١٨‏/٠٣‏/٢٠٠٩

علاقة حرامي العلقة بالكنيسة المصرية

القمص المشلوح زكريا بطرس المعروف لقباً باسم حرامي العلقة نظراً لسرقته كلمة علقة من القرآن الكريم ونسبتها للمزمور 139 من مزامير العهد القديم وهي غير موجودة في كل الكتاب المقدس من أوله لآخره ، لم تكن فضائحه أثناء وجوده في مصر أو حتى بعد رحيله من مصر مشرفاً على أحد الكنائس المصرية في استراليا ثم في انجلترا خافية على أحد ، زكريا بطرس تمتع على مدار تاريخه الكنسي في مصر وخارج مصر بحصانة خاصة من البابا شنودة ، حتى بعد عزل بطرس من العمل في الكنائس المصرية لم تنقطع علاقته بشنودة باعتراف بطرس نفسه وعدم نفي شنودة لزيارة بطرس التي أعلن عنها بطرس وهذه الزيارة كانت العام الماضي لشنودة في مستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية أثناء تلقي شنودة العلاج فيها ، وكل هذا موجود وموثق في الخطاب الذي أرسله بطرس للأستاذ الفاضل محمود سلطان رئيس تحرير المصريون ونشره الأستاذ سلطان في وقته بالطبع لم تنف الكنيسة المصرية تصريحات بطرس ولم يكذبه وقتها شنودة . ومع ذلك أنا أرى أن علاقة بطرس بالكنيسة المصرية علاقة تثير الجدل ، هو على علاقة جيدة بالرجل الأول فيها شنودة ، وعلى علاقة سيئة للغاية بالرجل الثاني وهو الأنبا بيشوي . نبدأ الحكاية من الأوليقول بطرس حرامي العلقة أن بعض المسلمين قتلوا أخوه في الستينات ..والحقيقة يا سادة أن جناب القمص كالعادة كذاب مدلس فقد تجرأ على الله تبارك وتعالى بسبه وتجرأ على خير خلق الله بسبه ، ألا يكذب ويدلس في أمر أخيه ، موضوع أخيه تعرفه جيداً الكنيسة المصرية و أنا صراحة أتعجب لماذا لم تبح به الكنيسة المصرية حتى الآن ، فالكنيسة تعلم تمام المعرفة أن من قتلوا أخاه ثلاثة ، اثنان منهم من المسيحيين ، بل أن احدهما شماس وأنهم أشركوا معهم أحد فقراء البلدة من الدراويش المعروف عنه الجنون . وهو غير معروف الملة حتى الآن لاختفائه حينها لتحميله مسؤولية جريمة القتل حال كشفها، وأنهم أقدموا على فعلتهم تلك لغسل العار لاكتشافهم ان شقيق هذا القس كانت له علاقة مع زوجة الشماس ، وان أقباط القرية بالكامل يعلمون التفاصيل . بطرس لم يقل أن أخاه يستحق القتل بسبب غدره وخيانته ولكنه بدأ يسب ويشتم في كل ما هو إسلامي داخل كنيسته في مصر ، فتم إيقافه من الكنيسة المصرية مرتين المرة الأولى عام 1969 وعاد بعدها والمرة الثانية عام 1978 وعاد بعدها بتسع سنوات أيضاً وفي كلا المرتين كانت عودته بتوصية خاصة وتدخل من البابا شنودة بنفسه !!!! لا أعلم لماذا لم تطرده الكنيسة المصرية بعد فضائحه المتكررة في مصر ولكن الكنيسة فضلت إرساله خارج مصر بعد تأزم العلاقة بين الكنيسة والدولة بسبب إعلانه التنصير علانية فضلا على سبه للإسلام وافتراءه عليه داخل كنيسته فأرسلته إلى أحد كنائسها في استراليا ليرتكب هناك فضحية أخلاقية مدوية وكما قال الأنبا بيشوي باللفظ ( بطرس كان عمل انشقاقا عنيفا قبل كده في كنيسة مار جرجس باستراليا للدرجة اللي اتدخل فيها الأمن الأسترالي، وكانت النتيجة إنه أخد شنطته ورحل ) فطلبت الكنيسة عودته إلى مصر لتقديمه لمحاكمة كنسية ، ولكن ومنعاً للفضيحة رأت أنه من الأفضل له ولها التوجه إلى انجلترا والتوقف عن العمل في استراليا.وقال بيشوي معلقاً على فترة وجود بطرس في انجلترا : جاءتنا من كنيسة إنجلترا 14 شكوى في حقه وكانت أهم نقطة في هذه الشكاوي أنه يهاجم الإسلام من علي المنبر، والخطر أنه بذلك يعرض الكنيسة والموجودين فيها للخطر .فضلاً عن أنه ضرب واحدا من رعيته بالشلوت جاب له عاهة مستديمة ومرة بعد مرة لا يتعرض بطرس لأي محاكمة كنسية ولا استدعاء كنسي في حين أن الكثير من الآباء الكهنة يخطئون أخطاء أقل بكثير جدا من بشاعات حرامي العلقة ولكنهم يتعرضوا لمحاكمة كنسية ويتم إقامة أي عقوبة عليهم . ومرة بعد مرة يتدحل شنودة للدفاع عن بطرس فقد قال بيشوي بالحرف : (فالبابا قرر ينقله، وقال لي اتصل به وقل له إن البابا يطلب منك أن تترك إنجلترا وتذهب إلي الدنمارك ، لكنه رفض وقال لي أنا عديت الستين وعاوز أطلع معاش وصحتي لا تساعدني لأخدم في دولة أخري وأنا استقريت هنا خلاص ) . رغم كل ذلك لا أعرف ما هو سر العلاقة الطيبة بين شنودة وزكريا بطرس ؟ ما الذي يجعل شنودة يتدخل شخصياً بنفسه لعودة بطرس مرتين للعمل في مصر ؟ وثلاث مرات خارج مصر ؟هل قوة العلاقة بين بطرس وشنودة تسمح بأن يزوره بطرس في مستشفى كليفلاند في أمريكا أثناء تلقي شنودة العلاج هناك ويرحب به شنودة كما وصف بطرس ؟؟طيب لو كانت علاقة شنودة ببطرس جيدة للغاية بهذه الدرجة ما سر العلاقة المنيلة والسيئة بين بطرس وبين بيشوي بيشوي لا يترك تصريحاً تأتي فيه سيرة بطرس إلا ويكيل له الشتائم وهو صراحة يستحق ، الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والرجل الثاني في الكنيسة المصرية والمرشح الأول بلا منازع لخلافة شنودة وأقوى رجل حالياً في الكنيسة المصرية أعلن أن بطرس موقوف عن الصلاة والتعليم في أي كنيسة أرثوذكسية في العالم منذ أمد بعيد لاعتناقه المذهب الخمسيني. وهو مذهب لا تعتبره الكنيسة الأرثوذكسية من المسيحية في شيء، وأقرب إلى النحلة منه إلى الديانة . بعد تقاعد بطرس تحالف مع الشيطان بالأسماء نكشفهم قريباً إن شاء الله .

هناك ١٤ تعليقًا:

غير معرف يقول...

((((((اللآخوة النصاري اللاعزاء: نحن والله نحبكم ونتمني لكم الخير الذي نحن فيه من توحيد الله الذي خلقنا وحده وهو الغني عن الشريك والولد والزوجة والروح القدس والخلق اجمعين؟؟اخوتي الاعزاء من سن 15 فما فوق ومن الحاصلين علي الشهادة الاساسية(الاعدادية) فما فوق فأنتم والله لديكم العقل والقدرة علي اتخاذ القرار الصحيح؟؟كثير منكم يحبون حل الغاز الكلمات المتقاطعة ويفرحون بتكملة حل اللغز كله وهذا تدريب جيد للعقل؟ اخوتي الاعزاء هذه بعض الاسئلة من كثير جدا جدا من اسئلة نوجهها اليكم ولكم ان توجههوها الي اي قس من اصحاب المصلحة في الاحتفاظ بالعقيدة الفاسدة؟؟اذا لم تجدوا الحل ؟ وهذا من المؤكد أرجو ممن يبتغي الهداية الي الحق ان يغتسل بالاستحمام قبل وضع رأسه علي الفراش ويدعو الله ان يهديه الي الحق ؟؟ ووالله من كان صادق النية سوف يريه الله ما تطمئن به نفسه الي الحق الذي لا مراء فيه؟؟؟؟الاخوة الاعزاء ارجو الا تعاندوا فأنتم والله علي سفينة غارقة توشك بالغوص في المحيط ""اخوتي الاعزاء انقذوا انفسكم وبنيكم من النار ومن غضب الله الملك الجبار الغفور الرحيم؟؟؟ أسئلة تبحث عن أجوبة
السؤال الأول
( التجسد) هل تجسد الله . أم أرسل أبنه الوحيد ؟
يعتقد الأرثوذكس أن الله سبحانه وتعالى قد أخذ جسد بشري وأتى بنفسه للعالم بينما نجد أن كاتب إنجيل يوحنا يقول : لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد . 3 عدد 16 و قال يوحنا في رسالته الأولى : إن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به .. يوحنا 4 عدد 9
ونحن نسأل : هل الله قد تجسد كما تزعمون وأتى بنفسه للعالم أم انه أرسل للعالم ابنه الوحيد كما تزعم النصوص؟ ومما لا شك فيه أن الراسل غير المرسل والباعث غير المبعوث . وهناك العديد من النصوص التي تنص على أن الله لم يتجسد وينزل ولكنه أرسل ابنه للعالم انظر الرسالة الأولى ليوحنا 4 عدد 14
السؤال الثاني
( الصلب والفداء ) لماذا استمرار العقوبات حتى بعد الفداء ؟
يؤمن النصارى بعدل الله وأنه إله عادل . وقد ذكر كتابهم المقدس العقاب الذي شمل آدم وحواء والحية بعد قصة السقوط وهذا العقاب قد شملهم بالآتي :
( 1 ) أوجاع الحمل والولادة لحواء . [ تكوين 4 عدد 2 ]
( 2 ) دوام العداوة بين نسل المرأة والحية
( 3 ) لعنة التربة التي يعتمد عليها الإنسان في حياته على الأرض [ تكوين 3 عدد 17 - 19 ]
( 4 ) عقوبة الرب للحية التي أغوت حواء بأن جعلها تسعى على بطنها [ تكوين 3 عدد 14 ]
والسؤال المطروح هو : بما أن الله عادل . . وقد صالحنا بصلب المسيح المزعوم . . فلماذا لم تنتهي هذه العقوبات . ؟ لماذا ما زالت الحية تسعى على بطنها ؟ لماذا ما زالت المرأة تصاب بأوجاع الحمل والولادة ؟ لماذا لم تنتهي العداوة بين نسل المرأة والحية ؟
ألستم تقولون أن الله صالحنا بموت المسيح على الصليب فلماذا ما زالت المرأة تلد بالأوجاع - لدرجة أن البعض منهن يستخدمن المخدر من شدة الألم - ولماذا عقاب الاشتياق ما زال موجوداً منها ومن الرجل ؟ ولماذا ما زال عقاب الرب للحية بأن تمشي على بطنها مستمراً ( تكوين 3 عدد 14 ) ؟؟!
أين هو عدل الله بحسب إيمانكم ؟؟ ونلاحظ أيضا أن الله أعطى عقوبة لآدم " بعرق وجهك تأكل خبزاً .. ملعونة الأرض بسببك . بالتعب تأكل منها " ( تكوين 3عدد 19،17) فإذا كانت قصة الخلاص المسيحية هي حقيقة فلماذا ما تزال هذه العقوبات قائمة ؟! أم أنها باقية للذكرى كما قال البابا شنودة في إحدى كتاباته ؟!!!
هل من عدل الله بعد أن خلصنا المسيح وصالحنا أن يُبقي هذه العقوبات ؟
السؤال 3:
( صفات الرب ) هل الله ينقض عهده أم لا ينقض عهده ؟
مزمور89 عدد 34: لا انقض عهدي ولا اغيّر ما خرج من شفتيّ. (SVD)
هذا هو الطبيعي وهذا هو المقبول في صفات الله سبحانه وتعالى أن الله ليس بناقض للعهد كما في المزمور 89 عدد 34 وهو كلام الله لداوود ولكننا نجد أن الرب نقض عهده في موضع آخر فانظر ماذا يقول في زكريا الإصحاح 11 عدد10-11
زكريا11 عدد10: فأخذت عصاي نعمة وقصفتها لانقض عهدي الذي قطعته مع كل الأسباط. (11) فنقض في ذلك اليوم وهكذا علم أذل الغنم المنتظرون لي إنها كلمة الرب. (SVD)

السؤال 4 :
( الصلب والفداء ) السبب الرئيس هو إبليس فلماذا لم يمت إبليس ؟
لقد ادعى بولس مؤسس المسيحية المحرفة بأن أجرة الخطية الموت ، فإذا كانت أجرة الخطية الموت فلماذا لم يمت إبليس المتسبب الرئيسي للخطية والذي هو صاحب كل خطية في العالم ؟ نريد إجابة مقنعة بحسب عدل الله الذي تدعونه . ومع العلم أن الله إختار أن يفدي آدم أو ذرية آدم ولم يفدي إبليس مع أن إبليس كان من أبناء الله كما في سفر أيوب 1عدد 6 : وكان ذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب وجاء الشيطان ايضا في وسطهم. (SVD) وغير هذا في أيوب 2 عدد 1 وإستمرت علاقة الشيطان بالرب وتكليف الرب للشيطان بمهام كما كلفه بضرب أيوب بقرح ردئ وغيره من الأمور , مما يعني إستمرار العلاقة بين الرب والشيطان فلماذا لم يعاقبه الله كما عاقب آدم ؟ أو يكفر عنه كما كفر عن آدم ؟ حقيقة نحتاج إلى إجابة .؟؟؟؟؟؟؟؟

السؤال 5 :
( الأقانيم والتثليث ) تدَّعون أن الأب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم متحدة ، فهل تعتمد هذه الأقانيم على بعضها البعض؟ وهل لكل منهم وظيفة لا يستطيع الآخر أن يقوم بها؟ فإن كانوا يعتمدون على بعضهم فليس أي منهم إله، لأن الإله لا يعتمد على غيره. وإن كانوا لا يعتمدون على بعضهم، فيكونون حينئذٍ ثلاثة آلهه وليس إلهاً واحداً. وبالمثل إن كان لكل منهم وظيفة لا يستطيع الآخر القيام بها ، لا يكون أى منهم إله ، لأن الله كامل ، وعلى كل شيء قدير. وإن كان لكل منهم وظيفة محددة ، يكون كل منهم إله ناقص ، ولا يُقرُّ دينكم هذا. السؤال 6 :
( التجسد ) أين الدليل على انه إنسان كامل ؟
هل قال المسيح لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل ؟ نطالب النصارى بالأدلة النقلية من الكتاب المقدس على لسان المسيح التي تثبت ذلك .
وإذا كان المسيح إنسان كامل فهل يعني هذا انه يشتهي النساء كأي إنسان كامل وان قضيبه الذكري كان ينتصب كأي إنسان كامل ؟!
ثم إذا كان الناسوت واللاهوت هو ركيزة أساسية في النصرانية وسبب من أسباب الانقسام والحروب والاضطهاد والكراهية بين النصارى. فماذا قال المسيح عنها؟ كيف شرحها لهم؟
وإذا كان هذا من البدع التي ابتدعوها بعد السيد المسيح عليه السلام فكيف يكون أساس الدين وأكثر الأمور جدالا حولها لم يشرعه الله ولم يتكلم عنها المسيح؟

السؤال 7 :
( أخطاء ) هل أنجبت ميكال بنت شاول أم لا ?

(وَلَمْ تُنْجِبْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ وَلَداً إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا( [صموئيل الثاني 6 عدد23].
نفهم من النص السابق أنها لم تنجب أبداً حتى يوم مولدها , لكن نجد العكس في النص التالي :
(فَأَخَذَ الْمَلِكُ، أَرْمُونِيَ وَمَفِبيُوشَثَ ابْنَيْ رِصْفَةَ ابْنَةِ أَيَّةَ اللَّذَيْنِ وَلَدَتْهُمَا لِشَاوُلَ، وَأَبْنَاءَ مِيكَالَ ابْنَةِ شَاوُلَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ أَنْجَبَتْهُمْ لِعَدْرِيئِيلَ ابْنِ بَرْزِلاَيَ الْمَحُولِيِّ [صموئيل الثاني 21 عدد 8].
فهل أنجبت ميكال بنت شاول أم لم تنجب ؟ نريد إجابة أيها العقلاء .
السؤال 8 :
( أخطاء الشريعة ) هل القتل حرام أم حلال ؟
قال الرب لموسى في الوصايا العشر : لا تقتل . لا تزني . لا تسرق . . خروج 20 عدد 13
إلا أننا نجد في سفر العدد 31 عدد 1 - 17 أن الرب يناقض الوصية بعدم القتل :
وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى . . 17فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَاقْتُلُوا أَيْضاً كُلَّ امْرَأَةٍ ضَاجَعَتْ رَجُلاً، 18وَلَكِنِ اسْتَحْيَوْا لَكُمْ كُلَّ عَذْرَاءَ لَمْ تُضَاجِعْ رَجُلاً.
وجاء في سفر يشوع 6 عدد 16 :
قَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ وَهَبَكُمُ الْمَدِينَةَ. 17وَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ وَكُلَّ مَا فِيهَا مُحَرَّماً لِلرَّبِّ، . . . . أَمَّا كُلُّ غَنَائِمِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ، فَتُخَصَّصُ لِلرَّبِّ وَتُحْفَظُ فِى خِزَانَتِهِ. 20فَهَتَفَ الشَّعْبُ، وَنَفَخَ الْكَهَنَةُ فِي الأَبْوَاقِ. وَكَانَ هُتَافُ الشَّعْبِ لَدَى سَمَاعِهِمْ صَوْتَ نَفْخِ الأَبْوَاقِ عَظِيماً، فَانْهَارَ السُّورُ فِي مَوْضِعِهِ. فَانْدَفَعَ الشَّعْبُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ كُلٌّ إِلَى وِجْهَتِهِ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا. وَدَمَّرُوا الْمَدِينَةَ وَقَضَوْا بِحَدِّ السَّيْفِ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَشُيُوخٍ حَتَّى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْحَمِيرِ.
وفي سفر هوشع 13 عدد 16 يقول الرب : (( تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها . بالسيف يسقطون . تحطم أطفالهم ، والحوامل تشق ))
وفي سفر إشعيا 13 عدد 16 يقول الرب : (( وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم ))

السؤال 9 :
( صفات الرب ) هل الرب يتراجع عن كلامه ؟ ولا يوفي بوعده ؟
إرميا33 عدد17: لأنه هكذا قال الرب.لا ينقطع لداود إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. (SVD)

ما نفهمه من النص السابق في ارميا 33 عدد17 هو على كلام النبي ارميا أنه لا ينقطع نسل داود من الملوك الجالسين على كرسي حكم إسرائيل ولكن لنراجع سفر ارميا الإصحاح 33 عدد21 كما يلي :

إرميا33 عدد21: فان عهدي أيضا مع داود عبدي ينقض فلا يكون له ابن مالكا على كرسيه ومع اللاويين الكهنة خادمي. (SVD)
فنجد أن الرب ينقض عهده مع داوود فلا يكون لداود إبن يحكم على شعب إسرائيل كما قال من قبل .لن أطيل في التعليق على هذه التناقضات ولكن ليس أمامنا هنا إلا اختياران لا ثالث لهما :
أولاً هو كذب أحد الخبرين , ثانياً كذب الخبرين معاً .ولك الاختيار .

السؤال10 :
( الأقانيم والتثليث ) لماذا الأب أب ؟ ولماذا لا يكون إبن ؟
يزعم النصارى أن المسيح مولود من أبيه أزلاً .......... ونحن نقول : إذا كان الأمر كما تقولون فيكونان موجودان أزليان الله الأب أزلي والله الابن أزلي فإن كان الأب قديماً فالابن مثله وإن كان الأب خالقاً كان الابن خالقاً مثله ، والسؤال هو :
لم سميتم الأب أباً والابن ابناً ؟
فإذا كان الأب استحق اسم الأبوة لقدمه فالابن أيضاً يستحق هذا الاسم بعينه لأنه قديم قدم الأب ، وإن كان الأب عالماً قديراً فالابن أيضاً مثله ، فهذه المعاني تبطل اسم الابوة والبنوة ، لأنه إذا كان الأب والابن متكافئين في القدرة والقدم فأي فضل للأب على الابن حتى يرسله فيكون الأب باعثاً والابن مبعوثاً ؟
ألم يقل يوحنا أن الأب أرسل الابن للعالم ؟ ولا شك أن الراسل هو غير المرسل.
السؤال 11 :
( أخطاء ) هل يستطيع الإنسان رؤية الله  ؟؟؟
على حسب كلام يوحنا 1عدد18 الله لم يره أحد أبداً اقرأ :
يوحنا 1 عدد18: الله لم يره احد قط.الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر (SVD)
لكننا نجد عكس ذلك كما يلي :
موسى رأى الله وجهاً لوجه
خروج 33 عدد11: ويكلم الرب موسى وجها لوجه كما يكلم الرجل صاحبه.وإذا رجع موسى إلى المحلّة كان خادمه يشوع بن نون الغلام لا يبرح من داخل الخيمة (SVD)

وأيوب رأى الله بعينه :
أيوب42 عدد 5: بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني. (SVD)

وداود رأى الله في قدسه :
مزمور63 عدد2: لكي أبصر قوتك ومجدك كما قد رأيتك في قدسك. (SVD)

وإبراهيم رأى الله عندما ظهر الله له :
أعمال7 عدد2: فقال أيها الرجال الإخوة والآباء اسمعوا.ظهر اله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران (SVD)
ونعيد السؤال كالمعتاد , هل الله رآه أحد غير الابن أم لم يراه أحد ؟ رجاً ادعم إجابتك بنصوص الكتاب المقدس

السؤال 12 :
(هل معقول ؟ ) ما قصة هؤلاء الملائكة ؟
يعلّمنا كتاب الله أن الملائكة هم عباده المعصومون عن الخطأ والزلل إلا أن كتبة الأسفار زعموا أن من الملائكة من سار وراء رغباته وضل ، ولم يبتعد عن هوان المعصية فاستحق بذلك العذاب المهين . . فقد جاء في رسالة بطرس الثانية 2 : 4 قوله : الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء
وجاء في رسالة يهوذا 1 : 6 الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الي دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام

والعجب العجاب أن بولس - مؤسس المسيحية الحالية - يزعم أنه سيحاكم وسيحاسب ملائكة الله في يوم الحساب.
فهو القائل : ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم . ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة . . كورنثوس الاولى 6 : 2 _ 3

فهل يعقل هذا الكلام ؟

السؤال 13 :
( الكتاب المقدس ) أين ذهبت تلك الكتب ؟؟ أليست من كلام الله ؟ كيف اختفت ؟؟؟
عدد 21عدد 14: لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفه وأودية ارنون (SVD)
يشوع 10 عدد 13: فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه.أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر.فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. (SVD)
وها هو سفر ياشر مرة أخرى
2صموائيل1 عدد 18: وقال إن يتعلم بنو يهوذا نشيد القوس هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر (SVD)
إذا كانت ليست وحياً إلهياً فكيف يستشهد الكامل بالناقص ؟ كيف يستشهد الله بكلام بشر ويعلم أن هذا الكلام سيختفي من العالم ؟
اعلم : يقول قاموس الكتاب المقدس عن سفر ياشر تحت حرف الياء ثم الاسم ياشر هكذا :
اسم عبري معناه (( مستقيم )) وهو ابن كالب ابن حصرون ( 1 أخبار 2: 18 ).
سفر ياشر ( سفر هياشار ):يلوح للمتعمق في العهد القديم أن ترنيمة يشوع ( يش 10: 13 )، ومرثاة داود لشاول ويوناثان ( 2 صم 1: 18- 27 )، مقتبسة عن هذا السفر المفقود. ولربما كان خطاب سليمان عند تدشين الهيكل ( 1 مل 8: 12 الخ. ونشيد دبورة ( قض 5 ) مستقيان منه أيضاً. ويظهر أن هذا السفر كان مجموع قصائد، قُدم له بديباجة نثرية، وتخللته تفاسير وشروحات نثرية، واختتم بها على غرار المزمور 18 و 51، أو كسفر أيوب، الذي يفتتح ( أي 1: 1- 3: 1 ) نثرا ويختتم ( ص 42: 7- 17 ). نثراً. إن جمال هذا السفر الذي نلمسه في القطع المقتبسة منه في العهد القديم يبعث على الرجاء بأنه سيعثر عليه كاملاً في النهاية، سيما وأنه لا يمكن أن يكون قد كتب قبل عصر داود وسليمان.

السؤال 14 :
(الألوهية ) لماذا إحتاج إلى من يدحرج الحجر ؟
قال متى في إنجيله 28 عدد 2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ
والسؤال هو : إذا كان المسيح إله فهل الإله يحتاج الي ملاك من السماء ليزيح ويدحرج الحجر الذي كان بباب قبره ؟
وهذا الأمرفيه مسائل لا يمكن أن يتخطاها باحث عن الحق , فلو راجعت نفس القصة في الأناجيل الأربعة وجدت العجب من التناقضات والإختلافات ما عليك إلا أن تأتي بالأربع أناجيل وتراجع نفس القصة ذاتها وهي قصة قيام يسوع من القبر وإعتبر كل ما تجده من إختلاف هو سؤال يحتاج إلى إجابة منك .

السؤال 15 :
(الألوهية ) إن كان المسيح هو الله فلماذا نفى عن نفسه الصلاح ؟
هل هناك أحد صالح غير الله ؟؟؟
متى19 عدد17: فقال له لماذا تدعوني صالحا.ليس احد صالحا الا واحد وهو الله.ولكن ان اردت ان تدخل الحياة فاحفظ الوصايا. (SVD)
عجباً أن نجد في الكتاب أناس صالحين ولا يكون الله وحده هو الصالح كما قال يسوع :
إقرأ: يوسف كان رجلاً باراً وصالحاً :
لوقا23 عدد50: وإذا رجل اسمه يوسف وكان مشيرا ورجلا صالحا بارا. . (SVD)
إقرأ : برنابا كان رجلاً صالحاً وممتلئاً من الروح القدس :
أعمال11 عدد22: فسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى إنطاكية. (23) الذي لما أتى ورأى نعمة الله فرح ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب. (24) لأنه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس والإيمان.فانضم إلى الرب جمع غفير. (SVD)
ثم إذا كان يسوع غير صالح كما يقول الكتاب فهو قطعاً ليس إله لأنه من صفة الإله أن يكون صالحاً .
والسؤال هو : إن كان هناك بشر وصفهم الكتاب أنهم صالحين من قبل يسوع ومن بعد يسوع فكيف يكون يسوع وهو معلمهم أو إلههم على حب زعمكم غير صالح وباعترافه شخصياً ؟

السؤال 16 :
( الأقانيم والتثليث ) من أين جئتم بكلمة التثليث؟ فهي غير موجودة بكتابكم المقدس!!
رجاءً إدعم كلامك بنصوص الكتاب المقدس, نحتاج إلى كلمة التثليث أو الثالوث المقدس, إنه أصل العقيدة عندك بل أصل الأصول ... فكيف لا يذكر ولا مرة واحدة هذه الكلمة في الكتاب كله ؟

السؤال 17 :
( تناقضات ) ما آخر كلمة قالها يسوع على الصليب ؟
لدينا خمسة روايات من أربع أناجيل وكل واحدة مختلفة عن الأخرى فهل عجز الوحي عن أن يصدق أو يبلغ التلاميذ ما هي آخر كلمة قالها يسوع على الصليب في هذا الحدث الرهيب ؟ ننتظر الإجابة .
1- حسب إنجيل لوقا 23 : (46) ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك استودع روحي.ولما قال هذا اسلم الروح. (SVD)
سؤالى بسيط ... أية روح أستودعها المسيح يدى ربه ؟؟ الروح الأنسانية ... هل لديك دليل ... لا ... عظيم ... لماذا يستودع روحه فى يدى الآب ان كان هو مساوى للآب فى الجوهر ... وهل ثبت ان المسيح كما انه يحى يمكن ان يميت ؟؟؟ وما معنى ( ربه ) هل المسيح له رب ... أذا فليس هناك تثليث .
2- بحسب إنجيل متى 27 : (46) ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني أي الهي الهي لماذا تركتني. (SVD)
3- بحسب إنجيل متى أيضاً ولكن في رواية أخرى : متى27 عدد50: فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم واسلم الروح (SVD)
4- وبحسب إنجيل مرقس15 عدد34: وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ألوي ألوي لما شبقتني.الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني. (SVD)
لو قلتم ان المصلوب هو المسيح ... فتكون هذه الصرخة دليل ان المسيح كان عاجزا ... محتاج للرب دائما وليس له قوة ؟؟؟ ولماذا يحتاج الإله إلى أله آخر .. وكم ألاه هنا ؟؟
5- وبحسب إنجيل يوحنا 19 عدد30: فلما اخذ يسوع الخل قال قد أكمل.ونكس رأسه واسلم الروح (SVD)
السؤال 18 :
( الصلب والفداء ) أين النـــص ؟
يمثل صلب المسيح كفارة عن خطيئة آدم الركن الأساسي في عقيدة النصرانية، وتزعمون أنه بسبب خطيئة آدم جاء المسيح عليه السلام ، والسؤال هو :
أين نجد نصاً في الاناجيل الاربعة على لسان المسيح عليه السلام يقول فيه ويذكر انه جاء من اجل الخطيئة الأزلية لأبوهم آدم؟
ومن جهة أخرى : أين هو صليب المسيح المزعوم ؟ ماذا حدث له ؟

السؤال 19 :
( صفات الرب ) هل هو إله تشويش أم إله سلام ؟
قال بولس )) : لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلَهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلَهُ سَلاَمٍَ.(( كورنثوس الأولى 33 عدد 14
وجاء في سفر التكوين : (( وَقَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ وَهَذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالْآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ . 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ )) 11 عدد 6-9
وفي الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي 2 عدد 11 نجد أن الله يرسل إليهم عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب.
فمن نصدق رواية بولس، أم رواية سفر التكوين بالعهد القديم؟ وهل يتعارض كلام الله؟
وهل نفهم من ذلك أن تعلم اللغات الأجنبية محرم من الله حسب كتابكم المقدس؟

السؤال 20 :
( هل معقول ) هل الرب يحتاج إلى جحش ؟
مرقس 11 عدد 2: وقال لهما اذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت وأنتما داخلان إليها تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه احد من الناس.فحلاه وأتيا به 3. وان قال لكما احد لماذا تفعلان هذا فقولا الرب محتاج إليه.فللوقت يرسله إلى هنا. (SVD)
فقط أعطوا الناس سبب واحد فقط يبرر احتياج الرب لجحش !! ليس من أجلي أنا ولكن من اجل الناس !! ما هو السبب الذي يحتاج الرب جحشاً من أجله ؟
وهل من المنطق أنه لا يقول لتلاميذه أنكم لا تخبروا أصحاب الجحش عن سبب أخذكم للجحش إلا إذا سألوكم عن ذلك ؟ ألا تعتبر هذه سرقة ؟ سبحان الله ! رب .. ويحتاج إلى جحش ؟
السؤال 21 :
(هل معقول) هل الحمير يوحى لها ؟ وهل الحمار يردع نبي عن حماقة ؟
رسالة بطرس الثانية 2عدد16: ولكنه حصل على توبيخ تعديه إذ منع حماقة النبي حمار أعجم ناطقا بصوت إنسان. (SVD)
وأصل هذه القصة كما هو معروف إقتبسها صاحب رسالة بطرس من العقد القديم سفر العدد 22عدد25-31

السؤال 22 :
( هل معقول ) كيف يركب رجل على حمار وجحش معاً في نفس الوقت ؟
جاء في إنجيل متى 21عدد7 : وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما. (SVD)
السؤال 23 :
( تناقضات ) ممنوع اللمس أم مسموح اللمس ؟
من التناقضات الموجودة في الإنجيل نجد انه قد ورد في إنجيل يوحنا 20عدد 17قول المسيح لمريم المجدلية : لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد ... الا اننا نجد بعد ذلك في العدد 27 من نفس الإصحاح ان المسيح يقول لتوما : هات اصبعك . . وهات يدك وضعها في جنبي !!
السؤال 24 :
( المسيح ) من الذي أدخل الشيطان في يهوذا ؟
جاء في إنجيل يوحنا 13 عدد 26-27 قول السيد المسيح عن يهوذا : 26 اجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة واعطيه.فغمس اللقمة واعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي. (27) فبعد اللقمة دخله الشيطان.فقال له يسوع ما انت تعمله فاعمله باكثر سرعة. (SVD)
ومعنى هذا أن السيد المسيح هو الذي أدخل الشيطان على يهوذا !! وهل عرفت يد المسيح عليه السلام إلا الخير والإحسان ؟

السؤال 25 :
( أخطاء علمية ) عهد آدم حتى ميلاد المسيح ؟
يقول لنا الكتاب المقدس أن عمر البشرية بحساب التواريخ وعلماء اللاهوت والمفسرين كلٌ على حسب توراته كما هو الآتي :
1 – فى التوراة العبرية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو ( 4004 )سنة.
2- فى التوراة اليونانية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو ( 5872 )سنة.
3- فى التوارة السامرية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو ( 4700 )سنة.
والسؤال هنا للعقلاء فقط , يقول الدكتور عبد الجليل شلبي : تحدثنا من قبل عن أخطاء سفر التكوين في حديثه عن نشأة الكون ، ونريد الآن أن نرى سلسلة الأنساب الذي جاءت به ، وهي السلسلة من آدم إلى إبراهيم ، وقد عاش آدم 930 عاماً ، وإبراهيم هو الابن العشرون له وولد بعده بنحو 1948 سنة ، وهذا تاريخ لا يصدق ولا يعقل ، هذا لأن إبراهيم عليه السلام وفد على سوريا في القرن الثامن عشر ق.م . عصر انتشار الهكسوس وهو عصر كانت الحضارة الانسانية قد تقدمت فيه شوطاً بعيداً جداً ، لا يحدث إلا في آلآف عديدة من السنين ، وعلى سبيل المثال كان العصر الجليدي في أوربا في نحو 500.000 - 400.000 ق م ، وفي الأرض التي عاش بها العبرانيون ترك أسلافهم أدوات حجرية وجدت في كهوف عدلون وجبل الكرمل وأم قطفة . . وغيرها وهي على حظ من الصنعة ، ويقدر العصر الحجري في هذه البقاع أنه كان في نحو 150.00 سنة ق . م .
وإذن فتقدير ميلاد إبراهيم انه 1944 تقدير ظاهر السخف .
السؤال 26 :
( الصلب والفداء ) لماذا لم يفدي البشر في عهد آدم ؟
عندما وقعت المعصية لم يكن هناك الا آدم وحواء ، وبناء عليه لماذا ترك إله المحبة والسلام الانسانية تتوالد تحت ناموس اللعنة والخطية وان يعم الفساد وينتشر ؟!!
إختر الإجابة من الآتي : ضع علامة صح أمام الإجابة الصحيحة :
أ‌- الرب لم يغفر للبشر ولم يقتل نفسه على الصليب من أجلهم في عهد آدم لأنه لم يكن مثلث الأقانيم في هذا الوقت .
ب‌- الرب لم يقتل إبنه في عهد آدم لأنه لم تكن خطرت على باله فكرة الصلب والفداء حينها و كان غاضب من آدم
ت‌- لم يقتل إبنه في هذا الوقت لأن الرب كان عقيدته زمان كما في حزقيال 18عدد20 : النفس التي تخطئ هي تموت.الابن لا يحمل من اثم الاب والاب لا يحمل من اثم الابن.بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون. (SVD) حتى غير رأيه وأصبح العكس وأن الإله ممكن يُقتل بدلاً عن البشر وأصبح الإبن يحمل خطيئة الأب .
ث‌- لأنه قال هكذا في سفر الخروج 14عدد9 : فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي وسأمد يدي عليه وابيده من وسط شعبي اسرائيل. (SVD) فكان غرضه أن يضل الناس من هذا الزمان حتى قتله إبنه من أجلنا. ولأنه قال هكذا أيضاً : في تيماثوس الثانية 2عدد11 : ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب (SVD) فكان قصده إضلال البشرية .
ج‌- قصة الصلب والفداء هي خرافة ومن المستحيل أن يقتل الله نفسه أو يقتل إبنه من أجل خطيئة إرتكبها آدم ولم يكن آدم يعلم من الأساس أنها خطيئة لأن الشجرة التي أكل منها آدم هي شجرة معرفة الخير والشر فقبلها لم يكن عارفاً للخير أو الشر . تكوين 2عدد17 , تكوين 3عدد22
السؤال 27 :
( الصلب والفداء ) أين العدل ؟ وأين العقل ؟
في قضية الصلب والفداء نرى الآتي :
_ الانسان يخطىء ضد الله ! _ الله يتألم ! _ الله يجعل نفسه ملعون وكفارة خطية ! غلاطية ( 3عدد13 ) المسيح صار لعنة _ ليظهر للبشر بر الله !
وفي هذا نرى : أن الخاطيء هو الذي تكون خطيئته سبباً في تألم الله !!
ثم يحمل الله خطيئة هذا المذنب ويجعل نفسه مكانه ليظهر بره !!
فأي عدل هذا ؟ ثم العجب انك تجد أن الله قتل نفسه من أجل أن يغفر للبشر خطيئة لم يرتكبوها في حقه نفسه !! أو قتل نفسه ليرضي نفسه , شئ عجيب .
السؤال 28 :
هل كل من يقتل من الأنبياء يكون كذاب ؟
جاء في سفر التثنية 18 عدد 20 : (( وأما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبي. ))
هل يعني ذلك طبقاً لهذا النص أن نبي الله يوحنا الذي كانت نهايته القتل كذاب ؟ _ والعياذ بالله _ وهل ينطبق هذا النص أيضاً على نبي الله زكريا وغيرهم من الانبياء الذين قتلوا ؟ أم ان النص من المحرف ؟
السؤال 29 :
( أخطاء علمية ) كيف يفرق بين الدم والماء ؟
كتب يوحنا في 19 عدد 33 حول حادثة الصلب المزعومة ما يلي :
واما يسوع فلما جاءوا اليه لم يكسروا ساقيه لانهم رأوه قد مات .34 لكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء35. والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتؤمنوا انتم .
والسؤال هو :
كيف تمكن الشاهد الذي عاين و شهد كما يقول يوحنا من التفريق بين الماء والدم من هذه الطعنة ؟؟ لأنه من المعروف أن الماء إذا اختلط بالدم فإن الخليط سيصبح لونه أحمر أقل قتامة من الدم بحيث يستحيل على الرائي أن يفرق بين الدم و الماء بالعين المجردة ... في عصرنا هذا يمكن الوصول إلى ذالك بالأدوات تحليل الدم ... و خصوصاً أن الحادثة وقعت والظلام قد حل على الأرض كلها مرقس 15 33 عدد
والنقطة الثانية والمهمة هي أن خروج الدم والماء من جنب يسوع لدليل دامغ على أنه لم يمت فمن المعروف أن دماء الموتى لا تسيل !!
السؤال 30 :
( صفات الرب ) من هي العروس امرأة الخروف ؟
جا في سفر الرؤيا 12عدد9: ثم جاء اليّ واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبع الجامات المملوءة من السبع الضربات الاخيرة وتكلم معي قائلا هلم فأريك العروس امرأة الخروف. (SVD)
كاتب هذه الكلمات يقصد هنا بالخروف هو الله  كما قال في سفر الرؤيا ( 17عدد14 ). هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون. (SVD)
والسؤال هنا هو من هي العروس امرأة الخروف ؟ وهل هي آدمية أم من جنس الخراف ؟ وأين سيقام الفرح ؟ وهل هكذا يتحدث الأنبياء في كتابكم عن الله رب العزة ؟ يصفونه بأنه خروف ؟
السؤال 31 :
( الألوهية ) أين القطعة المقطوعة ؟
قال لوقا في إنجيله عن ختان المسيح : (( ولما تمت ثمانية ايام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل ان حبل به في البطن )) [ 2 عدد 21 ] والسؤال هو : هل القطعة المقطوعة من يسوع عندما ختن هل كانت متحدة باللاهوت ام انفصلت عنه و أين رموا القطعة بعد الختان ؟
ثم الأهم من ذلك هل هذه القطعة هي من ضمن الفداء والصلب ؟ هل هذه القطعة أيضاً تحملت خطيئة آدم ؟ وهل صعود يسوع بعد القيامة كانت بهذه القطعة أم بدونها ؟ ثم أن هذه القطعة أين دفنت ؟ هل تخلصوا منها في القمامة ؟ من العجيب أن يكون الإله له قطعة في جسدة ضارة وغير نافعة وهل هي قطعة مقدسة ؟ والله لا أعرف إلى الآن كيف ختنوا الإله !!
السؤال 32 :
( الأقانيم والتثليث ) من الذي حبَّلَ مريم العذراء؟ وكم أقنوم ؟
يقول لوقا: (( فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. )) لوقا 1: 34-35
ومعنى ذلك أن الحمل تمَّ عن طريقين: ( اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ ) ( وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ ) ، فهما إذن شيئان مختلفان وليسا متحدين.
فلو كان الروح القدس هو المتسبب في الحمل ، فلماذا يُنسَب إلى الله؟
ولو كان هناك إتحاد فعلى بين الأب والابن والروح القدس لا ينفصل طرفة عين ، فعلى ذلك يكون الابن ( الذي هو أيضاً الروح القدس ) هو الذي حبَّلَ أمَّه. وبهذا مشكلة كبيرة فالله كما حل في يسوع فصار يسوع إله فقد حل قبله في أمه مريم ومن المعلوم أنه لولا الأم ما وجد الإبن فهي السبب في وجود الإبن وبالتالي هي أم الإله وزوجته في نفس الوقت فإن كان بحلوله في يسوع أصبح يسوع إلهاً فقد حل في سبب وجود يسوع وهو أمه قبل أن يولد يسوع بل وإلتحم بها , فلماذا لا تكون مريم هي الأقنوم الرابع ؟

السؤال 33 :
( صفات الرب ) هل الرب يخطأ في الأنساب ؟
يقول متى: (( فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً.)) متى 1عدد 17 وهذا يُخالف ما ورد في سفر أخبار الأيام الأول ، فقد ذُكِر أن أجيال القسم الثاني (ثمانية عشر). فقد أسقط متى يواش (أخبار الأيام الأول 3عدد 12) وأمصيا (أخبار الأيام الأول 3عدد 12) وعزريا (أخبار الأيام الأول 3عدد 12) ويهوياقيم (أخبار الأيام الأول 3عدد 16) وفدايا (أخبار الأيام الأول 3عدد 19).
فكيف نسى الرب أن يوحى بهذه الأسماء ولماذا نسيهم ؟ هل تعلم أن الرب لا ينسى ؟ هل تعلم أن الرب صادق ولا يتكلم إلا بالصدق؟ ( أنا الرب متكلم بالصدق ) إشعياء 45عدد 19، (فاعلم أن الرب إلهك هو الله ، الإله الأمين ، الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ، ويحفظون وصاياه إلى ألف جيل) تثنية 7عدد 9 ، (ليس الله إنساناً فيكذب ، هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفى؟) عدد 23عدد 19 فمن إذن الذي كتب هذا الكتاب ؟
فلماذا حذف متى خمسة أجيال من ترتيبه بين داود والسبى البابلى؟ (( وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حَزَقِيَّا. وَحَزَقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ.)) متى 1عدد 6-11

وهل حذفهم من نفسه أو أوحى إليه ذلك؟ ولو أوحى الرب ذلك ، فلماذا لم يُعدِّل الرب من كتابه الأول لو كان هو الذي أوحى هذا الكلام؟

السؤال 34 :
ما علاقة عبدة النار المجوس بملك اليهود ؟
يقول الكتاب: (( وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ.)) متى 2عدد 1-2 (( فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا )) متى 2عدد 9-11
إلى الآن لم نجد أي تفسير, ما علاقة عبدة النار من المجوس باليهودية وبمجيء ملك اليهود؟ وكيف عرفوا ذلك على الرغم من عدم معرفة اليهود أنفسهم بهذا الموعد؟ فبعد 33 سنة عاشوها معه سأله رئيس الكهنة: (( أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟ )) متى 26عدد 63 (( فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي: أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ )) متى 27عدد 11
فلو صدقوا بذلك لكانوا من أتباع اليهودية! ولم نسمع ولم نقرأ ولم يسجل أحد المؤرخين القدماء أن المجوس سجدوا لأحد من ملوك اليهود ، فلماذا تحملوا مشقة السفر وتقديم كنوزهم والكفر بدينهم والسجود لمن يقدح في دينهم ويسب معبودهم ؟
ثم كيف أمكن للنجم الضخم تحديد المكان الصغير الذي ولد فيه يسوع من مكان يبعد عن الأرض بلايين السنوات الضوئية ؟ فالمعتاد أن أشير بإصبعي لأحدد سيارة ما. لكن أن أشير بالسيارة لأحدد أحد أصابع شخص ، فهذا غير منطقي.

السؤال 35 :
( الكتاب المقدس ) الكفار أبناء الزنا يكتبون كتابكم ؟؟؟؟؟
سليمان كما هو معروف في الكتاب المقدس هو بن داود من زوجة أوريا الحثي بثشبع التي إغتصبها داود من زوجها وقتل زوجها وأنجب منها من الزنا سليمان والقصة بكاملها موجودة ومسطورة في الكتاب في سفر صموائيل الثاني الإصحاح الحادي عشر ثم تولى سليمان الملك بعد أبيه ومن المعروف عند علماء الكتاب المقدس بالإجماع أن سليمان ليس بنبي بل لقد كفر سليمان وإرتد في آخر أيامه وعبد الأصنام وبنى لها المعابد كما يقول الكتاب المقدس في الملوك الأول 11عدد4 (( وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. (SVD) ولا يوجد ولا خبر واحد في التوارة تقول ان سليمان قد تاب من كفره بل الظاهر أنه مات على الكفر عابداً للأوثان ونحن نتبرأ إلى الله من هذا القول , وينسب علماء الكتاب المقدس إلى سليمان عدد من الكتب في العهد القديم وأشهرها النشيد الفسقي المسمى بنشيد الإنشاد وسفر الجامعة وبعض المزامير والأمثال ,.
والسؤال المهم هنا : إن كان سليمان ليس بنبي ولا رسول , وهو بن زنا كما زعمتم , وأنه كافر مرتد عابد للأوثان كما يقول كتابكم , فبأي صفة يكتب في الكتاب المقدس وتقولون على كلامه أنه كلام الله ؟ هل الرب يوحي لرجل ليس بنبي ولا رسول وهو كافر بن زنا مرتد عابد للأوثان وبنى لها المعابد بل حتى لم يتوب ؟ هل هؤلاء يتلقون الوحي عندكم ؟

السؤال 36 :
( المسيح ) هل غسيل الأرجل يحتاج إلى خلع الملابس ؟
يحكي لنا الإنجيل قصة يسوع وهو سهران في إحدى الليالي وبعد العشاء وشرب الخمر فعل هكذا :
يوحنا 13عدد4 : قام عن العشاء وخلع ثيابه واخذ منشفة واتّزر بها. (5) ثم صبّ ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها. (SVD)
والسؤال هو : هل غسل أرجل الناس يستدعي التعري وخلع الملابس ؟ لقد أضطر أن يتزر بالمنشفة حتى يداري عورته , فهل هذا سلوك طبيعي ؟

السؤال 37 :
( الصلب والفداء ) من أرسل من ؟
ورد في إنجيل ( متى 21: 37 ) في قوله (( فأخيراً أرسل إليهم ابنه قائلاً يهابون ابني )). ويقصدون أن الله أرسل ابنه المسيح إلى شعب اليهود لأنهم لم يهابوا الله وقد يهابوا ابنه- تعالى الله عن هذا الخرافات علواً كبيراً.
ولو صدَّق أحد هذا لوجب ألا يكون هناك ثلاثة في واحد ، بل ثلاثة في ثلاثة ، حيث إن الإله الأول لم يهبه أحد ، فأرسل إليهم ابنه!! فالراسل غير المُرّسَل
وإذا كان الإله قد جاء في صورة الجسد ليَحْدُث التشابه بينه وبين الإنسان فيوقع إنتقامه على البشر وبذلك يخلصهم، فلماذا لم يُحيى آدم لينتقم منه بدلاً من الإنتقام من (شخص / أو إله / أو ابنه / أو نفسه) برىء مظلوم؟ ولماذا لم يجىء في صورة امرأة؟ ألم يقل بولس إنَّ المرأة هى التي أغويت ، وآدمُ لم يَغْوَ ولكنَّ المرأة أُغوِيَتْ فَحَصَلَت في التعدِّى ( تيموثاوس الأولى2: 14 )

السؤال 38 :
ما هو شكل تماثيل البواسير البشرية ؟ وما الحكمة!
ورد في سفر صموائيل الاول 6عدد4-5 ما يلي :
1صموائيل 6عدد4: فقالوا وما هو قربان الاثم الذي نرده له.فقالوا حسب عدد اقطاب الفلسطينيين خمسة بواسير من ذهب وخمسة فيران من ذهب.لان الضربة واحدة عليكم جميعا وعلى اقطابكم. (5) واصنعــوا تماثــيل بواسيركم وتماثيل فيرانكم التي تفسد الارض وأعطوا اله اسرائيل مجدا لعله يخفف يده عنكم وعن آلهتكم وعن ارضكم. (SVD)
والسؤال هنا هو : كيف هو شكل هذه التماثيل البواسيرية ؟ وما الحكمة من صناعة تماثيل بواسير البشر من الذهب وتماثيل ذهبية للفئران ؟ في أي تاريخ ذكر أن البشر صنعوا تماثيل لبواسيرهم ؟ أليس هذا أمر بصناعة الأصنام ؟ ننتظر الرد ولكن عفواً نستقبل الردود فقط من العقلاء .

السؤال 39 :
(المسيح ) هل المسيح كان من الأشرار ؟
حسب الايمان المسيحي نعم. فقد قرر الكتاب المقدس أن (( الشرير فدية الصديق )) أمثال 21: 18 ، وقد قرر بولس أن المسيح صُلِبَ كفارة لخطايا كل العالَم (رسالة يوحنا الأولى 2 عدد 2) , بل وإعترف بولس بأن يسوع ليس شريراً فقط ولكنه أيضاً صار ملعون ,, ألا تصدق ؟ في غلاطية 3عدد13 يقول هكذا : (( المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة. (SVD) والسؤال هو هل يسوع شرير ملعون كما يقول كتابكم ؟

السؤال 40 :
( تناقضات ) هل بطرس صديق طاهر أم مرائي منافق كذَّاب ؟
أولاً : يقول مرقس عن سمعان صخرة الكنيسة (( فَأَنْكَرَ أَيْضاً. وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضاً قَالَ الْحَاضِرُونَ لِبُطْرُسَ: حَقّاً أَنْتَ مِنْهُمْ لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ أَيْضاً وَلُغَتُكَ تُشْبِهُ لُغَتَهُمْ. فَابْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَقُولُونَ عَنْهُ! )) مرقس 14: 70-71.
أين البر ؟ وأين الفضيلة ؟ وأين الأخلاق في كذب بطرس - صخرة عيسى عليه السلام الذي يملك مفاتيح السماوات والذى عليه بُنِيَت كنيسة يسوع ، تلك الكنيسة التي لا تقوى أبواب الجحيم عليها ؟
ثانياً : يقول إنجيل متى 26عدد72 عن قصة إنكار ولعن بطرس ليسوع عند المحاكمة هكذا :انكر ايضا بقسم اني لست اعرف الرجل. (73) وبعد قليل جاء القيام وقالوا لبطرس حقا انت ايضا منهم فان لغتك تظهرك. (74) فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف اني لا اعرف الرجل.وللوقت صاح الديك. (SVD)
فكيف جاز لبطرس صخرة الكنيسة أن يقسم كذباً وينكر إلهه بل ويلعن إلهه يسوع كما تدعون ؟ الحق أنه على هذا ليس عنده مثال حبة من خردل من الإيمان كما قال وصف يسوع تلاميذه الرسل في لوقا 17عدد5-6 ((5 فقال الرسل للرب زِد ايماننا. (6) فقال الرب لو كان لكم ايمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم (SVD)
ثالثاً : وصف بولس بطرس بأنه مرائي منافق كما ورد في رسالته إلى أهل غلاطية 2عدد11 : ((11. ولكن لما أتى بطرس الى انطاكية قاومته مواجهة لانه كان ملوما. (12) لانه قبلما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الامم ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من الختان. (13) وراءى معه باقي اليهود ايضا حتى ان برنابا ايضا انقاد الى ريائهم. (SVD)
فنعيد السؤال مرة أخرى هل من مثل هؤلاء تاخذون دينكم ؟ وهل نصف بطرس صخرة الكنيسة صفا بانه مؤمن صديق أم كاذب منافق مرائي ؟ لك الحكم

السؤال 41 :
(خرافات ) فســـــــر مايلي :
عدد 5عدد22: ويدخل ماء اللعنة هذا فــي أحشائك لورم البطن ولإسقاط الفخذ.فتقول المرأة آمين آمين. (SVD)

رؤيا 6عدد6 : وسمعت صوتا في وسط الأربعة الحيوانات قائلا ثمنية قمح بدينار وثلاث ثماني شعير بدينار وأما الزيت والخمر فلا تضرهما

السؤال 42 :
( تناقضات ) متى نزلت الحمامة بالضبط ؟
بعد أن صعدَ من الماء متى 3عدد 16-17
أثناء صعوده من الماء مرقس 1عدد 9-11
أثناء صلاته أى بعد التعميد لوقا 3عدد 21-22
ألا يعنى نزول روح الرب كحمامة وظهورها منفصلة أنه لا إتحاد بين روح الرب ويسوع؟ فقد ظهرا منفصلين. وهل روح الرب صغيرة لدرجة أنها تتشكل في جسم حمامة ؟ ولماذا لم تظهر روح الرب لكل الناس لتعلمهم بذلك؟ لماذا خصَّت المعمدان بهذا الشرف وحده ؟

السؤال 43 :
( تناقضات ) صــــــوت مَــــــن ؟
يقول صاحب إنجيل لوقا عند قصة تعميد يسوع في لوقا 3عدد22 هكذا ((22 ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا انت ابني الحبيب بك سررت (SVD)
وبغض النظر عن قصة الحمامة لكن السؤال هو صوت مَن المتحدث ؟ إن كان يوحنا يقول عن الله في يوحنا 5عدد37 هكذا : ((والآب نفسه الذي ارسلني يشهد لي.لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته. (SVD)
فعلمنا أنه لا أحد يسمع صوت الله أبداً ولا يبصر أحد هيئته , وإن كان الإبن هو يسوع وهو لم يقل أنت إبني الحبيب ولكن الصوت كان قادماً من السماء والروح القدس هي الحمامة وهي لم تقل هذا أيضاً والله لا أحد يسمع صوته قط !! فمن الذي قال أنت إبني الحبيب ؟ ؟؟؟

السؤال 44 :
( هل معقول ) بني إسرائيل ليس فيهم عقيم ولا عاقر ولا في بهائمهم ولا تصيبهم الأمراض ؟؟؟
تثنية7عدد14: مباركا تكون فوق جميع الشعوب.لا يكون عقيم ولا عاقر فيك ولا في بهائمك. (15) ويرد الرب عنك كل مرض وكل أدواء مصر الرديئة التي عرفتها لا يضعها عليك بل يجعلها على كل مبغضيك. (SVD)
!!!!!!!!!!!!!!
السؤال 45 :
( تناقضات ) هل طريق يسوع هيِّن وخفيف على سالكيه أم ضيق ملىء بالصعوبات ؟
ضيق : (( مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! )) متى 7عدد 14
هيِّن : (( اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ.)) متى 11عدد 29-30

السؤال 46 :
هل الرب يأمر بالنذور للشيطان ؟
جاء في سفر اللاويين أمر الرب لموسى هكذا : سفر اللاويين الإصحاح 7عدد5-10((5 ويأخُذُ مِن عِندِ جَماعةِ بَنى إسْرائيلَ تَيسَينِ مِنَ المَعِزِ لِذَبيحةِ الخَطيئَة وكَبْشاً لِلمُحرَقَة. 6 فيُقَرِّبُ هارونُ عِجْلَ ذَبيحةِ الخَطيئَةِ الَّتي علَيه وُيكَفِّرُ عن نَفْسِه وعن بَيتِه. 7 ثُمَّ يأخُذُ التَّيسَينِ وُيقيمُهما أَمامَ الرَّبّ عِندَ بابِ خَيمَةِ المَوعِد. 8 وُيلْقي هارونُ علَيهما قُرعَتَين، إِحْداهما لِلرَّبّ والأُخْرى لِعَزازيل. 9 وُيقَرِّبُ هارونُ التَّيسَ الَّذي وَقَعَت علَيه القُرعَةُ لِلرَّبّ، وَيصنَعُه ذَبيحةَ خَطيئَة. 10 والتَّيسُ الَّذي وَقَعَت علَيه قُرعةُ عَزازيل يُقيمُه حَيّاً أَمامَ الرَّبّ، لِيُكَفِّرَ عَلَيه ويُرسِلَه إِلي عزازيلَ في البَرِّيَّة.
وعزازيل هو الشيطان كما هو معروف وكما يُعرِّفَه قاموس الكتاب المقدس هروباً من الموقف هكذا نصاً : الشيطان أو الجن في الصحاري والبراري أو ملاك ساقط (بحسب سفر اخنوخ ومعظم المفسرين الحديثين ) إنتهى بالنقل حرفياً .
فالعقلاء أسأل : هل الرب يأمر بالنذر للشيطان ؟ هل في هذا مثقال ذرة من التوحيد ؟ وأي حكمة في أن تهب للرب تيس وللشيطان تيس ؟ لم يجبنا أحد حتى الآن .

السؤال 47 :
هل الله يأمر الناس بعبادة الأصنام ؟
سفر حزقيال 20عدد39: (( 39 اما انتم يا بيت اسرائيل فهكذا قال السيد الرب.اذهبوا اعبدوا كل انسان اصنامه وبعد ان لم تسمعوا لي فلا تنجسوا اسمي القدوس بعد بعطاياكم وباصنامكم. (SVD)

السؤال 48 :
( المسيح ) ماذا فعل يسوع بعد أن أنهى الشيطان تجربته معه ؟
(( ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ. 12وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّ يُوحَنَّا أُسْلِمَ انْصَرَفَ إِلَى الْجَلِيلِ. 13وَتَرَكَ النَّاصِرَةَ وَأَتَى فَسَكَنَ فِي كَفْرِنَاحُومَ الَّتِي عِنْدَ الْبَحْرِ فِي تُخُومِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ )) متى 4عدد 11-13
(( وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلَى الْجَلِيلِ وَخَرَجَ خَبَرٌ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ. وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ مُمَجَّداً مِنَ الْجَمِيعِ. وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. )) لوقا 4عدد 14
فترى يسوع عند متى كان في الناصرة وانصرف منها إلى الجليل واستقر في كفرناحوم
أما عند لوقا فقد رجع إلى الجليل واستقر في الناصرة.
السؤال 49 :
ما هو تمثال الغيرة ؟
حزقيال 8عدد3: ومد شبه يد وأخذني بناصية راسي ورفعني روح بين الارض والسماء واتى بي في رؤى الله الى اورشليم الى مدخل الباب الداخلي المتجه نحو الشمال حيث مجلس تمثال الغيرة المهيج الغيرة (4) واذا مجد اله اسرائيل هناك مثل الرؤيا التي رأيتها في البقعة (SVD)
ما هو شكل هذا التمثال ؟ ألا توافقني إنها أمور وثنية أخذها كتبة الكتاب المقدس من الحضارات التي عايشوها فتأثروا بها ؟ لكن أيضاً لم نعرف ما هو هذا التمثال ؟

السؤال 50 :
متى أعطى يسوع التلاميذ القدرة على إخراج الشياطين ؟
حدثت أولاً قصة المجنون الأخرس في ( متى 9عدد 32-34 ) ، ثم أعطاهم القدرة على إخراج الشياطين وإشفاء المرضى في (متى 10عدد 1-10)
وعند لوقا أعطاهم أولاً القدرة على إخراج الشياطين وإشفاء المرضى (9عدد 1-6) ، ثم حدثت قصة التجلى (9عدد 28-36).

السؤال 51 :
( الصلب والفداء ) قد أكمل ماذا ؟؟؟؟؟
في إنجيل يوحنا الإصحاح السابع عشر نأخذ منه فقرتين 3 , 4 فيقول ( يوحنا 17عدد3-4 )
:3 وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته. (4) أنا مجدتك على الأرض.العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته. (SVD)
كيف يكون العمل الذي أعطاه الله للمسيح قد أكمل والمسيح لم يصلب بعد ؟ المسيح حتى لم يكن وضع على الصليب وكما تقولون أنتم فإن العمل الذي جاء من أجله هو أن يصلب ليخلص البشرية , فكيف يقول المسيح قبل الصلب بأن العمل الذي أعطاه الله له قد أكمله ؟ هل كان يكذب ؟
ثم كيف يقول المسيح للإله هذه هي الحياة الأبدية أيها الإله أن يعرفوك أنك أنت الإله الحقيقي ولاحظ قال كلمة ( وحدك ) ثم اعترف أن الله هو من أرسله ؟ أليس المسيح هو الإله ؟ لو كان هو الله حقاً كما تزعمون لقال ليعرفوك أني الإله الحقيقي وحدي أو ليعرفوا أنك أنت الأب وأنا الابن وهناك الروح القدس ونحن إله واحد ؟ أليس هذا من الدجل ؟

السؤال 52:
( عقائد وعبادات ) لماذا لاتسجدون في صلاتكم ، كما كان يصلي المسيح ؟
جاء عند متى عن المسيح (( ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي )) متى 26عدد 39
وفى متى أيضاً أن يسوع قال لإبليس:عندما طلب منه إبليس أن يسجد له وَقَالَ لَهُ: (( أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ.)) متى 4عدد 9-10 ولوقا 4عدد 7-8
وجاء عند مرقس : (( ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. )) مرقس 14عدد 35
وأيضاً: (( مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ، لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ.)) رؤيا يوحنا 15: 4
السؤال 53 :
هل جهنم هى الفردوس عندكم ؟ وأين كان يسوع عقب موته؟ هل كان في الفردوس أم في جهنم ؟
لقد قال بولس: (( وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. 10اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَأَ الْكُلَّ. )) أفسس 4عدد 9-10
أى أن يسوع نزل إلى الهاوية وجهنم لكى يخلِّص الخطاة ويحررهم من خطيئة أدم وحواء.
إلا أن يسوع نفسه قال: (( وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا! 40فَانْتَهَرَهُ الآخَرُ قَائِلاً: أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئاً لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. 42ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ. 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ.)) لوقا 23عدد 39-43
السؤال 54 :
( تناقضات ) هل شهادة المسيح لنفسه حق أم ليست حقاً ؟
أعلم ستقول أن شهادته حق ولن ينفع كلامي معك لذا سأعطيك النصوص مباشرة فاقرأ : " إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً " يوحنا 5 عدد 31
بما يناقضه تماما في يوحنا 8 عدد 31 " وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق "

السؤال 55 :
( الصلب والفداء ) هل من الرحمة والعدل أن يسلم إبنه المظلوم ؟
هل من الرحمة أن يُسلم الأب ابنه للصلب دون أن يقترف إثماً أو جريمة ما تستحق هذه العقوبة ؟ وما الفائدة التربوية التي نتعلمها من مثل هذا التصرُّف؟ فما بالك إذا كان الآخر ابن الإله ؟ وكيف يثق خلقه به إذا كان قد ضحى بالبار البريء من أجل غفران خطيئة مذنب آخر ؟ هل يُعجبه أن يصفه أحد خلقه بالقسوة وعدم الرحمة ؟ (( اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ )) رومية 8 عدد 31-32
ولو كان الصلب والفداء لغفران خطيئة آدم وحواء – فكيف يكفر عن خطيئة الشيطان ؟ وهل سيضطر إلى النزول مرة أخرى والزواج من شيطانة لينجب شيطاناً يصلب عن الشياطين؟ أليست خطيئة الشيطان أعظم وأجل ؟
وهل يعقل أن تكون قوانين الأمم المتحضرة اليوم أعدل من قانون الله ، حيث إنها لا تحاسب الإنسان على فعل غيره ولو كان ابنه أو أباه؟ كيف تكون عملية الصلب والقتل وإسالة دم البريْ رحمة وهبة للبشرية؟
السؤال 56 :
( هل معقول ) هل صوت البشر يهدم صور مدينة بني من أجل تحصينها ؟
انهيار السور بالهتاف
يقول كاتب سفر يشوع 6 عدد 5 : (( ويكون عند امتداد صوت قرن الهتاف عند استماعكم صوت البوق ان جميع الشعب يهتف هتافا عظيما فيسقط سور المدينة في مكانه ويصعد الشعب كل رجل مع وجهه))
هتف بنو إسرائيل فانهار سور اريحا . انهار السور كله حول المدينة عن طريق الهتاف !!!! هل هذا هو السلاح الجديد الذى لم يسمع به أحد لا من قبل ولا من بعد ؟.. نعم أنه هو !!!
والسؤال هنا هو : أذكر كتاب تاريخ واحد أو مؤرخ واحد ذكر هذه الحادثة في كتابه أو تأريخه !
إن حصار مدينة كأريحا وسقوطها بعد الحصار في حرب مشهورة كهذه وسقوط سور المدينة بهذه الخطة الرائعة لهو حدث تسير به الركبان ويتناقله المؤرخون وينتشر كانتشار النار في الهشيم , فأي مؤرخ أو كتاب تاريخ ذكر هذه المعجزة ؟
السؤال 57 :
( الصلب والفداء ) كيف كانوا أطهاراً وهم يحملون خطية آدم ؟
لقد شهد إلهكم قبل أن يموت على الصليب المزعوم ويفدى البشرية من خطيئة أدم أن تلاميذه من الأطهار باستثناء واحد منهم: (( قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ.)) يوحنا 13عدد 9-10 ألا يكذب هذا بدعة الصلب والفداء؟
السؤال 58 :
تضلون إذ لا تعرفون الكتب ؟ أي كتب يقصد ؟
جاء في إنجيل متى الإصحاح الثاني والعشرون الفقرة ( متى 22عدد23-30 ) الصدوقيين يسألون المسيح عن المرأة يرثها أخو زوجها إن مات زوجها ففي الآخرة لمن تكون المرأة زوجة فقال هكذا :
23. في ذلك اليوم جاء إليه صدوقيون الذين يقولون ليس قيامة فسألوه (24) قائلين يا معلّم قال موسى إن مات احد وليس له أولاد يتزوج أخوه بامرأته ويقيم نسلا لأخيه. (25) فكان عندنا سبعة إخوة وتزوج الأول ومات.وإذ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه. (26) وكذلك الثاني والثالث إلى السبعة. (27) وآخر الكل ماتت المرأة أيضا. (28) ففي القيامة لمن من السبعة تكون زوجة.فإنها كانت للجميع. (29) فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله. (30) لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء. (SVD)
وسؤالنا من شقين كالآتي :
الشق الأول : أين في كتب الأنبياء أو في العهد القديم مكتوب أو موجود انهم في القيامة لا يزوجون أو يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء ؟ رجاءً ادعم إجابتك بالنصوص من العهد القديم .
الشق الثاني : المسيح لم يعترض على كون المرأة يتوارثها إخوة زوجها بعد وفاة زوجها , بل كل ما استنكره أن يكون هناك زواج في الآخرة كما قرأت , والسؤال هو : لماذا ترك النصارى هذا الجزء من شريعة موسى ؟ تحت أي سبب وما هي الحجة ؟ المسح قال ما جئت لأنقض بل لأكمل ( متى 5عدد17 ) , وهو لم يعترض على كون الإخوة يتوارثون زوجة أخيهم الميت بالتتابع عند وفاة الأكبر منهم فالذي يليه كما ترى , لماذا لا يطبق النصارى هذه الشريعة اليوم ؟؟ رجاءً ادعم إجابتك بالنصوص من الكتاب المقدس .
السؤال 59 :
( الصلب والفداء ) هل كان يريد الصلب أم لا يريد ؟
تزعمون أن المسيح جاء برضاه إلى الدنيا لكي يقتل على الصليب ولكي يصالح البشرية مع الله ويفديهم بدمه ليخلصهم من خطيئة أبيهم آدم. وهذا يتناقض مع ما جاء في الأناجيل، فقد بينت الأناجيل أن المسيح لم يكن راضياً على صلبه، وأنه أخذ يصلي ويستغيث بالله، أن ينجيه من أعدائه، حتى أن عرقه صار كقطرات دم نازلة على الأرض ، واستمر في دعائه قبل القبض عليه وبعد أن وضع على الصليب حسب اعتقادكم : (( حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ : اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ. ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَالَ لَهُمْ : نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هَهُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي. ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ )) (متى 26عدد 36-44) و (مرقس 14عدد 32-39) و(لوقا 22عدد 41-44)
السؤال 60:
( الصلب والفداء ) لماذا حزنوا ؟
لماذا حزن تلاميذه والمؤمنون لو كانوا قد علموا بفرية الفداء والصلب ؟ ألم تكن هذه الحادثة مدعاة إلى سرور الناس جميعاً ؟ (( وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهَذَا الْمَنْظَرِ لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ. )) لوقا 23عدد 48
السؤال 61 :
( الأقانيم والتثليث ) هل كان الأنبياء الكبار قبل ديانة بولس يؤمنون بالتثليث وأن الله ثلاثة في واحد ؟ وأين الدليل ؟ رجاءً أيد إجابتك بالنصوص التوراتية .
السؤال 62 :
) هل معقول ( كيف يموت الأسد مرتان ؟
يقول كاتب سفر صموئيل الأول 17 عدد 34:
(( فقال داود لشاول كان عبدك يرعى لابيه غنما فجاء اسد مع دب واخذ شاة من القطيع. 35 فخرجت وراءه وقتلته وانقذتها من فيه ولما قام عليّ امسكته من ذقنه وضربته فقتلته.!!! )) ترجمة الفانديك
لاحظ عزيزي القارىء كيف تم امساك الأسد من ذقنه ! ولا حظ أنه أمسكه من ذقنه وضربه في الوقت ذاته ! ولا حظ أنه قتل الدب أيضاً !!!! والسؤال هنا هو : كيف يموت الأسد مرتان ؟
السؤال 63 :
(الألوهية ) فسر ما يلي :
ماذا تعنى عندكم هذه الفقرة: (( لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! )) متى 23 عدد 39؟
لو كان المسيح هو الله فكيف سيأتي باسم الرب لماذا لا يأتي باسمه هو ؟
السؤال 64 :
( أخطاء الشريعة) لماذا لم يقيم اليهود الحد على مريم العذراء ؟
هل تكلم عيسى فى المهد؟
لو لم يتكلم عيسى عليه السلام فى المهد ويُبرِّأ أمه ، لحكم اليهود على أمه بالحرق تبعاً لشريعتهم: (9 واذا تدنست ابنة كاهن بالزنى فقد دنست اباها.بالنار تحرق ) لاويين 21عدد 9، وبما أن اليهود لم يحرقوها ولم يمسوها بأذى ، فلابد أن تكون قد أتت بالدليل.أو بكل وضوح كانت متزوجة من يوسف النجار ولن يخفى على أحد في هذا الزمان إن كانت زوجته بالفعل أم أنها حبلت من الزنا , فالسؤال هو لماذا لم يقم عليها اليهود حد الزنى ؟
السؤال 65 :
قاله إضربني, قاله لأ, قاله الأسد هايكلك, وأكله الأسد !!!!
عفواً على اللغة العامية أعلاه لكن إطلع على النص ولك الحكم
جاء في سفر الملوك الأول 20 عدد 35 (( ان رجلاً من بني الانبياء قال لصاحبه . عن امر الرب اضربني . فأبى الرجل ان يضربه . فقال له من اجل انك لم تسمع لقول الرب فحينما تذهب من عندي يقتلك أسد . ولما ذهب من عنده لقيه أسد وقتله )) ( ترجمة الفانديك دار الكتاب المقدس )
تخيل .. رجل يقول لصاحبه إن الله يأمرك أن تضربني !!! هل هذا معقول ؟ هل يُنزل الله وحياً على رجل ما، يقول له فيه عليك أن تطلب من رجل آخر أن يضربك ؟ على كل حال وكما هو متوقع من العقلاء فإن الرجل رفض أن يضرب صاحبه فغضب طالب الضرب على صاحبه ودعا عليه فأكله أسد !!!! ولماذا يدعو عليه ؟ وما ذنبه ؟ دعا عليه لأنه رفض أن يضربه !!!! والمدهش أن الرب استجاب دعائه ( حسب النص ) فأكل الأسد هذا الرجل المسكين الذي رفض أن يضرب صاحبه !!!! وهل هذه العقوبة مناسبة لرفض الرجل أن يضرب صديقه ؟ ننتظر الإجابة ولكن عفواً نريدها من العقلاء .

السؤال 66 :
( هل معقول ) هل أراد عيسى  حقاً إفناء البشرية ؟
فلماذا قال إذاً ؟ (( لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ.)) متى 19عدد 12
وأين حق النساء في الزواج والإستمتاع بأزواجهن ؟ ألم يعلم إلهكم بعلمه الأزلى أن الساقطات سوف يستخدمن مثل هذا القول من أجل تبرير السحاق ؟
ولم يكن هو نفسه أو أحد الأنبياء مخصياً أو حتى أحد الحواريين، فمن المعروف أن بعض الحواريين كان متزوجاً مثل بطرس وبولس، بل ويندد سفر التثنية بمن يفعل ذلك قائلاً: (( لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.)) تثنية 23 عدد 1
السؤال 67 :
هل يوحنا المعمدان هو إيليا ؟
أولاً : جاء في إنجيل متَّى 17 عدد10-11 هكذا : وسأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولا. (11) فأجاب يسوع وقال لهم إن إيليا يأتي أولا ويردّ كل شيء. (SVD)
فيفهم منه بصريح النص أن إيليا من المفروض أن يسبق مجيئه مجئ المسيح وإن لم يشر التلاميذ من أين أتوا بهذه الفرضية ولكن يسوع قد أكد هذه الفكرة وأيد رأي التلاميذ أنه من المفروض أن يأتي إيليا أولاً قبل مَجئ المسيح المنتظر وهذا حسب ما جاء على لِسان المسيح أيضاً في إنجيل مرقس 9 عدد12 هكذا : فأجاب وقال لهم إن إيليا يأتي أولا ويرد كل شيء.وكيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألم كثيرا ويرذل. (SVD),
ولكن لما خرج يوحنا يعمد الناس بمعمودية التوبة فقد اعتقد الناس أنه إما أن يكون إيليا لأن إيليا يسبق مجئ المسيح , ولما أنكر أنه إيليا وقال لست أنا إيليا , فظنوا أنه المسيح لأنه لو لم يكن إيليا فربما كان المسيح المنتظر فأنكر أيضاً كونه المسيح , فلابد أنه النبي المنتظر ولكنه أنكر أيضاً كونه النبي المنتظر وهذا كما هو وارد في إنجيل يوحنا 1 عدد21 هكذا : فسألوه إذا ماذا.إيليا أنت؟ فقال لست أنا.النبي انت ؟.فأجاب لا. (SVD)
فظهر بصريح النص أن يوحنا أنكر كونه إيليا وقريب من هذا ما هو في نفس إنجيل يوحنا 1 عدد25 هكذا : فسألوه وقالوا له فما بالك تعمّد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي. (SVD)
ولكن بنص قول المسيح في إنجيل متى 17 عدد12-13 هكذا : ولكني أقول لكم أن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا.كذلك ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم. (13) حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان (SVD)
فَيُفهم من هذا القول إما حسب فهم التلاميذ أو حسب كلام يسوع أن يوحنا هو إيليا ولكن يوحنا أنكر كونه إيليا وكذب هذا الكلام كما قلنا من قبل , وليس من المعقول أن يكون يوحنا نبي ولا يدري أهو إيليا أم لا !!! فالأصدق قول يوحنا أنه ليس إيليا لأنه أدرى بنفسه من الكلام الذي فهمه التلاميذ من يسوع فبعدم إتيان إيليا ينفي مجيء المسيح المنتظر على حسب قول اليهود والتلاميذ , وقول النصارى أن يوحنا هو إيليا بالروح فهذا قول لا يُنظر إليه إذ أن يوحنا أنكر كونه إيليا ولم يشر إلى أنه إيليا بالروح أو بالجسد فالأولى تصديق يوحنا لا تصديق غيره . فالآن نعيد السؤال بصيغة أخرى إذا كان من المفترض أن يسبق مجيء المسيح نزول إيليا من السماء كما قال المسيح للتلاميذ وأيد رأيهم في ذلك , وإذا كان كاتب الإنجيل إدعى زوراً وبهتاناً أن إيليا قد جاء وأن إيليا هو يوحنا المعمدان وأنكر يوحنا  ها الأمر ورفض أن يكون إيليا بصريح النص أعلاه ؟ فكيف يكون يسوع هو المسيح المنتظر مع مراعاة إنكار يحي أنه إيليا ؟ ننتظر إجابة من عقلاء النصارى .
السؤال 68 :
من هو الكاهن الذي قتلته اليهود في بيت الرب؟
(( وَلَبِسَ رُوحُ اللَّهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: [هَكَذَا يَقُولُ اللَّهُ: لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصَايَا الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ]. 21فَفَتَنُوا عَلَيْهِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ بِأَمْرِ الْمَلِكِ فِي دَارِ بَيْتِ الرَّبِّ.)) أخبار الأيام الثاني 24عدد 20
(( لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هَذَا الْجِيلِ! )) متى 23عدد 35-36
لقد أخطأ الكاتب بين زكريا إبن يهويا داع الكاهن الذي قتل (أخبار الأيام الثاني 24عدد 20-22) وبين زكريا إبن برخيا (زكريا 1عدد 1 ، 7 ).
إنظر هامش إنجيل متى صفحة 6-11 من الكتاب المقدس ( Einheitsübersetzung )
السؤال 69 :
هل يريد الرب أن يُخلص الناس أم يصدقوا الكذب ويهلكون ؟
(( لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، 4الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ. )) تيموثاوس الأولى 2عدد 3-4
(( وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ. )) تسالونيكى الثانية 2عدد 11-12
السؤال 70 :
( هل معقول ) هل ملائكة الله تأكل لحماً وخبزاً ؟!
هل سمعتم عن كتاب يزعم أن ملائكة الله تأكل لحماً وخبزاً ؟
الكتاب المقدس يزعم أن ابراهيم عليه السلام حين مرت به الملائكة لهلاك قوم لوط ضيفهم وأطعمهم خبزاً ولحماً !!!
(( فَأَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى دَاخِلِ الْخَيْمَةِ إِلَى زَوْجَتِهِ سَارَةَ وَقَالَ: هَيَّا أَسْرِعِي وَاعْجِنِي ثَلاَثَ كَيْلاَتٍ مِنْ أَفْضَلِ الدَّقِيقِ وَاخْبِزِيهَا. ثُمَّ أَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ نَحْوَ قَطِيعِهِ وَاخْتَارَ عِجْلاً رَخْصاً طَيِّباً وَأَعْطَاهُ لِغُلامٍ كَيْ يُجَهِّزَهُ. ثُمَّ أَخَذَ زُبْداً وَلَبَناً وَالْعِجْلَ الَّذِي طَبَخَهُ، وَمَدَّهَا أَمَامَهُمْ، وَبَقِيَ وَاقِفاً فِي خِدْمَتِهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَهُمْ يَأْكُلُونَ. )) تكوين 18 عدد 1 أيها العقلاء , إن الملائكة هي أرواح لا أجساد , فهل الأرواح تأكل لحم وخبز ؟ وإن كان الملائكة التي جاءت لإبراهيم هي الله ومعه الإلهين الآخرين فيكون الثالوث فهل الثالوث يأكل لحم وخبز ؟
السؤال 71 :
ما معنى قول بطرس ( ولو أضطررت أن أموت معك )؟
جاء في انجيل مرقس 14عدد 27-31 (( وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ : إِنَّ كُلَّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ الْخِرَافُ. 28وَلَكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ». فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ : وَإِنْ شَكَّ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ! 30فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 31فَقَالَ بِأَكْثَرِ تَشْدِيدٍ: وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ. وَهَكَذَا قَالَ أَيْضاً الْجَمِيعُ. ))
ان قول بطرس والتلاميذ هنا (( وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ )) لدليل على معرفة التلاميذ له بأنه إنسان مُعرَّض للهلاك والموت ، وأن هرطقة الاتحاد بينه وبين الله والروح القدس من الخرافات التي دخلت فيما بعد على دين عيسى عليه السلام وأفسدت رسالته الحقة. وكيف يكون هو الإله والله هو الحى الباقى الذي لا يموت ؟
السؤال 72 :
هل الله  يعاقب على شئ مستحيل الحدوث ؟؟
إني أتسائل هَل يضع الله \ عقاباً لجريمة لا يمكن ان تحدث أساسا أو مستحيلة الحدوث ؟؟ ولأوضح السؤال أقول هل من المعقول أن يقول الله أن من يصعد إلى السماء السابعة ويصنع ثقباً قطره 10.5 متر يعاقب بأن يدخل النار !!!!!
هل هذا الكلام منطقي أو معقول عن الله ؟؟ بالطبع لا , لكن أصدقائنا النصارى يقولون باستحالة تحريف الكتاب المقدس ولا يتخيلون ذلك أساساً , إذاً يا أعزائي إذا كان هذا الأمر مستحيلا فلماذا وضع الله عقاباً له ؟؟؟ هل يضع الله عقاباً لجريمة مستحيلة الحدوث ؟؟
اقرأ ماذا يقول ربك في كتابك كما في رؤيا يوحنا 22 عدد 18-19:ـ
رؤيا 22 عدد 18: لاني اشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. (19) وان كان احد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب (SVD)
لماذا وضع الوعيد والتهديد في نهاية السفر لكل من يحاول التحريف إن كان التحريف مستحيل الوقوع كما تزعمون ؟؟ ؟
وفي التثنية يوصيهم ألا يزيدوا على كلام الرب أو ينقصوا منه .. هل كلام الرب قابل للزيادة والنقصان ؟ اقرأ الإصحاح الرابع من التثنية الفقرات 4 عدد 1-2 كما يلي : 1 فالآن يا إسرائيل اسمع الفرائض والأحكام التي أنا أعلمكم لتعملوها لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي الرب اله آبائكم يعطيكم. (2) لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها.
الرب يوصيهم ألا يزيدوا أو ينقصوا من هذا الكلام .. هل الرب يوصيهم بشئ من المستحيل وقوعه ؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال 73 :
( الكتاب المقدس ) ماذا تعرف عن هؤلاء ؟
من هو مترجم كل إنجيل؟ وما هي كفاءته العلمية واللغوية بكلا اللغتين؟ وما هي درجة تقواه وتخصصه؟ وما هي جنسيته؟
السؤال 74 :
( الكتاب المقدس ) هل معقول أنك تجهل من كتب كتابك المقدس ؟
يقول علماء الكتاب المقدس إن أغلب أسفار الكتاب المقدس مجهولة الهوية ومجهول هوية من كتبوها وإن أطلق إسم رجل على سفر معين كتسمية المزامير باسم داود مثلاً فلا يعني أبداً أن دواد هو كاتب كل المزامير هذا إن كان قد كتب بعضها وبهذا قياساً على باقي أسفار الكتاب المقدس فامسك ورقة وقلم وإبدأ من التكوين حتى رؤيا يؤحنا سفر سفر وجهز لي قائمة أمام كل سفر إسم الشخص الذي كتبه بالدليل , ومعلومات عن تاريخ كتابة كل سفر وحال من كتبه هل هو نبي أو رسول أم وثني أم مرتد كحال سليمان مثلاً , أم مجهول هوية من كتب هذا السفر ؟ وسنرى كم سفر ستصل إلى كاتبه , ثم كيف يثق الناس بأسفار مجهول هوية من كتبوها ولا يعرف دينهم أو مدى صحة ما كتبوه ؟

السؤال 75 :
( الصلب والفداء ) لماذا حُسب هؤلاء أبرار أتقياء قبل الصلب والفداء ؟
هل بخطيئة واحد أخطأ الجميع رومية 5عدد 12 أم أخطأ الكثيرون رومية 5عدد 19 ؟
وما رأيكم في قول يعقوب في رسالته : (( وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرّاً» وَدُعِيَ خَلِيلَ اللَّهِ.)) يعقوب 2عدد 23 ، وأيضاً (( وبارك الرب إبراهيم في كل شىء )) تكوين 24عدد 1 ، فقد كان إبراهيم إذاً من الأبرار ، من قبل أن يتجسد الإله ويُصلَب.
وكذلك (( وسار أخنوخ مع الله ، ولم يوجد لأن الله أخذه )) تكوين 5عدد 24
وأيضاً (( بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.)) عبرانيين 11عدد 5 وكذلك (( صعد إيليا في العاصفة إلى السماء )) ملوك الثاني 2عدد 11
السؤال 76 :
( التجسد) أخرج الشاهد من أقوال المسيح :
هل قال عيسى لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل ؟ أيَّد إجابتك بالأدلة النقلية من الكتاب المقدس على لسان المسيح !

السؤال 77 :
( الألوهية ) أخرج الشاهد من أقوال المسيح :
أين نجد قول عيسى عليه السلام نفسه لتلاميذه إنه الله وقد نزل إلى الدنيا لكي يغفر للبشر خطاياهم بالصلب ؟ وأين قال لهم أنه جاء من أجل خطيئة آدم ؟ فإن كان الجواب بالإيجاب ، فأيِّد إجابتك من الأناجيل!
السؤال 78 :
( تناقضات ) كم عدد الشهود على المسيح ؟
كم عدد الشهود الذين شهدوا أنه قال إنه ينقض الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام؟
حسب انجيل متى : كانوا اثنين فقط ((.. .. .. وَلَكِنْ أَخِيراً تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ وَقَالاَ: «هَذَا قَالَ إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللَّهِ وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ.)) متى 26عدد 60-61
ولكن حسب انجيل مرقس كانوا قوماً: (( ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُوراً قَائِلِينَ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هَذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ.)) مرقس 14عدد 57-58
السؤال 79 :
هل كانوا شهود زور ؟ أم شهدوا بما قاله المسيح ؟
من العجيب أن كتبة الأناجيل نسبوا شهادة الزور للذان أو للذين شهدوا على يسوع أنه يقول أني أنقض الهيكل وأبنيه في ثلاثة أيام ولا ندري عددهم أهم شخصان أم مجموعة من الناس فالأناجيل إختلفت في ذلك ولكن يقول إنجيل متى 26عدد60-61 ((60 فلم يجدوا.ومع انه جاء شهود زور كثيرون لم يجدوا.ولكن اخيرا تقدم شاهدا زور (61) وقالا.هذا قال اني اقدر ان انقض هيكل الله وفي ثلاثة ايام ابنيه. (SVD) لاحظ أنهما هنا شاهدان فقط
ثم يقول أيضاً في إنجيل مرقص 14عدد57-58 ((57 ثم قام قوم وشهدوا عليه زورا قائلين. (58) نحن سمعناه يقول اني انقض هذا الهيكل المصنوع بالايادي وفي ثلاثة ايام ابني آخر غير مصنوع باياد. (SVD) ولاحظ هنا أنهم قوم ( مجموعة )
فالعجب كل العجب أن نسب كتبة الأناجيل للشهود الذين شهدوا على يسوع أنهم شهدوا زوراً لأن يسوع قال هذا بالفعل كما في إنجيل يوحنا 2عدد19 (( 19 اجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة ايام اقيمه. (20) فقال اليهود في ست واربعين سنة بني هذا الهيكل أفانت في ثلاثة ايام تقيمه. (SVD)
فلا أدري أين شهادة الزور هنا ؟ الناس شهدوا بما قاله يسوع بالفعل! فلماذا نسبتموهم إلى شهادة الزور ؟
السؤال 80 :
أين في إرميا ؟
ورد في متى 27 عدد 9 قوله : حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمَّن الذي منوه من بني إسرائيل
اعترف المستر جوويل ، في كتابه المسمى ( بكتاب الاغلاط ) المطبوع سنة 1841 أنه غلط من متى ، وأقر به هورون في تفسيره المطبوع سنة 1822 حيث قال : في هذا النقل إشكال كبير جداً لأنه لا يوجد في كتاب إرميا مثل هذا ويوجد في [ 11 عدد 3 ] من سفر زكريا لكن لا يطابق ألفاظ متى ألفاظه
والسؤال هو : هذه العبارة غير موجودة في سفر إرميا فلماذا كذب كاتب إنجيل متى وقال أنها موجودة في إرميا ؟ وهل هذا خطأ من الوحي أم من الكتبة والمترجمين المدلسين ؟ ولا تنسى قول إرميا نفسه طالما نتحدث عن إرميا حينما قال في إرميا 8 عدد 8 هكذا : 8 كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا.حقا انه الى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب. (SVD)

السؤال 81 :
هل تصدق هذه العبارة ؟
يوحنا 21 عدد 25 " واشياء أخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة آمين "
العقلاء أسأل : هل يتخيل عاقل على وجه الأرض أن يوحنا صادق في هذه العبارة ؟ إن القارئ لهذه العبارة قد يتخيل أن يوحنا يقصد كل معجزات يسوع أو تاريخ حياة يسوع , لكن الأمر غير ذلك فإن يوحنا يتحدث عن المعجزات التي فعلها يسوع بعد قيامته من القبر وهو في خلال أربعين يوماً كما يقول في أعمال الرسل 1عدد3: الذين اراهم ايضا نفسه حيّا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم اربعين يوما ويتكلم عن الامور المختصة بملكوت الله. (SVD)
بالله عليكم هل ما يقوله الرجل معقول ؟ لو فرضنا أنه صنع خمسة معجزات وليكن عشرة في اليوم الواحد الذي يظهر لهم فيه في خلال الأربعين يوماً أي عشرة في اليوم الواحد في خمس مرات أو ستة مرات ظهر فيها ما يساوي ستين معجزة على أقصى تقدير ... فهل كتب العالم كلها لا تسع ستين معجزة من معجزات يسوع ؟
السؤال 82 :
( هل معقول ) هل يحل للرجل بيع إبنته ؟
الكتاب المقدس يعطي للرجل الحق في أن يبيع ابنته !
قال الرب في سفر الخروج 21 عدد 7 : (( إِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابنته كَأَمَةٍ، فَإِنَّهَا لاَ تُطْلَقُ حُرَّةً كَمَا يُطْلَقُ اْلعَبْدُ. )) [ ترجمة كتاب الحياة ]
السؤال 83 :
(عقائد وعبادات) ما قصة الصور والتماثيل في الكنيسة ؟
جاء في سفر التثنية 5 عدد 8 : لا تصنع لك تمثالا منحوتا ، ولا صورة ما مما في السماء من فوق ، وما في الأرض من أسفل ، وما في الماء من تحت الأرض . لا تسجد لهن ، ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك غيور. .
وجاء في تثنية 4 عدد 15 : فَاحْذَرُوا لأَنْفُسِكُمْ جِدّاً، فَأَنْتُمْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً مَا حِينَ خَاطَبَكُمُ الرَّبُّ فِي جَبَلِ حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. لِئَلاَّ تَفْسُدُوا فَتَنْحَتُوا لَكُمْ تِمْثَالاً لِصُورَةٍ مَا لِمِثَالِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ .
وفي سفر اللاويين 26 عدد 1 .. لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَصْنَاماً، وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تَمَاثِيلَ مَنْحُوتَةً، أَوْ أَنْصَاباً مُقَدَّسَةً، وَلاَ تَرْفَعُوا حَجَراً مُصَوَّراً فِي أَرْضِكُمْ لِتَسْجُدُوا لَهُ
هذه هي نصوص توراتية وردت في النهي عن عمل الصور والتماثيل وعن عبادتها ، والسجود لها . ولا شك أن التوراة تعتبر كتابا مقدساً لدى المسيحيين ، بالإضافة إلى أن العهد الجديد خال من هذه البدعة ، لكن يأبى النصارى إلا مخالفة شريعة الله والجري وراء أهوائهم ورغباتهم ، فيدخلون شعيرة تقديس الصور والتماثيل والفطيرة والخمرة – وهي شعيرة وثنية – ضمن شعائرهم ، شأنها في ذلك شأن كافة الشعائر والبدع التي اقتبسوها عن الوثنين .
أكثر النصارى يسجد للتصاوير في الكنائس . وهو من كفرهم . وأي فرق بين عبادة الأصنام والسجود للتصاوير .. وإذا زرت - عزيزي القارىء - كاتدرائية القديس بولس في لندن أو كنيسة القديس بطرس في روما ، فإنك لا تكاد تفرق بينهما وبين معبد ( سومناث ) في الهند !
والسؤال هو : لماذا تخالفون نصوص العهد القديم وتحلون لأنفسكم بناء الأصنام والصور في الكنائس والسجود لها ؟
السؤال 84 :
ما هو تاريخ ميلاد المسيح ؟ ولماذا 25 ديسمبر ؟
يختلف المسيحيون الغربيون عن الشرقيين في موعد احتفالاتهم بعيد ميلاد السيد المسيح. فبينما في الغرب هو يوم 25 ديسمبر (كانون الاول) عند الكاثوليك والبروتستانت، فانه عند الارثوذوكس في الشرق يوم 7 يناير (كانون الثاني) من كل عام. والاحتفال الذي يسمى بالانجليزية «كريسماس» والفرنسية «نويل» اصله «ناتيفيتاس» في اللاتينية. ولم يبدأ الاحتفال بعيد الميلاد الا منذ منتصف القرن الرابع الميلادي، بعدما تحولّت الدولة الرومانية الى الديانة الجديدة على يد الامبراطور قسطنطين. ولا احد يدري كيف اختير يوم 25 ديسمبر، فقد كان هذا اليوم هو يوم الاحتفال بهيليوس الذي يمثل الشمس عند الرومان قبل ذلك.
اناجيل العهد الجديد الاربعة لم يتحدث عن تاريخ ميلاد المسيح إلا متى ولوقا، واختلف متى ولوقا سواء في تحديدهما لتاريخ الميلاد او لموقعه. فبينما يذكر انجيل متى ان مولده كان في ايام حكم الملك هيرودوس، الذي مات في العام الرابع قبل الميلاد، فان انجيل مرقص يجعل مولده في عام الاحصاء الروماني، اي في العام السادس الميلادي.
كما يقول الأسقف بارنز أن هذا التاريخ التاريخ 25 ديسمبر قد صادف يوم احتفال كبير بعيد وثني قومي في روما ، ولم تستطع الكنيسة أن تلغي هذا العيد _ بل باركته كعيد قومي لشمس البر فصار ذلك تقليدي منذ هذا الوقت .وقد تم الاتفاق على الاحتفال بعيد الميلاد في ديسمبر بالنسبة للغربيين بعد مناقشات طويلة حوالي عام 300 .وهذا الرأي الذي ذهب إليه الأسقف بارنز أخذت به دائرة المعارف البريطانية ودائرة معارف شامبرو ( انظر ذلك في الصفحة 642 ، 643 من دائرة المعارف البريطانية ط:15 مجلد : 5 )
والسؤال هو : ما هو تاريخ ميلاد المسيح على وجه الدقة وبالدليل ؟ ولماذا يتم الإحتفال به في 25 ديسمبر أو في 7 يناير ؟
السؤال 85 :
أين الدليل على تحريم تعدد الزوجات ؟
الثابت تاريخياً أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور كالأنبياء وغيرهم ، وفي العهد الجديد نجد نصوصاً تبيح التعدد كالنص الوارد في رسالة بولس الاولى الي تيموثاوس 3 عدد 2 : (( فعلى الاسقف أن يكون منزها عن اللوم ، زوج امرأة واحدة )) وهذا يعني أن اللوم على اكثر من واحدة خاص بالاسقف فلا يشمل كل الرعية والناس . وكذلك ما جاء في نفس الرسالة 3 عدد 12 : (( ليكن الشمامسة كل بعل امرأة واحدة مدبرين اولادهم وبيوتهم حسنا.)) وبهذا نستشف ان التعدد غير مباح للشماس أو المدبر في الكنيسة فلا يشمل بقية الناس والرعية .
والمسيح نفسه ضرب مثلاً في متى 25 عدد 1 - 11 بعشرة من العذراى كن في انتظار العريس وأنهن لجهالة بعضهن لم يستطعن الدخول معه فأغلق الباب دون هذا البعض لأنهن لم يكن قد أعددن ما يلزم - فلو أن التعدد كان غير جائز عنده ما ضرب المثل بالعذراى العشر اللائي ينتظرن عريساً واحداً .
وكم طالبنا النصارى أن يأتوا بدليل واحد على لسان المسيح يمنع فيه التعدد فعجزوا ، وكل ما يستدلوا به إنما هو تمويه وليس فيه ما يصلح للإحتجاج فنراهم يستدلون بما جاء في متى ( 19 عدد 3 و 4 و 5 ) :
(( وجاء اليه الفريسيون ليجربوه قائلين له هل يحل للرجل ان يطلق امرأته لكل سبب . فاجاب وقال لهم أما قرأتم ان الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وانثى وقال .من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا ))
في الحقيقة هذه العبارات ليس فيها منع التعدد ، ولا نجد جملة واحدة تقول ممنوع التعدد او لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة ، وغاية الكلام هنا هو منع الطلاق وليس غير ، وهذا ما سأله الفريسيون من البداية وهذا ما عناه المسيح عليه السلام . فكما أن إتحاد الرجل بزوجته ليس حقيقياً بل مجازاً فكذلك من الممكن بكل سهولة أن يكون إتحاده بإمرأة أخرى ويصيرا جسداً واحداً أيضاً .
والسؤال هو : أين نجد نص واحد صريح من الكتاب المقدس يحرم تعدد الزوجات ؟
وهل كان هناك تحريم لتعدد الزوجات في العهد القديم ؟
السؤال 86 :
( الصلب والفداء ) هل جاء من أجل أن يُصلب ؟
من أساس العقيدة المسيحية الحالية أن المسيح جاء من أجل أن يصلب وأن الرب إتخذ جسداً بشرياً مخصوص من أجل الصلب والفداء , وأنه قد ضحى بابنه مختاراً وراضٍ بذلك من أجل أن يكفر عن الخطيئة , ولا يختلف في هذا إثنان من النصارى في عصرنا الحالي , والسؤال هو : إن كان الرب جاء خصيصاً من أجل أن يُصلب , فقد كان يصلي لنفسه بتضرعات ودموع حتى صار عرقه كقطرات دم نازلة طالباً من نفسه أن ينجي نفسه من الصلب , دع عنك هذه القصة , ولكني أقول لو أنه جاء لأجل الصلب , فلماذا أرسل رؤيا إلى زوجة بيلاطس الحاكم الذي أمر بصلب يسوع يحاول تنجية نفسه من هذا الصلب كما في إنجيل متى 27 عدد 19: (( واذ كان جالسا على كرسي الولاية ارسلت اليه امرأته قائلة اياك وذلك البار.لاني تألمت اليوم كثيرا في حلم من اجله. (SVD) لو أنه جاء من أجل الصلب وهو راضي به فلماذا أرسل رؤيا كهذه لزوجة بيلاطس ؟
السؤال 87 :
( التجسد) هل يجوز أن يتجسد الله ؟
هذا السؤال يقودنا إلى سؤال آخر يسبقه وهو هل التجسد هو صفة كمال أم صفة نقصان ؟
إن كان التجسد صفة كمال وهذا ما يصرخ به النصارى فالله كان ناقصاً حاشا لله قبل أن يتجسد فبإجماع النصارى الله لم يتجسد قبل المسيح أبداً , وأول تجسده كان في المسيح , ولم يكن متجسداً أزلاً , فبغض النظر أن هذا يعتبر جديد جَدَّ على الله , فإن كان الله أول ما تجسد تجسد في المسيح والتجسد هو صفة كمال فسبحانه وتعالى كان ناقصاً حتى إكتمل بتجسده في المسيح فأصبح متصفاً بالتجسد الذي هو صفة كمال كما تقولون وقبلها لم تكن فيه هذه الصفة فبدونها كان ناقصاً . وهذا كفر صريح لا شك في ذلك فالله لا يوصف بالنقصان أبداً فسبحانه وتعالى علواً كبيراً عن هذا.
وإن كان التجسد هو صفة نقصان فهذا كلام جيد ولكن هو كفر أيضاً إن نسبنا لله انه تجسد فمن الكفر وصف الله بأنه متصف بصفة نقصان حاشاه سبحانه
والسؤال مرة أخرى هل يجوز التجسد لله أم لا يجوز ؟ ننتظر إجابة مقنعة ؟
السؤال 88 :
( الألوهية ) أليس هو الله ؟ فما حاجته لملاك يقويه ؟
هذا ما يقوله لوقا في إنجيله 22عدد43 (( وَابْتَعَدَ عَنْهُمْ مَسَافَةً تُقَارِبُ رَمْيَةَ حَجَرٍ، وَرَكَعَ يُصَلِّي 42قَائِلاً : يَاأَبِي، إِنْ شِئْتَ أَبْعِدْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ، لِتَكُنْ لاَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَتُكَ. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ ليقويه. وَإِذْ كَانَ فِي صِرَاعٍ، أَخَذَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ إِلْحَاحٍ؛ حَتَّى إِنَّ عَرَقَهُ صَارَ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. )) كان يدعوا حتى ينجيه ربه من الصلب .
إذا كان يسوع الناصري هو الله فكيف يظهر له ملاك من السماء يقويه ؟ إن قلت أنه جاء يقوي ناسوته فأنت تدعوني للضحك , لأن نص الفقرة تقول ((. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ ليقويه )) لم يقل ليقوي ناسوته دون لاهوته , ثم العجب لماذا لم يقوي لاهوته ناسوته ؟ إنسان يحمل داخله لاهوت الله يحتاج بعدها لملاك ليقويه ؟ أين العقلاء ؟ إن هذا شبيه حينما تقول إن رافعة عملاقة ترفع حجر صغير وزنه كيلو جرام واحد ثم جاءت نملة لتقوي الرافعة على رفع الحجر !! كلام ليس له معنى , الله يحتاج إلى ملاك ليقويه هل تتخيل ذلك ؟
السؤال 89 :
هل في الجنة أكل وشرب ومتع حسية ؟
جاء في إنجيل متى26عدد 9: واقول لكم اني من الآن لا اشرب من نتاج الكرمة هذا الى ذلك اليوم حينما اشربه معكم جديدا في ملكوت ابي. (SVD)
وفي نفس الإنجيل متى19عدد 29: وكل من ترك بيوتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امرأة او اولادا او حقولا من اجل اسمي يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الابدية.
وفي نفس الإنجيل متى10 عدد 28: ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها.بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم. (SVD)
وفي إنجيل لوقا 22 عدد 30: لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي وتجلسوا على كراسي تدينون اسباط اسرائيل الاثني عشر.
وفي نفس إنجيل لوقا 14 عدد 15 فلما سمع ذلك واحد من المتكئين قال له طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت الله. (SVD)
وجاء في سفر الرؤيا رؤيا 2 عدد 7: من له اذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس.من يغلب فسأعطيه ان يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله (SVD)
مذهب النصارى في هذا العصر وبالإجماع أنه لا أكل ولا شرب ولا متع حسية في الجنة , وحينما نطالع كل هذه النصوص أعلاه يتضح لنا قطعاً أن هناك أكل وشرب ومتع حسية في الجنة, وهناك أيضاً عذاب وألم للجسد في جهنم , والسؤال هو كيف تقولون أنه لا متع حسية في الجنة بل نكون أرواح ؟ وهل الأرواح تأكل وتشرب ؟
السؤال 90 :
( الأقانيم والتثليث ) مسحه الله بالروح القدس !
يقول بطرس عن المسيح : " يسوع الذي في الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس .. " اعمال 10 عدد 38 . من المعلوم ان المسيحيون يؤمنون بعقيدة التثليث والتي تنص على ان الروح القدس هو الله . وهكذا فإن النص يصبح هكذا : " مسح اللهُ الله بالله " فكيف يكون الله ماسحاً وممسوحاً وممسوحاً به في الوقت ذاته ؟
السؤال 91 :
( الألوهية ) من الذي أقامه من الموت؟ وهل هناك إله يقيم إله ؟ لماذا لم يقيم نفسه من الموت ؟
أعمال2عدد 32: فيسوع هذا اقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك. (SVD)
أعمال2عدد 24: الذي اقامه الله ناقضا اوجاع الموت اذ لم يكن ممكنا ان يمسك منه. (SVD)
السؤال 92 :
( هل معقول ) هل الحية تأكل تراب؟
تكوين 3عدد 14: فقال الرب الاله للحيّة لأنك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية.على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل ايام حياتك. (SVD)
السؤال 93 :
( الألوهية ) أليس هو الله ؟ لماذا لم يغفر لهم هو؟
لوقا 23عدد 34: فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.وإذ اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها (SVD)

السؤال 94 :
( الأقانيم والتثليث ) هل روح القدس افضل من الإبن؟
لماذا يسمح بالتجديف على الإبن ولا يسمح على الروح ؟
لوقا 12عدد 10: وكل من قال كلمة على ابن الانسان يغفر له.وأما من جدف على الروح القدس فلا يغفر له. (SVD)

السؤال 95 :
( الأقانيم والتثليث ) كيف يجلس عن يمين نفسه؟
مرقس 16عدد 19: ثم ان الرب بعدما كلمهم ارتفع الى السماء وجلس عن يمين الله. (SVD)

السؤال 96 :
( الألوهية ) إن كان يسوع هو الله فكيف يطلب الشيطان من الله أن يسجد له ؟
لوقا 4عدد 7: فان سجدت امامي يكون لك الجميع(8) فأجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد.
السؤال 97 :
( أخطاء ) كيف يكون يهوذا الخائن ديان؟
متى 19عدد 28: فقال له يسوع الحق اقول لكم انكم انتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده تجلسون انتم ايضا على اثني عشر كرسيا تدينون اسباط اسرائيل الاثني عشر. (SVD)
كيف يشهد يسوع أن يهوذا الخائن سيكون ديان ؟ أم أن يسوع لم يكن يعلم بعد أن يهوذا سيخونه ؟ وأن أحد تلاميذه سيكون في الجحيم ؟
السؤال 98 :
( أخطاء ) كم عدد بنو يعقوب إخوة يوسف وأهله حينما دخلوا إلى مصر؟
يقول العهد القديم في سفر التكوين 46عدد 26-27 : جميع النفوس ليعقوب التي اتت الى مصر الخارجة من صلبه ما عدا نساء بني يعقوب جميع النفوس ست وستون نفسا. (27) وابنا يوسف اللذان ولدا له في مصر نفسان.جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت الى مصر سبعون (SVD)
بينما يقول العهد الجديد أعمال 7عدد 14: فارسل يوسف واستدعى اباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفسا. (SVD)
السؤال 99 :
مــن هـــو فـــــلان الفلانــــــــــي
راعوث 4عدد 1: فصعد بوعز الى الباب وجلس هناك واذا بالولي الذي تكلم عنه بوعز عابر.فقال مل واجلس هنا انت يا فلان الفلاني فمال وجلس. (SVD)
لا يعقل أن يكون كتاب من عند الله فيه الوحي ويقول فلان الفلاني ! فمن هو فلان الفلاني هذا ؟
السؤال 100 :
لمن يقول يسوع هذه العبارة لليهود ام للمسلمين ؟؟ أم للنصارى الذين يقولن أننا نخرج الشياطين باسم الرب ؟
متى 7عدد 22: كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك اخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. (23)فحينئذ أصرّح لهم اني لم اعرفكم قط.اذهبوا عني يا فاعلي الاثم (SVD)
وختاماً فهذا هو السؤال رقم 100 وعليه نرجوا من أعزائنا الذين يقولون أن القساوسة يصنعون المعجزات ويشفون المرضى ويخرجون الشياطين باسم يسوع , فلمن يقول يسوع هذه الكلمات أعلاه ؟ هل لليهود أم للنصارى أم للمسلمين ؟ وحقيقة لا أدري إن كان القساوسة يفعلون هذا حقيقة فما فائدة المستشفيات ؟ وما فائدة علم الطب ؟ ولماذا كان بابا الفاتيكان يوحنا يبول على نفسه ولا يستطيع أن يتحكم في بوله أو برازه ؟ وهذا منشور في المجلات عن حالة البابا الصحية ؟ لماذا لم يشفي نفسه ؟ أو يشفيه صانعي المعجزات من المؤمنين والقساوسة ؟ وأذكركم بهذا النص في لوقا 17 عدد 6: فقال الرب لو كان لكم ايمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم (SVD)
فلو كان عندكم مقدار من حبة خردل من الإيمان لشفيتم المرضى وحركتم الجبال و لكن يسوع يقول هذه آيات تتبع المؤمنين ويبدوا أنه ليس فيكم مؤمن واحد لأن يسوع يقول إنجيل مرقس 16 عدد 17-18 : وهذه الآيات تتبع المؤمنين.يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. (18) يحملون حيّات وان شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون ايديهم على المرضى فيبرأون

كتبه : خطاب المصري AYOOP2

غير معرف يقول...

Jesus has GOD المسيح ابن مريم عبد الله .. إلهه هو الله
- John said in the revelation book about Jesus “and has made us to be a kingdom and priests to serve his God and Father—to him be glory and power for ever and ever! Amen” Revelation 1:6 (NIV)
- يقول يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا عن المسيح ابن مريم عليه السلام الترجمة العالمية الجديدة وايضا في ترجمة الملك جيمس "وجعل منا (أي يسوع) مملكة من الكهنة لإلهه وابيه الذي له المجد والقوة لأبد الآبدين آمين." سفر الرؤيا 1:6 الترجمة العالمية الجديدة
- Paul said in book of Ephesians about Jesus “the God of our Lord Jesus” Ephesians 1:17 (KJV)
- يقول بولس الرسول عن الله الذي هو إله المسيح ابن مريم في رسالة بولس إلى افسس في ترجمة الملك جيمس "إله ربنا يسوع" والرب في الكتاب المقدس أي المعلم افسس 1:17 ترجمة الملك جيمس.
-Mathew says about Jesus in the Gospel of Mathew “Jesus cried out in a loud voice, "Eloi, Eloi, lama sabachthani?" which means, "My God, my God, why have you forsaken me?" Matthew 27:46 (NIV)
- يقول متى عن المسيح ابن مريم عليه السلام في انجيل متى الترجمة العالمية الجديدة "وصرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إلوي إلوي لما شبقتني والذي معناه إلهي إلهي لماذا تركتني؟" انجيل متى 27:46 الترجمة العالمية الجديدة.
- John mentions that Jesus in the gospel of John said “I ascend unto my Father, and your Father; and to my God, and your God”. John 20:17 (KJV)
- يذكر يوحنا في انجيل يوحنا ترجمة الملك جيمس الجديدة أن المسيح ابن مريم عليه السلام يقول "إني أصعد إلى أبي وابيكم وإلهي وإلهكم" انجيل يوحنا 20:17 ترجمة الملك جيمس الجديدة.
- All Christian scholars are saying that this a prophecy from God about Jesus "Here is my servant, whom I uphold” Isaiah 42:1 (NIV)
- كل علماء المسيحية يقولون أن هذه النبوءة الآتية والمذكورة من الله في سفر إشعياء عن المسيح ابن مريم عليه السلام "هذا هو عبدي الذي أعضده" اشعياء 42:1 الترجمة العالمية الجديدة.

