .. هدف الأناجيل لم يكن هدفا روائيا ، لأن الذين كتبوا هذه الكتب لم يحاولوا أن يقدموا قصة حياة يسوع لكي يشبعوا رغبة محب الاستطلاع .. ” . ثم أضاف (ص : 173) قائلا : ” أن هذا السكوت عن هذه الفترة كان متعمد من كتّاب الأناجيل ..!!! لأن الهدف من وجود المسيح لم يكن لإعطاء الناس القدوة .. بل لبيان أنه المصلح والمخلص .. لهذا اكتف الكتّاب بالتاريخ الذي ابتدأ فيه أعماله العلانية والرسمية بعد بلوغه سن الثلاثين ” ( انتهى ) .
وبهذا المعنى ؛ يؤكد الكاتب ـ د. صموئيل ـ على أن ” المسيح الإله ” لم يقل كلمة لها قيمة ما وتستحق التدوين .. خلال فترة الثمانية عشر عاما هذه .. حيث كان ” الإله ” يتلقى العلم على يد حكماء اليهود .. في هذه الفترة ..!!!
[10] أنظر الملحق الثاني ( من الكتاب الأول : ” الإنسان والدين .. ” من هذه السلسلة ) : أسماء الله الحسنى / أو الكمالات الإلهية مع المقارنة مع ما ورد في المسيحية من صفات .
[11] ملحوظة : الإسلام لا يعترف بالمسيحية الحالية كدين سماوي .. بل يعترف بها كدين وضعي . والإسلام يعترف بنزول الإنجيل على عيسى ( عليه السلام ) .. وأن الدين الذي أتى به عيسى ( عليه السلام ) لم يكن سوى أحد النسخ الأولى للإسلام ، وما كان ينبغي أن يسمى : ” الديانة المسيحية ” بل كان ينبغي أن يسمى ” الدين الإسلامي ” ولكن بعد تحريفه أصبح لا يمت للإسلام بصلة .. وبهذا أصبح اسمه : ” الديانة المسيحية ” .
[12] تم مناقشة هذا المعنى في كتاب : ” الحوار الخفي / الدين الإسلامي في كليات اللاهوت ” .. وأنه انطبق إلى حد كبير على ” بولس الرسول ” أو بمعنى أدق ” بولس الحواري ” .
[13] تستند هذه القاعدة إلى نص بولس التالي :
[ (22) وكل شيء تقريبا ( almost ) يتطهر حسب الناموس ( الشريعة ) بالدم ، وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة ]
( رسالة بولس إلى العبرانيين 9 : 22 )
وكما نرى فإن بولس يقول : أن كل شيء يتطهر ” تقريبا ” على حسب الشريعة بالدم . وبولس هو الذي رفض الشريعة من قبل جملة وتفصيلا ( على النحو الذي بيناه في الفصل السابق ) ..!!! ثم ما معنى قوله : ” تقريبا ” فهل يوجد تطهر يتم بدون الحاجة إلى الدم ..!!! وهكذا ؛ فالتطهير بالدم هو من تأسيس بولس