- Peter says in the book of acts about Jesus that he is a servant of God “When God raised up his servant, he sent him first to you" Acts
- يقول بطرس الرسول في سفر أعمال الرسل عن المسيح ابن مريم عليه السلام أنه عبد لله "إذ أقام الله عبده يسوع أرسله إليكم أولا" سفر أعمال الرسل
- John says in the book of revelation that Jesus after his ascension said “Him who overcomes I will make a pillar in the temple of my God. Never again will he leave it. I will write on him the name of my God and the name of the city of my God, the new Jerusalem, which is coming down out of heaven from my God; and I will also write on him my new name”. Revelation 3:12-14 (NIV)
- يقول يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا أن المسيح بعد صعوده إلى السماء يقول "من يغلب سأجعله عمودا في هيكل إلهي ولايعود يتركه ابدا. سأكتب عليه اسم إلهي واسم مدينة إلهي اورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند إلهي وسأكتب عليه اسمي الجديد" سفر الرؤيا 3 : 12-14 الترجمة العالمية الجديدة.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟عليه السلام رسول الله ..
- The Bible tells us that Jesus is a prophet like Moses. Jesus said many times to children of Israel that he is the prophet like Moses and he is fulfilling that prophecy “The LORD said to me(Moses): I will raise up for them a prophet like you from among their brothers; I will put my words in his mouth, and he will tell them everything I command him. If anyone does not listen to my words that the prophet speaks in my name, I myself will call him to account. But a prophet who presumes to speak in my name anything I have not commanded him to say, or a prophet who speaks in the name of other gods, must be put to death" Deuteronomy 18:18-22 (NIV)Jesus was a true prophet so he must be saved by GOD.
- يخبرنا الكتاب المقدس أن المسيح ابن مريم نبي مثل موسى. فلقد كان المسيح عليه السلام دائما مايذكر بني اسرائيل بأن موسى قد كتب عنه. فهو النبي الذي تنطبق عليه نبؤة سفر التثنية 20:18 والتي تقول على لسان موسى "قال الرب لي .. سأقيم لهم نبيا مثلك من بين إخوتهم وسأجعل كلامي في فمه وسيخبرهم بكل ما آمره به. ومن لم يسمع لكلامي الذي يتكلم به هذا النبي باسمي قإنني أطالبه. وأما النبي الذي يتجبر فينطق باسمي بما لم آمره بهأو يتكلم باسم آلهة أخرى فحتما يموت" سفر التثنية 18:18-22 الترجمة العالمية الجديدة.
1- He is a prophet like Moses 2- He will not be killed, nor crucified like Moses 3- Moses didn’t call for trinity, so Jesus the prophet didn’t call for trinity 4- Moses was sent only to the children of Israel, so Jesus the prophet of God "I was sent only to the lost sheep of Israel" Matthew 15:24 He is not the prophet coming to the world
1- إنه نبي مثل موسى 2- المسيح ابن مريم لم يُقتل ولم يُصلب كما لم يُقتل ولم يُصلب موسى 3- موسى لم ينادي بالتثليث وكذلك المسيح ابن مريم النبي الذي هو مثل موسى لم ينادي بالتثليث 4- موسى أُرسل إلى بني اسرائيل وكذلك المسيح ابن مريم "لم أُرسل إلا لخراف بيت اسرائيل الضالة" متى 15:24 ولذلك فهو ليس النبي المُرسل إلى العالم.
- Isaia has the same characters as Jesus, read: "As for me, this is my covenant with them," says the LORD. "My Spirit, who is on you, and my words that I have put in your mouth will not depart from your mouth, or from the mouths of your children, or from the mouths of their descendants from this time on and forever," says the LORD. Isaiah 59:21 (NIV)
- إن اشعياء النبي الذي أرسله الله قبل المسيح ابن مريم إلى بني اسرائيل بسبعمائة سنة له نفس خواص المسيح .. كلام الله في فمه .. اقرأ "روحي التي عليك وكلماتي التي وضعتها في فمك لاتغادر فمك ولا فم ابنائك ولا فم نسل ابنائك من الآن إلى الأبد يقول الرب" اشعياء 21:59 الترجمة العالمية الجديدة
- Mathew told us the following in his gospel “The crowds answered, "This is Jesus, the prophet from Nazareth in Galilee" Matthew 21:11 (NIV)
- يخبرنا متى بالآتي في انجيل متى الترجمة العالمية الجديدة "أجابت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل" انجيل متى 21:11 الترجمة العالمية الجديدة.
- Luke told us that 2 of Jesus disciples said the following in his gospel "About Jesus of Nazareth," they replied. "He was a prophet, powerful in word and deed before God and all the people” Luke 24:20 (NIV)
- يخبرنا لوقا أن اثنين من تلاميذ المسيح عليه السلام عندما قابلا المسيح بعد حادثة الصلب المزعومة ولم يعرفاه قالا له " يسوع الناصري الذي كان نبيا مقتدرا في الفعل والقول أمام الله والشعب" انجيل لوقا 24:20 الترجمة العالمية الجديدة
- The gospel of John tells us that Jesus was sent by God “Jesus saith unto them, My meat is to do the will of him that sent me” John 4:34 (KJV)
- يخبرنا انجيل يوحنا أن المسيح أرسله الله "قال لهم يسوع طعامي أن أفعل مشيئة الذي أرسلني" يوحنا 4:34 ترجمة الملك جيمس الجديدة.
- Gospel of John tells us that Jesus was sent by God “Jesus answered them, and said, My doctrine is not mine, but his that sent me” John 7:16 (KJV)
- يخبرنا انجيل يوحنا أن المسيح أرسله الله "اجابهم يسوع الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للذي أرسلني" يوحنا 7:16 ترجمة الملك جيمس الجديدة.
- Gospel of John tells us that Jesus was sent by God “And I knew that thou hearest me always: but because of the people which stand by I said it, that they may believe that thou hast sent me” John 11:42 (KJV)
- يخبرنا انجيل يوحنا أن المسيح أرسله الله وذلك واضح حينما ذهب لإحياء اليعازر فقال داعيا الله "اعلم انك تسمع لي دائما ولكن لأجل هذا الجمع قلت ليؤمنوا أنك ارسلتني" يوحنا 11:42 ترجمة الملك جيمس الجديدة.
- Gospel of John tells us that we have to believe in God who send Jesus and in Jesus who had been sent by God “Verily, verily, I say unto you, He that heareth my word, and believeth on him that sent me, hath everlasting life, and shall not come into condemnation; but is passed from death unto life” John 5:24 (KJV)
- يخبرنا انجيل يوحنا أن علينا إذا كنا نريد الفردوس والحياة الأبدية أن نؤمن بالله الإله الحقيقي وحده وكذلك بالمسيح الذي أرسله الله فيقول "وهذه هي الحياة الأبدية أن يؤمنوا بك أنت الإله الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي أرسلته" يوحنا يوحنا 5:24 ترجمة الملك جيمس الجديدة.
- The gospel of Mathew tells us that Jesus was a prophet “This is Jesus the prophet of Nazareth of Galilee” Matthew 21:11 (KJV)
- يخبرنا انجيل متى أن الجموع التي آمنت بالمسيح ابن مريم آمنت به كنبي من انبياء الله ولذلك قالوا "هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل" متى 21:11 ترجمة الملك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟جيمس الجديدةالله ليس انسانا والمسيح إنسان
- The Bible told us that God is not a man “God is not a man, that he should lie, nor a son of man, that he should change his mind. Does he speak and then not act? Does he promise and not fulfill?” Numbers 23:19 (NIV)
- يخبرنا الكتاب المقدس أن الله ليس إنسانا "ليس الله إنسانا ليكذب ولا ابن إنسان ليندم. هل يتكلم ولا يفعل؟ هل يعد ولا يوفي؟" سفر العدد 19:23 (الترجمة العالمية الحديثة).
- Gospel of John tells us that Jesus said that he is a man “But now ye seek to kill me, a man that hath told you the truth, which I have heard of God” John 8:40 (KJV).
- يخبرنا إنجيل يوحنا أن المسيح قال عن نفسه أنه إنسان "تريدون أن تقتلونني وأنا إنسان قد كلمكم بالذي سمعه من الله" إنجيل يوحنا 40:8 (ترجمة الملك جيمس).
- Peter said in the book of acts “Ye men of Israel, hear these words; Jesus of Nazareth, a man approved of God among you by miracles and wonders and signs, which God did by him” Acts 2:22 (KJV)

- يخبرنا بطرس الرسول في سفر أعمال الرسل أن يسوع الناصري كان رجلا إنسانا فيقول "ايها الرجال الإسرائيليون اسمعوا يسوع الناصري رجل أقامه الله بينكم بآيات وعجائب وعلامات صنعها الله بيده" سفر أعمال الرسل 22:2 (ترجمة الملك =============================== GOD
الكتاب المقدس يقول: "المسيح لم يكن ابن الله"
- The Bible says that Israel “Jacob” is the son of God and even his firstborn “Thus saith the LORD, Israel is my son, even my firstborn” Exodus 4:22 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس أن اسرائيل "يعقوب" هو ابن الله البكر قال الرب "اسرائيل ابني البكر" سفر الخروج 22:4 (ترجمة الملك جيمس).
- The Bible says that David is the son of God and his firstborn “Also I will make him “David” my firstborn, higher than the kings of the earth” Psalm 89:27 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس أن داود هو ابن الله البكر ايضا فقد قال الرب "سأجعله(داود) بكري أعلى من ملوك الأرض" سفر المزامير 22:89 (ترجمة الملك جيمس).
- The Bible says that Israel is the son of God and Ephraim is his firstborn “I am a father to Israel, and Ephraim is my firstborn” Jeremiah 31:9 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس أن اسرائيل هو ابن الله وافرايم هو ابن الله البكر "أنا أب لإسرائيل وافرايم بكري" سفر ارمياء 9:31 (ترجمة الملك جيمس).
- The Bible says that Solomon is the son of God “He shall build an house for my name; and he shall be my son, and I will be his father; and I will establish the throne of his kingdom over Israel for ever” Chronicles 22:10 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس أن سليمان هو ابن الله "وهو يبني بيتي ويكون لي ابنا وأكون له أبا واجعل ملكه على اسرائيل للأبد." سفر أخبار الأيام 10:22 (ترجمة الملك جيمس).

- The Bible says that Solomon is the son of God “And he said unto me, Solomon thy son, he shall build my house and my courts: for I have chosen him to be my son, and I will be his father” 1 Chronicles 28:6 (KJV)

- يقول الكتاب المقدس أن سليمان هو ابن الله "وقال لي سليمان ابنك يبني هيكلي لأنني اخترته لي ابنا وأنا أكون له أبا" سفر أخبار الأيام 6:28 (ترجمة الملك جيمس).
- Jesus said to children of Israel “you will be sons of the Most High (GOD)” Luke 6:35 (NIV).
- يقول يسوع لليهود "و تكونون أبناء العلي كلكم" انجيل لوقا 35:6(الترجمة العالمية الحديثة)؟????????????????? of Israel
المسيح لم يرسل إلا إلى خراف اسرائيل الضالة
- The Gospel of Mathew tells us that Jesus confirmed that he was sent only to the lost sheep of Israel “He answered ”Jesus”, "I was sent only to the lost sheep of Israel" Matthew 15:24 (NIV)
- يخبرنا انجيل متى أن يسوع قد أكد أنه لم يرسل إلا لخراف اسرائيل الضالة "واجاب يسوع قائلا لم أُرسل إلا إلى خراف اسرائيل الضالة" انجيل متى 24:15 (الترجمة العالمية الحديثة)
- The book of Romans tells us that Jesus confirmed that he was sent only to Israel “And so all Israel will be saved, as it is written: "The deliverer will come from Zion; he will turn godlessness away from Jacob” Romans 11:26 (NIV) I’m sure that wasn’t happen.
- تخبرنا رسالة بولس لرومية أن يسوع لم يرسل إلا لإسرائيل "وهكذا يخلص جميع اسرائيل كما هو مكتوب يأتي المخلص من صهيون ويدفع الشر عن يعقوب" رومية 26:11 (الترجمة العالمية الحديثة) وإنني متأكد أن هذا حتى لم يحدث فيسوع لم يخلص اسرائيل .. بل قال لهم "هاهو بيتكم يُترك لكم خرابا"
- Jesus said in the Bible "Do not go among the Gentiles or enter any town of the Samaritans. Go rather to the lost sheep of Israel” Matthew 10:5-6 (NIV).
- يسوع يقول للتلاميذ في الكتاب المقدس "إلى طريق أمم لاتمضوا ولا تدخلوا مدينة للسامريين بل اذهبوا بالحري لخراف اسرائيل الضالة" انجيل متى 10 : 5-6 (الترجمة العالمية الحديثة)????????????????????
- Paul said that the son and the holy-spirit are not part of Godhead “yet for us there is but one God, the Father, from whom all things came and for whom we live” 1 Corinthians 8:4-6 (NIV).
- بولس يقول أن الإبن والروح القدس ليسوا مشتركين مع الله الآب في الإلوهية "أما عندنا فليس إلا إله واحد .. الآب الذي منه كل شيئ واليه نصير" رسالة كورنثوس الأولى 8 : 4-6(الترجمة العالمية الحديثة).. أي أن الإبن يسوع ليس هو الله وكذلك الروح القدس.
- John said that Jesus has GOD in the book of revelation “and has made us to be a kingdom and priests to serve his God” Revelation 1:6 (NIV).
- يوحنا اللاهوتي يقول في سفر الرؤيا أن يسوع له إله هو الله "وجعل منا (يسوع) مملكة من الكهنة لخدمة إلهه" الرؤيا 6:1 (الترجمة العالمية الحديثة)
- Jesus said "Do not hold on to me, for I have not yet returned to the Father. Go instead to my brothers and tell them, “I am returning to my Father and your Father, to my God and your God” John 20:17 (NIV).
- لقد قال يسوع لمريم المجدلية "لاتلمسيني لأني لم أصعد للآب بل اذهبي لإخواني واخبريهم أني أصعد إلى أبي وابيهم وإلهي وإلههم" يوحنا17:20(الترجمة العالمية

-Mathew says “Jesus cried out in a loud voice,.. "My God, my God?" Matthew 27:46 (NIV). So Jesus has God.
- يقول متى "صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ..... الهي الهي لماذا تركتني؟ متى 46:27 (الترجمة العالمية الحديثة) .. فيسوع الذي تقولون أنه الابن له إله وهو الله .. هنا الآب هو إله الابن .. فهل قال الآب أنه عبد للابن؟
- The book of acts says “God anointed Jesus of Nazareth with the Holy Spirit” Acts 10:38 (NIV)
- يخبرنا سفر أعمال الرسل "مسح اللهُ يسوع الناصري بالروح القدس" فالله هو الذي جعل يسوع الناصري مسيحا ومسحه .. وأيده بالروح القدس.
- Do you think that the father who is in the heaven, and the son of man “Jesus” who was baptizing from John in the Jordan river and the dove which was over the head of the son are one or three separate personalities?
- هل تعتقد أن الله الآب الذي في السماوات والذي لاتسعه السماوات وسماوات السماوات والإبن الذي كان يعتمد في نهر الأردن والروح القدس الذي له هيئة جسمية كحمامة والتي كانت فوق رأس الإبن في النهر هم واحد وليسوا ثلاث شخصيات منفصلة؟
- Jesus said in the Bible “blessed are they that hear the word of God, and keep it” Luke 11:28 (KJV).
- يقول المسيح "طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه" انجيل لوقا 28:11 (ترجمة الملك جيمس) .. فمن منكم على استعداد أن يسمع كلام الله ويحفظه؟
- Jesus said also “He who belongs to God hears what God says. The reason you do not hear is that you do not belong to God." John 8:47 (NIV).
- يقول المسيح عليه السلام"الذي من الله يسمع كلام الله. لأنكم لستم من الله فأنتم لاتسمعون كلام الله" انجيل يوحنا 47:8 (الترجمة العالمية الحديثة) ???????????????????????????????
=====(((((((((((الله لايموت والمسيح يموت ))))))))))))))
- Paul said about GOD “who alone is immortal and who lives in unapproachable light, whom no one has seen or can see” 1 Timothy 6 (NIV)
- يخبرنا بولس الرسول عن الله قائلا "الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور الذي لم يره أحد ولايستطيع أن يراه" رسالة تيموثاوس الأول (الترجمة العالمية الحديثة).
- GOD says in the Bible “I live forever” Deuteronomy 32:40 (NIV)
- يقول الله في الكتاب المقدس "حي أنا إلى الأبد" سفر التثنية 40:32 (الترجمة العالمية الحديثة).
- Paul said about Jesus “Christ died” 1 Corinthians 15:3 (NIV)
- يخبرنا بولس الرسول عن أن المسيح مات قائلا "المسيح مات" رسالة كورنثوس الأولى 3:15 (الترجمة العالمية الحديثة).
- Paul said about Jesus again “Christ died” Romans 14:9 (NIV)
- يخبرنا بولس الرسول مرة ثانية أن المسيح مات قائلا "المسيح مات" رسالة رومية 9:14 (الترجمة العالمية الحديثة).?????????????????????? الأزلية" خطيئة آدم
- The Bible told us “But if the wicked will turn from all his sins that he hath committed, and keep all my statutes, and do that which is lawful and right, he shall surely live, he shall not die” Ezekiel 18:21 (KJV).
- يخبرنا الكتاب المقدس أن الله يقول في سفر حزقيال "ولكن إن عاد الشرير من جميع شروره التي عملها وحفظ عهودي وفعل الخير, سيحيا لايموت" سفر حزقيال 21:18 (ترجمة الملك جيمس).
- The Bible says “Fathers shall not be put to death for their children, nor children put to death for their fathers; each is to die for his own sins" 2 Chronicles 25:4 (NIV).

- يخبرنا الكتاب المقدس أن الله يقول في سفر أخبار الأيام الثاني "لايموت الآباء عن الأبناء ولايموت الأبناء عن الآباء بل كل واحد يموت بخطيئته" سفر أخبار الأيام الثاني 4:25 (الترجمة العالمية الحديثة).
- The Bible says that GOD said to Adam “But you must not eat from the tree of the knowledge of good and evil, for when you eat of it you will surely die" Genesis 2:17 (NIV).
- يخبرنا الكتاب المقدس أن الله يقول لآدم في سفر التكوين "لاتأكل من شجرة معرفة الخير والشر لأنك يوم تأكل منها حتما تموت" سفر التكوين 17:2 (الترجمة العالمية الحديثة).
- Elijah told a sinner king that he will die because he didn’t repent and the king died in the same day “You will certainly die!" So he died, according to the word of the LORD that Elijah had spoken” 2 Kings 1:3-17 (NIV)
- ايليا أخبر الملك في سفر الملوك الثاني أنه سيموت لأنه لم يتوب وقد مات الملك في نفس اليوم بالفعل "حتما ستموت! ومات في نفس اليوم حسب كلمة الرب التي تكلم بها ايليا" سفر الملوك الثاني الاصحاح الأول العدد 3-17 (الترجمة العالمية الحديثة).
- Adam didn’t die in the same day as stated, but he lived 950 years, why? Because he turned from his sin that he hath committed, so he should surely live, he should not die”.
- آدم لم يمت في نفس اليوم الذي أخطأ فيه وأكل من الشجرة بل عاش حوالي 950 عاما لماذا؟ لأنه تاب من ذنبه الذي فعله ولذلك حسب وعد الله لايموت بل يحيا.
- The Bible confirmed that “God is not a man, that he should lie, nor a son of man, that he should change his mind. Does he speak and then not act? Does he promise and not fulfill?” Numbers 23:19 (NIV).
- يؤكد لنا الكتاب المقدس أن الله يوفي بوعده و لايكذب "ليس الله إنسانا ليكذب ولا ابن إنسان ليندم. هل يتكلم ولا يفعل؟ هل يعد ولا يوفي؟" سفر العدد 19:23 (الترجمة العالمية الحديثة).
- Adam repented and turned away from his sin, this is what the Bible confirms. He was called the “son of God” in gospel of Mathew.
- آدم تاب من خطيئته وهذا مايخبرنا به الكتاب المقدس بعدما دعاه في انجيل متى ابن الله أي أنه من الذين ينقادون بروح الله.
- The Bible told us that GOD created the fruitful trees on the earth before the creation of the tree that Adam ate from and that is because Adam was created for the earth “And the LORD God made all kinds of trees grow out of the ground—trees that were pleasing to the eye and good for food. In the middle of the garden were the tree of life and the tree of the knowledge of good and evil” Genesis 2:9 (NIV)
- يخبرنا الكتاب المقدس أن الرب الإله خلق الشجر المثمر على الأرض قبل خلق شجرة معرفة الخير والشر التي أكل منها آدم في الجنة وذلك لأن آدم قد خلقه الله للأرض "وخلق الرب الإله من الأرض كل الأشجار الجميلة للنظر والحلوة للأكل. وفي وسط الجنة كانت شجرة معرفة الخير والشر" سفر التكوين 9:2(الترجمة العالمية الحديثة).
- The Bible says “And the LORD God said, "He must not be allowed to reach out his hand and take also from the tree of life and eat, and live forever. So the LORD God banished him from the Garden of Eden to work the ground from which he had been taken. After he drove the man out, he placed on the east side of the Garden of Eden cherubim and a flaming sword flashing back and forth to guard the way to the tree of life” Genesis 3:22-24 (NIV)

- يقول لنا الكتاب المقدس "وقال الرب الإله لا يصل الانسان ويتناول بيديه من شجرة الحياة ويأكل منها ويعيش للأبد. وطرده الرب الإله من جنة عدن ليفلح الأرض التي خُلق منها. وبعد إخراجه منها وضع على الناحية الشرقية لجنة عدن ملائكة الكروبيم وسيف يضيئ ليحمي الطريق المؤدي لشجرة الحياة" سفر التكوين 3 : 22-24(الترجمة العالمية الحديثة).
- David said in the Bible that GOD forgave sins without crucifixtion “You forgave the iniquity of your people and covered all their sins” Psalm 85:2 (NIV)
- يقول النبي داود في الكتاب المقدس أن الله قد غفر الذنوب بدون صلب يسوع "غفرت ذنب شعبك وسترت خطيئاتهم" سفر المزامير 2:85(الترجمة العالمية الحديثة).
- The LORD then said to Noah, "Go into the ark, you and your whole family, because I have found you righteous in this generation.” Genesis 7:1 (NIV)
- يقول الكتاب المقدس أن الرب قال لنوح "ادخل في السفينة أنت وأهلك لأني وجدت إياك بارا في هذا الجيل" سفر التكوين 7:1 (الترجمة العالمية الحديثة) .. ولم يكن هناك صلب ليسوع.
- The Bible told us that GOD forgave sins before the birth of Jesus “and as thou hast forgiven this people, from Egypt even until now” Numbers 14:19 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس أن الرب يغفر الذنوب قبل ميلاد يسوع "غفرت لشعبك من مصر وحتى الآن" سفر العدد 19:14 (ترجمة الملك جيمس).
- Paul says “Christ died for our sins according to the Scriptures”, but Jesus says in the Gospel of Mathew "Not everyone who says to me, 'Lord, Lord,' will enter the kingdom of heaven, but only he who does the will of my Father who is in heaven. Many will say to me on that day, 'Lord, Lord, did we not prophesy in your name, and in your name drive out demons and perform many miracles?' Then I will tell them plainly, 'I never knew you. Away from me, you evildoers!'” Matthew 7:21-23 (NIV)
- يقول الكتاب المقدس أن بولس الرسول يقول "المسيح مات من أجل خطايانا كما هو مكتوب ولكن المسيح يقول في انجيل متى "ليس كل من يقول لي ياربُ ياربُ يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون في ذلك اليوم سيقولون ياربُ ياربُ ألم نتنبأ باسمك؟ ألم نخرج شياطين باسمك؟ ألم نفعل المعجزات باسمك؟ فحينئذ اصرح لهم اذهبوا عني يافاعلي الإثم فإني لم أعرفكم قط." انجيل متى 7 : 21-23 (الترجمة العالمية الحديثة) مافائدة الصلب والإيمان به؟ .. لا شيئ.????????????????????????? crucifixtion”
الكتاب المقدس يقول "المسيح لم يُصلب"
- The Bible says “The Righteous One takes note of the house of the wicked and brings the wicked to ruin” Proverbs 21:12 (NIV)
- يقول الكتاب المقدس "الصديق ينجو من الضيق ويأتي الشرير مكانه" سفر الأمثال 12:21(الترجمة العالمية الحديثة).

- The Bible tells us “The righteous man is rescued from trouble, and it comes on the wicked instead” Proverbs 11:8 (NIV) .. Was this fitting Jesus case who was a righteous man?
- يخبرنا الكتاب المقدس "الصديق ينجو من الضيق ويأتي الشرير مكانه" سفر الأمثال 11:8(الترجمة العالمية الحديثة).هل هذا ينطبق على يسوع؟

- Jesus said to his disciples "But a time is coming, and has come, when you will be scattered, each to his own home. You will leave me all alone. Yet I am not alone, for my Father is with me” John 16:32 (NIV), but Mathew says “Jesus cried out in a loud voice, "Eloi, Eloi, lama sabachthani?" which means, "My God, my God, why have you forsaken me?" Matthew 27:46 (NIV) .. God, the Father was with him or forsaken him? .. The Bible told

us that God will not forsake his faithful ones and they will be protected “For the LORD loves the just and will not forsake his faithful ones. They will be protected forever, but the offspring of the wicked will be cut of” Psalm 37:28 (NIV) Was Jesus a faithful one or wicked? Sure he was faithful so he must be protected.
- يقول يسوع المسيح لتلاميذه "ولكن ستأتي ساعة وقد اتت وسيتركني الجميع ويهرب إلى بيته وستتركونني وحدي ولكني لست وحدي لأن أبي معي" انجيل يوحنا 32:16(الترجمة العالمية الحديثة). ولكن متى كان له رأي آخر فقد قال في انجيله"وصرخ يسوع بصوت عظيم الوي الوي لما سبقتني والتي معناها الهي الهي لماذا تركتني" متى 46:27(الترجمة العالمية الحديثة). هل كان الله معه أم تركه وحده؟ .. يخبرنا الكتاب المقدس أن الله لن يترك الذين يتقوه وسيحفظهم "لأن الرب يحب العدل ولاينسى الذين يتقوه سيُحفظون للأبد .. و أما نسل الشرير سينقطع" سفر المزامير 28:37(الترجمة العالمية الحديثة). هل كان المسيح من الذين يتقون الله أم من الشريرين؟ .. بالتأكيد لقد كان المسيح من المؤمنين الذين يتقون الله ولذلك لابد وأن يحفظه الله.
- The Bible says that everyone must die for his sins “But every one shall die for his own iniquity: every man that eateth the sour grape, his teeth shall be set on edge” Jeremiah 31:30 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس أن كل واحد بخطيئته يموت "كل واحد بخطيئته يموت كل من يأكل حصرم تضرس أسنانه" سفر إرمياء 30:31 (ترجمة الملك جيمس).

- Again the Bible told us that everyone must die for his own sin “the LORD commanded, saying, The fathers shall not die for the children, neither shall the children die for the fathers, but every man shall die for his own sin” 2 Chronicles 25:4 (KJV)
- مرة أخرى يخبرنا الكتاب المقدس أن كل واحد يموت لخطيئته هو "أمر الرب قائلا لايموت الآباء عن الأبناء ولايموت الأبناء عن الآباء بل كل واحد بخطيئته يموت" أخبار الأيام الثاني 4:25 (ترجمة الملك جيمس).

- The Bible says “The soul that sinneth, it shall die. The son shall not bear the iniquity of the father, neither shall the father bear the iniquity of the son: the righteousness of the righteous shall be upon him, and the wickedness of the wicked shall be upon him” Ezekiel 18:20 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس "النفس التي هي تخطئ تموت. لا يحمل الأبناء من ذنب الآباء ولايحمل الآباء من ذنب الأبناء بار البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون" سفر حزقيال 20:18 (ترجمة الملك جيمس).
- The Bible says that God will save his Messiah “Now I know that the LORD saves his anointed; he answers him from his holy heaven with the saving power of his right hand” Psalm 20:6 (NIV).
- يقول الكتاب المقدس أن الله سينقذ مسيحه "الآن عرفت أن الله ينقذ مسيحه يستجيب له من سماء قدسه بيمين خلاصه" سفر المزامير 6:20 (الترجمة العالمية الحديثة).

- The Bible says again that God will save his Messiah “The LORD is the strength of his people, a fortress of salvation for his anointed one” Psalm 28:8 (NIV)
- يقول الكتاب المقدس مرة ثانية أن الله سينقذ مسيحه "ومخلص مسيحه" سفر المزامير 8:28 (الترجمة العالمية الحديثة).

- The Bible says for the third time that God will save his Messiah “He trusted on the LORD that he would deliver him: let him deliver him, seeing he delighted in him” Psalm 22:8 (KJV)
- يقول الكتاب المقدس مرة ثالثة أن الله سينقذ مسيحه "اتكل على الرب فليخلصه الرب فلينجه" سفر المزامير 8:22 (ترجمة الملك جيمس).

- The Bible told us that the angel of the LORD will save his Messiah “The angel of the LORD encampeth round about them that fear him, and delivereth them” Psalm 34:7 (KJV)
- يخبرناالكتاب المقدس أن ملاك الرب سينقذ مسيحه "ملاك الرب حال حول خائفيه لينقذهم" سفر المزامير 7:34 (ترجمة الملك جيمس).
- The Gospel of Luke told us that the angel of the LORD appeared to Jesus “And there appeared an angel unto him from heaven, strengthening him” Luke 22:43 (KJV)
- يخبرناانجيل لوقاأن ملاك الرب ظهر للمسيح "وظهر له ملاك من السماء ليقويه" إنجيل لوقا43:22 (ترجمة الملك جيمس).
- The Bible told us that God will not forsake his faithful ones and they will be protected “For the LORD loves the just and will not forsake his faithful ones. They will be protected forever, but the offspring of the wicked will be cut of” Psalm 37:28 (NIV) Was Jesus a faithful one or wicked? Sure he was faithful so he must be protected.
- يخبرنا الكتاب المقدس أن الله لايترك المؤمنين به وسيحفظون "لأن الرب يحب العدل ولايترك المؤمنين الذين يتقوه سيحفظون ونسل الشرير يقطع" سفر المزامير 28:37 (الترجمة العالمية الحديثة).هل كان المسيح من الشريرين؟ بالطبع لا بل كان من المؤمنين ولذلك لابد له أن يُحفظ.


======================جيمس).???

غير معرف يقول...

أخطاء كنيسة البابا شنودة)))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))

فى رسالة من كاتب قبطى لبابا الكرازة المرقسية

بداية.. قداستكم أبى الروحى الذى لا خلاف معه فى نواحى الدين أو العقيدة، أما غير ذلك فالخلاف قائم بل واجب إذا لزم الأمر.. ولا شك أن قداستكم كنتم ومازلتم تتمتعون بشخصية كارزمية لها امكانية السيطرة على المستمع. تلك الشخصية التى فرضت نفسها على المحيط الكنسى حتى قبل اعتلائكم الكرسى البابوى
وذلك من خلال تلك الشعارات التى رفعتموها فى مواجهة البابا كيرلس السادس مثل: حرية الشعب فى أن يختار راعيه، أو أفكاركم حول الإصلاح المالى للكنيسة. أو تعديل لائحة انتخاب البابا وبعض قوانين الكنيسة، تلك الشعارات والأفكار التى حققت لكم شعبية جارفة وكنا مستبشرين فيكم خيرا كبابا للكنيسة.
ولكن كان أول اختبار لأفكاركم الإصلاحية قد اتجه إلى استغلال تلك الشعبية فى الحصول على دور سياسى بجانب دورك الكنسى، ووضح ذلك فى أول مواجهة مع السادات عند حادثة الخانكة والتى كانت أول المواجع حتى تصاعد الموقف وكانت أحداث سبتمبر 1981 والتى تم فيها احتجازكم بالدير. ثم جاء مبارك وأفرج عنك وأعادك إلى موقعك ولكن بعد أن حصلت على زعامة لدى الأقباط والتى تم اكتسابها من خلال كراهية الشعب للسادات ولتصرفاته.
ولكن ظلت تلك الزعامة فى إطار تصريحاتك تجاه قضايا سياسية ووطنية وعربية مثل قضية فلسطين ورأيك فى إسرائيل ورفضك التدخل الأجنبى استغلالا لورقة الأقباط. وكان ذكاؤك حاضرا عندما قمت باستغلال مقولة المصرى الوطنى مكرم عبيد عندما قال: إن مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا فأطلق عليك بابا العرب، ونذكر هنا أننا أصدرنا عام 1992 كتابا باسم من يمثل الأقباط الدولة أم البابا؟،

ولكن ظلت طموحاتك السياسية يا قداسة البابا فى أن تلعب دورا سياسيا وفى أن تكون ممثلا سياسيا للأقباط لا تغيب عنك لحظة واحدة. خاصة أنه كانت هناك مواقف وظروف قمت باستغلالها خير استغلال مثل ممارسات الجماعات الإسلامية ضد الأقباط مما زاد من هجرتهم إلى الكنيسة الشيء الذى كرّس فى داخلك حب الزعامة وأنك زعيم للأقباط. كما تواكب مع هذا الظرف السلوك الإقصائى من الدولة تجاه الأقباط وتنصلهم من ملفهم وإلقائه على الكنيسة وبإشراف الأمن حتى تصورت قداستك أنك الممثل السياسى للأقباط وبمباركة من الدولة خاصة عند استشارتك فى تعيين أعضاء مجلس الشعب أو وزراء أو خلافه. وكانت تلك الممارسات الخاطئة جدا من الدولة الغائبة والمغيبة وبالا شديدا مما أعطى احساسا لدى الأقباط بأن الكنيسة هى بديل للدولة، وأنك ممثل سياسى لها، مما أحدث شرخا خطيرا فى ممارسة الدور السياسى للمصريين فكانت عزلة الأقباط وعدم مشاركتهم فى العمل العام إضافة للسلبية السياسية العامة للشعب المصرى.
وخلال تلك الفترة كانت قد جرت فى النهر مياه كثيرة. فارتفع صوت أقباط المهجر عاليا. وبدأت ضغوطاتهم تؤتى ثمارها من خلال التدخل الأمريكى فى شئون مصر بحجة مشاكل الأقباط حتى تم صدور قانون الحماية الدينية من الكونجرس الأمريكى، والأهم هو الأموال التى لا تحصى ولا تعد والتى يتم إرسالها للكنيسة، تلك الأموال التى كانت سببا فى فض العلاقة الكنسية بين الشعب وبين الاكليروس حيث أصبح الاكليروس فى غير احتياج للشعب لأن البديل كانت أموال الخارج.

وهنا لا ننسى مقولتك عندما قلت لقد انتهى اليوم الذى يمد فيه البابا يده لأغنياء الأقباط ولكل ذلك ضاع الأمل فى إصلاح كنسى كنا نتمناه وانتهى دور العلمانيين فى الكنيسة وسيطر الاكليروس على كل شيء فلم يعد هناك دور لا لمجلس ملى ولا للجان كنيسة وأصبح الأسقف هو المسيطر على كل شيء وبدون حساب تنفيذا لقوانين لا تساير العصر ولا تتفق مع القيم المسيحية.

وكان هذا هو الحال داخل الكنيسة، أما خارجها فكان غياب الدولة واضحا عن ملف الأقباط ثم هجرة الأقباط إلى الكنيسة مما ساعد على خلق تصور وهمى لدى الاكليروس بأنهم المسئولون عن الأقباط ليس فى المجال الدينى فقط ولكن فى كل شئون حياتهم فى الوقت الذى يتم فيه سيامة كثير من الاكليروس من غير المؤهلين دينيا للموقع الدينى فما بالك من تصورهم الكاذب بمسئوليتهم عن باقى شئون الأقباط. أما على المستوى الخارجى فقد استغلت أمريكا أحداث سبتمبر 2001 وشنت حملة على الإسلام والمسلمين لإعادة تقسيم المنطقة، وقامت بالحرب على العراق، وتم تصعيد العنف ضد الفلسطينيين، وأعلن بوش أنها حرب صليبية وتم اللعب بمقولة صراع الحضارات المسيحية واليهودية فى مواجهة الإسلام، وأصبح من الطبيعى حضور لجان تفتيش أمريكية لمتابعة أوضاع الأقباط.

تلك اللجان التى يتم الاتصال بها بطرق خفية داخليا ومعلنة خارجيا، وأحس الجميع خطرا بازدواجية الخطاب فهناك خطاب معلن وآخر خفى. وكل هذا شجع قداستكم على الحصول على مساحة سياسية أكبر.
فكانت مظاهرات الكاتدرائية عند حادثة الراهب المنحرف، واسمح لى قداستكم أن أذكركم بواقعة تلك اللحظة عندما أرسلت القيادة ممثلين لها لقداستكم ومعهم شريط الراهب المنحرف وأقواله طالبين منكم إنهاء الموضوع بمعرفتكم، وكان ذلك موقفا محمودا من القيادة ولكن كانت المفاجأة أنكم أعلنتم أن الكنيسة لا علاقة لها بهذا الراهب. فكان هذا الموقف غير مقبول، فتم تسريب المستندات إلى صحيفة صفراء انبهرت بالسبق الصحفى ونشرت. فأخطأت فى المانشتات التى أساءت للأقباط فكانت المظاهرات التى مثلت ضغطا على حكومة ضعيفة مغيبة فخضع الجميع وقدم الكل اعتذاراته. مما جعل هذا طريقا سهلا للحصول على مزيد من المكاسب السياسية. وكان هذا فى ضوء بعض المكاسب التى حصل عليها الأقباط مثل ترميم الكنائس من المحليات وإذاعة القداس على الهواء وذلك بضغط أمريكى مقابل دخول الغرب واستدعائه عند مشكلة الكشح.
وتم استحسان الاسلوب وانتهاز المناخين المحلى والعالمى وكانت لعبة أوان الورد ثم بحب السيما وأخيرا بنت من شبرا، وكان كل ذلك بهدف كسب مساحات سياسية لقداستكم من خلال إثارة قضايا لا علاقة لها بالكنيسة ولا بالدين إلا الإعلان عن وجود قيادة كنسية ممثلة للأقباط ومسئولة عنهم حتى كان تصريحك الذى قلت فيه عن مشكلة بحب السيما: إنه يجب عرض كل ما يخص الأقباط على الكنيسة،

وكانت الطامة الكبرى مشكلة زوجة كاهن البحيرة. والطامة هنا يا قداسة البابا أنه لأول مرة تأخذ القيادة الكنسية موقفا خاطئا بل غير صحيح. فالسيدة لم تخطف ولم تكره على الإسلام ولم تتزوج زميلها وهذه المعلومات كان يعلمها أسقف البحيرة قبل وصول الشباب إلى القاهرة، ولكن القضية كانت هى الإصرار من الكنيسة على أن تتسلم السيدة بعد إعلان إسلامها بإرادتها دون حدوث جلست إرشاد حسب العرف. ولما قيل إن هذا قرار يخص القاهرة كان الضغط بإثارة الشباب والوصول إلى القاهرة والإدعاء كذبا بمعلومات غير صحيحة كنوع من الضغط على الحكومة واستغلالا للمناخين الداخلى والخارجى.

فهل هذه يا قداسة البابا تصرفات دينية أم سياسية؟
وما هى علاقة الكنيسة بقيمها المسيحية بالمظاهرات والشتائم للإساءة للآخر؟
وهل وجود الشباب عدة أيام فى هذا الوضع بعيدا عن مسئوليتك؟
وهل لم يرد على ذهن قداستكم أن هناك فى الوطن مسلمين وأن هناك رد فعل لكل فعل أم أن هذا غير وارد فى لحظات الشحن والتوتر؟
ألم تفكر قداستكم فى كيف يتم تسليم سيدة لم تكره على الإسلام إلى الكنيسة دون حدوث رد فعل من الآخر مثلما هو حادث الآن فى الدعاوى المرفوعة ضد الأمن والأزهر لتسليم مسلمات إلى الكنيسة؟
وهل كل هذا الحريق الذى حدث لكونها زوجة قسيس ولماذا لا يتم هذا أمام عشرات الحالات لغير زوجات القسيسين؟ أم أن زوجة القسيس هى أم للمسيحيين كما يخطئ البعض؟.

قداسة البابا: إن طموحك فى دور سياسى لا يزيد من قدرك، لأن قدرك الدينى لدى الأقباط ولدى كل المصريين كبير وعظيم لأن مصر والمصريين يحترمون الأديان. أما دخولك فى السياسة فهذا يجعلك عرضة للاختلاف والاتفاق فلا مقدس فى السياسة، ولا يوجد مقدسون من السياسيين. وكيف تتصور أنك مسئول عن الأقباط فى غير الإطار الدينى؟. فما هى صلاحيتك الدستورية والقانونية لأن تكون المسئول عن الأقباط؟ وما هو دور الدولة عن ذلك؟ وما هى علاقة الأقباط بالدولة؟ وهل حق المواطنة الذى حصل عليه المصريون جميعا من خلال النضال والدم. هل يتم التنازل عنه ومقابل ماذا؟ فهل هناك حق للمواطنة كنيسيا؟ وهل تملك قداستكم أن تعوض الأقباط عن حقوقهم وعن حقوق مواطنتهم؟ وأمام مشاكل الأقباط ماذا تملك قداستكم غير تقديم تلك المشاكل للدولة وهنا تأخذ المشاكل شكلا طائفيا يثير الآخر ويعوق الحل.

فلماذا طالما كنتم وسيطا فقط، أن يتم تقديم تلك المشاكل والخاصة بالأقباط وهم مصريون فى المقام الأول وهم مسئولية الدولة أولا وأخيرا أن تقدم هذا المشاكل فى الإطار السياسى من المصريين وليس من الكنيسة، وهل تعلم قداستكم أن بناء الكنائس أيضا هى مشاكل اجتماعية وأمنية وليست دينية، ولابد أن تحل فى إطار سياسى.
أما اعتكافك فى الدير وإعلان ذلك للشباب الثائر أثناء المظاهرات بأنك ستغير علاقتك بالحكومة التى لا تفى بوعودها إليك ألا يعتبر ذلك إثارة للشباب من زعيم سياسى يؤمنون به ضد حكومة لا يقتنعون بها. كما أن عند عودة قداستكم من الدير ألم يكن إخراج الموقف كان بهدف سياسى أكثر منه دينى
. فنحن هنا نتذكر أن قداستكم ابن للمناخ السياسى ما قبل ثورة 1952 وأنك متأثر بالوفد وبزعمائه. فعندما قلت فى اجتماع الأربعاء من أجلكم ذهبت إلى الدير ومن أجلكم عدت إليكم وهنا تذكرنا النحاس عندما أعلن معاهدة 1936.

قداسة البابا أريد أن أصدقكم القول وأقول لكم إن ما حدث أخيرا قد خسرت منه الكنيسة وخسرت أنت شخصيا الكثير لدى المسلمين ولدى الرأى العام ولدى النظام الخائف والمرتعش من أمريكا.

فهل نصدق الآن ما يقال بأن الأقباط يستقوون بأمريكا فى ظل الضغط الأمريكى على المسلمين؟،
وهل هذا يجعل هناك علاقة سوية بين المصريين الذين يجمعهم وطن واحد؟ وهل ترديد هتافات داخل الكاتدرائية بطلب تدخل أمريكى لا يحسب على قداستكم.

جمال أسعد؟؟؟؟=======

غير معرف يقول...

التحلل الذاتي لفكر جمال البنا




صورة لجمال البنا
من نعم الله على البشرية أن وضع قانون التحلل الذاتي للبكتيريا والفطريات والفيروسات الممرضة، ولولا ذلك لاستمرت تلك الممرضات في النمو حتى تقضي على الحياة على الأرض، فهذه الجراثيم تمر في حياتها بمرحلة الانبات، والنمو السريع، ثم ثبات النمو، ثم هبوط النمو، فالتحلل الذاتي، وهذا من لطف الله، والأفكار والنظم والنظريات الفاسدة والمفسدة تحمل في طياتها عوامل فنائها بتحللها الذاتي ، وهذا المنحى العلمي الرباني ينطبق على الفكر العَلماني (بفتح العين) المتصادم مع دين الله، وثوابت الآيات القرآنية القطعية الدلالة، وثوابت الأحاديث النبوية الصحيحة، فمن يحاول بفكره السقيم التصادم مع هذه الثوابت الإلهية كتب الله عليه الفشل والفناء، فالذين أعملوا عقولهم الفاسدة بعد موت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ومنعوا الزكاة بحجة أنهم كانوا يؤدونها لرسول الله في حياته، ولن يدفعوها بعد وفاته، حاربهم المسلمون واختفى فكرهم من الوجود. والخوارج الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله عنه بتأويلاتهم الباطلة والفاسدة للآيات القرآنية أرسل الإمام علي إليهم من جادلهم بالسنة النبوية المطهرة، وقال له لا تجادلهم بالقرآن، فالقرآن حمال أوجه، وبعد الحوار رجع منهم خلق كثير، واختفى فكرهم الفاسد لأنه كان يحمل في طياته عوامل فساده وتحلله الذاتي، والذين رفعوا شعار التكفير للمسلمين في العصر الحديث إن لم ينضموا إلى جماعتهم(جماعة التكفير والهجرة) باعتبارها جماعة المسلمين , تحللت جماعتهم ذاتيا لأنها كانت تحمل في فكرها عوامل تحللها الذاتي، فلم تصمد أمام الفهم الصحيح للإسلام , والذين قالوا بانتهاء عمر أمة الإسلام استنادا إلى فهمهم السقيم للحديث النبوي الصحيح , جاء ميعاد الفناء ولم تفن الأمة وبقيت الأمة بخير والحمد لله، والذين رفعوا شعار الاصلاح والتنوير في الوطن العربي والبلاد الإسلامية على أساس عَلماني ( بفتح العين ) وصلت خططهم إلى الفشل والتحلل الذاتي لأن مبادئ إصلاحهم تتصادم مع ثوابت الاسلام، وبذلك حملت عوامل فشلها وتحللها الذاتي في طياتها.
والذين نادوا بالسفور والعري وإخراج المراة المسلمة من دينها باءت خططهم بالفشل، وضاعت جهودهم الإعلامية والثقافية والتعليمية التي بذلوها في مائة عام , وعادت المرأة المسلمة إلى دين الله , واختفى التبرج والسفور الجماعي الذي كان سائدا في سيتينيات القرن العشرين الميلادي في الوطن العربي، وقد قالت إقبال بركة في قناة الرسالة في إحدى حلقات الوسطية عن لباس المرأة المسلمة قالت: (ماذا حدث؟ بعد أن تخلصنا تماما من الحجاب، ضاعت كل جهودنا وعاد الحجاب وملأ الشوارع والمدارس والجامعات والمؤسسات ويا أسفاه على جهودنا السابقة.)
والمنحى التحللي الذاتي نفسه ينطبق على فكر جمال البنا الشاذ والخارج عن الثوابت القرآنية والسنة النبوية الصحيحة , وقد تحلل فكر جمال البنا أسرع مما كان يتصور، فقد أفتى بحل التدخين في نهار رمضان، وقد قوبل هذا الرأي الفاسد بالاستهجان والرفض حتى من المدخنين أنفسهم , وأفتى بحل الأحضان والقبلات العلنية بين البنين والبنات من المسلمين , وعندما سألوه أترضى هذا لبناتك؟ قال الحمد لله أنا ليس عندي بنات، وهنا ضحك الحاضرون واستخفوا بمنطقه العقيم والسقيم.
الله تعالى يحرم النظر للمحرمات بقوله تعالى: " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ{30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{31} " (النور/30/31).
الله تعالى يقول غضوا أبصاركم عن المحرمات , وجمال البنا يقول مادمتم يا شباب تحتاجون إلى تقبيل البنات وأحضانهن، ويقوم البعض منكم بهذا العمل سرا، فلماذا لا تتخلصون من القيود والضوابط الاجتماعية والدينية وتقبلوا بعضكم بعضا علانية؟؟ وبذلك يأمل أن يراهم يقبلون بعضهم في الشوارع , ويحضنون بعضهم علانية، من دون حياء , كما هو الحال في شوارع أوروبا وأماكنهم العامة.والله تعالى يقول " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{19} " ( النور / 19 )
لقد سمعت جمال البنا يقول أن الزنية الأولى، والزنية الثانية من اللمم والله تعالى يقول: " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى{32} " (النجم/32) واللمم صغائر الذنوب كما ورد في كلمات القرآن للشيخ حسنين مخلوف رحمه الله، والزنى من الفواحش كما قال تعالى: " وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{32} " (الإسراء/32).
جمال البنا يقول : دخنوا في نهار رمضان , قبلوا , احضنوا , ازنوا , , مادمتم تحتاجون إلى ذلك ولستم بقادرين على الزواج، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لغير القادرين على الزواج من الشباب (عليكم بالصوم فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)، وعندما طلب شاب إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يأذن له في الزنى. قال له: (أترضاه لأختك؟) قال: لا، قال: (أترضاه لأمك؟) قال: لا قال له صلى الله عليه وسلم: (وهكذا الناس لا يرضونه لأخواتهم وأمهاتهم).
الله تعالى يقول: " َيا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{59} " (الأحزاب/59).
وقد أجمع المفسرون والفقهاء على أن في هذا دليلا على تغطية الشعر والرأس والخلاف فقط على الوجه والكفين، وجمال البنا يقول بجواز كشف الشعر , وهذا يستتبع ما نراه الآن من المتبرجات من الذهاب إلى صالونات الحلاقة لقص الشعر وصبغه , وبعضهن يكشفن نحورهن وصدورهن وسيقانهن وأذرعهن اتباعا لهذه الأفكار الفاسدة في لباس المرأة المسلمة.
جمال البنا يرفض السنة النبوية المطهرة والأحاديث الصحيحة التي أجمع علماء الأمة من أهل الاختصاص على صحتها، والله تعالى يقول: " مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{7} " (الحشر/7) وجمال البنا يقول ما آتاكم الرسول فارفضوه , واضربوا به عرض الحائط فهذا كله هراء وكذب، ويسقط جمال البنا الحدود في الإسلام ويقول إن الإسلام قائم على أساس الإسلام والهداية وليس على أساس العقوبات أو وجود قانون العقوبات وتطبيق حد الردة( كما أوردت إحدى المدافعات عن جمال البنا في إخبار الخليج يوم الجمعة 11/7/2008م)، فماذا نفعل في عقوبات الزنى والسرقة والحرابة الواردة في القرآن الكريم وغيرها من العقوبات؟
لا يوجد نظام سليم في العالم لا يخلوا من قانون للعقوبات، وإلا لأصبحت الحياة فوضى، النظام المتميز يحتاج إلى قانون عقوبات متميز يحميه ويحمي حقوق الناس فيه، نحن ننادي بالفتوى الجماعية، وبالمجامع الفقهية المتخصصة حماية للمسلمين من الأهواء والفتاوى الفردية الفاسدة أمثال فتاوى جمال البنا وغيرها من الفتاوى الجاهلة الصادرة عن غير المختصين، العجيب أن ينادي العلمانيون (بفتح العين) بالتخصص في كل شئ إلا في الفقه والفتوى، والتفسير والحديث، فإنه يريدون ذلك كلأ مباحا لكل من هب ودب، ولكل من يدعي العلم، ويتصادم مع أهل الاختصاص والعلم والذكر، والله تعالى يقول: " فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{43} " (النحل/43) وأهل الذكر كما قال المتخصصون هم أهل العلم والتقوى فأين جمال البنا من هؤلاء؟.
إن فكر جمال البنا ولد ميتا لأنه يحمل عوامل موته في طياته وجيناته وتوجهاته.
جمال البنا كالعربة الطائشة التي يلعب بها العلمانيون، وسيلحق بالمعلم يعقوب عميل الحملة الفرنسية وبنوال السعداوي وتسلمية نسرين وسلمان رشدي ونصر حامد، وخليل عبدالكريم، وغيرهم من المنبوذين من الشعوب الإسلامية والعربية, وأهل الذكر والاختصاص في الشريعة الإسلامية منهم.
يمكن إرسال تعليقاتكم حول المقالة على الإيميل التالي:
phy_tech@hotmail.com
مع تحيات
الدكتور نظمي خليل أبوالعطا موسى

غير معرف يقول...

إلى القُمّص المشلوح:
مقتطفات ممتعة من الكتاب المقدس
إبراهيم عوض


فى أحد المواقع التبشيرية قرأت العبارة التالية فى مقال يحاول صاحبه على نحو مضحك أن يقنع قارئه المسلم بأن القرآن يشهد لعيسى بن مريم بالألوهية، وهى بعنوان "نصيحة مهمة لقراءة نص الكتاب المقدس": "لقد عشتَ أنت في حالة عدم اليقين بخصوص أبديتك كل هذه السنين، ولا تستطيع أن تتحمل تكاليف خسارة الأبدية. لذلك قبل كل مرة تأتي فيها لقراءة كلمات الإنجيل المباركة ارفع قلبك بصلاة صغيرة إلى الله قائلاً: يا رب، أرشدني لفهم كلمات كتابك وشدد إيماني كي أقبل ما تقنعني أنت به. ساعدني لكي أفهم مشيئتك ولكي أعمل إرادتك في حياتي". وقد نزلت على رأى الكاتب رغبة منى فى تمحيص أفكارى واقتناعاتى، وقرأت الكتاب المقدس من جديد أكثر من مرة، ودعوت الله من عمق أعماق قلبى أن ينير بصيرتى للحق وأن يرفع عن عينى غشاوة الباطل إذا كان ثمة باطل عندى يشوش على عقلى ويختم على قلبى، فكانت النتيجة هى الخروج من قراءتى بالمختارات التالية التى ألهمنى الله، بعد أن دعوته وألحفت فى الدعاء، ألا احتجزها لنفسى بل أشرك فيها قرائى الأعزاء معى. فما رأيكم؟ تعالوا من فضلكم لنقرأ ونستمتع:

إلى القُمّص المشلوح:
مقتطفات ممتعة من الكتاب المقدس
د. إبراهيم عوض
يسلك المبشرون سبيلا مخادعة عند مخاطبتهم لعوامّ المسلمين، إذ يحاولون أن يوهموهم بأن الكتاب المقدس الذى مع اليهود والنصارى الآن هو التوراة والإنجيل اللذان ورد ذكرهما فى القرآن المجيد وقال عنهما إنهما وحى أوحاه الله لموسى وعيسى. إنه خداع رخيص واستغفال للعقول، فالتوراة والإنجيل شىء، والكتاب المقدس شىء آخر. الكتاب المقدس هو، فى أحسن أحواله، يشبه على نحوٍ ما السيرة النبوية، إذ كتبه رجال الدين اليهود والنصارى بعد وفاة موسى وعيسى: كَتَبَ اليهودُ "العهدَ القديم"، وكتَبَ َالنصارى "العهدَ الجديد"، أما التوراة والإنجيل اللذان يتحدث عنهما القرآن فقد اختفيا، وإن لم يمنع هذا من وجود بعض العبارات أو المعانى من التوراة والإنجيل فى الكتابين المذكورين. فى ضوء هذا أرجو من القراء أن يصحبونا فى هذه الجولة خلال الكتاب المقدس نطّلع فيها على بعض النصوص الممتعة التى انتقيتها لهم لكى يَرَوْا بأنفسهم أن ذلك الكتاب ليس هو الوحى الإلهى الذى نزل على موسى وعيسى عليهما السلام، بل هو شىء آخر سطرته يد البشر بما فى عقول البشر وقلوبهم من أهواء ونزوات وشهوات وأخطاء مضحكة لا تدخل العقل! فهيا إلى هناك:

تكوين 2 (الله عندهم يتعب ويستريح، فالحمل ثقيل عليه! أستغفر الله):
1فأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا.

تكوين 3 (إله هذا أم شيخ بلد يتفقد أملاكه ساعة العصر؟):
8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».

تكوين 3 (يا له من إله حاقد!):
22وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 23فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. 24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.

تكوين 6 (الله ينجب ذكورا لا إناثا، ويندم على ما خلق!):
1وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، 2أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا. 3فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً». 4كَانَ فِي الأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَدًا، هؤُلاَءِ هُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ ذَوُو اسْمٍ.
5وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. 6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ، لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ». 8وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.

تكوين 9 (نبى الله نوح يَسْكَر "طينة" وتتعرى سوأته!):
20وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلاَّحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. 21وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ، 25فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ». 26وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ. 27لِيَفْتَحِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ، وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ».

تكوين 11 (هل يمكن أن يكون الإله حقودا، وإلى هذه الدرجة؟):
1وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً. 2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. 3وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنًا وَنَشْوِيهِ شَيًّا». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ، وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. 4وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». 5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. 6وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ، 9لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.
تكوين 12 (إبراهيم يديّث على زوجته من أجل شويّة مواشٍ! أمعقول هذا؟):
10وَحَدَثَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَانْحَدَرَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، لأَنَّ الْجُوعَ فِي الأَرْضِ كَانَ شَدِيدًا. 11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي، لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ».
14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوْا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ، فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ، 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا، وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ. 17فَضَرَبَ الرَّبُّ فِرْعَوْنَ وَبَيْتَهُ ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً بِسَبَبِ سَارَايَ امْرَأَةِ أَبْرَامَ. 18فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَبْرَامَ وَقَالَ: «مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهَا امْرَأَتُكَ؟ 19لِمَاذَا قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي، حَتَّى أَخَذْتُهَا لِي لِتَكُونَ زَوْجَتِي؟ وَالآنَ هُوَذَا امْرَأَتُكَ! خُذْهَا وَاذْهَبْ!». 20فَأَوْصَى عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ رِجَالاً فَشَيَّعُوهُ وَامْرَأَتَهُ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ.

تكوين 17 (الله يعاهد إبراهيم وذريته إلى الأبد على الختان، فيأتى بولس ويلغيه):
9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».

تكوين 19 ( ابنتا لوط اغتصبتا أباهما وحبلتا منه! يا واقعة مطيَّنة!):
30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ.

تكوين 22 (كيف يكون إسحاق هو وحيد إبراهيم، وكان قد أنجب إسماعيل قبل ذلك بسنوات؟):
وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ». 3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ. 4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ، 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا ههُنَا مَعَ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ، ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا». 6فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ النَّارَ وَالسِّكِّينَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا. 7وَكَلَّمَ إِسْحَاقُ إِبْرَاهِيمَ أَبِاهُ وَقَالَ: «يَا أَبِي!». فَقَالَ: «هأَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ، وَلكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا.
9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. 11فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا» 12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». 13فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ. 14فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «يَهْوَهْ يِرْأَهْ». حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ الْيَوْمَ: «فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى».
15وَنَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ 16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي». 19ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى غُلاَمَيْهِ، فَقَامُوا وَذَهَبُوا مَعًا إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. وَسَكَنَ إِبْرَاهِيمُ فِي بِئْرِ سَبْعٍ.

تكوين 25 (كما أعطَوْا بكورية إسماعيل لإسحاق، خدع يعقوب بن إسحاق أخاه عيسو واشترى منه بكوريته بطبق عدس!):
19وَهذِهِ مَوَالِيدُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: وَلَدَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ. 20وَكَانَ إِسْحَاقُ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمَّا اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، رِفْقَةَ بِنْتَ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيِّ، أُخْتَ لاَبَانَ الأَرَامِيِّ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ. 21وَصَلَّى إِسْحَاقُ إِلَى الرَّبِّ لأَجْلِ امْرَأَتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَاقِرًا، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ، فَحَبِلَتْ رِفْقَةُ امْرَأَتُهُ. 22وَتَزَاحَمَ الْوَلَدَانِ فِي بَطْنِهَا، فَقَالَتْ: «إِنْ كَانَ هكَذَا فَلِمَاذَا أَنَا؟» فَمَضَتْ لِتَسْأَلَ الرَّبَّ. 23فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: «فِي بَطْنِكِ أُمَّتَانِ، وَمِنْ أَحْشَائِكِ يَفْتَرِقُ شَعْبَانِ: شَعْبٌ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ، وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ».
24فَلَمَّا كَمُلَتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ إِذَا فِي بَطْنِهَا تَوْأَمَانِ. 25فَخَرَجَ ألأَوَّلُ أَحْمَرَ، كُلُّهُ كَفَرْوَةِ شَعْرٍ، فَدَعَوْا اسْمَهُ «عِيسُوَ». 26وَبَعْدَ ذلِكَ خَرَجَ أَخُوهُ وَيَدُهُ قَابِضَةٌ بِعَقِبِ عِيسُو، فَدُعِيَ اسْمُهُ «يَعْقُوبَ». وَكَانَ إِسْحَاقُ ابْنَ سِتِّينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْهُمَا.
27فَكَبِرَ الْغُلاَمَانِ، وَكَانَ عِيسُو إِنْسَانًا يَعْرِفُ الصَّيْدَ، إِنْسَانَ الْبَرِّيَّةِ، وَيَعْقُوبُ إِنْسَانًا كَامِلاً يَسْكُنُ الْخِيَامَ. 28فَأَحَبَّ إِسْحَاقُ عِيسُوَ لأَنَّ فِي فَمِهِ صَيْدًا، وَأَمَّا رِفْقَةُ فَكَانَتْ تُحِبُّ يَعْقُوبَ. 29وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخًا، فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. 30فَقَالَ عِيسُو لِيَعْقُوبَ: «أَطْعِمْنِي مِنْ هذَا الأَحْمَرِ لأَنِّي قَدْ أَعْيَيْتُ». لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ «أَدُومَ». 31فَقَالَ يَعْقُوبُ: «بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ». 32فَقَالَ عِيسُو: «هَا أَنَا مَاضٍ إِلَى الْمَوْتِ، فَلِمَاذَا لِي بَكُورِيَّةٌ؟» 33فَقَالَ يَعْقُوبُ: «احْلِفْ لِيَ الْيَوْمَ». فَحَلَفَ لَهُ، فَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِيَعْقُوبَ. 34فَأَعْطَى يَعْقُوبُ عِيسُوَ خُبْزًا وَطَبِيخَ عَدَسٍ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَقَامَ وَمَضَى. فَاحْتَقَرَ عِيسُو الْبَكُورِيَّةَ.


تكوين 26 (وإسحاق يقلد أباه فى التدييث هو أيضا على زوجته):

1وَكَانَ فِي الأَرْضِ جُوعٌ غَيْرُ الْجُوعِ الأَوَّلِ الَّذِي كَانَ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ، فَذَهَبَ إِسْحَاقُ إِلَى أَبِيمَالِكَ مَلِكِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، إِلَى جَرَارَ. 2وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ وَقَالَ: «لاَ تَنْزِلْ إِلَى مِصْرَ. اسْكُنْ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَقُولُ لَكَ. 3تَغَرَّبْ فِي هذِهِ الأَرْضِ فَأَكُونَ مَعَكَ وَأُبَارِكَكَ، لأَنِّي لَكَ وَلِنَسْلِكَ أُعْطِي جَمِيعَ هذِهِ الْبِلاَدِ، وَأَفِي بِالْقَسَمِ الَّذِي أَقْسَمْتُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ. 4وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ جَمِيعَ هذِهِ الْبِلاَدِ، وَتَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، 5مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ لِقَوْلِي وَحَفِظَ مَا يُحْفَظُ لِي: أَوَامِرِي وَفَرَائِضِي وَشَرَائِعِي». 6فَأَقَامَ إِسْحَاقُ فِي جَرَارَ.
7وَسَأَلَهُ أَهْلُ الْمَكَانِ عَنِ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: «هِيَ أُخْتِي». لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَقُولَ: «امْرَأَتِي» لَعَلَّ أَهْلَ الْمَكَانِ: «يَقْتُلُونَنِي مِنْ أَجْلِ رِفْقَةَ» لأَنَّهَا كَانَتْ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ. 8وَحَدَثَ إِذْ طَالَتْ لَهُ الأَيَّامُ هُنَاكَ أَنَّ أَبِيمَالِكَ مَلِكَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَشْرَفَ مِنَ الْكُوَّةِ وَنَظَرَ، وَإِذَا إِسْحَاقُ يُلاَعِبُ رِفْقَةَ امْرَأَتَهُ. 9فَدَعَا أَبِيمَالِكُ إِسْحَاقَ وَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ امْرَأَتُكَ! فَكَيْفَ قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي؟» فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: «لأَنِّي قُلْتُ: لَعَلِّي أَمُوتُ بِسَبَبِهَا». 10فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِنَا؟ لَوْلاَ قَلِيلٌ لاضْطَجَعَ أَحَدُ الشَّعْبِ مَعَ امْرَأَتِكَ فَجَلَبْتَ عَلَيْنَا ذَنْبًا». 11فَأَوْصَى أَبِيمَالِكُ جَمِيعَ الشَّعْبِ قَائِلاً: «الَّذِي يَمَسُّ هذَا الرَّجُلَ أَوِ امْرَأَتَهُ مَوْتًا يَمُوتُ».


تكوين27 (أية بركة هذه التى يحصل عليها صاحبها بالغش والحقد؟ ومن هو؟ إنه نبى ابن نبى، وبمساعدة أمه زوجة النبى!):

1وَحَدَثَ لَمَّا شَاخَ إِسْحَاقُ وَكَلَّتْ عَيْنَاهُ عَنِ النَّظَرِ، أَنَّهُ دَعَا عِيسُوَ ابْنَهُ الأَكْبَرَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنِي». فَقَالَ لَهُ: «هأَنَذَا». 2فَقَالَ: «إِنَّنِي قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ يَوْمَ وَفَاتِي. 3فَالآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ، وَاخْرُجْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَتَصَيَّدْ لِي صَيْدًا، 4وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ، وَأْتِنِي بِهَا لآكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ».
5وَكَانَتْ رِفْقَةُ سَامِعَةً إِذْ تَكَلَّمَ إِسْحَاقُ مَعَ عِيسُو ابْنِهِ. فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى الْبَرِّيَّةِ كَيْ يَصْطَادَ صَيْدًا لِيَأْتِيَ بِهِ. 6وَأَمَّا رِفْقَةُ فَكَلمتْ يَعْقُوبَ ابْنِهَا قَائِلةً: «إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: 7ائْتِنِي بِصَيْدٍ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً لآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ وَفَاتِي. 8فَالآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي فِي مَا أَنَا آمُرُكَ بِهِ: 9اِذْهَبْ إِلَى الْغَنَمِ وَخُذْ لِي مِنْ هُنَاكَ جَدْيَيْنِ جَيِّدَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى، فَأَصْنَعَهُمَا أَطْعِمَةً لأَبِيكَ كَمَا يُحِبُّ، 10فَتُحْضِرَهَا إِلَى أَبِيكَ لِيَأْكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ». 11فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: «هُوَذَا عِيسُو أَخِي رَجُلٌ أَشْعَرُ وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12رُبَّمَا يَجُسُّنِي أَبِي فَأَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ كَمُتَهَاوِنٍ، وَأَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لاَ بَرَكَةً». 13فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا ابْنِي. اِسْمَعْ لِقَوْلِي فَقَطْ وَاذْهَبْ خُذْ لِي». 14فَذَهَبَ وَأَخَذَ وَأَحْضَرَ لأُمِّهِ، فَصَنَعَتْ أُمُّهُ أَطْعِمَةً كَمَا كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّ. 15وَأَخَذَتْ رِفْقَةُ ثِيَابَ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ الْفَاخِرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ، 16وَأَلْبَسَتْ يَدَيْهِ وَمَلاَسَةَ عُنُقِهِ جُلُودَ جَدْيَيِ الْمِعْزَى. 17وَأَعْطَتِ الأَطْعِمَةَ وَالْخُبْزَ الَّتِي صَنَعَتْ فِي يَدِ يَعْقُوبَ ابْنِهَا.
18فَدَخَلَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هأَنَذَا. مَنْ أَنْتَ يَا ابْنِي؟» 19فَقَالَ يَعْقُوبُ لأَبِيهِ: «أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. قَدْ فَعَلْتُ كَمَا كَلَّمْتَنِي. قُمِ اجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي لِكَيْ تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 20فَقَالَ إِسْحَاقُ لابْنِهِ: «مَا هذَا الَّذِي أَسْرَعْتَ لِتَجِدَ يَا ابْنِي؟» فَقَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي». 21فَقَالَ إِسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «تَقَدَّمْ لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي. أَأَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو أَمْ لاَ؟». 22فَتَقَدَّمَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ، فَجَسَّهُ وَقَالَ: «الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ، وَلكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو». 23وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو أَخِيهِ، فَبَارَكَهُ. 24وَقَالَ: «هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 25فَقَالَ: «قَدِّمْ لِي لآكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي». فَقَدَّمَ لَهُ فَأَكَلَ، وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْرًا فَشَرِبَ. 26فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «تَقَدَّمْ وَقَبِّلْنِي يَا ابْنِي». 27فَتَقَدَّمَ وَقَبَّلَهُ، فَشَمَّ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ، وَقَالَ: «انْظُرْ! رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْل قَدْ بَارَكَهُ الرَّبُّ. 28فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ الأَرْضِ. وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. 29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ، وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ. كُنْ سَيِّدًا لإِخْوَتِكَ، وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ مَلْعُونِينَ، وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ».
30وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَ إِسْحَاقُ مِنْ بَرَكَةِ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ قَدْ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ، أَنَّ عِيسُوَ أَخَاهُ أَتَى مِنْ صَيْدِهِ، 31فَصَنَعَ هُوَ أَيْضًا أَطْعِمَةً وَدَخَلَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لأَبِيهِ: «لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ حَتَّى تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 32فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو». 33فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَادًا عَظِيمًا جِدًّا وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْدًا وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ، وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا». 34فَعِنْدَمَا سَمِعَ عِيسُو كَلاَمَ أَبِيهِ صَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً وَمُرَّةً جِدًّا، وَقَالَ لأَبِيهِ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضًا يَا أَبِي». 35فَقَالَ: «قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ». 36فَقَالَ: «أَلاَ إِنَّ اسْمَهُ دُعِيَ يَعْقُوبَ، فَقَدْ تَعَقَّبَنِي الآنَ مَرَّتَيْنِ! أَخَذَ بَكُورِيَّتِي، وَهُوَذَا الآنَ قَدْ أَخَذَ بَرَكَتِي». ثُمَّ قَالَ: «أَمَا أَبْقَيْتَ لِي بَرَكَةً؟» 37فَأَجَابَ إِسْحَاقُ وَقَالَ لِعِيسُو: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ سَيِّدًا لَكَ، وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ عَبِيدًا، وَعَضَدْتُهُ بِحِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. فَمَاذَا أَصْنَعُ إِلَيْكَ يَا ابْنِي؟» 38فَقَالَ عِيسُو لأَبِيهِ: «أَلَكَ بَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ يَا أَبِي؟ بَارِكْنِي أَنَا أَيْضًا يَا أَبِي». وَرَفَعَ عِيسُو صَوْتَهُ وَبَكَى. 39فَأَجَابَ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «هُوَذَا بِلاَ دَسَمِ الأَرْضِ يَكُونُ مَسْكَنُكَ، وَبِلاَ نَدَى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ. 40وَبِسَيْفِكَ تَعِيشُ، وَلأَخِيكَ تُسْتَعْبَدُ، وَلكِنْ يَكُونُ حِينَمَا تَجْمَحُ أَنَّكَ تُكَسِّرُ نِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ».
41فَحَقَدَ عِيسُو عَلَى يَعْقُوبَ مِنْ أَجْلِ الْبَرَكَةِ الَّتِي بَارَكَهُ بِهَا أَبُوهُ. وَقَالَ عِيسُو فِي قَلْبِهِ: «قَرُبَتْ أَيَّامُ مَنَاحَةِ أَبِي، فَأَقْتُلُ يَعْقُوبَ أَخِي». 42فَأُخْبِرَتْ رِفْقَةُ بِكَلاَمِ عِيسُوَ ابْنِهَا الأَكْبَرِ، فَأَرْسَلَتْ وَدَعَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ وَقَالَتْ لَهُ: «هُوَذَا عِيسُو أَخُوكَ مُتَسَلّ مِنْ جِهَتِكَ بِأَنَّهُ يَقْتُلُكَ. 43فَالآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي، وَقُمِ اهْرُبْ إِلَى أَخِي لاَبَانَ إِلَى حَارَانَ، 44وَأَقِمْ عِنْدَهُ أَيَّامًا قَلِيلَةً حَتَّى يَرْتَدَّ سُخْطَ أَخِيكَ. 45حَتَّى يَرْتَدَّ غَضَبُ أَخِيكَ عَنْكَ، وَيَنْسَى مَا صَنَعْتَ بِهِ. ثُمَّ أُرْسِلُ فَآخُذُكَ مِنْ هُنَاكَ. لِمَاذَا أُعْدَمُ اثْنَيْكُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟».
46وَقَالَتْ رِفْقَةُ لإِسْحَاقَ: «مَلِلْتُ حَيَاتِي مِنْ أَجْلِ بَنَاتِ حِثَّ. إِنْ كَانَ يَعْقُوبُ يَأْخُذُ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ حِثَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ مِنْ بَنَاتِ الأَرْضِ، فَلِمَاذَا لِي حَيَاةٌ؟».


تكوين22 (يعقوب يصارع الله ويعكمه فلا يستطيع الفلفصة!):
22ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَأَخَذَ امْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ. 23أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ الْوَادِيَ، وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ. 24فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ (هو الله، أستغفر الله) حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». 29وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ.
30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، وَنُجِّيَتْ نَفْسِي». 31وَأَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ إِذْ عَبَرَ فَنُوئِيلَ وَهُوَ يَخْمَعُ عَلَى فَخْذِهِ. 32لِذلِكَ لاَ يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِرْقَ النَّسَا الَّذِي عَلَى حُقِّ الْفَخِْذِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّهُ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ النَّسَا.

تكوين 31 (بنت النبى يعقوب يغتصبها شاب فلا يرى أبوها فى الأمر شيئا):
1وَخَرَجَتْ دِينَةُ ابْنَةُ لَيْئَةَ الَّتِي وَلَدَتْهَا لِيَعْقُوبَ لِتَنْظُرَ بَنَاتِ الأَرْضِ، 2فَرَآهَا شَكِيمُ ابْنُ حَمُورَ الْحِوِّيِّ رَئِيسِ الأَرْضِ، وَأَخَذَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَأَذَلَّهَا. 3وَتَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِدِينَةَ ابْنَةِ يَعْقُوبَ، وَأَحَبَّ الْفَتَاةَ وَلاَطَفَ الْفَتاةَ. 4فَكَلَّمَ شَكِيمُ حَمُورَ أَبِاهُ قَائِلاً: «خُذْ لِي هذِهِ الصَّبِيَّةَ زَوْجَةً». 5وَسَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ نَجَّسَ دِينَةَ ابْنَتَهُ. وَأَمَّا بَنُوهُ فَكَانُوا مَعَ مَوَاشِيهِ فِي الْحَقْلِ، فَسَكَتَ يَعْقُوبُ حَتَّى جَاءُوا.
6فَخَرَجَ حَمُورُ أَبُو شَكِيمَ إِلَى يَعْقُوبَ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ. 7وَأَتَى بَنُو يَعْقُوبَ مِنَ الْحَقْلِ حِينَ سَمِعُوا. وَغَضِبَ الرِّجَالُ وَاغْتَاظُوا جِدًّا لأَنَّهُ صَنَعَ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِمُضَاجَعَةِ ابْنَةِ يَعْقُوبَ، وَهكَذَا لاَ يُصْنَعُ. 8وَتَكَلَّمَ حَمُورُ مَعَهُمَ قَائِلاً: «شَكِيمُ ابْنِي قَدْ تَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِابْنَتِكُمْ. أَعْطُوهُ إِيَّاهَا زَوْجَةً 9وَصَاهِرُونَا. تُعْطُونَنَا بَنَاتِكُمْ، وَتَأْخُذُونَ لَكُمْ بَنَاتِنَا. 10وَتَسْكُنُونَ مَعَنَا، وَتَكُونُ الأَرْضُ قُدَّامَكُمُ. اسْكُنُوا وَاتَّجِرُوا فِيهَا وَتَمَلَّكُوا بِهَا». 11ثُمَّ قَالَ شَكِيمُ لأَبِيهَا وَلإِخْوَتِهَا: «دَعُونِي أَجِدْ نِعْمَةً فِي أَعْيُنِكُمْ. فَالَّذِي تَقُولُونَ لِي أُعْطِي. 12كَثِّرُوا عَلَيَّ جِدًّا مَهْرًا وَعَطِيَّةً، فَأُعْطِيَ كَمَا تَقُولُونَ لِي. وَأَعْطُونِي الْفَتَاةَ زَوْجَةً».
13فَأَجَابَ بَنُو يَعْقُوبَ شَكِيمَ وَحَمُورَ أَبَاهُ بِمَكْرٍ وَتَكَلَّمُوا. لأَنَّهُ كَانَ قَدْ نَجَّسَ دِينَةَ أُخْتَهُمْ، 14فَقَالُوُا لَهُمَا: «لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَفْعَلَ هذَا الأَمْرَ أَنْ نُعْطِيَ أُخْتَنَا لِرَجُل أَغْلَفَ، لأَنَّهُ عَارٌ لَنَا. 15غَيْرَ أَنَّنَا بِهذَا نُواتِيكُمْ: إِنْ صِرْتُمْ مِثْلَنَا بِخَتْنِكُمْ كُلَّ ذَكَرٍ. 16نُعْطِيكُمْ بَنَاتِنَا وَنَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِكُمْ، وَنَسْكُنُ مَعَكُمْ وَنَصِيرُ شَعْبًا وَاحِدًا. 17وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لَنَا، أَنْ تَخْتَتِنُوا، نَأْخُذُ ابْنَتَنَا وَنَمْضِي».
18فَحَسُنَ كَلاَمُهُمْ فِي عَيْنَيْ حَمُورَ وَفِي عَيْنَيْ شَكِيمَ بْنِ حَمُورَ. 19وَلَمْ يَتَأَخَّرِ الْغُلاَمُ أَنْ يَفْعَلَ الأَمْرَ، لأَنَّهُ كَانَ مَسْرُورًا بِابْنَةِ يَعْقُوبَ. وَكَانَ أَكْرَمَ جَمِيعِ بَيْتِ أَبِيهِ. 20فَأَتَى حَمُورُ وَشَكِيمُ ابْنُهُ إِلَى بَابِ مَدِينَتِهُِمَا، وَكَلَّمَا أَهْلَ مَدِينَتِهُِمَا قَائِلِينَ: 21«هؤُلاَءِ الْقَوْمُ مُسَالِمُونَ لَنَا. فَلْيَسْكُنُوا فِي الأَرْضِ وَيَتَّجِرُوا فِيهَا. وَهُوَذَا الأَرْضُ وَاسِعَةُ الطَّرَفَيْنِ أَمَامَهُمْ. نَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِهِمْ زَوْجَاتٍ وَنُعْطِيهِمْ بَنَاتِنَا. 22غَيْرَ أَنَّهُ بِهذَا فَقَطْ يُواتِينَا الْقَوْمُ عَلَى السَّكَنِ مَعَنَا لِنَصِيرَ شَعْبًا وَاحِدًا: بِخَتْنِنَا كُلَّ ذَكَرٍ كَمَا هُمْ مَخْتُونُونَ. 23أَلاَ تَكُونُ مَوَاشِيهِمْ وَمُقْتَنَاهُمْ وَكُلُّ بَهَائِمِهِمْ لَنَا؟ نُواتِيهِمْ فَقَطْ فَيَسْكُنُونَ مَعَنَا». 24فَسَمِعَ لِحَمُورَ وَشَكِيمَ ابْنِهِ جَمِيعُ الْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَاخْتَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ. كُلُّ الْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ.
25فَحَدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِذْ كَانُوا مُتَوَجِّعِينَ أَنَّ ابْنَيْ يَعْقُوبَ، شِمْعُونَ وَلاَوِيَ أَخَوَيْ دِينَةَ، أَخَذَا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ وَأَتَيَا عَلَى الْمَدِينَةِ بِأَمْنٍ وَقَتَلاَ كُلَّ ذَكَرٍ. 26وَقَتَلاَ حَمُورَ وَشَكِيمَ ابْنَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَأَخَذَا دِينَةَ مِنْ بَيْتِ شَكِيمَ وَخَرَجَا. 27ثُمَّ أَتَى بَنُو يَعْقُوبَ عَلَى الْقَتْلَى وَنَهَبُوا الْمَدِينَةَ، لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا أُخْتَهُمْ. 28غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَكُلَُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ وَمَا فِي الْحَقْلِ أَخَذُوهُ. 29وَسَبَوْا وَنَهَبُوا كُلَّ ثَرْوَتِهِمْ وَكُلَّ أَطْفَالِهِمْ، وَنِسَاءَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي الْبُيُوتِ.
30فَقَالَ يَعْقُوبُ لِشَمْعُونَ وَلاَوِي: «كَدَّرْتُمَانِي بِتَكْرِيهِكُمَا إِيَّايَ عِنْدَ سُكَّانِ الأَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِيِّينَ، وَأَنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ. فَيَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ وَيَضْرِبُونَنِي، فَأَبِيدُ أَنَا وَبَيْتِي». 31فَقَالاَ: «أَنَظِيرَ زَانِيَةٍ يَفْعَلُ بِأُخْتِنَا؟».




تكوين 35 (الله يظهر ليعقوب مرة أخرى بعد مباراة المصارعة):
9وَظَهَرَ اللهُ لِيَعْقُوبَ أَيْضًا حِينَ جَاءَ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ وَبَارَكَهُ. 10وَقَالَ لَهُ اللهُ: «اسْمُكَ يَعْقُوبُ. لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِيمَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِسْرَائِيلَ». فَدَعَا اسْمَهُ «إِسْرَائِيلَ». 11وَقَالَ لَهُ اللهُ: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. أَثْمِرْ وَاكْثُرْ. أُمَّةٌ وَجَمَاعَةُ أُمَمٍ تَكُونُ مِنْكَ، وَمُلُوكٌ سَيَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِكَ. 12وَالأَرْضُ الَّتِي أَعْطَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، لَكَ أُعْطِيهَا، وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أُعْطِي الأَرْضَ». 13ثُمَّ صَعِدَ اللهُ عَنْهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ تَكَلَّمَ مَعَهُ. 14فَنَصَبَ يَعْقُوبُ عَمُودًا فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ تَكَلَّمَ مَعَهُ، عَمُودًا مِنْ حَجَرٍ، وَسَكَبَ عَلَيْهِ سَكِيبًا، وَصَبَّ عَلَيْهِ زَيْتًا. 15وَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ تَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ «بَيْتَ إِيلَ».

تكوين 38 (يهوذا بن يعقوب النبى وأخو يوسف النبى يزنى بزوجة ابنه!):
12وَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ مَاتَتِ ابْنَةُ شُوعٍ امْرَأَةُ يَهُوذَا (ابن يعقوب، وأخو يوسف). ثُمَّ تَعَزَّى يَهُوذَا فَصَعِدَ إِلَى جُزَّازِ غَنَمِهِ إِلَى تِمْنَةَ، هُوَ وَحِيرَةُ صَاحِبُهُ الْعَدُلاَّمِيُّ. 13فَأُخْبِرَتْ ثَامَارُ وَقِيلَ لَهَا: «هُوَذَا حَمُوكِ صَاعِدٌ إِلَى تِمْنَةَ لِيَجُزَّ غَنَمَهُ». 14فَخَلَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَغَطَّتْ بِبُرْقُعٍ وَتَلَفَّفَتْ، وَجَلَسَتْ فِي مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، لأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ شِيلَةَ قَدْ كَبُرَ وَهِيَ لَمْ تُعْطَ لَهُ زَوْجَةً. 15فَنَظَرَهَا يَهُوذَا وَحَسِبَهَا زَانِيَةً، لأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ غَطَّتْ وَجْهَهَا. 16فَمَالَ إِلَيْهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ: «هَاتِي أَدْخُلْ عَلَيْكِ». لأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: «مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تَدْخُلَ عَلَيَّ؟» 17فَقَالَ: «إِنِّي أُرْسِلُ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْغَنَمِ». فَقَالَتْ: «هَلْ تُعْطِينِي رَهْنًا حَتَّى تُرْسِلَهُ؟». 18فَقَالَ: «مَا الرَّهْنُ الَّذِي أُعْطِيكِ؟» فَقَالَتْ: «خَاتِمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ الَّتِي فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَحَبِلَتْ مِنْهُ. 19ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ وَخَلَعَتْ عَنْهَا بُرْقُعَهَا وَلَبِسَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.
20فَأَرْسَلَ يَهُوذَا جَدْيَ الْمِعْزَى بِيَدِ صَاحِبِهِ الْعَدُلاَّمِيِّ لِيَأْخُذَ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَجِدْهَا. 21فَسَأَلَ أَهْلَ مَكَانِهَا قَائِلاً: «أَيْنَ الزَّانِيَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي عَيْنَايِمَ عَلَى الطَّرِيقِ؟» فَقَالُوا: «لَمْ تَكُنْ ههُنَا زَانِيَةٌ». 22فَرَجَعَ إِلَى يَهُوذَا وَقَالَ: «لَمْ أَجِدْهَا. وَأَهْلُ الْمَكَانِ أَيْضًا قَالُوا: لَمْ تَكُنْ ههُنَا زَانِيَةٌ». 23فَقَالَ يَهُوذَا: «لِتَأْخُذْ لِنَفْسِهَا، لِئَلاَّ نَصِيرَ إِهَانَةً. إِنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ هذَا الْجَدْيَ وَأَنْتَ لَمْ تَجِدْهَا».
24وَلَمَّا كَانَ نَحْوُ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، أُخْبِرَ يَهُوذَا وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ زَنَتْ ثَامَارُ كَنَّتُكَ، وَهَا هِيَ حُبْلَى أَيْضًا مِنَ الزِّنَا». فَقَالَ يَهُوذَا: «أَخْرِجُوهَا فَتُحْرَقَ». 25أَمَّا هِيَ فَلَمَّا أُخْرِجَتْ أَرْسَلَتْ إِلَى حَمِيهَا قَائِلَةً: «مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي هذِهِ لَهُ أَنَا حُبْلَى!» وَقَالَتْ: «حَقِّقْ لِمَنِ الْخَاتِمُ وَالْعِصَابَةُ وَالْعَصَا هذِهِ». 26فَتَحَقَّقَهَا يَهُوذَا وَقَالَ: «هِيَ أَبَرُّ مِنِّي، لأَنِّي لَمْ أُعْطِهَا لِشِيلَةَ ابْنِي». فَلَمْ يَعُدْ يَعْرِفُهَا أَيْضًا.
27وَفِي وَقْتِ وِلاَدَتِهَا إِذَا فِي بَطْنِهَا تَوْأَمَانِ. 28وَكَانَ فِي وِلاَدَتِهَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَخْرَجَ يَدًا فَأَخَذَتِ الْقَابِلَةُ وَرَبَطَتْ عَلَى يَدِهِ قِرْمِزًا، قَائِلَةً: «هذَا خَرَجَ أَوَّلاً». 29وَلكِنْ حِينَ رَدَّ يَدَهُ، إِذَا أَخُوهُ قَدْ خَرَجَ. فَقَالَتْ: «لِمَاذَا اقْتَحَمْتَ؟ عَلَيْكَ اقْتِحَامٌ!». فَدُعِيَ اسْمُهُ «فَارِصَ». 30وَبَعْدَ ذلِكَ خَرَجَ أَخُوهُ الَّذِي عَلَى يَدِهِ الْقِرْمِزُ. فَدُعِيَ اسْمُهُ «زَارَحَ».

خروج 1 (ملفقو العهد القديم يقولون إن ابنة فرعون التقطت الطفل موسى من بين الحلفاء على شاطئ النهر، وهى تقول: بل من النهر نفسه! فمن نصدق؟):
1وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاَوِي وَأَخَذَ بِنْتَ لاَوِي، 2فَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. وَلَمَّا رَأَتْهُ أَنَّهُ حَسَنٌ، خَبَّأَتْهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. 3وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُخَبِّئَهُ بَعْدُ، أَخَذَتْ لَهُ سَفَطًا مِنَ الْبَرْدِيِّ وَطَلَتْهُ بِالْحُمَرِ وَالزِّفْتِ، وَوَضَعَتِ الْوَلَدَ فِيهِ، وَوَضَعَتْهُ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ. 4وَوَقَفَتْ أُخْتُهُ مِنْ بَعِيدٍ لِتَعْرِفَ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ.
5فَنَزَلَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ إِلَى النَّهْرِ لِتَغْتَسِلَ، وَكَانَتْ جَوَارِيهَا مَاشِيَاتٍ عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ. فَرَأَتِ السَّفَطَ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ، فَأَرْسَلَتْ أَمَتَهَا وَأَخَذَتْهُ. 6وَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتِ الْوَلَدَ، وَإِذَا هُوَ صَبِيٌّ يَبْكِي. فَرَقَّتْ لَهُ وَقَالَتْ: «هذَا مِنْ أَوْلاَدِ الْعِبْرَانِيِّينَ». 7فَقَالَتْ أُخْتُهُ لابْنَةِ فِرْعَوْنَ: «هَلْ أَذْهَبُ وَأَدْعُو لَكِ امْرَأَةً مُرْضِعَةً مِنَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ الْوَلَدَ؟» 8فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: «اذْهَبِي». فَذَهَبَتِ الْفَتَاةُ وَدَعَتْ أُمَّ الْوَلَدِ. 9فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: «اذْهَبِي بِهذَا الْوَلَدِ وَأَرْضِعِيهِ لِي وَأَنَا أُعْطِي أُجْرَتَكِ». فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ وَأَرْضَعَتْهُ. 10وَلَمَّا كَبِرَ الْوَلَدُ جَاءَتْ بِهِ إِلَى ابْنَةِ فِرْعَوْنَ فَصَارَ لَهَا ابْنًا، وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوسَى» وَقَالَتْ: «إِنِّي انْتَشَلْتُهُ مِنَ الْمَاءِ».

خروج 1 (هل يعقل أن يكون نبى الله قَتّال قَتَلَة؟):
11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ، فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِ، 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ. 13ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِذَا رَجُلاَنِ عِبْرَانِيَّانِ يَتَخَاصَمَانِ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: «لِمَاذَا تَضْرِبُ صَاحِبَكَ؟» 14فَقَالَ: «مَنْ جَعَلَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟ أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟». فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: «حَقًّا قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ». 15فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هذَا الأَمْرَ، فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ، وَجَلَسَ عِنْدَ الْبِئْرِ.

خروج 4 (ما هذه الجلافة فى الكلام مع الله؟ وهل يمكن أن يكون موسى إلها لهارون؟):
10فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ». 11فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ 12فَالآنَ اذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». 13فَقَالَ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَرْسِلْ بِيَدِ مَنْ تُرْسِلُ». 14فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى مُوسَى وَقَالَ: «أَلَيْسَ هَارُونُ اللاَّوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ، وَأَيْضًا هَا هُوَ خَارِجٌ لاسْتِقْبَالِكَ. فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ، 15فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ الْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ، وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَمَعَ فَمِهِ، وَأُعْلِمُكُمَا مَاذَا تَصْنَعَانِ. 16وَهُوَ يُكَلِّمُ الشَّعْبَ عَنْكَ. وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَمًا، وَأَنْتَ تَكُونُ لَهُ إِلهًا. 17وَتَأْخُذُ فِي يَدِكَ هذِهِ الْعَصَا الَّتِي تَصْنَعُ بِهَا الآيَاتِ».

خروج 7 ( يا مؤلفى الكتاب المقدس، ارسوا على بر: موسى، إله لهارون أم إله لفرعون؟):
1فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلهًا لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ. 2أَنْتَ تَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ، وَهَارُونُ أَخُوكَ يُكَلِّمُ فِرْعَوْنَ لِيُطْلِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِهِ.

خروج 12 (موسى يوصى بنى إسرائيل بسرقة ذهب المصريين وفضتهم: رسولٌ هذا أم شيخُ منسر؟):
35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ

خروج 15 (مريم أخت موسى، وهى نبية عندهم، تمسك بالدُّفّ للراقصات وتنقر لهن على واحدة ونُصّ!):
20فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ النَّبِيَّةُ أُخْتُ هَارُونَ الدُّفَّ بِيَدِهَا، وَخَرَجَتْ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَرَاءَهَا بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. 21وَأَجَابَتْهُمْ مَرْيَمُ: «رَنِّمُوا لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ».


خروج 32 (النبى هارون يصنع العجل من الذهب المسروق من المصريين كى يعبده بنو إسرائيل!):
1وَلَمَّا رَأَى الشَّعْبُ أَنَّ مُوسَى أَبْطَأَ فِي النُّزُولِ مِنَ الْجَبَلِ، اجْتَمَعَ الشَّعْبُ عَلَى هَارُونَ وَقَالُوا لَهُ: «قُمِ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ». 2فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: «انْزِعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِ نِسَائِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَاتُونِي بِهَا». 3فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ وَأَتَوْا بِهَا إِلَى هَارُونَ. 4فَأَخَذَ ذلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالإِزْمِيلِ، وَصَنَعَهُ عِجْلاً مَسْبُوكًا. فَقَالُوا: «هذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ». 5فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحًا أَمَامَهُ، وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَدًا عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ.

تثنية 20 (حروب الكتاب المقدس حروب إبادة واستئصال):
«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَّا، 17بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، 18لِكَيْ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ الَّتِي عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ، فَتُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.

تثنية 21 (كل من صُلِب فهو ملعون: بهذا حَكَم الله فى الكتاب المقدس!):
«وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.

تثنية 23 (الربا حلال أم حرام؟):
«لاَ تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا، رِبَا فِضَّةٍ، أَوْ رِبَا طَعَامٍ، أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَّا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا، 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا، وَلكِنْ لأَخِيكَ لاَ تُقْرِضْ بِرِبًا، لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.

تثنية 25 (إما أن تتزوج زوجة شقيقك الميت بالإكراه أو تبصق فى وجهك):
5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، فَلاَ تَصِرِ امْرَأَةُ الْمَيْتِ إِلَى خَارِجٍ لِرَجُل أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ الْمَيْتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ.
7«وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ، تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَى الْبَابِ إِلَى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْمًا فِي إِسْرَائِيلَ. لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 8فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلَّمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ: لاَ أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا. 9تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَيْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ، وَتَخْلَعُ نَعْلَهُ مِنْ رِجْلِهِ، وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ، وَتُصَرحُ وَتَقُولُ: هكَذَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي إِسْرَائِيلَ «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».

يشوع 6 (التدمير والاستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس):
1وَكَانَتْ أَرِيحَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً بِسَبَبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لاَ أَحَدٌ يَخْرُجُ وَلاَ أَحَدٌ يَدْخُلُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا، جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ. 3تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ، جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. 4وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. 5وَيَكُونُ عِنْدَ امْتِدَادِ صَوْتِ قَرْنِ الْهُتَافِ، عِنْدَ اسْتِمَاعِكُمْ صَوْتَ الْبُوقِ، أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ يَهْتِفُ هُتَافًا عَظِيمًا، فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ، وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ». 6فَدَعَا يَشُوعُ بْنُ نُونٍ الْكَهَنَةَ وَقَالَ لَهُمُ: «احْمِلُوا تَابُوتَ الْعَهْدِ. وَلْيَحْمِلْ سَبْعَةُ كَهَنَةٍ سَبْعَةَ أَبْوَاقِ هُتَافٍ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ». 7وَقَالُوا لِلشَّعْبِ: «اجْتَازُوا وَدُورُوا دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ، وَلْيَجْتَزِ الْمُتَجَرِّدُ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ». 8وَكَانَ كَمَا قَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ. اجْتَازَ السَّبْعَةُ الْكَهَنَةُ حَامِلِينَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ سَائِرٌ وَرَاءَهُمْ، 9وَكُلُّ مُتَجَرِّدٍ سَائِرٌ أَمَامَ الْكَهَنَةِ الضَّارِبِينَ بِالأَبْوَاقِ. وَالسَّاقَةُ سَائِرَةٌ وَرَاءَ التَّابُوتِ. كَانُوا يَسِيرُونَ وَيَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. 10وَأَمَرَ يَشُوعُ الشَّعْبَ قَائِلاً: «لاَ تَهْتِفُوا وَلاَ تُسَمِّعُوا صَوْتَكُمْ، وَلاَ تَخْرُجْ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ كَلِمَةٌ حَتَّى يَوْمَ أَقُولُ لَكُمُ: اهْتِفُوا. فَتَهْتِفُونَ». 11فَدَارَ تَابُوتُ الرَّبِّ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. ثُمَّ دَخَلُوا الْمَحَلَّةَ وَبَاتُوا فِي الْمَحَلَّةِ.
12فَبَكَّرَ يَشُوعُ فِي الْغَدِ، وَحَمَلَ الْكَهَنَةُ تَابُوتَ الرَّبِّ، 13وَالسَّبْعَةُ الْكَهَنَةُ الْحَامِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ سَائِرُونَ سَيْرًا وَضَارِبُونَ بِالأَبْوَاقِ، وَالْمُتَجَرِّدُونَ سَائِرُونَ أَمَامَهُمْ، وَالْسَّاقَةُ سَائِرَةٌ وَرَاءَ تَابُوتِ الرَّبِّ. كَانُوا يَسِيرُونَ وَيَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. 14وَدَارُوا بِالْمَدِينَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَحَلَّةِ. هكَذَا فَعَلُوا سِتَّةَ أَيَّامٍ. 15وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ أَنَّهُمْ بَكَّرُوا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَارُوا دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ عَلَى هذَا الْمِنْوَالِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فَقَطْ دَارُوا دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. 16وَكَانَ فِي الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ عِنْدَمَا ضَرَبَ الْكَهَنَةُ بِالأَبْوَاقِ أَنَّ يَشُوعَ قَالَ لِلشَّعْبِ: «اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الْمَدِينَةَ. 17فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا مُحَرَّمًا لِلرَّبِّ. رَاحَابُ الزَّانِيَةُ فَقَطْ تَحْيَا هِيَ وَكُلُّ مَنْ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهَا قَدْ خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلْنَاهُمَا. 18وَأَمَّا أَنْتُمْ فَاحْتَرِزُوا مِنَ الْحَرَامِ لِئَلاَّ تُحَرَّمُوا، وَتَأْخُذُوا مِنَ الْحَرَامِ وَتَجْعَلُوا مَحَلَّةَ إِسْرَائِيلَ مُحَرَّمَةً وَتُكَدِّرُوهَا. 19وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ تَكُونُ قُدْسًا لِلرَّبِّ وَتَدْخُلُ فِي خِزَانَةِ الرَّبِّ». 20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافًا عَظِيمًا، فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ، وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. 22وَقَالَ يَشُوعُ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَجَسَّسَا الأَرْضَ: «ادْخُلاَ بَيْتَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ وَأَخْرِجَا مِنْ هُنَاكَ الْمَرْأَةَ وَكُلَّ مَا لَهَا كَمَا حَلَفْتُمَا لَهَا». 23فَدَخَلَ الْغُلاَمَانِ الْجَاسُوسَانِ وَأَخْرَجَا رَاحَابَ وَأَبَاهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَأَخْرَجَا كُلَّ عَشَائِرِهَا وَتَرَكَاهُمْ خَارِجَ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ. 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا، إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. 25وَاسْتَحْيَا يَشُوعُ رَاحَابَ الزَّانِيَةَ وَبَيْتَ أَبِيهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَسَكَنَتْ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّهَا خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلَهُمَا يَشُوعُ لِكَيْ يَتَجَسَّسَا أَرِيحَا.

يشوع 8 (التدمير والاستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس):
18فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «مُدَّ الْمِزْرَاقَ الَّذِي بِيَدِكَ نَحْوَ عَايٍ لأَنِّي بِيَدِكَ أَدْفَعُهَا». فَمَدَّ يَشُوعُ الْمِزْرَاقَ الَّذِي بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ. 19فَقَامَ الْكَمِينُ بِسُرْعَةٍ مِنْ مَكَانِهِ وَرَكَضُوا عِنْدَمَا مَدَّ يَدَهُ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَأَخَذُوهَا، وَأَسْرَعُوا وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ. 20فَالْتَفَتَ رِجَالُ عَايٍ إِلَى وَرَائِهِمْ وَنَظَرُوا وَإِذَا دُخَانُ الْمَدِينَةِ قَدْ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَكَانٌ لِلْهَرَبِ هُنَا أَوْ هُنَاكَ. وَالشَّعْبُ الْهَارِبُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ انْقَلَبَ عَلَى الطَّارِدِ. 21وَلَمَّا رَأَى يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ أَنَّ الْكَمِينَ قَدْ أَخَذَ الْمَدِينَةَ، وَأَنَّ دُخَانَ الْمَدِينَةِ قَدْ صَعِدَ، انْثَنَوْا وَضَرَبُوا رِجَالَ عَايٍ. 22وَهؤُلاَءِ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ لِلِقَائِهِمْ، فَكَانُوا فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ، هؤُلاَءِ مِنْ هُنَا وَأُولئِكَ مِنْ هُنَاكَ. وَضَرَبُوهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ شَارِدٌ وَلاَ مُنْفَلِتٌ. 23وَأَمَّا مَلِكُ عَايٍ فَأَمْسَكُوهُ حَيًّا وَتَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى يَشُوعَ. 24وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ وَسَقَطُوا جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا، أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. 26وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْمِزْرَاقِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. 27لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. 28وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 29وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ إِلَى وَقْتِ الْمَسَاءِ. وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هذَا الْيَوْمِ.

يشوع 10 (التدمير والاستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس):
28وَأَخَذَ يَشُوعُ مَقِّيدَةَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَضَرَبَهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَحَرَّمَ مَلِكَهَا هُوَ وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، وَفَعَلَ بِمَلِكِ مَقِّيدَةَ كَمَا فَعَلَ بِمَلِكِ أَرِيحَا.
29ثُمَّ اجْتَازَ يَشُوعُ مِنْ مَقِّيدَةَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى لِبْنَةَ، وَحَارَبَ لِبْنَةَ. 30فَدَفَعَهَا الرَّبُّ هِيَ أَيْضًا بِيَدِ إِسْرَائِيلَ مَعَ مَلِكِهَا، فَضَرَبَهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ بِهَا شَارِدًا، وَفَعَلَ بِمَلِكِهَا كَمَا فَعَلَ بِمَلِكِ أَرِيحَا. 31ثُمَّ اجْتَازَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ لِبْنَةَ إِلَى لَخِيشَ وَنَزَلَ عَلَيْهَا وَحَارَبَهَا. 32فَدَفَعَ الرَّبُّ لَخِيشَ بِيَدِ إِسْرَائِيلَ، فَأَخَذَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَضَرَبَهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ بِلِبْنَةَ. 33حِينَئِذٍ صَعِدَ هُورَامُ مَلِكُ جَازَرَ لإِعَانَةِ لَخِيشَ، وَضَرَبَهُ يَشُوعُ مَعَ شَعْبِهِ حَتَّى لَمْ يُبْقِ لَهُ شَارِدًا.
34ثُمَّ اجْتَازَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ لَخِيشَ إِلَى عَجْلُونَ فَنَزَلُوا عَلَيْهَا وَحَارَبُوهَا، 35وَأَخَذُوهَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَحَرَّمَ كُلَّ نَفْسٍ بِهَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ بِلَخِيشَ. 36ثُمَّ صَعِدَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ عَجْلُونَ إِلَى حَبْرُونَ وَحَارَبُوهَا، 37وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ مَعَ مَلِكِهَا وَكُلِّ مُدُنِهَا وَكُلِّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ بِعَجْلُونَ، فَحَرَّمَهَا وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا.
38ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى دَبِيرَ وَحَارَبَهَا، 39وَأَخَذَهَا مَعَ مَلِكِهَا وَكُلِّ مُدُنِهَا، وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَحَرَّمُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، كَمَا فَعَلَ بِحَبْرُونَ كَذلِكَ فَعَلَ بِدَبِيرَ وَمَلِكِهَا، وَكَمَا فَعَلَ بِلِبْنَةَ وَمَلِكِهَا.
40فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. 41فَضَرَبَهُمْ يَشُوعُ مِنْ قَادَشَ بَرْنِيعَ إِلَى غَزَّةَ وَجَمِيعَ أَرْضِ جُوشِنَ إِلَى جِبْعُونَ. 42وَأَخَذَ يَشُوعُ جَمِيعَ أُولئِكَ الْمُلُوكِ وَأَرْضِهِمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ. 43ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى الْجِلْجَالِ.

يشوع 11 (التدمير والاستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس):
10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ، لأَنَّ حَاصُورَ كَانَتْ قَبْلاً رَأْسَ جَمِيعِ تِلْكَ الْمَمَالِكِ. 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ، وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ، وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ. 13غَيْرَ أَنَّ الْمُدُنَ الْقَائِمَةَ عَلَى تِلاَلِهَا لَمْ يُحْرِقْهَا إِسْرَائِيلُ، مَا عَدَا حَاصُورَ وَحْدَهَا أَحْرَقَهَا يَشُوعُ. 14وَكُلُّ غَنِيمَةِ تِلْكَ الْمُدُنِ وَالْبَهَائِمَ نَهَبَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لأَنْفُسِهِمْ. وَأَمَّا الرِّجَالُ فَضَرَبُوهُمْ جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى أَبَادُوهُمْ. لَمْ يُبْقُوا نَسَمَةً. 15كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى عَبْدَهُ هكَذَا أَمَرَ مُوسَى يَشُوعَ، وَهكَذَا فَعَلَ يَشُوعُ. لَمْ يُهْمِلْ شَيْئًا مِنْ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى. 16فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ تِلْكَ الأَرْضِ: الْجَبَلَ، وَكُلَّ الْجَنُوبِ، وَكُلَّ أَرْضِ جُوشِنَ وَالسَّهْلَ وَالْعَرَبَةَ وَجَبَلَ إِسْرَائِيلَ وَسَهْلَهُ، 17مِنَ الْجَبَلِ الأَقْرَعِ الصَّاعِدِ إِلَى سَعِيرَ إِلَى بَعْلِ جَادَ فِي بُقْعَةِ لُبْنَانَ تَحْتَ جَبَلِ حَرْمُونَ. وَأَخَذَ جَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ وَقَتَلَهُمْ. 18فَعَمِلَ يَشُوعُ حَرْبًا مَعَ أُولئِكَ الْمُلُوكِ أَيَّامًا كَثِيرَةً. 19لَمْ تَكُنْ مَدِينَةٌ صَالَحَتْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ الْحِوِّيِّينَ سُكَّانَ جِبْعُونَ، بَلْ أَخَذُوا الْجَمِيعَ بِالْحَرْبِ. 20لأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ يُشَدِّدَ قُلُوبَهُمْ حَتَّى يُلاَقُوا إِسْرَائِيلَ لِلْمُحَارَبَةِ فَيُحَرَّمُوا، فَلاَ تَكُونُ عَلَيْهِمْ رَأْفَةٌ، بَلْ يُبَادُونَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

قضاة 1 (التدمير والاستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس):

1وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا الرَّبَّ قَائِلِينَ: «مَنْ مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى الْكَنْعَانِيِّينَ أَوَّلاً لِمُحَارَبَتِهِمْ؟» 2فَقَالَ الرَّبُّ: «يَهُوذَا يَصْعَدُ. هُوَذَا قَدْ دَفَعْتُ الأَرْضَ لِيَدِهِ». 3فَقَالَ يَهُوذَا لِشِمْعُونَ أَخِيهِ: «اِصْعَدْ مَعِي فِي قُرْعَتِي لِكَيْ نُحَارِبَ الْكَنْعَانِيِّينَ، فَأَصْعَدَ أَنَا أَيْضًا مَعَكَ فِي قُرْعَتِكَ». فَذَهَبَ شِمْعُونُ مَعَهُ. 4فَصَعِدَ يَهُوذَا، وَدَفَعَ الرَّبُّ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ بِيَدِهِمْ، فَضَرَبُوا مِنْهُمْ فِي بَازَقَ عَشَرَةَ آلاَفِ رَجُل. 5وَوَجَدُوا أَدُونِيَ بَازَقَ فِي بَازَقَ، فَحَارَبُوهُ وَضَرَبُوا الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ. 6فَهَرَبَ أَدُونِي بَازَقَ، فَتَبِعُوهُ وَأَمْسَكُوهُ وَقَطَعُوا أَبَاهِمَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 7فَقَالَ أَدُونِي بَازَقَ: «سَبْعُونَ مَلِكًا مَقْطُوعَةٌ أَبَاهِمُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ كَانُوا يَلْتَقِطُونَ تَحْتَ مَائِدَتِي. كَمَا فَعَلْتُ كَذلِكَ جَازَانِيَ اللهُ». وَأَتَوْا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَمَاتَ هُنَاكَ.
8وَحَارَبَ بَنُو يَهُوذَا أُورُشَلِيمَ وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَأَشْعَلُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ. 9وَبَعْدَ ذلِكَ نَزَلَ بَنُو يَهُوذَا لِمُحَارَبَةِ الْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ. 10وَسَارَ يَهُوذَا عَلَى الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي حَبْرُونَ، وَكَانَ اسْمُ حَبْرُونَ قَبْلاً قَرْيَةَ أَرْبَعَ. وَضَرَبُوا شِيشَايَ وَأَخِيمَانَ وَتَلْمَايَ. 11وَسَارَ مِنْ هُنَاكَ عَلَى سُكَّانِ دَبِيرَ، وَاسْمُ دَبِيرَ قَبْلاً قَرْيَةُ سَفَرٍ. 12فَقَالَ كَالَبُ: «الَّذِي يَضْرِبُ قَرْيَةَ سَفَرٍ وَيَأْخُذُهَا، أُعْطِيهِ عَكْسَةَ ابْنَتِي امْرَأَةً». 13فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ، أَخُو كَالَبَ الأَصْغَرُ مِنْهُ. فَأَعْطَاهُ عَكْسَةَ ابْنَتَهُ امْرَأَةً.

قضاة 2 (الله يندم مرة أخرى! كان الله فى عونه!):
11وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ. 12وَتَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمِ الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَسَارُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ، وَسَجَدُوا لَهَا وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. 13تَرَكُوا الرَّبَّ وَعَبَدُوا الْبَعْلَ وَعَشْتَارُوثَ. 14فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَدَفَعَهُمْ بِأَيْدِي نَاهِبِينَ نَهَبُوهُمْ، وَبَاعَهُمْ بِيَدِ أَعْدَائِهِمْ حَوْلَهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرُوا بَعْدُ عَلَى الْوُقُوفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ. 15حَيْثُمَا خَرَجُوا كَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ لِلشَّرِّ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ وَكَمَا أَقْسَمَ الرَّبُّ لَهُمْ. فَضَاقَ بِهِمُ الأَمْرُ جِدًّا. 16وَأَقَامَ الرَّبُّ قُضَاةً فَخَلَّصُوهُمْ مِنْ يَدِ نَاهِبِيهِمْ. 17وَلِقُضَاتِهِمْ أَيْضًا لَمْ يَسْمَعُوا، بَلْ زَنَوْا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا. حَادُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي سَارَ بِهَا آبَاؤُهُمْ لِسَمْعِ وَصَايَا الرَّبِّ، لَمْ يَفْعَلُوا هكَذَا. 18وَحِينَمَا أَقَامَ الرَّبُّ لَهُمْ قُضَاةً، كَانَ الرَّبُّ مَعَ الْقَاضِي، وَخَلَّصَهُمْ مِنْ يَدِ أَعْدَائِهِمْ كُلَّ أَيَّامِ الْقَاضِي، لأَنَّ الرَّبَّ نَدِمَ مِنْ أَجْلِ أَنِينِهِمْ بِسَبَبِ مُضَايِقِيهِمْ وَزَاحِمِيهِمْ. 19

قضاة 3 (استئصال! استئصال! استئصال!):
12وَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَشَدَّدَ الرَّبُّ عِجْلُونَ مَلِكَ مُوآبَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُمْ عَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 13فَجَمَعَ إِلَيْهِ بَنِي عَمُّونَ وَعَمَالِيقَ، وَسَارَ وَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ، وَامْتَلَكُوا مَدِينَةَ النَّخْلِ. 14فَعَبَدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِجْلُونَ مَلِكَ مُوآبَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً. 15وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ، فَأَقَامَ لَهُمُ الرَّبُّ مُخَلِّصًا إِهُودَ بْنَ جِيرَا الْبَنْيَامِينِيَّ، رَجُلاً أَعْسَرَ. فَأَرْسَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِيَدِهِ هَدِيَّةً لِعِجْلُونَ مَلِكِ مُوآبَ. 16فَعَمِلَ إِهُودُ لِنَفْسِهِ سَيْفًا، ذَا حَدَّيْنِ طُولُهُ ذِرَاعٌ، وَتَقَلَّدَهُ تَحْتَ ثِيَابِهِ عَلَى فَخِْذِهِ الْيُمْنَى. 17وَقَدَمَّ الْهَدِيَّةَ لِعِجْلُونَ مَلِكِ مُوآبَ. وَكَانَ عِجْلُونُ رَجُلاً سَمِينًا جِدًّا. 18وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى مِنْ تَقْدِيمِ الْهَدِيَّةِ، صَرَفَ الْقَوْمَ حَامِلِي الْهَدِيَّةِ، 19وَأَمَّا هُوَ فَرَجَعَ مِنْ عِنْدِ الْمَنْحُوتَاتِ الَّتِي لَدَى الْجِلْجَالِ وَقَالَ: «لِي كَلاَمُ سِرّ إِلَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ». فَقَالَ: «صَهْ». وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ جَمِيعُ الْوَاقِفِينَ لَدَيْهِ. 20فَدَخَلَ إِلَيْهِ إِهُودُ وَهُوَ جَالِسٌ فِي عُلِّيَّةِ بُرُودٍ كَانَتْ لَهُ وَحْدَهُ. وَقَالَ إِهُودُ: «عِنْدِي كَلاَمُ اللهِ إِلَيْكَ». فَقَامَ عَنِ الْكُرْسِيِّ. 21فَمَدَّ إِهُودُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَأَخَذَ السَّيْفَ عَنْ فَخْذِهِ الْيُمْنَى وَضَرَبَهُ فِي بَطْنِهِ. 22فَدَخَلَ الْقَائِمُ أَيْضًا وَرَاءَ النَّصْلِ، وَطَبَقَ الشَّحْمُ وَرَاءَ النَّصْلِ لأَنَّهُ لَمْ يَجْذُبِ السَّيْفَ مِنْ بَطْنِهِ. وَخَرَجَ مِنَ الْحِتَارِ. 23فَخَرَجَ إِهُودُ مِنَ الرِّوَاقِ وَأَغْلَقَ أَبْوَابَ الْعِلِّيَّةِ وَرَاءَهُ وَأَقْفَلَهَا. 24وَلَمَّا خَرَجَ، جَاءَ عَبِيدُهُ وَنَظَرُوا وَإِذَا أَبْوَابُ الْعِلِّيَّةِ مُقْفَلَةٌ، فَقَالُوا: «إِنَّهُ مُغَطّ رِجْلَيْهِ فِي مُخْدَعِ الْبُرُودِ». 25فَلَبِثُوا حَتَّى خَجِلُوا وَإِذَا هُوَ لاَ يَفْتَحُ أَبْوَابَ الْعِلِّيَّةِ. فَأَخَذُوا الْمِفْتَاحَ وَفَتَحُوا وَإِذَا سَيِّدُهُمْ سَاقِطٌ عَلَى الأَرْضِ مَيْتًا. 26وَأَمَّا إِهُودُ فَنَجَا، إِذْ هُمْ مَبْهُوتُونَ، وَعَبَرَ الْمَنْحُوتَاتِ وَنَجَا إِلَى سِعِيرَةَ. 27وَكَانَ عِنْدَ مَجِيئِهِ أَنَّهُ ضَرَبَ بِالْبُوقِ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ، فَنَزَلَ مَعْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْجَبَلِ وَهُوَ قُدَّامَهُمْ. 28وَقَالَ لَهُمُ: «اتْبَعُونِي لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَفَعَ أَعْدَاءَكُمُ الْمُوآبِيِّينَ لِيَدِكُمْ». فَنَزَلُوا وَرَاءَهُ وَأَخَذُوا مَخَاوِضَ الأُرْدُنِّ إِلَى مُوآبَ، وَلَمْ يَدَعُوا أَحَدًا يَعْبُرُ. 29فَضَرَبُوا مِنْ مُوآبَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُل، كُلَّ نَشِيطٍ، وَكُلَّ ذِي بَأْسٍ، وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ. 30فَذَلَّ الْمُوآبِيُّونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَحْتَ يَدِ إِسْرَائِيلَ. وَاسْتَرَاحَتِ الأَرْضُ ثَمَانِينَ سَنَةً.
31وَكَانَ بَعْدَهُ شَمْجَرُ بْنُ عَنَاةَ، فَضَرَبَ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ سِتَّ مِئَةِ رَجُل بِمِنْسَاسِ الْبَقَرِ. وَهُوَ أَيْضًا خَلَّصَ إِسْرَائِيلَ.