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((أسئلة للنصارى تحتاج إلى إجابة الشيخ عماد المهدي إعلامي وكاتب إسلامي وشماس مسيحي سابق))))))))))))))))))))======================================================== هناك العديد من الأسئلة المحرجة يجب على النصارى الإجابة عليها وهي: 1- من المعروف أن الإنجيل أصلاً مكتوب باللغة اليونانية ثم ترجم بعد ذلك إلى جميع اللغات-كيف ذلك وقد كانت لغة المسيح وتلاميذه هي اللغة الآرامية؟! 2- إذا كان المسيح موجوداً منذ الأزل مع الله كما تقولون – فما هي طبيعة العلاقة بينهما ؟ وما هي كيفية التحول من الألوهية إلى مرتبة البشر في بطن امرأة مخلوقة ؟! 3- إذا كانت العذراء مريم والدة الإله فهل هي خالقة أو مخلوقة ؟ وما هو شأنها عند المسيح ؟ 4- من المعروف لديكم أن (الأب ، والابن ، والروح القدس ، ثلاثة أقانيم متحدون ومتساوون في الجوهر ) مفردها أقنوم – كيف ذلك وكلمة أقنوم كلمة سريانية الأصل معناها : ( الذات الإلهية المستقلة ) ؟!!!! 5- ما هي العلاقة بين اللاهوت والناسوت على ضوء الحقائق التالية : ‌أ- ملء الجسد. ‌ب- لم ينفصل عنه. ‌ج- طبيعة واحدة ؟!!! 6- من المعروف أن المسيحي دائماً عندما يرسم الصليب يقول ( بسم الأب والابن والروح القدس إله واحد آمين ) . وهو يعتقد أنهما متحدون متساوون وأنهما واحد لا فرق بينهما !! فهل يجوز أن أقول : ( بسم الابن والأب والروح القدس إله واحد آمين ) أو ( بسم الإله الواحد والروح القدس والأب والابن ) وهكذا إلخ … ؟! 7- لماذا الابن مولود والروح القدس منبثق ؟!! 8- من المعروف أن اللاهوت لم يفارق الناسوت لحظة واحدة ولا طرفة عين، فهل اللاهوت صلب مع الناسوت ؟ أم أن اللاهوت ترك الناسوت لحظة الصلب والموت على عود الصليب؟ وما الدليل من الإنجيل ؟!!! 9- من المعروف أن اللعنة من الله خروج من رحمته، كيف ذلك وقد كتب في الإنجيل رسالة إلى أهل غلاطية ( ملعون كل من علق على خشبة ) إصحاح (3) فقرة (13) وهل معنى ذلك أن المسيح ملعون ؟! 10- ما هو مفهوم القدرة الإلهية على مغفرة الذنب إذا كان مغفرة الذنب لا يتم إلاّ بصلب الابن الوحيد ؟ 11- يوجد في قانون الإيمان لديكم أن المسيح بعد موته على خشبة الصليب دفن في القبر ثلاث أيام وثلاث ليال . فهل يوجد دليل من الإنجيل بذلك ؟!!! 12- ما هي المناسبة الزمنية بين خطيئة آدم ونزول المسيح لتحمل خطايا البشر ؟ وما هو مصير من كانوا قبل نزول المسيح ؟!!! 13- يوجد فقرة في الكتاب المقدس تقول: ( من رآني فقد رأى الأب ) وهذا يتناقض مع الفقرة التي تقول : (لا يستطيع أحد أن يرى الله ويعيش) . 14- من المعلوم أن هناك حكمة في الإسلام من تعدد الزوجات مع اشتراط العدل، فما هي الحكمة من عدم تعدد الزوجات في المسيحية ؟ وما هو دليلك من الكتاب المقدس ؟!!! 15- ما هي الحالات التي يجوز فيها الطلاق والزواج بزوجة ثانية ؟!!! 16- ماذا تفعل الزوجة إذا تركها زوجها لمدة عام أو أكثر ؟ هل تطلق منه أم تظل في انتظاره ولو عشر سنوات ؟ (وما هو دليلك من الكتاب المقدس) ؟ 17- ما معنى إكليل ونصف إكليل وجبان يوت ؟ ، وهل هذه الطقوس التي تمارس من أجل تزويج اثنين موجودة في الكتاب المقدس ؟!! 18- هل يجوز جماع الرجل زوجته وهي في حالة الحيض أو الصوم ؟ 19- هل يجوز صلاة الرجل في الكنيسة وهو جُنُب ؟ (وهل لديك دليل من الكتاب المقدس) ؟ 20- هل يجوز صلاة المرأة في الكنيسة وهي حائذ ؟ ( وهل لديك دليل من الكتاب المقدس ) ؟ 21- لماذا لا يستطيع الإرثوزوكسي الزواج من طائفة الكاثوليك والعكس أو أي طائفة أخرى ؟ (وهل لديك دليل من الكتاب المقدس ) ؟ 22- هل هناك لبس محدد يجب أن تلبسه المرأة المسيحية – أم أن الأمر متروك لها ؟ (وهل لديك دليل من الكتاب المقدس ) ؟ 23- هل يجوز للمرأة النصرانية أن تستضيف صديق زوجها لحين عودته من العمل ؟ (وهو ما يسمى بالخلوة ) ؟!!! 24- إذا مات رجل له زوجة وولد وبنت وقد ترك لهم عشرة آلاف جنيه مثلاً . كيف يقسمون المبلغ فيما بينهم ؟ ( وما دليلك من الإنجيل ) ؟ 25- من ضمن الوصايا العشر: ( لا تزني – لا تسرق ) إذاً ما هو عقاب الرجل أو المرأة إذا ضبطا وهما يزنيان أو يسرقان ؟! مع ذكر الدليل من الكتاب المقدس . 26- لماذا لا تنطبق قاعدة ( من يجمعه الرب لا يفرقه إنسان ) علماً بأن مرحلة الخطوبة هي البداية الطبيعية للزواج؟!! 27- ماذا تعني الأسرار السبعة التي يحتفظ بها القسيس لنفسه وهي على حد علمي ( سر الكهنوت – سر التناول – سر الزيجة – سر عماد الأطفال – سر مسحة المرضى – سر الاعتراف – سر التثليث ) … وأين هذه الأسرار في الكتاب المقدس ؟ ولماذا لا يعرفها الشعب ؟ 28- لماذا يقام القداس الإلهي يومي الأحد والجمعة فقط من كل أسبوع ؟! 29- وهل القداس الإلهي بما يشمل طقوس موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو ؟ بمثل هذه الصورة وهذه الكيفية . 30- هل الاعتراف للقمص قبل القداس موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو؟ 31- هل الصيام قبل التناول موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو ؟ 32- هل تناول جسد ودم المسيح موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو ؟ وأن العشاء الرباني دليلاً على التناول كل يوم أحد أو جمعة بهذه الكيفية ؟! 33- هل لبس الكهنوت واللحية موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو ؟ 34- هل الصوم بالزيت موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو ؟ 35- هل عماد الأطفال موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو ؟ 36- هل تكريس حياة المسيحي للرب ( الرهبنة ) موجود في الكتاب المقدس ؟ وأين هو؟ 37- هل الخمر محرم في المسيحية تحريماً باتاً ؟ وما دليلك من الكتاب المقدس؟ 38- هل الربا محرم في المسيحية؟ وما هو تعريف الربا لديكم في الكتاب المقدس ؟ 39- ما هي كيفية غسل وتكفين الميت وكيفية الصلاة عليه ؟!!! وهل هي مستمدة من الكتاب المقدس ؟ أم أنها من التقليد الكنسي ؟!!! 40- مطلوب توضيح لاختلاف أنساب المسيح رغم أن المسيح ليس له نسب.. متّى إصحاح (1) فقرة (1) ولوقا إصحاح (3) فقرة (23) ؟ 41- من المعلوم لديكم أن الكتاب المقدس هو كلام الله فهل الكتاب المقدس (قديم أو مخلوق) ؟!!! 42- من المترجم من اللغة اليونانية إلى العبرية ؟ أو إلى اللغات الأخرى ؟ وأن المخطوطة اليونانية. 43- من المعروف أن المسيح في إنجيل متى إصحاح (4) فقرة (2) صام

غير معرف يقول...