قضاة 4 (استئصال! استئصال! استئصال!):
1وَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ بَعْدَ مَوْتِ إِهُودَ، 2فَبَاعَهُمُ الرَّبُّ بِيَدِ يَابِينَ مَلِكِ كَنْعَانَ الَّذِي مَلَكَ فِي حَاصُورَ. وَرَئِيسُ جَيْشِهِ سِيسَرَا، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي حَرُوشَةِ الأُمَمِ. 3فَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ، لأَنَّهُ كَانَ لَهُ تِسْعُ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَهُوَ ضَايَقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِشِدَّةٍ، عِشْرِينَ سَنَةً.
4وَدَبُورَةُ امْرَأَةٌ نَبِيَّةٌ زَوْجَةُ لَفِيدُوتَ، هِيَ قَاضِيَةُ إِسْرَائِيلَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ. 5وَهِيَ جَالِسَةٌ تَحْتَ نَخْلَةِ دَبُورَةَ بَيْنَ الرَّامَةِ وَبَيْتِ إِيلَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ. وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَصْعَدُونَ إِلَيْهَا لِلْقَضَاءِ. 6فَأَرْسَلَتْ وَدَعَتْ بَارَاقَ بْنَ أَبِينُوعَمَ مِنْ قَادَشِ نَفْتَالِي، وَقَالَتْ لَهُ: «أَلَمْ يَأْمُرِ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: اِذْهَبْ وَازْحَفْ إِلَى جَبَلِ تَابُورَ، وَخُذْ مَعَكَ عَشْرَةَ آلاَفِ رَجُل مِنْ بَنِي نَفْتَالِي وَمِنْ بَنِي زَبُولُونَ، 7فَأَجْذُبَ إِلَيْكَ، إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ سِيسَرَا رَئِيسَ جَيْشِ يَابِينَ بِمَرْكَبَاتِهِ وَجُمْهُورِهِ وَأَدْفَعَهُ لِيَدِكَ؟» 8فَقَالَ لَهَا بَارَاقُ: «إِنْ ذَهَبْتِ مَعِي أَذْهَبْ، وَإِنْ لَمْ تَذْهَبِي مَعِي فَلاَ أَذْهَبُ». 9فَقَالَتْ: «إِنِّي أَذْهَبُ مَعَكَ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَكَ فَخْرٌ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَنْتَ سَائِرٌ فِيهَا. لأَنَّ الرَّبَّ يَبِيعُ سِيسَرَا بِيَدِ امْرَأَةٍ». فَقَامَتْ دَبُورَةُ وَذَهَبَتْ مَعَ بَارَاقَ إِلَى قَادَشَ.
10وَدَعَا بَارَاقُ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيَ إِلَى قَادَشَ، وَصَعِدَ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُل. وَصَعِدَتْ دَبُورَةُ مَعَهُ. 11وَحَابِرُ الْقَيْنِيُّ انْفَرَدَ مِنْ قَايِنَ، مِنْ بَنِي حُوبَابَ حَمِي مُوسَى، وَخَيَّمَ حَتَّى إِلَى بَلُّوطَةٍ فِي صَعَنَايِمَ الَّتِي عِنْدَ قَادَشَ. 12وَأَخْبَرُوا سِيسَرَا بِأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ بَارَاقُ بْنُ أَبِينُوعَمَ إِلَى جَبَلِ تَابُورَ. 13فَدَعَا سِيسَرَا جَمِيعَ مَرْكَبَاتِهِ، تِسْعَ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَجَمِيعَ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ مِنْ حَرُوشَةِ الأُمَمِ إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ. 14فَقَالَتْ دَبُورَةُ لِبَارَاقَ: «قُمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي دَفَعَ فِيهِ الرَّبُّ سِيسَرَا لِيَدِكَ. أَلَمْ يَخْرُجِ الرَّبُّ قُدَّامَكَ؟» فَنَزَلَ بَارَاقُ مِنْ جَبَلِ تَابُورَ وَوَرَاءَهُ عَشْرَةُ آلاَفِ رَجُل. 15فَأَزْعَجَ الرَّبُّ سِيسَرَا وَكُلَّ الْمَرْكَبَاتِ وَكُلَّ الْجَيْشِ بِحَدِّ السَّيْفِ أَمَامَ بَارَاقَ. فَنَزَلَ سِيسَرَا عَنِ الْمَرْكَبَةِ وَهَرَبَ عَلَى رِجْلَيْهِ. 16وَتَبعَ بَارَاقُ الْمَرْكَبَاتِ وَالْجَيْشَ إِلَى حَرُوشَةِ الأُمَمِ. وَسَقَطَ كُلُّ جَيْشِ سِيسَرَا بِحَدِّ السَّيْفِ. لَمْ يَبْقَ وَلاَ وَاحِدٌ. 17وَأَمَّا سِيسَرَا فَهَرَبَ عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى خَيْمَةِ يَاعِيلَ امْرَأَةِ حَابِرَ الْقَيْنِيِّ، لأَنَّهُ كَانَ صُلْحٌ بَيْنَ يَابِينَ مَلِكِ حَاصُورَ وَبَيْتِ حَابِرَ الْقَيْنِيِّ. 18فَخَرَجَتْ يَاعِيلُ لاسْتِقْبَالِ سِيسَرَا وَقَالَتْ لَهُ: «مِلْ يَا سَيِّدِي، مِلْ إِلَيَّ. لاَ تَخَفْ». فَمَالَ إِلَيْهَا إِلَى الْخَيْمَةِ وَغَطَّتْهُ بِاللِّحَافِ. 19فَقَالَ لَهَا: «اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ لأَنِّي قَدْ عَطِشْتُ». فَفَتَحَتْ وَطَبَ اللَّبَنِ وَأَسْقَتْهُ ثُمَّ غَطَّتْهُ. 20فَقَالَ لَهَا: «قِفِي بِبَابِ الْخَيْمَةِ، وَيَكُونُ إِذَا جَاءَ أَحَدٌ وَسَأَلَكِ: أَهُنَا رَجُلٌ؟ أَنَّكِ تَقُولِينَ لاَ». 21فَأَخَذَتْ يَاعِيلُ امْرَأَةُ حَابِرَ وَتَدَ الْخَيْمَةِ وَجَعَلَتِ الْمِيتَدَةَ فِي يَدِهَا، وَقَارَتْ إِلَيْهِ وَضَرَبَتِ الْوَتَدَ فِي صُدْغِهِ فَنَفَذَ إِلَى الأَرْضِ، وَهُوَ مُتَثَقِّلٌ فِي النَّوْمِ وَمُتْعَبٌ، فَمَاتَ. 22وَإِذَا بِبَارَاقَ يُطَارِدُ سِيسَرَا، فَخَرَجَتْ يَاعِيلُ لاسْتِقْبَالِهِ وَقَالَتْ لَهُ: «تَعَالَ فَأُرِيَكَ الرَّجُلَ الَّذِي أَنْتَ طَالِبُهُ». فَجَاءَ إِلَيْهَا وَإِذَا سِيسَرَا سَاقِطٌ مَيْتًا وَالْوَتَدُ فِي صُدْغِهِ. 23فَأَذَلَّ اللهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَابِينَ مَلِكَ كَنْعَانَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 24وَأَخَذَتْ يَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَتَزَايَدُ وَتَقْسُو عَلَى يَابِينَ مَلِكِ كَنْعَانَ حَتَّى قَرَضُوا يَابِينَ مَلِكَ كَنْعَانَ.

قضاة 8 (استئصال! استئصال! استئصال!):
4وَجَاءَ جِدْعُونُ إِلَى الأُرْدُنِّ وَعَبَرَ هُوَ وَالثَّلاَثُ مِئَةِ الرَّجُلِ الَّذِينَ مَعَهُ مُعْيِينَ وَمُطَارِدِينَ. 5فَقَالَ لأَهْلِ سُكُّوتَ: «أَعْطُوا أَرْغِفَةَ خُبْزٍ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ مَعِي لأَنَّهُمْ مُعْيُونَ، وَأَنَا سَاعٍ وَرَاءَ زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ مَلِكَيْ مِدْيَانَ». 6فَقَالَ رُؤَسَاءُ سُكُّوتَ: «هَلْ أَيْدِي زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ بِيَدِكَ الآنَ حَتَّى نُعْطِيَ جُنْدَكَ خُبْزًا؟» 7فَقَالَ جِدْعُونُ: «لِذلِكَ عِنْدَمَا يَدْفَعُ الرَّبُّ زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ بِيَدِي أَدْرُسُ لَحْمَكُمْ مَعَ أَشْوَاكِ الْبَرِّيَّةِ بِالنَّوَارِجِ». 8وَصَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى فَنُوئِيلَ وَكَلَّمَهُمْ هكَذَا. فَأَجَابَهُ أَهْلُ فَنُوئِيلَ كَمَا أَجَابَ أَهْلُ سُكُّوتَ، 9فَكَلَّمَ أَيْضًا أَهْلَ فَنُوئِيلَ قَائِلاً: «عِنْدَ رُجُوعِي بِسَلاَمٍ أَهْدِمُ هذَا الْبُرْجَ».
10وَكَانَ زَبَحُ وَصَلْمُنَّاعُ فِي قَرْقَرَ وَجَيْشُهُمَا مَعَهُمَا نَحْوُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، كُلُّ الْبَاقِينَ مِنْ جَمِيعِ جَيْشِ بَنِي الْمَشْرِقِ. وَالَّذِينَ سَقَطُوا مِئَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ رَجُل مُخْتَرِطِي السَّيْفِ. 11وَصَعِدَ جِدْعُونُ فِي طَرِيقِ سَاكِنِي الْخِيَامِ شَرْقِيَّ نُوبَحَ وَيُجْبَهَةَ، وَضَرَبَ الْجَيْشَ وَكَانَ الْجَيْشُ مُطْمَئِنًّا. 12فَهَرَبَ زَبَحُ وَصَلْمُنَّاعُ، فَتَبِعَهُمَا وَأَمْسَكَ مَلِكَيْ مِدْيَانَ زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ وَأَزْعَجَ كُلَّ الْجَيْشِ.
13وَرَجَعَ جِدْعُونُ بْنُ يُوآشَ مِنَ الْحَرْبِ مِنْ عِنْدِ عَقَبَةِ حَارَسَ. 14وَأَمْسَكَ غُلاَمًا مِنْ أَهْلِ سُكُّوتَ وَسَأَلَهُ، فَكَتَبَ لَهُ رُؤَسَاءَ سُكُّوتَ وَشُيُوخَهَا، سَبْعَةً وَسَبْعِينَ رَجُلاً. 15وَدَخَلَ إِلَى أَهْلِ سُكُّوتَ وَقَالَ: «هُوَذَا زَبَحُ وَصَلْمُنَّاعُ اللَّذَانِ عَيَّرْتُمُونِي بِهِمَا قَائِلِينَ: هَلْ أَيْدِي زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ بِيَدِكَ الآنَ حَتَّى نُعْطِي رِجَالَكَ الْمُعْيِينَ خُبْزًا؟» 16وَأَخَذَ شُيُوخَ الْمَدِينَةِ وَأَشْوَاكَ الْبَرِّيَّةِ وَالنَّوَارِجَ وَعَلَّمَ بِهَا أَهْلَ سُكُّوتَ. 17وَهَدَمَ بُرْجَ فَنُوئِيلَ وَقَتَلَ رِجَالَ الْمَدِينَةِ.

قضاة 9 (استئصال! استئصال! استئصال!):
42وَكَانَ فِي الْغَدِ أَنَّ الشَّعْبَ خَرَجَ إِلَى الْحَقْلِ وَأَخْبَرُوا أَبِيمَالِكَ. 43فَأَخَذَ الْقَوْمَ وَقَسَمَهُمْ إِلَى ثَلاَثِ فِرَق، وَكَمَنَ فِي الْحَقْلِ وَنَظَرَ وَإِذَا الشَّعْبُ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ وَضَرَبَهُمْ. 44وَأَبِيمَالِكُ وَالْفِرْقَةُ الَّتِي مَعَهُ اقْتَحَمُوا وَوَقَفُوا فِي مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ. وَأَمَّا الْفِرْقَتَانِ فَهَجَمَتَا عَلَى كُلِّ مَنْ فِي الْحَقْلِ وَضَرَبَتَاهُ. 45وَحَارَبَ أَبِيمَالِكُ الْمَدِينَةَ كُلَّ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ وَقَتَلَ الشَّعْبَ الَّذِي بِهَا، وَهَدَمَ الْمَدِينَةَ وَزَرَعَهَا مِلْحًا.

صموئيل الأول 15(استئصال! استئصال! استئصال! وندم إلهى كالعادة):
1وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «إِيَّايَ أَرْسَلَ الرَّبُّ لِمَسْحِكَ مَلِكًا عَلَى شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ فَاسْمَعْ صَوْتَ كَلاَمِ الرَّبِّ. 2هكَذَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ. 3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا». 4فَاسْتَحْضَرَ شَاوُلُ الشَّعْبَ وَعَدَّهُ فِي طَلاَيِمَ، مِئَتَيْ أَلْفِ رَاجِل، وَعَشَرَةَ آلاَفِ رَجُل مِنْ يَهُوذَا.
5ثُمَّ جَاءَ شَاوُلُ إِلَى مَدِينَةِ عَمَالِيقَ وَكَمَنَ فِي الْوَادِي. 6وَقَالَ شَاوُلُ لِلْقَيْنِيِّينَ: «اذْهَبُوا حِيدُوا انْزِلُوا مِنْ وَسَطِ الْعَمَالِقَةِ لِئَلاَّ أُهْلِكَكُمْ مَعَهُمْ، وَأَنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ مَعْرُوفًا مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ صُعُودِهِمْ مِنْ مِصْرَ». فَحَادَ الْقَيْنِيُّ مِنْ وَسَطِ عَمَالِيقَ. 7وَضَرَبَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى شُورَ الَّتِي مُقَابَِلَ مِصْرَ. 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيًّا، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالثُّنْيَانِ وَالْخِرَافِ، وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضَوْا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا.
10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ قَائِلاً: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكًا، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي».

صموئيل الأول 28 (الاستعانة بالنساء المتصلات بالجن لمعرفة الغيب):
3وَمَاتَ صَمُوئِيلُ وَنَدَبَهُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَدَفَنُوهُ فِي الرَّامَةِ فِي مَدِينَتِهِ. وَكَانَ شَاوُلُ قَدْ نَفَى أَصْحَابَ الْجَانِّ وَالتَّوَابعِ مِنَ الأَرْضِ. 4فَاجْتَمَعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَجَاءُوا وَنَزَلُوا فِي شُونَمَ، وَجَمَعَ شَاوُلُ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلَ فِي جِلْبُوعَ. 5وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ جَيْشَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ خَافَ وَاضْطَرَبَ قَلْبُهُ جِدًّا. 6فَسَأَلَ شَاوُلُ مِنَ الرَّبِّ، فَلَمْ يُجِبْهُ الرَّبُّ لاَ بِالأَحْلاَمِ وَلاَ بِالأُورِيمِ وَلاَ بِالأَنْبِيَاءِ. 7فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ: «فَتِّشُوا لِي عَلَى امْرَأَةٍ صَاحِبَةِ جَانٍّ، فَأَذْهَبَ إِلَيْهَا وَأَسْأَلَهَا». فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «هُوَذَا امْرَأَةٌ صَاحِبَةُ جَانٍّ فِي عَيْنِ دُورٍ». 8فَتَنَكَّرَ شَاوُلُ وَلَبِسَ ثِيَابًا أُخْرَى، وَذَهَبَ هُوَ وَرَجُلاَنِ مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى الْمَرْأَةِ لَيْلاً. وَقَالَ: «اعْرِفِي لِي بِالْجَانِّ وَأَصْعِدِي لِي مَنْ أَقُولُ لَكِ». 9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «هُوَذَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فَعَلَ شَاوُلُ، كَيْفَ قَطَعَ أَصْحَابَ الْجَانِّ وَالتَّوَابعِ مِنَ الأَرْضِ. فَلِمَاذَا تَضَعُ شَرَكًا لِنَفْسِي لِتُمِيتَهَا؟» 10فَحَلَفَ لَهَا شَاوُلُ بِالرَّبِّ قَائِلاً: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّهُ لاَ يَلْحَقُكِ إِثْمٌ فِي هذَا الأَمْرِ». 11فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «مَنْ أُصْعِدُ لَكَ؟» فَقَالَ: «أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ». 12فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ صَمُوئِيلَ صَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَكَلَّمَتِ الْمَرْأةُ شَاوُلُ قَائِلةً: «لِمَاذَا خَدَعْتَنِي وَأَنْتَ شَاوُلُ؟» 13فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «لاَ تَخَافِي. فَمَاذَا رَأَيْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِشَاوُلَ: «رَأَيْتُ آلِهَةً يَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْضِ». 14فَقَالَ لَهَا: «مَا هِيَ صُورَتُهُ؟» فَقَالَتْ: «رَجُلٌ شَيْخٌ صَاعِدٌ وَهُوَ مُغَطًّى بِجُبَّةٍ». فَعَلِمَ شَاوُلُ أَنَّهُ صَمُوئِيلُ، فَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ. 15فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «لِمَاذَا أَقْلَقْتَنِي بِإِصْعَادِكَ إِيَّايَ؟» فَقَالَ شَاوُلُ: «قَدْ ضَاقَ بِي الأَمْرُ جِدًّا. اَلْفِلِسْطِينِيُّونَ يُحَارِبُونَنِي، وَالرَّبُّ فَارَقَنِي وَلَمْ يَعُدْ يُجِيبُنِي لاَ بِالأَنْبِيَاءِ وَلاَ بِالأَحْلاَمِ. فَدَعَوْتُكَ لِكَيْ تُعْلِمَنِي مَاذَا أَصْنَعُ». 16فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «وَلِمَاذَا تَسْأَلُنِي وَالرَّبُّ قَدْ فَارَقَكَ وَصَارَ عَدُوَّكَ؟ 17وَقَدْ فَعَلَ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِي، وَقَدْ شَقَّ الرَّبُّ الْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِكَ وَأَعْطَاهَا لِقَرِيبِكَ دَاوُدَ. 18لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ وَلَمْ تَفْعَلْ حُمُوَّ غَضَبِهِ فِي عَمَالِيقَ، لِذلِكَ قَدْ فَعَلَ الرَّبُّ بِكَ هذَا الأَمْرَ الْيَوْمَ. 19وَيَدْفَعُ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ أَيْضًا مَعَكَ لِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَغَدًا أَنْتَ وَبَنُوكَ تَكُونُونَ مَعِي، وَيَدْفَعُ الرَّبُّ جَيْشَ إِسْرَائِيلَ أَيْضًا لِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 20فَأَسْرَعَ شَاوُلُ وَسَقَطَ عَلَى طُولِهِ إِلَى الأَرْضِ وَخَافَ جِدًّا مِنْ كَلاَمِ صَمُوئِيلَ، وَأَيْضًا لَمْ تَكُنْ فِيهِ قُوَّةٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامًا النَّهَارَ كُلَّهُ وَاللَّيْلَ.

صموئيل الثانى 11 (النبى داود يتجسس على زوجة جاره وقائده ويزنى بها ويتآمر على قتل الزوج ثم يضم زوجته إلى حريمه، ولكن بعد ماذا؟ بعد العِدّة طبعا كى يكون الزنا والقتل شرعيا!):
وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ. 2وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟». 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى». 6فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ». فَأَرْسَلَ يُوآبُ أُورِيَّا إِلَى دَاوُدَ. 7فَأَتَى أُورِيَّا إِلَيْهِ، فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلاَمَةِ يُوآبَ وَسَلاَمَةِ الشَّعْبِ وَنَجَاحِ الْحَرْبِ. 8وَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «انْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ». فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَخَرَجَتْ وَرَاءَهُ حِصَّةٌ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ. 9وَنَامَ أُورِيَّا عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ جَمِيعِ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى بَيْتِهِ. 10فأَخْبَرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لَمْ يَنْزِلْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ». فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «أَمَا جِئْتَ مِنَ السَّفَرِ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ؟» 11فَقَالَ أُورِيَّا لِدَاوُدَ: «إِنَّ التَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي الْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجعَ مَعَ امْرَأَتِي؟ وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ، لاَ أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ». 12فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «أَقِمْ هُنَا الْيَوْمَ أَيْضًا، وَغَدًا أُطْلِقُكَ». فَأَقَامَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذلِكَ الْيَوْمَ وَغَدَهُ. 13وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ وَأَسْكَرَهُ. وَخَرَجَ عِنْدَ الْمَسَاءِ لِيَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ.
14وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوبًا إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15وَكَتَبَ فِي الْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ». 16وَكَانَ فِي مُحَاصَرَةِ يُوآبَ الْمَدِينَةَ أَنَّهُ جَعَلَ أُورِيَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلِمَ أَنَّ رِجَالَ الْبَأْسِ فِيهِ. 17فَخَرَجَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ وَحَارَبُوا يُوآبَ، فَسَقَطَ بَعْضُ الشَّعْبِ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَمَاتَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا. 18فَأَرْسَلَ يُوآبُ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِجَمِيعِ أُمُورِ الْحَرْبِ. 19وَأَوْصَى الرَّسُولَ قَائِلاً: «عِنْدَمَا تَفْرَغُ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ الْمَلِكِ عَنْ جَمِيعِ أُمُورِ الْحَرْبِ، 20فَإِنِ اشْتَعَلَ غَضَبُ الْمَلِكِ، وَقَالَ لَكَ: لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ لِلْقِتَالِ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ مِنْ عَلَى السُّورِ؟ 21مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ؟ أَلَمْ تَرْمِهِ امْرَأَةٌ بِقِطْعَةِ رَحًى مِنْ عَلَى السُّورِ فَمَاتَ فِي تَابَاصَ؟ لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ السُّورِ؟ فَقُلْ: قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا».
22فَذَهَبَ الرَّسُولُ وَدَخَلَ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِكُلِّ مَا أَرْسَلَهُ فِيهِ يُوآبُ. 23وَقَالَ الرَّسُولُ لِدَاوُدَ: «قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى الْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ. 24فَرَمَى الرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى السُّورِ، فَمَاتَ الْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ الْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا». 25فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّسُولِ: « هكَذَا تَقُولُ لِيُوآبَ: لاَ يَسُؤْ فِي عَيْنَيْكَ هذَا الأَمْرُ، لأَنَّ السَّيْفَ يَأْكُلُ هذَا وَذَاكَ. شَدِّدْ قِتَالَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْرِبْهَا. وَشَدِّدْهُ».
26فَلَمَّا سَمِعَتِ امْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا، نَدَبَتْ بَعْلَهَا. 27وَلَمَّا مَضَتِ الْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا...
صموئيل الثانى 12 (الله يعاقب داود بإعطاء نسائه لقريبه كى يضطجع معهن. يعنى: جاء يكحّلها فأعماها!):
7فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ، 8وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذلِكَ قَلِيلاً، كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا. 9لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. 10وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً. 11هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ. 12لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ». 13فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ». فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ. 14غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ بِهذَا الأَمْرِ أَعْدَاءَ الرَّبِّ يَشْمَتُونَ، فَالابْنُ الْمَوْلُودُ لَكَ يَمُوتُ». 15وَذَهَبَ نَاثَانُ إِلَى بَيْتِهِ.
وَضَرَبَ الرَّبُّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ امْرَأَةُ أُورِيَّا لِدَاوُدَ فَثَقِلَ. 16فَسَأَلَ دَاوُدُ اللهَ مِنْ أَجْلِ الصَّبِيِّ، وَصَامَ دَاوُدُ صَوْمًا، وَدَخَلَ وَبَاتَ مُضْطَجِعًا عَلَى الأَرْضِ. 17فَقَامَ شُيُوخُ بَيْتِهِ عَلَيْهِ لِيُقِيمُوهُ عَنِ الأَرْضِ فَلَمْ يَشَأْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَهُمْ خُبْزًا. 18وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ أَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ، فَخَافَ عَبِيدُ دَاوُدَ أَنْ يُخْبِرُوهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ مَاتَ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «هُوَذَا لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا كَلَّمْنَاهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَوْتِنَا. فَكَيْفَ نَقُولُ لَهُ: قَدْ مَاتَ الْوَلَدُ؟ يَعْمَلُ أَشَرَّ!». 19وَرَأَى دَاوُدُ عَبِيدَهُ يَتَنَاجَوْنَ، فَفَطِنَ دَاوُدُ أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ مَاتَ الْوَلَدُ؟» فَقَالُوا: «مَاتَ». 20فَقَامَ دَاوُدُ عَنِ الأَرْضِ وَاغْتَسَلَ وَادَّهَنَ وَبَدَّلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ وَسَجَدَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ وَطَلَبَ فَوَضَعُوا لَهُ خُبْزًا فَأَكَلَ. 21فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «مَا هذَا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلْتَ؟ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا صُمْتَ وَبَكَيْتَ، وَلَمَّا مَاتَ الْوَلَدُ قُمْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزًا». 22فَقَالَ: «لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا صُمْتُ وَبَكَيْتُ لأَنِّي قُلْتُ: مَنْ يَعْلَمُ؟ رُبَّمَا يَرْحَمُنِي الرَّبُّ وَيَحْيَا الْوَلَدُ. 23وَالآنَ قَدْ مَاتَ، فَلِمَاذَا أَصُومُ؟ هَلْ أَقْدِرُ أَنْ أَرُدَّهُ بَعْدُ؟ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجعُ إِلَيَّ».
24وَعَزَّى دَاوُدُ بَثْشَبَعَ امْرَأَتَهُ، وَدَخَلَ إِلَيْهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوَلَدَتِ ابْنًا، فَدَعَا اسْمَهُ سُلَيْمَانَ، وَالرَّبُّ أَحَبَّهُ، 25وَأَرْسَلَ بِيَدِ نَاثَانَ النَّبِيِّ وَدَعَا اسْمَهُ «يَدِيدِيَّا» مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ.

صموئيل الثانى 13 (ابن النبى داود يغتصب أخته!):
1وَجَرَى بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ، فَأَحَبَّهَا أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ. 2وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ مِنْ أَجْلِ ثَامَارَ أُخْتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَذْرَاءَ، وَعَسُرَ فِي عَيْنَيْ أَمْنُونَ أَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئًا. 3وَكَانَ لأَمْنُونَ صَاحِبٌ اسْمُهُ يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى أَخِي دَاوُدَ. وَكَانَ يُونَادَابُ رَجُلاً حَكِيمًا جِدًّا. 4فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا يَا ابْنَ الْمَلِكِ أَنْتَ ضَعِيفٌ هكَذَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَى صَبَاحٍ؟ أَمَا تُخْبِرُنِي؟» فَقَالَ لَهُ أَمْنُونُ: «إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي». 5فَقَالَ يُونَادَابُ: «اضْطَجعْ عَلَى سَرِيرِكَ وَتَمَارَضْ. وَإِذَا جَاءَ أَبُوكَ لِيَرَاكَ فَقُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتُطْعِمَنِي خُبْزًا، وَتَعْمَلَ أَمَامِي الطَّعَامَ لأَرَى فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». 6فَاضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، فَجَاءَ الْمَلِكُ لِيَرَاهُ. فَقَالَ أَمْنُونُ لِلْمَلِكِ: «دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». 7فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى ثَامَارَ إِلَى الْبَيْتِ قَائِلاً: «اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيكِ وَاعْمَلِي لَهُ طَعَامًا». 8فَذَهَبَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيهَا وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. وَأَخَذَتِ الْعَجِينَ وَعَجَنَتْ وَعَمِلَتْ كَعْكًا أَمَامَهُ وَخَبَزَتِ الْكَعْكَ، 9وَأَخَذَتِ الْمِقْلاَةَ وَسَكَبَتْ أَمَامَهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ. وَقَالَ أَمْنُونُ: «أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي». فَخَرَجَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْهُ. 10ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: «ايتِي بِالطَّعَامِ إِلَى الْمِخْدَعِ فَآكُلَ مِنْ يَدِكِ». فَأَخَذَتْ ثَامَارُ الْكَعْكَ الَّذِي عَمِلَتْهُ وَأَتَتْ بِهِ أَمْنُونَ أَخَاهَا إِلَى الْمِخْدَعِ. 11وَقَدَّمَتْ لَهُ لِيَأْكُلَ، فَأَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ اضْطَجِعِي مَعِي يَا أُخْتِي». 12فَقَالَتْ لَهُ: «لاَ يَا أَخِي، لاَ تُذِلَّنِي لأَنَّهُ لاَ يُفْعَلُ هكَذَا فِي إِسْرَائِيلَ. لاَ تَعْمَلْ هذِهِ الْقَبَاحَةَ. 13أَمَّا أَنَا فَأَيْنَ أَذْهَبُ بِعَارِي؟ وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنَ السُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ! وَالآنَ كَلِّمِ الْمَلِكَ لأَنَّهُ لاَ يَمْنَعُنِي مِنْكَ». 14فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لِصَوْتِهَا، بَلْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَقَهَرَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا. 15ثُمَّ أَبْغَضَهَا أَمْنُونُ بُغْضَةً شَدِيدَةً جِدًّا، حَتَّى إِنَّ الْبُغْضَةَ الَّتِي أَبْغَضَهَا إِيَّاهَا كَانَتْ أَشَدَّ مِنَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَحَبَّهَا إِيَّاهَا. وَقَالَ لَهَا أَمْنُونُ: «قُومِي انْطَلِقِي». 16فَقَالَتْ لَهُ: «لاَ سَبَبَ! هذَا الشَّرُّ بِطَرْدِكَ إِيَّايَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ الَّذِي عَمِلْتَهُ بِي». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا، 17بَلْ دَعَا غُلاَمَهُ الَّذِي كَانَ يَخْدِمُهُ وَقَالَ: «اطْرُدْ هذِهِ عَنِّي خَارِجًا وَأَقْفِلِ الْبَابَ وَرَاءَهَا». 18وَكَانَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مُلوَّنٌ، لأَنَّ بَنَاتِ الْمَلِكِ الْعَذَارَى كُنَّ يَلْبَسْنَ جُبَّاتٍ مِثْلَ هذِهِ. فَأَخْرَجَهَا خَادِمُهُ إِلَى الْخَارِجِ وَأَقْفَلَ الْبَابَ وَرَاءَهَا. 19فَجَعَلَتْ ثَامَارُ رَمَادًا عَلَى رَأْسِهَا، وَمَزَّقَتِ الثَّوْبَ الْمُلَوَّنَ الَّذِي عَلَيْهَا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَكَانَتْ تَذْهَبُ صَارِخَةً. 20فَقَالَ لَهَا أَبْشَالُومُ أَخُوهَا: «هَلْ كَانَ أَمْنُونُ أَخُوكِ مَعَكِ؟ فَالآنَ يَا أُخْتِي اسْكُتِي. أَخُوكِ هُوَ. لاَ تَضَعِي قَلْبَكِ عَلَى هذَا الأَمْرِ». فَأَقَامَتْ ثَامَارُ مُسْتَوْحِشَةً فِي بَيْتِ أَبْشَالُومَ أَخِيهَا. 21وَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ دَاوُدُ بِجَمِيعِ هذِهِ الأُمُورِ اغْتَاظَ جِدًّا. 22وَلَمْ يُكَلِّمْ أَبْشَالُومُ أَمْنُونَ بِشَرّ وَلاَ بِخَيْرٍ، لأَنَّ أَبْشَالُومَ أَبْغَضَ أَمْنُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ.
23وَكَانَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنَ الزَّمَانِ، أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ جَزَّازُونَ فِي بَعْلَ حَاصُورَ الَّتِي عِنْدَ أَفْرَايِمَ. فَدَعَا أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ. 24وَجَاءَ أَبْشَالُومُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالَ: «هُوَذَا لِعَبْدِكَ جَزَّازُونَ. فَلْيَذْهَبِ الْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ مَعَ عَبْدِكَ». 25فَقَالَ الْمَلِكُ لأَبْشَالُومَ: «لاَ يَا ابْنِي. لاَ نَذْهَبْ كُلُّنَا لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلَيْكَ». فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْهَبَ بَلْ بَارَكَهُ. 26فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «إِذًا دَعْ أَخِي أَمْنُونَ يَذْهَبْ مَعَنَا». فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِمَاذَا يَذْهَبُ مَعَكَ؟» 27فَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَبْشَالُومُ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَمْنُونَ وَجَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ.
28فَأَوْصَى أَبْشَالُومُ غِلْمَانَهُ قَائِلاً: «انْظُرُوا. مَتَى طَابَ قَلْبُ أَمْنُونَ بِالْخَمْرِ وَقُلْتُ لَكُمُ اضْرِبُوا أَمْنُونَ فَاقْتُلُوهُ. لاَ تَخَافُوا. أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا أَمَرْتُكُمْ؟ فَتَشَدَّدُوا وَكُونُوا ذَوِي بَأْسٍ». 29فَفَعَلَ غِلْمَانُ أَبْشَالُومَ بِأَمْنُونَ كَمَا أَمَرَ أَبْشَالُومُ. فَقَامَ جَمِيعُ بَنِي الْمَلِكِ وَرَكِبُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَغْلِهِ وَهَرَبُوا. 30وَفِيمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى دَاوُدَ وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ قَتَلَ أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ، وَلَمْ يَتَبَقَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ». 31فَقَامَ الْمَلِكُ وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ وَاضْطَجَعَ عَلَى الأَرْضِ وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ وَاقِفُونَ وَثِيَابُهُمْ مُمَزَّقَةٌ. 32فَأَجَابَ يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى أَخِي دَاوُدَ وَقَالَ: «لاَ يَظُنَّ سَيِّدِي أَنَّهُمْ قَتَلُوا جَمِيعَ الْفِتْيَانِ بَنِي الْمَلِكِ. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ، لأَنَّ ذلِكَ قَدْ وُضِعَ عِنْدَ أَبْشَالُومَ مُنْذُ يَوْمَ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ. 33وَالآنَ لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي الْمَلِكُ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا قَائِلاً: إِنَّ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ قَدْ مَاتُوا. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ». 34وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ. وَرَفَعَ الْغُلاَمُ الرَّقِيبُ طَرْفَهُ وَنَظَرَ وَإِذَا بِشَعْبٍ كَثِيرٍ يَسِيرُونَ عَلَى الطَّرِيقِ وَرَاءَهُ بِجَانِبِ الْجَبَلِ. 35فَقَالَ يُونَادَابُ لِلْمَلِكِ: «هُوَذَا بَنُو الْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا. كَمَا قَالَ عَبْدُكَ كَذلِكَ صَارَ». 36وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ إِذَا بِبَنِي الْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا، وَكَذلِكَ بَكَى الْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ بُكَاءً عَظِيمًا جِدًّا. 37فَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى تِلْمَايَ بْنِ عَمِّيهُودَ مَلِكِ جَشُورَ. وَنَاحَ دَاوُدُ عَلَى ابْنِهِ الأَيَّامَ كُلَّهَا. 38وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ، وَكَانَ هُنَاكَ ثَلاَثَ سِنِينَ. 39وَكَانَ دَاوُدُ يَتُوقُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى أَبْشَالُومَ، لأَنَّهُ تَعَزَّى عَنْ أَمْنُونَ حَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ.

الملوك الأول 1 (يموت الشيخ الزانى وعيناه تبصبصان!):
1وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُدَثِّرُونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. 2فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ». 3فَفَتَّشُوا عَلَى فَتَاةٍ جَمِيلَةٍ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَوَجَدُوا أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ، فَجَاءُوا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ. 4وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةً جِدًّا، فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ تَخْدِمُهُ، وَلكِنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا.

الملوك الأول 1 (الأنبياء يسجدون للملوك الزناة القتلة! من حق الملوك!):
22وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ، إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. 23فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ». فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 24وَقَالَ نَاثَانُ: «يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، أَأَنْتَ قُلْتَ...

الملوك الأول 11 (فى الكتاب المقدس: سليمان بن داود يتهاوى أمام مطالب زوجاته الكافرات وينفذ لهن رغباتهن الوثنية):
1وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ». فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. 11فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. 12إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا. 13عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا».

الملوك الثانى 3 (حروب إبادة وتدمير):
فَقَامَ إِسْرَائِيلُ وَضَرَبُوا الْمُوآبِيِّينَ فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ، فَدَخَلُوهَا وَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمُوآبِيِّينَ. 25وَهَدَمُوا الْمُدُنَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يُلْقِي حَجَرَهُ فِي كُلِّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ حَتَّى مَلأُوهَا، وَطَمُّوا جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ وَقَطَعُوا كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ.

الملوك الثانى 10 (إبادة واستئصال):
18ثُمَّ جَمَعَ يَاهُو كُلَّ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ أَخْآبَ قَدْ عَبَدَ الْبَعْلَ قَلِيلاً، وَأَمَّا يَاهُو فَإِنَّهُ يَعْبُدُهُ كَثِيرًا. 19وَالآنَ فَادْعُوا إِلَيَّ جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ الْبَعْلِ وَكُلَّ عَابِدِيهِ وَكُلَّ كَهَنَتِهِ. لاَ يُفْقَدْ أَحَدٌ، لأَنَّ لِي ذَبِيحَةً عَظِيمَةً لِلْبَعْلِ. كُلُّ مَنْ فُقِدَ لاَ يَعِيشُ». وَقَدْ فَعَلَ يَاهُو بِمَكْرٍ لِكَيْ يُفْنِيَ عَبَدَةَ الْبَعْلِ. 20وَقَالَ يَاهُو: «قَدِّسُوا اعْتِكَافًا لِلْبَعْلِ». فَنَادَوْا بِهِ. 21وَأَرْسَلَ يَاهُو فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ، فَأَتَى جَمِيعُ عَبَدَةِ الْبَعْلِ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلاَّ أَتَى، وَدَخَلُوا بَيْتَ الْبَعْلِ، فَامْتَلأَ بَيْتُ الْبَعْلِ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ. 22فَقَالَ لِلَّذِي عَلَى الْمَلاَبِسِ: «أَخْرِجْ مَلاَبِسَ لِكُلِّ عَبَدَةِ الْبَعْلِ». فَأَخْرَجَ لَهُمْ مَلاَبِسَ. 23وَدَخَلَ يَاهُو وَيَهُونَادَابُ بْنُ رَكَابٍ إِلَى بَيْتِ الْبَعْلِ. فَقَالَ لِعَبَدَةِ الْبَعْلِ: «فَتِّشُوا وَانْظُرُوا لِئَلاَّ يَكُونَ مَعَكُمْ ههُنَا أَحَدٌ مِنْ عَبِيدِ الرَّبِّ، وَلكِنَّ عَبَدَةَ الْبَعْلِ وَحْدَهُمْ». 24وَدَخَلُوا لِيُقَرِّبُوا ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ. وَأَمَّا يَاهُو فَأَقَامَ خَارِجًا ثَمَانِينَ رَجُلاً وَقَالَ: «الرَّجُلُ الَّذِي يَنْجُو مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ أَتَيْتُ بِهِمْ إِلَى أَيْدِيكُمْ تَكُونُ أَنْفُسُكُمْ بَدَلَ نَفْسِهِ». 25وَلَمَّا انْتَهَوْا مِنْ تَقْرِيبِ الْمُحْرَقَةِ قَالَ يَاهُو لِلسُّعَاةِ وَالثَّوَالِثِ: «ادْخُلُوا اضْرِبُوهُمْ. لاَ يَخْرُجْ أَحَدٌ». فَضَرَبُوهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَطَرَحَهُمُ السُّعَاةُ وَالثَّوَالِثُ.

الأيام الثانى 1 (الله يتراءى للبشر!):
7فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَرَاءَى اللهُ لِسُلَيْمَانَ وَقَالَ لَهُ: «اسْأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ».

الأيام الثانى 7 (الله يتراءى للبشر!):
12وَتَرَاءَى الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ...

الأيام الثانى 21 (هل رأيتم فى حياتكم أو مماتكم ابنا أكبر من أبيه بعامين؟):
4فَقَامَ يَهُورَامُ عَلَى مَمْلَكَةِ أَبِيهِ وَتَشَدَّدَ وَقَتَلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بِالسَّيْفِ، وَأَيْضًا بَعْضًا مِنْ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ. 5كَانَ يَهُورَامُ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ... (الأيام الثانى 21): 1وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضًا عَنْهُ، لأَنَّ جَمِيعَ الأَوَّلِينَ قَتَلَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ الْعَرَبِ إِلَى الْمَحَلَّةِ. فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا.
2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ (أى أنه كان أكبر من أبيه بعامين!).

"سِفْر أستير" كله (انظر: العهر المقدس الذى تباركه السماء! تَفَرَّجْ على أقل من مهلك):

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

1وَحَدَثَ فِي أَيَّامِ أَحَشْوِيرُوشَ، هُوَ أَحَشْوِيرُوشُ الَّذِي مَلَكَ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى كُوشٍ عَلَى مِئَةٍ وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ كُورَةً، 2أَنَّهُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ حِينَ جَلَسَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ الَّذِي فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، 3فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ مُلْكِهِ، عَمِلَ وَلِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ جَيْشِ فَارِسَ وَمَادِي، وَأَمَامَهُ شُرَفَاءُ الْبُلْدَانِ وَرُؤَسَاؤُهَا، 4حِينَ أَظْهَرَ غِنَى مَجْدِ مُلْكِهِ وَوَقَارَ جَلاَلِ عَظَمَتِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً، مِئَةً وَثَمَانِينَ يَوْمًا. 5وَعِنْدَ انْقِضَاءِ هذِهِ الأَيَّامِ، عَمِلَ الْمَلِكُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ، وَلِيمَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي دَارِ جَنَّةِ قَصْرِ الْمَلِكِ. 6بِأَنْسِجَةٍ بَيْضَاءَ وَخَضْرَاءَ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٍ مُعَلَّقَةٍ بِحِبَال مِنْ بَزّ وَأُرْجُوانٍ، فِي حَلَقَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَعْمِدَةٍ مِنْ رُخَامٍ، وَأَسِرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، عَلَى مُجَزَّعٍ مِنْ بَهْتٍ وَمَرْمَرٍ وَدُرّ وَرُخَامٍ أَسْوَدَ. 7وَكَانَ السِّقَاءُ مِنْ ذَهَبٍ، وَالآنِيَةُ مُخْتَلِفَةُ الأَشْكَالِ، وَالْخَمْرُ الْمَلِكِيُّ بِكَثْرَةٍ حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ. 8وَكَانَ الشُّرْبُ حَسَبَ الأَمْرِ. لَمْ يَكُنْ غَاصِبٌ، لأَنَّهُ هكَذَا رَسَمَ الْمَلِكُ عَلَى كُلِّ عَظِيمٍ فِي بَيْتِهِ أَنْ يَعْمَلُوا حَسَبَ رِضَا كُلِّ وَاحِدٍ. 9وَوَشْتِي الْمَلِكَةُ عَمِلَتْ أَيْضًا وَلِيمَةً لِلنِّسَاءِ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ الَّذِي لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ.
10فِي الْيَوْمِ السَّابعِ لَمَّا طَابَ قَلْبُ الْمَلِكِ بِالْخَمْرِ، قَالَ لِمَهُومَانَ وَبِزْثَا وَحَرْبُونَا وَبِغْثَا وَأَبَغْثَا وَزِيثَارَ وَكَرْكَسَ، الْخِصْيَانِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ كَانُوا يَخْدِمُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، 11أَنْ يَأْتُوا بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ بِتَاجِ الْمُلْكِ، لِيُرِيَ الشُّعُوبَ وَالرُّؤَسَاءَ جَمَالَهَا، لأَنَّهَا كَانَتْ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ. 12فَأَبَتِ الْمَلِكَةُ وَشْتِي أَنْ تَأْتِيَ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ عَنْ يَدِ الْخِصْيَانِ، فَاغْتَاظَ الْمَلِكُ جِدًّا وَاشْتَعَلَ غَضَبُهُ فِيهِ. 13وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْحُكَمَاءِ الْعَارِفِينَ بِالأَزْمِنَةِ، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ أَمْرُ الْمَلِكِ نَحْوَ جَمِيعِ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ، 14وَكَانَ الْمُقَرِّبُونَ إِلَيْهِ كَرْشَنَا وَشِيثَارَ وَأَدْمَاثَا وَتَرْشِيشَ وَمَرَسَ وَمَرْسَنَا وَمَمُوكَانَ، سَبْعَةَ رُؤَسَاءِ فَارِسَ وَمَادِي الَّذِينَ يَرَوْنَ وَجْهَ الْمَلِكِ وَيَجْلِسُونَ أَوَّلاً فِي الْمُلْكِ: 15«حَسَبَ السُّنَّةِ، مَاذَا يُعْمَلُ بِالْمَلِكَةِ وَشْتِي لأَنَّهَا لَمْ تَعْمَلْ كَقَوْلِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ عَنْ يَدِ الْخِصْيَانِ؟» 16فَقَالَ مَمُوكَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ وَالرُّؤَسَاءِ: «لَيْسَ إِلَى الْمَلِكِ وَحْدَهُ أَذْنَبَتْ وَشْتِي الْمَلِكَةُ، بَلْ إِلَى جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ وَجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ فِي كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 17لأَنَّهُ سَوْفَ يَبْلُغُ خَبَرُ الْمَلِكَةِ إِلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ، حَتَّى يُحْتَقَرَ أَزْوَاجُهُنَّ فِي أَعْيُنِهِنَّ عِنْدَمَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَلِكَ أَحَشْوِيرُوشَ أَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِهِ فَلَمْ تَأْتِ. 18وَفِي هذَا الْيَوْمِ تَقُولُهُ رَئِيسَاتُ فَارِسَ وَمَادِي اللَّوَاتِي سَمِعْنَ خَبَرَ الْمَلِكَةِ لِجَمِيعِ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ. وَمِثْلُ ذلِكَ احْتِقَارٌ وَغَضَبٌ. 19فَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ، فَلْيَخْرُجْ أَمْرٌ مَلِكِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَلْيُكْتَبْ فِي سُنَنِ فَارِسَ وَمَادِي فَلاَ يَتَغَيَّرَ، أَنْ لاَ تَأْتِ وَشْتِي إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، وَلْيُعْطِ الْمَلِكُ مُلْكَهَا لِمَنْ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا. 20فَيُسْمَعُ أَمْرُ الْمَلِكِ الَّذِي يُخْرِجُهُ فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ لأَنَّهَا عَظِيمَةٌ، فَتُعْطِي جَمِيعُ النِّسَاءِ الْوَقَارَ لأَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ». 21فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي أَعْيُنِ الْمَلِكِ وَالرُّؤَسَاءِ، وَعَمِلَ الْمَلِكُ حَسَبَ قَوْلِ مَمُوكَانَ. 22وَأَرْسَلَ كُتُبًا إِلَى كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ، إِلَى كُلِّ بِلاَدٍ حَسَبَ كِتَابَتِهَا، وَإِلَى كُلِّ شَعْبٍ حَسَبَ لِسَانِهِ، لِيَكُونَ كُلُّ رَجُل مُتَسَلِّطًا فِي بَيْتِهِ، وَيُتَكَلَّمَ بِذلِكَ بِلِسَانِ شَعْبِهِ.



الأصحَاحُ الثَّانِي

1بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ لَمَّا خَمِدَ غَضَبُ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، ذَكَرَ وَشْتِي وَمَا عَمِلَتْهُ وَمَا حُتِمَ بِهِ عَلَيْهَا. 2فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَهُ: «لِيُطْلَبْ لِلْمَلِكِ فَتَيَاتٌ عَذَارَى حَسَنَاتُ الْمَنْظَرِ، 3وَلْيُوَكِّلِ الْمَلِكُ وُكَلاَءَ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِهِ لِيَجْمَعُوا كُلَّ الْفَتَيَاتِ الْعَذَارَى الْحَسَنَاتِ الْمَنْظَرِ إِلَى شُوشَنَ الْقَصْرِ، إِلَى بَيْتِ النِّسَاءِ، إِلَى يَدِ هَيْجَايَ خَصِيِّ الْمَلِكِ حَارِسِ النِّسَاءِ، وَلْيُعْطَيْنَ أَدْهَانَ عِطْرِهِنَّ. 4وَالْفَتَاةُ الَّتِي تَحْسُنُ فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، فَلْتَمْلُكْ مَكَانَ وَشْتِي». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، فَعَمِلَ هكَذَا.
5كَانَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ اسْمُهُ مُرْدَخَايُ بْنُ يَائِيرَ بْنِ شَمْعِي بْنِ قَيْسٍ، رَجُلٌ يَمِينِيٌّ، 6قَدْ سُبِيَ مِنْ أُورُشَلِيمَ مَعَ السَّبْيِ الَّذِي سُبِيَ مَعَ يَكُنْيَا مَلِكِ يَهُوذَا الَّذِي سَبَاهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابَِلَ. 7وَكَانَ مُرَبِّيًا لِهَدَسَّةَ أَيْ أَسْتِيرَ بِنْتِ عَمِّهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلاَ أُمٌّ. وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةَ الصُّورَةِ وَحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ، وَعِنْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا اتَّخَذَهَا مُرْدَخَايُ لِنَفْسِهِ ابْنَةً.
8فَلَمَّا سُمِعَ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ، وَجُمِعَتْ فَتَيَاتٌ كَثِيرَاتٌ إِلَى شُوشَنَ الْقَصْرِ إِلَى يَدِ هَيْجَايَ، أُخِذَتْ أَسْتِيرُ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ إِلَى يَدِ هَيْجَايَ حَارِسِ النِّسَاءِ. 9وَحَسُنَتِ الْفَتَاةُ فِي عَيْنَيْهِ وَنَالَتْ نِعْمَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَادَرَ بِأَدْهَانِ عِطْرِهَا وَأَنْصِبَتِهَا لِيَعْطِيَهَا إِيَّاهَا مَعَ السَّبْعِ الْفَتَيَاتِ الْمُخْتَارَاتِ لِتُعْطَى لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَنَقَلَهَا مَعَ فَتَيَاتِهَا إِلَى أَحْسَنِ مَكَانٍ فِي بَيْتِ النِّسَاءِ. 10وَلَمْ تُخْبِرْ أَسْتِيرُ عَنْ شَعْبِهَا وَجِنْسِهَا لأَنَّ مُرْدَخَايَ أَوْصَاهَا أَنْ لاَ تُخْبِرَ. 11وَكَانَ مُرْدَخَايُ يَتَمَشَّى يَوْمًا فَيَوْمًا أَمَامَ دَارِ بَيْتِ النِّسَاءِ، لِيَسْتَعْلِمَ عَنْ سَلاَمَةِ أَسْتِيرَ وَعَمَّا يُصْنَعُ بِهَا.
12وَلَمَّا بَلَغَتْ نَوْبَةُ فَتَاةٍ فَفَتَاةٍ لِلدُّخُولِ إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لَهَا حَسَبَ سُنَّةِ النِّسَاءِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَتْ تُكْمَلُ أَيَّامُ تَعَطُّرِهِنَّ، سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِزَيْتِ الْمُرِّ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ بِالأَطْيَابِ وَأَدْهَانِ تَعَطُّرِ النِّسَاءِ. 13وَهكَذَا كَانَتَ كُلُّ فَتَاةٍ تَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ. وَكُلُّ مَا قَالَتْ عَنْهُ أُعْطِيَ لَهَا لِلدُّخُولِ مَعَهَا مِنْ بَيْتِ النِّسَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ. 14فِي الْمَسَاءِ دَخَلَتْ وَفِي الصَّبَاحِ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ النِّسَاءِ الثَّانِي إِلَى يَدِ شَعَشْغَازَ خَصِيِّ الْمَلِكِ حَارِسِ السَّرَارِيِّ. لَمْ تَعُدْ تَدْخُلْ إِلَى الْمَلِكِ إِلاَّ إِذَا سُرَّ بِهَا الْمَلِكُ وَدُعِيَتْ بِاسْمِهَا.
15وَلَمَّا بَلَغَتْ نَوْبَةُ أَسْتِيرَ ابْنَةِ أَبَيِحَائِلَ عَمِّ مُرْدَخَايَ الَّذِي اتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ابْنَةً لِلدُّخُولِ إِلَى الْمَلِكِ، لَمْ تَطْلُبْ شَيْئًا إِلاَّ مَا قَالَ عَنْهُ هَيْجَايُ خَصِيُّ الْمَلِكِ حَارِسُ النِّسَاءِ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَنَالُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ رَآهَا. 16وَأُخِذَتْ أَسْتِيرُ إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَى بَيْتِ مُلْكِهِ فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، هُوَ شَهْرُ طِيبِيتَ، فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ. 17فَأَحَبَّ الْمَلِكُ أَسْتِيرَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ، وَوَجَدَتْ نِعْمَةً وَإِحْسَانًا قُدَّامَهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الْعَذَارَى، فَوَضَعَ تَاجَ الْمُلْكِ عَلَى رَأْسِهَا وَمَلَّكَهَا مَكَانَ وَشْتِي. 18وَعَمِلَ الْمَلِكُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ، وَلِيمَةَ أَسْتِيرَ. وَعَمِلَ رَاحَةً لِلْبِلاَدِ وَأَعْطَى عَطَايَا حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ. 19وَلَمَّا جُمِعَتِ الْعَذَارَى ثَانِيَةً كَانَ مُرْدَخَايُ جَالِسًا بِبَابِ الْمَلِكِ. 20وَلَمْ تَكُنْ أَسْتِيرُ أَخْبَرَتْ عَنْ جِنْسِهَا وَشَعْبِهَا كَمَا أَوْصَاهَا مُرْدَخَايُ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَعْمَلُ حَسَبَ قَوْلِ مُرْدَخَايَ كَمَا كَانَتْ فِي تَرْبِيَتِهَا عِنْدَهُ.
21فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، بَيْنَمَا كَانَ مُرْدَخَايُ جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ، غَضِبَ بِغْثَانُ وَتَرَشُ خَصِيَّا الْمَلِكِ حَارِسَا الْبَابِ، وَطَلَبَا أَنْ يَمُدَّا أَيْدِيَهُمَا إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 22فَعُلِمَ الأَمْرُ عِنْدَ مُرْدَخَايَ، فَأَخْبَرَ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ، فَأَخْبَرَتْ أَسْتِيرُ الْمَلِكَ بِاسْمِ مُرْدَخَايَ. 23فَفُحِصَ عَنِ الأَمْرِ وَوُجِدَ، فَصُلِبَا كِلاَهُمَا عَلَى خَشَبَةٍ، وَكُتِبَ ذلِكَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ أَمَامَ الْمَلِكِ.




الأصحَاحُ الثَّالِثُ

1بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ عَظَّمَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ هَامَانَ بْنَ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيَّ وَرَقَّاهُ، وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ. 2فَكَانَ كُلُّ عَبِيدِ الْمَلِكِ الَّذِينَ بِبَابِ الْمَلِكِ يَجْثُونَ وَيَسْجُدُونَ لِهَامَانَ، لأَنَّهُ هكَذَا أَوْصَى بِهِ الْمَلِكُ. وَأَمَّا مُرْدَخَايُ فَلَمْ يَجْثُ وَلَمْ يَسْجُدْ. 3فَقَالَ عَبِيدُ الْمَلِكِ الَّذِينَ بِبَابِ الْمَلِكِ لِمُرْدَخَايَ: «لِمَاذَا تَتَعَدَّى أَمْرَ الْمَلِكِ؟» 4وَإِذْ كَانُوا يُكَلِّمُونَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا وَلَمْ يَكُنْ يَسْمَعْ لَهُمْ، أَخْبَرُوا هَامَانَ لِيَرَوْا هَلْ يَقُومُ كَلاَمُ مُرْدَخَايَ، لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُ يَهُودِيٌّ. 5وَلَمَّا رَأَى هَامَانُ أَنَّ مُرْدَخَايَ لاَ يَجْثُو وَلاَ يَسْجُدُ لَهُ، امْتَلأَ هَامَانُ غَضَبًا. 6وَازْدُرِيَ فِي عَيْنَيْهِ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مُرْدَخَايَ وَحْدَهُ، لأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ عَنْ شَعْبِ مُرْدَخَايَ. فَطَلَبَ هَامَانُ أَنْ يُهْلِكَ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي كُلِّ مَمْلَكَةِ أَحَشْوِيرُوشَ، شَعْبَ مُرْدَخَايَ.
7فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، أَيْ شَهْرِ نِيسَانَ، فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، كَانُوا يُلْقُونَ فُورًا، أَيْ قُرْعَةً، أَمَامَ هَامَانَ، مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ، وَمِنْ شَهْرٍ إِلَى شَهْرٍ، إِلَى الثَّانِي عَشَرَ، أَيْ شَهْرِ أَذَارَ. 8فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ: «إِنَّهُ مَوْجُودٌ شَعْبٌ مَّا مُتَشَتِّتٌ وَمُتَفَرِّقٌ بَيْنَ الشُّعُوبِ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِكَ، وَسُنَنُهُمْ مُغَايِرَةٌ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ، وَهُمْ لاَ يَعْمَلُونَ سُنَنَ الْمَلِكِ، فَلاَ يَلِيقُ بِالْمَلِكِ تَرْكُهُمْ. 9فَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْيُكْتَبْ أَنْ يُبَادُوا، وَأَنَا أَزِنُ عَشَرَةَ آلاَفِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ فِي أَيْدِي الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ لِيُؤْتَى بِهَا إِلَى خَزَائِنِ الْمَلِكِ». 10فَنَزَعَ الْمَلِكُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَعْطَاهُ لِهَامَانَ بْنِ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيِّ عَدُوِّ الْيَهُودِ. 11وَقَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: «الْفِضَّةُ قَدْ أُعْطِيَتْ لَكَ، وَالشَّعْبُ أَيْضًا، لِتَفْعَلَ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ».
12فَدُعِيَ كُتَّابُ الْمَلِكِ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهُ، وَكُتِبَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ هَامَانُ إِلَى مَرَازِبَةِ الْمَلِكِ وَإِلَى وُلاَةِ بِلاَدٍ فَبِلاَدٍ، وَإِلَى رُؤَسَاءِ شَعْبٍ فَشَعْبٍ، كُلِّ بِلاَدٍ كَكِتَابَتِهَا، وَكُلِّ شَعْبٍ كَلِسَانِهِ، كُتِبَ بِاسْمِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ وَخُتِمَ بِخَاتَمِ الْمَلِكِ. 13وَأُرْسِلَتِ الْكِتَابَاتُ بِيَدِ السُّعَاةِ إِلَى كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ لإِهْلاَكِ وَقَتْلِ وَإِبَادَةِ جَمِيعِ الْيَهُودِ، مِنَ الْغُلاَمِ إِلَى الشَّيْخِ وَالأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، أَيْ شَهْرِ أَذَارَ، وَأَنْ يَسْلِبُوا غَنِيمَتَهُمْ.
14صُورَةُ الْكِتَابَةِ الْمُعْطَاةِ سُنَّةً فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ، أُشْهِرَتْ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ لِيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِهذَا الْيَوْمِ. 15فَخَرَجَ السُّعَاةُ وَأَمْرُ الْمَلِكِ يَحُثُّهُمْ، وَأُعْطِيَ الأَمْرُ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ. وَجَلَسَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ لِلشُّرْبِ، وَأَمَّا الْمَدِينَةُ شُوشَنُ فَارْتَبَكَتْ.



الأصحَاحُ الرَّابعُ

1وَلَمَّا عَلِمَ مُرْدَخَايُ كُلَّ مَا عُمِلَ، شَقَّ مُرْدَخَايُ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ مِسْحًا بِرَمَادٍ وَخَرَجَ إِلَى وَسَطِ الْمَدِينَةِ وَصَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً مُرَّةً، 2وَجَاءَ إِلَى قُدَّامِ بَابِ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ بَابَ الْمَلِكِ وَهُوَ لاَبِسٌ مِسْحًا. 3وَفِي كُلِّ كُورَةٍ حَيْثُمَا وَصَلَ إِلَيْهَا أَمْرُ الْمَلِكِ وَسُنَّتُهُ، كَانَتْ مَنَاحَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ، وَصَوْمٌ وَبُكَاءٌ وَنَحِيبٌ. وَانْفَرَشَ مِسْحٌ وَرَمَادٌ لِكَثِيرِينَ.
4فَدَخَلَتْ جَوَارِي أَسْتِيرَ وَخُصْيَانُهَا وَأَخْبَرُوهَا، فَاغْتَمَّتِ الْمَلِكَةُ جِدًّا وَأَرْسَلَتْ ثِيَابًا لإِلْبَاسِ مُرْدَخَايَ، وَلأَجْلِ نَزْعِ مِسْحِهِ عَنْهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ. 5فَدَعَتْ أَسْتِيرُ هَتَاخَ، وَاحِدًا مِنْ خِصْيَانِ الْمَلِكِ الَّذِي أَوْقَفَهُ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَأَعْطَتْهُ وَصِيَّةً إِلَى مُرْدَخَايَ لِتَعْلَمَ مَاذَا وَلِمَاذَا. 6فَخَرَجَ هَتَاخُ إِلَى مُرْدَخَايَ إِلَى سَاحَةِ الْمَدِينَةِ الَّتِي أَمَامَ بَابِ الْمَلِكِ. 7فَأَخْبَرَهُ مُرْدَخَايُ بِكُلِّ مَا أَصَابَهُ، وَعَنْ مَبْلَغِ الْفِضَّةِ الَّذِي وَعَدَ هَامَانُ بِوَزْنِهِ لِخَزَائِنِ الْمَلِكِ عَنِ الْيَهُودِ لإِبَادَتِهِمْ، 8وَأَعْطَاهُ صُورَةَ كِتَابَةِ الأَمْرِ الَّذِي أُعْطِيَ فِي شُوشَنَ لإِهْلاَكِهِمْ، لِكَيْ يُرِيَهَا لأَسْتِيرَ، وَيُخْبِرَهَا وَيُوصِيَهَا أَنْ تَدْخُلَ إِلَى الْمَلِكِ وَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ وَتَطْلُبَ مِنْهُ لأَجْلِ شَعْبِهَا. 9فَأَتَى هَتَاخُ وَأَخْبَرَ أَسْتِيرَ بِكَلاَمِ مُرْدَخَايَ. 10فَكَلَّمَتْ أَسْتِيرُ هَتَاخَ وَأَعْطَتْهُ وَصِيَّةً إِلَى مُرْدَخَايَ: 11«إِنَّ كُلَّ عَبِيدِ الْمَلِكِ وَشُعُوبِ بِلاَدِ الْمَلِكِ يَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ رَجُل دَخَلَ أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى الْمَلِكِ، إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ وَلَمْ يُدْعَ، فَشَرِيعَتُهُ وَاحِدَةٌ أَنْ يُقْتَلَ، إِلاَّ الَّذِي يَمُدُّ لَهُ الْمَلِكُ قَضِيبَ الذَّهَبِ فَإِنَّهُ يَحْيَا. وَأَنَا لَمْ أُدْعَ لأَدْخُلَ إِلَى الْمَلِكِ هذِهِ الثَّلاَثِينَ يَوْمًا». 12فَأَخْبَرُوا مُرْدَخَايَ بِكَلاَمِ أَسْتِيرَ. 13فَقَالَ مُرْدَخَايُ أَنْ تُجَاوَبَ أَسْتِيرُ: «لاَ تَفْتَكِرِي فِي نَفْسِكِ أَنَّكِ تَنْجِينَ فِي بَيْتِ الْمَلِكِ دُونَ جَمِيعِ الْيَهُودِ. 14لأَنَّكِ إِنْ سَكَتِّ سُكُوتًا فِي هذَا الْوَقْتِ يَكُونُ الْفَرَجُ وَالنَّجَاةُ لِلْيَهُودِ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، وَأَمَّا أَنْتِ وَبَيْتُ أَبِيكِ فَتَبِيدُونَ. وَمَنْ يَعْلَمُ إِنْ كُنْتِ لِوَقْتٍ مِثْلِ هذَا وَصَلْتِ إِلَى الْمُلْكِ؟». 15فَقَالَتْ أَسْتِيرُ أَنْ يُجَاوَبَ مُرْدَخَايُ: 16«اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ». 17فَانْصَرَفَ مُرْدَخَايُ وَعَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَتْهُ بِهِ أَسْتِيرُ.



الأصحَاحُ الْخَامِسُ

1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَبِسَتْ أَسْتِيرُ ثِيَابًا مَلَكِيَّةً وَوَقَفَتْ فِي دَارِ بَيْتِ الْمَلِكِ الدَّاخِلِيَّةِ مُقَابَِلَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَالْمَلِكُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ مُقَابَِلَ مَدْخَلِ الْبَيْتِ. 2فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ وَاقِفَةً فِي الدَّارِ نَالَتْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، فَمَدَّ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ قَضِيبَ الذَّهَبِ الَّذِي بِيَدِهِ، فَدَنَتْ أَسْتِيرُ وَلَمَسَتْ رَأْسَ الْقَضِيبِ. 3فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُعْطَى لَكِ». 4فَقَالَتْ أَسْتِيرُ: «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْيَأْتِ الْمَلِكُ وَهَامَانُ الْيَوْمَ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلْتُهَا لَهُ». 5فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَسْرِعُوا بِهَامَانَ لِيُفْعَلَ كَلاَمُ أَسْتِيرَ». فَأَتَى الْمَلِكُ وَهَامَانُ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا أَسْتِيرُ. 6فَقَالَ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ عِنْدَ شُرْبِ الْخَمْرِ: «مَا هُوَ سُؤْلُكِ فَيُعْطَى لَكِ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ إِلَى نَُِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُقْضَى». 7فَأَجَابَتْ أَسْتِيرُ وَقَالتْ: «إِنَّ سُؤْلِي وَطِلْبَتِي، 8إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، وَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ أَنْ يُعْطَى سُؤْلِي وَتُقْضَى طِلْبَتِي، أَنْ يَأْتِيَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي أَعْمَلُهَا لَهُمَا، وَغَدًا أَفْعَلُ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ».
9فَخَرَجَ هَامَانُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فَرِحًا وَطَيِّبَ الْقَلْبِ. وَلكِنْ لَمَّا رَأَى هَامَانُ مُرْدَخَايَ فِي بَابِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَقُمْ وَلاَ تَحَرَّكَ لَهُ، امْتَلأَ هَامَانُ غَيْظًا عَلَى مُرْدَخَايَ. 10وَتَجَلَّدَ هَامَانُ وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَأَرْسَلَ فَاسْتَحْضَرَ أَحِبَّاءَهُ وَزَرَشَ زَوْجَتَهُ، 11وَعَدَّدَ لَهُمْ هَامَانُ عَظَمَةَ غِنَاهُ وَكَثْرَةَ بَنِيهِ، وَكُلَّ مَا عَظَّمَهُ الْمَلِكُ بِهِ وَرَقَّاهُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ وَعَبِيدِ الْمَلِكِ. 12وَقَالَ هَامَانُ: «حَتَّى إِنَّ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ لَمْ تُدْخِلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا إِلاَّ إِيَّايَ. وَأَنَا غَدًا أَيْضًا مَدْعُوٌّ إِلَيْهَا مَعَ الْمَلِكِ. 13وَكُلُّ هذَا لاَ يُسَاوِي عِنْدِي شَيْئًا كُلَّمَا أَرَى مُرْدَخَايَ الْيَهُودِيَّ جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ». 14فَقَالَتْ لَهُ زَرَشُ زَوْجَتُهُ وَكُلُّ أَحِبَّائِهِ: «فَلْيَعْمَلُوا خَشَبَةً ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَفِي الصَّبَاحِ قُلْ لِلْمَلِكِ أَنْ يَصْلِبُوا مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا، ثُمَّ ادْخُلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَرِحًا». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ عِنْدَ هَامَانَ وَعَمِلَ الْخَشَبَةَ.




الأصحَاحُ السَّادِسُ

1فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ طَارَ نَوْمُ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِأَنْ يُؤْتَى بِسِفْرِ تَذْكَارِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ فَقُرِئَتْ أَمَامَ الْمَلِكِ. 2فَوُجِدَ مَكْتُوبًا مَا أَخْبَرَ بِهِ مُرْدَخَايُ عَنْ بِغْثَانَا وَتَرَشَ خَصِيَّيِ الْمَلِكِ حَارِسَيِ الْبَابِ، اللَّذَيْنِ طَلَبَا أَنْ يَمُدَّا أَيْدِيَهُمَا إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 3فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَيَّةُ كَرَامَةٍ وَعَظَمَةٍ عُمِلَتْ لِمُرْدَخَايَ لأَجْلِ هذَا؟» فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَهُ: «لَمْ يُعْمَلْ مَعَهُ شَيْءٌ». 4فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَنْ في الدَّارِ؟» وَكَانَ هَامَانُ قَدْ دَخَلَ دَارَ بَيْتِ الْمَلِكِ الْخَارِجِيَّةَ لِكَيْ يُقُول لِلْمَلِكَ أَنْ يُصْلَبَ مُرْدَخَايُ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُ. 5فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ لَهُ: «هُوَذَا هَامَانُ وَاقِفٌ فِي الدَّارِ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِيَدْخُلْ». 6وَلَمَّا دَخَلَ هَامَانُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُل يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ؟» فَقَالَ هَامَانُ فِي قَلْبِهِ: «مَنْ يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ أَكْثَرَ مِنِّي؟» 7فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ: «إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ 8يَأْتُونَ بِاللِّبَاسِ السُّلْطَانِيِّ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْمَلِكُ، وَبِالْفَرَسِ الَّذِي يَرْكَبُهُ الْمَلِكُ، وَبِتَاجِ الْمُلْكِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، 9وَيُدْفَعُ اللِّبَاسُ وَالْفَرَسُ لِرَجُل مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ الأَشْرَافِ، وَيُلْبِسُونَ الرَّجُلَ الَّذِي سُرَّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ وَيُرَكِّبُونَهُ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَيُنَادُونَ قُدَّامَهُ: هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ». 10فَقَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: «أَسْرِعْ وَخُذِ اللِّبَاسَ وَالْفَرَسَ كَمَا تَكَلَّمْتَ، وَافْعَلْ هكَذَا لِمُرْدَخَايَ الْيَهُودِيِّ الْجَالِسِ فِي بَابِ الْمَلِكِ. لاَ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا قُلْتَهُ». 11فَأَخَذَ هَامَانُ اللِّبَاسَ وَالْفَرَسَ وَأَلْبَسَ مُرْدَخَايَ وَأَرْكَبَهُ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَنَادَى قُدَّامَهُ: «هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ».
12وَرَجَعَ مُرْدَخَايُ إِلَى بَابِ الْمَلِكِ. وَأَمَّا هَامَانُ فَأَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ نَائِحًا وَمُغَطَّى الرَّأْسِ. 13وَقَصَّ هَامَانُ عَلَى زَرَشَ زَوْجَتِهِ وَجَمِيعِ أَحِبَّائِهِ كُلَّ مَا أَصَابَهُ. فَقَالَ لَهُ حُكَمَاؤُهُ وَزَرَشُ زَوْجَتُهُ: «إِذَا كَانَ مُرْدَخَايُ الَّذِي ابْتَدَأْتَ تَسْقُطُ قُدَّامَهُ مِنْ نَسْلِ الْيَهُودِ، فَلاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ، بَلْ تَسْقُطُ قُدَّامَهُ سُقُوطًا». 14وَفِيمَا هُمْ يُكَلِّمُونَهُ وَصَلَ خِصْيَانُ الْمَلِكِ وَأَسْرَعُوا لِلإِتْيَانِ بِهَامَانَ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا أَسْتِيرُ.

غير معرف يقول...

إلى القُمّص المشلوح:
الأناجيل: نظرة طائر
د. إبراهيم عوض
تأتينى كل يوم رسائل تعلّق على ما أكتب فى هذا الموضوع، وبعض هذه الرسائل يثنى على ما أكتب، وبعضها يخطئنى، وبعض ثالث يشتم ويصفنى بأننى "آتٍ من وراء الجاموسة" ويبشّرنى بأن "محمدا سوف يأخذنى معه إلى الهاوية"، أى الجحيم، وأخرى يؤكد صاحبها أنه يحترق بحبى ويحرص على تنويرى وهدايتى ويقول، كنوع من التدليل على محبته لى، إن محمدا أخذ الشعراوى وديدات إلى الجحيم، وسوف يأخذنى معه هناك كما أخذهما من قبل، ورسالة يقول كاتبها إنهم يتبعون المسيح الإله الحى الباقى، أما نحن فنمشى وراء شخص قد مات وأنتنت جثته... وشتائم أخرى من هذا النوع المقذع الذى يبدو أن أصحابه يفهمون أن السيد المسيح قد وصى به فى العبارة التالية المنسوبة إليه فيما يسمَّى بــ"الأناجيل": "أحبوا أعداءكم! باركوا لاعنيكم! من ضربك على خدك الأيمن، فأدر له خدك الأيسر"، فضلا عما أخذ كثير من المهجريين بالذات يرددونه من وجوب خروج المسلمين من مصر وعودة الإسلام إلى بلاد العرب البدوية المتخلفة التى جاء منها. وأنا، حين أفكر فى هذه الرسائل بناء على رد الفعل الطبيعى، وكذلك بناء على ما ينصحنى به بعض أصحابها من إعادة النظر فى إيمانى بما أتى به محمد ("الشيطان" كما يسمونه)، لا أستطيع أن أجد فى الإسلام شيئا يَثْنِينى عن مواصلة الإيمان به والافتخار بأننى واحد من أتباعه، وإلا فما الذى فى دين هذا الرسول الكريم مما ينبغى إدانته؟
هل هو التوحيد النقى الذى يرفض كل ألوان الوثنية والشرك وعبادة الأصنام والأوثان والبشر الذين يتبولون ويخرأون؟ هل هو الصلاة لله سبحانه وتمجيده وعبادته؟ هل هو الحض على الرأفة بالفقراء والمساكين، لا كلاما جميلا فقط دون فاعلية، بل بتشريع الزكاة والصدقات تشريعا محددا ملزما؟ هل هو المبادئ الإنسانية التى تقول إنه لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح، وإن التقوى ليست فى الشعائر فى حد ذاتها بل فى إخلاص القلب والتوجه بهذه الشعائر إلى الله سبحانه والتصرف بمقتضاها فى سلوكنا اليومى وعلاقاتنا بالآخرين وبعيدا عن الرياء والجرى وراء السمعة بين الناس؟ هل هو دعوته إلى طلب العلم وفرضه على كل مسلم ومسلمة وإعلاؤه من شأن العقل حتى فى الاعتقاد، بعكس ما تدعو به بعض الأديان الأخرى من وجوب التسليم دون بحث أو نقاش؟ هل هو إقراره مبدأ المسؤولية الفردية وعدم توريث الخطيئة الأولى لعموم البشرية ظلما وغبنا، مما استوجب قتل الله، أستغفر الله؟ هل هو إعطاؤه الأجر على مجرد الاجتهاد حتى لو أخطأ صاحبه؟ هل هو فتحه باب التوبة والغفران دائما على مصراعيه أمام الناس جميعا دون تعقيدات أو وثنيات؟ هل هو موازنته العبقرية بين المثال والواقع فى تشريعاته ومتطلباته؟ هل هو فى اتجاهه للبشرية كلها لا إلى بنى إسرائيل وحدهم من دون الخلق جميعا؟هل هو رفعه لقيمةِ العمل وإتقانِه إلى سماء سامقة وإعلاء الأجر عليه إلى الحد الذى يؤكد فيه أن هناك ذنوبا لا يكفّرها إلا العمل؟ هل هو حَثُّه على النظافة فى كل الأمور حتى فى تنظيف الأسنان وجعلها من الإيمان، فى الوقت الذى تضع فيه بعض الأديان تلك القيمة فى تعارض مع صحيح الاعتقاد؟ هل هو نجاحه المذهل الذى لم يستطعه أى دين آخر فى تنفير أتباعه من أم الخبائث تنفيرا يُضْرَب به المثل، على حين تحتل معجزة تحويل الماء إلى خمرٍ البند "رقم واحد" فى قائمة معجزات "س" من الأديان؟ هل هو اهتمامه بالجمال والتنبيه إلى أن الله جميل يحب كل شىء جميل؟ هل هو اعترافُه بحدود القدرة البشرية ومراعاتُه لطبيعة الإنسان فى تشريعاته بحيث لا تجىء تهويماتٍ مثاليةً ساذجةً مستحيلةَ التنفيذ، ومن ثم لا تصلح إلا لترديدها على ألسنة المشقشِقين المغرمين بالكلام الكبير الفارغ دون أن يكون لها أى أثر فى قلوبهم أو تصرفاتهم؟ هل هو دفاعه المجيد عن السيد المسيح وأمه من الاتهامات السافلة الكافرة التى يرددها اليهود وملاحدة الغرب وبعض من يزعمون أنهم من أتباعه؟ هل هو تحذيره من شهوات النفس ووسوسات الشيطان؟ هل هو حرصه على أن يكون عمل الخير خالصا لوجه الله بعيدا عن الرياء؟ هل هو حملته على النفاق والمنافقين؟ هل هو تشديده النهى على أتباعه أن يَجْرِمهم شَنَآن قوم على ألا يَعْدِلوا؟ هل هو جعْله التعاون على البر والتقوى مبدأً من مبادئه؟ هل هو فضحه المتاجرة بالدين وكشفه عن جشع فريق كبير من الأحبار والرهبان وأكلهم أموال الناس بالباطل وصدهم عن سبيل الله وقيادتهم جمهور أتباعهم من أنوفهم وراءهم دون عقل أو تفكير؟ هل هو إماطته اللثام عن حقيقة ما تم من عبث وتحريف فى التوراة والإنجيل؟ هل هو دفاعه العظيم عن الأنبياء والمرسلين وتبرئتهم من تهم الزنا والقتل والزواج بالمحارم وتسهيل عبادة الأوثان التى يتهمهم بها مؤلفو الكتاب المقدس؟
أما القول بأن الإسلام ليس بدين مصرى فكذلك النصرانية ليست بدين مصرى، وأما ما يردده بعض من طمس الشيطان بصائرهم من أن المسلمين فى مصر ليسوا مصريين بل وافدين من الجزيرة العربية فهو كلام يدل على جهل وغباء أو على استبلاه واستحماق، لأن كلا من المسلمين والنصارى فى مصر هم بوجه عام مصريون أبًا عن جَدّ، اللهم إلا القليل هنا وهناك مما لا يخلو منه بلد. ولم يحدث قط أن قال مسلم فى مصر إن على النصارى أن يرحلوا، فلماذا يقولها بعض الناس من الطرف الآخر؟ هذه أول مرة نرى فيها "أقلية الأقلية" تقول هذا الكلام الغريب. وأقول: "أقلية الأقلية" لأنه ليس كل النصارى (فيما أفهم) يقولون ذلك، إنما هى أقلية صغيرة بينهم، وإلا فهى الكارثة!
إننى والله فى حيرة من أمرى، ولا أدرى ماذا يمكن أن يصنع الإنسان فى الرد على هذه السفالات؟ أحد الإخوة من عقلاء المهجر (وما أقلهم!) رجانى أن أهمل الرد على القُمّص إياه وقال إننى ينبغى ألا أهتم بما يردده من اتهامات للإسلام جائرة، وإنه يعرف أن دين محمد دين عظيم، أو شيئا بهذا المعنى لأن نص كلامه ليس أمامى الآن. إلا أننى، بعد شكره الجزيل على هذا الكلام حتى لو كان مجرد مجاملة لا أكثر، أتساءل: ما دام ذلك الأخ الكريم يعتقد بهذا فلم لا يوجه مثل هذا النداء لذلك القُمّص وأشياعه؟ أمن المعقول أن آتى للمُعْتَدَى عليه وأطالبه بالسماح، ولا أكلّف نفسى بمحاولة لفت نظر المُعْتَدِى إلى سوء ما يفعل؟ إننا لا يمكن أن ننال من السيد المسيح ولا من أمه الطاهرة ولا حتى من الحواريين، بل إننا لنردّ على ما جاء فى العهد الجديد مما يمكن أن يُتَّخَذ تُكَأَة فى الإساءة إلى أى منهم، فلم التسافُه والتباذؤ مع سيّد الخلق إذن؟ لا يا أخى الكريم، لن نسكت على قلة الأب، وسنرد بكل قوة، لكن مع احترام السيد المسيح وأمه وتلاميذه، لا من باب المجاملة، بل من باب الإيمان بمحمد عليه السلام، الذى يوجب علينا دينه العبقرى النبيل الراقى المتحضر أن نؤمن بكل الأنبياء، والذى يُعْلِى من شأن مريم وابنها عليهما السلام كل الإعلاء مع رفض كل تأليه لأى منهما تماما.
والآن نمضى فى الرد على السخافات المهجرية وقلة العقل والغفلة والبذاءة والسفالة التى هى حجة الصايع الضايع الذى لم يربّه أهله فتربّيه الأيام والليالى وتقوّم اعوجاجه بالصرمة القديمة، وذلك من خلال التحليل العلمى للأناجيل بغية توضيح موقفنا العقيدى ولتوجيه نظر من عنده بقية من نظر إلى عظمة ما عندنا وعبقريته، وكل إنسان حر بعد هذا فى اتخاذ الموقف الذى يراه واعتناق الرأى الذى يعتقد فى صحته، ونحن بحمد لله نردد من كل قلوبنا ما قاله ربنا فى قرآنه المجيد ونؤمن به أتم الإيمان: "لا إكراه فى الدين، قد تبين الرُّشْد من الغَىّ. فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفضام لها. والله سميع عليم" (البقرة/ 256)، "ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا. أفأنت تُكْرِه الناسَ حتى يكونوا مؤمنين؟" (يونس/ 99)، " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة. ولا يزالون مختلفين إلا مَنْ رَحِمَ ربك، ولذلك خلقهم. وتمت كلمة ربك: لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين" (هود/ 119)، "وقل: الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر. إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سُرَادِقها، وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمُهْل يشوى الوجوه" (الكهف/ 29)، "كذلك زَيَّنّا لكل أمة عملهم، ثم إلى ربهم مَرْجِعهم فينبئّهم بما كانوا يعملون" (الأنعام/ 108)... إلخ.
أما الجاموسة والإتيان من وراء الجاموسة فماذا فيه؟ إن للجاموسة منافع كثيرة: فقد كانت أيام أن كنت أمشى وراءها (رغم أن أهلى ليسوا من أصحاب الأرض بل تجارا، لكنى كنت أحب أن أرافق زملائى من أولاد جيراننا الفلاحين إلى حقولهم التى أعشق التجوال فيها وما زلت عشقًا والِهًا عجيبًا)، أقول: كانت الجاموسة تجر المحراث والنورج وتدير الساقية، وكانت وما زالت تعطينا "لبنا سائغا خالصا للشاربين" كما يقول القرآن، ويُؤْكَل لحمها الطيب الذى لا رائحة له منتنة كرائحة لحم الخنزير ورائحة أفواه وأدبار من يحبونه، كما أن فى رَوْثها فائدة كبيرة للأرض الزراعية، وكذلك لتلطيخ وجه القُمّص المذكور، وجهه فقط لا دبره لأن على حوافى دبره، والحمد لله، من الفضلات المنتنة كرائحة فمه وعقله وقلبه ما يلطّخ وجوه السفلة المتطاولين على سيد الأنبياء والمرسلين على بَكْرَة أبيهم وأمهم أيضا ويملأ أفواههم جميعا حتى يشبعوا ويكُظّوا كروشهم دون الحاجة إلى "تزويدة" من رَوْث الجاموسة التى نحن آتون من ورائها! بالله ماذا فى الإتيان من وراء الجاموسة؟ أليس ذلك أفضل من الإتيان من وراء زيكو، وأنتم تعرفون ماذا يعنى الإتيان من وراء زيكو، وزيكو لا يُؤْتَى إلا من ورائه؟ ليست المشكلة فى الإتيان من وراء الجاموسة يا جاموسة أنت وهو وهى، بل المشكلة كل المشكلة فى أن يكون البعيد جاموسة يا من تخفيت وراء اسم امرأة، ثم لا حصّلت أن تكون امرأة ولا رجلا، بل جاموسة، وأدنى من الجاموسة لأن الجاموسة، يا أدنى من الجاموسة، لا تشرك بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أو تعبد معه صنما أو وثنا أو بشرا. إن الجاموسة (التى هى جاموسة) قد فهمت هذا، فهل فهمت أنت يا أدنى من الجاموسة؟ ثم إن للجاموسة، يا أدنى من الجاموسة، فضلاً آخر لا أدرى كيف نسيتُه، ألا وهو أنها بعد أن تُذْبَح وتُسْلَخ نأخذ جلدها وندبغه ونصنع منه جِزَمًا نلبسها فى أقدامنا، وبعد أن تصبح هذه الجزم صُرَمًا قديمة نستخدمها فى صفع زيكو على وجهه القبيح وقفاه العريض ودبره المنتن وضميره الخرب المظلم، وأنا على يقين أنه سيستزيدنا من هذه الأنواع المختلفة كلها من الضرب كرامةً لنوع واحد فقط منها هو ضربه على دبره وما يجده ذلك المازوكىّ فى هذا الضرب من لذة شاذة! هل وصلت الرسالة؟ أم هل أعيدها من أول وجديد يا أدنى من الجاموسة؟ والله إن فى مقارنتك أنت وأمثالك بالجاموسة إساءة إلى الجاموسة يا أدنى من الجاموسة! وأنا هنا، أيها القراء الكرام، لا أدافع عن نفسى، فليست المسألة بينى وبين هؤلاء مسألة شخصية، إذ لا أحد منا يعرف الآخر، بل هم يشتمون لأننى أدافع عن محمد بن عبد الله (عليه وعلى أخيه عيسى بن مريم الصلاة والسلام) ضد سفالاتهم وإجرامهم رغم أن هذا الدفاع تأخر كثيرا جدا على أمل أن يفيقوا أو ينصحهم عقلاؤهم بالإفاقة من نوبة السفالة التى اعترتهم فجأة، لكنهم انهالوا علىّ برسائلهم النجسة مثلهم، والتى سبق أن أهملت كثيرا منها من قبل حين لم يكن لها علاقة بالتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنى لا أعد نفسى شيئا ذا بال على الإطلاق، ولم أكن لأهتم بما يقولون لو كان الأمر خاصا بى، أمّا والتطاول على الرسول هو المراد فالأمر يختلف جدا جدا جدا...
وعجيب أن يكون الحب الذى يكنونه لى، حسبما كتب إلىّ "فلان المحب" (كما سمى نفسه)، سببا فى كيل هذه الشتائم والبذاءات والسفالات لنا، مما يجعلنا نتساءل: إذا كان هذا هو ما يؤدى إليه الحب، فما الذى يمكن أن يؤدى إليه الكره إذن؟ إن المخبول الذى يتطاول على أشرف الأنبياء والمرسلين ويقول إنه قد مات وأنتن يعتقد بجهله وغبائه وقلة عقله وضيق أفقه وتحجر عقيدته أننا نعبد الرسول الكريم كما يعبد هو السيد المسيح، غافلا (لأنه مغفل من الطراز الأول) أننا لا نعتقد فيه أكثر مما يقوله المنطق والعقل وما أكده هو ذاته عليه صلوات الله وسلامه، وعلى من يمسه بأية كلمة بذيئة لعنات الله والرسل، والمسيح على رأسهم، والملائكة والناس أجمعين، ألا وهو أنه عبد الله ورسوله. فنحن إذن لا نعبد ميتا كما يفعل ذلك الحمار الغبى الجهول وأشباهه، بل نعبد الحى الذى لا يموت، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، الذى لا يهينه عباده ولا يبصقون فى وجهه أو يصفعونه على خديه أو يطعنونه بالحربة فى جنبه أو يضعونه على الخشبة التى لا يوضع عليها إلا كل ملعون بنص العهد القديم، ولا يوصف بالخروف ولا يصرخ من الألم وما من مغيث، ولا يفقد أعصابه فيَعْنُف بأمه ويناديها بــ" يا امرأة" لا بــ" يا أمى"كما يفعل كل من يحبون أمهاتهم ويحترمونهن، ولا يُذِلّ الكنعانيات المسكينات إذلالا ما بعده إذلال ويسميهن هن وسائر البشر من غير بنى إسرائيل بــ"الكلاب"، ولا يتهم الحواريين دائما بأنهم ضعفاء الإيمان شياطين، ولا يعمل كما يعمل كل الناس، ومعروف ما يفعله كل الناس فى دورات المياه، يا عيب الشؤم، ولا يأمرنا بتطليق الدنيا والاحتفاء بالموت والعدم! أما الموت فهو لا يختص بالرسول الكريم الذى لم يشأ أن يضلل أتباعه عن حقيقته فلم يقل لهم (ولم يقولوا هم بدورهم عنه) إنه ابن الله، بل قال بكل بساطة وعظمة وتواضع حقيقى إنه ميت مثلما كل البشر ميتون، بما فيهم السيد المسيح، عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. أما الرسالة التى وصلتنى الآن من "النعمة"، وفيها تلك العبارة: "I am sending this message again because I love u & I want u to know who is going to save u from Hell in the last day which is coming very soon as the prophecies say!"، فيبدو أن صاحبها قد نسى أنه يخوفنى بشىءٍ المفروضُ، حسب نص الكلام الذى ينسبونه للمسيح عليه السلام، أنه قد وقع من زماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان (منذ نحو ألفى عام)، إذ قال، طبقا لما رَوَوْه عنه، إن ملكوت السماوات سوف يأتى قبل أن يموت أصغر واحد من الموجودين معه، أو شيئا من هذا القبيل. يعنى: نحن الآن فى الملكوت، أو فى الباى باى!
والآن، وبعد هذه التوطئة التى أرجو أن تكون قد وضعت الأمور فى نصابها فأَوْلَجَتِ "الألف" فى "ميم" زيكو، "أَلِجُ" أنا فى الموضوع فأقول إن المقارنة بين الأناجيل الأربعة تكشف لنا عن أشياء مذهلة. ولا أود أن أستبق الأحداث بل أترك النصوص تتحدث بنفسها، حاصرًا دورى فى التعليق عليها ولفت النظر إلى ما أظنه يستحق الالتفات فيها، والله المستعان، ومنه التوفيق، وعليه التُّكَلان، وباسمه تعالى نبدأ المقارنة والتحليل، لكن بعد أن أرجو السادة القراء ألا يقفزوا فوق النقول التى أستشهد بها إذا ما طالت حتى يتحققوا من صحة ما أقول أو خطئه، والخطأ واردٌ فى كل حال، وجارٍ على كل إنسان:
فمتّى فى بداية الإصحاح الأول منه يقول إن المسيح عليه السلام هو ابن داود بن إبراهيم، أى أنه من سلالة بشرية: "1 كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حَزَقِيَّا. 10وَحَزَقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. 11وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. 12وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. 13وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. 14وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. 15وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ". هذا ما قاله متى، على حين يقول لوقا فى أول فقرة من أول إصحاح فيه: "بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ"، أى أنه من سلالة إلهية، لكنه فى موضع آخر يورد نسبه على النحو التالى: "23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً ، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ ، بْنِ هَالِي،24بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي ، بْنِ مَلْكِي ، بْنِ يَنَّا ، بْنِ يُوسُفَ،25بْنِ مَتَّاثِيَا ، بْنِ عَامُوصَ ، بْنِ نَاحُومَ ، بْنِ حَسْلِي ، بْنِ نَجَّايِ، 26بْنِ مَآثَ ، بْنِ مَتَّاثِيَا ، بْنِ شِمْعِي ، بْنِ يُوسُفَ ، بْنِ يَهُوذَا،27بْنِ يُوحَنَّا ، بْنِ رِيسَا ، بْنِ زَرُبَّابِلَ ، بْنِ شَأَلْتِئِيلَ ، بْنِ نِيرِي،28بْنِ مَلْكِي ، بْنِ أَدِّي ، بْنِ قُصَمَ ، بْنِ أَلْمُودَامَ ، بْنِ عِيرِ، 29بْنِ يُوسِي ، بْنِ أَلِيعَازَرَ ، بْنِ يُورِيمَ ، بْنِ مَتْثَاتَ ، بْنِ لاَوِي،30بْنِ شِمْعُونَ ، بْنِ يَهُوذَا ، بْنِ يُوسُفَ ، بْنِ يُونَانَ ، بْنِ أَلِيَاقِيمَ،31بْنِ مَلَيَا ، بْنِ مَيْنَانَ ، بْنِ مَتَّاثَا ، بْنِ نَاثَانَ ، بْنِ دَاوُدَ،32بْنِ يَسَّى ، بْنِ عُوبِيدَ ، بْنِ بُوعَزَ ، بْنِ سَلْمُونَ ، بْنِ نَحْشُونَ،33بْنِ عَمِّينَادَابَ ، بْنِ آرَامَ ، بْنِ حَصْرُونَ ، بْنِ فَارِصَ ، بْنِ يَهُوذَا ، 34بْنِ يَعْقُوبَ ، بْنِ إِسْحَاقَ ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، بْنِ تَارَحَ ، بْنِ نَاحُورَ،35بْنِ سَرُوجَ ، بْنِ رَعُو ، بْنِ فَالَجَ ، بْنِ عَابِرَ ، بْنِ شَالَحَ، 36بْنِ قِينَانَ ، بْنِ أَرْفَكْشَادَ ، بْنِ سَامِ ، بْنِ نُوحِ ، بْنِ لاَمَكَ، 37بْنِ مَتُوشَالَحَ ، بْنِ أَخْنُوخَ ، بْنِ يَارِدَ ، بْنِ مَهْلَلْئِيلَ ، بْنِ قِينَانَ،38بْنِ أَنُوشَ ، بْنِ شِيتِ ، بْنِ آدَمَ ، ابْنِ اللهِ".
وكما ترى فهذه السلسلة تختلف إلى حد بعيد عن سلسلة متى، سواء فى عدد حلقاتها أو فى ترتيبها، وهو أمر مضحك، إذ ليس من المعقول أن يجهل القوم سلسلة نسب ربهم. فيا له من رب! وياله من نسب! ولا تظن أيها القارئ أنى أتهكم حين أقول: "سلسلة نسب ربهم"، فقد قالوها هم بأنفسهم رغم أنى كتبت ما كتبت قبل أن أرى ما كتبوا، بل رجعت إليه فيما بعد. وهذا مثلا ما كتبه محررو "تفسير الكتاب المقدس": "إن غرض تتبع سلسلة نسب ربنا والرجوع به إلى داود هو أن يظهر أن المواعيد التى أعطيت لداود إنه سيصير سلفا للمَسِيّا قد تحققت فى يسوع المسيح" (تأليف مجموعة من اللاهوتيين برئاسة الدكتور فرنسيس دافدسون/ ط2/ دار منشورات التفسير/ بيروت/ 5/ 1990م/ 14). بل إن الشخص المذكور فى هذه السلسة على أنه ابن الله ليس هو المسيح بل آدم، أما المسيح فهو، حسبما كان يقول الناس، ابن يوسف! أما سلسلة متى فهى صريحة فى أنه ابن يوسف، أستغفر الله، إذ ليس هناك من معنى للقول بأنه ابن يوسف إلا معنى واحد لا أستطيع أن أنطق به!
وهو ما يؤكده النص التالى المأخوذ من مطلع إنجيل توما (أحد الأناجيل غير القانونية): "And a certain Jew when he saw what Jesus did, playing upon the Sabbath day, departed straightway and told his father Joseph: Lo, thy child is at the brook, and he hath taken clay and fashioned twelve little birds, and hath polluted the Sabbath day. "، إذ يقول المؤلف إن أحد اليهود الغيارى على الشريعة الموسوية، حين رأى عيسى الصغير يصنع يومَ سبتٍ من الطين طيرًا، ذهب من فوره إلى "أبيه يوسف" وشكا له ما صنع الغلام من الاعتداء على حرمة اليوم المقدس. ومثله قول المؤلف فى موضع آخر إن عيسى ذهب ذات يوم لزراعة القمح مع "والده" فى حقلهم: "Again, in the time of sowing the young child went forth with his father to sow wheat in their land: and as his father sowed, the young child Jesus sowed also one corn of wheat"... وغير ذلك من المواضع التى وُصِف فيها يوسف بأنه "أبوه". بل إننا لنقرأ أن يوسف، تعجُّبًا من المعجزات التى كان يعملها عيسى الصغير، قد دعا ربه شاكرا أنْ أعطاه طفلا مثله: " Happy am I for that God hath given me this young child".
وعَوْدًا إلى ما كنا بسبيله أرجو ألا تضحك، عزيزى القارئ، من حكاية نسب ربنا هذه، ذلك أن الكلام ليس عن الإله الذى نعرفه، رب العالمين، بل عن إله مجهول الهوية يراد تحديد أسرته ومكان إقامته ومهنته وتاريخ ميلاده وصحيفة أحواله المدنية حتى نعرف من هو، ومن أين أتى، وإلى أين هو ذاهب، وأين يسكن، ومن وَلِىّ أمره... إلخ. ويا حبذا لو اطّلعنا أيضا على رخصة قيادة السيارة (أو بالأحرى: رخصة ركوب الأتان والجحش ابنها)، فكل شىء من هذه الوثائق من شأنه أن يطمئننا على أننا ماشُون فى الطريق السليم وأننا لا نتعامل مع شخص لا نعرف له مرجعا ولا مكان عمل أو سكن. ونحن نعرف أن الناس هذه الأيام لا يبعثون على الاطمئنان، وأن ابن الحرام لم يترك لابن الحلال حاجة، فــ"بردون: pardon" يا عزيزى. آه! هذه أشياء لا تُغْضِب، أو ينبغى ألا تُغْضِب، أحدا. وهذا الإله لم نسمع به من قبل، وقد كثرت الآلهة، ولم يعد هناك شىء موثوق به، فالأفضل الأخذ بالأحوط!
وبعد قليل يقول الكاتب السابق: "يُرَجَّح أن سلسلة النسب هذه (يقصد سلسلة النسب المذكورة فى متّى) لا تتبع التسلسل الطبيعى (الذى تجده فى لوقا...)، بل الملكى والشرعى الذى بفضله كان المسيح وارثا لعرش داود" (نفس المرجع والصفحة). يا حلاوة! هناك إذن نسب طبيعى متسسل، ونسب كده وكده (نسبًا مضروبًا يعنى)، نسب يُذْكَر فى الأوراق الرسمية حتى تكون مهمة مجلس الوصاية على ولى العهد سهلة فلا يتلكّك أحد لأعضائه بحجة الرسميات وختم النسر، فكل شىء كما ترى جاهز، وتستطيع بعد ذلك أن تضع إصبعك فى عين أى موظف يشاغبك ويتحجج بلوائح الروتين، فنحن الذين خَرَمْنا التعريفة ودهنّا الهواء دُوكُو كما يقول المصريون الخائبون!
والله عال! عشنا وشفنا الآلهة لها نسب، وأى نسب؟: 1- نسبٌ طبيعى، وهذا نعرفه فيما بيننا، لكن لا يصح أن نظهره لأنه كفيل بإفساد الخطة الخاصة بوراثة العرش. 2- ونسبٌ أىّ كلام لزوم وراثة العرش عن داود وعشيقته (التى صارت زوجته فيما بعد) بَتْشَبَع: إى نعم، داود وبتشبع الزانيين القراريّين كما تكلم عنهما الكتاب المقدس ذاته ولست أنا والله العظيم! وأنطسّ فى نظرى لو كنت قلت هذا أو شيئا من هذا أو أرضى بهذا أو لا ألعن سنسفيل جدود من قال هذا، عليه وعلى من يرضى بهذا لعنات الله والملائكة والرسل والمسيح والناس أجمعين خالدين فيها إلى يوم يبعثون! ولا أظنك قد نسيت حكايتهما ولا السطح والطست والكوز والحركات إياها التى كانت تأتيها المستحمة العارية فى قلب الحوش المكشوف جنب القصر خبط لزق وهى تغنى أغنية "الطشت قال لى" مع الحفاظ على حقوق الأداء العلنى لورثة المرحومة عايدة الشاعر! ولقد كان الشدياق يداعب امرأته كلما نشزت عليه فيقول لها: "بحق السطح" فتلين فى الحال. ويبدو أنه كان بينهما شىء خاص وقع فوق السطح، فهو يذكّرها به فتتذكر، أو ربما كان يشير إلى الواقعة الغرامية بين داود وبتشبع. ولم أكن أعلم أن للسطوح سرا باتعا بهذا الشكل! ولأن الشىء بالشىء يُذْكَر فقد كنا ونحن صغار (وكان ذلك فى منتصف الخمسينات من القرن الماضى) نتجمع ليلا على إحدى المصاطب قريبا من بيوتنا فى ضوء القمر ثم يحكى البارعون منا فى الكلام حواديت، وكان من بيننا ولد عفريت يمتهن مع زوج أمه مهنة صنع الغرابيل والمناخل، فكان يحكى لنا دائما حدوتة واحد من أصحاب هذه المهنة كان يعاكس النساء وهو ينادى على بضاعته، فيرفع عقيرته صائحا أمام البيوت التى يمر بها: "يا ستى يا اللى فوق السطوح! آجِى واللا ارُوح؟ يا اللى عاوزة المنخل"! فهذه ثلاثة شواهد على مدى أهمية السطوح فى حياة البشر، ولو بحثتم عن شواهد أخرى فأنا موقن أنها متوفرة بغزارة! لكن الذين ذكروا هذا النسب الـــ"أى كلام" نَسُوا للأسف أنه هو نسب يوسف النجار. يا ألطاف الله! يعنى: الحكاية مطيَّنة من الناحيتين: فهو أولا نسب مزوَّر وملخبط، وثانيا نسب مريب يسىء للسيد المسيح، الذى نجلّه نحن المسلمين ولا نرضى أن تناله شبهة إساءة، فهو نبى من أنبياء الله الأطهار، عليه أفضل الصلوات وأزكى السلامات، ولعن الله كل من تسوِّل له نفسه النجسة الإساءة إليه ولو بالتلميح من بعيد!
لكن نعود للنسبين: الإلهى والبشرى، ونتساءل: لماذا هذا الاختلاف بين الكاتبين فلم يذكر كل منهما النسبين فيريح ويستريح؟ سيقولون إن كلا منهما ركز على جانب من جانبى السيد المسيح. لكن السؤال هو: ولماذا لم يكن كل منهما واضحا فى هذه المسألة التى تقوم عليها الديانة التى ينتمى إليها فيقول بصريح العبارة إنه قد ركز على جانب واحد من الأمر وترك الجانب الآخر من أجل كذا وكذا؟ كما أن ثمة سؤالا آخر فى غاية الخطورة: ترى هل معنى تركيز متّى على الجانب البشرى فى المسيح أن ينسبه، وفى بداية الإصحاح الأول منه، إلى يوسف النجار، الذى كان كثير من اليهود وما زالوا يتهمون به مريم عليها السلام؟ إن أقل ما يقال فى متّى أنه قد أعطى بذلك أعداء المسيح صلى الله عليه وسلم السكين لطعن شرفه وعِرْض أمه الكريمة الطاهرة التى رفعها القرآن الكريم فوق نساء العالمين، إن لم نقل فيما فعله ذلك المؤلف أكثر من هذا! وهاهو ذا متّى يؤكد أنه ابن يوسف ومريم معا فى أكثر من موضع، إذ يصفهما مثلا بأنهما: "أَبَوَاهُ" (2/ 41)، "وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ..." (2/ 27)، كما تقول مريم مخاطبة عيسى الصغير وهى تشير إلى يوسف ونفسها:"يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَ ذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!" (2/ 48).
كذلك يقول لوقا فى ذات الفصل إن الملاك قد ظهر لمريم مبشرا إياها أنها ستلد ولدا اسمه يسوع، قائلا لها مرة إنه سوف يُدْعَى: "ابن العَلِىّ"، ومرة أخرى: "ابن الله"، أما متّى فيقول فى نفس الفصل أيضا إنه سيُدْعَى: "عِمّانوئيل"، أى "الله معنا". فهذا تناقض فيما قاله الملاك، فضلا عن أنه فى رواية متّى لم يقل هذا لها هى، بل ليوسف، وهو تناقض آخر! وهاتان هما الروايتان على الترتيب: "30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً ، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ،33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَد، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة .34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ 35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ (هكذا وردت فى طبعة المشباك التى رجعتُ إليها، والصواب: "لها"): اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ ،وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ"، "20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ، لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ . لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُم . 22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ : 23 هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيل الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا".
وحين يولد عيسى بن مريم عليه السلام يحكى لنا متّى (ف 2) حكاية فى منتهى الطرافة تخالف العقل من كل ناحية نظرت إليها وبأى معنى حاولت أن تفهمها. ولنسمع أولا الحكاية ثم نفصل القول فيها بعض التفصيل حتى يتضح وجه طرافتها ومجانبتها للعقل: "1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ:«أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». 3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ:«أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» 5فَقَالُوا لَهُ:«فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ:«اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. 11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ".
والآن إلى تحليل الحكاية الطريفة المجانبة للعقل: أول كل شىء أن المجوس يتحدثون عن مَلِك لليهود. فأين ذلك المَلِك؟ لقد وُلِد المسيح عليه السلام فى مِذْوَد، لا فى قصر ملكى، وكان ولى أمره نجارا لا قيصرًا ولا كسرًى ولا فرعونًا من الفراعين. كما أنه لم يصر ملكا فى يوم من الأيام بأى معنى من المعانى. الشىء الثانى أن هؤلاء المجوس الآتين من المشرق قد أخذوا يسألون عن ملك اليهود، وهو ما يدل على أنهم كانوا بحاجة إلى من يسألونه عن مكان هذا المَلِك المزعوم لا أنهم كانوا يعرفونه. لكننا بعد قليل سوف نسمع "الراوى يا سادة يا كرام" يقول إن النجم المذكور سوف يظهر لهم ويسير أمامهم، ثم يجىء ويقف فوق بيت الملك المزعوم. فأى الروايتين نصدق بالله عليكم؟ وثالثا فإن "الراوى يا سادة يا كرام" يتحدث عن تحرك النجم أمام هؤلاء المجوس وكأنه كان يمشى بنفس إيقاع حركتهم، فهل هذا معقول؟ وهل كان يتوقف نهارا حتى يستطيعوا استئناف رؤيتهم له ليلا فلا يضلوا عنه بعد أن يكون قد سبقهم فى سماء الله الواسعة؟ أعطونى عقلكم من فضلكم أتصبر به! اللهم إلا إذا قالوا إنه نجم "نونو" كان لا يزال فى اللفّة، فلم يكن قد تعلم المشى بعد، دَعْكَ من الجرى بسرعة لا تطولها سرعة الصاروخ ولا فى الأحلام، بل كان يحبو على أربع، وكانت أمه النجمة الكبيرة (نجمة حقيقية من نجوم السماء لا من بتوع السينما) تصفق له وقد أدارت له شريط أحلام: "تاتا خَطِّ العتبة! تاتا حَبّة حَبّة!"، فإن كان كذلك فإنى أسلِّم من الآن وأغلق فمى فلا أفتحه أبدا! وهذا النجم هل يمكن أن نصدق أنه قد انخلع من مداره ولم يسقط مع ذلك فى الفضاء السحيق مثل أى نجم يخرج عن فَلَكه؟ ثم ما معنى قول الراوى عن النجم إنه "جاء ووقف فوق"، أى فوق البيت الذى كان فيه الملك الرضيع المزعوم؟ والسؤال هو: جاء من أين؟ من السماء طبعا؟ وإلى أين؟ إلى تحت طبعا بحيث يكون قريبا من المذود الذى كان فيه الطفل الرضيع. أليس هذا هو ما نفهمه من النص بدون أى تكلف؟ فهل هذا ممكن، ونحن نعرف أن النجم أكبر من الأرض أضعافًا مضاعفة؟ أما ما يقال من أن هؤلاء المجوس كانوا يحملون بعض الآلات الهندسية التى يمكنهم أن يحددوا عن طريقها مكان المذود مع الاستعانة بالنجم، كبيرة كانت هذه الآلات أم صغيرة، فأمر يبعث على الضحك لأن النص لم يقل ولا يمكن أن يقول شيئا عن هذا، ذلك أنهم لم يكونوا فلكيين، وإلا ما فاتت هذه متّى ولشنّف آذاننا بها. وقد رأينا المجوس فى البداية لا يعرفون كيف يستدلون على المكان، فكانوا يسألون الناس. ولو كانت معهم آلات فلكية ما كانوا بحاجة إلى مثل هذا السؤال أصلا! أليس كذلك؟ ثم كيف يا ترى استطاعوا التفاهم مع مريم ويوسف، وهم من غير أهل البلاد، أى لم يكونوا يتكلمون لغة الأم وخطيبها؟ وثالث عشر (أو رابع عشر، لا أدرى بالضبط): من أى كتابٍ أو فمٍ عَلِمَ أولئك المجوسُ بأمر ذلك النجم؟ بل لماذا يهتم المجوس بذلك الأمر أساسا، وهم ليسوا من اليهود؟ ولماذا ينبغى أن يشعروا أنهم لا بد لهم من السجود لملك بنى إسرائيل؟ ترى بأى كتاب أم بأية سنة وجب عليهم هذا؟ وبعد أن رَأَوْا ملك اليهود لماذا لم يَبْقَوْا إلى جانبه ما داموا قد تكلفوا مشاق ذلك السفر الطويل الذى يهدّ القُوَى؟ أو على الأقل لماذا لم يظهروا ثانية فى حياة السيد المسيح حين كبر وأعلن دعوته وشرع يبشر بملكوت السماوات؟ وهو نفس السؤال الذى يصدق على جماعة الرعاة فى حكاية لوقا المقبلة بعد قليل، فاستعدوا لها.
وثمة أسئلة كثيرة أخرى لا أريد أن أرهق القارئ بها فأكتفى بهذه، وأنبه إلى أن هذه الحكاية هى من اختراع متّى وإحدى بُنَيّات خياله: سجلها باسمه ببراءة اختراع خاصة به، ولهذا لا نجدها فى أقاصيص الأناجيل الثلاثة الباقية، بل نجد بدلا منها قصة مخترعة أخرى عند لوقا، الذى رأى أنه لا يصح أن يكون أقل مقدرة على اختراع القصص الشائقة (الشائقة على ما بها من ثغرات كثيرة مزعجة رغم طرافتها)، فأورد حكاية مختلفة عن جماعة من الرعاة ظهرت لهم الملائكة وهى تترنم مبشرة بولادة عيسى عليه السلام... إلى آخر ما قاله فى الفصل الثانى من إنجيله عن أولئك الرعاة المساكين الذين لا لهم فى الثور ولا فى الطحين، لكن لوقا أكرههم على الظهور فى حكايته إكراها. ولهذا لا نراهم، بل لا نسمع بهم أو عنهم مجرد سماع بعد ذلك أبدا بما يدل على أن مؤلف القصة يفتقر إلى القدرة على إحكام الحبكة الفنية وأنه إنما أراد ألا يتأخر عن متّى فى التأليف والاختراع. ثم لماذا تظهر الملائكة لجماعة من الرعاة ليس لهم فى حياة السيد المسيح عليه السلام أى دور يؤدونه ولا حتى دور الكومبارس؟
وهذه هى الحكاية الشائقة: "1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. 4فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ. 8وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، 9وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. 10فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: 11أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. 12وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». 13وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: 14«الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ».15وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». 16فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. 17فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. 18وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. 19وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. 20ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ".
وحينما سألتْ يحيى، عليه السلام، الجموعُ التى أتت لتتعمد على يديه هل هو نفسه المسيح، جاء رده على النحو التالى فى الأناجيل المختلفة: "أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ ، وَلَكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي ، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ" (لوقا/ 1/ 169)، " أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلَكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ.27 هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِه" (يوحنا/ 1/ 26- 27)، "11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ ، وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي ، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأ" (متى/ 3/ 11- 12)، "يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُس" (مرقس/ 1/ 7- 8). وبنظرة سريعة نستطيع أن نتبين الاختلاف الموجود بين نص كلام يحيى فى الأناجيل الأربعة ما بين أنه لا يستحق أن يحل سيور حذاء المسيح أو أنه لا يستحق حمل الحذاء أو سكوت القصة عن هذه النقطة أصلا، وكذلك الاختلاف فى أن المسيح سوف يعمدهم بالروح القدس والنار أو بالروح القدس فقط... إلى آخر الاختلافات بين نصوص الأناجيل الأربعة.
ونسمع يحيى فى إنجيل لوقا (الفصل الأول) يشتم الجموع كلها التى أتت لتتعمد على يديه: "7وَكَانَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ الَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ: يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. ولاَ تَبْتَدِئُوا تَقُولُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لإِبْرَاهِيمَ. 9وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّار. 10وَسَأَلَهُ الْجُمُوعُ قَائِليِنَ : فَمَاذَا نَفْعَلُ؟ 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ : مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا "، على حين أن شتائمه فى لوقا (الفصل الثالث) تقتصر من هذه الجموع على الفَرِّيسيّين والصَّدُّوقيّين وحدهم: "7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ". أما فى مرقس ويوحنا فلا ذكر لتلك الشتائم!
وفى متّى (4/ 15) أن الملائكة جاءت وصارت تخدم المسيح بعد أن فشل الشيطان فى أن يُغْوِيَه أثناء الأيام الأربعين التى قضاها عليه السلام فى البَرِّّية صائما فانصرف عنه: "12ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ"، أما فى مرقس (1/ 13) فكانت الملائكة تخدمه فى الوقت الذى كان يجرَّب فيه من الشيطان: "13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ". وهذا تناقض لا أدرى كيف نحلّه!
أما بالنسبة لأول لقاء تم بين المسيح عليه السلام وسمعان وأندراوس (تلميذان من تلاميذه) فهكذا يحكيه لنا يوحنا (الفصل الأول) :"35وَفِي الْغَدِ أَيْضاً كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفاً هُوَ وَاثْنَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 36 فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِياً، فَقَالَ: هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ ! . 37 فَسَمِعَهُ التِّلْمِيذَانِ يَتَكَلَّمُ، فَتَبِعَا يَسُوعَ. 38 فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: مَاذَا تَطْلُبَانِ؟ فَقَالاَ: رَبِّي، الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ، أَيْنَ تَمْكُثُ؟ 39فَقَالَ لَهُمَا: تَعَالَيَا وَانْظُرَا . فَأَتَيَا وَنَظَرَا أَيْنَ كَانَ يَمْكُثُ، وَمَكَثَا عِنْدَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ. 40كَانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِداً مِنَ الاِثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ. 41 هَذَا وَجَدَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ . 42فَجَاءَ بِهِ إِلَى يَسُوعَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ . 43 فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي . 44 وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا، مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ. 45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَة". فإذا يممنا وجوهنا نحو متّى (الفصل الرابع) راعنا أن القصة مختلفة بما لا يمكن التوفيق بينها وبين رواية يوحنا: "18وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِياً عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19فَقَالَ لَهُمَا: هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاس. 20فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. 21ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ: يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ فِي السَّفِينَةِ مَعَ زَبْدِي أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا ، فَدَعَاهُمَا. 22فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا السَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ"، ومثلها رواية مرقس (الفصل الأول):"14وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ 15وَيَقُولُ: قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيل .16 وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 17فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاس . 18فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ. 19ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلاً فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ. 20فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ". فها نحن أولاء إزاء روايتين مختلفتين فى موضوع واحد اختلافا لا يمكن تجاهله والمرور فوقه دون اهتمام بمغزاه، وهو مغزى خطير بالنسبة لعصمة الكتاب المقدس كما لا بد أن يخطر فى بال القارئ! فأين يا ترى تم ذلك اللقاء الأول بين المسيح وتلميذيه؟ هل لَقِىَ السيد المسيح الأخوين المذكورين عند أبيهما بجوار القارب؟ أم هل فى حلقة يحيى يستمعان إلى مواعظه؟ مشكلة كبيرة لا سبيل لحلها!
وهناك ما يسمَّى بــ"موعظة الجبل"، فهل كانت فعلا فوق جبل كما يقول متّى، وهل كانت على النحو التالى:"5 1 وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. 2 فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً : 3 طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى ، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ ،لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ ، مِنْ أَجْلِي ،كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُمْ هَكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ. 13 أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ ، وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ ، 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ ،بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ ،لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 17 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا ،يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ ،فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ. 21 قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. 23فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ ،24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ ،وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. 25كُنْ مُرَاضِياً لِخَصْمِكَ سَرِيعاً مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ،لِئَلا يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي ، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ! 27 قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا ، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 31 وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ . 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي ، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي. 33 أَيْضاً سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللَّهِ ، 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ. 38 سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. 43 سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ فَأَيَّ فَضْلٍ تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا؟48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ. 6 1 اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ ، وَإِلا فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 2فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 3وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ ،4لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 5 وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ ،فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ ،لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 6وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 7وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ. 9 فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ ، وَالْقُوَّةَ ، وَالْمَجْدَ ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلاّتِكُمْ. 16 وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. 17وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ ،18لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِماً، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 19 لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ ،وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً فِي السَّمَاءِ ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضاً. 22سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ ،فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً ، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِماً ، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللَّهَ وَالْمَالَ. 25لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26 اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ،وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟27وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً؟ 28وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. 29وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَداً فِي التَّنُّورِ،يُلْبِسُهُ اللَّهُ هَكَذَا ، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدّاً يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا. 33لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ. 7 1 لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا ،2لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5يَا مُرَائِي ، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ ،وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! 6لاَ تُعْطُوا الْقَُدْسَ لِلْكِلاَبِ ، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ ، لِئَلا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ. 7 اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 9أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزاً ، يُعْطِيهِ حَجَراً؟ 10وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً ،يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ 11فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ! 12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ ، لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ. 13 اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ ،لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! 15 اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ ، وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً ، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ 17هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً ، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً ، 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً ، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.21 لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا ، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ! 24 فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا ،أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25فَنَزَلَ الْمَطَرُ ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. 26وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا ، يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ جَاهِلٍ ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. 27فَنَزَلَ الْمَطَرُ ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً! . 28فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، 29لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ".
وهل كانت بهذا اللفظ حرفيا وبنفس هذا الطول؟ أم هل كانت أقصر وبلفظ مختلف على نحو ما وألقاها المسيح فى سَهْلٍ لا فوق جَبَلٍ حسبما جاء عند لوقا (الفصل الخامس): "17وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ سَهْلٍ ، هُوَ وَجَمْعٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ ، مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَاءَ ، الَّذِينَ جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ،18وَالْمُعَذَّبُونَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ. وَكَانُوا يَبْرَأُونَ. 19وَكُلُّ الْجَمْعِ طَلَبُوا أَنْ يَلْمِسُوهُ ، لأَنَّ قُوَّةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِي الْجَمِيعَ.20وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ. 21طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْجِيَاعُ الآنَ لأَنَّكُمْ تُشْبَعُونَ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ لأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ. 22طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ ، وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ ، وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ابْنِ الإِنْسَانِ. 23اِفْرَحُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا ، فَهُوَذَا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ. لأَنَّ آبَاءَهُمْ هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ. 24وَلَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى ، لأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ. 26وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَناً. لأَنَّهُ هَكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ. 27 لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ،28بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 29مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً ، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضاً. 30وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ. 31وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ هَكَذَا. 32وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضاً يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ. 33وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا. 34وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضاً يُقْرِضُونَ الْخُطَاةَ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا مِنْهُمُ الْمِثْلَ. 35بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً ، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ. 36فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضاً رَحِيمٌ. 37وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ. 38أَعْطُوا تُعْطَوْا ، كَيْلاً جَيِّداً مُلَبَّداً مَهْزُوزاً فَائِضاً يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُم .39وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً: هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاِثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟ 40لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ. 41لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 42أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي ، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ. 43لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَراً رَدِيّاً ، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَراً جَيِّداً. 44لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا. فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِيناً ، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ الْعُلَّيْقِ عِنَباً. 45اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ. 46وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟ 47كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ 48يُشْبِهُ إِنْسَاناً بَنَى بَيْتاً ، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذَلِكَ الْبَيْتَ ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. 49وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ ، فَيُشْبِهُ إِنْسَاناً بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ ، فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً ، وَكَانَ خَرَابُ ذَلِكَ الْبَيْتِ عَظِيماً"؟
وحين ننتقل معه، صلى الله عليه وسلم، إلى كفرناحوم بعد تجريب الشيطان له فى البرية لمدة أربعين يوما كما تقول الأسطورة نفاجأ أن لدينا فى الأناجيل ثلاث روايات مختلفة لما حدث آنئذ: ففى لوقا: "31وَانْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ ، مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ ، وَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي السُّبُوتِ. 32فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ. 33وَكَانَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ بِهِ رُوحُ شَيْطَانٍ نَجِسٍ ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: 34 آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ؟أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ ! . 35فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: اخْرَسْ ! وَاخْرُجْ مِنْهُ !. فَصَرَعَهُ الشَّيْطَانُ فِي الْوَسْطِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَيْئاً. 36فَوَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ ، وَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: مَا هَذِهِ الْكَلِمَةُ ؟لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ ! . 37وَخَرَجَ صِيتٌ عَنْهُ إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ فِي الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ".
وفى يوحنا: "12 وَبَعْدَ هَذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّاماً لَيْسَتْ كَثِيرَةً 13 وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ،14 وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً، وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15 فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ ! . 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي .18فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ : أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هَذَا؟ 19أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُه . 20فَقَالَ الْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هَذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟ 21وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. 22 فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ.23 وَلَمَّا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ كَثِيرُونَ بِاسْمِهِ، إِذْ رَأَوُا الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَ. 24 لَكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ. 25وَلأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجاً أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ الإِنْسَانِ ، لأَنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي الإِنْسَانِ".
وفى مرقس: "21ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. 22فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. 23وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ فَصَرَخَ24قَائِلاً: آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللَّهِ! 25فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: اخْرَسْ ! ‍‍‍‍‍‍‍وَاخْرُجْ مِنْهُ! 26فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. 27 فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: مَا هَذَا؟ مَا هُوَ هَذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ! 28فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ".
والآن أعتقد أن الروايات الثلاث تتحدث بنفسها ولا تحتاج لمن يستطلع خبرها، إذ هى واضحة وضوح الشمس: فلوقا يقول إن المسيح عليه السلام كان يذهب كل سبت إلى المجمع فيعلم أهل كفر ناحوم، وإنه أخرج ذات مرة شيطانا من أحد المصروعين كان يشغب عليه فى دروسه، وإن الناس عجبوا لما حدث وذاع صِيتُه بسبب ذلك فى المنطقة المحيطة. وغَنِىٌّ عن القول إننا، وإن آمنّا بأن المسيح كان يشفى المرضى، لا نصدق أن الشياطين التى تسكن الأجساد (إن كانت شياطين فعلا) تتكلم وتتحدى من يحاول إخراجها من جسد المصروع. أما يوحنا فلم يتعرض لما حدث منه أو له فى كفرناحوم، بل انتقل سريعا إلى أورشليم وأورد غضبه من تحول الهيكل على يد الكهنة والتجار والصيارفة إلى مكان للبيع وصرف النقود وحظيرة للبهائم، وسَوْقه، صلى الله عليه وسلم، كل ذلك أمامه إلى خارج المكان بالسوط، وفى ذات الوقت لم يذكر شيئا عما وقع منه من شفاء بعض المرضى. وتتبقى رواية متى، وخلاصتها أن قائدا من قواد المائة اعترض طريق المسيح طالبا منه أن يشفى غلاما له، ولما تهيأ عيسى للذهاب معه إلى منزله علّق القائد قائلا إنه ليس بحاجة إلى الانتقال معه إلى البيت حيث الغلام المريض، بل كل ما يحتاجه منه أن يقول كلمة فيُشْفَى المريض على الفور، فعَدّ عيسى هذا منه إيمانا قويا لا يتوفر لأى إنسان من بنى إسرائيل، وكانت النتيجة أن برأ الغلام لوقته وهو فى الدار.
ولا أظن القارئ إلا تنبه لاستجابة المسيح السريعة لقائد المائة، إذ أبدى استعداده للذهاب معه فى الحال لبيته ليشفى له غلامه، على عكس سلوكه مع المرأة الكنعانية التى كانت لها ابنة مريضة وأخذت تتذلل وتسجد له وتلح عليه، على حين يردّ هو على لهفتها بكلمات قارصة مذلة بحجة أنه لم يُرْسَل إلا لخراف بنى إسرائيل الضالة (رغم أن قائد المائة هو أيضا أممى مثلها، أى من غير بنى إسرائيل)، حتى استجاب لها أخيرا، ولَمّا يَكَدْ! أتراه فعل هذا لأن الرجل قائد عسكرى، بينما هى مجرد امرأة مسكينة لا حول لها ولا طول؟ إننا لا نقصد بأى حال أن السيد المسيح قد فعل ذلك حقا، بل نقصد أن متّى (أقصد من ألف هذا الإنجيل، وهو ليس متى الحوارى بأى حال، وأغلب الظن أنه لا يسمى: "متّى" أصلا) قد عكس نفسه وأخلاقه على المسيح، ورسول الله من مثل ذلك السلوك براء!
ثم عندنا معجزة الخبز والسمك، وكل من مؤلفى الأناجيل يكتبها بطريقته التى تتفق مع ما قاله غيره فى أشياء، وتختلف فى أشياء: فمثلا هل كانت الجموع قد مكثت مع عيسى عليه السلام عدة أيام قبل أن يفكر فى مشكلة الطعام وكيفية تدبيره لهم؟ أم هل كان ذلك فى أول يوم؟ وإذا كان فى أول يوم، فهل كان ذلك بعد الوعظ؟ أم هل كان بمجرد أن رفع بصره ورآهم مقبلين نحوه؟ كما أن بعض الروايات تقول إنه "خرج" ليقابل تلك الجموع، فما المقصود بالخروج هنا، وهو إنما كان فى موضعٍ خلاء؟ ثم كيف يا ترى تم التفكير فى مشكلة الطعام؟ هل الحواريون هم الذين لفتوا نظره إليها؟ أم هل هو الذى فكر فيها ابتداء وطلب منهم أن يفكروا معه فى حلها؟ وهل هم الذين عرضوا عليه أن يذهبوا فيشتروا الطعام؟ أم هل هو الذى عرض عليهم ذلك؟ هنا تختلف الروايات، وإن اتفق الأربعة على أن هناك معجزة طعامية قد وقعت أشبع فيها السيد المسيح عدة آلاف من البشر، لا ندرى أهم أربعة آلاف أم خمسة؟ وهل كانوا رجالا فقط حسبما يُفْهَم من بعض الروايات أو كان هناك نساء وأطفال أيضا كما نصّت بعض الروايات الأخرى؟ وماذا كان عدد الأرغفة؟ أكانت خمسة أرغفة أم كانت سبعة؟ والسمكات: هل كانت سمكتين تحديدا؟ أم المقصود أنها كانت قليلة العدد جدا، والسلام؟ والأرغفة التى تبقت بعد أن أكلت الجموع وشبعت: هل ملأت سبع سلال (أو قُفَّة. واختر ما يعجبك، فإنها لا تفرق كثيرا)؟ أم هل ملأت اثنتى عشرة قُفَّة (أو سَلَّة)؟ ثم هل بقيت أسماك بعد الأكل أو لم يتبقّ إلا الخبز فقط؟ وماذا كان مصير ذلك الخبز؟ هل تركوه وراءهم على أساس أن المسيح موجود فى كل حين يستطيع أن يتكفل لهم بالطعام والشراب دون تعب منهم أو مشقة؟ أم هل تقاسموه بينهم تحسّبا للمفاجآت؟ على كل حال نترك القارئ مع الروايات المختلفة للحكاية:
متى: "13فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ فِي سَفِينَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِداً. فَسَمِعَ الْجُمُوعُ وَتَبِعُوهُ مُشَاةً مِنَ الْمُدُنِ.14فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعاً كَثِيراً فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. 15وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَاما . 16فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا . 17فَقَالُوا لَهُ: لَيْسَ عِنْدَنَا هَهُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَان . 18فَقَالَ: ائْتُونِي بِهَا إِلَى هُنَا . 19فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ . ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً. 21وَ?لآكِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ ، مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ".
مرقس: "8(إلى9 :1) 1فِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ الْجَمْعُ كَثِيراً جِدّاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمْ: 2((إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. 3وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ ، لأَنَّ قَوْماً مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ بَعِيد.((مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هَؤُلاَءِ خُبْزاً هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟ 5فَسَأَلَهُمْ: كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟ فَقَالُوا: سَبْعَةٌ . 6فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا ، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هَذِهِ أَيْضاً. 8فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا . ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَلٍ. 9وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ. 10وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ.11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ.12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً!. 4((مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هَؤُلاَءِ خُبْزاً هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟ 5فَسَأَلَهُمْ: كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟ فَقَالُوا: سَبْعَةٌ . 6فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا ، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هَذِهِ أَيْضاً. 8فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا . ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَلٍ. 9وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ. 10وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ.11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ.12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً"!
يوحنا: "61 بَعْدَ هَذَا مَضَى يَسُوعُ إِلَى عَبْرِ بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَهُوَ بَحْرُ طَبَرِيَّةَ. 2وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لأَنَّهُمْ أَبْصَرُوا آيَاتِهِ الَّتِي كَانَ يَصْنَعُهَا فِي الْمَرْضَى. 3فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى جَبَلٍ وَجَلَسَ هُنَاكَ مَعَ تلاَمِيذِهِ. 4 وَكَانَ الْفِصْحُ، عِيدُ الْيَهُودِ، قَرِيباً. 5 فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعاً كَثِيراً مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزاً لِيَأْكُلَ هَؤُلاَءِ؟ 6 وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. 7أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئاً يَسِيرا . 8 قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تلاَمِيذِهِ، وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ: 9 هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلَكِنْ مَا هَذَا لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ؟ 10فَقَالَ يَسُوعُ: اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُون . وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ. 11 وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التّلاَمِيذِ، وَالتّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذَلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا. 12 فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتلاَمِيذِهِ: اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَي ْء . 13 فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ. 14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ! 15 وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً، انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ".
لوقا: "10وَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ أَخْبَرُوهُ بِجَمِيعِ مَا فَعَلُوا ، فَأَخَذَهُمْ وَانْصَرَفَ مُنْفَرِداً إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ لِمَدِينَةٍ تُسَمَّى بَيْتَ صَيْدَا. 11فَالْجُمُوعُ إِذْ عَلِمُوا تَبِعُوهُ ، فَقَبِلَهُمْ وَكَلَّمَهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ ، وَالْمُحْتَاجُونَ إِلَى الشِّفَاءِ شَفَاهُمْ. 12فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً ، لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعٍ خَلاَء . 13فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا. فَقَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ ، إِلاَّ أَنْ نَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَاماً لِهَذَا الشَّعْبِ كُلِّه. 14لأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ. فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: أَتْكِئُوهُمْ فِرَقاً خَمْسِينَ خَمْسِين . 15فَفَعَلُوا هَكَذَا، وَأَتْكَأُوا الْجَمِيعَ. 16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ. 17فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعاً. ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً".
ونفس الاضطراب نجده فى أسماء الرسل الاثنى عشر الذين يقال إن عيسى بن مريم عليه السلام أرسلهم للتبشير بملكوت السماوات بين بنى إسرائيل، فهناك روايتان تذكران تداوس، وهناك رواية تذكر بدلا منه يهوذا أخا يعقوب (يعقوب من؟ لا ندرى لأن لدينا يعقوبين لا يعقوبا واحدا). وبطبيعة الحال لا نستطيع أن نعرف أىٌّ هى الصحيحة، إن كانت هناك رواية صحيحة أصلا، فكل شىء فى الأناجيل مُشْكِل إلا القليل. ويقول محررو "تفسير الكتاب المقدس" إن يهوذا وتداوس قد يكونان شخصا واحدا (5/ 107)، وهو توجيه سخيف وكلام فارغ يبدو أن صاحبه قد كتبه وهو سكران، وإلا أفلا يعرف أن تداوس لم يُذْكَر أنه أخ ليعقوب (سواء كان يعقوب بن حلفى أو يعقوب بن زبدى) على عكس ما قيل عن يهوذا ذاك وعن غيره؟ فضلا عن أن تداوس كان له اسم آخر هو لباوس، فلا يعقل أن يكون له ثلاثة أسماء، وإلا كانت الحكاية سِيبَة! المهم أن هؤلاء الشراح واعون بهذه الكارثة، وإن حاولوا بخفة واستهتار أن يقدموا لها حلا مضحكا لا يقنع الطفل الصعير! وإلى القارئ الكريم لائحة التلاميذ الاثنى عشر كما وردت فى الأناجيل الثلاثة:
متى (الفصل العاشر): "101ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا ، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ. 2وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاِثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هَذِهِ: الأَََوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي ، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. 3فِيلُبُّسُ ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا ، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى ، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. 4سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. 5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا ، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ".
مرقس (الفصل الثالث): "13ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. 14 وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلْيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، 15وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ. 16وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ. 17 وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ . 18 وَأَنْدَرَاوُسَ ، وَفِيلُبُّسَ ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ ، وَمَتَّى وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ، 19وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ".
لوقا (الفصلان السادس والتاسع): "12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.13وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضاً رُسُلا : 14سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضاً بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. 15مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. 16يَهُوذَاأَخَا يَعْقُوبَ ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّماً أَيْضاً... 91دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ ، وَأَعْطَاهُمْ قُوَّةً وَسُلْطَاناً عَلَى جَمِيعِ الشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ أَمْرَاضٍ، 2وَأَرْسَلَهُمْ لِيَكْرِزُوا بِمَلَكُوتِ اللهِ وَيَشْفُوا الْمَرْضَى. 3وَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَحْمِلُوا شَيْئاً لِلطَّرِيقِ : لاَ عَصاً وَلاَ مِزْوَداً وَلاَ خُبْزاً وَلاَ فِضَّةً ، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ. 4وَأَيَُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَهُنَاكَ أَقِيمُوا ، وَمِنْ هُنَاكَ اخْرُجُوا. 5وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ ، وَانْفُضُوا الْغُبَارَ أَيْضاً عَنْ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِم . 6فَلَمَّا خَرَجُوا كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ يُبَشِّرُونَ وَيَشْفُونَ فِي كُلِّ مَوْضِع ".
ولقد قرأنا فى ذيل قائمة متّى الخاصة بأسماء الحواريين ما قاله المسيح لهؤلاء التلاميذ، وهذا نصه مرة أخرى من باب التذكرة: "5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ"، وهو ما يدل أيضا على أن رسالته إنما هى لبنى إسرائيل وحدهم كما قال هو نفسه أكثر من مرة حسبما رأينا من قبل، ومن ثم فهو لم يأت للتكفير عن الخطيئة الأولى للبشرية جمعاء عكس ما يقال! وهذه مشكلة كبيرة لا أدرى كيف يمكن التغلب عليها! ومع ذلك فلسوف ينطلق هؤلاء التلاميذ فيمضون إلى الأمم ويتركون بنى إسرائيل، فمن أذن لهم بهذا بعد كل النهى الذى نهاهموه ربهم (كما يقولون عنه، أستغفر الله العظيم من كل ذنب وكفر، أو نبيهم كما نقول نحن)؟ هذه مشكلة أو بالحَرَى: كارثة أخرى! استر يا ستار! ليس ذلك فقط، بل إن المسيح نفسه قد قام بشفاء ابنة امرأة سامرية، وكان من نتيجة هذا أن آمن به، عليه السلام، كثير من السامريين ودَعَوْه إلى بيوتهم فاستجاب لهم وعاش بينهم يومين كاملين، وكان تعليقهم على ذلك أن "هذا هو بالحقيقة المسيح مخلّص العالم"، أى ليس مخلص بنى إسرائيل وحدهم: "39فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْت. 40فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ، فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ.41فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدّاً بِسَبَبِ كلاَمِهِ. 42وَقَالُوا لِلْمَرْأَةِ: إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَم" (يوحنا/ ف 4). كما أنه استجاب لامرأة كنعانية وشفى لها بنتها، وإن كانت قد أُذِلّت أولا إذلالا كثيرا قبل أن يستجيب لها، وبالمثل نزل على رجاء أحد الضباط الرومان وشفى له غلامه رغم أنه أعلن مرارا أنه لم يرسل إلا لخراف بنى إسرائيل!
آه، لكنك يا حضرة الكاتب (الذى هو أنا) قد نَسِيتَ فيما يبدو أن المسيح نفسه قد عاد فى كلامه (ومن منا لا يعود؟ فلا تكن إذن حنبليا هكذا!) فأَمَرَهم أَمْرًا أن يذهبوا إلى الأمم الأخرى من غير بنى إسرائيل ويدعوهم بدعوته. أما تعليقى على هذا (أنا حضرة الكاتب) فهو أن ذلك حدث بعد أن مات المسيح (حسب كلامهم) ثم قام من القبر (أيضا بناء على كلامهم)، والمعروف أنه بعد العيد لا يُفَتَّل كعك! فليس من المعقول أن تنتهى حياته عليه السلام على الأرض ولا يتذكر مثل هذا التشريع إلا بعد أن يتم الصلب والقتل ولم تعد تربطه بالأرض رابطة. أما لو أصررتم على أن هذا تشريع صحيح، فعليكم أن تقرّوا أن هذا هو النسخ بعينه، وهو ما تشنِّعون به على الإسلام كيدًا رخيصًا مضحكًا. لكنه يظل مع ذلك نسخا غريبا غير مقنع، إذ إن الموضوع الذى بين أيدينا لا يقبل بطبيعته الدخول فى ميدان النسخ، فالمفروض أن المسيح عليه السلام إنما جاء منذ البداية خِصِّيصًا بغرض التكفير عن البشرية كلها لا عن بنى إسرائيل وحدهم، وهذه ليست مسألة تشريعية يُرَاعَى فيها التدرج والنسخ من ثَمَّ. ولقد جاء فى "إنجيل الولادة" (The Gospel of The Nativity of Mary) ما نصه من كلام الملاك الذى أتى ليوسف النجار فى المنام حينما لاحظ أن مريم خطيبته حامل وشرع الشك والقلق ينهشان قلبه: "For she alone of all virgins shall bring forth the Son of God, and thou shalt call His name Jesus, that is, Saviour; for He shall save His people from their sins. "، وهو ما يعنى بصريح العبارة أن الخلاص الذى أتى به المسيح إنما هو لبنى إسرائيل فحسب، ولا يتعداهم إلى ما وراءهم من أمم العالم. وبالمناسبة فقد نسخ المسيح أشياء أخرى من شريعة موسى رغم أنه كان قد وعد ألا يغير منها شيئا، ثم جاء بطرس وبولس فجاءا بدُرَفها، والحمد لله الذى لا يحمد على المجىء بالدُّرَف سواه! وهذا هو النص الذى أورده مرقس وحده مناقضًا به بقية مؤلفى الأناجيل الأربعة:
"14أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15وَقَالَ لَهُمُ:«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ».19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَة"ِ.
وبالنسبة لما قام به عيسى بن مريم من معجزات شاعت واستفاض ذِكْرها وما قاله هيرودس تعليقا على هذا نجد أن لدينا فى القصص المسماة بالأناجيل أكثر من رواية، وبعض ما جاء فى هذه الروايات واحد، وبعضه مختلف أو متناقض. وهذه هى الروايات ليقرأها القارئ بنفسه ويحكم لنفسه:
متى (الفصل الرابع عشر): "14 1 فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ، 2فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ ! وَلِذَلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّات . 3 فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، 4لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَك . 5وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسَطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ: أَعْطِنِي هَهُنَا عَلَى طَبَقٍ رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان . 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَقٍ وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا.12فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ".
مرقس (الفصل السادس): "14فَسَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ، لأَنَّ اسْمَهُ صَارَ مَشْهُوراً. وَقَالَ: إِنَّ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانَ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ وَلِذَلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّات . 15قَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ إِيلِيَّا . وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاءِ . 16وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ قَالَ: هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ! 17لأَنَّ هِيرُودُسَ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَ وَأَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، إِذْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا. 18لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لِهِيرُودُسَ: لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ)) 19 فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ، 20لأَنَّ هِيرُودُسَ كَانَ يَهَابُ يُوحَنَّا عَالِماً أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقِدِّيسٌ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ. وَإِذْ سَمِعَهُ، فَعَلَ كَثِيراً ، وَسَمِعَهُ بِسُرُورٍ. 21وَإِذْ كَانَ يَوْمٌ مُوافِقٌ، لَمَّا صَنَعَ هِيرُودُسُ فِي مَوْلِدِهِ عَشَاءً لِعُظَمَائِهِ وَقُوَّادِ الأُلُوفِ وَوُجُوهِ الْجَلِيلِ ، 22دَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا وَرَقَصَتْ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: مَهْمَا أَرَدْتِ اطْلُبِي مِنِّي فَأُعْطِيَك . 23وَأَقْسَمَ لَهَا أَنْ مَهْمَا طَلَبْتِ مِنِّي لأُعْطِيَنَّكِ حَتَّى نِصْفَ مَمْلَكَتِي . 24فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ لأُمِّهَا: مَاذَا أَطْلُبُ؟ فَقَالَتْ: رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان . 25فَدَخَلَتْ لِلْوَقْتِ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْمَلِكِ وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَنِي حَالاً رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ عَلَى طَبَقٍ . 26فَحَزِنَ الْمَلِكُ جِدّاً. وَلأَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرُدَّهَا. 27فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ سَيَّافاً وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِرَأْسِهِ. 28فَمَضَى وَقَطَعَ رَأْسَهُ فِي السِّجْنِ. وَأَتَى بِرَأْسِهِ عَلَى طَبَقٍ وَأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّةِ، وَالصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لأُمِّهَا. 29وَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ، جَاءُوا وَرَفَعُوا جُثَّتَهُ وَوَضَعُوهَا فِي قَبْرٍ".
لوقا (الفصل التاسع): " 7فَسَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْهُ ، وَارْتَابَ ، لأَنَّ قَوْماً كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ يُوحَنَّا قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَات . 8وَقَوْماً: إِنَّ إِيلِيَّا ظَهَر . وَآخَرِينَ: إِنَّ نَبِيّاً مِنَ الْقُدَمَاءِ قَام . 9فَقَالَ هِيرُودُسُ: يُوحَنَّا أَنَا قَطَعْتُ رَأْسَهُ. فَمَنْ هُوَ هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْهُ مِثْلَ هَذَا؟ وَكَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرَاهُ".
ففى الراويتين الأُولَيَيْن نسمع هيرودس نفسه يقول: "هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ!"، ومعنى ذلك أنه كان مطمئنا إلى أن المسيح هو يوحنا، الذى كان هو ذاته قد قتله: قام من القبر وعاد للحياة كرة ثانية. ومع ذلك ففى رواية لوقا نجد كلاما آخر. إنه غير مطمئن إلى شىء، وليس هو الذى قال إن المسيح هو يوحنا قام من الأموات، بل غيره هو الذى قال ذلك، وهناك آخرون قالوا شيئا ثالثا. هذه واحدة، أما الثانية فقول إحدى الروايات إن هيرودس كان يؤمن أن يوحنا نبى، ولهذا لم يشأ فى البداية أن يقتله، أما فى الروايتين الأُخْرَيَيْن فتقولان إنه إنما تردد فى قتله فى البداية مراعاة لمشاعر الناس، إذ كانوا يؤمنون بنبوته، أما هو فلا. وهاتان مشكلتان كبيرتان تحتاجان إلى حل، لكن هذا الحل غير متوفر للأسف!
ولدى سؤال التلاميذ لمعلمهم عمن يكون الخائن الذى سيسلمه لأعدائه ليقتلوه (كبرت كلمة تخرج من أى فم يقول إن عيسى بن مريم قد قُتِل وصُلِب!) يجيب المسيح عليه السلام حسب رواية يوحنا (الفصل الثالث عشر) بأن الخائن هو الذى سيغمس لقمته معه فى نفس الطبق: "26أَجَابَ يَسُوعُ: هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ! فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ. 27فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَة. 28وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْهَمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ لِمَاذَا كَلَّمَهُ بِه، 29لأَنَّ قَوْماً، إِذْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَعَ يَهُوذَا، ظَنُّوا أَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعِيدِ، أَوْ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئاً لِلْفُقَرَاءِ "، بخلاف ما جاء فى الفصل السادس عشر من متّى، الذى يقول: "20وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 21وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ قَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي . 22فَحَزِنُوا جِدّاً ،وَابْتَدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ: هَلْ أَنَا هُوَ يَا رَبُّ؟ 23فَأَجَابَ وَقَالَ : الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي! 24إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ ،وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ! . 25فَسَأَلَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ وَقَالَ : هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟ قَالَ لَهُ: أَنْتَ قُلْت"، وهو نفسه ما قاله مرقس (الفصل الثانى عشر): "18وَفِيمَا هُمْ مُتَّكِئُونَ يَأْكُلُونَ قَالَ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي. اَلآكِلُ مَعِي! 19فَابْتَدَأُوا يَحْزَنُونَ، وَيَقُولُونَ لَهُ وَاحِداً فَوَاحِداً: هَلْ أَنَا؟ وَآخَرُ: هَلْ أَنَا؟ 20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: هُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يَغْمِسُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ. 21إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!". أما رواية لوقا (الفصل الثانى والعشرون) فتقول شيئا مختلفا عن هذا وذاك جميعا: "17ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْساً وَشَكَرَ وَقَالَ: خُذُوا هَذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ ، 18لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ الله . 19وَأَخَذَ خُبْزاً وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: هَذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هَذَا لِذِكْرِي . 20وَكَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضاً بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: هَذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. 21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ ، وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ! . 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟". فأى هذه الروايات الثلاث هى التى ينبغى أن نصدّق إن كان لنا أن نصدق؟ نحن المسلمين بطبيعة الحال لا نصدق البتة شيئا من هذا، لكننا نحب أن نلفت النظر إلى الاضطراب والتناقض فيما يقوله مؤلفو الأناجيل!
وحينما دنت ساعة الموت (حسبما تقول الأناجيل) نقرأ عند متّى (ف 26) ومرقس (ف 14) أنه، صلى الله عليه وسلم، كان حزينا مكتئبا، وكان يصلى ويلحّ فى الدعاء أن يجنبه الله شرب تلك الكأس المرة، ثم لما جاء رجالُ الشرطة وخَدَمُ رؤساء الكهنة ليقبضوا عليه فرّ عنه التلاميذ هاربين، وإن انفرد متّى بأنه عليه السلام عندما قبّله يهوذا قبلة الخيانة كان تعليقه: "يا صاحبى، لماذا جئت؟"، مثلما انفرد مرقس بأن الشرطة قد حاولت القبض على أحد الشبان الذين تبعوه وأمسكته من إزاره فخلعه عن نفسه وتركه لهم وجرى عريانا. أما فى لوقا (ف 22) فليس فيها شىء عن فرار التلاميذ ولا عن الشاب الذى هرب عريانا، كما أن العبارة التى قالها المسيح ليهوذا تختلف عما سمعناه فى رواية متى، إذ قال له هنا: " أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟ "، بل إن لوقا لم يذكر هل قبّله يهوذا فعلا أو لا، إذ الموجود عنده هو: "فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا يَهُوذَا ، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟"، على حين أن يوحنا (ف 18) لا يعرف شيئا عن حكاية القبلة هذه التى ضُرِب بها المثل، بل كل ما هنالك أن يوحنا كان واقفا معهم، فضلا عن أن وقائع القبض على المسيح تختلف عما فى الروايات الأخرى اختلافا شديدا، فتلك الروايات تتحدث عن قوله مقرّعا القادمين للقبض عليه: "أعَلَى لصٍّ خرجتم؟" ثم تقدُّمهم وإلقائهم القبض آنذاك عليه، أما هنا فإنه ما إن يقول: "أنا هو"، حتى نفاجأ بهم يتراجعون للخلف ويسقطون على ظهورهم. أما التلاميذ فلم يفرّوا بل هو الذى طلب من المهاجمين أن يَدَعوهم ينصرفون بسلام. وهذه كلها مصائب متلتلة كان الله فى عون من يحاول أن يداوى شروخها التى تنذر بسقوط البناء كله!
فإذا تحولنا إلى مشهد المحاكمة راعنا أيضا الاختلاف بين الروايات: فرواية تقول إن عيسى، لما سئل: "هل قلت إنك المسيح ابن الله؟"، قد أجاب: "أنا هو"، ورواية تقول إنه اكتفى بعبارة : "أنت قلت"، وثالثة لا يجيب بنعم أو لا، بل نسمعه يقول: "إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي" . كما أن بعض الروايات تتحدث عن أن الضرب واللطم ابتدأ بعد أن تمت إدانته، وبعضها يذكر ذلك منذ البداية، ورواية تذكر الجَلْد، وبقية الروايات لا تذكر هذا، ورواية لا تذكر من كل ذلك سوى أن أحد الخدم صفع عيسى عليه السلام على وجهه قرب نهاية المحكمة على ما عَدَّه جرأة منه فى مخاطبة رئيس الكهنة. أما يوحنا فقد سكت فلم يورد طبيعة السؤال الذى سُئِلَه عيسى عليه السلام، وكل ما هناك أنهم سألوه عن الأمور التى كان يدعو بها، وأنه قد أجاب بأنه إنما كان يدعو بما عنده علانية لا فى الخفاء، فليسألوا إذن أولئك الذين كان يعلمهم، فعندهم الجواب:
متى (ف 26): " 7وَالَّذِينَ أَمْسَكُوا يَسُوعَ مَضَوْا بِهِ إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ ،حَيْثُ اجْتَمَعَ الْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ. 58وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ ،فَدَخَلَ إِلَى دَاخِلٍ وَجَلَسَ بَيْنَ الْخُدَّامِ لِيَنْظُرَ النِّهَايَةَ. 59وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، 60فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ ،لَمْ يَجِدُوا. وَلَكِنْ أَخِيراً تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ 61وَقَالاَ: هَذَا قَالَ : إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللَّهِ ،وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيه . 62فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هَذَانِ عَلَيْكَ؟ 63وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتاً. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ : أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟ 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ ،وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاء . 65فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً: قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! 66مَاذَا تَرَوْنَ؟ فَأَجَابُوا وَقَالوُا: إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْت . 67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68قَائِلِينَ: تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ مَنْ ضَرَبَكَ؟" .
مرقس (ف 65): "53فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. 54وَكَانَ بُطْرُسُ قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَكَانَ جَالِساً بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ. 55وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ، وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا 56لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُوراً، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. 57ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُوراً قَائِلِينَ: 58 نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هَذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَاد . 59وَلاَ بِهَذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. 60فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قَائلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هَؤُلاَءِ عَلَيْكَ؟ 61أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتاً وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً وَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ 62فَقَالَ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِياً فِي سَحَابِ السَّمَاءِ . 63فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ 64قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟ فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: تَنَبَّأ . وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ".

لوقا (ف 22): "63وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِليِنَ : تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟ 65وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.66وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67قَائِلِينَ: إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ ، فَقُلْ لَنَا! . فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ الله . 70فَقَالَ الْجَمِيعُ: أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟ فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُو . 71فَقَالُوا: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِه" .
يوحنا (18): "19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا .22وَلَمَّا قَالَ هَذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفاً ، قَائِلاً: أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟ 23أَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟ 24وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقاً إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ".
فإذا بلغنا ندم يهوذا على ما ارتكب من غدر وخيانة ألفينا أمامنا هاتين الروايتبن: فالأولى، وهى موجودة لدى كتاب الأناجيل، تقول إنه ذهب فردَّ الثلاثين فضة التى كان قد أخذها من الكهنة لقاء خيانته وغدره بمعلمه، ثم ثنّى بشنق نفسه: "27 1 وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْبِ عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ ،2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي. 3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ ،نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئا . فَقَالُوا: مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ! 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ،ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَم . 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. 8لِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ حَقْلَ الدَّم إِلَى هَذَا الْيَوْمِ" (متى/ 27، وبقية الأناجيل تنحو نفس المنحى)، أما الرواية الثانية فنعثر عليها فى "أعمال الرسل"، وفيها أنه قد انشق بطنه فى الحقل ولم ينتحر: ""18فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. 19وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ حَتَّى دُعِيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقْلَ دَمَا» (أَيْ: حَقْلَ دَمٍ). 20لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَاباً وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آَخَرُ" (أعمال الرسل/ 1/ 18- 19). والآن أترك القارئ يحاول أن يزيل هذا التناقض براحته! المهم أنى قلت ما عندى، والسلام!
والآن إلى محاكمة بيلاطس للمسيح عليه السلام حسبما كتب مؤلفو الأناجيل. ولسوف نورد النصوص أولا ثم نثنِّى بتحليلها ومقارنة بعضها ببعض لنرى مدى اتساقها أو اختلافها أو تناقضها، وها هى ذى النصوص المذكورة:
متى (ف 27): "11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قَائِلاً : أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُول . 12وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟ 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ،حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدّاً.15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَاداً فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيراً وَاحِداً،مَنْ أَرَادُوهُ. 16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 19وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ ،لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِه . 20وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ : مَنْ مِنْ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ فَقَالُوا: بَارَابَاسَ! . 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: لِيُصْلَبْ! 23فَقَالَ الْوَالِي: وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: لِيُصْلَبْ! 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ ،أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ ! . 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَقَالوُا : دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا . 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ ،وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ. 27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً، 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ ،وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ ،وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ ،نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ".
مرقس ( ف 15- 16):"15 1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَألَه بِيلاَطُسُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَقُول . 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قائِلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً، مَنْ طَلَبُوهُ. 7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. 8فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِماً يَفْعَلُ لَهُمْ. 9فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ . 10لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 11فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ. 12فَأَجابَ بيِلاطُس ُأيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ 13فَصَرَخُوا أَيْضاً: اصْلِبْهُ! 14فقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ فَازْدَادُوا جِدّاً صُرَاخاً: اصْلِبْهُ! 15فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ َنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ. 16فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ.17وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، 18وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! 19وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. 20وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. 21فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ".
لوقا (ف 15- 16): "15 1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَألَه بِيلاَطُسُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَقُول . 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قائِلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً، مَنْ طَلَبُوهُ. 7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. 8فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِماً يَفْعَلُ لَهُمْ. 9فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ . 10لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 11فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ. 12فَأَجابَ بيِلاطُس ُأيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ 13فَصَرَخُوا أَيْضاً: اصْلِبْهُ! 14فقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ فَازْدَادُوا جِدّاً صُرَاخاً: اصْلِبْهُ! 15فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ َنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ. 16فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ.17وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، 18وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! 19وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. 20وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. 21فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ".
يوحنا (ف 18- 19): "28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟ 30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرٍّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ! 31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُم . فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدا . 32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ.33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ 36أَجَابَ يَسُوعُ: مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا .37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي . 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: مَا هُوَ الْحَقُّ؟ . وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً. 39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ . 40فَصَرَخُوا أَيْضاً جَمِيعُهُمْ قَائِليِنَ: لَيْسَ هَذَا بَلْ بَارَابَاسَ! وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً. 191فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ. 2وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوانٍ، 3وَكَانُوا يَقُولُونَ: السّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! . وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ. 4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً خَارِجاً وَقَالَ لَهُمْ: هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَة . 5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجاً وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: هُوَذَا الإِنْسَانُ! . 6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِليِنَ: اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّة . 7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللَّه . 8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هَذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفاً. 9فَدَخَلَ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَاباً. 10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَاناً أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَاناً أَنْ أُطْلِقَكَ؟ 11أَجَابَ يَسُوعُ: لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذَلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَم . 12مِنْ هَذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ ، وَلَكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِليِنَ : إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكاً يُقَاوِمُ قَيْصَرَ! .13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هَذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْبَلاَط وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ جَبَّاثَا . 14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: هُوَذَا مَلِكُكُمْ! . 15فَصَرَخُوا: خُذْهُ! خُذْهُ ! اصْلِبْهُ! قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟ أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ! . 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ".
ومن خلال القراءة لنصوص الأناجيل فى هذه الواقعة يتبين لنا الآتى: أن ثمة تناقضا بين رواية يوحنا من جهة وروايات المؤلفين الثلاثة الآخرين من جهة أخرى، فعلى حين يتفق هؤلاء الثلاثة فى أن عيسى بن مريم لم يجب الوالى بأى شىء، اللهم سوى رده بكلمة "أنت قلت" على سؤاله: "أنت ملك اليهود؟"، نراه عليه السلام فى إنجيل يوحنا يناقش الوالى ويجادله ويشرح له موقفه وعقيدته وكيف أنه أتى إلى العالم من أجل مهمة محددة لولا هى لسارع إلى إنقاذه من سماهم: "خُدَّامِى". وها هما ذان النصان، وهما يدلان على أننا أمام روايتين لا يمكن التوفيق بينهما بحال مهما كان الموفِّق أكروباتيًّا عبقرىَّ الأكروباتيّة. وسوف أكتفى، من الروايات الثلاث المتفقة، برواية مرقس لأنها، فيما يخص كلام السيد المسيح فى رده على الوالى بيلاطس وصَمْته التام فيما عدا عبارة "أنت قلت"، لا تختلف عن الروايتين الأُخْرَيَيْن فى شىء، وهذه هى أولا: "15 1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَألَه بِيلاَطُسُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَقُول . 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قائِلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً، مَنْ طَلَبُوهُ"، ثم ها هى ذى رواية يوحنا: ""28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟ 30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرٍّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ! 31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُم. فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدا . 32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ.33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ 36أَجَابَ يَسُوعُ: مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا .37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي . 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: مَا هُوَ الْحَقُّ؟ . وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً. 39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟". ولست أحسب الأمر الآن إلا قد اتضح تماما بحيث لا يمكن أن يخطر فى ذهن عاقل، أو حتى مجنون، أن هناك شبهةَ إمكانيةٍ للتوفيق بين الحكايتين. لو أن الأمر اقتصر على أن بعض الروايات قد أَوْجَزَتْ، وبعضها الآخر قد فَصَّل لما كانت هناك مشكلة لأن هذا لا يكون بالضرورة تناقضا، أما أن تقول بعض الروايات إنه لم يردّ على أى سؤال وجهه له بيلاطس، وتقول رواية أخرى إنه أجاب على كل أسئلة الوالى، فمن المؤكد أن ثمة خللا كبيرا وشيئا فاسدا يحتاج إلى الشعور بالخجل من الزعم بأن هذه اللخبطات هى وحى إلهى.
كذلك هناك مشكلة باراباس: فهل كان لصا كما تقول بعض الروايات أم هل كان أحد المشاركين فى الفتنة وأعمال القتل طبقا لما ورد فى رواية أخرى؟ هذه أيضا مشكلة! وفوق هذا فلدينا فى رواية لوقا أن بيلاطس لم يحكم على السيد المسيح ابتداءً، بل انتهز معرفته، أثناء مداولاته مع اليهود، إلى أنه من الجليل فحوّله إلى هيرودس، الذى يقول لوقا إنه كان متشوقا لرؤية المسيح لعله يستطيع أن يصنع أمامه آية. أما فى الروايات الأخرى فقد حكم عليه بيلاطس منذ البداية دون الرجوع لهيرودس. فكيف نحل هذه أيضا؟ الواقع أَنْ ليس هناك ما يمكن الاستناد إليه فى التوفيق بين الروايات فى هذه النقطة بأى حال أو على أى وضع!
وفى روايات الصلب نجد ذات العجب: ففى بعض الروايات أن الذى حمل الصليب الخاص بصلِب المسيح رجل من القيروان (القيروان التى لم تُبْنَ إلا بعد ذلك بنحو ألف عام!) اسمه سمعان، أما عند يوحنا فالذى حمل صليب المسيح هو المسيح ذاته وليس شخصا آخر لا من القيروان ولا من الظهران ولا من أم درمان. ثم عندنا الرجلان اللذان صُلِبا معه: واحد عن يمينه، والآخر عن يساره، واللذان تقول بعض الروايات إنهما كانا يعيّرانه ويتهكمان عليه مع المتهكمين، على حين يقول يوحنا إن مصلوبا واحدا هو فقط الذى كان يسخر به، أما الآخر فكان يقرِّع زميله الساخر ويدافع عن عيسى عليه السلام، بل ويناديه: "يا ربى"، طالبًا منه أن يتذكره فى ملكوت السماوات، فيرد عليه المسيح مؤكدا له أنه سوف يكون معه فى الفردوس! والآن: أنت أيها القارئ من أى الشيعتين؟ عليك أن تضرب الودع كى تعرف الحقيقة وسط هذا الركام من الخيوط المتشابكة المعقدة، ثم تعال قابلنى!
أتعرف، أيها القارئ الكريم، أن كثيرا من الباحثين والعلماء الغربيين ينكرون وجود شخص اسمه عيسى، ويؤكدون أنه ليس سوى خرافة؟ وكل هذا بسبب تلك الروايات المضطربة التى تحير العقل وتستعصى على المنطق وتتناقض كذلك فيما بينها تناقضا لا يمكن القفز فوقه بأى حال! فإذا قلنا لهم إن كتابكم قد حُرِّف وأصابه عبث شديد شتموا سيد الأنبياء والمرسلين، ولا أدرى لماذا، مع أنه هو الوحيد الذى دافع عن المسيح وأمه، فضلا عن أن القرآن الذى نزل عليه من عند الله الواحد الأحد قد أسبغ على المسيح صفات البركة والحنان والبر والرحمة واحترام الأم وتبجيلها، نافيا عنه بذلك عار ما جاء فى الأناجيل مما يشينه شينا كبيرا، إذ يصوره كتبة تلك الأناجيل عصبيا جافيا خشنا شتاما عيابا متكبرا على المسحوقين ناظرا إليهم من عَلٍ متهما جميع الناس حتى حوارييه أنفسهم بقلة الإيمان لامزًا أمه عليها السلام هى وإخوته حين قال عنهم إنهم ليسوا أمه وإخوته، بل أمه وإخوته هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها، بما يعنى أنهم لم يكونوا كذلك! كما أنكر أشد الإنكار ما نُسِب إليه من أنه كان يدعو إلى الثالوث ويطلب من الناس اتخاذه إلها!
ثم مَنْ أولئك النسوة اللاتى كن واقفات على مقربة منه وشاهدنه يُصْلَب؟ هنا تختلف الروايات: فإحداها (وهى الرواية الموجودة فى الإنجيل الذى يحمل اسم يوحنا) تذكر مريمين معينتين هما أمه وخالته، أما الروايات الباقيات فلا تذكر أيا من هاتين المريمين، بل تذكر مريمين أخريين! وعجيب غريب غاية العجب والغرابة ألا يأتى ذكر الأم والخالة فى الروايات التى تدور فى هذا السياق تحت أى اعتبار! واضح أن هناك تخليطا بسبب اسم مريم. وثَمّ اختلاف آخر فى الأسماء يستطيع القارئ أن يدركه بنفسه دون مساعدة من أحد. وبالمثل فإن رواية يوحنا هى الرواية الوحيدة التى تتحدث عن توصية المسيح أحد تلاميذه أن يأخذ باله من أمه، على حين لم تقل أية رواية أخرى شيئا من هذا، ذلك أن مريم ليس لها وجود فى تلك الروايات كما لاحظنا. وبالمناسبة فقد كان المسيح لا يزال، حتى وهو على الصليب، جافا جافيا مع أمه لا يترك شكاسته معها، إذ بدلا من مناداته لها بــ"يا أمى الحبيبة" مثلا نجده يقول لها: "يا امرأة"! أيمكن أن يكون هذا هو عيسى الذى أثنى القرآن عليه وعلى بره بأمه؟ كذلك تختلف الروايات حول الكلمات التى قالها الضابط ومن معه حين شاهدوا الظلمة والزلازل وانشقاق حجاب الهيكل وبعثرة القبور وخروج الموتى منها إلى الدنيا عند صلب المسيح، فهل قال ذلك الضابط: "حقا كان هذا ابن الله"؟ أم هل كان ما قاله هو: "بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًّا"؟ لاحظ أنه لا سبيل للتوفيق بين العبارتين، فبينهما من التباعد فى المعنى والمغزى والاعتقاد مسافة تقدَّر بملايين السنين الضوئية!
كذلك هل قال عيسى بن مريم، حسبما تقول الأناجيل المؤلفة بأيدى البشر: "إِيلِي ،إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟"؟ أم هل كانت صيحته: "إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ (أى "يا إلهى، لماذا تركتنى؟")؟ أم هل قال: "يَا أَبَتَاهُ ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي"؟ أم هل كل ما قاله هو: "أنا عطشان"، وبعدما بَلَّ ريقه من إسفنجة الخل التى قُدِّمَتْ له قال: "قد أُكْمِِل"، ثم فارق الحياة؟ إن معنا هاهنا أربع روايات بأربع عبارات مختلفة، وليس من أمل فى التوفيق بينها، فى أمرٍ هو أهم الأحداث فى حياة المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى سيد النبيين والمرسلين أصدق الصلوات وأحسن التساليم، فهل يليق بل هل يصح هذا؟ أترك هذه الكارثة لك لتتأملها على أقل من مهلك يا عزيزى القارئ!
ثم خذ عندك أيضا حكاية الدفن: فهل الذى قام بالدفن هو يوسف الرامىّ وحده، أم هل كان معه نيقوديموس؟ هنا روايتان لا رواية واحدة. فهيا شمر عن ساعد التفكير والحيرة وحاول أن تحل ذلك اللغز أيضا بالمرة! ثم هل قام يوسف الرامىّ هذا بتطييب جسد المسيح قبل دفنه بمائة مَنٍّ من مزيج المر والعود، وكأنه كان سيطيب أجساد الموتى كلهم؟ أم هل اكتفى يا ترى بلفّه فى كتان، ثم ذهبت أمه فأعدت الأطياب، وإن لم تمكنها الفرصة لتطييبه بسبب قيامه قبل ذلك من الأموات حسبما كتب مؤلفو الأناجيل؟ وقبل ذلك كله هل الإله يحتاج إلى طيب، وهو خالق الطيب والعطور التى فى الدنيا كلها؟ بل لماذا يُطَيَّب أصلا؟ أترى الآلهة تُنْتِن؟ هنا أيضا مشكلة فى حاجة إلى نظرة من أم العواجز!
ولو تركنا وراء ظهورنا هذه المشكلة إلى أن يجد أحد لها حلا، وهذا مستحيل، وانتقلنا إلى موضوع آخر هو موضوع الحَجَر الذى زُحْزِح من فوق فوهة القبر المدفون فيه المسيح لوجدنا مشكلة أعقد، وكل ما فى تلك الديانة معقد تعقيدا لم تتعقده أية قضية أخرى: فهل كانت مريم أمه وخالته هما اللتين ذهبتا إلى القبر؟ أم هل كانت مريم المجدلية ومريم الأخرى؟ أم هل كانت المجدلية وحدها؟ وهل كان ذلك فى غلس الظلام؟ أم هل كان عند الفجر؟ أم هل كان بعد بزوغ الشمس؟ وهل دخلت مَنْ ذهبتْ هناك إلى القبر أو لم تدخله وانصرفت كما جاءت؟ وهل كان هناك ملاك واحد أو اثنان أو شابّ أو لم يكن هناك ملائكة ولا ناس بالمرة؟ وهل كل الذى قيل هو أن يسوع قام من الأموات وينتظر تلاميذه فى الجليل؟ أم هل قيل كلام أكثر من ذلك؟ وهل أتى بعض التلاميذ للقبر ليتأكدوا مما حدث أو لا؟ وهل لمست مريم المسيح كما جاء فى الرواية التى تقول إنها ورفيقتها أمسكتا بقدميه وسجدتا له؟ أم هل منعها عليه السلام من لمسه بذريعة أنه لم يصعد بعد إلى السماء، وكأنها بعد صعوده للسماء ستراه مرة أخرى وتلمسه كما تحب؟ والمضحك أنه بعد كل ما قاله لها عن "أبيه وأبيهم وإلهه وإلههم" نسمعها تقول إنها قد رأت "ربّها"! يعنى: على رأى سعد زغلول "ما فيش فايدة"! غطِّيه إذن يا صفيه والْطِمِى! وها هى ذى النصوص أضعها أمام القارئ ليقارن بينها ويتحقق من الأمر بنفسه:
متى (ف 27- 28): "62وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاِسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ 63قَائِلِينَ: يَا سَيِّدُ ،قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ ،لِئَلا يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ ،فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى! 65فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُون. 66فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ. 28 1 وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ.2وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ ،لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ ،وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ ،وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ: لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. 6لَيْسَ هُوَ هَهُنَا ،لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعاً فِيهِ. 7وَاذْهَبَا سَرِيعاً قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ : إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا . 8فَخَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ ،رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: سَلاَمٌ لَكُمَا . فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي".
مرقس (ف 16): "16 1وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطاً لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. 2وَبَاكِراً جِدّاً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ 4فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيماً جِدّاً. 5وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابّاً جَالِساً عَنِ الْيَمِينِ لاَبِساً حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. 6فَقَالَ لَهُنَّ: لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ هَهُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. 7لَكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُم . 8فَخَرَجْنَ سَرِيعاً وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئاً لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. 9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا".
لوقا (ف 24): "24 1ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ، أَوَّلَ الْفَجْرِ ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجاً عَنِ الْقَبْرِ، 3فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. 4وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذَلِكَ ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. 5وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ ، قَالاَ لَهُنَّ: لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ 6لَيْسَ هُوَ هَهُنَا ، لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ 7قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُوم . 8فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ، 9وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ. 10وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هَذَا لِلرُّسُلِ. 11فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ. 12فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ ، فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا ، فَمَضَى مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ".
يوحنا (ف 20): "20 1وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً، وَالظّلاَمُ بَاقٍ. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعاً عَنِ الْقَبْرِ. 2فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالَتْ لَهُمَا: أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! . 3فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ وَأَتَيَا إِلَى الْقَبْرِ. 4وَكَانَ الاِثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعاً. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، 5وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. 6ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، 7وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعاً مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفاً فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. 8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ، 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِهِمَا. 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ، 12فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً. 13فَقَالاَ لَهَا: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ قَالَتْ لَهُمَا: إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! . 14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟ فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُه . 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا مَرْيَم فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: رَبُّونِي! الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ. 17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُم . 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا".
ويتبقى لنا المشهد الأخير من قصة المسيح، وهو الخاص بظهوره لحوارييه بعد قيامه من الأموات على ما يقول القوم لا على ما نقول نحن. وسوف أورد أولاً ما قاله كل من مؤلفى الأناجيل ثم أعقب عليه بملاحظاتى تاركا كل قارئ يكوّن رأيه فيما بينه وبين نفسه:
متى (ف 28): "16وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذاً فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ ،حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ ،وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. 18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْر. آمِينَ". وهنا نلاحظ أن عيسى بن مريم عليه السلام قد قابل أحد عشر حواريا فقط لا غير، فعدد الحواريين قد نقص واحدا بعد سقوط يهوذا، الذى لا أدرى لماذا استُبْعِد، مع أنه كان ينبغى أن يكون أقربهم الآن إلى معلمه وأحظاهم لديه لو كانت الأمور هنا تسير على منطق العقل، إذ لولا أنه ساعد اليهود على القبض عليه وصلبه فكيف كانت الخطة الإلهية لغفران الذنوب البشرية المتلتلة تتم؟ ما علينا، المهم أنه قابل تلاميذه وأنهم سجدوا له، وإن كان بعضهم شك فيه، وأن عيسى أخبرهم أنه قد أخذ كل سلطان فى السماء والأرض، بما يعنى أن الآب قد تنازل له عن صلاحياته جميعا لأن المثل يقول: "إنْ كَبِرَ ابنُك خاوِه"، مع أن الأمر الآن ليس مخاواة، بل سلبا لجميع السطات من البابا وشطبه بأستيكة، ولكنهم لم يقولوا لنا هل كان ذلك بتدبير الماما أو لا. ويبدو أن هذه المنطقة مغرمة بسلب الأبناء الحكم من الآباء من زمان! فلننتقل الآن إلى السيد مرقس لنرى ماذا قال هو أيضا.
مرقس (ف 16): "9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا. 12وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاِثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ. 13وَذَهَبَ هَذَانِ وَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ فَلَمْ يُصَدِّقُوا وَلاَ هَذَيْنِ. 14أَخِيراً ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15وَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17وَهَذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئاً مُمِيتاً لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُون. 19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ. 20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ".
ومن الواضح أن الكلام هنا غيره هناك، فالحواريون هنا لم يسجدوا ولا صدّقوا، بل شكّوا كلهم، على عكس ما سمعناه من السيد متّى، الذى قال إن الشك كان من بعضهم فقط. كما أن المسيح هنا قد وبخهم للمرة اللاأدرى كم، وكأنه كان يتلذذ بتسفيههم وتحقير إيمانهم فى كل فرصة تسنح، وهو ما يدفعنا للقول بأنه إذا كان الحواريون أنفسهم قليلى الإيمان وقساة القلوب إلى هذا الحد، فكيف يكون حال المؤمنين العاديين؟ لا شك أن رأيه عليه الصلاة والسلام فيهم لا يسر عدوا ولا صديقا. لكننا لن نقف أمام هذه النقطة طويلا رغم خطورتها. وبالمثل فنحن هنا نسمع شيئا جديدا لم نسمعه هناك، فعيسى بن مريم يبشرهم أن كل مؤمن سيكون عنده المقدرة على شفاء جميع الأمراض، والتعرض للحيّات دون خوف عليه، وكذلك شرب السم دون أن يؤثر فيهم. حواة يعنى ورفاعية، وهذا النوع من البشر متوفر فى مصر، والواحد منهم (فيما أسمع) على استعداد لإخراج ما شئت من ثعابين من شقوق جدران بيتك! وكان منهم عم شاهين بياع الجاز (على العربية أم حصان) بالقرية فى طفولتنا، وكان يحمل معه دائما مخلاة فيها عدد من الثعابين يفتحها كلما خَفَّتْ أرجل الزبائن ويخرجها ويلعب بها أمامنا، وكنا ننظر له مبهورين، وكنت أنا بالذات أحسده (أو قل: "أغبطه" إذا كرهتَ كلمة "حسد")، وأتمنى أن أكون مثله، ولم أكن أعلم وقتها أنه يصنع ما يصنعه تلاميذ المعلم دون كرازةٍ ولا أَخْذِ سلطانٍ من الرب ولا دياولو، بل حاجة ع الماشى كده! وكلما تذكرت عم شاهين ومخلاته تلذعنى الحسرة على أننى لم أصبح مثله رغم أننى ألاعب الآن حيات البشر الذين يلدغون الضمائر ويقتلون العقول لو استطاعوا، وأثرّم لهم أسنانهم وأفرّج عليهم الأطفال والكبار على السواء وأجعل الذى لا يشترى يتفرج، وكله ببلاش لوجه الله تطلعا لما عند أبى وأبيكم السماوى، وطمعا فى تذوق ألوان النعيم فى ملكوت السماوات!
وهنا نتوقف وننتقل إلى ما كتب السيد لوقا (ف 24):"13وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً ، اسْمُهَا عِمْوَاس . 14وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ. 15وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. 16وَلَكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. 17فَقَالَ لَهُمَا: مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا ، الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟ 19فَقَالَ لَهُمَا: وَمَا هِيَ؟ فَقَالاَ: الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ ، الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. 21وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلَكِنْ ، مَعَ هَذَا كُلِّهِ ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذَلِكَ. 22بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ، 23وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. 24وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ ، فَوَجَدُوا هَكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْه . 25فَقَالَ لَهُمَا: أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ 26أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ 27ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.28ثُمَّ اقْتَرَبُوا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَيْهَا ، وَهُوَ تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. 29فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: امْكُثْ مَعَنَا ، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَار . فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. 30فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا ، أَخَذَ خُبْزاً وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا ، 31فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا، 32فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ: أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِباً فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟ 33فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ 34وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ! 35وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ. 36وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ ، وَقَالَ لَهُمْ: سَلاَمٌ لَكُمْ! 37فَجَزِعُوا وَخَافُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً. 38فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ 39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا ، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي . 40وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ ، وَمُتَعَجِّبُونَ ، قَالَ لَهُمْ: أَعِنْدَكُمْ هَهُنَا طَعَامٌ؟ 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.44وَقَالَ لَهُمْ: هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ : أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير . 45حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. 46وَقَالَ لَهُمْ: هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ ، وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ، 47وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. 48وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ. 49وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي . 50وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجاً إِلَى بَيْتِ عَنْيَا ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. 51وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. 52فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ ، 53وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ. آمِين"َ.
وفى هذا النص نقرأ أن الذى قابله أولا وأخبر التلاميذ بقيامه من الأموات هو هذان الرجلان لا مريم. هذه واحدة، والثانية أن هذين الرجلين وصفا عيسى، وعلى مسمع منه، بأنه" "إنسان نبى"! يسلم فمك يا رجل أنت وهو! إن هذا ما نقوله من الصبح، لكن القوم يشتمون رسولنا ويكتبون لنا فى محبة وتواضع رسائل من نوعية "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم! إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، واشتم النبى محمدا وقل فى نهاية الرسالة: من فلان المحب". حَبَّك بُرْص يا بعيد منك له له، بل حَبَّك ثعبان من النوع الأقرع الذى يشغل المسلمين فى هذا المنعطف التاريخى من حياتهم، المنعطف الذى سوف يشهد اندحار الإمبريالية العالمية على يد الحرامية ووعيهم بالكفاح "الطبقى": (نسبةً إلى "طبق" حرامى نجيب محفوظ الذى خطف "الطبق"! لا إلى "الطبقة" التى كثيرا ما أزعجَنا بها الشيوعيون الأوساخ الذين استداروا هذه الأيام وتوسخوا وساخة أمريكية بدل الوساخة السوفييتية!). أرجو من القراء ألا يأخذوا فى بالهم من هذا الكلام الذى لا معنى له والذى اضطرنى إليه هذا الفكر السقيم الذى لا معنى له أيضا، والذى علىّ برغم ذلك أن أتناوله كما أتناول أى موضوع جاد!
والثالثة أن المسيح يطلب منهما أن يجسّاه حتى يطمئنا إلى أنه هو المسيح، مع أنه سبق أنْ نهى أمه عن لمسه مجرد لمس بذريعة أنه لم يصعد بعد إلى أبيه الذى فى السماوات. طيب، فهو حتى الآن لم يصعد أيضا إلى أبيه الذى فى السماوات، فلماذا هذه التفرقة؟ يبدو أن هناك سرا يدفعه إلى معاملة والدته بهذه الطريقة الخشنة. فما هو يا ترى؟ والرابعة أنه رغم قوله لهم إنه لم يعد من لحم ودم نراه لا يجد طريقة يؤكد لهما من خلالها أنه هو المسيح إلا أن يناولاه بعض الطعام فيأكله، مع أن هذا الدليل هو فى نظرى آخر دليل يمكن أن يصلح هنا، إذ الروح لا تستطيع أن تأكل أكلنا ولا أن تشرب شرابنا. وهذا هو ما يعترضون به على جنة الإسلام رغم أن الإسلام لم يقل قط إن طعام الجنة أو شرابها أو نساءها ستكون كمثيلاتها فى الدنيا، بل ستكون شيئا آخر لا عين رأته من قبل ولا سمعت به أذن ولا خطر على قلب بشر. آه يا أبا الزيك الوغد أنت والسفلة تبعك! هذا هو المسيح يفضح نفاقكم، وفى كتابكم المقدس نفسه. ما رأيك أيها المشلوح، ذا الدبر المقروح؟ والخامسة أن السجود للمسيح إنما تم بعد صعوده للسماء وليس أول ما رأوه عند خروجه من القبر. ودعنا من مسألة التناقض، وإلا فلن ننتهى إلى الأبد! والسادسة أننا هنا أمام حدوتة مختلفة تماما، وهى حدوتة تليق بعشاق "ألف ليلة وليلة" وما فيها من خيال عجائبى خِصْب من النوع الذى يسمى هذه الأيام بــ"الواقعية السحرية"! والسابعة أنه أمرهم أن يَبْقَوْا فى أورشليم حتى يفيض الله عليهم نعمته ويعطيهم القدرة على التحكم فى الشياطين والمقدرة على شفاء الأمراض، وهذا عكس ما فعل مع التلاميذ فى رواية متى ومرقس. وبالمناسبة فمن الواضح أنه نسى أنه كان أعطاهم هذا السلطان من قبل فى حياته. ولكن معلهش، فزيادة الخير خيران، والتكرار يعلّم الشطار، وكذلك الحمار!
وهنا يأتى دور يوحنا (ف 20- 21)، فلنسع روايته هو أيضا: "19وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ ، وَقَالَ لَهُمْ: سلاَمٌ لَكُمْ! . 20وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. 21فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: سلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا . 22وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَت . 24أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. 25فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ! . فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِن .26وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: سلاَمٌ لَكُمْ! . 27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنا . 28أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُمْ: رَبِّي وَإِلَهِي! . 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ: لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا .30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ. 21 1بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضاً يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّد . قَالُوا لَهُ: نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضاً مَعَك . فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئاً. 4وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلَكِنَّ التَّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. 5فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟ . أَجَابُوهُ: لاَ! 6فَقَالَ لَهُمْ: أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا . فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. 7فَقَالَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: هُوَ الرَّبُّ! . فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَاناً، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. 8وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بِالسَّفِينَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. 9فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْراً مَوْضُوعاً وَسَمَكاً مَوْضُوعاً عَلَيْهِ وَخُبْزاً. 10قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآن .11فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكاً كَبِيراً ، مِئَةً وَثلاَثاً وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هَذِهِ الْكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. 12قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلُمُّوا تَغَدَّوْا! . وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ. 13ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذَلِكَ السَّمَكَ. 14هَذِهِ مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ ظَهَرَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ بَعْدَمَا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. 15فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّك . قَالَ لَهُ: ارْعَ خِرَافِي . 16قَالَ لَهُ أَيْضاً ثَانِيَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّك . قَالَ لَهُ: ارْعَ غَنَمِي . 17قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّك . قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ارْعَ غَنَمِي. 18اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلَكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاء . 19قَالَ هَذَا مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يُمَجِّدَ اللَّهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هَذَا قَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي . 20فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضاً الَّذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ الْعَشَاءِ، وَقَالَ: يَا سَيِّدُ ، مَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُكَ؟ 21فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هَذَا ، قَالَ لِيَسُوعَ: يَا رَبُّ، وَهَذَا مَا لَهُ؟ 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ!. 23فَذَاعَ هَذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذَلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَسُوعُ إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ ، فَمَاذَا لَكَ؟ .24هَذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهَذَا وَكَتَبَ هَذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ.25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ".
ونحن هنا مع حدوتة أخرى، ولم لا، والتسلية لا تضر، وبخاصة هذه الأيام التى رَبَّتْ فيها أمريكا لنا الرعب، ويشاركها فى ذلك إخواننا البعداء الذين يهددوننا بها، وفى ذات الوقت يشنّفون أسماعنا بــ"أحب أعداءك! بارك لاعنيك! أما مع الرسول الكريم فكن قليل الأدب سافلا سفيها، وخنزيرا قذرا، وتطاولْ على سيد البشر والأنبياء والرسل أجمعين، وتَلَوَّ من الحقد والبغضاء التى تأكل كبدك وقلبك، ودبرك فوق البيعة، يا أبا الزِّيك، يا ذا الدبر الهَتِيك"؟ فها هو ذا المسيح يأتى بنفسه دون سابق إنذار فيقف بين التلاميذ ويعرّفهم بنفسه. والثالثة أن المسيح قد أخذ يد توما وجعله يَجُسّ يده وجنبه حتى يطمئن ويؤمن، ثم لم يتركه دون أن يغمزه غمزة من إياها فينعته بضعف الإيمان كالعادة!
هذه بعض الملاحظات التى عَنَّتْ لنا بعد تفحصنا للأناجيل الأربعة، وهذه الأناجيل (كما ينبغى أن نعرف) ليست هى الإنجيل الذى أنزله الله على المسيح والذى جاء فى بعض هذه الكتب التى بين أيدينا أنه عليه السلام كان يبشّر به، بل هى مجرد تآليف بشرية لا يضبطها فى معظم الأحيان من العقل ضابط، ولا يربطها بالمنطق رابط! وبعد فإننا لم نكتب هذا الكلام لنعتدى به على أحد، فقد كنا وما زلنا نعيش فى مصرنا العزيزة سويا فى مودة ويحترم كل من الطرفين اعتقاد الآخر رغم مخالفته إياه فيه، ولم يحدث ولا يمكن أن يحدث أن يفكر أى مسلم مجرد تفكير فى الإساءة للسيد المسيح ولا لوالدته ولا لحوارييه، بيد أننا فوجئنا بجماعة من السفلة المجرمين الذين يعيشون فى الخارج يتصورون أن ضعف حكومات المسلمين الحالى يخوّل لهم التباذؤ على رسول الله وصحابته وزوجاته ويشتموا ويسبّوا على هواهم محتمين وراء ماما أمريكا، ونَسُوا الحكمة القائلة بأنه إذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف الجبال الشُّمّ الرواسى بالحجارة كما يفعل الأطفال الأغرار، فاضطرونا أن نفضح زيفهم ونرد على قلة أدبهم، لكن دون المساس بنبى الله عيسى وأمه الطاهرة البتول وصحابته الكرام ودون أن نقلب ظهر المجنّ لإخواننا وجيراننا فى الوطن الذين لا يشاركون هؤلاء السبّابين فى شىء مما يجترحونه فى حق الرسول العظيم. وكل عام والجميع، بمناسبة عيد الميلاد المجيد وعيد الأضحى المبارك، بخير ومودة وتعاون من أجل صالح الوطن الذى يسع من "الحبايب" لا ألفا بل مليارا بمشيئة الله إذا صحت العزائم وصلحت النيات وساد الحب، أو على الأقل: المجاملة، وانصرف كل إلى أداء واجبه وجوّد عمله وأتقنه وتنافسنا جميعا فى الخيرات كما أمرنا القرآن الكريم. أقول هذا تعقيبا على رسالة الأستاذ الذى أشرت إليه فى أول المقال وذكرت ثناءه على الإسلام، وأقوله من أعماق قلبى، وشاهدى عليه أننى على يقين من أن أحدا من إخوان الوطن لا يمكنه أن يتذكر وقوع إساءةٍ منى إليه أو افتئاتٍ على حقه: طالبا كان أو زميلا أو صديقا أو جارا أو بائعا، بل لا يمكنه أن يتذكر أننى فتحت معه ولا مع غيره فى أى يوم من الأيام نقاشًا حول اختلاف دِينَيْنَا. لكن هذا شىء، والسكوت على الإساءات الجلفة إلى سيدنا رسول الله شىء آخر لا علاقة له بالمجاملات المطلوبة بين المعارف والجيران والأصدقاء. ولا أظن أن فى هذا الكلام شيئا يمكن أن يعاب على أحد، أما إذا كنت مخطئا فليسامحنى الله سبحانه وتعالى، وهو المسامح الكريم!






















.








Home

غير معرف يقول...

إنتحار سحلية

بقلم / محمود القاعود

621ima

كنت فيما مضى اسأل نفسى كثيراً : أى إنسان عاقل يقبل أن يتجسد الله خالق الكون فى جسد مادى والعياذ بالله !؟
أى إنسان عاقل يقبل أن ينتحر خالق الكون والعياذ بالله !؟
ولكنى الآن امتنعت أن أسأل نفسى شيئاً كهذا ! فقد عرفت الجواب .
يقول القمص " مكارى يونان " رئيس كنيسة محرم بك بالاسكندرية ، فى تسجيل فيديو ( صوت وصورة ) :
(( وعشان يتفهم الإنجيل أو يتفسر الإنجيل لابد بالروح القدس ، اللى يفهم الإنجيل يكون روحانى واللى يفسر الإنجيل يكون روحانى .. تيجى إزاى دية ؟ وهل كل واحد بيعمل فيه الروح القدس ؟ لا .. فالإنسان الروحانى أولاً وآخراً هو إنسان بيعمل فيه روح الله القدوس ، لكن ميشتغلش فى كل إنسان .. ليه ؟ لأن الإنسان كابن لآدم الأول مرفوض من الله بسبب خطية أبيه آدم الأول . فأى إنسان مرفوض ، روح الله ميشتغلش فيه . طب إيه اللى يرد الإنسان لربنا ؟ أهو ده السر ، سر التجسد وموت المسيح وقيامته وبالسر ده يتولد الإنسان من جديد ويؤمن بالمسيح فيبتدى يشتغل فيه الروح القدس . يبقى مش أى إنسان يشتغل فيه الروح القدس .. ده لازم يكون مؤمن بالمسيح ومولود من فوق .. إيه ده ؟ ده الموضوع مش سهل يعنى ؟ لأ الموضوع مش سهل ده بسر عجيب الله بيحل فى الإنسان ويبقى إنسان روحانى . فالروح القدس اللى فيه هو اللى هيفهم الإنجيل ويفسّره .. لكن تعالى وهات مخ العالم كله عشان يفهم الإنجيل لا يمكن يفهمه )) !!
انقر على الفيديو لتشاهد .








قلت : بمنطق القمص نجعل من أى خرافة خرقاء واقع ومن أى هلوسات عقيمة وحى من السماء ومن أى سكير عربيد رسول من الله ! ومن يعترض سنقل له : لابد أن يشتغل فيك روح الله القدوس !!
أى هراء هذا وأى دجل وسخف ذلك الذى يدعيه القمص ؟؟
القمّص يدعى أن من يفهم الكتاب المقدس لابد أن تكون معه الروح القدس !! ومن هو الشخص الذى يحظى بثقة الروح القدس ؟
أولاً : لا يكون ابناً لآدم الأول !!
ثانياً : أن يؤمن بأن المسيح إله !!
ثالثاً : أن يكون مولود من فوق !!
أولاً : من يفهم الكتاب المقدس يجب ألا يكون ابناً لآدم الأول ، ذلك أن آدم الأول اقترف الخطية وكل ابن آدم لن يفهم الكتاب المقدس ، ولذلك يجب أن يكون من يفهم الكتاب المقدس ابناً لآدم التاسع عشر !!
ثانياً : من يفهم الكتاب المقدس عليه أن يؤمن بإلوهية المسيح .. أى إن ادعى شخص بأنه إله وعارضه الناس .. عليهم أولاً أن يؤمنوا بأنه إله حتى يفهموا !
ثالثاً : أما أن الإنسان مولود من فوق فلأول مرة أجد عقلى عاجزا عن الفهم والإدراك بمغزى كلام أسمعه ! إذا ما معنى أن يكون الإنسان مولود من فوق !؟ هل يقصد أن يولد الإنسان من فم المرأة بدلاً من مهبلها ؟ أم يقصد أن السماء تمطر أناساً روحانيون يفهمون الكتاب المقدس !؟
حقاً الموضوع مش سهل كما قال القُمّص الروحانى المولود من فوق ! وحقاً لو اجتمعت أمخاخ البشر كى يفهموا الكتاب المقدس لن يفهموه ذلك أنهم لم يولدوا من فوق !!
وفى تسجيل فيديو آخر للقمص " مكارى يونان " يرد على سؤال لأحد النصارى يسأله عن كيفية تجسد الله ؟ :
(( إن الله له كل المجد الذى لا يُحد بالزمان ولا بالمكان أخد من مريم العدرا إنسان كامل بلا خطية . ده عمل الروح القدس زى ما هو مكتوب : الروح القدس يحل عليك وقوة العلى .. إيه ؟ تظللك . والقدوس المولود منك يدعى ابن الله .
صحيح نؤمن أن الله تجسد وطبعاً مش ممكن إنسان حيقدر يؤمن إلا بعمل الروح القدس . يعنى بمخه ده بس هيكتب الكلام اللى انت كاتبه ده ، هيرفض ربوبية المسيح . قلت العقل وحده يرفض ربوبية المسيح أما العقل فى خضوعه لعمل الروح القدس يقبل ربوبية المسيح . يعنى لما يجيى إنسان يجيى قدام ربنا يقول له يارب : أنا عايز أوصل اعلنلى الطريق . حتلاقى روح الله يعمل فيه يبتدى يشتغل فيه ويعمل فيه ويقنعه بأن المسيح هو الله وإن التجسد خطة الله لخلاص الإنسان لكن احنا كخدام منقدرش نقنع إنسان بربوبية المسيح لأن لا يستطيع أحد أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس )) !!
انقر على الفيديو لتشاهد :







قلت : هذا الكلام إن دل على شئ فإنما يدل على اضمحلال وسقوط وموت فكرة التجسد التى اخترعها النصارى ، وأيضاً على عدم اقتناع قمامصة النصارى بهذا الهراء الذى يدعونه ، ويكفى اعتراف " مكارى يونان " بأنه هو وجميع قمامصة أهل الأرض لا يقدرون على اقناع إنسان بربوبية المسيح ..
والحجة السخيفة التى يلوكها دائماً مكارى يونان وغيره لاستغفال الناس وإضلالهم هى أن الروح القدس هى من تساعدهم على فهم الكتاب المقدس والإيمان بربوبية المسيح ، مثلما يقول بولس : (( لأن الحرف يقتل ولكن روح الله يُحيى )) ( 2كورنثوس 3 : 6 )
وكما قلت فهذا الهراء يفتح الباب على مصراعيه لكل خرافة رقيعة أن تكون حقيقة ومن يعترض نخبره بأن الروح القدس لا يشتغل إلا فى الذين يولدون من فوق !!
فبإمكاننا أن نقول :
أراد الرب – لا أقصد الله رب العالمين – أن يفدى البشر من الخطية التى ارتكبها أبيهم الأول ، فقرر أن يعلن عن ذاته ويظهر حبه للإنسان فأرسل الملاك إلى المرأة فحبلت وولدت سحلية ، وهذه السحلية تُدعى " بنت الرب " ، هذه السحلية لا يستطيع أحد أن يؤمن أنها الرب إلا بعمل الروح القدس ، وحينما انتحرت السحلية كان لاهوتها هو الذى يُدير شئون الكون ولكنها كسحلية بصفة الزواحف كانت تجوع وتعطش وتمرض وتتألم وتصلى وتنتحر وتقوم من بين السحالى الميتة .
والسحلية المتجسدة مثلها مثل باقى السحالى لكنها بلا خطية ، فالسحلية بلاهوتها لم تنتحر ولم تدفن ، ولكنها كسحلية انتحرت ودفنت وأقيمت بمجد الآب والبنت والروح القدس . ولو جئنا بمخ العالم كله ليفهم سر التجسد فى سحلية لن يقتنع ونحن كخدام للسحلية لن نستطيع إقناع إنسان بربوبية السحلية إلا بعمل الروح القدس !!
ما رأيكم دام فضلكم ؟ أليس من الممكن أن نخترع أى شئ ونعول عدم قبوله على عدم عمل الروح القدس ؟؟
أليس من الممكن أن نخترع أى شئ ونفعل أى شئ ونخرف ونهرف بأى شئ ومن يُكذّب ما نقول فذلك لأنه لم يولد من فوق ولم يعمل فيه الروح القدس ؟!!
الغريب والمحير فى الأمر أن هذا الإنسان الذى يفترون عليه الكذب ويدعون أنه الله المتجسد ، لم يقل كلمة واحدة تدل على أنه الله ، فلم يقل " أنا الله " أو " أنا الإله المتجسد " أو" أنا الله الذى ظهر فى الجسد " أو " أنا ربكم فاعبدون " أو " أنا الأقنوم الثانى " أو " أنا إله ذو طبيعة ثلاثية " ... إلخ . لم يقل هذا مطلقاً ، بل الكذبة هم الذين قوّلوه مالم يقله .
يقول يوحنا : " والكلمة صار جسدا وحل بيننا " (يوحنا 14:1) . يوحنا هو الذى يقول وليس المسيح .
ويقول بولس : "عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر في الجسد" (1 تيموثاوس 16:3). بولس الذى يقول وليس المسيح .
الإله المزعوم لم يقل أى شئ يُشير إلى ألوهيته مطلقاً . وإن قابلنا نصرانى باعتراض يقول : الكتاب المقدس يقول :
"لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" رسالة بولس (2بطرس1 : 21). وذلك حتى يُدلل على أن كلام بولس ويوحنا عن تجسد المسيح هو وحى من الله .
قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله ! بولس هو قائل هذا الكلام أيضاً . نريد قولاً صريحاً لصاحب الشأن ذاته يدعى فيه الإلوهية . لا أقوال فارغة لبعض الأدعياء الذين ينسبون للمسيح أى شئ ، مثلما قد ننسب نحن للسحلية أى شئ .
بقى أن نُشير إلى اعتراضات نصرانية على مسألة استخدام العقل فى الإيمان ..
اعتراض : يا هذا لماذا تزِن الأمور الإيمانية بميزانين وتكيل بمكيالين، لماذا لا يجوز لك أن تسأل في أمور دينك عن الكيفية التي استوى فيها الرحمن على العرش؟ فعندما سئل "الشيخ ابن باز" مفتي الديار السعودية السابق أجاب بقول ابن مالك: أما كيفيتها فلا يعلمه إلا الله سبحانه ، ولما سئل مالك عن قول القرآن : ( الرحمن على العرش استوى ) (طه: 5) كيف استوى؟ أجاب بقوله : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. يعني بذلك : السؤال عن الكيفية.
فكيف تتجرأ أن تحارب الإيمان الحقيقي المعلن بالإيمان للمؤمنين لأنك لا تعرف الكيفية التي تخص الله وحده، فإن كنت في دينك تعُتبر مبتدعاً ومصيرك النار (كل بدعة في النار) إن سألت عن ما هو يخص الله وكيفية استوائه على العرش وتقبل هذه الأقوال المحمدية كحقيقة وتُسلّم بها ولا تناقش، فلماذا تريد أن تسأل عن الكيفية في أعظم عمل في الوجود، وتسأل عن سر شخص الله الحقيقي وذاته القدسية، كان يجدر بك أن تؤمن به على أساس صدق الله فيكون خير لك وعندها يُقدم لك الفهم من الله.
قلت : أى مكيالين تتحدث عنهما !؟ شتان شتان بين الإيمان بإله متجسد يتبول ويتغوط ويحتلم ويُجامع ويأكل ويشرب ويتعب ويمرض ويموت وبين الإيمان بخالق الكون الله رب العالمين الذى ليس كمثله شئ . المنزه عن التجسد والحلول والموت والخطأ والنسيان .
أما الآية الكريمة فى سورة " طه " فلا تتحدث عن حلول الله والعياذ بالله فى جسد مادى ، أو تُشبّهه بخلق من خلقه أو تنسب له من الصفات ما يرفضه العقل فوراً .
وأما السؤال عن كيفية استواء الله فهو مما لا جدوى من السؤال عنه كمثل السؤال الذى يقول : من خلق الله !؟ وقبل الله ماذا كان !؟ ومتى وُجد الله !؟ وماذا كان يفعل الله قبل أن يخلق الكون !؟ و .... إلخ .
إن مكمن الاعتراض هو فى الحط من قدر الله وكماله وجلاله ، هنا لابد للعقل أن يعترض ويرفض ويندد بهذا السخف .أما ماهية الله وذاته فما كان لبشر أن يتدخل فيها .
وأما السؤال عن أكذوبة تجسد الله والعياذ بالله ، فهذا مما تأباه الفطرة السليمة التى جُلب عليها الناس ، فلا ينتظر أحد حلول الروح القدس حتى يصدق تلك الأكاذيب الخرقاء .
اعتراض : يا هذا .. أنتم تؤمنون بالتجسد وآيات القرآن تشهد بذلك ، فقد تجسد ربكم مرة فى جبل وأخرى فى شجرة !! ..
(( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )) ( الأعراف : 143 ) .
(( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) ( القصص : 30 ) .
(( إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) ( النمل : 7- 9 ) .
وبما أن ربكم تجسد فى الجبل والشجرة أى فى جماد ونبات فكيف تستكثرون أن يتجسد فى إنسان وهو أرقى من الجماد والنبات !!؟
قلت : أتحدى إن كان هناك إنسان عاقل على وجه الأرض يفهم من الكلام أن الله – وحاشاه – قد تجسد فى جبل أو شجرة .. إن المشكلة الرئيسية عند النصارى هى أنهم لا يفهمون اللغة العربية بل ولا يعرفون طرق الكتابة الصحيحة ورغم ذلك تجدهم يتحدثون بوقاحة منقطعة النظير وكأن كل واحد فيهم هو سيبويه !
آية الأعراف تقل " تجلى " ولا تقل " حل " وشتان الفارق بين " تجلى " و " حل " والتجلى هو انكشاف صفات الذات لا الذات ، لذلك فقوله تعالى أنه تجلى للجبل أى بدا نوره العظيم للجبل فلم يتحمل الجبل عظمة النور .فانهار الجبل فى الحال . وما حدث دليل عملى لموسى عليه السلام أنه لن يرى الله كما طلب ، فقد دُك الجبل العملاق لمجرد تجلى نور الله فكيف الحال لو كان هو الله !؟
آية القصص : الشجرة هى حجاب أوحى من خلاله الله رب العالمين لموسى عليه السلام ما أراد أن يوحيه ، يقول الحق سبحانه وتعالى :
(( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ )) ( الشورى : 51 ) .
وغير ذلك الآية الكريم لم تقل " الله حل فى الشجرة " أو " تجسد فى الشجرة " أو " الله صار شجرة " عياذاً بالله ، بل الآية الكريمة تتحدث عن نداء سمعه موسى عليه السلام من وراء حجاب الذى هو الشجرة .
مثلما نسمع الشيخ " عبدالباسط عبدالصمد " ، يُرتل القرآن الكريم من خلال الراديو .. فهل الشيخ عبدالباسط حل فى الرديو ودخل فى قلبه ويقرأ من داخله !؟ ولله المثل الأعلى .
آية النمل : اختلف العلماء فى قوله تعالى " بورك من فى النار ومن حولها " فقد قيل: المراد بمن في النار الملائكة الحاضرون فيها كما أن المراد بمن حولها موسى (عليه السلام ).
و قيل: المراد به موسى (عليه السلام) و بمن حولها الملائكة.
و قيل: في الكلام تقدير و الأصل بورك من في المكان الذي فيه النار - و هو البقعة المباركة التي كانت فيها الشجرة كما في سورة القصص - و من فيها هو موسى و حولها هي الأرض المقدسة التي هي الشامات، و من حولها هم الأنبياء القاطنون فيها من آل إبراهيم و بني إسرائيل.
و قيل: المراد بمن في النار نور الله تعالى و بمن حولها موسى.
و قيل: المراد بمن في النار الشجرة فإنها كانت محاطة بالنار بمن حولها الملائكة المسبحون.
وأياً كانت الاختلافات فهى لا تمت من قريب أو بعيد إلى أن الله – وحاشاه – قد حل فى الشجرة أو تجسد فيها ، بل تعنى أن تبارك من شرف وقدّس هذا المكان الذى تسمع فيه وحى الله ، وتنبعث منه النار حول الشجرة . تبارك هذا الحجاب الذى تسمع من خلاله كلام الله .
ولسوء حظ الأغبياء أن الله بسابق علمه يعلم أنهم سيُثيرون هذه الاعتراضات العقيمة ، فيرد عليهم عقب هذه الفاصلة القرآنية الكريمة مباشرة :
(( وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) أى تنزّه الله رب العالمين عن التجسد والحلول والتشبّه والتغير . وتعالى الله عما يقوله هؤلاء من أنه حل فى الشجرة ..
إذاً فكلام الله جل جلاله لموسى عليه السلام من وراء حجاب لا يعنى التجسد والحلول وإنما هو تجلى ، مثلما تتجلى عظمة الله وقدرته على جميع الخلائق والأكوان والأفلاك :
(( فَانظُرْ إِلى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ )) ( الروم:50). وآثار رحمة الله تتجلى فى الوجود بما فيه .
فتجلى الله للجبل لا يعنى أن الجبل صارت له طبيعتان ، واحدة لاهوتية وأخرى جبلية ! كذلك تحدث الله من خلال حجاب وهو الشجرة لا يعنى أن الشجرة صارت لها طبيعتان ، واحدة لاهوتية وأخرى نباتية ! واختيار الله للوادى ليُحدث فيه موسى لا يعنى أن الوادى صارت له طبيعتان ، واحدة لاهوتية وأخرى أرضية !
الله يتجلى على جميع خلقه دون حلول أو تجسد . آثار رحمة الله تظهر فى الإنسان وفى الحيوان وفى النبات وفى كل كائن حى .
وبالرجوع لآيات سورة طه نرى أن الله يُكلم موسى وحياً دون حجاب :
(( وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي )) ( طه : 9 – 14 ) .
يخبرنا رب العالمين أن موسى ذهب إلى مكان النار التى رآها وهناك ناداه الله صراحة موحياً إليه " إنى أنا ربك " أى أنا ربك الذى أكلمك ، فاخلع نعليك احتراماً لقدسية الله وإجلالاً لعظمة كلامه . ويُخبر الله موسى أنه بالوادى المقدس الذى تقدس بوحى الله ، ويُخبر الله جل جلاله موسى أنه قد اختاره لتأدية الرسالة . " فاستمع لما يوحى " وهذا هو أول أنواع الوحى أى بدون حجاب . إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى . هنا نرى الوحى الذى أوحاه الله لموسى عليه السلام . يوضح الله لموسى عليه السلام حقيقة الأمر وهى أنه لا إله إلا الله ، ويدعو موسى لعبادته " فاعبدنى " ومثل هذا النص لا نجده فى الكتاب المقدس مطلقاً ، لا نجد الإله المتجسد – كما يدعون – يدعو أى إنسان أن يعبده ، بل إننا على العكس نجده يُصلى لله ويدعو الناس لعبادة الله لا لعبادته هو – أى يسوع .
نخلص من هذا : النصارى لا يستطيعون إقناع إنسان عاقل بمعتقدهم الذى يحط من شأن خالق الكون ويستهزئ به .
الإسلام العظيم يدعو لاستخدام العقل فى الأمور العقائدية .
القرآن الكريم ينزّه الله عن التجسّد والحلول وصدق الله رب العالمين :
(( فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ( الشورى : 11 ) .
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .

غير معرف يقول...

(((((((إلى القُمّص المنكوح"قراءة فى إنجيل متى"))))))))))))))لم نكن نحب أبدا أن نتعرض لدين أحد لمعرفتنا أن كل إنسان يعتز بدينه أيما اعتزاز ويتألم إذا تعرض له أحد بغض النظر عما إذا كان هذا الدين صوابا أو خطأ، بيد أن القوم فى المهجر دأبوا منذ سنين على التباذؤ فى حق الإسلام ونبيه وأتباعه وقلة الأدب مع الله رب العالمين على نحو لم يسبق له مثيل وفتحوا لذات الغرض الخسيس دكانةً للقُمّص المنكوح