(((((((((((((((((((((((أسئلة عن ألوهية المسيح تنتظر الإجابة((((((((((((((((((((((((((((((((((



هذه مجموعة من الاسئلة أوجهها لزملائي المسيحيين المؤمنين بأن المسيح - عليه السلام - هو إله :

السؤال الأول : لو تخيل أحدكم انه كان يساعد مريم عليها السلام أثناء الوضع قبل 2000 عام في مذود للبقر ، كما في إنجيل لوقا 2 : 7 ، أكان يتخيل للحظة ان ذلك المولود الصغير النازل من فرجها هو رب العالمين؟!

السؤال الثاني : تدعون ان الله نزل وعاش على الارض بينما كتابكم يقول : " لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟ ". ملوك الأول 8 : 27 ويقول أيضاً : " فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ وَاغْفِرْ .. " ملوك الأول 8 : 39 ( ترجمة فاندايك )

السؤال الثالث : تقولون ان الله غير محدود .. فكيف احتواه بطن العذراء مريم؟ وكيف خرج من فرجها متجسداً على هذه الأرض التي نسبتها إلى سائر ملكه أقل من نسبة الذرة إليها؟ ( تعالى عما يصفون ) ثم إذا كانت مريم عليها السلام حاملة للخطية الأصلية ( الجدية ) بحسب عقيدة الأرثوذكس، وخاضعة للموت كما يخضع سائر البشر، فكيف يمكن لله كلي القداسة أن يحل بطبيعة إنسانية خاطئة محكوم عليها بالموت؟!

السؤال الرابع : تحكي اناجيلكم أنه تمت محاكمة يسوع أمام رئيس الكهنة وأمام الوالى بيلاطس وأمام هيرودس بينما نفاجىء بأن الرب يقول في سفر إرميا : " لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟ " إرمياء 49 : 19 ( ترجمة فاندايك ) فمن نصدق ؟

السؤال الخامس : كيف يكون المسيح إله والانجيل بحسب لوقا 22 : 43 يخبرنا أن ملاكاً ظهر له من السماء ليقويه؟ " وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ ، وَتَبِعَهُ أَيْضاً تَلاَمِيذُهُ.وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى قَائِلاً: يَا أَبَتَاهُ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ ". ( ترجمة فاندايك )

والآن أليس يسوع المسيح كما تقولون هو ابن الله المتجسد على الأرض فما حاجته لملاك مخلوق من السماء ليقويه؟! أم ان هذا الملاك لا يعلم شيئاً عن لاهوت المسيح ؟

السؤال السادس : في سفر الخروج 33 : 20 الرب يقول لموسى : " لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ ". فإذا كان الانسان لا يستطيع أن يرى الله ويعيش فكيف الحال إذا ادعى مدع ان الله حل بإنسان اسمه يسوع ؟

السؤال السابع : كتابكم المقدس يقول أن الله لا يتغير كما في سفر ملاخي 3 : 6 ، ويعقوب 1 : 17 ، فإذا كان الرب لا يتغير فكيف آمنتم بأنه صار انساناً وأخلى نفسه كما يقول بولس ؟!

السؤال الثامن : كتابكم المقدس أوضح بأن الاعتراف بأن إنسانا هو الله يعتبر تجديفا وكفراً [ تثنية 13 : 6_10 ] وهذا الإيضاح كان قبل مجيء المسيح.

السؤال التاسع : من المعلوم ان الله جل جلاله كامل منزه عن النقائص ومن المعلوم ان اللوازم الباطلة محالة في حق الله الكامل ، فالله مثلاً لا يكذب ولا يظلم ولا ينام ولا ينسى ولا يندم ولا يموت .. الخ والمسيحيون يقرون بأن قداسة الله مطلقة وغير محدوده و ان أي خطية لا يمكن أن تظهر في محضره باعتبار مقامه الالهي السامي وقداسته وجلاله . فكيف إذن آمنتم بتجسده وتعليقه على الصليب وتحمله الآم الصليب . فأي خطايا أعظم من هذه في حق مقام الاله السامي وقداسته وجلاله ؟

السؤال العاشر : يذكر كاتب إنجيل متى في الإصحاح الرابع من إنجيله ابتداء من الفقرة الأولى حكاية تجربة إبليس للمسيح والتي جاء فيها : " ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَكْتُوبٌ أَيْضاً: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضاً إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً ، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا ".

لاحظ أخي القارئ عبارة : " ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ ". ثم لاحظ كلمة " أَوْقَفَهُ " ، ثم لاحظ عبارة : " ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضاً إِبْلِيسُ ". ثم لاحظ كلمة : " وَأَرَاهُ ".

بلا شك أن إبليس كان متسلطاً على يسوع حيث كان يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له!

ونحن نسأل : كيف يقبل عاقل سلمت فطرته على اعتقاد أن رب السموات والأرض كان في جسد المسيح وكان هذا الجسد بهذه الحالة مع إبليس؟! أليس معنى هذا أن الإله الخالق الحال في الجسد قد سحبه الشيطان ، وردده وجرت عليه أحكامه بالتبعية!

وقد كتب متى في [ 4 : 8 ] : ان إبليس أخذ المسيح إلي قمة جبل عال جداً ، وأراه جميع ممالك العالم ، وقال له : " أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي ". ( ترجمة فاندايك )

فكيف يطمع إبليس في أن يسجد له وأن يخضع له من فيه روح اللاهوت . . . ؟! ومن العجب أن الشيطان لا يبقى ويثبت مع وجود الملائكة والقديسين ، فكيف يطمع ويثبت فيمن يعتقد ربوبيته وأنه صورة الله ؟

السؤال الحادي عشر : هل قال المسيح لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل ؟ نطالب المسيحيين بالأدلة النقلية من الكتاب المقدس على لسان المسيح التي تثبت ذلك .

وإذا كان المسيح إنسان كامل فهل يعني هذا انه يشتهي النساء كأي إنسان كامل وان قضيبه الذكري ينتصب كأي إنسان كامل ؟! ثم اذا كان الناسوت واللاهوت هو ركيزة أساسية في المسيحية وسبب من أسباب الانقسام والحروب والاضطهاد والكراهية بين النصارى. فماذا قال المسيح عنها؟ كيف شرحها لهم؟
وإذا كان هذا من البدع التي ابتدعوها بعد السيد المسيح عليه السلام فكيف يكون أساس الدين وأكثر الأمور جدالا حولها لم يشرعه الله ولم يتكلم عنها المسيح؟

ثم اذا كان كلامكم صحيح بأن المسيح ناسوت ولاهوت فلماذا تعبدون إذن الصورة البشريه للمسيح ( الناسوت ) وتسجدون لها في كنائسكم ؟ الم يكن من الأولى أن تعبدوا اللاهوت الذي لا تعرفون شكله ؟! لأن المسيح برأسه ويديه وشعره ورجليه هو ناسوت كما تقولون وأنتم تسجدون لهذا الناسوت.

وأخيرا فإن مبدأ اللاهوت والناسوت يمكن تطبيقه على معظم أنبياء الكتاب المقدس ، فنستطيع أن نقول مثلا أن النبي ( اليشع ) في سفر الملوك الثاني [ 4 : 1 ، 7 ] صنع معجزة تكثير الزيت بلاهوته ، بينما كان ينام ويأكل بناسوته و الذي يقرأ هذه المعجزة سيجد أن النبي ( أليشع ) لم يرد في خبرها أنه رفع نظره نحو السماء ، ولا أنه بارك وشكر الله كما فعل المسيح في متى 14 : 19. وعندما شق إيليا البحر بحسب ملوك الثاني [ 2 : 7 ، 8 ] كان ذلك بلاهوته وبقية افعاله كانت بناسوته !!

السؤال الثاني عشر : في يوحنا [ 11 : 41 ] المسيح قام بأفعال تنافي الالوهية منها : قيامه برفع عينيه إلى السماء ودعائه لله سبحانه وتعالى لكي يستجيب له في تحقيق معجزة إحياء العازر …. " وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ". ( ترجمة الحياة )

فلمن كان يتوجه ببصره إلي السماء إذا كان الأب حال فيه ؟

ثم تأمل في قوله : " لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ". فالهدف من عمل هذه المعجزة هي أن يعلم الجميع أن المسيح رسول الله وقد كانت الجموع حوله تنتظر هذه المعجزة وأن كل ما طلبه المسيح هو أن يشهدوا له بالرسالة فقط .

نفس الفعل تكرر منه بحسب متى [ 14 : 19 ] إذ يقول : " فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ . ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ .. فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا ". ( ترجمة فاندايك )

لماذا رفع المسيح نظره إلى السماء ؟ ولمن يتجه ويطلب إذا كان الآب متحداً به ؟! أم أن المسألة واضحة وهي أنه كان يدعو خالق السموات والأرض ليمنحه القوة على تحقيق المعجزة ؟

السؤال الثالث عشر : كتب لوقا عن المسيح في [ 6 : 12 ] ما نصه : " وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ ".

الامر هنا واضح إذ ان الرب لا يمكنه ان يصلي لنفسه طوال الليل كله منفردأ . وحتى الان ، ما زال المسيح يصلي لله من أجل المؤمنين . الرسالة الى اهل رومية [ 8 : 26 ، 27 ] .

السؤال الرابع عشر : كتب لوقا في [ 3 : 23 ] ما نصه : " وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً ".

إن المسيح كما يذكر النص لما بدأ دعوته كان عمره ثلاثين سنة والسؤال الذي يطرح نفسه هو أنه إذا كان المسيح هو رب العالمين المتجسد فماذا كان يفعل الإله رب العالمين قبل تلك الفترة وطوال الثلاثين سنة ؟! هل كان يتمشى في شوارع القدس ؟!

السؤال الخامس عشر : كتب متى في [ 3 : 13 ] ما نصه :

" حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ! فَأَجابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: اسْمَحِ الآنَ ، لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ. حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ ، فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ ". ( ترجمة فاندايك )

من البديهي أنه لو كان المسيح هو الله نفسه الذي تجسد و نزل لعـالم الدنيا ـ كما يدعون ـ لكـانت رسالته مبتدئة منذ ولادتـه، و لكان روح القدس ملازما له باعتباره جزء اللاهوت الذي لا يتجزأ ـ كما يدعون ـ، و لما احتاج إلى من ينزل عليه بالوحي أو الرسالة، ولم يكن هناك أي معنى أصلا لابتداء بعثته بهبوط روح القدس عليه و ابتداء هبوط الملائكة صاعدين نازلين بالوحي و الرسائل عندما بلغ الثلاثين من العمر واعتمد على يد يوحنا النبي! فهذا النص و النصوص الأخرى التي تبين كيفية بدء البعثة النبوية للمسيح، لأكبر و أوضح دليل ـ عند ذوي التجرد و الإنصاف ـ على بشرية المسيح المحضة و عدم ألوهيته و أنه ليس الله المتجسد بل عبدٌ رسولٌ و نبيٌّ مبعوثٌ برسالة من الله كسائر الأنبياء و الرسل و حسب.

ولنقرأ ما كتبه لوقا في [ 3 : 21 ] عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه :

" وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ ، بِكَ سُرِرْتُ " .

و نحن نسأل أصحاب التثليث : أليس هذا النص أوضح دليل على نفي ألوهية المسيح ونفي التثليث ؟

فأولاً : لو كان المسيح إلـها متجسدا لما احتاج لروح القدس ليهبط عليه !

ثانياً : لو كان التثليث حقا لكان المسيح متحدا دائما و أزلا مع روح القدس، لأن الثلاثة واحد فما احتاج أن يهبط عليه كحمامة!