ظانين أن أحدا لن يرد عليهم ومتصورين أن أمريكا ستضرب وتُرْهِب كل من تسول له نفسه الكريمة الغيرة على دينه ورسوله وأمته، إلى أن فاض الكيل وتكرر عتب الناس علينا لسكوتنا عن هذا الإجرام وهذه السفاهة، فكان لا بد من وقفة نعرّف فيها السفهاء ذوى الأدبار المنتنة التى لا تعرف الطهارة وتراها رجسا من عمل الشيطان حجمهم الحقيقى ونُظْهِر هشاشة ما يعتقدون ويعتنقون من دين. والشر بالشر، والبادئ أظلم، وعلى نفسها جنت براقش! وفى هذا المقال نتناول بالدراسة النقدية السريعة الأناجيل كما يؤمن بها هؤلاء وأمثالهم، متخذين من "إنجيل متى" نموذجا لها. وسوف نبدأ دائما بنقل كل فصل ندرسه بنصه، ثم نثنِّى بعد ذلك بنقده. وغايتنا هنا ليست كغاية زيكو العجيب ، هو وأشباهه ممن يلجأون إلى الكذب لنصرة مذهبهم بالباطل، فتراهم ينتقون أشياء ويهملون عن عَمْدٍ أشياء، ويخترعون أشياء ويلوون عنق أشياء... إلى آخر الوسائل المريبة التى يستعملونها فى هذا الغرض، بل سنكتفى فى كل مرة بسَوْق النص كما هو فى الإنجيل دون بتر شىء منه وتَرْكه يتكلم بلسانه هو لا بلساننا، محترمين المنطق والمنهج العلمى تمام الاحترام، وكذلك حرية كل إنسان فى الإيمان بما يشاء والكفر بما يشاء. وسوف يكون اعتمادنا على نسخة الكتاب المقدس التى تقدمها جمعية الكتاب المقدس بلبنان كما هو على المشباك، أما الشواهد فمن ترجمة سميث وفانديك. والآن على بركة الله نبدأ:
الفصل الأول:
"نسب يسوع
هذا نسَبُ يسوعَ المسيحِ اَبنِ داودَ اَبنِ إبراهيمَ: 2إبراهيمُ ولَدَ إسحق. وإسحق وَلَدَ يَعقوبَ. ويَعقوبُ ولَدَ يَهوذا وإخوتَه. 3ويَهوذا ولَدَ فارِصَ وزارَحَ مِنْ ثامارَ. وفارِصُ ولَدَ حَصْرونَ. وحَصْرونُ ولَدَ أرامَ. 4وأرامُ ولَدَ عَمَّينادابَ. وعَمَّينادابُ ولَدَ نَحْشونَ. ونَحْشونُ ولَدَ سَلَمونَ. 5وسَلَمونُ ولَدَ بُوعَزَ مِنْ راحابَ. وبُوعَزُ ولَدَ عُوبيدَ مِنْ راعُوثَ. وعُوبيدُ ولَدَ يَسّى. 6ويَسّى ولَدَ داودَ المَلِكَ.
وداودُ ولَدَ سُلَيْمانَ مِن اَمرأةِ أوريَّا. 7وسُلَيْمانُ ولَدَ رَحْبَعامَ. ورَحْبَعامُ ولَدَ أبيّا. وأبيّا ولَدَ آسا. 8وآسا ولَدَ يوشافاطَ. ويوشافاطُ ولَدَ يُورامَ. ويُورامُ ولَدَ عُزَّيّا. 9وعُزَّيّا ولَدَ يُوثامَ. ويُوثامُ ولَدَ أحازَ. وأحازُ ولَدَ .حَزْقِيّا. 10وحَزْقِيّا ولَدَ مَنَسّى. ومَنَسّى ولَدَ آمونَ. وآمونُ ولَدَ يوشِيّا. 11ويوشِيّا ولَدَ يَكُنيّا وإخوَتَه زَمَنَ السبْـيِ إلى بابِلَ.
12وبَعْدَ السّبْـي إلى بابِلَ يَكُنِيّا ولَدَ شَأَلْتَئيلَ. وشَأَلْتيئيلُ ولَدَ زَرُبابِلَ. 13وزَرُبابِلُ ولَدَ أبيهُودَ. وأبيهُودُ ولَدَ ألِياقيمَ. وألِياقيمُ ولَدَ عازُورَ. 14وَعازُورُ ولَدَ صادُوقَ. وصادُوقُ ولَدَ أَخيمَ. وأخيمُ ولَدَ أليُودَ. 15وأليُودُ ولَدَ أليعازَرَ. وأليعازَرُ ولَدَ مَتّانَ. ومَتّانُ ولَدَ يَعقوبَ. 16ويَعقوبُ ولَدَ يوسفَ رَجُلَ مَرْيمَ التي ولَدَتْ يَسوعَ الذي يُدعى المَسيحَ.
17فمَجْموعُ الأجْيالِ مِنْ إبراهيمَ إلى داودَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً. ومِنْ داودَ إلى سَبْـيِ بابِلَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً. ومِنْ سَبْـيِ بابِلَ إلى المَسيحِ أرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً.
ميلاد يسوع
18وهذِهِ سيرَةُ ميلادِ يَسوعَ المَسيحِ: كانَت أُمٌّهُ مَريَمُ مَخْطوبَةً ليوسفَ، فَتبيَّنَ قَبْلَ أنْ تَسْكُنَ مَعَهُ أنَّها حُبْلى مِنَ الرٌّوحِ القُدُسِ. 19وكانَ يوسفُ رَجُلاً صالِحًا فَما أرادَ أنْ يكْشِفَ أمْرَها، فَعزَمَ على أنْ يَترُكَها سِرُا.
20وبَينَما هوَ يُفَكَّرُ في هذا الأمْرِ، ظَهَرَ لَه مَلاكُ الرَّبَّ. في الحُلُمِ وقالَ لَه: "يا يوسفُ اَبنَ داودَ، لا تخَفْ أنْ تأخُذَ مَرْيمَ اَمرأةً لكَ. فَهيَ حُبْلى مِنَ الروحِ القُدُسِ، 21وسَتَلِدُ اَبناً تُسمّيهِ يَسوعَ، لأنَّهُ يُخَلَّصُ شعْبَهُ مِنْ خَطاياهُمْ".
22حَدَثَ هذا كُلٌّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا.
24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوع"َ.
أول شىء نلاحظه أن متى (إن كان كاتب هذا الإنجيل هو متى حقا) يقول عن عيسى عليه السلام إنه "ابن دواد بن إبراهيم". ولا يمكن أن يكون عيسى هو ابن داود ولا أن يكون داود هو ابن إبراهيم إلا على المجاز، إذ بين كل ابن من الابنين وأبيه أجيال وأجيال. ومع ذلك نسمع القوم يتصايحون ويولولون لأن القرآن يقول عن مريم: "ابنة عمران". فما الفرق بين هذا وذاك؟ ولماذا يبتلعون تلك ويرفضون هذه، وهما شىء واحد؟ وهذا بافتراض أن مريم ليست ابنة عمران حقيقة، إذ لا يوجد فى أناجيلهم الأربعة التى قبلتها الكنيسة أنها ابنة يواقيم الذى على أساسه يجأرون بتكذيب القرآن، بل لا يوجد مصدر أكيد يقول إن أبا مريم هو هذا اليواقيم، بل الذى قال ذلك أحد الأناجيل التى لا تعترف بها الكنيسة. أليس ذلك أمرا مضحكا؟
الأمر الثانى أن مؤلف الإصحاح يقول عن داود إنه قد أنجب سليمان من امرأة أوريّا. أيدرى القارئ معنى هذه الإشارة؟ معناها أن جد عيسى وجدته هذين زانيان من الزناة القارحين الذين لا يخجلون: فداود، حسبما كتب مؤلفو الكتاب المقدس، كان ذات يوم يتنزه فوق قصره (أو لا أدرى ماذا كان يفعل هناك، ولعله كان يتفرج على غِيّة الحمام فوق القصر، أو يطيّر طيارة ورقية من التى يلعب بها العيال، يقتل بها الوقت ويتسلى من الملل)، فتصادف أن وقعت عيناه على بَتْشَبَع امرأة جاره وقائده العسكرى وهى تستحم عارية كما ولدتها أمها فى فناء بيتها المجاور للقصر. ويبدو أنها كانت تشتغل ممثلة فى هوليود وتقوم بأدوار الإسْتِرِبْتِيز الساخنة، وعرفتْ أن داود سوف يصعد إلى سطح القصر بعد قليل فاستعدت له بالطست والكوز والليفة والصابونة والحركات إياها التى تُسِيل لُعَاب الرجال إياهم، أو ربما اتصلت به هاتفيا أو برسالة فورية على الماسنجر فهُرِع إليها ليتلذذ بمفاتنها العارية، وكانت هى قد اتخذت أسخن الأوضاع وأشدها دفقا للدم فى العروق، اللهم إلا إذا أحسنّا بها الظن كما ينبغى للمؤمن أن يفعل، وقلنا إن غرفة الحمّام كانت تحت الصيانة حينئذ، وحُبِكَ الاستحمام ولم يعد لتأجيله من سبيل، وكانت السيدة الجليلة ربة الصون والعفاف مطمئنة إلى جارهم النبى الملك الذى "طلع شُورْبَة وأى كلام" فلم يكن عند حسن الظن به وصعد إلى السطح غير مراعٍ للجيرة ولا لعِرْض قائده حرمة. وكان ما كان مما لا بد أن نذكره، فظُنّ شَرًّا واسأل كما تحب عن الخبر، فهو خبر يُخْجِل حتى الأوباش، إذ أرسل داود إليها فجاءته وزنى بها، ثم لم يكتف بهذا بل تآمر على قتل زوجها ليخلو له وجه المرأة على الدوام، ثم لما نجحت المؤامرة وقُتِل الزوج استلحقها بحريمه، لكنْ بطبيعة الحال بعد استيفائها العدة! يا سلام على قوة الإيمان واحترام الشريعة! وقد أنجب منها سليمان، وربما كان سليمان (على كلامهم هم لا كلامنا) هو فَرْخ الزنا، أستغفر الله! وهذه هى جَدّة يسوع، وهذا هو جَدّه! أَنْعِمْ وأَكْرِمْ! ثم يقولون إن هذا كلام الله! أستغفر الله!
الأمر الثالث أن مؤلف السِّفْر يَصِم يسوع وأمه وصمة عار، لأن نسب المسيح، حسبما ذكر، يبدأ من لدن آدم، وينتهى بيوسف النجار رجل مريم كما يقول! ولا أظن أن هناك ما يمكن أن يقال من جانبى تعليقا على هذا، فهو من الوضوح والشُّنْع بحيث لا أستطيع أن أضيف له شيئا من عندى، والعياذ بالله. أى أن المؤلف يردد ما يتهم اليهود به مريم، عليهم لعنات الله، إذ يجعلون من عيسى ابنا ليوسف منها. ولما لم يكن يوسف قد تزوج من مريم، فلم يبق إلا أن يكون ابنا لهما من الحرام. أستغفر الله استغفارا يوائم هذا الكفر، الذى نقول نحن (بسببه ولأسباب أخرى مشابهة له فى الشناعة) إن القوم قد حرّفوا كتابهم فيسبّون الرسول الكريم ويَقْرِفونه بكل نقيصة غباءً منهم وضلالاً، إذ المفروض أن الإنسان العاقل يحب من يدافع عنه ومن يفتح له بابا يخرج به من ورطته، لكن هؤلاء قد بلغوا فى الغباء مدًى جِدّ بعيد!
الأمر الرابع أن مؤلف الإنجيل الذى يحمل اسم لوقا يقدّم للسيد المسيح نسبا مختلفا إلى حد بعيد عن سلسلة النسب المذكورة له هنا: مختلفا من حيث عدد حلقات السلسلة، ومختلفا من حيث سقوط بعض الأجداد هنا وهناك، ومختلفا من حيث اختلاف طائفة من الأسماء فى الأولى عنها فى الثانية. ثم يقولون بكل بجاحة إن هذا كلام الله! وإلى القارئ الكريم نسب السيد المسيح عليه السلام كما ورد فى الإصحاح الثالث من إنجيل لوقا، وأترك له مهمة المقارنة بين النسبين ليتسلى ويضحك ملء أشداقه: "23وكانَ يَسوعُ في نحوِ الثلاثينَ مِنَ العُمرِ عِندَما بدَأَ رِسالتَهُ. وكانَ النـاسُ يَحسِبونَهُ اَبنَ يوسُفَ، بنِ عالي، 24بنِ مَتْثاثَ، بنِ لاوِي، بنِ مَلْكي، بنِ يَنَّا، بنِ يوسُفَ، 25بنِ متَّاثِـيا، بنِ عاموصَ، بنِ ناحومَ، بنِ حَسْلي، بنِ نَجّايِ، 26بنِ مآتَ، بنِ متَّاثيا، بنِ شَمْعي، بنِ يوسفَ، بنِ يَهوذا، 27بنِ يوحنَّا، بنِ رِيسا، بنِ زرُبَّابِلَ، بنِ شأَلْتيئيلَ، بنِ نيري، 28بنِ مَلِكي، بنِ أدّي، بنِ قوصَمَ، بنِ المُودامِ، بنِ عِيرِ، 29بنِ يشوعَ، بنِ أليعازارَ، بنِ يوريَمَ، بنِ مَتثاثَ، بنِ لاوي، 30بنِ شَمعُونَ، بنِ يَهوذا، بنِ يوسُفَ، بنِ يونانَ، بنِ ألياقيم، 31بنِ مَلَيا، بنِ مَيْنانَ، بن متَّاثا. بنِ ناثانَ، بنِ داودَ، 32بنِ يسَّى، بنِ عُوبـيدَ، بنِ بُوعزَ، بنِ شالح، بنِ نَحْشونَ، 33بنِ عَمِّينادابَ، بنِ أدمي، بنِ عرني، بنِ حَصرونَ، بنِ فارِصَ، بنِ يَهوذا، 34بنِ يَعقوبَ، بنِ اَسحَقَ، بنِ إبراهيمَ، بنِ تارَحَ، بنِ ناحورَ، 35بنِ سَروجَ، بنِ رَعُو، بنِ فالجَ، بنِ عابرَ، بنِ شالحَ، 36بنِ قَينانَ، بنِ أرفكْشادَ، بنِ سامِ، بنِ نوحِ، بنِ لامِكَ، 37بنِ مَتوشالِـحَ، بنِ أخنوخَ، بنِ يارِدَ، بنِ مَهلَلْئيلَ، بنِ قينانَ، 38بنِ أنوشَ، بنِ شيتَ، بنِ آدمَ، اَبنِ الله".
الأمر الخامس أن هناك تناقضًا حادًّا لا يمكن رَتْقه بين ما قاله المؤلف فى الفقرة رقم 18 عن السر الخاص بحمل مريم وما قاله هو نفسه فى الفقرة رقم 20، إذ مرة يقول: لقد تبين أنها حبلى من الروح القدس، ومرة يقول إن هاتفا جاء ليوسف بعد ذلك فى المنام قائلا له إنها حبلى من الروح القدس، وينبغى من ثم أن يقف إلى جوارها ويستمر فى خِطْبتها ولا يتركها. والسؤال هو: لِمَنْ تبيَّن إذن من قبل أنها حبلى من الروح القدس؟ ليوسف؟ أبدا، فها هو ذا يوسف كان يريد تركها بسبب شكه فيها لولا المنام الذى قيل له فيه إنها حُبْلَى من الروح القدس. للناس إذن؟ ولا تلك أيضا، فها هو ذا لوقا يقول إن الناس كانت تظن أنه ابن يوسف. أى أنه حتى بعد وقوع الولادة لم يكن الناس يعرفون أنه من الروح القدس! بل لقد ظلوا يقولون عنه إنه ابن يوسف النجار حتى بعد أن أصبح نبيا: "ولمّا أتَمَّ يَسوعُ هذِهِ الأمثالَ، ذهَبَ مِنْ هُناكَ وعادَ إلى بلَدِهِ، وأخَذَ يُعلَّمُ في مَجمَعِهِم، فتَعَجَّبوا وتَساءَلوا: "مِنْ أينَ لَه هذِهِ الحِكمةُ وتِلْكَ المُعْجزاتُ؟ أما هوَ اَبنُ النجّارِ؟ أُمٌّهُ تُدعى مَريمَ، وإِخوتُهُ يَعقوبَ ويوسفَ وسِمْعانَ ويَهوذا؟" (13/ 53- 55). والآن إلى الفقرتين المضحكتين: "كانَت أُمٌّهُ مَريَمُ مَخْطوبَةً ليوسفَ، فَتبيَّنَ قَبْلَ أنْ تَسْكُنَ مَعَهُ أنَّها حُبْلى مِنَ الرٌّوحِ القُدُسِ. 19وكانَ يوسفُ رَجُلاً صالِحًا فَما أرادَ أنْ يكْشِفَ أمْرَها، فَعزَمَ على أنْ يَترُكَها سِرًّا. 20وبَينَما هوَ يُفَكَّرُ في هذا الأمْرِ، ظَهَرَ لَه مَلاكُ الرَّبَّ. في الحُلُمِ وقالَ لَه: "يا يوسفُ اَبنَ داودَ، لا تخَفْ أنْ تأخُذَ مَرْيمَ اَمرأةً لكَ. فَهيَ حُبْلى مِنَ الروحِ القُدُس"ِ.
الأمر السادس أن الكاتب يقول إن هناك نبوءة بأن مريم ستلد ولدا وتسميه: "عمانوئيل"، ثم ينسى المؤلف المغيَّب الذهن فيقول قبل ذلك مباشرة، وعقب ذلك مباشرة أيضا، إن يوسف سماه: "يسوع" تحقيقا لهذه النبوءة. كيف؟ أفتونى أنتم أيها القراء الكرام، فقد غُلِبْتُ وغُلِبَ حمارى! إن هذا يذكّرنا بأغنية شادية التى تقول فيها إنها، من ارتباكها بسبب مشاغلة حبيبها لها، إذا طلب أبوها أن تُعِدّ له كوبا من القهوة فإنها تعد بدلا من ذلك كوبا من الشاى وتعطيه لأمها: "21وسَتَلِدُ اَبناً تُسمّيهِ يَسوعَ، لأنَّهُ يُخَلَّصُ شعْبَهُ مِنْ خَطاياهُمْ".22حَدَثَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: 23"سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْناً يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا. 24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوع"َ. وبالمناسبة فلم يحدث أن سمى أحد سيدنا عيسى عليه السلام فى يوم من الأيام: "عمانوئيل" رغم أن كثيرا من النصارى الذين صبيانًا وبناتٍ ممن ليسوا أبناءً أو بناتٍ لله يُسَمَّوْن: "عمانوئيل"! كما أن بقية النبوءة التى تنسب لإِشَعْيَا عن حَبَل العذراء وولادتها طفلا يسمَّى: "عمانوئيل" تقول: "زبدا وعسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير، لأنه قبل أن يعرف الصبى أن يرفض الشر ويختار الخير تُخْلَى الأرض التى أنت خاشٍ من مَلِكَيْها" (إشعيا/ 7/ 15- 16)، ولم يرد فى الأناجيل قط أنه، عليه السلام، قد أكل زبدا وعسلا، فهل نقول، بناء على هذا وطبقا لما جاء فى النبوءة، إنه لم يستطع أن يرفض الشر ويختار الخير؟ يا للداهية الثقيلة!
ثم إن الكلام هنا عن طفلٍ بشرى تماما، طفلٍ يجرى عليه ما يجرى على كل أطفال البشر، فهو لم ينزل من بطن أمه عارفا الخير والشر كما ينبغى لابن الإله أن يكون، وهذا إن كان من الممكن أو حتى من اللائق أن ينزل ابن الإله من بطن امرأة (وهو الأمر المستحيل بطبيعة الحال)، بل عليه أن يمر بعدة مراحل حتى يكتسب موهبة التعرف إلى الخير والشر والتمييز بينهما. ولقد رجعت إلى كتاب "A New Commentary on Holy Scripture" (لندن/ 1929م) لأمحص ما أرى أنه هو التفسير الصحيح أو الأقرب إلى الصحة على الأقل، فوجدت محرريه: تشارلز جور وهنرى جاودج وألفرد جيوم يقولون إن إشعيا إنما كان يتنبأ بما سيحدث لبنى إسرائيل فى المستقبل القريب، وإن حَبَل العذراء ليس إلا إشارة إلى الآية التى سيقع عندها ما أخبر به، إلا أن النصارى قد استغلوا تلك النبوءة فى الكلام عن ميلاد عيسى عليه السلام، وهو ما لا يوافق عليه اليهود أبدا. وقد ورد فى شرح المحررين المذكورين أن النبوءة تقول إن التى ستحبل وتلد طفلا يسمى عمانوئيل هى "damsel"، وليس "virgin" التى تستعمل للعذراء مريم عليها السلام، وهو ما يعضده استخدام بعض الترجمات الفرنسية عندى لكلمة "la jeune fille"، وإن كنت وجدتها فى بعض الترجمات الفرنسية والإنجليزية الأخرى "vierge, virgin: عذراء". وقد انقدح فى ذهنى عندئذ أن السبب فى هذا الاضطراب هو أن الكلمة الأصلية تعنى "damsel"، التى تعنى أيضا "غادة، آنسة، صبية"، وأن رغبة النصارى فى تحميلها المعنى الذى يريدون هى المسؤولة عن ترجمتهم لها بــ"عذراء".
ومرة أخرى لم يكتف العبد لله بذلك، بل اتخذتُ خطوة أخرى فرجعت إلى مادة "IMMANUEL" فى موسوعة "The International Standard Bible Encyclopedia" لأقرأ تحت هذا العنوان الجانبى: "The Sign of Immanuel" السطور التالية عن النبى إشعيا والعلامة الثانية التى عرضها على الملك أحاز كى يَثْنِيَه عن تحالفه مع مملكة آشور، هذا التحالف الذى رأى أنه يؤدى إلى التبعية لتلك الدولة:وفيه، كما يرى القارئ بنفسه، أن الكلمة المستخدمة فى الأصل معناها "عروس" أو "شابة على وشك الزواج" أو "زوجة جديدة"، وليس "عذراء"، وأن تفسير الآية المذكورة فى النبوءة ليس واضحا، وإنْ كان التفسير القائل بالحمل الإعجازىّ مستبعَدا رغم ذلك، فضلا عن أن هناك من يقول إن المقصود بالغادة هو زوجة إشعيا نفسه، ومن يقول إن المقصود بــ"عمانوئبل" ليس شخصا بل فكرة من الأفكار العظيمة!
ومرة أخرى غير المرة الأخرى السابقة لا يكتفى العبد لله بهذا، بل أعود لــ"دائرة المعارف الكتابية" (مادة "عمانوئيل") فأجد الآتى: ""عمانوئيل" كلمة عبرية معناها "الله معنا" أو بالحري "معنا الله". وهو اسم رمزي جاء في نبوة إشعياء لآحاز ملك يهوذا كعلامة على أن الله سينقذ يهوذا من أعدائها (إش 7: 14، 8 و 10). وقد جاء في إنجيل متى أنها كانت نبوة عن "الرب يسوع المسيح" (مت 1: 23). لقد نطق إشعياء بهذه النبوة في حوالي 753 ق. م في أثناء مأزق حرج كان فيه الملك آحاز، حيث تحالف ضده فقح بن رمليا ملك إسرائيل ورصين ملك أرام، لأنهما أراداه أن ينضم إليهما في حلف ضد أشور القوة الصاعدة، لكنه فضَّل الوقوف إلى جانب أشور (انظر 2 مل 16: 5- 9، 2 أخ 28: 16- 21) . ولكن إشعياء النبي أكد لآحاز أنه ليس في حاجة إلى أن يخشى رصين وفقح، ولا إلى التحالف مع أشور، وقال له : "اطلب لنفسك آية" ليتأكد من صدق ما قاله النبي. ولكن آحاز، بدافع من عدم الإيمان، وتحت ستار التقوى الكاذبة، قال له: "لا أطلب ولا أجرِّب الرب". وعندئذ أعلن إشعياء أن السيد الرب نفسه سيعطيهم آية: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل"، وفي سنواته الباكرة ستنتهي الدولتان اللتان كان يخشاهما (أرام وإسرائيل). وهو ما تم على يد تغلث فلاسر الثالث ملك أشور الذي صعد إلى دمشق وفتحها وسبى أهلها وقتل رصين ملكها في 732 ق. م. وبعد ذلك بعشر سنوات حاصر شلمنأسر ملك أشور السامرة مدة ثلاث سنوات، وأخيراً سقطت في يد الأشوريين في 722 ق. م.
وتتباين الآراء حول من كان هذا "الابن المدعو عمانوئيل" ، ومن أمه التي توصف بأنها "عذراء" ("عُلْمة"...). ويرى كثيرون من حيث أنها كانت علامة لآحاز، فلابد أنها كانت تشير أولاً إلى مرمى قريب يستطيع آحاز أن يميزه. وهناك أربعة آراء تدور حول هذا اللغز: (1) يرى بعض المفسرين أن كلمة "عُلْمة" (العذراء) لا تدل على واحدة بالذات، بل هي اسم جنس، فيكون "عمانوئيل" في هذه الحالة رمزاً للجيل الجديد الذي ستتم النبوة في باكر أيامه. ولكن هذا التفسير لا يتفق مع ما جاء بالعهد الجديد، ويقطع الصلة بين هذه النبوة وسائر النبوات المتعلقة بالمسيا. (2) إنها نبوة تشير إلى إحدى إمرأتين: إما امرأة إشعياء، أو امرأة آحاز. وفي الحالة الأولى يكون المقصود "بعمانوئيل" هو "مهير شلال حاش بز" (إش 8 : 1-4)، وأمه هي زوجة إشعياء الموصوفة بأنها "النبية" (إش 8 : 3)، التي كان إشعياء على وشك الاقتران بها، أي أنها كانت مازالت عذراء في وقت النطق بالنبوة، ويؤيدون هذا الرأي بأن أولاد إشعياء كانوا رموزاً (انظر عب 2: 13 مع إش 8: 18). ويرى آخرون أن "العذراء" المقصودة هي إحدى زوجات آحاز، وأن الابن المقصود هو "حزقيا"، ولكن هذا الرأي تعترضه صعوبات خطيرة، فحزقيا كان قد وُلد فعلاً منذ نحو تسع سنوات قبل النطق بالنبوة (انظر 2 مل 16: 2 ، 18: 2)، بينما من الواضح أن النبوة لم تكن عن أمر قد حدث، بل عن أمر سيحدث. (3) أن النبوءة تشير إلى المستقبل البعيد، وبخاصة في ضوء ما جاء في إنجيل متى (1: 23) عن العذراء مريم وابنها يسوع الذي "يُدعى اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" لأنه كان هو الله الذي "ظهر في الجسد" (1 تى 3: 16) ، والذي "فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كو 2: 9). ومع أنه تفسير سليم بالنسبة لمرمى النبوة البعيد لكنه يتغاضى عن أن النبوة كانت علامة لآحاز. (4) أن النبوة مزدوجة المرمى، كالكثير من نبوات العهد القديم، فعمانوئيل والعذراء رمزان، فالعذراء يرمز بها في المرمى القريب إلى امرأة إشعياء أو امرأة آحاز، وفي المرمى البعيد إلى العذراء مريم. و"عمانوئيل" يرمز في المرمى القريب إلى "مهيرشلال حاش بز" أو إلى "حزقيا"، أما في المرمى البعيد فإلى الرب يسوع.
ولاشك في أن النبوة كانت في مرماها البعيد تتعلق بولادة الرب يسوع المسيح من مريم العذراء، وهو ما نراه بكل وضوح في إنجيل متى حيث نقرأ: "هذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: "هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" (مت 1: 21- 23). وهو الذي يقول عنه إشعياء أيضاً: "لأنه يولد لنا ولد، ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً، أباً أبدياً رئيس السلام " (إش 6: 9)، فهو وحده الذي يحق أن يقال عنه "الله معنا"، ولم يكن مولده خلاصاً من ضيقة وقتية، بل خلاصاً أبدياً من الخطية والموت". ومن هذه المادة يتضح الأمر كله، فالقوم يلوون عنق النص كى ينطق بما يريدون رغم أنه لا علاقة له بهذا الذى يريدون، وذلك على مبدإ: "عنزة ولو طارت"!
الفصل الثانى:
"المجوس
ولمَّا وُلِدَ يَسوعُ في بَيتَ لَحْمِ اليَهودِيَّةِ، على عَهْدِ المَلِكِ هِيرودُسَ، جاءَ إلى أُورُشليمَ مَجوسٌ. مِنَ المَشرِقِ 2وقالوا: "أينَ هوَ المَولودُ، مَلِكُ اليَهودِ؟ رَأَيْنا نَجْمَهُ في المَشْرِقِ، فَجِئْنا لِنَسْجُدَ لَه".
3وسَمِعَ المَلِكُ هِيرودُسُ، فاَضْطَرَبَ هوَ وكُلُّ أُورُشليمَ. 4فجَمَعَ كُلَ رُؤساءِ الكَهَنةِ ومُعَلَّمي الشَّعْبِ وسألَهُم: "أينَ يولَدُ المَسيحُ؟" 5فأجابوا: "في بَيتَ لَحْمِ اليَهودِيَّةِ، لأنَّ هذا ما كَتَبَ النَبِـيٌّ: 6"يا بَيتَ لَحْمُ، أرضَ يَهوذا، ما أنتِ الصٌّغْرى في مُدُنِ يَهوذا، لأنَّ مِنكِ يَخْرُجُ رَئيسٌ يَرعى شَعْبـي إِسرائيلَ".
7فَدَعا هيرودُسُ المَجوسَ سِرُا وتَحقَّقَ مِنْهُم مَتى ظَهَرَ النَّجْمُ، 8ثُمَّ أرسَلَهُم إلى بَيتَ لَحْمَ وقالَ لَهُم: "اَذْهَبوا واَبْحَثوا جيَّدًا عَنِ الطَّفلِ. فإذا وجَدْتُموهُ، فأَخْبِروني حتى أذهَبَ أنا أيضًا وأسْجُدَ لَه".
9فلمَّا سَمِعوا كلامَ المَلِكِ اَنْصَرَفوا. وبَينَما هُمْ في الطَّريقِ إذا النَّجْمُ الذي رَأَوْهُ في المَشْرقِ، يَتَقَدَّمُهُمْ حتى بَلَغَ المكانَ الذي فيهِ الطِفلُ فوَقَفَ فَوْقَه. 10فلمَّا رَأوا النَّجْمَ فَرِحوا فَرَحًا عَظيمًا جِدُا، 11ودَخَلوا البَيتَ فوَجَدوا الطَّفْلَ معَ أُمَّهِ مَرْيَمَ. فرَكَعوا وسَجَدوا لَه، ثُمَّ فَتَحوا أَكْياسَهُمْ وأهْدَوْا إلَيهِ ذَهَبًا وبَخورًا ومُرًّا.
12وأنْذَرَهُمُ الله في الحُلُمِ أنْ لا يَرجِعوا إلى هيرودُسَ، فأخَذوا طَريقًا آخَرَ إلى بِلادِهِم.
الهرب إلى مصر
13وبَعدَما اَنْصرَفَ المَجوسُ، ظَهَرَ مَلاكُ الرَّبَّ لِيوسفَ في الحُلُمِ وقالَ لَه: "قُمْ، خُذِ الطِفْلَ وأُمَّهُ واَهربْ إلى مِصْرَ وأقِمْ فيها، حتى أقولَ لكَ متى تَعودُ، لأنَّ هيرودُسَ سيَبحَثُ عَنِ الطَّفْلِ ليَقتُلَهُ". 14فقامَ يوسفُ وأخذَ الطَّفْلَ وأُمَّهُ ليلاً ورحَلَ إلى مِصْرَ. 15فأقامَ فيها إلى أنْ ماتَ هيرودُسُ، ليتِمَّ ما قالَ الربٌّ بِلسانِ النبـيَّ: "مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ اَبني".
مقتل أولاد بيت لحم
16فَلمَّا رَأى هيرودُسُ أنَّ المَجوسَ اَستهزَأوا بِه، غَضِبَ جدُا وأمرَ بقَتلِ.كُلٌ طِفْلٍ في بَيتَ لحمَ وجِوارِها، مِنِ اَبنِ سَنَتَينِ فَما دونَ ذلِكَ، حسَبَ الوَقتِ الَّذي تحقَّقَهُ مِنَ المَجوسِ، 17فتَمَ ما قالَ النبـيٌّ إرْميا: 18"صُراخٌ سُمِعَفي الرٍامَةِ، بُكاءٌ ونَحيبٌ كثيرٌ، راحيلُ تَبكي على أولادِها ولا تُريدُ أنْ تَــتَعزّى، لأنَّهُم زالوا عَنِ الوجودِ".
الرجوع من مصر إلى الناصرة
19ولمَّا ماتَ هِيرودُس ظهَرَ ملاكُ الرَّبَّ ليوسفَ في الحُلمِ، وهوَ في مِصْرَ 20وقالَ لَه: "قُمْ، خُذِ الطَّفْلَ وأُمَّهُ واَرجِـــعْ إلى أرضِ إِسرائيلَ، لأنَّ الَّذينَ أرادوا أنْ يَقتُلوهُ ماتوا". 21فقامَ وأخَذَ الطَّفْلَ وأُمَّهُ ورَجَعَ إلى أرضِ إِسرائيلَ. 22لكِنَّهُ سَمِعَ أنَّ أرخيلاوُسَ يَملِكُ على اليَهودِيَّةِ خلَفًا لأبيهِ هِيرودُسَ، فخافَ أن يذهَبَ إلَيها. فأَنذَرَهُ الله في الحُلُمِ، فلَجأَ إلى الجَليلِ. 23وجاءَ إلى مدينةٍ اَسمُها النّاصِرَةُ فسكَنَ فيها، لِيَـتمَّ ما قالَ الأنبياءُ: "يُدعى ناصِريًّا".
أول ما يخطر على البال هنا هو أمر أولئك المجوس: من أين لهم العلم بأن هناك مَلِكًا لليهود قد وُلِد؟ أوقد ذُكِر ذلك فى كتبهم؟ لكن أين النص عندهم على ذلك؟ ولماذا يُذْكَر مثل هذا الأمر لديهم، وهم ليسوا من بنى إسرائيل، الذين إنما أُرْسِل لهم وحدهم السيد المسيح وليس إلى المجوس بأى حال؟ وإذا غضضنا النظر عن هذا فإن السؤال سرعان ما يجلجل فى الذهن: فما فائدة عِلْم المجوس بولادة عيسى؟ هل آمنوا؟ إنهم لم يقولوا: لقد جئنا لنعلن إيماننا بعيسى، بل ليسجدوا له. وهل السجود من علامات الإيمان أو مقتضياته؟ لقد أجاب المسيح، حسبما سنقرأ بعد قليل، بأنه قد قيل: للرب إلهك وحده تسجد! ولا يمكن القول بأنهم كانوا يعتقدون أنه ابن الله أو الله، إذ كل ما قالوه عنه هو أنه "ملك اليهود"كما مرّ. كما لا يمكن القول بأنهم أرادوا أن يعظموا هذا الملك، أولا لأنه لم يصبح ملكا بعد (ولن يصبح أبدا طبعا)، وثانيا لأنه ليس ملكا فارسيا ولا مجوسيا، فلماذا يسجدون له؟ وعلى أية حال لماذا لم نسمع بهؤلاء المجوس بعد ذلك؟ الطبيعى أن يظهروا بعد هذا حين يئين الأوان ويكبر عليه السلام ويبلغ مبلغ الأنبياء ويعلن دعوته كى يكونوا من حوارييه ما داموا قد تجشموا المجىء من بلادهم وتعرّضوا بسبب ذلك للخطر كما رأينا! أليس كذلك؟ واضح أن كاتب هذه التخاريف لا يستطيع أن يَسْبِك التأليف كما ينبغى، ولذلك ترك فيه ثغرات كثيرة! ثم من هؤلاء القوم؟ من أى بلد فى فارس؟ ما أسماؤهم؟ ماذا كانوا يعملون فى بلدهم قبل أن يفدوا إلى فلسطين؟ ثم كيف أَتَوْا إلى فلسطين؟ وماذا صنعوا عند عودتهم إلى بلادهم؟ ولماذا لم يدعوا الناس إلى الدخول فى دين عيسى؟ إن فارس تكاد أن تكون هى البلد الوحيد فى الشرق الأوسط الذى لم يعتنق النصرانية رغم أن ذلك النفر المجوسى هم أول البشر معرفةً بميلاد المسيح وإظهارًا لمشاعرهم نحوه وتبجيلهم له؟
ثم أليس غريبا أن يعتمد هيرودس، الذى أهمّه مولد عيسى كل هذا الهم، على أولئك المجوس الغرباء فى معرفة المكان الذى وُلِد فيه المسيح؟ أليس عنده العيون والجواسيس الذين يستطيعون أن يأتوه بهذا الخبر؟ ألم يكن بمقدوره على الأقل أن يرسل فى أعقابهم من يرقب حركاتهم وسكناتهم حتى يعرف بيت الوليد الجديد بدلا من أن ينتظر حتى يأتوه هم بالخبر كما قال المؤلف السقيم الخيال؟ ثم هناك حكاية النجم، وهذه فى حد ذاتها بَلْوَى مُسَيَّحة! كيف يا ترى يمكن أىَّ إنسان التعرفُ على بيت من البيوت من وقوف أحد النجوم فوقه؟ إن هذا لهو المستحيل بعينه! إن الكاتب الجاهل يظن أن النجم المذكور قد ظهر إثر ميلاد عيسى، غافلا (لأنه مغفل) أن الضوء الذى زعم أن المجوس كانوا يَرَوْنَه آنذاك إنما صدر من النجم قبل ذلك بآلاف السنين، ولم يأت لتوه كما توهم بجهله! ولقد كتب لى أحدهم منذ أَشْهُرٍ رسالةً مشباكيةً يحاول أن يقنعنى فيها بأنه كان من السهل على أولئك المجوس أن يعرفوا أن النجم واقف فوق بيت الطفل الوليد خَبْط لَزْق باستعمال بعض الآلات الفلكية! يا حلاوة يا أولاد! معنى ذلك أنهم كانوا علماء فى الفلك والرياضيات (ولعلهم من أحفاد عمر الخيام، لكن بالمقلوب!)، جاؤوا من بلادهم ومعهم مرصد وضعوه على ظهر حمار مثلا (تخيلوا مرصدا على ظهر حمار!)، فنصبوه فى زقاق من أزقة بيت لحم وأخذوا يرصدون ويكتبون ويحسبون ويتجادلون برطانتهم الفارسية، وفى أيديهم الآلات الحاسبة ومسطرة حرف "تى" لزوم المنظرة، والناس تنظر إليهم وتتفرج عليهم (كما كنا نفعل ونحن لا نزال فى الجامعة حين نرى طلاب كلية الهندسة أثناء تدريباتهم على أعمال المساحة والقياس فى حديقة الأورمان)، لينتهوا فى آخر المطاف بعد فشلهم فى حسابات الفلك إلى اللجوء للطريقة التقليدية فى بلادنا التى لا يوجد أحسن منها للشعوب المتخلفة (أما كان من الأول بدلا من تضييع كل هذا الوقت؟) فينادوا فى الشوارع عن "عَيِّل مولود حديثا يا أولاد الحلال، ولابس بيجامة كستور مقلّمة وفى فمه بزّازة، وفى رجله فردة لَكْلُوك واحدة بأبزيم صفيح، فمن يدلنا على بيته له مكافأة ثمينة! وشىء لله يا عَدَوِى"! ثم كيف يا ترى كان النجم يتقدمهم أثناء سفرهم، والنجوم لا تظهر إلا ليلا؟ هل معنى هذا أنهم كانوا ينامون نهارا ثم يستيقظون ليلا ليستأنفوا المسير؟ أم ترى مخترع الإنجيل كان يظن أن المسافة بين فارس وبيت لحم فى فلسطين لا تزيد عن "فَرْكَة كَعْب" وتُقْطَع فى بضع ساعات من الليل؟ أليس ذلك أمرا يبعث على الاشمئزاز؟ ثم إذا أردنا أن ننصحهم ونأخذ بيدهم كى ننتشلهم من هذا التخريف لأن حالهم يصعب علينا شتموا نبينا وأقلّوا أدبهم عليه!
كما أشار الكاتب فى النصّ الذى بين أيدينا إلى النبوءة الخاصة بولادة المسيح فى بيت لحم: "مِنكِ يَخْرُجُ رَئيسٌ يَرعى شَعْبـي إِسرائيلَ"، وهى تعنى (كما هو واضح) أن المسيح سوف يكون راعيا لبنى إسرائيل. فهل تحقق شىء من هذا؟ أبدا، فقد كفر به بنو إسرائيل واتهموا أمه فى شرفها وتآمروا على قتله، بل إنهم والنصارى يقولون إنهم قد استطاعوا فعلا أن يقتلوه. وعلى أية حال فإنه لم تُتَحْ له قَطُّ الفرصة لرعاية بنى إسرائيل لا روحيا ولا سياسيا! إنها إذن نبوءةٌ فِشِنْك كمعظم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد! ولا ننس ما أبديته قبل قليل من استغرابى اهتمام المجوس بولادة المسيح، إذ ليسوا من بنى إسرائيل، الذين إنما أُرْسِل عليه السلام إليهم لا إلى المجوس. كذلك سمى المجوس سيدنا عيسى: "ملك اليهود"، وهى أيضا تسمية كاذبة، إذ متى كان المسيح مَلِكًا لليهود؟ لقد قال عليه السلام مرارا إن مملكته ليست من هذا العالم، فما صلته إذن بالمَلَكِيّة والملوك؟ ثم ألم يجد المجوس من الألطاف ما يتحفونه به عليه السلام إلا الذهب؟ وهل يحتاج ابن الله إلى مثل هذه الأشياء، وهو الذى فى يد أبيه كل كنوز الأرض والسماء؟ إن الكاتب الأبله يقيس أبناء الآلهة على أبناء حكام الدول المتخلفة الذين لا يشبعون من المال والذهب رغم أن ميزانية الدولة كلها فى أيديهم يغرفون منها ما يشاؤون، أو على الباباوات المغرمين غرامًا مرضيًّا باستعراض أنفسهم فى الإستبرق والسندس والذهب والياقوت وسائر الجواهر الثمينة رغم ما يزعجوننا به من كلام عن الوداعة والتواضع والزهد والرهبانية والتشبه بالمسيح فى الانصراف عن زخارف الحياة الدنيا! يا له من خيال سقيم! يا مَتَّى يا ابن الحلال، الله لا يسيئك، أولاد الآلهة هؤلاء أولاد عِزّ شَبْعَى لا ينظرون إلى ذهب أو ألماس! والعجيب، كما سوف نرى، أن المسيح يدعو إلى مخاصمة الدنيا خصومة لا هوادة فيها ولا تفاهم بأى حال مما من شأنه أن يوقف دولاب الحياة ويشجع على العدمية والموت، فكيف لم يلهم الله سبحانه وتعالى المجوس أن يقدموا لابنه شيئا يليق به وباهتماماته من أشياء الروح لا من ملذات الدنيا، وليكن نسخة مصورة من العهد القديم للأطفال مثلا؟
وتقول الفقرة الثالثة عشرة من الإصحاح: "وبَعدَما اَنْصرَفَ المَجوسُ، ظَهَرَ مَلاكُ الرَّبَّ لِيوسفَ في الحُلُمِ وقالَ لَه: "قُمْ، خُذِ الطِفْلَ وأُمَّهُ واَهربْ إلى مِصْرَ وأقِمْ فيها، حتى أقولَ لكَ متى تَعودُ، لأنَّ هيرودُسَ سيَبحَثُ عَنِ الطَّفْلِ ليَقتُلَهُ". 14فقامَ يوسفُ وأخذَ الطَّفْلَ وأُمَّهُ ليلاً ورحَلَ إلى مِصْرَ". ونقول نحن بدورنا: ولماذا اهتمام السماء بإنقاذ الطفل يسوع من القتل إذا كان قد أتى إلى العالم كما يزعم القوم ليُقْتَل تكفيرًا عن الخطيئة البشرية؟ ألم يكن الأفضل أن تتركه السماء يموت فى صغره فتنتهى مهمته سريعا بدل الانتظار إلى أن يكبر وتضيع كل الجهود التى بذلتها أمه فى تربيته وتعليمه والإنفاق عليه فى الهواء؟ وخير البر عاجله كما يقولون، وما دام مقتولاً مقتولاً فالأفضل الآن، والذى تعرف ديته اقتله وانته من أمره سريعا، فالوقت من ذهب! آه، لكن فاتنا أننا فى منطقة الشرق الأوسط حيث الوقت لا قيمة له، فهو يُعَدّ بالكوم وليس بالثوانى ولا الدقائق، فضلا عن الساعات أو الأيام، ودعنا من السنين!
أما اتخاذ القوم من عبارة "مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابني" دليلا على أنه، عليه السلام، هو ابن الله حقا، فالرد عليه بسيط جدا جدا أسهل مما يتصور الإنسان، إذ الأناجيل مفعمة بعبارة "أبناء الله" و"أبوك أو أبوكم الذى فى السماوات" على قفا من يشيل، وكلها من كلام المسيح ذاته: "هنيئًا لِصانِعي السَّلامِ، لأنَّهُم أبناءَ الله يُدْعَونَ" (متى/ 5/ 9)، "أحِبّوا أَعداءَكُم، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يضْطَهِدونكُم، فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ" (5/ 44- 45)، "فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ" (5/ 48)، "إيَّاكُمْ أنْ تعمَلوا الخَيرَ أمامَ النَّاسِ ليُشاهِدوكُم، وإلاَّ فلا أجرَ لكُم عِندَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ" (6/ 1)، "فإذا صَلَّيتَ فاَدخُلْ غُرفَتَكَ وأغلِقْ بابَها وصَلٌ لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ"، "لا تكونوا مِثلَهُم، لأنَّ الله أباكُم يَعرِفُ ما تَحتاجونَ إلَيهِ قَبلَ أنْ تسألوهُ" (6/ 8)، "فصلّوا أنتُم هذِهِ الصَّلاةَ: أبانا الَّذي في السَّماواتِ، ليتَقدَّسِ اَسمُكَ" (6/ 9)، "فإنْ كُنتُم تَغفِرونَ لِلنّاسِ زَلاّتِهِم، يَغفِرْ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم. وإنْ كُنتُم لا تَغفِرونَ لِلنّاسِ زلاّتِهِم، لا يَغفِرُ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم" (6/ 14- 15)، "... حتى لا يَظهَرَ لِلنّاسِ أنَّكَ صائِمٌ، بل لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ" (6/ 18)، "انظُروا طُيورَ السَّماءِ كيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحْصُدُ ولا تَخزُنُ، وأبوكُمُ السَّماويٌّ يَرزُقُها" (6/ 26)، "فإذا كُنتُم أنتُمُ الأشرارَ تَعرِفونَ كيفَ تُحسِنونَ العَطاءَ لأَبنائِكُم، فكَمْ يُحسِنُ أبوكُمُ السَّماويٌّ العَطاءَ للَّذينَ يَسألونَهُ؟" (7/ 11)، "وأمّا الأبرارُ، فيُشرِقونَ كالشَّمسِ في مَلكوتِ أبـيهِم" (13/ 43)، "وهكذا لا يُريدُ أبوكُمُ الَّذي في السَّماواتِ أنْ يَهلِكَ واحدٌ مِنْ هَؤلاءِ الصَّغارِ" (18/ 14)، "ولا تَدْعوا أحدًا على الأرضِ يا أبانا، لأنَّ لكُم أبًا واحدًا هوَ الآبُ السَّماويٌّ" (23/ 9)، فضلا عن أن المسيح عليه السلام كثيرا ما سمى نفسه: "ابن الإنسان" كما هو معروف، كما أكد أن أمه وإخوته الحقيقيين هم المؤمنون الذين يطيعون الله ويخلصون له سبحانه، وهو ما يدل دلالة قاطعة على أن بنوة البشر لله إنما تعنى فى مثل هذه السياقات الإيمان والطاعة المطلقة له عز وجل: "وبَينَما يَسوعُ يُكلَّمُ الجُموعَ، جاءَتْ أمٌّهُ وإخوَتُهُ ووقَفوا في خارِجِ الدّارِ يَطلُبونَ أن يُكلَّموهُ. فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: "أُمٌّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلَّموكَ".فأجابَهُ يَسوعُ: "مَنْ هيَ أُمّي؟ ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟" وأشارَ بـيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: "هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. لأنَّ مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أبـي الَّذي في السَّماواتِ هوَ أخي وأُختي وأُمّي" (12/ 46- 50). ثم إن ابن الإله لا يمكن أن ينزل بنفسه إلى مرتبة النبى أبدا، لكننا نسمع عيسى بأذننا هذه التى سيأكلها الدود يقول لأهل الناصرة حين رفضوا الإيمان به: "لا نبـيَّ بِلا كرامةٍ إلاّ في وَطَنِهِ وبَيتِهِ" (13/ 57). كذلك ففى كل من العهد القديم وكلام الرسل فى العهد الجديد كثيرا ما نقابل عبارة"أبونا" مقصودا بها الله سبحانه وتعالى، ومنها قول إشعيا مثلا: "تطلَّعْ من السماء، وانظر من مسكن قدسك...، فإنك أنت أبونا، وإن لم يعرفنا إبراهيم، وإن لم يدرنا إسرائيل. أنت يا رب أبونا" (إشعيا/ 63/ 15- 16)، "والآن يا رب انت ابونا. نحن الطين وانت جابلنا وكلنا عمل يديك" (إشعيا/ 64/ 8)، "‎هو يدعوني ابي انت. الهي وصخرة خلاصي‎" (مزامير/ 89/ 26، والمتكلم هو الله، والحديث عن داود)، "ارجعوا ايها البنون العصاة، يقول الرب... وانا قلت كيف اضعك بين البنين واعطيك ارضا شهية ميراث مجد امجاد الامم. وقلت تدعينني يا ابي ومن ورائي لا ترجعين" (إرميا/ 3/ 14، 18)، "نعمة لكم وسلام من الله ابينا" (إفسوس/ 1/ 2، وكورنثوس/ 1/ 2، وتسالونيكى/ 1/ 1)، "يثبّت قلوبكم بلا لوم في القداسة امام الله ابينا" (تسالونيكى/ 3/ 13). هذا، ولمعلوميّة القارئ نشير إلى أن هناك فرقة تنسب نفسها إلى الإسلام ظهرت فى العصر الحديث (لكن المسلمين يتبرأون منها ويرمونها بالكفر، وهى فرقة القاديانية) لها تفسير غريب لميلاد عيسى من غير أب، إذ يقولون بالحَبَل الذاتى اعتمادا على ما قاله بعض الأطباء من أنهم لا يستبعدون أن يتم الحمل فى رحم امرأة دون تلقيح من رجل (انظر تفسير الآية 47 (48 عندهم) من سورة "آل عمران" فى التفسير الكبير (5 مجلدات) الذى وضعه ميرزا بشير الدين محمود (الخليفة الثانى للمسيح الموعود عندهم غلام ميرزا أحمد نبى قاديان المزيف): Mirza Bashir-ud-Din Mahmood Ahmad (1889-1965)، وترجمه أتباعه إلى الإنجليزية بعنوان "The Holy Quran"/ م 1/ ص 398/ هـ 337). أى أنه لم يكن هناك روح قدس ولا يحزنون. ولا شك أن هذا التفسير، رغم عدم اتساقه مع ظاهر القرآن ورغم أنى لا أوافق عليه وأراه حيلة من الحيل التى يلجأ إليها القاديانيون لإنكار المعجزات كى يبدوا عصريين يحترمون كلمة العلم، هو أفضل ألف مرة من الكفر الذى يرتفع بمقام السيد المسيح عليه السلام عن مقام البشرية ويقول إنه هو الله أو ابن الله، تعالى الله عن ذلك الشرك تعاليا عظيما يليق بجلال ألوهيته!
ونأتى لما قاله مؤلف السفر من أن هيرودس قد أمر بقتل أطفال بنى إسرائيل من سن سنتين فنازلا، وهذا نص كلامه حرفيا: "فَلمَّا رَأى هيرودُسُ أنَّ المَجوسَ اَستهزَأوا بِه، غَضِبَ جدُا وأمرَ بقَتلِ.كُلٌ طِفْلٍ في بَيتَ لحمَ وجِوارِها، مِنِ اَبنِ سَنَتَينِ فَما دونَ ذلِكَ، حسَبَ الوَقتِ الَّذي تحقَّقَهُ مِنَ المَجوسِ، 17فتَمَ ما قالَ النبـيٌّ إرْميا: 18"صُراخٌ سُمِعَ في الرّامَةِ، بُكاءٌ ونَحيبٌ كثيرٌ، راحيلُ تَبكي على أولادِها ولا تُريدُ أنْ تَــتَعزّى، لأنَّهُم زالوا عَنِ الوجودِ". ولست أطمئن لهذا الكلام الذى لم يسجل التاريخ عنه شيئا ولا تكلمت عنه الأناجيل ولا السيد المسيح بعد ذلك وكأن هؤلاء الأطفال "شويّة لبّ فى قرطاس" قزقزهم هيرودس فى سهرة قدّام التلفزيون وانتهى الأمر! أما النبوءة الجاهزة التى ساقها المؤلف عقب القصة كعادته فى كل خطوة يخطوها وكأنه خالتى بَمْبَة التى لم تكن تكفّ عن الاستشهاد بالأمثال فى برنامج المرأة فى الإذاعة المصرية، فلا معنى لها هنا كما هو الحال فى كثير من المواضع، لأن راحيل هذه هى أم يوسف، فلا علاقة لها من ثم بتلك الواقعة غير القابلة للتصديق. ومن قال إنها فى القصة لم تتعزّ عن موت أولادها بل ظلت تصرخ وتنتحب وتبكى فى حرقة، وقد رأينا أن أحدا لم يبال بالأطفال المساكين أو يذرف عليهم دمعة؟ وهل الرامة هى بيت لحم؟ إن الرامة تقع إلى الشمال من أورشليم على بعد عدة كيلومترات، أما بيت لحم فشىء آخر. وأقرب شىء إلى أن يكون هو المراد من تلك النبوءة رجوع بنى إسرائيل من المنفى إلى بلادهم، وليس قتل هيرودس المزعوم لأطفال بنى إسرائيل، لأنها تفتقد التناظر الذى ينبغى أن يتوفر فى الرمز. إننى لأتعجب فى كل مرة أقرأ فيها لأمثال زيكو حين يتكلمون عن نبوءات الكتاب المقدس ويحاولون تفسيرها، وأتساءل: ترى هل تَغَطَّوْا جيدا قبل الإخلاد إلى الفراش فلم تتعرّ أردافهم وهم نائمون؟ الواقع أن النبوءة المذكورة التى رآها إرميا حسبما جاء فى العهد القديم (إرميا/ 31/ 15- 17) لا علاقة لها بحادثة قتل هيرودس أطفال بنى إسرائيل من سِنّ عامَيْن فهابطًا، إذ الكلام عن تغيب أبناء راحيل عن البلاد فى أرض العدو. وهذا نص النبوءة كما ورد فى ترجمة جمعيات الكتاب المقدس المتحدة: "صوتٌ سُمِع فى الرامة. نَوْحٌ، بكاءٌ مُرّ. راحيل تبكى على أولادها وتأبى أن تتعزى عن أولادها لأنهم ليسوا بموجودين، هكذا قال الرب. امنعى صوتك عن البكاء وعينيك عن الدموع لأنه يوجد جزاء لعملك، يقول الرب، فيرجعون من أرض العدو، ويوجد رجاء لآخرتك، يقول الرب، فيرجع الأبناء إلى تُخْمهم". وفى "دائرة المعارف الكتابية" تحت عنوان "راحيل" نقرأ أن "النبى (أى النبى إرميا) صوَّر فى عبارة شعرية عويل راحيل على أبنائها، إما لأنه سبق فرأى أن المسببِّين من يهوذا وبنيامين سيجتمعون فى الرامة بعد سقوط أورشليم وقبل اقتيادهم إلى السبى فى بابل (إرميا 40: 1)، أو لأن الرامة كانت أكمة مرتفعة فى أرض بنيامين يمكن منها رؤية الخراب الذى أصاب البلاد". وطبعا هذا كله لو أن النبى إرميا قال فعلا ذلك الكلام.
الفصل الثالث:
"بشارة يوحنا المعمدان
وفي تِلكَ الأيّامِ جاءَ يوحنّا المَعمدانُ يُبشَّر في برَّيَّةِ اليهودِيَّةِِِ 2فيقولُ: "تُوبوا، لأنَّ مَلكوتَ السَّماوات اَقتربَ!" 3ويوحَنّا هوَ الذي عَناهُ النبـيٌّ إشَعْيا بِقولِهِ: "صوتُ صارِخِ في البرّيّةِ: هَيَّئوا طريقَ الربَّ واَجعَلوا سُبُلَهُ مُستَقيمةً".
4وكانَ يوحنّا يَلبَسُ ثوبًا مِنْ وبَرِ الجِمالِ، وعلى وسَطِهِ حِزامٌ مِنْ جِلد، ويَقْتاتُ مِنَ الجَرادِ والعَسَلِ البرَّيَّ. 5وكانَ النّاسُ يَخرُجونَ إليهِ مِنْ أُورُشليمَ وجَميعِ اليَهودِيَّةِ وكُلٌ الأرجاءِ المُحيطَةِ بالأُردنِ. 6ليُعَمَّدَهُم في نَهرِ الأردُنِ، مُعتَرِفينَ بِخَطاياهُم.
7ورأى يوحَنّا أنَّ كثيرًا مِنَ الفَرَّيسيّـينَ والصَدٌّوقيّـينَ يَجيئونَ إلَيهِ ليَعتَمِدوا، فقالَ لَهُم: "يا أولادَ الأفاعي، مَنْ علَّمكُم أنْ تَهرُبوا مِنَ الغَضَبِ الآتي؟ 8أثْمِروا ثمَرًا يُبَرْهِنُ على تَوْبتِكُم، 9ولا تقولوا لأنفسِكُم: إنَّ أبانا هوَ إبراهيمُ. أقولُ لكُم: إنَّ الله قادرٌ أنْ يَجعَلَ مِنْ هذِهِ الحِجارَةِ أبناءً لإبراهيمَ. 10ها هيَ الفأسُ على أُصولِ الشَّجَرِ. فكُلُّ شجَرَةٍ لا تُعطي ثَمرًا جيَّدًا تُقطَعُ وتُرمى في النّارِ. 11أنا أُعمَّدُكُمْ بالماءِ مِنْ أجلِ التَّوبةِ، وأمّا الَّذي يَجيءُ بَعدي فهوَ أقوى مِنَّي، وما أنا أهلٌ لأنْ أحمِلَ حِذاءَهُ. هوَ يُعمَّدُكُم بالرٌّوحِ القُدُسِ والنّارِ، 12ويأخذُ مِذراتَه. بيدِهِ ويُنَقّي بَيدَرَه، فيَجمَعُ القَمحَ في مَخزَنِه ويَحرُقُ التَّبنَ بنارٍ لا تَنطَفئُ.
يوحنا يعمّد يسوع
13وجاءَ يَسوعُ مِنَ الجليلِ إلى الأُردنِ ليتَعَمَّدَ على يدِ يوحنّا. 14فمانَعَهُ يوحنّا وقالَ لَه: "أنا أحتاجُ أنْ أَتعمَّدَ على يدِكَ، فكيفَ تَجيءُ أنتَ إليَّ 15فأجابَهُ يَسوعُ: "ليكُنْ هذا الآنَ، لأنَّنا بِه نُــتَمَّمُ مَشيئةَ الله". فَوافَقَهُ يوحنّا.
16وتعمَّدَ يَسوعُ وخَرَجَ في الحالِ مِنَ الماءِ. واَنفَتَحتِ السَّماواتُ لَه، فرأى رُوحَ الله يَهبِطُ كأنَّهُ حَمامَةٌ ويَنزِلُ علَيهِ. 17وقالَ صوتٌ مِنَ السَّماءِ: "هذا هوَ اَبني الحبيبُ الَّذي بهِ رَضِيتُ".
من الغريب غير المفهوم أن يستقبل يحيى عليه السلام من أتاه من الفَرِّيسيّين والصَّدُوقيين ليتعمدوا على يديه ويعترفوا بخطاياهم، بهذه الشتائم، مع أنهم بمجيئهم إليه قد برهنوا على أنهم يشعرون بالذنب ويريدون التوبة، وإلا فهل يحق لنا أن نشق عن قلوب الناس ونقول إننا نعرف ما فى طيات ضمائرهم أفضل مما يعرفونه ثم نتهمهم بأنهم لا يصلحون للتوبة؟ أليس هذا افتئاتا منا على شأن من شؤون الله؟ ألم يكن ينبغى أن يعطيهم يحيى عليه السلام فرصة يجربهم فيها قبل أن يُسْمِعهم تلك الشتائم القارصة المهينة دون داعٍ؟ إننى لا أصدّق أبدا أن يحيى كان بهذه الخشونة مع من جاء ليتوب حتى لو كانت توبته ظاهرية لم تخرج من الأعماق! إن عبارة كاتب السفر تقول: "وفي تِلكَ الأيّامِ جاءَ يوحنّا المَعمدانُ يُبشَّر في برَّيَّةِ اليهودِيَّةِِِ". والواقع أن هذا ليس تبشيرا على الإطلاق، بل هو تنفير من التوبة وتعسير لها وتبغيض للناس فى الدين والعمل الصالح كله!
ثم إننا نسمعه يقول: "11أنا أُعمَّدُكُمْ بالماءِ مِنْ أجلِ التَّوبةِ، وأمّا الَّذي يَجيءُ بَعدي فهوَ أقوى مِنَّي، وما أنا أهلٌ لأنْ أحمِلَ حِذاءَهُ. هوَ يُعمَّدُكُم بالرٌّوحِ القُدُسِ والنّارِ، 12ويأخذُ مِذراتَه. بيدِهِ ويُنَقّي بَيدَرَه، فيَجمَعُ القَمحَ في مَخزَنِه ويَحرُقُ التَّبنَ بنارٍ لا تَنطَفئُ". وتعليقنا على هذا أن المسيح عليه السلام لم يعمد أحدا بالنار، وهذه هى الأناجيل بين أيدينا، فلْيُرِنى فيها المعترض على كلامى ما يخالفه! ولا يقل أحد إن الكلام هنا على المجاز، لأن النار إنما ذُكِرَتْ فى مقابل الماء، والماء هنا على الحقيقة، فقد كان يحيى يعمّد الناس (كما يقول الكاتب) فى نهر الأردن، كما أنه عليه السلام قد قال بنفسه إنه إذا كان يعمّدهم فيه بالماء فسوف يأتى ذلك الشخص الآخر (الذى يفسره النصارى بأنه السيد المسيح) فيعمدهم بالنار، مع أنه لا نار هناك ولا دياولو! والعجيب، وكل أمور القوم عجب، أن النصارى إنما يعمّدون أولادهم والمتنصرين من أهل الأديان الأخرى بالماء رغم ذلك لا بالنار. ثم نقول، من أجل ذلك ومن أجل غير ذلك، إن كتابهم محرَّف فيردّ سفلة المهجر بسبّ الرسول الكريم ويتطاولون عليه سَفَهًا منهم وإجرامًا وكفرًا!
كذلك يقول يحيى حسب كلام المؤلف: "وأمّا الَّذي يَجيءُ بَعدي فهوَ أقوى مِنَّي، وما أنا أهلٌ لأنْ أحمِلَ حِذاءَهُ". ومرة أخرى يرى القوم أن المقصود هو السيد المسيح، ومع هذا نراه يعمّد السيد المسيح، فكيف ذلك؟ ولقد جاء فى الترجمة التفسيرية لكتاب الحياة على لسان عيسى حين امتنع يحيى فى البداية عن تعميده: "أسمح الآن بذلك، فهكذا يليق بنا أن نُتِمّ كل بِرّ"، وهو ما يعنى أن المسيح من دون هذا التعميد سوف يكون ناقصًا بِرًّا، فكيف يكون ابن الله ناقصًا بِرًّا؟ بل كيف يكون الآتى لتكفير الخطايا البشرية من لدن آدم إلى يوم الدينونة ناقصًا بِرًّا ويحتاج من ثم للتعميد؟ على رأى المثل: "جئتك يا عبد المعين تعيننى، فوجدتك يا عبد المعين تُعَان". أما فى الترجمة التى أعتمد عليها هنا فقد جاء كلام المسيح هكذا: "ليكُنْ هذا الآنَ، لأنَّنا بِه نُــتَمَّمُ مَشيئةَ الله"، ويا له من فارق فى المعنى! ثم نقول لهم إن فى كتابكم تحريفات وتخريفات كثيرة فيسبوننا ويهدوننا بأمريكا! يا للعجب، وهل تستطيع قوة أمريكا أن تغير من حقائق الأمور؟ وهل يليق بمن يزعمون أنهم على الحق وأنهم لا يعتمدون إلا على "قوة الله" أن يستقووا بأمريكا؟ ليس أمامى إلا أن أقول أنا إذن كما كان يقول فريد شوقى: "يا قوة الله"!
وفى الفقرة الأخيرة نقرأ الآتى: "16وتعمَّدَ يَسوعُ وخَرَجَ في الحالِ مِنَ الماءِ. واَنفَتَحتِ السَّماواتُ لَه، فرأى رُوحَ الله يَهبِطُ كأنَّهُ حَمامَةٌ ويَنزِلُ علَيهِ. 17وقالَ صوتٌ مِنَ السَّماءِ: "هذا هوَ اَبني الحبيبُ الَّذي بهِ رَضِيتُ"، ثم نتساءل: كيف يا ترى انفتحت السماوات؟ هل كانت مغلقة؟ إن التصور الكامن وراء هذه العبارة يشى بالكثير، إذ من الواضح أن كاتب هذا الكلام المضحك يحسب أن السماء سقف معدنى ينفتح وينغلق كسقف جراج ألكترونى مثلا. ثم من أدرانا أن الحمامة التى رآها المسيح (لو كانت هناك حمامة فعلا وليست من بُنَيّات خيال الكاتب) هى الروح القدس؟ إن هناك أغنية مصرية جميلة من أغانى أواسط الخمسينات من القرن المنصرم تغنيها المطربة أحلام بصوتها الناحل الخجول تقول كلماتها: "يا حَمَام البَرّ سَقَّفْ * طِيرْ وهَفْهَفْ * حُومْ ورَفْرَفْ * على كِتْف الحُرّ وقَّفْ * والْقُطِ الغَلَّة"، فإذا نظرنا فى هذه الأغنية وجدنا هاهنا أيضا حماما ينزل على كتف إنسان كما هبطت الحمامة على السيد المسيح إن صحت القصة، لكننا لا نستطيع أن نقول إن الحمامة هنا هى الروح القدس، لأن الروح القدس ليس مسألة هينة يدّعيها كل من هب ودب، فما الدليل إذن على أن الحمامة الواردة فى القصة هى فعلا الروح القدس؟ لقد ذكرت القصة أن ثمة حمامة نزلت على المسيح، وهذا كل ما هنالك، فبأى حق يقال إنها الروح القدس؟ إنها لم تنطق ولم تأت من التصرفات ما يمكن أن يكون أساسا لبحث هذه المسألة، بل نزلت وحسب. وكم من الحمام يطير وينزل على كتف الحُرّ وعلى رأس العبد وفى الأجران وفوق الأغصان وعلى ضفاف الأنهار وأسلاك البرق... إلخ، فكيف نميز بين حمامة هى روح القدس وحمامة أخرى هى روح البؤس؟ إنه كله حمام، والحمام أكثر من الهم على القلب، أفكلما رأينا حمامة تهبط من الفضاء قلنا إنها الروح القدس؟ كلا وحاشا! ثم من الذى رأى هذه الحمامة وروى قصتها؟ لا يمكن أن يكون هو السيد المسيح لأنه كان دائم الحرص على ألا يعرف أحد بأية آية تتحقق له، فمن هو إذن يا ترى؟ وكيف عرف أن الحمامة هى الروح القدس؟ فإذا كان الناس هم الذين رَأَوْها فهل من الممكن أن يكونوا قد رَأَوْها ثم سكتوا رغم ذلك فلم يعلقوا على هذه الحادثة العجيبة؟ وهل كلَّ يوم ينزل الروح القدس؟ لقد كان ينبغى أن يكون هذا الأمر حديث المدينة والقرية والنَّجْع والكَفْر والدنيا كلها! وهذا إذا صدّقنا أوّلاً أن متى هو كاتب هذا الإنجيل، وثانيًا أنه أهل للتصديق، وثالثًا أن الذى حكى له القصة صادق أيضا، ورابعًا أنها لا تناقض العقل والمنطق. وأين نحن من هذا؟
ثم هذا الصوت النازل من السماء، من يا ترى سمعه غير المسيح، إذ النص قد سكت عن هذا؟ ذلك أن الناس جميعا، كما رأينا، كانوا يقولون إنه ابن يوسف النجار لأن كل الظواهر والمظاهر تقول ذلك، وهو ما شاركهم فى ترديده الكاتب عدة مرات على ما سيأتى بيانه! وتعالَوْا نتأمل فى العبارة التالية: "هذا هوَ اَبني الحبيبُ الَّذي بهِ رَضِيتُ": ما معناها يا ترى؟ هل كان الله قبل ذلك غير راض عن ابنه؟ ولماذا؟ أم هل سبب الرضا أنه أصبح أخيرا، وبعد طول انتظار، أبًا بعد أن كاد اليأس يستولى عليه من أن تحمل زوجته وتنجب له طفلا بعد كل تلك الأحقاب الطويلة؟ وهل يمكن أن يقال بعد ذلك إن عيسى (الذى هو الأقنوم الثانى، أى الابن) هو نفسه الأقنوم الأول، لكن من وجهٍ آخر، فى الوقت الذى يتحدث فيه الله (الآب، وهو الأقنوم الأول) عنه بوصفه شخصا ثانيا مختلفا تمام الاختلاف، مثلما هو نفسه الأقنوم الثالث، لكن من وجه آخر أيضا، فى الوقت الذى يعمّد هو فيه الناس بالروح القدس بما يدل على أن الروح القدس شخص ثالث مختلف تمام الاختلاف؟ والذى يغيظ أننا كلما قلنا إن دين القوم محرّف هبّوا يشتمون وينادون "ماما أمريكا" يهددوننا بها، ولا يريدون أبدا أن يفكروا معنا ولو مرة واحدة بالعقل والمنطق!
الفصل الرابع
"إبليس يجرب يسوع
وقادَ الرٌّوحُ القُدُسُ يَسوعَ إلى البرَّيَّةِ ليُجَرَّبَهُ إِبليسُ. 2فصامَ أربعينَ يومًا وأربعينَ لَيلةً حتَّى جاعَ. 3فَدنا مِنهُ المُجَرَّبُ وقالَ لَه: "إنْ كُنْتَ اَبنَ الله، فقُلْ لِهذِهِ الحِجارَةِ أنْ تَصيرَ خُبزًا". 4فأجابَهُ: "يقولُ الكِتابُ: ما بِالخبزِ وحدَهُ يحيا الإنسانُ، بل بكلٌ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِنْ فمِ الله".
5وأخذَهُ إبليسُ إلى المدينةِ المُقَدَّسَةِ، فأوْقَفَهُ على شُرفَةِ الهَيكل 6وقالَ لَه: "إنْ كُنتَ اَبنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إلى الأسفَلِ، لأنَّ الكِتابَ يقولُ: يُوصي ملائِكَتَهُ بكَ، فيَحمِلونَكَ على أيديهِم لئلاَّ تَصدِمَ رِجلُكَ بِحجرٍ".
7فأجابَهُ يَسوعُ: "يقولُ الكِتابُ أيضًا: لا تُجرَّبِ الرَّبَّ إلهَكَ".
8وأخَذَهُ إبليسُ إلى جبَلٍ عالٍ جدُا، فَأراهُ جَميعَ مَمالِكِ الدٌّنيا ومجدَها 9وقالَ لَه: "أُعطِيكَ هذا كلَّهُ، إنْ سجَدْتَ لي وعَبدْتَني". 10فأجابَهُ يَسوعُ: "إِبتَعِدْ عنّي يا شَيطانُ! لأنَّ الكِتابَ يقولُ: للربَّ إلهِكَ تَسجُدُ، وإيّاهُ وحدَهُ تَعبُدُ".
11ثُمَّ تَركَهُ إبليسُ، فجاءَ بَعضُ الملائِكةِ يخدِمونَهُ.
يسوع يبشر في الجليل
12وسَمِعَ يَسوعُ باَعتِقالِ يوحنّا، فرجَعَ إلى الجليلِ. 13ثُمَّ ترَكَ النّاصِرةَ وسكَنَ في كَفْر َناحومَ على شاطِـىءِ بحرِ الجليلِ في بلاد زَبولونَ ونَفتالي، 14ليَتِمَّ ما قالَ النَّبـيٌّ إشَعْيا: 15"يا أرضَ زَبولونَ وأرضَ نَفتالي، على طريقِ البحرِ، عَبْرَ الأردنِ، يا جليلَ الأُمَمِ! 16الشَّعْبُ الجالِسُ في الظَّلامِ رأى نورًا ساطِعًا، والجالِسونَ في أرضِ المَوتِ وَظِلالِهِ أشرَقَ علَيهِمِ النٌّورُ". 17وبدأَ يَسوعُ مِنْ ذلِكَ الوقتِ يُبشَّرُ فيَقولُ: "توبوا، لأنَّ مَلكوتَ السَّماواتِ اَقتَرَبَ".
يسوع يدعو التلاميذ الأوّلين
18وكانَ يَسوعُ يَمشي على شاطئِ بحرِ الجليلِ، فرأى أخَوَينِ هُما سِمعانُ المُلقَّبُ بِبُطرُسَ وأخوهُ أندراوُسُ يُلقِيانِ الشَّبكَةَ في البحرِ، لأنَّهُما كانا صيَّادَيْنِ. 19فقالَ لَهُما: "إتبَعاني، أجعَلْكُما صيَّادَيْ بشرٍ". 20فتَركا شِباكَهُما في الحالِ وتَبِعاهُ.
21وسارَ مِنْ هُناكَ فَرأى أخوَينِ آخَرينِ، هُما يعقوبُ بنُ زَبدي وأخوهُ يوحنّا، مَعَ أبيهِما زَبدي في قارِبٍ يُصلِحانِ شِباكَهُما، فدَعاهُما إلَيهِ. 22فتَركا القارِبَ وأباهُما في الحالِ وتَبِعاهُ.
يسوع يعلّم ويبشّر ويشفي المرضى
23وكانَ يَسوعُ يَسيرُ في أنحاءِ الجليلِ، يُعلَّمُ في المجامعِ ويُعلِنُ إنجيلَ المَلكوتِ ويَشفي النّاسَ مِنْ كُلٌ مَرَضٍ وداءٍ. 24فاَنتَشرَ صيتُهُ في سوريةَ كُلَّها، فجاؤوا إلَيهِ بِجميعِ المُصابينَ بأوجاعِ وأمراضٍ متنوَّعَةٍ: مِنْ مَصروعينَ ومُقْعَدينَ والذينَ بِهِمْ شياطينُ، فشفاهُم. 25فتَبِعَتْهُ جموعٌ كبيرةٌ مِنَ الجليلِ والمُدُنِ العَشْرِ وأُورُشليمَ واليهوديَّةِ وعَبْرِ الأُردن"ِ.
والآن أى إله ذلك الذى يقوده إبليس ليجربه؟ إن الإله هو الذى يجرِّب، لكنه لا يجرَّب! وأى إله ذلك الذى يجوع ويعطش ويحتاج من ثم إلى الطعام والشراب؟ هذا ليس إلها ولا يمكن أن يكونه. هذا مخلوقٌ فانٍ ضعيفٌ محتاجٌ إلى أن يملأ معدته بالأكل والشرب حتى يمكنه الحياة، وإلا مات. وأى إله أيضا ذلك الذى يتجرأ عليه إبليس ويعرض عليه أن يسجد له؟ لقد عَيَّلَت الألوهية تماما! ثم أى إله أو أى ابن إله ذلك الذى لا يعرفه أبو العفاريت ويتصرف معه على أساس أنه ليس إلا عبدا مخلوقا يستطيع أن يخدعه ويتلاعب به ويمسكه فى قبضته أربعين يوما ويدفعه إلى الصوم والمعاناة، والمفروض أن أبا العفاريت يعرف الكُفْت ذاته؟ إن الشيطان مخلوقٌ عاصٍ: نعم، لكنه لا يمكن أن يكون جاهلا بهذا الشكل، فليس هذا عهدنا بأبى الأباليس ولا عشمنا فيه! وأى إله ذلك الذى لا يستطيع أن يرى العالم وممالكه إلا إذا أراه إياها إبليس؟ إن إبليس هو مخلوق من مخلوقات الله، فما الذى جعل له كل هذا السلطان يا ترى على خالقه، أو على الأقل: على ابن خالقه؟ ولا تقف الطامة عند هذا الحد، فقد عرض إبليس على ابن الله (أو قل: على الله نفسه، فلا فرق) أن يعطيه ملك الدنيا، وهو ما لا معنى له إلا أن المسيح لم يكن ابن الله بحق وحقيق، بل مجرد كلام وابن عمه حديث، وإلا لجاء رده على الفور: ومن أنت يا صعلوك، حتى تحشر نفسك بين الآلهة والملوك؟ ألا تعرف من أنا؟ قم انهض وأنت تكلمنى! لكننا ننصت فنجد عجبا، إذ كل ما قاله له: "ابتعد عنى يا شيطان. مكتوب أنه للرب إلهك وحده تسجد"! وواضح ما فى الرد من تخاذل! والحمد لله أن الكاتب لم يجعله يبكى ويقول له: ابعد عنى، وإلا ناديت لك ماما!
وفى هذا الفصل أيضا نقرأ أن الشيطان قد اقترح عليه أن يحول الحجارة خبزا، لكنه رفض بحجة أنه "ما بِالخبزِ وحدَهُ يحيا الإنسانُ، بل بكلٌ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِنْ فمِ الله". فكيف يرفض عيسى أن يقوم بمعجزة هنا، ولسوف نراه بعد ذلك يقوم بمعجزات طعاميّة وشَرَابِيّةً فيحوّل الماء خمرا ويحوّل الكِسَر اليابسة القليلة والسمكات المعدودة إلى أرغفة وأسماك مشوية لا تُحْصَى حتى لتَأكل منها الجموع وتفيض عن حاجتها؟ كيف نسى المسيح المبدأ الذى استند إليه فى رفض القيام بتلك المعجزة؟ كما أن الحجة التى استند إليها السيد المسيح فى رفض عمل المعجزة هى من الضعف والتهافت بحيث لا تقنع أحدا، إذ لا أحد يشاحّ فى أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، لكن فى نفس الوقت لا أحد يشاح أيضا فى أننا، وإن لم نعش بالخبز وحده، لا يمكننا أن نعيش بدون الخبز أيضا، وهو ما يعنى أن هناك مكانا هاما للخبز فى حياتنا، وكذلك لمثل هذه المعجزة فى منظومة الإيمان العيسوى، وهو ما سنراه بعد ذلك حين يقوم عليه السلام بمعجزات طعاميّة وشرابيّة كما قلنا. ثم ما الفرق بين هذه المعجزة ومعجزات الشفاء من البَرَص والخَرَس والعَمَى والمسّ والنزيف والشلل والحُمَّى؟ إنها أيضا يصدق عليها ما يصدق على معجزة الخبز فى أنها أيضا ليس مما يحيا بها وحدها الإنسان. فما العمل إذن؟ إنها مشكلة دون شك!
كما أن قوله عليه السلام للشيطان ردا على طلبه منه السجود له: "للربّ إلهِكَ تَسجُدُ، وإيّاهُ وحدَهُ تَعبُدُ" لا يعنى إلا شيئا واحدا لا غير، ألا وهو أن العلاقة بين عيسى والله سبحانه وتعالى هى علاقة الألوهية بالعبودية لا علاقة الأبوة بالبنوة أبدا، وإلا فلا معنى لشىء اسمه اللغة. فلنفضَّها سيرةً ولْنُلْغِ اللغة فنريح ونستريح! ونتابع فنقرأ: "أخذَهُ إبليسُ إلى المدينةِ المُقَدَّسَةِ، فأوْقَفَهُ على شُرفَةِ الهَيكل 6وقالَ لَه: "إنْ كُنتَ اَبنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إلى الأسفَلِ، لأنَّ الكِتابَ يقولُ: يُوصي ملائِكَتَهُ بكَ، فيَحمِلونَكَ على أيديهِم لئلاَّ تَصدِمَ رِجلُكَ بِحجرٍ".7فأجابَهُ يَسوعُ: "يقولُ الكِتابُ أيضًا: لا تُجرَّبِ الرَّبَّ إلهَكَ". وهنا كذلك يقر المسيح عليه السلام أن العلاقة بينه وبين الله هى علاقة العبد بإلهه، لا جدال فى ذلك!
لكن ثمة مشكلة كبيرة لا حل لها، ألا وهى قول القصة إن إبليس أخذ المسيح وأوقفه على شرفة الهيكل... إلخ، إذ هاهنا يثور فى التوّ سؤال يحتاج لجواب عاجل: أين كان الناس يا ترى، والمسيح يعتلى شرفة الهيكل ويدور بينه وبين إبليس ذلك الحوار المُسَلِّى؟ من المؤكد أنه كان سيكون منظرا مثيرا يخفف من جهامة الواقع اليومى الكئيب آنذاك حيث لم يكن هناك تلفاز ولا مذياع ولا دور خيالة ولا كاتوب ولا... ولا...، فكيف لم نسمع بأن الناس قد اجتمعوا يشاهدون هذا المنظر الفريد، منظر إبليس (وهل كلَّ يوم يرى الناس إبليس؟) وهو يحاول إغراء المسيح بالقفز فى الهواء كالرَّجُل العنكبوت؟ لا شك أنها كانت ستكون نمرة ساحرة من نمر السيرك الإبليسى تساوى أن يقطع الناس لها تذكرة بالشىء الفلانى! ثم كيف يا ترى أخذه إبليس من فوق قمة الجبل إلى هناك؟ أساقه أمامه ماشيا على قدميه أم أخذه على جناحه أم قذفه فى الهواء فانتقل فى غمضة عين من الجبل إلى شرفة الهيكل أم ماذا؟ وأين كان الناس طوال كل ذلك الوقت؟ وقبل ذلك كله ما الذى كان يجبر المسيح على طاعة الشيطان طول ذلك الوقت ويصبر على قلة أدبه معه إلى هذا الحد؟ إن القصة تريد أن تقول إنه، لعنه الله، لم تكن له على عيسى عليه السلام أية سلطة. آمَنّا وصَدَّقْنا! لكن ألا يقول المنطق إنه كان ينبغى أن يشخط فيه عيسى منذ أول لحظة شخطة عنترية تجعل رُكَبه تسيب ويتبول على نفسه، ومن ثم لا يعطيه فرصة للتساخف كما يتساخف أوغاد المهجر ويُقِلّون أدبهم على سيد الأنبياء، بل يسكعه قلمين على صُدْغه تعيد له رشده المفقود وتجعله يمشى على العجين فلا يلخبطه؟ أظن أن هذا هو ما كان ينبغى أن يكون، فما رأيكم أنتم أيها القراء الأعزاء؟
وإذا كان المسيح هو ابن الله، والملائكة فى خدمته بهذا الاعتبار، فلماذا لم يهتم بإنقاذ يحيى عليه السلام من المصير السئ الذى انتهى إليه، أو على الأقل بإعادته للحياة كرة أخرى كما فعل مع ناس آخرين؟ أيكون يحيى أرخص عنده من فلان وعلان وترتان ممن رَدَّ فيهم الروحَ بعد أن كانوا قد فارقوا الحياة؟ لكننا ننظر فنجده عليه السلام، حسبما كتب مؤلف الإنجيل، ما إن يتم القبض على يحيى حتى يتحول للجليل وكأن شيئا لم يكن. وحين وُضِع يحيى فى السجن لم يهتم المسيح به، اللهم إلا عندما جاءه تلاميذ يحيى وسألوه عن بعض الأمور وانصرفوا، فعندئذ أثنى المسيح عليه وعلى إيمانه، ثم لا شىء آخر البتة: "2وسمِعَ يوحنّا وهوَ في السَّجنِ بأَعمالِ المَسيحِ، فأرسَلَ إلَيهِ بَعضَ تلاميذِهِ 3ليقولوا لَهُ: "هلْ أنتَ هوَ الَّذي يَجيءُ، أو نَنتظرُ آخَرَ؟" 4فأجابَهُم يَسوعُ: "اَرْجِعوا وأخْبِروا يوحنّا بِما تَسمَعونَ وتَرَوْنَ: 5العميانُ يُبصرونَ، والعُرجُ يمشونَ، والبُرصُ يُطهَّرونَ، والصمٌّ يَسمَعونَ، والمَوتى يَقومونَ، والمَساكينُ يَتلقَّونَ البِشارةَ. 6وهنيئًا لمن لا يفقُدُ إيمانَهُ بـي".7فلمّا اَنصَرَفَ تلاميذُ يوحنّا، تَحدَّثَ يَسوعُ لِلجُموعِ عَنْ يوحنّا فقالَ: "ماذا خَرَجتُم إلى البرَّيَّةِ تَنظُرونَ؟ أقَصَبةً تَهُزٌّها الرَّيحُ؟ 8بلْ ماذا خَرَجتُم ترَوْنَ؟ أرَجُلاً يلبَسُ الثَّيابَ النّاعِمَةَ؟ والَّذينَ يَلبَسونَ الثَّيابَ النّاعِمَةَ هُمْ في قُصورِ المُلوكِ! 9قولوا لي: ماذا خَرَجتُم تَنظُرونَ؟ أنبـيُا؟ أقولُ لكُم: نعَم، بلْ أفضَلَ مِنْ نَبِـيٍّ. 10فهوَ الَّذي يقولُ فيهِ الكِتابُ: أنا أُرسِلُ رَسولي قُدّامَكَ، ليُهيَّـئَ الطَّريقَ أمامَكَ. 11الحقَّ أقولُ لكُم: ما ظهَرَ في النّاسِ أعظمُ مِنْ يوحنّا المَعمدانِ، ولكِنَّ أصغَرَ الَّذينَ في مَلكوتِ السَّماواتِ أعظمُ مِنهُ. 12فَمِنْ أيّامِ يوحنّا المَعمدانِ إلى اليومِ، والنَّاسُ يَبذُلونَ جَهدَهُم لِدُخولِ مَلكوتِ السَّماواتِ، والمُجاهِدونَ يَدخُلونَهُ. 13فإلى أنْ جاءَ يوحنّا كانَ هُناكَ نُبوءاتُ الأنبـياءِ وشَريعَةُ موسى. 14فإذا شِئتُم أنْ تُصَدَّقوا، فاَعلَموا أنَّ يوحنّا هوَ إيليّا المُنتَظرُ. 15مَنْ كانَ لَه أُذُنانِ، فَلْيَسمَعْ!".
وهو ما سوف يتكرر عندما يُقْتَل عليه السلام: "3وكانَ هيرودُسُ أمسَكَ يوحنّا وقَيَّدَهُ وسَجَنَهُ مِنْ أجلِ هيرودِيَّةَ اَمرأةِ أخيهِ فيلبٌّسَ، 4لأنَّ يوحنّا كانَ يقولُ لَه: "لا يَحِلُّ لَكَ أنْ تَتَزوَّجَها". 5وأرادَ أنْ يَقتُلَهُ، فخافَ مِنَ الشَّعبِ لأنَّهُم كانوا يَعدٌّونَهُ نَبـيُا. 6ولمّا أقامَ هيرودُسُ ذِكرى مَولِدِهِ، رقَصَتِ اَبنَةُ هيرودِيَّةَ في الحَفلةِ، فأعجَبَتْ هيرودُسَ، 7فأقسَمَ لها أنْ يُعطِيَها ما تَشاءُ. 8فلقَّنَتْها أمٌّها، فقالَت لِهيرودُسَ: "أعطِني هُنا على طَبَقٍ رَأسَ يوحنّا المَعمدانِ!" 9فحَزِنَ المَلِكُ، ولكنَّهُ أمَرَ بإعطائِها ما تُريدُ، مِنْ أجلِ اليَمينِ التي حَلَفَها على مسامِـعِ الحاضرينَ. 10وأرسَلَ جُنديُا، فقَطَعَ رأسَ يوحنَّا في السَّجن 11وجاءَ بِه على طبَقٍ. وسلَّمَهُ إلى الفتاةِ، فحَمَلْتهُ إلى أُمَّها. 12وجاءَ تلاميذُ يوحنّا، فحَمَلوا الجُثَّةَ ودَفَنوها، ثُمَّ ذَهَبوا وأخبَروا يَسوعَ. 13فلمّا سَمِعَ يَسوعُ، خرَجَ مِنْ هُناكَ في قارِبٍ إلى مكانٍ مُقْفِرٍ يَعتَزِلُ فيهِ. وعرَفَ النّاسُ، فتَبِعوهُ مِنَ المُدُنِ مَشيًا على الأقدامِ. 14فلمّا نزَلَ مِنَ القاربِ رأى جُموعًا كبـيرةً، فأشفَقَ علَيهِم وشفَى مَرضاهُم. 15وفي المساءِ، دَنا مِنهُ تلاميذُهُ وقالوا: "فاتَ الوقتُ، وهذا المكانُ مُقفِرٌ، فقُلْ لِلنّاسِ أنْ يَنصرِفوا إلى القُرى لِـيشتَروا لهُم طعامًا". 16فأجابَهُم يَسوعُ: "لا داعيَ لاَنصرافِهِم. أعطوهُم أنتُم ما يأكلونَ". 17فقالوا لَه: "ما عِندَنا هُنا غيرُ خَمسةِ أرغِفةٍ وسَمكتَينِ".18فقالَ يَسوعُ: "هاتوا ما عندَكُم". 19ثُمَّ أمَرَ الجُموعَ أنْ يَقعُدوا على العُشبِ، وأخَذَ الأرغِفَةَ" (متى/ 14)! أين الرحمة؟ أين عاطفة القرابة؟ إنه لم يذرف عليه دمعة واحدة وكأنه لم يكن هناك شخص اسمه يحيى تربطه به قرابةٌ وثيقةٌ أسريةٌ وروحيةٌ كما لم يكن بينه وبين أى شخص آخر: "وسَمِعَ يَسوعُ باَعتِقالِ يوحنّا، فرجَعَ إلى الجليلِ".
أولو كان المسيح ابن الله على الحقيقة أكان يمكن أن يتصرف هكذا أمام تلك المأساة الدموية التى كانت كفيلة بتحريك قلب الحجر، وكأنه عليه السلام بلا قلب؟ إن هذا لو وقع من بشر يستطيع أن يبادر لإنقاذ يحيى ثم لم يفعل لكانت سبة الدهر وفضيحة الأبد، فما بالنا بابن الله؟ أيعقل أن يهتم بتوفير الطعام لبعض الناس ولا يهتم بإنقاذ قريبه هذا الذى كان نبيا مثله والذى بشر به ومهد له الطريق وعمّده ليكمل بِرّه؟ ولنلاحظ أن المعجزات التى عملها هنا إنما هى المعجزات التى رفض عملها من قبل بالحجة التى ذكرناها ووجدنا أنها ليست بحجة على الإطلاق! إن هذا وغيره من الأسباب لدليل على أن فى الأمر خللا، ونحن نستبعد أن يكون المسيح على ذلك النحو من تبلد الإحساس وموتان القلب واللامبالاة بموت قريبه وصديقه وصاحب الفضل عليه فى المعمودية ورصيفه بل رائده فى النبوة، ونقول إنه بالأحرى العبث بالإنجيل. إن الإنجيل الذى نؤمن نحن المسلمين به والذى يغالط المبشرون الكذابون فيحاولون أن يوهموا الأغرار منا قائلين لهم إن المسلم لا يكمل إيمانه إلا بالإيمان بالأناجيل الحالية، هذا الإنجيل لا علاقة له بالأناجيل التى بين أيدينا الآن. إن الأناجيل التى بين أيدينا شىء، والإنجيل الذى نزل على عيسى عليه السلام شىء آخر. الإنجيل السماوى ضاع، وإن كنا نرجّح أن يكون قد بَقِىَ منه بعض العبارات التى تُنْسَب للمسيح فى الأناجيل الحالية، أما ما نقرؤه الآن فهو مجموعة من السِّيَر العيسوية تشبه السِّيَر النبوية لدينا، وإن لم تقم على نفس الأساس الذى تقوم عليه سِيَر الرسول عليه الصلاة والسلام من الرغبة على الأقل فى التمحيص وإعلان أسماء الرواة حتى يكون لدى من يهمه الأمر الفرصة للتحقق بنفسه من مدى مصداقية هذه الروايات؟ وكيلا يمارى القوم مراءهم المشهور فيقولوا إنه لم يكن هناك إلا هذه الأناجيل التى بين أيدينا أنبه القراء إلى قول الكاتب ذاته لا قولى أنا: "وكانَ يَسوعُ يَسيرُ في أنحاءِ الجليلِ، يُعلَّمُ في المجامعِ ويُعلِنُ إنجيلَ المَلكوتِ". فأين ذلك الإنجيل الذى كان يعلنه عيسى عليه السلام ويعلمه للناس؟ اللهم إلا إذا قيل: لقد أكلته القطة!
الفصل الخامس:
"الموعظة على الجبل
فلمّا رأى يَسوعُ الجُموعَ صَعِدَ إلى الجبَلِ وجلَسَ. فَدنا إلَيهِ تلاميذُهُ، 2فأخَذَ يُعلَّمُهُم قالَ: "3هنيئًا للمساكينِ في الرٌّوحِ، لأنَّ لهُم مَلكوتَ السَّماواتِ. 4هنيئًا للمَحزونينَ، لأنَّهُم يُعزَّونَ. 5هنيئًا للوُدَعاءِ، لأنَّهُم يَرِثونَ الأرضَ. 6هنيئًا للجِياعِ والعِطاشِ إلى الحقَّ، لأنَّهُم يُشبَعونَ. 7هنيئًا للرُحَماءِ، لأنَّهُم يُرحمونَ. 8هنيئًا لأنقياءِ القُلوبِ، لأنَّهُم يُشاهِدونَ الله. 9هنيئًا لِصانِعي السَّلامِ، لأنَّهُم أبناءَ الله يُدْعَونَ. 10هنيئًا للمُضطَهَدينَ مِنْ أجلِ الحقَّ، لأنَّ لهُم مَلكوتَ السَّماواتِ. 11هنيئًا لكُم إذا عَيَّروكُم واَضطَهَدوكُم وقالوا علَيكُمْ كَذِبًا كُلَ كَلِمةِ سوءٍ مِنْ أجلي. 12اَفرَحوا واَبتَهِجوا، لأنَّ أَجرَكُم في السَّماواتِ عظيمٌ. هكذا اَضطَهَدوا الأنبياءَ قبلَكُم.
الملح والنور.
13"أنتُم مِلحُ الأرضِ، فإذا فسَدَ المِلحُ، فَماذا يُمَلَّحُهُ؟ لا يَصلُحُ إلاَّ لأَنْ يُرمَى في الخارِجِ فيدوسَهُ النَّاسُ.
14أنتُم نورُ العالَمِ. لا تَخفَى مدينةٌ على جبَلٍ، 15ولا يُوقَدُ سِراجٌ ويوضَعُ تَحتَ المِكيالِ، ولكِنْ على مكانٍ مُرتَفِـعِ حتَّى يُضيءَ لِجميعِ الَّذينَ هُمْ في البَيتِ. 16فلْيُضِىءْ نورُكُم هكذا قُدّامَ النّاسِ ليُشاهِدوا أعمالَكُمُ الصّالِحةَ ويُمَجَّدوا أباكُمُ الذي في السَّماواتِ.
الشريعة.
17"لا تَظُنّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ الشَّريعَةَ وتَعاليمَ الأنبياءِ: ما جِئتُ لأُبطِلَ، بل لأُكمَّلَ. 18الحقَّ أقولُ لكُم: إلى أنْ تَزولَ السَّماءُ والأرضُ لا يَزولُ حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ مِنَ الشَّريعةِ حتى يتِمَّ كُلُّ شيءٍ. 19فمَنْ خالفَ وَصيَّةً مِنْ أصغَرِ هذِهِ الوصايا وعلَّمَ النَّاسَ أنْ يَعمَلوا مِثلَهُ، عُدَّ صغيرًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. وأمَّا مَنْ عَمِلَ بِها وعَلَّمَها، فهوَ يُعَدٌّ عظيمًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. 20أقولُ لكُم: إنْ كانَت تَقواكُم لا تَفوقُ تَقْوى مُعَلَّمي الشريعةِ والفَرَّيسيَّينَ، لن تَدخُلوا مَلكوتَ السَّماواتِ.
الغضب.
21"سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ لآبائِكُم: لا تَقتُلْ، فمَنْ يَقتُلْ يَسْتَوْجِبْ حُكْمَ القاضي. 22أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ غَضِبَ على أخيهِ اَستَوجَبَ حُكمَ القاضي، ومَنْ قالَ لأخيهِ: يا جاهلُ اَستوجبَ حُكمَ المجلِسِ، ومَنْ قالَ لَه: يا أحمقُ اَستوجَبَ نارَ جَهَنَّمَ.
23وإذا كُنتَ تُقَدَّمُ قُربانَكَ إلى المَذبَحِ وتذكَّرتَ هُناكَ أنَّ لأخيكَ شيئًا عليكَ، 24فاَترُكْ قُربانَكَ عِندَ المَذبَحِ هُناكَ، واَذهَبْ أوَّلاً وصالِـحْ أخاكَ، ثُمَّ تَعالَ وقَدَّم قُربانَكَ.25وإذا خاصَمَكَ أحَدٌ، فسارِعْ إلى إرْضائِهِ ما دُمْتَ معَهُ في الطَّريقِ، لِئلاّ يُسَلَّمَك الخَصمُ إلى القاضي، والقاضي إلى الشٌّرطي، فَتُلقى في السَّجنِ. 26الحقَّ أقولُ لكَ: لن تخرُجَ مِنْ هُناكَ حتَّى تُوفيَ آخِرَ دِرهَمِ.
الزنى.
27"وسمِعتُمْ أنَّـهُ قيلَ: لا تَزنِ. 28أمَّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ نظَرَ إلى اَمرأةٍ لِيَشتَهيَها، زَنى بِها في قلبِهِ. 29فإذا جَعَلَتْكَ عَينُك اليُمنَى تَخْطَأ، فاَقلَعْها وألْقِها عَنكَ، لأنَّهُ خَيرٌ لكَ أنْ تَفقِدَ عُضوًا مِنْ أعضائِكَ ولا يُلقَى جَسدُكَ كُلٌّهُ في جَهَنَّمَ. 30وإذا جَعَلَتْكَ يدُكَ اليُمنَى تَخطأُ، فاَقطَعْها وألْقِها عنكَ، لأنَّهُ خَيرٌ لكَ أنْ تَفقِدَ عُضوًا مِنْ أعضائِكَ ولا يذهَبُ جسَدُكَ كُلٌّه إلى جَهَنَّمَ.
الطلاق.
31"وقِيلَ أيضًا: مَنْ طَلَّقَ اَمرأتَهُ، فلْيُعطِها كِتابَ طَلاقٍ. 32أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاَّ في حالَةِ الزَّنَى يجعلُها تَزْني، ومَنْ تَزوَّجَ مُطلَّقةً زنَى.
حلف اليمين.
33"وسَمِعْتُمْ أنَّهُ قيلَ لآبائِكُم: لا تحلِفْ، بل أَوفِ للرَّبَّ نُذورَكَ. 34أمَّا أنا فأقولُ لكُم: لا تَحلِفوا مُطلَقًا، لا بالسَّماءِ لأنَّها عرشُ الله، 35ولا بالأرضِ لأنَّها مَوطِـىءُ قدَمَيْهِ، ولا بأُورُشليمَ لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيمِ. 36ولا تحلِفْ برَأْسِكَ، لأنَّكَ لا تَقدِرُ أنْ تَجعلَ شَعْرةً واحدةً مِنهُ بيضاءَ أو سوداءَ. 37فليكُنْ كلامُكُم: "نَعَمْ" أو "لا"، وما زادَ على ذلِكَ فهوَ مِنَ الشَّرَّيرِ.
الانتقام.
38"سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ: عَينٌ بِعَينٍ وسِنٌّ بسِنٍّ. 39أمّا أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوِموا مَنْ يُسيءُ إلَيكُم. مَنْ لطَمَكَ على خَدَّكَ الأيْمنِ، فحَوِّلْ لَه الآخَرَ. 40ومَنْ أرادَ أنْ يُخاصِمَكَ ليأخُذَ ثَوبَكَ، فاَتْرُكْ لَه رِداءَكَ أيضًا. 41ومَنْ سَخَّرَكَ أنْ تَمشيَ معَهُ مِيلا واحدًا، فاَمشِ معَهُ مِيلَيْن. 42مَنْ طَلَبَ مِنكَ شيئًا فأَعطهِ، ومَنْ أرادَ أَنْ يَستعيرَ مِنكَ شيئًا فلا ترُدَّهُ خائِبًا.
محبة الأعداء.
43"سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ: أحِبَّ قريبَكَ وأبغِضْ عَدُوَّكَ. 44أمّا أنا فأقولُ لكُم: أحِبّوا أَعداءَكُم، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يضْطَهِدونكُم، 45فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ. فهوَ يُطلِـعُ شَمْسَهُ على الأشرارِ والصّالحينَ، ويُمطِرُ على الأبرارِ والظّالمينَ. 46فإنْ كُنتُم تُحِبّونَ الَّذينَ يُحبّونكُم، فأيٌّ أجرٍ لكم؟ أما يعمَلُ جُباةُ الضّرائِب هذا؟ 47وإنْ كنتُم لا تُسلَّمونَ إلاّ على إخوَتِكُم، فماذا عمِلتُم أكثرَ مِنْ غَيرِكُم؟ أما يعمَلُ الوَثَنيّونَ هذا؟ 48فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ".
لا شك على الإطلاق فى حلاوة الكلام تحت العنوان الأول والثانى وعظمته، وهو جدير فعلا بأن يكون صادرا عن السيد المسيح، إن لم يكن بالفعل فبالقوة والشَّبَه. كما أرجو أن يتنبه القارئ لتكرار الإشارة فى كلام السيد المسيح عليه السلام إلى الأنبياء، بما يدل على أننا هنا بإزاء واحد منهم: نبى من أنبياء الله لا ابن من أبنائه! تعالى الله عن ذلك الشرك! لكن الوضع يختلف مع بدء الكلام عن الشريعة. لماذا؟ لأن كاتب السِّفْر (منه لله!) ينسب للسيد المسيح عليه السلام كلاما، ليجعله عقب ذلك أول ناقض له. خذ مثلا قوله: "لا تَظُنّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ الشَّريعَةَ وتَعاليمَ الأنبياءِ: ما جِئتُ لأُبطِلَ، بل لأُكمَّلَ. 18الحقَّ أقولُ لكُم: إلى أنْ تَزولَ السَّماءُ والأرضُ لا يَزولُ حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ مِنَ الشَّريعةِ حتى يتِمَّ كُلُّ شيءٍ. 19فمَنْ خالفَ وَصيَّةً مِنْ أصغَرِ هذِهِ الوصايا وعلَّمَ النَّاسَ أنْ يَعمَلوا مِثلَهُ، عُدَّ صغيرًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. وأمَّا مَنْ عَمِلَ بِها وعَلَّمَها، فهوَ يُعَدٌّ عظيمًا في مَلكوتِ السَّماواتِ". فمن يقرأ هذا الكلام سوف يتوهم أنه عليه السلام لم يغير شيئا أى شىء فى الشريعة التى جاء بها موسى، لكنه ما إن يمضى فى القراءة بضع كلمات حتى تتبين له الحقيقة المرة: "سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ لآبائِكُم: لا تَقتُلْ، فمَنْ يَقتُلْ يَسْتَوْجِبْ حُكْمَ القاضي. 22أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ غَضِبَ على أخيهِ اَستَوجَبَ حُكمَ القاضي، ومَنْ قالَ لأخيهِ: يا جاهلُ اَستوجبَ حُكمَ المجلِسِ، ومَنْ قالَ لَه: يا أحمقُ اَستوجَبَ نارَ جَهَنَّمَ... وسمِعتُمْ أنَّـهُ قيلَ: لا تَزنِ. 28أمَّ? أنا فأقولُ لكُم: مَنْ نظَرَ إلى اَمرأةٍ لِيَشتَهيَها، زَنى بِها في قلبِهِ. 29فإذا جَعَلَتْكَ عَينُك اليُمنَى تَخْطَأ، فاَقلَعْها وألْقِها عَنكَ، لأنَّهُ خَيرٌ لكَ أنْ تَفقِدَ عُضوًا مِنْ أعضائِكَ ولا يُلقَى جَسدُكَ كُلٌّهُ في جَهَنَّمَ. وقِيلَ أيضًا: مَنْ طَلَّقَ اَمرأتَهُ، فلْيُعطِها كِتابَ طَلاقٍ. 32أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاَّ في حالَةِ الزَّنَى يجعلُها تَزْني، ومَنْ تَزوَّجَ مُطلَّقةً زنَى. وسَمِعْتُمْ أنَّهُ قيلَ لآبائِكُم: لا تحلِفْ، بل أَوفِ للرَّبَّ نُذورَكَ. 34أمَّا أنا فأقولُ لكُم: لا تَحلِفوا مُطلَقًا، لا بالسَّماءِ لأنَّها عرشُ الله، 35ولا بالأرضِ لأنَّها مَوطِـىءُ قدَمَيْهِ، ولا بأُورُشليمَ لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيمِ. 36ولا تحلِفْ برَأْسِكَ، لأنَّكَ لا تَقدِرُ أنْ تَجعلَ شَعْرةً واحدةً مِنهُ بيضاءَ أو سوداءَ. 37فليكُنْ كلامُكُم: "نَعَمْ" أو "لا"، وما زادَ على ذلِكَ فهوَ مِنَ الشَّرَّيرِ. سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ: عَينٌ بِعَينٍ وسِنٌّ بسِنٍّ. 39أمّا أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوِموا مَنْ يُسيءُ إلَيكُم. مَنْ لطَمَكَ على خَدَّكَ الأيْمنِ، فحَوِّلْ لَه الآخَرَ".
والآن أليس هذا هو نقض الشريعة بقضه وقضيضه؟ أليس قد قال عليه السلام شيئا ثم عمل عكسه تماما؟ أما نحن المسلمين فنبرئ المسيح من مثل هذا السلوك، إذ لا يعقل أن يقول نبى من أنبياء الله الكرام شيئا ويكون هو أول من ينقضه! وهذا هو النسخ، الذى يأخذه أوغاد المهجر على الإسلام، لكن نسخ الإسلام هو نسخ التدرج، أما هنا فالنسخ يتخذ صورة الهدم والمحو الفجائى دون تمهيد ولا تنبيه، كما أنه يتسم بالكذب والخداع، أو بالهوائية على الأقل! ثم جاء بولس فأجهز على القليل الباقى فلم يعد للشريعة بعدها من أثر، ومع ذلك يظلون يرددون فى سماجة لا نظير لها أن الإسلام هو وحده الدين الذى يقوم على الناسخ والمنسوخ، وأنه عيب لا يليق بدين من الأديان السماوية. اللهم إلا إذا كان قصدهم أن دينهم، لكونه ليس من لدن رب العالمين، فإنه لا يعيبه أن يكون فيه ناسخ ومنسوخ، ولا أن يكون الناسخ والمنسوخ فيه قائما على الكذب والهوائية! أما إذا كان الأمر هو ذاك فليس لدىّ حينئذ أدنى اعتراض، لأن هذا هو رأيى فعلا!
كذلك لست أظن إلا أن القارئ قد لاحظ باستغرابٍ الوصايا المثالية المتشنجة التى تضمنتها تلك الموعظة والتى لا تناسب الحياة البشرية على الإطلاق، إذ إننا لا نعيش فى مجتمع من مجتمعات الملائكة رغم تطلعنا إلى الكمال والسكينة والعدل والتراحم والتسامح، بل فى مجتمع بشرى تحركه الغرائز والشهوات، وتتحكم فى تصرفات أفراده ألوان من الضعف والعجز والخوف والشك والقلق والتطلع والطمع... إلخ، وهو ما لا يناسبه بحالٍ تلك النبرة المتشنجة التى لا يمكن أحدا الوفاء بها ولا المسيح نفسه: فهو مثلا قد نهى عن شتم الآخرين ولو بكلمة "يا أحمق" وجعل عقابها عند الله كبيرا، ومع ذلك فما أكثر المرات التى كال فيها عليه السلام السباب لليهود من فريسيين وصدوقيين وكهنة، وكذلك لتلاميذه الحواريين، وأَسْمَعَ المدنَ التى لم تُصِخْ له قارص القول: "20وأخَذَ يَسوعُ يُؤَنَّبُ المُدُنَ التي أجرى فيها أكثرَ مُعجزاتِهِ وما تابَ أهلُها، 21فقالَ: "الويلُ لكِ يا كورَزينَ! الويلُ لكِ يا بـيتَ صيدا! فلو كانتِ المُعجزاتُ التي جرَتْ فيكما جرَتْ في صورَ وصيدا، لتابَ أهلُها من زمنٍ بعيدٍ ولبِسوا المسوحَ وقعَدوا على الرمادِ. 22لكنّي أقولُ لكم: سيكونُ مصيرُ صورَ وصيدا يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتمالاً من مصيرِكُما. 23وأنتِ يا كَفْرَ ناحومُ! أتَرتَفعينَ إلى السَّماءِ؟ لا، إلى الجَحيمِ سَتهبُطينَ. فَلو جرَى في سَدومَ ما جرَى فيكِ مِنَ المُعجِزاتِ، لبَقِـيَتْ إلى اليومِ. 24لكنّي أقولُ لكُم: سيكونُ مصيرُ سدومَ يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتِمالاً مِنْ مَصيرِكِ" (متى/ 11). وإن الإنسان ليتساءل: أهذا هو عيسى الذى تُضْرَب به الأمثال فى الوداعة والطيبة وحب السلام؟ فما بالنا لو عرفنا بم رد على أحدهم حين أخبره أن أمه وإخوته يريدون أنيروه بالخارج؟ وما الذى قاله فى تلك الأم وأولئك الإخوة؟ أو لو عرفنا ما الذى قاله عندما ظن الناس أنه قد أتى بدعوة السلم والسكينة فأكد لهم أنه لم يأت ليلقى سلاما على الأرض بل نارا وسيفا وأنه إنما جاء ليفرّق بين أفراد الأسرة الواحدة ويبث بينهم العداوة والبغضاء؟ لا ليس هذا هو عيسى الذى عمل القوم على تسويقه رغم أن الصورة التى ترسمها له أناجيلهم المؤلفة تختلف عن ذلك اختلافا بعيدا لا يمكن معه التوفيق بين الأصل والصورة!
الفصل السادس:
الصدقة
"إيَّاكُمْ أنْ تعمَلوا الخَيرَ أمامَ النَّاسِ ليُشاهِدوكُم، وإلاَّ فلا أجرَ لكُم عِندَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ.
2فإذا أحسَنْتَ إلى أحدٍ، فلا تُطَبَّلْ ولا تُزمَّرْ مِثلَما يَعمَلُ المُراؤونَ في المجامعِ والشوارعِ حتى يَمدَحَهُمُ النَّاسُ. الحقَّ أقولُ لكُم: هؤلاءِ أخَذوا أجرَهُم. 3أمَّا أنتَ، فإذا أحسنتَ إلى أحدٍ فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ تَعرِفُ ما تعمَلُ يمينُكَ، 4حتى يكونَ إحسانُكَ في الخِفْيَةِ، وأبوكَ الذي يرى في الخِفيَةِ هوَ يُكافِئُكَ.
الصلاة والصوم.
5"وإذا صَلَّيتُمْ، فلا تكونوا مِثلَ المُرائينَ، يُحِبٌّونَ الصَّلاةَ قائِمينَ في المَجامِـعِ ومَفارِقِ الطٌّرُقِ ليُشاهِدَهُمُ النَّاسُ. الحقَّ أقولُ لكُم: هؤُلاءِ أخذوا أجرَهُم. 6أمَّا أنتَ، فإذا صَلَّيتَ فاَدخُلْ غُرفَتَكَ وأغلِقْ بابَها وصَلٌ لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ.
7ولا تُرَدَّدوا الكلامَ تَردادًا في صَلواتِكُم مِثْلَ الوَثنيّينَ، يَظُنٌّونَ أنَّ الله يَستَجيبُ لهُم لِكَثرةِ كلامِهِم. 8لا تكونوا مِثلَهُم، لأنَّ الله أباكُم يَعرِفُ ما تَحتاجونَ إلَيهِ قَبلَ أنْ تسألوهُ. 9فصلّوا أنتُم هذِهِ الصَّلاةَ: أبانا الَّذي في السَّماواتِ، ليتَقدَّسِ اَسمُكَ 10ليأتِ مَلكوتُكَ لتكُنْ مشيئتُكَ في الأرضِ كما في السَّماءِ. 11أعطِنا خُبزَنا اليَوميَّ، 12واَغفِرْ لنا ذُنوبَنا كما غَفَرنا نَحنُ لِلمُذنِبينَ إلَينا، 13ولا تُدخِلْنا في التَّجرِبَةِ، لكنْ نجَّنا مِنَ الشَّرَّيرِ. 14فإنْ كُنتُم تَغفِرونَ لِلنّاسِ زَلاّتِهِم، يَغفِرْ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم. 15وإنْ كُنتُم لا تَغفِرونَ لِلنّاسِ زلاّتِهِم، لا يَغفِرُ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم.
16وإذا صُمْتمُ، فلا تكونوا عابِسينَ مِثلَ المُرائينَ، يَجعلونَ وجوهَهُم كالِحَةً ليُظهِروا لِلنّاسِ أنَّهُم صائِمونَ. الحقَ أقولُ لكُم: هؤُلاءِ أخذوا أجرَهُم. 17أمّا أنتَ، فإذا صُمتَ فاَغسِلْ وجهَكَ واَدهَنْ شَعرَكَ، 18حتَّى لا يَظهَرَ لِلنّاسِ أنَّكَ صائِمٌ، بل لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ.
الغنى.
19"لا تَجمَعوا لكُمْ كُنوزًا على الأرضِ، حَيثُ يُفسِدُ السٌّوسُ والصَّدَأُ كُلَ شيءٍ، وينقُبُ اللٌّصوصُ ويَسرِقونَ. 20بلِ اَجمَعوا لكُم كُنوزًا في السَّماءِ، حَيثُ لا يُفْسِدُ السٌّوسُ والصَّدأُ أيَّ شيءٍ، ولا ينقُبُ اللٌّصوصُ ولا يَسرِقونَ. 21فحَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قَلبُكَ.
نور الجسد.
22"سِراجُ الجسدِ هوَ العَينُ. فإنْ كانَت عَينُكَ سَليمَةً، كانَ جسَدُكَ كُلٌّهُ مُنيرًا. 23وإنْ كانَت عَينُكَ مَريضَةً، كانَ جسَدُكَ كُلٌّهُ مُظلِمًا. فإذا كانَ النٌّورُ الَّذي فيكَ ظَلامًا، فيا لَه مِنْ ظلامِ!
الله والمال.
24"لا يَقدِرُ أحَدٌ أنْ يَخدُمَ سَيَّدَينِ، لأنَّهُ إمّا أنْ يُبغِضَ أحدَهُما ويُحبَّ الآخَرَ، وإمّا أنْ يَتبعَ أحدَهُما ويَنبُذَ الآخَرَ. فأنتُم لا تَقدِرونَ أنْ تخدُموا الله والمالَ.
25لذلِكَ أقولُ لكُم: لا يَهُمَّكُم لحياتِكُم ما تأكُلونَ وما تشرَبونَ، ولا لِلجسدِ ما تَلبَسونَ. أما الحَياةُ خَيرٌ مِنَ الطَّعامِ، والجسدُ خَيرٌ مِنَ اللَّباسِ? 26أنظُروا طُيورَ السَّماءِ كيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحْصُدُ ولا تَخزُنُ، وأبوكُمُ السَّماويٌّ يَرزُقُها. أما أنتُم أفضلُ مِنها كثيرًا؟ 27ومَنْ مِنكُمْ إذا اَهتَمَّ يَقدِرُ أنْ يَزيدَ على قامَتِهِ ذِراعًا واحدةً؟
28ولِماذا يَهمٌّكُمُ اللَّباسُ؟ تأمَّلوا زَنابقَ الحَقلِ كيفَ تَنمو: لا تَغزِلُ ولا تَتعَبُ. 29أقولُ لكُم: ولا سُليمانُ في كُلٌ مَجدهِ لبِسَ مِثلَ واحدَةٍ مِنها. 30فإذا كانَ الله هكذا يُلبِسُ عُشبَ الحَقلِ، وهوَ يوجَدُ اليومَ ويُرمى غَدًا في التَّــنّورِ، فكَمْ أنتُم أولى مِنهُ بأنْ يُلبِسَكُم، يا قليلي الإيمانِ؟ 31لذلِكَ لا تَهتمّوا فتقولوا: ماذا نأكُلُ؟ وماذا نشرَبُ؟ وماذا نَلبَسُ؟ 32فهذا يطلُبُه الوَثنيّونَ. وأبوكُمُ السَّماويٌّ يعرِفُ أنَّكُم تَحتاجونَ إلى هذا كُلَّهِ. 33فاَطلبوا أوَّلاً مَلكوتَ الله ومشيئَتَهُ، فيزيدَكُمُ الله هذا كُلَّه. 34لا يَهُمَّكُم أمرُ الغدِ، فالغدُ يَهتمٌّ بنفسِهِ. ولِكُلٌ يومِ مِنَ المتاعِبِ ما يكْفيهِ".
فأما الكلام عن الصدقة وأفضلية إخراجها خفيةً فكلام رائع لا يصدر إلا عن نفس نبيلة، وإن لم يمنع هذا من إخراج المال علانية إذا اقتضى المقام ذلك: كأن يريد المتصدق أن يَجُبّ الغِيبة عن نفسه حتى لا يظن الظانون أنه لا يخرج صدقة ماله، أو أن يريد تشجيع البخلاء والمترددين فيخرج الصدقة أمامهم فيقلدوه ويتشجعوا على عمل الخير... وهلم جرا. والعبرة فى كل حال بالنية والضمير، ومن هنا سمعنا المسيح عليه السلام يقول: "إيَّاكُمْ أنْ تعمَلوا الخَيرَ أمامَ النَّاسِ ليُشاهِدوكُم"، أما إذا لم تكن الرغبة فى لفت أنظار الناس فى الخاطر ولا النية فلا بأس بإظهار الصدقات، وإن كان الإخفاء أفضل بوجه عام. وما يصدق على الصدقة يصدق على الصلاة والصوم إذا كانت النية وراء تَيْنِك العبادتين هى المراءاة والسمعة، وإلا فهما عبادتان جماعيتان لا فضل لأحد على غيره فى أدائهما، اللهم إلا إذا تحولتا إلى تجارة وخداع. ولنلاحظ كيف أن المسيح، إذا كان هو قائل هذا الكلام فعلا، قد سمى الله بقوله لمن يخاطبهم: "أبوك"، "أبوكم الذى فى السماوات"، وهو ما من شأنه أن يؤكد ما قلناه فيما مرّ من أن هذا التعبير وأمثاله إنما هو تعبير رمزى أو مجازى، ولا يمكن ولا يصح أن يؤخذ على حرفيته!
وأما قوله عن الغِنَى: "19لا تَجمَعوا لكُمْ كُنوزًا على الأرضِ، حَيثُ يُفسِدُ السٌّوسُ والصَّدَأُ كُلَ شيءٍ، وينقُبُ اللٌّصوصُ ويَسرِقونَ. 20بلِ اَجمَعوا لكُم كُنوزًا في السَّماءِ، حَيثُ لا يُفْسِدُ السٌّوسُ والصَّدأُ أيَّ شيءٍ، ولا ينقُبُ اللٌّصوصُ ولا يَسرِقونَ. 21فحَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قَلبُكَ" فبحاجة إلى تعديل، إذ ليس المال ولا الغنى سيئا فى ذاته، بل فى الحالات التى يتحول فيها إلى سُعَارٍ وجَمْعٍ للثروات لا لشىء سوى الكنز فى حد ذاته بحيث تفقد النفس إنسانيتها ونقاءها ولا تعود تشعر بالفقراء وذوى الحاجة الضعفاء ولا تعمل لهم حسابا، وإلا فالمال عصب مهم من أعصاب الحياة، ولولا هو ما استطاع الناس العيش ولا الحصول على حاجاتهم، إذ هو ترجمة لجهدهم وعملهم وكدّهم وتحويل لها إلى دراهم ودنانير. إن الحياة ومتعها هى نعمة من نعم الله سبحانه، ولا يعقل أن يدير العاقل ظهره لنعم الله، على الأقل لأن ذلك باب من أبواب الجلافة، ولا أظننى أغالى إذا قلت إنه قد يكون دليلا على قلة الإيمان. لقد خلق الله لنا أجسادا ونفوسا تتطلع وتتشهى، ولا عيب فى التطلع والتشهى فى نفسه، إنما العيب كل العيب فى الأنانية والتمركز حول الذات، وكذلك فى اللهفة والجزع والسخط إذا فات الشخصَ حظُّه من تلك المتع! ترى ما الإثم فى الطعام الطيب أو الشراب اللذيذ أو العطر الزكىّ أو الملبس الأنيق أو البيت الرحيب النظيف الجميل؟ أمن المعقول أن يكون حرص الإنسان على المأكل والمشرب الردىء والرائحة المنتنة والمسكن الضيق القبيح المنفّر والملبس الزَّرِىّ هو الدليل على صدق الإيمان والرغبة فى شكر الله؟ ترى ما يفعل الله بعذابنا إن شَكَرْنَا وآمنّا؟ ولمن خلق الله الدنيا وأطايبها ولذاتها إذا عملنا نحن على حرمان أنفسنا منها؟ المهم ألا تشغلنا هذه الدنيا عن كنوز السماء التى تبقى بعد فناء هذه اللذائذ والأطايب الدنيوية، وإلا فما الذى يعود على الإنسان إذا ربح العالم كله وخسر نفسه؟
الواقع أنه لا تعارض بالضرورة بين الأمرين، وإلا فكنز السماء مقدم على كل كنوز الأرض فى حالة التعارض ما لم تكن هناك ضرورة قاهرة، فعندئذ فالرجاء أن يغفر الله بفضله وكرمه ذنوبنا ويَجْبُر نقصنا ويعفو عن كثير، فهو الكريم الودود اللطيف الرحيم غافر الذَّنْب وقابل التَّوْب! أما ما جاء فى هذه الموعظة من أنه "لا يَقدِرُ أحَدٌ أنْ يَخدُمَ سَيَّدَينِ، لأنَّهُ إمّا أنْ يُبغِضَ أحدَهُما ويُحبَّ الآخَرَ، وإمّا أنْ يَتبعَ أحدَهُما ويَنبُذَ الآخَرَ. فأنتُم لا تَقدِرونَ أنْ تخدُموا الله والمالَ" فليس على إطلاقه، إذ الواحد يستطيع أن يكسب المال ويستعمله فى إنجاز حاجاته وإشباع تطلعاته، وفى ذات الوقت يؤدى واجب الشكر لله ويعطى الفقراء حقوقهم فيه، فينال الخيرين جميعا: خير الدنيا، وخير الآخرة، فهو يعبد الله من خلال شكره سبحانه على ما أغدق عليه من مال. وصدق الله العظيم إذ يقول:"ومن الناس من يقول: ربَّنا، آتنا فى الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقِنَا عَذَاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا، والله سريع الحساب"، وصدق رسوله الكريم حين يعلمنا قائلا: "نِعْمَ المالُ الصالحُ للعبد الصالح"، اللهم إلا إذا كان المسيح عليه السلام قد قصد قصدًا الحَدَّ من جشع اليهود الإجرامى وعبادتهم المتوحشة للدرهم والدينار، واليورو والدولار.
على أن من الأقوال المنسوبة للسيد المسيح ما لا يمكن الموافقة عليه البتة لأنه يقود إلى العدم. ومنه قوله: "25لذلِكَ أقولُ لكُم: لا يَهُمَّكُم لحياتِكُم ما تأكُلونَ وما تشرَبونَ، ولا لِلجسدِ ما تَلبَسونَ. أما الحَياةُ خَيرٌ مِنَ الطَّعامِ، والجسدُ خَيرٌ مِنَ اللَّباسِ? 26أنظُروا طُيورَ السَّماءِ كيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحْصُدُ ولا تَخزُنُ، وأبوكُمُ السَّماويٌّ يَرزُقُها. أما أنتُم أفضلُ مِنها كثيرًا؟ 27ومَنْ مِنكُمْ إذا اَهتَمَّ يَقدِرُ أنْ يَزيدَ على قامَتِهِ ذِراعًا واحدةً؟". إن الجسد يشكل جانبا من وجودنا، ولا يمكن من ثم تجاهله وإهمال مطالبه. ترى كيف يستطيع الإنسان ألا يهتم بما يأكل أو يشرب أو يلبس؟ كما أن القياس على حياة الطيور هو قياس خاطئ تماما: فالطيور إنما تعيش بغرائزها ولا تفكر فى بناء حضارة، وليس لها ثقافة، ولا يعترى حياتها أى تطوير، أما نحن فلا نستطيع أن نعيش حياة الفطرة التى تحياها الطيور، وإلا فكيف نأكل ونشرب ونلبس ونسكن؟ إن الديدان والحَبّ مثلا متوفران فى الطبيعة بكميات تفوق حاجة الطيور، ومن ثم فلا مشكلة فى الحصول عليها، كما أنه لا مانع يمنعها من الحصول من ذلك على ما تريد، أما نحن فليس هناك وفرة فى الطبيعة فيما نحتاجه، بل لا بد من العمل والإنتاج والإبداع والتنظيم والإدارة والتخطيط... إلخ. ولو تركنا أنفسنا مثلا دون ملابس ولم نهتم بنظافتنا أو زينتنا كما تفعل الطيور لمتنا من البرد والحر، فضلا عن أن هذا لا يليق: لا أخلاقيا ولا اجتماعيا ولا صحيا، ولا جماليا أيضا، إذ على الأقل سوف تتراكم الأوساخ على أجسادنا وتطول شعورنا وأظافرنا وتنتن رائحتنا ونصبح أقرب للوحوش منا للبشر! وأذكر أنى قرأت فى شبابى الأول فى بداية سبعينات القرن الفائت رواية لبريخت فى سلسلة "روايات الهلال" اسمها "ثلاثة بنسات" تناول فيها ذلك الكاتب، ضمن ما تناول، مثلا ضربه السيد المسيح وأخذ يسخر منه ومن تداعياته المتوقعة لو أخذنا به وسرنا على ضوئه. وأذكر كذلك أنى لم تعجبنى الطريقة التى فهم بها الروائى الألمانى المثل المنسوب لعيسى عليه السلام والتهكم الذى استقبله به، إلا أن الكلمات التى نحن بصددها الآن لا تترك لنا فرصة للقول بأن هناك معنى آخر لها يمكن توجيهها نحوه، فهى دعوة صريحة لا تحتمل لَبْسًا إلى الانصراف عن الاهتمام بالدنيا والاستنان بسنة الطيور، وهو ما لا يمكن أن يكون نظرًا لاختلاف طبيعة الحياة البشرية عن حياة الطير.
نعم هناك حديث للرسول الكريم يقول صلى الله عليه وسلم فيه: "لو توكلتم على الله حَقَّ توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خِمَاصًا، وتروح بِطَانًا"، بَيْدَ أن ثمة فرقا كبيرا وحاسما بين الكلامين: فالرسول يتحدث عن التوكل الحق، وهذا التوكل معناه أن يبذل الإنسان كل جهده فى سبيل الحصول على ما يريد مثلما تفعل الطيور، إذ لا تبقى فى أعشاشها كتنابلة السلطان تنتظر الحَبّ أن يسقط فى مناقيرها وهى راقدة، بل تفارق كل صباح فى البُكْرة النديّة أعشاشها بحثًا عن الحبة والدودة، فتعود آخر النهار وقد امتلأت بطونها بالطعام بعد أن غادرت بيوتها فى أوله على الطَّوَى! الحديث إذن لا يقيس على الطير فى عدم اهتمامها بتدبير أمور معاشها، بل يقيس عليها فى سعيها على قدر وسعها وراء هذا المعاش. وقد صرح الرسول الأعظم بهذا المعنى فى أحاديث كثيرة متنوعة، وهذا هو الفرق الكبير والخطير بين الكلامين! وليس من المعقول أن نطلب من الإنسان أن يقوم كل يوم من النوم وهو لا يدرى ماذا يأكل فى يومه الأغبر ولا كيف يدبر أمر ملابسه وسكنه: فمرة ينام على الرصيف، وأخرى فى لوكاندة، وثالثة فى الكراكون، ورابعة فى ملجإ للعجزة أو للأيتام، وخامسة فى حقل من حقول الذرة مع اللصوص والقتلة وقُطّاع الطريق وما إلى ذلك. وهذا على مستوى الأفراد، فما بالنا بالدول؟ ومن التخطيط والاستعداد المسبَّق العمل على إقامة المدارس ومؤسسات الضمان الاجتماعى ووضع البرامج للارتقاء بالذوق والحس الجمالى... إلى آخر تلك الأهداف النبيلة التى لا يمكن الغض منها تحت أية حجة.
ومما قاله المسيح أيضا: "28ولِماذا يَهمٌّكُمُ اللَّباسُ؟ تأمَّلوا زَنابقَ الحَقلِ كيفَ تَنمو: لا تَغزِلُ ولا تَتعَبُ. 29أقولُ لكُم: ولا سُليمانُ في كُلٌ مَجدهِ لبِسَ مِثلَ واحدَةٍ مِنها. 30فإذا كانَ الله هكذا يُلبِسُ عُشبَ الحَقلِ، وهوَ يوجَدُ اليومَ ويُرمى غَدًا في التَّــنّورِ، فكَمْ أنتُم أولى مِنهُ بأنْ يُلبِسَكُم، يا قليلي الإيمانِ؟ 31لذلِكَ لا تَهتمّوا فتقولوا: ماذا نأكُلُ؟ وماذا نشرَبُ؟ وماذا نَلبَسُ؟ 32فهذا يطلُبُه الوَثنيّونَ. وأبوكُمُ السَّماويٌّ يعرِفُ أنَّكُم تَحتاجونَ إلى هذا كُلَّهِ. 33فاَطلبوا أوَّلاً مَلكوتَ الله ومشيئَتَهُ، فيزيدَكُمُ الله هذا كُلَّه. 34لا يَهُمَّكُم أمرُ الغدِ، فالغدُ يَهتمٌّ بنفسِهِ. ولِكُلٌ يومِ مِنَ المتاعِبِ ما يكْفيهِ". وهنا لا يهمل المسيح، إن كان هو قائل هذا الكلام، أمور الدنيا تمام كما أهملها فى النص الذى فرغنا منه لتونا، لكنه يضعها تالية لمطالب الملكوت السماوى. ولا ريب فى أن من يؤمن بالحياة الآخرة يضع، مثل عيسى، الآخرة على الأولى، إلا أن تأكيد المسيح بأننا إذا اهتممنا بملكوت السماوات فلسوف تدبر الحياة أمورها بنفسها دون تدخل من جانبنا، هو تأكيد لا ينهض على أساس، إذ السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة كما قال عبقرى الإسلام عمر بن الخطاب، كما أننا قد سبق أن نبهنا إلى الدرة المحمدية الثمينة فى هذا الشأن، وهى قوله صلى الله عليه وسلم: "لو توكلتم على الله حق توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خِمَاصًا، وتروح بِطَانًا". أى أنه لا بد من العمل وبذل الجهد والجرى وراء الرزق. أما صرف الوقت كله فى العبادة فهو فى الإسلام غير مُسْتَحَبّ، لا بل هو خطأ فادح وجريمة لا يستهان بها عند الله. لكنْ فى كل الأحوال ينبغى ألا يتحول الإنسان، بسبب هذا الجرى خلف المعاش، إلى آلة عديمة المشاعر والضمير لا تبالى بحق ولا باطل، ولا تأخذ فى حسبانها أن هناك أمورا شديدة الأهمية تتخطى حدود الحياة الدنيا، وحقوقا للآخرين يجب أداؤها.
الفصل السابع:
"إدانة الآخرين.
"لا تَدينوا لِئلاَّ تُدانوا. 2فكما تَدينونَ تُدانونَ، وبِما تكيلونَ يُكالُ لكُم. 3لماذا تَنظُرُ إلى القَشَّةِ في عَينِ أخيكَ، ولا تُبالي بالخَشَبَةِ في عَينِكَ؟ 4بلْ كيفَ تقولُ لأخيكَ: دَعْني أُخرجِ القَشَّةَ مِنْ عَينِكَ، وها هيَ الخَشبَةُ في عينِكَ أنتَ؟ 5يا مُرائيٌّ، أخْرجِ الخشَبَةَ مِنْ عَينِك أوَّلاً، حتى تُبصِرَ جيَّدًا فَتُخرِجَ القَشَّةَ مِنْ عَينِ أخيكَ.
6لا تُعطوا الكِلابَ ما هوَ مُقَدَّسٌ، ولا تَرموا دُرَرَكُم إلى الخنازيرِ، لِئلاَ تَدوسَها بأَرجُلِها وتلتَفِتَ إلَيكُم فتُمزَّقَكُم.
أطلبوا تجدوا.
7"إسألُوا تُعطَوا، إطلُبوا تَجِدوا، دُقّوا البابَ يُفتحْ لكُم. 8فمَن يَسألْ يَنَلْ، ومَنْ يَطلُبْ يَجِدْ، ومَنْ يَدُقَّ البابَ يُفتَحْ لَه. 9مَنْ مِنكُم إذا سألَهُ اَبنُهُ رَغيفًا أعطاهُ حَجَرًا، 10أو سَألَهُ سَمَكةً أعطاهُ حَـيَّةً؟ 11فإذا كُنتُم أنتُمُ الأشرارَ تَعرِفونَ كيفَ تُحسِنونَ العَطاءَ لأَبنائِكُم، فكَمْ يُحسِنُ أبوكُمُ السَّماويٌّ العَطاءَ للَّذينَ يَسألونَهُ؟
12عامِلوا الآخَرينَ مِثلَما تُريدونَ أنْ يُعامِلوكُم. هذِهِ هيَ خُلاصةُ الشَّريعةِ وتَعاليمِ الأنبياءِ.
الباب الضيّق.
13"أُدْخُلوا مِنَ البابِ الضيَّقِ. فما أوسَعَ البابَ وأسهلَ الطَّريقَ المؤدَّيةَ إلى الهلاكِ، وما أكثرَ الَّذينَ يسلُكونَها. 14لكِنْ ما أضيقَ البابَ وأصعبَ الطَّريقَ المؤدَّيةَ إلى الحياةِ، وما أقلَ الَّذينَ يَهتدونَ إلَيها.
الشجرة وثمرها.
15"إيَّاكُم والأنبياءَ الكَذَّابينَ، يَجيئونَكُم بثِيابِ الحُملانِ وهُم في باطِنِهِم ذِئابٌ خاطِفةٌ. 16مِنْ ثِمارِهِم تعرِفونَهُم. أيُثمِرُ الشَّوكُ عِنَبًا، أمِ العُلَّيقُ تِينًا؟ 17كُلُّ شَجرَةٍ جيَّدةٍ تحمِلُ ثَمرًا جيَّدًا، وكُلُّ شَجَرةٍ رَديئةٍ تحمِلُ ثَمرًا رَديئًا. 18فما مِنْ شَجرَةٍ جيَّدةٍ تَحمِلُ ثَمرًا رَديئًا، وما من شَجرَةٍ رَديئةٍ تَحمِلُ ثَمرًا جيَّدًا. 19كُلُّ شَجرَةٍ لا تَحمِلُ ثَمرًا جيَّدًا تُقطَعُ وتُرمَى في النَّارِ. 20فمِنْ ثِمارِهِم تَعرِفونَهُم.
القول والعمل.
21"ما كُلُّ مَنْ يقولُ لي: يا ربٌّ، يا ربٌّ! يدخُلُ مَلكوتَ السَّماواتِ، بل مَنْ يَعملُ بمشيئةِ أبـي الَّذي في السَّماواتِ. 22سيَقولُ لي كثيرٌ مِنَ النّاسِ في يومِ الحِسابِ: يا ربٌّ، يا ربٌّ، أما باَسمِكَ نَطَقْنا بالنٌّبوءاتِ؟ وباَسمِكَ طَرَدْنا الشَّياطينَ؟ وباَسمِكَ عَمِلنا العجائبَ الكثيرةَ؟ 23فأقولُ لهُم: ما عَرَفتُكُم مرَّةً. اَبتَعِدوا عنَّي يا أشرارُ!
مثل البيتين.
24"فمَنْ سمِعَ كلامي هذا وعمِلَ بِه يكونُ مِثْلَ رَجُلٍ عاقِلٍ بَنى بَيتَهُ على الصَّخْرِ. 25فنزَلَ المَطَرُ وفاضتِ السٌّيولُ وهَبَّتِ الرِياحُ على ذلِكَ البَيتِ فما سقَطَ، لأنَّ أساسَهُ على الصَّخرِ 26ومَنْ سَمِعَ كلامي هذا وما عمِلَ بِه يكونُ مِثلَ رَجلٍ غَبـيٍّ بنَى بَيتَهُ على الرَّملِ. 27فنَزَلَ المطَرُ وفاضَتِ السٌّيولُ وهَبَّتِ الرَّياحُ على ذلِكَ البَيتِ فسَقَطَ، وكانَ سُقوطُهُ عَظيمًا".
28ولمّا أتمَّ يَسوعُ هذا الكلامَ، تَعَجَّبتِ الجُموعُ مِنْ تَعليمِه، 29لأنَّهُ كانَ يُعَلَّمُهُم مِثلَ مَنْ لَه سُلطانٌ، لا مِثلَ مُعلَّمي الشَّريعةِ".
هذا كلام نبيل ونفيس فى مجمله، لكنه يحتاج لبعض توضيح: فالحياة لا تستغنى أبدا عن الدينونة، وإلا لم تستقم أمورها ولاستطال البغاة فى غَيّهم وعدوانهم ما داموا لا يجدون من يدينهم، فضلا عمن يردعهم! بيد أن المسيح، فيما أتصور (إذا كان هو قائل هذا الكلام، وهو فى الواقع أشبه بأن يكون صادرا من فم نبى)، لا يقصد هذا، بل مقصده أن يشتغل كل شخص بعيوبه قبل الانتباه لعيوب سواه. فإن كان كذلك فنَعَمْ ونعام عين! أما فى الإسلام فيقول الرسول الكريم: "كما تَدِين تُدَان"، وفرق كبير بين هذا وذاك، فكلام الرسول معناه أن علينا تحرى العدل عند محاسبة الآخرين مثلما نريد منهم مراعاته فى محاسبتنا. أى أنه لا بد من الحساب، لكن بالعدل لا بترك الحساب جملةً، وإنْ حَبَّبَ الإسلام فى العفو والتسامح لكن دون أن يوجبه أو يجعله هو الأصل، وإلا لاستحالت الحياة الاجتماعية وأصبح الأمر فوضى لا تطاق. ولنتصور مجتمعا دون شُرْطة ولا محاكم ولا قضاة، ولنتصور الرزايا التى يمكن أن تنهال على رؤوس الناس حينئذ، ولنتساءل: هل من المستطاع العيش فى مثل ذلك المجتمع؟ يا له من عذاب! ومن الآيات التى تحبب فى العفو قوله تعالى: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله" (الشورى/ 40)، "وأن تعفوا أقرب للتقوى، ولا تَنْسَوُا الفضل بينكم" (البقرة/ 237)، "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم" (التغابن/ 14)، "خذ العفو، وأْمُرْ بالعُرْف، وأَعْرِضْ عن الجاهلين" (الأعراف/ 199)، "إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوًّا قديرا" (النساء/ 149)... إلخ. كذلك يحتاج الباب الضيق (وهو أيضا عنوان رواية لأندريه جيد كتب مقدمة ترجمتها العربية د. طه حسين) إلى شىء من التوضيح، وأغلب الظن أنه هو نفسه ما أراده الرسول حين قال: "حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات". أى أن طريق النار سهل لأن الإنسان لا يبذل فيه جهدا بل يكفى أن يتبع صوت شهواته، أما طريق الجنة فكله مجاهدات وحرمانات. لكن ليس معنى إيثار الباب الضيق أن يترك الإنسان اليسر إلى العسر، فهذه مسألة أخرى، وإلا فالمراد هو أن يختار، من طريق الجنة المحفوف بالمكاره كما رأينا، المسار الأكثر يسرا.
أما قوله عليه السلام: "إسألُوا تُعطَوا، إطلُبوا تَجِدوا، دُقّوا البابَ يُفتحْ لكُم. 8فمَن يَسألْ يَنَلْ، ومَنْ يَطلُبْ يَجِدْ، ومَنْ يَدُقَّ البابَ يُفتَحْ لَه. 9مَنْ مِنكُم إذا سألَهُ اَبنُهُ رَغيفًا أعطاهُ حَجَرًا، 10أو سَألَهُ سَمَكةً أعطاهُ حَـيَّةً؟ 11فإذا كُنتُم أنتُمُ الأشرارَ تَعرِفونَ كيفَ تُحسِنونَ العَطاءَ لأَبنائِكُم، فكَمْ يُحسِنُ أبوكُمُ السَّماويٌّ العَطاءَ للَّذينَ يَسألونَهُ؟12عامِلوا الآخَرينَ مِثلَما تُريدونَ أنْ يُعامِلوكُم. هذِهِ هيَ خُلاصةُ الشَّريعةِ وتَعاليمِ الأنبياء" فإن كثيرا من الناس سوف يخطئون فهمه، إذ يظنون أن المقصود الدعاء، على حين أنه، صلى الله عليه وسلم، لم يحدد طبيعة الطلب المذكور هنا، ولا شك أن الكلام أبعد مرمى من الإشارة إلى الدعاء، وأن المقصود هو أن الإنسان إذا ما أراد الحصول على خير من خيرات الدنيا فعليه أن يبذل جهده فى سبيل الوصول إلى ما يريد ولا يكتفى بالدعاء، وإلا فلن يطول شيئا بالمرة، فالسماء لا تمطر من تلقاء نفسها ذهبا ولا فضة، وإنما تمطر ذهبا وفضة وياقوتا ولؤلؤا ومرجانا وألماسا وكل ما تشتهيه الأنفس إذا ما عمل الإنسان واجتهد كما يحدث فى كل الأمم المتقدمة، أما الأمم المتخلفة مثلنا فتظن أنه يكفى أن يرفع الواحد أكف الضراعة والنهنهة نحو السماء فيسقط الحمام فى فمه مشويا وينهضم حتى دون أن يبذل جهدا فى المضغ والبلع والهضم. ولم لا، وهو تنبل من تنابلة السلطان يظن نفسه فى تكية قد ورثها عن أبيه وأمه؟ لا بد إذن، كما قال السيد المسيح وكما كرر رسولنا الكريم، من العمل بأسناننا وأظافرنا كى ننجح ونتفوق ونستمتع بالحياة ويقلّ ألمنا فيها إلى أدنى درجة ممكنة. أما ما نراه حولنا فى كل مكان من الكسل والتنبلة حتى فى الدعاء، أو أسلوب سلق البيض إذا تخلينا عن تنبلتنا، فنتيجته هى ضيق المساكن وطفح المجارى وزحام المواصلات وقذارة الشوارع والتشويه الذى يحاصر العين أينما اتجهتْ والضجيج الذى يُصِمّ الآذان ويَفْرِى الأعصاب والشتائم المقذعة التى تنم عن قلة أدب متأصلة والإنتاج القليل الهزيل الذى لا يستطيع الصمود ولا المنافسة مع الإنتاج المستورد والجهل المطبق والوسواس القهرى عند الطلاب والطالبات الذى لا يعطى الأستاذَ فرصة للراحة أبدا من الأسئلة السخيفة التى تنهال عليه منذ أول الدراسة وقبل أن يقول أحد من الأساتذة فى أى مقرر: "يا فتاح يا عليم! يا رزاق يا كريم!" مِنْ مثل: ما الذى ستحذفه من المقرر؟ كيف سيأتى الامتحان؟ كم سؤالا إجباريا؟ وكم سؤالا اختياريا؟ ما الذى ينبغى أن نركز عليه من أبواب المقرر؟ كيف نستذكر الكتاب: نحفظه أم نفهمه؟ ودَعُونا من البراشيم وأدعية الصباح يوم الامتحان أن يكرمهم الله فيوقف لهم فى اللجنة ابن الحلال الذى يساعدهم على الغش، أو على الأقل يتركهم يغشون حتى يكرم الله أولاده ويوقف لهم بدورهم ملاحظًا نصّابًا مثله، لا بارك الله له فيما يأخذه من أجر على المراقبة الكاذبة الخاطئة! ونادرا ما يخطئ طالب فيسأل أستاذه فى شىء من العلم! والنتيجة هى هذا التخلف العقلى الذى نعانى كلنا منه رغم المليارات التى تُنْفَق عبثا على ما يسمى: "العملية التعليمية"، والذى يجعلنا نردد فى حسرة نرجو من الله ألا تجلب لنا الضغط والسكر: "أمة "اقرأ" لا تقرأ"! أما الطلاب فلا أسعد ولا أرضى عن حياتهم وأنفسهم! وليخبط أجعص أستاذ رأسه فى أصلب حائط! يا خلق هوووووووووووه: "إسألُوا تُعطَوا، إطلُبوا تَجِدوا، دُقّوا البابَ يُفتحْ لكُم. 8فمَن يَسألْ يَنَلْ، ومَنْ يَطلُبْ يَجِدْ، ومَنْ يَدُقَّ البابَ يُفتَحْ لَه".
لكن الكلمة التالية: "لا تُعطوا الكِلابَ ما هوَ مُقَدَّسٌ، ولا تَرموا دُرَرَكُم إلى الخنازيرِ، لِئلاَ تَدوسَها بأَرجُلِها وتلتَفِتَ إلَيكُم فتُمزَّقَكُم"، التى تُنْسَب للسيد المسيح، صلى الله عليه وسلم، وإن بدت سهلة التنفيذ، فإنها عند التطبيق تسبب مشكلة كبيرة، إذ كيف نميز بين الكلاب والخنازير من جهة، وبين البشر الذين يعرفون قيمة ما نلقيه أمامهم من درر ويستطيعون الاستفادة منه من جهة أخرى، قبل أن نجرب الناس جميعا؟ بل كيف يمكننا الاطمئنان إلى أن من هم كلابٌ وخنازيرُ الآن لن ينقلبوا مع الأيام ويصبحوا بشرا عاقلين راقين يمكنهم تقدير تلك الجواهر والانتفاع بها؟ ثم هل من صلاحيتنا القيام بفرز الطيبين من الخبيثين وإهمال الأخيرين والتركيز على الأولين وحدهم؟ الذى أعرفه أن دعوة الله ينبغى أن تُبْذَل للجميع دون تفرقة أو تمييز كما هو الحال مع ضياء الشمس وذرات الهواء، ثم إن لكل إنسان بعد هذا عقله وتقديره، وهو المسؤول عن مصيره وخلاصه. من هنا فإن الفقرة المذكورة تربك عقلى قليلا ولا أدرى كيف ينبغى التصرف إزاءها.
كذلك هناك الكلمة التى تتوعد بالنار والعذاب من يبدّلون بعد رحيل السيد عنهم: "21"ما كُلُّ مَنْ يقولُ لي: يا ربٌّ، يا ربٌّ! يدخُلُ مَلكوتَ السَّماواتِ، بل مَنْ يَعملُ بمشيئةِ أبـي الَّذي في السَّماواتِ. 22سيَقولُ لي كثيرٌ مِنَ النّاسِ في يومِ الحِسابِ: يا ربٌّ، يا ربٌّ، أما باَسمِكَ نَطَقْنا بالنٌّبوءاتِ؟ وباَسمِكَ طَرَدْنا الشَّياطينَ؟ وباَسمِكَ عَمِلنا العجائبَ الكثيرةَ؟ 23فأقولُ لهُم: ما عَرَفتُكُم مرَّةً. اَبتَعِدوا عنَّي يا أشرارُ!". وأنا لا أستطيع إلا أن أرى فيها إشارة إلى تلاميذه، إذ هم الوحيدون الذين أعطاهم مقدرة على صنع المعجزات الشفائية، وسلطانا على الشياطين يخرجونهم به من أجساد الممسوسين. وهذا الكلام لا أقوله من لدنّى، بل الذى قاله كاتب الإنجيل: "ودَعا يَسوعُ تلاميذَهُ الاثنيَ عشَرَ وأعْطاهُم سُلطانًا يَطرُدونَ بِه الأرواحَ النَّجسَةَ ويَشْفونَ النّاسَ مِنْ كُلٌ داءٍ ومرَضٍ" (متى/ 10/ 1).
الفصل الثامن:
"شفاء الأبرص.
ولمّا نزَلَ يَسوعُ مِنَ الجبَلِ، تَبِعَتْهُ جُموعٌ كبـيرةٌ. 2ودَنا مِنهُ أبرَصُ، فسجَدَ لَه وقالَ: "يا سيَّدي، إنْ أرَدْتَ فأنْتَ قادِرٌ أنْ تُطَهَّرَني". 3فمَدَّ يَسوعُ يدَه ولَمَسهُ وقالَ: "أُريدُ، فاَطهُرْ!" فطَهُرَ مِنْ بَرَصِهِ في الحالِ. 4فقالَ لَه يَسوعُ: "إيّاكَ أن تُخبِرَ أحدًا. ولكن اَذهَبْ إلى الكاهنِ وأرِهِ نَفسَكَ. ثُمَّ قَدَّمِ القُربانَ الَّذي أمرَ بِه موسى، شَهادةً عِندَهُم".
شفاء خادم الضابط.
5ودخَلَ يَسوعُ كَفْرَناحومَ، فجاءَهُ ضابِطٌ رومانِـيٌّ وتَوَسَّلَ إلَيهِ بِقولِهِ: 6"يا سيَّدُ، خادِمي طَريحُ الفِراشِ في البَيتِ يَتوَجَّعُ كثيرًا ولا يَقدِرُ أنْ يَتحرَّكَ". 7فقالَ لَه يَسوعُ: "أنا ذاهبٌ لأشفِـيَهُ". 8فأجابَ الضّابِطُ: "أنا لا أستحِقٌّ، يا سيَّدي، أنْ تَدخُلَ تَحتَ سقفِ بَيتي. ولكِنْ يكفي أنْ تَقولَ كَلِمَةً فيُشفى خادِمي. 9فأنا مَرؤوسٌ ولي جُنودٌ تَحتَ أمري، أقولُ لِهذا: إذهَبْ! فيذهَبُ، ولِلآخَرِ: تَعالَ! فيجيءُ، ولِخادِمي: إعمَلْ هذا، فيَعْمَلُ". 10فتعجَّبَ يَسوعُ مِنْ كلامِهِ وقالَ لِلَّذينَ يَتبَعونَهُ: "الحقَّ أقولُ لكُم: ما وجَدتُ مِثلَ هذا الإيمانِ عِندَ أحَدٍ في إِسْرائيلَ. 11أقولُ لكُم: كثيرونَ مِنَ النَّاسِ سيَجيئونَ مِنَ المَشرِقِ والمَغرِبِ ويَجلِسونَ إلى المائدةِ معَ إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ في مَلكوتِ السَّماواتِ. 12وأمّا مَنْ كانَ لَهُمُ المَلكوتُ، فيُطْرَحونَ خارِجًا في الظٌّلمَةِ، وهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ".
13وقالَ يَسوعُ للضّابِطِ: "إذهَبْ، وليَكُنْ لكَ على قَدْرِ إيمانِكَ". فشُفِـيَ الخادِمُ في تِلكَ السّاعةِ.
شفاء حماة بطرس.
14ودَخَلَ يَسوعُ إلى بَيتِ بُطرُسَ، فوَجَدَ حَماةَ بُطرُسَ طَريحَةَ الفِراشِ بالحُمَّى. 15فلَمَسَ يدَها، فتَركَتْها الحُمَّى. فقامَت وأخَذَتْ تَخدُمُه.
16وعِندَ المساءِ، جاءَهُ النَّاسُ بِكثيرٍ مِنَ الَّذينَ فيهِم شَياطينُ، فأخرَجَها بِكَلِمةٍ مِنهُ، وشفَى جميعَ المَرضى. 17فتَمَّ ما قالَ النَّبـيٌّ إشَعْيا: "أخذَ أوجاعَنا وحمَلَ أمراضَنا.
يسوع أم العالم.
18ورأى يَسوعُ جُمهورًا حَولَهُ، فأمَرَ تلاميذَهُ بالعُبورِ إلى الشّاطِـئِ المُقابِلِ. 19فدَنا مِنهُ أحَدُ مُعلَّمي الشَّريعةِ وقالَ لَه: "يا مُعلَّمُ، أتبَعُكَ أيْنَما تَذهَبُ". 20فأجابَهُ يَسوعُ: "للثَّعالِبِ أوكارٌ، ولِطُيورِ السَّماءِ أعشاشٌ، وأمّا اَبنُ الإنسانِ، فلا يَجِدُ أينَ يُسنِدُ رأسَهُ".
21وقالَ لَه واحدٌ مِنْ تلاميذِهِ: "يا سيَّدُ، دَعْني أذهَبُ أوّلاً وأدفِنُ أبـي". 22فقالَ لَه يَسوعُ: "إتبَعْني واَترُكِ المَوتى يَدفِنونَ مَوتاهُم!"
يسوع يهدئ العاصفة.
23ورَكِبَ يَسوعُ القارِبَ، فتَبِعَهُ تلاميذُهُ. 24وهَبَّتْ عاصِفةٌ شديدةٌ في البَحرِ حتى غَمَرتِ الأمواجُ القارِبَ. وكانَ يَسوعُ نائمًا. 25فدَنا مِنهُ تلاميذُهُ وأيقَظوهُ وقالوا لَه: "نَجَّنا يا سيَّدُ، فنَحنُ نَهلِكُ!" 26فأجابَهُم يَسوعُ: "ما لكُمْ خائِفينَ، يا قليلي الإيمانِ؟" وقامَ واَنتَهرَ الرَّياحَ والبحرَ، فحَدَثَ هُدوءٌ تامٌّ. 27فتعَجَّبَ النّاسُ وقالوا: "مَنْ هذا حتى تُطيعَهُ الرَّياحُ والبحرُ؟"
طرد الشياطين وغرق الخنازير.
28ولمّا وصَلَ يَسوعُ إلى الشّاطئِ المُقابِلِ في ناحيةِ الجدريـّينَ اَستقْبَلَهُ رَجُلانِ خَرَجا مِنَ المَقابِرِ، وفيهما شياطينُ. وكانا شَرِسَيْنِ جدُا، حتى لا يَقدِرَ أحدٌ أن يمُرَّ مِنْ تِلكَ الطَّريقِ. 29فأخذا يَصيحانِ: "ما لنا ولكَ، يا اَبنَ الله؟ أجِئتَ إلى هُنا لِتُعذَّبَنا قَبلَ الأوانِ؟"
30وكانَ يَرعَى بَعيدًا مِنْ هُناكَ قطيعٌ كبـيرٌ مِنَ الخنازيرِ، 31فتوَسَّلَ الشَّياطينُ إلى يَسوعَ بقولِهِم: "إنْ طرَدْتَنا، فأرْسِلنا إلى قطيعِ الخنازيرِ". 32فقالَ لهُم: "اَذهَبوا!" فخَرجوا ودَخَلوا في الخنازيرِ، فاَندفَعَ القطيعُ كُلٌّهُ مِنَ المُنحَدَرِ إلى البحرِ وهَلَكَ في الماءِ. 33فهرَبَ الرٌّعاةُ إلى المدينةِ وأخبَروا بِما حدَثَ وبِما جرَى للرجُلَينِ اللَّذَينِ كانَ فيهـِما شياطينُ. 34فخَرَجَ أهلُ المدينةِ كُلٌّهُم إلى يَسوعَ. ولمّا رأوْهُ طلَبوا إلَيهِ أنْ يَرحَلَ عَنْ دِيارِهِم".
الملاحظ أن الجموع التى كانت تنصت عادة للسيد المسيح عليه السلام وتتبعه من مكان إلى آخر إنما كانت تبحث عن شفاء لعاهاتها من بَرَصٍ أو كَمَهٍ أو عَرَجٍ أو مسٍّ، وقلما يقابلنا بينهم من يسعى إلى خلاص روحه. وعادة ما تنتهى واقعة الآية التى تحققت على يد السيد المسيح بقوله للشخص الذى استفاد منها: "إيّاكَ أن تُخبِرَ أحدًا"، إلا أنه يقوم برغم ذلك بإخبار الناس جميعا، وإلا فمن الذى عرّفهم بما حدث وجعلهم بدورهم يخبروننا به. كما نلاحظ أيضا أنه، عليه السلام، دائم الحركة والتنقل دون سبب على الأقل ظاهر: فهو يصعد الجبل لينزل منه بعد قليل، ويركب السفينة ليعود بها بعد قليل، ويذهب لبيت فلان ليخرج منه بعد قليل، وفى كل ذلك فلا كاتب الإنجيل يذكر ولا نحن من تلقاء أنفسنا نستطيع أن نخمن السبب وراء كل هذه التحركات والتنقلات، وكأنما كان عليه الصلاة والسلام قَلِقًا لسبب لا نعرفه! هكذا يفهم القارئ مما يقرؤه فى الإنجيل، لكننا بطبيعة الحال لا نطمئن لهذا، وإن كنا لا ندرى ماذا نفعل. ومع هذا يظل القوم يُطْنِبون فى الحديث عن السيد المسيح بوصفه كائنا خارقا: إلها أو ابن إله رغم أن هذه هى كل بضاعته تقريبا، وهى إذا ما قورنت بما عند الرسول الكريم من كنوز عبقرية فى مجال العقيدة والعبادة والتعاملات المالية والاجتماعية والسياسية والمبادئ الخلقية والتوجيهات السلوكية والإرشادات العلمية والمنهجية والتحليلات الحضارية... إلخ راعنا أنها لا تمثل سوى زاوية ضيقة جدا من هذا العالم المحمدى الرحيب هى الزاوية الأخلاقية التى هى مع ذلك عند رسولنا أرحب وأعمق وأجدى، إذ إن فى وصايا المسيح مغالاة ومجاوزة للقدرة البشرية وتطرفا فى المثالية بحيث لا يستطاع تطبيقها وتحويلها إلى واقعٍ مَعِيشٍ رغم دغدغتها المشاعر واستفزازها عاطفة الزهو عند بعض الناس المغرمين بالشقشقة المحبين للفرقعة والدَّوِىّ لمجرد الفرقعة والدَّوِىّ!
إننا نحن المسلمين نُسْكِن السيد المسيح فى أعيننا وسويداء قلوبنا ولا نرضى فيه بكلمة سوء لأن تبجيله وحبه والاعتقاد فى نبوته وطهارته وسمو خلقه هو جزء لا يتجزأ من الإيمان فى ديننا لا يُقْبَل من دونه، بيد أن هذا لا يمنعنا من كشف وجه الغُلُوّ فيه صلى الله عليه وسلم، ذلك الغُلُوّ الذى حذرنا منه سيد النبيين والمرسلين فقال: "لا تُطْرُونى كما أَطْرَت النصارى ابن مريم"! ولَعَمْرِى إننى لأتألم الآن بعد مرور ألفى عام لحال أولئك المساكين من مصروعين ومجذومين ومبروصين وعُرْج وعُمْى ألمًا شديدًا، وأستطيع أن أدرك، رغم البعد الزمنى الشاسع، مدى العذاب البدنى والنفسى الرهيب الذى كان عليهم أن يصطلوه إلى أن ظهر فى أفق حياتهم سيدنا عيسى فمثَّل لهم نقطة الضوء والأمل الوحيدة فى حياتهم. رحمنا الله جميعا ورحم كل ضعيف مسكين يقاسى متاعب الحياة، وما أكثر متاعبها ومصاعبها وأثقل عبئها وأفدحه! إن اللوحة التى تعرضها علينا الأناجيل لتدعو إلى الرثاء وتوجع القلب وتُفْعِمه بالوحشة لما تمتلئ به من البشاعة والآلام! والغريب، وجميع أمور الحياة تدعو للعجب، أن قُوَى الشر لم تكن مرتاحة لما يفعله ويدعو إليه السيد المسيح وظلت تتربص به الفرص كى تتخلص منه وتقتله. وهنا نفترق عن النصارى: فنحن نقول، حسبما يخبرنا القرآن، أن الله سبحانه قد نجّاه من هذا المصير التعيس، أما هم فيقولون إنه إنما جاء خِصِّيصًا لهذه الغاية، وإنه قد صُلِب ومات على الصليب تكفيرا عن خطيئة آدم وحواء وأبنائهما الذين يستأهلون ضرب الحذاء! ترى ما ذنبه حتى لو قلنا إنه الله أو ابن الله كما يقولون، تعالى الله عن ذلك الغشم عُلُوًّا كبيرًا؟ ألم يكن الله قادرا على الغفران دون أن يتجسد سبحانه وتعالى بشرًا ويندسّ بين البشر ويتعرض لتلك الإهانات والعذابات التى تعرض لها ويجأر ويصرخ على الصليب دون جدوى، وكأنه حين جد الجِدّ وحانت ساعة التنفيذ قد نسى تماما كل ما جاء خصوصا من أجله، وأخذ يتألم كما أتألم أنا أو أى واحد فيكم أيها القراء إذا كتبت عليه الأقدار أن يتجرع تلك الكأس العلقم، لا كتب الله علينا شيئا من هذا الظلم الجِلْف الغبى والألم الغليظ المرعب الذى لا معنى له!