وكيف ينادي الله عند اعتماد المسيح و ابتداء بعثته قائلاً : ( هذا ابني الحبيب )، مع انه من المفروض أن اللاهوت متحد به من البداية و لأن الله لا يمكن أن تنفصل عنه إحدى صفاته .

ثالثاً : أليس ما كتبه متى ولوقا يبطل زعمكم أن الثلاثة واحـد فالروح القدس منفصل عن الذات وهو نازل بين السماء والارض والابن صاعد من الماء !

السؤال السادس عشر : جاء في إنجيل متى [ 4 : 6 ] أن الشيطان بعدما أخذ المسيح إلي المدينة المقدسة وأوقفه على حافة سطح الهيكل قال له : " إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَكْتُوبٌ أَيْضاً: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ ". ( ترجمة فاندايك )

في هذا النص اقرار من المسيح للشيطان بأنه قد كتب عنه في العهد القديم أن الله يوصي ملائكته به ليحملونه ويحفظونه ونجد ان هذا ثابت بالمزمور الواحد والتسعين .

والآن إذا كان المسيح هو رب العالمين وأن الأب متحد معه وحال فيه فكيف يوصي الله ملائكته به لكي يحفظونه؟

هل رب العالمين الذي ظهر في الجسد بحاجة إلي ملائكة تكون حفظاً وحماية له ؟!!

أليس هذا دليل من الأدلة الدالة على فساد معتقد المسيحيين في ألوهية المسيح ابن مريم عليه السلام ؟

ثم ان ما حكته الأناجيل من أن اليهود عذبوا المسيح فبصقوا في وجهه وضربوه ولكموه وجلدوه هو أمر يناقض وصية الله لملائكته بأن يحفظوا المسيح. فتأمل !!

السؤال السابع عشر : جاء في انجيل مرقس [ 1 : 12 ، 13 ] : أن المسيح تم اربعين يوماً يجرب من الشيطان يقول النص : " وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُه " . ( ترجمة فاندايك )

إذا كان المسيح هو رب العالمين حسبما يعتقد المسيحيون فهل يعقل أو يتصور أن الشيطان الرجيم تسلط على رب العالمين طوال أربعين يوماً ؟‍‍‍!!

قد يقول المسيحيون حسبما يعتقدون في لاهوت وناسوت المسيح بإن الشيطان جربه كإنسان ولم يجربه كإله ، فنقول ان النص الوارد في متى [ 4 : 3 ] يثبت حسب اعتقادكم أن الشيطان جربه كإله ، يقول النص : " فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً ". ولم يقل له ان كنت ابن الإنسان !

السؤال الثامن عشر : جاء في إنجيل متى 7 : 11 قول المسيح : " أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ ". ويقول أيضاً في 12 : 50 من إنجيل متى : " لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي ". وجاء أيضاً في إنجيل متى 16 : 17 قول المسيح لبطرس : " طُوبَى لَكَ يَاسِمْعَانَ فَمَا أَعْلَنَ لَكَ هَذَا لَحْمٌ وَدَمٌ، بَلْ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ".

تأمل عزيزي القارى في كلام المسيح لسمعان فإنه لم يقل له طوبى لك فإنني أنا الذي أعلنت لك هذا أو الآب المتجسد هو أعلن لك هذا وإنما قال له : " أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ " هو أعلن لك هذا !

وقد صرح المسيح مراراً وتكراراً من خلال النصوص السابقة بأن الأب موجود في السموات ، والسؤال الذي نوجهه للمسيحين هـو :

كيف يصرح المسيح بأن الأب موجود في السماء مع أنكم تدعون أن الأب متجسد فيه ومتحد معه ؟

فلو كان الأب متحد معه وهو صورة هذا الآب لأمتنع أن يشير إليه في السماء !

وبمعنى آخر لو كان المسيح هو الإله ، لامتنع أن يشير إلى إله آخر في السموات .

وإذا قلتم أن اقنوم الابن يشير إلى اقنوم الأب ، نقول لكم ان هذا يمنع الوحدة ما بين الاقانيم المزعومة ويؤكد انفصالها واستقلالها . .

السؤال التاسع عشر : يقول كاتب سفر التثنية 13 : 1 - 3 " : إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلماً وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً وَلوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ التِي كَلمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الحَالِمِ ذَلِكَ الحُلمَ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلمَ هَل تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ " . ( ترجمة فاندايك )

ما يهمني في النص انه يدعو إلي عدم الذهاب وراء آلهه لم اعرفها واعبدها ، وهذا التحذير قيل لبني اسرائيل قبل مجيىء المسيح - عليه السلام - بمئات السنين ، فكيف يمكن دعوة بني اسرائيل لعبادة المسيح - والعياذ بالله - ولديهم نص ينهاهم عن الذهاب وراء آلهه لم يعرفوها ويعبدوها ؟

ستقول الكنيسة ان المسيح في العهد الجديد هو نفسه إله اليهود فسأقول : وهل عرف اليهود المسيح وعبدوه قبل ان يأتي ؟ أم ان دعوة عبادة المسيح هي جديدة عليهم ؟ هل عرف اليهود عبادة الثالوث أم انها دعوة جديدة عليهم ؟

لا شك ان الشعب اليهودي لم يعتقد أبداً بالتثليث ولم يعرف شيئاً عن عبادة المسيح ... فالكنيسة إذن تدعو الى عبادة إله لم يعرفه اليهود ولا أي مؤمن بالله في ذلك الوقت ...

ان الكنيسة تدعو إلى أمر يصطدم بشدة مع وصية الرب لليهود بأن لا يذهبوا وراء آلهة أخرى لم يعرفوها ويعبدوها ... وبالتالي يجب على كل مسيحي ألا يسمع لكلام الكنيسة مرددا قول الرب : وَلوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ التِي كَلمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ..