وفى هذا الفصل أيضا موقف للسيد المسيح يتناقض مع موقف آخر له أيضا سوف نمر به بعد قليل، إذ عندما طلب منه الضابط الرومانى أن يشفى له خادمه رحب به وامتدح قوة إيمانه وبشره وأمثاله بأنهم سيربحون ملكوت السماوات، فى الوقت الذى سوف يخسره ويُطْرَد منه بعض المنتسبين إلى إسرائيل: "5ودخَلَ يَسوعُ كَفْرَناحومَ، فجاءَهُ ضابِطٌ رومانِـيٌّ وتَوَسَّلَ إلَيهِ بِقولِهِ: 6"يا سيَّدُ، خادِمي طَريحُ الفِراشِ في البَيتِ يَتوَجَّعُ كثيرًا ولا يَقدِرُ أنْ يَتحرَّكَ". 7فقالَ لَه يَسوعُ: "أنا ذاهبٌ لأشفِـيَهُ". 8فأجابَ الضّابِطُ: "أنا لا أستحِقٌّ، يا سيَّدي، أنْ تَدخُلَ تَحتَ سقفِ بَيتي. ولكِنْ يكفي أنْ تَقولَ كَلِمَةً فيُشفى خادِمي. 9فأنا مَرؤوسٌ ولي جُنودٌ تَحتَ أمري، أقولُ لِهذا: إذهَبْ! فيذهَبُ، ولِلآخَرِ: تَعالَ! فيجيءُ، ولِخادِمي: إعمَلْ هذا، فيَعْمَلُ". 10فتعجَّبَ يَسوعُ مِنْ كلامِهِ وقالَ لِلَّذينَ يَتبَعونَهُ: "الحقَّ أقولُ لكُم: ما وجَدتُ مِثلَ هذا الإيمانِ عِندَ أحَدٍ في إِسْرائيلَ. 11أقولُ لكُم: كثيرونَ مِنَ النَّاسِ سيَجيئونَ مِنَ المَشرِقِ والمَغرِبِ ويَجلِسونَ إلى المائدةِ معَ إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ في مَلكوتِ السَّماواتِ. 12وأمّا مَنْ كانَ لَهُمُ المَلكوتُ، فيُطْرَحونَ خارِجًا في الظٌّلمَةِ، وهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ"، وهو ما يتناقض مع ما رد به على المرأة الكنعانية التى أتته تطلب منه ذات الطلب، ولكن بالنسبة لابنتها لا لخادمها أو خادمتها، إذ أجابها فى البداية بالرفض، والرفض العنيف المؤذى للنفس أذى شديدا، إذ شبهها هى وأمثالها ممن لا ينتسبون إلى يعقوب بالكلاب: "21 وخرَجَ يَسوعُ مِنْ هُناكَ وجاءَ إلى نواحي صورَ وصيدا. 22فأَقبلَتْ إلَيهِ اَمرأةٌ كَنْعانِـيّةٌ مِنْ تِلكَ البلادِ وصاحَتِ: "اَرْحَمني، يا سيَّدي، يا اَبن داودَ! اَبنتي فيها شَيطانٌ، ويُعذَّبُها كثيرًا". 23فما أجابَها يَسوعُ بكَلِمَةٍ. فَدنا تلاميذُهُ وتَوَسَّلوا إلَيهِ بقولِهِم: "اَصرِفْها عنّا، لأنَّها تَتبَعُنا بِصياحِها!" 24فأجابَهُم يَسوعُ: "ما أرسلَني الله إلاّ إلى الخِرافِ الضّالَّةِ مِنْ بَني إِسرائيلَ". 25ولكنَّ المرأةَ جاءَتْ فسَجَدَتْ لَه وقالَت: "ساعِدْني، يا سيَّدي!" 26فأجابَها: "لا يَجوزُ أنْ يُؤخذَ خُبزُ البَنينَ ويُرمى إلى الكِلابِ". 27فقالَت لَه المَرأةُ: "نَعم، يا سيَّدي! حتَّى الكلابُ تأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الذي يَتَساقَطُ عَنْ موائدِ أصحابِها". 28فأجابَها يَسوعُ: "ما أعظَمَ إيمانَكِ، يا اَمرأةُ! فلْيكُنْ لَكِ ما تُريدينَ". فشُفِيَت اَبنَتُها مِنْ تِلكَ السّاعةِ" (متى/ 15).
والسؤال هو: لماذا هذا التناقض الغريب المعيب يا ترى؟ وكيف نَحُلّه؟ لو أن المرأة هى التى سألته قبل الضابط لقلنا إن الرفض كان هو الموقف الأصلى الذى غيَّره من أجل خاطرها، ثم لم يعد إليه بعد ذلك. لكن المشكلة أنه لم يرفض مساعدة الضابط الرومانى الذى أتاه قبلها، وكان المظنون أن يستمر على هذا النهج، إلا أنه أخلف ظننا. ترى أيرجع ذلك إلى أنه كان ضابطا كبيرا، على حين كانت هى امرأة عادية ليست لها المكانة الاجتماعية العالية التى يتمتع بها الضباط الكبار؟ لا أقصد أن المسيح هو الذى نظر لها بهذه العين، بل الكاتب هو الذى عكس موقفه ورأيه هو فى تصرف السيد المسيح عليه السلام! ولعل هذا هو الحل الذى يخرجنا من تلك الورطة. وأيا ما يكن الأمر فلا شك أن هذا الانقلاب فى موقف عيسى بن مريم عليهما السلام يمثل حالة أخرى من حالات النسخ فى الأناجيل. ثم يعيبنا الأغبياء بأن ديننا يقوم على النسخ، مع أنه لا شىء يعاب على النسخ عندنا كما وضحنا قبلا.
وعلى كل حال فالمفروض ألا يَنْكِل الداعية (فما بالنا بالنبى والرسول؟) عن الاستجابة إلى أى نداء يأتيه مهما تكن الجهة التى أتى منها. وفى القرآن الكريم: "وإنْ أحدٌ من المشركين استجارك فأَجِرْه حتى يسمع كلام الله، ثم أبلغه مأمنه. ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" (التوبة/ 6)، وفى الحديث الشريف: "لأن يَهْدِىَ الله بك رجلا خير لك مما طلعتْ عليه الشمس"، أما تشبيه الراغبين فى الهداية أو المادّين يد الحاجة نحونا بالكلاب والذئاب فليس من المروءة فى شىء، ولذلك يرانى القارئ قد استبعدت أن يكون هذا موقف المسيح عليه السلام، مرجحا أن يكون بالأحرى كلاما وضعه مؤلف الإنجيل من لدنه ونسبه له عليه السلام. فانظر الفرق بين الموقفين تر الفرق الشاسع بين دين محمد ودين القوم بعد أن حرّفوه وابتعدوا به عما جاء به نبى الله عيسى بن مريم! إن الإسلام يحرص على كل شخص ولا يرمى طوبته إلا بعد أن يعطيه كل الفرص الممكنة فيُصِرّ على العناد والكفر رغم تبين الرشد له من الغى، ويتنكر لإنسانيته ويلغى عقله هابطا بنفسه بذلك من المكانة التى كرمه الله فرفعه إليها، مكانة المخلوق الذى أنعم الله عليه بنعمة العقل والتفكير والمقدرة على المقارنة والاختيار الحر!
ونتريث قليلا أمام قول المؤلف: "وعِندَ المساءِ، جاءَهُ النَّاسُ بِكثيرٍ مِنَ الَّذينَ فيهِم شَياطينُ، فأخرَجَها بِكَلِمةٍ مِنهُ، وشفَى جميعَ المَرضى. فتَمَّ ما قالَ النَّبـيٌّ إشَعْيا: "أخذَ أوجاعَنا وحمَلَ أمراضَنا" لنفكر فيما بين السطور حيث نرى عجبا من العجب. ذلك أن المؤلف يزعم أن الكلام هنا عن المسيح، الذى شفى الممسوسين. وهو بطبيعة الحال يقصد أن عيسى عليه السلام هو الله أو ابن اله الشافى، وفاته أنه فد تكررت الإشارة هنا فى "إشعيا" إلى أن الكلام عن "عبد" لله لا عن ابن لله ولا عن الله نفسه: " 13 هو ذا عبدي يعقل يتعالى ويرتقي ويتسامى جدا . 14 كما اندهش منك كثيرون . كان منظره كذا مفسدا اكثر من الرجل وصورته اكثر من بني آدم . 15 هكذا ينضح امما كثيرين . من اجله يسد ملوك افواههم لانهم قد ابصروا ما لم يخبروا به وما لم يسمعوه فهموه. من صدق خبرنا1 ولمن استعلنت ذراع الرب . 2 نبت قدامه كفرخ وكعرق من ارض يابسة لا صورة له ولا جمال فننظر اليه ولا منظر فنشتهيه . 3 محتقر ومخذول من الناس رجل اوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به 4 لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا . 5 وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل آثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا . 6 كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا . 7 ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه . 8 من الضغطة ومن الدينونة أخذ . وفي جيله من كان يظن انه قطع من ارض الاحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي . 9 وجعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته . على انه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش 10 اما الرب فسرّ بان يسحقه بالحزن. ان جعل نفسه ذبيحة اثم يرى نسلا تطول ايامه ومسرة الرب بيده تنجح . 11 من تعب نفسه يرى ويشبع . وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين سكب للموت نفسه وأحصي مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إشعيا/ 52/ 13- 15، و53/ 1- 11). فإن أصر القوم على أن يَرَوْا هنا المسيح عليه السلام فها هو ذا مؤلف سفر إشعيا يصفه على لسان المولى سبحانه بأنه عبد لله لا ابن له، فليكونوا متسقين مع أنفسهم ومع المنطق مرة وليؤمنوا بما يجب على كل عاقل أن يؤمن به، ألا وهو أن السيد المسيح، عليه السلام، إنما كان عبد الله ورسوله لا الرب يسوع! وعلى الوجه الآخر من الورقة يروعنا أنه لم يحدث مرة أن قال المسيح لأحد ممن تعامل معهم: "يا عبدى، أو يا عبادى"، بل العكس هو الصحيح، بل إنه لم يسمهم حتى "عَبِيدًا" (التى تُسْتَخْدَم عادة لعبد الإنسان لا لعبد الله، الذى يجمع عادة على "عِبَاد") بل سماهم: "أحبّاء": "لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده . لكني قد سميتكم احباء لاني أعلمتكم بكل ما سمعته من ابي" (يوحنا/ 15/ 15).
أى أن المسيح، عليه السلام، من الناحية الإيجابية والسلبية هو عبد الله كسائر عباد الله، وإنْ زاد عنهم بأنه كان رسولا نبيا. لكن قول المؤلف عن ذلك العبد: "ظُلِمَ اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه"، وكذلك قوله: "وجعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته"، لا ينطبق على السيد المسيح صلى الله عليه وسلم، إذ إنه لم يكن صامتا بل كان يتكلم طوال الوقت مع تلامذته أو أعدائه أو المرضى المتعبين، وهذا الكلام هو الذى ألَّب عليه المجرمين الفَسَقَة. حتى عندما وُضِع على الصليب حَسْب روايات بعض مؤلفى الأناجيل لم يكفّ عن الكلام، بل كان يجيب على ما يوجَّه له من أسئلة وتهكمات، كما أخذ يصيح ويتألم وهو فى نزعه الأخير حسبما يزعمون. ثم إنه لم يُدْفَنْ مع أشرار، ولا مات مع أغنياء، ورواية الصَّلْب موجودة لكل من يريد، فليدلّنا القوم على خلاف ما نقول!
وفوق ذلك كيف يقال إنه قد ظُلِم، وهو ابن الله أو الله ذاته؟ هل الآلهة يمكن أن تُظْلَم؟ أوليس أبوه هو الذى أرسله بنفسه لكى يموت هذه الميتة فداء للبشرية؟ فكيف يسمَّى هذا ظلما؟ الواقع أنه إذا قلنا إنه كان هناك ظلم فليس أمامنا إلا القول بأن هذا الظلم هو مِنَ الذى اختاره وأرسله، أستغفر الله، لا مِنَ الذين أسلموه لقتلته ولا من الذين صلبوه لأن هؤلاء جميعا إنما كانوا الأدوات المنفذة للمشيئة الإلهية التى إنما عملت ما عملت رحمة بالبشرية وتكفيرا لها عن ذنوبها كما يقول القوم! كذلك فالسيد المسيح لم يكن محتقَرا، معاذ الله! وإذا كان فمِنْ قِبَل المجرمين المنافقين من بنى إسرائيل فقط، وهؤلاء لا قيمة لهم عند الله، أما الذين آمنوا به فقد أحبوه واحترموه. والأناجيل مملوءة بالكلام الطيب الذى كانوا يغدقونه عليه. وفوق ذلك فإن قول إشعيا: "لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحمّلها" لا ينطبق على السيد المسيح بحال لأنه لم يحدث أنْ حمل أحزان أحد ولا تحمّل أوجاعه، بل كل ما هنالك أنه أذهب عن بعض المرضى (وليس عنا كلنا نحن البشر) الأحزان والأوجاع التى كانوا يقاسونها ولم يتحمل هو نفسه شيئا منها، وإلا فهل كان فى كل مرة يشفى فيها أحدا من مرضه كان يصاب هو بدلا منه بذلك المرض؟ هذا هو معنى العبارة، وهو ما لا ينطبق على المسيح بتاتا، بيد أن القوم فى تفكيرهم وتفسيرهم لكتابهم المقدس لا يجرون على أى منهج أو منطق، بل يقولون كل ما يعنّ لهم بغض النظر عما فيه من شطط فى الخروج على كل منطق وعقل! كذلك فإن الكلام يخلو تماما مما يعتقده النصارى فى السيد المسيح من أنه قام من الأموات وصعد إلى السماء! ثم إن نهاية النص تتحدث عن نسل له تطول أيامه، وليس للمسيح أى نسل، لسبب بسيط هو أنه لم يتزوج كما يعلم جميع الناس: "اما الرب فسرّ بان يسحقه بالحزن. ان جعل نفسه ذبيحة اثم يرى نسلا تطول ايامه ومسرة الرب بيده تنجح".
ولا بد من التنبيه إلى أن كثيرا من المفسرين اليهود يؤكدون أن المقصود فى هذه النبوءة هو النبى إرميا وليس عيسى عليه السلام، أما الفريق الآخر منهم الذى يرى أن الكلام عن المسيح فإن المسيح عندهم ليس هو ابن مريم بل شخصا آخر لا يزالون فى انتظار مجيئه كما هو معروف (Matthew Henry Complete Commentary on the Whole Bible فى التعليق على الفقرات 13- 15 من الفصل رقم 52 من سفر إشعيا)، وهذا الشخص لن يكون واحدا من الأقانيم المعروفة لأنهم لا يعرفون التثليث النصرانى الذى هو، فى الواقع، نتاج الفكر المتأخر عن المسيح. وعلاوة على هذا نجد ألفرد جيوم فى "A New Commentary on Holy Scripture" (لندن/ 1929م/ 459) يؤكد أن هناك خلافا حادا حول حقيقة الشخص المومإ إليه هنا لم يهدأ أُوَارُه، وأن التفسير القديم الذى كان يرى أن المراد فى نبوءتنا هو السيد المسيح قد أخلى مكانه لحساب القول بأن المقصود هو بنو إسرائيل كلهم، وبخاصة أنه قد سبق فى سفر "إشعيا" استعمال لفظ "العبد" مرادا به يعقوب أو إسرائيل: الأمة لا الفرد، كما أنه من غير المعقول أن يكون الكلام بهذا التفصيل عن شخص لن يظهر إلا بعد 500 عام تقريبا.
هذا، ولا شك أنه من الغرابة بمكان مكين أن يكون رد المسيح عليه السلام على من استسمحه من تلاميذه الذهاب لدفن والده هو: "إتبَعْني واَترُكِ المَوتى يَدفِنونَ مَوتاهُم!". إن هذه شدة بل قسوة فى واقع الأمر، وهى قسوة غير مبررة، إذ من يا ترى سوف يعنى بدفن والد الشخص إذا كان هو لا يهتم بذلك؟ وليتصور القارئ معى ما الذى ستكون عليه الأرض لو تركنا الموتى دون أن ندفنهم! وليس من المعقول أن يلقى كل إنسان بهذه المهمة الثقيلة على عاتق الآخرين، فى الوقت الذى يرونه يؤدى عملا آخر! كذلك فقول المسيح: "دع الموتى يدفنون موتاهم" هو قول لا معنى له فى هذا السياق، إذ إننا كلنا موتى بما فينا ذلك الابن، بل بما فينا المسيح نفسه. وعلى هذا فإن ما قاله عليه السلام هنا ليس بعذر على الإطلاق، لأنه ما دام الابن من الموتى أيضا فعليه، طبقا للمبدإ الذى أرساه المسيح، أن يذهب لدفن والده! فكما يرى القارئ فإن الطريق دائما مسدودة، ذلك أن الكلام لا منطق فيه رغم ما قد يبدو لبعض الأعين من أن له بريقًا، إذ "ليس كل ما يلمع ذهبا" كما يقول المثل الإنجليزى والفرنسى!
وفى الإسلام تشديد على طاعة الوالدين وإحسان مصاحبتهما فى الدنيا لما لهما على أبنائهما من الفضل العميم حتى لو كانا كافرين، اللهم إلا إن جاهدا أبناءهم على الشرك بالله، فعندئذ لا طاعة، لكن يبقى وجوب الاحترام والإحسان لا هوادة فيه. لا بل إن الابن الوحيد لوالديه يُعْفَى من الجهاد فى سبيل الله مراعاةً لعاطفة الأبوة والأمومة! وعلى هذا فحتى لو كان الوالد المتوفَّى فى قصة المسيح كافرا، لقد كان ينبغى أن يسمح عليه السلام لابنه بالذهاب لدفنه، بل أن يحثه على ذلك حَثًّا! وهناك حكاية عن الرسول عليه السلام أنه كان جالسا ذات مرة، فمرت عليه جنازة يهودى فقام لها، فسُئِل عن ذلك باستغراب، فكان جوابه: "أليست نفسا؟"! وكان عليه السلام يتألم إذا مات أحد من الفقراء دون أن يخبره أصحابه، إذ كان يحب ألا يفوته أداء واجب العزاء، بل لقد كان ينزل فى بعض الأحيان القبر بنفسه ليدفن الميت الفقير بيده الشريفة حنانا منه وتواضعا ونبل نفس! كما لم يمنعه نفاق ابن أُبَىّ وانحيازه لأعداء الملة والأمة فى كل المواقف وإثارته المستمرة للمشاكل داخل الجماعة المسلمة، من إعطائه عباءته ليكفَّن فيها بناء على طلبه، ولا من الوقوف للصلاة عليه حين مات رغم اعتراض عمر على ذلك لولا أن القرآن الكريم نزل حاسما فى هذا الشأن على نحو لم يترك له بابا للاجتهاد فى هذه القضية! ومن جهة أخرى فإن الإسلام لا ينهى المسلم عن البر بالكافرين والإقساط إليهم ما داموا لم يقاتلوهم فى الدين ولم يخرجوهم من ديارهم، فما بالنا بابن يريد أن يدفن أباه؟ ألا إن ذلك لغريب بل قاس شديد القسوة، ودون أى مسوّغ! قال سبحانه وتعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تَبَرّوهم وتُقْسِطوا إليهم. إن الله يحب المُقْسِطين" (الممتحنة/ 8). والسؤال الآن: أترى المسيح لم يقل هذا للابن المذكور، وإنما هو من تلفيق مؤلف الإنجيل، أم إن المسألة هى التطبيق العملى لما أُثِر عنه من أنه إنما جاء ليفرق بين الأب وابنه والأخ وأخيه والحماة وكنتها وتمزيق البيت الواحد، وأنه ما جاء لينشر السلام بل السيف؟ لكنه مع ذلك قد أهاب بالأبناء أن يكرموا آباءهم وأمهاتهم: "16 وأقبَلَ إليهِ شابٌ وقالَ لَه: "أيٌّها المُعَلَّمُ، ماذا أعمَلُ مِنَ الصَّلاحِ لأنالَ الحَياةَ الأبدِيَّةَ؟" فأجابَهُ يَسوعُ: "17 لِماذا تَسألُني عمّا هوَ صالِـحٌ؟ لا صالِـحَ إلاّ واحدٌ. إذا أَرَدْتَ أنْ تَدخُلَ الحياةَ فاَعمَلْ بالوصايا". 18فقالَ لَه: "أيَّ وصايا؟" فقالَ يَسوعُ: "لا تَقتُلْ، لا تَزْنِ، لا تَسرِقْ، لا تَشهَدْ بالزٌّورِ، 19أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، أحِبَّ قريبَكَ مِثلما تُحبٌّ نَفسَكَ". الحق أنها مسألة محيرة!
وفى ضوء دعوى القوم بألوهيته عليه السلام أو بنوّته لله نحب أن ننظر فى السطور التالية: "23ورَكِبَ يَسوعُ القارِبَ، فتَبِعَهُ تلاميذُهُ. 24وهَبَّتْ عاصِفةٌ شديدةٌ في البَحرِ حتى غَمَرتِ الأمواجُ القارِبَ. وكانَ يَسوعُ نائمًا. 25فدَنا مِنهُ تلاميذُهُ وأيقَظوهُ وقالوا لَه: "نَجَّنا يا سيَّدُ، فنَحنُ نَهلِكُ!" 26فأجابَهُم يَسوعُ: "ما لكُمْ خائِفينَ، يا قليلي الإيمانِ؟" وقامَ واَنتَهرَ الرَّياحَ والبحرَ، فحَدَثَ هُدوءٌ تامٌّ. 27فتعَجَّبَ النّاسُ وقالوا: "مَنْ هذا حتى تُطيعَهُ الرَّياحُ والبحرُ؟"، إذ السؤال الختامى فيها يدل على أن تلاميذه الأقربين لم يكونوا، حتى تلك اللحظة على الأقل، يعرفون أنه هو الله أو ابن الله حسبما يزعم النصارى معاكسين تمام المعاكسة ما أتى هو وجميع الأنبياء به من دعوة التوحيد والتنزيه عن التشبيه والتجسيد. ولهذا يرانى القارئ قد توقفت أمام حكاية الحمامة التى انفتحت السماء فنزلت منها وحطت على المسيح عليه السلام وسُمِع فى ذات الوقت صوت من الأعالى يقول: أنت ابنى الحبيب، وتساءلتُ: فمن يا ترى أخبر الكاتبَ بوقوع تلك الحادثة؟ واضح أن التلاميذ، حسبما نقرأ هنا، لم يكن عندهم حتى ذلك الوقت أية فكرة عن التمر هندى! وبالمناسبة فليس كل ما تذكره الأناجيل للسيد المسيح من الآيات قد عرض له القرآن. فهل قام عليه السلام فعلا بصنع هذه المعجزات؟ أم هل هو تَزَيُّدٌ من مؤلفى الأناجيل على اعتبار أن الكلام ليس عليه جُمْرُك كما تقول العامة؟ ويزداد الأمر تلبيسا إذا عرفنا أن اثنين من المجانين كانا يدركان أنه "ابن الله"، إذ من الغريب الشاذ أن يجهل ذلك تلاميذه المقرَّبون ويعرفه المجانين فيقولوا له: "ما لنا ولكَ، يا اَبنَ الله؟ بل إن أُمّه (أُمّه التى حملته وولدته وأرضعته وتجلى لها الروح القدس ونفخ فى جيبها حتى تحمل به) كانت تقول له عن يوسف إنه أبوه! يا لطيف اللطف يا رب: "وكان ابواه يذهبان كل سنة الى اورشليم في عيد الفصح . 42 ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا الى اورشليم كعادة العيد . 43 وبعدما اكملوا الايام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في اورشليم ويوسف وامه لم يعلما . 44 واذ ظناه بين الرفقة ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الاقرباء والمعارف . 45 ولما لم يجداه رجعا الى اورشليم يطلبانه . 46 وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم . 47 وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته . 48 فلما ابصراه اندهشا . وقالت له امه يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا. هوذا ابوك وانا كنا نطلبك معذبين"!
على أن موضوع المجنونَيْن لم تنته فصوله، إذ ما ذنب الخنازير حتى يرسل السيد المسيح الشياطين التى كانت تسكن جَسَدَىِ الممسوسَيْن إليها؟ وهذا على فرض أن الشياطين كائنات مادية تنتقل من جسد إلى جسد، وأن الشياطين التى تصيب الإنس هى من نفس الطينة التى جُبِلَت منها تلك الشياطين المتخصصة فى التلبس بالحيوانات. كما أنه من الغريب جدا أن يستمع المسيح لتوسل الشياطين ويريحها وينفذ ما تريد فيظلم الحيوان الأعجم المسكين العاجز الذى لا يملك من أمره شيئا، رغم أن الشياطين هى التى تمثل الشر فى العالم وأراد واحد منها أن يغويه قبل ذلك بالكفر والسجود له بدلا من السجود للواحد الأحد! ليس ذلك فحسب، فمن الواضح أن الشياطين هنا أيضا قد أبدت عن غباء غريب لا يليق بنسل إبليس، وهو الذى يُضْرَب به المثل فى المكر والدهاء والتَّحَيُّل، إذ كيف لم تعرف أنها حين تنتقل لأجساد الحلاليف سوف ينتهى بها الأمر سريعا إلى السقوط من فوق حافة الجبل إلى البحر فالغرق والهلاك من ثم فيه؟ وهذا لو صدقنا أن عملها فى الحيوانات يختلف عن عملها فى البشر، إذ عندما كانت تسكن أجساد البشر كان سهلا عليها أن تتعايش هى ومن تسكنه، أما حين انتقلت إلى أجساد الحلاليف فإنها اندفعت للتو إلى حافة الجبل وسقطت من حالق!
28ولمّا وصَلَ يَسوعُ إلى الشّاطئِ المُقابِلِ في ناحيةِ الجدريـّينَ اَستقْبَلَهُ رَجُلانِ خَرَجا مِنَ المَقابِرِ، وفيهما شياطينُ. وكانا شَرِسَيْنِ جدُا، حتى لا يَقدِرَ أحدٌ أن يمُرَّ مِنْ تِلكَ الطَّريقِ. 29فأخذا يَصيحانِ: "ما لنا ولكَ، يا اَبنَ الله؟ أجِئتَ إلى هُنا لِتُعذَّبَنا قَبلَ الأوانِ؟"
30وكانَ يَرعَى بَعيدًا مِنْ هُناكَ قطيعٌ كبـيرٌ مِنَ الخنازيرِ، 31فتوَسَّلَ الشَّياطينُ إلى يَسوعَ بقولِهِم: "إنْ طرَدْتَنا، فأرْسِلنا إلى قطيعِ الخنازيرِ". 32فقالَ لهُم: "اَذهَبوا!" فخَرجوا ودَخَلوا في الخنازيرِ، فاَندفَعَ القطيعُ كُلٌّهُ مِنَ المُنحَدَرِ إلى البحرِ وهَلَكَ في الماءِ. 33فهرَبَ الرٌّعاةُ إلى المدينةِ وأخبَروا بِما حدَثَ وبِما جرَى للرجُلَينِ اللَّذَينِ كانَ فيهـِما شياطينُ. 34فخَرَجَ أهلُ المدينةِ كُلٌّهُم إلى يَسوعَ. ولمّا رأوْهُ طلَبوا إلَيهِ أنْ يَرحَلَ عَنْ دِيارِهِم".
الفصل التاسع:
"يسوع يشفي كسيحًا
فركِبَ يَسوعُ القارِبَ وعَبَر البُحَيْرةَ راجِعًا إلى مدينتِهِ. 2فجاءَهُ بَعضُ النّاسِ بِكَسيحِ مُلقًى على سَريرٍ. فلمّا رأى يَسوعُ إيمانَهُم قالَ للكَسيحِ: "تَشَجَّعْ يا اَبني، مَغْفورَةٌ لكَ خَطاياكَ". 3فقالَ بَعضُ مُعلَّمي الشَّريعةِ في أنفُسِهِم: "هذا الرَّجُلُ يُجدَّفُ!".
4وعرَفَ يَسوعُ أفكارَهُم، فقالَ: "لماذا تَظُنٌّونَ السٌّوءَ في قُلوبِكُم؟ 5أيٌّما أسهَلُ؟ أنْ يُقالَ: مغفورَةٌ لكَ خَطاياكَ، أمْ أنْ يُقالَ: قُمْ واَمشِ؟ 6سأُريكُمْ أنَّ اَبنَ الإنسانِ لَه سُلطانٌ على الأرضِ ليَغفِرَ الخطايا". وقالَ لِلكسيح: "قُمْ واَحمِلْ سَريرَكَ واَذهَبْ إلى بـيتِكَ". 7فقامَ الرَّجُلُ وذهَبَ إلى بَيتِه. 8فلمّا شاهَدَ النَّاسُ ما جرَى، خافوا ومَجَّدوا الله الَّذي أعطى البشَرَ مِثلَ هذا السٌّلطانِ.
يسوع يدعو متى.
9وسارَ يَسوعُ مِنْ هُناكَ، فرأى رَجُلاً جالِسًا في بَيتِ الجِبايةِ اَسمُهُ متَّى. فَقالَ لَه يَسوعُ: "إتْبَعني". فقامَ وتَبِعَهُ. 10وبَينَما يَسوعُ يأكُلُ في بَيتِ متَّى، جاءَ كثيرٌ من جُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ وجلَسُوا معَ يَسوعَ وتلاميذِهِ. 11ورأى بعضُ الفَرَّيسيـّينَ ذلِكَ، فقالوا لتلاميذِهِ: "لِماذا يأكُلُ مُعلَّمُكُم معَ جُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ؟" 12فسَمِعَ يَسوعُ كلامَهُم، فأجابَ: "لا يَحتاجُ الأصِحّاءُ إلى طَبـيبٍ، بل المَرضى. 13فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمةً لا ذبـيحةً. وما جِئتُ لأدعُوَ الصّالحينَ، بَلِ الخاطِئينَ".
الصوم.
14وجاءَ تلاميذُ يوحنّا المَعمَدانِ إلى يَسوعَ. وقالوالَه:"لِماذا نَصومُ نَحنُ والفرَّيسيّونَ كثيرًا، وتلاميذُكَ لا يَصومونَ؟ 15فأجابَهُم يَسوعُ: "أتَنتَظِرونَ مِنْ أهلِ العَريسِ أنْ يَحزَنوا، والعَريسُ بَينَهُم؟ لكنْ يَجيءُ وقتٌ يُرفَعُ فيهِ العَريسُ مِنْ بَينِهِم فيَصومونَ. 16ما مِنْ أحَدٍ يَرقَعُ ثَوبًا عَتيقًا بِرُقعَةٍ مِنْ قماشٍ جَديدٍ، لأنَّها تَنكَمِش فَتَنْــتَزِع شَيئًا مِنَ الثَّوبِ العَتيقِ فيتَّسِعُ الخَرْقُ. 17وما مِنْ أحدٍ يَضَعُ خَمْرًا جَديدةً في أوعِيَةِ جِلْدٍ عَتيقَةٍ، لِـئلاَّ تَنشَقَّ الأوعِيَةُ فتَسيلَ الخمرُ وتَتْلَفَ الأوعِيَةُ. بل تُوضَعُ الخمرُ الجَديدةُ في أوعِيَةٍ جَديدَةٍ، فتَسلَمُ الخمرُ والأوعِيَةُ".
إحياء صبـية وشفاء اَمرأة لمست ثوب يسوع.
18وبَينَما هوَ يَتكلَّمُ، دَنا مِنهُ رَئيسٌ يَهوديٌّ وسجَدَ لَه وقالَ: "الآنَ ماتَتِ اَبنَتي. تَعالَ وضَعْ يدَكَ علَيها فتَحيا". 19فقامَ يَسوعُ وتَبِعَهُ معَ تلاميذِهِ. 20وكانَت هُناكَ اَمرأةٌ مُصابةٌ بنَزْفِ الدَّمِ مِن اَثنتَي عَشْرَةَ سنَةً، فدَنَتْ مِنْ خَلفِ يَسوعَ ولَمَستْ طَرَفَ ثوبِهِ، 21لأنَّها قالَت في نَفسِها: "يكفي أنْ ألمُسَ ثوبَهُ لأُشفى". 22فاَلتَفَت يَسوعُ فَرآها وقالَ: "ثِقي يا اَبنَتي، إيمانُكِ شَفاكِ". فشُفِـيَتِ المَرأةُ مِنْ تِلكَ السَّاعَةِ.
23ولمّا وصَلَ يَسوعُ إلى بَيتِ الرئيسِ اليهوديَّ رأى الندَّابـينَ والنّاسَ في اَضطرابٍ، 24فقالَ: "إخرُجوا! ما ماتَتِ الصَّبـيَّةُ، لكنَّها نائمةٌ!" فضَحِكوا علَيهِ. 25وبَعدَما أخْرَجَ النّاسَ، دخَلَ وأخَذَ بـيَدِ الصَّبـيةِ فقامَتْ. 26واَنتشرَ الخبَرُ في تِلكَ الأنحاءِ كُلَّها.
يسوع يشفي أعميـين.
27وسارَ يَسوعُ مِنْ هُناكَ، فتَبِعَهُ أعمَيانِ يَصيحانِ: "اَرْحَمْنا، يا اَبنَ داودَ!" 28ولمّا دخَلَ البَيتَ، دَنا مِنهُ الأعمَيانِ. فقالَ لهُما يَسوعُ: "أتؤمنانِ بأنّي قادِرٌ على ذلِكَ؟" فأجابا: "نَعَم، يا سيَّدُ!" 29فلمَسَ يَسوعُ أعيُنَهُما وقالَ: "فليكُنْ لكُما على قَدْرِ إيمانِكُما". 30فاَنفَتَحَتْ أعيُنُهُما. وأنذرَهُما يَسوعُ فقالَ: "إيّاكُما أن يَعلَمَ أحدٌ!" 31ولكنَّهُما خَرَجا ونَشرا الخبَرَ في تِلكَ الأنحاءِ كُلَّها.
يسوع يشفي أخرس.
32ولمّا خرَجَ الأعميانِ، جاءَهُ بَعضُ النّاسِ بأخرسَ، فيهِ شَيطانٌ. 33فلمّا طَرَدَ يَسوعُ الشَّيطانَ، تكلَّمَ الأخرسُ. فتعَجَّبَ الجُموعُ وقالوا: "ما رأينا مِثلَ هذا في إِسرائيلَ!" 34ولكنَّ الفَرَّيسيـّينَ قالوا: "برئيسِ الشَّياطينِ يَطرُدُ الشَّياطينَ!"
يسوع يشفق على الناس.
35وطافَ يَسوعُ في جميعِ المُدُنِ والقُرى يُعلَّمُ في المجامِـعِ ويُعلِنُ بِشارةَ المَلكوتِ ويَشفي النّاسَ مِنْ كُلٌ مَرَضٍ وَداءٍ. 36ولمّا رأى الجُموعَ اَمتلأ قَلبُهُ بالشَّفَقَةِ علَيهِم، لأنَّهُم كانوا بائِسينَ مُشتَّتينَ مِثلَ غنَمِ لا راعِـيَ لها. 37فقالَ لِتَلاميذِهِ: "الحَصادُ كثيرٌ، ولكنَّ العُمّالَ قَليلونَ. 38فاَطلُبوا مِنْ رَبَّ الحَصادِ أنْ يُرسِلَ عُمّالاً إلى حَصادِهِ".
والآن إلى التعليق: والواقع أننى لا أفهم أن يتجرأ أى مخلوق، حتى لو كان نبيًّا، على تقليد نفسه شيئا من صلاحيات الله سبحانه وتعالى فيغفر ذنوب البشر. إن هذا افتئات على مقام الألوهية! ولو أنه، صلى الله عليه وسلم، ابتهل إلى ربه سبحانه وتعالى أن يغفر لمن يرى أنهم يحتاجون للغفران لكان هذا هو التصرف الأحجى، أما أن يُقْدِم هكذا على غفران الذنب بنفسه وكأنه هو الله أو وكيله على الأرض فهذا لا يصح ولا يجوز ولا يقبله العقل. سيقال إنه كان ابن الله، لكننا لا يمكن أن نوافق على هذه المجافاة التامة لعقيدة التوحيد والتنزيه. ومرة أخرى أنا لا أنكر على سيدنا عيسى شيئا، إذ من أنا حتى أفكر مجرد تفكير فى الإقدام على مثل هذا التطاول؟ وأى سماء تُظِلّنى، وأى أرضٍ تُقِلّنى إذا أنا أقللت عقلى وإيمانى وقلت ذلك؟ ولكنى أُبْرِئه من هذا التصرف الذى لا يليق بأنبياء الله الكرام ممن اصطفاهم الله وصنعهم على عينه، وأرى أنه عليه السلام لم يفعل شيئا من ذلك، بل هو مما أُضِيفَ له ظلما وزورا. ومن عجائب الأمور أن الكاتب هنا قد جعل المسيح عليه السلام يصف نفسه بــ"ابن الإنسان": "سأُريكُمْ أنَّ اَبنَ الإنسانِ لَه سُلطانٌ على الأرضِ ليَغفِرَ الخطايا"، فكانت هذه التسمية الصحيحة مفارَقةً غريبة فى هذا السياق، إذ بينما يعترف المسيح (حسبما يروى لنا متّى) بأنه واحد من البشر (لا إلهٌ ولا ابنُ إله) نراه يُقْدِم على ما هو من صلاحيات الله وحده! ومما يؤكد بشرية المسيح تعليق الحاضرين الذين رَأَوُا الكسيح يقوم ويمشى سليمًا معافًى، إذ جعلوه هم أيضا بشرا: "فلمّا شاهَدَ النَّاسُ ما جرَى، خافوا ومَجَّدوا الله الَّذي أعطى البشَرَ مِثلَ هذا السٌّلطانِ".
هذا، وليس فى المعجزات التى صنعها السيد المسيح ما يمكن أن أعلق عليه، اللهم إلا قول الكاتب: "وطافَ يَسوعُ في جميعِ المُدُنِ والقُرى يُعلَّمُ في المجامِـعِ ويُعلِنُ بِشارةَ المَلكوتِ ويَشفي النّاسَ مِنْ كُلٌ مَرَضٍ وَداءٍ. ولمّا رأى الجُموعَ اَمتلأ قَلبُهُ بالشَّفَقَةِ علَيهِم، لأنَّهُم كانوا بائِسينَ مُشتَّتينَ مِثلَ غنَمِ لا راعِـيَ لها". فالحياة فادحة العبء على الفقراء والمسحوقين، وهكذا رآها السيد المسيح عليه السلام، وهكذا يراها كل من كان لديه فى قلبه رحمة وحنان. بَيْدَ أن كثيرا من هؤلاء المسحوقين لا يبالون بمن يحاول أن يمد يده لنشلهم مما هم فيه من هوان وعذاب واستغلال، فتراهم إما آخذين صف مضطهديهم وظالميهم ضده، وإما مكتفين فى أحسن الأحوال بالانتفاع بكل ما يستطيعون الحصول عليه منه، حتى إذا ما جَدّ الِجّد واصطدم محاميهم بقُوَى الشر والبأس والغَبْن ووقع فى قبضتها وباتت حياته على شَفَا جُرُفٍ هارٍ من الخطر، وتَلَفَّتْ حوله لعله يجد أحدا ممن أفنى حياته دفاعا عن حقوقهم ومصالحهم يسانده ولو بكلمة تشجيع، إذا بهم "فَصّ ملح وذاب"، مستكثرين عليه مجرد المصمصة من شفاههم. ألم يكن هذا هو ما وقع للسيد المسيح طبقا لروايات كتاب الأناجيل التى تقول إنه قد صُلِبَ وقُتِلَ بعدما عُذِّبَ وأُهين، وإن كنا نحن المسلمين نرى أنها مكذوبة من الأساس؟
كذلك هناك التفسير المنسوب للسيد المسيح الخاص بالصوم بوصفه مجرد تعبير عن الحزن، ومن ثم فلا داعى لأن يصوم الحواريون ما دام عليه السلام موجودا معهم لم يغادر الحياة بعد، أما حين يحين الحين فيفارقهم فعندئذ، وعندئذ فقط، يكون هناك معنًى ومجالٌ للصوم، وكأن الصيام ليس إلا تعبيرا عن الحزن، وليس عبادة روحية وبدنية لها من المعانى والمغازى، وفيها من الدروس والعبر والفوائد الجسمية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، الكثير: "وجاءَ تلاميذُ يوحنّا المَعمَدانِ إلى يَسوعَ. وقالوا لَه:"لِماذا نَصومُ نَحنُ والفرَّيسيّونَ كثيرًا، وتلاميذُكَ لا يَصومونَ؟ 15فأجابَهُم يَسوعُ: "أتَنتَظِرونَ مِنْ أهلِ العَريسِ أنْ يَحزَنوا، والعَريسُ بَينَهُم؟ لكنْ يَجيءُ وقتٌ يُرفَعُ فيهِ العَريسُ مِنْ بَينِهِم فيَصومونَ. 16ما مِنْ أحَدٍ يَرقَعُ ثَوبًا عَتيقًا بِرُقعَةٍ مِنْ قماشٍ جَديدٍ، لأنَّها تَنكَمِش فَتَنْــتَزِع شَيئًا مِنَ الثَّوبِ العَتيقِ فيتَّسِعُ الخَرْقُ. 17وما مِنْ أحدٍ يَضَعُ خَمْرًا جَديدةً في أوعِيَةِ جِلْدٍ عَتيقَةٍ، لِـئلاَّ تَنشَقَّ الأوعِيَةُ فتَسيلَ الخمرُ وتَتْلَفَ الأوعِيَةُ. بل تُوضَعُ الخمرُ الجَديدةُ في أوعِيَةٍ جَديدَةٍ، فتَسلَمُ الخمرُ والأوعِيَةُ". وأغرب من ذلك أنه، عليه السلام، لم يجد ما يضربه من الأمثال فى هذا السياق إلا الخمر، الخمر أم الخبائث! أقول هذا وفى ذهنى ما قرأته للقمّص المنكوح المقروح، زيكو العجيب ذى الدبر الرحيب، من أن النصرانية تحرّم الخمر وتتشدد فى هذا التحريم أيما تشدد! عجايب! أفلم يأته ما كتب متَّى هنا ونَسَبه للسيد المسيح مما لا يمكن فى ضوئه أن تكون الخمر محرمة فى النصرانية؟ أم لم يأته أن أول آية عملها المسيح حسب مؤلفى الأناجيل هى تحويل الماء فى أحد الأعراس إلى خمر، وبتحريض من أمه عليها السلام، ليشرب المدعوُّون ويبتهجوا، وكأنه أحد متعهدى حفلات الأفراح ومورّدى أطعمتها ومشروباتها؟ وهنا لا بد من كلمة، فإن محمدا بعبقريته وبركة دينه وإخلاص أصحابه ورجولتهم، وقبل كل شىء بسببٍ من عون ربه، قد استطاع ما لم يستطعه أحد قبله ولا بعده على مدار التاريخ البشرى كله ولا حتى نبى مرسل، فنجح فى فطم أتباعه عن الخمر، إلا الشواذ النادرون منهم. هو فقط عليه السلام الذى أنجز هذا الإعجاز! أما أمم النصارى فقد أحرزت قصب السبق فى شرب الخمر، ولم يقدر أحد فيها على بلوغ واحد من المليون مما بلغه رسولنا وأتباعه فى هذا المضمار! ثم يتطاول الأوغاد الحقراء على سيد الرسل والنبيين ويسبّونه ظانين أنهم بهذا الإجلاب قادرون على أن يداروا عجزهم وفهاهتهم وانحراف دينهم! ألا إن مثواهم لَقَعْر جهنم الحمراء مع أمثالهم من كل مجرم لئيم بمشيئة الواحد الأحد، الذى لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد!
الفصل العاشر:
"الرسل الاثنا عشر.
ودَعا يَسوعُ تلاميذَهُ الاثنيَ عشَرَ وأعْطاهُم سُلطانًا يَطرُدونَ بِه الأرواحَ النَّجسَةَ ويَشْفونَ النّاسَ مِنْ كُلٌ داءٍ ومرَضٍ. 2وهذِهِ أسماءُ الرٌّسُلِ الاثني عشَرَ: أوَّلُهُم سِمْعانُ المُلَقَّبُ بِبُطرُسَ وأخوهُ أندَراوُسُ، ويَعقوبُ بنُ زَبدي وأخوهُ يوحنّا، 3وفيلُبٌّسُ وبَرْتولماوُسُ، وتوما ومتَّى جابـي الضَّرائبِ، ويَعقوبُ بنُ حَلْفَى وتَدّاوسُ، 4وسِمْعانُ الوطنيٌّ الغَيورُ، ويَهوذا الإسخَرْيوطيٌّ الذي أسلَمَ يَسوعَ.
يسوع يرسل الاثني عشر.
5وأرسَلَ يَسوعُ هؤُلاءِ التلاميذَ الاثنَي عشَرَ وأوْصاهُم قالَ: "لا تَقصِدوا أرضًا وثَنِـيَّةً ولا تَدْخُلوا مدينةً سامِريَّةً، 6بَلِ اَذْهَبوا إلى الخِرافِ الضّالةِ مِنْ بَني إِسرائيلَ، 7وبَشَّروا في الطَّريقِ بأنَّ مَلكوتَ السَّماواتِ اَقتَرَبَ. 8واَشفوا المَرضى، وأقيموا الموتَى، وطَهَّروا البُرْصَ، واَطرُدوا الشَّياطينَ. مجّانًا أخَذتُمْ، فمَجّانًا أعْطُوا. 9لا تَحمِلوا نُقودًا مِنْ ذَهَبٍ ولا مِنْ فِضَّةٍ ولا مِنْ نُحاسٍ في جُيوبِكُم، 10ولا كِيسًا لِلطَّريقِ ولا ثوبًا آخَرَ ولا حِذاءً ولا عصًا، لأنَّ العامِلَ يَسْتَحِقٌّ طعامَهُ. 11وأيَّةَ مدينةٍ أو قريةٍ دَخَلْتُم، فاَستَخبِروا عَنِ المُستحِقَّ فيها، وأقيموا عِندَهُ إلى أنْ تَرحَلوا. 12وإذا دَخلْتُم بَيتًا فسَلَّموا علَيهِ. 13فإنْ كانَ أهلاً للسَّلامِ، حلَ سلامُكُم بِه، وإلاَّ رجَعَ سَلامُكُم إلَيكُم. 14وإذا اَمتَنَعَ بَيتٌ أو مدينةٌ عَنْ قَبولِكُم أو سَماعِ كلامِكُم، فاَتركوا المكانَ واَنْفُضوا الغُبارَ عَنْ أقدامِكُم. 15الحقَّ أقولُ لكُم: سيكونُ مَصيرُ سَدومَ وعَمورَةَ يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتِمالاً مِنْ مَصيرِ تِلكَ المدينةِ.
زمن الاضطهاد.
16"ها أنا أُرسِلُكُم مِثلَ الخِرافِ بَينَ الذَّئابِ فكونوا حَذِرينَ كالحيّاتِ، وُدَعاءَ كالحَمام. 17واَنتَبِهوا، لأنَّ النَّاسَ سَيُسلَّـمـونَـكم إلى المَحاكِم، ويَجلِدونَــكُم في المجـامِــعِ، 18ويَـسـوقونَـكم إلى الحُكـامِ والمُلوكِ مِنْ أجلي، لتَشْهَدوا عِندَهُم وعِندَ سائِرِ الشٌّعوبِ. 19فلا تَهتَمّوا حِينَ يُسْلِمونَــكُم كيفَ أو بِماذا تَتكلَّمونَ، لأنَّـكُم سَتُعطَوْنَ في حينِهِ ما تَتكلَّمونَ بِه. 20فما أنتُمُ المُتكَلَّمونَ، بَلْ رُوحُ أبـيكمُ السَّماويَّ يَتكَلَّمُ فيكُم. 21سيُسلِمُ الأخُ أخاهُ إلى الموتِ، والأبُ اَبنَهُ، ويتَمَرَّدُ الأبناءُ على الآباءِ ويَقتُلونَهُم، 22ويُبْغِضُكُم جَميعُ النّاسِ مِنْ أجلِ اَسْمي. والَّذي يَثبُتُ إلى النَّهايةِ يَخلُصُ.
23وإذا اَضطَهَدوكُم في مدينةٍ، فاَهرُبوا إلى غَيرِها. الحقَّ أقولُ لكُم: لن تُنْهوا عَمَلكُم في مُدُنِ إِسرائيلَ كُلَّها حتى يَجيءَ اَبنُ الإنسانِ.
24لا تِلميذَ أعظَمُ مِنْ مُعلَّمِهِ، ولا خادِمَ أعظَمُ مِنْ سيَّدِهِ. 25يكفي التَّلميذَ أنْ يكونَ مِثلَ مُعلَّمِهِ والخادِمَ مِثلَ سيَّدِهِ. إذا كان ربٌّ البَيتِ قيلَ لَه بَعلَزَبولُ، فكَيفَ أهلُ بـيتِهِ؟
مخافة الله.
26"لا تَخافوهُم. فما مِنْ مَستورٍ إلاّ سَيَنكَشِفُ، ولا مِنْ خفِـيٍّ إلاّ سَيُظهَرُ. 27وما أقولُهُ لكُم في الظَّلامِ، قولوهُ في النٌّورِ. وما تَسمَعونَهُ هَمسًا، نادوا بِه على السٌّطوحِ. 28لا تخافوا الَّذينَ يَقتُلونَ الجسَدَ ولا يَقدرونَ أنْ يقتُلوا النَّفسَ، بَل خافوا الَّذي يَقدِرُ أنْ يُهلِكَ الجسَدَ والنَّفسَ معًا في جَهَنَّم. 29أما يُباعُ عُصْفورانِ بدِرْهَمِ واحدٍ؟ ومعَ ذلِكَ لا يقَعُ واحدٌ منهُما إلى الأرضِ إلاّ بِعِلمِ أبـيكُمُ السَّماويَّ. 30أمّا أنتُم، فشَعرُ رُؤُوسِكُم نفسُهُ معدودٌ كُلٌّهُ. 31لا تخافوا، أنتُم أفضَلُ مِنْ عصافيرَ كثيرةٍ.
الاعتراف بالمسيح.
32"مَنِ اَعترفَ بـي أمامَ النّاسِ، أعترِفُ بِه أمامَ أبـي الَّذي في السَّماواتِ. 33ومَنْ أنْكَرَني أمامَ النّاسِ، أُنكِرُهُ أمامَ أبـي الَّذي في السَّماواتِ.
يسوع والعالم.
34"لا تَظُنّوا أنيَّ جِئتُ لأحمِلَ السَّلامَ إلى العالَمِ، ما جِئتُ لأحْمِلَ سَلامًا بَلْ سَيفًا. 35جِئتُ لأُفرَّقَ بَينَ الاَبنِ وأبـيهِ، والبِنتِ وأمَّها، والكَنَّةِ وحماتِها. 36ويكونُ أعداءَ الإنسانِ أهلُ بـيتِهِ.
37مَنْ أحبَّ أباهُ أو أمَّهُ أكثرَ ممّا يُحِبٌّني، فلا يَسْتحِقٌّني. ومَنْ أحبَّ اَبنَهُ أو بِنتَهُ أكثرَ ممّا يُحبٌّني، فلا يَسْتحِقٌّني. 38ومَنْ لا يَحمِلُ صليبَهُ ويَتْبعُني، فلا يَسْتحِقٌّني. 39مَنْ حَفِظَ حياتَهُ يَخسَرُها، ومَنْ خَسِرَ حياتَهُ مِنْ أجلي يَحفَظُها.
الجزاء
40"مَنْ قَبِلَكُم قَبِلَني، ومَنْ قَبِلَني قَبِلَ الَّذي أرسَلَني. 41مَنْ قَبِلَ نَبـيُا لأنَّهُ نَبـيٌّ، فَجَزاءَ نَبـيٍّ يَنالُ. ومَنْ قَبِلَ رَجُلاً صالحًا لأنَّهُ رجُلٌ صالِـحٌ، فجَزاءَ رَجُلٍ صالِـحِ يَنالُ. 42ومَنْ سَقى أحدَ هؤُلاءِ الصَّغارِ ولَو كأسَ ماءٍ بارِدٍ لأنَّهُ تِلميذي، فأجرُهُ، الحقَّ أقولُ لكُم، لن يَضيعَ".
لعل القارئ لم ينس ما قلناه من أن المقصود بقول السيد المسيح: "سيَقولُ لي كثيرٌ مِنَ النّاسِ في يومِ الحِسابِ: يا ربٌّ، يا ربٌّ، أما باَسمِكَ نَطَقْنا بالنٌّبوءاتِ؟ وباَسمِكَ طَرَدْنا الشَّياطينَ؟ وباَسمِكَ عَمِلنا العجائبَ الكثيرةَ؟ فأقولُ لهُم: ما عَرَفتُكُم مرَّةً. اَبتَعِدوا عنَّي يا أشرارُ!" هم تلاميذه لأنهم هم الوحيدون الذين أعطاهم، حسبما يقول كاتب الإنجيل، سلطانا على الأرواح النجسة ومقدرة على شفاء الأمراض التى كان يشفيها. فأرجو أن يظل القارئ الكريم على ذِكْرٍ من هذه المعلومة لأننا سنحتاجها فيما يقبل من سطور. كذلك لا أحب أن تفوتنى الفرصة للفت الانتباه إلى أن السيد المسيح (الإله أو ابن الإله) قد أعطى هذا السلطان وتلك المقدرة ليهوذا الخائن أيضا. ترى أفلم يكن يعرف انه سيخونه؟ مصيبة إذن أن يجهل الإله أو ابن الإله شيئا كهذا! أم كان يعرف، ومع هذا فعل ما فعل؟ مصيبة أشد لأنه بهذا يكون قد برهن على أنه لا يحسن الاختيار! أم كان يعرف أنه سيخونه، لكنه أعطاه السلطان والمقدرة عن قصد وتعمد؟ مصيبة أشد وأشد لأن هذا معناه أنه كان يتصرف تصرفات عابثة! وعلى أية حال أليس المفروض أن يأخذ يهوذا ذاك مكافأة من المسيح أو من أبيه لأنه كان العامل الحاسم لتمام المشيئة الإلهية فى التكفير عن خطيئة البشرية؟ ذلك أنه لولا صَلْب المسيح وقَتْله ما تم التكفير ولاستحال تنفيذ مشيئة الله، ولولا خيانة يهوذا ما تم الصلب والقتل. إذن فالسيد يهوذا يستحق التكريم والتعظيم هو وكل من شارك فى هذه الجريمة (آسف، أقصد: "كل من شارك فى هذه الطاعة وذلك الإيمان") من يهود ورومان! وإلا فما الذى كان يريده الآب السماوى؟ أكان يريد من يهوذا وممن اشتركوا فى قتل المسيح حسب اعتقاد القوم أن يقفوا فى طريق مشيئته ويعملوا بكل قواهم على إحباطها وعدم تنفيذها؟ إذن لكانوا عرّضوا أنفسهم لنقمته سبحانه وتعالى لعصيانهم أمره وتعطيل وقوع رحمته بالبشر ولظل البشر حتى الآن مرتكسين فى الخطيئة التى ارتكبها أبوهم آدم وأمهم حواء فحمّلهم الله مسؤوليتها رغم أنهم لا ذنب لهم فيها، ليعود فيحمّل المسيح مسؤولية التكفير عنها رغم أنه لا ذنب له فيها، ثم يعود بعد ذلك كله فيحمّل يهوذا مسؤولية المساعدة على تنفيذ هذا التكفير الذى اختار الله ابنه الوحيد (حيلته وضناه!) لكى يقوم به رغم أن يهوذا المسكين إنما أراد الخير والمساعدة! أهذا جزاء عمل الخير؟ يا لها من لخبطة! بينى وبينكم هذه ليست تصرفات إله ولا طريقة تفكير تليق بإله! وعلى رأى المثل: "أذنك من أين يا جحا؟".
ألم يكن أسهل من هذا كله أن يغفر الله تلك الخطيئة مباشرة كما فعل فى القرآن إذ تاب على آدم وحواء بعد أن أنزلهما إلى الأرض، وانتهت المسألة عند هذا الحد منذ لا أدرى كم من السنين، وصافٍ يا لبن! حليب يا قشدة!؟ إن الحلول العبقرية هى أسهل الحلول وأبسطها عادة، لكن يبدو أن المزاج لم يكن رائقا ساعتها فكانت هذه البرجلة العقلية التى لم نعد نعرف معها رأسنا من رجلينا! الله يخرب بيتك يا يهوذا! لقد عقَّدْت القضية، إذ جئت تكحّلها فأعميتها! ما الذى أخششك فى هذه اللعبة التى لست على قدرها؟ أكان لا بد أن تنسحب من لسانك وتقول للرومان: ها هو ذا المسيح، فتعالَوْا خذوه؟ وكل هذا يا مجنون مقابل ثلاثين فضة؟ ألم تسمع بما يقوله العامة عندنا: إن سرقتَ فاسرق جملا، وإن خطبتَ فاخطب قمرا؟ بينى وبينك تستحق ما جرى لك! الناس الآن يسرقون بالملايين بل بالمليارات، وسيادتك تبيع المسيح بحاله "من أجل حفنة دولارات"، ومعذرة للفلم إياه، فهكذا حبكت القافية؟ الله يخرب بيتك مرةً ثانيةً وثالثةً ورابعةً وعاشرةً ومائةً وألفًا... إلى ما شاء الله، يا يهوذا! إن عملاء أمريكا من صغار العيال كالمجرم القرارى "أبى هَرَّة" الذى يهاجم كل من هو مسلم بدءا من أبى بكر وعمر وأبى هريرة وانتهاء بــ"مجدى محرّم عليهم عيشتهم" (ولولا الخطة الجهنمية لشتم الرسولَ جهارا نهارا، لكنه يترك هذه المهمة لــ"أبى هَرَّة" الآخر، أبى هَرَّة المنكوح فى دبره المقروح)، ولا يُثْنِى إلا على كل كافر سافل مثله، لَيَأْخُذ الواحد منهم آلاف الدولارات فى الشهر غير فكّة البدلات من هنا ومن هاهنا لقاء ما هو أتفه من هذا كثيرا (ألم نقرأ مقالات مجدى محرم، الذى لم يجدوا عليه شيئا فقالوا: "أبو بيجاما!"؟)، وحضرتك تتمطى وتمد يدك من أجل ثلاثين فضة لتصبح فضيحتك على كل لسان وتتفوق فى "الجُرْسَة" على العزيز بدران الذى خان أدهم الشرقاوى؟ ويا ليتك انتفعت بها أو تركتها لأولادك من بعدك يسددون بها ديون مصر أو يحلون بها مشاكلها الاقتصادية كما ينوى أن يفعل "المحروس" ابن "المجروس" بمليار جنيه بس! مليار جنيه من البَلاّص الذى تركته له جدته على السطح وأخفته بين بلاليص الجبنة القديمة حتى لا يتنبه له اللصوص إلى أن يحين الوقت وتقع مصر فى الديون فينفع البَلاّص ساعتها ويتم إنقاذ المحروسة على يد المحروس، فتلهب الجماهير أكفّها من التصفيق ابتهاجا بنهاية الفلم السعيدة! إِخْصِ عليك يا يهوذا! لم يكن العشم يا صاحبى!
ثم نمضى فى القراءة: "وأرسَلَ يَسوعُ هؤُلاءِ التلاميذَ الاثنَي عشَرَ وأوْصاهُم قالَ: "لا تَقصِدوا أرضًا وثَنِـيَّةً ولا تَدْخُلوا مدينةً سامِريَّةً، 6بَلِ اَذْهَبوا إلى الخِرافِ الضّالةِ مِنْ بَني إِسرائيلَ، 7وبَشَّروا في الطَّريقِ بأنَّ مَلكوتَ السَّماواتِ اَقتَرَبَ. 8واَشفوا المَرضى، وأقيموا الموتَى، وطَهَّروا البُرْصَ، واَطرُدوا الشَّياطينَ". وهذه فى الواقع هى رسالة السيد المسيح تقريبا لا تكاد تزيد عن ذلك، وأين هذا من رسالة محمد الشاملة التى لم تترك شيئا من أمور الدنيا أو الآخرة إلا وبينت وجه الحق فيه وما ينبغى وما لا ينبغى بشأنه. كما أن رسالة السيد المسيح، كما هو بَيِّنٌ من كلامه الذى لا يمكن أن يلتبس على أى قارئ، هى رسالة محلية قبلية: لبنى إسرائيل وحدهم، وأين هذا من رسالة محمد العالمية التى بُعِثَ بها للإنس والجن والأبيض والأحمر والأسود والأصفر من وقت مبعثه إلى يوم الدين. وليس فى هذا أى افتئات أو إساءة إلى عيسى بن مريم عليه السلام، بل كل نبى أو رسول والمهمة التى أُسْنِدَتْ إليه من رب العالمين، وهذا كل ما هنالك.
ولكننى لا أظن الحواريين كانت لديهم القدرة على الشفاء ولا على طرد الشياطين من الأجساد، وإلا فما وجه تميز عيسى كنبىٍّ عندنا، أو ابنٍ لله عند القوم؟ إنهم يتخذون من هذه الأمور دليلاً على ألوهيته. عظيم! إذن فالحواريون آلهة أيضا مثله ما داموا يتصفون بنفس المقدرة والسلطان. سيقال إنهم إنما استمدوها منه، فهم كانوا وسيظلون بشرا. لكن هذا الرد يصدق أيضا على حالة السيد المسيح، لأنه إنما استمد تلك القدرة وذلك السلطان من الله، وهو ما يوضحه القرآن الكريم، إذ نسمعه عليه السلام يقول: "وأُبْرِئ الأكمه والأبرص وأُحْيِى الموتى بإذن الله"! على أن هناك نقطة سبق أن مسستها، ولا بأس بتكرار القول فيها هنا، فالتكرار يعلم الشطار، كما يعلم الحمار: الحمار من جنس القُمّص المنكوح، صاحب الدبر المقروح! وهذه النقطة هى أن التلاميذ لن يهنأوا بتلك الصلاحية طويلا، إذ سرعان ما يفشلون فى طرد الشياطين وإبراء المرضى، مما يستدعى عودة الأمور إلى نصابها الأول وينهض السيد المسيح كرة أخرى بهذا المهمة بيديه المباركتين الطاهرتين اللتين لا أدرى بأى وجه حق ينتسب إلى صاحبهما الطاهر الكريم القُمّص النجس الدنىء!
ويقول المسيح لتلاميذه أيضا: "لا تَحمِلوا نُقودًا مِنْ ذَهَبٍ ولا مِنْ فِضَّةٍ ولا مِنْ نُحاسٍ في جُيوبِكُم"، ومع هذا فإن المجوس المزعومين الذين زاروه وهو رضيع فى المذود لم يجدوا ما يمكن أن يُهْدوه إياه إلا الذهب، وهو أبعد شىء عن طبيعة دعوته كما نلاحظ هنا. ثم إن هذا الذهب يثير مشكلة من نوع آخر، إذ ما الذى فعلته أمه بذلك المال بعد ذلك؟ إن الإنجيل ليسكت تماما عن هذه النقطة! كذلك لا بد أن نبين الفرق بين دعوة محمد عليه الصلاة والسلام ودعوة المسيح فى السياق الحالى: فالمسيح يقول لتلامذته إن من حقهم أن يأخذوا أجرا على دعوتهم: ضيافةً وطعامًا وشرابًا ومبيتًا عند من يقصدونهم بالدعوة: "9لا تَحمِلوا نُقودًا مِنْ ذَهَبٍ ولا مِنْ فِضَّةٍ ولا مِنْ نُحاسٍ في جُيوبِكُم، 10ولا كِيسًا لِلطَّريقِ ولا ثوبًا آخَرَ ولا حِذاءً ولا عصًا، لأنَّ العامِلَ يَسْتَحِقٌّ طعامَهُ. 11وأيَّةَ مدينةٍ أو قريةٍ دَخَلْتُم، فاَستَخبِروا عَنِ المُستحِقَّ فيها، وأقيموا عِندَهُ إلى أنْ تَرحَلوا"، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمره ربه قائلا: "قل: لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى".
ولنلاحظ أيضا أنه لم يقل لهم: بَشِّروا بأنى ابن الله الذى أرسله الآب لفدائكم من رِبْقَة الخطيئة الأولى، بل قال لهم: بَشِّروا باقتراب ملكوت السماوات. ثم إنه يضيف قائلا: "الحقَّ أقولُ لكُم: لن تُنْهوا عَمَلكُم في مُدُنِ إِسرائيلَ كُلَّها حتى يَجيءَ اَبنُ الإنسانِ". والمقصود بــ"ابن الإنسان" هو المسيح ذاته، وها قد مر على ذلك الكلام ألفان من الأعوام تقريبا، ولم يأت ابن الإنسان! وحين يأتى فأرجوكم أن تخبرونى! ولنلاحظ كذلك ما قلناه قبلا من أنه يقول للتلاميذ إن الله هو أبوهم السماوى، وهى نفس التسمية التى سماه بها بالنسبة إليه: "أبى السماوى". أى أن العلاقة بينه وبين الله هى هى نفسها العلاقة بين البشر جميعا، أو على الأقل: بين الصالحين منهم وبينه سبحانه.
ولدينا ذلك قوله لهم: "لا تَظُنّوا أنيَّ جِئتُ لأحمِلَ السَّلامَ إلى العالَمِ، ما جِئتُ لأحْمِلَ سَلامًا بَلْ سَيفًا. 35جِئتُ لأُفرَّقَ بَينَ الاَبنِ وأبـيهِ، والبِنتِ وأمَّها، والكَنَّةِ وحماتِها. 36ويكونُ أعداءَ الإنسانِ أهلُ بـيتِهِ". ورغم وضوح القول فإن الأوغاد الأوباش شَتَمَة الأنبياء الكرام يظلون يكررون أن المسيح أحسن من محمد. لماذا يا أوباش؟ لأنه كان وديعا أتى بالسلام والمحبة، أما محمد فقد أتى بالسيف! فأين السلام والمحبة فى هذا الكلام؟ أم أين المحبة والسلام فى قوله عليه السلام قبل قليل: "سيُسلِمُ الأخُ أخاهُ إلى الموتِ، والأبُ اَبنَهُ، ويتَمَرَّدُ الأبناءُ على الآباءِ ويَقتُلونَهُم". إن هذه عواصف وزعازع عاتية من شأنها أن تزلزل الأسرة والمجتمع لا سكينةٌ وسلامٌ. ومع هذا فنحن لا نشتم السيد المسيح، ولا يمكن أن نفكر فى شىء من ذلك بتاتا لأنه رسول الله مثلما كان محمد رسول الله، فيجب إكرام الاثنين وتبجيلهما، إن لم يكن من أجل شىء فمن أجل من أرسلهما ومن أجل الفضل الذى ندين به له، ومن ثم لهما، صلى الله عليهما وسلم، ولعن من يكفر ويغلو فيهما. كذلك فهذه طبيعة الدعوات الجديدة سواء كانت نبوة أو إصلاحا، إذ يهبّ المتضررون من جرائها من كل مجرم أنانى مستبد باطش فيقف فى وجهها ويؤلب من هم تحت سلطانه لإيذاء النبيين والمصلحين حتى لو كان أتباعه هؤلاء الذين يسلطهم عليهم هم أول المنتفعين بالدعوة الجديدة. ولو كان قُدِّر لعيسى عليه السلام أن يعيش على الأرض أطول مما عاش ولم يتوفَّه الله إليه فى سن مبكرة لكان أول من يخوض الحروب. نعم، كان سيخوضها كارها، لكنه لم يكن ليجد مندوحة رغم ذلك عن خوضها، والخِطَاب، كما يقولون، يبين من عنوانه، وعنوانه ظاهر تماما فى كلماته التالية عليه الصلاة والسلام: "لا تَظُنّوا أنيَّ جِئتُ لأحمِلَ السَّلامَ إلى العالَمِ، ما جِئتُ لأحْمِلَ سَلامًا بَلْ سَيفًا. 35جِئتُ لأُفرَّقَ بَينَ الاَبنِ وأبـيهِ، والبِنتِ وأمَّها، والكَنَّةِ وحماتِها. 36ويكونُ أعداءَ الإنسانِ أهلُ بـيتِهِ"! قد يقال: لكنه منع بطرس من استعمال السيف. والجواب أن محمدا عليه الصلاة والسلام كان ينهى أتباعه فى البداية عن الرد على العدوان بمثله ويحثهم على الصبر والتحمل، إذ إن الرد فى هذه الحالة هو بمثابة انتحار مُبِير لأن المواجهة لا يصح أن تتم قبل أوانها ودون الاستعداد لها. وقد ظل الرسول الكريم ثلاث عشرة سنة فى مكة يتحمل هو وأصحابه الكرام ما لم يتعرض لمثله السيد المسيح أو أتباعه وحواريوه. ثلاث عشرة سنة لا ثلاث سنوات فقط. ثم يأتى أوباش المهجر الأمريكى فيشتمون سيد الأنبياء والمرسلين (ولا أقول: سيدهم أيضا، لأنهم لا يستحقون شرف الانحناء على قدمه الكريمة لربط حذائه)، ويقولون إنه قد أتى برسالة السيف. وماذا فى السيف الذى يدافع به الإنسان عن حقه ويزيل عن نفسه الظلم يا كلاب أمريكا؟ يقولون إن ديننا يُلْزِمنا "إدارة" الخد الأيسر لمن يضربنا على خدنا الأيمن. لكنهم يكذبون، فإن دينهم الذى يمارسونه إنما يُلْزِمهم "إدارة بوش"، وشتان بين "إدارة وإدارة"، يا لُمَامَة الحارة!
الفصل الحادى عشر:
"يسوع ويوحنا المعمدان.
ولمّا أتمَّ يَسوعُ وصاياهُ لِتلاميذِهِ الاثني عشَرَ، خرَجَ مِنْ هُناكَ ليُعلَّمَ ويُبَشَّرَ في المُدُنِ المُجاوِرَةِ.
2وسمِعَ يوحنّا وهوَ في السَّجنِ بأَعمالِ المَسيحِ، فأرسَلَ إلَيهِ بَعضَ تلاميذِهِ 3ليقولوا لَهُ: "هلْ أنتَ هوَ الَّذي يَجيءُ، أو نَنتظرُ آخَرَ؟"
4فأجابَهُم يَسوعُ: "اَرْجِعوا وأخْبِروا يوحنّا بِما تَسمَعونَ وتَرَوْنَ: 5العميانُ يُبصرونَ، والعُرجُ يمشونَ، والبُرصُ يُطهَّرونَ، والصمٌّ يَسمَعونَ، والمَوتى يَقومونَ، والمَساكينُ يَتلقَّونَ البِشارةَ. 6وهنيئًا لمن لا يفقُدُ إيمانَهُ بـي".
7فلمّا اَنصَرَفَ تلاميذُ يوحنّا، تَحدَّثَ يَسوعُ لِلجُموعِ عَنْ يوحنّا فقالَ: "ماذا خَرَجتُم إلى البرَّيَّةِ تَنظُرونَ؟ أقَصَبةً تَهُزٌّها الرَّيحُ؟ 8بلْ ماذا خَرَجتُم ترَوْنَ؟ أرَجُلاً يلبَسُ الثَّيابَ النّاعِمَةَ؟ والَّذينَ يَلبَسونَ الثَّيابَ النّاعِمَةَ هُمْ في قُصورِ المُلوكِ! 9قولوا لي: ماذا خَرَجتُم تَنظُرونَ؟ أنبـيُا؟ أقولُ لكُم: نعَم، بلْ أفضَلَ مِنْ نَبِـيٍّ. 10فهوَ الَّذي يقولُ فيهِ الكِتابُ: أنا أُرسِلُ رَسولي قُدّامَكَ، ليُهيَّـئَ الطَّريقَ أمامَكَ. 11الحقَّ أقولُ لكُم: ما ظهَرَ في النّاسِ أعظمُ مِنْ يوحنّا المَعمدانِ، ولكِنَّ أصغَرَ الَّذينَ في مَلكوتِ السَّماواتِ أعظمُ مِنهُ.
12فَمِنْ أيّامِ يوحنّا المَعمدانِ إلى اليومِ، والنَّاسُ يَبذُلونَ جَهدَهُم لِدُخولِ مَلكوتِ السَّماواتِ، والمُجاهِدونَ يَدخُلونَهُ. 13فإلى أنْ جاءَ يوحنّا كانَ هُناكَ نُبوءاتُ الأنبـياءِ وشَريعَةُ موسى. 14فإذا شِئتُم أنْ تُصَدَّقوا، فاَعلَموا أنَّ يوحنّا هوَ إيليّا المُنتَظرُ. 15مَنْ كانَ لَه أُذُنانِ، فَلْيَسمَعْ!
16بِمَنْ أُشبَّهُ أبناءَ هذا الجِيلِ? هُمْ مِثلُ أولادٍ جالِسينَ في السَّاحاتِ يَتَصايَحُونَ: 17زَمَّرْنا لكُم فما رَقَصْتُم، ونَدَبْنا لكُم فما بكَيتُم. 18جاءَ يوحنّا لا يأكُلُ ولا يَشرَبُ فقالوا: فيهِ شَيطانٌ. 19وجاءَ اَبنُ الإنسانِ يأكُلُ ويَشرَبُ فقالوا: هذا رجُلٌ أكولٌ وسِكّيرٌ وصَديقٌ لِجُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ. لكِنَّ الحِكمةَ تُبرَّرُها أعمالُها".
المدن غير التائبة.
20وأخَذَ يَسوعُ يُؤَنَّبُ المُدُنَ التي أجرى فيها أكثرَ مُعجزاتِهِ وما تابَ أهلُها، 21فقالَ: "الويلُ لكِ يا كورَزينَ! الويلُ لكِ يا بـيتَ صيدا! فلو كانتِ المُعجزاتُ التي جرَتْ فيكما جرَتْ في صورَ وصيدا، لتابَ أهلُها من زمنٍ بعيدٍ ولبِسوا المسوحَ وقعَدوا على الرمادِ. 22لكنّي أقولُ لكم: سيكونُ مصيرُ صورَ وصيدا يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتمالاً من مصيرِكُما. 23وأنتِ يا كَفْرَ ناحومُ! أتَرتَفعينَ إلى السَّماءِ؟ لا، إلى الجَحيمِ سَتهبُطينَ. فَلو جرَى في سَدومَ ما جرَى فيكِ مِنَ المُعجِزاتِ، لبَقِـيَتْ إلى اليومِ. 24لكنّي أقولُ لكُم: سيكونُ مصيرُ سدومَ يومَ الحِسابِ أكثرَ اَحتِمالاً مِنْ مَصيرِكِ".
يسوع يبتهج.
25وتكَلَّمَ يَسوعُ في ذلِكَ الوَقتِ فقالَ: "أحمَدُكَ يا أبـي، يا ربَّ السَّماءِ والأرضِ، لأنَّكَ أظْهرتَ للبُسطاءِ ما أخفَيْتَهُ عَنِ الحُكَماءِ والفُهَماءِ. 26نَعَمْ، يا أبـي، هذِهِ مَشيئَــتُكَ.
27أبـي أعطاني كُلَ شيءٍ. ما مِنْ أحدٍ يَعرِفُ الابنَ إلاّ الآبُ، ولا أحدٌ يَعرِفُ الآبَ إلاَّ الابنُ ومَن شاءَ الابنُ أنْ يظُهِرَهُ لهُ.
28تَعالَوا إليَّ يا جميعَ المُتعَبـينَ والرّازحينَ تَحتَ أثقالِكُم وأنا أُريحُكُم. 29إحمِلوا نِـيري وتعَلَّموا مِنّي تَجِدوا الرّاحةَ لنُفوسِكُم، فأنا وديعٌ مُتواضعُ القَلْبِ، 30ونِـيري هيَّنٌ وحِمْلي خَفيفٌ".
وأول شىء تلتقطه أعيننا فى هذا الفصل هو ما جرى بين يحيى وعيسى من رسائل: "2وسمِعَ يوحنّا وهوَ في السَّجنِ بأَعمالِ المَسيحِ، فأرسَلَ إلَيهِ بَعضَ تلاميذِهِ 3ليقولوا لَهُ: "هلْ أنتَ هوَ الَّذي يَجيءُ، أو نَنتظرُ آخَرَ؟". 4فأجابَهُم يَسوعُ: "اَرْجِعوا وأخْبِروا يوحنّا بِما تَسمَعونَ وتَرَوْنَ: 5العميانُ يُبصرونَ، والعُرجُ يمشونَ، والبُرصُ يُطهَّرونَ، والصمٌّ يَسمَعونَ، والمَوتى يَقومونَ، والمَساكينُ يَتلقَّونَ البِشارةَ". إن معنى ذلك هو أن يحيى لم يكن يعرف شيئا عن طبيعة السيد المسيح ولا أنه صاحب دعوة رغم قول كاتب الإنجيل إن دوره هو التمهيد لمجىء السيد المسيح. لكن هل نسى أنه هو نفسه قد قال لعيسى بن مريم إنه لا يستحق أن يعمّده بل أن يتعمّد هو على يديه، وأنه كان حاضرا حين نزلت الحمامة إياها، وجلجل فى أرجاء السماوات الصوت إياه قائلا: "هذا هوَ اَبني الحبيبُ الَّذي بهِ رَضِيتُ"؟: "13وجاءَ يَسوعُ مِنَ الجليلِ إلى الأُردنِ ليتَعَمَّدَ على يدِ يوحنّا. 14فمانَعَهُ يوحنّا وقالَ لَه: "أنا أحتاجُ أنْ أَتعمَّدَ على يدِكَ، فكيفَ تَجيءُ أنتَ إليَّ 15فأجابَهُ يَسوعُ: "ليكُنْ هذا الآنَ، لأنَّنا بِه نُــتَمَّمُ مَشيئةَ الله". فَوافَقَهُ يوحنّا. 16وتعمَّدَ يَسوعُ وخَرَجَ في الحالِ مِنَ الماءِ. واَنفَتَحتِ السَّماواتُ لَه، فرأى رُوحَ الله يَهبِطُ كأنَّهُ حَمامَةٌ ويَنزِلُ علَيهِ. 17وقالَ صوتٌ مِنَ السَّماءِ: "هذا هوَ اَبني الحبيبُ الَّذي بهِ رَضِيتُ". أم تراه لم يسمع لأنه كان مشغولا؟ لكن أىّ شغل ذلك الذى منعه من السمع؟ خلاصة القول أنه لا يحيى ولا التلاميذ ولا الذين كان يشفيهم المسيح من المرضى المساكين ولا الذين كانوا يشاهدون تلك الآيات ولا حتى أمه كانوا يعرفون حتى ذلك الحين على الأقل أنه ابن الله! فكيف يريدنا القوم، بعد كل هاتيك القرون، أن نؤمن بشىء لم يكن يعرفه يحيى ولا مريم ولا الحواريون ولا أبناء عصره! ليس ذلك فحسب، فها هو ذا عيسى يقول عن يحيى شهادة خطيرة تنسف كل ادعاء يدعيه المؤلهون له: "الحقَّ أقولُ لكُم: ما ظهَرَ في النّاسِ أعظمُ مِنْ يوحنّا المَعمدانِ". أليست هذه شهادة بأنه ما من أحد يفوق يحيى فى العظمة، بما فى ذلك المسيح نفسه؟ فكيف يكون المسيح إلها أو ابنا له إذن، وهو نفسه يقول إنه لا يَفْضُل يحيى فى شىء؟ يا لها من حيرة ولخبطة! إن كل خطوة نخطوها فى هذا الكتاب إنما نخطوها فوق حقل من الألغام! ثم هل كانت السلطات تمكّن يحيى من الالتقاء بأتباعه بهذه الحرية وتحميلهم الرسائل لمن يريد وتسلم الجواب عنها؟ أمر غريب فعلا!
ومما يحير أيضا قول المسيح عن يحيى إنه لم يكن يأكل أو يشرب. أتراه لم يقرأ إنجيل متى وما جاء فيه من أن يحيى كان يقتات على الجراد والعسل البرى؟ أم إن هذا لا يُعَدّ فى نظره أكلا؟ يذكرنى ذلك برجل فقير عاطل من قريتنا كان يركبه ألف شيطان ويضرب زوجته إذا لم توفر له الشاى واللحم كل يوم ومهما أتت به له من طعام، فإنه لا يرى حينئذ أنه قد أكل. لكنهم لم يقولوا لنا ما أنواع الأكل التى كان عليه السلام يعترف بها طعاما وشرابا؟ السومون فيميه والجاتوه والشاى الأخضر مثلا؟ كذلك يحيرنا قول كاتب الإنجيل، على لسان سيدنا عيسى، إنه عليه السلام كان يشرب الخمر ويسكر، مع أن زيكو "أبا هَرَّة"، حسبما ذكرتُ من قبل، يؤكد أن النصرانية تتشدد فى أمر الخمر: "18جاءَ يوحنّا لا يأكُلُ ولا يَشرَبُ فقالوا: فيهِ شَيطانٌ. 19وجاءَ اَبنُ الإنسانِ يأكُلُ ويَشرَبُ فقالوا: هذا رجُلٌ أكولٌ وسِكّيرٌ وصَديقٌ لِجُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ". فليحل لنا القُمّص المنكوح تلك المعضلة إذن، لكن عليه أن يطهّر دبره المنتن أوّلاً لأن مقاربة العلم تستلزم الطهارة، وهو على حاله تلك أنجس النجساء! ومع ذلك فإنى أعترف أن المسيح، صلى الله عليه وسلم، رغم البؤس والكرب اللذين كانا يحيطان به من كل جانب، ورغم أنه كان يأخذ مهمته على أشد ما يكون من الجد والاهتمام ورغم ما كان يغلب عليه من الحزن وضيق الصدر من نفاق اليهود، لم يفقد حِسّه الفكاهى، وإلا فهل كان يمكنه أن يقول: "16بِمَنْ أُشبَّهُ أبناءَ هذا الجِيلِ? هُمْ مِثلُ أولادٍ جالِسينَ في السَّاحاتِ يَتَصايَحُونَ: 17زَمَّرْنا لكُم فما رَقَصْتُم، ونَدَبْنا لكُم فما بكَيتُم. 19وجاءَ اَبنُ الإنسانِ يأكُلُ ويَشرَبُ فقالوا: هذا رجُلٌ أكولٌ وسِكّيرٌ وصَديقٌ لِجُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ"؟ وهذا طبعا إن كان قد قاله فعلا!
ومما يحير كذلك فى هذا الفصل قول المسيح فى جوابه على رسالة يحيى عليهما جميعا السلام: "اَرْجِعوا وأخْبِروا يوحنّا بِما تَسمَعونَ وتَرَوْنَ: العميانُ يُبصرونَ، والعُرجُ يمشونَ، والبُرصُ يُطهَّرونَ، والصمٌّ يَسمَعونَ، والمَوتى يَقومونَ، والمَساكينُ يَتلقَّونَ البِشارةَ". والآن أليس هذا يناقض ما كان يأمر به عليه السلام المرضى من التزام الصمت وعدم التلفظ بكلمة واحدة مما أجراه الله على يديه من المعجزات التى شفاهم بها؟ أترك هذه أيضا لزيكو مزازيكو يتسلى بالتفكير فيها ريثما ينتهى من يعتلونه من مهمتهم فيحصل على لونين من اللذة لا على لون واحد، وبسعر لذة واحدة لأننا فى موسم المعارض والأوكوزيونات! ومنه كذلك القول المنسوب للسيد المسيح عليه الصلاة والسلام والذى يقول فيه حسبما زعم كاتب الإنجيل: "اَعلَموا أنَّ يوحنّا هوَ إيليّا المُنتَظرُ". الله أكبر! هل نفهم من هذا أن إيليا قد دخل فم امرأة زكريا وهى نائمة لا تدرى، ومنه إلى بطنها، فتوهمت إليصابات ورجلها أن الله استجاب لدعائهما ووهبهما ولدا من صلبهما؟ والله إن هذا لو كان حدث فإنه لخازوق كبير، لكن فى أى مكان؟ فى دبر زيكو ولا شك! رزقك فى رجليك (أم فى حاجة ثانية؟) يا زيكو! أمك داعية لك!
أما القول التالى المنسوب لعيسى بن مريم: "28تَعالَوا إليَّ يا جميعَ المُتعَبـينَ والرّازحينَ تَحتَ أثقالِكُم وأنا أُريحُكُم. 29إحمِلوا نِـيري وتعَلَّموا مِنّي تَجِدوا الرّاحةَ لنُفوسِكُم، فأنا وديعٌ مُتواضعُ القَلْبِ، 30ونِـيري هيَّنٌ وحِمْلي خَفيفٌ" فما أحوج الإنسانية إليه اليوم حيث غلبت الشهوات وشغلت الناس دنياهم أكثر مما ينبغى ونسوا الأخرى فزادت الهموم والأوجاع وثقلت الحمول، ولا سعادة ولا راحة رغم كل هذا التقدم والإنجازات. لقد جاء كل الأنبياء يشرحون لنا أن الآخرة خير من الأولى، وأن التكالب على إشباع الغرائز ونسيان ما عداها لا يؤدى إلا إلى مزيد من الجوع والعطش والقلق والهم والغم والحرمان من السعادة الحقة. وها هو ذا المسيح عليه السلام يقول المعنى نفسه بطريقته وأسلوبه، فاللهم ساعدنا على أن نحسن السمع والإجابة والعمل بهذا الدعاء الجميل المريح الذى يُفْعِم القلب سكينة واطمئنانا: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (الرعد/ 28). إن الدنيا جميلة ولا شك، والله لا يريد أن يحرمنا من طيباتها، هذا صحيح، لكن الدنيا وحدها لا تجلب سعادة. لا بد، إذا أردنا للمقص أن يقص، أن نستخدم شقيه معا، وبالمثل إذا أردنا أن نسعد فلا مفر من العمل للدنيا والآخرة معا: "فمنهم من يقول: ربنا، آتنا فى الدنيا. وما له فى الآخرة من خَلاَق* ومنهم من يقول: ربنا، آتنا فى الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقِنَا عذاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا، والله سريع الحساب" (البقرة/ 200- 202).
الفصل الثانى عشر:
"السبت.
في تِلكَ الأيّامِ مَرَّ يَسوعُ في السَّبتِ وسْطَ الحُقولِ، فَجاعَ تلاميذُهُ. فأخَذوا يَقطُفونَ السٌّنبُلَ ويأكُلونَ. 2فلمّا رآهُمُ الفَرَّيسيّونَ قالوا لِـيَسوعَ: "أُنظُرْ! تلاميذُكَ يَعمَلونَ ما لا يَحِلُّ في السَّبتِ". 3فأجابَهُم يَسوعُ: "أما قَرأتُمْ ما عَمِلَ داودُ عِندَما جاعَ هوَ ورجالُهُ؟ 4كيفَ دخَلَ بَيتَ الله، وكيفَ أكلُوا خُبزَ القُربانِ، وأكْلُهُ لا يَحِلُّ لهُم، بلْ لِلكهَنَةِ وحدَهُم؟ 5أوَما قَرأتُمْ في شريعةِ موسى أنَّ الكهنَةَ في السَّبتِ يَنتَهِكونَ حُرمَةَ السَّبتِ في الهَيكَلِ ولا لومَ علَيهِم؟ 6أقولُ لكُم: هُنا من هوَ أعظَمُ مِنَ الهَيكَلِ. 7ولو فَهِمتُمْ مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمَةً لا ذَبـيحَةً، لَما حَكَمتُم على مَنْ لا لَومَ علَيهِ. 8فاَبنُ الإنسانِ هوَ سيَّدُ السَّبتِ".
الشفاء في السبت.
9وذهَبَ مِنْ هُناكَ إلى مَجمَعِهِم، 10فوجَدَ رَجُلاً يدُهُ يابِسةٌ. فسألوهُ ليتَّهِموهُ: "أيحِلُّ الشَّفاءُ في السَّبتِ؟"
11فأجابَهُم يَسوعُ: "مَنْ مِنكُم لَه خَروفٌ واحدٌ ووقَعَ في حُفرَةٍ يومَ السَّبتِ، لا يُمسِكُهُ ويُخرجُهُ؟
12والإنسانُ كم هوَ أفضلُ مِنَ الخَروفِ؟ لذلِكَ يَحِلُّ عمَلُ الخَيرِ في السَّبتِ". 13وقالَ يَسوعُ لِلرَّجُلِ: "مُدَّ يدَكَ!" فمَدَّها، فَعادَتْ صَحيحةً مِثلَ اليَدِ الأُخرى. 14فخَرَجَ الفَرّيسيٌّونَ وتَشاوَروا ليقتُلوا يَسوعَ.
رجل الله المختار.
15فلمّا عَلِمَ يَسوعُ اَنصرفَ مِنْ هُناكَ. وتبِعَهُ جمهورٌ كبـيرٌ، فشفَى جميعَ مَرضاهُم 16وأمَرَهُم أنْ لا يُخبِروا أحدًا عَنهُ، 17ليتِمَّ ما قالَ النَّبـيٌّ إشعيا: 18"ها هوَ فتايَ الَّذي اَخترتُهُ، حبـيبـي الَّذي بِه رَضِيتُ. سأُفيضُ رُوحي علَيهِ، فيُعلِنُ للشٌّعوبِ إرادتي. 19لا يُخاصِمُ ولا يَصيحُ، وفي الشَّوارعِ لا يَسمَعُ أحدٌ صوتَهُ. 20قصَبَةً مَرضوضَةً لا يكسِرُ، وشُعلةً ذابِلَةً لا يُطفئْ. يُثابِرُ حتَّى تَنتَصِرَ إرادَتي، 21وعلى اَسمِهِ رَجاءُ الشٌّعوبِ".
يسوع وبعلزبول.
22وجاءَ بعضُ النّاس إلى يَسوعَ بِرَجُلٍ أعمى أخرَسَ، فيهِ شَيطانٌ. فشفَى يَسوعُ الرَّجُلَ حتى تكلَّمَ وأبصَرَ. 23فتَعَجَّبَ الجُموعُ كُلٌّهُم وتَساءلوا: "أما هذا اَبنُ داودَ؟" 24وسَمِعَ الفَرَّيسيٌّونَ كلامَهُم، فقالوا: "هوَ يَطرُدُ الشَّياطينَ بِبعلِزَبولَ رئيس الشَّياطينَ". 25وعرَفَ يَسوعُ أفكارَهُم، فقالَ لهُم: "كُلُّ مملَكَةٍ تَنقَسِمُ تَخرَبُ، وكُلُّ مدينةٍ أو عائِلةٍ تنقَسِمُ لا تثْبُتُ. 26وإنْ كانَ الشَّيطانُ يَطرُدُ الشَّيطانَ، فيكونَ اَنقَسَمَ. فكيفَ تَثبُتُ مملكَتُهُ؟ 27وإنْ كُنتُ بِبعلِزَبولَ أطرُدُ الشَّياطينَ، فبِمَنْ يَطرُدُهُ أتباعُكُم؟ لذلِكَ همُ يحكُمونَ علَيكُم. 28وأمّا إذا كُنتُ بِرُوحِ الله أطرُدُ الشَّياطينَ، فمَلكوتُ الله حَلَ بَينَكُم. 29كيفَ يقدِرُ أحَدٌ أنْ يَدخُلَ بَيتَ رَجُلٍ قويٍّ ويَسرِقَ أمتِعَتَهُ، إلاّ إذا قَيَّدَ هذا الرَّجُلَ القَويَّ أوَّلاً، ثُمَّ أخَذَ ينهَبُ بَيتَهُ؟
30مَنْ لا يكونُ مَعي فهوَ علَيَّ، ومَنْ لا يَجمعُ مَعي فهوَ يُبدَّدُ. 31لذلِكَ أقولُ لكُم: كُلُّ خَطيئةٍ وتَجْديفٍ يُغْفَرُ لِلنّاسِ، وأمَّ? التَّجديفُ على الرٌّوحِ القُدُسِ فلَنْ يُغفرَ لهُم. 32ومَنْ قالَ كلِمَةً على اَبنِ الإنسانِ يُغفَرُ لَه، وأمّا مَنْ قالَ على الرٌّوحِ القُدُسِ، فلن يُغفَرَ لَه، لا في هذِهِ الدٌّنيا ولا في الآخِرَةِ.
الشجرة وثمرها.
33"إجعَلوا الشَّجرَةَ جيَّدةً تحمِلُ ثمرًا جيَّدًا. واَجعَلوا الشَّجرَةَ رديئةً تَحمِلُ ثَمَرًا رديئًا. فالشَّجرَةُ يَدلُّ علَيها ثَمَرُها. 34يا أولادَ الأفاعي، كيفَ يُمكِنُكُم أنْ تقولوا كلامًا صالِحًا وأنتُم أشرارٌ؟ لأنَّ مِنْ فَيضِ القلبِ يَنطِقُ اللَّسانُ. 35الإنسانُ الصّالِـحُ مِنْ كنزِهِ الصّالِـحِ يُخرِجُ ما هوَ صالِـحٌ، والإنسانُ الشَّرّيرُ مِنْ كنزِهِ الشَّرَّيرِ يُخرِجُ ما هوَ شرَّيرٌ.
36أقولُ لكُم: كُلُّ كَلِمَةٍ فارِغَةٍ يقولُها النّاسُ يُحاسَبونَ علَيها يومَ الدَّينِ. 37لأنَّكَ بكلامِكَ تُبرَّرُ وبِكلامِكَ تُدانُ".
الفريسيون يطلبون آية.
38وقالَ لَه بعضُ مُعلَّمي الشَّريعَةِ والفَرّيسيـّينَ: "يا مُعلَّمُ، نُريدُ أنْ نرى مِنكَ آيَةً". 39فأجابَهُم: "جِيلٌ شرّيرٌ فاسِقٌ يَطلُبُ آيةً، ولن يكونَ لَه سِوى آيةِ النبـيَّ يونانَ. 40فكما بَقِـيَ يونانُ ثلاثَةَ أيّـامِ بِلَياليها في بَطنِ الحُوتِ، كذلِكَ يَبقى اَبنُ الإنسانِ ثلاثَةَ أيّامِ بلَياليها في جوفِ الأرضِ. 41أهلُ نينَوى سَيَقومونَ يومَ الحِسابِ معَ هذا الجِيلِ ويَحكمونَ علَيهِ، لأنَّ أهلَ نينَوى تابوا عِندَما سَمِعوا إنذارَ يونانَ، وهُنا الآنَ أَعظمُ مِنْ يونانَ. 42ومَلِكَةُ الجَنوبِ سَتَقومُ يومَ الحِسابِ معَ هذا الجِيلِ وتحكُمُ علَيهِ، لأنَّها جاءَتْ مِنْ أقاصي الأرضِ لتسمَعَ حِكمَةَ سُليمانَ، وهُنا الآنَ أعظمُ مِنْ سُليمانَ.
عودة الروح النجس.
43"إذا خرَجَ الرّوحُ النَّجِسُ مِنْ إنسانٍ، هامَ في الصَّحارى يَطلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُها، 44فيقولُ: أرجِــعُ إلى بَيتي الَّذي خرَجتُ مِنهُ. فيَرجِــعُ ويَجدُهُ خاليًا نَظيفًا مُرتَّبًا. 45فيَذهَبُ ويَجيءُ بسبعَةِ أرواحِ أخبثَ مِنهُ، فتدخُلُ وتَسكُنُ فيهِ. فتكونُ حالُ ذلِكَ الإنسانِ في آخِرها أسْوأَ مِنْ حالِهِ في أوَّلِها. وهكذا يكونُ مَصيرُ هذا الجِيلِ الشَّرّيرِ".
أم يسوع وإخوته.
46وبَينَما يَسوعُ يُكلَّمُ الجُموعَ، جاءَتْ أمٌّهُ وإخوَتُهُ ووقَفوا في خارِجِ الدّارِ يَطلُبونَ أن يُكلَّموهُ. 47فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: "أُمٌّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلَّموكَ".
48فأجابَهُ يَسوعُ: "مَنْ هيَ أُمّي، ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟" 49وأشارَ بـيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: "هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. 50لأنَّ مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أبـي الَّذي في السَّماواتِ هوَ أخي وأُختي وأُمّي".
لو أغضينا البصر عن اجتياح الجماعة للحقل وأكلهم من سنابله دون إذن من صاحبه، وهى النتيجة الحتمية للدعوة الغريبة إلى تطليق الدنيا وعدم التفكير فى أمور المعيشة وترك العمل على أساس أن هناك ربا يدبر الرزق، فلا تشغل نفسك فى شىء منه، مما يدل على أننا لا نستطيع الاستغناء عن الدنيا فى الواقع مهما فعلنا، وأننا إن طردناها من الباب عادت بكل عنفوانها من الشباك لأنها فى دمنا وفى خلايا أجسادنا، ولا مناص منها، فهى إذن تسكننا قبل أن نسكنها، أقول: لو أغضينا البصر عن اجتياح الجماعة للحقل وأكلهم من سنابله دون إذن من صاحبه، فإننا لا نملك إلا أن نهتف إعجابا بهجوم السيد المسيح على الحَرْفيين المتزمتين فى أمور الدين الذين يظنون أن الله خلق الإنسان فى خدمة النص لا أنه سبحانه وتعالى قد أنزل الأديان فى خدمة العباد وتحقيق راحة بالهم. وهذا الصنف من الناس موجودون داخل كل دين، ولدينا من يقيم الدنيا ويقعدها لإقناع الناس بأن صوت المرأة عورة، ويا ويل من تنفر شعرة واحدة فى رأسها من تحت الخمار مثلا. وفى أيام المسيح (وما زال الأمر كذلك حتى الآن) كان هناك يهود يحرصون أشد الحرص على مطابقة التعاليم الشكلية حتى لو أدى ذلك إلى ضياع جوهر النص: فالعمل مثلا يوم السبت حرام حتى لو كان إجراءَ عملية لمريض مهدد بالموت إن لم يسارع الطبيب لإجرائها. وقد سمعت بعضهم عندنا منذ سنوات ينادى بأن على الطبيب ألا تفوته الصلاة فى موعدها حتى لو كان يجرى عملية جراحية خطيرة، بل يجب أن يترك العملية فى وسطها ويهبّ للصلاة، فالصلاة أهم من كل شىء. لذلك علقت قائلا: ولهذا فإن الرجل يذهب لأمريكا إذا أراد أن يجرى عملية جراحية لأنهم هناك لا يصلون، ومن ثم لن يتركوه يفطس ويذهبوا للصلاة! لكنى لا أقصد أن الدين جوهر فقط، بل هو شكل وجوهر، بيد أن الاهتمام المغالى بالشكليات على حساب الغايات العليا للدين من شأنه أن يفرغ الدين من مضمونه ويحوله جثة هامدة بلا روح!
وفى الإسلام أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن الله يحب أن تُؤْتَى رخصه كما يحب أن تُؤْتَى عزائمه، وأنه سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعا، وأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها. كذلك يقول سبحانه وتعالى: "يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر" (البقرة/ 185)، ويقول جل جلاله: "لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم" (الحج/ 37). أوليس يشبه هذا ما رُوِىَ هنا عن السيد المسيح عليه السلام: "6أقولُ لكُم: هُنا من هوَ أعظَمُ مِنَ الهَيكَلِ. 7ولو فَهِمتُمْ مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمَةً لا ذَبـيحَةً، لَما حَكَمتُم على مَنْ لا لَومَ علَيهِ. 8فاَبنُ الإنسانِ هوَ سيَّدُ السَّبتِ"؟ ولقد أفاض، ولا يزال يُفِيضُ، أوغاد المستشرقين وأوباش المبشرين فى الكلام مثلا عن السَّرِيّة المسلمة فى عهد الرسول التى هاجمت المشركين القتلة المجرمين فى الشهر الحرام، مع أن القرآن قد حسمها بنفس المنطق الذى حسم به المسيح مسألة السبت: "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " (البقرة/ 194)، "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا" (البقرة/ 217).
أما نَهْى المسيح للمرضى الذين شفاهم عن أن يفتحوا فمهم بكلمة عما حدث فهو غريب بعد أن رأيناه يطلب بنفسه من أتباع يحيى عليه السلام إبلاغه بالمعجزات التى تمت على يديه، وهو ما يحتار الإنسان معه ولا يدرى: أيهما الصواب؟ نفتح الشباك أم نغلق الشباك؟ اُرْسُوا يا عالَم على بَرّ! ثم عندنا النبوءة الإشَعْيَاوِيّة التى يؤولها القوم كالعادة كى تنطبق على السيد المسيح ("الله" أو "ابن الله" طبقا لمزاعمهم) عبثا وبالقوة: "18ها هوَ فتايَ الَّذي اَخترتُهُ، حبـيبـي الَّذي بِه رَضِيتُ. سأُفيضُ رُوحي علَيهِ، فيُعلِنُ للشٌّعوبِ إرادتي. 19لا يُخاصِمُ ولا يَصيحُ، وفي الشَّوارعِ لا يَسمَعُ أحدٌ صوتَهُ. 20قصَبَةً مَرضوضَةً لا يكسِرُ، وشُعلةً ذابِلَةً لا يُطفئْ. يُثابِرُ حتَّى تَنتَصِرَ إرادَتي، 21وعلى اَسمِهِ رَجاءُ الشٌّعوبِ". ترى هل كان عيسى بن مريم لا يخاصم ولا يصيح؟ فمن الذى كان يدمدم باللعنات على الفريسيين والصدوقيين وعلى كورزين وبيت صيدا وكفر ناحوم؟ ومن الذى كان يتهم هذا بالمراءاة، وذاك بالكفر، ويصف هؤلاء بأنهم"أولاد الأفاعى"، وأولئك بأنهم "الجيل الشرير الفاسق"؟ ومن الذى كان ينادى تلاميذه بــ"يا قليلى الإيمان"؟ ومن الذى قال إنه لم يجئ ليلقى سلاما بل سيفا حتى يقوم الناس بل أفراد البيت الواحد على بعضهم البعض وتتمزق الروابط الأسرية؟ ومن الذى اقتحم المعبد فى أورشليم وساط الباعة هناك وقلب موائد الصيارفة وسبَّهم سبًّا شنيعًا؟ ومن الذى نهر منبّهه إلى رغبة أمه وإخوته فى رؤيته وقال مستنكرا فى خشونة عارية: من أمى؟ من إخوتى؟ إن أمى وأخوتى هم من يعملون بما يريده الله، بما يدل على أنه لا يراهم ممن يطيعون مشيئة ربه؟ ولست أريد أن أتهمه عليه السلام بشىء، بل كل ما هنالك أننى ألفت النظر إلى أن ما تقوله الأناجيل ينبغى أن يُتَلَقَّى بغاية الحذر والاحتراس، لأنها من صنع بشر ذوى أهواء يفتقرون للضبط!
ومرة أخرى نرجع لسفر "إشعيا" لنرى بأنفسنا ماذا فيه: "1 هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرّت به نفسي . وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم . 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته . 3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ . الى الامان يخرج الحق . 4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته 5 هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا . 6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة 8 انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات . 9 هو ذا الاوليات قد اتت والحديثات انا مخبر بها . قبل ان تنبت اعلمكم بها . 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض . ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها . 11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار. لتترنم سكان سالع . من رؤوس الجبال ليهتفوا. 12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر . 13 الرب كالجبار يخرج . كرجل حروب ينهض غيرته . يهتف ويصرخ ويقوى على اعدائه 14 قد صمت منذ الدهر سكت تجلدت . كالوالدة اصيح . انفخ وانخر معا 15 اخرب الجبال والآكام واجفف كل عشبها واجعل الانهار يبسا وانشف الآجام 16 واسير العمي في طريق لم يعرفوها . في مسالك لم يدروها امشيهم. اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم . 17 قد ارتدوا الى الوراء . يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا 18 ايها الصم اسمعوا . ايها العمي انظروا لتبصروا . 19 من هو اعمى الا عبدي واصم كرسولي الذي أرسله. من هو اعمى كالكامل واعمى كعبد الرب . 20 ناظر كثيرا ولا تلاحظ. مفتوح الاذنين ولا يسمع . 21 الرب قد سرّ من اجل بره . يعظّم الشريعة ويكرمها . 22 ولكنه شعب منهوب ومسلوب قد اصطيد في الحفر كله وفي بيوت الحبوس اختبأوا . صاروا نهبا ولا منقذ وسلبا وليس من يقول رد 23 من منكم يسمع هذا . يصغى ويسمع لما بعد . 24 من دفع يعقوب الى السلب واسرائيل الى الناهبين . أليس الرب الذي اخطأنا اليه ولم يشاءوا ان يسلكوا في طرقه ولم يسمعوا لشريعته . 25 فسكب عليه حمو غضبه وشدة الحرب فاوقدته من كل ناحية ولم يعرفوا حرقته ولم يضع في قلبه" (إشعيا/ 42).
ويرى القارئ بنفسه أن النص فى : "إشعيا" يقول: "عبدى"، لكن مَتَّى يقول: "فتاى"، وطبعا سوف يذهب الذهن إلى أن المقصود بكلمة "فتاى" هو أن المسيح "ابنُ الله" سبحانه وتعالى عن أن يكون له ولد. وعلى هذا فإما أن نقول إن الكلام هنا عن المسيح، لكن لا بد أن نضيف أن الله يسميه: "عبدى"، وإما أن نقول إن الكلام لا علاقة له بالمسيح، وهو ما أراه. لماذا؟ لقد رأينا أن الوصف الأول الذى وُصِف به الشخص المذكور فى "إشعيا" لا يصدق على السيد المسيح، وهذه الملاحظة تنطبق على بقية الأوصاف: فالكلام فى "إشعيا" يذكر أن له شريعة، وهذا منافٍ لحقيقة دعوة المسيح، إذ إنه عليه السلام لم يأت بأية شريعة، بل تقول الأناجيل إنه قد ألغى معظم شريعة موسى، ثم جاء بولس فألغى الباقى. كذلك يذكر النص أنه كان يحكم بالحق (أو "بالعدل" كما فى ترجمة جمعية الكتاب المقدس بلبنان)، ولم يكن المسيح يوما حاكما، بل لقد قال فى حسم إن مملكته ليست من هذا العالم. كما أنه حين أتاه اليهود بامرأة زانية لم يصدر بشأنها حكما. ومن هنا فإن قول السِّفْر المذكور إنه "لا يكلّ ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته" لا يمكن أن يكون المقصود به عيسى عليه السلام. ثم إن الله قد تكفل بحفظ عبده هذا، بينما النصارى يقولون إن المسيح قد صُلِب وقُتِل لأن الله إنما أرسله للعالم لكى يُصْلَب ويُقْتَل. وأخيرا وليس آخرا فإن النص يتحدث عن بنى إسرائيل وكيف أن الله عاقبها على نشوفة دماغها وتصلب رقابها ويريد الآن أن يُقِيلها من عثرتها على يد الشخص الذى يتحدث عنه النص. وهو ما لا ينطبق على المسيح، فإن بنى إسرائيل لم يؤمنوا به، ولا نهضوا على يديه من كبوتهم التى عاقبهم الله عليها، بل صلبوه وقتلوه طبقا لرواية الأناجيل التى بين أيدينا. والآن ألا يرى القارئ معى أن تفسير النصارى لنبوءات العهد القديم هو من الركاكة العقلية بحيث لا تستحق أن نوليها اهتمامنا البتة؟ وهذا خازوق جديد نُهْدِيه لزيكو، وعليه أن يستعد لاستقباله فى الموضع الملائم من مؤخرته النتنة مثله!
ومرة أخرى نسمع الناس الذين شفاهم المسيح عليه السلام يقولون عنه إعجابا بما صنع من معجزات الشفاء: "أمَا هذا ابن داود؟"، ولم يقولوا: "أمَا هذا ابن الله؟". أى أن الناس لم يكونوا يعرفونه إلا على أنه بشر، وليس ابن الله! ومن؟ إنهم الذين كانوا ينبغى أن يكونوا أول مؤلهيه لو كانت المعجزات التى تمت على يديه دليلا على ألوهيته كما يقول الرقيع المسكوع زيكو الملسوع! ثم ها هو ذا يقول بنفسه: "مَنْ قالَ كلِمَةً على اَبنِ الإنسانِ يُغفَرُ لَه، وأمّا مَنْ قالَ على الرٌّوحِ القُدُسِ، فلن يُغفَرَ لَه، لا في هذِهِ الدٌّنيا ولا في الآخِرَةِ"، وهو دليل قاطع على أنه يميز بين "ابن الإنسان" (أى المسيح) والروح القدس واضعا نفسه فى مرتبة أقل كثيرا من الروح القدس بما لا يقاس، بما يعنى أنه ليس إلا بشرا كسائر البشر.
ثم إلى النص الغريب من كل الوجوه: غريب لأن المسيح يبدو لنا فيه ابنًا عاقًّا لا يستجيب لما تريده أمه رغم أنها لا تأمره بمعصية. وغريب لأننا نسمع المسيح يقول فى حق أمه وإخوته كلاما جافيا خشنا، وليست هكذا صورة المسيح التى يحرص النصارى على رسمها له صلى الله عليه وسلم رغم أن ما كتبه عنه مؤلفو الأناجيل لا يتناسب معها. وغريب لأن معنى كلامه عن أمه وإخوته هو أنهم لم يكونوا من المؤمنين بدعوته ولا من المطيعين لأوامر الله ونواهيه، أو بتعبيره: لم يكونوا يعملون بمشيئة أبيه الذى فى السماء، بخلاف تلاميذه، الذين وصفهم بأنهم أمه وإخوته الحقيقيون! وغريب كذلك لأنه أوقع الكذاب فى الفخ، إذ يشاء الله أن يُعْمِىَ أبصار كتاب الأناجيل فلا يتنبهوا لشُنْع ما لفقت أيديهم ولا يحذفوه من ثم: "46وبَينَما يَسوعُ يُكلَّمُ الجُموعَ، جاءَتْ أمٌّهُ وإخوَتُهُ ووقَفوا في خارِجِ الدّارِ يَطلُبونَ أن يُكلَّموهُ. 47فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: "أُمٌّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلَّموكَ".48فأجابَهُ يَسوعُ: "مَنْ هيَ أُمّي، ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟" 49وأشارَ بـيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: "هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. 50لأنَّ مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أبـي الَّذي في السَّماواتِ هوَ أخي وأُختي وأُمّي". ثم بعد ذلك لا يستحى القوم فيسمّون السيدة مريم: أم الإله! على أية حال كان ينبغى أن يرى السيد المسيح ماذا تريد منه أمه وإخوته حتى لو لم يكونوا يؤمنون بدعوته (وهو ما لا أظنه أبدا)، فلا شك أن بِرّ الوالدين وصلة الرحم مطلوبة حتى مع أقارب الإنسان الكفار ما داموا لا يُكْرِهونه على الشرك ولا يطالبونه به. وإذا لم يُرَاعِ السيد المسيح هذا، وهو الرسول الكريم الذى اختاره الله وصنعه على عينه كبقية رسله الكرام، فمن يا ترى يراعيه غيره؟
الفصل الثالث عشر:
"مثل الزارع.
وخرَجَ يَسوعُ مِنَ الدّارِ في ذلِكَ اليومِ وجلَسَ بجانبِ البحرِ. 2فاَزدحَمَ علَيهِ جَمْعٌ كبـيرٌ، حتّى إنَّهُ صَعِدَ إلى قارِبٍ وجلَسَ فيهِ، والجَمعُ كُلٌّهُ على الشَّاطئِ، 3فكلَّمَهُم بأمثالٍ على أُمورٍ كثيرةٍ قالَ: "خرَجَ الزّارِعُ ليزرَعَ. 4وبَينَما هوَ يَزرَعُ، وقَعَ بَعضُ الحَبَّ على جانِبِ الطَّريقِ، فجاءَتِ الطٌّيورُ وأكَلَتْهُ. 5ووقَعَ بَعضُهُ على أرضٍ صَخْريَّةٍ قليلةِ التٌّرابِ، فنَبَتَ في الحالِ لأنَّ تُرابَهُ كانَ بِلا عُمقٍ. 6فلمَّا أشرَقَتِ الشَّمسُ اَحتَرَقَ وكانَ بِلا جُذورٍ فيَبِسَ. 7ووقَعَ بعضُهُ على الشَّوكِ، فطَلَعَ الشٌّوكُ وخَنقَهُ. 8ومِنهُ ما وقَعَ على أرضٍ طيَّبةٍ، فأعطى بَعضُهُ مِئةً، وبَعضُهُ سِتَّينَ، وبَعضُهُ ثلاثينَ. 9مَنْ كانَ لَه أُذنانِ، فلْيَسمَعْ!"
الغاية من الأمثال.
10فدَنا مِنهُ تلاميذُهُ وقالوا لَه: "لِماذا تُخاطِبُهُم بالأمثالِ؟" 11فأجابَهُم: "أنتُمُ أُعطيتُم أنْ تعرِفوا أسرارَ مَلكوتِ السَّماواتِ، وأمّا هُم فما أُعطُوا. 12لأنَّ مَنْ كانَ لَه شيءٌ، يُزادُ فيَفيضُ. ومَنْ لا شيءَ لَه، يُؤخَذُ مِنهُ حتى الَّذي لَه. 13وأنا أُخاطِبُهُم بالأمثالِ لأنَّهُم يَنظُرونَ فلا يُبصِرونَ، ويُصغونَ فلا يَسمَعونَ ولا يَفهَمونَ. 14ففيهِم تَتِمٌّ نُبوءةُ إشَعْيا: "مَهما سَمِعتُم لا تَفهَمونَ، ومَهما نَظَرْتُم لا تُبصِرونَ. 15لأنَّ هذا الشَّعبَ تحَجَّرَ قلبُهُ، فسَدٌّوا آذانَهُم وأغْمَضوا عُيونَهُم، لِـئلاَّ يُبصِروا بِعُيونِهِم ويَسمَعوا بآذانِهِم ويَفهَموا بِقُلوبِهِم ويَتوبوا فأَشفيَهُم". 16وأمّا أنتُمْ فهَنيئًا لكُم لأنَّ عيونَكُم تُبصِرُ وآذانَكُم تَسمَعُ. 17الحقَّ أقولُ لكُم: كثيرٌ مِنَ الأنبـياءِ والأبرارِ تَمنَّوا أنْ يَرَوْا ما أنتمُ تَرَونَ فَما رأوا، وأنْ يَسمَعوا ما أنتُم تَسمَعونَ فما سَمِعوا.
تفسير مثل الزارع.
18"فاَسمَعوا أنتُم مَغْزى مَثَلِ الزّارعِ: 19مَنْ يَسمَعُ كلامَ المَلكوتِ ولا يَفهَمُهُ، فهوَ المَزروعُ في جانبِ الطَّريقِ، فيجيءُ الشَّرّيرُ ويَنتَزِ.عُ ما هوَ مَزروعٌ في قلبِهِ. 20ومَنْ يَسمَعُ كلامَ المَلكوتِ ويتَقَبَّلُهُ في الحالِ فَرِحًا، فهوَ المَزروعُ في أرضٍ صخريَّةٍ: 21لا جُذورَ لَه في نَفسِهِ، فيكونُ إلى حينٍ. فإذا حدَثَ ضِيقٌ أوِ اَضطهادٌ مِنْ أجلِ كلامِ المَلكوتِ، اَرتدَّ عَنهُ في الحالِ. 22ومَنْ يَسمَعُ كلامَ المَلكوتِ ولا يُعطي ثَمرًا فهوَ المَزروعُ في الشَّوكِ: لَه مِنْ هُمومِ هذِهِ الدٌّنيا ومَحبَّةِ الغِنى ما يَخنُقُ الثّمرَ فيهِ. 23وأمّا مَنْ يَسمعُ كلامَ المَلكوتِ ويفهَمُهُ، فهوَ المَزروعُ في الأرضِ الطيَّبةِ، فيُثمِرُ ويُعطي بَعضُهُ مِئةً، وبعضُهُ سِتَّينَ، وبعضُهُ ثلاثينَ".
مثل الزؤان.
24وقَدَّمَ لهُم يَسوعُ مَثلاً آخرَ، قالَ: "يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ رَجُلاً زرَعَ زَرْعًا جيَّدًا في حقلِهِ. 25وبَينَما النَّاسُ نِـيامٌ، جاءَ عَدوٌّهُ وزَرعَ بَينَ القَمحِ زؤانًا ومضى. 26فلمّا طلَعَ النَّباتُ وأخرَجَ سُنبلَه، ظهَرَ الزؤانُ معَهُ. 27فجاءَ خدَمُ صاحِبِ الحَقلِ وقالوا لَه: "يا سيَّدُ أنتَ زَرَعْتَ زَرعًا جيَّدًا في حَقلِكَ، فمِنْ أينَ جاءَهُ الزؤانُ؟" 28فأجابَهُم: "عَدوٌّ فعَلَ هذا". فقالوا لَه: "أتُريدُ أنْ نَذهَبَ لِنَجمَعَ الزؤانَ؟" 29فأجابَ: "لا، لِـئلاَّ تَقلَعوا القَمحَ وأنتُم تَجمعونَ الزؤانَ. 30فاَترُكوا القَمحَ يَنمو معَ الزؤانِ إلى يومِ الحَصادِ، فأقولُ للحَصَّادينَ: اَجمَعوا الزؤانَ أوَّلاً واَحزِموهُ حِزَمًا لِـيُحرَق، وأمّا القمحُ فاَجمعوهُ إلى مَخزَني".
مثل حبة الخردل.
31وقدَّمَ لهُم مَثلاً آخرَ، قالَ: "يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ حبَّةً مِن خَردلٍ أخذَها رَجُلٌ وزَرَعَها في حَقلِهِ. 32هيَ أصغرُ الحبوبِ كُلَّها، ولكِنَّها إذا نَمَتْ كانَت أكبَرَ البُقولِ، بل صارَتْ شجَرَةً، حتَّى إنَّ طُيورَ السَّماءِ تَجيءُ وتُعشَّشُ في أغصانِها".
مثل الخميرة.
33وقالَ لهُم هذا المَثَلَ: "يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ خَميرةً أخذَتْها اَمرأةٌ ووَضَعَتْها في ثلاثةِ أكيالٍ مِنَ الدَّقيقِ حتى اَختَمرَ العَجينُ كُلٌّهُ".
يسوع والأمثال.
34هذا كلٌّهُ قالَه يَسوعُ للجُموعِ بالأمثالِ. وكانَ لا يُخاطِبُهُم إلاَّ بأمثالٍ. 35فتَمَّ ما قالَ النبـيٌّ: "بالأمثالِ أنطِقُ، فأُعلِنُ ما كانَ خفيُا مُنذُ إنشاءِ العالَمِ".
تفسير مثل الزؤان.
36وترَكَ يَسوعُ الجُموعَ ودخَلَ إلى البَيتِ، فجاءَ إليهِ تلاميذُهُ وقالوا لَه: "فَسَّرْ لنا مثَلَ زؤانِ الحَقلِ". 37فأجابَهُم: "الَّذي زَرعَ زَرْعًا جيَّدًا هوَ اَبنُ الإنسانِ، 38والحَقلُ هوَ العالَمُ، والزَّرعُ الجيَّدُ هوَ أبناءُ المَلكوتِ، والزؤانُ هوَ أبناءُ الشَّرّيرِ، 39والعدوٌّ الذي زرَعَ الزؤانَ هوَ إبليسُ، والحَصادُ هوَ نِهايةُ العالَمِ، والحصَّادونَ هُم الملائِكةُ. 40وكما يجمَعُ الزّارعُ الزؤانَ ويَحرِقُهُ في النّارِ، فكذلِكَ يكونُ في نِهايَةِ العالَمِ: 41يُرسِلُ اَبنُ الإنسانِ ملائِكتَهُ، فيَجْمعونَ مِنْ مَلكوتِهِ كُلَ المُفسِدينَ والأشرارِ 42ويَرمونَهُم في أتونِ النّارِ، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ. 43وأمّا الأبرارُ، فيُشرِقونَ كالشَّمسِ في مَلكوتِ أبـيهِم. مَنْ كانَ لَه أُذُنانِ، فلْيَسمَعْ!
مثل الكنز واللؤلؤة والشبكة.
44"ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ كَنزًا مدفونًا في حَقلٍ، وجَدَهُ رجُلٌ فَخبّأهُ، ومِنْ فرَحِهِ مَضى فباعَ كُلَ ما يَملِكُ واَشتَرى ذلِكَ الحَقلَ.
45ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ تاجِرًا كانَ يبحَثُ عَنْ لُؤلُؤ ثَمينٍ. 46فلمّا وجَدَ لُؤلُؤةً ثَمينَةً، مضى وباعَ كُلَ ما يَملِكُ واَشتَراها.
47ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ شبكَةً ألقاها الصَيّادونَ في البحرِ، فجَمَعتْ سَمكًا مِنْ كُلٌ نوعِ. 48فلمّا اَمتَلأتْ أخرَجَها الصَيَّادونَ إلى الشّاطئ، فوَضَعوا السَّمكَ الجيَّدَ في سِلالِهِم ورَمَوا الرّديءَ. 49وهكذا يكونُ في نِهايَةِ العالَمِ: يَجيءُ الملائِكةُ، ويَنتَقونَ الأشرارَ مِنْ بَينِ الصّالِحينَ 50ويَرمونَهُم في أتّونِ النّارِ. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ".
الجديد والقديم.
51وسألَ يَسوعُ تلاميذَهُ: "أفَهِمتُم هذا كُلَّهُ؟" فأجابوهُ: "نعم". 52فقالَ لهُم: "إذًا، كُلُّ مَنْ صارَ مِنْ مُعَلَّمي الشَّريعةِ تلميذًا في مَلكوتِ السَّماواتِ، يُشبِهُ ربَّ بَيتٍ يُخرِجُ مِنْ كنزِهِ كُلَ جديدٍ وقَديمِ".
الناصرة ترفض يسوع.
53ولمّا أتَمَّ يَسوعُ هذِهِ الأمثالَ، ذهَبَ مِنْ هُناكَ_ 54وعادَ إلى بلَدِهِ، وأخَذَ يُعلَّمُ في مَجمَعِهِم، فتَعَجَّبوا وتَساءَلوا: "مِنْ أينَ لَه هذِهِ الحِكمةُ وتِلْكَ المُعْجزاتُ؟ 55أما هوَ اَبنُ النجّارِ؟ أُمٌّهُ تُدعى مَريمَ، وإِخوتُهُ يَعقوبَ ويوسفَ وسِمْعانَ ويَهوذا؟ 56أما جميعُ أخَواتِهِ عِندَنا؟ فمِنْ أينَ لَه كُلُّ هذا؟" 57ورَفَضوهُ.
فقالَ لهُم يَسوعُ: "لا نبـيَّ بِلا كرامةٍ إلاّ في وَطَنِهِ وبَيتِهِ". 58وما صنَعَ هُناكَ كثيرًا مِنَ المُعجِزاتِ لِعَدَمِ إيمانِهِم به"ِ.
فى هذا الفصل يسوق متى عددا من الأمثال التى ضربها السيد المسيح لتوضيح ما يريد أن يبلغه للجموع، وفى القرآن والأحاديث أيضا أمثال كثيرة وضعت فيها كتب ودراسات. ومن الطبيعى أن يلجأ الأنبياء إلى هذه الوسيلة لنجاعتها فى توضيح المعنى وإبرازه وحفره فى القلب بحروف من نور، وكذلك لما فى الأمثال من متعة فنية بما تتميز به من ألوان وتصاوير حية يفتقدها الكلام المجرد البارد. وما أجمل الأمثال التى أُثِرَتْ عن المسيح وأشدّ علوقها بالنفس وأفعل تأثيرها فيها، ومنها مثل الزارع والحب الذى مر بنا: "خرَجَ الزّارِعُ ليزرَعَ. 4وبَينَما هوَ يَزرَعُ، وقَعَ بَعضُ الحَبَّ على جانِبِ الطَّريقِ، فجاءَتِ الطٌّيورُ وأكَلَتْهُ. 5ووقَعَ بَعضُهُ على أرضٍ صَخْريَّةٍ قليلةِ التٌّرابِ، فنَبَتَ في الحالِ لأنَّ تُرابَهُ كانَ بِلا عُمقٍ. 6فلمَّا أشرَقَتِ الشَّمسُ اَحتَرَقَ وكانَ بِلا جُذورٍ فيَبِسَ. 7ووقَعَ بعضُهُ على الشَّوكِ، فطَلَعَ الشٌّوكُ وخَنقَهُ. 8ومِنهُ ما وقَعَ على أرضٍ طيَّبةٍ، فأعطى بَعضُهُ مِئةً، وبَعضُهُ سِتَّينَ، وبَعضُهُ ثلاثينَ"، والذى فسره عليه السلام على النحو التالى: 19مَنْ يَسمَعُ كلامَ المَلكوتِ ولا يَفهَمُهُ، فهوَ المَزروعُ في جانبِ الطَّريقِ، فيجيءُ الشَّرّيرُ ويَنتَزِعُ ما هوَ مَزروعٌ في قلبِهِ. 20ومَنْ يَسمَعُ كلامَ المَلكوتِ ويتَقَبَّلُهُ في الحالِ فَرِحًا، فهوَ المَزروعُ في أرضٍ صخريَّةٍ: 21لا جُذورَ لَه في نَفسِهِ، فيكونُ إلى حينٍ. فإذا حدَثَ ضِيقٌ أوِ اَضطهادٌ مِنْ أجلِ كلامِ المَلكوتِ، اَرتدَّ عَنهُ في الحالِ. 22ومَنْ يَسمَعُ كلامَ المَلكوتِ ولا يُعطي ثَمرًا فهوَ المَزروعُ في الشَّوكِ: لَه مِنْ هُمومِ هذِهِ الدٌّنيا ومَحبَّةِ الغِنى ما يَخنُقُ الثّمرَ فيهِ. 23وأمّا مَنْ يَسمعُ كلامَ المَلكوتِ ويفهَمُهُ، فهوَ المَزروعُ في الأرضِ الطيَّبةِ، فيُثمِرُ ويُعطي بَعضُهُ مِئةً، وبعضُهُ سِتَّينَ، وبعضُهُ ثلاثينَ". كلام يدخل القلب لأنه من النبع السامق الكريم لا الكلام الشِّرْكِىّ الذى يزعم أنه، عليه السلام، هو الله أو ابن الله! تعالى الله عن تلك السخافات المتخلفة!
ومن أمثال القرآن المجيد قوله تعالى من سورة "البقرة": "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)"، وقوله من سورة "الأعراف": "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)"، وقوله تعالى من سورة "النور": "وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)"، وقوله من سورة "محمد": "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)".
اما المثل الثانى الذى يُنْسَب هنا إلى المسيح فهو يحتاج لوقفة: لقد فسره، عليه السلام، على النحو التالى: "36وترَكَ يَسوعُ الجُموعَ ودخَلَ إلى البَيتِ، فجاءَ إليهِ تلاميذُهُ وقالوا لَه: "فَسَّرْ لنا مثَلَ زؤانِ الحَقلِ". 37فأجابَهُم: "الَّذي زَرعَ زَرْعًا جيَّدًا هوَ اَبنُ الإنسانِ، 38والحَقلُ هوَ العالَمُ، والزَّرعُ الجيَّدُ هوَ أبناءُ المَلكوتِ، والزؤانُ هوَ أبناءُ الشَّرّيرِ، 39والعدوٌّ الذي زرَعَ الزؤانَ هوَ إبليسُ، والحَصادُ هوَ نِهايةُ العالَمِ، والحصَّادونَ هُم الملائِكةُ. 40وكما يجمَعُ الزّارعُ الزؤانَ ويَحرِقُهُ في النّارِ، فكذلِكَ يكونُ في نِهايَةِ العالَمِ: 41يُرسِلُ اَبنُ الإنسانِ ملائِكتَهُ، فيَجْمعونَ مِنْ مَلكوتِهِ كُلَ المُفسِدينَ والأشرارِ 42ويَرمونَهُم في أتونِ النّارِ، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ. 43وأمّا الأبرارُ، فيُشرِقونَ كالشَّمسِ في مَلكوتِ أبـيهِم. مَنْ كانَ لَه أُذُنانِ، فلْيَسمَعْ"!
لكن ألا يمكن أن نعطى المثل تفسيرا آخر إلى جانب هذا التفسير؟ ألا نستطيع أن نقول إنه لا مانع أيضا من القول بأنه من غير المستحب انشغال الإنسان أثناء عمله للخير بتخليصه تماما من أية شوائب، وإلا فإنه لن يستطيع أن ينتج شيئا لأن الطبيعة البشرية لا تصفو أبدا لأى إنسان، بل يختلط بصوابها نسبة من الخطإ والتقصير، والمهم ألا تزيد تلك النسبة عن الحد الذى لا يمكن تقليله أكثر من ذلك كى تستمر مسيرة العطاء والخير، ويوم القيامة يميز الله الزُّؤَان عن الحَبّ فيعفو عن الأول ويثيب على الثانى؟ وقد أُثِر عن رسولنا الكريم: "إن المُنْبَتّ لا أرضًا قَطَع ولا ظَهْرًا أبقى"، و"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ولكن سَدِّدوا وقارِبوا"، و"إذا أمرتكم بشىء فأْتُوا منه ما استطعتم"، و"اتقوا النار ولو بشق تمرة" وغير ذلك من الكلام النبيل المستماح من النبع الكريم السامق. هذا ما عَنَّ لى، وأرجو ألا أكون مخطئا فى هذا التفسير.
ومع هذا فمن العجيب أن يقول المسيح فى تلاميذه الكلام التالى، إذا كان قد قاله فعلا، حين سألوه السبب فى اعتماد ضرب الأمثال أسلوبا لمخاطبة الجموع، إذ كان جوابه لهم: "أنتُمُ أُعطيتُم أنْ تعرِفوا أسرارَ مَلكوتِ السَّماواتِ، وأمّا هُم فما أُعطُوا. 12لأنَّ مَنْ كانَ لَه شيءٌ، يُزادُ فيَفيضُ. ومَنْ لا شيءَ لَه، يُؤخَذُ مِنهُ حتى الَّذي لَه. 13وأنا أُخاطِبُهُم بالأمثالِ لأنَّهُم يَنظُرونَ فلا يُبصِرونَ، ويُصغونَ فلا يَسمَعونَ ولا يَفهَمونَ. 14ففيهِم تَتِمٌّ نُبوءةُ إشَعْيا: "مَهما سَمِعتُم لا تَفهَمونَ، ومَهما نَظَرْتُم لا تُبصِرونَ. 15لأنَّ هذا الشَّعبَ تحَجَّرَ قلبُهُ، فسَدٌّوا آذانَهُم وأغْمَضوا عُيونَهُم، لِـئلاَّ يُبصِروا بِعُيونِهِم ويَسمَعوا بآذانِهِم ويَفهَموا بِقُلوبِهِم ويَتوبوا فأَشفيَهُم". 16وأمّا أنتُمْ فهَنيئًا لكُم لأنَّ عيونَكُم تُبصِرُ وآذانَكُم تَسمَعُ. 17الحقَّ أقولُ لكُم: كثيرٌ مِنَ الأنبـياءِ والأبرارِ تَمنَّوا أنْ يَرَوْا ما أنتمُ تَرَونَ فَما رأوا، وأنْ يَسمَعوا ما أنتُم تَسمَعونَ فما سَمِعوا"، ثم نفاجأ بعد قليل أن أولئك التلاميذ الذين يسمعون ويبصرون ويفهمون فى الوقت الذى لا يفهم فيه غيرهم، والذين يغبطهم الأنبياء على مكانتهم التى لا يصل إليها الأنبياء، أولئك التلاميذ لا يفهمون المغزى من أمثال معلمهم: "36وترَكَ يَسوعُ الجُموعَ ودخَلَ إلى البَيتِ، فجاءَ إليهِ تلاميذُهُ وقالوا لَه: "فَسَّرْ لنا مثَلَ زؤانِ الحَقلِ". 37فأجابَهُم: "الَّذي زَرعَ زَرْعًا جيَّدًا هوَ اَبنُ الإنسانِ، 38والحَقلُ هوَ العالَمُ، والزَّرعُ الجيَّدُ هوَ أبناءُ المَلكوتِ، والزؤانُ هوَ أبناءُ الشَّرّيرِ، 39والعدوٌّ الذي زرَعَ الزؤانَ هوَ إبليسُ، والحَصادُ هوَ نِهايةُ العالَمِ، والحصَّادونَ هُم الملائِكةُ. 40وكما يجمَعُ الزّارعُ الزؤانَ ويَحرِقُهُ في النّارِ، فكذلِكَ يكونُ في نِهايَةِ العالَمِ: 41يُرسِلُ اَبنُ الإنسانِ ملائِكتَهُ، فيَجْمعونَ مِنْ مَلكوتِهِ كُلَ المُفسِدينَ والأشرارِ 42ويَرمونَهُم في أتونِ النّارِ، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ. 43وأمّا الأبرارُ، فيُشرِقونَ كالشَّمسِ في مَلكوتِ أبـيهِم. مَنْ كانَ لَه أُذُنانِ، فلْيَسمَعْ"! ولسوف يتكرر ذلك العجز منهم بعد قليل. أمعقول هذا؟ واضح أن ثمة خللا فى النصوص الإنجيلية رغم ما فيها من بعض اللمعات والبوارق النفيسة!
وبالنسبة لقول مؤلف الإنجيل: "34هذا كلٌّهُ قالَه يَسوعُ للجُموعِ بالأمثالِ. وكانَ لا يُخاطِبُهُم إلاَّ بأمثالٍ. 35فتَمَّ ما قالَ النبـيٌّ: "بالأمثالِ أنطِقُ، فأُعلِنُ ما كانَ خفيُا مُنذُ إنشاءِ العالَمِ"، فالإشارة فيه إلى الفقرة الثانية من المزمور 78 ونصه: "أفتَحُ فَمي بِالأَمثالِ وأبوحُ بألغازٍ مِنَ القديمِ". ولا شك أنه تصرف غريب أن يأخذ كاتب إنجيل متى هذه العبارة من كلام صاحب المزامير ويجعلها كأنها من كلام السيد المسيح. إن هذا، وايم الحق، لخلط واضطراب لا معنى له. إننا هنا أمام شخصين مختلفين هما حسبما يقولون: داود والمسيح عليهما السلام، فما معنى أخذ كلام الأول والزعم بأنه هو كلام الثانى، مع أن صاحب المزامير إنما يتكلم عن نفسه ولا يتنبأ بما سيقوله عيسى بن مريم عليه السلام. ألا إنها لــ"تماحيك" كما يقول العوام بأسلوبهم الظريف! ثم إن العبارتين ليستا شيئا واحدا كما هو واضح تمام الوضوح. وعلى أية حال فينبغى ألا يفوتنا الاسم الواحد الذى استُعْمِل للاثنين، وهو لفظ "النبى": "فتَمَّ ما قالَ النبـيٌّ (أى داود)"، "فقالَ لهُم يَسوعُ: "لا نبـيَّ بِلا كرامةٍ إلاّ في وَطَنِهِ وبَيتِهِ" (والنبى هنا هو عيسى). إذن فلا هو الرب ولا هو ابن الرب، وكيف يكون الرب وقد كان يأكل ويشرب ويبول ويتبرز؟ أم ترى هناك من ينكر هذا؟ تعالى الرب تعاليًا جليلاً عن كل هذا!
وكما رأينا قبلا أن الناس كانوا دائما ما يقولون عنه إنه ابن يوسف ومريم، فكذلك الحال هنا: "53ولمّا أتَمَّ يَسوعُ هذِهِ الأمثالَ، ذهَبَ مِنْ هُناكَ. 54وعادَ إلى بلَدِهِ، وأخَذَ يُعلَّمُ في مَجمَعِهِم، فتَعَجَّبوا وتَساءَلوا: "مِنْ أينَ لَه هذِهِ الحِكمةُ وتِلْكَ المُعْجزاتُ؟ 55أما هوَ اَبنُ النجّارِ؟ أُمٌّهُ تُدعى مَريمَ، وإِخوتُهُ يَعقوبَ ويوسفَ وسِمْعانَ ويَهوذا؟ 56أما جميعُ أخَواتِهِ عِندَنا؟ فمِنْ أينَ لَه كُلُّ هذا؟" 57ورَفَضوهُ"، وهو ما سوف يتكرر فيما بعد أيضا. أى أنه لا أحد كان يقول عنه حتى ذلك الوقت على الأقل إنه ابن الله، فضلا عن أن يقولوا إنه الله ذاته، تعالى الله عن ذلك الشرك علوا عظيما. وعلى هذا فكل ما قيل عن الحمامة واليمامة وأبى قردان وأبى فصادة والصوت الذى كان يتردد فى جنبات السماوات عندما كان يتم تعميد السيد المسيح على يد يحيى هو كلام فارغ شكلا ومضمونا، وهو يؤكد ما قاله القرآن عن العبث فى الكتاب المقدس، وإن كنا نحترم مع ذلك ما يعتقده كل إنسان، بشرط ألا يتطاول بسفاهةٍ وصياعةٍ وقلّةِ أدبٍ على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وإلا فالخوازيق موجودة لزيكو!
الفصل الرابع عشر:
"موت يوحنا المعمدان.
وفي ذلِكَ الوَقتِ سمِعَ الوالي هيرودُسُ أخبارَ يَسوعَ، 2فقالَ لحاشِيَـتِهِ: "هذا يوحنّا المَعمدانُ قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ، ولذلِكَ تَجري المُعْجِزاتُ على يَدِهِ".3وكانَ هيرودُسُ أمسَكَ يوحنّا وقَيَّدَهُ وسَجَنَهُ مِنْ أجلِ هيرودِيَّةَ اَمرأةِ أخيهِ فيلبٌّسَ، 4لأنَّ يوحنّا كانَ يقولُ لَه: "لا يَحِلُّ لَكَ أنْ تَتَزوَّجَها". 5وأرادَ أنْ يَقتُلَهُ، فخافَ مِنَ الشَّعبِ لأنَّهُم كانوا يَعدٌّونَهُ نَبـيُا. 6ولمّا أقامَ هيرودُسُ ذِكرى مَولِدِهِ، رقَصَتِ اَبنَةُ هيرودِيَّةَ في الحَفلةِ، فأعجَبَتْ هيرودُسَ، 7فأقسَمَ لها أنْ يُعطِيَها ما تَشاءُ. 8فلقَّنَتْها أمٌّها، فقالَت لِهيرودُسَ: "أعطِني هُنا على طَبَقٍ رَأسَ يوحنّا المَعمدانِ!" 9فحَزِنَ المَلِكُ، ولكنَّهُ أمَرَ بإعطائِها ما تُريدُ، مِنْ أجلِ اليَمينِ التي حَلَفَها على مسامِـعِ الحاضرينَ. 10وأرسَلَ جُنديُا، فقَطَعَ رأسَ يوحنَّا في السَّجن 11وجاءَ بِه على طبَقٍ. وسلَّمَهُ إلى الفتاةِ، فحَمَلْتهُ إلى أُمَّها. 12وجاءَ تلاميذُ يوحنّا، فحَمَلوا الجُثَّةَ ودَفَنوها، ثُمَّ ذَهَبوا وأخبَروا يَسوعَ.
يسوع يطعم خمسة آلاف رجل.
13فلمّا سَمِعَ يَسوعُ، خرَجَ مِنْ هُناكَ في قارِبٍ إلى مكانٍ مُقْفِرٍ يَعتَزِلُ فيهِ. وعرَفَ النّاسُ، فتَبِعوهُ مِنَ المُدُنِ مَشيًا على الأقدامِ. 14فلمّا نزَلَ مِنَ القاربِ رأى جُموعًا كبـيرةً، فأشفَقَ علَيهِم وشفَى مَرضاهُم.
15وفي المساءِ، دَنا مِنهُ تلاميذُهُ وقالوا: "فاتَ الوقتُ، وهذا المكانُ مُقفِرٌ، فقُلْ لِلنّاسِ أنْ يَنصرِفوا إلى القُرى لِـيشتَروا لهُم طعامًا". 16فأجابَهُم يَسوعُ: "لا داعيَ لاَنصرافِهِم. أعطوهُم أنتُم ما يأكلونَ". 17فقالوا لَه: "ما عِندَنا هُنا غيرُ خَمسةِ أرغِفةٍ وسَمكتَينِ".
18فقالَ يَسوعُ: "هاتوا ما عندَكُم". 19ثُمَّ أمَرَ الجُموعَ أنْ يَقعُدوا على العُشبِ، وأخَذَ الأرغِفَةَ الخَمسَةَ والسَّمكتَينِ، ورَفَعَ عَينَيهِ نحوَ السَّماءِ وبارَكَ وكسَرَ الأرغِفَةَ وأعطَى تلامِيذَهُ، والتَّلاميذُ أعطَوا الجُموعَ. 20فأكلوا كُلٌّهُم حتَّى شَبِعوا، ثُمَّ رَفَعوا اَثنتي عَشْرةَ قُفَّةً مملوءةً مِنَ الكِسَرِ التي فَضَلَتْ. 21وكانَ الَّذينَ أكلوا نحوَ خَمسةِ آلافِ رجُلٍ، ما عدا النَّساءَ والأولادَ.
يسوع يمشي على الماء.
22وأمرَ يَسوعُ تلاميذَهُ أن يَركبوا القارِبَ في الحالِ ويَسبِقوهُ إلى الشَّاطِـئِ المُقابلِ حتى يَصرِفَ الجُموعَ. 23ولمّا صرَفَهُم صَعِدَ إلى الجبَلِ ليصَلّيَ في العُزلَةِ. وكانَ وحدَهُ هُناكَ عِندَما جاءَ المساءُ. 24وأمّا القارِبُ فاَبتَعدَ كثيرًا عَنِ الشَّاطئِ وطَغَتِ الأمواجُ علَيهِ، لأنَّ الرَّيحَ كانَت مُخالِفَةً لَه. 25وقَبلَ الفَجرِ، جاءَ يَسوعُ إلى تلاميذِهِ ماشيًا على البَحرِ. 26فلمّا رآهُ التَّلاميذُ ماشيًا على البَحرِ اَرتَعبوا وقالوا: "هذا شَبَحٌ!" وصَرَخوا مِنْ شِدَّةِ الخَوفِ. 27فقالَ لهُم يَسوعُ في الحالِ: "تَشجَّعوا. أنا هوَ، لا تخافوا!" 28فقالَ لَه بُطرُسُ: "إنْ كُنتَ أنتَ هوَ، يا سيَّدُ، فَمُرْني أنْ أجيءَ إلَيكَ على الماءِ". 29فأجابَهُ يَسوعُ: "تعالَ". فنَزَلَ بُطرُسُ مِنَ القارِبِ ومشَى على الماءِ نحوَ يَسوعَ. 30ولكنَّهُ خافَ عِندَما رأى الرَّيحَ شديدةً فأخَذَ يَغرَقُ، فَصرَخ: "نَجَّني، يا سيَّدُ!" 31فمَدَّ يَسوعُ يدَهُ في الحالِ وأمسكَهُ وقالَ لَه: "يا قليلَ الإيمانِ، لِماذا شكَكْتَ؟" 32ولمّا صَعِدا إلى القارِبِ هَدأَتِ الرَّيحُ. 33فسجَدَ لَه الَّذينَ كانوا في القارِبِ وقالوا: "بالحقيقةِ أنتَ اَبنُ الله!"
يسوع يشفي من أمراض كثيرة.
34وعَبَرَ يَسوعُ وتلاميذُهُ إلى بَــرَّ جَنّيسارَتَ. 35فلمّا عرَفَ أهلُ البَلْدَةِ يَسوعَ، نَشروا الخبَرَ في تِلكَ الأنحاءِ كُلَّها. فجاؤُوهُ بالمَرضى 36وطَلَبوا إلَيهِ أنْ يَلمُسوا ولو طرَفَ ثوبِهِ. فكانَ كُلُّ مَنْ يَلمُسُه يُشفى".
والآن فإن كلام هيرودس التالى الذى قاله حين سمع بمعجزات عيسى: "هذا يوحنّا المَعمدانُ قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ، ولذلِكَ تَجري المُعْجِزاتُ على يَدِهِ" يثير عددا من الأسئلة: ألم يسمع هيرودس بعيسى ومعجزاته إلا الآن؟ ذلك غريب جدا. وأغرب منه أن يقال إن هيرودس لم يكن ليقتل يحيى لولا القَسَم الذى كان أقسمه لبنت أخيه الداعرة بأن يحقق لها كل ما تطلب، وكأن القَسَم يمثل له شيئا خطيرا إلى هذا الحد! وما دمنا بصدد الكلام عن القسم فقد مر بنا تشديد المسيح فى النهى عن القسم وأمره بالاقتصار على كلمتى "نعم" أو "لا" دون حَلِف. وفى الإسلام تنفير من الحَلِف إلا إذا كان هناك ما يستوجبه كما فى الخصومات والدعاوى القضائية، إلا أنه لا يُنْهَى عنه كمبدإ. أقول هذا لأن أوغاد المهجر يتطاولون على الإسلام ونبيه ويكفرونه ويكفروننا نحن المسلمين جميعا لأن ديننا لا يحرم القسم كما يظنون أن المسيح قد حرمه. وقد رددت على هذا الحمق المجرم فى كتابى "الفرقان الحق: فضيحة العصر- قرآن أمريكى ملفق" (وهو الكتاب الذى استولى أحدهم على معظم صفحاته وأضاف إليه أشياء من هنا ومن هناك وكتب عليه: "القرآن الأمريكى أضحوكة القرن العشرين" دون أن يشير لى ولو بكلمة، وإنما أفاض فى الحديث عن تعبه وسهره وتشجيع زوجته له، على أى شىء؟ على السطو طبعا! وقد تكلمتْ عن ذلك جريدة "عرب تايمز" فى بابها: "لصوص ظرفاء"). وقد بيّنْتُ فى الكتاب المذكور أن الله وملائكته، طبقا لما هو مكتوب فى الكتاب المقدس، يحلفون. أما بطرس أقرب تلاميذ المسيح إليه فقد حلف حَلِفًا كاذبًا حين أنكر عند القبض على المسيح أنه يعرفه وأقسم على ذلك أكثر من مرة. كما أن المسيح ذاته قد بين أن كل من يريد تأكيد كلامه فإنه يحلف، وأن الحلف فى هذه الحالة أمر طبيعى جدا.
ثم إن الدول النصرانية جميعا تحلِّف المتهمين والشهود فى المحاكم على الكتاب المقدس، كما أن العهد القديم يقنن القسم على أساس أنه إجراء عادى جدا فى كثير من الظروف لا غضاضة فيه على الإطلاق. فعجيب بعد ذلك كله أن ينبرى كاتب الإنجيل فيتحدث عن فعلة هيرودس الشنيعة بطريقة تبدو وكأنه يبرر جريمة ذلك النذل بحجة القسم الذى أقسمه. وأىّ قَسَمٍ ذلك الذى نبرّر به إزهاق روح بريئة ونبيلة كروح يحيى عليه السلام؟ وهل المجرمون الطغاة من أمثاله يهمهم قَسَمٌ أو خلافه؟ ثم إن ظن هيرودس بأن يحيى قام من الأموات وأخذ يعمل معجزات هو كلام لا يدخل العقل. لماذا؟ لأن يحيى لم يسبق له أن عمل معجزة! كما أن ظنه هذا يدل من ناحية أخرى على أنه كان يعرف أن يحيى نبى، فكيف أقدم على قتله إذن مهما كان مِنْ سَبْق إعطائه الداعرة الصغيرة وعدا بإنالتها كل ما تطلب؟ الواقع أننى لا أطمئن لرواية الإنجيل عن تفاصيل القصة كما عرضناها هنا. وقد بين الرسول الكريم أنه إذا أقسم المسلم على أمر ثم تبين له أن سواه أولى فلْيُكَفِّرْ عن قَسَمه ولْيَفْعَلِ الأفضل. فماذا فى هذا يا أهل الضلال والنفاق، يا من قرّع المسيح أمثالكم أعنف تقريع وشتمهم شتما قبيحا يليق بكم وبأشكالكم وقلوبكم المظلمة النجسة؟ أمن المعقول أن يُشْتَم زعيم الأنبياء تقربا لأخٍ من إخوانه صلى الله عليهم جميعا وسلم؟
ومرة أخرى نرى عيسى، حسبما كتب مؤلفو الأناجيل، يتقبل مأساة أخرى من مآسى يحيى بقلب لا أظننا نخطئ إن قلنا إنه بارد. أمن المعقول أن يكون كل رد فعله حين سمع نبأ قتله هو أن يعتزل تلاميذه للصلاة، ثم لما أقبلت عليه الجموع نسى ما كان انتواه من الاعتزال وأقبل عليهم يَشْفِى من جاؤوا ليشفيهم؟ ترى أين قوله المنسوب إليه من أنه لا يصح أن يُؤْخَذ خبز البنين ويُطْرَح للكلاب، بمعنى أن الأقربين أولى بالمعروف؟ فهذا يحيى عليه السلام، وهو قريبه وزميله فى النبوة، فضلا عن أنه هو الذى عمّده كما ذكرت الأناجيل، كان بحاجة إلى أن يهتم به عيسى عندما قُبِض عليه، إن لم يكن بمحاولة استنقاذه على الأقل بالدفاع عنه عند السلطات والتدخل بطريقة أو أخرى لإطلاق سراحه، فعلى الأقل الانشغال به وبمأساته. لكنه عليه السلام، إن صدقنا رواية الإنجيل، لم يفكر فى أن يفعل له شيئا. وكذلك الأمر عندما قُتِل، إذ تلقى الأمر دون أن يذرف دمعة أو يقول كلمة تعبر عن أنه متألم لما حدث له عليه السلام. الواقع أن هذه الأشياء تجعل الواحد منا لا يطمئن إلى رواية الأناجيل للوقائع التاريخية، إذ تصور الأمر فى كثير من الحالات على نحو لا يقنع أحدا.
وفى هذا الفصل أيضا نرى عيسى عليه السلام لا يزال مستمرا فى صنع الآيات، تلك الآيات التى اتخذها زيكو المنكوح ذو الدبر المقروح دليلا على أنه أفضل من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ودعنا من تأليهه رغم براءته، عليه السلام، ممن يُقْدِم على هذا التهور المردى فى جهنم كما يخبرنا القرآن المجيد فى أواخر سورة "المائدة". وقد سبق أن بينا أن المعجزات ليست مقصورة على عيسى بن مريم، بل كان لكثير من الأنبياء فيها نصيب، ومنهم سيدنا محمد. كما قلنا أيضا إن المعجزات لا تحسم مسألة الاعتراف بالنبى أو الرسول، والدليل على ذلك كثرة الآيات التى تحققت على يد عيسى، وكُفْر الغالبية الساحقة من اليهود به رغم ذلك. كذلك بينتُ أن المهم فى الأمر هو الإنجازات التى تمت على يد هذا النبى أو ذاك، وأن محمدا عليه الصلاة والسلام يأتى بكل جدارة واستحقاق على رأس جميع الأنبياء، فقد أنهض أمته من الحضيض وجعلها سيدة العالم بفضل العقيدة السليمة والقيم الإنسانية والاجتماعية والعلمية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية العالية التى تجمع بين المثالية والواقعية فى منظومة فريدة لم تحدث من قبل ولا من بعد، وذلك فى مدة زمنية مستحيلة بالمقاييس البشرية، وعلى مدار قرون طوال، وهو ما لم يتحقق لأى نبى أو مصلح أو قائد سياسى أو عسكرى طوال التاريخ. ومن هنا فقد ضحكنا كثيرا من أعماق قلوبنا من سمادير الأخطل المسمَّى: "زيكو زَكْزَك، الأَشْيَب الأَمْتَك"، الذى ظن أنه يستطيع بخَطَله أن ينال من سيد الأنبياء والمرسلين، زاد الله دبره المقروح على كثرة الخوازيق مَتَكًا حتى تعود غير صالحة لشىء!
والمضحك أن التلاميذ، رغم كل الزمن الطويل الذى قَضَوْه بالقرب منه ورؤيتهم الآيات التى صنعها بيديه، لم يكونوا قد آمنوا حتى ذلك الحين أنه ابن الله، اللهم إلا عندما مشى فوق الماء! وما الذى فى المشى على الماء مما يميزه عن سواه من المعجزات بحيث يصلح وحده دونها أن يكون دليلا على أنه ابن الله؟ أهو أقوى من إعادة الموتى إلى الحياة؟ طيب، فَهُمْ أيضا، كما قال كاتب الإنجيل، كانوا يستطيعون الإتيان بالمعجزات مثله تماما، أفلم يكن ذلك دليلا على أن ما استنتجوه من ألوهيته هو استنتاج غير صحيح، إذ ما داموا يستطيعون عمل المعجزات ولا يَرَوْن أنها تنقلهم من البشرية إلى الألوهية فمعنى هذا أنها ليست دليلا على ألوهية من يعملها؟ أليس كذلك؟ وإذا كانوا قد عرفوا وقالوا إنه ابن الله، فكيف تقبلوا صلبه وقتله بهذه البساطة؟ ألم يكن ذلك كافيا كى يقفوا أمام هذه المفارقة الغريبة: مفارقة أن يعجز ابن الله عن الدفاع عن نفسه، إن لم نقل إن أباه نفسه قد عجز عن ذلك، أو على الأقل لم يبال أن ينقذ ابنه الوحيد؟ إن الأمر كله يبعث على الاستغراب، إن لم نقل:

غير معرف يقول...

تطوير الإسلام بالأمريكانى بقلم: الكاتب المصري د.ابراهيم عوض
________________________________________

كثر الكلام فى الآونة الأخيرة عن تخطيط أمريكا وعزمها على التدخل فى حياتنا الدينية بل عن بدء هذا التدخل فعلا بُغْيَةَ تغيير " الخطاب الإسلامى " بما يتمشى مع أوضاع العصر وقيمه كما تفهم أمريكا ( والغرب بوحه عام ) هذه القيم، وفزع المسلمون كالعادة من مثل هذا التدخل واعترضوا عليه ، وإن وقف اعتراضهم كالعادة أيضا عند حدود الكلام ، الذى لا يستطيعون فى العادة أن يفعلوا شيئا غيره ، إذ الأمور تجرى فى بلادهم عادة على قاعدة استبداد حكوماتهم بالأمر دون أن يكون لهم رأى يُرْجَع إليه أو يُؤْخَذ به . وأخذ مسؤولوهم كالعادة أيضا ينفون بقوة وقوع أى شىء من هذا التدخل مؤكدين أن التغيير المزمع إحداثه هو تغيير نابع من اقناعهم لما شعروا به من حاجة الخطاب الإسلامى إلى التغيير،

فهم إذن حين يفعلون هذا إنما يصدرون عن رغبة فى الإصلاح تحتاجها أوضاعنا المعوجة منذ زمن طويل بغض النظر عن تصادف البدء فى هذا التغيير مع رغبة أمريكا التى تجرى فى فى ذات الاتجاه ! ومنذ أيام نبهنى أحد الأصدقاء من الصحفيين إلى كتاب صادر عن " المكتب المصرى
الحديث " بالقاهرة من ترجمة د. محمد يحيى أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة بعنوان " خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامى " قائلا إنه كتاب مهم جدا ، إذ يعطينا فكرة واضحة عما تريده أمريكا من وراء رغبتها فى التدخل لتغيير مفاهيمنا الدينية . والكتاب عبارة عن دراسة وضعتها إحدى المؤسسات الأمريكية تدعو فيها إدارةَ بلادها كما يقول المترجم فى مقدمته لها " ألا تقف مكتوفة الأيدى أمام التفاعلات الاجتماعية التى تعصف داخل الوطن العربى بل تسعى للتمييز بن الطوائف المختلفة وإزكاء التباعد بينها . ليس فقط الطوائف الدينية أو العرقية ، وإنما الاتجاهات السياسية التى لم تعد تتمايز بعدُ فى أُطُرٍ حزبية داخل المنظومة السياسية المتخلفة فى الوطن العربى ". و" تقوم الدراسة بتحديد اتجاهات أصولية ، وأخرى دينية تقليدية ، وأخرى دينية إصلاحية ، وأخرى حداثية ، وأخرى علمانية ، وتضع حدودا واضحة تبين مواقف الطوائف المختلفة من القضايا المحورية كالديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المرأة فى العمل العام وتعدد الزوجات والحدود وحقوق الأقليات فى المجتمع المسلم ومكانة الحجاب وغير ذلك " . واستباقا لما ورد فى التقرير من رأى الجهة التى أصدرته فى الموضوعات التى يع الجها أحب أن أصارح القارئ من الآن بأنهم يريدون من المسلمين التخلى التام عما يقوله دينهم بشأن الحجاب وتعدد الزوجات وتطبيق الحدود ... إلخ . كما تقوم الخطة التى يدعو إليها واضعو التقرير على ضرب الطوائف الدينية الإسلامية بعضها ببعض عن طريق تقريب هذه الطائفة أو تلك فى وقت معين للانتفاع بموقفها أو رأيها الذى ترى الإدارة الأمريكية أنه يتطابق أو يقترب مما تريده فى القضية المطروحة ، حتى إذا ما تم التغيير المزمع إحداثه انقلبت أمريكا عليهم وركلتهم ركلتها المعروفة ، ثم استدارت لغيرهم تستعين بهم إلى أن تنال لبانتها منهم فتركلهم بدورهم بحذائها الذى لا يرحم ولا يعرف للوفاء ولا لتقدير الجميل معنى ... وهكذا دَوَالَيْك ! وإن الإنسان ليتساءل : بأى معنى تتدخل أمريكا فى ديننا يحيث ترى من حقها أن تغيره وأن من واجبنا أن نصيخ لما تقول ونسمع له وننفذه دون أدنى اعتراض ؟ وهل يمكن قانونا أو عرفا أو خلقا أن تتدخل دولة فى دين شعب آخر دون أن يطلب منها هذا الشعب أو ممثلوه الشرعيون مثل ذلك التدخل ؟ والجواب : أن أمريكا إنما تتدخل هنا بحق قوة السلاح . نعم بحق قوة السلاح ، وهذ حقيقة لا يمكن أحدا أن ينكرها، فلو لم تكن أمريكا قوية بقنابلها ومدافعها وطائراتها وبوارجها ودباباتها وصواريخها ومدرعاتها وأجهزة اتصالاتها ومخابراتها وميزانياتها ومواردها الاقتصادية وعلومها واختراعاتها وصرامة نظامها وتخطيطها وصبرها الطويل وطموحها لسيادة العالم ومثابرتها على تحقيق ما تصبو إليه وتجهيز البدائل المختلفة مقدما وعدم الانتظار إلى الوقت الضائع على طريقتنا ، حتى إذا ما سُدَّ فىوجهها طريق استطاعت أن تجد فى الحال أو فى الوقت المناسب على أقل تقدير طريقا آخر... نعم ، لو لم تكن أمريكا قوية بهذه الطريقة وإلى هذه الدرجة لما استطاعت ، بل لما فكرت مجرد تفكير ، بل لما خطر لها أصلا أن تتدخل فى حياتنا وفى أخص خصائص أمورنا على هذا النحو العارى الجلف الوقح الذى لا يدور فى ذهنه أن يتجمل أى قدر من التجمل . وعلى هذا الأساس فلو أردنا أن نكفّ أمريكا عن مثل هذا التدخل فليس أمامنا إلا أن نكون أقوياء : أقوياء إلى الحد الذى يردعها عن هذا التصرف حيالنا والاستهتار بنا وبشؤوننا وبديننا والاحتقار الهائل لنا. وليس شرطا أن نكون فى نفس قوة أمريكا الآن ، فهذا ، كما لا أظنه يخفى على أحد ، من الاستحالة بمكان ، وإنما يمكن أن نردعها ونلزمها حدودها لو رأت أن مثل هذه التصرفات التى تمارسها معنا سوف تكل فها غاليا. وذلك عن طريق الاستغناء عنها قدر المستطاع ، وعن طريق الاستعصام بعزة النفس وعزة الدين ، وعن طريق الصلابة والقدرة على الصمود فى وجه مخططاتها، وعن طريق المقاومة المسلحة ، وعن طريق تلاحم الشعوب مع حكوماتها وغيرة الحكومات على مصالح شعوبها واحترامها لها، وعن طريق الشورى ، وعن طريق العلم والثقافة والعمل الجاد والإنتاج والإبداع فى كل المجالات ، وعن طريق الإقلال من الكلام الفارغ الذى لا يُجْدِى أىّ جدوى والإكثار من العمل، وعن طريق التنبه للعملاء الذين ينتقيهم أعداؤنا من بيننا كى يبثوا التخذيل فى صفوفنا ويدعونا إلى الاستسلام لهم ويعملوا على نشر أفكارهم وقيمهم ويشككونا فى ديننا وتاريخنا ورموزنا، وكذلك عن طريق الوحدة بين الأمم العربية والإسلامية . وهذه النقطة الأخيرة فى منتهى الأهمية ، فالغرب إنما يرمينا عن قوس واحدة مهما بدا الأمر لنا أحيانا غير ذلك ، إذ هو يتصرف نحونا بوصفنا أعداءه الألداء الذين لا يمكن له أن يمارس السيادة القاهرة على العالم إلا إذا محانا لو استطاع ، او على الأقل قهرنا ومسح بنا الأرض مسحا. وإيانا أن ننخدع بموقف بعض الدول الغربية حينما يبدو من هذا السياق أو ذاك أنها تعارض سياسات بعضها الآ خر تجاهنا، فليس مَثَلُها فى هذا إلا كاللص الذى يعادى لصا آخر حين يراه يعتدى على ضحية من الضحايا، وهو لا يقصد أن يكفّه عن هذا العدوان بوصفه ظلما لا يجوز ، بل يعاديه لأنه يرى نه أجدر منه بسرقة هذه الضحية، وبقتلها كذلك إذا لزم الأمر كى يستمتع بما يسلبها إياه ! هذا هو وضع الغرب معنا ، وهذا هو السبيل الذى يجب أن ننتهجه إذا أردنا أن تكون لنا قيمة فى سوق العلاقات الدولية ولا نكون هَمَلا كالبهائم التى ليس لها صاحب يسأل أو يدافع عنها . إذن فالقوة هى السند الذى يركن إليه الأمريكان فى تدخلهم فى أخص شؤوننا. ومنذ قديم الزمان، والقوة فى عالم العلاقات البشرية هى التى تقرر ما يمكن وما لا يمكن . أما ما يقال من أن الحق يغلب القوة فهو كلام فارغ لا قيمة له فى دنيا البشر . إن الحق فى حد ذاته لا يمثل شيئا فى عالم الصراع ، اللهم إلا إذا ألهم أصحابه الصمود والكفاح ودفعهم إلى بذل الجهد من أجل الحفاظ عليه أو استرداده إذا كان قد اغتصبه منهم مغتصب . أما بدون ذلك فقيمته صفر ، وإلا فهل أغنى مثلا حقُّ الهنود الحمر عنهم شيئا أمام عوامل القوة الكثيرة التى تفوَّق عليهم بها الأوربيون عندما غَزَوْهم فى عُقْر ديارهم من وراء بحر الظلمات ؟ وذلك رغم أن الهنود الحمر لم يتقبلوا مصيرهم دون أن يقاوموا ويقاتلوا بشراسة ، إلا أن ميزان القوة كان فى صالح الأوربيين ، ولم يستطع أصحاب الحق أن يعدلوه لصفهم ، فما بالنا لو أن أصحاب الحق قد استسلموا منذ أول الأمر للباغين دون أن يثبتوا أنهم رجال ذوو كرامة وكبرياء كما وقع من كثير من المسلمين فى هذا الزمن العجيب ؟ ومع ذلك فالحق فى هذه الحالة ليس إلا عاملا واحدا من عوامل القوة ، ومن ثم فإذا رفدته عوامل أخرى كان بمكنة أصحابه أن يحرزوا أهدافهم كلها أو بعضها حسب الظروف ، أما بغير ذلك فكلا وألف كلا ! ولهذا لم يقل المولى سبحانه وتعالى فى قرآنه المجيد : " كم من فئة ضعيفة غلبت فئة قوية " بل قال : " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة " . ولعل هناك من ينبرى قائلا : ألا تغلب البعوضة، على ضعفها ، الإنسان بل الأسد نفسه رغم قوته وبطشه ؟ والجواب هو أن البعوضة أمام ضربة كف من الإنسان مثلا ضعيفة أشد الضعف ، إذ تستطيع ضربة الكف أن تقضى عليها فى غمضة عين ليس إلا ، لكنها تنقلب قوية غاية القوة إذا تمكّنت من صاحب الكفّ ونقلت إليه مكروبا أو فيروسا عن طريق لدغة من لدغاتها القاتلة ! وكيف لا تكون القوة هى الفيصل فى الغلبة والتفوق ، ومن صفات الله " القوى المتين " ؟ ثم أليس لله سبحانه المثل الأعلى فى السماوات والأرض مما يوجب علينا أن نسعى نحن أيضا لامتلاك عناصر القوة حتى نكون على صورته عزَّتْ قدرَته كما أراد لنا أن نكون حين خَلَقَنا ؟ وعلى هذا فإذا أردنا فعلا ، لا مجرد شقشقة لسان ، أن نكون مالكين لمصائرنا وأن تكون القرارات التى تتعلق بمستقبلنا ومستقبل بلادنا من صنع أيدينا، فليس من سبيل أمامنا إلا القوة : نكتسبها إذا لم تكن متاحة لنا ، أو نحافظ عليها إذا كانت فى حوزتنا. ولا شك أن الناظر فى أحوال العرب والمسلمين فى هذه اللحظة التاعسة البائسة من تاريخهم لن يسره بحالٍ ما يراه من هذه الأحوال :
فالكسلُ والبلادة والكذبُ والنفاق وقلة الصبر وكراهيةُ العملِ والعجزُ عن الإتقانِ والشعورُ بالهوان والرضا بالمذلة والانسحاقُ أمام الغرب هو سيد الموقف ، كما أننا لا نحاول صادقين الخروج من هذه الدائرة الجهنمية أبدا، بل نبذل كل ما نستطيع وما لا نستطيع من حجج واهية من أجل الدفاع عن أنفسنا والاعتذار بالظروف غير المواتية وقلة الإمكانات ، وكأن الظروف تصنع نفسها بنفسها، أو كأن الإمكانات تهبط على البشر من الفضاء الخارجى فى ظلام الليل ، ناسين أو بالأصح متناسين أن البشر إنما هم الذين يصنعون فى العادة إمكاناتهم إذا شاؤوا أو يفرّطون فى هذه الإمكانات حتى لو كانت السماء قد وهبتهم إياها فى غفلة من الزمان كما هو الحال فى حالتنا الآن ، إذ أفاض الله على العرب من خيراته وألطاف كرمه ما لم يكونوا يحلمون به ولا فى المنام ، ومنه نعمة البترول التى لم نستطع أن نستغلها كما ينبغى أن يكون الاستغلال ، بل كانت فى غير قليل من الأحيان وبالا علينا وشرا مستطيرا !
وسبيل القوة ، كما يراه المسلمون المتمسكون بدينهم ، هو العلم والعمل والإتقان والكرامة والحرية والعدل الاجتماعى والتعاون والمساواة وسيادة القانون والذوق الراقى والحساسية العقلية والنفسية وصلابة الأخلاق ، ومن قبل ذلك العبادة من صلاة وصيام وزكاة وحج انطلاقا من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، لا كأساس للجدال والشقاق كما هو مشاهد الآن بين كثير من المسلمين الذين أصبحوا كلهم بقدرة قادر مفتين متضلعين من الفقه وعلم الكلام ، بل كأساس للعمل والتجويد والخوف من الله ومن حسابه الشديد الذى لا يفلت شيئا دون أن يؤاخذ عليه ، اللهم إلا كان لنا فيه عذر من ضعف قاهر أو ظرف كاسر! ومن سبيل القوة أيضا اليقظة والتنبه لما يحيكه لنا أعداؤنا ومن يوالونهم من بين ظهرانَيْنا ممن يشاكلوننا لسانا وسَحْنة وموطنا ، لكنهم يخالفوننا قلبا ومنزعا وضميرا باعتزازهم بأعداء البلد والدين والأمة وركونهم إليهم وضلوعهم معهم ، وإذا فوتحوا فى شىء من ذلك كان جوابهم : إنما نحن مصلحون . وما هم فى الحقيقة بمصلحين ، بل هم المفسدون ، وأى مفسدين ! وقد ضَرِىِ المنافقون بيننا هذه الأيام النحسات ولم يعودوا يبالون كثيرا كما كانوا يصنعون من قبلُ أيام َ أن كان لا يزال هناك بقيةٌ من كرامة وعزة فى الأمة ، وشىءٌ من الخشية فى قلوب أولئك المنافقين ، فهم يرون أن الغلبة قد تمت لأعداء الملة والوطن وانتهى الأمر، وهم لا يستطيعون أن يؤمنوا بشىء أصيل من عند أنفسهم بل يميلون كل مَمِيلٍ مع ريح الأعداء الأقوياء . ويوم تكون لنا الغلبة من جديد فلسوف يدخلون أَوْجِرَتهم كالكلاب الضارعة الجبانة التى فقدت صاحبها والبيت التى كان يكنها فانخلعت قلوبها ولم يعد هناك ما تتحالى به أو أمامه ! هذا هو السبيل لامتلاك القوة ، أما تضييعُ الوقت والجهد فى التفاهات والشكليات ومحاولة تفصيص الشعرة ، واستعراضُ العضلات فى ميدان التقعر والتفيهق الذى حذّرَنا منه وبغّضَنا فيه سيدنا رسول الله ، والتباهى بالتشدد فيما لا يقدم ولا يؤخر ، فهو عَرَضٌ من أعراض التخلف ودليل على أن أصحابه مرضى يعانون من ضعف فى دينهم وأخلاقهم ، وليس من شأنه أبدا أن يرفع أمة من حضيضها أو ينتشل فردا من الوهدة التى تردى فيها ، وإن حسب التافهون المتحذلقون أنهم يحسنون بعملهم هذا صنعا.
وما مَثَلهم فى أمرهم ذاك إلا كمَثَل رجل ضرب أعداؤه حول بيته حصارا يبغون قتله وتدمير داره ، على حين يضيع هو وقته وجهده فى تتبع نملة صغيرة رآها تسير بجوار أحد الجدران الداخلية للبيت والسعى الملحاح لتصنيع مادة سامة للتخلص منها ، غافلا عما يدبره له الأعداء المحيطون به لاقتطاف رأسه والقضاء على كل ما يمت إليه من بنيان أو ذرية بصلة ! إن مثل هذا الاهتمام بالشكليات فى ذلك الوقت العصيب الذى تمر به أمة الإسلام الآن من شأنه أن يضيع الشكليات والأساسيات تضييعا ، فلا يبقى من الدين لا رسم ولا شكل ولا روح ولا مضمون !
وتعترف أمريكا فى هذه الوثيقة بأنها تدعم العلمانيين والحداثيين وترى فيهم رجالها الذين تعلق عليهم آمالها فى تحقيق ما تصبو إليه من ضرب الإسلام فى مقتل حسبما يوسوس إليها شيطانها ! والحداثيون ، حسبما تعرضهم الدراسة ، لا يؤمنون بمحمد ولا بقرآنه ، وإن كنت أرى أنه لا فرق فى كثير من الحالات بينهم وبين العلمانيين ، إذ إن توزيع الأدوار هو السبب فى تظاهر كثير من هؤلاء الأخيرين بأن كل ما يبغونه هو عدم تدخل الدين فى السياسة والاقتصاد والقوانين المدنية والجنائية وما إلى ذلك ، وأنهم حريصون على عبادات الإسلام وقيمه الأخلاقية واستمداد قوانين الأحوال الشخصية من نصوص الكتاب والسنة . وأمريكا تعترف جهارا نهارا بأنها تغدق على الفريقين الأموال الطائلة وتعمل كل ما فى جهدها لتلميعهم وتسليط الضوء عليهم وإعلاء شأنهم ونشر فكرهم وإصدار كتبهم ومنحهم الجوائز ودعوتهم إلى مؤتمراتها ومؤتمرات من يوالونها ويأتمرون بأمرها ... إلخ مما نبهنا ونبه غيرُنا مرارا إليه ، فكان هؤلاء العملاء ومن يجرى معهم فى نفس المضمار يجيبوننا قائلين : " يا عجبا لكم ولطريقتكم فى التفكير ! ما بالكم لا تريدون أن تتخلصوا من سلطان نظرية المؤامرة "، ثم يذهبون فيتفيهقون علين ا ويعطوننا دروسا بليغة فى وجوب إحسان الظن والإقلاع عن الشك السخيف الذى من شأنه أن يُضِلّ صاحبه عن الرؤية الصحيحة ! ولا أدرى ماذا يمكن أن يقوله هؤلاء الأوغاد الآن، وقد انكشف المستور، وأصبحت المسألة " على عينك يا تاجر " ؟ أَوَقُلْتُ : " لا أدرى " ؟ الحق أننى أخطأت خطأ فاحشا حين قلت هذا ، إذ الواقع أننى أدرى تمام الدراية ما يقوله هؤلاء الخائنون ! ولا يرجع هذا لعبقرية فىَّ بقدر ما يرجع إلى أنهم قد خلعوا ، كما أشرت من قبل ، برقع الحياء بظنهم أن الكون قد دانت أموره للغرب المجرم وزعيمته أمريكا إلى الأبد ، وأن عجلة الزمان لن تدور فى اتجاه غير الاتجاه الذى يسير فيه هذا الغرب على حسب ما يأفك به كتّابه الذين يعملون على تحطيم روحنا المعنوية مؤكدين فى صفاقة فكرية عجيبة أن التاريخ قد توقف عند هذه اللحظة التاريخية التى يتسيد فيها الغرب الدنيا ، وأنه سوف يظل متوقفا عندها للأبد ! ألا تبارك الله القوى الجبار ، وتعسًا ونكسًا لهؤلاء البكّاشين الصُّفَقاء الذين سوف تدهسهم عجلات التاريخ يوما محتوما ، على أيدينا نحن إن كُُتِب لنا أن نفيق من غفوتنا وبلادتنا المخزية ، أو على أيدى من تختاره الأقدار لقيادة العالم من غيرنا إذا لم نبارح مكان تخلفنا وظللنا نعض على بلادتنا وخزينا بالنواجذ بكل ما فينا من قوة وعزم ! إن هؤلاء السفلة المارقين يصفون القرآن بأنه فكر بدوى متخلف ، ويتهمون رجال الحديث العباقرة بأنهم وضّاعون كذابون ، ويزعمون أن الرسول هو من صنع خديجة وورقة . بل لقد قال عنه عتلٌّ زنيمٌ التقطته أصابع التبشير القذرة وجعلت منه كاتبا بعد أن شارف الستين وهو لم يؤلف فى حياته حرفا إن خديجة قد " صَنْفَرَتْه وقَلْوَظَتْه " ! إى وربى هكذا بالنص على طريقة العربجية والحشاشين ! وبالمثل سمعتُ آخَرَ من نفس الطراز المنحط فى إحدى الفضائيات يعاير الشرفاء المؤمنين بدينهم بأنه وأمثاله طالما طالبوهم بالاعتراف بصحة ما تدعو إليه أمريكا وتنفيذه دون نقاش فأبى هؤلاء الشرفاء إلا عنادا ، حتى وقعت الواقعة وجاءت أمريكا إلى قلب بلادنا تفرض علينا بالحديد والنار ما تريد دون أن نستطيع أن نقول لها : " ثلث الثلاثة كم ؟ " .
وكان ، وهو يقول هذا ، يتقصّع ويتراقص فى شماتةٍ وتشفٍّ وقح . ومعروف أنه من كبار المدلسين ! ثم ها هى ذى الصليبية والصهيونية العالمية تلفق قرآنًا خَدِيجًا سرقته من آيات القرآن ونسجته على منواله وسمَّته " الفرقان الحق " على طريقة المومسات ، تشتم فيه سيد النبيين والمرسلين وتصفه بأنه شيطان كافر ضال مشرك منافق زانٍ قاتل ، ولا تبخل فى نفس الوقت على صحابته وأتباعه الكرام بمثل هذه الأوصاف الزنيمة التى تدل على مبلغ حقدهم على التوحيد السامى الطهور الذى جاء به نبينا الكريم والسماحة الإنسانية النبيلة التىيتسم بها دينه العظيم ، وعلى أنه صلى الله عليه وسلم لا يزال ، رغم وفاته منذ أربعة عشر قرنا من الزمان ، يؤرق الأوساخ تأريقا مزعجا ويقف ، بما يمثله دينه الشريف من مبادئ وقيم ، عقبةً فى طريق سيطرتهم الإجرامية على بلاد المسلمين وسرقتهم لمواردهم الاقتصادية ، ومحوهم لهم من الوجود إن استطاعوا مثلما فعلوا مع الهنود الحمر، أو على أقل تقدير إخراجهم من دينهم على أمل تنصير العالم كله ، جاهلين فى غمرة تعصبهم الغبى الأحمق أن الله ، جَلَّتْ حكمته ، قد خلق العالم على أساس من الاختلاف فى الدين وفى غير الدين كما ورد فى القرآن الكريم ، و أن الإيمان لا ينبغى أن يقوم على الإكراه بأى حال !
فأما ما يقوله المستشرقون والمبشرون ومن يتبع خطاهم من بنى جلدتنا الضالين المارقين فى حق القرآن والنبى العظيم فقد رددنا عليه فى عدد من الكتب منها : " مصدر القرآن ــ دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى " و " المستشرقون والقرآن " و " دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية ــ أضاليل وأباطيل " و" القرآن والحديث ــ مقارنة أسلوبية " و" سورة النورين التى يزعم فريق من الشيعة أنها من القرآن الكريم ــ دراسة تحليلية " و" اليسار الإسلامى وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة " و" لكن محمدا لا بواكى له ــ الرسول يهان فى مصر ونحن نائمون " ، إلى جانب الدراسات التى خصَّصْتُها لتفسير طائفة من السور القرآنية على منهج جديد يقوم على المقارنة بين القرآن والكتاب المقدس فى الموضوعات المشتركة وعلى الرجوع لما قاله المستشرقون فى ترجماتهم للقرآن ، وكذلك ما كتبه علماء المسلمين من غير العرب فى تفسيرهم لكتاب الله ... وغير ذلك من المؤلفات . وأما تلك الحرب الشرسة التى يخوضها ضد الأحاديث النبوية الكريمة فى هذه الأيام أعداءُ الإسلام عبر مقاولى الأنفار من الأذناب المنتسبين لهذا الدين الكريم بالميلاد ممن لا يحسنون إلا ال نباح فى وجه من يغريهم به سادتهم والرقص على النغمة التى يعزفونها لهم شأن كلاب السِّرْك مع مدرببها ، فإنها لا تهدف، كما يحاولون أن يخدعوا الأغرار ، إلى تنقية عقيدة الإسلام وشرائعه من مصدر غير يقينى والاكتفاء بالقرآن وحده ، وإنما هى لون من توزيع الأدوار فى المسرحية المجنونة التى يريدون من ورائها محو القرآن والحديث جميعا محوا نهائيا على سياسة " الخطوة خطوة ". وهو جنون مطبق ، إذ إن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين وكتابه المجيد ، لكن الأوساخ لا يفهمون ولا يتعظون ولا يعرفون أنْ " ليس كل الطير يؤكل لحمه " ، وأنه إذا كانت بعض الكتب السماوية قد تعرضت للعبث بها ووقع فيها التحريف فإن القرآن لا يمكن أن يصيبه ما أصاب تلك الكتب بحال ! وعبثا يحاول هؤلاء الأنجاس الأرجاس المناكيد إشاعة الزعم بخلاف ذلك ، فتراهم يشيرون إلى " سورة النورين " التى تدعى طائفةٌ ضالةٌ من الشيعة أنها كانت فى القرآن الكريم ، لكن عثمان حذفها لما تتضمنه من النص على حق علىٍّ كرّم الله وجهه وحق ذريته فى خلافة الرسول إلى أبد الآباد ، وهو ما دفعنى منذ عدة أعوام إلى العكوف عليها لأرى ماذا فيها فوجدتُ ، بعد الدراسة الأسلوبية الدقيقة ، أنها ليست ن نسيج القرآن الكريم بأى وضع من الأوضاع ولا حتى فى جملة واحدة منها . وهى دراسة لا تقوم على الخطابيات بل على المقارنة الصيورة المتأنية بين الأسلوبين فى الألفاظ والصيغ الصرفية والتعبيرية والتراكيب النحوية والسياقات المعنوية والصور البلاغية وما إلى هذا. وبتلك الدراسة نكون قد وضعنا حدا لهذه التقولات السخيفة البلهاء لو كان القوم عقلاء يتوخَّوْن الحق .
وعَوْدًا إلى ما كنا بسبيله نقول إن أعداء الإسلام يحاولون بكل ما لديهم من جهد أن يبثوا فى رُوع المسلم أن الأحاديث النبوية المشرفة كثيرا ما تتناقض فيما بينها بحيث تعطى الرأى وعكسه فى الوقت ذاته ، وهو ما من شأنه أن يشيع الاضطراب فى ميدان التشريع
والفتوى . والحق أنه ما من شىء فى الدنيا إلا وله سياقه الذى يعطيه دلالته ، أو على أقل تقدير يحدد هذه الدلالة تحديدا دقيقا يمنعها أن تلتبس بدلالة له أخرى فى سياق آخر : فعلى سبيل المثال كثيرا ما نقول لأبنائنا الصغار : " لا تحاولوا عبور الشارع وحدكم " ، على حين لا نقول ذلك للكبار منهم ، فهل يعد هذا تناقضا فى النصح والتوجيه ؟ كلا ، لأن الكبير من الأبناء يستطيع أن يعبرالشارع دون أن يحتاج لمعونة أحد . وبالمثل فعندما كنا
نعيش فى بريطانيا فى السبعينات وبداية الثمانينات من القرن المنصرم لم نكن نخاف هذا الخوف على ابنينا الصغيرين أثناء عودتهما من المدرسة ، إذ إن رجل " اللُّولِى بُوبْ " يقوم بتأمين عبور الصغار للشارع فى آول اليوم الدراسى وآخره ، وذلك بإيقاف السيارات فى الاتجاهين فتستجيب له فى التوّ واللحظة كأنه قرآن منزل ، بخلاف الحال فى مصر حيث الأمور تمشى على كف عفريت ، ولا بد أن يضع الإنسان عينه فى وسط رأسه ، وإلا فقد حياته رخيصة دون أن يأسى على هذا الفقدان أحد ! كذلك ففى دول الخليج لا يجد الإنسان نفسه فى حاجة للنظر فى الاتجاهين عند عبوره الشارع ، لأنه ما من أحد من السائقين يجرؤ على السير فى الاتجاه المخالف ، بعكس الأمر فى بلادنا الحبيبة التى لا يحترم فيها سائقو السيارات أى شىء من تعليمات قيادة المركبات إلا تحت سيف الخوف من ضباط المرور. وعلى هذا الأساس فعلى من يريد التعامل مع أحاديث رسول الله أن يضع نصب عينيه الاسترشاد بالسياق الذى وردت فيه واتجاه الإسلام العام ومنطق العقل السليم والتطلعات النبيلة التى لم تَكُفّ البشرية عن الكدح إليها يوما على مدى تاريخها الطويل من عدل ورحمة وتخفيف لأعباء الحياة عن كواهل العباد وتحقيق مستوى ائق من المعيشة لكل فرد وكل أسرة ، وكذلك ألا يتعارض الحديث مع شىء فى القرآن الكريم ، مع الأخذ قبل ذلك كله فى الاعتبار أن جامعى الأحاديث النبوية الشريفة ، على عبقريتهم وجِدّهم وإخلاصهم وتوخِّيهم أقصى درجات الحيطة والدقة فى الجمع والغربلة على أساس من منهجهم العلمى المحكم ، هم فى نهاية المطاف بشر من البشر يصيبون ويخطئون ويسهون وينتبهون ، ومن ثم فمن الممكن أن يكونوا قد أخطأوا هنا أو سَهَوْا هناك ، وهو ما لا يقدح فى إخلاص نيتهم ولا فى عظمة إنجازهم على السواء. ومن قديم كانت نصيحة رسولنا الكريم لنا أنْ " سَدِّدوا وقارِبوا "، كما أنه عليه الصلاة والسلام قد نبهنا إلى أن المجتهد مأجور حتى لو أخطأ ، وإن كان أجره فى حال الإصابة ضِعْف أجره فى حال الخطإ كما جاء فى كلامه الشريف صلى الله عليه وسلم . على أن هناك نقطة تتصل بالسنّة النبوية ذات خصوصية تكفل لها أن نفردها بشىء من التفصيل ، ألا وهى أن الأحاديث التى تتعلق بالعلوم والطب وما أشبه ينبغى أن نخضعها للتجربة العلمية للتحقق من صحتها ، ومنها الأحاديث التى تصف أدوية معينة لبعض الأمراض كمرض الكبد الوبائى الذى شاع فى الآونة الأخيرة علاجه بأبوال الإبل وألبانها ركونا إلى ح يث عن النبى عليه السلام يشير باستعمالها فى التداوى من وجع البطن . وكان قد حدثنى فى ذلك أحد المصابين بهذا الداء منذ نحو عامين ، لكنى لم آخذ الأمر على محمل الجِدّ تماما ، وبقيت فيه بين مصدق ومكذب ... إلى أن فُتِح الموضوع ثانية منذ أيام بينى وبين قريب من أقربائى الأدنَيْن تعانى زوجته من نفس الداء ، فشرع يعالجها بالطريقة الكيماوية المعروفة فوجد أن وزنها أخذ يتناقص حتى فقدت فى نحو ثلاثة أشهر ثلاثين كيلوجراما وأن حيويتها قد تدهورت أيضا تدهورا شديدا أفزعه !. ثم تصادف أن استمع إلى إحدى الطبيبات للاتى يشتغلن فى مدينته الساحلية تتحدث إلى الأستاذ مفيد فوزى فى برنامجه الشهير " حديث المدينة " وتنصح المرضى بهذا الداء أن يلجأوا إلى أبوال الإبل وألبانها ، فأراد أن يتحقق منها شخصيا مما قالته فأكدت له صحة ما سمع . فاشترى ناقة أودعها عند أحد الأعراب على مشارف المدينة ليرعاها لهم ويقوم بتزويدهم ببولها ولبنها . وقد أكد لى تأكيدا شديدا أن حالة زوجته قد تحسنت فى خلال ستة أشهر تحسنا ملحوظا جدا ، لا من خلال رؤية العين التى تنبئ بعودة الحيوية والنضارة إلى وجه زوجته فحسب ، بل من خلال التحليلات المعملية أيضا ، إذ وجدوا أن عدد ا فيروسات قد قل فى خلال هذه المدة من ستمائة وأربعين ألف فيروس إلى مائة وتسعين فقط ، ويُنْتَظَر أن تختفى تماما فى حوالى نصف ذلك الزمن . بل إنه أكد لى كذلك أن الشخص المصاب بهذا الداء إن انتقل إلى الصحراء وعاش عيشة البدو فى طعامهم وشرابهم يمكنه أن يُشْفَى تماما من المرض فى أقل من شهرين ! وأود أن أصارح القراء أننى قد كتبت ما كتبت هنا بناء على اقتراح قريبى هذا من جهة كى أبصّر الناس بهذا الدواء الناجع حسبما وصفه ، ولأتخذ من جهة أخرى هذه القصة مناسبة لطرح رؤيتى الخاصة بالتحقق من صحة مثل هذا اللون من الأحاديث التى تُرْوَى عن النبى عليه الصلاة والسلام. واقتراحى هو أن على الأطباء وعلماء الأدوية والباحثين الكيماويين أن يجتهدوا بكل ما لديهم من قوة وعلم فى التحقق من صدق هذا الذى سمعته ، إذ أخبرنى قريبى ذاك أن معظم الأطياء الذين فاتحهم هو أو غيره بهذا العلاج قد ثاروا ثورة عارمة وأَبَوْا أن ينصتوا لشىء مما يقولون . وهذا، فى رأيى المتواضع ، يناقض روح العلم ومنهجه ، إذ المفروض أن العالم لا يقبل شيئا فى ميدان تخصصه أو يرفضه إلا بعد تمحيص وتجربة ، وسبيل التجربة العلمية معروف .
ومن يدرى ؟ فقد يستطيع العلماء المسلمون أن يغيّروا من خلال هذه التجارب وجه الطب والدواء على الأقل فى ميدان الكبد الوبائى وينقلوه من حال إلى حال ، وبدلا من العلاج الكيماوى الذى يهدّ جسم المريض فى كثير من الحالات قد يتوصلون إلى ضرب آخر من العلاج يشفى دون آثار جانبية ضارة أو على الأقل بآثار ضئيلة لا تمثل ضررا يذكر . أقول هذا ، وعُهْدته على من حدثونى به ، وأترك الكلمة النهائية فيه للعلماء والأطباء : العلماء والأطباء المفتوحى العقل الواسعى الأفق ممن لم تستعبدهم المدارس الطبية الغربية رغم احترامنا لها وتقديرنا لجهود أعلامها طوال تلك العقود الطويلة من تاريخ الطب والدواء . فإذا ثبت أن ذلك الحديث وأمثاله أحاديث صحيحة من الناحية الطبية كانت هذه أكبر صفعة لأعداء الإسلام ممن يعملون على تكذيب الأحاديث المحمدية وطردها من ميدان التشريع ، إذ بدلا من أن يتم طردها من هذا الميدان حسبما يشتهى حقدهم الأسود المدمر، فإنها على العكس من ذلك سوف تدخل أيضا ميدان الطب والصيدلة بكل جدارةٍ تدعمها كلمة العلم وتجارب العلماء ! ولكن لا بد فى النهاية من إضافة القول بأنه ، فى حالة التبوت التام لنجاعة هذا الدواء ، لا بد للعلماء والباحثين ا لمسلمين من تطويره وتحسينه ونقله من حالته الفطرية الأولية إلى حالة يكون فيها سائغا جذابا ، أو على الأقل خاليا مما يمكن ان يمازجه من منفرات . ومن المسائل التى تشغل الأمريكان أيضا بل تؤرقهم ، كما يتضح من الدراسة التى نحن بإزائها ، مسألة " الخلافة " ، التى يعملون على وأد التطلع إليها وإلى إعادتها على خريطة العمل السياسى الإسلامى كرة أخرى . وعجيب أن يجهد الأمريكان جهدهم فى إبطال فكرة الخلافة فى الوقت الذى تتكون دولتهم من أجناس وطوائف وأديان وقوميات وألوان شتى ، وتتسع رقعتها حتى لتستغرق أكثر من نصف مساحة قارة أمريكا الشمالية. كذلك هناك حلف شمال الأطلنطى بدوله الكثيرة ، كما أنهم يدعون إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد بكل دوله وشعوبه خدمة لمصالحهم ومصالح إسرائيل ، فكيف يمكن أن نقتنع بحجتهم الداحضة التى يستندون إليها فى الوقوف ضد هذا التطلع المشروع للمسلمين ؟ وبالمناسبة فليس تحقيق حلم العودة إلى نظام " الخلافة " بالمستحيل ولا حتى بالصعب إن صدقت النيات وصحّت العزائم . إننى أعرف أن لدى حكام المسلمين والعرب هَوَسًا بالحكم والسلطان حتى ليثقل على أى منهم أن يتنازل طوعا عن الكرسى الذى يجلس عليه لحاكم مسلم مثله أو ي خضع له مجرد خضوع ، رغم أنه يتقبل ما هو أسوأ من هذا الخضوع بل يتلذذ به ويستعذبه إذا كان الأمر يتعلق بتبعيته لإحدى الدول الكبرى التى تختلف معه ومع شعبه فى الدين واللغة والعادات والآمال والمصالح . ولهذا فإنى أقترح على المسؤولين فى بلاد الإسلام أن يعملوا على التوصل إلى صيغة للحكم تحقق الوحدة أو الاتحاد بين الدول الإسلامية ، وفى ذات الوقت تضمن لكل حاكم أن يبقى فى كرسيه ، كأن يقتصر الارتباط بين تلك الدول على الأمور العامة مع بقاء الأمور الخاصة والتفصيلية من الشؤون الداخلية لكل منها على حدة ، وابتكار طريقة لتداول الرئاسة العامة لدولة الوحدة بين الحكام جميعا فى الوقت نفسه : كلٌّ لمدة سنة مثلا أو ما إلى ذلك .
وبهذا نخرج من تلك الدائرة الشيطانية التى تطبق على أنفاسنا وأحلامنا فى الوحدة والقوة والرخاء ! ومن تلك المسائل أيضا العمليات الاستشهادية . وواضح أنها تلقى فى قلوب الأمريكان الفزع ولا تتركهم يهنأون بحياتهم ، إذ هم قوم يحبون الحياة حبا يملك عليهم كل اهتمامهم وتفكيرهم ولا يعرفون هذا اللون من التضحية الشريفة ، كما أنهم بوجه عام لا يحسبون حسابا يُذْكَر لليوم الآخر حيث يتطلع الإنسان إلى نيل الخلود والتقلب فى بحبوحة النعيم والرضا الإلهى السامى . وهم ، كما نعرف ، يسمون ذلك الضرب من العمليات بـ " العمليات الانتحارية " . ولشديد الأسف فقد درج الصحافيون والإعلاميون العرب فى بداية الأمر على ستخدام هذا المصطلح الضال المضلل مما استفزنى منذ أول وهلة حين سمعته عقب قيام الشهيدة سناء محيدلى فى لبنان فى ثمانينات القرن الماضى بتفجير نفسها فى جنود البحرية الأمريكية هناك وقضائها من ثم على أكثر من مائتين منهم فى ضربة واحدة . وكنت أقول دائما إن الانتحار هو من الأمور المحرمة فى الإسلام والتى يبوء مجترحها بإثم عظيم ، فكيف نسمى به تلك العمليات البطولية التى يضحِّى فيها منفذها بحياته، وهى أغلى ما يملكه ، فداءً لدينه وأهله ووطنه ، ودفاعًا عن كرامة أمته بل عن وجودها ذاته ، وتقربًا إلى الله وابتغاءً لمرضاته ؟ إنها ينبغى أن تسمى بالأحرى : " عمليات استشهادبة " . ثم لاحظتُ بعد فترة ليست بالقصيرة أن هناك تسميات أخرى أخذت تزاحم التسمية المضللة فى ميادين الإعلام منها " العمليات الجهادية " و" العمليات الفدائية " ، لينتهى الأمر إلى الاستقرار على مصطلح " العمليات الاستشهادية " كما ناديتُ منذ الوهلة الأولى ، وإن ارتدّ بعض الكتاب والمذيعين بآخرة إلى المصطلح الأول المريب خشيةً من أمريكا ومن غضب أمريكا، ويا له من غضب ! ومن الواضح الذى لا يستطيع أى إنسان أن يُشَاحّ فيه أن الحكومات العربية والإسلامية قد بصمت بالعشرة على عدم التفكير فى حرب أمريكا أو إسرائيل رغم استمرارها فى شراء الأسلحة من أمريكا ذاتها ، ويا للعجب ! ومعنى هذا أنه لم يعد لدينا سوى تلك الوسيلة للدفاع عن أنفسنا وكياننا ووجودنا وكرامتنا وحاضرنا ومستقبلنا ، فكيف تسوِّل لبعضنا نفسُه التهجّمَ عليها وعلى أبطالها الذين بلغوا من خلالها مستوى من البطولة لم تعرفه البشرية على هذا النحو من قبل ؟ ومما تنم عنه كذلك الدراسةُ التى بين أيدينا أن الأمريكان ، والغربيين بوجه عام ، يعانون من حساسي ٍ مَرَضِيّةٍ تجاه الإسلام وكل ما يتعلق بالإسلام مهما بدا لنا الأمر تافها . لنأخذ مثلا موضوع الحجاب ، والمقصود به فى العرف الحديث تغطية المرأة المسلمة لمفاتنها بحيث لا تنتهبها العيون المتلصصة . إنهم لا يطيقون أن تغطى نساء المسلمين أنفسهن رغم ما يتشدقون به صباح مساء حتى فلقوا دماغنا من كلام معسول عن حرية الفرد فى ممارسة عقيدته وتقاليده والتعبير عن رأيه واختيار طراز ملابسه ... إلى آخر قائمة ما يطلقون عليه : " حقوق الإنسان" . والغريب أنهم يعلنون بصريح التعبير ، ودون أية غمغمة أو مواربة ، إنه لا وجه للمقارنة بين " الحجاب " والسارى الهندى أو عمامة السيخ أو صليب النصارى أو طاقية اليهود مثلا ، إذ إن للحجاب دلالاته السياسية والديتية التى لا يمكن أن يقبلوها حسبما يقولون ! وإذا كان الشىء بالشىء يُذْكَر فإنهم قد ارتكبوا هنا غلطة بلقاء حينما زعموا أن القرآن الكريم قد أمر أمهات المؤمنين بتغطية سائر أجسامهن بالحجاب . يشيرون بذلك إلى ما جاء فى الآية الثالثة والخمسين من سورة " الأحزاب " حيث يأمر سبحانه وتعالى المؤمنين ، إذا أرادوا سؤالهن متاعا ، أن يكون كلامهم إليهن من وراء حجاب . والمقصود الستائر التى نسدلها فى بيو تنا لنفصل بها بين أهل البيت وبين الضيوف الغرباء ، لكن واضعى الدراسة قد أخطأوا فهم الآية كما هو بيّن ! وإننا لنسأل هؤلاء الذين يذوبون حبا وهياما وغراما وانتقاما فى دباديب ما يسمى بـ " حقوق الإنسان " : أين ما تصدّعون به أدمعة الناس عن الآخر وعن حقوق الآخر وعن خصوصيات الأديان والحضارات ؟ أم إن كل ذلك يتبخر فى الهواء من فوره إذا أتى ذكر الإسلام والمسلمين ؟ محصَّلة الكلام أنهم يريدون أن يفرضوا علينا رؤيتهم وذوقهم وتقاليدهم ودينهم بالقوة الغشوم ! إنهم يرحّبون بالعرى والزنى واللواط والسحاق والخمور، ولا يريدون فى ذات الوقت أن يكون لنا ذوقنا واختيارنا الذى يختلف عن ذوقهم واختيارهم ! أى أنهم فى الوقت الذى يزعمون فيه عدم وجود أية مرجعية لأى شىء فى دنيا البشر يعملون بكل قواهم على أن يفرضوا علينا أن نجعل منهم مرجعيتنا الوحيدة . فانظر أيها القارئ الكريم وتعجَّب ! وعند الأمريكان أمل عظيم أن ينجحوا فى تطوير الإسلام حسبما يشتهون دون أن يثيروا ريبة المسلمين أو يستفزوهم بحيث يمضى الأمر فى هدوء . وهم يشيرون فى هذا الصدد إلى مثال من التاريخ القريب حيث أُلْغِىَ الرق فى الإسلام دون أن يلفت ذلك نظر أحد من أتباعه مع أنه يمثل ركيزة أساسية من ركائزه . والإشارة هنا إلى اختفاء هذا النظام من المجتمعات الإسلامية فى القرنين الماضيين . ولكن أولئك الضالين المضلين قد أخطأوا هنا أيضا خطأ فادحا ، لأن الرق لا يمثل نظاما أساسيا فى دين محمد على الإطلاق ، بل كل ما هنالك أن الإسلام جاء فألفاه يمارَس فى جميع أنحاء العالم وفى كل الديانات ، فعمل بكل سبيل على تجفيف منابعه ، إذ جعل مصير أسرى الحرب ، وهم أهم منبع من منابع الرق ، منحصرا فى الفداء : إما بمقابل وإما بغير مقابل . ثم زاد فاهتبل كل سانحة لتحرير ما يمكن أن يوجد فى المجتمع الإسلامى من رقيق : فالحالف إذا حنث فى يمينه كان من بين ما يكفر به عن حنثه عتق رقبة . والمُظاهِر من زوجته إذا أراد الرجوع عن ظِهاره كان من بين ما يكفر به عن هذا الرجوع عتق رقبة . وأحد مصارف الزكاة الثمانية مصرف عتق الرقبة . وبالمثل فمن بين ما يكفر به مرتكب القتل الخطإ عن ذنبه عنق رقبة ... وهكذا . وهو ما يعنى أن دين المصطفى عليه الصلاة والسلام لا يرحب بالرق ولا يعمل على استدامته ، بل ينتهز جميع الفرص الممكنة للقضاء عليه حتى إنى لأستغرب غاية الاستغراب من بقاء هذا النظام فى المجتمعات الإسلامية إلى هذا الوقت المتأ ر . ومع ذلك كله فإن الإنسان لتأخذه الدهشة حين يريد أن يقارن بين وضع الرقيق عند المسلمين ووضعه فى المجتمعات الغربية التى طالما مارسته وتعيرنا مع هذا به ، إذ يجد أنه لا وجه للمقارنة ، فقد كان الرقيق فى المجتمعات الإسلامية ، رغم كل ما يمكن أن يقال فى هذا الصدد ، يعامَلون معاملة أرقى بمراحل وأكثر إنسانية ورحمة مما كانوا يعامَلون به فى أمريكا والمستعمرات الأوربية .
هذا أهم ما أثارته تلك الدراسة فى ذهنى ، بَيْدَ أن هناك نقطة لم يتطرق إليها التقرير بما تستحقه على رغم أهميتها الفائقة ومحوريتها الخطيرة ، ألا وهى الإجابة عن السؤال التالى : لماذا يكره المسلمون يا ترى الولايات المتحدة الأمريكية ؟ إن كتّاب التقرير ينطلقون مما يعدونه مسلَّمة لا تقبل النقاش أو المراجعة ، وهى أنن انحن المسلمين نحقد على الأمريكان بالفطرة ونكره ديمقراطيتهم هكذا من الباب للطاق ! وهذا فى الواقع مظهر آخر من المظاهر المتعددة التى تنم على وجود مؤامرة خسيسة هنا ، فمن الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد أن تقر بخطئها ولا تفكر فى مراجعة مواقفها حيالنا ولا تأخذ مشاعرنا ولا مصالحنا ولا كرامتنا فى الاعتبار . لقد كانت وراء خلق إسرائيل من العدم على أرض فلسطين العربية المسلمة بكل ما يحمله هذا العمل الإجرامى من مآسٍ وآلام للعرب والمسلمين بوجه عام ، وللفلسطينيين على وجه الخصوص . كما أنها قد دأبت طوال عمرها على مساندة الأنظمة القمعية المستبدة فى العالم العربى والإسلامى رغم تشدقها ليل نهار بالديمقراطية والحرية . كذلك فأمريكا لا تكف عن استهداف الإسلام والعمل على محوه وتنصير المسلمين . وفضلا عن هذا فإنها قد حتلت فى الفترة الأخيرة بلدين إسلاميين عزيزين هما أفغنانستان والعراق ودمرتهما تدميرا وتهدد فوق البيعة دولا مسلمة أخرى بنفس المصير . وهى أيضا تمد دولة العدو الصهيونى الملفَّقة بكل أنواع السلاح والعتاد لسحق الفلسطينيين وتهديم بيوتهم ومزارعهم ، وتَنْصُرها دائما فى المحافل الدولية وتقف فى وجه كل إدانة لها فى الأمم المتحدة ، وتعاونها فى حروبها ضدنا . ليس هذا فحسب ، بل هى تشتم رسولنا وتحقر من شأن قرآننا . كما أقدمت فى الفترة الأخيرة على تزييف قرآن جديد تريد أن تُحِلّه محل كتاب الله المجيد وأطلقت عليه " الفرقان الحق " ، وما هو فى الحقيقة إلا البهتان الباطل والضلال المبين ! فهذه وأمثالها هى الأسباب الحقيقية للغضب الذى يشعر به المسلمون تجاه أمريكا . أم تراها تريد منا ألا يكون عندنا أى مقدار من الإحساس أو الكرامة فنصفق لها على ما تفعله بنا ونرجوها أن تزيد من إذلالها لنا وسرقتها لمواردنا واحتلالها لأراضينا كما يدعونا عملاؤها الممالئون لها من أبناء جلدتنا ؟

HOME

غير معرف يقول...

هروب زكريا بطرس وفضائية الحياة من مواجهة محمود القاعود

بقلم / محمود القاعود

نصرخ منذ مدة طويلة : يا جناب القُمص زكريا بطرس : لماذا لا تقبل المناظرة ؟؟

طابور طويل من العلماء والشيوخ يتحدى زكريا بطرس ليقبل المناظرة لكنه يُصر على السب والشتم من داخل جحره .. يتحجج بأنه لو قبل المناظرة سيتم اغتياله على يد الإرهابيين الإسلاميين !! ولو صدق لقال أنه سيتم اغتيال فكره المنحرف القائم على السب والهروب من التناظر والجدال وسيتم تعريته أمام جميع الناس ..