السؤال العشرون : جاء في مرقس [ 13 : 32 ] أن المسيح بعدما سئل عن موعد الساعة قال : " وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، لاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ، إِلاَّ الآبُ ".

ونحن نسأل :

إذا كان الإبن هو الاقنوم الثاني من الثالوث حسبما يعتقد المسيحيون فكيف ينفي الابن عن نفسه العلم بموعد الساعة ويثبته للأب فقط ؟! ولا يصح أن يقال ان هذا من جهة ناسوته لأن النفي جاء عن الابن مطلقاً واثبت العلم بالموعد للأب فقط . وان تخصيص العلم بموعد الساعة للأب فقط هو دليل على بطلان ألوهية الروح القدس . وأن لا مساواة بين الاقانيم المزعومة .

يقول القمص تادرس يعقوب ملطي :

قبل أن يختم حديثه بالدعوة للسهر أراد أن يوجه أنظار تلاميذه إلى عدم الانشغال بمعرفة الأزمنة والأوقات، إنما بالاستعداد بالسهر المستمر وترقب مجيئه، لهذا قال : "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب ".

وللرد عليه نقول :

لا يحق لك أيها القمص الفاضل ان تتهم المسيح بالكذب .. من أجل ماذا ؟؟ حتى لا يشتغل تلاميذه بالأوقات ؟؟

هل عندما أوجهك إلى عدم الاشتغال بشيء أكذب عليك وأقول لا أعرفه ؟ أم أن الأصح أقول لك لا تشتغل به لأنك لن تعرفه !

عندما سأل أحدهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : متى الساعة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم - : وماذا أعددت لها ؟ دون أن يلجأ إلى الكذب لصرف الرجل إلى الأهم وهو الإعداد لها .

يقول الأب ثيؤفلاكتيوس : [ لو قال لهم أنني أعرف الساعة لكنني لا أعلنها لكم لأحزنهم إلى وقت ليس بقليل لكنه بحكمة منعهم من التساؤل في هذا الأمر.]

لقد أبرز هذا التفسير أن الابن منفصل عن الآب ... إذ أن المسيح كما يقول الأب ثيؤفلاكتيوس لم يعلن أنه يعرف الساعة حتى لا يحزن من معه ، ولكن يجب ان ننتبه ، لو كان المسيح هو الله ولو كان هو والآب واحد فعلاً ، لكانت فكرة أنه لن يقول لهم لكي لا يحزنوا فكرة ساقطة لأنه قال لهم بعدها أن الآب يعلمها وسيستنتجون أنه هو يعلمها وسيحزنون قطعاً ، لكن هذا لم يحدث ، إذ لو كان التلاميذ يصدقون أنه والآب واحد أي أنه يعلمها لحزنوا بأي حال من الأحوال ولأصبحت محاولة المسيح - وحاشاه - فاشلة ، لكنهم لم يحزنوا ، لأنهم قد فهموا معنى قوله أنا والآب واحد فهماً صحيحاً ولقد قبلوا الحقيقة الوحيدة أنه لا يعلم لأنه ليس الأب...

السؤال الحادي والعشرون : هل الابن مساوي للآب ؟

كتب يوحنا في [ 3 : 35 ] : " اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ ".

كيف يمكن أن يكون الابن إله أزلي مساوي للآب في كل شيء والآب هو الذي دفع بيد الابن كل شيء؟

وجاء في يوحنا 5 : 19 : " فَأًَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ : الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ .. ". ( ترجمة فاندايك )

وهنا نجد ان الابن لا يقدر ان يعمل من نفسه شيئاً بل ان الآب هو الذي أعطاه ويريه الاعمال العجيبة...

وفي يوحنا 5 : 26 : " لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ ".

أي معنى في إعطاء الابن والمفترض هو الله مالك كل شىء ؟

وفي رسالة بطرس الثانية 1 : 17 : " لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهَذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ ". ( ترجمة فاندايك )

هنا نجد بأن مجد الابن وكرامته من عند الآب وليس من ذاته!

وفي رسالة فيلبي 2 : 9 : " لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ ". ( ترجمة فاندايك )

وهنا نجد الله هو الذى رفع شأن الابن وأعطاه الكرامة لكي تجثو باسمه كل ركبه .. إذن الله هو صاحب الفضل الحقيقي .

وكتب بولس في الرسالة الأولى لكورنثوس 15 : 28 : " وَعِنْدَمَا يَتِمُّ إِخْضَاعُ كُلُّ شَيْءٍ لِلابْنِ، فَإِنَّ الابْنَ نَفْسَهُ سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ اللهُ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ! ".

لقد بين بولس أن المسيح سيخضع في النهاية لله، و هذا بحد ذاته من أوضح الأدلة على عدم ألوهية المسيح لأن الإلـه لا يخضع لأحد، كما أن في قوله: " فَإِنَّ الابْنَ نَفْسَهُ سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ " ، دلالة أخرى على عدم ألوهية المسيح لأن مفاد هذه الجملة أن الله تعالى هو الذي كان قد أخضع للمسيح كل شيء، مما يعني أن المسيح لم يكن يستطع، بذاته و مستقلا عن الله، أن يسخر و يخضع الأشياء. فهل مثل هذا يكون إلـها ؟!!

السؤال الثاني والعشرون : قال بولس عن يسوع المسيح في رسالته إلى العبرانيين [ 1 : 4 ] : " بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، صَائِراً أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْماً أَفْضَلَ مِنْهُمْ ".

أليس في قول بولس أن المسيح صار أعظم من الملائكة دليل على أن المسيح لم يكن أعظم منهم ثم صار أعظم منهم ؟ فلو كان يسوع المسيح هو الله ، فكيف يصير أعظم من الملائكة ؟

السؤال الثالث والعشرون : كتب لوقا في [4 : 16 - 19 ] : ما نصه :" وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوباً فِيهِ: رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ. . ." ( ترجمة فاندايك )

فإذا كانت هذه النبوءة التي جاءت على لسان النبي إشعياء هي نبوءة عن المسيح فإنها تقول (( رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ )) أي وحي الله وأنه لم يقل روح الرب هي ذاتي أو أقنومي أو جزئي أو نفسي ... فما تفسيركم لهذا ؟

وقد ورد في الكتاب المقدس أن روح الرب حلت على ألداد وميداد كما في سفر العدد [ 11 : 26 ] وعلى صموئيل كما في الاصحاح العاشر الفقره السادسة من سفر صموئيل . وقد قالها النبي حزقيال عن نفسه في سفره كما في الاصحاح الحادي عشر الفقرة الخامسة يقول حزقيال : " وحل عَلَيَّ رُوحُ الرَّبِّ " .

ثم ان قوله : " أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ . . . " هو دليل على انه نبي مرسل وليس هو الرب النازل إلي البشر تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

السؤال الرابع والعشرون : هل احياء المسيح للموتى دليل على لاهوته ؟

جاء في إنجيل لوقا [ 7 : 16 ] ان المسيح بعدما أحيا الميت الذي هو ابن وحيد لإمرأة أرملة حدث ان جميع الناس الحاضرين مجدوا الله قائلين : " قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ ، وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ وَخَرَجَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ ".

فالمسيح هنا بعد أن أحيا الميت استطاع جميع الحاضرين أن يفرقوا بين الله وبين المسيح فمجدوا الله وشهدوا للمسيح بالنبوة وشكروا الله إذ أرسل في بني اسرائيل نبياً ، ويسمون انفسهم شعب الله إذ أن الله ( تفقده ) أي اهتم به ، وتأمل - أخي القارىء - كيف أن المسيح أقرهم على هذا القول ولم ينكره عليهم وتأمل كيف ذاع ذلك في كل مكان .

وفي حادثة أخرى وهي عندما أراد المسيح أن يقيم العازر من الموت وكانت الجموع واقفة حوله ، كما في يوحنا 11 : 41 ، نجد الآتي :

" وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ". ( ترجمة الحياة )

ان غاية ما كان يريده المسيح من هذه الجموع بعد أن يقيم ألعازر من الموت هو أن يشهدوا له بالرسالة فقط أي أنه رسول من عند الله كباقي الرسل : " لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي " .

فهل بعد هذا يمكن لعاقل أن يتخذ من قيام المسيح بإحياء الموتى دليلاً على ألوهيته ؟

السؤال الخامس والعشرون : يقول بولس عن الله سبحانه : " الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ. " ( تيموثاوس الاولى 6 : 16 )

يقول النص عن الله : ( لاَ يُدْنَى مِنْهُ ) إذن فمن الذي كان يمشي بين الناس في شوارع القدس ؟

ويقول النص عن الله : ( الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ ) فأين كانت كرامته عندما بصقوا فى وجهه، وعندما سخروا منه، وعندما لكموه؟ بل أين كان قدسيته عندما غلبه يعقوب فى المصارعة التى تمت بينهما، وقبض يعقوب على رجليه ولم يتركه حتى باركه كما في سفر التكوين ؟ هكذا تُمارس البلطجة على الإله؟ الذي له الكرامة والقدرة الأبدية ؟ " فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: ((تَنَبَّأْ)). وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ ". مرقس 14 : 65 " و " وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. " مرقس 15: 19-20

السؤال السادس والعشرون : نسب كاتب انجيل يوحنا 20 : 18 للمسيح قوله : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

هل تعلم ما معنى هذا صديقى المسيحى الباحث عن الحق؟
معناه ان كل تعاليم المسيح كانت واضحة وفي العلن و ليس هناك أسرار ... والآن وبناء على كلام المسيح السابق فإنني أسال الآتي :

1 . أين قال يسوع أنا الله ؟؟ أين قالها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

2 . أين طلب يسوع العبادة ؟؟ أين طلبها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

3 . أين قال يسوع أنا الله الظاهر فى الجسد ؟؟ أين قالها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )

4 . أين قال يسوع أنا جئت من أجل الخطية الأصليه ؟؟ والتى هى أساس عقيدة التجسد و الفداء : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ ". ( ترجمة فاندايك )

5 . أين قال يسوع أنا الله الأقنوم الثانى ؟؟ أين قالها بفمه : " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَي لسلام عليكم تحية طيبة وبعد

الرد على أن المسيح يعلم متى قيام الساعة

اولا ان الانجيل يثبت أن المسيح لا يعلم متى قيام الساعة بدليل قوله فى

انجيل مرقصMk-13-32 واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن الا الآب

حسنا أذا كان الابن لا يعلم متى تقوم الساعة ولا الملائكة المقربين فكيف يقول النصارى اليوم أو مسيحيين اليوم أن المسيح يعلم؟
فهذا تكذيب لقول المسيح نفسة فى انجيل مرقص المسيح نفى علمه والمسيحيين اليوم يقولون لا بل هو يعلم يا ترى من الصادق مسيحيين اليوم ام انجيلهم؟

الوحيد الذي يعلم موعد قيام الساعة هو الله وحده. وهذا يهدم دعوى النصارى بالثالوث، إذ يزعمون أن عيسى هو ابن الله. فكيف يكون كذلك إذا كان عيسى لا يعلم وأن الله وحده هو الذي يعلم ؟ كما أن التثليث النصراني يعني أن كل أقنوم في الثالوث (الآب والابن والروح القدس) هو الله، فإذا كان ثاني الثالوث (ابن الله) لا يعلم بإقراره هو، فكيف يكون عيسى ما يزعمون؟!! هو يقول لا أعلم، وهم يقولون بل أنت تعلم!!! عجيب أمرهم!!!

حسنا لنتوقف قليلا مع كلام مسيحيين اليوم وادلتهم والله أعلم يستدلون بقول الله فى الاية الكريمة فى سورة الزخرف

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (الزخرف 61)

تفسير ابن كثير

قوله سبحانه وتعالى ” وإنه لعلم للساعة ” تقدم تفسير ابن إسحاق أن المراد من ذلك ما بعث به عيسى عليه الصلاة والسلام من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من الأسقام وفي هذا نظر وأبعد منه ما حكاه قتادة عن الحسن البصري وسعيد بن جبير أن الضمير في وإنه عائد على القرآن بل الصحيح أنه

عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام فإن السياق في ذكره ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال تبارك وتعالى ” وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ”

أي قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام ” ثم يوم القيامة يكون عليهم شهيدا ” ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى

” وإنه لعلم للساعة ” أي أمارة ودليل على وقوع الساعة

قال مجاهد ” وإنه لعلم للساعة ” أي آية للساعة خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم وقد تواترت الأحاديث عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا . وقوله تعالى ” فلا تمترن بها ” أي لا تشكوا فيها إنها واقعة وكائنة لا محالة ” واتبعون ” أي فيما أخبركم به .

حسما الاستدلال بالاية دليل ضدهم لا عليهم للأسباب التالية
اولا عيسى لا يعلم الساعة ولكنه أمارة للساعة اى علامة لقرب وقوعها وهى من العلامات الكبرى

ثانيا كتابهم ينفى يسوع نفسه علمه بالساعة فكيف يكذب النصارى كتابهم ويستدلون بكتبنا وينفون قول المسيح نفسه لديهم فى مرقص كما اوردنا فى اول كلامنا؟

ثالثا
ان المسيحيين ربما استدلو ومنهم هذا القس الذى كان يتحدث فربما اور ان عيسى عليه السلام ياتى فى اخر الزمان ويحكم ويسود ولكنه لربما نسى الحديث التالى ان عيسى عليه السلام يهلك كل الملل والنحل والاديان ويبقى الاسلام يحكم به والدليل

الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، و دينهم واحد، و أنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه [ ليس بيني و بينه نبي، و إنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع، إلى الحمرة و البياض، بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر، و إن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس ع لى الإسلام، فيدق الصليب، و يقتل الخنزير، و يضع الجزية، و يهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، و يهلك الله المسيح الدجال، [وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، و النمار مع البقر، و الذئاب مع الغنم، و يلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ]، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون
خلاصة درجة الحديث : صحيح
المحدث : الألباني
المصدر : السلسلة الصحيحة
الرقم/ الصفحة : 2182

وبعدما اوردت الادلة القاطعة بذلك هناك الاية الكريمة التى يظنها النصارى تختص بعيسى بقوله تعالى وانه لعلم للساعة

حسنا كيف نطابق بها ومع قوله تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” لقمان / 34

حسنا سوف يقولون أن الله يعلم الغيب وعيسى يعلم الغيب بدلالة الاية التى تقول وأنه لعلم للساعة

نقول وبالله الحمد والمنة استلالكم باطل وذلك لأنه العلم بالساعة يحتاج علم وليس معرفة وقت مثلا فيقدر الشخص ان يقول انا اعرف فلان ربما يكون قد سمع عنه ولكن لو سألناه ما مدى علمك به سوف تراه يقول الله \اعلم

ففرق بين معرفة الشىء والعلم به لذلك الطالب يقول العالم انشتاين مثلا قد نعرف نظرياته ولكن لا نعلم علمه مثلا ونقول العالم او العلامة الالبانى ولكننا نسمى طلبة علم لو تدارسنا كتبه فمرحلته التى هو عليها كان رحمه الله يصلها العلماء وليس العوام فنفرق بين عالم وعارف كما نقول ايضا عالم الفيزياء عالم الكيمياء وهناك مدرس فيزياء ولكن لا يطلق عليه عالم لانه لم يصل لتلك المرحلة

العلم بالشىء الاحاطة به من كل جوانبه

فالمسيح عليه السلام بشهادة الانجيل لم يكن يعلم متى قيام الساعة فكيف له بالحكم على موعدها ؟

حسنا اليكم دليل آخر لمن اراد التوسع بالبحث هذا

Mk:11:13: 13 فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء اليها لم يجد شيئا الا ورقا.لانه لم يكن وقت التين. (SVD)

لعله يجد؟
كيف لعله يجد هذا ما ذكره مرقص فى انجيله ان يسوع لم يكن يعلم موسم انبات الشجرة

وهذا هو النص بالحادثة

. 12 وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع.13 فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء اليها لم يجد شيئا الا ورقا.لانه لم يكن وقت التين. 14 فاجاب يسوع وقال لها لا يأكل احد منك ثمرا بعد الى الابد.وكان تلاميذه يسمعون

التعليق:
تخيلو يا أخوة يسوع يعلم موعد الساعة ولا يعلم موسم ووقت التين فكيف يكون عالما بموعد قدوم الساعة

فجزاء ذلك غضب ولعن الشجرة التى لا حول لها ولا قوة وهى مسخرة بسبب جوعه نعم كما يقول المثل الجوع كافر

وبعد هذا الشرح يا اخوتى اطرحو على المسيحيين السؤال التالى

اولا هل يعلم يسوع الساعة ومتى قيامها؟ واين الدليل من الانجيل؟ الانجيل ينفى ذلك عن المسيح

ثانيا ان الذى لا يملك ولا يعلم موعد الحصاد فكيف سوف يحصد اعمال العباد؟

والله الموفق واعتذر على الاطالةْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ " . ( ترجمة فاندايك )