كنت قد كتبت لـ زكريا بطرس أطالبه بعمل مناظرة حول إثبات نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ، وليس شرطاً أن أكون أنا المناظر ، فهناك من هم أفضل منى بكثير .. وله أن يُحدد الموضوع .. والمكان .. والزمان .. بشرط واحد فقط أن تكون المناظرة على الهواء مباشرة وأن يكون المراقب أجنبى يتحدث الإنجليزية ، ذلك أن عقلية الأجانب تختلف كلية عن عقلية الأعباط والسفهاء الذين يدعون أنهم تنصروا .

لكن زكريا بطرس لم يرد على الإطلاق ، مثلما لم يرد على آلاف الطلبات التى عرضها غيرى ، وفضل أن يلعب دور العاهرة التى تتهم العفيفية الشريفة بالزنا .. وكلما طالبتها العفيفة بأن تتناظر معها أمام الناس .. ترفض العاهرة بحجج واهية لا مسوغ لها .

وفى الحلقة 47 من برنامج ” سؤال جرئ ” الذى يُبث عبر فضائية ” الحياة ” التنصيرية ” اتصل أخ مغربى فاضل يُدعى ” أحمد ” بالمذيع النصرانى المدعو ” رشيد ” الذى يدعى أنه تنصر ، وقال له :

” لى تعليق يا أخ رشيد ويا أخ أحمد لم تقم ببرنامج حول معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هرب وهو فى الغار .. لم تقم أنت وزكريا بطرس وسؤالى .. ألو .. أريد أن اقول لك يا أخ رشيد أن هناك قناة اسمها الأمة تتصدى لقناة الحياة وهناك أخ متصدى محمد قاعود فى عرب تايمز إنه يتصدى بشكل جيد وكل نصوصه صحيحة ، استضيفوه سوف يُبين لكم حقيقة الإسلام .. ” أ.هـ

وجاء الرد من المدعو ” رشيد ” والنصرانى المصرى الذى يدعى كذباً أن اسمه أحمد :

” المدعو رشيد : أنا مضطر أن أترجم لأن حتى المخرج يقول لي لم نفهم أي شئ الأخ يقول لماذا لم نتطرق إلى معجزات محمد منها عندما ذهب إلى الغار وكان هناك بمعجزة يعني حماه الله في الغار وأيضاً لماذا لا نستضيف شخص مثل محمود القاعود كما يقول وأيضاً لماذا لا نقوم بحلقات عن الإعجاز العلمي للقرآن طيب أنا أجيب من السؤال الجرئ وربما الأخ احمد أيضا يضيف للموضوع نحن في طور إعداد لحلقات خاصة عن الإعجاز العلمي من القرآن وربما بعدها نتطرق إلى معجزات محمد أيضا من ناحية علمية ونقدية وربما الأخ احمد إن كانت لديه مشاريع في المستقبل لا ادري ربما هو الآخر لديه إفادة بخصوص هذا الإطار
المدعو أحمد : الرب يتمجد بس بعد إذنك إحنا الأول نمد إيدينا للأستاذ محمود القاعود إنه يتصل بنا وحضرتك موجود وبسعة صدرك تقبله في البرنامج ويكون محاور معك
المدعو رشيد : بصراحة يعني بيني وبينك السيد محمود القاعود مع احترامي له ألفاظه بذيئة جدا و دون مستوى النقاش وممكن لأي مشاهد أن يقوم على السيد جوجل ويعمل محمود القاعود وسيرى مستوى ألفاظه المتدني جدا البعيد عن أى أخلاق حوارية عندما يحسن قاموسه ومصطلاحاته أهلاً وسهلا به ويناقش على الرحب والسعة لكن إذا ألتزم بنفس المصطلحات أنا لا استطيع شخصيا
المدعو أحمد : يبقى كده إديناهم أول رد ” أ.هـ

انقر على الفيديو لتشاهد :





وأقول :

أولاً : أشكر للأخ المغربى الفاضل أحمد وجميع الإخوة حسن ظنهم بى واسأل الله أن يغفر لى ما لا يعلمون وأن يجمع كلمتنا حول حب رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم ونصرة الإسلام العظيم .

ثانياً : النصرانى الكذاب المدعو رشيد عبارة عن مهرج فقط لا غير … لا توجد لديه أدنى ذرة من ثقافة أو علم .. حتى وهو يدعى أنه ارتد عن الإسلام يبدو مضحكاً للغاية من القصص الواهية التى يسردها ، ومثله القبطى الكذاب الذى يدعى أن اسمه ” أحمد ” ولو كان لدى هؤلاء السفهاء مثقال ذرة من المصداقية لقال كل واحد فيهم اسمه الحقيقى واسم والده وأهله وأين كان يسكن ليتسنى للناس التأكد من صحة أقوالهم .. أما أن يخرج كل وضيع ليدعى أنه تنصر واسمه الأخ محمد والأخ حسين والأخ حسنين والأخ عوضين .. فهذا هراء لا يقبل به إلا كل مخبول .. وانظروا كيف يفعل من يشهر إسلامه عندما يدلى بكامل بياناته وكيف كان يحيا على دين النصرانية وأين ولد ونشأ .. لكن ماذا نفعل مع ديانة تقوم على هذه الفقرة التى قالها بولس :

” إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ ” ( رومية 3 : 7 ) .

فالنصارى يعتقدون أن الكذب هو أسهل طريقة لدخول الملكوت ، لذلك تجدهم يمارسون الكذب يمنتهى الصفاقة والوقاحة دون أن تهتز لأيا منهم شعرة فى رأسه .

ثالثاً : جميع ما يُبث من خلال برنامج المدعو رشيد عبارة عن اعتراض فارغ ثم إسقاط سمج .. بمعنى أنه يعترض من أجل المعارضة .. وقد بينت عوار فكره وتهافته فى مقالى المعنون بـ “ عشر كلمات أعجزت الإنس والجن ” وكيف كان هذا الجهول يفترى على القرآن الكريم وإعجازه البلاغى بطريقة سخيفة للغاية .. ثم هو يمارس الإسقاط بحيث يأتى بعيوب كتاب المقدس ويلصقها بـ القرآن الكريم .. القرآن الكريم يثبت صدقه كل يوم وعلى يد علماء الغرب أنفسهم ، فيخرج المدعو رشيد ليقول أنه لا يوجد إعجاز بالقرآن الكريم وأن عالم اسمه كذا قال كذا !! معارضة سخيفة وسمجة لا تقوم على أى دليل .. كأن يرى جميع الناس الشمس ساطعة ، فيأتى سفيه أفاق ويقول : لا .. الشمس غير موجودة وغير ساطعة وقد قال العالم الفلانى كذا !! وهذا منطق لعمر الله لا يرضى به إلا شذاذ الآفاق من المرتزقة الذين لا يهمهم سوى جمع الأموال الحرام على حساب بسطاء النصارى الذين يُصدقون هذا الهراء .

رابعاً : يقول المدعو ” رشيد ” أن ألفاظى بذيئة جداً ودون مستوى النقاش ” بل ويدعونى أن أحسن قاموسى ومصطلحاتى !!

والحق أقول : أنى أوافقه مليون بالمائة فيما قاله ، فبالفعل ألفاظى فى منتهى البذاءة والفُحش والإنحطاط والعهر وتخدش حياء الناس ، لأنى دائماً ما أتحدث عما جاء فى الكتاب المقدس من عينة :

(( وكبرت وبلغت زينة الأزيان . نهد ثدياك ونبت شعر عانتك وقد كنت عُريانة وعارية )) ( حزقيال 16 : 7 ) .
(( في رأس كل طريق بنيت مرتفعتك ورجّست جمالك وفتحتِ رجليكِ لكل عابر وأكثرت زناك. وزنيت مع جيرانك بني مصر الغلاظ اللحم وزدت في زناك لاغاظتي )) ( حزقيال 16 : 25-26 ) .
” لذلك هاأنذا اجمع جميع محبيك الذين لذذت لهم وكل الذين أحببتهم مع كل الذين أبغضتهم فاجمعهم عليك من حولك واكشف عورتك لهم لينظروا كل عورتك . وأسلمك ليدهم فيهدمون قبتك ويهدمون مرتفعاتك وينزعون عنك ثيابك ويأخذون أدوات زينتك ويتركونك عريانة وعارية ” ( حزقيال 37:16، 39 ) .
” ليُقبلنى بقبلات فمه .. حبيبى لى بين ثديى يبيت . ها أنت جميل يا حبيبى وحلو وسريرنا أخضر .. شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى . إن وجدتن حبيبى أن تخبرنه بأنى مريضة حباً دوائر فخذيك مثل الحلى . سُرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج . بطنك صبرة حنطة مسيحة بالسوسن . ثدياك كخشفتى ظبية ” ( نشيد الإنشاد ) .

” كان امرأتان ابنتا أم واحدة وزنتا بمصر.في صباهما زنتا.هناك دغدغت ثديّهما وهناك تزغزغت ترائب عذرتهما. ” ( حزقيال : 23 )

” لأنهم ضاجعوها في صباها وزغزغوا ترائب عذرتها وسكبوا عليها زناهم ” ( حزقيال 23 )

” وعشقت معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيّهم كمنيّ الخيل “ ( حزقيال : 23 )

” و متى اضطجع فاعلمي المكان الذي يضطجع فيه و ادخلي و اكشفي ناحية رجليه و اضطجعي و هو يخبرك بما تعملين فقالت لها كل ما قلت اصنع ” ( راعوث ص 3 : 1- 5 )
” فقال يهوذا لأُونان ادخل على امرأة أخيك و تزوج بها و أقم نسلا لأخيك فعلم أونان أن النسل لا يكون له فكان إذ دخل على امرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطي نسلا لأخيه فقبح في عيني الرب ما فعله فأماته أيضا ” ( تكوين ص 38: 8 - 10 ) .

” فحمي غضب شاول على يوناثان و قال له يا ابن المتعوجة المتمردة أما علمت أنك قد اخترت ابن يسى لخزيك و خزي عورة أُمك “( صموئيل الأول 20 : 30 ) وخزى عورة أمك : أى وخزى كُـــ …. أُمك

” هكذا يسوق ملك أشور سبي مصر وجلاء كوش الفتيان والشيوخ عراة وحفاة ومكشوفي الأستاه ” ( إشعياء 20 : 4 ) مكشوفى الأستاه : مكشوفى المؤخرات

” وتأكل كعكا من الشعير على الخرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم ” ( حزقيال 4: 12) .

نعم يا سيد رشيد .. ألفاظى فى منتهى البذاءة .. وأحاول جاهداً أن أغير قاموسى ومصطلحاتى .. لكنى لا أقدر .. فأنتم تقولون عن هذا الكلام البذئ أنه وحى من الله – وتعالى عن ذلك علواً كبيراً . فرجاء يا سيد رشيد أن تحذف هذا الكلام من كتابك المقدس ، ووقتها ستجد مصطلحاتى قد تغيرت أتوماتيكياً .

خامساً : ما زلت تهرب أنت ووالدك زكريا بطرس من المناظرة وجميع الناس يعلمون أن فضائية الحياة التنصيرية بجميع من يعملون فيها لا تقوى على مناظرة طفل مسلم لا عالم أو شيخ أو طالب علم ، فأرجوك لا تدعى بطولة زائفة كذباً وبهتاناً .. وإن كانت لديك نية صادقة فى إقامة مناظرة فأهلا وسهلاً .. ودع عنك قصة “ عبر الهاتف ” و ” نعتذر عن رداءة الصوت ” و ” يبدو أننا فقدنا الاتصال ” و ” سنحاول الاتصال مرة أخرى ” … إلخ المبررات السخيفة .. فهذا الموضوع غير مقبول بالمرة .. إن لم تكن المناظرة وجهاً لوجه فلا داعى لها أبداً .. فهل تجرؤ يا سيد رشيد أن تقنع والدك زكريا بطرس بهذا ؟؟

فإن لم تفعل ولن تفعل ؛ فلا تثرثر كثيراً .. وأولى لك أن تتبرأ من ألفاظ كتابك الموغلة فى البذاءة والإنحطاط والفُحش قبل أن تتهمنا بهذا .. وليتك يا سيد رشيد تخبرنا : هل تقبل أن تقرأ هذه النصوص أمام أمك أو أختك أو ابنتك ؟؟ إن كان جوابك نعم .. فقد علمت الآن أنك لا تنتمى للجنس البشرى .. وإن كان جوابك لا .. فقد علمت الآن أنك تؤمن بكتاب تخجل منه ، وفى الحالتين أنت مدان وكذاب .

ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .

غير معرف يقول...

((((((((((((((((((((((((((((شنودة معلم الأجيال)))))))))))))))
شاهدت على قناة نصرانية جديدة حلقة لشنودة فى الأسكندرية يعقدها كل نصف شهر كما قيل
كان عائداً من أمريكا هكذا قالت مقدمة البرنامج
وبدأ شنودة مراسمه الضآلة
ثم جلس على كرسيه
وقال نجيب على شوية أسئلة

فهيا بنا نتعرف على الأسئلة وكيف كانت إجابات معلم الأجيال

سؤال / هل يستطيع الإنسان النجس أن يشهد القداس والتناول ؟
وكانت الإجابة من شنودة / يستطيع الحضور أما التناول صعب
لأن الشيطان يمكن أن يدخل الكنيسة ويحارب الإنسان


سؤال آخر / سائل يقول كيف أنفذ كلام المسيح ( أحبوا أعداءكم )؟
إجابة شنودة / عدونا هو الشيطان وأعداءنا الآخرين هم ضحايا الشيطان ويجب علينا الدعاء لهم حتى ينجيهم الله مما هم فيه من ضلال

سؤال/ واحدة بتسأل إننى جميلة وزوجى بيعاكس البنات فى الشارع وبيقول البنات حلوة جداً أعمل إيه ؟
وكانت إجابة معلم الأجيال / لو عاكس وانتى معاه سيبيه وامشى وقولى له أنت قليل أدب وموش هامشى مع واحد قليل أدب


هل رأيتم إجابات معلم الأجيال???????????????????بالنسبة لإجابة السؤال الأول
يقول شنودة
لأن الشيطان يمكن أن يدخل الكنيسة ويحارب الإنسان

هل الشيطان غريب على الكنيسة
إذا كان بيت الشيطان هو الكنيسة لما يفعل بها من ضلال وكفر وخروج عن التوحيد
هل الشيطان محروم من دخول الكنيسة
إذا كنت أنت نفسك محاطاً بالشياطين من كل مكان
سبحان الله العظيم

السؤال الثانى
هل ما تفعلونه من مكر وفساد ومحاربة وتشويه للإسلام هو من اوامر المسيح لكم


السؤال الثالث
هل من الأدب مع الزوج أن تسب الزوجة زوجها وتقل له ( أنت قليل أدب )
هل هذه هى تعاليمكم التى أمركم بها دينكم
ألا توجد وسيلة أفضل تنصح بها الزوجة من نصيحتك لها بأن تسب زوجها
ألا توجد عظة تقدمها إلى الزوج لكى يتخلى عن هذه العادة السيئة

أى دين هذا وأى تعاليم هذه يا شنودة يا معلم الأجيال كما أطلقت عليك مقدمة البرنامج
وأى علم تقدمه لهذه الأجيال???????وبدأ شنودة مراسمه الضآلة
ثم جلس على كرسيه
وقال نجيب على شوية أسئلة

فهيا بنا نتعرف على الأسئلة وكيف كانت إجابات معلم الأجيال

سؤال / هل يستطيع الإنسان النجس أن يشهد القداس والتناول ؟
وكانت الإجابة من شنودة / يستطيع الحضور أما التناول صعب
لأن الشيطان يمكن أن يدخل الكنيسة ويحارب الإنسان






وايضا"ما يلفت الانتباه فى اجابته على هذا السؤال هو اباحته
للانسان النجس ان يدخل الكنيسة!!
وهذا مايجعلنا ان نتسائل عن
ماهو مفهوم النجاسة عند هؤلاء القوم النصارى؟
هل من اجابة لديهم؟?????????

غير معرف يقول...

رأي الفاتيكان في تحديات القرآن
لماذا أسلم صديقي ؟!



في إحدى جولاتي بالمكتبات الإسلامية والمسيحية منذ ثلاثة أعوام أو أكثر بوسط القاهرة الحبيبة وبالتحديد في شارع الجمهورية الذي تمتزج فيه دور نشر وطبع الكتب بمحلات بيع المعدات الهندسية الميكانيكية والكهربية , وقعت عيني على كتاب , عنوانه : ( لماذا أسلم صديقي ؟! رأي الفاتيكان في تحديات القرآن - تأليف الدكتور/ إبراهيم خليل ) !!

فسارعت بشراء الكتاب خاصة بعد قرأتي لإسم القس المهتدي الدكتور/ إبراهيم خليل على الغلاف !

أخذت الكتاب إلى منزلي ولم أكن أعلم أن هذا الكتاب من كلاسيكيات المسلمين الجدد !

نعم ...إنها بحق من أروع القصص التي قرأتها في حياتي عن الذين مَنَّ الله عليهم بنعمة الإسلام !

لم يكن يخطر على بال صاحب القصة أن يُسلم وجهه لله في يوم من الأيام , إلا أن الله أراد له الخير لما صدق صاحبنا في بحثه عن الحق !


البداية !


إن قصة هذا الكتاب تدور حول صديق مسيحي للدكتور/ إبراهيم خليل عليه رحمة الله , هذا الصديق كان كثيرًا ما يتعجب من تحدي القرآن للجن والإنس على أن يأتوا بمثله , وظن هذا الصديق لفترة طويلة أن بمقدوره هزيمة تحديات القرآن الكريم ...

وظل يمني نفسه حالمًا في يقظته ومنامه أن باستطاعته تأليف كتاب سيكون عنوانه " انتهت تحديات القرآن " .. بل لقد حدد عناوين لفصول هذا الكتاب المثير , منها مثلاً " القضاء على أكبر الأكاذيب الدينية في التاريخ " .. و .. " أخيرًا هزمنا القرآن بالضربة القاضية " إلى أخر هذه العناوين المثيرة التي أخبر بها صديقه الدكتور/ إبراهيم في أثناء حديثه معه .

لقد كان كثيرًا ما يلتقي الدكتور/ إبراهيم بصديقه في منزله وكانا كثيرًا ما يتحدثون عن الدين والتمسك به , خاصة وأن الصديق كان يعيش لفترة طويلة في أوروبا وأمريكا , فأخبر الصديق الدكتور/ إبراهيم أن الناس في أوروبا وأمريكا قد تحرروا من الدين وهم يظنون أن هذا سر تقدمهم ... ثم سأل الصديق الدكتور/ إبراهيم فجأة : هل لازلت متمسكًا بالدين ؟! وقد كان هذا السؤال بداية التحدي !

لقد تطرق الحديث بداية من هذا السؤال إلى القرآن الكريم وتحدياته العلمية العجيبة .. إلى حد دفع الصديق بأن يأتي بمثل القرآن الكريم !

لكن الدكتور/ إبراهيم أشفق عليه وقال له : هل تستطيع مثلاً أن تأتي بسورة واحدة تتكون من 15 كلمة مثل لغة وأسلوب القرآن المعجز ؟

فقال الصديق : بكل تأكيد .. وسأثبت لك أني وغيري قادرون على مواجهة هذا التحدي البسيط جدًا , إنها مجرد مسألة وقت .

فقال الدكتور : وكم من الوقت تعتقد أنه يكفي لإنجاح مهمتك ؟

فقال الصديق : شهران مثلاً .

فقال الدكتور : وسأزيدك شهرًا من عندي ... ويبدوا أني سأنتظر 1400سنة أخرى !

وهكذا مضى الصديق ... لكن أتدرون ماذا فعل هذا الصديق ؟!

لقد قام بتنفيذ شرط التحدي الذي ححده القرآن الكريم : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }هود13 !

أرسل صاحبنا أكثر من ثمانية آلاف خطاب لجميع مراكز العلم الدينية المسيحية في أنحاء العالم , ولم يرد عليه سوى أربعة جهات فقط !

لم يدر صاحبنا أنه قد قام بعمل عظيم لم تقم به معظم الدول الإسلامية .. فلقد بلغ جميع أنحاء العالم من الشرق إلى الغرب دفعة واحدة بإعجاز القرآن وتحدياته وطلب منهم مشاركته في مهمته المقدسة .... إلا أنهم !!!


بعد ثلاثة أشهر !


بعد 90 يومًا زار الدكتور/ إبراهيم صديقه وفاءً بالوعد المتفق عليه .. واستفسر الدكتور عن النتيجة بعد المدة المتفق عليها , فأخبره الصديق أنه طلب من 174 من أصدقائه ومعارفه ورجال الدين مساعدته في مهمته إلا أن أغلبهم رفض ذلك بل وطلب منه أن يصرف نظره عن هذه المسألة !

فقال له الدكتور/إبراهيم : إذًا أنت في حاجة إلى مهلة أخرى .. فما رأيك بأربعة أشهر أخرى ؟!

فقال الصديق : إن ثقتك الزائدة تستفزني !

فقال الدكتور : لقد استفز القرآن قبل ذلك صناديد اللغة العربية وأصحاب المعلقات السبع وفرسان البيان والبلاغة ولكن لا حياة لمن تنادي !


بعد أربعة أشهر !


ذهب الدكتور/ إبراهيم إلى صديقه بعد أربعة أشهر فوجده متبرمًا وعلامات الضيق والغضب ترتسم على وجهه ... وقال : لقد خذلني الجميع !

فقال الدكتور : إذًا مهلة أخرى .. شهرين !

وبعد الشهرين .. جاء الصديق إلى الدكتور/ إبراهيم وأخبره عن محاولات عديدة مختلفة ومتنوعة لم يسبق أن قام بها .. ثم فوجيء الدكتور/ إبراهيم بصديقه يقول له في شجاعة أدبية : يبدو لي أن تكوين سورة واحدة من مثل لغة القرآن مستحيل !

لكن التحدي لم يقف عند هذا الحد !

لقد قرر الصديق مراسلة مراكز العلم المتخصصة في اللغة العربية على مستوى العالم وطلب منهم تكوين سورة من مثل ما هو موجود في القرآن .. وقد حصل الصديق على هذه العناوين من كتاب اسمه " دنيا التعليم " يحتوي على عناوين جميع الجامعات على وجه الأرض وجميع مراكز العلم والأبحاث والتخصصات !

وظن الصديق أن الخطابات والردود سوف تنهال عليه , خاصة وأنه قرر أن يركز على الجامعات والمؤسسات المسيحية التي ربما يعنيها الأمر , فأرسل إلى حوالي 2000 جامعة ومؤسسة علمية ومركز للدين المسيحي الكاثوليكي والبروتستانتي والتي تهتم باللغة العربية ومقارنة الأديان والدراسات الشرقية !????????



******************************

الإسم : مستعار .
ص.ب ... القاهرة - مصر في 25/11/1989.

سيدي العزيز :

أنا طبيب مسيحي كاثوليكي أبلغ من العمر 41 سنة ولي زميل مسلم ... وبالطبع فإنه يدور بيننا بين حين وآخر بعض المناقشات حول العقائد والديانات .. وقد ظننت يومًا ما أنني قد أنجح في جذب إنتباهه لاعتناق المسيحية ..

وعلى الرغم من ذلك فقد فاجأني هذا الزميل بشيء لم أسمع عنه من قبل وهو كما يزعم أن القرآن يتحدى البشرية في جميع أنحاء العالم في الماضي والحاضر والمستقبل بشيء غريب جدًا وهو أنها لا تستطيع تكوين ما يسمى بالسورة باللغة العربية كالتي توجد في القرآن ..

ولهذا الحد - كما يقول زميلي - فإن القرآن يتحدى جميع البشر لإثبات أنه حقًا كتاب أرسل من عند الله .. ولدهشتي فقد أخبرني أن السورة رقم 112 ( سورة الإخلاص ) وهى من أصغر سور القرآن - كما يقول - لا يزيد عدد كلماتها عن 15 كلمة ...

وفي النهاية أخبرني أن أحدًا لم ولن يستطيع تكوين سورة واحدة كالموجودة في القرآن .. كما أن هذه التحديات قد مضى عليها حتى الأن أكثر من 1400 سنة !

وعلى الرغم من أن لغتي الأم هى اللغة العربية إلا أنني لا أستطيع تكوين 15 كلمة كالتي توجد بالقرآن وذلك لسبب بسيط هو أنني لم أقرأ و لا أحب أن أقرأ هذا الكتاب . فهل تتكرم سيدي مشكورًا بإرسال 15 كلمة باللغة العربية أو أكثر من المستوى البياني الرفيع مكونًا جملاً كالتي توجد بالقرآن ..

إنني على ثقة تامة بأن نجاحك سيكون باهرًا وأكيدًا ... الأمر الذي يجعلني آمل أن أستطيع تجميع أكبر عدد ممكن من هذه السور توطئة لنشرها في كتاب مثير عنوانه " انتهت تحديات القرآن " وذلك لاثبات أنه كتاب لم يرسل من عند الله كما يدعي المسلمون .

في انتظار ردكم .

أرجو أن تتقبل أخلص تمنياتي وتقديري .

المخلص حقًا ..... د ......


******************************

كان هذا نص الخطاب الأول الذي قام الطبيب المسيحي بطبعه أوفست وأرسله إلى 2000 جامعة ومعهد ومؤسسة دينية كاثوليكية وبروتستانتية وجمعية متخصصة موزعة جغرافيًا بالعدل والقسطاس على جميع أنحاء الكرة الأرضية ...

وقال الصديق للدكتور/ إبراهيم : بعد حوالي 3 شهور سيصبح لدي 2000 سورة على الأقل .

فقال الدكتور : إذًا لن نسبق الأحداث وعلينا الإنتظار .

ثم شمر صاحبنا عن ساعديه ونشط رجال البريد في جميع أنحاء الدنيا يحملون خطابه .. لكن دون جدوى !

فوجيء الصديق بالصمت العالمي الرهيب لمدة عام كامل .. لكنه كان عنيدًا فقرر إعادة المحاولة مرة أخرى وهو يقول : إن إنجاح المهام الجسيمة يحتاج دائمًا إلى التذرع بالصبر والعزيمة والإصرار ...


الخطاب الثاني



******************************

أرسل الطبيب المسيحي خطابًا جديدًا إلى نفس العناوين التي راسلها , فلما إطلع عليه الدكتور/ إبراهيم وجده نفس الخطاب السابق لكنه أضاف عليه ملحوظة هامة جاءت في ثلاث نقاط هذا بيانها :

1- إن هذا الخطاب نفسه قد أرسل إلى جميع أنحاء العالم في 25/11/89 .

2- وأن الردود التي تلقاها من الخارج كانت مشجعة جدًا .

3- وهو يعتقد أنه سيتلقى الرد على خطابه الثاني خلال 2-4أسابيع حتى يتمكن من جمع مادة " كتابه المثير " مع أطيب التمنيات وسنة جديدة وسعيدة .

القاهرة في 20/11/1990 .

******************************

بالطبع لقد كذب الصديق بقوله أنه تلقى ردودًا مشجعة , وحين سأله الدكتور/ إبراهيم عن ذلك قال له : لقد قلت ذلك لإستنفار همتهم إلى الدرجة القصوى !

وأخيرًا إنهالت عليه الردود كما خطط !???????????????وأخيرًا إنهالت الردود !



كان أول ما وصل الصديق من الردود من إنجلترا .. جامعة لندن كلية الدراسات الشرقية الإفريقية - المركز الأفروأسيوي ومرفق صورة ضوئية من هذا الرد وها هو ترجمته باللغة العربية :

جامعة لندن .
كلية الدراسات الشرقية الإفريقية - المركز الأفروأسيوي ( س و أ س ) .
قسم الشرق الأوسط والأدنى .
أ . د/ اوين رايت : رئيس القسم .

عزيزي : آمل أن تتفهم أن كليتنا وأعضاءها يرفضون الخوض في المنازعات الدينية وبالتالي فإنه لا يمكننا إجابة طلبك .

أ . د / اوين رايت : رئيس القسم .


Reduced: 50% of original size [ 796 x 795 ] - Click to view full image



وعندما رأى الدكتور/ إبراهيم هذا الخطاب سأل صديقه عن رأيه في الرد فقال له : إنه رد دبلوماسي انجليزي ليبرر عدم الإستجابة لطلبي ! ... لقد دهشت منه فهو رد مخيب للآمال لأن جامعة لندن لها وزن علمي وعالمي كبير وبها أساتذة فطاحل في اللغة العربية يمنحون درجة الدكتوراة , ثم إنني لم أطلب منهم الخوض في منازعات دينية .. بل إن طلبي يعتبر طلبًا أكاديميًا 100% . فهل تكوين سورة من 15 كلمة يعتبر منازعات علمية ؟ أليس لديهم علماء يستطيعون ذلك ؟!

أما الرد الثاني فكان من إذاعة مونت كارلو التبشيرية العالمية بتاريخ 18/ 5 / 90 وهو تاريخ سابق للخطاب الثاني الذي كان بتاريخ 20/11/90 , فلقد قامت الإذاعة بالرد على الخطاب الأول الذي كان بتاريخ 25/11/1989 .


Reduced: 47% of original size [ 848 x 760 ] - Click to view full image



لقد قام الأستاذ / شادي حبيب بالرد في خطاب رقيق جاء في 65 كلمة أهم عبارة فيه كما ترى " هذا خارج نطاق خدمتنا الإذاعية " !

لقد طلب الطبيب المسيحي 15 كلمة فقط وإذا بالأستاذ/ شادي يرد في 65 كلمة بأنه لن يستطيع !?????????خالة الصديق تقبل التحدي !



لقد أخذ الطبيب المسيحي على عاتقه إبلاغ الأمر لكل من يصادفه , فقد يجد من يساعده ويعاونه في هذا الأمر , وكان من الطبيعي أن تكون أقرب الناس إليه لها نصيبًا من هذا الحديث , وهى خالته !

وهى سيدة مجتمع فاضلة كما يقول الدكتور/ إبراهيم ولها إتصالات كثيرة سواء على المستوى المحلي أو الخارجي , ولها أيضًا إهتمامات باتجاهات الأدب العربي والفكر الحديث وإن كانت على اطلاع كبير بالقديم أيضًا .. وقد استنكرت سيادتها النتائج المخيبة للآمال التي حصل عليها صاحبنا من مراسلاته لجامعات ومعاهد ومراكز العلم في الكرة الأرضية .. فما كان منها إلا أن أرسلت بدورها خطابًا هذا نصه بعد ترجمته :

سيدي العزيز :

باسم المسيح الفادي .

أنا سيدة أبلغ من العمر 63 سنة وأعمل بالنشر .. أحب الكتاب المقدس وأكره ما يسمى القرآن كرهًا شديدًا ولقد سمعت عن شيء عجيب الأمر الذي يجعلني آمل أن ترد على هذا السؤال بأسرع ما يمكن .. وهو : " هل ما يسمى بالقرآن يحتوي بداخله على أجزاء تتحدى البشرية بالإتيان بمثله ؟ " .. وإذا كا ذلك صحيحًا - وأنا أشك في ذلك - إذًا فلماذا حتى الآن لم نحاول انتهاز الفرصة لإثبات أن هذا التحدي يعتبر من أكبر الأكاذيب التاريخية التي تصل إلى درجة الغش الديني ؟!

إنني في انتظار شماع ردكم الصائب والصحيح .

مع خالص تحياتي : التوقيع ....


*************************************

وللمرة الثالثة يقوم الطبيب المسيحي بإرسال الخطاب على نفس العناوين التي راسلها من قبل حتى جاءه الرد من إذاعة مونت كارلو وجامعة لييج ببلجيكا ..... وأخيرًا الفاتيكان !

أما رد إذاعة مونت كارلوا فلقد جاء فيه : ( إن الإذاعة لا تحب أن تدخل في حمى وطيس المعركة , إذ أنها لا تظن أنها تخدم رسالة الإنجيل ) .


Reduced: 50% of original size [ 792 x 1030 ] - Click to view full image



فما كان من الطبيب المسيحي إلا أن أرسل رسالة عنيفة وإنسانية عاطفية مؤثرة في نفس الوقت إلى مدير الإذاعة جاء فيها :

( أرسلت أطلب 15 كلمة فجاءني ردك في 130 كلمة خاليًا مما طلبت ... أستمع إلى إذاعتكم باستمرار وأظن أنك وفريق عملك بالإذاعة تستطيعون تكوين 15 كلمة التي طلبتها .. أوليس من رسالة الإنجيل هداية جميع الناس بما فيهم المسلمون .. أوليس في الكشف عن بطلان تحديات القرآن ما يخدم رسالة المحبة التي يرضى عنها الرب المسيح ... في انتظار ردكم وبه سورة من 15 كلمة ..15 كلمة فقط .. وأرجوا اعتبار خطابي بمثابة إستغاثة من أخت لك في العقيدة .. وفي انتظار ردكم الذي سيسعد الثالوث المقدس وسيخدم رسالة المحبة ) .


*************************************

أرسل الطبيب الخطاب باسم خالته ... وانتظر صاحبنا الرد الذي لم يصله حتى الآن !

أما رد جامعة لييج ببلجيكا فكان غريبًا , إذ جاء فيه :

سيدتي العزيزة :

من الحق أن نقول : إن القرآن أعلن عدة مرات بقوة وإيجابية أنه كتاب فريد ولا يوجد لا مثيل حيث قدم نفسه على أنه كلام الله .. ويسمي المسلمون هذه الخاصية المميزة لكتابهم بإعجاز القرآن .. وهذا الإعتقاد تنص عليه عدة آيات من القرآن ..

ويمكنك سيدتي أن تستخلصي من هذه الآيات أن القرآن يتحدى الكافرين .. وقد سألت لماذا لم نرد على هذه التحديات حتى الآن .. فأقول لك إن في الإسلام بعض معارضات للقرآن .. كما أن نظرية إعجاز القرآن وخصوصًا من حيث شكله ومضمونه لا يشترك فيها جميع المسلمين .. وستجد هذه النقطة بتوسع وتركيز في البحث الرائع بموسوعة الإسلام - فون جروينوم - تحت مادة إعجاز .. ومن وجهة النظر المسيحية فمبلغ علمي أن المعرضات الجدلية لا تتضمن الشكل ولكنها بالطبع تهتم بالنقطة التي تعالجها - ! - .

ولغير المسلمين فإن القرآن ببساطة - إذا أمكنني القول : هو عمل إنساني : إي عمل محمد .. آمل أن أكون قد أشبعت رغبتك من خلال هذه الإجابة .

المخلص : اوبرت مارتن - جامعة لييج , بلجيكا : قسم التاريخ والأدب الشرقي .


Reduced: 48% of original size [ 832 x 1145 ] - Click to view full image


Reduced: 55% of original size [ 720 x 885 ] - Click to view full image



***********************************

لا يزال صاحبنا في حالة غضب شديد للتهرب العالمي من التحدي , فقرر مراسلة جامعة لييج مرة أخرى حيث أنها أبدت شيء من الإستعداد للتحدث عن الإسلام .. فأرسل صاحبنا خطابًا مؤثرًا للسيد الأستاذ الدكتور/ اوبرت مارتن أستاذ التاريخ والأدب الشرقي بالجامعة طالبًا فيه سورة واحدة من 15 كلمة .. وبعد شهرين أرسل خطابًا أخر .. ثم استغاث بعميد الكلية .. ثم أرسل صرخة احتجاج إلى مدير الجامعة .. ولا حياة لمن تنادي , حتى جاء رد الفاتيكان !



يتبع ....وجاء دور الفاتيكان !



وكان ثالث رد من الفاتيكان قلعة وقبلة المسيحية الكاثوليكية في العالم أجمع .. وسأعرض لك عزيزي القاريء صورة ضوئية من خطاب الفاتيكان :


Reduced: 49% of original size [ 808 x 1200 ] - Click to view full image


Reduced: 49% of original size [ 816 x 1230 ] - Click to view full image



وها هى الترجمة الحرفية لنص الخطاب :

الفاتيكان .
روما - إيطاليا .
معهد بوتيسفيسيو الإنجيلي 10/5/1990 .

سيدتي العزيزة :

إن عميد كلية الدراسات الشرقية بمعهد بوتيفيسيو الإنجيلي يشكرك لخطابك المرسل إلينا . ولقد طلب مني الرد عليه بصفتي مدرس اللغتين العربية واللاتينية بالمعهد . والحقيقة أن القرآن قد تحدى معارضيه في مواضيع عديدة بالإتيان بجزء منه أو سورة من مثله .. ولقد جاءت هذه التحديات كشكل من أشكال ردود الفعل من محمد لمعارضيه الذين استمروا على اعتقادهم بأنه افتراه أو جاء به من تلقاء نفسه وأنه لم يوح به من الله مباشرة أو نزل عليه بواسطة الملك جبريل ..

وقد كذبهم فيما يبدو بدعوى أنه أمي حيث لا يستطيع القراءة أو الكتابة وأنه ليس بشاعر ولهذا فإنه لا يستطيع الإتيان بهذا الكلام المثير الموجود في القرآن من تلقاء نفسه .. ولأنه كان أميًا فإن الجدل قد أثير لأنه لا يستطيع الإتيان من نفسه بكتاب رائع مثل القرآن إذ لا بد فقط من شخص يوحى إليه من الله أن يأتي بمثل هذا الكتاب ..

والقرآن يخبرنا أن أحدًا لم يحاول - سواء نجح في ذلك أم فشل - الإتيان بسورة واحدة من مثل القرآن .. وبعد وفاة محمد بفترة طويلة نشأت نظرية عدم استطاعة تقليد أو محاكاة القرآن وهى تعني أن القرآن ممتاز للغاية في قوله وفي طريقة نظم كلامه لدرجة لا يمكن معها تقليده أو محاكاته بنجاح لأي بشر أو ملاك أو جني .. ومن يتبنون هذه النظرية يؤمنون بأن ذلك إثبات على أن القرآن نزل بوحي من الله .. ويطلق على هذه النظرية باللغة العربية " إعجاز القرآن الكريم " ..

ولقد صنفت عدة كتب حول هذا الموضوع باللغة العربية وأنا متأكد أنه يمكنك إذا أردت دراسة هذا الموضوع بإسهاب أن ترجعي إليها وستجدينها في سوق الكتب الإسلامية بالقاهرة .

وبوصفنا مسيحيون فنحن لا نقبل بالطبع أن يكون القرآن هو كلام الله على الرغم من إعجابنا به حيث يعتبر القمة في الأدب العربي ..

ولقد أخبرني زميل مصري بأن أفضل أجزاء القرآن تذكره بأجزاء من الكتاب المقدس .. ولكن هذا بالطبع لا يعني أنه أوحى به من عند الله كما هو الحال بالنسبة للكتاب المقدس وهناك نقطة عملية تعوق مسألة الإتيان بسورة من مثل القرآن وهى من الذي سيحكم على هذه المحاولة إن تمت بالفعل ويخبرنا بأنها نجحت أم فشلت ؟

إذًا فأنت تحتاج إلى محكم عادل ليقرر لك ذلك ويجب أن يكون هذا المحكم على دراية تامة بالأدب العربي والإسلامي .. ولضمان حيدته يفضل ألا يكون مسيحيًا أو مسلمًا وشخص هذه مواصفاته فإنه من الصعوبة بمكان إن لم يكن من الإستحالة العثور عليه ...

ونفس الصعوبة ستنشأ إذا قمنا نحن بتحدي المسلمين بكتابة قطعة تكون على مستوى تعاليم المسيح مثلاً فمن الذي سيحكم على هذه المحاولة ويخبرنا بأنها قد نجحت أم فشلت .. أهو الهندوسي أم البوذي أم الملحد ؟

إنها أسئلة من الصعب الإجابة عليها كما يبدو لنا أنه من الصعوبة بمكان من الناحية العلمية أن يصل الطرفان إلى إتفاق حولها يؤدي إلى الإقناع التام .

آمل أن تكون هذه الملاحظات القليلة قد أجابت على سؤالك .

أخوك في يسوع المسيح : الآب ليو أرنولد .


*************************************

وبعد أن إطلع الطبيب المسيحي على خطاب الفاتيكان قال للدكتور/ إبراهيم : أعتقد أنه هروب من المواجهة .. فقد هرب سيادته من الإستجابة لطلبي واضعًا هذه الشروط المستحيلة .. فهو يطلب محكمًا وهميًا لا وجود له .. إذًا فهو لن يفعل ويأتي بسورة واحدة , كما لن يفعل أحد ويأتي بسورة .

وعندها تذكر الطبيب قول الله عز وجل : { أََمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }هود13-14 . فما كان من الرجل إلا أن أعلن إسلامه إستجابة للنداء القرآني في الآية !


وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .




______________________________________


* الكتاب يباع في مكتبة التراث الإسلامي - القاهرة , مصر - 8 شارع الجمهورية , عابدين .

* وضع الدكتور/ إبراهيم عناوين مراكز العلم الدينية التي راسلها الطبيب المسيحي في نهاية الكتاب لعل هناك من يريد أن يكمل المسيرة ! ??????

غير معرف يقول...

ماذا تقول الموسوعة الكاثوليكية

عن الإسلام ورسوله؟

د. إبراهيم عوض



Ibrahim_awad9@yahoo.com

http://awad.phpnet.us/

http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9



أول ما نلاحظه أن عنوان مقال "الموسوعة الكاثوليكية" ليس هو "Islam" كما كان ينبغى أن يكون، بل "Mohammed and Mohammedanism"، أى "محمد والمحمدية"، رغم أن المصطلح الموجود فى قائمة مواد الموسوعة هو "الإسلام"، فكان المتوقع أن يكون عنوان المقال هو "الإسلام". ولا أدرى لماذا هذا التفاوت بين ظاهر الأمر وباطنه. على كل حال لا أحد من المسلمين يقبل أن يُدْعَى: "محمديًّا"، بل هو مسلم ليس إلا. ذلك أن المسلمين ينظرون إلى تسمية "المحمديين" على أنها تعنى، ولو من طَرْفٍ خَفِىٍّ، أن الإسلام من صنع محمد عليه الصلاة والسلام، أو أنهم يرتفعون برسولهم فوق البشرية كما يفعل بعض أصحاب الديانات الأخرى. وفضلا عن ذلك فهم يؤمنون بأن "الإسلام" ليس دين محمد وحده، بل دين الأنبياء والرسل جميعا من لدن آدم حتى نبيهم عليه الصلاة والسلام حسبما وضحنا فى موضع آخر من هذا الكتاب.



كذلك نلاحظ أن كاتب المقال قد ترجم كلمة "محمد" على أنها "the Praised One"، وهى ترجمة قاصرة بعض الشىء، إذ تعنى "محمود" لا "محمد"، التى كان ينبغى أن يضاف إلى ترجمتها "adverb: حال" تحدد الحمد بأنه كثير متكرر (هكذا مثلا: "the Much-Praised One"). ويقول الكاتب أيضا إن عبد الله بن عبد المطلب (والد الرسول) قد مات بعد ولادة ابنه بقليل: "soon after his son's birth"، وهو خطأ صوابه أنه مات قبل أن يشرِّف الابن الوجود. وبالمثل يقع الكاتب فى غلطة أخرى من هذا النوع الذى يدل على الاستعجال وعدم التدقيق، إذ نراه يزعم أن الذى تولى أمر الصبى محمد عقب موت والدته هو عمه أبو طالب، مع أن الدنيا كلها تعرف أن الذى فعل ذلك هو الجد عبد المطلب لا العم أبو طالب، الذى تولى أمر ابن أخيه بعد موت الجد.



وبالنسبة للمهمة التى نهض بها النبى عليه السلام نجد الكاتب يحددها بالـ"religious reform and political campaign: الإصلاح الدينى والكفاح السياسى". ورغم أن مهمته عليه السلام تتضمن فعلا هذين الأمرين فإنه لم يكن مصلحا دينيا ومجاهدا سياسيا وحسب، بل كان أولا وقبل كل شىء رسولا نبيا يُوحَى إليه من السماء ولم يقم من تلقاء نفسه بهذا الإصلاح وذلك الكفاح، بل عَرَضا أثناء نهوضه بمهمته الأصلية التى انتدبته لها السماء، ألا وهى "النبوة". وهذه ليست من الملاحظات البسيطة التى يمكن الإغضاء عنها، بل هى من الأخطاء القاتلة، إذ تنفى عنه، بصنعة لطافة، صفة النبوة، ولكن هيهات! ويشبهها قول الكاتب إنه، صلى الله عليه وسلم، قد تعرف باليهود والنصارى فى رحلاته إلى الشام مع قوافل قومه حيث حصّل معرفته الناقصة بدين هاتين الطائفتين. وهى غمزة وراءها ما وراءها، إذ يقصد الكاتب إلى القول بأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتلق الوحى من ربه، بل أتى بالقرآن من عنده وعبر فيه عن أفكاره الخاطئة التى اكتسبها فى تلك البلاد. وهذا كله غير صحيح، وإلا لانبرى له صلى الله عليه وسلم من تعلم على أيديهم هناك وذكَّره نقاشاته معه، فضلا عن أن القرآن يصحح كثيرا مما جاء فى كتب القوم مبينا مفارقتها للمنطق والإيمان المستقيم.



ولا يتوقف الكاتب فى افتراءاته عند هذه النقطة، بل يمضى فيزعم أنه، صلى الله عليه وسلم، كان عرضة للإصابة بالصَّرْع بين الحين والحين: "subject to epileptic fits"، مع أنه لم يحدث قط أن أصيب بالصَّرْع فى أى وقت، ولا كانت الأعراض التى تعتريه لَدُنْ نزول روح القدس عليه بالوحى القرآنى هى أعراض الصَّرْع على الإطلاق، وهو ما بينته بالتفصيل المرهِق فى كتابىَّ: "مصدر القرآن- دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى" و"دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل"، إذ استقصيت كلا من أعراض الوحى كما وصفتها كتب الحديث والسيرة النبوية وأعراض الصَّرْع كما وردت فى كتب الطب وقابلت بينهما فثبت ثبوتا قاطعا أننا بإزاء أمرين مختلفين تمام الاختلاف وأن ما يقوله مروجو نظرية الصَّرْع هو كلام فارغ من ألفه إلى يائه، ومن يائه إلى ألفه، ولم يحدث أنْ وَضَع أى من مروجى هذه التهمة أيدينا على أى عَرَضٍ من أعراض الصَّرْع فى حالته صلى الله عليه وسلم. إنما هى مجرد دعوى مرسلة والسلام، اعتمادا منهم على أن للتكرار أثرا نفسيا يتعاظم مع الأيام.



ومن المعروف أن الشخص إذا ما أصابته نوبة صَرْعٍ فإن من حوله يسارعون إلى معاونته ومنعه من إيذاء نفسه بعض لسانه مثلا. إلا أننا نقرأ السيرة النبوية وما كان يقع له عليه السلام أثناء تلقيه الوحى فلا نجد شيئا من ذلك بتاتا، بل كان الصحابة يتركونه صلى الله عليه وسلم حتى يقوم من غفوته وهو فى قمة رباطة الجأش وسكينة النفس. كما أنه عليه السلام ما إن يقوم من غاشية الوحى حتى يتلو على الحاضرين نص الايات التى نزلت عليه بمنتهى التدفق والوضوح فى النطق والفكر مَصُوغَةً بأسلوب أدبى باهر دون أن يكون قد سبق له التفكير فيما يتلوه عليهم، إذ يأتى الوحى عادة عقب سؤال أو موقف يستدعى تعليقا أو جوابا أو حكما، ولا يكون هناك وقت لتجهيز أى شىء. ولم يحدث أن أصيب النبى عليه السلام بما يعترى المصروعين من تشنج أو سَقَط من طُوله أو سال الزَّبَد من شفتيه أثناء تلقيه الوحى كما يحدث لمن يأتيهم الصرع. ومعروف أن المصروع حين يفيق من غاشية الصرع يكون مرهقا خائفا مشوش الذهن مما يثير الشفقة والعطف، وهو ما لم يُلْحَظ قَطّ فى حالة الرسول صلى الله عليه وسلم. كما أن الأعراض المصاحبة للوحى لا وجود لها فى حالة المصروعين، كالدوىّ الذى كان يُسْمَع حول وجهه الشريف، والثقل الذى كان يحل فى جسده ساعتها فلا يستطيع أحد تحمله إذا ما تصادف أن كان جزء من جسده تحته آنذاك كالصحابى الذى كانت فخذه تحت فخذ الرسول ثم هبط الوحى عليه فشعر الصحابى أن فخذه تكاد تَُرَضّ، وكالناقة التى كان يركبها آنئذ فبركتْ تحت الثقل الذى اعتراه. وهل يا ترى كان اليهود والمشركون من قبلهم ليفلتوا هذه الفرصة لو أن النبى كان فعلا مصروعا ولا يغتنموها ويشنعوا بها عليه صلى الله عليه وسلم؟ المضحك أن الذين أشاعوا عنه هذه الفرية هم الكتاب البيزنطيون، الذين لم يَرَوْه قط ولا شاهدوا وحيا ينزل عليه ولا على غيره. فكيف يصح أن يحكموا على شىء لم يَرَوْه؟ ثم منذ متى كان المصروعون يصنعون مثل تلك الإنجازات الفريدة التى صنعها النبى عليه السلام والتى لم تقع على يد أى نبى أو رسول أو حاكم أو قائد آخر؟ وناهيك بمبادئ دينه الراقية وعقائده العظيمة، ونفسه النبيلة وإنسانيته العالية وحلمه وصبره وتواضعه وثقته بقضيته طوال الوقت واتزانه التام وتحديه الكفار وغير الكفار طوال الوقت وفى كل الظروف والمواقف بأن دينه منتصر لا محالة، وذلك منذ وقت مبكر وقبل أن يهاجر إلى المدينة ويكون له أتباع وجيش ودولة يُحْسَب حسابها.

ويمضى الكاتب مدعيا أن كتب السيرة النبوية ليست أهلا للثقة، إذ تمتلئ كما يقول بالخرافات والروايات المصنوعة وما إلى ذلك. وهو ادعاء عجيب من شخص يمتلئ دينه من أوله إلى آخره بهذا الذى يحاول إلصاقه بالسيرة المحمدية. ولنفرض أن فى كتب السيرة بعض ما زعمه عنها إن فيها مع ذلك كثيرا مما يقبله بل يستلزمه العقل والمنطق وسياق الأحداث، فما بالنا لو عرفنا أن هذا الجانب الذى يذكره لا يبرز إلا فى كتب السيرة المتأخرة ذات النزعة الشعبية، وفى أضيق نطاق مع ذلك؟ وحتى لو جردنا سيرته صلى الله عليه وسلم من كل أثر إعجازى، أو من "الخرافات" حسب تعبيره، لظلت شخصيته عليه السلام لألاءة ساطعة تُعْشِى عيون المفترين. ويزعم الكاتب أيضا أن كتب السيرة لم تدوَّن إلا بعد نحو قرن ونصف من وفاته عليه السلام وأن أقدم كتاب من هذا النوع هو سيرة ابن إسحاق. وهذا خطأ، إذ هناك السِّيَر التى كتبها أو أملاها عبد الله بن عمرو بن العاص والبراء بن عازب الصحابيان الجليلان، وعروة بن الزبير وابن شهاب الزهرى وأَبَان بن عثمان وعامر بن شرحبيل الشعبى ومقسم مولى ابن عباس وعاصم بن عمر وشرحبيل بن سعد من التابعين قبل ذلك بكثير، بالإضافة إلى أسماء أخرى. على ألا ننسى أن العرب فى ذلك الوقت كانوا يعتمدون على ذاكرتهم اعتمادا كبيرا، وكانت تلك الذاكرة مؤهلة تأهيلا ممتازا لهذه المهمة بحكم أنهم كانوا آنذاك شعبا تغلب عليه الأمية. فكانت السيرة مسجلة فى ذلك الجهاز البشرى الذى كان يقوم مقام الصحائف والكتب إلى حد كبير. ثم يضيف كاتبنا قائلا إن تأليف كتب السيرة يقوم على كتب الحديث، وهذه ليست مشكوكا فيها فحسب، بل أسوأ من ذلك كثيرا، محاولا بهذه الطريقة إيهام القارئ الغربى بأن الأحاديث هى مجرد نصوص مجموعة كيفما اتفق، فلم تخضع لتمحيص أو تحقيق ولم يوضع لها منهج دقيق محكم يتم بناءً عليه قبولها أو ردّها. إنه يطلق الأحكام إطلاقا دون أدنى إحساس بالخجل. وليس هذا من العلم فى قليل أو كثير.



ومن أكاذيبه التى يطلقها إطلاقا دون ذكر المصدر زَعْمه أنه، صلى الله عليه وسلم، كان انفعاليا شديد الانفعالية ويخشى الألم الجسدى لدرجة غير معقولة. ثم يشير إلى ما كتبه المستشرق البريطانى وليام بالجريف من أن سيرة النبى إنما تقوم على تصوّر الفضائل التى يعتز بها العربى مسبقا، إذ جمع كتّاب السيرة تلك الفضائل ثم أسندوها إلى محمد زاعمين أنه كان يتصف بها كلها. والعجيب أن الكاتب، بعد كل هذه الادعاءات التى مارسها بدم بارد، يعود فيقول إن محمدا، رغم كل شىء، كان عظيم الشجاعة والعطف والرحمة، قوى الشعور الوطنى، محبا للتسامح والغفران. فالحمد لله، الذى أنطقه بمثل ذلك الكلام على رغم أنفه! وإن كان قد سارع إلى نقضه قائلا إنه، عليه الصلاة والسلام، كان شديد القسوة مع اليهود! ويا لها من شهادة من أحد أتباع السيد المسيح المؤمنين بأن اليهود قد قتلوه وصلبوه ولم يؤمنوا بدعوته واتهموه واتهموا أمه بما لا يقال. لكن لا ينبغى أن نسقط من حسابنا كراهية الكاتب للنبى محمد، فهذه الكراهية كفيلة بأن تنسيه ما قاله المسيح ذاته، وكذلك ما قاله العهد القديم من قبل المسيح، فى حق اليهود، الذى يأكله قلبه كل هذا الأكلان رحمة بهم وعطفا عليهم وتظاهرا منه بإنسانية كاذبة، إذ ليست العبرة بالشدة أو القسوة فى حد ذاتها، بل فى المواطن التى تستعمل فيها. ولقد اشتد النبى على اليهود بعدما ذاق منهم هو والمسلمون الأَمَرَّيـْن وضاقت صدورهم وبلغت منهم الروح الحلقوم بسبب مؤامراتهم وغدرهم ونقضهم للعهود والمواثيق التى عقدها النبى معهم وساوى فيها بين المسلمين وبينهم تمام المساواة، فأبت نفوسهم الملتوية إلا أن تنزل على طبيعة الخيانة والغدر المتأصلة فيهم الجارية فى عروقهم. فماذا تراه، عليه الصلاة والسلام، كان ينبغى أن يصنع؟ طبقًا للكاتب لقد كان ينبغى أن يتركهم يقتلونه ويخنقون دينه ويقضون عليه وعلى دولته والمسلمين والعرب أجمعين، على ألا ينسى أن يدعو لهم قبل هذا بالتوفيق والسلامة! إن النبى إنما كان يعيش فى دنيا البشر، ودنيا البشر تعجّ بضروب المتاعب والشرور والمشاكل، ولا يصلح لها التسامح على طول الخط، وبخاصة إذا كانت الحقوق التى يراد فيها التسامح هى حقوق الرعية لا حقوقا شخصية لصاحبها أن يتنازل عنها إذا أراد، فعندئذ لا ينفع إلا الضرب بشدة على أيدى الغادرين، وإلا انتهى كل شىء.

ثم يقول الكاتب إن الرأى منقسم إزاء الحكم على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين منحاز إليه يصفه بكل فضيلة ومكرمة ومنحاز ضده لا يذكره إلا بالشر والسوء. وهو يرفض الرأى الأخير قائلا إنه ينضح بالتحامل ويناقض الواقع التاريخى. يقول هذا وكأنه هو نفسه قد قال فيه صلى الله عليه وسلم شيئا آخر غير هذا. إلا أن أصول الصنعة لدى أمثاله تقتضى هاتين الكلمتين اللتين لا تقدمان ولا تؤخران كى يبدو محايدا متجردا عن التعصب والتحامل، وهيهات! وممن أشار إليهم بين المتحاملين على نبينا الكريم صلوات الله عليه وسلامه مارتن لوثر الزعيم البروتستانتى المعروف، الذى وصف نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه "شيطان وأول ولدٍ لإبليس":

"a devil and first-born child of Satan"

ولا ندرى على أى اساس وصف هذا الـمُهَلْوِس سيدنا وسيده محمدا بما وصفه به كذبا ومَيْنًا، وهو النبى الكريم الذى دعا إلى الإيمان بالسيد المسيح وبرّأه هو وأمه مما رماهما به يهود، فضلا عن دعوته المستقيمة إلى الوحدانية المطلقة والأخلاق الطاهرة والفضائل الإنسانية والاجتماعية التى لا نظير لها. وفوق ذلك شن دين محمد صلى الله عليه وسلم حملة عنيفة على الأحبار والرهبان وتأليه المتدينين لهم باتباعهم لما ابتدعوه من تشريعات لم ترد فى دعوة عيسى عليه السلام. كذلك ليست فى الإسلام وساطات بين العبد وخالقه، فضلا عن أنه لا توجد فيه أيقونات ولا اعترافات ولا رهبانية ولا صكوك غفران، وهو ما كان ينبغى أن يخفف على الأقل من هذا الحقد المسعور على سيد الأنبياء والمرسلين لأن هذه الأشياء هى مما نادت به البروتستانتية مذهب هذا التعيس. ولكن متى كان لأمثاله عقول يفكرون بها؟

ولنفترض أن الرسول الكريم كان سيئا إلى ذلك الحد، إنه لأفضل رغم ذلك من كل أنبياء العهد القديم، الذين ينسب ذلك الكتاب إليهم الزنا والدياثة والغدر والقتل ومضاجعة المحارم والكذب والحقد والطمع والجشع وتشجيع الوثنية والتطاول على الله والتصارع معه، وهو ما لم يفعل نبينا العظيم شيئا منه. وهذه بعض النصوص التى تتحدث عن أولئك الأنبياء الكرام، بعضها فقط لا كلها. وبديهى أننا نحن المسلمين لا نوافق على هذا الذى يقوله الكتاب المقدس فى حقهم عليهم السلام. كل ما فى الأمر أننا نحاجّ الكاتب بكتابه هو: "30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ" (تكوين/ 20)، "11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ، فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِ، 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ" (خروج/ 2).

"2وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟». 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى». 6فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ». فَأَرْسَلَ يُوآبُ أُورِيَّا إِلَى دَاوُدَ. 7فَأَتَى أُورِيَّا إِلَيْهِ، فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلاَمَةِ يُوآبَ وَسَلاَمَةِ الشَّعْبِ وَنَجَاحِ الْحَرْبِ. 8وَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «انْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ». فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَخَرَجَتْ وَرَاءَهُ حِصَّةٌ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ. 9وَنَامَ أُورِيَّا عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ جَمِيعِ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى بَيْتِهِ. 10فأَخْبَرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لَمْ يَنْزِلْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ». فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «أَمَا جِئْتَ مِنَ السَّفَرِ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ؟» 11فَقَالَ أُورِيَّا لِدَاوُدَ: «إِنَّ التَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي الْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجعَ مَعَ امْرَأَتِي؟ وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ، لاَ أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ». 12فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «أَقِمْ هُنَا الْيَوْمَ أَيْضًا، وَغَدًا أُطْلِقُكَ». فَأَقَامَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذلِكَ الْيَوْمَ وَغَدَهُ. 13وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ وَأَسْكَرَهُ. وَخَرَجَ عِنْدَ الْمَسَاءِ لِيَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ. 14وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوبًا إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15وَكَتَبَ فِي الْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ». 16وَكَانَ فِي مُحَاصَرَةِ يُوآبَ الْمَدِينَةَ أَنَّهُ جَعَلَ أُورِيَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلِمَ أَنَّ رِجَالَ الْبَأْسِ فِيهِ. 17فَخَرَجَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ وَحَارَبُوا يُوآبَ، فَسَقَطَ بَعْضُ الشَّعْبِ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَمَاتَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا. 18فَأَرْسَلَ يُوآبُ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِجَمِيعِ أُمُورِ الْحَرْبِ. 19وَأَوْصَى الرَّسُولَ قَائِلاً: «عِنْدَمَا تَفْرَغُ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ الْمَلِكِ عَنْ جَمِيعِ أُمُورِ الْحَرْبِ، 20فَإِنِ اشْتَعَلَ غَضَبُ الْمَلِكِ، وَقَالَ لَكَ: لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ لِلْقِتَالِ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ مِنْ عَلَى السُّورِ؟ 21مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ؟ أَلَمْ تَرْمِهِ امْرَأَةٌ بِقِطْعَةِ رَحًى مِنْ عَلَى السُّورِ فَمَاتَ فِي تَابَاصَ؟ لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ السُّورِ؟ فَقُلْ: قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا».22فَذَهَبَ الرَّسُولُ وَدَخَلَ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِكُلِّ مَا أَرْسَلَهُ فِيهِ يُوآبُ. 23وَقَالَ الرَّسُولُ لِدَاوُدَ: «قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى الْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ. 24فَرَمَى الرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى السُّورِ، فَمَاتَ الْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ الْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا». 25فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّسُولِ: « هكَذَا تَقُولُ لِيُوآبَ: لاَ يَسُؤْ فِي عَيْنَيْكَ هذَا الأَمْرُ، لأَنَّ السَّيْفَ يَأْكُلُ هذَا وَذَاكَ. شَدِّدْ قِتَالَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْرِبْهَا. وَشَدِّدْهُ».26فَلَمَّا سَمِعَتِ امْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا، نَدَبَتْ بَعْلَهَا. 27وَلَمَّا مَضَتِ الْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا. وَأَمَّا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ" (صموئبل الثانى/ 11).

"1وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ». فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. 11فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ" (الملوك الأول/ 11)... إلخ.

ثم إن المؤمنين بالكتاب المقدس يقولون إن الله قد غفر خطايا أولئك الأنبياء، فإذا كان الأمر كذلك فكيف لا يغفر سبحانه لمحمد أيضا أخطاءه إن كانت له مثل تلك الأخطاء؟ وبكل يقين هو لم يرتكب شيئا من هذا ولا نصفه ولا ربعه ولا عشره ولا واحدا على المائة ولا على الألف ولا حتى على المليون. وهذا الكلام ينبغى توجيهه أيضا إلى المبشر الأمريكى صمويل زويمر، الذى استشهد الكاتب بما سطره فى أحد كتبه زاعما أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد فشل فى اجتياز الامتحان الأخلاقى الذى عقده هو له بناءً على مقاييس العهد القديم، إذ ما دام النبى عليه الصلاة والسلام قد رسب فى ذلك الامتحان، فأَحْرِ بأنبيائه أن يكون رسوبهم بجدارة. وفى هذه الحالة على زويمر أن يعلن هذا الرأى فيهم وأن يرفض الإيمان بهم بناء على مقاييس ذلك الكتاب. فهل يفعل؟ وأخيرا وليس آخرا أين توصية السيد المسيح فى العهد الجديد للوثر وغيره من أتباع النصرانية بأن يحبوا أعداءهم ويباركوا لاعنيهم؟ وهذا إن كان النبى قد لعن لوثر أو أباه مثلا. فما بالنا إذا كان لم يصنع شيئا من ذلك البتة وأن المسيح ومريم العذراء عليهما السلام لم يلقيا منه إلا كل حفاوة وتكريم وتبرئة من التهم المجرمة التى قرفهما بها اليهود؟

وهذا التطاول من لوثر على سيدنا رسول الله واتهامه له بأنه شيطان وأول من أنجب إبليسُ من أبناء يذكرنى بما كان ذلك السليط اللسان يعتقده فى أبى الشياطين، إذ كان يتصور أنه يظهر للبشر عيانا بيانا وكأنه مخلوق مادى. ولقد ركبته الهلاوس ذات مرة فظن أنه يرى الشيطان واقفا قبالته يحدق فيه فقذف فى وجهه المحبرة ليتطاير منها السائل الأسود على الجدار، فضلا عما ذكره هو نفسه من لجوئه إلى الضُّرَاط كى يطرده بعيدا عنه. وقد اكتشف العلماء كذلك أنه لم يكن دائما بالصادق فى كلامه، فقد كان يزعم مثلا أن أباه عاملُ منجمٍ فقير، على حين كان مالكا للمنجم لا عاملا من عماله. كذلك اكتشف الدارسون فى الفترة الأخيرة أن بعض بذور المذهب البروتستانتى قد واتت مارتن لوثر وهو فى المرحاض يقضى حاجته، وأنه كان نهما مولعا بالبيرة يطفئ بها نيران الطعام الذى يَكُظّ به بطنه والذى أوصل وزنه إلى نحو 150 كيلوجراما! (يمكن القارئ الرجوع إلى مقال مترجم عن الألمانية على الرابط التالى: http://www.spiegel.de/international/germany/0,1518,586847,00.html عنوانه "Archaeologists Unveil Secrets of Luther's Life"، بقلم Matthias Schulz، وترجمة Christopher Sultan).

وبالعودة إلى موضوعنا نجد أن الكاتب يسارع بعد هذا مشيرا إلى الرأى الذى أصبح يعتقده كبار المؤلفين الغربيين الآن فى الرسول الكريم حسبما يقول، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان فى مبتدإ دعوته مخلصا، ثم انقلب رأسا على عقب، فأضحى غدارا لا يبالى بخلقٍ ولا دينٍ ما دام الغدر والقسوة هما السبيل الذى يوصله إلى غايته:

"According to Sir William Muir, Marcus Dods, and some others, Mohammed was at first sincere, but later, carried away by success, he practised deception wherever it would gain his end".

فما معنى أنه عليه الصلاة والسلام كان مخلصا؟ أليس معناه أنه كان نبيا حقيقيا ما داموا يقرون بإخلاصه فى دعواه وسلوكه؟ ثم ما معنى أنه لم يعد مخلصا؟ أليس معناه أنه لم يعد صادقا فى دعواه النبوة؟ عظيم! لكن هل يمكن أن ينقلب النبى فلا يعود نبيا؟ ألا يرى القارئ معى مدى التخبط الذى يتخبطه أولئك الملفقون؟

كذلك ليس صحيحا ما قاله الكاتب من أن الإسلام لم يطمح إلى أن يكون دينا عالميا إلا بعد وفاة الرسول: "After Mohammed's death Mohammedanism aspired to become a world power and a universal religion". ذلك أنه دين عالمى منذ هَلَّ على الكون فى مكة. والآيات التى تتناول هذا المعنى متعددة فى تلك الفترة المبكرة، مثل: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا". فليس صحيحا إذن أن عالمية الإسلام قد تأخرت إلى ما بعد وفاة الرسول. ولم يقف الأمر عند النص على ذلك الأمر فى الآيات القرآنية، بل أتبع النبى القول بالعمل حين بعث برسله إلى حكام العالم من حوله فى الشام وفارس والحبشة ومصر وعلى حدود الجزيرة العربية وداخلها على ما هو معروف.

ومن عجب أن يزعم هذا الزعمَ ذاتَه كاتب سودانى هو عون الشريف قاسم، إذ قال فى كتابه: "دبلوماسية محمد- دراسة لنشأة الدولة الإسلامية فى ضوء رسائل النبى ومعاهداته" (جامعة الخرطوم/ 57- 92) ما معناه أن الرسول لم تكن لديه القوة فى ذلك الوقت كى يقدم على هذه الخطوة. ومن ثم نراه يشكك فى صحة رسائله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء من حوله رغم إقراره فى ذات الوقت بعالمية الإسلام. وقد تناولت تلك القضية فى كتابى: "دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" وبينت أن أتباع النبى، لا النبى نفسه، لم يجدوا فى هذا الأمر ما يحملهم على التردد أو التلكؤ، فما بالنا بالنبى ذاته، وهو من هو، وهم ليسوا سوى أتباع له، فوق أنهم لم يقفوا عند حد التمنى أو النية، بل فتحوا بلاد الشام وامتلخوها من البيزنطيين، وفتحوا بلاد فارس وامتلخوها من الأكاسرة... وهكذا؟

وفى تناول كاتب المادة لموضوع الجزاء الأخروى نجده يلح على القول بأن ألوان الثواب والعقاب فى الإسلام كلها حسية تعكس ما كان العربى فى ذلك الوقت يتطلع إليه. يريد أن يقول إن الإسلام من صنع محمد، وإنه راعى فيه أن يخاطب غرائز العرب ويداعب حاجاتهم التى كانوا يفتقدونها ويريدون أن يجدوا إشباعا لها، فقام هو بهذه المهمة. ولنفترض أن الإسلام قد راعى أوضاع البشر فى تصوير الجنة والنار، فما وجه الخطإ فيه؟ هل المطلوب هو أن تعاكس متع الجنة تطلعات البشر؟ وأية جاذبية ستكون لها إذن حتى يكون لها التأثير المرغوب فى نفوس الناس؟ سيقال: لكن هذه التطلعات هى تطلعات عربية صرف. والجواب: وهل هناك بشر ينفرون من الماء الزلال أو اللحم الشهى أو النساء الجميلات مثلا؟ فلماذا إذن كل تلك الحروب التى يشنها الغربيون علينا وعلى الدنيا كلها إن لم يكن من أجل تلك المتع وأمثالها؟ وهل الحضارة الغربية الآن من ساسها إلى راسها إلا جرىٌ وراء تحقيق هذه المتع إلى الحد الذى أضحت تتطلع عنده إلى كل شاذ من اللذائذ؟ ألا يرى القارئ أن الكاتب هو ممن يقال فيهم: "رَمَتْنى بدائها وانسلَّتِ"؟ لقد كنا نظن أن النفاق الغربى مقصور على عالم السياسة، فإذا هو نفاق عام حتى ليشمل أيضا أمور الدين والعقيدة، وهى التى لايصلح فيها نفاق ولا التواء!

على أنه لا بد من التنبيه إلى أن ثواب الجنة فى الإسلام لا يتوقف عند المتع المادية وحدها رغم أهمية هذا الضرب من اللذائذ وعدم وجود إنسان واحد ينفر من تلك المتع حقيقةً لا ادعاءً، بل هناك أيضا الود المتبادل بين أهل الجنة والسلام العميم والسكينة الشاملة التى يتقلبون فيها فلا يعرفون قلقا ولا خوفا ولا شحناء ولا لغوا ولا تأثيما، وهناك الحب والرضا الإلهى الذى يتمتع به سكان الفردوس. كما أن القرآن والحديث النبوى يلحان دائما على أن لذائذ الجنة ليست من جنس لذائذ الدنيا ومتعها، بل الوصف فيها للتقريب ليس إلا. إذن فالجنة فى الإسلام تشبع تطلعات البشر المادية والروحية جميعا، وهذا هو الوضع المثالى لدار الخلد.

وقَفْزًا فوق بعض الموضوعات التى لا نجد ما يدفعنا إلى الوقوف إزاءها نصل إلى قول الكاتب عن عقيدة "القضاء والقدر" إنها تعنى الحتمية المطلقة، فكل شىء مقدَّرٌ سَلَفًا طبقا للمشيئة الإلهية على نحو لا تفيد معه الإرادة الإنسانية فى شىء. فإذا عرفنا أن الإنسان سوف يُسْأَل يوم القيامة عما فعل ويثاب ويعاقَب عليه كان معنى ذلك أننا أمام مسألة عبثية تماما، وإن كان المفكرون المسلمون فى العصر الحديث قد حاولوا سُدًى تحسين الصورة كما يقول. وإلى القارئ كلام الكاتب بالنص فى أصله الإنجليزى:

"The Mohammedan doctrine of predestination is equivalent to fatalism. They believe in God's absolute decree and predetermination both of good and of evil ; viz., whatever has been or shall be in the world, whether good or bad, proceeds entirely from the Divine will, and is irrevocably fixed and recorded from all eternity. The possession and the exercise of our own free will is, accordingly, futile and useless. The absurdity of this doctrine was felt by later Mohammedan theologians, who sought in vain by various subtile distinctions to minimize it".

والواقع أن الكاتب لا يفهم القضية حق فهمها. صحيح أن هناك فعلا آيات قرآنية وأحاديث نبوية يفهم منها أن كل شىء خاضع لإرادة الله لا يفلت منها، لكنْ هناك فى المقابل آيات وأحاديث يفهم منها أن للإنسان مشيئة حرة وأن تحججه بحتمية المشيئة الإلهية لا معنى له. وكلا النوعين من النصوص صحيح ومفهوم، ولا تعارض بينهما: فكل شىء فى الكون يخضع حقا وصدقا لمشيئة الله، بما فيه المشيئة الإنسانية أيضا، بمعنى أن للإنسان إرادة حرة، إلا أن حريتها ليست نابعة من ذاتها، بل موهوبة من الله سبحانه وتعالى. ومن هنا كان الحساب على قدر نصيب كل فرد من تلك الحرية فى هذا العمل أو ذاك. كذلك هناك الرحمة الإلهية التى يمكن العفو معها عما يرتكبه الشخص من السيئات كلها أو بعضها. وفوق ذلك فعند الحساب الأخروى لا بد أن يؤخذ الضعف البشرى فى الاعتبار.

مما سبق يتضح أنه ليس فى الأمر حتمية مطلقة ولا حرية مطلقة، بل الأمور نسبية. ولسوف يكون حسابنا على هذا الأساس. وأنا أومن بأن فى كل عمل من أعمالنا تقريبا نسبة من الجبر، ونسبة من الاختيار، وهذه النسبة تختلف من عمل إلى عمل، ومن سياق إلى سياق، ومن شخص إلى شخص، ومن وقت إلى وقت... وهكذا. والمهم فى ذلك كله أن يظل الإنسان فى حالة جهاد ويقظة فلا ييأس أو يستسلم للشيطان وينهار. ومهما يرتكب الإنسان من أخطاء فإن باب التوبة مفتوح دائما ما لم يقنط من رحمة ربه ويسلّم بالهزيمة وينطلق فى دنيا الكفر والتمرد والشهوات ويتخلَّ عن ممارسة مسؤوليته الأخلاقية المنوطة به بوصفه واحدا من أبناء آدم وحواء. وللدعاء مدخل فى الحساب والثواب والعقاب لأنه برهان على الإيمان بالله والأمل فى الله والتعلق بما عند الله.

ومن الأخطاء التى وقع فيها الكاتب، وإن لم تكن من نوعية الأخطاء السابقة الخطيرة، تحديده مواقيت الصلوات اليومية الخمس على النحو التالى: قبل الشروق، وفى منتصف النهار، والساعة الرابعة بعد الظهر، وعند الغروب، وقبل منتصف الليل بقليل. وهذا غير دقيق، إذ إن ميقات صلاة الصبح يبدأ عند الفجر وينتهى عند الشروق. فمن الواضح أن الكاتب قد ركز على نهاية ميعاد الصلاة ولم يتطرق إلى الحديث عن وقت ابتدائها. كما أن العصر لا يحل عند الساعة الرابعة بعد الظهر ضربة لازب، بل يختلف من بلد إلى بلد، ومن فصل إلى فصل. كذلك فميعاد العشاء الآخرة يأتى قبل منتصف الليل بكثير، مع وجوب التنبه إلى أن حلوله هو أيضا يختلف من فصل إلى فصل، ومن إقليم إلى إقليم. يقول المؤلف فى نص كلامه الأصلى:

"The daily prayers are five in number: before sunrise, at midday, at four in the afternoon, at sunset, and shortly before midnight".

وفى مثل هذا النوع من الأخطاء يقع الكاتب فى حديثه عن ميقات الصيام فى رمضان، إذ إن الصيام، حسب كلامه، يبدأ من شروق الشمس، رغم ما هو معروف من أن ميعاد بدئه هو الفجر لا الشروق. ومرة أخرى هذا نص ما قال: "It begins at sunrise and ends at sunset".

أما فى كلامه عن الزكاة فالخطأ فادح، إذ لم يذكر منها إلا زكاة الفطر، فضلا عن أنه لم يخصص لهذا الركن الركين من الإسلام إلا سطرين وثلثا لا غير. ولا شك أن هذا خطأ لا يغتفر من كاتب فى موسوعة كالتى بين أيدينا. وكان ينبغى أن يكون أكثر دقة واهتماما بموضوعه. ومن الواضح أنه ليس على مستوى المهمة التى انتدب لها وأنه لا علاقة له مباشرة بموضوعه، بل ينقل عن الآخرين دون فهم، مع تعمد سوء النية والإفساد فيما يكتب. أى أنه يجمع بين الجهل والإساءة المقصودة.

وكان قبل قليل قد اقترف خطأ شنيعا حين زعم أن يوم الأضحى فى الإسلام مأخوذ من يوم كيبور (يوم الغفران) فى اليهودية مع بعض التحويرات. وفى موسوعة "الويكبيديا" نقرأ أن "يوم كيبور" هو اليوم العاشر من شهر تشريه، الشهر الأول في التقويم اليهودي، وهو يوم مقدس عند اليهود مخصص للصلاة والصيام فقط، ويتمم أيام التوبة العشرة التي تبدأ بيومي رأس السنة. وحسب التراث اليهودي فهذا اليوم هو الفرصة الأخيرة لتغيير المصير الشخصي أو مصير العالم في السنة الآتية. ويبدأ ذلك اليوم حسب التقويم العبري في ليلة التاسع من شهر تشريه في السنة العبرية ويستمر حتى بداية الليلة التالية. وهو في الشريعة اليهودية يوم عطلة كاملة يحظر فيه كل ما يحظر على اليهود في أيام السبت أو الأعياد الرئيسية مثل الشغل وإشعال النار والكتابة بالقلم وتشغيل السيارات وغير ذلك، بالإضافة إلى أعمال أخرى تحظر في هذا اليوم بشكل خاص مثل تناول الطعام والشرب والاغتسال والاستحمام والمشي بالأحذية الجلدية وممارسة الجنس وأعمال أخرى مشابهة. وبينما تعد أيام السبت والأعياد الأخرى فرصا للامتناع عن الكد وللتمتع إلى جانب العبادة، يعد يوم كيبور فرصة للعبادة والاستغفار فقط.

وبحسب التراث الحاخامي فإن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء للمرة الثانية ومعه لوحا الشريعة، حيث أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي. وعيد يوم الغفران هو العيد الذي يطلب فيه الشعب جميعا الغفران من الإله. ولهذا السبب كان الكاهن الأعظم في الماضي يقدم كبشين قربانا للإله نيابة عن كل جماعة يسرائيل وهو يرتدي رداءً أبيض (علامة الفرح)، وليس رداءه الذهبي المعتاد. وكان يذبح الكبش الأول في مذبح الهيكل ثم ينثر دمه على قدس الأقداس. أما الكبش الثاني فكان يُلْقَى من صخرة عالية في البرية لتهدئة عزازئيل (الروح الشريرة)، وحَمْل ذنوب جماعة يسرائيل. وكما هو واضح فإنه من بقايا العبادة اليسرائيلية الحلولية ويحمل آثارًا ثنوية، ذلك أن عزازئيل هو الشر الذي يعادل قوة الخير. ولا يزال بعض اليهود الأرثوذكس يضحّون بديوك بعدد أفراد الأسرة بعد أن يُقْرَأ عليها بعض التعاويذ. وهناك طقس يُسمَّى: "كابّاروت" يقضي بأن يمسك أحد أفراد الأسرة بدجاجة ويمررها على رؤوس البقية حتى تعلق ذنوبهم بالدجاجة. وفي هذا العيد كان الكاهن الأعظم يذهب إلى قدس الأقداس ويتفوه باسم الإله «يهوه» الذي يحرم نطقه إلا في هذه المناسبة. ولا تزال لطقـوس الهيكل أصداؤها في طقـوس المعـبد اليهـودي في الوقت الحاضر، إذ يُلَفّ تابوت لفائف الشريعة بالأبيض في ذلك اليوم على عكس التاسع من آف حيث يُلَفّ بالأسود.

ويبدأ الاحتفال بهذا اليوم قبيل غروب شمس اليوم التاسع من تشري، ويستمر إلى ما بعد غروب اليوم التالي، أي نحو خمس وعشرين ساعة، يصوم اليهود خلالها ليلاً ونهارًا عن تناول الطعام والشراب والجماع الجنسي وارتداء أحذية جلدية. كما تنطبق تحريمات السبت أيضا في ذلك اليوم. وفيه لا يقومون بأي عمل آخر سوى التعبد. والصلوات التي تُقَام في هذا العيد هي أكثر الصلوات اليومية لليهود، وتصل إلى خمس: الصلوات الثلاث اليومية، مضافا إليها الصلاة الإضافية (مُوساف) وصلاة الختام (نعيَّلاه)، وتتم القراءة فيها كلها وقوفا. وتبدأ الشعائر في المعبد مساءً بتلاوة دعاء كل النذور، ويُخْتَتَم الاحتفال في اليوم التالي بصلاة النعيلاه التي تعلن أن السماوات قد أغلقت أبوابها. ويهلل الجميع قائلين: "العام القادم في أورشليم المبنية"، ثم يُنْفَخ في البوق (الشوفار) بعد ذلك.

هذا ما قالته "الويكبيديا" فى المادة المخصصة لهذا اليوم. وهو، كما يرى القارئ بكل وضوح، يختلف عن يوم الأضحى عندنا تمام الاختلاف: سواء فى التاريخ أو الغاية أو الشعائر أو المعنى أو المدى أو التفاصيل والدقائق. ومع هذا يظن الكاتب أنه يمكن أن يغمز من قناة الإسلام بهذه البساطة وينجو، مع أن من الميسور التحقق من كل زيف يراد له الانتشار وفضح صاحبه. كذلك ليس فى عيد الأضحى صوم ولا توقف عن العمل ولا كهانة ولا عزازيل ولا وثنيات. بل إن التضحية فى الإسلام ليست فرضا بل سنة، وهى تضحية فردية لا عن الأمة كلها مثلما هى فى اليهودية. ذلك أن المسلمين لم يعبدوا العجل لا فى غياب رسولهم ولا فى حضوره كما فعل اليهود عند مغيب موسى عليه السلام فى لقائه بربه فوق الجبل لتلقى الألواح، إذ يقول العهد القديم إن هارون صنع لهم أثناء ذلك عجلا ذهبيا عبدوه ورقصوا حوله وهم عرايا، مرتدِّين بذلك إلى الوثنية. وفوق ذلك فتوقيت الشعيرة الإسلامية توقيت قمرى لا شمسى كما هو الوضع لدى اليهود، ولا يرتبط عندنا بتلقى نبينا وحيا خاصا ولا بالخروج من مكة، ولا علاقة له بموسى أو بالتوراة أو باليهود وخروجهم من مصر، بل بتاريخ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وبشعيرة الحج، وهو ما يسبق موسى وخروج بنى إسرائيل من مصر بأزمان وأزمان. ثم إن الأضحية فى الإسلام هى للأكل والصدقة والإهداء، وليست لمجرد التضحية كما هو الحال فى اليهودية. والذى يذبحها هو أى شخص يستطيع ذلك، بخلاف الامر فى ديانة يهود، فهو الكاهن حسبما رأينا. كما يسبق الذبحَ لدينا ويعقبه أمورٌ أخرى لا صلة بينها وبين يوم كيبور وما يفعله اليهود فيه. إنهما أمران مختلفان تمام الاختلاف كما قلت.

وحين يبلغ الكاتب سياق الحديث عن الأخلاق فى الإسلام نراه يزعم دون أدنى دليل، بل ضد كل دليل، أنها أقل من نظيرتها فى اليهودية، بَلْهَ النصرانية، التى تتفوق على الإسلام فى هذا المجال تفوقا أكبر حسب دعواه. وكيف تكون أخلاق اليهودية أفضل منها فى الإسلام، واليهود إنما ينظرون إلى غيرهم من البشر على أنهم أحط من الحيوان، ويفرقون فى المعاملة بين اليهودى وغير اليهودى كما هومعروف، على حين أن أخلاق الإسلام هى أخلاق إنسانية الطابع، ومن ثم لا تجعل للاعتبار الدينى محلا فى تأدية الحقوق إلى أصحابها أو عمل الخير للآخرين؟ ثم إن الإسلام لا يكتفى بالكلام المنمق الجميل الذى لا يؤكِّل عيشا، بل يضع له الإطار التطبيقى كما هو الحال مثلا فى الزكاة والصدقات غير مكتف بالحديث عن ضرورة رحمة الفقير والمسكين، بل يُتْبِعه بتنظيم هذه الدعوة وجعل تنفيذها فريضة دينية يحاسَب الشخص على تأديتها أو إهمالها. وأين هذا فى اليهودية أو النصرانية؟ وعلى أية حال فإن أمم الغرب ماضية منذ قرون فى الاعتداء على المسلمين وتقتيلهم وتدمير بلادهم وحضارتهم، وفى القرن المنصرم أنشأوا لليهود دولة فى قلب العالم العربى. نعم لليهود، الذين يتهمونهم بقتل المسيح، لا لشىء سوى نكاية المسلمين وإفساد حياتهم حاضرا ومستقبلا. إى نعم لليهود، الذين يقول العهد الجديد، وهو الكتاب المقدس لدى صاحب المقال الذى بين أيدينا، عن شيوخهم وكهنتهم وعما صنعوه مع المسيح عليه السلام: "وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ" (متى/ 26/ 59). أما إذا كان يريد الإيماء إلى موعظة الجبل وما فيها من كلام مثالى مغرق فى المثالية فإننا نسأله: أين يا ترى يمكننا أن نعثر على ما يجعلنا نصدّق قدرة أى إنسان أو أية جماعة على تطبيق ما جاء فى تلك الموعظة؟ أما أخلاق الإسلام فإنها تجمع بين المثالية وشىء من الواقعية، ولهذا كانت أقمن أن ينفذها أتباعها بسهولة لا تتوفر لغيرهم.

ثم انظر الآن إلى الكاتب كيف يلوى الحقائق بدم بارد فيذكر، من بين المحرمات فى الإسلام، شهادة الزور ضد المسلم. ومعنى هذا بطبيعة الحال أن المسلم يجوز له، إن لم يكن واجبا عليه، أن يشهد بالزور ضد غير المسلم. أرأيت أيها القارئ كيف يتعمد الكاتب تشويه الإسلام بالباطل؟ ولكى يرى القارئ بنفسه مدى التدليس الذى يمارسه الكاتب أسوق له بعض الآيات القرآنية التى تتعلق بهذا الموضوع: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (النساء/ 135)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (المائدة/ 8). هذا عن وجوب تأدية الشهادة على وجهها الصحيح دون أدنى اعتبار لأى شىء آخر من غنى أو فقر أو قرابة أو غرابة أو دين حتى لو كانت بيننا وبين من نشهد عليه شنآن، أى بغضاء مستحكمة. إن الكاتب ليعلم علم اليقين أن ما قاله عن الإسلام لا وجود له فى الإسلام، بل فى اليهودية، إذ نقرأ فى سفر "الخروج" (20/ 16): "لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ". ومعنى ذلك أن شهادة الزور على الغريب وغير اليهودى أمر جائز، إن لم تكن أمرا واجبا. ومثله الإقراض الربوى، إذ يحرم على اليهودى أن يُقْرِض يهوديا بربا، بخلافه مع الأجنبى، فهو عندئذ حلال تماما.

ترى هل هناك شنآن كالذى كان بين اليهود والمسلمين، والذى طَوَّعَ ليهود أن يؤلبوا الوثنيين على أصحاب التوحيد ويكذبوا على الله وعلى الحق وعلى الشرف والصدق والأمانة فيؤكدوا لهم أن وثنيتهم خير من توحيد الإسلام؟ ومع ذلك فها هو ذا القرآن الكريم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الآيات التالية مدافعا عن يهودى اتهمه بعض من كان ينتسب إلى الإسلام بأنه الفاعل فى قضية تختص بسرقة سلاح، على حين كان السارق هو ذلك المتَّهِم نفسه: "إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)" (النساء). وأرجو أن يتملى القارئ جيدا تلك اللهجة النارية التى يصطنعها النص والتى قلما نجد لناريتها شبيها فى مثل ذلك السياق من القرآن.

لكن هذا فى الواقع ليس غريبا أبدا على دين يوصى أتباعه بما يوصيهم به الإسلام تجاه عدوهم، فيقول لهم: "عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)" (الممتحنة)، ويحذرهم من العدوان على أى إنسان أو أية جماعة، وإن كان يسمح لهم بالرد على العدوان بمثله: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة/ 190)"، مع إيثار التسامح على الانتقام رغم مشروعيته ما دامت الظروف تسمح بالتسامح دون أن يستتبع ذلك ضررا أشد: "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43)" (الشورى)، "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" (النحل/ 126).

هذا ما يقوله القرآن. والآن إلى هذا النص من رسالة بولس إلى أهل رومية، وفيه أن الكذب مشروع ما دام يؤدى إلى تمجيد الله: "3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ».5وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُبَيِّنُ بِرَّ اللهِ، فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ اللهَ الَّذِي يَجْلِبُ الْغَضَبَ ظَالِمٌ؟ أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ. 6حَاشَا! فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ الْعَالَمَ إِذْ ذَاكَ؟ 7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟". وهذا يكفى فى الرد على كاتبنا الهجّام الذى يلصق بالإسلام ما ليس فيه متصورا أن بمستطاعه الحديث عن الإسلام من طرف مناخيره دون أن يعقّب أحد على كذبه.

ويستمر الكاتب فى تزييفه فيزعم أنه، من بين الكفر والردة والزنا وشرب الخمر والاستقسام بالأزلام، لا يوجد عقاب فى الإسلام إلا للكفر والردة، أما الخطايا الباقية فيُسْمَح فيها بوجه عام أن يذهب مقترفها لحال سبيله دون عقاب، اللهم إلا إذا مست مصلحةَ المجتمع أو اصطدمت بالنظام السياسى بشكل خطير، وكأنه لا عقوبة على شارب الخمر ولا على الزانى ولا على شاهد الزور. لو أنه قال إن بعض هذه الخطايا لا عقاب معين لها مثل شهادة الزور لم يكن على كلامه غبار، وإن لم يَعْنِ هذا أنه لا توجد فعلا أية عقوبة لمرتكب شهادة الزور، بل كل ما يعنيه هو أنه لا يوجد حد مقرر لمثل تلك السيئة، ومن ثم يُتْرَك أمرها إلى رجال القانون يؤاخذون مجترحها بالعقوبة التى يَرَوْنَها ناجعة رادعة، وهو ما يسمى فى الفقه الإسلامى بــ"التعزير"، ذلك الباب الشرعى للعقوبة التى لم يحدَّد مقدارها سلفا. أما شرب الخمر ففيه الجلد، وأما الزنا فالجلد عقوبة غير المحصن، وثم خلاف حول عقوبة المحصن: أهى الـجَلْد كما فى غير المحصن، أم هى الرَّجْم كما يقول جمهور الفقهاء؟

ومن تزييفات الكاتب دعواه أنه فى حالة ارتكاب أحد الزوجين للفاحشة فإن شهادة الرجل على زوجته تُقْبَل للتو واللحظة ودون نقاش، على عكس شهادتها عليه، فإنها لا تُقْبَل بحال. وهو كلام لا صدق فيه على الإطلاق، إذ من المعروف أن فى الفقه الإسلامى بابا لما يسمَّى بـ"اللِّعَان"، وهو أن يتهم أحد الزوجين الآخر بالفاحشة، فعندئذ يجب عليه أن يكرر شهادته أربع مرات أمام القاضى حتى يكون لشهادته قبول وتتم معاقبة الطرف المتَّهَم، ولكن بشرط ألا يردّ فيشهد أربع مرات بأن متَّهِمه كاذب فيما قاله عنه. وعلى هذا فلا تمييز هنا بين زوج وزوجة، بل مساواة تامة. كذلك فإن قوله إن الأخذ بالثأر من الأمور المسموحة فى الإسلام هو من المزاعم الفارغة التى لا تستند إلى أى أساس خارج دعوى الكاتب السخيفة، إذ على رأس الإصلاحات التى أتى بها الرسول الكريم إلغاؤه الثأر، وكان شائعا بين العرب يفتك بهم ويحيل حياتهم إلى سلسلة لا تنتهى من القتل والقتل المضاد، ومن ثم أصبح واجبا على أولياء القتيل عندئذ تفويض الأمر إلى القضاء يأخذ لهم حقهم. وهذا من المتعالم المشهور الذى لا يحتاج إلى سوق الدليل عليه.

ومن أكاذيب الكاتب أيضا زعمه أن الإسلام السياسى يقوم على الاستبداد فى الداخل، والعدوان فى الخارج. وهذا كلامٌ سخيفٌ سُخْفَ عقل قائله، إذ لا وجود للشورى فى أى كتاب دينى كما هو الحال فى القرآن الكريم، الذى تكررت الإشادة بها فيه أكثر من مرة. وفى سورة "الشورى" نجد القرآن قد جعلها من سمات المؤمنين المخلصين. أى أنها ليست شأنا من شؤون السياسة فحسب، بل هى أولا وقبل كل شىء من صميم الإيمان، ومن ثم تُُكْسِب صاحبها رضا الله سبحانه وتعالى: " فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)" (الشورى). ولنلاحظ أن السورة التى وردت فيها الآية تُسَمَّى بـ"الشورى"، وهذه دلالة لا تخطئها العين على المكانة التى تحتلها الشورى فى الإسلام. أما آية "آل عمران" فموجهة إلى النبى نفسه صلى الله عليه وسلم بما يفيد أن الشورى أكبر من أى شىء، وأن الكل ينبغى أن يخضع لها وينزل على مطالبها: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" ( آل عمران/ 159). ومن العجيب أن تكون هذه الآية قد نزلت بعد أن أصاخ النبى إلى اقتراحٍ لطائفة من المسلمين فى غزوة أحد يختلف عما كان هو يزمع تنفيذه، وكانت النتيجة هزيمة المسلمين فى تلك الغزوة. ولقد كانت هذه فرصة لأى مستبد كى يقرّع مخالفيه وينصبّ عليهم عسفا وترويعا واستبدادا، إلا أن القرآن كانت له كلمة أخرى، إذ نراه رغم كل ما حدث قد أوجب على النبى المزيد من الشورى، مع اعتماد اللين والرحمة وسيلة للتعامل مع مستشاريه ورعيته بدلا مما ينتهجه الحكام الآخرون من الفظاظة وغلظة القلب. فهل بعد هذا كله موضع لتساخف هذا المتساخف؟

وبالنسبة للسياسة الإسلامية الخارجية التى يَسِمُها بالعدوانية نجده يؤكد أن المسلمين فى العصور الوسطى والحديثة قد اضطهدوا اليهود والنصارى اضطهادا شديدا. ولا ريب أن هذا تعبير عن فقدان العقل، وإلا فلماذا لم يذكر لنا الكاتب وقائع محددة تدل على صحة ما يقول؟ أليس من العجيب أن يقلب الرجل الحقائق على أم رأسها فيزعم أن المسلمين قد اضطهدوا اليهود والنصارى، وبالذات فى العصر الحديث، ذلك العصر الذى يتناوش المسلمين فيه الاضطهادُ والاكتساحُ والاستنزافُ والتدميرُ الصليبهيونى من كل جانب؟ أليس من العجيب أن يتجاهل الرجل حملات الصليبيين والغزو المغولى، ثم الغزو الاستعمارى الحديث بدءا من الحملة الفرنسية على مصر، واحتلال فرنسا للجزائر ثم المغرب وتونس بعد ذلك، واحتلال بريطانيا لمصر فى ثمانينات القرن التاسع عشر ثم للسودان بعد ذلك، واحتلال إيطاليا لليبيا فى العقد الثانى من القرن العشرين، واغتصاب اليهود لفلسطين بتخطيط الغرب الصليبى ومعاضدته لهم بالمال والسلاح والدعاية والمواقف والمؤامرات السياسية، ويروح يهيم فى وادى الكذب والتضليل محاولا لىّ الحقائق التاريخية التى لا تقبل الالتواء؟

غير معرف يقول...

إنتحار سحلية

بقلم / محمود القاعود

621ima

كنت فيما مضى اسأل نفسى كثيراً : أى إنسان عاقل يقبل أن يتجسد الله خالق الكون فى جسد مادى والعياذ بالله !؟
أى إنسان عاقل يقبل أن ينتحر خالق الكون والعياذ بالله !؟
ولكنى الآن امتنعت أن أسأل نفسى شيئاً كهذا ! فقد عرفت الجواب .
يقول القمص " مكارى يونان " رئيس كنيسة محرم بك بالاسكندرية ، فى تسجيل فيديو ( صوت وصورة ) :
(( وعشان يتفهم الإنجيل أو يتفسر الإنجيل لابد بالروح القدس ، اللى يفهم الإنجيل يكون روحانى واللى يفسر الإنجيل يكون روحانى .. تيجى إزاى دية ؟ وهل كل واحد بيعمل فيه الروح القدس ؟ لا .. فالإنسان الروحانى أولاً وآخراً هو إنسان بيعمل فيه روح الله القدوس ، لكن ميشتغلش فى كل إنسان .. ليه ؟ لأن الإنسان كابن لآدم الأول مرفوض من الله بسبب خطية أبيه آدم الأول . فأى إنسان مرفوض ، روح الله ميشتغلش فيه . طب إيه اللى يرد الإنسان لربنا ؟ أهو ده السر ، سر التجسد وموت المسيح وقيامته وبالسر ده يتولد الإنسان من جديد ويؤمن بالمسيح فيبتدى يشتغل فيه الروح القدس . يبقى مش أى إنسان يشتغل فيه الروح القدس .. ده لازم يكون مؤمن بالمسيح ومولود من فوق .. إيه ده ؟ ده الموضوع مش سهل يعنى ؟ لأ الموضوع مش سهل ده بسر عجيب الله بيحل فى الإنسان ويبقى إنسان روحانى . فالروح القدس اللى فيه هو اللى هيفهم الإنجيل ويفسّره .. لكن تعالى وهات مخ العالم كله عشان يفهم الإنجيل لا يمكن يفهمه )) !!
انقر على الفيديو لتشاهد .








قلت : بمنطق القمص نجعل من أى خرافة خرقاء واقع ومن أى هلوسات عقيمة وحى من السماء ومن أى سكير عربيد رسول من الله ! ومن يعترض سنقل له : لابد أن يشتغل فيك روح الله القدوس !!
أى هراء هذا وأى دجل وسخف ذلك الذى يدعيه القمص ؟؟
القمّص يدعى أن من يفهم الكتاب المقدس لابد أن تكون معه الروح القدس !! ومن هو الشخص الذى يحظى بثقة الروح القدس ؟
أولاً : لا يكون ابناً لآدم الأول !!
ثانياً : أن يؤمن بأن المسيح إله !!
ثالثاً : أن يكون مولود من فوق !!
أولاً : من يفهم الكتاب المقدس يجب ألا يكون ابناً لآدم الأول ، ذلك أن آدم الأول اقترف الخطية وكل ابن آدم لن يفهم الكتاب المقدس ، ولذلك يجب أن يكون من يفهم الكتاب المقدس ابناً لآدم التاسع عشر !!
ثانياً : من يفهم الكتاب المقدس عليه أن يؤمن بإلوهية المسيح .. أى إن ادعى شخص بأنه إله وعارضه الناس .. عليهم أولاً أن يؤمنوا بأنه إله حتى يفهموا !
ثالثاً : أما أن الإنسان مولود من فوق فلأول مرة أجد عقلى عاجزا عن الفهم والإدراك بمغزى كلام أسمعه ! إذا ما معنى أن يكون الإنسان مولود من فوق !؟ هل يقصد أن يولد الإنسان من فم المرأة بدلاً من مهبلها ؟ أم يقصد أن السماء تمطر أناساً روحانيون يفهمون الكتاب المقدس !؟
حقاً الموضوع مش سهل كما قال القُمّص الروحانى المولود من فوق ! وحقاً لو اجتمعت أمخاخ البشر كى يفهموا الكتاب المقدس لن يفهموه ذلك أنهم لم يولدوا من فوق !!
وفى تسجيل فيديو آخر للقمص " مكارى يونان " يرد على سؤال لأحد النصارى يسأله عن كيفية تجسد الله ؟ :
(( إن الله له كل المجد الذى لا يُحد بالزمان ولا بالمكان أخد من مريم العدرا إنسان كامل بلا خطية . ده عمل الروح القدس زى ما هو مكتوب : الروح القدس يحل عليك وقوة العلى .. إيه ؟ تظللك . والقدوس المولود منك يدعى ابن الله .
صحيح نؤمن أن الله تجسد وطبعاً مش ممكن إنسان حيقدر يؤمن إلا بعمل الروح القدس . يعنى بمخه ده بس هيكتب الكلام اللى انت كاتبه ده ، هيرفض ربوبية المسيح . قلت العقل وحده يرفض ربوبية المسيح أما العقل فى خضوعه لعمل الروح القدس يقبل ربوبية المسيح . يعنى لما يجيى إنسان يجيى قدام ربنا يقول له يارب : أنا عايز أوصل اعلنلى الطريق . حتلاقى روح الله يعمل فيه يبتدى يشتغل فيه ويعمل فيه ويقنعه بأن المسيح هو الله وإن التجسد خطة الله لخلاص الإنسان لكن احنا كخدام منقدرش نقنع إنسان بربوبية المسيح لأن لا يستطيع أحد أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس )) !!
انقر على الفيديو لتشاهد :







قلت : هذا الكلام إن دل على شئ فإنما يدل على اضمحلال وسقوط وموت فكرة التجسد التى اخترعها النصارى ، وأيضاً على عدم اقتناع قمامصة النصارى بهذا الهراء الذى يدعونه ، ويكفى اعتراف " مكارى يونان " بأنه هو وجميع قمامصة أهل الأرض لا يقدرون على اقناع إنسان بربوبية المسيح ..
والحجة السخيفة التى يلوكها دائماً مكارى يونان وغيره لاستغفال الناس وإضلالهم هى أن الروح القدس هى من تساعدهم على فهم الكتاب المقدس والإيمان بربوبية المسيح ، مثلما يقول بولس : (( لأن الحرف يقتل ولكن روح الله يُحيى )) ( 2كورنثوس 3 : 6 )
وكما قلت فهذا الهراء يفتح الباب على مصراعيه لكل خرافة رقيعة أن تكون حقيقة ومن يعترض نخبره بأن الروح القدس لا يشتغل إلا فى الذين يولدون من فوق !!
فبإمكاننا أن نقول :
أراد الرب – لا أقصد الله رب العالمين – أن يفدى البشر من الخطية التى ارتكبها أبيهم الأول ، فقرر أن يعلن عن ذاته ويظهر حبه للإنسان فأرسل الملاك إلى المرأة فحبلت وولدت سحلية ، وهذه السحلية تُدعى " بنت الرب " ، هذه السحلية لا يستطيع أحد أن يؤمن أنها الرب إلا بعمل الروح القدس ، وحينما انتحرت السحلية كان لاهوتها هو الذى يُدير شئون الكون ولكنها كسحلية بصفة الزواحف كانت تجوع وتعطش وتمرض وتتألم وتصلى وتنتحر وتقوم من بين السحالى الميتة .
والسحلية المتجسدة مثلها مثل باقى السحالى لكنها بلا خطية ، فالسحلية بلاهوتها لم تنتحر ولم تدفن ، ولكنها كسحلية انتحرت ودفنت وأقيمت بمجد الآب والبنت والروح القدس . ولو جئنا بمخ العالم كله ليفهم سر التجسد فى سحلية لن يقتنع ونحن كخدام للسحلية لن نستطيع إقناع إنسان بربوبية السحلية إلا بعمل الروح القدس !!
ما رأيكم دام فضلكم ؟ أليس من الممكن أن نخترع أى شئ ونعول عدم قبوله على عدم عمل الروح القدس ؟؟
أليس من الممكن أن نخترع أى شئ ونفعل أى شئ ونخرف ونهرف بأى شئ ومن يُكذّب ما نقول فذلك لأنه لم يولد من فوق ولم يعمل فيه الروح القدس ؟!!
الغريب والمحير فى الأمر أن هذا الإنسان الذى يفترون عليه الكذب ويدعون أنه الله المتجسد ، لم يقل كلمة واحدة تدل على أنه الله ، فلم يقل " أنا الله " أو " أنا الإله المتجسد " أو" أنا الله الذى ظهر فى الجسد " أو " أنا ربكم فاعبدون " أو " أنا الأقنوم الثانى " أو " أنا إله ذو طبيعة ثلاثية " ... إلخ . لم يقل هذا مطلقاً ، بل الكذبة هم الذين قوّلوه مالم يقله .
يقول يوحنا : " والكلمة صار جسدا وحل بيننا " (يوحنا 14:1) . يوحنا هو الذى يقول وليس المسيح .
ويقول بولس : "عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر في الجسد" (1 تيموثاوس 16:3). بولس الذى يقول وليس المسيح .
الإله المزعوم لم يقل أى شئ يُشير إلى ألوهيته مطلقاً . وإن قابلنا نصرانى باعتراض يقول : الكتاب المقدس يقول :
"لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" رسالة بولس (2بطرس1 : 21). وذلك حتى يُدلل على أن كلام بولس ويوحنا عن تجسد المسيح هو وحى من الله .
قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله ! بولس هو قائل هذا الكلام أيضاً . نريد قولاً صريحاً لصاحب الشأن ذاته يدعى فيه الإلوهية . لا أقوال فارغة لبعض الأدعياء الذين ينسبون للمسيح أى شئ ، مثلما قد ننسب نحن للسحلية أى شئ .
بقى أن نُشير إلى اعتراضات نصرانية على مسألة استخدام العقل فى الإيمان ..
اعتراض : يا هذا لماذا تزِن الأمور الإيمانية بميزانين وتكيل بمكيالين، لماذا لا يجوز لك أن تسأل في أمور دينك عن الكيفية التي استوى فيها الرحمن على العرش؟ فعندما سئل "الشيخ ابن باز" مفتي الديار السعودية السابق أجاب بقول ابن مالك: أما كيفيتها فلا يعلمه إلا الله سبحانه ، ولما سئل مالك عن قول القرآن : ( الرحمن على العرش استوى ) (طه: 5) كيف استوى؟ أجاب بقوله : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. يعني بذلك : السؤال عن الكيفية.
فكيف تتجرأ أن تحارب الإيمان الحقيقي المعلن بالإيمان للمؤمنين لأنك لا تعرف الكيفية التي تخص الله وحده، فإن كنت في دينك تعُتبر مبتدعاً ومصيرك النار (كل بدعة في النار) إن سألت عن ما هو يخص الله وكيفية استوائه على العرش وتقبل هذه الأقوال المحمدية كحقيقة وتُسلّم بها ولا تناقش، فلماذا تريد أن تسأل عن الكيفية في أعظم عمل في الوجود، وتسأل عن سر شخص الله الحقيقي وذاته القدسية، كان يجدر بك أن تؤمن به على أساس صدق الله فيكون خير لك وعندها يُقدم لك الفهم من الله.
قلت : أى مكيالين تتحدث عنهما !؟ شتان شتان بين الإيمان بإله متجسد يتبول ويتغوط ويحتلم ويُجامع ويأكل ويشرب ويتعب ويمرض ويموت وبين الإيمان بخالق الكون الله رب العالمين الذى ليس كمثله شئ . المنزه عن التجسد والحلول والموت والخطأ والنسيان .
أما الآية الكريمة فى سورة " طه " فلا تتحدث عن حلول الله والعياذ بالله فى جسد مادى ، أو تُشبّهه بخلق من خلقه أو تنسب له من الصفات ما يرفضه العقل فوراً .
وأما السؤال عن كيفية استواء الله فهو مما لا جدوى من السؤال عنه كمثل السؤال الذى يقول : من خلق الله !؟ وقبل الله ماذا كان !؟ ومتى وُجد الله !؟ وماذا كان يفعل الله قبل أن يخلق الكون !؟ و .... إلخ .
إن مكمن الاعتراض هو فى الحط من قدر الله وكماله وجلاله ، هنا لابد للعقل أن يعترض ويرفض ويندد بهذا السخف .أما ماهية الله وذاته فما كان لبشر أن يتدخل فيها .
وأما السؤال عن أكذوبة تجسد الله والعياذ بالله ، فهذا مما تأباه الفطرة السليمة التى جُلب عليها الناس ، فلا ينتظر أحد حلول الروح القدس حتى يصدق تلك الأكاذيب الخرقاء .
اعتراض : يا هذا .. أنتم تؤمنون بالتجسد وآيات القرآن تشهد بذلك ، فقد تجسد ربكم مرة فى جبل وأخرى فى شجرة !! ..
(( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )) ( الأعراف : 143 ) .
(( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) ( القصص : 30 ) .
(( إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) ( النمل : 7- 9 ) .
وبما أن ربكم تجسد فى الجبل والشجرة أى فى جماد ونبات فكيف تستكثرون أن يتجسد فى إنسان وهو أرقى من الجماد والنبات !!؟
قلت : أتحدى إن كان هناك إنسان عاقل على وجه الأرض يفهم من الكلام أن الله – وحاشاه – قد تجسد فى جبل أو شجرة .. إن المشكلة الرئيسية عند النصارى هى أنهم لا يفهمون اللغة العربية بل ولا يعرفون طرق الكتابة الصحيحة ورغم ذلك تجدهم يتحدثون بوقاحة منقطعة النظير وكأن كل واحد فيهم هو سيبويه !
آية الأعراف تقل " تجلى " ولا تقل " حل " وشتان الفارق بين " تجلى " و " حل " والتجلى هو انكشاف صفات الذات لا الذات ، لذلك فقوله تعالى أنه تجلى للجبل أى بدا نوره العظيم للجبل فلم يتحمل الجبل عظمة النور .فانهار الجبل فى الحال . وما حدث دليل عملى لموسى عليه السلام أنه لن يرى الله كما طلب ، فقد دُك الجبل العملاق لمجرد تجلى نور الله فكيف الحال لو كان هو الله !؟
آية القصص : الشجرة هى حجاب أوحى من خلاله الله رب العالمين لموسى عليه السلام ما أراد أن يوحيه ، يقول الحق سبحانه وتعالى :
(( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ )) ( الشورى : 51 ) .
وغير ذلك الآية الكريم لم تقل " الله حل فى الشجرة " أو " تجسد فى الشجرة " أو " الله صار شجرة " عياذاً بالله ، بل الآية الكريمة تتحدث عن نداء سمعه موسى عليه السلام من وراء حجاب الذى هو الشجرة .
مثلما نسمع الشيخ " عبدالباسط عبدالصمد " ، يُرتل القرآن الكريم من خلال الراديو .. فهل الشيخ عبدالباسط حل فى الرديو ودخل فى قلبه ويقرأ من داخله !؟ ولله المثل الأعلى .
آية النمل : اختلف العلماء فى قوله تعالى " بورك من فى النار ومن حولها " فقد قيل: المراد بمن في النار الملائكة الحاضرون فيها كما أن المراد بمن حولها موسى (عليه السلام ).
و قيل: المراد به موسى (عليه السلام) و بمن حولها الملائكة.
و قيل: في الكلام تقدير و الأصل بورك من في المكان الذي فيه النار - و هو البقعة المباركة التي كانت فيها الشجرة كما في سورة القصص - و من فيها هو موسى و حولها هي الأرض المقدسة التي هي الشامات، و من حولها هم الأنبياء القاطنون فيها من آل إبراهيم و بني إسرائيل.
و قيل: المراد بمن في النار نور الله تعالى و بمن حولها موسى.
و قيل: المراد بمن في النار الشجرة فإنها كانت محاطة بالنار بمن حولها الملائكة المسبحون.
وأياً كانت الاختلافات فهى لا تمت من قريب أو بعيد إلى أن الله – وحاشاه – قد حل فى الشجرة أو تجسد فيها ، بل تعنى أن تبارك من شرف وقدّس هذا المكان الذى تسمع فيه وحى الله ، وتنبعث منه النار حول الشجرة . تبارك هذا الحجاب الذى تسمع من خلاله كلام الله .
ولسوء حظ الأغبياء أن الله بسابق علمه يعلم أنهم سيُثيرون هذه الاعتراضات العقيمة ، فيرد عليهم عقب هذه الفاصلة القرآنية الكريمة مباشرة :
(( وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) أى تنزّه الله رب العالمين عن التجسد والحلول والتشبّه والتغير . وتعالى الله عما يقوله هؤلاء من أنه حل فى الشجرة ..
إذاً فكلام الله جل جلاله لموسى عليه السلام من وراء حجاب لا يعنى التجسد والحلول وإنما هو تجلى ، مثلما تتجلى عظمة الله وقدرته على جميع الخلائق والأكوان والأفلاك :
(( فَانظُرْ إِلى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ )) ( الروم:50). وآثار رحمة الله تتجلى فى الوجود بما فيه .
فتجلى الله للجبل لا يعنى أن الجبل صارت له طبيعتان ، واحدة لاهوتية وأخرى جبلية ! كذلك تحدث الله من خلال حجاب وهو الشجرة لا يعنى أن الشجرة صارت لها طبيعتان ، واحدة لاهوتية وأخرى نباتية ! واختيار الله للوادى ليُحدث فيه موسى لا يعنى أن الوادى صارت له طبيعتان ، واحدة لاهوتية وأخرى أرضية !
الله يتجلى على جميع خلقه دون حلول أو تجسد . آثار رحمة الله تظهر فى الإنسان وفى الحيوان وفى النبات وفى كل كائن حى .
وبالرجوع لآيات سورة طه نرى أن الله يُكلم موسى وحياً دون حجاب :
(( وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي )) ( طه : 9 – 14 ) .
يخبرنا رب العالمين أن موسى ذهب إلى مكان النار التى رآها وهناك ناداه الله صراحة موحياً إليه " إنى أنا ربك " أى أنا ربك الذى أكلمك ، فاخلع نعليك احتراماً لقدسية الله وإجلالاً لعظمة كلامه . ويُخبر الله موسى أنه بالوادى المقدس الذى تقدس بوحى الله ، ويُخبر الله جل جلاله موسى أنه قد اختاره لتأدية الرسالة . " فاستمع لما يوحى " وهذا هو أول أنواع الوحى أى بدون حجاب . إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى . هنا نرى الوحى الذى أوحاه الله لموسى عليه السلام . يوضح الله لموسى عليه السلام حقيقة الأمر وهى أنه لا إله إلا الله ، ويدعو موسى لعبادته " فاعبدنى " ومثل هذا النص لا نجده فى الكتاب المقدس مطلقاً ، لا نجد الإله المتجسد – كما يدعون – يدعو أى إنسان أن يعبده ، بل إننا على العكس نجده يُصلى لله ويدعو الناس لعبادة الله لا لعبادته هو – أى يسوع .
نخلص من هذا : النصارى لا يستطيعون إقناع إنسان عاقل بمعتقدهم الذى يحط من شأن خالق الكون ويستهزئ به .
الإسلام العظيم يدعو لاستخدام العقل فى الأمور العقائدية .
القرآن الكريم ينزّه الله عن التجسّد والحلول وصدق الله رب العالمين :
(( فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ( الشورى : 11 ) .
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .